منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر البوح الهادئ (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=30)
-   -   عندما يأتي المساء .. (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=4429)

علي الحزيزي 07-25-2020 04:05 PM

رد: عندما يأتي المساء ..
 
عندما يأتي المساء

الشاعر نزار قباني.
1
وعدتُكِ أن لا أُحِبَّكِ..
ثُمَّ أمامَ القرار الكبيرِ، جَبُنْتْ
وعدتُكِ أن لا أعودَ...
وعُدْتْ...
وأن لا أموتَ اشتياقاً
ومُتّْ
وعدتُ مراراً
وقررتُ أن أستقيلَ مراراً
ولا أتذكَّرُ أني اسْتَقَلتْ...
2
وعدتُ بأشياء أكبرَ منّي..
فماذا غداً ستقولُ الجرائدُ عنّي؟
أكيدٌ.. ستكتُبُ أنّي جُنِنْتْ..
أكيدٌ.. ستكتُبُ أنّي انتحرتْ
وعدتُكِ..
أن لا أكونَ ضعيفاً... وكُنتْ..
وأن لا أقولَ بعينيكِ شعراً..
وقُلتْ...
وعدتُ بأَنْ لا ...
وأَنْ لا..
وأَنْ لا ...
وحين اكتشفتُ غبائي.. ضَحِكْتْ...
3
وَعَدْتُكِ..
أن لا أُبالي بشَعْرِكِ حين يمرُّ أمامي
وحين تدفَّقَ كالليل فوق الرصيفِ..
صَرَخْتْ..
وعدتُكِ..
أن أتجاهَلَ عَيْنَيكِ ، مهما دعاني الحنينْ
وحينَ رأيتُهُما تُمطرانِ نجوماً...
شَهَقْتْ...
وعدتُكِ..
أنْ لا أوجِّهَ أيَّ رسالة حبٍ إليكِ..
ولكنني – رغم أنفي – كتبتْ
وعَدْتُكِ..
أن لا أكونَ بأيِ مكانٍ تكونينَ فيهِ..
وحين عرفتُ بأنكِ مدعوةٌ للعشاءِ..
ذهبتْ..
وعدتُكِ أن لا أُحِبَّكِ..
كيفَ؟
وأينَ؟
وفي أيِّ يومٍ تُراني وَعَدْتْ؟
لقد كنتُ أكْذِبُ من شِدَّة الصِدْقِ،
والحمدُ لله أني كَذَبْتْ....
4
وَعَدْتُ..
بكل بُرُودٍ.. وكُلِّ غَبَاءِ
بإحراق كُلّ الجسور ورائي
وقرّرتُ بالسِّرِ، قَتْلَ جميع النساءِ
وأعلنتُ حربي عليكِ.
وحينَ رفعتُ السلاحَ على ناهديْكِ
انْهَزَمتْ..
وحين رأيتُ يَدَيْكِ المُسالمْتينِ..
اختلجتْ..
وَعَدْتُ بأنْ لا .. وأنْ لا .. وأنْ لا ..
وكانت جميعُ وعودي
دُخَاناً ، وبعثرتُهُ في الهواءِ.
5
وَغَدْتُكِ..
أن لا أُتَلْفِنَ ليلاً إليكِ
وأنْ لا أفكّرَ فيكِ، إذا تمرضينْ
وأنْ لا أخافَ عليكْ
وأن لا أقدَّمَ ورداً...
وأن لا أبُوسَ يَدَيْكْ..
وَتَلْفَنْتُ ليلاً.. على الرغم منّي..
وأرسلتُ ورداً.. على الرغم منّي..
وبِسْتُكِ من بين عينيْكِ، حتى شبِعتْ
وعدتُ بأنْ لا.. وأنْ لا .. وأنْ لا..
وحين اكتشفتُ غبائي ضحكتْ...
6
وَعَدْتُ...
بذبحِكِ خمسينَ مَرَّهْ..
وحين رأيتُ الدماءَ تُغطّي ثيابي
تأكَّدتُ أنّي الذي قد ذُبِحْتْ..
فلا تأخذيني على مَحْمَلِ الجَدِّ..
