منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   الأدب العربي الأنجلوفوني : نظرة عامة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=6137)

الدكتورة مديحة عتيق 09-13-2011 08:09 PM

الأدب العربي الأنجلوفوني : نظرة عامة
 
الأدب العربي الأنجلوفوني : نظرة عامة
بقلم الدكتورة ليلى المالح
ترجمة : د.مديحة عتيق/الجزائر
سبق أن وجهت دعوة إلى ترجمة (Arab Voices in Diaspoara)لليلى المالح إلى العربية واستجاب بعض الزملاء إلى دعوتي واختاروا فصولا من الكتاب وقد اخترت فصلا بعنوان (Arab Anglophone Literature ; An Overview) وهأنذا أقدمه بشكل تسلسلي فأرجو أن يروقكم عملي
الأدب العربي الأنجلوفوني : نظرة عامة
بقلم الدكتورة ليلى المالح
الصفحة1:
"غادرتُ هذا المكان جريا نحو كاليفورنيا..منفى دام سنوات..عدتُ في نقّالة..وشعرتُ هنا بأنّني غريب..منفيّ عن منفاي السابق.. أنا دائما بعيد عن شيء ما وعن مكان ما..تركَتني حواسيّ الواحدة تلو الأخرى كي تعيش حياتها الخاصّة. إذا التقيتَني في الشارع فلا تكن واثقا من أنّني أنا..مركزي ليس النظام الشمسي"(1)
من المفارقة أنّ الأدب العربي الأنجلوفوني لم يحظ بالعناية ولم يحقق أدنى اعتراف إلا بعد أن استيقظ العالم ذات صباح على الحدث الإرهابي 11/9 فسأل نفسه من هم العرب حقّا..
والمفارقة الثانية أنّ الأدباء العرب الأنجلوفونيين أبعد ما يكون عن العرب النموذجيين، فهم سلالة الازدواجية الثقافية، والتهجين، وتجربة الشتات، وقد حدث هذا الاعتراف ببساطة شديدة لدرجة أنّ أعمالهم صارت في متناول الأيدي في السنوات الأخيرة فبدت كأنها تلبّي حاجة قرائية عارمة تبتغي التعرّف على الثقافة العربية وتركيبتها العقلية في لغة أصبحت مشتركة (lingua franca) في العصر الحديث.
بدأت المكتبات في المدن الغربية تعرض في رفوفها الأعمال العربية الأنجلوفونية جنبا إلى جنب مع الأعمال الأنجلوفونية الأفغانية والباكستانية والإيرانية(2)،
الصفحة 2:
ويبدو أنّه لم يكن مهمّا تحديد هويّة الكتّاب ما دامت الأسماء والعناوين تغذّي نشوة استدراج القارئ نحو فهم أفضل لـ "الآخر الإرهابي".تسلّيتُ كثيرا حين اكتشفتُ أنّ موقع أمازون.كوم ـ مورّد الكتب الشهيرـ قد أوصى من أجل قرّائه بإعادة نشر كُتُب ذات توجّه شرقي على غرار "أتوا إلى بغداد" (1950)و"جريمة قطار الشرق (1934) لأجاثا كريستي من أجل frisson اسم بغداد(3) ولكنّ الأمر أكثر دلالة على الاهتمام المتزايد بالأدب العربي الأنجلوفوني ليس مخازن الكتب بل في عدد الجامعات المتنامي عبر العالم التي بدأت تضيفه إلى مقرّراتها الجامعية حيث تُلزِم الطلبة بدراسة عقلية العربي/ المسلم واللاهوت الإسلامي ووَجَدت في الأدباء العرب الأنجلوفونيين نافذة ملائمة للانفتاح على الفكر والثقافة العربيين.
أصبح العرب أخيرا مرئيين، وإنّه لأمر يدعو للشفقة أنّ هذه الرؤية تتمّ عبر مصفاة "الرعب/الإرهاب" بدل من الشفقة والخوف بمعناهما التطهيري الأرسطي.
الهوامش:
(1) إتيل عدنان (Etel Adnan): في قلب قلب وطن آخر(In The Heart of the Heart of Another Country) منشورات(Mundus Artium)10،1977، ص23.
(2)غالبا ما يختلط اسم الكاتب الأفغاني ـ الأمريكي خالد الحسيني والكاتب صاحب (The Kite Runner) والكاتب البريطاني ـ الباكستاني حنيف قريشي مع أسماء كتّاب عرب أنجلوفونيين حتى بالنسبة إلى الأكاديميين الذين ساهموا بأعمالهم في إنجاز هذا الكتاب .
(3) أُوصِيَ بهذه العناوين للقراء ـ وأنا ضمنهم ـ مع اهتمام بالعالم العربي......................يتبع

الدكتورة مديحة عتيق 09-14-2011 06:48 PM

قطعا، ليس الأدب العربي الأنجلوفوني في مرحلة النشأة (swaddling -clothes) (4)، فجذوره تمتدّ إلى انثناءة القرن الماضي حين كان على المهاجرين الأوائل إلى الولايات المتحدة الأمريكية أن يتعاملوا مع لغة وثقافة الوطن المضيف.
ذكر وائل حسن في مقاله المهمّ عن جبران في هذه المجموعة أنّه في أمريكا أَنتَج الأدباء أوّل مجموعة شعرية "الآس وشجر المرّ (Myrtle and Myrrh) (1905) وأوّل مسرحية "وجدة"(wajdah)(1909) وأوّل رواية "كتاب خالد" (The Book of Khalid) (1911)(5) وأوّل سيرة ذاتية عربية ـ إنجليزية (رحلة بعيدة) (A Far Journey) لأبراهام ميتري الرحباني (Abraham Mitrie Rihbani)(1914).
وباستثناء جبران الذي حقّق كتابه "النبيّ"(6) مبيعات قياسية ونجاحا غير متوقّع لم يصله كاتب عربي أنجلوفوني(7) فإنّ قلّة من الأدباء الآخرين عُرِفوا للقارئ العادي.
الهوامش:
(4) يمكن أن نعتبر رواية (في أرض الفراعنة) لديزي محمد علي أول عمل كتبه عربي بالإنجليزية، وقد نشر في لندن ونيويورك عام 1911 (لندن، Frank Cass ،ط2، 1968)
(5) حول هذه النقطة انظر أطروحتي للدكتوراه (الرواية الإنجليزية بأقلام الكتّاب العرب) (The Novel English by Arab Writers) (جامعة لندن، 1980)
(6) بيع حوالي ثمانية ملايين نسخة من الكتاب، وترجم إلى بضعة وخمسين لغة

(7) وليام بيتر بلاتي (William Peter Blatty) هو الروائي (والسيناريست) العربي ـ الأمريكي الوحيد ـ باستثناء جبران ـ الذي حقّق نجاحا تجاريا مذهلاـ تتّكئ شهرته العالمية على روايته اللاهوتية المرعبة (طارد الأرواح الشريرة) (Exorcist) (1971) التي أصبحت أكثر الكتب مبيعا في العالم. إذ بيع ثلاثة عشر مليون نسخة في أمريكا
www.kirjasto.sci.fi/blatty.htm (جريفوري أورفاليا ( Gregory Orfaleo) العرب الأمريكان، ص34)، تتضمّن أعمال بلاتي سيناريو (طلقة في الظلام A Shot in the Dark) (1964) (ماذا فعلت في الحرب، بابا؟ What did you do in war, daddy ?) (1966) وسيرة ذاتية (سوف أخبرهم بأنّني أذكرك I ‘ill tell them I remember you) (1973)......يتبع

ماجد جابر 09-14-2011 07:32 PM

تحيّاتي
أشكر لكِ دكتورة مديحة عتيق هذا الموضوع المميَّز والفريد الذي يلقي الضوء على الأدب الأنجلوفوني ، وهو نافذتنا الأدبية التي نطل بها على العالم الخارجي ، وتعكس له صورا من روائعنا الفكرية والحضارية.
بوركتِ ، وبورك المداد.

