منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   لســـــت وحدي بقلمي قصة مسلسلة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1018)

ناريمان الشريف 09-01-2010 02:36 AM

لســـــت وحدي بقلمي قصة مسلسلة
 


لست وحدي
هذه قصة من صميم الواقع الفلسطيني .. سمعتها من إحدى الفتيات
وهنا أعرضها لكم بأسلوبي الخاص على شكل حلقات متتالية أرجو أن تنال على إعجابكم
وإليكموهــــــــا :




تفاجئني الأضواء الخافتة , الهدوء
سقط نظري لحظة دخولي المنزل على الأريكة
التي اعتادت أن تجلس عليها أمي ,
لكنها ليست هناك, ماذا جرى ؟
الستارة متهدلة , تتحرك كلما لفحها الزمهرير الآتي من الخارج
وكأنها تشكو شيئاً ما غير عادي حدث في هذا البيت الكئيب
يتسلل إلي إحساس بالوحشة ,
وأنا أسائل نفسي : ربما قتلها !
أنظر بسرعة إلى أرضية الغرفة فلا أرى أثراً للدم
أو ربما خنقها من غير آثار ,
أصوات توقعاتي تنبح بداخلي , أصداء صراخي ترتد في حلقي,
ووجهي باهت أريد أن اصرخ وفحيح صراخي يذكـّرني :
انتبهي الصراخ ممنوع !!

تنتابني حاجة للبكاء ما دام الصراخ مختوماً بالشمع الأحمر ومحظوراً وأنا أحتاج إليه
آآه .. إنه البكاء.
لأول مرة أجد أنني أستطيع ممارسة شيء من غير اعتراض
ولكنه محدود بالصمت من غير إزعاج .
ألتفت إلى الأريكة فأرى زوج أمي يجلس عليها ..
يعالج كتابا ما ولا يبدو عليه أي قلق او ما يشير إلى التوتر..

تساءلت : هل ساءت حالة أمي ونقلت إلى المستشفى
في غيابي أو قد تكون ماتت؟
لا
فلم تكن فترة غيابي كافية لهذا
إنها المرة الوحيدة التي أغيب فيها كل هذا الوقت
منذ أن اقعد الشلل الكلي أمي في الفراش
ومع ذلك .. شيء ما قد حدث
مع أنه هادىء النفس مرتاح
وهذا لا يعني أنه لم يحدث شيء يقلق
فاللامبالاة من طباعه القاتلة
أذكر-قبل أعوام- يوم خرج الطبيب من غرفة أمي يخبره بشللها
وكأنه تلقى نبأ مولدها , وأتذكر كيف انبعثت من ملامحه فرحة مكتومة حاول إخفاءها
واستطعت ببراءتي أن ألمحها في عينيه
فلقد تعودت تقطيبة جبينه فكان من السهل علي رغم صغر سني
أن الـْحظ أي تغيير على ملامحه مهما كان بسيطاً ,
ومنذ ذلك اليوم ما انفكـّت دموعي تنساب على وجهي ,
فهذا الشبح يزرعني في أرض البؤس ويجني ثمار بؤسي كل لحظة .

لا أحب الحديث إلى هذا الرجل لكني مضطرة لسؤاله :
أين أمي ؟ أين أمي؟
ويجيبني , مانعا إياي دخول الغرفة ريثما يخرج الطبيب
متأهبا للحظة ضعف أرتمي فيها بخضنه
أجهش بالبكاء ليربت على ظهري :
اطمئني لا تخافي لست وحدك..
لكنني لا أمنحه هذه الفرصة ,
فكتمت كل مشاعر ألم بداخلي
حتى الاسئلة التي كان علي أن أسألها ,
لا أريد أن أحصل على جوابها منه ,
وقلت في نفسي سأنتظر الطبيب
وأسمع منه تفاصيل حالتها.

وبدأت أترقب لحظة خروجه ,
ومن الشـقّ الذي يفصل الباب عن الجدار أحاول أن أسمع شيئاً
أو أرى شيئا
ولكنني لا أفلح..
فجلست على كرسي بجانب باب الغرفة
أفرك يداً بيد أبدد بهذا الاحتكاك غيظي وحيرتي
فكم كنت بحاجة أن أقرض الباب بأسناني لأسمع شيئا ,
انتظرت .. ولم يعد بمقدوري الانتظار
ولم يكن بوسعي اقتحام الغرفة
ورؤية الإجابات عن أسئلتي بأم عيني ,
كل ذلك لا أستطيعه حسب ادعاءات ذلك الشيء
الذي يجلس أمامي ..
كما كان يأمرني بعدم التدخل بأي أمر بدعوى إنه لا يخصّني
فعندما كنت أراه يبطش وجه أمي بيده
فأحاول الدفاع عنها فأصرخ في وجهه عله يرتد..
لكنه يمارس رجولة أنامله على خدي الصغير
فأرتد للخلف عاجزة عن فعل أي شيء أو حتى عن قول شيء ,

قلت في نفسي :
إذا كان ضربه لامي لا يخصني فلا شك أن موتها يعنيني
وإذا كنت البارحة صغيرة
فأنا اليوم كبرت وكبرت الجراحات بداخلي ..
حتى الخوف ترعرع شبحه بداخلي من نظراته السخيفة
المسلطة علي للالتزام بكل ما يأمرني به ,
أما الآن فأ شعر بذرات الغضب تجتاح جمجمتي
وتخترق أصداغي كرصاصة قاتلة ,
ورغم هذا لا استطيع التفوه بحرف.

تجملت بالصبر ريثما يخرج الطبيب وأنا أسـلـّي نفسي
وقطرات المطر الجريئة تضرب النوافذ بقسوة
وأحس أنها أفضل مني لأنها استطاعت أن تقول شيئاً ,
أو على الأقل يصدر عنها صوت ..
ربما صوت فرح أو تصفيق ألــم ..
وهذا نحيبي يختلط بأنـّات حبات المطر.
ربما شهقة الموت؟! ولكن أي موت؟!!!!!

