منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   ll~ معجزات ٌ نبويّة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=8342)

أمل محمد 03-20-2012 12:54 AM

ll~ معجزات ٌ نبويّة
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


* إخباره بمقتل صناديد الشرك .

ففي غزوة بدر ، أخبر عن مقتل عدد من المشركين ، وحدد مكان قتل كل واحد منهم ،


وحدثت المعركة ، وتحقق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، فقتل من أخبر صلى الله

عليه وسلم أنه سيقتل ، وفي المكان الذي حدده صلى الله عليه وسلم .

فعن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرينا

مصارع أهل بدر بالأمس يقول : هذا مصرع فلان غدًا إن شاء الله ، وهذا مصرع فلان

إن شاء الله ، قال عمر : فوالذي بعثه بالحق ما أخطؤوا الحدود التي حدها رسول الله

صلى الله عليه وسلم

وتعليقا على تحديده صلى الله عليه وسلم من سيقتل في غزوة بدر ، ومكان قتله ، يقول

الإمام النووي : هذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم الظاهرة.

أعلمه ربنا علام الغيوب ، فأعلم صلى الله عليه وسلم أصحابه تطمينًا لقلوبهم ، وليربو

الإيمان في أنفسهم ، ونقل الخبر إلينا تطمينًا لنا وزيادة يقين، فلله الحمد على ما أنعم ،

والصلاة والسلام على النبي المكرم .

~

أمل محمد 03-20-2012 01:01 AM

* نعيه قادة غزوة مؤتة


جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشًا ، ليؤدب أهل الجهة الشمالية من الجزيرة ، فلقد قتلوا مندوب رسول الله صى الله عليه وسلم غدرًا .
عين صلى الله عليه وسلم من يقود هذا الجيش ، وكان التعيين عجبًا ؛ فلقد عين صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة قائداً للجيش ، فإن قتل فليكن القائد جعفر بن أبي طالب ، فإن قتل فعبد الله بن رواحة .

فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيد بن حارثة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن قتل زيد فجعفر ، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة .
وأيقن الصحابة أن هؤلاء القادة سيقتلون ، وأيقن القادة أيضا بذلك ، وسافر جيش المسلمين ، والتقى بجيش الروم ، وقتل القادة الثلاثة ، واختار الجيش خالد بن الوليد قائدًا ، وأعز الله جنده .
ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة ، يخبر بكل ذلك ، يخبر باستشهاد القادة الثلاثة ، وتولي خالد ، وفتح الله على المسلمين .
فعن أنس رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيدا ، وجعفرا ، وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم ، فقال : أخذ الراية زيد ، فأصيب ، ثم أخذ جعفر فأصيب ، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب ـ وعيناه تذرفان ـ حتى أخذها سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم "
وفي رواية أخرى " ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له " .
وفي غزوة مؤتة هذه عدة معجزات له صلى الله عليه وسلم :
* فلقد عين القواد الثلاثة ، وفعلا تولوا القيادة
* وأخبر بوفاتهم قبل مجئ أي خبر من أرض المعركة إلى المدينة ، وكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم .
* وأخبر بتولي خالد ، وأن الجيش اختاره ، وكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم .
* وأخبر بالفتح ، وكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم .


~

أمل محمد 03-20-2012 01:02 AM

يتبع بإذن الله ~

أمل محمد 04-06-2012 04:35 PM

الدعاء بأن لا تهلك هذه الأمة بما أهلكت به الأمم السابقة.




عن خباب بن الأرت قال : رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة صلاها حتى كان مع الفجر ، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته جاءه خباب ، فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي لقد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت نحوها ، قال : أجل ، إنها صلاة رغب ورهب ، سألت ربي فيها ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين ، ومنعني واحدة ، سألته أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا فأعطانيها، وسألته أن لا يظهر علينا عدوا من غيرنا فأعطانيها ، وسألته أن لا يلبسنا شيعا فمنعنيها" (1) .
المعاني : ـ
"رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي أطلت النظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتأمل ما يصدر منه ، من " رمق يرمق رمقا"
" في صلاة صلاها" كانت هذه الصلاة صلاة ليل .
" فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته جاءه خباب" انتقل من أسلوب المتكلم إلى أسلوب الغائب، فكان خباب يتكلم عن نفسه "رمقت رسول الله" وقوله "جاءه خباب" كأنه يتكلم عن غائب إذ الاسم الظاهر من الغائب، وعدل عن أسلوب تمليحا للكلام، ولو سار على أسلوب المتكلم لقال : فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته جئته .
" فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي . . . " القائل خباب ، يتكلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسلوب المحب المراعى لكل الاحترام والتكريم فيقول لرسول الله بأبي أنت وأمي أي أفديك بأبي وأمي ، وليس المراد الأب والأم فقط ، وإنما المراد : بأعز وأكرم ما لدى من نفس وأهل ومال .
" لقد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت نحوها" أي ما رأيتك فما رأيت من صلواتك صليت مثل هذه الصلاة ، فلقد أطلت فيها عما رأيته من صلواتك.
" قال : أجل " القائل هنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و "أجل" معناها : نعم يوافق صلى الله عليه وسلم خبابا فيما رأى ، وأنه صلى الله عليه وسلم قد أطال هذه الصلاة .
" إنها صلاة رغب ورهب " هذه صلاة رغبة ورهبة ، وبينت المعنى هناك وأنه صلى الله عليه وسلم وحاله مع الله بين الرجاء والخوف . . . الخ ما هناك .
" ثلاث خصال " أي ثلاثة أمور لأمتي .
"سألته أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا " كالغرق ، والخسف ، والرياح ، وغير ذلك مما سيأتي في الشرح .
" وسألته أن لا يظهر علينا عدوا من غيرنا " أي أن لا ينصر علينا عدوا من أعدائنا.
" وسألته أن لا يلبسنا شيعا" أي أن لا نختلف ونتناحر .
وجه الإعجاز في الحديث : ـ
ذكر بنا في القرآن الكريم أخبار كثير من الأمم ، وبين سبحانه ذنوب بعض هذه الأمم ، والعقوبات التي حلت بهم !!
ومن هنا اجتهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء لأمته أن لا يهلكها الله بعقوبة من هذه العقوبات ، إنها الأمة الخالدة ، يسأل صلى الله عليه وسلم ربه سبحانه وتعالى أن لا يهلكها ، وأن يبقيها مشمولة بعناية الله تعالى .
يصلي صلى الله عليه وسلم ويطيل الصلاة ، وبكل خشوع وتضرع يسأل الله سبحانه أن لا يهلكها بالغرق ، ولا يالحرق ، ولا بالخسف ، ولا بأي مهلك أهلك أمة سابقة ، يسأل الله أن لا يدمر بلادها ، وأن لا يقتل جمعها .
ويستجيب الله الكريم دعوة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويطمئنه أنه سبحانه لن يهلك أمة الإسلام بأي مهلك أهلك الأمم السابقة .
ويسعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، ويطمئن الأمة على امتداد عمرها بنعمة الله هذه علينا .
ويتحقق الأمر كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم !! فالحمد لله لم تهلك الأمة ، لا بغرق ، ولا بحرق ، ولا بريح ، ولا بأي مهلك مما أهلكت به الأمم السابقة !! لقد أخبر صلى الله عليه وسلم بالأمر ، أوحاه الله إليه ، أخبر وهو المبلغ عن الله ، الواثق بوعد الله ، فتحقق الأمر كما أخبر ، وها هي الأمة بحمد الله علىطول أربعة عشر قرنا تنعم بما دعا به صلى الله عليه وسلم ، فيحفظها الله من كل مهلك ، وتعيش معافاة مستقرة .
وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم التي ظهرت في زماننا وفي كل زمان ، والتي تزيدنا إيمانا بإكرام الله هذه الأمة، وبصدق كل ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، فهو الرسول المصطفى المعصوم ، وهو المبلغ عن الله سبحانه ، وهو الذي قال الله تعالى فيه : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم } [ آخر سورة التوبة : 128 ] ، فصلى الله وسلم وبارك عليه من رسول بلغ الحق ، وحفظ الله سبحانه دينه بالصدق ، والحمد لله رب العالمين .



أمل محمد 04-06-2012 04:37 PM

الإخبار عن حال الخلافة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم "الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم مُلك بعد ذلك" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم




لقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحال الخلافة بعده إلى ما شاء الله تعالى، سواء حال الخلافة التي هي على نهج النبوية ـ وهي الراشدة ـ أو التي تكون ملكاً عضوداً، أو التي تكون ملكاً جبرياً .. إلخ . وكل ذلك قد تحقّق كما أخبر صلى الله عليه وسلم.
فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضّاً فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت قال حبيب فلما قام عمر بن عبد العزيز وكان يزيد بن النعمان بن بشير في صحابته فكتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه فقلت له إني أرجو أن يكون أمير المؤمنين يعني عمر بعد الملك العاض والجبرية فأدخل كتابي على عمر بن عبد العزيز فسر به وأعجبه) رواه أحمد والطيالسي والبزار، وعزاه البوصيري لابن أبي شيبة وللطبراني في الأوسط مختصراً، وقال الحافظ الهيثمي: رجاله ثقات[1]. وقد ورد بنحوه عن بعض الصحابة أيضاً.
وقد حدّد رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة الخلافة التي على منهاج النبوية بثلاثين عاماً، فكانت كما أخبر صلوات الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
فعن سفينة، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم ملك بعد ذلك " .
وفي رواية " خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يُؤتي الله تعالى الملك ـ أو ملكه ـ من يشاء ".
قال سفينة: امسك، خلافة أبي بكر رضي الله عنه سنتين، وعمر رضي الله عنه عشراً، وعثمان رضي الله عنه اثنتي عشر، وعلي ستّاً، رواه أحمد والطيالسي وأبو داود والترمذي والنسائي والطحاوي وغيرهم، وصححه أحمد بن حنبل وابن حبان والحاكم[2] . وصححه ابن كثير.
وعن أبي بكرة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة الرؤيا والميزان ـ قال خلافة نبوة ثلاثون عاماً، ثم يؤتي الله تبارك وتعالى الملك من يشاء). رواه أحمد وابن أبي شيبة وأبو داود والطحاوي وابن أبي عاصم في آخرين[3]. وذكر الترمذي والحاكم الرؤيا، وصححاه. وشاهده حديث سفينة وغيره.
أما وجه الإعجازفهو أخبار صلى الله عليه وسلم عن حوادث سوف تكون بعد وفاته وقد كانت تماماً مثلما تنبأ بها النبي صلى الله عليه وسلم.

أمل محمد 04-06-2012 04:40 PM

مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضي الله عنه- مظلوماً "ائذن له ـ أي لعثمان رضي الله تعالى عنه ـ وبشره بالجنة على بلوى تصيبه متفق عليه

الكاتب: د./ خليل إبراهيم ملاّ العزّامي




ومن علامات الساعة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم : مقتل أمير المؤمنين، سيدنا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه ظلماً.

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحداً، ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف بهم، فضربه برجله، وقال : (أثبت أحد، فإنما عليك نبي، وصِدّيق، وشهيدان) رواه البخاري[1] ويضاف إلى ذلك أيضاً:
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تقتلوا إمامكم، وتجتلدوا بأسيافكم، ويرث دنياكم شراركم) رواه الطيالسي والترمذي ـ وحسنه ـ وابن ماجه والبيهقي[2].
وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عثمان رضي الله عنه يقتل ـ حين يقتل ـ وهو مظلوم.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فتنة، فمر رجلٌ، فقال : ( يقتل فيها هذا المقنع يومئذٍ مظلوماً) قال: فنظرت فإذا هو عثمان بن عفان . رواه أحمد، والترمذي وحسنه[3].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قد عهد إلى عثمان رضي الله عنه، وأن الله تعالى سيقمِّصه قميصاً، يعني: الخلافة ـ فلا ينزعه، ولا يتنازل عنه، إذا ما نوزع من قبل الظلمة.
كما في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، عند أحمد وابن أبي شيبة، والترمذي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححوه، في آخرين[4].
وعن عثمان رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليّ عهداً، وأنا صابرٌ عليه. رواه أحمد وإسحاق وابن أبي شيبة وابن سعد، والترمذي والحاكم وابن حبان وصححوه، وابن ماجه، في آخرين[5].
وكيف لا، وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، في قصة بشارته صلى الله عليه وسلم للأسياد الثلاثة يوم بئر أريس، بأنه رضي الله تعالى عنه ستصيبة بلوى، وعليه الصبرـ وفيه قوله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى : (ائذن له ـ أي لعثمان رضي الله تعالى عنه ـ وبشره بالجنة على بلوى تصيبه) متفق عليه.
وقد أصابته رضي الله عنه، فصبر، فنال ما نال من الأجر والشهادة والتكريم، رضي الله تعالى عنه وعن سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.