الدكتورة مديحة عتيق 09-26-2011 08:48 PM

أواصل تقديم ترجمة فصل "الأدب العربي الأنجلوفوني نظرة عامة"
الصفحة 3:
"عُرف بعض معاصري جبران بكتاباتهم العربية أكثر من كتاباتهم الإنجليزية، ومن هؤلاء أمين الريحاني (1867-1940) وهو كاتب غزير الإنتاج بالعربية وفي أجناس متنوعة(8) وميخائيل نعيمة (1889-1988) صاحب "كتاب مردد" ومذكرات الأرقش"، لذلك تقتصر أعمالهم جغرافيا على القرّاء في العالم العربي.
وقد بدأ النقاد و الأكاديميين العرب والعرب الأمريكان مؤخرا فحسب دراسة التركة التي أورثهم إياها أسلافهم، وقد احتفى بعض النقاد أحيانا بهذه التركة على أنّها معلم أدبي، وقلّص البعض الآخر من قيمتها أو أنكروا قيمها الأدبية(9).
كانت كتابات جبران ومعاصريه من ذوي الأصول العربية مزيجا من الخطاب المسيحي والفكر الصوفي(10)اعتبر هؤلاء الكتّاب أنفسهم رؤيويين كرّست حياتهم لمهمّة كونية، وهي مهمّة ليست بعيدة تماما عن الدور التقليدي الموكل للشاعر في الثقافة العربية(11). ومع ذلك فإنّ دور الشاعر ـ النبيّ ولّد (engendered) جدلا كبيرا حول كتاباتهم، وهدّد (endangered) ثوابتهم الأدبية بالانقراض، وفي إطار سعيهم للشهرة وإيجاد مكانتهم داخل الحلقات الأدبية الأمريكية فإنّ السؤال الذي يفرض نفسه هو ما إذا كان هؤلاء المثقفين قد لبسوا عباءة الشرق لرفع مبيعات كتبهم وليحظوا بالقبول عبر تصوير أنفسهم في صورة العباقرة الجذّابين " Charismatic Genius" أو أنّ فكرتهم حول المصالحة الطيبة بين الشرق والغرب مجرّد إسهام ضمن فكر اختزالي ومتآلف حول روحانية الشرق الغارقة في طلاسمها المذهلة وعقلانية الغرب الديناميكية.
الصفحة 4:
وكان هناك بالطبع من أشاد بالكتّاب العرب الأنجلوفونيين الذي ظهروا في بدايات القرن العشرين، واعتبروهم روّاد الوساطة الثقافية ونماذج مبكّرة لتخطّي الحدود القومية (transnationalism) و العبور الإقليمي(border crossing) (12)، وعلى المرء ألا يتجاهل فكرة أنّ هؤلاء لم يكتبوا بدافع الإحساس بالدونية بل كانوا ينهلون من منابع الثقة التي ستجف لاحقا وذلك حين يناقش مسألة التشاؤم الذي طبع الأعمال العربية الأنجلوفونية اللاحقة التي ظهرت في منتصف القرن العشرين (سنناقش ذلك لاحقا).
كان هؤلاء الرواد الوسطاء الثقافيين الفعليين بين الشرق والغرب، إذ وجدوا أنفسهم يقومون بدور المصالحة ـ عبر وسيط الإنجليزية ـ وذلك بتبديد الظّنون التي تحملها كلّ ثقافة نحو الأخرى و بإرساء تقارب فكري أصيل بين التقاليد الشرقية والغربية.
وعلاوة على ذلك، كان لوساطتهم دور أكبر في المصالحة بين الإسلام والمسيحية في أوطانهم، كان جبران والريحاني يكتبان بأسلوب ينسّق بين المخزون الإسلامي والمسيحي في صيغ متوافقة وإن بشكل متفاوت.
وسواء أخذ على الكتّاب العرب الأنجلوفونيين السذاجة والصوفية (mysticism) والتفاؤل، والمثالية المفرطة أو التغريب الذاتي(self -exoticing) فإنّ مداد كتاباتهم عكس إحساسا بالتفاؤل الجماعي، والحفاوة، والابتهاج.
في الحقيقة ليس من العسير على المرء أن يستشعر دلائل سعادة {عند هؤلاء الرّواد}، وبهجة أكيدة من القدرة على التفاوض من وراء تخوم مسقط رأسهم بل وطمأنينة داخلية تختلف عن تعابير الألم والاضطرابات التي تسم الكتابات ما بعد الكولونيالية الهجينة اللاحقة. كانت أعمال هؤلاء الرّوّاد نوعا من الهجانة الميتروبولية/المركزية (Metropolitan Hybridity)"الكامنة بارتياح في قلب كلا المواطنتين: القومية وعبر-القومية" حسب تعبير (R.Radhakrishnan)(13) ، هجانة لا شكّ في أنّها ساعدت هؤلاء الرّواد على مناقشة "هويّة السياسة" The identity politics ) في أوطانهم الأصلية ومواطنهم {الجديدة}المختارة بضغط أقلّ من الذي استشعره خلفاؤهم.

الهوامش:

(8) "كتاب خالد (The Book of Khlid) أغاني صوفية (The Chant of Mystics) حول سواحل الجزيرة العربية (Around the Coast of Arabia) هي بعض من أعماله
(9) شهد العقدان الأخيران محاولات أكاديمية لبعث أعمال الريحاني في الولايات المتحدة، فنشر الكثير من مخطوطاته المهملة، وظهرت طبعات كثيرة لأعماله التي نفذت، وعقدت حوله المؤتمرات وكتب عنه مقالات صحفية، وأقيمت احتفالات و تكريمات على شرفه في لبنان وفي الخارج تتضمّن تمثالا نصب في جامعة (Tufts) في بوسطن عام 2004.
(10) انظر إلى مقالي في هذه المجموعة.
(11) اعتبر ميخائيل نعيمة في كتابه النقدي "الغربال" الشاعر" نبيّا أو فيلسوفا يتمتّع بقدرة خاصة علة استكشاف الحقيقة" (من كتاب (Tanyss Ludescher)"من النوستالجيا إلى النقد: نظرة عامة عن الأدب العربي الأمريكي،منشورات MELUS،31.4، (شتاء2006)،ص96)
(12) وصف سهيل البشريوي جبران بأنه واحد من الرجال القلائل في التاريخ الذين تحدثوا عن الشرق والغرب بتواز، لم ير أحدهما بشكل ينتقص من الآخر، سعى دائما لأن ينوّه بفضائل كلّ منهما بشكل متناسق
The Thought and Works of Ameen Rihani With Special Reference to His Writings in English
by Dr. Suheil B. Bushrui
http://www.alhewar.com/Bushrui_Rihani.html
(13) R.Radhakrishnan : Diasporic Mediations (Minneapolis & London; U of Minnesota,p 1996) :159........يتيع

الدكتورة مديحة عتيق 09-29-2011 07:19 PM

الصفحة5:

... فبمعيّة جمهور قرّاء خاب أملهم في ماديّة الغرب المتنامية، نادبين عالما عذريا، طاهرا ماقبل صناعي، كان {هؤلاء الكتّاب} يتموقعون استراتيجيا في وضع جيّد لتلبية ذوق قرائي يبحث عن منبع إلهام خارج حدوده الثقافية، وفي الوقت الذي كانوا فيه جذّابين لقرّائهم الجدد لم يخونوا ذاكرتهم الثقافية، ولم يتنكّروا لماضيهم ولم يثبت عليهم أيّ خيانة لوطنهم، بل بالأحرى كانوا ينظرون إلى الماضي والحاضر بعين ناقدة، من منظور "ثقافي" بلغ حدّ الاستعداد إلى قبول الاختلافات الثقافية، هو موقف بَشَّر بـتعدّدية أعظم مَيَّزت لاحقا فترات من القرن العشرين.
ومع ذلك فقد أراد الكتّاب قطعا أن يُتقبّلوا قبولا لطيفا لدى السّواد الأمريكي وربّما لهذه الغاية، لجأ الكثير منهم للكتابات الشخصية /الذاتية التي عُرِف بها الكثير من الأدب المهجري.
أرّخ الكثير منهم لتحاربه في الهجرة والمقام في الوطن المضيف الجديد.
كتب أسعد يعقوب كيّات "صوت من لبنان" (A voice from Lebanon) (1847) وأبراهام ميتري رحباني "رحلة بعيدة" (A Far Journey) (1914) وجورج حدّاد "م ت، لبنان إلى فرمونت" (Mt,Lebanon to Vermont) (1916) وأشاد .ج.هاوي (Ashad.G. Hawie) "النهايات القزحية" (The Rainbow Ends)(1942) وسلّوم رزق "يانكي سوري" (Syrian Tankee) (1943) وجورج حميد "سيرك" (Cyrcus) (1950)
لم يكن الهدف من كتابة "الذات" لتدوين الرّحلة وما صاحبها من مشقة فحسب، بل كانت تلك السير ذاتية ذات طابع اعتذاري، كأنّها تبرير من الكتّاب لمغادرتهم أو "ارتدادهم" عن أوطانهم الأصلية، فقد شرح الكتّاب في سيرهم الذاتية دواعي و أسباب هجرتهم كما في أسطر أبراهام ميتري ريحباني " هدفنا أن نقهر الجهل بالمعرفة، والخطأ بالصواب، والفوضى بالانسجام، والكراهية بالحبّ"(14)
وفي الوقت الذين كان فيه كتّاب السيرة الذاتية يعتذرون للناس الذين تركوهم وراءهم كانوا يلتمسون في مذكّراتهم تعاطف الناس الذين انضمّوا إليهم {في الوطن المضيف}أَمَل أشاد.ج. هاوي الذي خدم في (Rainbow Divisions) ـ درجة أولى خاصّة في الجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الأولى ـ والذي قُدِّم في (Distinguished Service Cross) للبطولة الخارقة في أحداث فرنسا ـ أن يُقدِّم في روايته "نهايات قزحية" دليلا كافيا على (ولائه لأمريكا) ووطنيّته، وبالتالي حقّه في الاندماج والقبول.وبالنسبة إلى سلّوم رزق، فإنّ كتابة السيرة الذاتية هي جزء بسيط من دين يردّه بصفته مواطنا للأرض العظيمة : الولايات المتّحدة الأمريكية" (15)

الهوامش:
(14) Abraham Mitrie Rihbani, Far Journey,(Boston MA New York : Houghton Mifflin, 1914) :346.
(15) Salom Risk: Syrian Yankee, (Garden City NY: Doublelady,1943)

الدكتورة مديحة عتيق 10-10-2011 12:55 PM

الصفحة 6 غير موجودة في Bookgoogle بهوامشها 16-17-18-19 ذا سننتقل إلى
الصفحة 7:

كان جورج عطية من أغزر الأدباء العرب الأنجلوفونيين الروّاد إنتاجا، ولكن معظم الكتّاب العرب الذين أتوا من بعده كتبوا عملا وحيدا بالإنجليزية، فكتب وجيه غالي ـ المصري القبطي ـ رواية وحيدة "بيرة في السنوكر" (Beer in the Snooker) عام 1964 وذلك قبل أن يضع حدّا لحياته. وكتب الروائي الفلسطيني حبرا إبراهيم جبرا "صيادون في شارع ضيّق" (Hunters in a Narrow Street)بالإنجليزية عام 1960وقد ترجمها بنفسه إلى العربية بعد مُضِيّ سنوات كثيرة. وكان للأديبة اللبنانية ريما علم الدين رواية وحيدة "الربيع إلى الصيف"(Spring to Summer) عام 1963، أرفقتها بمجموعة قصصية، وانتهت حياة هذه الأديبة أيضا نهاية مفجعة. وكانت "طفولة بدوية" (Bedouin Boyhood) (1967) الرواية الوحيدة للكاتب الفلسطيني إسحاق ديك (Isaak Diqs).
لا تكاد هذه الأدبيات المكتوبة تشكّل مدوّنة أدبيّة متميّزة تستحقّ أن تأخذ مكانها على خارطة الأدب الأنجلوفوني العالمي أو أن تصمد أثناء مقارنتها بالآداب الأنجلوفونية الأصيلة في إفريقيا والهند أو حتّى جزر الكاريبي. تبدو هذه الأعمال ـ بشكل أو بآخرـ نتاج أحداث تاريخية و ثقافية وَجَّهت هؤلاء الكتّاب نحو ثقافة دون أخرى.
كانت كتابات هؤلاء الأدباء {عطيّة، وجبرا، وريما علم الدين، ووجيه غالي، وإسحاق ديك} تختلف كثيرا عن كتابات أسلافهم (الريحاني، وجبران، ونعيمة) من حيث أنّها أكثر وفاء والتزاما للتقاليد الأوروبية منها للمشهد الأدبي الأمريكي آنئذ. عَكَست أعمالهم ـ بشكل كبيرـ تكوينهم الثقافي والتعليمي البريطاني، وستحُول هذه الظاهرة دون صعود أسلوب {ولغة} أدبي عربي ـ إنجليزي (20) .فعلى خلاف الكتّاب النيجيريين ـ على سبيل المثال ـ الذين يوظّفون الإنجليزية بتحرّر وأحيانا باستخفاف(21) ، فإنّ الكتّاب العرب الإنجليز لا يجرؤون على الإبداع {اللغوي} عبر سكّ وإدماج لغة دارجة محلّية أو على التجريب أسلوبيا.
كانوا يعملون داخل القوانين الخطابية الميتروبولية فظلّت اللغة التي يوظفونها "إنجليزية خالصة" وأقلّ ما يمكن القول إنّها مقتضبة ومحافظة. إلا إذا كانوا بصدد تغريب ذواتهم Exotization)وتقديمها على أنّها أجنبية (Foreignization)
ولعلّ مردّ هذا الأمر أنّ اللغة العربية ـ الإنجليزية (Arabic English) ـ إذا كانت أصلا موجودة ـ تشكّلت ملامحها الحيوية أثناء المرحلة الكولونيالية وداخل اللغة البريطانية (والمدرسية تحديدا) وليس كلغة نشأت محلّيا تحت إشراف ما، أو تلبية لرغبة {الأدباء العرب} في تحدّي الخطاب الغربي السائد.
لم تكن اللغة الإنجليزية التي وظّفها هؤلاء الأدباء بالتزام شديد هي الوحيدة التي حالت دون انطلاقهم بل عاقتهم أيضا الثقافة الغربية عموما وبالتالي فقد نَظَر هؤلاء الأدباء إلى أنفسهم وشعوبهم من خلال عيون الأوروبيين لذا غالبا ما قدّموا صورة فلكلورية عن العالم العربي.

هوامش الصفحة 7:
(20) انظر أطروحتي للدكتوراه (الرواية الإنجليزية بأقلام الكتّاب العرب) (The Novel English by Arab Writers) ، ص15.
(21) Writing in West Africa , Time Literary Supplement (10 August 1962)

الدكتورة مديحة عتيق 10-14-2011 07:13 PM

ص8

بل لعلّ نجاح بعض تلك الأعمال لا يعود إلى أيّ استحقاق أدبي أحرزته أو أيّ تعابير غريبة تضمّنتها. فيمكن أن تعزى شعبية نصّ مثل "طفولة بدوية " لإسحاق ديك إلى حدّ كبير إلى الغرابة الساحرة للحياة البدوية لدى جمهور مفتون بالغرائبي أكثر ممّا تٌعزَى إلى أيّ كفاءة فنّية.
وقد ارتبطت تلك الأعمال موضوعاتيا بقضايا "الاغتراب النفسي والاجتماعي" (داخل الوطن وخارجه) ، وتيمة "عودة المنفى" وتجربة "الهجانة" والوعي المزدوج (double -consciousness)( وتعتبر رواية عطية ""الطليعة السوداء "The Black Vanguard" خير مثال على ذلك) مع اهتمام مرضي بقضية الهويّة ( كرواية "بيرة في السنوكر لإسحاق ديك) بالإضافة إلى سعي حقيقي نحو تمثيل الذات (Self- representing) (تجلّى في ميل الكتّاب نحو كتابة السيرة الذاتية) وقد مهّدت هذه القضايا بشكل واضح للنصوص ما بعد الكولونيالية وما بعد الحداثية.
كما احتلّ الموضوع السياسي حيّزا كبيرا في أعمال هؤلاء الكتّاب. وفي عالم مليء بمستمعين يعرفون الإنجليزية، فقد كانوا يرغبون في مناقشة أفكارهم عن قضايا سياسية خطيرة كانت تربك أوطانهم الأصلية.
كانت أعمال كثيرة ("الجنة اللبنانية "Lebanese Paradise" و"صيادون في شارع ضيّق" و"طفولة بدوية") "نسخا "عربية عن أدبيات الرحيل /الهجرة(exodus narrative)، ومن خلال هذه السّرديات "السياسية" استطاع الكتّاب أن يناقشوا تجاربهم السياسية الشائكة دون الوقوع في مخاطر اللامبالاة، والابتذال، والدعاية المحضة.
أدرك الأدباء العرب الأنجلوفونيون أنّ القرّاء الغربيين ليس لديهم أكثر من آراء عن العرب تشكّلت من خلال الأحكام المسبقة المبثوثة في روايات الرّحالة {الغربيين}(الذين حملوا رؤية رومانسية عن الشرق الأوسط) أو في دراسات المستشرقين (الذين حملوا رؤية ضيّقة ومختزلة عن العرب) لذا بدا هؤلاء الأدباء كأنّهم يستعيدون أصواتهم السردية أو يسترجعون خطابهم الخاص بهم.
ورغم أنّ تلك الأعمال لقيت انتقادات متعدّدة بشكل معتبَر، فإنّ الكثير منها حظيت بحفاوة عند صدورها و أعيد طبعها، ففي عام 1967، وُصِفت رواية إسحاق ديك "بيرة في السنوكر" (طبعت من قبل جورج ألان George Allenو Unwin) بأنّها عمل كلاسيكي صغير "little classic" كتب بـ"لغة توراتية" (22) وهي "عمل ذو قيمة أدبية حقيقية"(23) تجاوزت في بساطتها وطريقة كتابتها[...] نثر [...] دوقي (Doughty) أو (Laurence)"(24)

هوامش الصفحة 8

(22) Scarborough Evening News (14 Avril1967).
(23) Times literary Supplement (5October1967)
(24) Economist (6May 1967)

ماجد جابر 10-14-2011 09:03 PM

تحيّاتي
أشكر لكِ دكتورة مديحة عتيق هذا الموضوع المميَّز والفريد الذي يلقي الضوء على الأدب الأنجلوفوني ، ونشكر لك هذا الجهد السامق الواعي والمتتابع وهو نافذتنا الأدبية التي نطل بها على العالم الخارجي ، وتعكس له صورا من روائعنا الفكرية والحضارية.
فإلى الأمام دكتورة مديحة ، فنحن نتابع ما يخطه يراعك من درر.
أثابك الله خيرا.
بوركتِ ، وبورك المداد.

الدكتورة مديحة عتيق 10-16-2011 07:11 PM

الصفحة ص9

أصدرت بريغر(Prarger) طبعة عنه في الولايات المتحدة، و أعادت (Pergamon Press) طبعه كجزء من سلسلة تربوية للأطفال في بلدان أخرى، وبالمثل، وصف رونالد برايدن (Ronald Bryden) من (New Satatesman) رواية (بيرة في السنوكر) بأنّها تحفة روائيّة صغيرة ، وصدرت طبعة ثانية للرواية في سلسلة بينجوين الكتّاب الجدد (Penguin New Writers) عام 1968.وتبعها طبعة أمريكية بغلاف مقوّى أصدرها ألفرد أ. كنوفت (Knopft Alfred, A ,)
وفي وقت سابق لقي إدوارد عطية نفس النجاح مع روايته الأولى (الخيط الرفيع) "The Thin Line" :أعاد (Harper and Brothers) نشرها في الولايات المتحدة، وأعاد (Avon) نشرها في شكل كتاب ورقي الغلاف (Paperback) وتلا ذلك ترجمة الرواية إلى لغات العالم على غرار النرويجية، والإسبانية، والألمانية(25)، والسويدية، والإيطالية، والفرنسية، واليابانية(26)

وبعد مرور سنتين من تاريخ صدور الرواية أخرجت "الخيط الرفيع" مسرحيّا على يد (H.M Harwood) وقدّمت إلى مسرح وايتهال (Whitehall Theatre) في مارس1953 (27) لكي ينتجها فريق "ممثّلي إدوارد تيري الجدد" (The New Edward Terry Players). شجّع نجاح (الخيط الرفيع) روائيا ومسرحيا "" نقابة رابطة الصور البريطانية " (Association British Pictures Corporation) كي تشتري حقوق النشر.ولكنّ تحويل الرواية إلى فيلم تأخّر إلى أن ظهر في نسخته الفرنسية لكن بعنوان " قبيل الليل" (Juste Avant la Nuit) من إخراج كلود شابرول (Claude Shabrol) (28).
كانت أعمال الكتّاب العرب الأنجلوفونيين في منتصف خمسينيات وستّينيات القرن العشرين قليلة كما كانت تبلي حسنا بشكل واضح، وبدا أنّها كانت ذات بداية مشجّعة جدّا، وقد أُشيد بالكتّاب لأسباب عديدة تراوحت بين بساطة كتاباتهم ومباشرتها (29)، (كما في رواية "طفولة بدويّة) وجرأتها وحيويّتها(30) (كما في رواية "بيرة..") ولالتزامها بالتمثيلات الثقافية للمعلومات السياسية authentic التي أنتجتها(31) (كما في رواية "الجنة الأرضية")
هوامش الصفحة9