لقد رأيتها تموت مرة حزناً على أبي , ومرة تموت ندما على ارتباطها بهذا الذئب.!
رأيت شهقة الموت تخرج من جوفها في نهاية
كل نقاش بينهما يتحول إلى صراع ,
وآخر مرة شهدت موتها عندما رؤيتي أبكي ممزقة الثياب
عندما هجم علي يراودني عن نفسي (...........)
أي موت؟؟؟
فـللموت أشكال وأحجام وألوان في هذا البيت الكئيب..
الآن اسمع شيئا كالأنين, مـرّاً غريباً , لم أعتد على سماعه ,
له رائحة كرائحة الحناء , له صوت أشبه بفحيح الأفاعي
لم أعد أميز الأصوات ...
فغمغمات الرعد تـنبعث في كل الارجاء..
تدكّ أي هدوء يحاول ان يتسلل الى المكان ..
كل الاصوات شبيهة ببعض
طرطقة المطر وصلصلة الرعد وأنفاس الذئب المتصاعدة
وذلك الصفير المتسلل خفية من فتحات النوافذ المتكسر
يبعث في عضلاتي جنوناً هستيرياً فأحسّ بيدي تكبر وتكبر
تستـلّ سكـّيناً من مكان ما ربما من بين جراحاتي
ربما من عظامي
وتضربه على رأسه ضربة تريحني من سماع أنفاسه ,
لكنه لا يموت حي يرزق ،
حيّ يقرأ حيّ يـُعذب ولا يتعذب حيـّة تسعى
طال انتظاري والأنين يشتد يتصاعد يصفع النقاش مع ذاتي
فالتفت نحو الغرفة
تأخر الطبيب !!
الهواء يشهق بلا انقطاع والمطر يزداد شراسة
ويزيد إحساسي بالبرد
وأنا اقبع داخل فستان مبلل لم أجد وقتاً لاستبداله
والذئب المثقف لا زال يجلس على الأريكة
وقد أشرف الليل على أن يُحكم قبضته على رقبة النهار
ليخنق ما تبقى من ضوء ,
يتقلب في المكان الذي طلبت أمي ذات يوم أن أنقلها عليها
لأنها تحس بالراحة والصبر على البلاء
وهي تراني أمام عينيها لتكون رقيبا على تصرفات هذا العجوز المتوحش
لم أرغب يوما بإعلامها بملاحقته لي حتى لا يزداد بؤسها
وحتى لا تزداد ألامها عفونة
لقد عرفتْ ذلك بنفسها ذات يوم وقد رأته يطاردني
وأنا أهرب من مكان لآخر
رأته يلهث يتصبب عرقا ككلب مسعور
والبصاق يسيل من فمه
حزنا على فريسته التي ضاعت منه
وهذا المشهد المروع كان جرثومة مرضها المزمن
نعم لقد كانت تكره سريرها الذي جمعها ذات يوم به
الأنين يعلو ويهبط يتراقص كمؤشر البوصلة
كل شيء يعلو ويشتد
وهو يزداد هدوءاً يتصفح كتابا أعرج
أحاول عن بعد أن أتمعن الصورة التي على الغلاف
لم أرَ شيئاً محدداً يـبدو
وكأنـّه شبح امرأة شبه عارية
أزيع بنظري جانبا ومن خلال تلك الصورة
أستقرئ عنوان الكتاب الذي يقرأ ,
فترتسم أمام عيوني حروفاً تـناسب الحالة فأترجم الصورة ,

