منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   قصة قصيرة جدا ً : حوار رائحته ُرطِبة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=10989)

جبار دهر جبار 04-15-2013 09:32 PM

قصة قصيرة جدا ً : حوار رائحته ُرطِبة
 
قصة قصيرة جدا ً : حوار رائحته ُرطِبة

وهو يتكأ على عصا دروب هذا العمر .. قال لها :
- من أين يأتي الوجوم؟
كانت قد سألت قلبها السؤال نفسه
ثم أردف :
من الهدوء ؟ .. من الفراغ ؟ .. أم من يوم التصحّر العالمي ؟
بدى تحت عينيّه الابتسام . وأجاب عنها :
من عينيك ِ !

*****
أقترب .. هي ابتعدت
ثم دنت من شغفها أفكار .. بطيئة ومتسارعة .. أو ربما مجنونة
قُبلة قوية .. عناق ٍ دام ٍ
دنت شيئا ً فشيئا ً .. بنصف خطوات ...
ثم راحت تُقلّب أصابع شمس كفها الطويلة ..
أخرج َ لفافة تبغ من علبة بيضاء .. وضعها في فمه .. وراحت دوائر الدخان تملأ الفضاء ..
كانت تتابع بحسرة تلو حسرة خيوط الدخان .. إلى أين ستنتهي ...
علّ دخانه يصنع حُلما ً .. وإن كان ضيقا ً كتلك الدوائر التي ربما تتسع وتتلاشى ...
أخذت الرطوبة تُنشر أغصانها في الأرجاء ، وسادت لحظات صمت بينهما ..
فــ ـ ـ همست بعينيها :
- دم ُ وجهك يثيرني .. و .. شرار عينيك َ يُجهض ذرات كياني !
قال : كيف .. وهو بيننا ؟
قالت : أرجوك .
أنا معه لكني معك .

ضحك ضحكة كاد صداها يُسقط أذنيها .. تداركتها فضغطت على أذنيها بكلتا يديها .. ثم أسرعت تُعالج قفل الباب الخشبي ..
أخذت تُصارع بيديها دموعها وبابها ..
هو
يضحك ..
يقهقه ..
ولعل صوته تحوّل إلى عواء.

عواء .. دموع .. ضحك .. نحيب
دموع .... عواء .... نحيب
دموع .. عواء ...
ثم .. عواء ...
....عواااااااء .. فقط يتملّص من فوّهات النافذة ..
رأى سجارته قد شارفت على الهلاك .. رماها على الأرض سحقها بحذائه ..
ثم أرتدى بنطاله الرمادي وقميصه الأبيض وكنزة الصوف البنية ..
أحكم وشاحه الدامي .. ورمى طرفه الأيمن على كتفه الأيسر ..
ورحل ...








بقلم : جبار دهر جبار

طارق الأحمدي 04-18-2013 10:29 PM

علاقة بعمر السيجارة وطريق بطول المسافة التي يقطعها دخانها قبل أن يتشتت وتأكله مساحات الوقت ..
علاقة أكلها الوجوم وشرّدها السؤال وسكنها الرحيل ..
علاقة سكنها التناقض وطوّح بها الفراغ ...
وإذا كان السؤال يولد من رحم الانتظار فإن الرحيل ينبت من عمق اللقاء ..
من خلال هذه القصة وجدت أن الكاتب راوح بين الأمل والألم , بين الأماني والحقيقة , بين زمنه وزمن سيجارته ..
وكما تحترق فينا الأماني احترقت جميع المسافات فيه وسقط إلى عمق الرحيل ..
الكاتب : جبار دهر جبار
قد وصلتني رائحة هذا الحوار .. فعلا كان رطبا فسالت على جنباته الأسئلة وانتشرت بين جنباته الحيرة وضاعت من عمقه الأحلام .. كان حارا حدّ الاحتراق ..
وإذا احترقت المسافات فينا فوجب علينا حمل ما بقي منا والانطلاق خلف دخان الحياة , فربما يجمعنا وربما يشتتنا ..
سلمت يمينك وسلم مدادك
ودمت بود .

جبار دهر جبار 04-20-2013 09:07 PM



علاقة بعمر السيجارة وطريق بطول المسافة التي يقطعها دخانها قبل أن يتشتت وتأكله مساحات الوقت ..
علاقة أكلها الوجوم وشرّدها السؤال وسكنها الرحيل ..
علاقة سكنها التناقض وطوّح بها الفراغ ...

وإذا احترقت المسافات فينا فوجب علينا حمل ما بقي منا والانطلاق خلف دخان الحياة , فربما يجمعنا وربما يشتتنا ..


سيدي العزيز الأستاذ طارق الأحمدي
بداية ً أود أن ِكر مرورك الأكثر من رائع .. فهو بمثابة آيات الغيث تلاها على بيداء كلماتي
كما أود أن أتأسف لتأخري بالرد بسبب عدم تواجدي الدائم على الأنترنت لظروف العمل والأنشغال الدائم .. في زحمة هذه الحياة .

صفاء الأحمد 04-21-2013 10:53 AM

لن أزيد على كلمات الأستاذ طارق الأحمدي .. فقد أوجز و أحسن التعبير عن مكنون النص .

بالفعل نص يستحق التقدير ..
رائع وأكثر ..

لك من قلبي ألف ياسمينة أستاذ جبار

مودتي .


الساعة الآن 08:48 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team