منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   مختارات من قصص منــــــابر (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=5737)

طارق الأحمدي 08-11-2011 05:07 AM

مختارات من قصص منــــــابر
 

ذات خريف امتدت يد غادرة من بقايا التتار لتعيث فسادا في منابر وتأتي على الأخضر واليابس ..

امتدت يد الغدر المشلولة في ذاتها لتسعى في خراب ما سهرت عليه العقول ردحا من الزمن وهي تظن أن الفكر سيكون عاقرا من بعد ما أتته , لكن تبت يدا الغدر وبقي الحرف يكمل مسيره في تؤدة وثبات ..

ولأن الدمار قد عمّ الجميع فقد لحق متصفحنا – مختارات من قصص منابر- ما لحق من ضرر.

ولأن الفكر يهوى البناء دوما فإننا سنعيد – مختارات من قصص منابر - للواجهة أنقى وأبهى مما كان .


سننفخ فيه الروح من جديد بإبداعاتكم وخلاصة أفكاركم وجميل قصّكم وبديع عباراتكم ونقيّ حرفكم ..

وعلى الله توكلنا .



طارق الأحمدي 08-11-2011 05:11 AM

ذات لحظة جنون سكنني مارد الحرف , وسكنتني الكلمة فصرت مشرّدا في دواخلها أبحث عن مستقر لي .. سكنت أحشاءها زمنا عساي أنبت فرعا أخضر .. غصنا مزهرا ..
ولأني ككل قلم مجنون يموت لو نبت في مكان واحد آثرت أن أكون طير مهاجر دوما ..
خيرت أن أسكن ما بين نبض القلب وهسيس الروح ...
دخلت وجع الذاكرة وفرح الطفولة وبعض حلم كان وصرخة الألم في قلب الساعات ..
طويت مسافات العمر , أسلتها على حبر قاتم .. مزقتها مع كثير من الأوراق ..
جمعت بقايا العمر , رسمتها على بتلات وردة من كف الحبيب .. قطفتها من بسمة أمي الندية ..
ذات لحظة مرقت من ساعاتي المشوّشة أغرقتني الكلمة في بحر عشقها فصرت ككل غريب يبحث عن جنون يرفعه عن خطاه ويسلّمه إلى المطلق ..
واليوم أفتح مساحة خضراء ممتدة من القصص التي تعبق بأريج كتابها وتزهو بإبداعات أصحابها .
اليوم نؤثث ركنا نجمّله بجميل الكلمة وصدق العبارة وإبداعات الحرف .
وركننا الذي سنحاول بناؤه من جديد - بعد أن هدّته الأيادي الغادرة وعبثت بلبناته – هو مواصلة لما سعينا فيه سابقا من محاولة لتجميع مختارات من قصص الأعضاء في متصفح واحد ليكون مرجعا وكتابا يؤلف بين القلوب وينفي الحدود ويترفع عن الجنس , ويعطى للكلمة حقها , ويعيد للحرف بهاءه وللإبداع مكانته ..
وعلى بركة الله نعيد – مختارات من قصص منابر – للواجهة , ليكون بوابة عبور للأعمال المتميزة والطريفة .
ومختارات من قصص منابر هو محاولة مني لجمع وتجميع ما يمكن أن يفيد القارىء ويحفّزه على الكتابة والتميز والسعي ليكون أحد نصوصه من المجموعة المختارة ..
ولأن الكمال لله وحده ..
فسأحاول أن أكون عادلا في اختياراتي ...
يبقى أن الترتيب لا يعني الأفضلية .

وما توفيقي إلا بالله .


