![]() |
ظل كافافيس ..***
* ظل كافافيس قلبه الذي يكتظ بالحزن .. كان يمتشق خفقة جامحة ويلقيها زفرات على هامة الضجر .. قلبه المنصاع دومآ للألم .. وهذا الهاجس بالإنكسار .. والشتات , قلبه والوجع .. هاهو يغوص بين حناياه ويستكين .. يتغلغل في تجاويف صدره حتى الإختناق , فإذا ما صفق الألم في أعماقه , أخذ يدندن بأنشودة قديمة عن البحر وعواصف الزمان .. كان " أحمد " يعد لنفسه شطيرة وكوب من العصير حين داهمته الذكرى .. كان يمني نفسه بقضاء أمسية خالية من صخب الجنون حين باغته الماضي في وقوفه وبدون مقدمات فارتعشت أنامله وسابق لهفته في المغادرة حيث ترك شهيته ملقاة على جدران المكان وجوعه يستجديه المكث .. وخرج .. بلا تخطيط استلقى على أريكته وراح في شرود عميق .. أخذ يئن ويتنهد .. كاد أن يستجيب للكزة من النحيب .. لكنه لملم ترنحاته .. وبقايا صموده , ثم نكس طرفآ على الأرض كان يبعثر من خلاله شموخآ لا يسقط إلا بالهزيمة .. من حنجرته تهطل الأنفاس تباعآ .. تنهدات .. ثم زفرة ألم .. وشهقات .. شهقات متشظية بحفنة من الآهات , آهات باكية .. ناعية .. عمر مضى واهترأ .. عمر اخضر ذات جموح بأمنيات عذبة .. ثم ذوى وشحب بين أطلال الزمان .. عمره بات مجرد كائن لا يرى ويحتضر فوق مساحات الندم .. في الجهة الأمامية من حجرته , كان ثمة لوحة ضخمة تتصدر الجدار لكواكب ونجوم .. ومخلوقات فلكية تنزلق على واجهة الصورة بتراصف فوضوي لأجرام أندروميدا .. وأسفل منها تلوح مكتبة مهترئة بجانب الجدار الرخامي .. وعلى رفوفها المنحنية كانت تتناثر الكتب والمجلدات , بينما تبعثر فوق الرف العلوي كثيرآ من الملفات العتيقة والمذكرات البالية التي تروي حكاية اغتيال الأمل في أوج تألقه ..تسرد المعاناة الرمادية التي تجمرت في عروقه , في حين توارى الرف السفلي تحت أكوام من المجلات التاريخية والكتب المترجمة .. فجأة اقترب من المكتبة ووقف قبالتها ساهمآ .. تأملها مليآ .. فالملل يشبعه برغبة عنيدة كي يستفئ بروابي الإبداع , امتدت يده بآلية شديدة تتخير عنوانآ ساطعآ , فتلقفت أصابعه كتيبآ كان منحشرآ بين الكتب العملاقة , كتيب أزال عنه الغبار ونفخ في غلافه الأصفر , وعاد به الى مجلسه حيث أريكته تتهاوى تمزقآ وبلى بجوار النافذة المشرعة , وهناك لطمته نسمة باردة من أنفاس الليل .. فأشعلت في روحه قناديل الهم .. وأججت بوادر يقظة لامتعاض يجهد لتحاشيه ..حدث هذا بينما كان يطالع البدر الذي توارى وراء قطيع من السحب المارة على سماء المدينة .. فراح يقلب الكتاب بين يديه بعد أن استلقى باسترخاء ..الى أن استقرت أحداقه على القصيدة الأولى منه .. كافافيس الرمز لرزايا قد عفا عنها الزمن .. شاعر يصوب نحو مدائن الإبداع باقة ضوء .. هاهو يطل من أبياته مكتنزآ بأحلامه .. أمنيات تضج بحبو القوافي .. كان أحمد في العشرين من عمره ويرفو قصائد هشة هتكتها مخالب الفشل ..ينقش النزوات المثقلة بمراهقته الفتية .. المنثورة بطلاسم لا تنجلي إلا بأحلام تضاهي الوهم .. والصبا بإشراقاته وهفواته كان يحلق به حول الحلم الخالد في مروج الزمان .. يتوقف هنيهة عن القراءة ويتذكر .. يستجلب وجوه رفاقه وتعليقاتهم الحارقة والمنصبة على حواسه .. لسان أحدهم يلوك بقسوة كل مطره الذي لون به فجر الإبداع .. قال له ضاحكآ : - " أتعتزلنا من أجل أن تختبئ في قصائدك ..؟" أجابه وقتذاك وهو يرمق أحرف قصيدته : " إنكم لا تفقهون شيئآ " .. وذات مساء ساخن زجره أبوه غاضبآ : " كن رجلآ .. ودع عنك هذه التفاهات " استهواه العناد .. فتمادى في إشعال الحروف , واختار ليلة زفافه لتكون ملعبه الذي يمارس فيه نصره .. الملهمة عروسه .. وهو الشاعر , اقترب منها حيث كانت تتنفس خجلآ ,, ليلتها أطلق كل قوافيه الغزلية بصوت حالم .. ينظر إلى محياها ولا يرى سوى معاني وامتعاض .. كانت الفتاة تبكي في مقعدها وتسأله بحياء : " لماذا تفعل معي ذلك .. لماذا الآن ..؟ " صرخ لا يصدق ما يسمعه : " أفعل ماذا ؟ " " كلام غريب .. ووقت أغرب لقوله " أجابته ملهمته ببرود .. فهتف يضيق ذرعآ بالدنيا : " أيتها الحمقاء .. هذا شعر .. أنا أحدثك بصوت العشق ألا تستمعين ! " رمته بنظرة حانقة .. ودخلت حجرة أخرى وهي تتمتتم : " شعر بلا معنى ولم أفقه منه شئ .. هل هذا وقته ..!" كافافيس وأمواج التاريخ الهادرة حيث تلطم للتو خموله .. نزفه المندلق من كفي الأسطورة ..والشجن .. شجن يغويه بلمس الجراح , كافافيس وحده من يحيله إلى ركام من العناد المتمخض بالعجب .. طيف يلمحه على واجهة الورق .. وأهدابه التي تتهجى تفاصيل الحكاية , تحثه على التغلغل في الصفحات بشغف أرعن . فيتوقف به العنوان عند الصفحة العاشرة .. عند مرحلة تتلبسه .. تأخذه أسرارها إلى غياهب الألم .. ذاك المنفجر في انصهار الليل .. " رجل عجوز مع جريدة .. يجلس متكومآ على طاولة هناك .. إنه يفكر قانطآ بمخاوف العمر هو يفهم أنه عجوز .. إنه يفهم لكن زمن الفتوة مايزال يتقد ".. * (1) ما بقلبك غير عيون ترمق النهاية .. ما تملك سوى بقايا فأل , سنوات تجاوزتك على طرقات الوهن .. والوهم .. والوجل , كان الموت يحصد ذات صيف أرواحآ متوالدة منك .. هكذا جاءتك البداية .. أنت تغفو في فراشك منتفخآ بالقصائد والكرى , محتضنآ حلم يجعلك شاعر .. بينما عائلتك تقضي على الطريق .. أتاك الخبر بالنذير .. وبأجساد مدفونة بالنعوش , أشلاء زوجتك وأولادك .. فإذا بالصحو يتفجر بين عينيك .. وإذا بالكارثة تصفعك بالصراخ والعويل .. أيام مرت تليها أيام .. وأعوام , أوقات كالهجير .. وروحك التي توشحت بالذعر .. الملثمة بالسواد .. راحت توغل بك إلى شواطئ الهروب .. إلى مناخات وتضاريس بعيدة .. إلى "نيوجرسي" .. تلك المدينة الملغمة بالكآبة ..تلك التي أضاعت ملامحك .. وابتلعت أرتال من عمرك , ولكنك انطلقت تجمع ماتبقى من روحك وتعود .. بعد أن لفظتك تلك الشقية المتمردة .. بعد أن رفضتك .. تعود مهزومآ .. حسيرآ .. كسيرأ " قلت سأذهب إلى بقعة أخرى فوق بحر آخر .. ستتراءى لي مدينة أروع من هذه هنا اللعنة تلاحقني .. شاهد من شواهد القبور يخيم على قلبي في كل مكان .. أينما نظرت .. لا أرى من دنياي سوى سوادها هنا أقمت .. وكل شئ محطم .. كل شئ مقرف " .. * (2) ظل كافافيس يتنامى في ليلك ..يتشرذم .. ويتحول إلى حزمة من الظلال الوهاجة .. ظل ينهمر بظل .. فيمطر الفراغ حولك غيوث من الأطياف الغريبة , كافافيس كان يرحل إلى إنجلترا .. نازحآ باليتم وهواجس الموت , الموت الذي رحل بأبيه الى البرزخ , كان يصحبه الى مدينة مغايرة .. طرقات عشقها حتى الثمالة .. أجواء تشرب أنسامها .. تلك كانت " الإسكندرية " , لكن " نيوجرسي " كانت أشد ضراوة , نيوجرسي بدروبها الملتوية , وغاباتها الكثيفة .. حتى بهيكلها المتوارى خجلآ بجانب العملاق " نيويورك " ,, كانت أزقة تلتهم قواك وتمتص حيويتك , كانت تصدح بصخب ليل قد سرق طموحك .. كانت تفلسك من تفاصيلك .. وثراؤك الى أن ألقتك شريدآ على نواصي الأرض , هاهو كافافيس يعود الى الإسكندرية , وتبارح أنت نيوجرسي إلى الرياض .. هاهو يخط بسيرته تجربتك .. ودقائق همك , كافافيس كان مثلك يشق دربه فوق الرمال البيضاء .. والسواحل .. والقبور , كان على شاكلتك يغويه هدير العصيان , فيخترق الأحياء النائمة متسكعآ بين الحانات وشوارع الليل التي تفوح منها روائح الفرنج والغرباء . أولئك الذين حملوا أوطانهم في جيوبهم وراحوا ينعقون بالفساد على المسارح .. وأندية المدينة الغافية تحت وطأة الهذيان .. " سأضيع في هذه الشوارع .. سأشيخ في هذه الأحياء وتحت السقوف سيشيب شعري ستنتهي خطاي ".. * (3) حين تراخى على أريكته متهاديآ إلى الوراء , كانت الساعة تشير إلى الثالثة فجرآ , أخذ يستمع إلى تكات الساعة وكأنها آتية من بعد آخر .. القصائد فقط ما تغري وعيه في رحيل الوقت , الآن كل الأحداث تتوقف عند "بومبي " , قربان الاسكندرية الأعظم , بومبي كان ينساب بالفزع بين قوافي " ثيودوتوس"*(4) .. بومبي ورأسه المقطوع على المذبح .. يسكب دماء القتيل على وجه الأسطورة , حكاية دسها كافافيس في قصائده , حيث يغادر التمثال قاعدته متسربلآ بالثأر كل مساء ..