منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   الفائز بالمركز الثالث بمسابقة القصة القصيرة2020 (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=27808)

ياسَمِين الْحُمود 01-17-2021 09:34 AM

الفائز بالمركز الثالث بمسابقة القصة القصيرة2020
 
المركز الثالث

الأستاذة القاصّة نور الموصلي

أيادٍ خفيّةٍ

ثمَّة أيادٍ خفيَّةٌ تحرِّكني، تشدُّ خيوطي مثلما شاءت فأجد نفسي أخطو خطواتٍ لا إرادية.
أمسكتُ بمقصٍ مراراً محاولةً قطع تلك الخيوط غير المرئية، لكنَّها لم تنقطع.
اكتشفتُ ذلك أوَّل مرَّةٍ حين كنتُ طفلةً إذ أرسلتني أمي إلى البقال لشراء الأرز والسِّمن وبعض البقول فلم أدرِ كيف تحرَّكتْ قدماي إلى محل الدمى، اشتريتُ بالنقود دميةً جميلةً وعدتُ إلى البيت، وبَّختني أمِّي كثيراً حينها، أذكر أنَّني أقسمتُ لها أنَّ ذلك حدث دون إرادتي ولم أملك السيطرة على خطواتي، حتى أنَّني حاولتُ منع يديَّ من أن تنبسطا بالنقود لبائع الدمى ففشلتُ، لكنَّها لم تصدقني يومها.
ثمَّ تكرَّر الأمر بعد ذلك كثيراً، ومن ذلك ما حصل معي في الابتدائية حين عرضتْ فرقةٌ للرِّقص على طالبات المدرسة المشاركةَ في عرضٍ لمهرجانٍ فنِّي، راقت لي الفكرة فعرضتها على والدي، لكنَّه رفض مشاركتي وبشدَّة، فوعدته ألا أشارك في العرض، لكنِّي ومن دون أن أدري وجدتُ نفسي أحضر جلسات التدريب وأشارك في ذلك العرض، يوم المهرجان كنت أرقص مندهشةً، إذ كانت الأيادي الخفيَّة تجيد تحريكي بإتقانٍ جعلني أشعر أنَّ قدميَّ ليستا لي.
حين علم والدي بأمر مخالفتي أوامره ومشاركتي في المهرجان غضب كثيراً وقاطعني مدَّة شهرين كاملين.
وفي عمر المراهقة كنت أسرق درَّاجة أخي دون إرادتي وأهرب بها بعيداً، لمحني مرَّةً أقودها فضرب رأسه بالحائط وتوعَّدني بعقابٍ شديدٍ إن كرَّرتها، فركوب الدرجات عارٌ على الفتيات في حيِّنا، لكنِّي رغم وعيده وتهديده لم أكن أملك السيطرة على نفسي فأقود دراجته كلَّ يوم وأتلقَّى بعدها ضرباته القاسية التي تنهال علي.