طارق الأحمدي 08-11-2011 05:29 AM


الهديـــــــــــــــة




تم الأمر وكأن شيئا لم يكن ، واختزلت سنة من الإعداد و التهييء المضني وتوتر الأعصاب في ليلة واحدة . ليلة حبلت بالفرح والحزن والضحك والنحيب. تعانق الجميع كما تبادلوا أقذع الشتائم والسباب. وعند الفجر كان كل شيء قد انتهى ، فلم يعد أي أحد يحتمل لا كلاما ولا حديثا ولا بكاء. فالقوى قد أنهكت وصار لزاما عليها أن تستجمع لتلقي تهاني من لم تسعفه ظروفه لحضور الحفل ، أو لتبادل العتاب واللوم مع من لم توجه له الدعوة ، إما عمدا، عملا بمبدإ رد الصاع صاعين ، أو سهوا.
فرح الحسين بكلمات التبريك كما امتعض لعبارات التلميح . لكنه أصم أذنيه عن كل ما يقال له . شخص واحد أثار انتباهه إلى شيء لم يكن يلقي له بالا من قبل . وبقدر ما تبددت مخاوفه من مشاكل الزواج وتبعاته ، استيقظ فضوله ، ووجد فيه تسلية لما يعتريه في بعض الأحيان من ملل.
حين يدركه القنوط ، يلجأ إلى الشاطئ .. ويختلي بنفسه بعيدا عن كل من يعرفه . هو لا يحب المقاهي ، ويمقت رائحة السجائر وصخب الرواد المصاحب لنقرات النرد . لكنه هذه المرة لم ينعم بالوحدة التي كان ينشدها . انبعث جنبه أحد زملائه في العمل كأن الأرض انشقت عنه..
- ماذا تفعل هنا وحيدا ؟
- كما ترى...
- هل سئمت من...
- مماذا ؟
- من الحياة الجديدة... هذا طبيعي ..
- أبدا.. لكني أرتاح لرؤية البحر .
قال ذلك وتنهد ، فعقب الآخر بحماس :
Cœur qui soupire n’a pas ce qu’il désire. -
هكذا هو دائما هذا الفيلسوف . يحاول نبش كل شيء ليؤوله ويحلله نفسيا.. لم يعقب على قوله وساد الصمت . موج البحر يرغي ويزبد عند قدميه . رفع نظره إلى الآخر فوجده يرمق معتوها يتجرد من ملابسه . أطرق برأسه وتنهد من جديد .
- ليس عيبا أن تصاهر معتوها.
- أنا لم أشتك من هذا .
- تنهدك ينم عن ذلك .
- أوف ... تحليل نفسي جديد ؟
- قل لي .. ألم يكن الأخ الأكبر كذلك ؟
لم يعد يطيق البقاء . نهض ونفض الرمل عن سرواله من الخلف وقال بحدة :
- أجل ..كان كذلك ... لقد بدأ الجو يبرد .. علي بالعودة..
أحس بالراحة وهو يستلقي على السرير، لكن أعصابه ظلت متوترة . يثيره تتبع الناس لسيرة الآخرين وكأن لا شغل لهم إلا ذلك .. ماذا يهم إن كان للزوجة أخ أو أخوان معتوهان ؟ لقد تزوج سكينة وقد ألم بكل حياتها وعرف كل فرد من أفراد عائلتها ، الأحياء منهم والأموات .. لم تخف عنه شيئا وحكت له عن كل التفاصيل ، بل ولم تتردد في ذكر حادثة قتل خالتها لزوجها بعد أيام من الزفاف بسبب حالة هستيريا كانت تصيبها عند كل طمث .
اقشعر بدنه رغما عنه وهو يتمثل منظر الفأس وهي تهوي على الرأس تشقه نصفين . لكنه هدأ قليلا ونظر إلى ساعته اليدوية . لقد تأخرت سكينة عند أمها . سمح لها بالمبيت عندها ، لكنها أبت . فهي تعلم تقاعسه عن طبخ الطعام واكتفائه بقلي البيض مع استعماله دزينة من الصحون و الأواني. هل يمكن أن تأتي وقد سجى الليل ؟ .. لا بد أن يرافقها أحد.. أو.. ليذهب بنفسه كي يأتي بها…ستفرح بالمفاجأة التي أعدها لها ، ويعودان ليتسامرا معا . سيبادر بهديته قبل أن تناوله هديتها التي حدثته عنها في الصباح… مسكينة.. لم تطق صبرا حتى تفاجئه بها وظل السر يؤرقها حتى نفذ صبرها وباحت له بكل شيء . ليتها بقيت ليستأنس بها وتذهب عنه هذا الشعور الغامض من القلق . حقا لقد أذن لها على مضض بقضاء الليل هناك رغم شعوره بالوحدة بعيدا عنها ، لكنه يريد أن تشعر بالراحة حتى تمر أيام الطمث دون معاناة ..
اعتراه فجأة رعب شديد .. حدق في الظلام والتفت إلى الباب حيث سمع حركة خفيفة .
- من هناك ؟.. سكينة ؟.. هل عدت ؟
لكن الباب فتح على مصراعيه محدثا دويا وهو يرتطم بالصوان ، واندفع نحوه شبح منفوش الشعر ، يعوي كالكلاب، وقد أشهر فأسا يلمع نصلها على ضوء الفناء الباهت ..