يغادرها ليجوب السبل ويداهم المنازل كرمز للرعب الذي يسفك الدماء ويقضي على الأرواح , ليعود في إنبلاج الصباح إلى مكانه كتمثال برئ من هول الجرائم , بومبي ..والهلع ..وأشباح لقيصرون وكليوباترا .. وأقنعة , أقنعة هائمة في الخواء ولا زالت تخدش رأس الزمان .. زمان غابر تناثرت نهاياته في إنهيار بيزنطة وروما .. وفي بداية عهد جديد .. الصبح أخذ يتنفس في المدى وهو لا يزال ماكثآ على جلسته , ثمة حافز يشده الى النهاية , نهاية كل الخرافات , ورغم ولادات التعب .. والإرهاق .. ومع هبوط النعاس الذي بدأ يغزو جسده رويدآ رويدآ , إلا أن ظل كافافيس بقي مهيمنآ على إدراكه , كان يقلب صفحة الكتاب الأخيرة , ويقرأ بعينين قد خضبهما الذبول , عندما فقد قدرته على التركيز , كل ما كان يعيه أحمد قبل أن يستسلم لهمسات الكرى .. أن ظل كافافيس كان يتجول في إنتباهته ولا يتركه أبدآ ,, بقلم : سحر الناجي **هوامش * (!) مقاطع من قصيدة " رجل عوز " للشاعر قسطنطين كافافيس *(2) قصيدة من ديوان " وداعآ للإسكندرية التي تفقدها " لنفس الشاعر *(3) من قصيدة " المدينة " لكافافيس *(4) " ثيودوتوس " إحدى قصائد كافافيس الشهيرة تحيتي |
الأديبة الرائعة سحر الناجي
ماعساي أن أقول ؟ نثرًا أم شـِعرًا ؟ نص ّ أدبي ّ ذو فلسفة راقية سرد ٌ قصصيّ رائع حد ّ الدهشة نقلتينا لـ عالم كافافيس وشـِعره المؤثر جدًا والذي يستهويني حقيقة ً سحر ما زلت ُ متعطــّشة للمزيد من ضياء حرفك ِ لك ِ ود ّ وتقدير ٌ واحترام ٌ لا ينقطع ~ // بعد إذنك . تذكـّرت ُ هذه لـ كافافيس : أصوات أصوات خفية حبيبة أصوات أولئك الذين ماتوا، أو أولئك الذين هم بالنسبة إلينا ضائعون مثل الموتى ، تتكلم في حياتنا أحيانا ، وأحيانا في الفكر يسمعها العقل. ومع أصدائها .. تعود برهة أصوات من قصائد حياتنا الأولى ، مثل موسيقى .. بعيدة في الليل تخبو . |
الرائعة أمل .. وما عساي أن أصنع إزاء المعاني التي فرت من ذاكرتي إرتباكآ لبهاء عبورك ..! لمثل عينيك الأنيقتين أنحت أنا حرفي , وأشهره محاولة لنيل وطر الذائقة .. وكافافيس لا يزال رغم إهتراء الورق يترنح بالطلاسم الجاثمة في كل منا .. لذا يبرح الصًُبح مجرد دهليز على دروب الروح .. ويعج بالحقيقة والأسرار الكاشفة عن نقابها .. زادني غبطة أنكِ على صلة وطيدة بأشعار كافافيس .. فصفقت جوانحي دهشة لحسن إختيارك .. تحية لكِ كأسطورة بيضاء لا تذوي أو تذوب .. عرفاني |
نص عميق وفلسفي ومعقد ولفهمه لا بد من التعرف على خلفيات النص ...هنا القليل عن "كفافيس" وهو ما يشير الى يتمه في سن السابعة واليتم في هذه السن يجعل من الشاعر فنان ساحر وكأن قلمه ريشه وقصائدة لوحات فنية مهولة بالغة الاثر. كفافيس المولد والنشأة ولد الشاعر" كوستيس بتروس فوتياديس كفافيس" الذي اشتهر باسم كفافيس بأحد منازل شارع شريف بالإسكندرية في التاسع والعشرين من شهر إبريل عام 1863. وكان والده "بتروس"المنحدر من عائلة "فوتياديس" قد هاجرمن إستانبول إلى الإسكندرية. ويرجّح بعض الباحثين أن أسرة الشاعر كفافيس منحدرة من أصل أرميني، غير أن كفافيس نفسه لم يشر إلى هذا من قريب أو من بعيد كما أنه يفتخر دومًا بأنه يوناني من بيزنطة وكان والد كفافيس تاجرًا كبيرًا بالغ الثراء، أنجب من الأبناء تسعة أصغرهم كفافيس الشاعر، وكان لكفافيس أخوان يمارسان الرسم كهواية، وآخر إخوته كان يهوى الموسيقى وهو ما قد يوضح أسباب ميول كفافيس الفنية. وكان كفافيس في السابعة من عمره عندما مات أبوه في العاشر من أغسطس عام 1870 عن خمسة وخمسين عامًا ودفن بمدافن الأسرة في الشاطبي.. لم تكن صلة الابن بأبيه كبيرة، ولم يكن الأب يكترث بصغيره كثيرًا، فقد ولد له بعد ثمانية من الأولاد شبع من تدليلهم، وكان الأب في سنواته الأخيرة قد تدهورت أحواله المالية فمات ، ولم يترك لأسرته ثروة تذكر. |