ماجد جابر 04-10-2012 01:27 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر لك أستاذتنا القديرة أمل محمد هذا البوح الإيماني المعبر الجميل . نتابع ما تخطه يداك.
بوركت ووفقك المولى ، فإلى المزيد يا رعاك الله.

أمل محمد 04-11-2012 07:41 PM

إخبار الله نبيه صلى الله عليه وسلم بما حدث من إفشاء السر من إحدى زوجاته.

وقال تعالى : { وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير } [ التحريم : 3 ] .

لقد أسر النبي صلى الله عليه وسلم إلى إحدى زوجاته بأمر، وطلب منها أن لا تخبر بذلك، إلا أنها أخبرت بهذا السر زوجة أخرى، فأعلم الله رسوله بذلك، فأعلم صلى الله عليه وسلم التي أفشت السر أنها قد أفشت السر !! فتساءلت معه صلى الله عليه وسلم : من أخبرك بهذا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم أخبرني به العليم الخبير، أخبرني به الله سبحانه وتعالى.

إن هذا الأمر الخفي، الذي لا يعلمه سوى الزوجتين كيف علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

إنه أمر لا يعلمه إلا الله، فأطلع الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم.

إن هذه الآية تخبر عن أمر غيبي أخبر الله به رسوله، مما يبين وجهاً من إعجاز القرآن، وأن الله يخبر رسوله ببعض الغيب إكراما له صلى الله عليه وسلم وتأييدا.

أمل محمد 04-11-2012 07:43 PM

إخبار الله نبيه صلى الله عليه وسلم بدخول المسجد الحرام.


وقال تعالى : { لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا } [ الفتح 27 ] .

رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام أنه دخل مكة هو وأصحابه ، وطافوا بالبيت ، وحلقوا أو قصروا .
فقص الرؤيا على أصحابه ، ففرحوا واستبشروا ، وظنوا أنهم سيدخلونها في عامهم هذا ، وقالوا : إن رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم حق.

وذهب صلى الله عليه وسلم وأصحابه معتمرين ، إلا أن المشركين صدوهم ، ففرح المنافقون ، فأنزل الله هذه الآية ، يخبر الأمة أن رؤيا رسوله حق وصدق ، وأنكم ستدخلون المسجد الحرام عامكم المقبل إن شاء الله ، حال كونكم آمنين من كل فزع.

أكدت الآية هذا المعنى في العام السادس فاعتمروا فعلا في العام السابع، وتحقق ما أخبرنا به ربنا، وبلغه نبينا صلى الله عليه وسلم، واعتمروا ودخلوا المسجد الحرام، وكان في ذلك الخير الكثير.

أمل محمد 04-11-2012 07:44 PM

إخبار الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالنصر يوم بدر.



وقال ربنا سبحانه وتعالى : { وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين } [ الأنفال 7 ] .
وهذا الوعد كان في غزوة بدر ، لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة ليأخذ تجارة لقريش عائدة من الشام، وجاءه جبريل وبشره بوعد الله له بأنهم إما أن يحظوا بالتجارة ، وإما أن يحظوا بالنصر على المشركين ، وكان الصحابة يودون أن يظفروا بالتجارة ، إلا أن القافلة سبقت، ولم يشأ الله أن يأخذوها، وعلمت قريش بتهديد المسلمين قافلتهم فخرجوا في جيش، وأبلغهم أبو سفيان قائد القافلة بنجاته والقافلة ، إلا أن أبا جهل رفض العودة بالجيش إلى مكة ، وأصر على ملاقاة المسلمين ليلقنهم درسا ، والتقى الجيشان في بدر، وكتب الله النصر للمسلمين على الرغم من كثرة عدد المشركين، وقلة عدد المسلمين.
وتحقق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، وما وعده الله به، من أنهم سيحظون إما بالقافلة وإما بالنصر، فنصرهم الله وأعزهم .



أمل محمد 04-11-2012 07:47 PM

إخبار الله نبيه صلى الله عليه وسلم بنصر الروم على الفرس.



وقال سبحانه : { ألم * غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون* بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم * وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون } [ الروم 1 ـ 6 ] .

في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم دارت معركة بين فارس ـ وهم عباد نارـ والروم ـ وهم أتباع النصرانية ـ وانتصرت فارس على الروم ، ففرح مشركو مكة ، واعتبروا ذلك بشارة بنصرهم على المسلمين ، ذلك أن الفرس وهم أهل دين أرضي قد انتصروا على الروم أتباع الدين السماوي، فقاسوا على ذلك أن ينتصر مشركو مكة الذين هم أتباع دين أرضي على محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصحاب الدين الرباني .

ونزلت هذه الآيات من صدر سورة الروم، تبشر المؤمنين بأن الله سبحانه سينصر الروم في خلال سنوات معدودة .
وتحقق ما جاء في كتاب ربنا، وقرأه على الأمة نبينا صلى الله عليه وسلم، حتى إن الدارس لهذه الآيات مع التاريخ لينبهر كثيرا، وكم كان ذلك سبب إسلام منصفين.

أمل محمد 04-11-2012 08:20 PM

إخبار الله نبيه صلى الله عليه وسلم بانتشار الإسلام.


وقال سبحانه : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون } [ التوبة 33:، الصف 9 ] .


وعد من الله الكريم أن ينصر دينه، ويجعل المسلمين أعزة سادة، ولقد تحقق هذا، فانتشر الإسلام وساد، وعم نوره وزاد، وتحقق وعد ربنا جل جلاله. لقد تحققت الآية كما أخبر ربنا تبارك وتعالى، وهذا من إعجاز القرآن الكريم، ومن معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم .


أمل محمد 04-11-2012 08:21 PM

إخبار الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالتمكين للدين.


وقال سبحانه : { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحا ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون } [ النور 55 ]


ولقد تحقق هذا الوعد بكل أفراده، فوجدت دولة الإسلام، ومكن الله لهذا الدين، وملأ البلاد، واعتز به العباد، وتحقق ما قاله ربنا، وما قرأه على الأمة نبينا، وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، ودليل ساطع على عموم رسالته، وأنها التي تصلح كل زمان ومكان.


أمل محمد 04-11-2012 08:21 PM

إخبار الله نبيه صلى الله عليه وسلم بهلاك أبي لهب.



وقال ربنا تبارك وتعالى : { تبت يدا أبي لهب وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب * سيصلى نارا ذات لهب * وامرأته حمالة الحطب * في جيدها حبل من مسد } [ سورة المسد ]
أخبر سبحانه أن أبا لهب ـ واسمه : عبد العزى بن عبد المطلب ـ سيدخل النار هو وامرأته، وذلك بما كانا عليه من عداء للإسلام، وإيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبر القرآن أنهما من أهل النار، وتحقق ما أخبر به ربنا وقاله نبينا، فماتا على الكفر، ولم يسلما ولو ظاهرا، وهذا من دلائل النبوة الباهرة.


أمل محمد 04-11-2012 08:22 PM

إخبار الله نبيه صلى الله عليه وسلم بهزيمة المشركين.


قال سبحانه وتعالى : { أم يقولون نحن جميع منتصر* سيهزم الجمع ويولون الدبر } [ القمر 44 ، 45 ] يحكي سبحانه وتعالى عن المشركين أنهم مغترون بقوتهم، وأنهم يرون أنهم المنصورون ! .


وقال تعالى : { سيهزم الجمع ويولون الدبر } يخبر سبحانه وتعالى رسوله والمؤمنين أن المشركين سيهزمون، وسيولون الأدبار، أي سيسرعون منهزمين، وقد حدث ذلك فيما بعد، في بدر وفي غيرها من الغزوات

إن قول الله تعالى : { سيهز الجمع } دليل على أن ذلك لم يكن قد وقع، فوقع كما أخبر الله تبارك وتعالى، وتحقق، تأييدا من الله لرسوله بوقوع ما أخبره الله به كما أخبر تماما، وتأييدا أيضا بهزيمة أعدائه.

ورسول الله صلى الله عليه وسلم مدرك أن هذه الآية إنما هي في مثل هذه المواقف، ومن هنا قرأ هذه الآية حينما خرج من العريش (1)، قرأها ورمى المشركين بقبضة من الحصى فكان النصر والظفر، وتحقق ما أخبر به الوحي، معجزة للقرآن الكريم ، ومعجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .


أمل محمد 04-11-2012 08:23 PM


تأليف قلوب المؤمنين



ومن تأييد الله تبارك وتعالى له صلى الله عليه وسلم أن ألف سبحانه بين قلوب المؤمنين، ووحدهم سبحانه، وجمع كلمتهم، وجعلهم يدا واحدة، وليهم الله ورسوله والمؤمنون، ولا ولاية بينهم وبين كافر، جعلهم سبحانه يدا واحدة على من عاداهم، وأمة لها دينها الذي يرسم كل حياتها.

يقول الله سبحانه : { وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم } [ الأنفال 63 ]

ويقول سبحانه : { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون } [ آل عمران 103 ].


أمل محمد 04-11-2012 08:23 PM

تأييده بتثبيت أتباعه وإلقاء الرعب في قلوب أعدائه

فالناظر في التاريخ الإسلامي يتضح له أن جيش الإسلام كان واضحا فيه تثبيت الله لهم، وأن جيش الشرك كان واضحا فيه الهلع والجبن.

يقول الله تعالى : { إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان} [ الأنفال 12]

إنه في غزوة تبوك لم يثبت جيش الروم أمام جيش المسلمين طرفة عين، وحينما حمل المسلمون على الروم لم يجدوا جيشا أمامهم.


أمل محمد 04-11-2012 08:24 PM

تأييده بالريح


ومما جاء في القرآن الكريم من معجزاته صلى الله عليه وسلم تأييد الله تبارك وتعالى له صلى الله عليه وسلم بالريح، سلطها سبحانه على أعداء رسوله، فكانت من أسباب هزيمتهم.


يقول الله سبحانه : { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا } [الأحزاب 9 ]

أمل محمد 04-11-2012 08:25 PM


إخبار الله نبيه صلى الله عليه وسلم بتشريع الجهاد.


قال الله تعالى : { إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله } [ المزمل : 20 ]
إن قول الله سبحانه وتعالى في هذه الآية : { علم أن سيكون منكم } يفيد أن الأمر لم يحدث، وأن الجهاد لم يكن قد شرع، وإنما أشارت إليه الآية الكريمة وأنه سيكون.
فشرع الجهاد بعد ذلك، وجاهد الصحابة، ونصرهم الله وأعزهم، وسارت الأمة على هذا النهج.
وتحقق ما أخبر الله تبارك وتعالى به رسوله صلى الله عليه وسلم وأخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمة .


أمل محمد 04-11-2012 08:26 PM


تأييده بالملائكة


ومما أيد الله به رسوله صلى الله عليه وسلم نزول الملائكة في غزواته، تقوم بدور عظيم في نصرة المسلمين، وفي هذا من التأييد له صلى الله عليه وسلم وإعلاء شأنه، وإعظام شأن دعوته ما فيه.


يقول الله سبحانه : { إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين* بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين* وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم } [ آل عمران124 ـ 126 ]

أمل محمد 04-11-2012 08:27 PM

عصمته من القتل



ومما جاء في القرآن الكريم من معجزاته صلى الله عليه وسلم، عصمته صلى الله عليه وسلم من القتل، فلم يستطع أحد أن يخلص إليه صلى الله عليه وسلم ويقتله، على الرغم من شدة عداء الكفار له، وحرصهم الشديد على قتله.
لقد تفانى الكفار في معاداته، وبذلوا كل السبل في قتله صلى الله عليه وسلم، فجمعوا الجموع لقتله، وبذلوا كل الأسباب للقضاء عليه، وجيشوا الجيوش من أجل القضاء عليه، والقضاء على دعوته، فما استطاع الكفر أن يصل إلى مراده، وعصم الله رسوله، وأعز سبحانه وتعالى دينه.