مهما غضبتُ.. ومهما انْفَعَلْتْ..
ومهما اشْتَعَلتُ.. ومهما انْطَفَأْتْ..
لقد كنتُ أكذبُ من شدّة الصِدْقِ
والحمدُ لله أنّي كَذَبتْ...
7
وعدتُكِ.. أن أحسِمَ الأمرَ فوْراً..
وحين رأيتُ الدموعَ تُهَرْهِرُ من مقلتيكِ..
ارتبكْتْ..
وحين رأيتُ الحقائبَ في الأرضِ،
أدركتُ أنَّكِ لا تُقْتَلينَ بهذي السُهُولَهْ
فأنتِ البلادُ .. وأنتِ القبيلَهْ..
وأنتِ القصيدةُ قبلَ التكوُّنِ،
أنتِ الدفاترُ.. أنتِ المشاويرُ.. أنت الطفولَهْ..
وأنتِ نشيدُ الأناشيدِ..
أنتِ المزاميرُ..
أنتِ المُضِيئةُ..
أنتِ الرَسُولَهْ...
8
وَعَدْتُ..
بإلغاء عينيْكِ من دفتر الذكرياتِ
ولم أكُ أعلمُ أنّي سأُلغي حياتي
ولم أكُ أعلمُ أنِك..
- رغمَ الخلافِ الصغيرِ – أنا..
وأنّي أنتْ..
وَعَدْتُكِ أن لا أُحبّكِ...
- يا للحماقةِ -
ماذا بنفسي فعلتْ؟
لقد كنتُ أكذبُ من شدّة الصدقِ،
والحمدُ لله أنّي كَذَبتْ...
9
وَعَدْتُكِ..
أنْ لا أكونَ هنا بعد خمس دقائقْ..
ولكنْ.. إلى أين أذهبُ؟
إنَّ الشوارعَ مغسولةٌ بالمَطَرْ..
إلى أينَ أدخُلُ؟
إن مقاهي المدينة مسكونةٌ بالضَجَرْ..
إلى أينَ أُبْحِرُ وحدي؟
وأنتِ البحارُ..
وأنتِ القلوعُ..
وأنتِ السَفَرْ..
فهل ممكنٌ..
أن أظلَّ لعشر دقائقَ أخرى
لحين انقطاع المَطَرْ؟
أكيدٌ بأنّي سأرحلُ بعد رحيل الغُيُومِ
وبعد هدوء الرياحْ..
وإلا..
سأنزلُ ضيفاً عليكِ
إلى أن يجيءَ الصباحْ....
*
10
وعدتُكِ..
أن لا أحبَّكِ، مثلَ المجانين، في المرَّة الثانيَهْ
وأن لا أُهاجمَ مثلَ العصافيرِ..
أشجارَ تُفّاحكِ العاليَهْ..
وأن لا أُمَشّطَ شَعْرَكِ – حين تنامينَ –
يا قطّتي الغاليَهْ..
وعدتُكِ، أن لا أُضيعَ بقيّة عقلي
إذا ما سقطتِ على جسدي نَجْمةً حافيَهْ
وعدتُ بكبْح جماح جُنوني
ويُسْعدني أنني لا أزالُ
شديدَ التطرُّفِ حين أُحِبُّ...
تماماً، كما كنتُ في المرّة الماضيَهْ..
11
وَعَدْتُكِ..
أن لا أُطَارحَكِ الحبَّ، طيلةَ عامْ
وأنْ لا أخبئَ وجهي..
بغابات شَعْرِكِ طيلةَ عامْ..
وأن لا أصيد المحارَ بشُطآن عينيكِ طيلةَ عامْ..
فكيف أقولُ كلاماً سخيفاً كهذا الكلامْ؟
وعيناكِ داري.. ودارُ السَلامْ.
وكيف سمحتُ لنفسي بجرح شعور الرخامْ؟
وبيني وبينكِ..
خبزٌ.. وملحٌ..
وسَكْبُ نبيذٍ.. وشَدْوُ حَمَامْ..
وأنتِ البدايةُ في كلّ شيءٍ..
ومِسْكُ الختامْ..
12
وعدتُكِ..
أنْ لا أعودَ .. وعُدْتْ..
وأنْ لا أموتَ اشتياقاً..
ومُتّ..
وعدتُ بأشياءَ أكبرَ منّي
فماذا بنفسي فعلتْ؟
لقد كنتُ أكذبُ من شدّة الصدقِ،
والحمدُ للهِ أنّي كذبتْ....