للكاتب المغربي : رشيد ميموني
بتاريخ : 13 - 03 - 2011




طارق الأحمدي 08-11-2011 05:50 AM

محــــاضر الرحيـــــل



رآهم يخرجون من الجحور، وينتشرون في كل مكان، يتلصصون على الجدران والنوافذ والأبواب.
كلما هدأ الدوار من صخب المحاكم،وإيقاعات الآلات الكاتبة وهي تخط العشرات من المحاضر التي تحمل الكثير من الأسرار والاعترافات والشهادات،ظهرت أفاعي رقطاء،تزف خبر الشؤم والخراب،فـتلك الكائنات الغريبة تتلذذ بمنظر الأصفاد وهي تحيط بمعاصم الأبرياء،وتفرح فرح العمر،وتضحك ضحك الذئاب على ماينتظرالشياه الضعيفة من إعدام وافتراس.
قالوا له:
هل جئت لوحدك؟
أجابهم: نعم.
- ين الآخرون؟
التفت حواليه وخلفه،كأن الكلام لا يعنيه،وأن المخاطب شخص آخر.ولما رأوا منه عدم الفهم،قالوا له مرة أخرى:
- ألا تخاف، لم جئت وحدك؟
- ومم أخاف؟ إنها مجرد شهادة أدلي بها،وأعود لحال سبيلي.
تبادلوا نظرات ماكرة،وصرخ كبيرهم في وجهه.
- نحن لا نمزح،أين اختبأ الآخرون؟
ضحك عباس حتى بدت نواجذه عن حرص هؤلاء المقنعين على معرفة اختفاء أهل دوار،كان جلهم وأغلبهم يحيطون بالمركز،ويجمعون ما تبقى من فتات الخبز،وأعقاب السجائر،ويفرحون حينما يعثرون على قنينات الجعة الفارغة،ليبيعوها لأول بائع متجول،وبثمنها يشترون العلك لبناتهم والمشط لزوجاتهم،
ولا أحد يهتم بأمرهم.
أهل الدوار فرحهم بسيط ،فهم يقنعون بأتفه الأشياء،وتتهلل وجوههم،وتنفرج أساريرهم حين تبيض إحدى دجاجاتهم.
قال لهم عباس:
-أرض الله واسعة،وصدوركم أضيق من ثقب إبرة.
من شدة الغيظ،أخرج كبيرهم غليونا ،ودس فيه شيئا لم يتبينه عباس،وأخذ منه نفسا عميقا.
تأمل عباس هذا الشيء الموضوع بعناية بين شفتي ذلك المسؤول،بسمل وحوقل،واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم من تلك النظرات الملتهبة والقاسية التي تخفي وراءها مصائب كثيرة،وبراكين حمم ستصيبه بلا شك وأهل الدوار.
فعباس بالرغم من جهله القراءة والكتابة،فقد كان يعرف كل القاطنين بالدوار،فقد خبر طبعهم وطباعهم،وميز بين قويهم وضعيفهم.كان يعرف تقريبا كل التفاصيل اليومية عن أبناء جلدته،الذين أدركهم الطوفان،فهاجروا قراهم نحو أماكن بعيدة ومجهولة.
حرك عباس رأسه، ولملم جسده النحيف، رآهم يحاصرونه بأسئلة لا قبل له بها،ولا طاقة له على الإجابة عنها.
- أين اختفت الجماعة؟
ولما ضاق بأسئلتهم أجابهم بعفوية:
" الجماعة تركت الدوار بفعل الجوع الذي هدها،وقتل صغارها قبل كبارها،وهجرته بسبب الفقر والبؤس والتهميش.الجماعة غادرت مساكنها بسبب انتشار الأوبئة والأمراض الفتاكة،رحل أهل الدوار لشح الماء،وجفاف الأرض،وقحط الزمان،وغياب المعامل والمصانع،وانتشار البطالة،وزحف العشرات من الأفاعي والعقارب على الديار،وعند اللدغ لامصل ولا دواء،ولاهم يحزنون ...لامستشفى ولا مدرسة ولا طريق ولا جدران يحتمون بها.
الجماعة رحلت لأن المحاضر قد أرهقتها،وتحت الإكراه وقعوا عليها،وامتلأت بهم السجون والعنابر والزنازن.
استشاط عباس غضبا وقال لكبيرهم:
الجماعة رحلت،لأن محاضركم قد أرهقتها،أسئلتكم الكبيرة والخطيرة التي لم تجد لها مكانا في قلوبهم الصغيرة والمسالمة ملأتها بالرعب فرحلت.لقد ترك لكم أهل الدوار قبيل الرحيل رسالة يقولون فيها:
" رحمة الغريب ولا ظلم القريب،...نحن السابقون وأنتم الباقون بين صدإ الأفكار،وهوس السؤال..نحن دعاة السلم،وأنتم دعاة الفتنة.في محاضركم حولتمونا إلى آلات دمار شامل،وما نحن غير قرويين نأكل القوت إن وجدناه،وننتظر الموت،ننام على الحصير ونشرب ماء البئر الملوث..فويل لكم ولعهودكم الظالمة.




