منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=9)
-   -   على مثل هؤلاء ينزل المطر/ بقلم عبدالأمير البكّاء (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=7732)

عبدالأمير البكاء 01-06-2012 02:17 PM

على مثل هؤلاء ينزل المطر/ بقلم عبدالأمير البكّاء
 
على مثل هؤلاء ينزل المطر


حين تنعقد المقارنة بين نقيضيْن ، يجد المرء نفسه متيقناً من معرفة

جزاء كل نقيض ، شرا كان أم خيرا ، فيفسره حينذاك بحسب مقدار

عطاء الله سبحانه ، ومباركته للمؤمنين من الناس ، مقابل غير

المؤمنين منهم ، إذ ليس من المعقول ( واللهُ عدلٌ كله ) أن يُكرم

ويبارك في عطاء الفاسق والدجال وذي المكر والرياء والدهاء ،

مثلما يكرم ويبارك في عطاء المؤمن العفوي بفطرته وبساطته ،

وصدقه مع الله والناس ونفسه ، وبالتالي فإن عطاءه سبحانه ،

وفيض نِعمه على الناس ، مرهون بما جُبل عليه واحدهم من عادات

عايشها في محيطه ، زائدا ما اُلهمتْ نفسُه من فجور وتقوى من قبل

الله عزوجل ، وبما أن نسبة الزيغ وتجاوز الحدود الإلهية والمجتمعية ، باتت كبيرة جدا في وقتنا الحاضر، فإن الناس صاروا يتحسرون على أمثلة مشرقة ، حدثت في الزمن الماضي البعيد والقريب أيضا ، لأنهم كانوا يعدّونها مثالا لنقاء السريرة ، وصدق النوايا في دواخلهم ، فباتوا يسمونها ب( أيام الخير ) على قلة المال في ذلك الوقت، وعدم قدرة الناس على إشباع حاجاتهم الضرورية ! ولم يكن ذلك حاصلا إلا لأن غالبية الناس وعامتهم ، كانوا يتصرفون بحسب السجايا والملكات ذات العفوية ، والنوايا الصادقة ، المقرونة بالبساطة في التعامل مع بعضهم ، وبالنتيجة فإن هذه الصفات لابد أن تخلو من الزيف والغش والخداع ، فيبارك الله حينها لهم بالصحة والمال والذرية الصالحة ، وإلا أين نجد في وقتنا الحاضر مثل ذلك الرجل المزارع الذي أراد أن يبيع محصوله من الرز بعشرة دنانير للطن الواحد ، وحين جاءه أحد تجار الحبوب ليساومه على البيع بثمانية دنانير للطن ، رفض المزارع عرض التاجر ، وقام ليصلي ، وبعد انتهاء الصلاة وجد عنده تاجر حبوب ثانٍ يقبل الشراء بعشرة دنانير ، فقال له المزارع : عذرا يا أخي ، أنا قررت مع نفسي أثناء الصلاة أن ابيع للتاجر الذي جاء قبلك بثمانية دنانير ، لذا فأرجو أن تناديه للإتفاق معه على المئة طن التي أراد شراءها !! .. مئتا دينار خسرها هذا الرجل بسبب صدقه مع نفسه حين قرر ، بينما نعُدُّ مثل هذا الرجل في وقتنا الحاضر من المجانين والأغبياء ، لأنه خسر من المال ما يعادل مبلغ شراء بيت في ذلك الوقت !! كما أين نجد أيضا في وقتنا الحاضر مثل أولئك الناس الذين طردوا أحد الساكنين من حارتهم شر طردة ، حين عرفوا أنه يقتني في بيته جهاز ( راديو ! ) لأن هذا الجهاز في نظرهم شيطان مارد يمنع الرزق والمطر من النزول عليهم ! بينما نجد في وقتنا الحاضر أن البيت الذي يخلو من التلفاز والدش والنت ، فإن أهله من القوم المتخلفين ! ولن نجد كذلك في وقتنا الحاضر مثل تلك المرأة الطاعنة في السن التي رفضت تناول الدواء وهي في أمس الحاجة اليه ، بسبب أن ولدها لم يدفع بعد ثمن الدواء لصديقه الصيدلاني ! معتقدة أن الدواء غير مدفوع الثمن ، لايشفي مرضها !! أما جدتي رحمها الله فقد غطـّت وجهها في بيتنا بعباءتها حين شاهدت على التلفاز المذيع العراقي رشدي عبد الصاحب رحمه الله ، وحين سألتها عن السبب قالت : ياجده ، هذا الرجل شافني قبل اسبوع عند بيت خالتك ، وقبل يومين رآني عند خالك ، واليوم رآني عندكم ، شراح يقول عني ..هذي المرأة صايعه بالبيوت !! بينما في وقتنا الحاضر ، نجد أغلب جداتنا وهن يمسكن بأيدهن الريموت كنترول ليتابعن آخر حلقة من مسلسلها المفضل ، وآخر الأخبار السياسية!
وجدتي هذه لها موقف مضحك ، أذكره هنا لطرافته ، وهو أنها ضاعت عن أصحابها في مكة المكرمة في موسم الحج ، فأخذ متعهد حملتهم ينادي عليها بالمذياع اليدوي باسمها ولقبها ، مكررا النداء عدة مرات وهي قريبة منه وتسمع اسمها وتقول : شوفو هذي الحمارة ضايعه مثلي ، لو تجي معاي نبحث عن أهلنا وتخفف عني الوحشة !!!
على مثل هؤلاء البسطاء ، كانت تنزل الرحمة والصحة والخيرات ، فهم يعيشون على الكفاف لكنهم مرتاحو البال ، ينامون ملء جفونهم ، أما نحن في وقتنا هذا ، فنملك كل شيء لكننا ننام على وسائدنا الوثيرة قلقون !