"من حنجرته تهطل الأنفاس تباعآ .. تنهدات .. ثم زفرة ألم .. وشهقات .. شهقات متشظية بحفنة من الآهات , آهات باكية .. ناعية .. عمر مضى واهترأ .. عمر اخضر ذات جموح بأمنيات عذبة .. ثم ذوى وشحب بين أطلال الزمان .. عمره بات مجرد كائن لا يرى ويحتضر فوق مساحات الندم .." - فقرة مدهشة ومعبره بحد اعلى من المشاعر فيها تسونامي من الصور والالم والمشاعر المزلزلة التي تجتاح كيان المتلقي بلا هوادة. فالانفاس تهطل وكأنها المطر من حنجرته ( البطل ) تبدأ بتنهيدة، ثم زفرة الم، ثم شهقات لكنها متشظية بالاهات، والاهات ليست كالاهات لكنها باكية، وليس فقط باكية ولكنها ناعية .. كل ذلك لان البطل ادرك في لحظة من الزمن انه كان في غفلة فانقضى العمر وذوى الجسد واصبح في حالة احتضار ولكن فوق مساحات الندم. ربما هذا هو المعنى المقصود ايصاله؟؟؟ |
الاستاذة المشرقة والأديبة الراقية سحر الناجي قصة جميلة جدا واشعار رائعة استمتعت سيدتي الفاضلة بهذا الرقي تقبلي اعجابي وتقديري لقلمك الساحر |
اقتباس من النص ظل كفافيس "قلبه الذي يكتظ بالحزن .. كان يمتشق خفقة جامحة ويلقيها زفرات على هامة الضجر .. قلبه المنصاع دومآ للألم .. وهذا الهاجس بالإنكسار والشتات, قلبه والوجع .. ها هو يغوص بين حناياه ويستكين.. يتغلغل في تجاويف صدره حتى الإختناق, فإذا ما صفق الألم في أعماقه, أخذ يدندن بأنشودة قديمة عن البحر وعواصف الزمان .." مدخل النص وهو اقرب الى الشعر من النثر، وهو مدخل فذ، فيه من الغموض والمشاعر الكثير، ويترك الكثير من الاسئلة في نفس المتلقي، مما يجعله ينشد الى النص ويندفع للقراءة رغم صعوبة اللغة والتراكيب التي تتطلب جهدا ذهنيا كبيرا: - فمن هو هذا الذي قلبه يكتظ بالحزن؟ - ولماذا ؟ - وما الذي جعله يمتشق خفقة جامحة يلقيها زفرات على هامة الضجر؟ - ثم لماذا ينصاع قلبه دومآ للألم ؟ - وما سبب الإنكسار؟ والشتات؟ - وما الذي يوجع قلبه؟ - ولماذا يغوص بين حناياه ويستكين؟ - وما الذي يجعله يتغلغل في تجاويف صدره حتى الإختناق؟ - وما سبب الألم الذي يصفق في أعماقه؟ - ومن هو هذا الذي يأخذ يدندن بأنشودة قديمة عن البحر وعواصف الزمان؟ الكاتبة نجحت هنا في اعداد مسرح القصة، مسرح تملؤه الاثارة والغموض والمشاعر الملتهبة بلغة شعرية مؤثرة ومكثفة...كل ذلك يدفع المتلقي لمتابعة القراءة لمعرفة بقية القصة... والتعرف الى البطل والذي يبدو انه تحول الى ظل لذلك الشاعر اليوناني الاصل لانهما يشتركان في المعاناة والالم..فما قصة هذا الاحمد؟ بطل القصة؟ ساحاول الغوص اكثر في هذا النص رغم صعوبته لتحديد ماهيتة وصنفه؟ هل هو نص قصصي؟ وهل لبى شروط النص القصصي الناجح؟ يبدو ان الكاتبة قد وفقت بداية في اعداد مسرح النص ( المشهد ) واجمل ما فيه هذه الصور التي تملا المشهد..ففي الجملة الاولى نجد ان الكاتبة تشخص الحزن وهو يكتظ في قلبة وكأن قلبه احد شوارع المدينة المكتظ بالناس... ثم صورة اخرى صورت الكاتبة فيها الالم وكأنه انسان يصفق وهو لا بد تعبير عن شدة الالم... صور بالغة التأثير ...وبداية فذة موفقة. فهل نحن بصدد نص قصصي فذ؟ |
اقتباس:
القدير صابر أيوب .. أسعدني مرورك النقدي لنصي سيدي .. وبالنسبة إلى سؤالك المطروح : أجل سيدي .. هو المعنى الذي كنتُ أرمي إليه .. تقديري |
