منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   المثقف العربي بين المعجزة اليونانية والفلسفة الغربية الحديثة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=26048)

هيثم المري 12-14-2019 03:23 PM

المثقف العربي بين المعجزة اليونانية والفلسفة الغربية الحديثة
 
المتفلسف العربي بين معجزة الفلسفة اليونانية
القديمة والفلسفة الغربية الحديثة


إن الإعجاز الذي يواجهه المتفلسف العربي، هو الإعجاز الذي أُسند إلى القول الفلسفي من حيث نشأته ونقله؛ فقد نسج الأوائل حول ظهور الفلسفة أخبارا وأساطير عجيبة، حتى جعلوا هذا الظهور حدثا أتى الإنسان على بغتة ونسبوه إلى فعل الآلهة بتوسط الكهنة والمتنبئين؛ ولم يكن مؤرخو الفلسفة المتأخرون أقل من الأوائل افتتانا بهذا الحدث، فما زالوا إلى حد الآن يعتبرون ظهور الفكر الفلسفي عند اليونان بمثابة المعجزة الكبرى التي تفرَّد بها اليونان وفضلوا بها على الأمم قاطبة.

ولم يحمل المعجب أن يرى اختلاف الفلاسفة حد التضارب في الدعاوي والتناقض في الحجج، على أن أقوالهم مجرد ظنون واهمة، ولا في أدلتهم مجرد صروح واهية.

والغريب أنه لا تطمئن نفسه إلا إلى الفلسفة، ناظرا إلى المعرفة العلمية على أنها معرفة آلية لا شعور معها وشيئية لا أخلاق فيها، وناظرا إلى المعرفة الدينية على أنها معرفة وجدانية لا عقل فيها وتقليدية لا اجتهاد معها، حتى إذا بلغ هذا التعلق بالفلسفة من نفسه مبلغا صار إلى اعتبارها المعرفة الحقة بدون منازع، ولسان حاله يقول: "كل معرفة سوى الفلسفة مردودة".

وقد يقابل أيضا بين مذهب فلسفي مخصوص وغيره من المذاهب، فلا تطيب نفسه إلا إلى هذا المذهب المخصوص، معترضا على غيره بكونه لا يستند إلى الأصول الموضوعية أو لا يتوسل بالأدلة المقنعة أو يتوصل إلى النتائج النافعة، فيحمله شغفه بهذا الاتجاه إلى اعتباره الاتجاه الفلسفي الحق بدون منازع. (٢)

فغاب عنه أن الأصل في الفلسفة أن لا تكون على وجه واحد، وإنما على وجوه متعددة؛ ولا أدل على ذلك من تعددها بين أفراد الأمة الواحدة، حتى كادت أن تكون الفلسفات بعدد أنفاس الفلاسفة من هؤلاء الأفراد؛ فإذا كانت الفلسفة في الأمة الواحدة كذلك، فما ظنك بها وهي تدور بين الأمم في المجتمع الإنساني الواسع وليس بين الأفراد داخل الأمة الواحدة! فلا ريب أن التعدد سيزيد درجات والفلسفة ستزداد تلونات.

ومعلوم أن اللغة هي المحل الذي يتشكل فيه القول الفلسفي، ولا تشكل لهذا القول بغير تأثر بمحلّه اللغوي؛ ولما كانت الألسن التي وضع بها القول الفلسفي متعددة، جاز أن تختلف المضامين الفلسفية باختلاف الألسن التي تنقلها، ومعلوم أيضا أن الأدب هو الدائرة الأولى التي تحتضن مطالع الفكر الفلسفي -فقد كان أوائل الفلاسفة قبل أفلاطون ينشئون فلسفتهم نظما، فمثلا أفكار برمينيدس كانت أشعارا-، ولا احتضان لهذا الفكر من غير تأثر يحضنه الأدبي؛ ولما كانت الآداب تتوسل بأساليب بلاغية وصور بيانية متعددة، جاز أن تنعكس هذه الأساليب والصور الخاصة على المحتويات الفلسفية بما يجعلها تختلف باختلافها. (٤)

ولذا يجوز أن يوجد في العطاءات الفكرية غير اليونانية من الاستدلالات والإشكالات الفلسفية ما يضاهي شأنا وغورا ما نجده في الفكر اليوناني ولو أنه لا يرد تحت اسم "الفلسفة"، بل قد يرد تحت أسماء وعناوين قد تدعو إلى الشك في كونية المفهوم اليوناني للفلسفة؛ ولا يقال إن شرط التفلسف هو استيفاء مقتضى العقل، لأنا نقول إن العقل، مراتب متفاوتة؛ والوقوف عند المرتبة الدنيا منها -أي النظر في الأسباب الظاهرة- كما فعلت الفلسفة اليونانية لا يلزم غيرها ما دام ينزل رتبة في العقل أعلى، هذا مع العلم بأن ما يتحقق من مقتضيات عقلية في رتبة يكون أولى بالتحقق، في الرتبة التي تعلوها؛ ويبدو أن الفكر الإسلامي واحد من هذه العطاءات التي انطوت على أدلة وأسئلة ذات صبغة فلسفية صريحة ولو لم يعرف الفكر اليوناني مثلها أو لا يتسع تصوره الفلسفي لها، نذكر منها، على سبيل المثال، بعض الاستدلالات في "علم الأصول" و "علم المناظرة" وكذا بعض الاستشكالات في "علم الكلام" و "علم التصوف".
مقتبس