للكاتب المغربي : خالد عبد اللطيف
بتاريــــخ : 08 - 06 - 2010



طارق الأحمدي 08-11-2011 12:31 PM

سقــــــط سهـــوا


كان عليه أن يشد كل تفاصيل وجهه اليابس ليرسم شبه ابتسامة خافتة ، كي يثبت للعالم أجمع أنه متفائل وسعيد.
كثيرا ما يصب الآخرون زيت نصائحهم المتسخ، في آذاننا أن نتحمل مشاق الحياة وهمومها ، لم يكلف أحد من الحكماء نفسه أن يهمس للحياة في أذنها ،أن تتحملنا قليلا وترأف بنا ، نحن الفقراء، عيال الله ، كُتـَلُ الطين والهم والحزن ، كوابيس الحكام ، وعفاريت الأغنياء ، والدمى على طاولات الشاهبندر وقوجة التجار ، في ليالي سمرهم الحمراء ، ومؤتمرات صفقاتهم السوداء، واتفاقياتهم الشيطانية ، التي يحددون فيها سعر و حجم ولون وقوة الحزام الذي سنربطه على بطوننا في كل عام مالي جديد.
الجو نار ... نار ... نار ...
حملته أمه سهوا ، ووضعته كرها ، فكان القادم غير المرغوب فيه ، التاسع في الترتيب لأبوين فاقا البشر و الحجر في تحمل ذل الحاجة وضربات العوز ، فاتته كل القطارات :قوائم المواليد ، التعليم ، بطاقة التموين ، الإسكان الشعبي ، فاسمه قد سقط سهوا من كل السجلات ، لم يأخذ رقما في تقرير وزير العدل.
رقم مطموس إلا من سجل واحد ،( التهرب من التجنيد الإجباري ) ، كان عليه الآن أن يثبت أولا وجوده ، وثانيا براءته وثالثا حقه في أن يكون له مكان في طوابير الخبز اليابس ، المخلوط بأشياء لا نعلمها نحن الجهلاء.
الشمس تتحدى الجميع في صيف لا يرحم سوى من يملك أجهزة التكييف ، الشارع مختنق بطوق أمني جبار.
الأرصفة منتفخة بالبشر والبضائع والعربات المدفوعة باليد والوجوه الكالحة، والأجساد التي يجب وعن جدارة ، أن تمثل الوطن في مؤتمر سوء التغذية الدولي . من ها هنا يمر الزعيم ، فليـُنتزع حقٌ الجميع في أن يذهب في الاتجاه الذي يريد ، لابد لنا جميعا أن نتوجه توجها عاما ، لأسباب قومية ودواعي أمنية.
يداه المعروقتان تمسك بتلابيب أوراق عديدة ، ملوثة بحبر، وعرق وغبار ، وفي عينيه حسرة ولهفة بين الحزن على موظف لم يدركه ، ومدير لم يلحق به.
· اسمك مطموس ،
· الختم غير واضح ،
· أين شهادة ميلادك ؟
· الصورة غير لامعة
· المسئول في المصيف ،
· الختم مقفول عليه ،
· المدير مشغول.
· خرج المدير لتوه.
السكرتيرة تحتسي الشاي وتتطلع لأسطر الأخبار في جريدتها اليومية دونما اكتراث ، تتوجه بالحديث لزميلتها دون أن تدرك أن صاحبنا يقف بينهما.تتوجه بالكلام عبر جسده وكأنه هواء!!!
لا نعلم من في خدمة من؟
الجو نار ... والأسعار أيضا ... عجوز تموت تحت أقدام المتصارعين في طابور الخبز اليومي ....
( من معالم شوارعنا وصورتها الثابتة في الأذهان) : ( طابور العيش) .
بالروح بالدم نفديك يا هذا ....
هتاف ، حول مواكب المماليك ، انقطع من شوارعنا منذ عقد أو يزيد...إذ انكشف المستور وترك معظم الزعماء بلادهم عارية مكشوفة العورة أمام قطاع الطرق الدوليين ، دون مكتسبات سوى المقابر الجماعية.
********
الطوق الأمني يزداد ضيقا ، جميع الاتجاهات مغلقة ، نصال الأسلحة تلمع تحت الشمس الحارقة ، الجنود كالتماثيل دون دم في العروق أو اهتزازات في الملامح ، بلغت القلوب الحناجر، المحشورون في الحافلات الحديدية الساخنة ، المحشودون فوق الأرصفة ،في الأزقة الجانبية ، تحت الجسور ،خلف الحوائط ،تحت أعمدة الكهرباء البارزة أسلاكها استعدادا لصعق ما تيسر لها من المساكين .
راح الجميع يتنفسون الهواء الأسود بصعوبة بالغة.بدا الميدان وكأنه قنبلة قابلة للتفجر في أي ثانية.
لابد لنا أن نتحمل من أجل المصلحة العامة، ، نحن فقط جموع الحرافيش علينا أن نتحمل من أجل المصلحة العامة ، في سبيل أن يمر الزعيم بسلام ، علينا أن نذوب، نموت ، نذهب إلى الجحيم ، لدواع أمنية.
لا نعلم من في خدمة من ؟
الجو نار ..... والقلوب أيضا
· لا عليك من رؤيته.
· أمر محال .
· سيمر حتما من شارع ما .
· يمكنك أن تلمح جانب وجهه خلف زجاج السيارة الأسود .
· لالا ليس هو ....إنه البديل المستنسخ.
· هل يأكل مثلنا؟
· الجو نار ... والأسعار أيضا .
طوى دفتر أوراقة الرطبة بين أصابعه المتسخة.تحسس مكان حافظة نقوده الفارغة إلا من بطاقة الهوية ، الأمر لا يسلم في هذا اليوم النكد ، من مخبر سري يقبض على ذراعك ويسألك : بطاقتك؟
ذاب الموظفون – اجتماع هام للمدراء العوام والمساعدون ووكلاء الوزارة ، بمناسبة زيارة الزعيم للمؤسسة .
اسمك ليس هنا ..
· لا رقم لك ....
· مر الأسبوع القادم ..
· .الأسبوع القادم؟
· عليه أن يسلم نفسه للمخفر المجاور ...
· خائن متهرب من الخدمة الإلزامية للوطن العزيز ...
الوطن العزيز ... شجر وماء ومتاجر وشوارع ومخافر... ليس لنا فيها نصيب ... سوى مساحة من زنزانة رطبة قاسية الحوائط.وموقع قدم ، تموت فيه بحرية تحت أقدام المتصارعين على كسرة خبز أسود.
إقالة وزير العدل صباح اليوم. وتعيين مدرب جديد للمنتخب الوطني.
الطوق الأمني كثعبان يزحف مضيقا الدائرة حول المساكين ، الملايين تحتضر بين فكي كماشة.
· أنتم السبب ... يا فرعون من فرعنك؟
· جبناء .
· خانعون.
· زبالة.
· والله ولي النعم رجل طيب .
· هل يأكل مثلنا؟
· الحاشية هم السبب.لعنهم الله في كل كتاب.
على من يعرض أوراقه ، وهمومه ، وانكسار قلبه؟ كلهم في اجتماعاتهم الهامة بمناسبة زيارة الزعيم للمؤسسة الرسمية.
الطوق الأمني يزداد خنقا لعنق الشارع وعروق الحارات ، وشرايين الأزقة.
صرخة (سيارة الزعيم) تخترق المكان وتملأ القلوب رهبة والأجساد ارتعاشا، ، الأعناق تمتد لرؤية أي شيء ـ الزحام يضيق حول الموكب ، النكد والتعطيل ، والذل ، والإهانات ،و الركلات والهراوات ، وقنابل مسيلة للدموع ، ورصاص حي ،هي الهدايا الدائمة المصاحبة لمواكب مماليك العصر.
الهرج والرعب تسيدا المكان.
غطوه بأوراقه التي اجتهد شهورا في جمعها وختمها وتأشيرها .... لم تكف سوى لتغطية جزء من وجهه الذي كان داميا مطموس الملامح.
وقف الضابط يسجل ملاحظاته ببرود :
أنه في ساعته وحينه ، وعند مرور موكب ولي النعم ، حاول موتور مجهول الهوية الإمساك بيد الزعيم ، لولا يقظة الجهات الأمنية.





