منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=9)
-   -   المطبات ..........بقلم ( محمد فتحي المقداد)* (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1227)

محمد فتحي المقداد 09-12-2010 05:04 PM

المطبات ..........بقلم ( محمد فتحي المقداد)*
 
[COLOR="rgb(65, 105, 225)"]المطبات
بقلم ( محمد فتحي المقداد )*
------------------------------------------------------------
كما يقولون فإن الحاجة أم الاختراع
و المطبات بشكل عام ابتكار جديد لم يكن معروفاً عند الآباء والأجداد , لأنهم كانوا يستخدمون الخيل والإبل والبغال والحمير , كأدوات سخرها الله للبشرية كوسائل للنقل والركوب , وبعد النصف الثاني من القرن العشرين , حدثت ثورة في عالم صناعة السيارات , وازدادت فيها وسائل الرفاهية , والتقنيات التي تحاكي التطورات العالمية للتواصل السريع , واستتبع ذلك أن تعمل شركات صناعة السيارات على زيادة حجم السرعات , حتى وصل في بعضها للجنون
كل ذلك جعل الدول تفكر في ضبط حركة السيارات على الطرق العامة الخارجية والداخلية منها في المدن , وعلى الخارجية منها أوجدوا الشواخص واللوحات الإرشادية بالألوان العاكسة ليلاً , أما في داخل المدن , فقد وجدت إشارات المرور التي نصبت على مفترقات , لتقييد حركة السيارات بنظام يمنع ويحد من الحوادث المرورية المفجعة , والحفاظ على الأرواح البشرية , مما حدا ببعض علماء الدين , لإصدار فتاوى بتحريم قطع إشارات المرور واعتبروها كالانتحار , وقبل تكاثر إشارات المرور , كان الفضل في تسيير حركة السيارات لشرطي المرور الذي يقف في منتصف ميدان التقاطع يحرك يديه إشارة منه لانطلاق السيارات في الاتجاه الذي يحدده بعد إطلاق صافرته التي تتناغم مع حركة يديه ,ويشير لتلك الأخرى بالتوقف .
وهكذا فإن بعض سائقي السيارات من يكون على عجلة من أمره , فينطلق ليسابق الريح بشكل جنوني , وعلى الأخص منهم فئة الشباب المتهور , بعمل حركات بهلوانية من التشفيط والتفحيط الذي يصدر أصواتاً مزعجة واستخدام الكابحات بشكل مفاجئ , مما جعل إدارات المرور والبلديات من العمل على صنع تلك المطبات قبيل تقاطعات الطرق , وعند المناطق المزدحمة والمدارس والأسواق وعند حواجز التفتيش , وأخيراً ابتكرت الأنواع الحديثة من المطبات , وهي معدنية على شكل مربع تلصق على الإسفلت وعاكسة للنور ليلاً , وفي هذا المقام أتذكر المثل الشعبي القائل ( موت الحمير فرج للكلاب ) أي أن كثرة المطبات تعمل بشكل كبير في اختلال توازن السيارات وكسر الأجزاء السفلية منها وحوادث الارتطام والإنقلاب التي يستدعي إصلاحها عند ذوي الاختصاص من الميكانيكية والسمكرية والدهانين ومحلات إصلاح الدواليب ( البنشرجية – الكومجية) .
وأصبحت ثقافة المطبات رائجة على ألسنة الناس , حيث صرنا نسمع عن المطبات الهوائية أثناء تحليق الطائرات , فالطائرة تكون سالكة تسير بأمان الله فتهبط لمئات الأمتار , فجأة فيسقط قلبك معها , وهذا يتبعه تحذير من قيادة الطائرة .
وانسحب ذلك على الحياة الاجتماعية كثيرة المطبات , فمن الأخ الذي يكيد لأخيه والجار لجاره والموظف لزميله , يشي به لمرؤوسيه حتى يحظى بالتقرب منهم والترقي بوظيفته على حساب زملائه , ومن ينقل الشائعات والأحاديث الملفقة دون التثبت , مما ينتج عنه المآسي ًوالمعاناة والآلام للآخرين , ومن يمد يده ويبسطها لعدو وطنه وأمته طمعاً بمال , ومن يسعى للشهرة والصدارة في مجتمعه يحرق الأخضرين حتى يبرز على حساب أبناء مجتمعه .
كل ذلك من الضعف في النفس البشرية وأمراضها التي تستدعي العلاج لإيقاف الانحدار السحيق , حفاظاً على الفرد والمجتمع , وهذا ما يمكننا أن نطلق عليه تسمية المطبات ,
والمطبات جمع , مفردها مطب , وأصل الكلمة ( طَبّ) التي استخدمت في مجال المداواة والذي يقوم بمزاولته الأطباء , وكذلك أطلقت بمعنى ( يطبه) على الشيوخ الذين يتعاملون في المداواة على قراءة الرقى وتعليق التمائم و كتابة الحجب , وهم كما يعتقد أنهم ذوي خلفيات من سلالات الأولياء والصالحين ممن يقال لهم ( أبناء جد ) , وتستخدم في هذا المقام بمعنى الضرب ( طبّه وطبّوا) بالعصا , وقد قيل في المثل ( كل ما لقيت أعمى , طبوا مالك أرحم من ربو) أي لست أرحم به من ربه , وتستخدم أيضاً لمن عمل شيئاً مستحسناً فيطبطبون له على ظهره أي يربّتون على ظهره وهي علامة رضا وسرور , ومن أرد أن يحلف يميناً فيقولون (طب على القرآن ) , وقديماً كانوا يصنعون خوابي الماء من الطين الغضاري الممزوج مع خيوط القنب وهذه العملية يسمونها ( طب الخوابي) ,وطبطة الأم لطفلها حتى ينام, وهناك من الأعاجم من يحمل كنية طباطبائي.
ومر خوري ( رجل دين مسيحي) على جيران كانوا لنا , في شهر كانون الثاني وكانت الثلوج والأمطار على أشدها فجلس عندهم عدة أيام حتى انحسرت موجة الثلج والمطر , فقالت له: أم إلياس ( يا أبونا طابت و تطبطبت , وما بقي على عينها قشة ) أي إيذاناً له بالانصراف , وأخيراً ليس من قول إلاّ ( طُبْ الجرّة على ثُمّها بتجي البنت لأمها ) أي بمعنى أن ستكون مثل أمها بكل أطباعها, طبطبة ومطبات أثرت في حياتنا على سبيل الذكر لا سبيل الحصر .
---------------------------------------------------------- انتهى
بصرى الشام 11-9-2010م