(25) نشرت في شكل حلقات في مجلة ألمانية (ملاحظة الناشر)
(26) La Linea Sutil , tr Elena Torres Galarce (Buenos Aires : Emece , 1955 ) Den Tynne Streken , tr Eitivind Hauge (Bergen : J,W , Eidea, 1952, La Lama dell’Agnosia ,tr,Giacomo Gentilomo (Milan &Piacenza : La Tribuna ,1964) L’etau ,tr, Raoul Holz (Paris, Gallimard,1963) ,tr Jun Fumimura (Tokyo : Hayakawa Shobo, 1954)

(27) كانت السيدة القائدة في فريق العمل ومديرته هي الآنسة إيريس تيري حفيدة إدوارد تيري، وآخر فرد في أسرة مسرحية ذائعة الصيت
(28) في عام 1975 صنفت جريدة "الوقت (Time) هذا الفيلم ضمن أفضل أفلام السنة.
(29) Scarborough Evening News (14 Avril 1967)
(30) رسالة من ديانا أثيل (Diana Athill) ـ مديرة André Deutsh ـ المؤرّخة بتاريخ 17 أوت 1976 في لندن.
(31) ترى (Jewish Observer) و (Middle East Review) أنّ رواية "الجنّة الأرضية" تشتمل على "الحقيقة" وعمق البصيرة" أكثر مما تحتويه كتابات (Khalidi) و (Erskine Childers) مجتمعة " (Obituary note "30 أكتوبر1964" ص09. أمّا صحفيّ (Liverpool Daily Post) وجد العمل ذا أهميّة لأنّه قصّة تحكي من قلب الأحداث التي وقعت للعرب الذين غادروا فلسطين بعد 1948، ويؤكّد على أنّ الناس ستقرؤه ، وتتذكّره وربّما تختلف معه بسبب الوضع السياسي والجغرافي.

ايوب صابر 10-16-2011 08:25 PM

جهد مميز حقا.

احمد ماضي 10-23-2011 10:49 PM

استاذتي الرائعة

الدكتورة .. مديحة

شكرا لك على هذا الجهد الرائع والمثمر

كوني بخير

وتقبلي الود

الدكتورة مديحة عتيق 10-28-2011 09:33 PM

ص10
ويبدو أنّ كثيرا من ذلك الترحيب يُعزى إلى إحساس النقاد الإنجليز بالمفاجأة حين اكتشفوا أنّ العرب أيضا يبدعون أثناء كتابتهم بلغة الجزر البريطانية، غالبا ما امتُدِح الكتّاب العرب الأنجلوفونيون لامتلاكهم ناصية اللغة الإنجليزية، ففي مقال استرالي يراجع رواية "طفولة بدوية" ترى الكاتبة ماري أرميتاج (Mary Armitage) أنّه بالنسبة إلى راع بدويّ سابقا فإنّ تأليف كتاب بالإنجليزية يعدّ إنجازا في حدّ ذاته، مثل كلب كلاسيكي يمشي على قائمتيه الخلفيتين"(32)
استمرّت صدمة المفاجأة و المدح المشوب بالإهانة مع نقّاد رواية "أراضي التوراة" "Bible Lands" حيث قالوا عنها "هذا الكتاب هو إنجاز ملموس ، كان كاتبها ـ وهو بدوي من جنوب فلسطين تلقّى تعليما كاملا في هذا البلد ـ يكتب بلغة بلد يفترض أنّه لم يره مطلقا"(33) بدا هذا التابع ''subaltern" الذي لا يُصدَّق أنه اخترق الحدود اللغوية كأنّه يُعمِّق حسّ الغرائبية الذي تثيره تلك النصوص.حتّى إدوارد عطيّة ـ وهو خطيب بارز، وشخصية عامّة، ومثقف ذو لغتين مرموق كثيرا ما دُعِي إلى نقاشات جامعة (Oxbridge) كي يدلي برأيه في المؤتمرات الصحفية حول القضايا السياسية. وكثيرا ما قُرِأت آراءه في افتتاحية الصّحف أو سُمِعت في البرامج الإذاعية ـ أُشيد أيضا بحقيقة أنّ لغته الأمّ هي العربية وهذا ما يجعل نصّه "الخطّ الرفيع" (The Thin Line) أكثر الأعمال استحقاقا للثناء"(34).
لم يُشِد النّقاد الإنجليز بـ "معجزة" اكتساب اللغة الأجنبية {لدى الأدباء العرب الأنجلوفونيين} فحسب، بل أشادوا أيضا بما صَاحَب ذلك الاكتساب من إعجاب بهذا العبور الثقافي ، فبنبرة متعالية أثنى ناقد (New York Times) على التزام إدوارد عطيّة الأدبي لأنّ أعماله هي أعمال سوري كان التزامه بالإنجليزية مدهشا مثل تبصّره بسيكولوجية اللغة الإنجليزية"(35) وبالنسبة لـ Nigel Nicholson في صحيفة (Daily Dispatch) فإنّ الإنجاز الأكثر حضورا هو حقيقة أنّ كاتبا استطاع أن يكتب نصا غربيا بمنتهى الدقّة والصرامة"(36) كان التابع (Subaltern) يتوجّه بخطابه إلى الغربي بلغته ومن خلال منظوره الخاص !!
هوامش ص 10


(32)Mary Armitage : « Growing up in the Desert » Adelaide Advertiser (16 December1967)
(33) Undated clipping from the publishers (collection of reviews)
(34) Times literary Supplement (12ctober1951)
(35) Anthony Boucher : New York Times (18 May 1951)
(36) Daily Dispatch (31 August 1951)

الدكتورة مديحة عتيق 11-01-2011 01:42 PM

ص11
1970- الآن : منفى أم شتات؟
تؤثّر فيّ حقيقة الهجرة بشكل غير عاديّ، فهذه الحركة من نمط حياة واضح ودقيق يتحوّل و ويتغيّر إلى نمط آخر (...) وبالتالي تندرج ضمنه بالطبع إشكالية المنفى والهجرة أو الناس الذين لا ينتمون ببساطة إلى أيّ ثقافة، هذه هي الحقيقة الحداثية ـ أو إن شئت ما بعد الحداثية ـ العظيمة: الوقوف خارج كلّ الثقافات"(37).
على مدى قرن من الكتابات العربية الأنجلوفونية يمكن أن نحدّد ثلاثة اتجاهات متميّزة :
*المهجريون (المهاجرون الأوائل إلى الولايات المتحدة الأمريكية في مطلع القرن العشرين)
*الطموحون المتأوربون (Europeanized aspirants) {ظهروا} في منتصف خمسينيات القرن العشرين.
* الكتّاب المحدثون الهجناء، ذوو الصول المختلطة، وعبر ـ الثقافيون (transcultutral)، والمنفيون/ المشتّتون الذين ظهروا في العقود الأربعة الأخيرة أو الذين تبعثروا في أرجاء العالم.
خلّف المهاجرون الأوائل وراءهم بيئة يسودها الفقر وحتّى الجهل، و شقّوا طريقهم نحو الحلقات الأدبية النخبوية، و الأكثر من ذلك، فقد تمكّنوا ـ كما أقرّوا سابقا بذلك ـ من أن يحتفظوا بتوازن مريح بين الشرق والغرب، وبين الوطن الأمّ والوطن المضيف على عكس الجيل اللاحق الذي ظهر قي خمسينيات القرن العشرين ـ كما وصفناه منذ قليل ـ فقد كان ذا خلفية نخبويّة، وعمل بجدّ كي يعتنق/ يتبنّى هويّة "الآخر" الأوروبي" وعليه فقد جسّد مثالا حيّا للصدمات والتجارب المؤلمة التي عايشها "المستعمَر" ثقافيا كما حدّده بحذق فرانز فانون. أخفق هؤلاء{الطموحون المتأوربون} في مواجهة رفض القوة الميتروبولية لهم كما أنّهم توقّفوا عن الحداد عن أوطانهم الأصلية لذا لم يعد هناك من خيار أمامهم سوى احتضان غربتهم واغترابهم الشخصي.
كان الفريق الثالث ـ وهم الذين بدؤوا الكتابة بعد سبعينيات القرن العشرين ـ الأقلّ تناسقا، فقد كان هناك جيل ثان وثالث وحتّى رابع للعرب المختلطين الذي ولدوا وترعرعوا في بيئة لم تعد تستشعر غربة أسلافهم المهاجرين أو أولئك الذين عملوا في بيئة بعيدة عن تجربة العبور/التقاطع القافي (transculturation) وقدمت الفئة الأخيرة من بيئات تنوّعت خلفياتها الاجتماعية ،والفكريّة، والعقائدية، والمهنية، وميولاتها السياسية ، واستقرّت في كندا والولايات المتحدة، (38) وأستراليا، وبريطانيا ، وكانت روابطها نحو الوطن الأمّ متنوّعة ومتشعّبة
ص12
لم يكن المهاجرون العرب الجدد سوى جزءا من الحركات السكانية الحاشدة التي شهدها العالم في العقود الأخيرة، وكانت أسباب الهجرة عديدة: فهجرة الفلسطينيين عن أرضهم عام 1948، حرب 1967 و 1973 ضدّ إسرائيل، الحرب الأهلية اللبنانية وتداعياتها، حربا الخليج، هزيمة العراق وحصاره ـ سواء المفروض بالقوّة أو المفروض ذاتيا ، الفرار من الدكتاتورية ـ المنزلية (العائلية) أو السياسية ـ متابعة تحسين الذات من خلال التعليم والعمل اللائق – الحركيّة المتوسّعة للعاصمة/ رأس المال (39)، ورغبة الناس في البحث عن فرص تحسين حياتهم بعضُ من هذه الأسباب.
قَدَّر تقرير(40) قدّمته"الرابطة البريطانية للعرب البريطانيين" (National Association of British Arabs) (41)(NABA) العدد الحالي للعرب في المملكة المتّحدة بـ 500000 مقارنة بـ 200000 عربيا في كندا (الإحصاء السكاني لعام 1991) (42) و قُدِّر بثلاثة ملايين عدد الأمريكيين من أصول عربية (وهم الفئة الأسرع نموّا بين المهاجرين)وهم يبلغون تقريبا عدد سكّان أمريكا الأصليين (شكّل العرب الأمريكان 1.2% فحسب من مجموع سكّان الولايات المتحدة الأمريكية) (43) وفي استراليا زعم أكثر من نصف مليون شخص أنّ أسلافه عرب.
لدى الكتّاب العرب الأنجلوفونيين الكثير من القواسم المشتركة: اللسانية والثقافية، فقد انحدروا من موروث خصب، ولديهم تاريخ مشترك،...
هوامش الصفحة 11

