منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   ايهما الاصل : الخير ام الشر ؟ .. (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=8950)

أحمد الورّاق 05-22-2012 12:20 PM

ايهما الاصل : الخير ام الشر ؟ ..
 
يـُلاحظ ان البعض – وهو يدري او لا يدري – يجعل الشر هو الاصل ، والخير و التهذيب هو الطارئ .. كما فعل فرويد ونيتشه وبقية الماديين .. مع ان كلاهما ظواهر بشرية ، فعلى اي اساس تم التخصيص والتحديد بين الخير والشر ، بأن احدهما الاصل و الاخر هو الفرع ؟

هذا يشابه ان نقول عن قدمي الانسان ، بأن احدهما هي الاصل و الاخرى فرع منها و لا قيمة لها و بدون دليل !! و ليس من دليلٍ الا الرغبة ..

و مع هذا يسمى فرويد عالما ، و نيتشه فيلسوفا مبدعا قال عن شخص له عينان : ان احداهما اصل و الاخرى فرع لا قيمة لها ! فصار عظيما مبجلاً !! فكأن الوضع هكذا ..

عندما يثق الناس ببعضهم البعض ، يبيّن الناس افكارهم لبعض ، و تسقط صور التكلف و يذهب التحفظ والاحتراز والادعاءات والمناورات .. و تزول الشكوك التي تسبب العداوات و تخفّ الانانيات .. فلماذا لا نقول ان الشر و الانانية هي الطارئ و أن الاصل هو الخير ؟ بدليل ان الشر و الانانية يزيدان كلما قلت ثقتنا بالاخرين ؟!

اذن ليس الشر هو الاصل ، بدليل ان الثقة تضعف الشر و الانانية و تؤدي بهما الى التلاشي .. لكن مثل هذا التحليل لا يعجب اي صاحب هوى ، ولا صاحب لذة عاجلة دون الاكتراث بخير او شر ..

و أقصد بالخير والشر هنا : ما بين الناس من علاقات ، و ليس الخير والشر الفلسفيان .. بل ان هذه الفكرة تخدم الاشرار و تقدم لهم غطاءً فلسفيا ليمارسوا ما تتحفظ عنه ضمائرهم احيانا ..

و لو كان الشر هو الاصل ، لكانت النتيجة عكسية ، بحيث كلٌ ينتهك حقوق من احبه و من وثق به لزوال الموانع والكلفة والحذر .. لكن ما يحصل هو العكس .. الا في حالات شاذة لا يقاس عليها .. و ربما تكون بحاجة الى تقديم خيرٍ اكثر حتى تبدأ بالتغير ..

لاحظ اننا نستطيع ان نحوّل الانسان الى الشر بسرعة ، فشخص لطيف عندما يـُعامـَل بسوء و شراسة ، فسيتحول اليها ، على اختلافٍ في المستويات و السرعة .. اسجن شخصا و عذ ّبه بدون سبب و اظلمه ، ففي ظرف اسبوع سيتحول الى وحش شرس او اقل قليلا .. فهل نقول عنه انه عاد الى اصله ؟ بينما هو لم يكن شرسا في يوم من الايام ، حتى ايام طفولته و بهذا الشكل !! ام نقول انه أ ُجبر على الشر ، و هي الانسب و الاقرب ؟

الحرب مثلا : اكثر الناس لا يحبونها ، ولكنهم يـُجبرون على أن يكونوا محاربين و قتلة ، و ربما بعضهم لا يستطيع ان يرى منظر دجاجة تذبح .. ! اذن كيف يكون الشر هو الاصل ؟ ليس الاصل فقط ، بل انه هو الرغبة كما يحاول فرويد ان يثبت ! اي ان الكل يرغب بالشر ، ولكنه يجامل المجتمع !! ..

وهذه دعوى رهيبة ، ومثل هذه الدعاوى المسيئة الى الجنس البشري ، تعبر عن اصحابها اكثر من كونها تعبر عن الجنس البشري .


*****


يحدث أحياناً أن الفضيلة لا تصدر عن معرفة حقيقية للخير لكن المعول على القصد وقبول التذكير، فمن وقع في شر بنية الخير له حق نيته وقد يتحمل خطأ عدم حكمته لأن طلب الحكمة داخل في نية الخير فلا يكفي خير بدون فهم، أي: شعور بدون عقل، ولا يكفي عقل بدون شعور وهو الأسوأ، المشكلة في قولبة الخير والشر في أطر محددة بطريقة عقلية بحتة، هناك من يعتقد أن هذه القوالب هي الخير والشر فقط ونيته حسنة، فيقع فيما ذكرت ،الخير والصواب لا يحدد بشكل كامل ويفرغ منه ، والخطأ والشر لا يحدد، وليس لهما حدود يقفان عندها .


الأدلجة تصنع العكس ، فتحدد الخير والشر بأفعال محددة وأقوال محددة ومعددة أيضاً ، والقوالب تسمح للمندسين وتقمع الخيرين عن انطلاقهم، ويصعب تحديد الخير الحقيقي من المزيف إلا بعلامة واحدة وهي قبول التذكير والمراجعة والقدرة على التغيير نحو الأفضل، من الصعب أن نحكم بخيرية من لا يريد أن يسمع أحد ينبهه على خير فاته أو شر وقع فيه، فالإنسان الخير دائماً باحث ولا يعتقد أنه علمه اكتمل أبداً ، كما في الحديث أن الحكمة ضالة المؤمن.


طبعاً لابد أن يوجد خطوط عامة ومظاهر للخير وللشر لكن يجب ألا نعتبرها هي النهاية وبعد ذلك نفعل ما نشاء ،ولا يستغنى بها عن نية الخير، قال صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات) أي: لـيس نوع العمل كاف، بل نية الخير والتعبد لله + نية العمل نفسه، فالإنسان له مستويين في النية: نية كبرى ، ونيات صغرى داخلة في النية الكبرى.


فاختيار الخير هو خط حياة كامل وليس عبارة عن جزر محددة إذا فعلتها تكون خيراً وتبقى حراً في الباقي؛ لأن نظرية الاختيار تخبرنا أنه لا عبث في الحياة وأن كل لحظة تقدم لنا ثنائيات بين الخير والشر أو الصواب والخطأ وبما أن حياتنا الواعية كلها اختبارات نصفها خير ونصفها شر ، إذاً حياة مختار الخير يجب أن تكون كلها خير وليس فيها مساحات فارغة قد يفعل فيها شراً يستغلها الشيطان فيظهر حينها بمظهر المتناقض فلا يدرى أخير هو أم شرير! لأنها مفرغة من ثنائية الخير والشر، قال تعالى : {إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} .


الأخلاق من الحق والحق يجب أن يتبع وليست الأخلاق أمراً استحبابياً ، فالمسلم ملزم باتباع الحق أياً كان ، هكذا أمره ربه الذي خلق السماوات والأرض بالحق ونهانا عن اتباع أي باطل، والحق يتبع قدر الاستطاعة والإمكان لكن ما لا نستطيعه بالعمل لضعفنا نستطيعه بالنية والرغبة ، ونؤجر على ذلك ، فالله يمتحن نياتنا قبل أعمالنا ، قال تعالى {إلا من أتى الله بقلب سليم} ولم يقل: بعمل مكتمل غير ناقص.

ومن خلال الثنائيات يعرف الإنسان مدى اتصاف حياته بالخير ويعرف الشرور التي لم يستطع أن يتجاوزها، وغالباً تكون محصورة ومحددة ، وقابليتها للتآكل أكثر من قابليتها للسيطرة إذا كان مختاراً للحق.


الخير داخل في الحق والصواب،والشر داخل في الباطل والخطأ، وبين الخير والحق عموم وخصوص، فالعام الحق والخاص الخير، فمساعدة الضعيف خير وحق، خير بسبب الرحمة وحق لأن له حق في مالنا منطقياً وله دور فيه ولو من بعيد ونزيل عداوته ونكسب تعاونه ، وقد نكون في وضعه فنحتاج إليه.. المنطق السليم حق ، العلم المادي الثابت حق، يعني كعلوم الطبيعة والرياضيات والهندسة والجغرافيا ...الخ، إذاً الحق أوسع من الخير (قانون) ، لهذا القرآن عالج موضوع الحق والباطل أكثر من الخير والشر كما هو في المسيحية.


الصواب والخطأ خطان طويلان يشملان كل شيء حتى في عالم المادة ، ومنطقة علاقة الإنسان بالخالق أو المخلوقين والمخلوقات هي منطقة الخير والشر في هذه الخريطة الطويلة، لأن للإنسان نشاط وتأثير هنا بالإيجاب أو السلب، والله خلق السماوات والأرض بالحق ، إذاً كل من يتبع الحق والحقائق بدون انتقاء ولا هوى سوف يكسب الأخلاق والخير من ضمن ما كسب ، قال تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} إذاً الأخلاق والخير شيء واحد ، وحتى تعرف الخير والشر لابد أن تعرف الحق والباطل، وكلما بان الخير من الباطل صار للإنسان حرية اختيار، قال تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً}.


وقال تعالى {إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون} وقال {إن في ذلك لآيات لأولي النهى} وقال {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}، والفصل هو بيان الحق من الباطل، واتباع أحدهما هو الخير أو الشر بعد انفصالهما، الشيطان يريد دمج الخير والشر وإلغاء الفوارق بينهما كما تفعل الأفكار الإلحادية والماسونية أيضاً ، بينما الله يريد أن يفصل بينهما ، وسمى القرآن فرقاناً يفرق بين الخير والشر بعد تداخلهما .


قال تعالى: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين} أمة واحدة يعني أن وضعهم مختلط فلا الخير واضح ولا الشر واضح ، والسيادة للشر دائماً في الوضع الممتزج، وكلما تشوهت الرؤية ودخلت البشرية في الدين أو نُحّي الدين عن بقية أوجه الحياة أو استغل الدين للدنيا كلما عاد بحر الخير والشر إلى الاختلاط مرة أخرى وبقيت هياكل عظمية ترمز للخير أو الشر لا حياة فيها .

العقل والعلم صنوان لا ينفصلان ، فلا علم بلا عقل ، ولا عقل بلا تمييز ، والمنطق السليم مبني على التمييز ، ولا علم لمن لا عقل له ، ولا عقل لمن لا منطق له .

حنان آدم 05-25-2012 09:15 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا لهدف المقال فقد وضح بشدة وبمنطق فائق الإصابة
أقدّم بالغ امتنانى لما قرأته اليوم لك ..


الأستاذ الكريم أحمد الورّاق
وأرجو ان تستمر على كتابة المقالات المشابهة لهذا فنحن في حاجتها بالفعل
خالص شكرى

أحمد الورّاق 05-26-2012 01:02 PM

أشكرك غاية الشكر والحمد لله على عودتك بعد غياب ..