ريم بدر الدين 01-06-2012 03:44 PM

صدقت أستاذي الفاضل .. ربما تيسر لنا من الرفاهية مالم يحلم به أجدادنا و لعلنا في طفرة الاتصالات قفزنا قفزات لم تخطر ببال إنسان قبل عقود قليلة خلت و لكننا فقدنا كثيرا من النقاء و البراءة و القيم و الأخلاق
أذكر أننا كمجتمعات مسلمة قبل عقود قليلة كنا نعتبر شارب الخمر مثلا إنسانا مقززا و مقرفا بينما تجد الآن من يتقبل الجلوس معه بكل بساطة و هذا ليس ساريا علينا نحن العرب و المسلمين فقط و إنما اتجاه العالم نحو الفوضى سائد
لدى قراءة الأدب الأوروبي هناك مسرحية كتبت في القرون الوسطى اسمها " كل إنسان" تحكي عن رحلة الانسان الاخيرة و كيف لا يرافق الانسان الا اعماله الحسنة و كانت ردا على التحلل الاخلاقي و الابتعاد عن الدين المسيحي
أخبرتني صديقة فلبينية و هي مسيحية كاثوليكية أن التحلل الأخلاقي و التغييرات الحاصلة في مجتمعها ليست مقبولة أبدا لدى جيل جدتها الاكبر سنا ففي حين كانت الجدة تشترط على ان لا يتأخر أحد أبناءها الذكور خارج المنزل بعد السادسة مساءا تستطيع الفتيات الان المبيت خارج المنزل دون السؤال عن مكان مبيتهن ! بل إن صديقة أخرى أخبرتني ما هو أفظع ففي حين كان الزواج يمثل رابطا شرعيا و اجتماعيا اساسيا باتت الفتاة بكل بساطة تدخل بيت والدها و تعلن انها حامل و انها لا ترغب بالارتباط حتى ..
و السؤال المطروح الان هو الى اين ستقودنا هذه الطفرات المذهلة لعالمنا من ضياع انسانيتنا و قيمنا
طرح متميز أجبرتني حادثة الختام الطريفة على الابتسام في هذا اليوم الدمشقي االدامي و الحزين
تحيتي لك

إلهام مصباح 01-06-2012 04:11 PM

ينزل المطر! بس بصلاة الإستسقاء!
وصلاة الإستسقاء لا يصليها أي أحد!
الصفاء والنقاء وحسن النيه والسجيه الصادقه وحسن النية والفطرة و... و... أشياء نادرة الوجود الآن.
والبائع الصادق..يوجد..بس تحت إسم الدرويش!
وهل الحضارة تطلب أن نتلون بمائة لون لنتعايش في الدنيا مع حضارتها التي ستطرد البعض من مساكنهم؟.
والحياء والخجل.. أين ذهبوا؟
سيدي الآن إن لم تضع وجهك في وجه التلفاز سيقولون معقد!
وإن لم تضع وجهك في وجه من يحادثك سيقولون جبان.
وإن لم تكن وقحا سيقولون"من عصر ماقبل التاريخ"
هكذا أنا أفضل أن أكون جبانة ومعقده!
وسأزيدك أن في كل بيت بل في كل غرفة تلفاز خاص وخط أرضي للهاتف وجهاز حاسوب محمول خاص وجهازين هاتف محمول!
رغم أن بعضها غير ضروري.وبصراحه هذا في بيتنا رغم أنني لا أشاهد التلفاز.ولكن هذه الأشياء موجودة عندي وفي غرفتي! ولكن أفضل المكتبه.
وأيضا صارت الجدات تبحث عن القنوات لوحدها وتبحث عن التردد!
رحم الله جدتك وأسكنها فسيح جناته.
وبارك فيك وفي قلمك الذي يدهشني.
تحياتي لك أستاذي عبد الأمير"هذه المره أعتقد أنني الرقم واحد في الرد"


عبدالأمير البكاء 01-07-2012 12:50 PM

استاذتنا الرائعة ريم بدر الدين
اشكرك لمرورك الذي تعودته مع الإفاضة الممتعة في التعليق على مقالتي ...أكرر شكري وامتناني لك سيدتي الكريمة*

عبدالأمير البكاء 01-07-2012 12:57 PM

الأستاذة المتألقة إلهام مصباح
بالقدر الذي كنتِ فيه سباقة في التعليق والإضافة الرائعة الى مقالتي مشكورة ، كنتُ للأسف متقاعسا في الرد على أستاذة متميزة مثلك ، لانشغالي ، دمتِ على التألق الذي عهدته فيك والمواكبة الدائمة التي احسدك عليها ، شكرا يا إلهام

عمر مسلط 01-09-2012 10:54 AM

... الأخ الأديب / (عبد الله) الأمير البكاء

أحييك أخي الكريم على بساطة أسلوبك وطرحك ...

متمنياً أن أرى جمال حرفك دوماً ...

هذا احترامي وتقديري ...


الساعة الآن 10:59 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team