يقول الله تعالى : { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين } [ المائدة : 67 ] .

ويقول سبحانه : { إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم } [ التوبة :40 ] .

أمل محمد 04-11-2012 08:28 PM


الإسراء والمعراج


ومما أيد الله تبارك وتعالى به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم من المعجزات ، وجاءت في القرآن الكريم، معجزة الإسراء والمعراج. فأسرى الله به صلى الله عليه وسلم ليلا من المسجد الحرام بمكة، إلى المسجد الأقصى بفلسطين، ثم عرج به إلى السماء، والتقى بالأنبياء، وكلمه ربه، وفرض عليه وعلى أمته الصلاة، وسأل صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل التخفيف مرات، ثم عاد صلى الله عليه وسلم بعد هذا الشرف العظيم.


فلما أصبح صلى الله عليه وسلم أخبر أهل مكة، فسألوه عن كثير من العلامات والملابسات، فأيده الله تبارك وتعالى وألهمه.

يقول الله تعالى : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السمع البصير} [الإسراء:1]

ويقول سبحانه: { والنجم إذا هوى* ما ضل صاحبكم وما غوى* وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى* علمه شديد القوى* ذو مرة فاستوى* وهو بالأفق الأعلى * ثم دنا فتدلى* فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى* ما كذب الفؤاد ما رأى* أفتمارونه على ما يرى* ولقد رآه نزلة أخرى* عند سدرة المنتهى* عندها جنة المأوى* إذ يغشى السدرة ما يغشى* ما زاغ البصر وما طغى* لقد رأى من آيات ربه الكبرى } [ النجم :1ـ18 ]

تحدثت الآية الأولى عن الإسراء، وتحدثت الآيات من سورة النجم عن المعراج، وكل ذلك من معجزاته صلى الله عليه وسلم

ولقد وضحت السنة ذلك توضيحا تام (1) أكتفى بحديث واحد (2) :

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لما كذبتني قريش (3) حين أسرى بي إلى بيت المقدس قمت في الحجر، فجلى الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته، وأنا أنظر إليه" (4)


أمل محمد 04-11-2012 08:28 PM

انشقاق القمر


يقول الله تعالى : { اقتربت الساعة وانشق القمر } [ القمر: 1 ]

وتضمنت السنة تفصيل هذه المعجزة :

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقتين، حتى رأوا حراء بينهما" (1)

أمل محمد 04-11-2012 08:29 PM

القرآن الكريم



رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم معجزاته متعددة ومتنوعة، وأعظمها القرآن الكريم هذا الكتاب المعجز لكل جيل بما برع فيه.

فحينما كان العرب قد فاقوا في الفصاحة والبيان، تحداهم صلى الله عليه وسلم بوجه الفصاحة في القرآن الكريم، وطلب منهم أن يأتوا بمثل القرآن الكريم، وعلى الرغم من توفر الدواعي، ووجود الأسباب إلا أنهم عجزوا عجزا تاما عن الإتيان بمثل القرآن الكريم.

يقول الله تعالى : { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } [ الإسراء 88 ]

تحداهم أن يأتوا بمثله فعجزوا، وهم أهل الفصاحة وأساطين البيان.

فتحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله :

يقول الله تعالى : { أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين } [ هود 13 ]

لكنهم أيضا عجزوا، فتحداهم أن يأتوا بسورة واحدة.

يقول الله تعالى : { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين * فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين} [ البقرة 23، 24 ]
إنه القرآن الكريم الذي قال الله فيه : { وإنه لكتاب عزيز* لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد } [ فصلت 41، 42 ]


شهد بإعجازه المشركون، وأيقن بصدقه المعاندون، واعترف بعظمته أهله وأعداؤه، ولا تزال أوجه إعجازه تظهر، وصدقه على مدى الزمان يتأكد، فحقائقه لا تزيد على طول الزمان إلا جدة، والحكماء لا يزدادون مع طول الزمن إلا احترامه وتعظيمه.

في كل جيل يظهر هذا القرآن العظيم وجها من أوجه عظمته، وفي زماننا والذي يسمى عصر الاكتشافات العلمية، بهر القرآن أهل كل تخصص في تخصصهم، إذ وجد كل دقة متناهية في تناول القضايا، وسبقا علميا في الحديث عن الحقائق.
إن القرآن الكريم معجزة فكرية عقلية، دائم خالد، تسعد بحقيقته العقول في كل زمان ومكان، ويأخذ بيد المنصفين إلى الحق، ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم "ما من الأنبياء نبي إلا أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلى، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة" (1).


إن القرآن ليس معجزة حسية، يؤمن بها من رآها، وإنما هو معجزة عقلية، تدعو كل الأجيال إلى الحق، ويؤمن بسببها كل منصف، ومن هنا رجا صلى الله عليه وسلم أن يؤمن بالقرآن الكثيرون .
لقد حوى القرآن الكريم الكثير من أوجه الإعجاز :


فأسلوبه العالي، والذي يشعر القارئ بأنه كلام الخالق ولابد، كلام الله الذي لا يستطيع أن يرد عليه أحد، فمن الذي يستطيع أن يرد على قوله سبحانه : { أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون }، من يستطيع أن يرد على قوله سبحانه: { أفرأيتم ما تحرثون * أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون } ، إن أحدا في أي زمان أو مكان لا يستطيع أن يرد فيقول إنه هو الذي خلق ابنه، أو هي التي خلقت ابنها، ولا يستطيع أحد أن يقول إنه هو الذيأنبت النبات أو الأشجار.

وأيضا دوام الحق، فلقد علمنا القرآن الكثير من الحقائق، ومن الإعجاز أنها حق على طول الزمان، وفي كل مكان، الكل يعترف بصدق حقائقه، بل وجاء العلم فاكتشف الكثير من الحقائق حينما سار في نهج القرآن الكريم.
فمن ذا الذي يعارض القرآن في أي حقيقة ؟ لا أحد يستطيع.


لقد ذكر القرآن عسل النحل وأنه شفاء للناس، فما زاد هذه الحقيقة الزمن إلا قوة، بينما قال الأطباء منذ فترة : إن الدخان هو البلسم الشافي، وإذ بهم الآن يقولون إنه السم الزعاف.

ماذا معاشر الباحثين؟ ماذا يا أصحاب المعامل؟ إنه الفارق بين كلام البشر وكلام الله خالق البشر.

لقد حذر القرآن من الإسراف في الأكل، والكل يؤمن بهذا ويسلم، الإنسان العادي والمشتغلون بالطب.

لقد حذر القرآن من المخدرات، والعالم كله يستغيث منها.

وأيضا تشريعات القرآن محكمة، فما قال الله فيه شيئا وقال العقل ليته ما قال، وإنما قال العقل: نعم ما قال ربي.
وأيد الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بمعجزات أخرى مع القرآن الكريم، منها ما ذكر في القرآن الكريم، كانشقاق القمر، والإسراء والمعراج، وهي في الصفحات التالية .



أمل محمد 04-11-2012 08:31 PM

انشقاق القمر


يقول الله تعالى : { اقتربت الساعة وانشق القمر } [ القمر: 1 ]

وتضمنت السنة تفصيل هذه المعجزة :

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقتين، حتى رأوا حراء بينهما" (1)

أمل محمد 04-11-2012 08:44 PM

الدعاء بالتيسير والرحمة والنصر لهذه الأمة .


واضح من حديث عبد الله بن عباس السابق(1) أن الله بشر رسوله صلى الله عليه وسلم باستجابة الدعاء الوارد في سورة الفاتحة "الهداية الذي تكلمت عليه قبل ذلك " وأيضا استجابة الدعاء الوارد في ختام سورة البقرة.
ولقد جاءت أحاديث أخرى تفصل استجابة الله الدعوات التي علمها الله نبيه والأمة في ختام سورة البقرة ، وأن الآية الأخيرة لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كلما قرأ دعوة من هذه الدعوات ، كان الله سبحانه وتعالى يوحي إليه بالاستجابة ، يوضح ذلك ما يأتي :
عن أبي هريرة قال " لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم { لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير } [ سورة البقرة : 284] قال : فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بركوا على الركب فقالوا : أي رسول الله (2) ، كلفنا من الأعمال ما نطيق : الصلاة ، والصيام ، والجهاد ، والصدقة ، وقد أنزلت عليك هذه الآية ، ولا نطيقها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم : سمعنا وعصينا ؟ بل قولوا : { سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } قالوا : { سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} ، فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم ، فأنزل الله في إثرها { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } [ سورة البقرة : 285] ، فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى ، فأنزل الله عز وجل : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } ( قال : نعم(3) ) { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا } ( قال : نعم ) { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } ( قال : نعم ) { واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين } ( قال : نعم ) " (4)
وعن ابن عباس قال : " لما نزلت هذه الآية { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } [ سورة البقرة : 284 ] قال : دخل قلوبهم منها شئ لم يدخل قلوبهم من شئ (5) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا ، قال فألقى الله الإيمان في قلوبهم ، فأنزل الله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } قال : قد فعلت (6) { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا } قال : قد فعلت ، { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } قال : قد فعلت { واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين } قال : قد فعلت " (7)
وواضح من هذين الحديثين ، أن الله تبارك وتعالى علم رسوله صلى الله عليه وسلم والأمة هذه الدعوات ، ولما قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، طمأنه الله بأنه سبحانه قد استجابها له صلى الله عليه وسلم ولأمته ، مؤكدا له "نعم . نعم "
و"قد فعلت . قد فعلت "
وفي رواية حديث أبي هريرة عند الطبراني في الدعاء (8) اجتمع اللفظان ، ففي بعض الدعوات "نعم" وفي البعض الآخر "قد فعلت" .
الدعوات السبع :
والدعوات التي في خواتيم سورة البقرة سبع دعوات :
1ـ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
2ـ ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا
3ـ ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به
4ـ واعف عنا .
5ـ واغفر لنا .
6ـ وارحمنا
7ـ انصرنا على القوم الكافرين



يتبع .