وأثني على حبك للمعرفة والعلم خصوصاً في هذه الأمور الأساسية، فلا قيمة للثقافة إذا لم تركز على المنطلقات وتكثف معالجتها لها حتى يكون البناء والفروع على أسس سليمة ولبنات مدروسة ومنقحة.. وحتى نكوّن ثقافة إسلامية تحمينا من التيارات الفكرية المتضاربة ..

ومن ليس له بيت ثقافي كامل ومؤسس فسوف تضربه العواصف وتجتاحه السيول ..
وما التوفيق إلا من عند الله ..

أكرر شكري .. ودمت بصحة وعافية

مشعل سالم 07-05-2012 01:53 AM

http://www.youtube.com/watch?v=pctKiXxpZac

محمد عبدالرازق عمران 07-06-2012 09:48 PM

[justify]* أستاذ أحمد .. السلام عليك ورحمة من الله وبركاته .. أرى أن الخير والشّر وجهتا نظر لدى الإنسان تتغلب إحداهما على الأخرى لدى بني البشر بحسب ظروف ومعطيات بيئة وتربية وتجربة كل إنسان على حدة .. وهذه النزعة أي الشّر تغلب في مجتمعاتنا المتخلفة نسبياً بسبب الإختلال الشديد في العلاقات الإنسانية والإجتماعية .. ولذا نرى الكثيرون من الطيبين الذين يعتنقون مبدأ الخير والصلاح ينقلبون للضدّ عند خوضهم لأول تجربة مريرة مع الشر فينقلبون على أعقابهم ويتبنون الموقف المعاكس لإعتقادهم بأنهم كانوا مخطئين في موقفهم من الناس والعالم .. قد أكون مخطئاًً .. ولكنني لطالما إعتقدت بأن الشّر هو الأساس في نفسية جلّ البشر حتى دون أن أقرأ لفرويد أو غيره .. إذ أتساءل دائماً .. لماذا ما يزال الشرّ سائداً بالرغم من نزول الديانات الهادية لبني الإنسان ، وما حاجتنا للشرائع والقوانين إن كان الخير هو الأساس في رأيك؟ وما مدى إرتباط القوّة بالشرّ والضعف بالخير لدى معظم الناس ؟ موضوع قيّم .. شكراً لك .. مودتي .[/justify]

زينب الحافظ 07-25-2012 06:08 PM

موضوع رائع .. دام مدادك يالورّاق بوركت ,, الشر عدم والخير وجود

ماجد جابر 07-28-2012 01:29 AM

اختيار عذب ورائع وموفق وبارك الله في جهدك

هوازن البدر 08-04-2012 03:51 PM

أخي أحمد أنا معك تماماً
الإنسان مجبول بالخير
وغير ذلك يكون بسبب تصرفات الناس من حوله ِ ومواقف ترافقه ُ أو كلمات تخلق منه شيطانا ً
الأصل هو الخير


شكرًا لك على هكذا طرح


الهوازن

محمد سالم المصري 08-27-2012 01:58 AM

أشكرك أستاذي الكريم على هذا الطرح المثمر جزاك الله كل الخير

محمد جاد الزغبي 09-17-2012 01:51 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الأستاذ الحبيب أحمد الوراق ..
يبدو أنك جدير باسمك بالفعل يا ورّاق ..
فلك فكر سليم ومسدد ..

كل ما يعنينى فى هذا الموضوع هو حقيقة واحدة ..
طريقة عرضك للموضوع وما تضمنته من فكرة اتمنى أن تأخذ حقها فى إهتمامنا نحن المسلمين مثقفين ومفكرين ..

قولك هنا :
اقتباس:

و مع هذا يسمى فرويد عالما ، و نيتشه فيلسوفا مبدعا قال عن شخص له عينان : ان احداهما اصل و الاخرى فرع لا قيمة لها ! فصار عظيما مبجلاً !! فكأن الوضع هكذا ..


وهذه مصيبتنا الكبري ..
ووالله لقد طالعت العجب العجاب فى فكر وفلسفة الأوربيين فى المجال الدينى فما وجدت إلا الحماقات .. !
ومشكلتنا الرئيسية أننا توراثنا كمثقفين عرب تعظيم فلاسفة الغرب دون أن يطالع أكثرنا فكرة واحدة مما قولون
وان طالعناها فنتهيب أن ننتقدها ..
وهذه مصيبة !

خاصة إذا كانت هذه الافكار تتضارب بشدة مع حقائق إيماننا كمسلمين ..
ونظرتنا للقضايا الفكرية المتعلقة بالعقيدة قد انتهت إلى حلول طرحها القرآن وأكدتها السنة ..
فمالنا نحن وفلسفة الغرب فى هذا المجال الدقيق !
ربما كانت الفلسفة الأوربية تفيد مثلا فى بعض قضايا الحياة ..
ولكن الكارثة أن نتخذها نبراسا فى الفلسفة الإلهية !

اعود لقولى أن ما أعجبنى ويعنينى من موضوعك
هو أنك طرحت فكرة فرويد ونيتشة وأمثالهم الذين خربوا العقل الأوربي كما يقول المفكر المصري عبد الوهاب المسيري
طرحت أفكارهم فى قضية هامة ..
ثم انتقدتها ..
ثم ــ وهذا هو المهم ــ عدت بوجهة نظرك إلى ما قرره القرآن ..
وهكذا يجب أن يكون المفكر المسلم ..

خاصة وأننا بزمان غريب وعجيب
تجد فيه نوعا من المثقفين يشمئز فكريا إذا وجد أمامه من يستشهد عليه بالقرآن والسنة !
بل ويراها نقيصة وعورة فكرية أن أستعين بما قال الله وقال الرسول عليه الصلاة والسلام فى القضايا الفلسفية وكأن الإسلام ليس دين العقل السليم والقلب السليم ..

استمر يا وراق بهذا الإتجاه وليتك تفكر فى فكرة كتاب كامل يحمل هذه الفكرة تعرض فيه للفلسفة الأوربية وأقوالها وتقارنها بحقائق الإيمان عندنا .. فهذا الكتاب لو اخلصت فيه النية سيكون لك جهادا كبيرا فى ميدان بالغ الأهمية
بارك الله فيك

أحمد الورّاق 09-17-2012 10:36 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد جاد الزغبي (المشاركة 127227)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الأستاذ الحبيب أحمد الوراق ..
يبدو أنك جدير باسمك بالفعل يا ورّاق ..
فلك فكر سليم ومسدد ..

كل ما يعنينى فى هذا الموضوع هو حقيقة واحدة ..
طريقة عرضك للموضوع وما تضمنته من فكرة اتمنى أن تأخذ حقها فى إهتمامنا نحن المسلمين مثقفين ومفكرين ..

قولك هنا :


وهذه مصيبتنا الكبري ..
ووالله لقد طالعت العجب العجاب فى فكر وفلسفة الأوربيين فى المجال الدينى فما وجدت إلا الحماقات .. !
ومشكلتنا الرئيسية أننا توراثنا كمثقفين عرب تعظيم فلاسفة الغرب دون أن يطالع أكثرنا فكرة واحدة مما قولون
وان طالعناها فنتهيب أن ننتقدها ..
وهذه مصيبة !

خاصة إذا كانت هذه الافكار تتضارب بشدة مع حقائق إيماننا كمسلمين ..
ونظرتنا للقضايا الفكرية المتعلقة بالعقيدة قد انتهت إلى حلول طرحها القرآن وأكدتها السنة ..
فمالنا نحن وفلسفة الغرب فى هذا المجال الدقيق !
ربما كانت الفلسفة الأوربية تفيد مثلا فى بعض قضايا الحياة ..
ولكن الكارثة أن نتخذها نبراسا فى الفلسفة الإلهية !

اعود لقولى أن ما أعجبنى ويعنينى من موضوعك
هو أنك طرحت فكرة فرويد ونيتشة وأمثالهم الذين خربوا العقل الأوربي كما يقول المفكر المصري عبد الوهاب المسيري
طرحت أفكارهم فى قضية هامة ..
ثم انتقدتها ..
ثم ــ وهذا هو المهم ــ عدت بوجهة نظرك إلى ما قرره القرآن ..
وهكذا يجب أن يكون المفكر المسلم ..

خاصة وأننا بزمان غريب وعجيب
تجد فيه نوعا من المثقفين يشمئز فكريا إذا وجد أمامه من يستشهد عليه بالقرآن والسنة !
بل ويراها نقيصة وعورة فكرية أن أستعين بما قال الله وقال الرسول عليه الصلاة والسلام فى القضايا الفلسفية وكأن الإسلام ليس دين العقل السليم والقلب السليم ..

استمر يا وراق بهذا الإتجاه وليتك تفكر فى فكرة كتاب كامل يحمل هذه الفكرة تعرض فيه للفلسفة الأوربية وأقوالها وتقارنها بحقائق الإيمان عندنا .. فهذا الكتاب لو اخلصت فيه النية سيكون لك جهادا كبيرا فى ميدان بالغ الأهمية
بارك الله فيك



أشكرك غاية الشكر ..
وأعجبني كل ما قلته أستاذي الفاضل ..
وأتمنى أن أستطيع على هذا المقترح، ولا أستغني عن مساعدة من هو مثلك ..

نحن أمام ركام هائل من الأنقاض الفكرية التي لابد من إعادة بنائها كما تقول الحقيقة والقرآن ، وهذا عبء لا يتحمله شخص واحد ؛ لذا أهيب بكل مثقف مسلم ومفكر أن يساهم في بناء الفكر الإسلامي الجديد المبني بلا عقد نقص أو خضوع للثقافة الغربية ودون تعصب أيضاً . العالم بحاجة إلى الفكر الإسلامي كما هو وبلباس عصري ، والله المستعان ..

وشكراً لقلمك الرائع ..