لا أقرأ ولا أعرف حتى أبسط الحروف
نعم لقد كنت أحب المدرسة وأعشق منظر التلميذات
وهن يحملن الحقائب ويلبسن الزي المدرسي الموحد ,
كنت أقف على النافذة صباحا وأنا أرى الطالبات
فأبكى ضعف حالي وقلة حيلتي ,
أحب القراءة وتعلم الحروف لكن حيث تبقى كلمة لكن !!
سدا أمام أي عمل جاد
ويبقى هذا الوحش رمزاً لتحطيم أي معنى للطموح ,
فكم مزق كتاب القراءة الذي كنت استرق لحظات غيابه
لأتصفـّح صوره
وأحاول مطابقتها على الحروف لعلـّي أتعلم شيئاً منه ,
حتى العرائس اللواتي تلعب بهن الصغيرات لم يكن مصيرها
سوى الركل والرفس
كلما رآني ألهو بها مع أنها من صنع يدي ولم يكلفه ذلك شيئاً ,
انه يكره أن يراني افعل شيئا يخصني ,
فكل ما يحبه من تصرفاتي هو خدمتي المخلصة له ولأصدقائه ,
وكل ما يحبه هو إفعام معدته بالطعام الذي أعدّه ,
أصرخ في وجهه: اكرهك , اكرهك يا قاتل طفولتي ,
يا .......
لكنني لا استطيع فقد يسمعني ,
الكلمات تتأرجح في حلقي وتقف كخنجر مشرشر
إن أخرجته جرحني وإن أبقيته آلمني ..
يقلب صفحة أخرى من كتابه ,
ينهمك في القراءة فأرى عينيه تتسلل من خلال صفحات كتابه
وتتلمس ساقي يتأمل وجهي ويبتسم ,
نظراته الحادة تثقب فستاني تمزقه لتصل إلى جسدي
فأجفل
وأتمعـّن الكتاب مرة أخرى لأقرأ شيئاً ,
نعم أستطيع ان اقرأ – كيف تصطاد النساء-
لا بد أنه يدرب نفسه كيف يصطاد الفريسة
ثم يرمي بها في واد الهلاك بداخله بعد أن يمتص دماءها,
يواصل تقليب الصفحات وكأن ما يحدث لأمي لا يعنيه ,
والمطر لا يتوقف والطبيب لا زال يفحص أمي.
وهو لا زال يتقلب على الأريكة يتحسسها
ويحسب احتمال استيعابها لامرأة أخرى
يوهمها بحبه ثم يتزوجها ثم يقتلها بطريقته الخاصة.
نعم فلقد علمت أمي بعد زواجها بفترة انه كان قد تزوج قبلها ثلاث مرات ,
بم أفكر ؟؟ أين أمي ؟
هنا كانت تجلس قبل ساعة
لا بد انك أنت السبب في حالتها التي آلت إليها في غيابي
ليتـني لم اخرج ..
يراودني شعور غريب ,
حقد أسود يزداد سوادا يضاف إلى حقد قديم يتورم
فيحمر فيزرق فيسود
كمثل الأورام التي في جسدي من كثرة الضرب ,
لمن الدور يا ترى ؟
لا بد انني الضحية القادمة يكون مصيري كمصير السابقات ,
رفعت عيني أتأمل قذارته وأعضائي تشكو البرد
فيبتسم لي بخبث
وكأنه يتابع افكاري.. ويلتي !!
هل يسمعني؟؟ يخرج سيجارته ويهم بإشعالها
فيأمرني بفنجان من القهوة ,
طبعاً
لا أستطيع الرفض,
ولم الرفض راضيت نفسي بالموافقة فقلت لنفسي:
سألهيك ريثما يخرج الطبيب ,
أخلع نفسي عن الكرسي وقد التصقت به ,
وأسير إلى المطبخ عبر ممر كئيب حزين معتم كدهاليز السجون ,
فتمر بخاطري ذكرى طازجة حدثت البارحة ,
هنا امسك بيدي وضغط عليها قائلا:
لا تقولي أنت مثل أبي أنا لست أبيك وعيناه جاحظتان
تخرج من تجويفهما تقرضني وتعود إلى مكانها ,
وأخيرا وصلت المطبخ, وكأنني قطعت رحلة صحراوية شاقة
على ظهر سلحفاة تـتبختر,
وكلي أتأرجح والدوار يأخذني ,
وما تبقى مني يريد أن يهوي ساقطا,
لم يبق في أحداقي دموع استعين بها على ضعفي
أذيب بها طبقة من طبقات الألم المتراكم ,
أسرع في استحضار القهوة
خوفا من أن يخرج الطبيب في غيبتي
فتفوتني كلمة عن حالة امي ,
أرفع الابريق عن النار أتمالك نفسي ,
أخشى السقوط خوفا من أن يقع مني شيء ينكسر
فأعاقب على سقوطه ,
حملت القهوة وعدت مسرعة اعبر الممر
والقهوة تتراقص بين يدي وكأنها هي التي تحملني ,
وبخطوات متثاقلة سرت نحوه وقدمت القهوة
وتهالكت على الكرسي انتظر ,
فالانتظار هو مهمتي يتخللها ذكريات مسمومة ..
في ديسمبر يداهم البرد كل شيء حتى إحساسي بالحياة
ورغبتي في البقاء ,
فالمح دفتر التقويم المعلق على المقابل
يتدلى حزينا تتمزق صفحاته بسرعة البرق
وإحساسي باقتراب نهايتي مثله تماما ,
على كل ورقة تمزق وتطرح في سلة النفايات
كنت أكتب عليها أكرهك ,
على كل ورقة تقذف الى عالم الأموات
كانت أمي تقول : طلقني أرجوك,
الأنيـن داخل الغرفة يتهادى ,
أنتظر وأنتظر وأعضائي ينفر منها الدفء ,
ومع الانتظار اكره بلادته ورجولته المصطنعة
برغم كبر سنه وانحناءة ظهره التي تعلن عن عجزه..
فتجاعيده المحفورة حول عينيه تنذر بمستقبل مرعب موحش ,
كم اكره المستقبل كما أكره الماضي ,
ماذا يمكن أن يحصل لو ماتت أمي ,
ربما اكون زوجته احضر الفطور ويناديني
يعوي سعالا كعادته من كثرة التدخين :
يا غبية أيـن الماء الساخن ,كل شيء مطلوب مني
فالماء الساخن ضروري لغسل وجهه وعينيه
وتطهيرها من نظراته السافلة ,
ثم أحضّر الطعام ليأكل وأقتات أنا من علقم قسوته
ثلاث وجبات يومية ,
تماماً كما الوجبات في البيوت الخالية من الثقوب
وربما تزداد الوجبات مستقبلاً
وربما يكون لي طفلة ويلاحقها وأصاب بالشلل وأموت –

هنا زمجرت بزعقة خرجت مني رغماً عني
وكأني اشهد الموت حقا
فصحوت من غفلتي على توقف المطر .

توقف المطر وتهالك الزمهرير
وكلّ الأنين بداخل الغرفة المغلقة
وتحول فجأة إلى زفرة واحدة لا أكثر ..
أسرعت اندفع نحو الباب والطبيب يخرج
وقد ترك الباب مفتوحا ,
توجهت نحو السرير لأرى أمي جسدا مسجى مغطى
بلا انين ,

أدركت أن أمي قد انتهت ..

انتهت !!
أبـكي
وأبـكي إذ لا وقت للبكاء ,
أمي ماتت وعلي أن أفكر ,,,
تقيدني فكرة الهروب قبل أن ينقض علي ويفـترسني ,
ولكن
كيف سأغادر؟؟ وإلى أيـن؟
والعالم كله رجل أكاد افقد النطق, ماذا افعل ؟؟
لقد ماتت أمي لأتعذب
وأبقى هنا وحدي وحدي!
لا لست وحدي

( بقلمي )
يتبع >>>>>>

ناريمان الشريف

أمل محمد 09-01-2010 03:40 AM

رائعة

رائعة يا ناريمان

بانتظار الفصل الثاني لـ نعرف ماذا سـ يحدث للفتاة بعد وفاة والدتها ؟

وما هو مصيرها مع هذا الحي ّ الميـّت ..

بانتظارك ِ عزيزتي ~

ساره الودعاني 09-01-2010 04:10 AM


مرحبا ناريمان

وانتِ لستِ وحدكِ

ساكون معك من الان وحتى اخر حرف

من هذ الحزن الجميل..

ايوب صابر 09-01-2010 04:43 AM

وانا ايضا ساتواجد هنا لاستمتع بقوة السرد وبلاغته واثره المهول حيث يتضح بأن هذه الرواية تعالج جانبا من جوانب ثنائية الموت والحياة بحميمية وصدق يعكس الواقع المؤلم لكثير من الحكايات الانسانية حولنا،،،

هنا ومن البداية نجحت الكاتبة في رسم مشهد بليغ الاثر حيث الأضواء الخافتة، الهدوء، ام ليست بالانتظار، ستارة متهدلة ، زمهرير شيئا ما غير عادي حدث في هذا البيت الكئيب، إحساس بالوحشة يتسلل، فربما هناك جريمة قتل! لكن لا أثرً للدم ، أو ربما خنقها من غير آثار , اصوات تنبح, أصداء صراخ ترتد, ووجه باهت ، حاجة محلة للصراخ... لكن الصراخ ممنوع !!
حاجة للبكاء ما دام الصراخ مختوماً بالشمع الأحمر ومحظوراً.