علي الحزيزي 08-07-2020 07:18 PM

رد: عندما يأتي المساء ..
 
عندما يأتي المساء

ومضيت من ذاك الطريق .. طريق
مألوف لدي .. أحفظه عن ظهر قلب
أجمع شوقا مبعثرا هناك .. أسكب
دمعا هاهناك .. أمسح ما كتبت يداي
عن الهوى .. أمسح اسمينا من
الأحجار .. أمسح آثار أقدامنا ..
وأزيل جرحا لا يفارق مهجتي ..
أريد أن أنسى معالم وجهك الجميل
المرسوم في قلبي .. وأريد أن
أنسى الطريق .. أن أحيا بلا ماض
أفقد ذاكرتي التي تحملك في
كل أركانها .. وتذكرني بك في كل
لحظة .. عندما أبتسم أذكر بسمتك
الملائكية .. عندما أضحك أذكر
ضحكتك التي تملأ شغاف قلبي
بسعادة لامتناهية .. عندما أحزن
أذكر دمعتك التي كانت جرحا في
قلبي لايندمل ... أريد أن أنسى
لقاءنا الذي جمعنا آخر مرة
وأنت تودعينني .. وتتركيني وحيدا
لا أصدق نفسي ... لا أصدق أننا
سنفترق إلى الأبد ... بعد أن كنت
أرسم في عينيك ملاذي عندما
يملأني حزن الدنيا ... وأرسم أحلاما
لا تنتهي في وجودك بجانبي
وأرسم في وجهك موطنا جديداً
ويطيب لي العيش بقربك ....
وكلما تمر الأيام ... شيء ما يدفعني
لأمر من ذاك الطريق ... وكلما
مررت من هناك ... أجد اسمينا
لا يزالان على الأحجار بخط يدي
وأجد كل شيء على حاله ... حتى
آثار الأقدام ... وكأنه لا أحد يمر
بهذا الطريق سواي ... وأنا أريد
أن أنسى ذلك الطريق ... لكنني
لم أستطع ...

أمل محمد 08-09-2020 01:08 AM

رد: عندما يأتي المساء ..
 
لماذا ارتبط المساءُ بالذكريات ارتباطًا وثيقًا ؟؟
فعندما يحلّ ..
تنهال الذكريات علينا ونقاوم الغوص فيها حتى لا نغرق ..

علي الحزيزي 08-17-2020 06:25 PM

رد: عندما يأتي المساء ..
 
عندما يأتي المساء

هي في المساء وحيدةٌ
وأَنا وحيدٌ مثلها...

بيني وبين شموعها
في المطعم الشتويِّ
طاولتان فارغتان
"لا شيءٌ يعكرُ صَمْتَنَا"

هي لا تراني، إذ أراها
حين تقطفُ وردةً من صدرها
وأنا كذلك لا أراها، إذ تراني
حين أرشف من نبيذي قُبْلَةً

هي لا تُفَتِّتُ خبزها
وأنا كذلك لا أريقُ الماءَ
فوق الشَّرْشَف الورقيِّ
"لا شيءٌ يكدِّر صَفْوَنا"

هي وَحْدها
وأَنا أمامَ جَمَالها وحدي.
لماذا لا تُوحِّدُنا الهَشَاشَةُ؟
قلت في نفسي

لماذا لا أذوقُ نبيذَها؟
هي لا تراني، إذ أراها
حين ترفَعُ ساقَها عن ساقِها...
وأنا كذلك لا أراها، إذ تراني
حين أخلَعُ معطفي...

لا شيء يزعجها معي
لا شيء يزعجها فنحن الآن
منسجمان في النسيان...
كان عشاؤنا، كل على حِدَةٍ، شهيّاً

كان صَوْتُ الليل أزْرقَ
لم أكن وحدي، ولا هي وحدها
كنا معاً نصغي إلى البلِّوْرِ
"لا شيءٌ يُكَسِّرُ ليلنا"

هي لا تقولُ:
الحبُّ يُولَدُ
كائناً حيّا
ويُمْسِي فِكْرَةً.

وأنا كذلك لا أقول:
الحب أَمسى فكرةً
لكنه ..
يبدو كذلك ..