قراءة في قصة " ظل كافافيس" تتمحور القصة ( الحادثة ) هنا حول شخصية بطل القصة ( احمد ) والذي وجد نفسه يشترك مع الشاعر كافافيس في الألم والحزن والاغتراب الذي أوقعته الظروف عليه وعلى الشاعر اليوناني. ورغم أن في القصة حبكة تروى سيرة حياة البطل احمد مع الألم تلك السيرة التي تماثل سيرة حياة الشاعر كافافيس حيث وحدهما الألم ...إلا أننا نجد بأن الشخصية وما يدور في ذهنها هو الذي يشكل أساس الحدث.... رسمت الكاتبة في البداية مشهد صوّر حجم الألم والحزن الذي كان يملا قلب البطل ( احمد ) ، والذي نجده يعد شطيرة من الخبز ليأكل، ولكن ذكريات مؤلمة، قفزت في ذهنه، فأفسدت عليه ليلته التي كان يتمنى أن يقضيها خالية من الصخب والجنون والاحزان. هناك ترك الأكل والشرب، واستلقى على الأريكة، جلس شارد الذهن يسترجع تلك الذكريات التي سيطرت على كيانه في تلك اللحظة، تلك الذكريات المؤلمة التي كادت أن تدفعه للبكاء... وبينما هو جالس يعتصره الألم انتبه إلى تلك اللوحة أمامه في الحجرة الأمامية، والتي تقع في أسفلها مكتبة متهرئة تتناثر على رفوفها الكتب والمجلات العتيقة... قام من أريكته وتقدم من المكتبة... كان يشعر بالملل وظن أن الإبداع هو مخلصه من تلك الحالة النفسية السيئة التي وجد نفسه عليها في تلك اللحظة. من بين تلك الكومة من الكتب اختار كتاب صغير الحجم ( كتيب) جذبه عنوانه الساطع كان مندسا بين تلك الكومة من الكتب العملاقة المتهرئة.... فأزال عنه الغبار ونفخ في غلافه الأصفر، وعاد به إلى أريكته التي هي بدورها كانت تتمزق وتتهاوى كما هي نفسيته في تلك اللحظات. وفي ظل مشهد ابدعت الكاتبة في رسمه كما هو الحال في كل المشاهد الأخرى في النص، والذي تشكل من نسمة الهواء الباردة في ذلك الليل الذي غطت فيه الغيوم القمر (البدر)، راح يقلب الكتاب بعد أن استلقى على أريكته باسترخاء واخذ يقرأ القصيدة الأولى لذلك الشاعر مؤلف الكتاب ( كافافيس) والذي وجده يمثل رمزا لمتاعب الحياة والإبداع الشعري في أعلى حالاتها. عاد البطل احمد وهو بصدد قراءة قصائد الشاعر اليوناني كافافيس في الذاكرة إلى الوراء ، يتذكر قصته هو مع الشعر ومحاولاته الشعرية... كان حينها في العشرين من عمره، حينما كان يكتب بعض المحاولات الشعرية التي كانت تعكس نزوات المراهقة وهفواتها، فجلبت له تلك القصائد تعليقات رفاقه الحارقة، ومعارضة والده الذي كان يطلب منه أن "يكون رجلا ويدع عنه تلك التفاهات". ولكنه ( احمد ) استهوى العناد، واختار ليلة زفافه ليمارس فيه احتفاءه بالشعر فجلس قبالة عروسه ( ملهمته ) يقرأ لها من أشعاره، لكن عروسه وجدت فيما يقوله كلاما غريبا في توقيت اغرب. توقف حبل الذكريات مع الشعر هنا وعاد احمد ليبحر في ثنايا كتاب الشاعر كافافيس فوجد في قصائده نزفا يشبه نزفه تماما وتفاصيل حكاية تشبه حكايته هو...يجمعهما ويوحدهما الألم والاغتراب والهروب.... فيتذكر كيف انه كان وفي احد الأيام ينام مليء عينية يحلم بأن يصبح شاعرا...فاذا بالموت وفي تلك الاثناء كان يخطف عائلته على الطريق فعادوا له أشلاء مدفونة بالنعوش....فاستفاق من نومه ومن غفوته وحلمه حيث صفعته الكارثة بالصراخ والعويل فأصبح العيش لا يطاق ...فكان الهرب إلى مدينة نيوجرسي ملاذا له لعله يخفف من حجم الألم الذي أصابه....تلك المدينة الكئيبة في طبيعتها فزادت من همه هم، فعاد إلى الرياض بعد أن استجمع ما تبقى من روحه المهزومة من الم وهم السنين ووجع الفقد وذكريات الأشلاء...