منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   احلام المطر رواية طويلة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=6902)

روان عبد الكريم 11-05-2011 09:32 PM

احلام المطر رواية طويلة
 
احلام المطر
الفصل الأول

الطاغية
حينما يشتد العطش ويلفحنا القيظ وتتشقق الأر ض فى أسى وهى تبتهل للسماء فى تضرع أن تهطل زخات المطر السحرى؛ فتضربها رياح الجبال القاسية ؛ كنت أقف على هذه الأرض المحتضرة أهفو لماء المطر يبلل حياتى اليابسة ؛ البائسة ، أستجدى الدموع كى تغسل وجنتى الجافة ......... أفيق من أحلامى على يدً قاسية تهزنى فى خشونة وصوت جهورى يقول فى نفاذ صبر:-

ناتالى , ناتالى استيقظى

أفتح عينى فى كسل وأنظر للحديقة الغناء الموشاة بأطايب الزهر؛ الغارقة بظلال أشجار البرتقال والكرزوالمترفة بالنجيل الأخضر وقد بلله مطر الصباح فأنتعش قليلاً ثم أتذكر الرجل الغاضب الواقف كالنسر العجوز فوق رأسى وهو يردف فى تأنيب :--

إلى متى يستمر إهمالك هذا أيتها الصغيرة العابثة

أنظر إليه بلا مبالاة وقد تكور جسدى فوق الآريكة الوثيرة واتجاهله فى تعمد ثم أشيح بنظرى إلى المسبح المائى الكبير وثمة بجعات شقية غالية تلهو فيه فى سعادة ...وأتساءل هل هن سعيدات بهذا الأسر.

يجلس بجانبى وقد تملكه الحنق ( الغضب ) من تجاهلى لكلماته ويربت على شعرى القصير وهوينظر لجسدى النحيل ويزفر فى عمق :

- فيما أنت شاردة...ويردف فى حنو أكرهه ؛ ناتالى يا صغيرتى إنك فى السادسة عشر من عمرك ولست بطفلة لتغفين هكذا فى الحديقة .

أرفض الرد عليه وأشيح ببصرى مرة أخرى .. فيتحول حديثه إلى صراخ

- أيتها الفتاة الجاحدة اظهرى قليلاً من الاحترام لجدك العجوز
ثم يخبو صوت ويردف

- " ناتالى أنسى حياتك الماضية وأنظرى لنفسك الأن إنك حفيدة غسان خورى أغنى أغنياء بيروت "


عند هذا يجتاحنى الألم وأذكر أبى فأهب واقفة فى أنتصاب وتحدى وأنا أقول

- كف عن مناداتى بناتالى هذه
وأقول ضاغطة على الحروف
- اسمى" شادن سميح محمود " ؛ إن عام من الأسر لديك أيها الجد الزائف لن يغير شيئا من هويتى هل تفهم لن يغير شيئا؛ لن يغير شيئا

يسود وجهه الصخرى ثم يجلس الرجل فى هدوء وغطرسة وهو ينظر فى ساعته

- إنها السابعة مساءاً .. نصف ساعة لتحضير نفسك للعشاء .. كافية .. ؛ لدينا ضيوف مهمين من وزارة التجارة ؛ لدى وصيفتك فكرة عما ستردين
وأردف بنبرة قوية قاسية قبل أن يمضى
- وأرجو أن تلتزمى اللياقة وإلا تعرضت للعقاب.

نهض هو لا يلوى على شئ وتركنى هذا الجبار وأنا أرتعش.. وأتذكر مأساتى وكيف اختطفنى من حضن أبى حيث كنا نعيش فى بيتنا الصغير فى القاهرة مع جدتى الحنون التى اعتبرتها أمى
وذات صباح كئيب كنت فى رحلة مع المدرسة للمتحف المصرى أتجول بين تماثيل عصر بناة الأهرام ثم أحسست بالأرض تميد تحت قدمى ولم أستيقظ إلا لأجد نفسى فى هذا المكان ؛ بين جدران قصرً منيف تحوطه الجبال الشاهقة و تتشعب ممراته كقصر التيه.. ويمتلؤ بالخدم الغادين الصامتين أبدا ...ورجال الحراسة يتبعونى كظلى ؛ بعد أن لبثت شهوراً أصرخ للشيخ المخبول "أنى لست هذه الناتالى حفيدته"

وهو قد صنع من صخر جلمودى لا يهز صراخى فيه شعرة .

فى الصباح تأتى مدرسة الفرنسية التى أمقتها تماماً ثم مدرسة الفيزياء والكيمياء وبعدها الرياضيات
كانوا موجهين لتعليمى فقط ولم يسمح لهم بالرد على أسئلة شخصية أو تتعلق بكينونتى

ولقد تمردت على هذه التماثيل القاسية وقاومت وحاربت بكل قوتى وجهدى ولكنى تجرعت أنواع رهيبة من العقاب فقد حرمت مرات من الطعام وحوصرت فى غرفتى مثل الأسرى فى ظلمة مخيفة ولا زلت أذكر أنى حاولت الهرب مرة فألقانى الحراس بأمر من هذا الجد المخبول فى المسبح وأنا لا أجيد السباحة حتى قاربت على الغرق.

كان كل يوم يمر يكسر الكثير من أرادتى ؛ كنت كمن يضرب هامته فى الصخر بلا فائدة ...لم تعد لى قدرة على المقاومة....عزيمتى تخبو يوماً بعد يوم.

وهكذ تبعته فى خضوع عبر الباب الحديدى للقصر المنيف المزخرف بإقونات إغريقية غريبة حتى السلم الرخامى حيث وقفت أشاهده يدلف عبر باب مكتبه الأثرى وهو يلقى نظرة غربية فى اتجاهى ويقول فى السابعة والنصف أراك.

دلفت عبر حجرتى لأجد جانو الوصيفة كما يطلق عليها العجوز فى انتظارى بلباسها الأخضر الفيررزوى الموشى بتطريزات راقية من اللون الأحمر الياقوتى الزى المميز لخدم الدرجة الأولى فى القصر ، فالرمادى لخدم الدرجة الثالثة وهم المسئولون عن التنظيف والأزرق لخدم الدرجة الثانية ويختصون بالطبخ وتقديم الطعام

وهكذا الناس فى هذا المكان مرتبات ، يشذ عن هذه القاعدة "جو" عامل الحديقة يلبس ما يحلو له وهو مشاكس بطبعه ، لو أنه أخرس لصار لى حليفاً ونصيراً فهو الوحيد الذى يتعامل معى بإنسانية فى الضيعة كما يطلقون عليها وكثيرا ما اتحفنى بزهرة أو فاكهة غريبة الطعم حلوة المذاق أتقبلها منه شاكرة و.......

سيدتى حان وقت الإستحمام والسيد الكبير نافذ الصبر يجب أن تكونى جاهزة فى الموعد – قالت جانو – لتقطع أفكارى التى صرت أغوص فيها كهروب من واقع أمقته....... نظرت إليها ببرود وأنا أدخل الحمام وهى فى أثرى تتبعنى فى صمت رغم تحذيرى لها فى كل مرة أنى أجيد الإستحمام بنفسى منذ كنت فى الرابعة ولا احتاج لرفقة فى هذا المكان الخاص ؛ فلم أجد بدأً من دفعها بخشونة لتقع فى الحجرة وتشهق مذهولة وأنا أقفل باب الحمام على .. ثم أضرب يدى فى الحائط وأبكى و أغتسل بعدها بهدوء .


يتبع...........................

طارق الأحمدي 11-05-2011 10:08 PM


قد خيم الصمت وتحجّر الحرف مني وتراجعت الكلمات حثيثة إلى مستقرها ..

سنتابعك في صمت يا روان رغم الرصاص المنهمر غزيرا , ورغم هدير الدبابات ..

سننتظر أحداث روايتك رغم تدافع الأحداث وتعدد المشاهد ..

إني هنا أنتظر ..

ودمت بود .

أحمد فؤاد صوفي 11-05-2011 10:49 PM

أديبتنا الكريمة روان عبد الكريم المحترمة

في البداية . .
الحمد الله على السلامة . .
ثم . .
كل عام وأنت وأهلك بخير . .
ثم . .
سأتابعك من الألف حتى الياء . .
فالأحداث بدايتها غريبة مشوقة . .

عزيزتي . .
تقبلي كامل المنى . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

روان عبد الكريم 11-06-2011 10:59 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طارق الأحمدي (المشاركة 92266)

قد خيم الصمت وتحجّر الحرف مني وتراجعت الكلمات حثيثة إلى مستقرها ..

سنتابعك في صمت يا روان رغم الرصاص المنهمر غزيرا , ورغم هدير الدبابات ..

سننتظر أحداث روايتك رغم تدافع الأحداث وتعدد المشاهد ..

إني هنا أنتظر ..

ودمت بود .

صباح عيد سعيد ومختلسابقف عن ال

يؤلمنى ان ينهمر الرصاص فى غزة ويؤلمنى اكثر صباح الشهداء فى سورية

عيدنا مترع بضحايا الحرية والاكثر الماً منهم اطفال فى عمر الزهور

شكر لمتابعتك

روان عبد الكريم 11-06-2011 11:01 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد فؤاد صوفي (المشاركة 92275)
أديبتنا الكريمة روان عبد الكريم المحترمة

في البداية . .
الحمد الله على السلامة . .
ثم . .
كل عام وأنت وأهلك بخير . .
ثم . .
سأتابعك من الألف حتى الياء . .
فالأحداث بدايتها غريبة مشوقة . .

عزيزتي . .
تقبلي كامل المنى . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

العزيز استاذ احمد صوفى

صباحك عيد طيب بأذن الله
شغلتنى احداث الوطن عن كل الاشياء ولكنى عدت فلا واحة لى سوى الادب افرغ فيه هموماً لا تنتهى
شكرا لك ..سررت بمرورك

روان عبد الكريم 11-06-2011 11:31 AM

الفصل الثانى لحفلة

فى السابعة والنصف وخمس دقائق كنت أقف فى بهو القصر أرتدى فستان عسلى اللون ذو بريق خافت وقد عقصت شعرى القصير إلى الخلف ورفضت أن أرتدى أى شئ من المجوهرات الثمينة التى يصر العجوز على إهدائها إلى ولم أضع سوى قرطى الذهبى الصغير هدية أبى فى عيد ميلادى الماضى – فى الحقيقة كنت أعيش فى ثراء مبهر – لكن كل هذا كان يثير فى نفسى الضيق والسخط وأنا أعيش فى جلد فتاة أخرى اسمها ناتالى لبنانية مسيحية – وأنا مصرية مسلمة وقد قلت حتى للجدران الصامتة:-

شادن وصرت أخاطب المرآة لدى استيقاظى ونومى اسمى شادن – أنا شادن
********
نزل العجوز من المصعد الذهبى أقصى يمين البهو رغم أن صحته تحتمل صعود ونزول الدرج المرتفع
لكنه شئ من الترف لا يفوت هذا الطاغية

سار بإتجاهى وأمسك ذراعى برقة مصطنعة ولم يعلق بشئ على مظهرى – فعلمت أنى حزت نوعاً من القبول ، فشعت الكراهية فى كل خلايا جسدى
قادنى كالشاة إلى غرفة استقبال الضيوف الرسمية حيث اصطفت فى انحاءها قطع الأثاث الفرنسية الفخمة وفى منصف الغرفة تدلت ثرية من الكريستال الحر أخبرتنى صوفى مدرسة الفرنسية أنها أثرية كانت يومأ تزين أحد أفخم القصور فى منطقة البوريفاج الفرنسية إبان عصر لويس السادس عشر ؛ قالت هذه المعلومات مبهورة ، وأنا اغمم فى سخرية
- وماذا كان يعمل هذا اللويس ؟
يومها نظرت إلى مذهولة ماذا كانت تتوقع هذه المخبولة من فتاة مصرية فى السادسة عشر كل التشابه بينها وبين اللويس المذكور هو الرقم ستة عشر – هل كان مطلوب منى أن أحفظ تاريخ فرنسا- هؤلاء الحمقى لو كانوا يفهمون أنى شادن ولست هذه الناتالى

هل أعجبتك الثرية – تمتم العجوز

أنا وقد أنتفضت فجأة – ماذا ؟ !!!!!!!
أرك تطيلين النظر
أجيبه – لاشئ – فقط تذكرت محاضرة صوفى السخيفة عنها وعن لويسها
من بين عيونه المغمضة نصف إغماضة وهو يشعل الغليون؛ ثم ينفث الدخان الرمادى فى الهواء – قال تقصدين مدموازيل صوفى ؟

- لا - صوفى
ونظرت إ ليه فى تحدى – لم يرد فقد ابتدأ ضيوفه المترفين فى المجئ.