#محمود_درويش 🎶

علي الحزيزي 09-28-2020 07:02 PM

رد: عندما يأتي المساء ..
 
عندما يأتي المساء

هل تسمعين صهيل أحزاني
ما تفعلين هنا ؟
ما تفعلين هنا ؟
فالشاعر المشهور ليس أنا

لكنني …
بتوتري العصبي أشبهه
وغريزة البدويّ أشبهه

وتطرفي الفكري أشبهه
وبحزني الأزلي أشبهه
هل تسمعين صهيل أحزاني ؟

ما تبتغين لديّ سيدتي ؟
فالشاعر الأصلي ليس أنا ..
بل واحد ثاني

يا من تفتش في حقيبتها
عن شاعرٍ غرقت مراكبه
لن تعثري أبداً عليّ بأي عنوان

شبحٌ أنا … بالعين ليس يُرى
لغةٌ أنا … من غير أَحْرُفها
ملك أنا … من غير مملكة

وطنٌ أنا .. من غير أبواب وحيطان
يا غابتي الخضراء يؤسفني
أنْ جئتِ بعد رحيل نيسان

أعشاب صدري الآن يابسة
وسنابلي انكسرت ..وأغصاني
لا نار في بيتي لأوقدها

فليرحم الرحمن نيراني
أشجار لوزك لا وصول لها
وثمار خوخك .. فوق إمكاني

لا تحرجيني .. يا بنفسجتي
لم يبق عندي ما أقدّمه
للحب .. غير صهيل أحزاني …

أغزالة بالباب واقفة ؟
من بعدما ودّعت غزلاني
ماذا تُرى أهدي لزائرتي ؟

شعري القديم ؟
نسيتُ قائله ونسيتُ كاتبه
ونسيتُ نسياني

هل هذه الكلمات شغل يدي ؟
إني أشكّ بكل ما حولي
بدفاتري، بأصابعي، بنزيف ألواني

هل هذه اللوحات من عملي ؟
أم أنها لمصوّرٍ ثاني
يا طفلةً . . جاءت تُذَكِّرني

بمواسم النعناع .. والماءِ ..
ماذا سأكتبُ فوق دفترها ؟
ما عدتُ أذكرُ شكل إمضائي !!

لا تبحثي عني ..
فلن تَجدِي مني ..
سوى أجزاء أجزائي

يا قطتي القزحيّة العينين ..
لا أحد في شارع الأحزان يعرفني
لا مركب في البحر يحملني

لا حبّ ..
يدخل مثل سكينٍ بشرياني
بالأمس .. كنتُ مقاتلاً شرساً

فالأرض أحملها على كتفي
والشعر أكتبه بأجفاني
عن أي شيء تبحثين هنا ؟

فالشاعر المشهور
ليس أنا …
بل واحد ثاني ..

مقهى الهوى
فرغت مقاعده حولي
وما أكملتُ فنجاني !!
#نزار_قباني
#ادبنا

علي الحزيزي 09-28-2020 07:53 PM

رد: عندما يأتي المساء ..
 
عندما يأتي المساء

أحنّ إلى خبز أمي
و قهوة أمي
و لمسة أمي
و تكبر في الطفولة
يوما على صدر يوم
و أعشق عمري لأني
إذا متّ،
أخجل من دمع أمي!
خذيني ،إذا عدت يوما
وشاحا لهدبك
و غطّي عظامي بعشب
تعمّد من طهر كعبك
و شدّي وثاقي..
بخصلة شعر
بخيط يلوّح في ذيل ثوبك..
عساي أصير إلها
إلها أصير..
إذا ما لمست قرارة قلبك!
ضعيني، إذا ما رجعت
وقودا بتنور نارك..
وحبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدت الوقوف
بدون صلاة نهارك
هرمت ،فردّي نجوم الطفولة
حتى أشارك
صغار العصافير
درب الرجوع..
لعشّ انتظارك!
#محمود_درويش

ناريمان الشريف 09-28-2020 08:15 PM

رد: عندما يأتي المساء ..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي الحزيزي (المشاركة 257247)
عندما يأتي المساء