عاد إلى الرياض لعلها تكون بقعة أخرى ينشد فيها تغير في حظه ففي نيوجرسي أحس وكأن اللعنة تطارده... وتلك هي أيضا قصة كافافيس الذي نزح إلى انجلترا هاربا من اليتم وهواجس الموت، موت أبيه الذي كان يعيش ويسير معه في مدينة الإسكندرية... لكن احمد (بطل القصة) كان يحس بأن غربة كافافيس في انجلترا لا تقارن بألم الغربة في مدينة نيوجرسي تلك المدينة التي التهمت قواه وامتصت حيويته وسرقت طموحه وأفلسته من تفاصيله وأمواله وألقت به شريدا على نواصي الأرض... ورغم ذلك وجد احمد انه وكافافيس في الهم شرق وحّدهم الألم والحزن والموت فهو يخط بسيرته تجربة احمد ودقائق همه...فـ كافافيس كان مثل احمد البطل يشق دربه فوق الرمال البيضاء والسواحل والقبور، وكان أيضا على شاكلة احمد يغويه هدير العصيان، وكلاهما كان يعشق اختراق الأحياء متسكعا بين الحانات وشوارع الليل التي تفوح منها روائح الفرنج والغرباء في تلك المدن التي هاجروا إليها هرب من الحزن والقبور والموت والألم.... كان احمد ما زال يقرأ في قصائد كافافيس وهو يجلس على أريكته... صارت الساعة الثالثة فجرا...في تلك اللحظة اخذ يسمع تكات الساعة، وكأنها قادمة من بعد آخر ( البعد الثالث أو الرابع أو العاشر)..ظل يقاوم النوم لينتهي من التهام قصائد ذلك الشاعر حيث وحدهما الألم والحزن والموت والذكريات.. والرعب المنبعث من تلك القصص الأسطورية التي دسها كافافيس في قصائده... اقترب الصبح وهو ( احمد ) ما يزال ماكثا على أريكته...لا يريد أن يسقط الكتاب من بين يديه قبل وصوله إلى النهاية ..نهاية الكتاب ونهاية تلك القصص الأسطورية التي ضمنها كافافيس في كتابه، ورغم التعب والإرهاق تابع القراءة فقد بقي ظل كافافيس مهيمنا على إدراكه ..إلى أن وصل إلى صفحة الكتاب الأخيرة يقرأ بعينين متعبتين ذابلتين عندما تغلب عليه النعاس وفقد قدرته على التركيز ..فاستسلم للنوم لكن ظل كافافيس بقي يتجول في انتباه ولا يتركه ابدأ. يتبع ،، |
اقتباس:
الرائع خالد الزهراني .. رذاذ من اللباقة صاحب هطولك فتلونت سريرتي بالغبطة .. سعيدة لقراءتك اللبقة ومرورك المزدان بالبهاء شكرآ كبسمة لا تذوي أبدآ .. تحيتي |
كافافيس ..
صدقيني لأول مرة أسمع باسمه وما كتبه قلمك هنا .. لا أدري بأي وصف أصفه لقد شوقتيني لقراءة شعر هذا الكافافيس !! أحسن قلمك أيتها البارعة !! ...... ناريمان |
الفكرة في قصة " ظل كافافيس " للوهلة الأولى يجد المتلقي صعوبة في تحديد " الفكرة " التي تتمحور حولها القصة هنا، والتي أرادت القاصة إيصالها إلينا، تلك الرسالة الخفية الخلفية: -فما هي الرسالة التي أرادت سحر الناجي إيصالها إلينا هنا؟ -وماذا كان هدف سحر الناجي عندما كتبت النص؟ -وهل نجحت في إيصال الفكرة لنا؟ طبعا إن صعوبة استنباط الفكرة يعود إلى صعوبة النص، وأدوات السرد المستخدمة، وبلاغة التعابير والصور، والحاجة إلى معرفة الخلفيات. فلا بد وقبل أن نفهم المقصود أن نتعرف على كافافيس هذا... فلا شك أن النص له علاقة مهمة بهذا الشاعر وظله. ولا شك أن أسلوب الكاتبة المدهش وقوة التعابير تدفع المتلقي باتجاه الاستمتاع بالنص كنص وبناء فني ودون الاهتمام كثيرا بما وراء النص. لكن المتعمق في هذه القصة يجد بأن هناك رسالة بليغة وفكرة واضحة تتمحور حول ثنائية الموت والحياة... وهي حتما تنساب انسيابا خفيا خفيفا ويمكن للقارئ أن يستخلصها رغم تلك الانسيابية الخفية....وذلك الربط بين بطل القصة وظل كافافيس وحكاية هذا وذلك والذي يتطلب جهدا ذهنيا لاستيعابه. لكن المتلقي يستخلص حتما بأن الكاتبة أرادت أن توصل فكرة تتمحور حول " إن الم الشعراء واغترابهم وصراعهم ضد المجتمع ومن حولهم واحد، ووجع الموت وأثره واحد، وكارثية فجيعة الموت واحده في كل زمان ومكانووقعها واحد والإبداع دائما هو المهرب الوحيد وبقايا من فأل " . يغرق المتلقي في فنيات هذا النص الذي يكتظ بالحزن مثل قلب البطل لكنه يدرك في نهاية القصة تلك الفكرة الخفية فاحمد البطل ضحية للموت كما هو كافافيس رمز لرزايا عفا عليها الزمن، ورغم كل ذلك الألم لكننا نجد من كفافايس شاعرا يصوب نحو مدائن الإبداع باقة ضوء...