محمد جاد الزغبي 09-17-2012 11:45 PM

بارك الله فيك ..
اقتباس:

نحن أمام ركام هائل من الأنقاض الفكرية التي لابد من إعادة بنائها كما تقول الحقيقة والقرآن ، وهذا عبء لا يتحمله شخص واحد ؛ لذا أهيب بكل مثقف مسلم ومفكر أن يساهم في بناء الفكر الإسلامي الجديد المبني بلا عقد نقص أو خضوع للثقافة الغربية ودون تعصب أيضاً . العالم بحاجة إلى الفكر الإسلامي كما هو وبلباس عصري ، والله المستعان

ما كان فى خلدى بالطبع أن أطلب منك التصدى وحدك .. فالأمر متشعب للغاية
والمجال بالفعل يختلف ويتنوع بتنوع مجالات الحياة ..
يأتى على رأسها الفكر الدينى وهو الذى لن نتعب فى بيان الركام الذى اضافته الفلسفة اليونانية إلى الإسلام , لأن علماء السلف بداية من بن حنبل والشافعى وحتى بن تيمية والعسقلانى لم يتركوا شيئا جاء به الفلاسفة والمعتزلة إلا نقضوه وبينوه
وكل مهمتنا اليوم هى تقديم هذا الفكر الخالص إلى المثقفين بلغة معاصرة وهذا ما فعلته وأفعله فى كتاب ( شرح تلبيس إبليس لابن الجوزى ) الذى أخرجت الجزء الأول منه ويتبقي الجزء الثانى إن شاء الله
ثم يأتى بعد ذلك الفكر السياسي الذى استبعد العلمانيون به الدين من نواحى الحياة وأقاموا الدولة ونظرية الدولة بناء على فكر بشري خالص خالى حتى من المبادئ العامة للدين والفكر الإسلامى ..
ثم الفكر الإجتماعى والعام وغيرها
فكل منا له واجب أن يتناول أى مجال من هؤلاء فيشرح رأى الإسلام فيه من الناحية الشرعية والفكرية ويبين الفكر الآخر من مصادره ويقارن بينهما ..
فاذا توفر لدى عدد كبير من المثقفين هذا الدور , استطعنا أن نستعيد هويتنا الثقافية من جديد إن شاء الله ..

أحمد الورّاق 09-18-2012 03:06 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد جاد الزغبي (المشاركة 127304)
بارك الله فيك ..

ما كان فى خلدى بالطبع أن أطلب منك التصدى وحدك .. فالأمر متشعب للغاية
والمجال بالفعل يختلف ويتنوع بتنوع مجالات الحياة ..
يأتى على رأسها الفكر الدينى وهو الذى لن نتعب فى بيان الركام الذى اضافته الفلسفة اليونانية إلى الإسلام , لأن علماء السلف بداية من بن حنبل والشافعى وحتى بن تيمية والعسقلانى لم يتركوا شيئا جاء به الفلاسفة والمعتزلة إلا نقضوه وبينوه
وكل مهمتنا اليوم هى تقديم هذا الفكر الخالص إلى المثقفين بلغة معاصرة وهذا ما فعلته وأفعله فى كتاب ( شرح تلبيس إبليس لابن الجوزى ) الذى أخرجت الجزء الأول منه ويتبقي الجزء الثانى إن شاء الله
ثم يأتى بعد ذلك الفكر السياسي الذى استبعد العلمانيون به الدين من نواحى الحياة وأقاموا الدولة ونظرية الدولة بناء على فكر بشري خالص خالى حتى من المبادئ العامة للدين والفكر الإسلامى ..
ثم الفكر الإجتماعى والعام وغيرها
فكل منا له واجب أن يتناول أى مجال من هؤلاء فيشرح رأى الإسلام فيه من الناحية الشرعية والفكرية ويبين الفكر الآخر من مصادره ويقارن بينهما ..
فاذا توفر لدى عدد كبير من المثقفين هذا الدور , استطعنا أن نستعيد هويتنا الثقافية من جديد إن شاء الله ..



بارك الله في مجهودك ..
وعلنا أن نرى كتابك إذا ظهر للنور إن شاء الله ..

وأتفق معك في موضوع المجالات على شرط ألا تختلف الرؤى والأرضيات حتى لا يكون المجهود متناقضاً كعادة الفكر العربي والإسلامي .
والحقيقة نحن بحاجة إلى تلك النظرة النقدية الشاملة التي لا تقدس أحداً حتى كتب السلف وآراؤهم ليست فوق مستوى النقد ، وهذه النظرة المحايدة تجعلنا نأتي بجديد .. لا أن نكرر الماضي بدون تنقيح أو نقد .

من رأيي أن توحيد الأرضية والمعيارية أهم من البداية ، لأن الكتاب والمثقفين من زمن بعيد وهم يكتبون ولكن برؤى مختلفة ومتناقضة أحياناً .
الاتصال بالثقافة الغربية سبب صدمة لثقافتنا أنتجت اختلافاً وتناقضاً في الطرحفي التعامل مع تلك الصدمة ، لدرجة أنه لا يمكن تحديد ما هو الطرح المتفق عليه أو المناسب ، إذاً لابد من توحيد الرؤية والأرضية ، أقصد لابد من تفاعل المثقفين مع بعضهم لبلورة تلك الرؤية، ثم يكون على أساسها الانطلاق متفقين في مشربهم مختلفين في ثمارهم، نحن بحاجة حوار المثقفين مع بعضهم ، وكل نقطة سيتفقون عليها تكون درجة في الرقي إن شاء الله ، إذا كان الحق هو رائدهم واستبعدت الأنا من الموضوع .

محمد جاد الزغبي 09-19-2012 12:13 AM

اقتباس:

بارك الله في مجهودك ..
وعلنا أن نرى كتابك إذا ظهر للنور إن شاء الله ..

لقد صدر الجزء الأول من الكتاب منذ فترة طويلة ..
يمكنك تحميله من هنا
http://www.saaid.net/book/search.php...E1%D2%DB%C8%ED

ايوب صابر 09-19-2012 03:18 PM

الأسِتاذ محمد جاد الزغبي

تقول ضمن مداخلاتك حول موضوع أيهما الأصل الخير أم الشر ؟

"ووالله لقد طالعت العجب العجاب فى فكر وفلسفة الأوربيين فى المجال الدينى فما وجدت إلا الحماقات.. !".

وفي مداخله اخرى تقول" يأتى على رأسها الفكر الدينى وهو الذى لن نتعب فىبيان الركام الذى اضافته الفلسفة اليونانية إلى الإسلام , لأن علماء السلف بداية منبن حنبل والشافعى وحتى بن تيمية والعسقلانى لم يتركوا شيئا جاء به الفلاسفةوالمعتزلة إلا نقضوه وبينوه".

تقديري واحترامي لشخصكم الكريم وللأستاذ الوراق على طرحه لقضية مهمة ولكل من مر من هنا.

- حرام عليك جدا. هل أنت جاد فيما تقول؟ هل فعلا ترى بأن التراث الفكري والفلسفي الأوروبي والغربي ما هو إلا حماقات؟! إلا ترى وعلى اقل تقدير أن وجود مثل هذا الفكر يعزز صحة الفكر النقيض؟ أي انه يخدم الإنسانية بسلبيته على اقل تقدير أن كان ( أحمق ) كما تقول؟

- ثم هل جاء هذا الفكر من الفراغ أم انه مجرد لبنة في التراكم المعرفي الإنساني؟

- ألا ترى أن أوروبا وفي لحظة تاريخية تبنت فكر ابن رشد وابن خلدون فاستفاقت من ظلمة العصور الوسطى ونهضت فكانت النهضة الأوروبية؟

- ثم ألا تؤخذ الأمور بنتائجها؟ ألا ترى بأن أوروبا صاحبة الفكر ( الأحمق ) متقدمة حضاريا علينا في كل المجالات بينما نغرق نحن في ظلام أشبه بظلام العصور الوسطى؟

- ألا يقول ذلك لنا شيئا؟

- ثم ما الذي فعله المفكرون الأوروبيون أكثر من الأخذ بالعقل إلى جانب النقل؟ وهل في ديننا الحنيف ما يناقض هذا الطرح؟

- ألا ترى بأن ذلك تحددا كان سببا في الازدهار ثم ما لبثت الأمور أن انقلبت بعد أن تغلب الفكر اللاهوتي على الفكر الوسطي؟

- أليس صحيح أن نقطة قوة ديننا الإسلامي الحنيف هي تحديدا تقديره للعقول واحترامها ثم تبنيه الوسطية؟

- الم يكن هذا هو السبب الذي دفع قادة الفكر الإسلاميين الأوائل الذين اخذوا بالنقل والعقل والوسطية أن أنكبوا على ترجمة الفلسفة اليونانية بعد إهمال الكنيسة لها لحوالي 400 عام؟

- ألا ترى بأن دخول أوروبا في عصر الظلام في القرون الوسطى كان بسبب سيطرة الفكر اللاهوتي الذي رفض العقل؟

- ألا ترى بأن تحرر أوروبا من الفكر اللاهوتي هو الذي أنقذها من عصر الظلام بفضل الفلاسفة المسلمين أمثال ابن رشد والذي تبنت فكره جامعات أوروبا كما تشير الوقائع التاريخية؟

- ألا ترى بأنه حدث تبدل في الأدوار فبينما عادت أوروبا إلى رشدها وتبنت الفكر الوسطى وتخلصت من سيطرة الكنيسة والفكر اللاهوتي خرجت من ظلام العصور الوسطى بينما غرقنا نحن في ظلام أشبه بظلام العصور الوسطى بعد ان تخلينا عن الفكر الوسطي واهملنا العقول ونحن أولى بهما؟

- هل تكون العصمة إلا لنبي؟ هل ترى بأن العلماء الذين رفضوا الفلسفة معصومين؟

- لماذا لا نعود إلى الأصول فعلا ولا نأخذ بما يقوله العلماء على انه مطلق الصح ولا يحتمل أدنى حد من الخطأ؟

- ألا يجوز انه قد جانبهم الصواب في هذه الجزئية ربما زيادة في الحرص على الدين؟

- ويظل السؤال هل فعلا أن كل التراث الفكري والفلسفي الغربي الذي اخذ في مجمله عن العلماء المسلمين الذين عملوا كجسر ربط بين العصور القديمة والحديثة هو مجرد حماقات؟

محمد جاد الزغبي 09-19-2012 10:56 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أهلا بك مجددا أخى الكريم أيوب صابر ..
ولك من التقدير والإحترام بمثله أخى الفاضل ..

تقول :
اقتباس:

حرام عليك جدا. هل أنت جاد فيما تقول؟ هل فعلا ترى بأن التراث الفكري والفلسفي الأوروبي والغربي ما هو إلا حماقات؟!

وذلك فى معرض تعقيبك على كلامى , بأن الفكر الفلسفي الأوربي فى مجال الدين والإلهيات ما هو إلا حماقات ..
وبدورى دعنى أرد نفس السؤال عليك ..
هل بالله عليك أنت جاد فيما تقول , وجاد فعلا فى إنكارك هذا الوصف على الفكر الأوربي فى مجال الإلهيات ؟!
ولاحظ أن كلامى كله كان على الفكر الأوربي فى مجال الدين والعقيدة وحدهما , وهذا لا يحدث خلط منك بين فكرهم الدينى وفكرهم الفلسفي العام فى قضايا الحياة ..
أى أن نص كلامى كله كان محصورا فى فكرهم الدينى يا صديقي الفاضل ,
فهل لا زلت ترى رأيك أن فكرهم فكر غنى فى هذا المجال ؟!
الواقع أننى سآخذ بحسن الظن وأعتبر أنك لا تدرك الأبعاد الحقيقية للفكر الدينى الأوربي منذ عصر سقراط وأفلاطون وحتى عصر نيتشة ..
ذلك أننى لو اعتبرت أنك تعرف مقالات هذا الفكر وتؤمن بها أو على الأقل تزكيها وتراها فكرا يستحق المطالعة , لو اعتبرت ذلك لكانت كارثة حقيقية فى الواقع !
فالواقع أننى قصّرت جدا فى الوصف الحقيقي للفكر الإلهى الأوربي , والذى هو إلحاد صريح يا أخا الإسلام ؟!
فهل تراك طالعت مقالاتهم وأفكارهم حقا قبل أن تدافع عنها ؟!