الشاعر نزار قباني.
1
وعدتُكِ أن لا أُحِبَّكِ..
ثُمَّ أمامَ القرار الكبيرِ، جَبُنْتْ
وعدتُكِ أن لا أعودَ...
وعُدْتْ...
وأن لا أموتَ اشتياقاً
ومُتّْ
وعدتُ مراراً
وقررتُ أن أستقيلَ مراراً
ولا أتذكَّرُ أني اسْتَقَلتْ...
2
وعدتُ بأشياء أكبرَ منّي..
فماذا غداً ستقولُ الجرائدُ عنّي؟
أكيدٌ.. ستكتُبُ أنّي جُنِنْتْ..
أكيدٌ.. ستكتُبُ أنّي انتحرتْ
وعدتُكِ..
أن لا أكونَ ضعيفاً... وكُنتْ..
وأن لا أقولَ بعينيكِ شعراً..
وقُلتْ...
وعدتُ بأَنْ لا ...
وأَنْ لا..
وأَنْ لا ...
وحين اكتشفتُ غبائي.. ضَحِكْتْ...
3
وَعَدْتُكِ..
أن لا أُبالي بشَعْرِكِ حين يمرُّ أمامي
وحين تدفَّقَ كالليل فوق الرصيفِ..
صَرَخْتْ..
وعدتُكِ..
أن أتجاهَلَ عَيْنَيكِ ، مهما دعاني الحنينْ
وحينَ رأيتُهُما تُمطرانِ نجوماً...
شَهَقْتْ...
وعدتُكِ..
أنْ لا أوجِّهَ أيَّ رسالة حبٍ إليكِ..
ولكنني – رغم أنفي – كتبتْ
وعَدْتُكِ..
أن لا أكونَ بأيِ مكانٍ تكونينَ فيهِ..
وحين عرفتُ بأنكِ مدعوةٌ للعشاءِ..
ذهبتْ..
وعدتُكِ أن لا أُحِبَّكِ..
كيفَ؟
وأينَ؟
وفي أيِّ يومٍ تُراني وَعَدْتْ؟
لقد كنتُ أكْذِبُ من شِدَّة الصِدْقِ،
والحمدُ لله أني كَذَبْتْ....
4
وَعَدْتُ..
بكل بُرُودٍ.. وكُلِّ غَبَاءِ
بإحراق كُلّ الجسور ورائي
وقرّرتُ بالسِّرِ، قَتْلَ جميع النساءِ
وأعلنتُ حربي عليكِ.
وحينَ رفعتُ السلاحَ على ناهديْكِ
انْهَزَمتْ..
وحين رأيتُ يَدَيْكِ المُسالمْتينِ..
اختلجتْ..
وَعَدْتُ بأنْ لا .. وأنْ لا .. وأنْ لا ..
وكانت جميعُ وعودي
دُخَاناً ، وبعثرتُهُ في الهواءِ.
5
وَغَدْتُكِ..
أن لا أُتَلْفِنَ ليلاً إليكِ
وأنْ لا أفكّرَ فيكِ، إذا تمرضينْ
وأنْ لا أخافَ عليكْ
وأن لا أقدَّمَ ورداً...
وأن لا أبُوسَ يَدَيْكْ..
وَتَلْفَنْتُ ليلاً.. على الرغم منّي..
وأرسلتُ ورداً.. على الرغم منّي..
وبِسْتُكِ من بين عينيْكِ، حتى شبِعتْ
وعدتُ بأنْ لا.. وأنْ لا .. وأنْ لا..
وحين اكتشفتُ غبائي ضحكتْ...
6
وَعَدْتُ...
بذبحِكِ خمسينَ مَرَّهْ..
وحين رأيتُ الدماءَ تُغطّي ثيابي
تأكَّدتُ أنّي الذي قد ذُبِحْتْ..
فلا تأخذيني على مَحْمَلِ الجَدِّ..
مهما غضبتُ.. ومهما انْفَعَلْتْ..
ومهما اشْتَعَلتُ.. ومهما انْطَفَأْتْ..
لقد كنتُ أكذبُ من شدّة الصِدْقِ
والحمدُ لله أنّي كَذَبتْ...
7
وعدتُكِ.. أن أحسِمَ الأمرَ فوْراً..
