منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=9)
-   -   مطعم أبو صالح لبيع القراصنة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=13997)

خالد البلوشي 06-12-2014 04:28 AM

مطعم أبو صالح لبيع القراصنة
 

مطعم أبو صالح لبيع القراصنة

*

كنّا صغاراً .. عندما تولّعنا بحب القراصنة و حياتهم المليئة بالتحدي و المغامرات ، و حينها لم يكن جيمي أو القبطان سلفر أو الصندوق الذي مات بسببه خمسة عشر رجلاً .. لم يكونوا سبباً في ولعنا و شغفنا بحب القراصنة ، بل أن العم أبو صالح و الذي يُعد أشهر " فلافلجي" في الحي الذي نسكنه .. هو السبب الرئيسي في هذا الحب المستميت ، ففي مطعمه الصغير .. كانت تجارة الرجل الذي يبدو في الخمسين من العمر تقوم إما على بيع الفلافل ، أو و بشكلٍ مُخالف ... على بيع الروايات الصغيرة التي تبدو قديمةً و مُتلفة من كثر الإستخدام و قد امتلئت بها حقيبته السوداء العتيقة .. و المُخبّئة تحت طاولة الفلافل ، و ما زلت أذكر طريقته في المساومة : إشتر هذه الرواية بثمن بخس و إذا فرغت منها أعدها و سوف أعطيك جُزءاً من الثمن البخس ..

بالنسبة لنا كان هذا الرجل بمثابة النافذة المُشرّعة على الفكر الغربي من الأدب ، و من خلاله .. قرأنا عن اختطاف القراصنة ليوليوس قيصر ، و الذي شعر بالإهانة الكبرى لأن القراصنة طالبوا بفدية مقابل إخلاء سبيله تُقدّر ب 12 دينار ، فاحتج و ناشد رئيسهم بأن يُطالب بمئة دينار كفدية عنه ، فهُوَ صاحب شأن لدى قومه ولا يصح بأن يُفتدى بأقل من هذا المبلغ ، و قرأنا كذلك عن القبطان مورغان و القبطان بلود و اللذان أخضعا البحر و الأرض تحت سطوتهم بعد أن استوليا على كافة سفن القراصنة المنافسة لهما ، و عندما لم يجدا أي منافسٍ لهما قاما بالاقتتال مع بعضهما البعض و سعى كل طرفٍ منهما لحرق سفن الآخر .

أما أعظم ما يُمكن أن تقرأه فهو ما جسّدته مُخيّلة الأديب الكساندر دوماس في روايته كونت مونتي كريستو ، فكيف يمكن للحب أن يُفرق بحّاريْن على فتاة جميلة ، و كيف يمكن للخيانة أن تزج بأحدهم وهو بريء في سجن ساتوديف القابع بالقلعة المهجورة وسط الجزيرة النائية ، و كيف يمكن للحظ أن يجعل من هذا السجن محطة انتقال من الضعف و الفقر و اليأس إلى القوة والغنى الفاحش و الطموح ، و كيف يُمكن للقراصنة أن يكونوا في خدمة آدموند والذي تحوّل بين ليلة وضحاها من سجين بتهمة الخيانة العظمى إلى أثرى أثرياء فرنسا ..

ما استدعاني لتذكر القراصنة هو فيلم القبطان فيلبس والذي قام ببطولته توم هانكس ، فبعد مُشاهدتي للفيلم قرأت أنه ترشح للأوسكار فرحت أبحث عنه في الجوجل و تبيّن أنه مأخوذ من قصة حقيقية لكتاب إسمه : ( القراصنة الصوماليون و واجب القبطان ) .. و تذكرت العم أبو صالح و الذي أقفل مطعمه قبل 24 سنة ، ماذا لو كان مُستمراً في عمله حتى الآن ، أتوقع أن أجده يبيع نسخة من كتاب القبطان فيلبس .. فمطعم أبو صالح ليس لبيع الفلافل وحسب .. بل لبيع كتب القراصنة ..

ايوب صابر 06-13-2014 10:44 AM

الله يرحمه هذا الأبو صالح ويا ليت لو كانت نسخه منه قد تواجدات في كل حي لكان عندنا الان حتما عدد اكبر من كتاب المقال الرائعين على شاكلتك يا استاذ خالد

جليلة ماجد 06-14-2014 01:39 PM

و أجمل الذكريات ما كانت بين الأزقّة و بين الدكاكين القديمة

و جون سلفر بطل طفولة لن يتكرر أبداً ...

استمتعتُ بمقالك ... بورك اليراع ...

لا تنس الخمسةعشر رجلاً الذين ماتوا من أجل صندوق ...

صافي الود

ريم بدر الدين 09-24-2014 07:45 AM

كانت هذه الدكاكين الصغيرة على بساطتها تحتوي كنوزا ثقافية بغض النظر عن مهنة صاحبها ذكرتني ببائع الاقمشة في حينا القديم
لعلها كانت منهجية جيل عاصر زمنا يمشي على مهله و تحديد واثق لهدفنا من الحياة
مقال قيم حقا
ا. خالد البلوشي
تحيتي لك


الساعة الآن 12:56 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team