(37) Edward Said ; The Mind of Winter; Reflection on Life in Exile “Harper’s Magazine”269 (September1984) :51
(38) نبّه (Steven Salaita) في كتابه (In Arab American Literary Fiction ; Culture & Politics) الصادر في (London ; Palgrave Macmillain 2007) إلى تنوّع العرب ـ الأمريكان، فقد كانوا مسلمين ( سنّة وشيعة وعلويين وإسماعيليين) ، مسيحيين (كاثوليك و أرثودوكس ،أنجليكان وإيفانجيكال وبروتستانت Mainline) ويهودا (أرثودوكس ومحافظين و Haredi إصلاحيين) ودروز، وبهائيين، ومزدوجي المواطنة ( عرب ـ إسرائيليين) وذوي لغات متعدّدة أو لغة واحدة، تقدّميين ومحافظين، assimilationists ووطنيين، وPluralists cosmopolitanist مهاجرين وأمريكيي الجيل الخامس، أثرياء وعمّال، ريفيين وحضرييّن، حداثيين وتقليديين، متديّنين وملحدين، بيضا وسودا، من أمريكا الجنوبية وكنديين..(لمعلومات أكثر حول العرب الأمريكان انظر: عنان أميري : العرب الأمريكان في Metro Detroit : التاريخ المصوّر(Detroit MI : Arcadia20017
هوامش ص12
(39)The Canadian Encyclopedia nhttp://www.thecanadianencyclopedia.com
على مدى عشر سنوات (1983-92) كان مجموع 13379 المستثمرين/ المقاولين قدموا بكثرة من لبنان، والكويت، والعربية السعودية، و الإمارات العربية المتّحدة ، مع تمثيل قويّ من مصر، والعراق، والأردن، وسوريا.
(40) NABA : www.britisharabs.net / or www.naba.org.uk
(41) قدّم التقرير السيد (I.K Jalili) وهو مدير NABA
(42) The Canadian Encyclopedia nhttp://www.thecanadianencyclopedia.com
(43) Randa Kayyali : The Arab Americans (Westport CT: Greenwood,2005):97.

ايوب صابر 11-01-2011 09:14 PM

جميل هذا الجهد دكتوره...ارجو ان يكون من تبرع بترجمة اجزاء من الكتاب قد بدأ العمل فعلا...

ماجد جابر 11-02-2011 12:17 AM

تحيّاتي
أشكر لك دكتورة مديحة عتيق هذا الجهد الرائع الذي يثري أدبنا ويمده بروافد عذبة ، كما أشكرك على جمال العبارة ودقتها.

بارك المولى بقلمك ، وبصدقِ مشاعرك ..
حييت ، ووفّقكِ الله.

الدكتورة مديحة عتيق 11-09-2011 01:02 PM

ص13غير موجودة

ص14
في البداية، لم يهاجر معظم هؤلاء الكتّاب إلى بريطانيا بل كانوا هناك من أجل التحصيل العلمي ،و الحصول على شهادات عليا بهدف تمديد مدّة الإقامة من أجل الحصول على حقّ المواطنة، منحهم بُعدَهم عن الوطن فسحة للتنفّس لاستعادة كتاباتهم السرديّة بعد أن وجدوا الحريّة في الهجانة وخيار المثاقفة. وقد انجذبوا على نحو خاص للنشاطات السياسية و الأدبية، ربّما لأنّهم وجدوا في الشتات فضاء للحرية المطلقة، مجتمعا حرّا سياسيا وفكريا استطاع أن يستوعب آراءهم المتباينة.
في الواقع، لا يزال الشتات إلى الآن مركز جذب ليس للعرب الأنجلوفونيين فحسب، بل حتّى للمغتربين الذين يتحدّثون العربية والمقيمين في الغرب سواء هربا من الديكتاتورية كما في العراق، وسفك الدماء كما في لبنان والعراق الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وتقييد حرّية التعبير كما في العالم العربي أجمع.
في هذا الصدد، يُعتبَر الشتاتُ فضاء منشودا ـ رغم الألم الذي يصاحبه بالضرورة ـ وذلك لأنّه يمنح المفكّر العربي ـ بغضّ النّظر عن الوسائل اللسانية التي يستعملها ـ منتدى مفتوحا يجاهر فيه بصوته للاحتجاج أو توضيح {آرائه}.
اليوم تمارَس معظم النشاطات الأدبية والسياسية والثقافية خارج حدود الدول العربية، وتُنشَر أهمّ مذكّرات الكتّاب العرب في لندن، ويَكتُب أبرزُ الكتّاب والسياسيين والقادة المعارضين و شبه المقيمين (reside like) من مواقعهم الشتاتية (diasporic location) أو بالأحرى من اللا مواقع (dislocation) بل وقد مات بعضهم في المنفى (نزار القباني، وجبرا إبراهيم جبرا،.. والقائمة غير منتهية).
وبالنسبة إلى سويف وفقير وغندور و أبو العلا، فقد منحهم الشتات منبرا استطاعوا من خلاله أن يتصدّوا لمواضيع تُعتبَر طابو في أوطانهم الأصلية.
والمفارقة أنّ البُعد لم ينقذهم من سهام نقّاد من موطنهم الأصلي الذين استجوبوهم (take them to ask ) في شكل هجوميّ صاخب وقاس، وبدون هوادة شَكَّلوا من اختيارهم اللغة الأجنبية والمواضيع المعالجة دليلا يعكس نفوَرهم أو فقدانهم الشعور الوطني.
ورغم ذلك اعتبَر الكتّاب {العرب الأنجلوفونيون} هذا الهجوم ثمنا بسيطا لابدّ أن يُدفَع من أجل أرواحهم المستعبدة.
صحيح أنّه كان عليهم أن يتعاملوا مرارا مع انتهاكات تخترق حرّياتهم الشخصيّة كالأحكام السياسية والمؤسساتية المسبقة الواسعة الانتشار التي تواجههم في الغرب ولكنّهم يستطيعون التأقلم معها بطريقة أسهل من مواجهتهم الاستبداد العائلي والقومي{في بلادهم}.
تتشابك في أعمالهم قضايا السياسة مع النوع/ الجندر، فتقود إحداها إلى الأخرى، طرحت فادية فقير كلا الموضوعين وبالدرجة نفسها في روايتها الأولى "نيسانيت" (Nisanit) وروايتها الثانية الأكثر نضجا وشهرة"أعمدة الملح" (Pillars of Salt)، تقاوم مها –بطلة "أعمدة الملح" استبداد أخيها، والبريطانيّ، ومجتمعها الذكوري دفعة واحدة.
,,,,,يتبع

الدكتورة مديحة عتيق 12-02-2011 08:18 PM

ص 15
..للاضطهاد وجه واحد، لكنّه يضع أقنعة كثيرة، ومع أنّ رواية "صرخة الحمامة" ("اسمي سلمى") المطبوعة حديثا والتي تنفتح هي أيضا على صور الاستبداد المنزلي (الحكاية النمطية المستنزفة اليوم عن جرائم الشرف ) (49) قد عزمَت فقير أن تتجنّب مخزون/ رصيد الإثارة الذي غالبا ما لازَم مثلَ هذه القصص وذلك بتوسيع نطاق تجربة بطلتها سلمى إبراهيم الموسى التي أصبحت سالي آشر (Sally Asher) كي تلمّ بواقع الهجرة القاسي والبحث الشّاق عن موطئ قدم في تربة أجنبية.
في إكستر (Exter) سلمى ممزّقة بين تأكيد هويّتها وإعادة الصلة بماضيها ـ بقساوته التي عهدتها ـ وبين تأسيس روابط مع ابنتها المفقودة وتكييف ذاتها داخل مجتمع غريب مِيزتُه أنّه كريم ولا مبال في الوقت نفسه" (50)
تترك التجربة الشتاتية (diasporic experience) بشكل قاطع بصماتها القويّة على هذا الأدب، ويوظّفها الكتّاب ليعيدوا طرح صياغتهم عن "الثقافة"و"الذاتية" لم يعودوا مدينين بالفضل لإملاءات {ما تعلّموه في} "البيت" و"المجتمع"، استفادوا من وضعهم كـ "غرباء/ مطّلعين ودخلوا في حوار مع الماضي والحاضر، والبعيد والقريب.
من هذه النقطة الاستشرافية، كانت الكاتبة المصرية المولد أهداف سويف تكتب ، وهي مؤلّفة مجموعتين قصصيتين، عائشة" (Aisha) (1983) وعصفور زمّار الرمال/ الطيطوي (Sandpiper) (1996) وروايتين: "في عين الشمس" (In the Eye of the Sun) (1992) والرواية الثانية ومن المحتمل أنّها الأفضل هي" خارطة الحبّ"(The Map of Love) (1999، رشّحت لجائزة البوكر عام1999)(51)
هوامش ص15:

(49) انظر إلى الأوصاف المثيرة التي كتبت في الصفحة الداخلية للكتاب" ... عصريّة مثل عناوين صحف اليوم، خالدة مثال الحبّ والكراهية ، هي فتاة مسلمة طالبة لجوء في إنجلترا تهرب من أخ يريد أن يقتلها كي ينقذ شرف العائلة" جاءت الطبعة الأمريكية أقلّ روعة، فنقّادها ومورّدوها وصفوا هم أيضا الكتاب مستخدمين الكلمات التالية: timely and lyrical "صرخة الحمامة" هي قصّة امرأة شابّة، وصورة مؤثّرة عن العشق الممنوع والشرف المغتصَب في ثقافة يُستشعَر أصداؤها بعمق في عالمنا اليوم" http :www.target.com أو
سلمى ترى دائما ـ وهي تتفرّس / تترصّد في الأشباح ـ وجه أخيها محمود قادما كي يطلق النار بين عينيها (www.amazon.com )
(50) لا يستطيع المرء أن يتحاشى مقارنة هذا العمل {صرخة الحمامة } ب "بنت الغانج: قصّة تبنّي فتاة ورحلة عودتها إلى الهند (The Daughter of Ganges : The Story of One Girl’s Adoption and Her Journey Return to India) ) لآشا ميرو (Asha Miro) آتريا بوكس Atria Books،2006) التي أبدعت أيضا قصّة من عالمين متباعدين (الهند والبرتغال) وتتبّعت الخطّ العاطفي لأولئك الذين ينبشون في الماضي (البطلة تبنّاها ميتم مسيحي يتواجد في الغرب، تلا ذلك بحث عن العائلة في الوطن الأصلي)
(51) ترجمت "خارطة الحبّ" (نيويورك، آنشور راندم/ هاوز (Achor/ Random House) إلى ستّة عشر لغة بما في ذلك العربيّة، وبيع منها خمسمائة ألف نسخة في الإنجليزية وحدها.