ونجد البطل احمد ورغم هروبه ووجعه يتوحد مع هذا الشاعر في أحاسيسه واغترابه، ومثله يظل في قلبه قليل من الأمل وبقايا من الفأل...رغم أن عيون قلبه ترمق النهاية وأي نهاية تلك؟! إذا كانت البداية "موت يحصد ذات صيف أرواحا متوالدة منك...هكذا جائتك البداية..أنت تغفو في فراشك منتفخا بالقصائد والكرى محتضنا حلم يجعلك شاعر..بينما عالتك تقضي على الطريق..أتاك الخبر بالنذير..وبأجساد مدفونة بالنعوش، أشلاء زوجتك وأولادك فإذا بالصحو يتفجر بين عينيك ..وإذا بالكارثة تصفعك بالصراخ والعويل" . وكأن سحر الناجي تتمسك دائما بذلك الضوء في آخر النفق...تتمسك بفسحة الأمل...وكأن لسان حالها يظل يقول دائما " ما أصعب العيش لولا فسحة الأمل". وقد نجحت الكاتبة في تضمين قصتها فكرة عالمية فلسفية تترك أثرا واضحا في نفس كل متلقي ووجدانه وذهنه. يتبع،، |
الشخصية في قصة " ظل كافافيس" في القصة شخصية محورية رئيسة واحدة وهي البطل ( احمد ) ولذلك نجد أن القصة ظلت محصورة في بعد واحد، هو قصة احمد البطل مع الشعر والإبداع والموت وألم الحياة وشعاع الامل، وذلك على الرغم أن الكاتبة وببراعة أدخلت قصة كافافيس في النص وبتركيبة معقدة حتى يكاد أن يلتبس الأمر على المتلقي فيظن أن في القصة أكثر من بعد واحد واكثر من شخصية محورية، ولكن الكاتبة استخدمت شخصية كافافيس ليخدم بناء شخصية البطل ( احمد ) ويدخلنا أعمق في ثنايا نفسيته....كما أن الشخصيات الأخرى ثانوية ( العروس والأب مثلا ) وجودها لا يكاد يكون له أهمية بل جاءت لتعمق معرفتنا وإحساسنا بتجربة وبمسيرة حياة احمد المؤملة. من هنا نجد أن الفكرة في القصة ظلت قوية متماسكة وقد عزز وجود شخصية كافافيس الفكرة بدل أن يضعفها وهذا ما يحسب للكاتبة أيضا. لا شك أن الكاتبة قد نجحت في بناء شخصية البطل بطريقة جعلتني كمتلقي أتفاعل معه تفاعلا عاطفيا وفكريا ونفسيا، ذلك لان الكاتبة نجحت في أن تنقل أحداث حياة احمد لنا ببلاغة شديدة وبتشخيص وتجسيد بارع وكأنه تحول إلى كائن يعيش بيننا فنشعر بألمه واغترابه، كما أنها نجحت أن تنقلني كمتلقي إلى عالمه أكاد أن ارفع يدي لأصافحه واشد على يده لما أصابه من فجيعة بموت زوجته وأولاده الذين عادوا له أشلاء في النعوش. نعم لقد تمكنت الكاتبة من جعلنا نشعر بألم احمد ...ونرى احمد البطل وهو يتحرك ويجوع ويتألم وجعلتنا نسمعه وهو يتكلم خاصة في ذلك المشهد "ليلة الدخلة" وهو يتحدث مع زوجته...ونشعر بكآبته واغترابه في شوارع نيوجرسي ونجد أنفسنا نرافقه إلى الرياض...نتعاطف معه في مآسيه ونظل في صحبته وصحبة كافافيس إلى أن يتنفس الصبح وينام هو من شدة التعب والإرهاق فيطير النوم من عيوننا من شدة تعاطفنا مع هذه الشخصية ونجد أن ظل كافافيس وظل البطل احمد يظلا في انتباهنا لا يفارقنا أبدا. |
المكان والزمان في قصة "ظل كافافيس " يقال أن أكثر القصص القصيرة تأثيرا هي تلك التي تدور أحداثها أو تغطي مدة زمنية قصيرة أو لحظة زمنية محددة. هنا في قصة ظل كافافيس نجد أن أحداث القصة والتي جاءت لتوصل لنا الفكرة دارت كلها خلال زمن قصير ومحدود وهو بضع ساعات حيث بدأت الأحداث فيها حينما كان البطل يسعى لسد رمقه لكنه عزف عن الأكل والشرب ليجلس على الأريكة ويتناول كتاب الشعر لتنتهي القصة مع انتهاء قراءة الكتاب في ذلك صباح. صحيح أن في القصة أزمان أخرى لكنها تخدم زمن القصة الرئيسي والذي دارت فيه أحداث القصة الرئيسية والتي يلعب فيها البطل الدور الأساسي. نفس الشيء يمكن أن يقال عن المكان... وعلى الرغم أن القصة تأخذنا إلى الإسكندرية وانجلترا ونيوجرسي والرياض وتسافر بنا عبر التاريخ والأمكنة المتعددة لكن أحداثها دارت في مكان واحد هو تلك الأريكة في تلك الدار في تلك الليلة. إذا لقد أتقنت الكاتبة سرد أحداث القصة ضمن فضائيين زماني ومكاني محدودين ومناسبين لهذا النمط من الكتابة مما جعلها قصة حية ذات صلة بالواقع وذات قوة أبهامية. |