للكاتب المصري : محمد نديم
بتاريخ : 05 - 08 - 2010


طارق الأحمدي 08-11-2011 12:35 PM

للتعـــاسة وجهـــان


منذ عشر سنوات و حتى اليوم يتردد نفس الحوار على الهاتف ، بين أنطوني و ابنته ماريا :
- "داد*".. أرجوك أخرجني من هذه المكان اللعين ...
= طبيبك يرفض خروجك يا ابنتي ، و ليس بوسعي مخالفته ، تصبحين على خير ...
بعد خمس دقائق ، باكية معاتبة.....
- "داد*"... لماذا أغلقت مسرة الهاتف في وجهي ؟
= قلت لك تصبحين على خير .؟.!.....
- أخرجني من هنا يا أبي ، أكاد أختنق !
= سأسأل طبيبك غدا صباحا ...
- طبيبي يكرهني ، كل يوم يضع الكهرباء في راسي فيسبب لي ألما شديدا ، أنقذني من براثنه ، و أخرجني من هنا يا أبي ، لم أعد أطيق صبرا !!!
= ماريا عزيزتي اخلدي إلى النوم ، فأنا أيضا بحاجة إلى النوم ، تصبحين على خير ...
بعد أربع دقائق ....
- "دادي" اريد أن أخبرك ، قبل قليل زارتني أمي و أكدت لي بأنني في تمام العافية ، و لا داعي لوجودي هنا ؛ و تقول لك أعدني إلى البيت في الحال يا أبي !!!
= ماريا يا ابنتي ...والدتك في ذمة الله منذ عشر سنوات .. ألا تذكرين الحادث الذي أودى بحياتها و حياة ثلاث من إخوتك؟ ألا تذكرين أختيك "جيرالدين و مارلين" ؟ ألا تذكرين شقيقك "مارك" ؟
تصرخ :
- لا أذكر شيئا ، لا أريد أن أذكر شيئا ، فقط أخرجني من هنا !
ثم ...
يزداد صراخها ،
ثم ....
يتحول إلى عويل و هي تردد :
- دعوني و شأني عليكم اللعنة ،
ثم .....
يخمد صوتها مرة واحدة !.
*****
أنطوني في الستينيات من عمره ، متطوع على الدوام لكل المهام بما فيها توزيع طعام الغذاء على زملائه في نادي المسنين ، ودود حتى لتخاله صديق الجميع ، مرح ... ينثر النكات أينما حل ، فيُضحك و يَضحك من أعماق الأعماق حتى لتخاله من أسعد الناس ...
إلا أن "تريز" التي تزوجها منذ سنتين ، تعكس الصورة تماما ؛ فتؤكد للمقربين أنه أتعس خلق الله ، فهو لا ينام إلا قليلا ، و أنها كثيرا ما ضبطته وهو يبكي بصمت ...و على الأخص في أعقاب مهاتفة "ماريا" ابنته نزيلة مشفى الأمراض العقلية.



