منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر مختارات من الشتات. (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=26)
-   -   أثناء المطر (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=5884)

محمد عبدالرازق عمران 08-21-2011 06:36 PM

أثناء المطر
 
( أثناء المطر )

لأن .. الطفل سؤال .. لا يكفّ عن السؤال .
( فرج أبو شينة )

( أ )
.. البرق يشطر الليل .. الرّعد يقصّ الكهرباء .. المطر يصفع زجاج النافذة .. القطة الصفراء تتكوّر قرب الكانون .. تتثاءب أحيانا .
الأم تطرّز جوربا .. تمدّ ساقيها .. رؤوس أصابع قدميها تكاد تلامس حافّة الكانون .
الطفل ينبطح على بطنه فوق النّطع .. مسندا وجهه براحتيه .. يثني رجليه إلى الأعلى .. يؤرجحهما إلى اليمين وإلى اليسار .. يتأمل لهب الفنار .. يقضم الكعك ويطرح الأسئلة :
ـ أمّي ؟
ـ نعم .
ـ متى يتوقف المطر ؟
ـ حين تذوب الغيمة .
ـ ومتى تذوب الغيمة ؟
ـ ربما بعد ساعة .. هذا يتوقف على حجم الغيمة .
ـ من أين يأتي الغيم ؟
ـ من البحر .
ـ لا أصدّق ذلك .
ـ الشمس تسخّن البحر .. فيتصاعد البخار .. ثم يبرد .. تسوقه الريح .. وحين تعجز عن دفعه يسقط .
لماذا هذه الدورة الطويلة ؟
ـ هكذا شاء الله .
ـ لماذا لا يمطر الله بلا غيم ؟
ـ .......
( س )

ـ أمّي ؟
ـ نعم .
ـ لماذا بيت جيراننا بخمس غرف .. بينما بيتنا بغرفة واحدة ؟
ـ هذه هي الدنيا .. هناك أغنياء وهناك فقراء .
ـ لماذا ؟
ـ هكذا اقتضت حكمة الله .
ـ وما الحكمة في أن يكون بيتنا بغرفة واحدة ؟
ـ ...........
( ئ )

ـ أمّي ؟
ـ ماذا أيضا ؟
ـ متى يأتي أبي ؟
ـ حين تنتهي الحرب .
ـ ومتى تنتهي الحرب ؟
ـ لا أحد يعرف .
ـ هل الفقراء فقط هم الذين يدافعون عن الوطن ؟
ـ غالبا .
( ل )

ـ أمّي ؟
ـ ماذا هذه المرّة ؟
ـ لماذا يضعون الأموات في حفرة ؟
ـ إكراما لهم .
ـ وما الكرامة في وضع الناس في حفرة وإغراقهم بالتراب ؟
ـ الأموات يذهبون إلى السماء .
ـ كيف يذهبون إلى السماء عن طريق حفرة في الأرض ؟
ـ ...............
ـ هل سأموت أيضا ؟
ـ ..............
ـ لماذا نولد إذا كنّا سنموت ؟
ـ ...............
ـ أين الله ؟
ـ .................
ـ لماذا الحرب ؟
ـ ............
ـ ما هو الوطن ؟
ـ .............
ـ طيب سأسأل أبي حين يعود .
( ة )

.. المطر يصفع زجاج النافذة .. القطّة الصفراء تتكوّر قرب الكانون .. الأمّ تغرق نفسها في تفاصيل الجورب .. الطفل يغفو فوق النّطع متوسدا ذراعه .. يتحدث أثناء نومه : ( متى تنتهي الحرب ؟ لا أريد أن يذهب أبي إلى السماء ) .. ينعكس على وجهه ضوء الفنار الخافت .. في رأسه الصغير الكثير من الأسئلة العالقة .. وفي يده كعكة مقضومة .
( أحمد يوسف عقيلة / ليبيا )

* الكانون في اللهجة الليبية .. موقد النار .
* الفنار .. مصــــــباح الكيروسين .

