منتديات منابر ثقافية - تركيا ليست الدولة العثمانية

تركيا ليست الدولة العثمانية
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

تعتبر الدولة العثمانية امتداد طبيعي للخلافة الراشدة و الاموية و العباسية ، و كان الأتراك جزء صغيرا من مكوّنها السكاني ربما لا يزيد عن العشر ، حيث كان العثمانيون خليطاً من الترك والعرب و البربر والكرد والألبان والارناؤوط والبوشناق والبلغار والسودان والصومال وشعوب اخرى كثيرة ، كان يجمعها الاسلام و الخلافة ، و جميعها كان مساهماً في تزويد الجيوش العثمانية بالرجال ، والخزينة العثمانية بالاموال .

وكان أهم من تولوا منصب الصدر الأعظم في الدولة العثمانية : سوكلو محمد باشا من صربيا، مسيح باشا اليوناني البيزنطي، سنان باشا من البانيا، إبراهيم حقي من سوريا، عثمان أوغلو مؤسس ولاية الحبشة العثمانية من مصر، هل هؤلاء كانوا أتراك؟ يمكننا إن نقول عثمانيين ولكنهم ليسوا أتراك.

أما الدولة التركية الحديثة ، اي الجمهورية التركية العلمانية التي أسسها مصطفى كمال اتاتورك سنة 1924 ، فهي تختلف جذريا عن الدولة العثمانية ، فهي مشروع سياسي جديد يخالف في اسسه الدولة العثمانية ، من حيث اتخاذه بعدا قوميا تركيا خالصا بدل البعد الديني الاسلامي متعدد القوميات والشعوب والإثنيات الذي كانت تقوم عليه الخلافة، ومن حيث اعتماده القانون المدني الاوربي بينما كانت الخلافة العثمانية تعتمد الشريعة الاسلامية مصدرا لقوانينها .

ويؤكد المؤرخون ايضا على ان اللغة العثمانية كانت لغة مختلفة عن اللغة التركية الحالية، فقد كانت اللغة العثمانية مزيجا من اللغات الثلاث (العربية والتركية والفارسية) وكانت تكتب بالحرف العربي ، بينما اعتمدت اللغة التركية الحالية على الحرف اللاتيني واستعاضت عن الكلمات العربية غالبا بكلمات فرنسية.

وعلى عكس الدولة العثمانية التي كانت درع للامة الاسلامية ، فان الدولة التركية اليوم هي عضو في الحلف الصليبي الناتو منذ عام 1952 م ، وبدلا من الفتوحات الإسلامية أصبح الجيش التركي يساهم في الفتوحات الإمريكية ، و تشارك تركيا في مهام الحلف بمختلف بقاع العالم منذ 70 عاما ، كما تعد واحدة من أكثر الدول الأعضاء مساهمة في ميزانية الحلف إذ تعد ثامن أكثر عضو يساهم في ميزانيته و صاحبة ثاني أكبر جيش فيه بعد الولايات المتحدة.

وفي تركيا اليوم قاعده إنجرليك العسكرية الامريكية التي شاركت في غزو العراق و أحداث سوريا ، كما رفضت تركيا استقلال الجزائر ودعمت المحتل الفرنسي ، و لم يعبأ رئيس وزراء تركيا بتهم الخيانة التي نعته بها الشعب التركي المسلم ، وأكمل دعمه المطلق لفرنسا في قمعها الدامي للثورة الجزائرية الى سنة 1962 ، حتى ان رئيس الوزراء الفرنسي شكر تركيا علانية على موقفها المناصر للطرف الفرنسي في مسألة الجزائر.

كما كانت تركيا من أول الدول التي اعترفت بإسرائيل في مارس 1949 ، اي بعد أقل من عام على تأسيسها ووقعت تركيا وإسرائيل اتفاقية للتدريب في المجال الأمني عام 1994، وأخرى للتدريب في المجال العسكري عام 1996 ،
كما وقعت اتفاقيات للتعاون في مجال الصناعات الدفاعية، وأخرى للتجارة الحرة.

وفي عام 1998 أجرت قوات من البحرية التركية والإسرائيلية والأميركية مناورات مشتركة في البحر المتوسط. .. وتشتري جمهورية تركيا اليوم من إسرائيل العديد من الأسلحة وكذلك تقوم دولة إسرائيل بتحديث مستمر للجيش التركي من دبابات وطائرات حربية.

بقلم د نبيل العوضي
منقول