اذا كانت هذه المقدمة فكيف ستكون عليه بقية الرواية ؟؟؟!!!






أسامة المهدي 09-01-2010 07:29 AM




لقد نجح السرد القوي ، بالجمل القصيرة الحادة ، أن ينقل إلينا حالة القلق والتوتر ،
بل نجح في أن يصيبنا بحالة من القلق والتوتر بانتظار ما يسفر عنه "الانتظار" .

ونحن في قلق "ننتظر" البقية


ناريمان الشريف 09-01-2010 01:35 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل محمد (المشاركة 15597)
رائعة

رائعة يا ناريمان

بانتظار الفصل الثاني لـ نعرف ماذا سـ يحدث للفتاة بعد وفاة والدتها ؟

وما هو مصيرها مع هذا الحي ّ الميـّت ..

بانتظارك ِ عزيزتي ~


سعيدة بمتابعتك غاليتي
أشكرك



.... ناريمان

محمد الصالح منصوري 09-01-2010 01:38 PM

حركات قلقة في تسلسل محكم لصور رمادية تكاد تكون قاتمة تئنّ تحتها نفس معذبة منعت من أن تعلن حظها المكسور ..
حركت سرديتك أختنا ناريمان أرمدة التعاطف الوجداني .. وإننا في الانتظار ..
صحّ رمضانك

ناريمان الشريف 09-01-2010 02:04 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ساره الودعاني (المشاركة 15609)

مرحبا ناريمان

وانتِ لستِ وحدكِ

ساكون معك من الان وحتى اخر حرف

من هذ الحزن الجميل..

أنت دائماً في قلبي يا سارتي

أهلاً بك .. وكم أسعد لمتابعتك


.... ناريمان

ناريمان الشريف 09-01-2010 02:48 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر (المشاركة 15619)
وانا ايضا ساتواجد هنا لاستمتع بقوة السرد وبلاغته واثره المهول حيث يتضح بأن هذه الرواية تعالج جانبا من جوانب ثنائية الموت والحياة بحميمية وصدق يعكس الواقع المؤلم لكثير من الحكايات الانسانية حولنا،،،

هنا ومن البداية نجحت الكاتبة في رسم مشهد بليغ الاثر حيث الأضواء الخافتة، الهدوء، ام ليست بالانتظار، ستارة متهدلة ، زمهرير شيئا ما غير عادي حدث في هذا البيت الكئيب، إحساس بالوحشة يتسلل، فربما هناك جريمة قتل! لكن لا أثرً للدم ، أو ربما خنقها من غير آثار , اصوات تنبح, أصداء صراخ ترتد, ووجه باهت ، حاجة محلة للصراخ... لكن الصراخ ممنوع !!
حاجة للبكاء ما دام الصراخ مختوماً بالشمع الأحمر ومحظوراً.


اذا كانت هذه المقدمة فكيف ستكون عليه بقية الرواية ؟؟؟!!!






أخي أيوب
سلام الله عليك

سعيدة بإطلالتك البهية .. وسعيدة أن البداية أعجبتك



أشكرك ... ناريمان

ناريمان الشريف 09-02-2010 01:57 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسامة المهدي (المشاركة 15634)



لقد نجح السرد القوي ، بالجمل القصيرة الحادة ، أن ينقل إلينا حالة القلق والتوتر ،
بل نجح في أن يصيبنا بحالة من القلق والتوتر بانتظار ما يسفر عنه "الانتظار" .

ونحن في قلق "ننتظر" البقية


أخي أسامة
سلام الله عليك
أشكر لك هذا الاطراء .. وسعيدة بقراءتك
أنتظرك أن تستكملها معي .. فهذا يشرفني


تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 09-02-2010 01:59 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الصالح منصوري (المشاركة 15704)
حركات قلقة في تسلسل محكم لصور رمادية تكاد تكون قاتمة تئنّ تحتها نفس معذبة منعت من أن تعلن حظها المكسور ..
حركت سرديتك أختنا ناريمان أرمدة التعاطف الوجداني .. وإننا في الانتظار ..
صحّ رمضانك


أخي محمد
سلام الله عليك
أشكرك على تواجدك هنا متابعاً لأحداث هذه الرواية



تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 09-13-2010 03:00 PM

لست وحدي
الجزء الثاني ( في وداع أمي )



ماتت أمي .. ولما تغادر بعد
راحت روحها .. لكن جسدها لا زال هنا
أنظره بعيوني وأحسه بيدي
الجو لا زال يبشر بمزيد من البرد الجاف الأشبه بتنهداتي الليلية الممزوجة بحرقة الوجع