حنين الخالدي 12-14-2019 10:19 PM

رد: المثقف العربي بين المعجزة اليونانية والفلسفة الغربية الحديثة
 
إنتقاء ثري بالذائقه أستاذ هيثم الله يجزاك الخير

سلمت ودام رقي ذوقك .. كل الشكر لروحك

:Untitled-6:

العنود العلي 12-15-2019 03:57 AM

رد: المثقف العربي بين المعجزة اليونانية والفلسفة الغربية الحديثة
 
الفلسفة أو لنقل بعضها وربما القاتم .. الغامض : المبهم الذي يدعو إلى الإلحاد واللاإنسانية والسقوط بالنفس إلى مراتب الدونية أو البهيمية إعتناقها هو ضرب من الجنون لا محالة .. والفلسفة التي تنافي العقل والقيم الإجتماعية السامية ’ هي عبارة عن إنحلال ملطخ بلعاب إبليس ليعرض علينا حضارة زائفة تحت مُسمى الحرية الشخصية .. لا غبار على الفلسفة النقية , التي تجعل الإنسان يرتقي ذهنيآ وعاطفيآ لا أن تدفعه إلى جحيم الهلاك
موضوع قيم أستاذ هيثم
لك مني فائق التقدير

تركي خلف 12-16-2019 09:44 AM

رد: المثقف العربي بين المعجزة اليونانية والفلسفة الغربية الحديثة
 

والغريب أنه لا تطمئن نفسه إلا إلى الفلسفة، ناظرا إلى المعرفة العلمية على أنها معرفة آلية لا شعور معها وشيئية لا أخلاق فيها، وناظرا إلى المعرفة الدينية على أنها معرفة وجدانية لا عقل فيها وتقليدية لا اجتهاد معها، حتى إذا بلغ هذا التعلق بالفلسفة من نفسه مبلغا صار إلى اعتبارها المعرفة الحقة بدون منازع، ولسان حاله يقول: "كل معرفة سوى الفلسفة مردودة"


هذا أخطر ما في الموضوع .. هذه الفئة ومن هم على شاكلتهم يخلعون مبادئهم وقيمهم كما يخلعون معاطفهم .. وسرعان ما يهرع إلى أحدث القناعات ويعتنقها شريعة , واذا أردت أن تعرف منه أهم أسس دينه الجديد يرتبك ويبتعد عنك .. رائع موضوعك سيدي .. ربي يبارك فيك ويسعدك

عبدالله الشمراني 12-16-2019 12:14 PM

رد: المثقف العربي بين المعجزة اليونانية والفلسفة الغربية الحديثة
 
لعلك تلاحظ اخي الحبيب اننا حتى لو اردنا شرح او تبسيط المفهوم الفلسفي , نجد انفسنا مضطرين رغما عنا الى اللجوء الى الأسلوب الفلسفي ( الصعب ) لتقريب الفكرة , وهو ما زندق المبدع ابن رشد في عصره نظرا لكون المجتمع لم يقبل منه الخروج من الصندوق المجتمعي والسياسي حينها , ونفس هذه النظرة يا سيدي للفلسفة لا تزال موجودة بل انه محرم ومجرم تدريسها في بعض الدول على اعتبار انها وسيلة لتحرير الفكر , خشية ان يتبعه تحرير الفعل ..
الفلسفة عالم كبير لا يمكن الألمام به الا من خلال التبحر في مختلف العلوم الأخرى حتى تكون لنا نظرة فلسفية مختلفة عما علمناه عن تلك العلوم ..
مقال جيد يجعلنا نفكر خارج الصندوق اذا استطعنا ..

ممدوح الرفاعي 12-17-2019 01:01 PM

رد: المثقف العربي بين المعجزة اليونانية والفلسفة الغربية الحديثة
 
أستاذنا هيثم طرحت موضوعا مهما مفعما بكثير أطروحات
الفلسفة في حقيقتها ليست مادة علمية بقدر ما هي وعاء تصب فيه العلوم
وأشد على يد الدول العربية لتتبنى مفردات الفلسفة والاطلاع على فلسفات الأمم الأخرى غربية أو شرقية ثم إسقاطها كهيكل على ما نريده من علوم.

