منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   ذلك الزبال (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=31017)

محمد نديم 10-04-2023 02:21 PM

ذلك الزبال
 
ذلك الزبال!
قصة بقلمي

ريفي على أبواب الثلاثين،لا يخلو من وسامة ودقة ملامح؛ تكسو وجهه مسكنة مفتعلة، وشذرات لحية مشاغبة غير حليقة،ووسخا يبدو عالقا بزيه الذي ينم عن وظيفته.حتى رموش عينيه كانت تنوء بذرات من تراب وغبار علق بها.
×××××
أراه يجالس نسوة عجائز ؛إذ يفترشن الأرض عند أبواب الشقق؛ يتحدث إليهن بحماس، وينصتن إليه باهتمام شديد.
كما ألقاه جالسا عند الشيخ الصالح في الطابق الأرضي، على كرسيه أمام شرفة شقته. مكانه الأثير، بعد إحالته الى التقاعد من وزارة الأوقاف.
وعند بقال الحي ، وبائعة الفاكهة والخضروات، والحسناء صاحبة محل الدجاج، وفي دكان الحلاق؛ ذلك المتعطر المتأنق.
.
والغريب أنك تجده دائما وفي يده كوب من الشاي أو العصير أو شطيرة بالسكر أو قطعة من الحلوى.
ومن كثرة ما كنت أراه في أماكن متعددة وفي أوقات متقاربة، ظننته يتناسخ؛ ليكون في جميع الأماكن في ذات الوقت.
أراه دائما يتحدث بهمس وحماس، والناس تنصت إليه باهتمام شديد.
أي حفاوة تلك التي يلقاها من أولئك الناس!
×××××
أعاتبه كثيرا بأنه لم يمر على باب شقتي ؛ليرفع أكياسا تكدست منذ يومين؛ فيرد بغمغمة غير مفهومة؟ ونظرة تحمل شيئا من عدم الرضى.
كان النسوة، يضحكن ويعلقن بكلام يرضي صاحبنا ذلك الزبال الوسيم.
.×××××
وبرغم أنني أتحفة بخمسة جنيهات كاملة كل أسبوع ؛ والجميع يدفعون ذات المبلغ كل شهر.
فهو لا يهتم كثيرا بقمامتي ؛ التي أحرص كل الحرص على أن تكون في أكياس محكمة الإغلاق ؛ لا تبدي شيئا منها أو حتى بعض رائحة.
ورغم معاتبتي له مرات، لم يبد اهتماما كثيرا بأكياسي ، مما يضطرني في بعض الأيام، إلى اصحابها ليلا إلى صندوق يبعد عن البيت مسافة غير قصيرة.
×××××
ورغم وجوده الذي لم يتعد أشهرا قليلة، إلا أن أحوال ذلك الحي الشعبي الهادئ ،قد تبدلت كثيرا منذ مجيئه.
××××××××
صحوت على صراخ وعويل، في الشارع المقابل لنافذتي التي تقع في الطابق الخامس؛ عندما أطللت برأسي في حذر، كانت زوجة بقال الحي تشتبك في معركة كلامية حادة مع بائعة الفاكهة، واختلط الصراخ بالشتائم ، بتدخل أهل الخير ، وعيب يا جماعة مش كدة؛ إذ اتهمتها زوجة البقال ،بأنها تخطط لخطف زوجها منها.وسرعان ما هدأت المعركة.
×××××
ذات ضحى ، استوقفني الرجل الصالح الذي أحيل لتوه إلى التقاعد من تفتيش المساجد بوزارة الاوقاف ، ليشكو لي جاره المقابل.
عندما عاتبه لترك قمامته بلا أكياس مغلقة أمام باب شقته؛ فما كان من جاره ،إلا أن عنفه وسبه؛ قائلا له اسكت يا حرامي المساجد.
“ تصور يا أستاذ أنه يشيع بين الناس في الحي؛ أنني كنت أسرق صناديق النذور بالمساجد، مش عيب برضو؟"
××××××
صراخ الليل والنهار لا ينقطع، فزوج بائعة الفاكهة قد طلقها الطلقة الثالثة، فراحت تركض وهي تولول في الشارع كاشفة رأسها؛تستنجد بالجيران؛ حروح فين يا خواتي، حروح فين ؟؟؟
×××××××
اختفت بائعة الدجاج.إذ وجدت المحل مغلقا لأيام عدة.معركة جديدة تشتعل في الحي الصغير،إذ هجم شباب على دكان ذلك الحلاق الأنيق المتعطر، الذي فر قبلها هاريا ، وأحرقوه.
أشيع بأنه استدان مبلغا كبيرا من المال من الحسناء صاحبة دكان الدجاج، على وعد بينهما بالزواج؛ ولما طالبته بسداد دينه أو الوفاء بوعده، أنكر كل شيء؛ فحرضت عليه أهلها.
××××××
القمامة تنتشر على مداخل البيوت، وفوق عتبات الدرج، وفي الشوارع. وتراكمت حتى سدت المنافذ والدروب، وتحللت حتى زكمت رائحتها الأنوف.
××××××
سألت نفسي متعجبا، ترى، ماذا كان يحمل (ذلك الزبال) في تلك الأكياس الممزقة كل صباح؟؟


الساعة الآن 09:43 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team