اقتربت من أمي
وتأملت وجهها .. ودموعي تنهمر على ثيابها بصمت
تحسسته .. لمسته بيدي وحاكيتها من غير كلام ..
عدت للوراء كثيراً
تذكرت هذا الوجه المصفر كيف كان ؟
عندما كانت تقف على المرآة - قبل أن يداهم جسدها المرض - وهي تتحسسه بيديها وتضع بعضاً من الدهون عليه ,, وتقول : جلد الإنسان يا ابنتي يحتاج باستمرار أن ترطبيه ببعض الكريمات المنعشة ..
فهي تعطي للوجه طراوة ...
أتذكر .. كيف كانت تدهن وجهي ببقايا الكريم الذي لا زال عالقاً بيديها الحنونة
وبعدها تقبلني وتقول لي : ما أجملك يا حبيبتي
آه ... أيام راحت ..
وراح كل ما فيها بحلوها ومرها
عدت اتأمل الوجه المصفر .. وأشهق بتنهيدة خرجت من أعماقي
يا ليت تنهيدتي تلك تصحيها من نومها الطويل
اقتربت أكثر فأكثر .. وأحسست بقشعريرة تسري في أعضائي
تلفت هنا وهناك .. وقررت أن أنام بحضنها وأتلفع بلحافها
صعدت إليها
ومددت نفسي في سريرها كما عودتني
اقتربت أكثر وأكثر حتى التصقت بها أنشد شيئاً من حنان لا زال يرقد في جسدها البارد ..
عانقتها
و بكيتها ..
وبكيتها
بكيت غربتي ..
بكيت وحدتي...
بكيت أحوالي
بكيت أحزاني
بكيت وبكيت .. وكلما استدعيت من ذاكرتي شيئاً بكيت أكثر
بكيت حتى لم يعد في عيوني دموع أستعين بها على حزني
فقد جفت عيوني
فأغمضتها لاستدعاء مزيد من الدمع
.
.
.
.
لكنني رحت في نوم عميق
وأنا أقبع في غرفة ليس فيها سوى جسد بارد الأطراف
شاخص العيون أحمق لا يعي ما أقول !
وأنا وحزني .. كلنا في هذه الغرفة
ساعات قلائل مضت على غفوتي العميقة في حضن أمي
صحوت في عمق الليل أتفقد الجسد الهامد
اقتربت من أمي وصرت أهمس لها علها تسمعني
أمي حبيبتي ..
أين تذهبين وتتركينني وحدي أين ؟
اجيبيني ..
وأقول في نفسي : يقولون إن الميت لا يذهب سمعه بسرعة
اذن لا بد أنها تسمع كلماتي ولكنها لا تجيب !!
وأعيد .. أمي
وصرت ألاعب جفنيها وأداعب شعرها الأبيض
وأتحسس وجهها الذي غزته التجاعيد بلا رحمة
صمت لبرهة .. أتأمل سقف الغرفة
وأتمنى أن يسقط هذا السقف على رأسي لأغادر الدنيا برفقتها ..
تسللت برفق من جانبها لئلا أزعجها
ونهضت أقف على الأرض
رتبت نفسي قليلاً ورحت كالمجنونة أبحث في محتوياتها
علني أجد شيئاً يربطني بها أكثر قبل أن تغادر
نبشت خزانة ملابسها .. وأنا أتخيلها في كل قطعة تقع بين يدي
فأضمها بين يدي وأقبلها وأرمي بها جانباً
أمضيت وقتاً طويلاً أحسسته عمراً آخر وأنا أفعل ذلك

كان الليل قد أوشك أن يغادرهو الآخر
فأسرعت ألملم نفسي من جديد قبل أن يهرع الجمع لوداع أمي
ارتديت ملابسي بسرعة
وخرجت إلى الصالة .. وعادت الذكرى تلوح في مخيلتي من جديد
صورة أمي تجلس على الأريكة ...
أعود إلى غرفتها أضمها وأقبلها وأعود إلى الصالة قليلاً بانتظار من سيحضر
ها هي خالتي الوحيدة تقبل

انها خالتي مديحة
كم حدثتني أمي عنها ..
ها هي تدخل بجسدها الممتلئ وتمشي على عجل
وكأنها تتكئ على بعضها وهي تجهش بالبكاء
وتضمني إلى صدرها
فاسترجعت شيئاً من دموع ضاعت مني في ليلة فائتة ..
وكأنها اعتصرتني وأفرغت ما بي من دموع
فبكيت من جديد
وأحسست بضمتها لي دعوتي للإقامة معها
مما أضفى على روحي شيئاً من راحة مؤقتة
لأني وجدت إجابة على سؤالي
أين أذهب ؟


لم تطل اقامة أمي في البيت
فها هي قد غسلت وكفنت . ولم يسمحوا لي بالمشاركة في غسلها
لأنني أزعجها وهي ميتة على حد زعمهم
فامتثلت لأوامرهم .. وانتظرت حتى تمّ تكفينها ..

وبعد أن انتهوا ..
هجمت على الجسد المسج المكفن أبكي وأصرخ
والنسوة يبعدونني عنها لئلا يبتل كفنها بدموعي !!

وها هي الآن في نعشها
تنقل إلى بيتها الجديد
لعله بيت من غير آلام !!
يا ليتها أخذتني معها
وما هي إلا دقائق حتى امتلأ البيت بالمعزين
والكل يأمرني بالكف عن البكاء
فزممت الدمع والقلب يشتعل
وقبل أن تغادر البيت وجدتني أصرخ وأصرخ
أين تذهبين وتتركينني وحدي
إلى أين أذهب يا رب ؟
دارت بي الدنيا في جنبات البيت لا أدري أين أتوجه ..
فتلقفتني خالتي بين يديها ..
وأرخيت ما تبقى من أضلاعي المنهكة
بين أحضان خالتي مديحة
وطالت إقامتي بين يديها ..


الآن لم يتبق شيء.. بل انتهى كل شيء
راحت أمي جسداً وروحاً .. راحت إلى الأبد
وانفض الناس كل إلى حال سبيله كأن شيئاً لم يكن
.............
لملمت حاجياتي التافهة وكأني على سفر

ناريمان الشريف 09-16-2010 10:55 PM

الفصل الثالث ( في بيت خالتي )

خرجت وخالتي وقد استبد الظلام .. أجرجر نفسي خلفها
تمشي وأنا ألمحها من الخلف تتأرجح يمنة ويسرة
ولما وصلنا نهاية الشارع وقبل أن ننعطف إلى الآخر
أدرت رأسي إلى الخلف ثم توقفت ..
ورحت في غيبوبة أخذتني إلى حيث هناك
أتأمل بيتنا الذي عشت فيه أمزج المرارة بالفرح ..
تسمرت عيناي حيث النافذة المطلة على الشارع
علني أرى وجه أمي
فمن تلك النافذة كانت تناديني بصوتها سناء
.. أين أنت يا ابنتي
لا تتأخري .. عودي بسرعة
وعندما كنت أعود تأخذني بين يديها الدافئتين تضمني وتقول :
كم أخاف عليك يا بعض روحي
ولولا وجودك في دنياي لا أحس بأن شيئاً جميلاً يمكن أن يكون
خرجت آهة من صدري كادت تخنقني
صحوت على صوت خالتي تناديني .. أسرعي
( وكأنه صوت أمي ) ..
كدت أجن .. أتكون أمي قد عادت ؟!
انتبهت من حلمي ... آه إنه صوت خالتي
لحقت بها أحمل كيسي المهترئ
والذي تطل من بعض ثقوبه حاجياتي
وكأنها أطلت هي الأخرى لتودع أمي
لحقت بها مسرعة أتعلق بأذيالها ..
وأنا أقول في نفسي : ما أشبه صوتها بصوت الحنونة التي فارقتني
وضعت يدها على كتفي تضمني .. وجددنا السير إلى المنزل حتى وصلنا
لم تكن المسافة طويلة .. لكنها مرت علي عمراً بأكمله
انعطافات هذا الشارع القصير أشبه بحياتي المملة والتي بدأت أشعر بها مذ رحلت عني أمي

ها قد وصلنا ..