أمل محمد 04-11-2012 08:44 PM

وهذه كلها قد استجابها الله تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ، وللأمة الإسلامية .
1ـ فدعوة التجاوز عن النسيان والخطأ :
هذه دعوة هي أصل من أصول الإسلام ، وأن الله تبارك وتعالى لا يحاسب أحدا من أمة الإسلام على أمر نسيه ، فمن نسى فريضة ، فإنه لا يحاسب عليها، وكذلك الخطأ ، فمن أخطأ في أمر ففعله على غير وجهه الشرعي فإن الله لا يحاسبه على ذلك.
أفادت ذلك الآية الكريمة ، مع الحديثين اللذين تقدما في صدر الباب ، أن الله أخبر رسوله أنه لا يقرأ بحرف من الفاتحة وخواتيم سورة البقرة إلا أعطاه .
وأنه ما دعا صلى الله عليه وسلم بدعوة من خواتيم سورة البقرة إلا طمأنه الله سبحانه بالاستجابة .
ولقد صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه المنة ، فقال صلى الله عليه وسلم " إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه " (8) .
2ـ ودعوة { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا } :
والتي معناها : يا رب لا تكلفنا من الأحكام ما يشق علينا القيام به .
وهذه أيضا قد تحققت ، وهي أصل من أصول الإسلام
• قال تعالى : { وما جعل عليكم في الدين من حرج } [ سورة الحج من الآية الأخيرة : 78 ] .
• وقال تعالى : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } [ سورة البقرة من : 185 ] .
• وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الدين يسر " (9).
• وعن ابن عباس قال : قيل لرسول الله : أي الأديان أحب إلى الله ؟ قال : الحنيفية السمحة " (10).
وهذه الدعوة قد أراحت الصحابة كثيرا ، وذلك أنه حينما نزلت الآية {لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } شق ذلك على الصحابة ـ كما تقدم في حديث أبي هريرة وابن عباس ـ ورأوا أن الحساب على ما في النفس ، يوقعهم في المأثم ، ويسبب لهم حرجا دينيا ، فلما نزلت هذه الآية ، وفيها هذه الدعوة { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا } وأخبر الله رسوله باستجابتها ، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتكرم الله باستجابتها، حينئذ ارتاح الصحابة واطمأنوا .
ولذا يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه النعمة :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه " عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ، ما لم تعمل أو تتكلم " (11)
والمراد : أن الله تبارك وتعالى لن يؤاخذ المسلمين على ما يخطر لهم ، وهذه خصوصية لأمة الإسلام ، لا يحاسبهم سبحانه على حديث النفس ، ما دام مجرد خاطر ، يعبر ولا ستقر ، أما إذا استقر ودخل دائرة التنفيذ، فوقع العمل بالجوارح على مقتضاه ، أو تكلم اللسان بوفقه ، فهذا الذي تكون عليه المحاسبة .
3ـ وأما دعوة { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } :
فمعناها : يارب لا تنزل بنا من البلاء ما لا نطيق .
وبتعبير آخر : يا رب لا تحملنا ما لا نطيق من أمور الدين والدنيا ، فلا نرتكب ذنبا يقام به الحد علينا ، وهذا صعب لا يطاق، ولا تنزل بنا بلاء شديدا علينا ، لا نطيقه .
إنها سؤال ورجاء أن يحيينا الله في عافية .
وهذه دعوة تحققت ، ولا زالت تتحقق، فالأمة من بدايتها إلى نهاية الحياة الدنيا تدعو بهذه الدعوة ، وهي دعوة مستجابة ، وعد ربنا باستجابتها ، وأخبرنا رسولنا بذلك .
ومن هنا يقول صلى الله عليه وسلم : "فضلت هذه الأمة على الناس بثلاث: جعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا ، وجعلت صفوفنا كصفوف الملائكة ، وأعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة ، من بيت كنز تحت العرش ، لم يعط منه أحد قبلي ، ولا أحد بعدي" (12)
إن هذه الأمة قد فضلها الله واختصها بهذه الدعوات واستجابتها، يصبحنا سبحانه في عافية ، ويمسينا في عافية .
والعافية نعمة عظيمة ، فهي التي تلي الإيمان في المنزلة ، يوضح ذلك قوله صلى الله عليه وسلم " لم تؤتوا شيئا بعد كلمة الإخلاص مثل العافية فسلوا الله العافية"(13).
4ـ ودعوة { واعف عنا} :
نلاحظ فيها أنها لم تسبق بـ "ربنا" بينما سبقت الدعوات الثلاث السابقة بـ "ربنا" وهذا أيضا في الدعوتين التاليتين .
والسر في ذلك أن هذه الدعوات الثلاث ـ 4 ، 5 ، 6 ـ مرتبطة بالدعوات الثلاث السابقة ـ 1 ، 2 ، 3 ـ فدعوة { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } مرتبطة بـ { واعف عنا } فعدم المؤاخذة على الخطأ والنسيان عفو.
ومعنى : { واعف عنا } تجاوز عن تقصيرنا وزللنا.
يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمة في كل أجيالها ، جميعا نسأل الله أن يعفو عن أي تقصير تقع فيه الأمة ، وأن يتجاوز سبحانه عن أي زلل يقع من عموم الأمة .
إنها دعوة أمة ، يلهمنا ربنا ويعلمنا أن ندعوه بها، للأمة في كل أجيالها .
5ـ ودعوة { واغفر لنا } :
أي استرنا يا رب بين خلقك ، واجعلنا متمسكين بدينك ، حماة له ، ممحافظين عليه ، وهي مرتبطة بالدعوة الثانية { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا } فالتيسير في أمور الدين مغفرة عظيمة ، فبدل أن تأتي التكاليف شديدة وتعجز الأمة عن بعضها فتقع في الإثم ، وتحتاج المغفرة ، بدل ذلك سبقت مغفرته سبحانه ، فجاءت التكاليف ميسرة ، مما يجعل الأمة لا تطبق على ذنب ، فلا تفتضح بين الأمم .
وهي دعوة أمة ، يعلمنا ربنا تبارك وتعالى أن نسأله المغفرة ، والتي هي الستر ، نسأله سبحانه أن يستر الأمة بين الأمم ، ببعدها عن الذنوب ، والتزامها بدينها.
ورأى هارون الرشيد ـ خليفة المسلمين ـ عاصفة تهب على بلاد المسلمين ، فصلى ، وكان من دعائه "اللهم لا تفضحنا بين الأمم" .
6ـ ودعوة { وارحمنا } :
فبرحمتك نوفق لامتثال أوامر ديننا ، ونوفق للاجتهاد في نصرته . وتيسر لناكل خير، وتبعدنا عن كل شر .
وهذه الدعوة مرتبطة بالدعوة الثالثة { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } ، ففي الدعوة الثالثة نسأل الله أن لا ينزل بنا ما يشق علينا، وفي هذه الدعوة السادسة نسأله سبحانه أن يرحمنا ، فبرحمته سبحانه نهتدي لكل خير ، ونقدر على كل طاعة ، كما قال سبحانه : { فبما رحمة من الله لنت لهم } [ سورة آل عمران : 159 ] .
إنها دعوة أمة ، نسأل الله أن يعمها برحمته ، فتوفق لكل خير ، ويحفظها سبحانه من كل شر .
وقد أوحى الله لرسوله باستجابته سبحانه وتعالى هذه الدعوات .



يتبع ...

أمل محمد 04-11-2012 08:45 PM

7ـ ودعوة { أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين } :
تميزت هذه الدعوة عن الدعوات السابقة بمطلعها العظيم { أنت مولانا } أي : يا رب أنت ولينا ، أنت سيدنا ، أنت مالكنا ، ثم رتبوا على ذلك سؤال النصر على الكافرين ، قالوا : { فانصرنا على القوم الكافرين } وكلمة "القوم" تفيد النصرة على الكافرين مهما كثروا ، فهي أقوى مما لو قالوا : فانصرنا على الكافرين .
إن هذه الدعوة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمة يسألون الله سبحانه وتعالى أن ينصرنا على الكافرين أعدائنا في الدين، وأن يمكن سبحانه وتعالى لنا في الأرض ، وأن يعزنا جل جلاله .
وهذه الدعوة أعظم من الدعوة التي تقدمت في حديث سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن لا يسلط على أمته عدوا من غيرهم فيهلكهم ، ذلك أن الدعوة هنا فيها سؤال اله نصرة المسلمين على الكفار ، أما الدعوة التي في الحديث الذي تقدم في صدر الباب ، ففيها ما هو أقل من ذلك ، فيها أن لا يهزمنا عدو.
وعموما فالدعوتان مجابتان ، فلن يهلك هذه الأمة عدو ، والله ناصرها على الكافرين .
وجه الإعجاز في الحديث : ـ
أوحى الله تبارك وتعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم سبع دعوات في خواتيم سورة البقرة ، وأوحى إليه في هذا الحديث أنه ما أن يدعو بدعوة منها إلا استجاب الله تبارك وتعالى له ، فدعا بها صلى الله عليه وسلم ، وعقب كل دعوة كان الله يطمئنه على الاستجابة .
وهذه الدعوات السبع منها ما هو في أصل الدين ، وهو :
{ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا }
و { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا }
فهاتان الدعوتان استجابهما الله تبارك وتعالى ، وهما من أصول الإسلام ، فالله لا يؤاخذ المسلم على النسيان ولا على الخطأ ، ولم يحملنا سبحانه ثقيلا في أمور الإسلام.
أما بقية الدعوات والتي فيها :
سؤال الله أن لا يثقل كاهلنا بالبلاء
وأن يعفو سبحانه عن زلاتنا.
وأن يغفر لنا
وأن يرحمنا
فهذه استجابها سبحانه ، وعلى طول عمر الأمة لم ينزل سبحانه بلاء عاما بسبب ذنب ، وإنما يغفر لنا سبحانه ، ويرحمنا جل جلاله .
أما الدعاء بالنصر على الكفار فهذه دعوة مستجابة على الدوام ، فالنصر حليف الأمة ، يعزها ربنا
وينصرنا ، ولقد علم الكفار ذلك فلا يجرءون على مواجهة المسلمين ، وإنما يستعينون بالمسلمين على المسلمين ، ويستعينون بجماعات المنافقين ، ومن غذوا بثقافة كافرة ، ولكن تكون النتيجة نصرة المسلمين .
وهكذا تحققت هذه الدعوات ، وتتحقق في زماننا ، ويقع الأمر كما أخبر صلى الله عليه وسلم من أن الله سبحانه استجاب له هذه الدعوات .
وهذه معجزة من معجزاته صلى الله عليه وسلم التي ظهرت في زماننا ، وعلم من أعلام نبوته ، وبرهان ساطع على صحة وصدق سنته صلى الله عليه وسلم .



//

أمل محمد 04-11-2012 11:06 PM

الدعاء بهداية الأمة الصراط المستقيم .


عن عبد الله بن عباس قال : "بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه ، فرفع رأسه فقال : هذا باب من السماء فتح اليوم ، لم يفتح قط إلا اليوم ، فنزل منه ملك ، فقال : هذا ملك نزل إلى الأرض ، لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم ، وقال : أبشر بنورين أوتيتهما ، لم يؤتهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة ، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته " (1)
بينما جبريل قاعد" جبريل اسم ملك الوحي ، والملائكة يمكنهم الظهور في صورة رجل، وكان جبريل يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة أحد الصحابة واسمه "دحية" وكان رجلا جميلا.
"سمع نقيضا من فوقه " النقيض : الصوت ، وهو كصوت الباب إذا فتح.
والمعنى : أنه سمع صوتا من أعلا ، يشبه الصوت الذي يسمع من فتح الباب.
" فسلم ، وقال " أي سلم الملك النازل من السماء، سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى جبريل ، وعلى الحاضرين ، وبعد أن سلم هذا الملك توجه بالخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له : " أبشر بنورين . . . "
" أبشر بنورين أوتيتهما " كل ما أوحاه الله إلى رسوله فهو "نور" وعليه فالقرآن "نور" وكل آية أو مجموعة آيات يقال لها "نور" قال تعالى في شأن رسوله صلى الله عليه وسلم : { فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون } [ سورة الأعراف : 157] ، فسمى الله سبحانه ما أنزله على رسوله "النور" .
وقول الملك في هذا الحديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم "أبشر بنورين" أي مجموعتين من آيات القرآن الكريم ، هما الفاتحة وخواتيم سورة البقرة ، سماهما "نورين".
"أوتيتهما" أي آتاهما الله لك .
"لم يؤتهما " أي آتاهما الله لك .
" لم يؤتهما نبي قبلك " أي اختصك الله وأمتك بهما، ولم يؤتهما نبيا قبلك ، وليس بعدك نبي ، فهما خصوصية لك ولأمتك .
" ولن تقرأ بحرف منهما " تقرأ معناها : تدعو . و "بحرف منهما" أي بدعوة منهما، أطلق الحرف وأراد به الجملة ، من باب إطلاق الجزء على الكل.
" إلا أعطيته " أي إلا استجابه الله منك.
والمعنى : لن تدعوا بدعوة من سورة الفاتحة وخواتيم سورة البقرة إلا استجابها الله لك .


يتبع ..