إن كنت تدافع عنهم وأنت لا تعى حقيقة فكرهم بناء على السمعة التى يتمتعون بها وفقط ــ وهذا حال كثير من مثقفينا ــ فلا بأس فى ذلك من الممكن أن تعود فتطالع بعض مقالاتهم فى هذا المجال وتخبرنا بعدها ما هو رأيك فى هذا الكلام , وهل تراه فكرا يبنى أم فكرا يهدم ؟!
وإن كنت ــ حاشا لله ــ وعيت فكرهم وطالعته ومع ذلك تتبناه أو حتى لو لم تكن تتبناه , تدافع عنه باعتباره فكرا يستحق الإلتفات , فهنا يختلف الأمر .. وعذرا .. وساعتها يكون لنا كلام آخر ..
اقتباس:

إلا ترى وعلى اقل تقدير أن وجود مثل هذا الفكر يعزز صحة الفكر النقيض؟ أي انه يخدم الإنسانية بسلبيته على اقل تقدير أن كان ( أحمق ) كما تقول؟

ماذا ؟!!
وجود هذا الفكر الملحد تراه يخدم الإنسانية بمنطقه النقيض ؟!
لو كان كلامك هذا صحيحا لكان علينا أن ننشر ونسمح بانتشار كل فكر مهما كانت درجة خطورته وشبهاته , ونسمح بتداولها تحت ذريعة تعزيز الفكر النقيض !
وذا ما ينادى به العلمانيون ,
والواقع أن الرد الأول عليهم أنهم هم أنفسهم وسائر الدول الأوربية أول من يرفض هذا المبدأ , ويتصدون لكل فكر مخالف بكل ألوان المنع , وأوله التصدى للفكر المناقض لأفكار السامية , بل إنهم صنعوا تهمة مخصوصة لذلك ألا وهى ( معاداة السامية ) يرهبون بها كل من تسول له نفسه أن يخالف الفكر الصهيونى ؟!
بالمثل يمنعون تماما الفكر الجهادى المتطرف , ورغم أنه فكر إلا أنهم يتصدون له بالمنع ولا يكتفون بمحاربته فكريا فقط , بل يجيشون الجيوش لمحاربة مقتنعيه ومفكريه , وهذا إن كان جائزا فيمن يستخدم السلاح ضدهم إلا أنه غير مقبول منطقيا ــ وفق نظريتك ــ إزاء رجال هذا الفكر فترى الأوربيون والأمريكيون لجئوا لكافة وسائل المنع والإعتقال والتعذيب ومطاردة الكتب والأفكار التى تحض أو تبين الفكر الجهادى ..
وهم لهم كل الحق فى محاربة ما يرونه خطرا فكريا على أمتهم ..
ولكن بالمقابل يكون من حقنا نحن أيضا أن نحارب مواريثهم الفكرية ولا نسمح بها لخطورتها الجسيمة على العقيدة الإسلامية الصحيحة ..
فأنت تريد من المسلمين أن يسمحوا لشراذم الأفكار الطاعنة فى حقائق القرآن والسنة أن تتسلسل لمجتمعاتنا وتفسدها تحت زعم محاربة الفكر بالفكر , بينما الفكر الأوربي الغربي نفسه لا يسمح بالعكس ..

بل حتى المعتزلة الذين نادوا بالعقل وبالفكر لم يحتملوا مناقشة الفكر بالفكر فى مواجهة علماء السنة , ولما عجزوا عن مناظرة أحمد بن حنبل وأحمد بن نصر الخزاعى , سلطوا عليهم السلاطين فتم قتل أحمد بن نصر الخزاعى وتم سجن وتعذيب أحمد بن حنبل وجلده حتى تفتق لحمه , وبوشاية وسبب من تسميهم أنت رجال الفكر والعقل , وتدعوا إلى أن نسمح بفكرهم أن يتسلسل إلى الناس بينما هم لم يجدوا إلا القمع وسيلة لحمل الناس على أفكارهم

هذا من ناحية المنطق ..
ومن ناحية العقيدة ,
فالإسلام أيها الأخ الفاضل لا يقر ذلك , وهو ما قرره القرآن وقررته السنة وأجمع عليه علماء المسلمين قاطبة أن أى كلام فى العقيدة أو الإجتهاد فى علوم الغيب ومحاولة فهمها بالعقل وجعل العقل مصدرا من مصادرها هو أمر محرم إجماعا ,
فالإسلام عندنا عقيدة وشريعة وفروع ..
والفروع هى المجال لذى أطلق فيه الإسلام حرية الإجتهاد وحرية العقل إلى جانب الإلتزام بالنصوص
أما العقيدة فلا تثبت إلا بالنصوص القطعية وليس فيها إجتهاد لأنها غيب مطلق , والكلام فيها يفضي إلى الهلكة , وفق نص النبي عليه الصلاة والسلام ( تفكروا فى خلق الله , ولا تفكروا فى ذات الله فتهلكوا )
وهنا يقرر الإسلام أعظم قاعدة فكرية حيث يسمح بالحرية المطلقة فى التفكر في خلق الله , فى السماوات والأرض وفى أنفسنا , لكنه يمنع تماما التفكر فى ذات الله وكنهه وحقيقة الغيب والروح , لأن تلك الأمور مفضية إلى الإلحاد إن حاول العقل البشري أن يفهمها ,
والفلاسفة الأوربيون ومن تابعهم على ذلك من المسلمين تركوا كل شيئ وأمسكوا فى الفكر الإلهى , وخرجت منهم الأقوال الشنيعة ووصف الله بصفات غير مقبولة والإلحاد فى أسمائه وصفاته والعياذ بالله , فضلا على إنكار معجزات الأنبياء لأنها لا تتفق مع العقل وإنكار البعث والصراط وعذاب القبر والجنة والنار ..
وتابعهم على ذلك مناصروهم ممن نشروا أفكارهم فى بلاد المسلمين , فهل هذا هو الفكر الذى تدعونا لنشره ؟!
اقتباس:

ثم ألا تؤخذ الأمور بنتائجها؟ ألا ترى بأن أوروبا صاحبة الفكر ( الأحمق ) متقدمة حضاريا علينا في كل المجالات بينما نغرق نحن في ظلام أشبه بظلام العصور الوسطى؟
هذا هو الخلط بعينه ..
وهو كلام له نتائج خطيرة لو أننا تأملنا فيه , فهل ترى مثلا أن النهضة المادية الأوربية راجعة إلى تبنيهم بهذه الأفكار ؟!
هذه مصيبة جامعة والله ..
وقمة الخلط أن تخلط بين النهضة الحضارية وبين النهضة المادية ,
فالتقدم المادى شيئ والتقدم الفكرى شيئ آخر
التقدم المادى يعتمد على العلم الكسبي وحده , فأى مجتمع من المجتمعات ولو لم يكن له ماض فكرى بمقدار ذرة واحدة , يستطيع أن يصبح الدولة الأكثر تقدما علميا فى العالم , دون حاجة إلى الفكر الدينى من الأساس
وعندك مثال اليابان , والصين , يعبدون بوذا والأصنام والبقر ومع ذلك هم على قمة التقدم العلمى !
فهل ترى عبادة الأصنام والبقر هى التى وقفت خلف تقدمهم أم أنهم أمم أخذت بأسباب التقدم فنالته ..
فلماذا هذا الخلط المغرض والمؤسف الذى تحاول أن تبين فيه أن تقدم أوربا إنما جاء لفكرهم الإلحادى , وتخلفنا نحن المسلمين إنما جاء لنبذ هذه الأفكار ؟!
سبحان الله ..
فما رأيك فى الحضارة الإسلامية إذا التى شع نورها على العالم وكانت متمسكة بالقرآن والسنة وحدهما ورافضة رفضا تاما لفكر الإلهيات وكانت تحاربه وتصف أصحابه بالمبتدعة ..
لماذا تقدمت علميا مع رفضها لهذه الأفكار

الواقع أننى أربأ بك ألا تكون مدركا للفارق بين الفكر والعلوم الكسبية ..
والأمم التى تتقدم علميا ليس بالضرورة أبدا أن تكون متقدمة فكريا , فهذا مجالان مختلفان , وقد يبلغ الإنسان قمة العلم ومع ذلك يساوى فى الفكر صفرا كبيرا ..
كمثال لو أن عالم فيزياء مثلا أو عالم طب أصبح أشهر أطباء عصره , هل لزم هذا منه أن يكون مفكرا , وهو الذى ربما لا يكون قد قرأ كتابا واحدا خارج مجال عمله وعلمه ..

ونحن هنا لا نناقش التقدم العلمى أخى الفاضل وإنما نناقش الفكر , أما فى التقدم العلمى فنحن متخلفون لأننا لم نأخذ بأسباب التقدم
وهذا القول بأن أوربا تقدمت علميا بفكرها ونحن تخلفنا لتمسكنا بفكرنا ما هى إلا دعوى مغرضة رددها العلمانيون ليزيدوا تغريبنا عن حضارتنا ,
ونحن لو أخذنا بأسباب التقدم العلمى لتفوقنا على الغرب حتى لو لم نأخذ بأى فكرة من أفكاره , لكننا سنكون ساعتها مضمحلين فكريا لو أننا أهملنا تراثنا وثوابتنا العقائدية ..
فليتك تلتزم بنقطة البحث والنقاش فهذا سمت المفكرين ..
اقتباس:

- ثم ما الذي فعله المفكرون الأوروبيون أكثر من الأخذ بالعقل إلى جانب النقل؟ وهل في ديننا الحنيف ما يناقض هذا الطرح؟

لست أدرى من أين جئت بهذا الكلام حقيقة !
متى أخذت أوربا بالنقل إلى جوار العقل أيها الأخ الفاضل , أوربا تأخذ بالعقل وحده فى مجال العقائد ولهذا قالوا بعدم وجود إله أصلا فى بعض أقوالهم والبعض الآخر أثبت وجود الإله وأنكر وجود الأنبياء !
وليس فيهم فيلسوف واحد قال باعتقاد النقل الذى هو النصوص الإلهية ..
ولو عندك من أيام سقراط إلى أيام نيتشة من قال بعكس ذلك فأخبرنا ..
بالإضافة للنقطة الأخطر ..
أن أوربا ليس عندها نقل صحيح أصلا حتى يمكنهم أخذ العقل إلى جانب النقل لأن كافة الكتب السماوية فى اليهودية والنصرانية تم تحريفها .. ولهذا آمنوا بالعقل المجرد ..