وحين رأيتُ الدموعَ تُهَرْهِرُ من مقلتيكِ..
ارتبكْتْ..
وحين رأيتُ الحقائبَ في الأرضِ،
أدركتُ أنَّكِ لا تُقْتَلينَ بهذي السُهُولَهْ
فأنتِ البلادُ .. وأنتِ القبيلَهْ..
وأنتِ القصيدةُ قبلَ التكوُّنِ،
أنتِ الدفاترُ.. أنتِ المشاويرُ.. أنت الطفولَهْ..
وأنتِ نشيدُ الأناشيدِ..
أنتِ المزاميرُ..
أنتِ المُضِيئةُ..
أنتِ الرَسُولَهْ...
8
وَعَدْتُ..
بإلغاء عينيْكِ من دفتر الذكرياتِ
ولم أكُ أعلمُ أنّي سأُلغي حياتي
ولم أكُ أعلمُ أنِك..
- رغمَ الخلافِ الصغيرِ – أنا..
وأنّي أنتْ..
وَعَدْتُكِ أن لا أُحبّكِ...
- يا للحماقةِ -
ماذا بنفسي فعلتْ؟
لقد كنتُ أكذبُ من شدّة الصدقِ،
والحمدُ لله أنّي كَذَبتْ...
9
وَعَدْتُكِ..
أنْ لا أكونَ هنا بعد خمس دقائقْ..
ولكنْ.. إلى أين أذهبُ؟
إنَّ الشوارعَ مغسولةٌ بالمَطَرْ..
إلى أينَ أدخُلُ؟
إن مقاهي المدينة مسكونةٌ بالضَجَرْ..
إلى أينَ أُبْحِرُ وحدي؟
وأنتِ البحارُ..
وأنتِ القلوعُ..
وأنتِ السَفَرْ..
فهل ممكنٌ..
أن أظلَّ لعشر دقائقَ أخرى
لحين انقطاع المَطَرْ؟
أكيدٌ بأنّي سأرحلُ بعد رحيل الغُيُومِ
وبعد هدوء الرياحْ..
وإلا..
سأنزلُ ضيفاً عليكِ
إلى أن يجيءَ الصباحْ....
*
10
وعدتُكِ..
أن لا أحبَّكِ، مثلَ المجانين، في المرَّة الثانيَهْ
وأن لا أُهاجمَ مثلَ العصافيرِ..
أشجارَ تُفّاحكِ العاليَهْ..
وأن لا أُمَشّطَ شَعْرَكِ – حين تنامينَ –
يا قطّتي الغاليَهْ..
وعدتُكِ، أن لا أُضيعَ بقيّة عقلي
إذا ما سقطتِ على جسدي نَجْمةً حافيَهْ
وعدتُ بكبْح جماح جُنوني
ويُسْعدني أنني لا أزالُ
شديدَ التطرُّفِ حين أُحِبُّ...
تماماً، كما كنتُ في المرّة الماضيَهْ..
11
وَعَدْتُكِ..
أن لا أُطَارحَكِ الحبَّ، طيلةَ عامْ
وأنْ لا أخبئَ وجهي..
بغابات شَعْرِكِ طيلةَ عامْ..
وأن لا أصيد المحارَ بشُطآن عينيكِ طيلةَ عامْ..
فكيف أقولُ كلاماً سخيفاً كهذا الكلامْ؟
وعيناكِ داري.. ودارُ السَلامْ.
وكيف سمحتُ لنفسي بجرح شعور الرخامْ؟
وبيني وبينكِ..
خبزٌ.. وملحٌ..
وسَكْبُ نبيذٍ.. وشَدْوُ حَمَامْ..
وأنتِ البدايةُ في كلّ شيءٍ..
ومِسْكُ الختامْ..
12
وعدتُكِ..
أنْ لا أعودَ .. وعُدْتْ..
وأنْ لا أموتَ اشتياقاً..
ومُتّ..
وعدتُ بأشياءَ أكبرَ منّي
فماذا بنفسي فعلتْ؟
لقد كنتُ أكذبُ من شدّة الصدقِ،
والحمدُ للهِ أنّي كذبتْ....