وكان على أن أتصرف بشئ من الكياسة وأنا أنهض للمصافحة الرسمية

فى الحفلات الرسمية تجنب العجوز تقديمى باسم ناتالى لأنى كنت أجيب على الفور – كلا .. شادن..
وكانت هذه نقطة الفوز الوحيدة التى تغلبت فيها عليه.

توافد ضيوف وزراة التجارة و بعض أصدقاء العجوز – كانوا يربون على اثنى عشر رجل وامرأة منهم من كان فى منتصف العمر مثل السيدة نضال وهبة وهى التى مازلت أتذكر اسمها فقد ذكرتنى بجدتى كثيراً

كان العشاء فخما ومترفاً ؛ كعادة غسان خورى المليادير المشهور ببذخه الشديد ؛ ولكنه بذخ رجال الأعمال الموجه لغرض ما

لم أتذوق من الطعام الا قليله وقد انخرط الجميع فى حديث لا أفقه منه شئ

بعد العشاء انتقلوا لقاعة أخرى يتنالون ما طاب لهم من مشروبات مما أتاح لى الفرصة لكى أهرب من هذا الجو الخانق إلى الشرفة المزدانة بأصص الزرع البلورية النادرة ، وقد هبت رائحة الياسمين قوية منعشة مع ثمة رذاذ خفيف من المطر المبهج ؛ وضعت كأس العصير على الشرفة ومددت ذراعى كطائر حبيس ثم صرت أدور وأدور مغمضة العينين مثل طيور البجع الحبيسة فى المسبح الكبير،
أتذكر أبى يقلنى لمدرستى فى الصباح وهو يتأثب وأنا أنظر إليه فى خجل وضحك ثم ...

تماماً .. مجنونة مثل أمك
جفلت من الصوت القوى ، كان رجل فى الأربعينات اسمه طونى عراجى يماثل أبى فى طوله ولكنه يشع بكثير من ألأناقة التى تخفى كثيراً من سريرة نفسه السوداء

التقطت كاس العصير وارتشفتها ببطء فأنا أعرف هذا الرجل ورأيته مراراً فى قصر غسان خورى ويبدو أنه يعمل لديه وكنت أجفل منه دائماً لأنه ما فتئ يرقبنى بعيون ثعبانية خبيثة ضمت الكثير من المكر والدهاء ولكنها المرة الأولى التى يحدثنى بها على هذا النحو المباشر ويلاحقنى بهذه الطريقة اللزجة فقد وقف منحنى على سور الشرفة الرخامى ثم أقترب وهو يلامس أصابعى المنقبضة على الكأس ونظر لعينى مباشرة مما جعلنى أرتعش بغضب ، فضحك بسخرية
- حتى تلك الإرتعاشة للجفن الأيسر تماماً مثل لوسى الحمقاء ، من المؤسف أنها غادرتنا مبكراً لتعود فى صورة ابنتها

كانت لوسى هى أمى ووصفها بالحمقاء شئ لا يمكن السكوت عليه

لم أدر بنفسى ألا وأنا أغمره بالعصير على رأسه وأرد على سخريته بسخرية أشد ،
- وهل تذكرك هذه الحركة بها أيضاً ؟

وقف للحق مذهولاً وأنا أمامه لا أحرك قيد أنملة لم يهزنى سوى صوت غسان خورى يوبخنى محتداً ، مما زاد غيظى فكسرت الكأس على سور الشرفة بعنف ولسوء حظى انغرست أحدى الشظايا فى يدى تماماً فى الوريد ، ليتدفق سائل الحياة على الأرضية الرخامية فى سرعة مخيفة و أفقد الوعى.

يتبع.........

ريما ريماوي 11-06-2011 12:44 PM

روووعة روان أعجبتني روايتك فهي آسرة, ممتعة, تشد للقراءة

لكن عودي إليها وصلحي غلطاتك المطبعية,

واستبدلي الالف المقصورة "ى" بالياء "ي"

وكذلك وضع الهمزات,,

فالرواية جميلة وستصل قمّة الإبداع بتجاوز الهنات البسيطة.

يسلموا الأيادي.. بانتظار التتمة.

مودتي وتقديري.

تحيّاتي.

طارق الأحمدي 11-06-2011 10:01 PM

خطفوا شادن ليصنعوا منها ناتالي .. سرقوا الجسد ونسوا أنهم يخلفون وراءهم روحا نابتة في أصل الوطن .. جمعوا مالا لبدا ولم يقدروا على ذرة من قلب شادن ..
خطفوا شادن وأظنهم سيندمون على فعلتهم ..
أظنهم قد زرعوا لغما .. غضبا موقوتا بين جدران القصر وغناهم الفاحش ..
وإن كان الفصل الأول والثاني قد قدّما السيرة الذاتية لناتالي وللجد غسان خوري والصراع الخفي بين هذه المراهقة التي ترفض كل تطبيع وتشد بالنواذج على ما بقي من ماضيها يدفعها إلى ذلك حنينها إلى الوطن الذي اقتلعت منه غصبا .. وبين الجد الذي استقوى بماله ليتحدى الموت ويعيد إليه حفيدته ناتالي حتى ولو سرقها من بين أحضان أبويها واقتلعها من جذور وطنها ..
أهو الصراع بين الطبقات ؟
أهو مد وجزر بين الأصل والمشوّه؟
أيكون ملك غسان خوري في خطر يهدده الزوال باستقدامه شادن ؟
أتكون شادن القشة التي ستقسم ظهر الجد ؟
هي أسئلة تتبادر إلى الذهن ونحن نتبع الأحداث حدثا حدثا ..
فالتأثيث المبدئي للحكاية أوقعنا في ثورة هذه المراهقة على كل مظاهر العز التي حباها بها غسان خوري .. فكلما زاد في دلالها كلما زادت حنقا على حاضرها وزادت تشبثا بماضيها وأصلها ..
لقد أشفقت على هذا العجوز الذي دانت له رقاب الرجال كيف ينكسر أمام فتاة صغيرة ..
أهو الضعف؟
أهو الوهم الذي مازال يشده لناتلي التي رحلت ؟
أهي المصلحة المبيتة لشادن ليستعملها كورقة تزيده رقما آخر لحساباته الضخمة ثم يدعها تحترق من بعد وتذروها صعاب الأيام ؟
هي أسئلة أخرى تشدني لمواصلة هذا العمل ..
الكاتبة : روان عبد الكريم
كل من يقرأ الفصلين حتما سيشفق على السيد غسان خوري للعطاء الذي يبذله من أجل شادن .. ومن جهة أخرى سيحنق على هذه الفتاة المغرورة التي لم ترضى بالعز الذي ترفل فيه ..
فهل تتغير نظرة القارىء ؟
هو سؤال معلق إلى حين ...
سننتظر بقية الفصول عسانا نظفر بإجابة لأسئلتنا .
وإلى ذاك الحين دمت بود.


روان عبد الكريم 11-07-2011 12:18 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريما ريماوي (المشاركة 92352)
روووعة روان أعجبتني روايتك فهي آسرة, ممتعة, تشد للقراءة

لكن عودي إليها وصلحي غلطاتك المطبعية,

واستبدلي الالف المقصورة "ى" بالياء "ي"

وكذلك وضع الهمزات,,

فالرواية جميلة وستصل قمّة الإبداع بتجاوز الهنات البسيطة.

يسلموا الأيادي.. بانتظار التتمة.

مودتي وتقديري.

تحيّاتي.

العزيزة ريما شكرا لك
ان شاء الله سانتبه لهذه الاخطاء

روان عبد الكريم 11-07-2011 12:21 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طارق الأحمدي (المشاركة 92389)
خطفوا شادن ليصنعوا منها ناتالي .. سرقوا الجسد ونسوا أنهم يخلفون وراءهم روحا نابتة في أصل الوطن .. جمعوا مالا لبدا ولم يقدروا على ذرة من قلب شادن ..
خطفوا شادن وأظنهم سيندمون على فعلتهم ..
أظنهم قد زرعوا لغما .. غضبا موقوتا بين جدران القصر وغناهم الفاحش ..
وإن كان الفصل الأول والثاني قد قدّما السيرة الذاتية لناتالي وللجد غسان خوري والصراع الخفي بين هذه المراهقة التي ترفض كل تطبيع وتشد بالنواذج على ما بقي من ماضيها يدفعها إلى ذلك حنينها إلى الوطن الذي اقتلعت منه غصبا .. وبين الجد الذي استقوى بماله ليتحدى الموت ويعيد إليه حفيدته ناتالي حتى ولو سرقها من بين أحضان أبويها واقتلعها من جذور وطنها ..
أهو الصراع بين الطبقات ؟
أهو مد وجزر بين الأصل والمشوّه؟
أيكون ملك غسان خوري في خطر يهدده الزوال باستقدامه شادن ؟
أتكون شادن القشة التي ستقسم ظهر الجد ؟
هي أسئلة تتبادر إلى الذهن ونحن نتبع الأحداث حدثا حدثا ..
فالتأثيث المبدئي للحكاية أوقعنا في ثورة هذه المراهقة على كل مظاهر العز التي حباها بها غسان خوري .. فكلما زاد في دلالها كلما زادت حنقا على حاضرها وزادت تشبثا بماضيها وأصلها ..
لقد أشفقت على هذا العجوز الذي دانت له رقاب الرجال كيف ينكسر أمام فتاة صغيرة ..
أهو الضعف؟
أهو الوهم الذي مازال يشده لناتلي التي رحلت ؟
أهي المصلحة المبيتة لشادن ليستعملها كورقة تزيده رقما آخر لحساباته الضخمة ثم يدعها تحترق من بعد وتذروها صعاب الأيام ؟
هي أسئلة أخرى تشدني لمواصلة هذا العمل ..
الكاتبة : روان عبد الكريم
كل من يقرأ الفصلين حتما سيشفق على السيد غسان خوري للعطاء الذي يبذله من أجل شادن .. ومن جهة أخرى سيحنق على هذه الفتاة المغرورة التي لم ترضى بالعز الذي ترفل فيه ..
فهل تتغير نظرة القارىء ؟
هو سؤال معلق إلى حين ...
سننتظر بقية الفصول عسانا نظفر بإجابة لأسئلتنا .
وإلى ذاك الحين دمت بود.