أمل محمد 04-11-2012 11:07 PM

وجه الإعجاز في الحديث : ـ
يبشرنا صلى الله عليه وسلم بأن الله تبارك وتعالى علمنا هذا الدعاء: { إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } ويبشرنا صلى الله عليه وسلم بأن الله سبحانه وتعالى استجاب منه هذا الدعاء لأمته.
بشره الملك قائلا "أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة ، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته " فلما دعا صلى الله عليه وسلم بهذه الدعوات طمأنه الله سبحانه بقوله عقب كل دعوة "نعم" و "قد فعلت"
وعليه فأمة الإسلام يهديها الله الصراط المستقيم ، يهديها الله الدين القويم ، الإسلام على أتم وأنقى ما يكون ، لا تترك شيئا منه عمدا ، ولا تضيع شيئا منه سهوا ولا نسيانا ، إنما هي على الإسلام التام .
• يخبرنا صلى الله عليه وسلم بذلك ، ويتحقق ذلك تماما كما أخبر صلى الله عليه وسلم : ـ
• فالأمة بحمد الله ملتزمة بالإسلام كله ، تحرص على أصوله وفروعه ، صادقة في تطبيقه ، حريصة على كل عقيدة وشريعة وأدب فيه .
• وعلماء الأمة عاكفون على دراسة الإسلام ، كل في تخصصه ، فعلماء للقراءات ، وعلماء للتفسير ، وعلماء للحديث ، وعلماء للفقه ، وعلماء للعقيدة ، وعلماء للغة ، وعلماء للسيرة والتاريخ الإسلامي ، وعلماء للدعوة والاجتماع ، وكل أهل تخصص يستوعبونه بالدراسة ، ويراعون مقتضيات كل عصر .
والأمة مع هؤلاء العلماء تؤازرهم ، وتقتدي بهم .
• والقرآن الكريم عمدة الإسلام وأساسه ، والسنة النبوية التطبيق العملي للإسلام ، تبينه وتوضحه ، قد هيأ الله لهما أسباب الحفظ والخلود ، وأسباب التقريب للعمل ، والأمة ـ ممثلة في علمائها ـ موفقة في خدمتهما ـ القرآن والسنة ـ على كل وجه ، موفقة للعمل بها بكل دقة ، وهذا يعصمها من الخطأ والزيغ والضلال ، ويأخذ بأيديها إلى الصراط المستقيم.
• فالأمة بحمد الله بعيدة عن صراط المغضوب عليهم ، فليست بالأمة التي تعرف الحق وتحيد عنه ، ليست هكذا والحمد لله ، ولكنها تعرف الحق وتعمل به .
• والأمة أيضا بعيدة عن صراط الضالين ، فليست بالتي تهمل دينها حتى تجهل حدوده ، لا ، ليست هكذا ، وإنما هي تعرف دينها ، وتحرص على ذلك ، ومجالس العلم ذائعة ، والأمة حريصة على ذلك ، والحمد لله رب العالمين.
لقد بشرنا صلى الله عليه وسلم أن الأمة ستعيش طول حياتها على الطريق القويم ، تعلمه وتعمل به ، نائية بنفسها عن الطرق الأخرى ، من طريق الذين يعلمون الحق ولا يعملون ، ومن طريق الذين لا يعلمون الحق ولا يعملون ، بشرنا صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالى يهدي هذه الأمة إلى العلم والعمل ، فكان الأمر كما أخبر ، فالأمة قبل زماننا ، وفي زماننا ، وبعد زماننا حريصة على الإسلام ، تتعلمه وتعمل به ، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم ، ومن دلائل نبوته .


أمل محمد 04-11-2012 11:09 PM

الدعوة التي منعها صلى الله عليه وسلم.


عن خالد الخزاعي وكان من أصحاب الشجرة (1) قال : "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم صلاة ، فأخف ، وجلس فأطال الجلوس ، فلما انصرف قلنا : يارسول الله ، أطلت الجلوس في صلاتك ؟ قال : إنها صلاة رغبة ورهبة ، سألت الله فيها ثلاث خصال ، فأعطاني اثنتين ، ومنعني واحدة، سألته أن لا يستحكم بعذاب أصاب من كان قبلكم ، فأعطانيها ، وسألته أن لا يسلط على بيضتكم (2) عدوا فيجتاحها، فأعطانيها ، وسألته أن لا يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض فمنعنيها"(3).
وعن شداد بن أوس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله عز وجل زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها ، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوى لي منها ، وإني أعطيت الكنزين الأبيض والأحمر ، وإني سألت ربي عز وجل أن لا يهلك أمتي بسنة بعامة (4) وأن لا يسلط عليهم عدوا فيهلكم بعامة وأن لا يلبسهم شيعا ، ولا يذيق بعضهم بأس بعض ، وقال : يا محمد إني إذا قضيت قضاء ، فإنه لا يرد ، وإني قد أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة ، ولا أسلط عليهم عدوا ممن سواهم فيهلكوهم بعامة ، حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ، وبعضهم يقتل بعضا ، وبعضهم يسبي بعضا .
قال (5) : وقال النبي صلى الله عليه وسلم " وإني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين ، فإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة " (6)
المعاني : ـ
" صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم صلاة فأخف" ظاهر هذا أن القصة تعددت ، ودعا صلى الله عليه وسلم بدعوات كثيرة ، وكلها استجابها الله سبحانه سوى دعوى واحدة .
وتجمع الروايات على أنه صلى الله عليه وسلم صلى وأطال الصلاة ، سواء أطال في كل أركانها ، أو في بعض أركانها .
ففي هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أخف في عموم أركان الصلاة، وأطال الجلوس، والتخفيف في صلاته صلى الله عليه وسلم لا ينافي إتمام الأركان ، فهو يخف في تمام ، كما جاء في حديث معاذ " صلى النبي صلاة فأحسن فيها الركوع والسجود والقيام"


يتبع ...

أمل محمد 04-11-2012 11:11 PM

وجه الإعجاز في الحديث : ـ
جاء في القرآن الكريم التحذير من الاختلاف والاقتتال بين جماعات الأمة، من ذلك :
قول الله تعالى : { وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين } [ سورة الأنفال : 46 ] .
وقوله سبحانه : { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا } [ سورة آل عمران :103 ] .
وجاء فيه أن الأمم السابقة وقع بينها الاختلاف والاقتتال من ذلك :
قوله سبحانه في شأن اليهود والمنافقين : { لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } [ سورة الحشر : 14].
وقوله سبحانه في شأن النصارى : { ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسواحظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون } [ سورة المائدة : 14 ] .
وجاء فيه أن أمة الإسلام قد تبتلى بالاختلاف والاقتتال ، من ذلك :
قول الله سبحانه وتعالى : { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض } [ سورة الأنعام : 65 ] .
ومن هنا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن يرفع من أمته هذا البلاء، سأل الله " أن لا يجعل بأسهم بينهم " أي لا يختلفوا ، و " أن لا يذيق بعضهم بأس بعض" أى لا يقتتلوا ، إلا أن الله تبارك وتعالى لم يستجب هذه الدعوة ، وإنما وكل الأمة في هذا إلى نصوص الإسلام ، فالقرآن الكريم والسنة النبوية فيهما ما يحصن الأمة ضد هذا ، فلقد بين ربنا أن الاختلاف بين الأمم السابقة إنما كان بإعراضهم عن دينهم، وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الاختلاف إنما يحدث بيننا إذا تركنا العمل بأحكام ديننا ، ونحن مكلفون بالعمل بنصوص الكتاب والسنة ، وذلك يعصمنا من الاختلاف والاقتتال .
ولقد تحقق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، فبين الحين والحين يحدث الاختلاف والاقتتال بين جماعتين من جماعات المسلمين ، كما حدث بين العراق وإيران في الفترة من 1400 ـ 1410 وكما حدث بين العراق والكويت من 1410 إلى الآن ، والاقتتال دائر بين أهل الجزائر منذ سنوات ، وكان الاقتتال قد اقترب أن يحدث بين مصر والسودان من أجل الحدود، وبين الجزائر والمغرب ، وبين السعودية واليمن لولا أن الله سلم ، ولا زالت أسباب الاقتتال قائمة بين إيران والإمارات نسأل الله أن يسلم ، تحقق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم من أن الله لم يعصم الأمة من الاختلاف والاقتتال ، فيحدث بين الحين والآخر ، وتحقق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم من أن الاقتتال بين جماعات الأمة أهون وأيسر .
وفي أحاديث هذا الباب معجزة أخرى من معجزاته صلى الله عليه وسلم ، فإن قوله في نهاية حديث شداد " فإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة" هذا هو الواقع ، فعلى طول عمر الأمة منذ مقتل عثمان بن عفان والاختلاف والاقتال يحدث بين الحين والحين ، وعلى الرغم من طول التاريخ ، وتكالب الأمم الأخرى ، والنصوص المحذرة ، على الرغم من ذلك لا زال هذا الحديث يتحقق.
نسأل الله أن يرزق الأمة رشدها ، فتحذر ما حذرها صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ، فلا اختلاف ولا اقتتال .
والله الهادي إلى الصراط المستقيم .




أمل محمد 04-11-2012 11:11 PM

الدعاء بأن لا تهلك هذه الأمة بما أهلكت به الأمم السابقة.


عن خباب بن الأرت قال : رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة صلاها حتى كان مع الفجر ، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته جاءه خباب ، فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي لقد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت نحوها ، قال : أجل ، إنها صلاة رغب ورهب ، سألت ربي فيها ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين ، ومنعني واحدة ، سألته أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا فأعطانيها، وسألته أن لا يظهر علينا عدوا من غيرنا فأعطانيها ، وسألته أن لا يلبسنا شيعا فمنعنيها" (1) .
المعاني : ـ
"رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي أطلت النظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتأمل ما يصدر منه ، من " رمق يرمق رمقا"
" في صلاة صلاها" كانت هذه الصلاة صلاة ليل .
" فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته جاءه خباب" انتقل من أسلوب المتكلم إلى أسلوب الغائب، فكان خباب يتكلم عن نفسه "رمقت رسول الله" وقوله "جاءه خباب" كأنه يتكلم عن غائب إذ الاسم الظاهر من الغائب، وعدل عن أسلوب تمليحا للكلام، ولو سار على أسلوب المتكلم لقال : فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته جئته .
" فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي . . . " القائل خباب ، يتكلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسلوب المحب المراعى لكل الاحترام والتكريم فيقول لرسول الله بأبي أنت وأمي أي أفديك بأبي وأمي ، وليس المراد الأب والأم فقط ، وإنما المراد : بأعز وأكرم ما لدى من نفس وأهل ومال .
" لقد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت نحوها" أي ما رأيتك فما رأيت من صلواتك صليت مثل هذه الصلاة ، فلقد أطلت فيها عما رأيته من صلواتك.
" قال : أجل " القائل هنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و "أجل" معناها : نعم يوافق صلى الله عليه وسلم خبابا فيما رأى ، وأنه صلى الله عليه وسلم قد أطال هذه الصلاة .
" إنها صلاة رغب ورهب " هذه صلاة رغبة ورهبة ، وبينت المعنى هناك وأنه صلى الله عليه وسلم وحاله مع الله بين الرجاء والخوف . . . الخ ما هناك .
" ثلاث خصال " أي ثلاثة أمور لأمتي .
"سألته أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا " كالغرق ، والخسف ، والرياح ، وغير ذلك مما سيأتي في الشرح .
" وسألته أن لا يظهر علينا عدوا من غيرنا " أي أن لا ينصر علينا عدوا من أعدائنا.
" وسألته أن لا يلبسنا شيعا" أي أن لا نختلف ونتناحر .
وجه الإعجاز في الحديث : ـ
ذكر بنا في القرآن الكريم أخبار كثير من الأمم ، وبين سبحانه ذنوب بعض هذه الأمم ، والعقوبات التي حلت بهم !!
ومن هنا اجتهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء لأمته أن لا يهلكها الله بعقوبة من هذه العقوبات ، إنها الأمة الخالدة ، يسأل صلى الله عليه وسلم ربه سبحانه وتعالى أن لا يهلكها ، وأن يبقيها مشمولة بعناية الله تعالى .
يصلي صلى الله عليه وسلم ويطيل الصلاة ، وبكل خشوع وتضرع يسأل الله سبحانه أن لا يهلكها بالغرق ، ولا يالحرق ، ولا بالخسف ، ولا بأي مهلك أهلك أمة سابقة ، يسأل الله أن لا يدمر بلادها ، وأن لا يقتل جمعها .
ويستجيب الله الكريم دعوة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويطمئنه أنه سبحانه لن يهلك أمة الإسلام بأي مهلك أهلك الأمم السابقة .
ويسعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، ويطمئن الأمة على امتداد عمرها بنعمة الله هذه علينا .
ويتحقق الأمر كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم !! فالحمد لله لم تهلك الأمة ، لا بغرق ، ولا بحرق ، ولا بريح ، ولا بأي مهلك مما أهلكت به الأمم السابقة !! لقد أخبر صلى الله عليه وسلم بالأمر ، أوحاه الله إليه ، أخبر وهو المبلغ عن الله ، الواثق بوعد الله ، فتحقق الأمر كما أخبر ، وها هي الأمة بحمد الله علىطول أربعة عشر قرنا تنعم بما دعا به صلى الله عليه وسلم ، فيحفظها الله من كل مهلك ، وتعيش معافاة مستقرة .
وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم التي ظهرت في زماننا وفي كل زمان ، والتي تزيدنا إيمانا بإكرام الله هذه الأمة، وبصدق كل ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، فهو الرسول المصطفى المعصوم ، وهو المبلغ عن الله سبحانه ، وهو الذي قال الله تعالى فيه : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم } [ آخر سورة التوبة : 128 ] ، فصلى الله وسلم وبارك عليه من رسول بلغ الحق ، وحفظ الله سبحانه دينه بالصدق ، والحمد لله رب العالمين .