أما سؤالك إن كان ديننا الحنيف يناقض الأخذ بالنقل إلى جوار العقل , فكلا بالطبع ..
بل دعانا ديننا الحنيف لإعمال العقل وامتلأت آيات القرآن الكريم بالحض على التفكر ( أفلا يتدبرون ) .. ( أفلا يعقلون ) .. ( أفلا يتفكرون )
وعلماء السنة جميعا كتبوا مصنفات كاملة فى فضائل التفكر وفى أن العقل الصريح لا يناقض النقل الصحيح ومنهم بن تيمية فى كتابه العظيم ( درء تعارض العقل والنقل ) والذى رد به على الفلاسفة , وكذلك بن الجوزى فى كتابه ( تلبيس إبليس ) وأيضا الغزالى فى كتاب ( تهافت الفلاسفة )
ولكن الخلط هنا أنك لم تبين أن الدين منع استخدام العقل فى العقيدة , وفى التفكر فى كنه الله , بينما أطلق رحاب العقل فيما دون ذلك ..
أما الأوربيون فقد تركوا كل هذا وتكلموا فقط فى مجال الإلهيات ..
فهل أدركت الفارق ؟!
وهل علمت لماذا نعارض الفكر الإلهى الأوربي وفكر المعتزلة الموافق لهم ؟!

اقتباس:

- ألا ترى بأن ذلك تحددا كان سببا في الازدهار ثم ما لبثت الأمور أن انقلبت بعد أن تغلب الفكر اللاهوتي على الفكر الوسطي؟

فكر لاهوتى !
هل يوجد فى الإسلام أصلا فكر لاهوتى .. ليتك تشرح لنا

اقتباس:

- أليس صحيح أن نقطة قوة ديننا الإسلامي الحنيف هي تحديدا تقديره للعقول واحترامها ثم تبنيه الوسطية؟

هذه كلمة حق يُراد بها باطل ..
فالفكر الوسطى ليس معناه أن أسمح بالعقل فى مجال الإلهيات بكل ما فيها من تضليل , وإلا لسمح النبي عليه الصلاة والسلام للمشركين والملحدين بأن ينشروا أفكارهم باعتبارها فكرا يواجه آخر

اقتباس:

- الم يكن هذا هو السبب الذي دفع قادة الفكر الإسلاميين الأوائل الذين اخذوا بالنقل والعقل والوسطية أن أنكبوا على ترجمة الفلسفة اليونانية بعد إهمال الكنيسة لها لحوالي 400 عام؟

وهل رأت الأمة الإسلامية مصيبة أعظم من ترجمة هذه الكتب ونقلها إلى الإسلام ..
من تسميهم قادة الفكر هؤلاء كان أولهم المعتزلة لو أنك تعلم أخى الفاضل .. المعتزلة الذين قالوا بنفي صفات الله تعالى وإنكار معجزات النبي عليه الصلاة والسلام ورفض السنة النبوية الصحيحة والقول بأن القرآن مخلوق وإنكار الصراط وعذاب القبر ..
ها ما رأيك هل هذا هو ما تسميه الفكر الوسطى ؟
ليتك تجيبنا على هذا صراحة ..

اقتباس:

- هل تكون العصمة إلا لنبي؟ هل ترى بأن العلماء الذين رفضوا الفلسفة معصومين؟

ما هذه المغالطة أيها الأخ الفاضل ..
ألا تعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام هو من نهى عن الكلام فى العقائد وهو أحد جواهر الفلسفة ..
ثم ألا تعلم أن العلماء فى كافة الأجيال قد أجمعوا على رفض الفلسفة واتهموا القائلين بها بالزندقة والبدعة , ألا تعلم أن إجماع الأمة حجة استنادا إلى قول النبي عليه الصلاة والسلام ( لا تجتمع أمتى على ضلالة ) , ولو أنك طالعت أقوال علماء السنة وعلماء المذاهب كما طالعت كتب الفلسفة لعلمت لماذا حرموا وعلى أى أدلة استندوا ..

اقتباس:

- لماذا لا نعود إلى الأصول فعلا ولا نأخذ بما يقوله العلماء على انه مطلق الصح ولا يحتمل أدنى حد من الخطأ؟

تتكلم كما لو أن العلماء جاءوا بالفتاوى من بيوتهم ! أو أنهم جاءوا بأقوال خالية من أدلة الكتاب والسنة !
أقوال العلماء أخى الكريم لا تساوي شيئا بغير أدلة القرآن والسنة وهذا جوهر علم أصول الفقه , والذى تقول فيه القاعدة
( أقوال العلماء يستدل لها ولا يستدل بها )
والأصول التى تحدثنا عنها هى القرآن والسنة .. أليس كذلك ..
فهل غاب عنك نهى القرآن والسنة عن الإلحاد فى أسماء الله وصفاته , وعن الحديث فى مطلق العقيدة ؟! وقد سبق بيان النصوص فى ذلك

اقتباس:

- ويظل السؤال هل فعلا أن كل التراث الفكري والفلسفي الغربي الذي اخذ في مجمله عن العلماء المسلمين الذين عملوا كجسر ربط بين العصور القديمة والحديثة هو مجرد حماقات


سأعطيك مثالا للحماقات وأطلب منك أن تصف هذه الأقوال بما تراه , لأنك تتكلم بالعموم ولم تدخل فى التفاصيل ولو أنك بينت لنا بعض أقوالهم لحكم القراء هنا وحكمت أنت على طبيعة هذه الأقوال ..
ولاحظ مرة أخرى ــ منعا لأى خلط ــ أننى حصرت كلامى على فلسفة الإلهيات .. فإليك أقوال الفلاسفة فى حقيقة وجود العالم , والتى طالعها علماؤنا الأجلاء فنقلوها من كتبهم وردوا عليها ..
ولكن قبلها سأذكرك بقول فرويد فى تفسير الخير والشر والذى نقلته لنا فى موضوعك هذا بل وأثنيت عليه وتساءلت هل هى وجهة نظر صحيحة أم لا ..
فرويد الذى يقول أن الجنس ! هو أصل الصراع فى هذا العالم بين الخير والشر !
فيالهول ما انحط به فرويد بالإنسانية كلها أن جعل حقيقة الصراع مبنية على شهوة جسدية واستبعد من الصراع العقل والنفس والشيطان
فما هو وصفك لكلامه يا ترى ؟!

وتعال معى لبعض أقوال الفلاسفة فى وجود العالم :
يقول الدهرية .. أنه لا يوجد هناك خالق ولا صانع , وأن هذه الأشياء جاءت بلا مكون , لعدم إمكانية استدلال العقل على وجوده بالحس المباشر ..
ويقول الثنوية .. هناك صانع , وصانع العالم اثنان فاعل الخير نور , وفاعل الشر ظلمة وهما قديمان بلا نهاية ومختلفان فى النفس والصورة
ويري أرسطاليس .. أن الأرض كوكب فى جوف هذا الفلك , وأن فى كل كوكب عوالم فى هذه الأرض وأنهار وأشجار لكن بلا صانع
ويري سقراط ( وهو زعيم الفلاسفة الأوربيون ) .. أن أصول الأشياء ثلاثة , علة وفاعلة , والعنصر , والله تعالى هو الفعال والعنصر هو الموضوع للكون والفساد والصورة جوهر الجسم
وبالعموم انقسمت الفلاسفة على ثلاث فرق ,
فرقة قالت بأن الله لما أكمل العالم استحسنه , فخشي أن يزيد وينقص منه فيفسد فأهلك نفسه وخلا منه العالم ! ( علامة التعجب من عندى )
والفرقة الثانية قالت بل ظهر فى ذات الباري تولول فلم يزل تنجذب قوته ونوره حتى صارت القوة والنور فى ذلك التولول
وقالت الفرقة الثالثة : بل الباري لما أتقن العالم تفرقت أجزاؤه ! ( أيضا علامة التعجب من عندى ) فكل قوة في العالم فهى من جوهر اللاهوتية

هذه بعض أقوال الفلاسفة فى الإلهيات , فما رأيك أنت فيها , وبماذا تصفها يا ترى ؟!
هذه هى أقوالهم وفكرهم اللاهوتى الذى تدعونا لقراءته والسماح به , والنظر إلى كتب الفقهاء الذين ردوا عليهم على أنهم فقهاء متشددون يخالفون الفكر الوسطى !
هذه هى الأفكار الذى ترى فيها أن أوربا نهضت حضارتها لما سمحت بها ..

والله المستعان

هند طاهر 09-20-2012 12:51 PM

خِلق الانسان هلوعا

اذا مسه الشر جزوعا , واذا مسه الخير منوعا

وفي موضع أخر من الكتاب العزيز+ وهديناه النجدين

الخير والشر

فالشر من انفسنا او من الشيطان , والخير من الله

تحيتي

[/tabletext]
أمل الحربي 09-22-2012 11:34 PM

[tabletext="width:70%;"]
هذا السؤال مُنهك
أفكر به دوماً عندما أرى الكراهية والقطيعة وقلة الاحترام
والظلم والقهر ...الخ من مظاهر الشر
تغمر حياتنا فتبكي عيناي لما كل هّذا!!
هل حقاً جُبلنا على الشر ..
ام ان الشر دخيل وجد له بيت وأبى الرحيل..

..
مقال أنعش في عقلي كل تلك الاسئلة التي أعيتني فقررت تجاهلها لأعيش برضى وقتي وأن كان
..
من اروع ماقرأت اليوم وسأعود لقرائته مرة أخرى
فعندما أقرأ دون تسجيل الدخول لمنابر لا أشعر بروعة الموضوع الا عند تسجيل الدخول
..
شكراًُ ..ِشكراً بالغ لك من الآن حتى أخر العمر على ماقدمت

فيصل السلمان 09-29-2012 11:37 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد الورّاق (المشاركة 118974)
يـُلاحظ ان البعض – وهو يدري او لا يدري – يجعل الشر هو الاصل ، والخير و التهذيب هو الطارئ .


(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)

لماذا خلق ادم عليه السلام
اذا لم يكن الشر هو الأصل..؟

ايوب صابر 09-29-2012 12:13 PM

نعم الشر هو الاصل..

