جارة القمر
( جارة القمر ) [justify]في يوم من أيام الخريف الجميلة ، التي تقف على الخط المراوغ بين الصيف بخيوطه الصفراء الحادة والشتاء بخيوطه الرمادية الطويلة ، قررت السماء أن تمنح الأرض التي أغرقها الحزن والانكسارات والحروب هدية عذبة .. كان ذلك قبل اثنين وسبعين عاما ، حين نقطة نور سقطت فوق كوكبنا النبيل المطرق على أحزانه ، فأنتبه ولاح فوق وجهه ظل ابتسامة ، هذه هي ( فيروز ) غيمة القطر العذب التي مرّت فوق صحارينا العطشى فبللت حلقها ، و ( فيروز ) ليست درّة رأس المثلث الساحر .. الصوت النقي .. والكلمة الرفيعة .. والموسيقى التي لا تشبه إلا نفسها وحسب ، بل هي شئ أبعد من ذلك وأخطر ، إنها ظاهرة عابرة للأزمنة والجغرافيا ، وما نحن إلا أجيال محظوظة واكبتها ، فصوتها هو القادر الأوحد على أن يشعرك ـ سيما وإن كنت شاعرا وتراود الحرف ـ بعجز اللغة ، كل لغة ، عن الإفصاح ، إذ طاقة الصوت لديها ، وطبقاته وعمقه وموسيقاه الخبيئة بين تضاعيفه تقول أكثر مما تقوله الكلمات التي يحملها هذا الصوت ، حتى ولو كانت كلمات كبار عظام مثل ( جوزيف حرب ) أو ( جبران ) أو ( الأخطل الصغير ) أو ( أحمد شوقي ) .. يفهم كلامي ـ الخالي من المبالغة ـ كل من تعود أن يبدأ صباحه بصوتها من أجل أن يراهن على نهار عذب ، سيبتسم فيه المارة لبعضهم البعض دون سبب سوى المحبة ، صباح يقدم فيه كل إنسان الآخر على نفسه لكي يمر قبله في الطرقات ، ويحمل فيه كل إنسان وردة ليلقيها على أول من سيصادفه في الصباح ! هل غدت هذه طرفات ؟ هل يبدو كلامي مجرد كلام شعر خيالي حالم ؟ هل حقا غدت المحبة والابتسام والرحمة أصعب جدا من العنف والتجهم والتطاحن ؟ كيف سمحنا لأنفسنا أن نصل على ما وصلنا إليه من فقر في الروح وافتقار للحب وقدرة على الإيذاء وقد عاصرنا ( فيروز ) ؟ التي يحمل صوتها طاقة قادرة أن تنقي الروح من شوائبها وغبارها .. طاقة تضع الإنسان في صلاة دائمة ، وإلا ما سرّ تغير مزاجنا بعد سماع أغنية لفيروز ؟ أزعم أن من تعود الاستماع إليها يظل طفلا لا يشيخ .. سيكبر خارج الزمن .. مثلما قال ( صلاح عبد الصبور ) عن حبيبته .. ذاك أنها تقول لي الآن : تعا تا نتخبى من درب الأعمار .. وإذا هني كبروا نحنا بقينا صغار .. سألونا وين كنتوا ؟ وليش ما كبرتوا أنتوا ؟ بنقلون نسينا .. واللي نادى الناس تا يكبروا الناس .. راح ونسي ينادينا !! ذلك لون من الفن يهذب النفس ، فلا يجوز لإنسان تربى عليه أن يحقد أو يكره أو يسفّ في القول أو الفعل ، وهي التي تقول له كل أصيل : لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي .. عيوننا إليك ترحل كل يوم .. تدور في أروقة المعابد .. تعانق الكنائس القديمة .. وتمسح الحزن عن المساجد .. يا ليلة الإسراء .. يا درب من مروا إلى السماء .. عيوننا إليك ترحل كل يوم .. وإنني أصلي .. الطفل في المغارة وأمه مريم وجهان يبكيان .. لأجل من تشردوا .. لأجل أطفال بلا منازل .. لأجل من دافعا واستشهدا في المداخل .. واستشهد السلام في وطن السلام .. وسقط العدل على المداخل . ألم تقدم لنا ( فيروز ) لمحات من الجمال والالتزام كثيرة كما فعل جيفارا ، وعمر المختار ، وجان دارك ، وعبد القادر الجزائري ، والأم تريزا ، وغاندي ، ومارتن لوثر كينج ؟ من مثل ( فيروز ) بلور داخلنا فكرة العودة إلى الأرض المستلبة ؟ من مثلها أبكانا على القدس وبذر فينا اليقين بعودتها ذات وعد ؟ أي شئ مثل صوتها ظل يهتف بالوطن : أن عد .. حتى لكأن الوطن يرفض أن يعود كيلا يتوقف صدحها عن الوعد بحلم طال انتظاره . وردة لصوتك وجهدك يا ( جارة القمر ) لكي لا ننسى أن شيئا حلوا وعذبا واكب زماننا وأنّ الحياة جميلة وتستحق أن تعاش رغم كل ما يحدث .. كيف نقبض على هذه اللحظة نحن الذين اتفق لنا أن نعاصرها ؟ كيف نعمل على تجميد لحظة الجمال هذه قبل أن تمر ؟ إذ كيف لنا أن نمرر هبة سماوية من دون أن نحتفي بها ونحمي وجودها كي لا تدهسها مرارات الحياة والأنظمة مثلما دهست كل جميل ونقي في حياتنا ؟ كيف لا نسرب لأجيال تلينا رسالة تقول إننا كنا واعين ومدركين أنّ غيمة عذبة مرّت من هنا ، فرفعنا رؤوسنا عاليا ولوّحنا لها بأكفنا ؟[/justify] دومي جميلة أيتها الـ " سمرا يا أم عيون وساع " ( فاطمة ناعوت / مصر ) |
ربما ستغضب مني كثيرا أستاذي إذا قلت لك بأني لم أسمعها قط ...
ربما مقاطع معدودة في بعض المنوعات العربية حتى لقد كنت أسأل من هذه ؟؟!! هي توجهات وثقافات ... دع كل ذلك عنك ... قرأتك هنا أستاذي وأشكرك على كل ماهو جديد ... بوركت وجارة القمر . |
* قرموشي .. لذيذ أنت دائما .. يا لها من دعابة .. ومن يصدقك يا ترى ؟ .. شكرا لحضورك الجميل بإتصال .. مودتي .
|
الإقامة : البيضاء / ليبيا
للتو أبصرها ... حتى أنا : البيضاء // السعودية . |
* نعم .. البيضاء قاسم مشترك بين العديد من الدول العربية .. يسعدني تواجد بلدياتي دائما .. تقديري .. مودتي .
|
الساعة الآن 02:42 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.