البداية في قصة ظل كافافيس "مدوية" تكمن أهمية البداية في القصة القصيرة كونها نقطة الجذب التي تهدف إلى توريط القارئ في الحدث وإلى إدهاشه وإجباره على التساؤل كيف تورط في الحدث. هدف البداية إيقاع الحيرة والدهشة في ذهن و نفس المتلقي وهذه الحيرة والدهشة هي التي تدفعه للاستمرار في القراءة ليستكشف ما الذي حدث وكيف ولماذا وما إلى ذلك.. في فقرة البداية في قصة ظل كافافيس " قلبه الذي يكتظ بالحزن .. كان يمتشق خفقة جامحة ويلقيها زفرات على هامة الضجر .. قلبه المنصاع دومآ للألم .. وهذا الهاجس بالإنكسار .. والشتات , قلبه والوجع .. هاهو يغوص بين حناياه ويستكين .. يتغلغل في تجاويف صدره حتى الإختناق , فإذا ما صفق الألم في أعماقه , أخذ يدندن بأنشودة قديمة عن البحر وعواصف الزمان .." نجد وصف لمشهد الحزن والألم، والانكسار، والشتات، والوجع، والاختناق، وعواصف الزمان وهو مشهد لا شك يعبر عن صراع حاد لا بد أن البطل قد وقع فيه فأدى هذا الصراع إلى ذلك الحال الموصوف هنا. المشهد لا شك يجذب القارئ بقوة ليتعرف على سر كل هذا الألم وصاحبه وسر الصراع الذي أوصل إلى هذا الحال خاصة أن الكاتبة أجلت الحديث عن البطل فنحن لا نعرف قلب من هو الذي يكتظ بالحزن ولا نعرف السبب...لكل ذلك نندفع للقراءة للاستزادة ولنتعرف. كما أن استخدام كلمات مثل ( يكتظ، يمتشق، خفقة، جامحة، يلقيها، المنصاع، الانكسار، والشتات، والوجع، يغوص، يتغلغل، صفق، اخذ يدندن، عواصف الزمان)، وبمجموع 14 كلمة ملتهبة حادة وكأن كل واحدة منها رصاصة من الرصاص الخارق الحارق المتفجر...من واقع هذه الفقرة الأولى والتي تتكون من 48 كلمة، وهي كلمات تحمل في ثناياها الكثير من الحركة والنشاط والفعل والسلوك وتوقظ حواس المتلقي بشراسة... لذلك أقول بأن الكاتبة هنا نجحت حتما في جعل البداية مدوية تدور حول أمر مهول وتمكنت من جذب المتلقي ليتابع القراءة. |
لا شك ان النقد من اهم عوامل النهوض بالادب ..فأين النقاد هنا؟ كما ان اتقان اليات النقد والنظر بتعمق لنصوص الاخرين من افضل الوسائل لتعلم فنيات الكتابة الفذة واتقان الكتابة...فلماذا يعزف الجميع عن ممارسة هذه المهارات ولو كانت في ابسط حالاتها وأشاكالها؟. ان ممارسة النقد حتى في ابسط صوره هو في الواقع عملية تعلم يستفيد منها اولا وقبل الاخرين الناقد...وهي حتما تساهم في التعريف بفنيات الكتابة فترتقي الكتابة ويرتقي الادب العربي الى العالمية. حبذا لو يقوم كل كتاب يشارك هنا بتقديم قراءته لنص واحد كل شهر او على الاقل جانب واحد من النصوص فمثلا يعلق على "الشخصية" كنعصر من عناصر بناء القصة ثم يتحدث في الشهر التالي عن عناصر "الزمان والمكان" وهو حتما سيضطر اذا ما اراد ان يتحدث ويقدم قراءته للاطلاع على تفاصيل هذه الفنيات بتعمق وهي متوفرة على النت....من هنا تتحقق الفائدة للجميع. |
اقتباس:
غاليتي ناريمان .. على رسلكِ أيتها البارعة ولا تحزني يا رعاكِ الله .. فلسنا بمنأى عن جهل بعض المبدعين ولازلنا على دروب المعرفة والتعلم .. وكل ما سرني أنني أستطعت أن أضيف إلى لائحتك الثرية اسم آخر من الأسماء الإبداعية .. مروركِ يا نقية دائما بردا وسلاما .. تحية لروحكِ الشفافة .. |
اقتباس:
أيوب صابر .. بعد أن أنثر عليك سيدي الناقد برذاذ التقدير من سواقي العرفان .. وذلك لهذا الدأب البهي الذي كللتني به من خلال نقدك الرائع .. كنت آمل بدوري أن تجد دعوتك للنقد صدى بين أقلام منابر .. ولكن لا تثريب على الفأل حين يشحب من تفاصيل الحقيقة .. لك امتنان فاضلي يوازي كوكبة النظام الشمسي .. سلام على روحك .. |
الساعة الآن 11:07 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.