دمت بود كاتبنا العزيز لعل القادم يجيب على اسئلتك
هل اشفقت على غسان خورى؟؟؟؟؟؟؟ هل يستحق الشفقة ؟؟؟؟؟؟؟؟ سنرى
هل شادن الصغيرة مغرورة ام عنيدة !!!!!

استمتعت بقراءتك للقصة وانتظر متابعتك الدائمة لانها عن حق تسعدنى

روان عبد الكريم 11-07-2011 12:23 AM

الأمل
مضى أسبوعان على الحادث وستنتهى فترة عقابى غدا فقد لزمت غرفتى طيلة هذه المدة بشئ من الرعاية الطبية تحت رعاية طبيبة فلسطنية شابة تدعى فدوى الجارحى .. كانت تعاملنى بلطف بالغ ومودة ..وابتسامة دافئة كانت تشع فى ملامحها الطيبة الفتية ..ورغم فارق السنوات القليلة بيننا انى دائما شعرت فى مسلكها بشئ من الأمومة والحنو ..إلا أنها كانت تزورنى دائما تحت عينى جانو المتحفزة المتلصصة ..كون فدوى امرأة مسلمة محجبة .. تقيم مؤخرا فى ضيعة خورى فى أحد أطرافه فى بيت صغير يخص شقيقها نادر ... ..رئيس حراس غسان خورى...بعد انتهاء دراستها الطبيبة وفى انتظار تعينها ...ورغم محاولات فدوى المستمرة فى رفع روحى المعنوية وأخراجى من كأبة المرض والحبس فى هذه الفترة إلا أننى كثيرا ما سألت نفسى هل حطموا روحك المعذبة يا شادن ، هل تغلب العجوز على عنادك وتمردك ، هل نسيت حقيقتك ، هل صدقت كذبهم وصرت ناتالى ، هل قتلوا في الإرادة حتى بت أنسى هويتى وأتقبل كينونتى الجديدة ؛ تمتمت بهذا الكلمة بعيون دامعة وأنا أرقب القمر الخجول خلف الغيم من نافذة حجرتى ، وكان الغيم قد أخفى الضوء الفضى وصار القمر حبيساً ينتظر هطول مطر الفجر فزدات دموعى فمسحتها بألم واستدرت لأعود للنوم ، إلا أن صوتاً ضعيفا شجياً قطع سكون الليل أخذ بمسامعى صوت لم أسمعه من زمنً بعيد يرتل القرأن الكريم ، صوت أعاد إلى الأمل والحياة ، فلم أشعر إلا وأنا أقفز عبر شباك حجرتى إلى غصن الشجرة العريض ومنه إلى الأرض وقد نالنى من أذى الأغصان ما نالنى.. ولكن الترتيل الشجى كان من النوارنية ما جعلنى أنسى أى ألم.

نزلت إلى الحديقة الحالكة الظلام التى بدأت تضئ رويداً والقمر الأسير يخرج من بين الغيم الرمادى والصوت الرخيم يزداد وضوحاً وقد صرت قيد أنملة من صاحبه وهو يقرأ سورة طه ، كنت أستمع بكل جوارحى أبكى فى خشوع وأهتف يا الله ، يا الله وقد اهتز قلبى فى وتيرة متصاعدة تارة هادئة تارة أخرى وشعرت كمن يسمو فى الفضاء كطيف وقد اتحدت خلايا تكوينى مع الشجر والهواء والجبال فى كينونة واحدة ، كانت هذه هى لحظة ميلادى الجديدة ، لحظة الأمل سجلتها دموعى الماطرة الفرحة وتحالفت مع رذاذ المطر الناعم الحالم

وحينما ختم القارئ التلاوة كان بكائى قد تحول إلى نحيب بصوت مسموع متوالى

على بعد خطوات وقف هو فى حيرة ينظر إلى نظرات خاطفة ، تشجعت وأنا أقول بعد أن مسحت الأمطار المنهمرة من عينى
- معذرة
- تمتم فى حيرة أرجو أن تكونى بخير
- لا تقلق أنا بأتم حال ، هكذا أنا أبكى حينما أسمع القرأن الكريم
فابتسم ، وقال
- أرضاك الله وأسعدك بمثل .....
- بســـــــــــام أين أنت ؟
لم يكد يكمل الجملة إلا وقد ظهرت فدوى تنادى وهى ترتدى عباءة سوداء جميلة وقد غطت شعرها على عجل بغطاء حريرى أخضر أظهر خصلاته الشقراء
وقفت بجانبه وأمسكت بذراعه وهى تنظر تجاهى وقد فجأها وجودى:
- بسام هلا تعرفت على ناتالى خورى
نظر إلى فى ذهول وهو يتمتم ناتالى
كانت دموعى قد تسربت كالحلم وقد وقفت بوجهى المحمر أقول بثورة وعصبية
- أنا شادن ، شادن سميح محمود ، لست بناتالى ولن أكون ثم أنهارفى بكاء مرير
تركته فدوى وهى تقترب منى وتحيطنى بذراعها فى حنو
- ناتالى حبيبتى اهدئ ، إنك متعبة..
ثم نظرت لبسام فى توضيح تعرضت ناتالى حفيدة السيد غسان لحادث مؤخراً
صرخت فى يأس وقد شعرت أن مولدى الذى بدأ لتوه يضيع فى شرنقة الأكاذيب التى احاطت بى ،

وانهرت أرضا متكومة وفدوى تهدؤ من لوعتى وتقول:-

اهدئى حبيتى فقطاعتها بحرقة:-
أقسم لك أنى شادن ولست ناتالى هذه ، قلت هذا وأنا أمسك بيدها بلوعة
وقد وقف بسام بقامته المهيبة ووجهه الذى يحمل الكثير من ملامح فدوى بشعر أسود ناعم هزته رياح الجبال الأتية عبر المروج وقد تعبقت برائحة شجر الصندل فزفر فى حيرة وهو يهتف وقد بدأ رذاذ المطر بتكاثر والغيم يتلبد وصوته يقول فى خفوت:-


فدوى بالله عليك انهضى بالفتاة ولندخل المنزل ..نهضت بيد فدوى و شعرت ببسام الذى وقف يراقبنا فى تعاطف يبغى المساعدة ولكنه رجل يتملكه الكثير من الحياء ، وقد سار بحذاء كتف فدوى التى استندت عليها بكل ضعفى وقد بدأت اتماسك رويدا رويداً وأنا أمضى معهم

ما بدا لى بيت صغير فى أقصى الحديقة المترامية الأطراف وقد دفع بسام باب خشبى صغير فى منتصف الدار لادخل ردهة متوسطة الحجم بها طاولة صغيرة لتناول الطعام وأثاث بسيط مكون من كرسى و أريكة يبدو أن أحدهم ينام عليها فهناك فراش تدلى فى اهمال من فوقها ولم يغب عن بسام الذى أحمر وجهه لمعرفتى مدى اهماله ونظرة عاتبة مرحة من فدوى فأسرع لحمل الغطاء خلف الأريكة لنجلس أنا وفدوى وهى تقول :-
معذرة يا صغيرتى بيتنا بسيط ثم تنحنحت فى الواقع هو منزل أخى نادر ونحن ضيوف عليه إلى أن يتم زفافنا بعد عدة أشهر ، وقد علمت مسبقاً أن فدوى معقود قرانها على بسام - وقد أوضحت ، بسام يعمل مهندس تقنى فى أحدى الشركات الشهيرة ولكنه يزرونا فى نهاية كل أسبوع

كانت فدوى التى تكبرنى بأعوام بسيطة تلعب مع دور الأم الحنون مرة آخرى لتشعرنى بالأمان ولم يفتنى كلمة صغيرتى وقد ابتسمت لها فى دفء لأن ركن بها بدا متحيرا فى هويتى ولم يكن لدى بسام هذا التردد على الاطلاق وهو يقول :-
لك اسم جميل شادن ثم أردف دون أن يرفع بصره إلى وهو يجلس على الآريكة

ولك لهجة مصرية محببة افتقدتها كثيرا ، فقد درست فى القاهرة منذ عدة أعوام

نظرت له بامتنان بينما زوت فدوى حاجبيها وكان اعتراف بسام بهويتى قد أرعبها ,ولم تكد تقول كلمة و إلا بإحدى الغرف تفتح ويخرج منها نادر بملابس النوم وهو يهتف بصوت ساخط فدوى هل اعددت الشاى ثم ينتبه إلى وجودى ، وبسام يضحك قائلا
- لدينا بعض الضيوف
وقد اعترى ابن عمه االذهول وقد ألقى إليه بسام بالغطاء ولكنى أقف فى انتشاء وأصر على الإنصراف فشعرت بتنهدة حارة من فدوى ولم أنظر لوجه بسام ، خجلت أن أنظر لوجه بسام

خديجة
تغيرت بى الحياة هذا الصباح , وقد اشتعلت بى جذوة الأمل ويا لها من جذوة ، اشاعت الدفء فى جوانحى التى اشتاقت للقاهرة حينما تراءت لى فوق طيف الخيال وديعة ساكنة من فوق حديقة الأزهر بمأذنها المضيئة الفضية وشواهد القبور المظلمة وحركة السيارات الدائبة فى صلاح سالم وفنادق النيل المشعة من بعيد والبيوت الساكنة الدافئة وصوت جدتى الحنون وهى تحمل لى فى مودة كوب الحليب كل مساء وصورة أبى وهو منهمك فى رسم هندسى ما فوق مكتبه ، كل هذه الصور اجتاحت خلايا عقلى وغمرتنى فى بحر من الدفء والحنين , كنت كالغريق الذى وجد مرساة نجاته ، لذا شرعت يدى فى نشاط وأنا أكاد أعدو فى الحديقة وقد تنفست أشجارها وزهورها فى الصباح الباكر الغارق فى رذاذ مطير حبيب لأول مرة أحب الطبيعة هذا الصباح .. صار المطر رفيق سعادتى بدلا من مستودع بكائى ، وقد حمل معه الكثير من الحلم لفتاة بائسة ضعيفة مثلى ، فطرت كعصفور صغير عبر الباب الحديدى الشامخ ، أدور صاخبة وأتنهد فى راحة مغمضة العين ملتفة الذراعين حول جسدى النحيل وقدماى تحتكان فى همس عبر الفناء الأملس فى اهتزاز غير عابئة بألم السقوط ثم أخطو بقدم واحد السلم الجرانتيى العتيق بينما تندفع قدمى الآخرى عبر الدرجة الأخيرة فى قفزات سريعة لأقع فى الحضن الدافئ لخديجة ، طباخة القصر السمينة القصيرة القامة الحنون ذات الخمسين خريفاً فوق خريف قضت منها الكثيروالكثير فى قصر ملك الطغاة غسان خورى .