ايوب صابر 12-07-2011 01:13 PM

شكرا على هذا الجهد الرائع..

الدكتورة مديحة عتيق 12-17-2011 06:57 PM

ص16
تبرع سويف في كتاباتها لأنّها ـ كما يوضّح إدوارد سعيد ـ :
"تكتب عن مصر و إنجلترا من الدّاخل، حتّى فيما تعلّق ببطلتها ((Asya Ulama [...] كانت مصر هي موطن ميلادها وديانتها وتعليمها الأوّلي، وكانت إنجلترا هي موطن دراستها العليا، ونضجها و حميميّة تعبيراتها "(52)
و تبرع أيضا لأّنه رغم المغريات المتواجدة دائما هناك، لم تتورّط سويف في النهاية في صيغ "الشرق مقابل الغرب" و"العربي مقابل الأوروبي"، تذهب إلى آخر المطاف مع بطلتها (Asya) التي لا تنتمي لأيّ طرف بشكل تامّ، وقدّمت تجربة التنقّل من إحداهما إلى الأخرى ثمّ تعود ثانية إلى أجل غير مسمّى دون ضغينة أو preachiness (53) والسبب في ذلك أنّ (Asya)مطمئنّة جدّا إلى أنّها عربية ومسلمة لدرجة أنّها في غنى عن أن تجعل من ذلك قضيّة. بالنسبة إلى إدوارد سعيد، أثبتت بطلة سويف أنّ (hegira as Asya’s in English)يمكن أن تحدث دون ضجّة كبيرة وهذا ما أصبح رسميا تقريب للخطاب العربي (والغربي أيضا) للآخر الذي لا يحتاج دائما أن يكون قضيّة، وصل سعيد إلى نتيجة مفادها أنّ هناك بالفعل "عطاء ورؤية، وتجاوز الحواجز وأخيرا استقامة وجودية إنسانية، وفي نهاية المطاف، من يبالي على كلّ حال بملصقات/شعارات الهويّة القوميّة؟"
نُشِرت أعمال فقير و سويف وأبو العلا وقُرِأت باستمرار بوصفها جزءا من التقاليد النسوية العالمية. أُشِيد بروايات فقير بسبب[..] كتابتها القويّة والمتميّزة التي تعالج الاضطهاد الشخصي والسياسي المتواصل ضدّ المرأة العربية"(54) ووُصِفت رواية سويف "في عين الشمس" (55)بأنّها "رواية صريحة جدّا /خامّة، ودقيقة، ولاذعة" ووُصِفت كاتبتُها بأنّها واحدة من المؤرّخين الاستثنائيين في كتابة السياسة الجنسية في العصر الراهن(56)، والأمر نفسه بالنسبة إلى أعمال ليلى أبو العلا التي اُستقبِلت بحماس لأنّها قدَّمت رؤى حادّة عن وضع المرأة في العالم الإسلامي.
هوامش ص16:


(52) Edward .A. Said : Reflections on Exile and Other Essays (Cambridge MA, Harvard ,Up,2003):407.
(53) Edward .A. Said : Reflections on Exile and Other Essays,p410
(54) غلاف الكتاب نقلا عن (Sunday Times)
(55) في الأصل منعت رواية "في عين الشمس" (نيويورك، آنشور راندم/ هاوز (Achor/ ،2Random House 2000) في العالم العربي بسبب تصويرها للجنسانية (sexuality).
(56) غلاف الكتاب، نقلا عن إدوارد سعيد.

ايوب صابر 12-17-2011 09:41 PM

اتابع جهدك المشكور

الدكتورة مديحة عتيق 12-21-2011 05:53 PM

ص17
وعلى كلّ حال، فإنّ ضغط هموم الجندر (Gender) والانشغالات السياسية في كتاباتهنّ عَجَّل بتحوّلها تحوّلا طفيفا من الأدبي/الروائي إلى اللا أدبي/ اللا روائي، لم تصادر الروائيات "الإبداعي" من أجل "الواقعي" ولكنّ حجم الظروف السياسية التي تركنها وراءهنّ في الوطن الأمّ تجعل التحوّل مبرَّرا.
كان عمل سويف الأخير "ميزاتيرا: شظايا من حقّ الامتلاك/الملكية المشتركة (Mezzaterra :Fragments from Common Ground) مجموعة من المقالات حول مواضيع الهويّة والفنّ والسياسة العربية التي تسعى لموقعة " Mezzaterra " في عالم يزداد عولمة" (57)خلَقت المجموعة التي عكَست هويّة الكاتبة الإسلامية والغربية استجابات إيجابية لدى النقّاد الذين دعوها "الوريثة الفكرية لإدوارد سعيد"(58)، تبدو كتابات سويف السياسية في تنافس مستمرّ مع أعمالها الإبداعيّة، منذ صدور روايتها "خارطة الحبّ عام 1999 تغيّرت خرائطيّتها (cartography) (59) فالخريطة التي ترسمها الآن هي خريطة فلسطين، والحملة التي تطلقها هي الدعوة للسلام والعدالة من أجل الفلسطينيين، بدأ نشاط سويف السياسي في سنة 2000 مع (Under the Gun) واحدة من أولى السلسلات التي قدّمتها للغارديان والتي عكست رغبة شجاعة وجريئة كي تُبرز أنظف وأوضح ما في نفسها (60)وتَشهد عمّا يحدث في هذه البقعة المضطربة من العالم، كانت شهادتها مؤثّرة، ومؤلمة، وتمسّ شغاف القلب.
وعلى نحو مماثل، كانت زينة غندور مصرّة على الإدلاء بشهادتها، تستكشف "العسل" (The Honey) (1999) ـ وهي روايتها الوحيدة حتّى الآن ـ التجربة الصّدمية لمفجّر انتحاري تراجع عن تفجير نفسه حين سمع صوت "روحيّة"، حبيبة الصبا، تؤدّي نداء صلاة الفجر الذي يعدّ {الانتحار} في حدّ ذاته خرقا لتابوهات الإسلام، تعلن غندور في هذه الرواية وفي أيّ مكان المرّة تلو الأخرى أنّ هذه هي مهمّتها في الحياة "أن تخبر الجميع عمّا يحدث".
تذكّرنا غندور بأسطورة جاهلية مفادها أنّ المرء حين يموت، فإنّ روحه تأخذ شكل هامّة تظلّ تحوم حول قبره و تصرخ متعطّشة إلى الدّم إلى أن يؤخذ بثأر الميّت، ويستعاد/ يحفظ النظام الاجتماعي.ترى الغندور نفسها
واحدة من مئات الآلاف الطيور العطشى التي لن تهدأ حتّى تُستعاد أرض [أجدادها](61)

هوامش ص17:
(57) يتضمّن وجهات نظر كتّاب من جان جينيت(Jean Genet ) وأميتاب قوش(Amitav Ghosh) إلى فيليب هنشر (Philip Hencher) مرورا بمقاطع من " قناة الجزيرة" و"الملكة الإسلامية" و"الحجاب".
(58) صحيفة (Publisher Weekly)
(59) ترجمت سويف إلى الإنجليزية رواية مراد برغوثي العربية رأيت رام الله" (I Saw Ramallah) (نيويورك2000، انشور / راندوم 2003)، وهي رواية سياسية عن مأزق الفلسطينيين المشرّدين وحجّتهم/التماسهم هويّة سياسية معترف بها.
(60) The Guardian (18 December 2000) http :www.ahdefsoueif.com/Artticles/Under_ The_ Gun.pdf

(61) Writing in exile , »http :www.literaturefestival.co.uk/2004zeina.html[/COLOR]