في المرات القادمة .. انتبه !!!
عليك ألّا تعد بما لا تستطيع معه صبرا
أحسنت أيها الشاعر
خالص تحيتي

حسام الدين بهي الدين ريشو 09-30-2020 01:00 PM

رد: عندما يأتي المساء ..
 
عندما يأتي السماء
أتذكر
جميل قول أفلاطون
( كل انسان يصبح شاعرا
إذا لامس قلبه الحب )
هنيئا
لمن لامس قلوبهم حب حقيقي
ليس له في التعدد
والتراقص
و
حتى نلتقي
به
لا ضير أن نقرأ ماكتبه الشعراء

علي الحزيزي 10-02-2020 11:24 PM

رد: عندما يأتي المساء ..
 
عندما يأتي المساء

"#صيَّاد_البروق"

وَحدي ... نعم كالبحرِ وحدي
منّي ولي، جَزري ومَدِّي

وَحدي وآلافُ الرُّبى
فَوقي ... وكلُّ الدهرِ عندي

مِن جِلديَ الخشبي أخرجُ
تدخلُ الأزمانُ جِلدي

مِن لا متى، آتي، أعودُ
مُضيِّعاً قبلي وبَعدي

كحقيبةٍ ملأى ولا تدري
كبابٍ، لا يُؤدي

مشروعُ أغنيةٍ، بلا
صوتٍ، كتابٌ غيرُ مُجدي

شيءٌ يخبئني الدُّجى
في زرعِ سرّتهِ ويُبدي

مَنْ تشتهي ... من أنتَ يا جندي؟
هل أُسمى غير جندي؟

حاولتُ مثلكَ مرةً ...
أبدو ذكياً ... ضاع جُهدي

مَن أنت يا مجدي أفندي؟
قال لي: «مجدي أفندي»

ماذا تضيفُ إلى الغروبِ
إذا وصفتَ اللّونَ وَرْدي؟

هل أنتَ مثلي؟ أكشفُ المكشوفَ
حينَ يغيمُ قَصدي؟

مثلي ركبتُ ذُرى المشيبِ،
وما وصلتُ سفوحَ رُشدي

***

أسرِعْ ... وينجرّ الطريقُ،
وينثني ... يعمٙى ويهدي

قفْ عند حدّك حيث أنتَ
وهل هُنا حدُّ لحدي؟

كانوا هنالكَ يضحكونَ
يوددونَ فمَ التعدي

باسمي يوشّونَ الخيانةَ
يسفحونَ دَمي، بزندي

بي يرفلونَ ليحفروا
بيديّ في فَخِذيّ لَحْدي

***

فأموتُ، لكن يَغتلي
في كلّ ذرّاتي التحدي

أهوي بلا كفَّينِ ... ترفعُ
جبهتي، للشمسِ بِندّي

ماذا؟ وأينَ أنا؟ وأصعدُ
مِن قرارات التردّي

بعد اعتصارِ الكَرْمِ ينشدك
الرحيقُ: بدأت عهدي

ستصير يا هذا الذي
أدعوهُ قبري الآن مهدي

وأجيءُ مِن نارِ البروقِ...
يُسنبلُ الأشواقَ رعدي

نوفمبر 1976م

#البردوني

علي الحزيزي 10-05-2020 11:33 AM

رد: عندما يأتي المساء ..
 
عندما يأتي المساء

"#كلّنا_في_انتظار_ميلاد_الفجر"

يا رفاق السُّرى إلى أين نسري
وإلى أين نحن نجري ونجري؟

دربنا غائمٌ يغطّيهِ ليلٌ
فكأنّا نسيرُ في جوفِ قبرِ

دربُنا وِحشةٌ وشوكٌ ووحلٌ
وسِباعٌ حيرى، وحيّاتُ قفرِ

ومتــــــاهٌ تحَـــيَّر الصَّمتُ فيــهِ
حيْرةَ الشكِّ في ظنون "المعرّي"