وقد شممت من مريلتها رائحة الطحين المميزة ، فلبثت فى حضنها فينة أرتعش وهى تؤنبنى فى ضعف

- يا لك من طفلة كبيرة ، إنظرى لشعرك المبلل من رذاذ المطر
- بل أنها روحى التى بللها ورواها ندى الصبح

هتفت بها وأنا أدور حولها فى شقاوة تحبها هى وتفرج قليلا شرنقة الظلمة المحيطة بحياتى

- أحب المطر ، أحبك جوجى
وجوجى هو الاسم الذى أحببت دائماً منادة هذه السيدة الطيبة التى كثيراً ما رقت لحالى ولمحت فى عينيها العطوفة إلتماعة الدموع التى تخفيها بمهارة بعيداً عن الأعين

وكثيراً ما تسللت ليلاً إليها وهى تقف وحيدة فوق طناجرها العامرة دوماً لأنها المسئولة عن إطعام القصر وعمال الضيعة ، وكنت أسترق السمع إليها تدندن بشئ من أغانى فيروز ، أو تدعو خيفة لابن ضل عنها عله يعود يوماً وحين تلمحنى تزجرنى فى مودة خائفة ، لأعود لمأسرى ، ولا تنسى أبداً أن تخرج لى شيئا من الحلى الغارق بالفسدق والعسل تعده خصيصاً وتحفظه فى حالة مجيئ ثم تربت على يدى فى حزم وهى تضمها ضمة أم حانية وتدير وجهى حتى أستدير وأعود وأسمع دائماً صوتها خافتا يتمتم بالدعاء
وها هى تداعبنى
- يا كتلة العظام النحيلة ، علينا أن نكسوها بشئ من اللحم و......
وما لبثت أن توقف حديثها لدى الدخول الطاغى لغسان خورى وقد استيقظ مبكراً عن موعده
وتكسرت أشرعة الأمل التى ملأتنى على صخرة الواقع الرمادى الكئيب وهو يهتف بصوته العميق وقد ألم بحديثنا ويوجه كلامه للمرأة المسكينة

- لا أعتقد أن اسم جوجى يليق بك خديجة
فتحفزت فى عناد ووجه خديجة يستحيل تغضنا وأحمراراً وهى تومئ برأسها وتستأذن من غسان خورى للإنصراف
فأمسك بذراعها غير عابئة بالنتائج
بل يليق تماما وأردف فى لهجة الواثق لأكمل حديثنا المبتور

- جوجى ماذا لديك من طعام الإفطار
فنظرت لى بعتاب وضعف وقد أنكسر شيئاً فى روحها المرحة
وقد راق الأمر للعجوزالخبيث وهو يستعرض قوته الطاغية وتراقصت ابتسامة عابثة عبر وجهه وهو يقول
أيتها الصغيرة العنيدة فلتكن جوجى مادام جدك سيحظى برفتقك للإفطار ، ولم أكن أعنى هذا مطلقا ، أجلس مع الطاغية المستفز على مائدة واحدة وننعم بتلك الرفقة الصباحية الأسرية المبهجة أمر خارج تمامً عن محبط أفكارى ، فلم يحدث أبداً خلال العام الذى قضيته هنا بين هذه الجدران المهيمنة على روحى قبل جسدى أن تبادلت معه حديثاً مهذباً أو كلمة ودية فما بالك بالطعام وجهاً لوجه معه وقد تخيلت مئات المطارق تنهال على معدتى وتدكها دكاً مريعاً ، لكنى تذكرت جوجى وتذكرت فدوى وبسام وشيئا فى أعماقى ينبأنى بأن أستكين قليلاً وأنتظر فمن يعرف .. من يعرف
قلت
- لا بأس
وأنا أهمس لجوجى بشئ ما ، وهى تختلس نظرة سريعة مؤنبة لم تفت الرجل الواقف ممسكا ً بعصاه يدقها فى رتابة بصوت خفيض وتنصرف جوجى فى سرعة وقد ضاقت عينى العجوز وهو يرمقها فى شك
وقد وقفت أمامه فى أعتداد بالنفس لم يهزنى صوته الرنينى العميق يزفر فى وجهى

- ماذا تدبرين ؟
ويشير بأصبعه فى وجهى
حذار ناتالى فأنا أعشق عقابك
فعضتت على شفتى وقد أثارنى قلقه ببهجة

- لا تقلق مسيو خورى لاتقلق أبداً
قلتها وأنا أتجه لحجرة الطعام
من قال أن الإنسان لا يملك عينين خلف رأسه كاذب لأنى أحسست بسياط تلهب ظهرى وتحرقه

سها فتال 11-07-2011 12:53 AM

ماتع ماقرأت هنا
متابعة معك أيتها الأديبة القديرة
وأشكر لك إهداءك المميز
لاكسر الله لك قلما
معك حتى آخر حرف

روان عبد الكريم 11-07-2011 12:15 PM

العزيزة سها

حقا للمطر رائحة زكية تنعش القلب كرائحة الحرية ..عجبت لتلاقى افكارنا وسعدت بها

شكرا لمتابعتك

روان عبد الكريم 11-07-2011 12:16 PM

خديجة
تغيرت بى الحياة هذا الصباح , وقد اشتعلت بى جذوة الأمل ويا لها من جذوة ، اشاعت الدفء فى جوانحى التى اشتاقت للقاهرة حينما تراءت لى فوق طيف الخيال وديعة ساكنة من فوق حديقة الأزهر بمأذنها المضيئة الفضية وشواهد القبور المظلمة وحركة السيارات الدائبة فى صلاح سالم وفنادق النيل المشعة من بعيد والبيوت الساكنة الدافئة وصوت جدتى الحنون وهى تحمل لى فى مودة كوب الحليب كل مساء وصورة أبى وهو منهمك فى رسم هندسى ما فوق مكتبه ، كل هذه الصور اجتاحت خلايا عقلى وغمرتنى فى بحر من الدفء والحنين , كنت كالغريق الذى وجد مرساة نجاته ، لذا شرعت يدى فى نشاط وأنا أكاد أعدو فى الحديقة وقد تنفست أشجارها وزهورها فى الصباح الباكر الغارق فى رذاذ مطير حبيب لأول مرة أحب الطبيعة هذا الصباح .. صار المطر رفيق سعادتى بدلا من مستودع بكائى ، وقد حمل معه الكثير من الحلم لفتاة بائسة ضعيفة مثلى ، فطرت كعصفور صغير عبر الباب الحديدى الشامخ ، أدور صاخبة وأتنهد فى راحة مغمضة العين ملتفة الذراعين حول جسدى النحيل وقدماى تحتكان فى همس عبر الفناء الأملس فى اهتزاز غير عابئة بألم السقوط ثم أخطو بقدم واحد السلم الجرانتيى العتيق بينما تندفع قدمى الآخرى عبر الدرجة الأخيرة فى قفزات سريعة لأقع فى الحضن الدافئ لخديجة ، طباخة القصر السمينة القصيرة القامة الحنون ذات الخمسين خريفاً فوق خريف قضت منها الكثيروالكثير فى قصر ملك الطغاة غسان خورى .

وقد شممت من مريلتها رائحة الطحين المميزة ، فلبثت فى حضنها فينة أرتعش وهى تؤنبنى فى ضعف

- يا لك من طفلة كبيرة ، إنظرى لشعرك المبلل من رذاذ المطر
- بل أنها روحى التى بللها ورواها ندى الصبح

هتفت بها وأنا أدور حولها فى شقاوة تحبها هى وتفرج قليلا شرنقة الظلمة المحيطة بحياتى

- أحب المطر ، أحبك جوجى
وجوجى هو الاسم الذى أحببت دائماً منادة هذه السيدة الطيبة التى كثيراً ما رقت لحالى ولمحت فى عينيها العطوفة إلتماعة الدموع التى تخفيها بمهارة بعيداً عن الأعين

وكثيراً ما تسللت ليلاً إليها وهى تقف وحيدة فوق طناجرها العامرة دوماً لأنها المسئولة عن إطعام القصر وعمال الضيعة ، وكنت أسترق السمع إليها تدندن بشئ من أغانى فيروز ، أو تدعو خيفة لابن ضل عنها عله يعود يوماً وحين تلمحنى تزجرنى فى مودة خائفة ، لأعود لمأسرى ، ولا تنسى أبداً أن تخرج لى شيئا من الحلى الغارق بالفسدق والعسل تعده خصيصاً وتحفظه فى حالة مجيئ ثم تربت على يدى فى حزم وهى تضمها ضمة أم حانية وتدير وجهى حتى أستدير وأعود وأسمع دائماً صوتها خافتا يتمتم بالدعاء
وها هى تداعبنى
- يا كتلة العظام النحيلة ، علينا أن نكسوها بشئ من اللحم و......
وما لبثت أن توقف حديثها لدى الدخول الطاغى لغسان خورى وقد استيقظ مبكراً عن موعده
وتكسرت أشرعة الأمل التى ملأتنى على صخرة الواقع الرمادى الكئيب وهو يهتف بصوته العميق وقد ألم بحديثنا ويوجه كلامه للمرأة المسكينة

- لا أعتقد أن اسم جوجى يليق بك خديجة
فتحفزت فى عناد ووجه خديجة يستحيل تغضنا وأحمراراً وهى تومئ برأسها وتستأذن من غسان خورى للإنصراف
فأمسك بذراعها غير عابئة بالنتائج
بل يليق تماما وأردف فى لهجة الواثق لأكمل حديثنا المبتور

- جوجى ماذا لديك من طعام الإفطار
فنظرت لى بعتاب وضعف وقد أنكسر شيئاً فى روحها المرحة
وقد راق الأمر للعجوزالخبيث وهو يستعرض قوته الطاغية وتراقصت ابتسامة عابثة عبر وجهه وهو يقول
أيتها الصغيرة العنيدة فلتكن جوجى مادام جدك سيحظى برفتقك للإفطار ، ولم أكن أعنى هذا مطلقا ، أجلس مع الطاغية المستفز على مائدة واحدة وننعم بتلك الرفقة الصباحية الأسرية المبهجة أمر خارج تمامً عن محبط أفكارى ، فلم يحدث أبداً خلال العام الذى قضيته هنا بين هذه الجدران المهيمنة على روحى قبل جسدى أن تبادلت معه حديثاً مهذباً أو كلمة ودية فما بالك بالطعام وجهاً لوجه معه وقد تخيلت مئات المطارق تنهال على معدتى وتدكها دكاً مريعاً ، لكنى تذكرت جوجى وتذكرت فدوى وبسام وشيئا فى أعماقى ينبأنى بأن أستكين قليلاً وأنتظر فمن يعرف .. من يعرف
قلت
- لا بأس
وأنا أهمس لجوجى بشئ ما ، وهى تختلس نظرة سريعة مؤنبة لم تفت الرجل الواقف ممسكا ً بعصاه يدقها فى رتابة بصوت خفيض وتنصرف جوجى فى سرعة وقد ضاقت عينى العجوز وهو يرمقها فى شك
وقد وقفت أمامه فى أعتداد بالنفس لم يهزنى صوته الرنينى العميق يزفر فى وجهى

- ماذا تدبرين ؟
ويشير بأصبعه فى وجهى
حذار ناتالى فأنا أعشق عقابك
فعضتت على شفتى وقد أثارنى قلقه ببهجة

- لا تقلق مسيو خورى لاتقلق أبداً
قلتها وأنا أتجه لحجرة الطعام
من قال أن الإنسان لا يملك عينين خلف رأسه كاذب لأنى أحسست بسياط تلهب ظهرى وتحرقه