ماجد جابر 08-21-2011 11:46 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عبدالرازق عمران (المشاركة 82893)
( أثناء المطر )

لأن .. الطفل سؤال .. لا يكفّ عن السؤال .
( فرج أبو شينة )

( أ )
.. البرق يشطر الليل .. الرّعد يقصّ الكهرباء .. المطر يصفع زجاج النافذة .. القطة الصفراء تتكوّر قرب الكانون .. تتثاءب أحيانا .
الأم تطرّز جوربا .. تمدّ ساقيها .. رؤوس أصابع قدميها تكاد تلامس حافّة الكانون .
الطفل ينبطح على بطنه فوق النّطع .. مسندا وجهه براحتيه .. يثني رجليه إلى الأعلى .. يؤرجحهما إلى اليمين وإلى اليسار .. يتأمل لهب الفنار .. يقضم الكعك ويطرح الأسئلة :
ـ أمّي ؟
ـ نعم .
ـ متى يتوقف المطر ؟
ـ حين تذوب الغيمة .
ـ ومتى تذوب الغيمة ؟
ـ ربما بعد ساعة .. هذا يتوقف على حجم الغيمة .
ـ من أين يأتي الغيم ؟
ـ من البحر .
ـ لا أصدّق ذلك .
ـ الشمس تسخّن البحر .. فيتصاعد البخار .. ثم يبرد .. تسوقه الريح .. وحين تعجز عن دفعه يسقط .
لماذا هذه الدورة الطويلة ؟
ـ هكذا شاء الله .
ـ لماذا لا يمطر الله بلا غيم ؟
ـ .......
( س )

ـ أمّي ؟
ـ نعم .
ـ لماذا بيت جيراننا بخمس غرف .. بينما بيتنا بغرفة واحدة ؟
ـ هذه هي الدنيا .. هناك أغنياء وهناك فقراء .
ـ لماذا ؟
ـ هكذا اقتضت حكمة الله .
ـ وما الحكمة في أن يكون بيتنا بغرفة واحدة ؟
ـ ...........
( ئ )

ـ أمّي ؟
ـ ماذا أيضا ؟
ـ متى يأتي أبي ؟
ـ حين تنتهي الحرب .
ـ ومتى تنتهي الحرب ؟
ـ لا أحد يعرف .
ـ هل الفقراء فقط هم الذين يدافعون عن الوطن ؟
ـ غالبا .
( ل )

ـ أمّي ؟
ـ ماذا هذه المرّة ؟
ـ لماذا يضعون الأموات في حفرة ؟
ـ إكراما لهم .
ـ وما الكرامة في وضع الناس في حفرة وإغراقهم بالتراب ؟
ـ الأموات يذهبون إلى السماء .
ـ كيف يذهبون إلى السماء عن طريق حفرة في الأرض ؟
ـ ...............
ـ هل سأموت أيضا ؟
ـ ..............
ـ لماذا نولد إذا كنّا سنموت ؟
ـ ...............
ـ أين الله ؟
ـ .................
ـ لماذا الحرب ؟
ـ ............
ـ ما هو الوطن ؟
ـ .............
ـ طيب سأسأل أبي حين يعود .
( ة )

.. المطر يصفع زجاج النافذة .. القطّة الصفراء تتكوّر قرب الكانون .. الأمّ تغرق نفسها في تفاصيل الجورب .. الطفل يغفو فوق النّطع متوسدا ذراعه .. يتحدث أثناء نومه : ( متى تنتهي الحرب ؟ لا أريد أن يذهب أبي إلى السماء ) .. ينعكس على وجهه ضوء الفنار الخافت .. في رأسه الصغير الكثير من الأسئلة العالقة .. وفي يده كعكة مقضومة .
( أحمد يوسف عقيلة / ليبيا )

* الكانون في اللهجة الليبية .. موقد النار .
* الفنار .. مصــــــباح الكيروسين .

تحيّاتي
تحيّاتي
أشكرك أستاذنا الواعي محمد عبد الرزاق عمران على ما تقدمه من أدب جديد رائع ، ننتظر دائما عبير حرفك العبق ، واشراقاته الندية ومشاركاتك العذبة في منابر علوم اللغة .
بوركت ، وبورك اليراع.


محمد عبدالرازق عمران 08-22-2011 03:53 PM

* ماجد جابر .. أيها الجميل .. سعدت بحضورك المؤثر دائما .. شكرا لك .. مودتي .


الساعة الآن 06:51 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team