هيثم المري 12-17-2019 05:46 PM

رد: المثقف العربي بين المعجزة اليونانية والفلسفة الغربية الحديثة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنين الخالدي (المشاركة 248437)
إنتقاء ثري بالذائقه أستاذ هيثم الله يجزاك الخير

سلمت ودام رقي ذوقك .. كل الشكر لروحك

:untitled-6:

شكرا لمرورك أخت حنين العزيزة
وشكرا لكلماتك الرقيقة .. تحيتي لكِ

هيثم المري 12-17-2019 05:57 PM

رد: المثقف العربي بين المعجزة اليونانية والفلسفة الغربية الحديثة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العنود العلي (المشاركة 248457)
الفلسفة أو لنقل بعضها وربما القاتم .. الغامض : المبهم الذي يدعو إلى الإلحاد واللاإنسانية والسقوط بالنفس إلى مراتب الدونية أو البهيمية إعتناقها هو ضرب من الجنون لا محالة .. والفلسفة التي تنافي العقل والقيم الإجتماعية السامية ’ هي عبارة عن إنحلال ملطخ بلعاب إبليس ليعرض علينا حضارة زائفة تحت مُسمى الحرية الشخصية .. لا غبار على الفلسفة النقية , التي تجعل الإنسان يرتقي ذهنيآ وعاطفيآ لا أن تدفعه إلى جحيم الهلاك
موضوع قيم أستاذ هيثم
لك مني فائق التقدير

كلامك عين العقل سيدتي المشرفة .. وإضافتك قيمة رائعة
وأعجبتني جدآ عبارتك : ( هي عبارة عن إنحلال ملطخ بلعاب إبليس )
شكرآ لمرورك الفاخر .. تحيتي لك

هيثم المري 12-23-2019 07:51 AM

رد: المثقف العربي بين المعجزة اليونانية والفلسفة الغربية الحديثة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تركي خلف (المشاركة 248553)

والغريب أنه لا تطمئن نفسه إلا إلى الفلسفة، ناظرا إلى المعرفة العلمية على أنها معرفة آلية لا شعور معها وشيئية لا أخلاق فيها، وناظرا إلى المعرفة الدينية على أنها معرفة وجدانية لا عقل فيها وتقليدية لا اجتهاد معها، حتى إذا بلغ هذا التعلق بالفلسفة من نفسه مبلغا صار إلى اعتبارها المعرفة الحقة بدون منازع، ولسان حاله يقول: "كل معرفة سوى الفلسفة مردودة"


هذا أخطر ما في الموضوع .. هذه الفئة ومن هم على شاكلتهم يخلعون مبادئهم وقيمهم كما يخلعون معاطفهم .. وسرعان ما يهرع إلى أحدث القناعات ويعتنقها شريعة , واذا أردت أن تعرف منه أهم أسس دينه الجديد يرتبك ويبتعد عنك .. رائع موضوعك سيدي .. ربي يبارك فيك ويسعدك

الأروع مرورك يا صديقي ومداخلتك الفاخرة
شكرآ سيدي على هذه الأناقة .. تحيتي لك

هيثم المري 12-26-2019 12:17 AM

رد: المثقف العربي بين المعجزة اليونانية والفلسفة الغربية الحديثة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الشمراني (المشاركة 248561)
لعلك تلاحظ اخي الحبيب اننا حتى لو اردنا شرح او تبسيط المفهوم الفلسفي , نجد انفسنا مضطرين رغما عنا الى اللجوء الى الأسلوب الفلسفي ( الصعب ) لتقريب الفكرة , وهو ما زندق المبدع ابن رشد في عصره نظرا لكون المجتمع لم يقبل منه الخروج من الصندوق المجتمعي والسياسي حينها , ونفس هذه النظرة يا سيدي للفلسفة لا تزال موجودة بل انه محرم ومجرم تدريسها في بعض الدول على اعتبار انها وسيلة لتحرير الفكر , خشية ان يتبعه تحرير الفعل ..
الفلسفة عالم كبير لا يمكن الألمام به الا من خلال التبحر في مختلف العلوم الأخرى حتى تكون لنا نظرة فلسفية مختلفة عما علمناه عن تلك العلوم ..
مقال جيد يجعلنا نفكر خارج الصندوق اذا استطعنا ..

يا سيدي العزيز بعيدآ عن الإختلاف في وجهات النظر
الفلسفة قديما كان لها شوائب كثيرة من أهمها الإلحاد
أو إلغاء مضمون القوى الغيبية العظمى حيث طالبوا بتحرير
العقل كي ينظروا فرضيات بعضها كان خاطئا كنظرية داروين
فرويد الذي تبنى نظرية حيوانية البشر وأصل الإنسان قرد
حتى المحافل العلمية الغربية أسقطت هذه النظرية لأنهم
اكتشفوا أن لا أصل لها رغم إكتشافهم الأخير عن القردة آردي
كانت هذه النظرية محل جدل كبير مما أثار بالتالي الطعن في
فلسفات ونظريات علمية آيلة للسقوط كما حدث مع نظرية داروين
دكتور عبدالله أكن لك كل احترام سيدي لكن الحقائق تبقى هي
الشمس التي تظهر الحق وحتى لو غطوها بغربال كما قبل
تقبل تحياتي واحترامي وتقدير.. وأرجو تكرما الإطلاع على موضوع
الأستاذ تركي خلف الذي تحدث عن بعض الفلسفات الجنونية الغريبة

http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=25179


الساعة الآن 10:16 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team