والرؤى تنبري كظمآن تهوي
حول أشواقِهِ خيالاتُ نهــــرِ

والدُجى حولنا كمشنقةِ العمرِ
كوادي الشقا: كخيماتِ شرِِّ

راقدٌ في الطريقِ يتّسِد الصَّمت
ويومي بألفِ نابٍ، وظُفــــــــرِ

ذابلٌ والنجوم في قبضتيهِ
ذابلاتٌ كالغيدِ في كفِّ أسرِ

***

يا رفاق السُّرى إلى كم نوالي
خَطوَنا في الدُّجى إلى لا مقرِّ؟

أقلق اللّيلَ والسُّكونَ خُطانا
وخضّبْنا بجُرحِنا كلَّ صخرِ

وغرسنا هذا الطريق جراحاً
واجتنينا الثمارُ حَبّاتِ جمرِ

فإلى كم نسير فوق دِمانا؟
أين أين القرار هل نحنُ ندري؟

كُلُّنا في السُّرى حيارى ولكنْ
كُلُّنا في انتظارِ ميلادِ فجـــرِ

كُلُّنا في انتظارِ فجرٍ حبيبٍ
وانتظارُ الحبيبِ يُصبي ويُغري

يا رفاقي لنا مـــــــع الفجـــــرِ وَعْدٌ
ليتَ شِعري متى يفي؟ ليتَ شِعري!

***

وهُنا أدرك الفتورُ قوانا
وانتهى الزادُ وانتهى كُلُّ ذُخرِ

ومضينا كَالطّيفِ نُصْغي فَهزَّت
سمْعنا نغمــةٌ كرنّاتِ تِبـــــــــرِ

فجرحْنا السّكون حتّى بلغْنا
بيتَ حَسْنا يدعونها أُخت عَمْرِو

فَقَرَتْنا لحماً وحُسناً شهيّاً
وحديثاً كأنّهُ ذَوْب سحرِ

وذهبنا وفي دِمانا حنينٌ
جائعٌ ينخرُ الضُّلوعَ ويَفْري

وطَغى حَولنَا مِن السفحِ موجٌ
مِن ضجيجٍ كأنّهُ هول حشرِ

فإذا قريةٌ تديرُ ضِرابــــــاَ
وتريشُ السِّهامَ حيناً وتُبري

فاقتربنا نستكشفُ الأمرَ لكن
أيُّ كشفٍ نحسُّهُ أيّ أمــــــرِ

أعينٌ تقذفُ اللّظى ونفوسٌ
مُثخناتٌ تَنسَلُّ مِنْ كُلِّ صدرِ

وجسومٌ حُمُرٌ تنوشُ جسوماً
في ثيابٍ مِن الجراحاتِ حُمرِ

وتهزُّ الخناجرَ الحُمرَ .. أيدٍ
ترتمي كالنّسورِ في كُلِّ نحرِ

وانطفتْ حَومَةُ الوغى فاندفعنا
في سُرانا نلفُّ ذُعراً بِذعـــــرِ

ورَحَلْنا واللّيلُ في قبضةِ الأفقِ
كتــــابٌ يروي أساطيرَ دهــرِ

وشَددنا جِراحَنا وانطلقنا
وكأنّا نشقُّ تيّارَ .. بَحْــرِ

***

هوَّم الطّيفُ حولَنا فالتَفَتنا
نحوَهُ كالتفاتِ سَفْرٍ لِسفْـرِ

وسمعنا همساً مِن الأمسِ يروي
قصّة الفاتحين منَ أهلِ "بـــدرِ"

فنصتْنا للطّيف إنصاتَ صبٍّ
لمُحِبٍّ يَقُصُّ قِصّة هَجْـــــــرِ

وسرى في السكونِ صوتٌ يُنادي
يا رفاقَ السُّرى وأحبابَ عُمري

يا رفاقي تثاءبَ الشرقُ وانسلّتْ
عذارى الصباحِ مِنْ كُلِّ خِــــدرِ

والعصافيرُ تنفضُ الريشَ في الوكرِ
وتنفي النُّعاس مِنْ كُلِّ وكــــــــــــرِ

وكأنَّ الشُعاعَ أيدٍ مِنْ الوردِ
المُندَّى تهزُّ أهدابَ زهـرِ

وكأنَّ الغُصونَ أيدي النَّدامى
وشفاهَ الزهورِ أكوابُ خمرِ

ومضَى سَيْرُنا وقافلةُ الفَجْرِ
تَصبُّ الهدى على كُلِّ شِبرِ

فإذا دربُنـــا ريــــــــــاضٌ تُغَنّي
في السّنا والهوى زجاجاتُ عطرِ

نحنُ في جدولٍ من النور يجري
وخُطانا تدري إلى أينَ تَجــــري

شعبان ١٣٧٨ هـ

#البردوني


الساعة الآن 01:12 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team