واحب ان اضيف على مداخلة الاخ فيصل السلمان ان هذا هو السبب الذي يجعلنا نحتاج الى تربية ومجاهدة النفس ومحاربة الشيطان. لاننا مجبولين بالشر وعلى الشر منذ بدء الخليقة إن لم يكن قبلها كما تشير الاية الكريمة.

وواضح ان ان اول فعل واعي وارادي قام به الانسان حتى وهو في الجنة مخالفة التلعيمات الالهيه والاستماع الى نصيحة الشيطان.

الشر فينا وهو الاصل والخير علينا ان نتعلمه، ولو ترك الانسان على سجيته دون تربية لكان اشد شرا من الحيوان الكاسر ومن الشيطان.

يقول الاستاذ الوراق " لاحظ اننا نستطيع ان نحوّل الانسان الى الشر بسرعة ".


سبب قدرتنا على تحويل الاتسان الى الشر بسرعة ذلك لان الشر هو الاصل فهو يعود لاصله والتهذيب هو امر مكتسب ولو غابت التربية والتهذيب لسادة شريعة الغاب لكنها ستكون اعنف لان الانسان مكار ومخادع وذو حيلة ودهاء كونه يمتلك القدرة على التفكير والتخطيط.

محمد جاد الزغبي 09-29-2012 08:13 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيصل السلمان (المشاركة 128170)
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)
لماذا خلق ادم عليه السلام
اذا لم يكن الشر هو الأصل..؟


هذا استدلال خطير وفيه ما فيه أخى الكريم من التسرع غير الواجب !
فأنت هنا لم تجعل الشر فقط هو الأصل بخلاف ما هو معلن فى القرآن الكريم ,
بل تجاوزت هذا إلى جعل آدم نفسه عليه السلام هو أصل هذا الشر !!
وهذا ما لم يقل به أحد من علماء التفسير لا فى القديم ولا فى الحديث فضلا على ما فى هذا القول من الإعتداء على أنبياء الله , ولست أدرى كيف يكون آدم أول المرسلين من الله عز وجل والداعين لعبادته وأنت تعتبره أصل الشر !

وفهمك للآية فهم مغلوط ..
فقول الملائكة ( قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ )
هو قول نسبه الله عز وجل إلى عدم العلم , أى أنه وصفه بالقول غير الصحيح
وأردف الله عز وجل بعده بقوله
( قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ )
وهو ما يعنى أدرى بالخير الذى انتواه عز وجل للأرض عندما استخلف فيها الإنسان ..

وقول الملائكة واستنتاجهم ــ كما يقول علماء التفسير ــ إنما كان مبنيا على تجربة سابقة عندما نزل البن ( وهم نوع من المخلوقات ) إلى الأرض فأفسدوا فيها فبعث الله إليهم جند الجن بقيادة إبليس عندما كان قائد ملائكة السماء الدنيا فقتلهم وأفناهم .. واستوطن الأرض بعدها بجنده
فلما طغى إبليس لعنه الله , أرسل الله إليه وإلى شياطينه جبريل بجند من الملائكة فطردوهم إلى جزائر البحور
( راجع فى ذلك قول الإمام بن كثير وغيره فى تلك القضية )


ولا شك أن الأصل فى الحياة والأرض هو الخير والعاقبة للمتقين منذ قرر الله عز وجل أن يستخلف فيها البشر وهو ما دلت عليه الآيات الكريمة
[كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ] {المجادلة:21}
وفى قوله تعالى :
[وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ] {الأنبياء:105}
وفى قوله تعالى
[تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ العَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ] {هود:49}

والشر هو الأمر الطارئ على الخير فى الدنيا والذى يمثل الخير فيه الأصل ..
فالخير الذى مثله آدم عليه السلام كان بنزوله على الأرض أولا وقرار استخلافه فيها ليعمرها ويعبد الله
وما كان نزول إبليس إلا لاحقا وطارئا على نزول آدم ليمثل الشر المحارب للخير والذى أخبرنا الله ورسوله عليه الصلاة والسلام أنه لا شك هو المنتصر فى كل معاركه فى النهاية وأن الأرض يرثها الصالحون ..
وهذا ما ورد صراحة فى القرآن الكريم تحت عنوان ( دفع الناس بعضهم ببعض )
فجعل الأصل هو الصلاح والخير والشر هو ما يدفعه بعض الناس فيزداد الخير به قوة عندما تنشب بينهم الصراعات
وفى ذلك يقول عز وجل
[وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ] {البقرة:251}
والآية صريحة فى أن الخير هو الأصل ولولا ذلك ولولا نصر الله للخير لفسدت الأرض
فكيف نقول أن الشر هو الأصل ؟!!!

والواقع أنى أتساءل أيها الإخوة الكرام , لماذا نتكلم فى القرآن وهو كتاب الله برأينا , ودون علم ودون استناد إلى ما قرره النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته وعلماء المسلمين
لا شك أن الإجتهاد فى التدبر بمعانى القرآن الكريم هو أوجب الواجب
ولكن هذا ليس معناه التكلم فى القرآن بالرأى الشخصي وبناء نتائج ما أنزل الله بها من سلطان وليس عليها أى دليل أو مستند إلا مجرد الفهم المبتسر والخاطئ للآيات الكريمة
وأدعوكم وأدعو نفسي لتأمل قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه
( أى سماء تظلنى وأى أرض تقلنى إن قلت فى كتاب الله بما لا أعلم )

فقليل من الحرص هدانا وهداكم الله

فيصل أحمد الجعمي 09-30-2012 12:29 AM

الأستاذ القديرمحمدجاد الزغبي
حفظك الله.
كلمانقرأ... نزدادلك ولماتتحفنا به من خلال هذا الفكرالنيرالسائرعلى بصيرة وهدى من الأمر..نزداد والله لك حبافي الله، ولقلمك الرائع محبة..
ياأستاذي
أتساءل لماذاالبعض ينظرإلى الأمرمن زاوية حادث معين ...فيركزعلى جانب ..ويغفل عن آخر...
وكان يجب أن يدرك الحكمة في الكل على الأقل قبل أن يرشح ويعلل
أليست المصلحة تكمن في امتزاج المتناقضين... من بداية الحياة الدنياإلى نهايتها...؟؟
ثم ماالداعي أن نخوض في قضية محسومة بنص قطعي الدلالة والثبوت...؟!!!
جزاك الله خيراوبارك فيك وفي علمك

محمد جاد الزغبي 09-30-2012 05:50 AM

الأخ الحبيب فيصل ..
وفقه الله ..
اقتباس:

الأستاذ القديرمحمدجاد الزغبي
حفظك الله.
كلمانقرأ... نزدادلك ولماتتحفنا به من خلال هذا الفكرالنيرالسائرعلى بصيرة وهدى من الأمر..نزداد والله لك حبافي الله، ولقلمك الرائع محبة..

أحبك الله الذى أحببتنا فيه , وهى محبة والله متبادلة ,
جعلنا الله وإياكم من المتحابين فيه مجتمعين عليه أو متفرقين
هو ولى ذلك ومولاه


اقتباس:

ياأستاذي
أتساءل
ثم ماالداعي أن نخوض في قضية محسومة بنص قطعي الدلالة والثبوت...؟!!!

وأنا والله أتساءل معك
لست أعنى موضوعنا هنا ..
وإنما فى العموم وفى مجال الإعلام , فما هى حاجتنا اليوم لاثارة قضايا هى من الواضحات والمسلمات والثوابت
وما حاجتنا لاثارة قضايا هى للجدل أقرب منها للمناقشة ,
لست أنكر حسن النية الذى يحكم البعض منا فى إثارته لتلك القضايا ومن واجبنا أن نلتمس العذر لبعضنا البعض
إلا أن ما أرجوه حقا ..
أنه إذا اتضحت أبعاد قضية معينة أن نسلم لما قال الله ورسوله عليه السلام وما قاله علماؤنا ..
وليس هذه تبعية لأننا لا نطلب ذلك إلا فى قضايا الثوابت , أما قضايا الخلاف والإجتهاد فتلك بحور النقاش فيها مفتوحة بشرط ألا ننتقض ثابتا من ثوابت الدين ..
ونصيحتى ــ إن كنت أهلا للنصيحة ــ أن نتعرف جميعا ونتعلم هذا الخلق الإسلام القويم الذى كان يجعل مسلمى الأمس إذا ما سمعوا بقال الله وقال الرسول
رفعوا أيديهم تسليما على الفور ..
فهذه والله هى متعة المؤمنين أن يكونوا وقافين على ما وقف عنده حد الإسلام ..

وفقنا الله لما يحب ويرضي


فيصل السلمان 09-30-2012 07:10 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد جاد الزغبي (المشاركة 128243)
هذا استدلال خطير وفيه ما فيه أخى الكريم من التسرع غير الواجب !
فأنت هنا لم تجعل الشر فقط هو الأصل بخلاف ما هو معلن فى القرآن الكريم ,
بل تجاوزت هذا إلى جعل آدم نفسه عليه السلام هو أصل هذا الشر !!
وهذا ما لم يقل به أحد من علماء التفسير لا فى القديم ولا فى الحديث فضلا على ما فى هذا القول من الإعتداء على أنبياء الله , ولست أدرى كيف يكون آدم أول المرسلين من الله عز وجل والداعين لعبادته وأنت تعتبره أصل الشر !

وفهمك للآية فهم مغلوط ..
فقول الملائكة ( قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ )
هو قول نسبه الله عز وجل إلى عدم العلم , أى أنه وصفه بالقول غير الصحيح
وأردف الله عز وجل بعده بقوله
( قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ )
وهو ما يعنى أدرى بالخير الذى انتواه عز وجل للأرض عندما استخلف فيها الإنسان ..

وقول الملائكة واستنتاجهم ــ كما يقول علماء التفسير ــ إنما كان مبنيا على تجربة سابقة عندما نزل البن ( وهم نوع من المخلوقات ) إلى الأرض فأفسدوا فيها فبعث الله إليهم جند الجن بقيادة إبليس عندما كان قائد ملائكة السماء الدنيا فقتلهم وأفناهم .. واستوطن الأرض بعدها بجنده
فلما طغى إبليس لعنه الله , أرسل الله إليه وإلى شياطينه جبريل بجند من الملائكة فطردوهم إلى جزائر البحور
( راجع فى ذلك قول الإمام بن كثير وغيره فى تلك القضية )


ولا شك أن الأصل فى الحياة والأرض هو الخير والعاقبة للمتقين منذ قرر الله عز وجل أن يستخلف فيها البشر وهو ما دلت عليه الآيات الكريمة
[كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ] {المجادلة:21}
وفى قوله تعالى :
[وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ] {الأنبياء:105}
وفى قوله تعالى
[تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ العَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ] {هود:49}

والشر هو الأمر الطارئ على الخير فى الدنيا والذى يمثل الخير فيه الأصل ..
فالخير الذى مثله آدم عليه السلام كان بنزوله على الأرض أولا وقرار استخلافه فيها ليعمرها ويعبد الله
وما كان نزول إبليس إلا لاحقا وطارئا على نزول آدم ليمثل الشر المحارب للخير والذى أخبرنا الله ورسوله عليه الصلاة والسلام أنه لا شك هو المنتصر فى كل معاركه فى النهاية وأن الأرض يرثها الصالحون ..
وهذا ما ورد صراحة فى القرآن الكريم تحت عنوان ( دفع الناس بعضهم ببعض )
فجعل الأصل هو الصلاح والخير والشر هو ما يدفعه بعض الناس فيزداد الخير به قوة عندما تنشب بينهم الصراعات
وفى ذلك يقول عز وجل
[وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ] {البقرة:251}
والآية صريحة فى أن الخير هو الأصل ولولا ذلك ولولا نصر الله للخير لفسدت الأرض
فكيف نقول أن الشر هو الأصل ؟!!!