أمَّا الخطوات الأكثر خطورةً كانت في تحرِّكي وأنا طالبةٌ في مقاعد الجامعة إلى اللاذقية مع بعض الأصدقاء سرَّاً دون علم أهلي، إذ دعانا صديقٌ لنا يقطن هناك إلى الغداء قرب الشاطئ، فجهَّز أصدقائي أنفسهم واعتذرتُ أنا عن مشاركتهم تلك الرحلة، فمن المحال أن يسمح لي والداي بالذهاب مهما فعلت، لكنِّي في ذلك الصباح توجَّهت إلى حيث يجتمعون للانطلاق كمن يمشي في نومه، ما صحوتُ حينها إلا ونحن في منتصف الطريق، صفعتُ وجهي وحاولتُ العودة لكنَّ الخيوط كانت أقوى من إرادتي.
قضيتُ نهاراً كاملاً أعضُّ أصابعي وألوم نفسي على فعلتي تلك وأتجهَّز للعقاب القاسي الذي ينتظرني، لكنَّ الأقدار شاءت أن يمرَّ ذلك اليوم المتهوِّر على خير ولا يعلم أحدٌ بفعلتي تلك التي لم أستطع البوح بها لأهلي حتى اليوم.
أدرك أنَّني أتعبت أهلي بالكثير من تحركاتي غير المرضية التي كنت أقوم بها رغماً عنِّي وقد تجاوزا الكثير منها، فأمِّي التي لم تترك شيخاً إلا قصدته ليكتب لي حجباً تفكُّ عنَّي سحر تلك الخيوط كانت متعاطفةً معي تتفهَّم أنَّ الأمر ليس بيدي، أمَّا أبي وإخوتي فكانوا يصرُّون على أنَّ ما أدَّعيه من وجود أيادٍ خفية هو وهمٌ أو كذب ورغم ذلك كانوا يتعاطفون معي أحياناً.
غير أنَّ صبر الجميع عليِّ قد نفد حين تفاقم أمر خطواتي غير الإرادية وصار يوقعهم في حرجٍ كبيرٍ مع من يتقدَّم لخطبتي، فكلَّما واعد أهلي خطيباً ما كانت قدماي تتحرَّك بسرعةٍ جنونيةٍ وتقودني إلى الهروب خارج المنزل، وعدتُ أهلي مراراً أن أستقبل أولئك الشبَّان الذين يتقدَّمون لخطبتي لكنِّي كنتُ أفقد السيطرة على نفسي حين يقترب موعد ما مع أحدهم.
الأمر الذي جعل أبي يستشيط غضباً فقرِّر قطع خيوطي تلك التي أدَّعي وجودها كما يرى رغماً عني، قصد ذات يومٍ نجَّار الحي وطلب منه صنع صندوقٍ خشبي يستوعب قامتي، عاد يومها والصندوق معه والسكينة تغمر قلبه، وضعني في الصندوق وأحكم إقفاله عليَّ وأعطى موعداً لخطيب جديد.
ولأوَّل مرة في حياتي استقبلتُ خطيباً وأنا في صندوقي الخشبي، الصندوق الذي لفت انتباه الخطيب فأعجبه جداً وجعله يشعر أنَّني دميةٌ مخبَّأةٌ من أجله لم تمسسني يدٌ قبله، فحملني وصندوقي من فوره ونقلني إلى بيته.
اليوم أجلس في صندوقي في ركن مهمل على أحد رفوف بيت زوجي، أطالع دمى أولادي التي يحركونها كيفما شاؤوا وأحلم بأيادٍ خفيةٍ تحرِّك خيوطي.