للكاتب السوري : نزار ب الزين
بتاريخ : 28 -06 - 2011

طارق الأحمدي 08-11-2011 12:45 PM

اشتبـــــــــــاه


كانت فرحتها غامرة حد الإنبهار حين جاءها حفيدها ليزف اليها خبر ولادة جارتها التي تحبها كثيرا ، قامت من فورها لزيارة الجارة الغالية ، واضعة في جيبها المليء بالأوراق
والأدوية والمفاتيح مبلغا من المال كواجب ضريبي يمنح بهكذا مناسبات .. دخلت بيت الجارة
تسبقها الصلوات المتتابعة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والزغاريد التي ملأت أرجاء البيت.. بعد المجاملات المقرونة بالتهاني والتبريكات المكررة أخرجت من جيبها ( الواجب) ودسّته تحت وسادة المولود ، معتذرة عن قلة ذات اليد هذه الأيام .. بعد يومين فقط
جاء مختار المحلة المسؤول عن توزيع وجبة المواد الغذائية على أبناء محلته بحسب البطاقة التموينية المخصصة لكل عائلة ، ليستلم من بيت الجارة النفساء بطاقتين تموينيتين ، كانت إحداهما ( الواجب) الذي كان قبل يومين تحت وسادة المولود السعيد !!!


للكاتب العراقي : عبد الأمير البكاء
بتاريخ : 16 -08 -2010

طارق الأحمدي 08-11-2011 12:51 PM

وشــــــم العــــــائلة


دقت بقدميها على وتيرة اهازيج الفرح المقام على روحها, بينما تتماوح الاضواء الراقصة على ثوبها الاخضر اللامع وهى تدور مع أوانى الخضاب النازفة بالشموع حولها

تذكرته وهو يجلس على درجات السلم الرخامى فى الجامعة يسألها عن الوشم الذى يحتل ذقنها :-

اجابته ضاحكة :-

هو وشم العائلة ..تقليد مميز ..فى الصغر, يدق ثلاثون ابرة تترك ورماً قرمزياً تتحول للون الازرق بعد ثلاثة ايام

هتف فى غرابة:-
يا لالقسوة

قالت فى قوة :-

تراث ..الوشم يلحقنا حتى قبرنا

تدافعت النساء حولها فى صخب يصفقن وهى تدور وتخبط بقدميها الارض كنورية , تلطم بضافائرها العارمة وجهها فى قسوة علها تفيق من كابوس زفافها لكنها تغرق فى كابوس اخر

ظنت ان حب ابيها الجارف لها , يشفع لحبيبها حينما اتى يطلب يدها...لكن جدها الطاغية اجاب طلبه بان اعطاه الامان حتى يخرج من قريتهم عند غروب الشمس ..وكان الوقت قبل الغروب بقليل .. غادرها و تسابقت خطواته عبر الطريق الترابى مخلفاً وراءه كثير من الغبار كثير من الدموع وصوت جدها الظالم يصرخ فى أبيها الصامت:-

اخبرتك البنت عار من المهد للحد



حجلت بقدميها ودارت لهفى حول خصرها وقد تناثرت حبات العرق فوق خال وشمها ورنات الخلخال الثقيل تدوى فى اذنها. حينما أبصرت نور القمر المكتمل يطل عليها خجلاً غصت وهى تتذكر انه انطفأت على رحيله عشرة أقمار فى ارض اخرى

اشتعل آوار الحماسة حولها وطبول النار تدق رأسها وكفوف لاهبة تصوغ كفنها ..توقفت تلطم الصخب الهادر وكلمات تشق قلبها:-

البنت عار من المهد للحد.. البنت لابن عمها

حلت ضفائرها فصارت كغيمة سوادء امامها ثم نثرت التراب فوق الشموع واطفأتها

وقفت النسوة الطيبات حولها فى وجوم وغمغمن:-
طار عقل الفتاة ومصمصن الشفاه :-


المسكينة..الحمقاء


انسلت من بينهم كغزال طليق يناديها الليل النداء الاخير بينما يهرول فى اثرها ابن عمها الموتور


غسل الندى الغافى على اكمة الورود وجهها ... غرس الشوك النامى جسده ...أستيقظ الزرع الناعس على هزيز شعرها ييتطاير خلفها فى حبور ...داس فى طريقه الازهار الغضة وافزع فى سعيه الحقود فراشات الليل اللامعة فاطفات نورها بعد ان توجست الشر


توقفت تلتقط النسيم..توقف يتنفس الغضب ..رأها تداعب تحت ضوء القمر طائر غريرفلم تقهره البراءة تغلفها ولا التفاف الطائر الفضى حول رسغها يداعبها..نظر لرصاصته الكامنة فى عقله ولكن قلبه الاسود عنفه وقال :-


لا تستحقها


هجم عليها وزين بسكينه البارد جيدها البض بوشم اخر دموى.. إرتاع الطائر وطار صارخاً .. وقعت فاحتضنتها الارض الطيبة بينما افترش شعرها الارجوانى اللامع بماء الحياة اعراش النخل المنحنى..