لا أدري .. ما هذا الشعور الذي سيطر على أجزائي التي لا زالت تشكو بردها ..
قد يكون شعوراً بفقدان كل أمل بالعودة
أدركت عندها أن مرحلة جديدة من مراحل حياتي قد ابتدأت
منذ اللحظة التي وطئت أقدامي بيت خالتي
بيت كئيب .. لمحت ُتلابيب كآبته على سقفه
الذي يميل إلى السواد .. حيث أعلنت أعشاش العنكبوت
أن الفقر سابعهم .. وهم ستة أطفال
لم أجد في نفسي أي رغبة لمقاومة البرد الذي تغلغل في أطرافي
وأنا ألج بيتا أرضه مرداء موات
الصغار ينتشرون فيه كعصافير على شجرة بلا ورق
هذا يقلب كتابه المدرسي دونما انتباه
وذاك يلهو بكرسي خاله سيارة فارهة .. ويصنع بفمه أصوات شخيرها وكأنه يقودها في شارع مزدحم بالمارة
وذاك يتابع التلفاز ويحرك رأسه طرباً لما يُحدثه الكرتون من موسيقى وحركات تأخذ عقل الكبار قبل الصغار
قلبت نظري هنا وهناك علني ألمح أحداً يلتفت إلي
لا أحد .. الكل مشغول بنفسه .. ويصنع لهوه بيديه

أجلستني خالتي معلنة حضوري ..
فانتبه البعض للحظة وعاد كلٌ إلى ما كان يشغله ..
في حين ذهبت خالتي لتحضر العشاء
تسمّرت عيناي على الكتاب الذي يقلبه الصغير بلا اهتمام
فعدت للوراء أتذكر كتاباً ركله زوج أمي بقدمه ومزقه بين يديه
وأنا أستحلفه بالله ألا يفعل
ولم يرقّ قلبه لتوسلاتي ومزقه أشلاء
آآآآآآه .. خرجت زفرة بطمعها المر من حلقي
لم أستطع إخفاءها
عدت أبتسم للكتاب متأملة بأني سأقرؤه يوماً
وحمدت الله أن في هذا البيت شيئاً محبباً إلى نفسي ..
فكم أحب القراءة مع أنني لا أعرفها !!.. قلت في نفسي : سأتعلمها من أبناء خالتي الصغار
نعم .. لقد كانوا كثيرون .. أذكر أنهم خمسة
أكبرهم أحمد .. فعمره يقارب عمري
أما سماح فهي الصبية الوحيدة من بينهم
عادت خالتي بوجبة عشاء فاخرة .. تجمع على الطبق الدائري
صحناً من الزيت ورفيقه الزعتر .. وآخر..
وآخر فيه حبات زيتون نسيت لونها في غمرة عتم البيت بفعل الضوء الخافت
دعتني خالتي لتناول العشاء
التفت إلى السفرة وقد عضني الجوع .. وتمزقت أمعائي تصرخ صراخاً مكتوماً لا أستطيع البوح به
فبطني فارغ من الطعام مذ كان الطبيب برفقة أمي يحضرها للموت

وغابت خالتي قليلاً ثم عادت بصحن من البيض المقلي ..
وما أن اشتم الصغار رائحة البيض حتى تلملموا حول المائدة كذباب حط على صحن عسل
أكلت وجبتي بتسارع لم أتعود عليه والأيادي تتقاطع في الصحون القليلة
لأني حسبت حساباً أن تفرغ المائدة وأنا لا زلت جوعانة
أكلت ما أكلت بصحبة الصغار
وكأني في سباق لصراع من أجل البقاء




....... يتبع

مع تحياتي ... ناريمان الشريف

ناريمان الشريف 09-18-2010 04:55 PM

معلومات الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 3 (1 من الأعضاء و 2 زائر)


يسعدني تواجدكم هنا في متصفحي
والبقية ستأتي بإذن الله

من القلب تحية



..... ناريمان

ناريمان الشريف 09-20-2010 10:27 PM


الفصل الرابــــــع ( أحلام صغيرة )






لتوي انتهيت من وجبة العشاء .. فاستدفأت أطرافي بزيت الزيتون الذي أحبه ممزوجاً بالزعتر ..
ولكن رجفة ما أخذتني بعيداً ذكرتني ببرد نالني بلحظة حزن ..
يوم مضى عليه زمن .. ويبدو أن الحزين يقوى عليه البرد أكثر
ذلك اليوم لا زال محفوراً بذاكرتي ..
لن أحدثكم عنه .. سأغلق الباب دونه .. ولن أسمح له بالتسرب إلى حياتي الجديدة في حضن خالتي ..
وبين هذا الكم من الأطفال الذين لمحت في عيونهم مستقبلي ..
قررت منذ اللحظة أن أفتح غرفة جديدة في الذاكرة وأرتب فيها أفراحي
.
.
.
.
.
وغبت .. وغبت
سرحت أفكاري بعيداً بعيداً .. ورغم أنني قررت ألا أحدثكم عن أحزاني الماضية
إلا أنها راودتني واقتحمت الفرحة الصغيرة بداخلي
أقاومها الآن .. فأنا لا أريدها
فلا تصروا علي بنبشها
لن أحدثكم عنها
سأقلب صفحة من حياتي
وأفتح أخرى أرجو لها البياض
.
.
.
.