طارق الأحمدي 11-07-2011 05:46 PM

مع أول رذاذ للمطر يطل أمل من خلف الغيمة التي كانت تحجب جمال القمر .
وفي الثلث الأخير من الليل تهلّ باكورة أمل تدغدغ روح شادن وتدفعها للعض على جرحها والوقوف على بقايا الألم والتخلص من ربقة سجن الجدران ..
في غفلة من وحدتها ورغم الجو الكنائسي الذي يحيط بها ينطلق من ركن خفي من الحديقة صوت جهوري يرتل القرآن ..
يا الله ..
قرآن في قصر السيد خوري ؟
أتكون واهمة؟
أتكون أحلام اليقضة دفعت بها إلى حارات القاهرة ومساجدها العتيقة وأناسها الطيبين؟
أتكون حرارتها قد ارتفعت بفعل المرض فغابت في ماضيها الذي تنشده؟
يا الله..
إنه صوت قرآن حقا .. إنه صوت يقرأ سورة " طه " ..
إنه الأمل يعود إلى شادن من جديد ..
ودونما تحسب .. دون مراعاة للأخطار المحدقة بها تسللت إلى الحديقة ... إلى مساحة أرحب من غرفتها / السجن ..
وفي الجانب المهمش من القصر وجدت شادن مستقرا لها .. هدوءا لروحها ..
وبين بسام وفدوى ونادر حلقت شادن بجناحيها الصغيرين بين ماضيها وأملها وحاضرها وألمها ..
وبين هذه الصحبة الجديدة هدأت النفس الشاردة ..
والصحبة الجديدة تطرح أكثر من سؤال
فهل سيكون لهم شأن ؟
هل سيكونون القناة التي ستخرج منها شادن إلى عالمها الرحب ؟
هل هم جنود خفاء الآن وجذوة النار التي ستحرق الخوري؟
ولــم نسأل والفصول مازالت تصلنا تباعا لتشفي غليل أسئلتنا ..
وكيف نقف عند حد فدوى وبسام ونادر وننسى خديجة التي أفردت لها الكاتبة فصلا كاملا وكأني بها تحفر اسمها في ذاكرتنا وتهيؤها لدورها العظيم الذي ينتظرها ..
خديجة أو جوجو التي كانت قصبة الهواء التي حافظت من خلاله شادن على بقائها وتواصلها وتنفسها كلما ضايقها جدها المزعوم ..
جوجو .. هذا الاسم الذي ينقم عليه الخوري ..
هذا الاسم الذي تشبثت به شادن ..
وبين الرفض والقبول طفا التحدي لتتغلب شادن في النهاية ..
لكن ما حسبته انتصارا ظنه الخوري انكسارا حين قبلت بدعوته على العشاء ..
فأي دعوة هذه؟
وأي عشاء هذا الذي توقفت عنده الأحداث ؟
وأي سر همست به شادن لخديجة؟
وأي خطر لامس حدس الخوري ؟
هل بدأت الأحداث تنقلب؟
هل بدأ الصراع الحقيقي ؟
أتكون شادن قد أوجدت ظهرا يسند ثورتها على وضعها الحالي ؟
هل يكون لهذه الشخصيات التي انبثقت فجأة والتي كانت مغيّبة في أطراف الحديقة بين جدران المطبخ دور أكثر فعلا في الآحداث ؟
الكاتبة المتألقة : روان عبد الكريم
كلما قرأت فصلا كلما تهاطلت في رأسي الأسئلة ..
وكلما ظننت أني سأظفر بإجابة للأسئلة التي تقرصني أجد أن الحكاية تغوص أكثر في العمق وكأنها تحضرنا لحدث كبير سيقع في القصر ..
سننتظر بقية الفصول لنحرق السؤال ..
وسنتابع مع شادن عساها ترفع ستائر المسكوت عنه ..
وإلى ذاك الحين دمت بود .




ريما ريماوي 11-08-2011 08:57 AM

ما زلت متابعة بشغف
لكن خديجة مكررة
كما هناك نفس الغلطات بخصوص
الياء المقصورة, والغلطات المطبعية
إن أردت التعديل.
تحياتي.

رهف الحربي 11-08-2011 04:39 PM

السلام عليكم اختي روان عبد الكريم

روايتك مشوقة بكل معنى الكلمة وونتظر ابداعك دائما وشكرا

حامد الشريف 11-09-2011 10:07 PM


الأخت الكريمة روان عبدالكريم
كنت متابعاً نهماً لكل هذه الحلقات في مسلسلك الرائع ( أحلام المطر )
شعرت أن كل كتاباتنا تتقزم أمام عنفوان كلماتك والسيل المتدفق من المشاعر والأحاسيس التي أخرجت لنا كل هذه الشخصيات حتى بتنا نرى الخوري من خلالها متجسداً أمامنا ، نتفرس في تعبيرات وجهه ونستشف غلظته وجبروته واستكباره واستعلائه على كل المحيطين به .
عندما تأسرنا شادن بقوة شخصيتها وعنادها وإصرارها على نيل حقوقها رغم ضعفها وقلت حيلتها
عندما أشغلتنا دون وعي منا بترقب نهاية هذا الصراع كما أشغلتنا أجاثا كريستي في كل قصصها ورواياتها
ربما حدسنا يقودنا لتوقع النهاية الحتمية لكل ظالم متجبر يتحصن خلف قوت ماله أو سلطته أو حاشيته
ويجعلنا نتيقن أنه سوف يهزم وستنتصر شادن ؛ حتماً ولا بد وستعود إلى أحياء القاهرة الشعبية لتستظل بجدرانها ولتحتمي بالطيبين من سكانها ؛ لترتمي في أحضان كل خديجة في حيها أشعرتها بأمومة أفتقدتها أيام أسرها وحتى تتشنف أذانها بآيات القرآن تتلى على مسامعها وحتى ترى المحبة في عيون كل المحيطين بها .
قد أفهم عنادها أنه وليد حاجة دفعتها لممارسته للفكاك من جلادها وحتى تنتصر على الأقل أمام نفسها حتى تشعرها على الدوام أنها لم تخضع رغم الجبروت وسعت جاهدة للتخلص من سجانها .
ستعود شادن كما كانت ؛ تلك الفتاة الجميلة التي تنبض بالحياة وتنشر المحبة في كل المحيطين بها عندما تلقن هذا المغرور درساً في المقاومة وتجبره تحت وقع سياطها على إعطائها حريتها
وحتى لو دفعت روحها ثمن حريتها وكرامتها ؛ ستحيى في قلوب كل من يقرؤون سيرتها
هي رواية جميلة جمعت كل شتات أمتنا من الخليج إلى المحيط في قصر الخوري وجسدت ثوراتنا في عناد شادن وأبقتنا مترقبين للنهاية التي نتمناها وحتى نصل إلى تلك النهاية التي نترقبها سنكون مفتونين بهذا القلم الحر الأبي الذي وجه إبداعه ليسطر لنا رواية تتماها مع الصراع الذي نعيشه مع أنظمة الاستبداد وجبروت الطغاة في طريقنا لنيل حرياتنا


فائق تقديري واحترامي ... حامد الشريف


روان عبد الكريم 11-11-2011 01:44 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طارق الأحمدي (المشاركة 92497)
مع أول رذاذ للمطر يطل أمل من خلف الغيمة التي كانت تحجب جمال القمر .
وفي الثلث الأخير من الليل تهلّ باكورة أمل تدغدغ روح شادن وتدفعها للعض على جرحها والوقوف على بقايا الألم والتخلص من ربقة سجن الجدران ..
في غفلة من وحدتها ورغم الجو الكنائسي الذي يحيط بها ينطلق من ركن خفي من الحديقة صوت جهوري يرتل القرآن ..
يا الله ..
قرآن في قصر السيد خوري ؟
أتكون واهمة؟
أتكون أحلام اليقضة دفعت بها إلى حارات القاهرة ومساجدها العتيقة وأناسها الطيبين؟
أتكون حرارتها قد ارتفعت بفعل المرض فغابت في ماضيها الذي تنشده؟
يا الله..
إنه صوت قرآن حقا .. إنه صوت يقرأ سورة " طه " ..
إنه الأمل يعود إلى شادن من جديد ..
ودونما تحسب .. دون مراعاة للأخطار المحدقة بها تسللت إلى الحديقة ... إلى مساحة أرحب من غرفتها / السجن ..
وفي الجانب المهمش من القصر وجدت شادن مستقرا لها .. هدوءا لروحها ..
وبين بسام وفدوى ونادر حلقت شادن بجناحيها الصغيرين بين ماضيها وأملها وحاضرها وألمها ..
وبين هذه الصحبة الجديدة هدأت النفس الشاردة ..
والصحبة الجديدة تطرح أكثر من سؤال
فهل سيكون لهم شأن ؟
هل سيكونون القناة التي ستخرج منها شادن إلى عالمها الرحب ؟
هل هم جنود خفاء الآن وجذوة النار التي ستحرق الخوري؟
ولــم نسأل والفصول مازالت تصلنا تباعا لتشفي غليل أسئلتنا ..
وكيف نقف عند حد فدوى وبسام ونادر وننسى خديجة التي أفردت لها الكاتبة فصلا كاملا وكأني بها تحفر اسمها في ذاكرتنا وتهيؤها لدورها العظيم الذي ينتظرها ..
خديجة أو جوجو التي كانت قصبة الهواء التي حافظت من خلاله شادن على بقائها وتواصلها وتنفسها كلما ضايقها جدها المزعوم ..
جوجو .. هذا الاسم الذي ينقم عليه الخوري ..
هذا الاسم الذي تشبثت به شادن ..
وبين الرفض والقبول طفا التحدي لتتغلب شادن في النهاية ..
لكن ما حسبته انتصارا ظنه الخوري انكسارا حين قبلت بدعوته على العشاء ..
فأي دعوة هذه؟
وأي عشاء هذا الذي توقفت عنده الأحداث ؟
وأي سر همست به شادن لخديجة؟
وأي خطر لامس حدس الخوري ؟
هل بدأت الأحداث تنقلب؟
هل بدأ الصراع الحقيقي ؟
أتكون شادن قد أوجدت ظهرا يسند ثورتها على وضعها الحالي ؟
هل يكون لهذه الشخصيات التي انبثقت فجأة والتي كانت مغيّبة في أطراف الحديقة بين جدران المطبخ دور أكثر فعلا في الآحداث ؟
الكاتبة المتألقة : روان عبد الكريم
كلما قرأت فصلا كلما تهاطلت في رأسي الأسئلة ..
وكلما ظننت أني سأظفر بإجابة للأسئلة التي تقرصني أجد أن الحكاية تغوص أكثر في العمق وكأنها تحضرنا لحدث كبير سيقع في القصر ..
سننتظر بقية الفصول لنحرق السؤال ..
وسنتابع مع شادن عساها ترفع ستائر المسكوت عنه ..
وإلى ذاك الحين دمت بود .




استاذنا العزيز طارق

لكل قصر اسراره
ولكل قصر طاغية
وما اكثر القصور فى عالمنا العربى

وما اكثر الشموع التى تحترق من اجل الحرية

تحيتى ومودتى
يسعدنى دائما تحليك واستمتع به وينتابنى الخجل اذا لما اكن اهل لهذا.