[/COLOR]

عبدالسلام حمزة 09-13-2010 12:00 AM



الكاتب محمد فتحي مقداد

كل عام وأنت بخير , وشكرا ً على مطباتك التي أسعدتنا باسلوبك المميز

سلامي لك

محمد فتحي المقداد 06-15-2011 03:35 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالسلام حمزة (المشاركة 19601)


الكاتب محمد فتحي مقداد

كل عام وأنت بخير , وشكرا ً على مطباتك التي أسعدتنا باسلوبك المميز

سلامي لك


الأستاذ عبد السلام حمزة
أسعد الله أوقاتك بكل الخير
تقديري لمرورك العاطر
مودتي

عمر مسلط 06-23-2011 01:37 PM

ولا ننسى أخي محمد المطبات البشرية .. والتي تجبرك على تخفيف السرعة أحياناً ..

جراء نَكدِها وعُقدها وقَرفِها ...

فهي في النهاية ... مَطَب !!


هذه تحياتي

محمد فتحي المقداد 06-24-2011 12:35 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر مسلط (المشاركة 74566)
ولا ننسى أخي محمد المطبات البشرية .. والتي تجبرك على تخفيف السرعة أحياناً ..

جراء نَكدِها وعُقدها وقَرفِها ...

فهي في النهاية ... مَطَب !!


هذه تحياتي


أستاذي عمر مسلط
أسعد الله أوقاتك بكل الخير
لكل مَطَبٍّ شخص سيَطُبّ فوقه
تقديري

ناريمان الشريف 06-24-2011 12:30 PM

أهم المطبات التي ذكرتها
وأكثرها تأثيراً وأثراً هي المطبات الاجتماعية
مقالة متكاملة .. رائع أخي الكريم



تحية ... ناريمان

محمد فتحي المقداد 06-24-2011 04:19 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 74690)
أهم المطبات التي ذكرتها
وأكثرها تأثيراً وأثراً هي المطبات الاجتماعية
مقالة متكاملة .. رائع أخي الكريم



تحية ... ناريمان


الأستاذة ناريمان الشريف
أسعد الله أوقاتك بكل الخير
لا شك أن ظلم ذوي القربى أعز مضاضة على النفس
من وقع الحسام المهند .... تقديري


الساعة الآن 04:17 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team