الدكتورة مديحة عتيق 12-27-2011 09:44 PM

ص18

لم تكن مهمّة فادية فقير مختلفة ، فقد كتبت هي أيضا عددا من المقالات والمونوغرافات /الدراسات " الديمقراطية /المستولدة والإسلام (Engendering Democracy and Islam) (1997) و"قتل النساء داخل الأسرة للدفاع عن الشرف: حالة الأردن" (Intrafamily Femicide in Defense of Honour :The case of Jordan ) (2001)، ومونولوجا قصيرا "سلمى يا سلمى" الذي كتبته كجزء من "ألف ليلة وليلة ـ الآن" وهي مسرحية لأحد عشر كاتبا مسلما قُدّمت أوّل مرّة في كوبنهاغن عام 2001، ومقالا : Women and the War on Afghanistan(Where is the « W » Factor) نشر في2001، وشاركت كذلك في نشر وترجمة مجموعة من كتابات السّير ذاتية لثلاثة عشر كاتبة عربية، عنوانها "في منزل الصوت" (In the House of Silence) (1998). باختصار ما لم تتعرّض له في كتابتها السرديّة عالجته في مقال، وحين يكون الموضوع شديد الحساسية لا يحتويه المقال، فإنّها تلجأ إلى كتابة تأخذ حجم الكتاب. كانت كتاباتها ـ الروائية وغيرها ـ محاولة مستمرّة لتشخيص وفهم المشكلات التي خلّفتها وراءها في وطنها الأصلي: حقوق المرأة، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، والإصلاح.
هناك كاتب حافَظ على انتماءات كثيرة مورّطا نفسه في تأويل تاريخ ـ سياسي لحياته وحياة شعبه، دون أن يُسمَّى ناشطا أو متحمّسا أو شاهد عيان. باختصار، هو كاتب تَمثَّل المأزق ما بعد الكولونيالي للكتابات الفكرية من موضع شتاتي(diasporic position)، إنّه جمال محجوب، ولد في لندن عام 1960 من أمّ بريطانية و أب سوداني، ترعرع في السودان ، وتعلّم في بريطانيا، وعاش في عدد من الأماكن من بينها لندن والدانمارك، ويقيم حاليا في إسبانيا، هو يشعر بأنّه مجبَر على أن يعيد تشكيل ذاته باستمرار(62)جمال محجوب أغزرُ الأدباء العرب الأنجلوفونيين إنتاجا في بريطانيا اليوم، هو مؤلّف سبع روايات: إبحار صانع المطر: رؤيا رهيبة لحرب تمزّق أفريقيا" (Navigation of Rainmaker : An Apocalyptic Vision of War-Torn Africa)(1989)"أجنحة من غبار" (Wings of Dust) (1994) "في ساعة العلامات" (In the Hour of the Signs )(1996)"الناقلة" (Carrier)(1998) "السّفر مع الجنّ" (Travelling with Djinns) التي حازت على جائزة" الإسطرلاب" عام 2004 في مهرجان" الرّحالة المدهشون" (Les Voyageurs Etonnants) بفرنسا، وأخيرا وليس آخرا، "انحراف خطوط العرض" (Drifts of Latitudes) و"نيليّ نوبي" (Nubian Indigo)، وصدرت كلاهما عام 2006، تتضمّن قصصه القصيرة "عرقلة الطريق" (Road Block) (1992) و" ملاك الخرائطي" (Cartographer’s Angel) (حائزة على جائزة هاينمان /الغارديان الإفريقي للقصة القصيرة في1993) و"أيادي القيادة، أقدام الطين"(Hands of Lead, Feet of Clay) (1994)، و"تاريخ/قصّة فقدان الذاكرة" (A History of Amnesia)(1995)
هوامش ص18:
(62) http://www.radionetherlands.nl/featu...ment/060106agl

الدكتورة مديحة عتيق 01-01-2012 01:46 PM

ص19
و"نعي تانجو" (The Obituary Tango)"(63) التي رشّحت لجائزة "كان" للكتابات الإفريقية لعام 2005، (Caine Prize for African Writing) أنتج عمله الصّحفي عددا لا يحصى من المقالات يسلّط معظمها الضوء على الوضع السياسي الراهن للسودان المضطرب والعالم العربي"(64)
ارتاد محجوب مناطق كثيرة لتحديد الهويّة، ووظّف تقنيات حداثيّة لينتقد التاريخ الاستعماري في وطنه الأمّ السودان. في (Navigation of Rainmaker ) و(Wings of Dust) و(In the Hours of Signs) رسم خريطة جغرافيات الوعي ما بعد الكولونيالي النفسية و السياسية والتاريخية وتجلّياتها المعارضة، وذلك من منظورات لا تعدّ و لا تحصى(65).
أبطاله هم "شباب غاضبون" يسعون إلى تحليل غربتهم / أجنبيّتهم عن المجتمع و"مقيمون حديثون" يتأمّلون مقامهم الشّتاتي ، ويشعرون بالحنين تجاه أرض بكرـ ما قبل كولونيالية وغير مدنّسة- يمكنها أن تهدّأ من قلقهم، وتتّسع لعتبات شعورهم (Liminality) من خلال منحهم شيئا من معاني الانسجام.إنّه العربي/ الإفريقي الذي لم يستثمر فحسب التعقيد الانفعالي للعالم ما بعد الكولونيالي بل فحص بتحدّ نتائج اللقاء الثقافي.
رسم محجوب بدقّة تعدّديّة الانتماءات العرقية في السودان: الشمال مقابل الجنوب، المسلمون مقابل المسيحيين، الاختلافات العرقيّة، والثقافية، والسياسية، والاقتصادية التي يمكنها أن تقوّض أيّة محاولة لبناء دولة قوميّة.
وبالنسبة إلى شخصيّاته ـ وكلّ وحد منهم هائم بين عالمين ـ فالصّدع الخارجي الذي صوّره أصبح صدعا داخليّا، وكلّ ما استطاع محجوب فعله هو أن يسأل كيف يمكن للتجذّر(rootedness)، والسّكن (dwelling) والاقتلاع من الجذور (uprootedness) والتشرّد، وعبر-التجذّر (transrootedness) والهجرة أن تشكّل هويّة الكائن البشري، وأن تحوّل المرء إلى ساكن أصلي أو أجنبي أو مستعمِر أو مسافر أو مهاجر، أو بدويّ، أو لاجئ أو منفيّ "(66)
وبالنسبة إلى الكاتب الليبي البريطاني هشام مطر فإنّ المنفى له ظلال ومعان مختلفة ، وُلِد مطر في نيويورك وترعرع في ليبيا ومصر، وتعلّم في بريطانيا، يمكن وصفه بأنّه" تائه" آخر، يجب أن تكون روايته الأولى "في وطن الرجال (In the country of Men) (2006) الأغضب ـ وفقا لستي......يُتبَع
هوامش ص19:
(63) نُشِرت أوّل مرّة في الصحيفة ما بعد الكولونيالية (42Wasafiri) (صيف2004) ومنحت اسمها عنوانا لأنطوبوجيا "نعي تانجو: مختارات إبداعية من جائزة" كان" الكتابات الإفريقية 2005، (London Internationalist، 2006).
(64) تُرجِمت رواياته إلى الفرنسية، والإسبانية، والألمانية، والإيطالية، والدانمركية، والتركيّة.
(65) Micheal .A.Chaney, http://biography.jra&é"org/pages/4547/Mahjoub-Jamal.html.
(66) Carolina A. Mohsen, Narrating Identity& Conflict : History, Geography and the Nation I Jamal Mahjoub’s portrayal of Modern- Day Sudan” World Literature Today”74.3 (June2000) : 541-54.

الدكتورة مديحة عتيق 01-16-2012 12:27 PM

الصفحة 20غير موجودة
ص21:
أشاد آخرون بالجانب النفسي في الرواية التي جعلت ساردها اليافع في مواجهة مع الأحداث الأورويلية التي أفسدت حياته البريئة.
لقّبت "في وطن الرّجال" بأنّها "عدّاء الطائرة الورقية الليبية" (The Libyan Kite Runner ) حيث وجد النقاد تماثلات عديدة بينها وبين رواية خالد الحسيني الصادرة عام 2003 من حيث {الحديث}عن خيانة الطفولة في سبعينيات القرن العشرين في أفغانستان.
ولعلّ ما أكّد هذا التماثل بين الروايتين ليس التشابه في الموضوعات بقدر ما تمثّل فيما حظيت به الروايتان من حفاوة نقدية. فالأعمال المتّصلة بالقضايا الراهنة وخاصة شؤون إيران وأفغانستان وليبيا أو أيّ مكان مرتبط بما يسمّى الحرب على الإرهاب يلتقطه الناشرون بحماس ويتحوّل إلى أفضل المبيعات (71)
وبغضّ النظر عن صدق هذه التصريحات فإنّ جيل الكتّاب العرب الأنجلوفونيين بأكمله قد بلغ سنّ النضج فاتحا أعين الغرب عن تجربة لم يسبق وصفها
شمال أمريكا: 1970 ـ الآن:
تاركا عالما أقدم من أن يُسمّى
أخلد من أن يُنسى
طرت عبر بحر بارد وثمين
نحو خطأ كولومبوس
حيث لا يمكن أن تكون الحياة متماثلة
(سام هازو : فوزي في أورشليم)
لا شيء يضاهي الحيوية التي نحت بها الأدب العربي الأمريكي في العقدين الماضيين مكانا لنفسه داخل تيار الإبداع الأمريكي شأن آداب أخرى مختلطة في القارة الأمريكية.
فعقب نصف قرن من السّبات انتعش الأدب العربي الأمريكي بسرعة تحبس الأنفاس وغير مسبوقة، فما بدأ في ثمانينات القرن العشرين على شكل محاولات "غزو" نحو نشر قصائد أو قصص قصيرة هنا وهناك تجمّع في شكل قوّة دافعة بحيث يصعب على القارئ أن يتتبّع ما يُنتَج في الوقت الراهن.تصف إفلين شاكر (Evelyn Shakir) وهي ناقدة وكاتبة عربية أمريكية هذه المرحلة بأنّها "لحظة مثيرة حيث يظهر الأدب العربي الأمريكي كلّ دلائل العودة إلى ذاته
هوامش ص21
(71) Samir Al- Youssef : The Curse of Topicality , The New statesman, (31 July2006) http:// www.newstatesman.com /20067310058