طارت روحها شعاعين جزءً ليسكن قلب ابيها الخامل فتوقف عن النبض وجزءً ليعبر بحر لجى فاصل بينها وبين الحبيب وقد استيقظ وقلبه يعتصره الالم فى بلده البعيد و قبض كفيه بعنف ..توقف الألم ..فتح كفيه فوجد وشمها الدموى يحتله ...فانتحب فى صمت.



للكاتبة المصرية : روان عبد الكريم
بتاريخ : 17 - 09 - 2010



حاتم الحمَد 08-11-2011 06:05 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخ العزيز طارق تحية طيبة



جميلة هذه الهمة التي عودتنا عليها

ورائعة فكرتك في إعادة تنشيط المنبر

بشكل أكبر من خلال موضوعك هذا.


بوركت أيها الكريم.

أمل محمد 08-11-2011 06:09 PM

كل ّ عام وأنت َ بـ خير أخي ~ طارق

خطوة رائدة للنهوض بالمنبر

أحيّيك َ وأشدّ على يدك

شكرًا لك ~

أحمد قرموشي المجرشي 08-11-2011 09:59 PM

توجه رائع تشكر عليه ...
أقدر لك مجهودك الضخم متمنيا لك التوفيق والسداد .

طارق الأحمدي 08-12-2011 03:34 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حاتم الحمَد (المشاركة 81491)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخ العزيز طارق تحية طيبة



جميلة هذه الهمة التي عودتنا عليها

ورائعة فكرتك في إعادة تنشيط المنبر

بشكل أكبر من خلال موضوعك هذا.


بوركت أيها الكريم.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأخ الكريم : حاتم
منابر بيتنا الثاني , وهي المستقر الذي استراح على جنباته الحرف وطاب فيها مقام الكلمات ..
وإن كنا نسعى لرقيّها فقد حبت خطواتنا الأولى في عالم النت ..
ستبقى في منابر في القلب ما حيينا ..
أشكر لك حضورك أخي وتشجيعك المتواصل للجميع ..
ودمت بود دائما
.

طارق الأحمدي 08-12-2011 03:36 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل محمد (المشاركة 81492)
كل ّ عام وأنت َ بـ خير أخي ~ طارق

خطوة رائدة للنهوض بالمنبر

أحيّيك َ وأشدّ على يدك

شكرًا لك ~

الأخت الكريمة : أمل

بتضافر الجهود ستعود منابر إلى أوج عطائها كما كانت وأفضل.

أشكر لك تشجيعك وتواجدك الأكثر من رائع .

ودمت بود على الدوام.

طارق الأحمدي 08-12-2011 03:38 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد قرموشي المجرشي (المشاركة 81524)
توجه رائع تشكر عليه ...
أقدر لك مجهودك الضخم متمنيا لك التوفيق والسداد .


الأخ الكريم : أحمد المجرشي
يكفيني أن أجد توقيعك هنا لأعرف أني لم أحد عن الطريق .
من القلب شكرا لتشجيعك .
ودمت بود دائما
.