أمل محمد 04-11-2012 11:12 PM


الدعاء بأن لا تهلك هذه الأمة بالرجم ولا بالخسف.


عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما (1) قال " لما نزلت هذه الآية { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم } [ سورة الأنعام : 65 ] . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعوذ بوجهك ، قال : { و تحت أرجلكم } قال : أعوذ بوجهك ، { أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا أهون أو هذا أيسر " (2) .
الشرح : ـ
لما حذر الله الإنسانية عذابه سبحانه ، وبين أن العذاب قد يكون من أعلا كأن يرسل عليها حجارة تحملها الرياح من الجبال ، وقد يكون من أسفل كأن يخسف بهم الأرض ، لما بين سبحانه وتعالى ذلك أسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من هذين العذابين .
وجه الإعجاز في الحديث : ـ
ذكر الله في القرآن الكريم حسن عاقبة المتقين ، وسوء نهاية الضالين ، وزاد الأمر وضوحا فبين سبحانه أنواع النعيم الذي يسعد به الصالحين ، وأنواع العقوبات التي تحل بالظالمين .
وحذر سبحانه وتعالى أمة الإسلام من كثير من العقوبات ، ومنها عقوبة الرجم، وعقوبة الخسف ، وعقوبة الاختلاف والاقتتال .
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصعب عليه حلول أي نقمة بأمته ، فيستعيذ بالله من كل ذلك ، وفي هذا الحديث صور من استعاذته صلى الله عليه وسلم ، يستعيذ بالله من الرجم ، ومن الخسف ، أما الاختلاف والاقتتال ، فيراهما صلى الله عليه وسلم أهون ، لكنه يستعيذ بالله منهما .
إنه صلى الله عليه وسلم يؤمن بأنه لا طاقة لأحد بانتقام الله ، ولا طاقة للأمة بعقوبة الله ، ومن هنا يسأل الله ، ويلح في المسألة أن يحفظ الله سبحانه أمة الإسلام من الرجم ومن الخسف ، ويستجيب الله الكريم دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم ، ويطمئنه، فيخبر صلى الله عليه وسلم الأمة بذلك ، ويقع الأمر كما أخبر ، فالحمد لله لم يعاقب الله أمة الإسلام لا بالرجم العام ، ولا بالخسف العام.
أما الاختلاف والاقتتال فإنه صلى الله عليه وسلم يراهما أهون من العقوبات الأخرى ، ولكنه يستعيذ بالله منهما ، إلا أن الله تبارك وتعالى ترك الأمة في هذا الأمر لتقي نفسها شره باتباعها القرآن والسنة ، ففي ذلك عصمة من الاختلاف والاقتتال.
إن هذا الحديث أفاد أنه صلى الله عليه وسلم استعاذ بالله من الاختلاف والاقتتال بين جماعات الأمة ، وأن الله لم يعده ذلك ، ولم يعد الأمة من ذلك ، فتحقق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، وحدثت حروف بين جماعات من الأمة .
وأفاد هذا الحديث أيضا صدق تقديره صلى الله عليه وسلم ، فالاقتتال بين جماعات الأمة شره محدود ، وإن كنا لا نتمناه ، واستعاذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهكذا تحقق كل ما أخبر به صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ، وظهر بحمد الله صدقه ، وأنه من معجزاته صلى الله عليه وسلم ، التي ظهرت في زماننا .



أمل محمد 04-11-2012 11:13 PM

الدعاء بأن لا يجمع الله هذه الأمة على ضلالة.


عن أبي بصرة الغفاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سألت ربي عز وجل أربعا، فأعطاني ثلاثا ، ومنعني واحدة :
سألت الله عز وجل أن لا يجمع أمتي على ضلالة ، فأعطانيها
وسألت الله عز وجل أن لا يظهر عليهم عدوا من غيرهم ، فأعطانيها.
وسألت الله عز وجل أن لا يهلكهم بالسنين كما أهلك الأمم قبلهم، فأعطانيها.
وسألت الله عز وجل أن لا يلبسهم شيعا ، ويذيق بعضهم بأس بعض، فمنعنيها"(1).
وعن كعب بن عاصم أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله أجاركم من ثلاث خلال : ألا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعا، وألا يظهر أهل الباطل على أهل الحق، وألا تجتمعوا على ضلالة " (2)
وكون الأمة لا تجتمع على ضلالة ، أو عصمة الأمة ، هذا من الأمور القطعية التي جاءت في القرآن الكريم (3) ، ومتواتر السنة النبوية (4).
المعاني : ـ
"سألت ربي عز وجل أربعا " يخبر صلى الله عليه وسلم أنه سأل الله عز وجل أربع خصال ، أو أربعة أشياء لأمته ، وهذه الخصال الأربع إنما يستعيذ بالله أن تقع في أمته ، ولقد حدد هذه الخصال في هذا الحديث .
" ألا يجمع أمتي على ضلالة " سأل صلى الله عليه وسلم ربه ألا تجتمع أمته على ضلالة ، و "الضلالة" و " الضلال" ضد الهدى ، وهو يشمل كل ما ليس من الإسلام ، من أكبر الكبائر ، وهو الشرك ، إلى أدنى مخالفة ، كمن يشتري فيزيد أي قدر في الميزان ، أو كمن يبيع فيبخس أي قدر في الميزان ، قال تعالى : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } [ آخر سورة الزلزلة ] .
وهو صلى الله عليه وسلم يسأل الله ألا يجمع أمته على أية ضلالة ، فلا تفعل الأمة كلها ضلالة تراها هدى ، ولا تفعل الأمة كلها ضلالة تتعمد مخالفة الإسلام ، أما أن يقع ذلك من فرد أو مجموعة فذلك جائز .
والمراد بـ "أمتي" أمة الإجابة ، والمقصود علماؤها ، فلن يجتمع علماء الإسلام على ضلالة ، وإنما إذا زل أحدهم أو قلة منهم ظل الأكثرون على الحق.
"ألا يظهر عليهم عدوا من غيرهم" "ألا يظهر" معناها : ألا ينصر، والمعنى : أنه صلى الله عليه وسلم سأل ربه ألا ينصر على أمته عدوا من غيرها .
" ألا يهلكهم بالسنين " بالسنين أي " بالقحط" ، الذي هو عدم الماء .
" ألا يلبسهم شيعا " أي ألا يختلفوا ويتنازعوا .
" ويذيق بعضهم بأس بعض " أي وألا يقتل بعضهم بعضا .
" إن الله أجاركم من ثلاث خلال" أي إن الله حفظكم من ثلاث خصال، أو من ثلاثة أمور ، ثم بين هذه الأمور الثلاثة في هذا الحديث .
" وألا يظهر أهل الباطل على أهل الحق " أي وأجاركم الله من أن ينتصر أهل الباطل ، أهل الكفر ، على أهل الحق ، أهل الإسلام ، فلن ينتصر أهل الكفر على أهل الحق جميعا .
وجه الإعجاز في الحديث : ـ
يذكرنا ربنا بمصير الأمم التي كذبت رسل الله ، وتجرأت على وحي الله سبحانه وتعالى ، بالتبديل أو التضييع ، وأن مصيرها كان الهلاك والخسران ؛ يذكرنا سبحانه بذلك في كثير من آيات القرآن الكريم (5)
ومن هنا يتوجه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إلى الله الكريم الحليم بالدعاء :
• يدعو أن لا تزيغ أمته ، وألا لا تضل .
• يدعو أن لا تجتمع أمته على أي أمر يخالف الإسلام
• يدعو وهو ينتظر التطمين بالاستجابة
• ويستجيب الله الكريم دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويطمئنه أن أمته لن تجتمع على باطل .
• فيسعد صلى الله عليه وسلم ويطمئننا على ذلك ، وأن الحق سيظل شائعا في الأمة وستظل متمسكة به .
وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم التي ظهرت في زماننا ، فعلى الرغم من كثرة الفتن ، وحملة أعداء الإسلام الشعواء عليه ، وكثرة المنافقين الذين يجاهرون بأساليب القضاء على الإسلام ، على الرغم من كل ذلك، فالأمة على الحق ثابتة ، يتمسك الكثيرون بالحق ، والبعض الذي وقع في الخطأ يسلم أنه مخطئ ، ويتمنى التوبة والعودة إلى الإسلام .
• إن أمة الإسلام لا زالت والحمد لله تبغض الكفر والنفاق والرياء.
• إن الأمة لا زالت تعرف معالم التوحيد ، وترفض أن تشوبه أية شائبة.
• إن الأمة لا زالت تبغض الربا والزنا والمخدرات ، وتبتعد عن ذلك كل البعد ، وإن قصر في إقامة حد من الحدود (6) ، فالكثيرون يتمنون إقامته ، والجميع على الإيمان بأنه من أحكام الإسلام ، أما العلماء فهم على الإيمان به ، يذكرون ويدعون إليه .
• إن الأمة لا زالت والحمد لله تحرص على القرآن والسنة ، تتعلم وتعمل وتعلم ، علماؤها مجتهدون ، وشبابها لهذه الغاية منتبهون ، يقدسون نصوص الوحي ، ويكنون لها كل تقديس واحترام ، القرآن عندهم أغلى من حياتهم ، والسنة النبوية يتمسكون تماما بها .
• إن الأمة لا زالت متناصرة متعاونة ، وما ذلك إلا لاعتزازها بدينها ، وتمسكها بإسلامها ، وبعدها عن كل زيغ وضلال.
• إن أمة الإسلام لا زالت إذا جد جديد في حياتها ردوه إلى علماء الإسلام المتخصصين فيه ، يجتهدون في استنباط حكمه من القرآن والسنة .
• إنها أمة تجتمع على القرآن والسنة ، لا على الزيغ والضلال.
يتحقق بذلك ما أخبر به صلى الله عليه وسلم من أن الله سبحانه استجاب له أن لا تجتمع أمته على ضلالة .



أمل محمد 04-11-2012 11:14 PM

الدعاء بأن لا تكفر هذه الأمة.