والواقع أنى أتساءل أيها الإخوة الكرام , لماذا نتكلم فى القرآن وهو كتاب الله برأينا , ودون علم ودون استناد إلى ما قرره النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته وعلماء المسلمين
لا شك أن الإجتهاد فى التدبر بمعانى القرآن الكريم هو أوجب الواجب
ولكن هذا ليس معناه التكلم فى القرآن بالرأى الشخصي وبناء نتائج ما أنزل الله بها من سلطان وليس عليها أى دليل أو مستند إلا مجرد الفهم المبتسر والخاطئ للآيات الكريمة
وأدعوكم وأدعو نفسي لتأمل قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه
( أى سماء تظلنى وأى أرض تقلنى إن قلت فى كتاب الله بما لا أعلم )

فقليل من الحرص هدانا وهداكم الله


لقد وصفتني ايها الاستاذ الكريم محمد بالمتسرع وانت حينما القيت على هذا الوصف كنت حتما ترثى لي اشفاقاً وانا ممتن لك

لابسط لك المسئلة بفهمي البسيط
كما تعلم أن الصورة العامة لدى البشر للشر (ابليس) و صورة العامة للخير (ادم) فمن خُلق اولاً..؟

محمد جاد الزغبي 09-30-2012 09:41 AM

الأخ والصديق والرفيق فيصل سلمان ..
أدعوك أخى الكريم لتأمل ردى البسيط عليك والتدبر فيه قليلا خارج نقطة النقاش ,
فربما وجدت فيه من الحق شيئا تتبعه أو من الباطل فتصححه لى ..
أخى الحبيب تقول :
اقتباس:

لقد وصفتني ايها الاستاذ الكريم محمد بالمتسرع وانت حينما القيت على هذا الوصف كنت حتما ترثى لي اشفاقاً وانا ممتن لك

والله ما قلت هذا انتقاصا منك أو من قدرك
وإنما قلته ووصفتك بالتسرع لما رأيت استدلالك الصادم فكانت كلمتى ردة فعل طبيعية ,
ورغم البيان البسيط الذى أوردته لك إلا أنك عدت لفتح ذات النقاش وقبل أن أجيبك على سؤالك دعنى أنقل لك تجربة بسيطة ومتواضعة لعلنا نفيد بتذكرها معا .. واغفر لى انها تجربة شخصية
أخوك الزغبي يا أخى الحبيب كان فى ماضي الزمن يحب الجدل كما يحب الإنسان لذة العيش !
ولا شك أن هذا كان ضلالا مبينا , وقد كنت أستمتع بل وأترصد لكل مخالف لوجهة نظرى حتى أدخل معه فى نقاش أو مناظرة ــ بعض النظر عن فائدة هذا النقاش أو مدى أهميته ــ فلما هدانى الله تعالى إلى معرفة حقيقة الجدل والمراء والمناظرة وكيف أن الإسلام نظّم أمور المحاورة والنقاش ونهى نهيا تاما عن النقاش فيما ليس فيه نفع على الإسلام والمسلمين من قضايا علم الكلام .. أمسكت وتوقفت عن الجدل إلا للردود الضرورية وفى حدودها

كما نهى الإسلام عن النقاش فى أمور العقائد .. اللهم إلا أن يكون ردا للباطل وفى حدود الرد وحسب
وأباح الحوار فيما دون ذلك ولكنه أيضا اشترط للحوار نظما أولها وأهمها ألا يكون هدف المتحاورين هو الغلبة والظهور والشهرة .. عافانا الله وإياكم من الرياء وما يقرب منه ,

ولأن النفس أمارة بحب الشهرة ولا يمكن لى ولا لك أو لغيرنا أن ينجو من هذا الأمر إلا بالتدبر والرعاية ,
فدعنى أسألك بالله عليك ..
ما هى فائدة هذه القضية التى تريد فتح باب الجدل فيها من جديد , رغم وضوحها بمحكم التنزيل ؟!
ما هو النفع الذى سيعود علينا إذا نجحت أنت أو نجحت أنا فى الظهور بالحجة ؟!
وإن قلت أن النقاش فى العلم مطلوب فاسمح لى أن أوضح لك أن العلم المقصود هنا هو ما يعود بالنفع على المسلم من طاعة يحض عليها أو معصية ينهاه عنها ,
حتى أن الإمام مالك كان يقول ( لا أحب الكلام فى قول ليس تحته عمل )
ولست أدرى ما هو البحث المفيد فى نقاش قضية الخير هو الأصل أم الشر على فرضٍ جدل أنها قضية غير محسومة بالقرآن والسنة ..
ومثل هذا أيضا فتح باب الجدل هل آدم عليه السلام هو أول البشر أم لا !!
وهل الشيطان ينام أم لا ينام ؟!
وأمثال هذه الأمور التى لو طالعت ما كتبه العلماء فى ذمها لفررت منها ومن نقاشها فرارك من الأسد ..
فليتك تقبل بنصيحتى وتجعل الحوار فى أمور تعود بفائدة ونفع على ديننا وتكسبنا طريقا أقرب لله تعالى ..
ودعنا نحتفل سويا ــ إذا قبلت ــ بهزيمتنا للشيطان وللنفس فى هذه الجولة عندما نغيظه بعدم استمرارنا فى جدال لا ينفع , ولا شك أنه يغتاظ لذلك لعنه الله

ولأنى أعلم أن النفس والشيطان عدوان ليس من السهل التغلب على وساوسهما ,
وحتى لا تظن أنى أهرب من سؤالك بإجابة عائمة خارج الموضوع
سأجيبك إجابة شافية وكافية عن سؤالك إن شاء الله لتعلم أنى لو أردت مواصلة الحوار فلن أعدم حجة أو دليلا ..

تقول فى سؤالك :

اقتباس:

لابسط لك المسئلة بفهمي البسيط
اقتباس:


كما تعلم أن الصورة العامة لدى البشر للشر (ابليس) و صورة العامة للخير (ادم) فمن خُلق اولاً..؟


فهمت ما ترمى إليه أيها الأخ الفاضل ..
وأرى هنا ملحوظة هامة وهى أنك تراجعت عن سابق قولك أن آدم هو أصل الشر عندما نزل إلى الأرض , وجعلت ممثل الشر هو إبليس
فهل كان فهمنا الأول لك خطأ , أم أنك غيرت وجهة نظرك ؟!

وأنت هنا تريد أن تقول أن إبليس ــ وهو ممثل الشر ــ سبق آدم فى الخلق وبالتالى , فالأصل هو الشر ..
أليس هذا ما تريد أن تصل إليه ..؟
فاسمح لى بأن هذا الكلام غير صحيح ,
ليس فقط لسابق الأدلة التى طرحتها فى رد عليك وهى آيات من القرآن محكمات
ولكن لأسباب أخرى تتمثل فيما يلي ..
أولا : أن إبليس نعم قد سبق آدم فى الخلق , ولكن القياس لا يكون بموعد خلق كل منهما أيها الأخ الكريم ,
لأن إبليس عندما خلق وحتى وقت أمر السجود لآدم , لم يكن ممثلا للشر بل كان ممثلا للخير كل الخير حيث أنه كان قائد ملائكة السماء الدنيا ولم يصبح إبليس ممثلا للشر إلا عندما خُلق آدم عليه السلام بالفعل وأمره الله عز وجل أن يسجد لآدم فعصي أمر الله , فاستحق اللعنة والطرد وصار منذ تك اللحظة فقط ممثلا للشر
وعليه يكون آدم الذى هو ممثل الخير سبق إلى الخلق نزوع إبليس إلى الشر ..
ثانيا : حتى فى معيار النزول للأرض فإن الله عز وجل أنزل آدم للأرض وكلفه بإعمارها وقضي بذلك قبل خلقه الفعلى ــ وقبل معصية إبليس ــ وجعل آدم مصدر الإعمار والخير فى الأرض وبعدها أذن لابليس أن ينزل إلى الأرض فيكون ممثلا للشر ..
ثالثا : فى عموم خلق الكون كان الخير دائما هو الأصل والشر طارئ عليه ..
فالله عز وجل خلق الملائكة وخلق الجن .. وكلاهما كان على الطاعة , حيث أنه ــ كما يتفق المفسرون ـــ كان الملائكة مأمورون مخلوقون من نور , وكان الجن مخلوقون من النار وتمت تسميتهم بالجن لأنهم كانوا خزنة الجنة ..
نعيد فنكرر ...
كان الجن ــ قبل خلق آدم عليه السلام ــ بقيادة إبليس هم خزنة الجنة وحماة السماء الدنيا , وكان جنودا لله تعالى أيضا حيث أرسلهم الله عز وجل بقيادة إبليس لمحاربة خلق ( البن ) الذين أفسدوا فى الأرض فنزل إبليس وجنده فقتلوهم جميعا ..
وحتى خلق البن كان لاحقا على خلق الجن والملائكة لأن الثابت أن الله عز وجل خلق السماوات وملائكتها قبل خلق الأرض وبعد خلق الأرض أنزل إليها مخلوقات البن التى عاثت فيها فسادا وهم من كانت تعنيهم الملائكة بقولهم لله عز وجل عندما أخبرهم بخلق آدم ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ... الآية ) ( ولمزيد من التفاصيل راجعوا البداية والنهاية لابن كثير ــ الجزء الأول ــ باب بدء الخلق )

