منتديات منابر ثقافية

بالقرب من مكتب سفريات ،وقف شاب جميل الوجه ،حلو الحديث لا تكاد تقع عليه العين حتى تحبه يدعى : بدران
كان يتحدث لمجموعة من العمال ،ردة الفعل لحديثه تراها في عيون من حوله وعلى شفاههم، و تمايل أجسادهم .
وعلى بعد أمتار من هذا التجمع وقف شاب قصير القامة عريض الجسم اخفت سحنته والتي كانت خليط للون اسود وبني ملامح وجهه ، ماعدا عيناه الصغيرتان الغائرتان اللتان خرجت من هذه ألظلمه ،لتبدو كنجمتان يشع منها الضياء ،تستقبل وترحب ،ترى فيها الحب ،تخبرك عن طيبة قلب صاحبها وطهارته.
كان ذلك الشاب ،يراقب بدران المثير للدهشة والإعجاب
لاحظه بدران فترك من حوله واتجه إليه
وعرفه باسمه وسأله هل أنت مسافر عن طريق البحر ،أو الجو ؟
فأسرع ذلك الشاب وعرفه باسمه وقال: ادعى قاسم وتابع .... بالطبع عن طريق الجو
فسأله بدران هل اشتريت التذكرة ؟
فقال لا لم اشتري التذكرة بعد ..
فقال له بدران : إذن هي فرصة لماذا لا تجرب السفر بالسفينة ؟
فقال الشاب متعجبا السفينة .!!!..
حسب علمي أن السفر بالسفينة شيء من الماضي
قاطعه بدران ضاحكا : قديم ها ها
الم تسمع ،أو ترى ناقلات الركاب الفاخرة في بحر الشمال ،البلطيق ،والكاريبي ؟
انه شيء جميل أن تسافر عن طريق البحر، أنها سياحة سوف تصل إلى اهلك وأنت في أحسن حال ....
تخيل كوبا من الشاي في المقهى على ظهر سفينة تشق عنان البحر ، ونجوم تحيط بك ،ونسيم البحر العليل ،وحفلات على ظهر السفينة برفقة سياح أجانب يقتربون منك ويحاولون التعرف بك - ورافقت هذه الجملة رفع حاجبين وابتسامة تحمل أكثر من رسالة -
واستطرد أضافه إلى انه بإمكانك حمل ما تشاء يمكنك حمل أكثر من 200 كغم بدون مقابل .
أُعجب الشاب بالفكرة ،وبالخصوص " الجملة الخاصة بالسياح" وقال : ولكن من أين اشتري ...
قاطعه بدران وأخذه من يده إلى احد مكاتب السفر
اشتري قاسم التذكرة من ذلك المكتب وودعه بدران مبتسما وقال: "إبسط يا عم "
وفي اليوم الموعود ذهب قاسم قبل موعد إقلاع الرحلة بأربع ساعات والذي كان في الرابعة عصرا
المفاجأة الأولى كانت هي انه صعد السفينة الساعة الثامنة مساءا !!!
وقف يتفحص السفينة بعينيه كانت أطوالها تقريبا 50 م في 150 م على ظهرها مبنى مكون من طابقين يختبئ خلف عدد هائل من الحاويات
قال في نفسه :أنها ليست ناقلة ركاب مثل التي تجري على بحر البلطيق، أو الكاريبي ...... أنها سفينة شحن !!
كانت هذه ملاحظته الثانية ،ولكنه لم يغضب ،ولم يتأثر اخذ يتجول على ظهر السفينة وبين ممرات المبنى كان يمني النفس وهو يردد :عما قريب يبدأ العرض والتشويق ..
تحركت السفينة مع طلوع الفجر !!
كان هدير محركاتها يمتزج بأصوات الأمواج ،كان زبد البحر الغاضب يتطاير من أمامها وخلفها ،وخلال ساعات اختفى البر ،وظهر منظرا واحدا يغلب عليه اللون الأزرق ..
وبعد مضي يومان من مغادرة السفينة للميناء اكتشف قاسم انه السائح الوحيد على هذه السفينة ،لم يرى الأجانب أو المقاهي ،لم يرى سوى عمال بسطاء على شاكلته !!
مضى يوم ثالث ،أسبوع ،وهذه السفينة يٌخيل إليه أنها لا تتحرك ،فكل ما رآه بحر مظلم مخيف وسماء زرقا بدا له المنظر وكأنه يقف على صخرة يرتطم بها الموج
أو كأنه ينظر إلى صحراء بل إن الصحراء أجمل منه بواحاتها وكثبانها وحتى سرابها !!
كان يشعر أن جسمه يرتفع ويهبط ،وهو يتجول بقدميه ، جالسا ،أو قائما نتيجة صراع السفينة الذي لا يتوقف مع أمواج البحر العاتية .
وصل إلى حافة اليأس ، واخذ يسال نفسه كيف حدث هذا؟!
كان بإمكاني أن أكون بين أهلي في أربع ساعات بالطائرة واخذ يبكي بحرقة ويضرب رأسه بجدار احد الحاويات ،
شعر بصداع وغثيان نظر إلى البحر فرأى على سطح الماء صورة "بدران يبتسم " فبصق باتجاهها واخذ يصرخ ويردد بدون وعي : كلب .. كلب .. كلب !!