عن أبي هريرة " عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سألت ربي عز وجل لأمتي أربع خلال ، فأعطاني ثلاثا ، ومنعني واحدة :
سألته أن لا تكفر أمتي صفقة واحدة ، فأعطانيها.
وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم ، فأعطانيها.
وسألته أن لا يعذبهم بما عذب به الأمم قبلهم ، فأعطانيها.
وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم ، فمنعنيها " (1)
المعاني : ـ
"أربع خلال" أي أربع خصال ، إذ "خلال" جمع "خلة" وهي الخصلة في الرجل ، سواء كانت صالحة أو سيئة ، يقال : فلان كريم الخلال، وفلان لئيم الخلال، بمعنى الخصال .
والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم سأل الله تعالى لأمته أربع خصال، أي أربعة أشياء.
" أن لا تكفر أمتي صفقة واحدة" أي أن لا تخرج من الإسلام ، سواء بكفر كامل كالشرك ، أو إنكار الألوهية ، أو إنكار رسالة محمد صلى الله عليه وسلم .
أو بما يورث الكفر ، كإنكار معلوم من الدين بالضرورة ، كإنكار الصلاة ، أو الزكاة ، أو ما إلى ذلك .
أو بالاجتماع على ما يخالف الإسلام ، كأن تعمل بفتوى ضلال ، وقد جاء في حديث آخر " سألت الله عز وجل أن لا يجمع أمتي على ضلالة ، فأعطانيها" (2).
ومعنى "صفقة واحدة" أي مجتمعين ، من أصفقوا على الأمر بمعنى اجتمعوا عليه، فهو صلى الله عليه وسلم يسأل الله أن لا تكفر الأمة مجتمعة ، أما أن يكفر فرد ، أو عدد فهذا يمكن ، وتبقى الأمة على دين الله إلى هبوب الرياح الطيبة التي تقبض أرواح المؤمنين ، وذلك ضمن أعلام القيامة .
"فأعطانيها" أي أن الله سبحانه استجاب لرسوله صلى الله عليه وسلم هذه الدعوة ، وأعطاه هذه الخصلة ، وهي أن لا تكفر أمته جملة ، وأعلم سبحانه نبيه بذلك.
وجه الإعجاز في الحديث : ـ
الإسلام الدين الحق ، تحرص عليه القلوب السليمة ، والفطر القويمة ، هو دين الإنصاف والعدل ، دين الصدق والود ، ارتقى بالإنسانية كل الإرتقاء ، وأسعدها حق السعادة ، هو الدين الذي ارتضاه الله للبشرية، قال سبحانه في آخر ما أنزل من كتابه: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } [سورة المائدة : 3 ] .
هذا الدين في نصوصه من كتاب وسنة :
أ ـ الحث على الثبات على الدين ، والتمسك بأصوله وفروعه .
ب ـ والتحذير من الصوارف عن الدين ، والاحتياط من مؤامرات شياطين الإنس والجن .
والأمة يتنازعها هذان العاملان ، وهنا يتساءل الدارس لحياة هذه الأمة : أي العاملين ستكون له الغلبة ؟ عامل الثبات على الدين ، أم الفتن والصوارف ؟
فجاء هذا الحديث ليرجح كفة الخير ، ويبين أن هذه الأمة ستظل على إسلامها ، إذ أخبر فيه صلى الله عليه وسلم أنه سأل الله تعالى لأمته الثبات على الإسلام، وأن الله سبحانه وتعالى استجاب دعوته صلى الله عليه وسلم .
إن الفتن والصوارف عن الإسلام تجعل الناظر لأحوال الأمة يظن أن الشر سينتصر ، وأن الكفر قد ينتشر ، فالكفر كله يحارب بكل قوته ، وشياطين الإنس والجن يبعثرون الشهوات والشبهات على الأمة، مما يجعل الناظر يخاف على مستقبل دين الأمة ، فجاء هذا الحديث فبين أن الله سبحانه سيحفظ هذه الأمة من الانقلاب عن الإسلام ، وأنها لن تخرج منه ، وإنما ستظل متمسكة بالإسلام حريصة عليه .
وتحقق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، فلم تنقلب الأمة عن الإسلام إلى الكفر ، وإنما هي مقبلة على الإسلام كل الإقبال ، معتزة به كل الاعتزاز ، تبغض الكفر وتنفر منه ، ولم تؤثر عليها الفتن والصوارف عن الدين .
وهذا من أدلة نبوته ، إذ وقع الأمر كما أخبر صلى الله عليه وسلم ، والحمد لله رب العالمين .



أمل محمد 04-11-2012 11:14 PM

الدعاء بأن لا يهلك الله هذه الأمة بالغرق.


وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن لا يهلك أمته بالغرق :
ففي حديث سعد بن أبي وقاص " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية ، حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين ، وصلينا معه، ودعا ربه طويلا ، ثم انصرف إلينا ، فقال صلى الله عليه وسلم : سألت ربي ثلاثا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة .
سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة ، فأعطانيها .
وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها .
وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها " (2)
وفي حديث معاذ بن جبل قال " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما صلاة، فأطال فيها ، فلما انصرف قلنا ـ أو قالوا ـ يا رسول الله ، أطلت اليوم الصلاة ! قال : إني صليت صلاة رغبة ورهبة ، سألت الله عز وجل لأمتي ثلاثا ، فأعطاني اثنتين ، ورد علي واحدة :
سألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم ، فأعطانيها
وسألته أن لا يهلكهم غرقا ، فأعطانيها.
وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم ، فردها على " (3).
المعاني : ـ
"أقبل ذات يوم من العالية " العالية منطقة من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم .
" مسجد بني معاوية " بني معاوية : قرية من قرى الأنصار .
" فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة" أي أن الله سبحانه استجاب له مسألتين ، ولم يستجب له المسألة الثالثة .
" أن لا يهلك أمتي بالسنة " أي أن لا يهلك أمتي بالقحط ، وهو الجفاف ، وعدم نزول المطر لمدة طويلة .
" أن لا يجعل بأسهم بينهم " أي أن لا يختلفوا فيقتتلوا .
" صلاة رغبة ورهبة" أي أنه صلى الله عليه وسلم صلى هذه الصلاة وحاله بين الرجاء والخوف ، يرجو الله أن يتقبل منه ، ومن أمته ، ويخاف غضب الله سبحانه.
وجه الإعجاز في الحديث
الغرق مشكلة تهدد البشرية ، نسمع كثيرا في القرآن الكريم أن الغرق أهلك قوم نوح إلا من آمن ، قال الله تعالى : { وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون * واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون } [ سورة هود : 36 ، 37 ]
وكاد فرعون لموسى ، فخرج موسى بقومه فاتبعهم فرعون بجنده ، فأغرق الله فرعون ومن معه ، ونجى نبيه موسى ومن معه .
قال الله تعالى : { وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون * فأرسل فرعون في المدائن حاشرين * إن هؤلاء لشرذمة قليلون * وإنهم لنا لغائظون * وإنا لجميع حاذرون * فأخرجناهم من جنات وعيون * وكنوز ومقام كريم * كذلك وأورثناها بني إسرائيل * فأتبعوهم مشرقين * فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين * فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك الحجر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم * وأزلفنا ثم الآخرين * وأنجينا موسى ومن معه أجمعين * ثم أغرقنا الآخرين } [ سورة الشعراء : 52 ـ 66 ] .
هكذا نجى الله نبيه موسى ومن معه من المؤمنين ، وأغرق فرعون ومن معه ممن كادوا للمؤمنين .
وفي موضع آخر في القرآن الكريم يقول الله تعالى عن فرعون ومن معه : {فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين} [ سورة الأعراف : 136 ] .
وبعد أن أخبرنا ربنا سبحانه وتعالى في كتابه عن بعض الأمم السابقة، وما كان منهم من تكذيب دعوة الحق ، قال سبحانه : { فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } [ سورة العنكبوت : 40 ].
هكذا يحدثنا ربنا عن الغرق ، وأنه عقوبة يرسلها سبحانه عى من كذب رسله، ولقد كان هذا في بال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان واضحا أمامه أن الغرق سبب من أسباب الهلاك ، ومن هنا تضرع إلى الله سبحانه ، وسأله سبحانه سؤال عبد يلح على ربه ، وقد أخذ بأسباب استجابة الدعاء، فصلى وأطال، يذكر الله كثيرا، ويسجد له سبحانه وتعالى طويلا، يرجوه سبحانه أن يحفظ أمته من هذا السبب المهلك من الغرق.
ولقد استجاب الله سبحانه وتعالى دعوة نبيه صلى الله عليه وسلم هذه ، وطمأنه أن أمته لن يسلط عليها الغرق يهلكها ، طمأنه أنه قد ضمن له هذا الباب فلن تهلك أمة الإسلام بالغرق ، أوحى سبحانه وتعالى بذلك إلى نبيه صلى الله عليه وسلم.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أمته بذلك ، وأن الله سبحانه لن يهلكها بالغرق.
ويتحقق ذلك تماما ، يتحقق كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالحمد لله لم يبتل الله أمة الإسلام بالغرق، وها هي الأمة بحمد الله تحيا كثيرة العدد معافاة من الغرق ، أربعة عشر قرنا ( 1400 سنة ) والدعوة محققة ، وستظل إلى نهاية الدنيا ، والحمد لله رب العالمين .
إن الغرق أمر خطير أهلك الله به أمما سابقة ، لكن أمة الإسلام قد دعا لها رسولها بالسلامة من ذلك ، واستجاب الله دعوة رسوله ، وأخبر سبحانه رسوله بهذا وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا ، فوجدناه واقعا عمليا على مر السنين والقرون ، مما يزيدنا إيمانا بديننا ، وإيمانا بصدق سنة نبينا صلى الله عليه وسلم .



أمل محمد 04-11-2012 11:15 PM

الدعاء بأن لا يهلك الله هذه الأمة بالجوع.


عن معاذ قال : "صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة ، فأحسن فيها الركوع والسجود والقيام ، فذكرت ذلك له ،فقال : هذه صلاة رغبة ورهبة ، سألت ربي فيها ثلاثا فأعطاني اثنتين ، ولم يعطني واحدة ، سألته أن لا يقتل أمتي بسنة جوع فيهلكوا ، فأعطاني ، وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم ، فأعطاني ، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم ، فمنعني " (1)
وعن حذيفة بن اليمان قال : "غاب عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فلم يخرج حتى ظننا أنه لن يخرج ، فلما خرج سجد سجدة ، فظننا أن نفسه قد قبضت فيها ، فلما رفع رأسه قال : إن ربي تبارك وتعالى استشارني في أمتي : ماذا أفعل بهم ؟ فقلت : ما شئت أي (2) رب هم خلقك وعبادك ، فاستشارني الثانية فقلت له كذلك(3) ، فقال : لا أحزنك في أمتك يا محمد ، وبشرني أن أول من يدخل الجنة من أمتي معي سبعون ألفا ، مع كل ألف سبعون ألفا ، ليس عليهم حساب ، ثم أرسل إلى فقال : ادع تجب ، وسل تعط ، فقلت لرسوله (4) : أو معطي ربي سؤلي (5) ؟ فقال: ما أرسلني إليك إلا ليعطيك ، ولقد أعطاني ربي عز وجل ولا فخر (6) ، وغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر ، وأنا أمشي حيا صحيحا ، وأعطاني أن لا تجوع أمتي ، ولا تغلب ، وأعطاني الكوثر فهو نهر من الجنة يسيل في حوضي ، وأعطاني العز والنصر، والرعب يسعى بين يدي أمتي شهرا، وأعطاني أني أول الأنبياء أدخل الجنة ، وطيب لي ولأمتي الغنيمة ، وأحل لنا كثيرا مما شدد على من قبلنا ، ولم يجعل علينا من حرج (7)
المعاني : ـ
" صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة " واضح أنها ليست فريضة ، وإنما هي صلاة نافلة ، صلاها وحده صلى الله عليه وسلم .
"فأحسن فيها الركوع والسجود والقيام " أي أنه زاد على المعتاد ، فأطال الركوع والسجود والقيام على غير العادة ، والمعتاد منه صلى الله عليه وسلم حسن الركوع والسجود والقيام ، لكنه في هذه الصلاة كان أحسن ، أي كان أطول وأخشع فيها ، كما جاء في حديث حذيفة " سجد سجدة ، فظننا أنه نفسه قد قبضت فيها" وهذا واضح في أنه أطال كثيرا ، وهذا التطويل مشروع ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي وحده .
" صلاة رغبة ورهبة " أي أنه صلى الله عليه وسلم صلى ، وحاله مع الله بين الرجاء والخوف ، يرجو رحمة الله سبحانه ، ويخاف غضبه عز وجل ، كما قال الله سبحانه في حق زكريا عليه السلام وأهله : { أنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين } [ سورة الأنبياء : 90 ] .
" سألته ألا يقتل أمتي بسنة جوع " السنة : القحط ، وأضافها إلى الجوع لما بينهما من تلازم ، فكل قحط يورث جوعا .
وحينما يستعيذ صلى الله عليه وسلم من الجوع ، فإنما يستعيذ من الجوع الشديد ، المؤثر على صحة الإنسان وحياته .
وهو هنا يستعيذ بالله من هذا الجوع أن يعم الأمة .
" غاب عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما " أي مكث في بيته ، ولم يخرج لأصحابه ، وظاهره أنه مكث في بيته يتعبد ويدعو الله تعالى .
" سجد سجد " أي صلى صلاة ، من باب تسمية الكل باسم الجزء، سمى الصلاة بأشرف أجزائها ، وهو السجود .
" فظننا أن نفسه قد قبضت فيها " أي أنه صلى الله عليه وسلم قد مات ، وذلك لطول سجوده .
"استشارني في أمتي " هذا بيانه ما بعده ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم " ماذا أفعل بهم " أي أن الله تبارك وتعالى سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ماذا أفعل بأمتك ؟ سمى صلى الله عليه وسلم هذا استشارة .
وهذا السؤال من الله لرسوله كله كرم من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ، ففيه إعلاء لقدره وإسعاد لنفسه ، ومنطلق هذا علم الله بحرص رسوله على رحمة الله تعالى أمة الإسلام
وجه الإعجاز في الحديث
إن الإنسانية وكل المخلوقات تعيش على رزق الله ، فالله سبحانه يهيئ لكل مخلوق رزقه الذي يصلحه :
قال تعالى : { فلينظر الإنسان إلى طعامه * أنا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الأرض شقا* فأنبتنا فيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا * وفاكهة وأبا * متاعا لكم ولأنعامكم } [ سورة عبس : 24 ـ 32 ] .
وقال سبحانه : { وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون* وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون* ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون* سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون } [ سورة يس : 33 ـ 36 ] .
واضح من هذا أن رزق الإنسان تحدث بسببه عظام الأمور في الكون، فسبحان من خلق المياه في السحاب، وأنزلها في كل موضع بحسب رزق أهله، وسبحان من أنبت النبات وخلق الأشجار، وسبحان من رزقنا من النباتات حبها أو عودها، ومن الأشجار ثمارها وتمرها، وهيأ كل ذلك لنفعنا ، ويسر لنا الحصول عليه ، ويسر لنا الانتفاع به ، سبحانه سبحانه .
وعلى هذا فالواجب على البشرية أن تلتزم بدين الله ، وأن تحيا في طاعة الله سبحانه وتعالى ، فبطاعة الله ندرك نعمة جل علاه .
أما إذا تنكبت البشرية وعصت فقد ينزل بها غضب الله ، وقد تحرم من نعم الله تعالى .
قال سبحانه : { أفرأيتم ما تحرثون * أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون* لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون * إنا لمغرمون * بل نحن محرومون * أفرأيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون * لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون } [ سورة الواقعة : 63 ـ 70 ] .
فواضح من هذه الآيات أن النعم إنما تدوم بفضل الله وكرمه ، كما قال سبحانه : { لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد } [ سورة إبراهيم : 7 ] أما مع المعصية فقد ينزل بالنعم ما يدمرها ، أو يمنعها .
ومن هنا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن لا يهلك أمته بالجوع، إنها قد تقع في زلة تنزل بها غضب الله تعالى ، فتحرم الرزق، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : " إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه " (1) وقد يصل بها ذلك إلى الهلاك، ولذا ألح صلى الله عليه وسلم على ربه ألا يهلكها بالجوع .
واستجاب الله تبارك وتعلى دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم وطمأنه وطمأن الأمة أنه سبحانه لن يهلك هذه الأمة بالجوع .
وعلى طول عمر الأمة يتحقق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، فلم يكن الجوع سببا في هلاكها ولا في ضعفها ، وإنما رزق الله عليها وافر سابغ ، ونعم الله عليها متوالية .
لقد دعا صلى الله عليه وسلم ، وأخبره الله باستجابة دعوته ، وأخبر صلى الله عليه وسلم بذلك ، فتحقق الأمر كما أخبر ، والأمة على مدى العمر الماضي أكثر من ألف وأربعمائة عام ، وهي بحمد الله مشمولة بعناية الله تعالى ، لم ينزل بها الجوع المهلك، وإنما الأرزاق وافرة سابغة ، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم الظاهرة، ومن دلائل نبوته الواضحة ، والحمد لله رب العالمين .