روان عبد الكريم 11-11-2011 01:49 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حامد الشريف (المشاركة 92852)

الأخت الكريمة روان عبدالكريم
كنت متابعاً نهماً لكل هذه الحلقات في مسلسلك الرائع ( أحلام المطر )
شعرت أن كل كتاباتنا تتقزم أمام عنفوان كلماتك والسيل المتدفق من المشاعر والأحاسيس التي أخرجت لنا كل هذه الشخصيات حتى بتنا نرى الخوري من خلالها متجسداً أمامنا ، نتفرس في تعبيرات وجهه ونستشف غلظته وجبروته واستكباره واستعلائه على كل المحيطين به .
عندما تأسرنا شادن بقوة شخصيتها وعنادها وإصرارها على نيل حقوقها رغم ضعفها وقلت حيلتها
عندما أشغلتنا دون وعي منا بترقب نهاية هذا الصراع كما أشغلتنا أجاثا كريستي في كل قصصها ورواياتها
ربما حدسنا يقودنا لتوقع النهاية الحتمية لكل ظالم متجبر يتحصن خلف قوت ماله أو سلطته أو حاشيته
ويجعلنا نتيقن أنه سوف يهزم وستنتصر شادن ؛ حتماً ولا بد وستعود إلى أحياء القاهرة الشعبية لتستظل بجدرانها ولتحتمي بالطيبين من سكانها ؛ لترتمي في أحضان كل خديجة في حيها أشعرتها بأمومة أفتقدتها أيام أسرها وحتى تتشنف أذانها بآيات القرآن تتلى على مسامعها وحتى ترى المحبة في عيون كل المحيطين بها .
قد أفهم عنادها أنه وليد حاجة دفعتها لممارسته للفكاك من جلادها وحتى تنتصر على الأقل أمام نفسها حتى تشعرها على الدوام أنها لم تخضع رغم الجبروت وسعت جاهدة للتخلص من سجانها .
ستعود شادن كما كانت ؛ تلك الفتاة الجميلة التي تنبض بالحياة وتنشر المحبة في كل المحيطين بها عندما تلقن هذا المغرور درساً في المقاومة وتجبره تحت وقع سياطها على إعطائها حريتها
وحتى لو دفعت روحها ثمن حريتها وكرامتها ؛ ستحيى في قلوب كل من يقرؤون سيرتها
هي رواية جميلة جمعت كل شتات أمتنا من الخليج إلى المحيط في قصر الخوري وجسدت ثوراتنا في عناد شادن وأبقتنا مترقبين للنهاية التي نتمناها وحتى نصل إلى تلك النهاية التي نترقبها سنكون مفتونين بهذا القلم الحر الأبي الذي وجه إبداعه ليسطر لنا رواية تتماها مع الصراع الذي نعيشه مع أنظمة الاستبداد وجبروت الطغاة في طريقنا لنيل حرياتنا


فائق تقديري واحترامي ... حامد الشريف


الاستاذ الفاضل
حامد الشريف فائق احترامى وتقديرى لقراءتك للنص وكلماتك المشجعة الدافئة ..أملة ان استحقها
فكلماتك تحملنى مسئولية كبيرة ولا اعرف اهل استطيع تحملها ام لا

اشكرا لك

روان عبد الكريم 11-11-2011 02:23 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رهف الحربي (المشاركة 92636)
السلام عليكم اختي روان عبد الكريم

روايتك مشوقة بكل معنى الكلمة وونتظر ابداعك دائما وشكرا

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اختى الحبيبة ذات الاسم الجميل رهــــــــــــف

اسعدنى مرورك

روان عبد الكريم 11-11-2011 02:25 AM

الصديقة العزيزة ريما شكرا لمتابعتك
واعتذر عن الاخطاء لضيق الوقت وعدم المراجعة واعدك قريبا بعد الانتهاء ان اعيد تصحيح الاخطاء مرة اخرى باذن الله

شكرا لمتابعتك

يسعدنى وجودك ويفرحنى

روان عبد الكريم 11-11-2011 02:27 AM

حديث الكرز المر

كانت المرة الأولى التى أجلس على مائدة الإفطار مع العجوز ... الذى بد مستريحاً ومنتعشاً للغاية .. يحرث بطريقة مدربة لا تخلو من نهم طريقه فى الأطباق العامرة بالمربى والزبد والجبن و الكرز الأحمر القاتم ..وقد جلس بكل جبروته يأكل.... ولم يرهبنى حضوره هذا فقد كنت أكتنز له كراهية لا مثيل لها .. كراهية تجلب السقم للنفس ..غير أن لقاء بسام والأمل الذى شملنى هذا الصباح بالإعتراف بهويتى جعل شهيتى قوية للطعام وقد انتظرت حتى جاء طبقى المفضل الذى أوصيت جوجى به فى حديثنا الهامس منذ قليل
وقد انغمست آكل منه بكل لهفة وحنين ، والعجوز ينظر لى مستاءاً وهو يرتشف شيئا من العصير ويهتف بتأنيب
- متى تنسين أمر هذه البقوليات
- يسمى "فولاً" مسيو غسان ... وهو أساسى لدينا ، يبدو أنه يحتوى على ما يسمى هرمون السعادة
أمسك بمنديل ورقى ومسح فمه – و هو يقول باستغراب مفتعل
- لديكم... سعادة!!!!!
- أكملت وأنا أغمس اللقيمة فى الطبق
- هذه حقيقة علمية بعلمها الكثيرون
ضحك باستخفاف
- لذا يطلق عليكم الكثير (فوالين)
غصت الكلمة فى حلقى وأنا أبتلع معها الإهانة الماكرة التى تضمنت إعترافاً مختلساً بهويتى المصرية .. فأمسكت بالطبق وأنا أقول
- هؤلاء الفوالين هم من اشعلوا فتيل الحضارة و..
وقبل أن أكمل قرب طبق الكرز تجاهى وهو يقول فى مودة زائفة
- لا أحب أغضابك ناتالى ، تذوقى قليلا منه يا صغيرتى وسيغير مزاجك الكئيب
نظرت للكرز الأحمر القاتم يلمع فى وهن فى الطبق البللورى وأنا أهمس فى ضعف وشئ من الدموع يحرق عينى
- لا أحد يحب الكرز ، خاصة الصغار
ضحك فى خفة
- تقولين تفاهات .. أى تفاهات وهراء
-على النقيض مسيو خورى ، ينكهون به الدواء .. فنكره الطعم منذ الصغر ..
أحسست أنى رددت عليه كلامه
عقد بين حاجبيه وقبل أن يرد بكلمة "ناتالى" قلت محتدة
- ليست صعبة الأربعة أحرف على النطق
- ماذ!!ا؟
- ش ا د ن .. أعنى شادن
تنهد العجوز فى تعب لم يفقده شهيته النهمة وهو يرتشف عصيره مرة أخرى
وقال
- تملكين عناد "لوسى" ومكر "سيلين" ولكن كلتاهما لم يكن لديها شيئاً من ذكائك المتقد .. أنت الابنة الحقيقة لعائلة خورى ..
قالها وهو يضع الكأس فى قوة على المائدة
هتفت بى أعماقى هذا هو الجنون المطبق وتصارعت الكلمات فى أعماق وتموجت كالإعصار المكبوت وكأنها ترتسم فى دمائى وتسممها
"لعنة الله على خورى وعائلته " ولكنها بالطبع لم تتجاوز شفاهى التى غممت فى حيرة
سيلين .. من هى سيلين تساءلت والعجوز يغص بغته وقد فجأه سؤالى .. نم عنه تشابك أصابعه وتوتر جفنه الأيسر

فى تلك اللحظة التى لم يحر فيها جواباً وقد علق سؤالى فى هواء الغرفة ..دخل تونى عراجى

وقد جلس على المائدة بعد إشارة من غسان وقال فى برود :-
كيف حالك أنسة ؟
نظرت إليه بنفور وأنا أمسك السكين وأمرره على الطبق فى صوت مسموع وبحدة فى تهديد صريح وأرفع رأسى فى قوة ... وقد جزلت كثيرا وأنا ألمح نظرة الذعر فى عيني هذا الجبان الذى تذكر حادثة الشرفة .. بينما ضاقت عينا العجوزوهو يرقب المشهد الطريف فى ابتسامة صفرواية مغمماً
فتاة شريرة وجلجلت ضحتكه الساخرة أنحاء المنزل وخاصة وهو يرى وجه تونى يمتقع امتقاعاً شديداً وأنا أنهض فى اعتداد وأغادرفى هدوء تتبعنى ضحكته الشريرة.
أغلقت الباب خلفى وأنا أخرج مرة أخرى للحديقة حيث جو الأخرس يقبع مزيلاً بعض الحشائش الضارة غائباً عن العالم فى جلسته المنحنية - يا لك من شخص طيب يا جو- .. بينما الرياح الجافة تهز زهر الإقحوان الأصفر وتطير زغبه الرقيق فى دوائر ... تمشيت حول حوض السباحة المترف وقد تموجت مياهه فى رتابة بينما نظرت للسماء الخالية سوى من بضعة شذرات سحابية خجول تستجديها الريح استجداءاً.... فتتمايل وتتجمع كى تهبط على الأرض الرؤوم ثم تتلاشى ... ضحكت فى استغراب للهو الطبيعة وقلت يا له من مطر كاذب بينما جو يمنحنى ابتسامة وادعة وهو يعطينى زهرة أوركيد برتقالية ويمضى حاملاً حقيبته القطنية الأثيرة .... بينما راحت عينى تتعلق بمنزل نادر رئيس الحراس لعل بسام أو فدوى يخرجان وقد جلست قرابة الساعة حتى تيبست أطرافى وداعب النعاس الخدر جفونى فى رقة ... ثم أفقت مذعورة على باب يصطفق فى حدة ... ونادر يمر بى بقامته الطويلة وبنيته القوية فى تؤدة دون أدنى كلمة بل إنه أدار وجهه حينما رأنى وأتجه إلى البوابة الرئيسية وهو يملى بعض الأوامر على الحرس ... لايحتاج الأمر الكثير من البراعة لأخمن أنها تخصنى وأن هناك شئ جرى فى بيت آل جارحى بعد زيارتى شئ غير سار بالمرة ... نظرت مرة أخرى للسماء وهالنى تلك السحب الرمادية الكئيبة تتجمع فوق قصر غسان خورى ...يينما أنشقت السماء عن ضوء لامع غمر منزل بسام وفدوى .. غممت – كثير من الشر---كثيرمن الخير وأنا أدلف عبر دهليز المنزل المظلم المؤدى لغرفتى

…………

روان عبد الكريم 11-11-2011 02:28 AM

عائلة الجارحى


لم أكن أعرف أنى صنعت سحابة سوداء فى بيت الجارحى
و سببت مشكلة كبيرة بين أفراد هذه الأسرة الصغيرة الهادئة هدوء البحيرة الساكنة التى تخفى بداخلها الآلام الكبيرة التى عصفت بهم طوال أعوامً مريرة حتى ركدت فى الأعماق ، جثة خاوية دامية ، حرك ذكراها وجودى ذاك االصباح المطير بينهم.