أى أن سنة الله فى الكون كله وفى سائر مخلوقاته كان الخير فيها هو الأصل والشر طارئ عليه ..
خلق السماوات والملائكة والجن , ثم خلق البن وكانوا ممثلين للشر فمحاهم الله بالجن ..
وعندما طغت الجن طردهم الله من رحمته وحاربتهم الملائكة وطردتهم إلى جزائر البحور وطهرت سطح الأرض منهم تمهيدا لنزول آدم ممثل الخير ..
وبقي الشياطين ــ وهم كفرة الجن ــ ممثلون للشر وليس لهم سلطان على بنى آدم إلا الوسوسة
وكانت حياة الأرض بدايتها الأصلية مع الخير ..
حيث نزل آدم عليه السلام فعمر الأرض واستعمرها بأبنائه , ثم جاء الشر طارئا بوسوسة إبليس لقابيل بقتل أخيه هابيل ..
وظلت المعارك سجالا بين البشر العابدين , وبين إبليس وجنده من الشياطين والغاوين من بنى آدم ..
ولكن على طول الزمان وامتداد المعارك كان الخير دائما له الغلبة فى النهاية ..
فبدأ عهد آدم بالخير وانتهى عهده بمعصية قابيل
ثم جاء إدريس .. فعلا الخير مرة أخرى .. ولما ذهب إدريس ذهب الخير وصعد الشيطان فزيّن لناس عبادة الأصنام ,
فبعث الله نوح فحارب الشرك وانتصر فى النهاية ومحا الله الشر بالطوفان وبقي الخير وحده ..
ثم تتابعت الأجيال وتتابعت الرسل وتتابع صراع الخير والشر إلى يوم الناس هذا ..
والعاقبة للخير حتما بوعد الله عز وجل ووعد نبيه عليه الصلاة والسلام .. حين نزول المسيح عليه السلام ..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ايوب صابر 09-30-2012 04:23 PM

الاخوة المشاركين في الحوار هنا،

حتى لو سلمنا بأن الشر ليس الاصل مع ذلك لا يمكننا ان نسلم بأن الخير هو الاصل ولا بد ان الانسان تركيبة ثنائية يتعادل فيها الخير مع الشر. كل شيء في الدنيا يقوم على ثنائية والانسان ليس استثناءا.
الملائكة كلها خير ، والشيطان كله شر، اما الانسان فشرير الا اذا استقام.

محمد جاد الزغبي 09-30-2012 09:35 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هذا الكلام يصح بلا شك إذا كان الحديث عن الخير والشر فى الإنسان , لأن الإنسان مخلوق وسط بين الملائكة والشياطين
ولكن ليس هذا موضوع النقاش أو نقطة البحث ..
انما نقطة البحث عن الخير والشر فى المطلق , وعلى الأرض وفى الكون ,
هذا ما قصده كاتب المقال فيما فهمنا منه , لأن قضية وجود الخير والشر فى الإنسان محسومة

ايوب صابر 10-05-2012 09:20 PM

الاستاذ محمد جاد الزغبي

تقول " هذا الكلام يصح بلا شك إذا كان الحديث عن الخير والشر فى الإنسان , لأن الإنسان مخلوق وسط بين الملائكة والشياطين . ولكن ليس هذا موضوع النقاش أو نقطة البحث ..انما نقطة البحث عن الخير والشر فى المطلق , وعلى الأرض وفى الكون , هذا ما قصده كاتب المقال فيما فهمنا منه , لأن قضية وجود الخير والشر فى الإنسان محسومة".
- اتصور انك خسرت هذه المعركة الفكرية بنصف اعترافك الوارد اعلاه.
- عندما قرأت مداخلتك عدت لقراءة الموضوع للتأكد ان كان هذا هو موضوع النقاش ونقطة البحث ام لا فوجدت انها كذلك بل هناك الكثير من المؤشرات والتأكيدت في المقال تشير الى ان الحديث عن الخير والشر في الانسان.
مثلا ثول الوراق:
"يـُلاحظ ان البعض – وهو يدري او لا يدري – يجعل الشر هو الاصل ، والخير و التهذيب هو الطارئ .. كما فعل فرويد ونيتشه وبقية الماديين .. مع ان كلاهما ظواهر بشرية ، فعلى اي اساس تم التخصيص والتحديد بين الخير والشر ، بأن احدهما الاصل و الاخر هو الفرع ؟".

ويقول " عندما يثق الناس ببعضهم البعض ، يبيّن الناس افكارهم لبعض ، و تسقط صور التكلف و يذهب التحفظ والاحتراز والادعاءات والمناورات .. و تزول الشكوك التي تسبب العداوات و تخفّ الانانيات .. فلماذا لا نقول ان الشر و الانانية هي الطارئ و أن الاصل هو الخير ؟ بدليل ان الشر و الانانية يزيدان كلما قلت ثقتنا بالاخرين ؟!

وتقول " اذن ليس الشر هو الاصل ، بدليل ان الثقة تضعف الشر و الانانية و تؤدي بهما الى التلاشي .. ".

ويقول : و أقصد بالخير والشر هنا : ما بين الناس من علاقات ، و ليس الخير والشر الفلسفيان .. ".

ويقول " لاحظ اننا نستطيع ان نحوّل الانسان الى الشر بسرعة ، فشخص لطيف عندما يـُعامـَل بسوء و شراسة ، فسيتحول اليها ، على اختلافٍ في المستويات و السرعة .. اسجن شخصا و عذ ّبه بدون سبب و اظلمه ، ففي ظرف اسبوع سيتحول الى وحش شرس او اقل قليلا .. فهل نقول عنه انه عاد الى اصله ؟".




وخلاصة الحديث ان الشر هو الاصل عند الانسان بدون شك؟!! وهو بالمعني الفلسفي موازي للخير وربما يسبقه لكنه الشق الاخر من ثنائية الخير والشر. ويبدو انه من الاهمية بمكان فلولا الشر لما ود الخير. اي اننا لم نكن لنحتاج الخير لولا الشر فهو ضرورة وجودية.

محمد جاد الزغبي 10-06-2012 01:15 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
اقتباس:

تقول " هذا الكلام يصح بلا شك إذا كان الحديث عن الخير والشر فى الإنسان , لأن الإنسان مخلوق وسط بين الملائكة والشياطين . ولكن ليس هذا موضوع النقاش أو نقطة البحث ..انما نقطة البحث عن الخير والشر فى المطلق , وعلى الأرض وفى الكون , هذا ما قصده كاتب المقال فيما فهمنا منه , لأن قضية وجود الخير والشر فى الإنسان محسومة".
- اتصور انك خسرت هذه المعركة الفكرية بنصف اعترافك الوارد اعلاه.


ياااااه :)
ما كنت أحسب أنى فى معركة فليتك توضح من أطرافها ..
فإن كنت أنت , وتظن أننا بمعركة فلماذا تركت الساحة إذا ؟!
لأنك تهربت من الإجابة على كل سؤال طرحته لك ..
وارجع إن شئت إلى المشاركة رقم ( 18 ) فقد انتظرنا طويلا دفاعك عن الفلسفة اليونانية ولم تأت بشيئ
وهذه هى المشاركة ..
http://www.mnaabr.com/vb/showpost.php?p=127451&postcount=16

هذا الحوار أيها الأخ الفاضل ليس معركة بمعنى ( مناظرة ) وإلا لكانت طريقة أخرى تماما
ولو كنت أعلم أنك تظنها كذلك فحى هلا .. وأبدء بطلبي إليك أن تجبينا عما سبق ودعنا نرى براعتك فى المعارك ..

أما قولك :
اقتباس:

عندما قرأت مداخلتك عدت لقراءة الموضوع للتأكد ان كان هذا هو موضوع النقاش ونقطة البحث ام لا فوجدت انها كذلك بل هناك الكثير من المؤشرات والتأكيدت في المقال تشير الى ان الحديث عن الخير والشر في الانسان.

لو كنت تنظر للحوار بمنطق المحاور الذى يستفيد ما رأيت فى كلامى أى تناقض كهذا الذى أتيت به ..
فقد كان نص قولى الذى تسأل عنه هو وجود الخير والشر فى الإنسان قضية محسومة ( وما جادل أحد فى ذلك )
بينما حوارك أنت يدور حول أيهما كان المبتدأ الخير أم الشر
وكلامى كان سيصبح متناقضا لو أننى قلت فى عبارتى السابقة أن الشر سابق وأصل فى الإنسان وهو ما تقول به أنت
هذه واحدة ..
وأما الثانية ..
فيبدو أن نظرة المنافسة جعلتك لم تنتبه لطبيعة ردى الذى قلب الموضوع إلى الخير والشر فى الكون كله بناء على مداخلة الأخ فيصل الذى قال بأن الشر هو الأصل فى الحياة وفى الأرض بدليل خلق آدم وخلق إبليس ..
فانحنى النقاش إلى الخير والشر فى المطلق , وأيهما الأصل فى الكون وفى سائر المخلوقات الخير أم الشر
وأثبتنا أن الخير هو الأصل فى ردى بالمشاركة رقم ( 25 )
اقتباس:

وخلاصة الحديث ان الشر هو الاصل عند الانسان بدون شك؟!! وهو بالمعني الفلسفي موازي للخير وربما يسبقه لكنه الشق الاخر من ثنائية الخير والشر. ويبدو انه من الاهمية بمكان فلولا الشر لما ود الخير. اي اننا لم نكن لنحتاج الخير لولا الشر فهو ضرورة وجودية

هذا ما تزعمه أنت
فأثبت قولك بما يؤيده من الأدلة المقبولة فى مواجهة القرآن والسنة ..
ولعلك لم تنس ما طرحناه .. وبرر لنا كيف يمكن أن يكون الشر هو الأصل فى الإنسان بينما أنكر رب العزة على الملائكة عندما وصفت استخلاف الإنسان فى الأرض بذلك
يقول تعالى :
[وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ] {البقرة:30}
وأخبرنا ..
لو أن الأصل فى الإنسان هو الشر فكيف كان أول إنسان هو نبي الله آدم عليه السلام ؟!
وكيف مع أنه من الشر أمر الله تعالى الملائكة بالسجود له ؟!
فهل يأمر الله تعالى ــ فى ظنك ــ بالسجود للشر
وسؤال آخر :
لو كان الأصل فى الإنسان هو الشر وأنزله الله إلى الأرض فلماذا أتبعه إبليس وهو ممثل للشر المطلق , وما الحاجة لإبليس ما دام ممثل الشر على الأرض موجودا ؟!
وسؤال ثالث هو الحاسم فى القضية :
كيف يكون الأصل فى الإنسان هو الشر بينما يقول النبي عليه الصلاة والسلام أن الأصل فى الإنسان هو الخير ..
فقد قال عليه الصلاة والسلام فى الحديث الصحيح
( كل إنسان يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه )
فكيف يولد الإنسان على الفطرة وهى الخير ثم يطرأ عليه الشر ــ إن طرأ ــ وتقول أنت بعكس ذلك ؟!
يكفيك هذه الأسئلة كبداية ..
ولا تتأخر علينا فى الجواب ..


الساعة الآن 05:21 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team