ياسَمِين الْحُمود 01-17-2021 09:35 AM

رد: الفائز بالمركز الثالث بمسابقة القصة القصيرة2020
 
تقرير عضو لجنة التحكيم الأستاذ محمد علي هادي المدخلي
لعل أهم ما أوحت به القصة هو نزعتنا الداخلية في تحقيق عبث اللحظة.
من خلال فضولنا لتحقيق "كل ماهو ممنوع مرغوب".
وماتلك الأيادي الخفية إلا إرادتنا لاستجابة رغباتنا رغم القيود.
تفوقت القصة في رصد انفعالات البطلة مع أشياءها ومحيطها وتحطيمها لكل ماهو عادات وتقاليد تؤطر حرية الاختيار.
أعجبتني جدا أنسنة الجمادات بأسلوب سردي جميل.
أسست من خلاله البطلة علاقة مع الأشياء" الدمى وركوب الدراجة والرقص وحرية اختيار زوج المستقبل".
من هنا جاء العنوان دالا على إشكالية اللحظة الوجودية.
فالإرادة الكامنة هي سلطة دائمة ممتدة رغم قيود التقاليد المتعسفة.

حسام الدين بهي الدين ريشو 01-17-2021 11:22 AM

رد: الفائز بالمركز الثالث بمسابقة القصة القصيرة2020
 
ألف مبارك
وبورك الجهد الذي كان خلف المسابقة

ناريمان الشريف 01-17-2021 11:52 AM

رد: الفائز بالمركز الثالث بمسابقة القصة القصيرة2020
 


مبارك الفوز للأستاذة القاصّة نور الموصلي
عن قصتها (أيادٍ خفيّةٍ )

غرابةُ الفكرة الطاغية هي الملفتة لقارئ القصة ، تتبعتُ الأيادي الخفية التي تحركها كيفما تريد
وكانت تلك التحركات حسب حاجاتها في كل مرحلة من مراحل عمرها ، بدأت بالدمية وانتهت بالفرار من الخطّاب ، ولعل الرغبة في الحرية والانطلاق والانعتاق من قيود العادات والتقليد هي التي ألحّت عليها وبشدة أن تتصرف بعبثية الأطفال ..
وإنني أرى أن استخدام الوالد للصندوق مجازياً ، لكنه حقق المطلوب
القصة مكتملة الأركان ، حققت شروط المسابقة كلها .
رائعة وأكثر
تستحق الفوز بجدارة
مبارك مرة أخرى عزيزتي وإلى الأمام
تحية ... ناريمان

خلف سرحان القرشي 01-17-2021 01:47 PM

رد: الفائز بالمركز الثالث بمسابقة القصة القصيرة2020
 
ألف مبروك للفائزة أ. نور الموصلي. نص بديع بحقِّ. يستحق الجائزة بجدارة.
نتمنى للقاصة مزيدا من الألق والتفوق والإبداع.

ناريمان الشريف 01-17-2021 11:57 PM

رد: الفائز بالمركز الثالث بمسابقة القصة القصيرة2020
 
https://www.facebook.com/10305202173...1664397539924/
هنا تم نشر قصتكم الفائزة
للمتابعة والتشجيع
نرجو زيارة صفحتنا على الفيس بوك
وعمل شير وتعليق
مع الشكر الجزيل

محمد عبد الحفيظ القصاب 01-18-2021 04:36 AM

رد: الفائز بالمركز الثالث بمسابقة القصة القصيرة2020
 
مباركٌ الفوز

وإلى مزيد من عطاء

وحظٌّ أوفر لمن لم يفزْ

تحياتي والمحبة

منى الحريزي 01-18-2021 05:41 AM

رد: الفائز بالمركز الثالث بمسابقة القصة القصيرة2020
 
نص مترف بالأحاسيس الغريبة و الخفية ...
" أياد خفية " تستحق الفوز بجدارة ...
من أجمل النصوص التي قرأتها حقيقة ...
تظهر فيها موهبة الكاتبة جلية مع تلك القدرة الرهيبة في السرد بخفة ورشاقة

فهنيئاً لها الفوز ... قد أجادت وأستحقت

اقتباس:

فأمِّي التي لم تترك شيخاً إلا قصدته ليكتب لي حجباً تفكُّ عنَّي سحر تلك الخيوط كانت متعاطفةً معي تتفهَّم أنَّ الأمر ليس بيدي
ملاحظة فقط : الشيخ لايكتب حجاب فهذا من فعل الدجل ...
الشيخ يعطي الرقية النافعة ...


ودي ...

ماجد عبدالله العلي 01-18-2021 06:34 AM

رد: الفائز بالمركز الثالث بمسابقة القصة القصيرة2020
 
نص جميل والله، وينبىء عن موهبة قصصية فذة . مبروك وتمنياتي بدوام الإبداع.

ياسَمِين الْحُمود 01-18-2021 11:53 AM

رد: الفائز بالمركز الثالث بمسابقة القصة القصيرة2020
 
أرجو من الفائزة بالمركز الثالث التواصل معي بأسرع وقت لإرسال جائزتها :20:


الساعة الآن 03:21 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team