كان تعاطف بسام وفدوى السريع معى يقلق نادر كثيرا بل زاد هذا القلق وبسام يقول أمامه فى قوة يخشاها نادر دائما فهو يدرك صلابة بسام وقد خبره لسنوات طويلة حينما يخطط لشئ ما وقد دوت فى أذنه كلماته كطرق الطبول:-
- هذه الفتاة تسلخ هويتها بكل قسوة وهى بعد غضة صغيرة لا تملك من أمرها شيئاً ولن تقاوم كثيرا أمام جبروت خورى العجوز ثم يهتف بقوة فى وجه نادر لابد من إعادتها لذويها.
فحدق فيه نادر للحظات وهو ينقل بصره بينه وبين وجه فدوى القلق وقد أمسكت ذراع بسام فى قوة تسانده كعادتها .. هو يعلم هذا أيضا فلطالما وقفا أمامه يساندان بعضهما وكأنهما شقيقان وليسوا ابناء عم
، فهتفت أعماقه بكلمة واحدة
- أحمقان .. هذا ما ينقصنى
وكأن شادن صارت تهدد أمنه و أمانه الذى ضاعا سنوات وسنوات لا يدركها من سوى من عاشها وتذوق مطرها الأصفر المغبر بذرات الرمال تسد الحلوق وتغلق الأنوف وتخرس الأمعاء المتقلصة من الخواء

نادر لم ينس سنوات الحصار فى المخيمات ولا الدماء الطاهرة التى اغتيلت لم ينس نظرة أمه الخاوية لدى موتها ولا برك الدماء التى خاضها وهو يحمل أخته على كتفه وبسام يمسك بيده فى خوف وذهول فقد باتوا ليلتهم على حكايا أمهم فى أوائل الربيع العبق برائحة الآقحوان الحار واستقيظوا على دك البيوت وعصف الرصاص وصريخ متقطع وفزع ، كانوا ليلة الهول هذه يختبئون من النور الساطع الذى غمر البيوت

تلك الليلة المشئومة لتتيح للخونة قتلهم والتمثيل بجثثهم

مازال بكاء فدوى المرير يصم أذنه وارتعاشة جسد بسام وهو يحتمى بالجدار معهم وكيف نزلوا البئر المظلم ثلاثة أطفال.. هوكبيرهم هرباً من الموت بعد أن غاصت أقدامهم البريئة فى الأزقة تصطدم بجثث الشهداء تارة وبجيوش الفئران والقوراض تلتهم الجسد العربى وقد اختلطت الأشلاء بركام البيوت
والحجارة والخشب وكيف له أن ينسى عربات القمامة تنقل الجثث فى الصباح لتقبر الضحايا فى قبور طويلة مظلمة ليطويهم الثرى المبتل بمطر أحمر عاصف دامى.

كما لم ينس نظرة القوم له لأنه ابن الخائن لم ينس وهو ابن السادسة مصرع أبيه على يد قومه وكلمة الخائن تغوص فى نخاعه وتورثه السقم
لم ينس زفاف أمه بعد أشهر ، كان كارها لكل شيئا لم يخفف عنه معاملة زوج أمه الحسنة فهولم يات لدارهم وحده بل ابن أخيه اليتيم بسام

لم يكن يربطه أى شئ بالحياة سوى فدوى شقيقته الصغيرة التى ربطت بينها وبين بسام برباط من الدم أقوى من رباطها بأخيها غير الشقيق ذلك الرباط الذى اشتد بعد استشهاد أبيها .. حتى أن لعب دور البطولة فى ليلتهم الدامية لم يجعله يأخذ مكانة بسام لديها الذى ظل يهدهدها فى البئر المظلم ويعدها أن يذهبان لأمهما ، كان فى الثانية عشر وبسام فى العاشرة وهى بعد طفلة غضة فى السادسة , غران انضجهم أتون سنوات الجمر كما كان يسميها بمطرها الأحمر اللاهب المميت

وشتان ما صنعت بالثلاثة فقد أورثت فدوى وبسام قلباً يافعا غضاً ونفس قنوعة وأيماناً راسخاً , وأورثت نادر المرارة تعبث فى جنبات نفسه فتزيده سخطاً على الزمن وتنعكس على نهر الوجود فى داخله فيموج بثورات الغضب وتدفعه إلى الرياضة البدنية العنيفة يفرغ فيها طاقته ، تشيعه دائما نظرات أخته المشفقه ونظرات بسام المتعاطفة

وقد عملا على استكمال تعليمهما حتى صارت هى الطبيبة وهو المهندس أما نادر فقد تخلى عن دراسته منذ الثامنة عشر ليعمل كحارس أمن جراء قوته البدنية الهائلة وبعدها تخلى عن كل شئ يخص هويته ولم يكن يربطه بأخته وابن عمها سوى تلك الأموال التى كان يرسلها لهما لإستكمال دراستهما ، تلك الأموال التى أصر بسام أن يردها بعد عمله ، ولم يرفض نادر بل اعتبر الأمر بلا معنى إنسانى . رافضا كل مودة أو صلة حاول بها بسام أن يعيده لعائلتهم الصغيرة الفلسطينية الفتية ، التى تحمل اسم الجارحى ، وهو اسم لأعرق العائلات وسخر كثيرا ، فهو ينتمى للجارحى بالصدفة وهل نسى أحد أبيه .وأن حياته اعتمدت على سوانح الحظ وليس على صيت العائلة المندثرة

أن هويته الوحيدة وموهبته تكمن فى كونه رئيس حراس غسان والذى الذى خاض من أجله أو بمعنى أصح من أجل وظيفته الكثير حتى أنه هو نفسه المسئول الأول عن اختطافى من القاهرة لأعود لهذا الجد المقيت.

وهو لايعتقد أنه جبل من طينة الأبطال المغاوير لأنه فى مئات المرات لم يكن يتبين خطر موقفه إلا بعد انقضاء الأمر وقد اعترف لى بعد سنوات حين قابلته أنه جبان و الجبن ربما يجرى فى دمه بالوراثة من أبيه العميل لليهود الصهاينة .


لذا كان حديثه عنيفا لبسام وقد وقف يزأر فى وجه بسام وفدوى

اسمع يا بسام .. أنت مرحب بك فقط لأنك زوج شقيقتى ، و لن أسمح لك أن تتخطى الفاصل بينا

فقاطعه بسام
لكن يا ابن العم

- لست ابن عمك ، تذكر هذا
قالها نادر وهو يصفق باب غرفته خلفه
هذا وقبل أن يرد بسام يخرج نادر وقد ارتدى ملابسه ويلقى نظرة قاسية باتجاههما ، قالها فى قسوة وسخرية ،
- أظنك يا ابن العم تبيت لدينا ليلة الخميس ، ألم يحن موعد مغادرتك
ويغلق الباب خلفه فى برود وغلظة

غلظة شعت فى ملامح وجهه القاسية وهو يرمقنى ويمر بى ثم يلقى أوامره بمراقبتى وتشديد الحراسة على
وهكذا قدر لى أن يكون من بين أفراد هذه العائلة الحليفة عدواً شديد الخطورة ... وقد اعتبر نى أهدد أمنه وكيانه ، وبدافع من هذا الشعور عزم على تتبع حتى أنفاسى .

بينما التمعت عينا فدوى بالدموع وهى تربت على ابن عمها وتقول


-لاتغضب منه بسام أرجوك
- فيغمض بسام عينيه فى ألم
- أنه بائس ، يخسر كل شئ
فتقول فدوى
- إن أمر الفتاة يزعجه ، وقد يؤثر على وظيفته و..
فيقاطعها بسام ، فدوى أختى الحبيبة ورفيقة دربى ، هذه الفتاة ترغم على ترك هويتها
ترغم على ترك دينها ، فهل نتركها ، هل نغض الطرف عن هوانها
فدوى .. لكن بسام هى بالفعل حفيدته من ابنته لوسى وقد يكون أبوها مسلم أو مصرى لكن هذا لن يغير شئ فيما يخطط له خورى فهى آخر من تبقى له من عائلته .. أنت تعلم الروايات التى تروى عنه
فيقاطعها بسام فى ألم
ولو يا فدوى الظلم ظلم
ونادر هو من يساعد الطاغية على تحقيق طغيانه
والسكوت على الطغيان فى حد ذاته طغيان

روان عبد الكريم 11-11-2011 02:36 AM

شادن تتحدث
تركت الحديقة فى نحو العاشرة صباحاً ، وظل نادر الكئيب يخيم عليها ، ودخلت القصر الرمادى مرة أخرى ، لم يكن لدى درساً اليوم ، وقد خرج خورى ورفيقه بعد الإفطار بقليل ، وجوجى منشغلة فى مطبخها الأثير تعدالغذاء لعمال الضيعة الذين يعملون فى حقول التفاح والعنب الملحقة بالضيعة منذ السابعة صباحا حتى السابعة مساءاً .. ويربو عددهم على خمسين عاملا وعاملة ... يتناولون طعامهم فى باحة خلفية مغطاة صفت فيها منضدة خشبية كبيرة سمرت بالأرض ومقاعد قشية مهترئة ، ومازلت أذكر حينما تسللت خفية لأنظر لهم من فرجة بين الأخشاب العتيقة يتصاخبون فى سعادة للساعة اليتيمة التى يستريحون فيها ليأكلوا ما يجود به عليهم خورى العجوز ... وقد لوحت الشمس وجوههم البسيطة وارتفعت ضحكاتهم بينما سعدان القائم بتوزيع الطعام يطالبهم بالهدوء فلا يأبهون له ... هؤلاء البسطاء .... رغم الشقاء ...أحرارا.

غص قلبى وأنا أتجول بين جنبات القصر الباعث على الفزع بجدرانه الرمادية وأضوائه الخافتة وشرفاته المغلقة دائماً إلا فى حفلات العمل.

كان الوقت مازال مبكراً على الغذاء ، وقد فكرت أن أذهب لجوجى فى المطبخ لأحظ ببعض الصحبة الطيبة وأسمع خفية دعائها إ لىّ ، إلا أنى بعد أحداث الصباح استبعدت الفكرة ، وخشيت أن يلحق الأذى بالخادمة الحنون ، فتعاطفها معى لن يغيب عن حس العجوز الماكر .. ومما سمعت من عمال الضيعة عن قصص تروى عنه
إنه سريع الغدر ... سريع الغضب وقد وضع بين جنباته قلباً من حجر صوان لا يلين أبداً..وهذا اختبرته بنفسى كثيراً.

أخرجنى من أفكارى صوت فدوى ينادى على بسام فهرعت لشرفة القصر الأمامية لأراه مغادرا يحمل حقيبة سوداء صغيرة وفدوى تلحق به تعطيه حقيبة أخرى صغيرة .. ظنى بها طعام الغذاء فيأخذها ويمضى بينما تقف هى كالأم الرؤوم تلوح له مودعة
ناديت عليها ... إلا أنها تجاهلتنى عن عمد ... وسارت مبتعدة نحو الدار وأغلقت الباب خلفها دون أدنى إلتفاتة وكأنها تلومنى على رحيل بسام المبكر .... ولكن ظنى بها حسن ... فأمثال فدوى يملكن قلوب من ذهب .. تنير لمن حولها ولا يعلوها أبداً الصدأ ... أعرف إنها غاضبة ولكنها أملى الأخير هى وبسام

فى النهاية لم يكن هناك سوى شادن لأجلس معها وأتكلم معها وأحكى لكم عنها


... قد أكذب حينما أقول أننى لست حفيدة خورى ، ابنة لوسيا خورى ، تلك الأم التى تتراء لى صورتها من بعيد كطيف هلامى ، فقد انمحت ذكرياتى عنها منذ طفولتى المبكرة ولم يبق منها سوى بعض الصور القليلة التى تشهد بوضوح أن ما يجمعنا يكمن فقط فى عينيها ، عينيها التى تتراقص بالفرح وهى تضع يدها فى ذراع أبى فى صورة زفافهما الوحيدة.
وصو ر آخرى وهى تحملنى رضيعة ثم فى أعوامى الأولى بينهما ثم لا شئ بعد ذلك.