صحوت على صوت خالتي تنادي على سماح :
تعالي خذي سناء إلى غرفتك واعتني بها جيداً ..
حضرت سماح بوجهها البشوش واقتلعتني من مكاني تبدي فرحتها بحضوري
التفت يميناً لأرى أحمد قبالتي
ومن غير وعي مني تأملته وأحسست أن في عيونه شيئاً يود أن يقوله
وما أن صفعتني نظراته الحادة حتى طأطأتُ رأسي خجلاً ..
وأبديت استعدادا مصطنعاً لمرافقة سناء إلى غرفتها
فنظراته لم تكن عادية .. كنت أعرف أحمد مسبقاً .. وأذكر أنني التقيته قبل أكثر من سنة
حيث حضرت خالتي لزيارة أمي وكان برفقتها .. ولم تكن سو لحظات تلك التي رأيته فيها
لكنه اليوم كبر وكبر وشعيرات ذقنه تبدو واضحة ..
إذن أحمد لم يعد صغيراً كما كنت أظن
إنه صار رجلاً

رافقت سناء .. وسناء لا تسعها الفرحة لقدومي دون أي إحساس بمصابي
فكل همها أن ترى لها رفيقة أنثى في هذا البيت المليء بالذكور


جلست على أول مكان واجهني فجسدي المنهك لا يحتمل الوقوف
جلت بنظري في أنحاء الغرفة .. سرير كبير ..
بطانية جرداء .. كرسي وطاولة عليها كتب مدرسية ..
أما الجدران ففيها صور لرجل رأيت في عيونه حزناً يشبهني
وعندما سألتها : من هذا ؟
قالت : إنه مطرب مشهور كل الفتيات يحببنه وأغانيه جميلة
عبد الحليم حافظ .. ألم تسمعي به ؟؟
وأخذت تدندن ببعض أغانيه ( يا خلي القلب .....)
جلست على السرير قبالتي .. وكأنني سقطت عليها من السماء
وعاء تفضي بداخله أسرارها المراهقة ..
فهي لا تجد من يشاطرها أحلامها الصغيرة ورؤاها المستقبلية مع ابن الجيران ( علي )
وبدأت تحكي وتحكي .. فقد شجعها على ذلك هدوئي ..
وهي لا تدري أن سكوتي لا يعني أني أنصت لها !!
لكنني وجدت نفسي مرغمة إلى الاستماع إليها .. فبين فترة وأخرى تهزني وتلتقط من فمي ردوداً على أسئلتها البريئة
حدثتني عن نظرة .. وابتسامة .. وسلام .. وحب ..
لم أكن أعلم وقتها ما معنى الحب ؟
كل ما أدركه من دنياي أنني أحب أمي وفقدت من أحب ..
شاركتها همساتها بنظرات كلها استفهام ..
شاطرتها فرحتها بحبها لعلي ..
لكنني على أي حال وجدتُ في نفسي الحكمة ..
فلم أبخل عليها بنصيحة أخوية تقيها السقوط في الخطأ ..
كم كانت جميلة باستجابتها لنصائحي ....

ومر الشهر يتلوه شهر
ومرعام بأكمله .. أحسست فيه أنني أخوض معركة جديدة لكنها على أية حال لا تشبه المعارك التي خضتها سابقاً
معركة جميلة .. فصرت - شيئاً فشيئاً - حزناً أتوسّع في فرح







....... يتبع
مع تحياتي ... ناريمان الشريف

ناريمان الشريف 09-25-2010 08:02 PM

الفصل الخامس
(أحمد في قلبي )


يوم جديد .. ,مع اطلالة شمسه صحوتُ أشعر بنشاط غير عادي
أنفض عن مخيلتي غبار المراحل الفائتة.. وأطليها بلون مغاير عن الألوان التي اعتدت أن أراها
فتحت عيوني على زقزقات العصافير تغني للأطفال الذاهبين في رحلة العلم والتعليم .. نهضت من فراشي وإذ بسماح قد صحت مبكرة تحمل نشاطها على كتفها لتكمل مسيرها
نهضت وغيرت ملابس النوم ورتبت سريري على جناح السرعة
وخرجت لأسمع زقزقات الطيور عن قرب ..
فالأطفال غادروا الى مدارسهم .. ولم يتبق سواي وخالتي

سارعت إلى خالتي أقبل يدها وألقي عليها تحية الصباح المفعمة بالأماني الطيبة .. وكعادتي .. كان علي أن أساعدها في شؤون البيت
فحُمْتُ هنا وهناك ..
وآثرتُ أن أرتّبَ غرفة أحمد .. أزين كآبتها بشيء من فرحي المتواضع
طاولة عرجاء .. تتكئ إحدى أقدامها على لفافة من ورق لتعتدل في وقفتها ..
وتستطيع حمل هذا الكم من الكتب والأوراق
رتبت الأوراق بعناية فائقة .. وبالغت في ترتيبها وكأنني جزعة من الاقتراب من فراشه
لئلا يأخذني الحنين الى رائحته ..
جلست على الكرسي المتاخم للطاولة المنهكة .. وأغمضت عيني أفكر
عندما اقترب مني ذات يوم يعرض خدماته القرائية علي
عندها دارَ شجار عنيف بينه وبين أخته سماح ..
فكل منهما يريد أن يكون له السبق في تعليمي حروف اللغة ..
واتفق كلاهما على أن يعلمني أحمد القراءة .. وتعلمني سماح الكتابة
وابتدأ الدرس ..
ويبدو أن أحمد لم يختر هذا الخيار عابثاً ..
ففي الدرس الأول .. قرأ لي حكاية حب جميلة
أحفظ منها ( أحبها .. وألهبت قلبه بصوتها .. أحب فيها حزنها .. ابتسامتها ..
كل شيء فيها
فكيف يعبر لها عما في قلبه ؟ ومتى يبوح لها بسره ؟
يخاف عليها .. ولا يستطيع أن يـُبين .. فحزنها الطازج يمنعه من التجوال في دمها ؟ )
أستذكر الحكاية .. وأتساءل .. ترى هل كان هذا مكتوب فعلا في الكتاب الصغير الذي كان يحمله بين يديه وهو يعلمني كيف أقرأ ؟
أم إنها مشاعره الحقيقية سجلها في مخيلته .. ونقلها إلى مسامعي ليختبر قلبي الصغير ؟؟
امتلأت عيوني بدمعها .. فرحاً .. وربما ترحيباً بقلب يزور قلبي لأول مرة
فتحتُ عيوني لأرى خالتي تقف أمامي ..
عدتُ وأغمضتـُها سريعاً لئلا ترى أحمداً يستحم بماء عيوني




