|
ملك الانسانية!! بقلمي
تنقلت بين غرف المستشفى بتثاقل شديد..بحثا عن احد الاطباء..ولانها المرة الاولى التي تزور فيها هذا المستشفى..فقد احتاجت وقتا ليس باليسير..وتحملت مشقة من العسير احتمالها..
تفحصت نظراتها اللافتات المعلقة قرب كل باب حينا..وتوجيه الاسئلة لمن تصادفهم من المراجعين الذين امتلئت بهم الممرات الضيقة احيانا.. شعرت بأنهاك جسدي يستحيل معه اكمال رحلة البحث وسط ذلك الزحام..في قرارة نفسها لم تتوقف عبارة(سأسقط ارضا..لم اعد قادرة على السير اكثر..)..اتكأت على جدار لم يحضى بنصيب جيد من النظافة..بجسد انهكه المرض..محنية الرأس وقد ارتمت يداها دون اكتراث الى الاسفل..بعد فترة قصيرة لم تمتد..اخترقت سمعها احاديث متذمرة وشتائم غاضبة..لكنها لم تعرف بعد ماسببها..بعد ان التقطت انفاسها جال بصرها بأولئك البسطاء..شاحبي الوجه ذوي الثياب الرثة..وهم يقفون طابورا ويذكرون اسم الدكتور الذي تبحث عنه منذ الصباح..اقتربت من احدى النساء بتردد وحذر تستعلم مايدعو الجميع هنا الى حديثهم وصراخهم وسخطهم المتواصل.. حانت من احدى الواقفات التفاتة اهتمام وتقدير شديد لها متهيئة للاجابة وكأنها وجدت في سؤال هناء فرصة لاتفوت لالقاء ماتبقى في جعبتها ولم تقله بعد: _اننا نقف امام غرفة الدكتور فوزي عديم المسئوليةوالانسانية معا..الاترين تلك الصفوف الملىء بالعجائز والشيوخ الذين لم تحملهم اقدامهم فجلسوا في اماكن انتظارهم وليس على احدى الكراسي المخصصة للاستراحة كي لايفوتهم الدور..واولئك الاطفال الصغار الباكون في احضان امهاتهم اللائي تعبن من ساعات حملهم المتواصلة دون ان يجرأن على مغادرة الطابور كي لاتعود الى الوراء كثيرا..الاترين ذلك الشيخ هناك..اشارت باصبعها طويلا اليه وهي منهمكة بقول كل شي دون تردد..(لقد سقط مغما عليه ثم عاد واقفا من جديد لايبرح مكانه..هتفت هناء بأنفعال: "يال القسوة.."! اجابت هتافها بألم جسدي ونفسي اجتمعا في تلك المتحدثة قائلة: _قليل الرحمة عديم الشفقة ..اصبح قديما في مهنة الطب مايكفي ليموت فيه الاحساس بالالم..ولو كان يستقبل المرضى لما وقفنا هكذا بل هو مشغول بمكالمة تافهة منذ ساعات..بدهشة اعادت هناء قول(منذ ساعات!)..تركت المتحدثة بأعتذار مؤدب وهي تشق طريقها مابين وجع المرض..وسباب المرضى لاختراقها الصفوف دون االالتزام بالدور!.. علق البعض ساخرا على القادمة المجهولة: _لابد انها من اقاربه.." _ستحصل على الدواء كاملا.." _ليكن الله في عوننا اذن"! قالت الجملة الاخيرة عجوز في اواخر الخمسينات من العمر.. استطاعت هناء الوصول بعد عناء الى مكتبه الممتلىء بالصور العائلية والزهور..وسجلات مرتبة جيدا..والهاتف النقال ملاصقا لاذنه اليسرى..تنفرج شفتاه مرةعن قهقهة ساخرة.. وعن كلمات لااهمية لها مرات عدة..! ضربت بيدها بقوة فوق تلك الاوراق وعيناها تلتهبان نارا بنظرات احتقار لاترحم: _الا تسمع شيئا عن تلك الضجة هناك..ان فقدت السمع..هل فقدت معها البصر؟..ام فقدت الضمير الطبي ممزوجا ببعض الرحمة الى رحيل ابدي؟ ام تحجر قلبك..فأصبحت عاريآ من الانسانية؟؟ هل سيفق ضميرك عندما توقع على شهادة وفاة احدهم لمجرد انه لم يحتمل سياط الوجع..عندما تصحو حقا..ادرك تماما بأنني سأصبح جثمة هامدةفي احدى مقابر المدينة!! انزل الدكتور فوزي هاتفه بأرتباك شديد..وخجل مفاجىء وغريب لم يلمحه احد المرضى القدماء يوما على ملامحه القاسية المتجهمة.. وهو ينهض بأحترام واجلال كبير لها معتذرا عن اهماله الغير مبرر..بعد ان قالت نظرات هناء له اكثر مماتفوهت به شفتاها..وهي تغادر المكان..هزت اخبار الثائرة بغضب وحماسة اركان المستشفى.. على سوء الخدمات واحوال ذوي الداء المحرمون من الدواء! البسطاء المتعبين..! دخل المدير العام بسترته الطويلة المتدلية فوق ساقين نحيلين..تلمح في وجهه الهزيل تجاعيد وندب تدل على معارك كثيرة خاضها في معترك الحياة !.. مسرعا وسط الهتافات المؤيدة لها..والترحيب العالي بشجاعتها..اذا قالت عنهم ماعجزوا عن قوله لسنين استطالت بالمعاناة والخوف..! فما كان منه الا اتخاذ قرار حازم لتهدئة الوضع.. بنقل العنصر المهمل الى احدى المستشفيات البعيدة..لعله ينقذ منصبه فيما لو امتدت تلك الحادثة انتشارا لتطرق اذني وزير الصحة المحترم!! بعد دقائق معدودة على تلك الحادثة..اشرقت وجوه عدة بالابتسام..واخرى بضحكات عالية واحاديث تلوكها الالسن بنهم اصبحت من الماضي!! بقلمي |
مع كامل الأسف هناك الكثير من عديمي الضمير يحتلون مراكز حساسة فلا ضميرهم يوبخهم و لا المسؤولون ينبهونهم.
هنكا الكثير من الهنات اللغوية ، و الرقنية. عدم الاهتما بالهمزة خلق إرباكا في القراءة. الأحسن مراجعة النص و تصحيح ما به من هنات أثرت على جماليته و على موضوعه النبيل. امتلئت = امتلأت لم يحضى = لم يحض المسئولية = المسؤولية الملىء = الملأى يجرأن = يجرؤن سيفق = سيفيق المحرومون = المحرومين تحياتي |
أهلا بالأستاذة عبير ، بسرور واهتمام يستقبل منبر القصة أولى مشاركاتك ، أتمنى أن يطيب لك المقام في منابر ثقافية ، و مرحبا بإبداعك الجميل ، هناك نفس سردي محترم في هذا النص .
في انتظار المزيد تقديري . |
تحية عاطرة لحضورك العبق اخي
اسعدتني اضافتك الرائعة والمشرقة في مساحتي الجد متواضعة.. سأاخذ بنظر الاعتبار ملاحظتك القيمة فهي(هنات) تفقدني الكثير من جمال النص.. ممتنة لكرم المرور اخي دمت برعاية الله عبير المعموري اقتباس:
|
تحية عطرة بذكر الله
بل يشرف قلمي الانضمام لقافلة مثقفي منابر العرب..اتمنى ان اكون اضافة فاعلة ومميزة بين صفحاتكم اللامعة باالفكر والمعرفة .. دمت برعاية الله وحفظه عبير المعموري اقتباس:
|
الاستاذه العزيزه عبير
قصه جميله احتوت على رساله نحن في امس الحاجه لها فكل شيء يمكن تطويره وتعديله اذا شعر كل منا بالمسؤليه فالنقد و الشكاوى والاقتراحات هي توع من الرقابه تساعد على تقديم خدمه ومنتج افضل وتقبلي مني فائق التقدير والاحترام |
| الساعة الآن 12:12 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.