أمل محمد 04-11-2012 11:16 PM

الدعاء بألا يمكن الله أحدا من قتل هذه الأمة .


ومن دعواته صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي نشرحه "وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة ، وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم " سأل صلى الله عليه وسلم ربنا تبارك وتعالى أن لا يسلط علينا عدوا من غيرنا يقتل ويأسر الأمة كلها .
ولقد جاءت هذه الدعوة في معظم أحاديث هذا الموضوع ، حتى إنها حسب الروايات التي جمعتها تقع في خمسة عشر حديثا ، وألفاظها كما هنا أو نحوه .
ففي حديث خباب " وسألته أن لا يظهر علينا عدوا من غيرنا فأعطانيها" (1).
وفي حديث خالد الخزاعي " وسألته أن لا يسلط على عامتكم عدوا يستبيحها ، فأعطانيها" (2)
وفي حديث شداد بن أوس " . . . وأن لا يسلط عليهم عدوا بعامة فيهلكهم بعامة " (3).
وكل الأحاديث تفيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل الله تعالى أن لا يسلط على أمته عدوا يهلكها ، فاستجاب الله سبحانه دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم ، حتى جاء في لفظ حديث الباب : " ولو اجتمع عليهم من بأقطارها " والمعنى : إن هذه الأمة لا يستطيع أعداؤها القضاء عليها ، ولو اجتمع عليها كل أمم الأرض .
وجه الإعجاز في الحديث
في هذا الحديث يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سأل الله لأمته أمرين :
1ـ ألا يهلكها بالقحظ
2ـ وألا يهلكها بتسلط الأعداء عليها
ويخبر صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالى قد استجاب له الدعوتين ، فلن تهلك أمته بالقحط ، ولن يهلكها الأعداء مهما كانوا .
والمتأمل في ظروف الأمة في أيامه صلى الله عليه وسلم يجد أن هذين الأمرين كان وقوعهما هو الأغلب ، فالصحاري واسعة وكثيرة ، وإذا لم يغث الله أهلها بالأمطار أهلكهم القحط ، وأعداء أمة الإسلام حولها أقوياء ، فالفرس والروم يحيطون بها ، وهم امبراطوريتان قويتان .
ومن هنا يدعو صلى الله عليه وسلم لأمته بالنجاة من هذين الأمرين الخطيرين ، ويطمئننا بأن الله سبحانه قد استجاب دعوتيه .
وتمر السنون والسنون ، والأمة بحمد الله ينجيها الله من هذين الخطرين ، فلم تمت الأمة بالقحط ، وكم من سنوات يقل فيها المطر أو ينعدم ، إلا أن الله سبحانه وتعالى يسلم ، وتبقى الأمة قوية محفوظة بحفظ الله تعالى .
أما وعد الله سبحانه وتعالى بألا يهلك هذه الأمة عدو ، ولو اجتمع عليها كل من سواها ، فهذا وعد حق ، وخبر صدق ، فكم تآمر الأعداء عليها ، وكم تجبر المتكبرون الأعداء ، والأمة تخرج أقوى وأصلب .
وتحقق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم تماما ، فلا قحط يهلك الأمة ، ولا الأعداء مهما كادوا .
تحقق ما أخبر به فهو رسول الله لا ينطق عن الهوى ، وإنما ينطق حسبما يوحي الله تبارك وتعالى إليه .
إن كثيرا من الأمم السابقة قد أهلك ، منهم من أهلك بالرجم ، ومنهم من أهلك بالغرق ، إلى غير ذلك من الأسباب ، ومن هنا سأل صلى الله عليه وسلم ربه سبحانه وتعالى لأمته السلامة من الأخطار ، ومنها ما في هذا الحديث من القحط والأعداء ، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الله تبارك وتعالى قد استجاب له ، فتحقق ما أخبر به على طول تاريخ الأمة ، وهو أظهر ما يكون في زماننا ، زماننا الذي كثر فيه الكلام عن المياه ، وتنافست فيه الدول على مصادر المياه ، وأقام اليهود في الأرض العربية ، فأفسدوا ، وحاربوا بسلاح المياه .
زماننا الذي تتكالب علينا فيه دول العالم ، وتود القضاء على أمة الإسلام ، والاستيلاء على مقدراتها ، ولكن الأمة يحفظها الله ويسلمها بدينها وأموالها .
إن المتأمل لهذا الحديث ، وواقع الأمة ، يسلم بإعجاز هذا الحديث ، وأنه مما من الله به على أمة الإسلام ، وأنه من المعجزات التي ظهرت وفق ما أخبر صلى الله عليه وسلم ، فسبحان من علمه وصلى الله وسلم عليه .


أمل محمد 04-11-2012 11:17 PM

الدعاء بأن لا يهلك الله هذه الأمة بالقحط ولا بعدو.


عن ثوبان قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله زوى لي الأرض ، فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها ، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض ، وإني سألت ربي لأمتي ألا يهلكها بسنة عامة ، وألا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم ، فيستبيح بيضتهم ، وإن ربي قال : يا محمد ، إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد ، وإني أعطيتك لأمتك ألا أهلكهم بسنة عامة ، وألا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم ، يستبيح بيضتهم ، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها ـ أو قال من بين أقطارها ـ حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ، ويسبي بعضهم بعضا" (1).
• المعاني :
" زوى لي الأرض " أي جمعها لي ربي وضمها ، حتى رأى صلى الله عليه وسلم المساحات الشاسعة منها ، فرأى مشارقها ومغاربها .
" الكنزين الأحمر والأبيض " أي كنز الذهب والفضة ، وهما عملتا فارس والروم؛ فكانت عملة كسرى الذهب الأحمر، وكان كسرى ملك العراق.
وكانت عملة قيصر الفضة البيضاء ، وكان قيصر ملك الشام .
والمعنى : إن الله تبارك وتعالى سيفتح هاتين المملكتين للإسلام ، وسيدخل أهلها دين الله تبارك وتعالى .
" وإني سألت ربي لأمتي .. " السؤال هنا ليس على سبيل الدعاء المجرد، وإنما على وجه الرجاء والعطاء، فهو صلى الله عليه وسلم سأل ربه ورجاه ، ومن هنا كان الجواب من الله تعالى له صلى الله عليه وسلم : "وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة . . " فقول الله تعالى " أعطيتك " دليل على أن سؤاله صلى الله عليه وسلم كان على وجه السؤال والعطاء .
ولقد تكرر هذا منه صلى الله عليه وسلم ، فصلى عدة مرات ، وسأل الله عدة مرات ، وكان السؤال متنوعا :
• فمرة سأل الله ثلاث خصال ، فأعطى اثنتين ، ومنع واحدة .
• ومرة سأل الله أربعا ، فأعطى ثلاثا ، ومنع واحدة
• ومرة سأل الله أربعا ، فأعطى اثنتين ، ومنع اثنتين
• ومرة سأل اثنتين ، فأعطى واحدة ، ومنع واحدة .
• وصلى طويلا
• وصلى خفيفا
• وصلى ليلا
• وصلى نهارا
وكل ذلك يدل على أن ذكر العدد "سألت ربي ثلاثا " و"سألت ربي أربعا" إنما كان في كل موقف بحسبه ، وليس ذلك حصرا لكل ما سأل الله لأمته .
"لأمتي" هذا يبين أنه صلى الله عليه وسلم يسأل الله سؤالا عاما للأمة ، فلا يقع هذا الأمر ـ من القحط أو الغرق ـ لكل الأمة ، رحمها الله من ذلك ، أما أن يقع للبعض فهذا جائز ، ونسأل الله العفو والعافية .
وجميع الروايات تعطي أنه صلى الله عليه وسلم سأل الله لأمته كثيرا ، وكلها تدور حول أن لا تكفر هذه الأمة ، وألا تهلك ، رجا لأمته الخلود إلى يوم القيامة ، على الإسلام الدين الحق المتين .
" بسنة عامة " السنة تطلق على العام ، وتطلق على القحط ، والذي هو عدم المطر ، وانقطاع الماء ، وهذا الثاني هو المراد هنا.
ومعنى "عامة " أي شاملة .
دعا صلى الله عليه وسلم أن لا يهلك الله أمة الإسلام بقحط يعم الأمة كلها.
لكنه قد يحل بناحية من نواحي الأمة ، وحينئذ على الآخرين إغاثة هذه الناحية المبتلاة بالقحط .
" يستبيح بيضتهم " بيضة الناس : معظمهم ومجموعهم .
ويستبيح بيضتهم ، أي : يرى معظمهم مباحا ، فيقتل ويأسر.
والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم سأل الله تبارك وتعالى أن لا يمكن عدوا من أعدائنا من استباحة كرامتنا ، سأل الله أن لا يمكن عدوا من قتلنا أو أسرنا ، "ولو اجتمع عليهم من بأقطارها " أي ولو اجتمعت كل الأمم على أمة الإسلام فإنهم لا يقدرون على غلبتها جميعا .
إن كل الأمم لو اجتمعت على أمة الإسلام فإنهم لا يقدرون على هزيمتها هزيمة عامة .
" حتى يكون بعضهم يهلك بعضا " اي إن أمة الإسلام لا يستطيع أعداؤها أن يهلكوها ، أما هم في بعضهم ، فيمكن أن يهلك بعضهم بعضا.
" ويسبي بعضهم بعضا " ويمكن لأمة الإسلام أيضا أن يأسر بعضهم بعضا ، أما أن يأسرهم جميعا غيرهم فلا .



الساعة الآن 10:01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team