........ يتبع
مع تحياتي ... ناريمان الشريف[/center]

ناريمان الشريف 05-14-2020 03:59 AM

رد: لســـــت وحــــدي ... رواية مسلسلة
 
سأستكمل معكم هذه الرواية قريباً
فلقد هجرتها لظروف .. وسأعود بحول الله
تحية
شكراً لكل من مرّ من هنا

ناريمان الشريف 10-01-2020 11:22 AM

رد: لســـــت وحــــدي ... رواية مسلسلة
 

( رحيل خالتي )

خرجت خالتي من الغرفة تطلب مني اللحاق بها لنشر الغسيل .. فتبعتها من غير كلام .. وساعدتها ..
وأكملنا عمل البيت سوية .. وخلال تلك الفترة تأخذني وإياها حوارات عديدة ..
بعضها له علاقة بأحمد ... وما أن تذكر اسمه وكأنني أنظر إلى وجهي وقد طفح الدم في عروقي يفضح ما في قلبي تجاهه
لم يخلُ لي وجه أحمد مفرداً حتى أراه عن قرب وأشبع رغبتي في التأمل في عينيه
ففي كل مرة يكون بالقرب منه واحداً من أفراد العائلة ..
آه .. كم أتوق للحديث معه عن قرب ..وأتحيّن فرصة الجلوس بمفردي ليكون أحمد رفيق أفكاري بل عنوانها
وتلك الفرصة لا تأتي إلا وأنا في فراشي ألقي القبض على الماضي الذي يحمل عنوان أمي .. وأتبختر في حاضري ( أحمد )
وذات مرة .. خلا الفكر إلا من أحمد .. لا أحد غيره يهيمن على مشاعري
تباً لي .. أعاتب نفسي بشدة .. ما هذا الذي تفكرين به .. ألا تخجلين من نفسك .. كيف فرغ قلبك بهذه السرعة من أمك ؟ وأردّ على نفسي المعاتبة : لا لا وألف لا .. لم تغادر أمي قلبي فهي منقوشة في شغافه بل هي القلب .. ولكن ..
أسأل نفسي : ولكن كيف ؟ وها هو أحمد يحتل مساحة كبيرة من تفكيرك ..
لم أحتمل هذا العتاب .. لأنه يحرمني من سعادة لم أعرف طعمها البتة ..
أزيح برأسي وكأنني أنفض عن مخيلتي هذا الحوار .. لأفكر في النوم .. وسرعان ما أغط في نوم عميق .. يكون أحمد آخر حلم تغفو على رؤياه أجفاني
لم تمض ساعة على نومي .. وإذ بأصوات تختلط ببعضها ..
أمي أمي ماذا جرى لك .. أفيقي ..
وزوج خالتي يصرخ ..اتصل بالاسعاف يا احمد هيا
الصغار صحو من نومهم على الجلبة التي حدثت بالبيت بعد منتصف الليل .. وهم يفركون أعينهم ..
خرجت من الغرفة أتساءل .. ماذا جرى .. مالك يا خالتي .. كانت طبيعية اليوم .. ما الذي حدث لا أحد يرد علي وخالتي شاخصة البصر لا شيء فيها يتحرك سوى نبض
هزيل ..
لحظات وحملوها هامدة إلى المستشفى .. لم أستطع مرافقتها .. فقد همس لي زوج خالتي : ديري بالك على الأولاد
انتابتني حالة بكاء مرّ .. فمشاهد جثة أمي عادت تحضرني وكأنها بالأمس مرضت
بالأمس تعذبت يالأمس صرخت بالأمس طرحت بالأمس ماتت
لملمت الصغار من شتاتهم .. وأعدت كل واحد إلى مكان نومه وأنا أعدهم خيراً بأن خالتي ستعود .. ولعله خير
جلست بمفردي أنتظر زوج خالتي وأحمد وسماح حتى شقشق الفجر ..
عادوا يحملونها على حمالة المستشفى وقد فارقت الحياة .. جلطة دماغية قاضية
أتت عليها فجاءت المنيّة تسبق كل احتمال
رحم الله خالتي سميحة ..
يتبع
تحية من ... ناريمان

عبدالرحمن محمد احمد 10-03-2020 01:42 PM

رد: لســـــت وحــــدي ... رواية مسلسلة
 
حقد أسود يزداد سوادا يضاف إلى حقد قديم يتورم
فيحمر فيزرق فيسود
أجملت فأحسنت
شكرا لكلماتك الرائعة

عبد السلام بركات زريق 11-12-2020 07:22 AM

رد: لســـــت وحــــدي ... رواية مسلسلة
 
الأخت الأديبة ناريمان الشريف
أعشق الوحدة
شدّني العنوان
أتابعك بشغف
بورك المداد
ولا بارك الله في الظالمين
قلمك مذهل في تجسيد الوجع
كائناً حياً عشت معه في هذه القصة
تقديري

ناريمان الشريف 11-12-2020 11:32 PM

رد: لســـــت وحــــدي ... رواية مسلسلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن محمد احمد (المشاركة 259611)
حقد أسود يزداد سوادا يضاف إلى حقد قديم يتورم
فيحمر فيزرق فيسود
أجملت فأحسنت
شكرا لكلماتك الرائعة

شكراً أخي عبد الرحمن
على قراءتك
تحية

ناريمان الشريف 11-12-2020 11:35 PM

رد: لســـــت وحــــدي ... رواية مسلسلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد السلام بركات زريق (المشاركة 266009)
الأخت الأديبة ناريمان الشريف
أعشق الوحدة
شدّني العنوان
أتابعك بشغف
بورك المداد
ولا بارك الله في الظالمين
قلمك مذهل في تجسيد الوجع
كائناً حياً عشت معه في هذه القصة
تقديري

تقديري أستاذ عبد السلام على تعليقك المشجع
أشكرك على أنك نفخت في رماد هذا الرواية التي بدأتها منذ عشر سنوات
وما زالت في مرحلة الطفولة
أعترف بكسلي وتقصيري
سأحاول اكمالها
تحية ... ناريمان


الساعة الآن 03:54 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team