الدكتورة مديحة عتيق 01-16-2012 12:29 PM

ص22
ومع "كتّاب جدد" [...] يطفون على السطح، وأصوات جديدة [..] تُسمَع" (72) إنّها "نهضة/ أعادة ميلاد" كما وصفها إلماز ابنادير (Elmaz Abindar) (73)
تناول ناشرون بترحيب الكثير من أنطولوجيات أعمال العرب الأمريكان ، وكان الكتيّب ذو العشرين صفحة الذي يحمل عنوان " غلاف أوراق العنب: حزمة من أشعار العرب الأمريكان المعاصرين (The Wrapping of Grape Leaves: A Sheaf of Contemporary Arab-American Poets) (1982) في الطبعة التي أعدّها (Gregory Orfalea) واحدة من الكرونوليات /التأريخات الأساسية لتاريخ وأدب العرب الأمريكان وتبعتها طبعات وإضافات كثيرة مع تغيير طفيف في العنوان .وكانت "أوراق العنب: قرن من الشعر العربي – الأمريكي "(Grape Leaves : A Century of Arab –American Poetry) (شارك في التحرير شريف الموسى، 1998) مساهمة جوهرية في هذا المجال بتوسّعها كمّا ونوعا على النسخة السابقة.
ظهرت مجموعات أخرى كثيرة ـ كلّ منها في بضع سنوات ـ ومنها "غذاء لجدّاتنا: كتابات بأقلام النسوية العربية ـ الأمريكية والعربيةـ الكنديّة (A Food for Our Grandmothers :Writing by Arab American and Arab- Canadian Feminist) لجوانا كادي (Joanna Kadi) (1994) و "ما بعد جبران: أنطولوجيا الكتابات العربية ـ الأمريكية الجديدة (Post Gibran : Anthology of the New Arab –American Writing)(1999) "تحرير خالد مطاوع، ومنير عكّاش و"تركة شهرزاد: كتابات النساء العربيات والعربيات الأمريكيات"(Sheherazade’s Legacy : Arab and Arab American on Writing ) (2004) "تحرير سوزان معادي درّاج و"أبناء دينارزاد (2004) (Dinarzad’s Children ) "تحرير بولين كالداس (Pauline Kakdas) وخالد مطاوع".
وعلى الرّغم من أنّ الأنطولوجيات أبعد من أن تكون شاملة، واقتصرت في كثير من الأحيان على جنس أدبي أو اثنين، فإنّهم {المحرّرون}بشّروا بقدوم عصر يحتضن فيه الأدب هويّته الخاصّة بل إنّ MELUS (صحيفة مجتمع الأدب المتعدد الإثنيات في الولايات المتّحدة الأمريكيةSociety of the Multi-Ethnic Literature of the USA ) خصّصت عددا خاصا للأدب العربي الأمريكي في شتاء 2006. ازدهر المشهد الأدبي ـ ككلّ ـ بالنسبة إلى العرب الأمريكان وكأنّ ألسنة عُقِدت طويلا تحرّرت فجأة من عقالها.
قام الكتّاب الأمريكان ذوو الأصول العربية سواء من الجيل الثاني أو الثالث أو حتّى الرابع باستعادة خطابهم والسيطرة عليه، وفي ظلّ هذه النشوة من الاحتفاء بالذات نظّموا مؤتمرات وأطلقوا صحفهم الأدبية الخاصة بهم محاكاة للعُصَب الأدبية (Pen -Bond) لأسلافهم في مطلع القرن العشرين.
وقد بدأ "فريق الكتاب العرب في أمريكا (Arab Writers Group in USA) كعمل هاو ولكنّه طموح بدأته الأنتربولوجية والصحفية بربرا نمري عزيز (Barbara Nimri Aziz) عام 1992
هوامش ص22
(72) Evelyn Shakir, “Arab-American Literature “ in New Immigrant Literature in The United States : A Sourcebook to Our Multicultural Literary Heritage,ed Alpana Sharma Knippling (Westport Ct& London : Greewood,1996):3.
(73) Elmaz Abinader: “Children of Al-Mahjer : Arab American Literature Spans
a Century” U.S. Society &Values (February2000), http://usinfo.state.gov/journals/its...e/abinader.htm

ايوب صابر 01-16-2012 03:33 PM

انا هنا اتابع جهدك المشكور.... وعسنا نرى قريبا ترجمات من تطوع لترجمة فصول اخرى من الكتاب للفائدة .

الدكتورة مديحة عتيق 04-09-2012 01:27 PM

ص23
لم يتجاوز عدد أعضائه خمسة(74) ثمّ تطوّر"راديو الكتّاب العرب الأمريكان المُؤسَّس (Radius of Arab – American Writers Incorporated ) ( RAWI) وتعني الراوي / القاص بالعربية) يضمّ في الوقت الحالي ما يربو عن 150 كاتبا وناقدا وعالما وأكاديميا.
أقام (RAWI) مؤتمره الأوّل في نيويورك في جوان 2005، ومؤتمره الثاني في ماي 2007 في (Dearborn) في متشيجن (معقل السكّان العرب الأمريكان) وكان مدار وطبيعة المداخلات التي قُدّمت أمرا واحدا : إنّ الأدب العربي الأمريكي قائم هناك وسيظلّ، وهو يستحقّ تمحيصا وتقديرا جدّيين.
بدأ عدد من المجلات في الظهر ببطء ولكن بجدّية، وهي تنح جوائز عن أحسن كاتب أو تخصّص عددا كاملا لمختارات متميّزة من الكتابات العربية الأمريكية، أصبحت "الجديد: مجلة الأدب والفنّ العربيين" (Al-Jadid) ـ وهي مجلّة فصلية إلكترونية تحرّرها (Elie Chalala) ـ منتدى جماهيريا للكتّاب العرب الأمريكان الناشئين، منحت المجلّة ـ كما تقرّ (Gudith Gabriel) وهي واحدة من المساهمين المنتظمين في المجلّة – فضاء للأصوات العربية كي تُسمَع منه، وتُعرَض تلك الأصوات بوصفها أعضاء إنسانية في ثقافة متنوّعة بسيناريوهاتها الخلفيّة وسرديّاتها الفردية غير المنتهية (75)
تعتبر رئيسة التحرير Elie Chalala المجلّة منتدى للكتّاب العرب بيس لمعالجة المواضيع السياسية المهيمنة على الخطاب العربي الأمريكي فحسب، بل وللثقافة والفنون التي غالبا ما تُمنَح في أيّ مكان لسوء حظّها المقام الثاني.
تدعّم "جسور" (Jusoor) - وهي مجلّة فصليّة أخرى تصدر في ماريلاند – نشر كتب تهتمّ بالمواضيع العربية – الأمريكية أو تخصّص عددا كاملا لقضايا ذات صلة بهذه المواضيع أمّا (MIZNA) (76) –وهي مجلّة أخرى يُتوقَّع لها النّجاح – فتصف نفسها بأنّها منتدى يرتقي بالثقافة العربية التي تثمّن قيم التنوّع في المجتمع العربي.
تلتزم (MIZNA) أن تمنح منبرا/ صوتا للعرب الأمريكان على المستوى المحلّي والعالمي عبر الأدب والخطباء والأحداث الاجتماعية واستضافة أفلام ومهرجانات موسيقية وعروض مسرحيّة ومعارض تشكيلية .
لدى العرب الأمريكان جريدتهم تايمز الخاصّة بهم (National Arab American Times) وهي ذات تداول واسع في 48 ولاية(77)
ازدهرت مواقع النت الإلكترونية والمدوّنات وباقي المنشورات الشبكيّة التي
هوامش ص23
(74) Liza Suhir Majaj : Of stories and storytellers “ Saudi Armaco world 56( March- April 2005):24-35
(75) Judith Gabriel: Emergence of a Genre: Reviewing Arab American Writers Al Jadid, Vol. 7, no.34 (Winter 2001) http://www.aljadid.com
(76) www.Mizna.org
(77) طبعت National Arab American Times في عددها الافتتاحي 60000 نسخة (www.AATimesNews .com) أطلق هذه المجلة راي حنانيا (Ray Hanania.الذي عدّته "جمعية الإعلام الأمريكية الجديدة" (New American Media Assossiation) أفضل كاتب عمود عرقّي أمريكي عام 2006.

الدكتورة مديحة عتيق 04-09-2012 01:28 PM

ص24
تعالج القضايا العربية الأمريكية على نطاق واسع وسهّلت التواصل بين الكتّاب أنفسهم وبين قرّائهم أيضا.
يعتقد الكثيرون أنّ ازدهار الكتابات العربية –الأمريكية مردّه تصاعد الوعي العرقي والثقافي المتعدّد (multi-cultural) في الولايات المتّحدة الأمريكية منذ سبعينيات القرن العشرين. يحتفظ البعض بفكرة أنّ ما حفّز على نموّ الأدب العربي الأمريكي يعزى جزئيا إلى البحث عن أصوات جديدة خارج تقاليد الدب الأنجلو – أمريكي الذكوري، وهو بحث أدّى إلى اهتمام متنام بالكتّاب الأمريكان العرقيين (78)

هوامش ص24
(78)Ludsher : « From Nostalgia to Critique :An Overview of Arab American Literature”(من الحنين إلى النقد: نظرة عامة عن الأدب العربي الأمريكي),p106

الدكتورة مديحة عتيق 04-09-2012 01:44 PM

إلى الإخوة الزملاء
بناء على دعوة بعض الأساتذة أطلقت دعوة إلى ترجمة كتاب "أصوات عربية من الشتات" للكاتبة ليلى المالح بشكل جماعي يشارك فيه معظم المهتمين بالترجمة في منابر ثقافية وقد أبدى بعض المترجمين اهتمامهم والآن بعد مرور ستة أشهر كنت خلالها اقدم بشكل تسلسلي بعضا من المقتطفات التي ترجمتها من الفصل الذي اخترته وعنوانه "الأدب العربي الأنجلوفوني : نظرة عامة" أراني لا أجد صدى لهذه الدعوة ولا أدري لذلك سببا مما يدعوني إلى التوقف عما بدأته دون لوم أو عتاب...

ايوب صابر 04-09-2012 03:55 PM

لا لوم ولا عتاب بل شكر وتقدير للجهد الذي قدمتيه.
شخصيا اعتذر بشدة عن تأخري في ترجمة ما تطوعت لترجمته وربما ان الاسباب التي منعتني هو الانشغال الدائم وعدم وجود نسخة قابلة للطباعة من النص مما يعني جهد اكبر.

على كل حال شكرا لك واتصور اننا كنا متفقين من البداية ان المشروع سيتطلب جهد دولة او دول قياسا مع غيره من مشاريع الترجمة.


الساعة الآن 11:09 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team