تنبأنى صورها عن سعادتها وحبورها ، تلك السعادة تضع أمامها علامة استفهام كبيرة لأختفائها من حياتنا ، وتجعلنى اتساءل هل خطفها الجد البغيض ، لكن دوماً كان هناك اتصالات متباعدة كل عام بأبى وهو يكظم غيظه ويطالبها بتفسير لموقفها ... فلا يسمع منها سوى النحيب ... حتى يأتى العام اللاحق وقد قاربت العام هنا ... وينبؤنى حدسى أنها ستتصل بأبى وتعرف منه إختفائى .. ولكن أين هى .. وإذا كان خورى أبوها .. فلم لا تقيم معه ؟ !.. وتزداد حيرتى أضعافا ... إن القصر ببنيانه الضخم وحوائطه الجرانتية يحمل العديد من الصور ولا توجد صورة واحدة لها ، من بين العديد من الصور التى تزخر بها تابلوهات الحوائط لعائلة خورى العتيدة وقد زادت رهبتى وأنا أغوص فى القصر للمرة الأولى ، إنها صور لنساء ورجال وقد أتشحت بالسواد حتى صورة ذلك الطفل الصغير الوديع ، الذى يحمل الكثير من ملامحى ... بل يكاد يكون صورة طفولية منى ... كان ثمة كلمات بخط أسود صغير أسفل الصورة لم استطع قراءتها من بعيد

حاولت مرارا الوقوف على أطراف أصابعى وأنا أقرأ إيلى خورى ، وإذا بصوت هامس يقول

- دع الموتى يرتاحون يا بنيتى

كان صوت خديجة وهى تربت على ظهرى ثم تنصرف لتأخذ ساعة القيلولة بعدانتهاءها من إعداد

الطعام.

تبعتها ببصرى وهى تدلف حجرتها الصغيرة وتنظر لى نظرة مشفقة ثم تغلق الباب خلفها... تتركنى لأعاصير تصارع بداخلى وعلامات أستفهام تدور فى رأسى وكأبة الموت تحيط بى تكاد تلتهم الجماد المحيط حتى ذاك البيانو فى الركن رغم أنه يقبع نظيفاً وبراقاً يفضح صمته الطويل الصرير الصادر من مفاتيحه المهجورة منذ زمن بعيد ... ويخبرنى نشاز أوتاره أن وجوده فقط من عوامل الترف فى القصر ليس إلا ..., ابتسمت فى ملل ويدى تعابث البيانو فى قسوة ضارية فتصدر أصواتاً تؤرق موتى القبور إلا الزر الأخير لم يعمل... حركته يمنيا ويسارا ثم نزعته بشئ من العنف الذى يفور فى أعماقى وأنا أهتف:-
لابأس هو مهمل .. فلن يضيره المزيد من التخريب .. ثمة حشية قرمزية اللون محشورة فى ثنايا البيانو استرعت انتباهى .. فاخرجتها بلطف فإذا بها تحوى بين أطرافها أوراق صفراء معنونة بلغة فرنسية تحمل عنوان "أوراق سيلين" يبدو أن شخصا ما وضعها هنا
هناك عبارة كتبت بخط منمق فى الصفحة التالية
إلى ابنتى وبين طيات الأورق وجدت صورة ضوئية بالأسود والأبيض لسيدة أجنبية الملامح وفتاة فى نفس عمرى...كانت المذكرة الصغيرة تربو على ثلاثين صفحة كتبت بالفرنسية وقد أصبحت نوعا ما جيدة فى اللغة بالإكراه....وضعتها بجيبى .. اعتقد أنه مع الإستعانة بقاموس استطيع حل رموزها ثم تذكرت خطأ العجوز فى الصباح
تشبهين سيلين
ترى من هى ...أهى إحدى ضحايا خورى العظيم وقد بنت يوماً على شواطئ الأمانى قصوراً من الأمل اينعتها أحلام المطر الكاذبة ثم هوت وخلفت من ذكراها مجرد أوراق مهترئة ... استيقظت من أفكارى على خطوات رتيبة تذرع البهو فخبأت الأوراق فى جيبى واستدرت لأجد جانو تقف فوق رأسى وتسألنى فى لهجة محايدة:-

أنسة ، أعلمك أنك ستعاودين دروسك بانتظام من غد باكر .... وإذا كنت فى حاجة إلى و..
لم أنتظرسماع بقية جملتها .... ودون أدنى إلتفاتة صعدت الدرجات الرخامية إلى حجرتى كى أخبأ كنزى الثمين أوراق سيلين.

وضعتها أسفل حافة فراشى واستلقيت فى كسل أتساءل ترى ماذا تخبئ الأوراق؟
ترى ماذا تخبئ لى الأيام ؟ ... ويؤرق شئ فى ضميرى معاملتى الفظة لجانو... بيد أنها تكاد تحصى أنفاسى لتخبرها للعجوز ... تنهدت مرة أخرى ثم حدقت فى السقف البعيد وخيالات تتراء لى والنعاس يخدرنى ويخرجنى من واقع العذاب لأحلم مجددا بالمطر ... آه المطر

لاهية فى أحلامى والمطر الحنون يغمرنى وبين أطياف الغيم يضوى وجه بسام .. مبتسماً وثمة خصلة عابثة تتراقص على جبينه بينما يتمتم بشئ يبعث الإرتياح فى نفسى ويغمرنى بعذوبة ... نمت تلك الظهيرة دون أن ادرى أن فى هذه اللحظة كان هناك صراعا مريرا يعتلج فى نفس بسام وأن مصيرى سيتحدد نتيجة هذا الصراع

روان عبد الكريم 11-29-2011 03:49 PM




بسام
مالى ومال هذه الطفلة أن نادر على حق وهو أدرى بخطورة وضعنا فى لبنان ليس فقط وظيفته لدى خورى .. ولكنها طفلة بريئة تتعرض لظلم بشع ...عرفت من حكى فدوى عنها أنها ابنة لوسيا الابنة الوحيدة لغسان خورى التى هربت منه ذات يوم وتزوجت مصرى مسلم ، وهناك فى القاهرة وضعت طفلتها وأن الجد لم يكن يعرف عنها شيئا حتى العام المنصرم ، وأن اكتشاف وجودها جاء بمحض الصدفة ، حينما وقع فى يده خطابا عن طريق الخطأ ارتد للضيعة من لوسيا إلى ابنتها ، يومها وجد أن أمله فى حفيد تجدد ودبر لاحضارها لبيروت بأى وسيلة وهو يستميت فى بقائها بكل قوة ويحاول تصحيح خطأ ابنته من وجهة نظره وفى سبيل ذلك هو يدمرها وينزع جنسيتها وهويتها لتصبح ناتالى المسيحية الديانة اللبنانية الجنسية وقد اخبرتنى أنه يقال أن ناتالى فتاة أحبها فى ريعان شبابه وأنها هاجرت عن لبنان كلها هى وعائلتها ولم يعرف لها طريقاً
تنهدت وأنا أمسك سور النافذة حيث أقطن فى أحد البنايات التى توفرها لنا الشركة فى قلب بيروت وقلبى يتملكه الضيق .. وصورة نادر تتراء لى .. إننى أدرك أن تنزع جذورك وتزرع فى بيئة غير بيئتك وشمس غير شمسك ، فى النهاية تنتج مسخا إنسانيا لا يحمل سوى الكراهية والإنتقام بأبشع صوره إذا ما سنحت الفرصة .

ما أفظع هذا .. هتفت فى خمول وألم .. إننى أدرى الناس بقيمة أن تكون للك هوية حتى وإن لم يكن لديك وطن ، فأنا سليل عائلة الجارحى الناصرية أشهر العائلات الفلسطنية الفدائية بالناصرة وقد أكون أخر أفرادها على الإطلاق


وعصفت بى أعماقى وأنا أمضى كالسجين فى شقتى البيروتيه الصغيرة التى أقطنها مع صديق لى يدعى أياد سورى الجنسية .. أحاول كل جهدى إلا أحدث ضوضاء كي لا أوقظه فمازال الوقت مبكرا

ثم تراء لى وجهك يا فدوى الحبيبة ... آه يا فدوى كم أحتاج رفقتك الآن فلست أعتبرك شقيقتى فقط بل كثيرا ما لعبت دور الأم رغم فارق الأعوام بيننا ...أحتاج للتركيز للخروج من المأزق الذى وضعتك فيه بأنانية ..كنت أطوق فى زيارتى هذه لحل المشكلة بيننا ووضع الأمور فى نصابها .. كيف لى أن أظلمك بهذه القسوة .. لكن ذلك النحيب يقلق مضجعى ويشتت تفكيرى .. يا له من نحيب لفتاة تشتاق لنفسها ووطنها

أتساءل فى أسى ماذا يمكننى أن أمنحه لها فى حالتى هذه... أقف و أرجع شعرى للوراء فى حركة رتيبة محملقاً من النافذة وقد بدأت الحياة تدب فى الشارع .. وثمة رغبة تجتاحنى أن أهرع لقصرخورى ..وأحطم الأبواب وأذهب بشادن للقاهرة ..أعطيها الحرية التى أفتقدها دائماً

لكن هناك نادر ..نادر الذى طالما حاولت أن أعيده لدائرتنا فيقترب حينا ويبتعد أحيانا .. إنه يقيم مع غسان منذ خمسة عشر عاما..ولن يضحى بحياته أو ظيفته من أجل فدوى نفسها

جل ما يخشاه أن يخسره ويصبح ابن العم عدواً شديد المراس صعب الطوية

انتابنى صداع رهيب فى هذه الليلة ونمت محموما

تنتابنى شتى الأحلام
شادن تغرق فى بحر مظلم عميق تصارع الأمواج
بينما أقف أنا على الشاطئ أدير رأسى أتلفت بين الحين والآخر لعل البحر أن يبتلعها ويخلص ضميرى من صراخها
ويأتينى فى أحلامى من بين أطياف الغيم فارسا نبيلاً أمراً بصوته الفولاذى

-
انقذها
أسال .. من أنت ؟ ! .. من أنت ؟!
-
ألا تعرفنى ؟
- بل أعرفك ولكن لا أتذكر اسمك ..
-
فيقول أمرا أذهب .. أنجدها
-
من أنت ؟! ... فيصفعه ويقول
- يلا مرؤة العربى
التفت مرة أخرى صوب البحر ليجد فجوة عميقة سوداء تبتلع شادن ومعها فدوى لأعماق الظلمة فتمتد يدي بسرعة كيدى عملاق تتشبث الفتاتان به
ثم اجد وجه الفارس يمتزج بغيم الحلم وهو يقول
لا تتركها أيها الناصرى لا تتركها ابداً


استيقظ مذهولاً وآذان الفجر المنبعث من المذياع يدور فى أذني ، بينما تمتد يد شريكى فى السكن وصديقى أياد وهو يهزنىبلطف أن استيقظ ويهتف به وقد انتابه الهلع لصراخه
- استيقظ يا بسام ... ما بك يا بسام ؟ .. استيقظ يا صديقى
يناولنى كوب ماء وهو ينظر لى فى حيرة متنهدا وهو يرقب صدرى يعلو ويهبط
تساءل وهو يجس جبينى الغارق فى العرق .. من الأفضل أن نذهب للمستشفى حالتك سيئة
ازحت يده برفق .. فقط أحتاج للراحة .
نظر لى بشك
أردفت أبلغهم فى العمل بحاجتى لإجازة اليوم
عقد حاجبيه فى شك وعناد .. تحتاج طبيب
اشحت برأسى ستمر علىّ فدوى فى الظهيرة لا تقلق
عقد يديه فى حزم .. هناك خطب ما
اغمضت عينى وأنا أروى له .. إنى أحتاج من يساعدنى ... أحتاج الأمر بشدة


الساعة الآن 10:10 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team