طارق الأحمدي 08-12-2011 03:42 AM

غـــــرق ... غـــــرق




كثيرة هي المرات التي كنت أعبر ذلك المكان دون أن ألقي بالا ً لكل من يقفن هناك ...
ربما كانت العادة والحال هما من جسدا تلك الرؤيا حول ذلك المشهد ...
للتو بدأت أشعة الشمس تظهر خلف السحاب الثقال ...
الساعة تشير إلى الرابعة عصرا ...
كنت على عجلة من أمري يجب أن أكون في ذلك الملعب قبل أن يتم توزيع اللاعبين حتى لا أجد نفسي خارج تشكيلة الفريقين ...
السلام عليكم .
وعليكم السلام ... عفوا ً نغم ؟!
هلا منحتني القليل من الوقت لكي أحادثك سيدي ؟!
حسنا ً ما الأمر ؟
كما ترى بأن الحشائش مبتلة والوقت لم يعد يساعدني وتنتظرني أمور أخرى في المنزل وابنتي كما ترى تصاحبها سخونة واصفرار ...
هلا سمحت لي بثلاث حزم من القصب؟!
لا بأس فاضلتي ...
لن أقول لك كما قال فرعون بأن لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي ولكن أقول لك بأن هذا من فضل الله وتعلمين يقينا بأني وحيد أبيه ولن يكون هناك من يغير قراري تجاه موافقتي ...
لك ما تشائين ومتى ما أردت .
يبدو بأن مثل هذه الأنامل لا تستحق أن يعانقها شريم يشتكي البعد المضني والألم المقيم ...
غادرتها بعد أن أبصرتها وقد أطرقت إلى الأرض خجلا ....
بدأت هناك الكلمات والنظرات تأخذ منحنى آخر غير ذلك التوجه ولم يعد
ذهابي إلى الملعب هو الهدف الأسمى لكي أتخذ ذلك الطريق ...
بل هناك إنسان آخر يسكنه ...
أنا على يقين تام بحالها ...
كيف وهي تعيش أرملة بعد أن مات عنها زوجها بعد أن كانا نموذجين في العشق ...
استقيت ذلك من جراء ما سمعته عنهما نحن أبناء القرى المجاورة ...
ذات مساء خاطبتني قائلة :
هل لي بك زوجا ً ؟!
أحمر وجهي وضاعت لغة الخطاب ...بل أن مفردات اللغة ولت هربا ...
أدرت وجهي عنها ...
شعرت بأن الجرأة في الطرح ربما قد يسكن النساء أكثر عندما يجدن الثقة في الرجل الكفء ...
عفوا ً سيدتي :
ليس بعد ...فكما تعلمين جيدا ً بأني للتو متزوجا ً ولم أكمل بعد الثامنة عشرة من عمري وفي هذا أمر لا يطاق ولم يقوى عودي بعد ...
أعدك أن أفكر في الأمر بجدية أكثر ...

ثلاثة أشهر أو قد تزد على ذلك الموقف ...
فلقد اخترت عدم الاقتراب لكوني أبصرت بأنها تحمل الجمالية كلها وعيب على مثلي أن يجعل من مشاعر النساء جسر عبور لتنفيذ رغبة ...
دون موعد مسبق مررت على بئر هناك بعد أن أبصرت أمة من الناس لغرض السؤال عن ناقة لي كنت قد فقدتها ...
لم أكن أعلم بأنها من ضمن الواردات ...
السلام عليكم .
شيء سكنني قبل أن أسمع رد السلام منهن ...
بل شعرت بأن هناك مجموعة من الأحصنة تتراكض بداخلي وجيوش من الغزاة أشبعوني رميا ً بالنبال ...
مرحبا ً بضيفنا ؟!
عرفتها واستجمعت قواي قائلا ً :
هل أبصرتم ناقة لي مرت من هنا ؟
كانت هي المتحدثة عنهن :
هلا أعقلتها سيدي كما قال رسول الله وتوكلت ...
أم أنك جعلت من ناقتك تلك رسالة باحث عن مجداف بعد أن شعرت بأن مركبك لم يعد قادرا ً أن يعبر بك عباب الموج بمجداف واحد ....
هزمتني بمنطقها ...
لم أزد كلمة واحدة وغادرت المكان ...

تعمدت أن أجدها وترصدت لها هناك وفي المكان الذي ترتاده دائما ...
وبالفعل كان لقاؤنا الأخير ...

لن أطيل في الحديث غاليتي ...
لقد وافقت على الزواج منك على أن تمنحيني قليلا من الوقت لكي يجد التوأمة فهو لم يزل رقيق التدفق تجاه النساء ...
حسنا ً لك ما تشاء ولكن بشرط ؟
وما هو شرطك ؟
هل سمعت بعشق الذهليات ...
لا لم يسبق أن سمعت به من قبل .
ذلك العشق المشابه تماما لعشق بني عذرة ...
العشق الخالد لأبناء الحرث ...
لن ألومك إذا لم تسمع به أو تعشه ...
فمثلك الكثير من أبناء الحرث الذين يجهلون الكثير عن تاريخ آباؤهم وأجدادهم ...
فالذهليات سيدي هن اللاتي عندما يعشقن ويرتبطن بمن يبصرونه الملاذ بعد الله لا يرفعن أبصارهن إلى الأعلى عند السير مع أزواجهن لا لشيء ...
سوى أنهن يكرهن أن يبصرن عيون أزواجهن وقد استقرت في خد جارية أخرى كانت تسير بالطريق الآخر ...
عندها فقط يرحلن الذهليات بألمين ألم المفارق وألم العشق .
أخذت أصفق وأردد :
ما أجملها من صفة وما أعظمة من عشق .
إذا تزوجتني فلن أسمح لك البتة أن يغادر ناظريك إلى أخرى ...
فليكن ذلك أميرتي .
( عرف هناك قبلي مؤلم ذلك المتبع لدى الغالبية العظمى فمجرد موت زوج المرأة إلا ويأتي الأخ ناصبا ً نفسه ككليب وائل طالبا ً يدها متعذرا بحجج واهية وأسباب ممجوجة حتى ولو كانت غير راغبة في ذلك ...
وهو ماحدث بالفعل ).

فلقد سمعت بزواجها ....
ومن ثم موتها .
بعد خمسة عشر عاما وفي يوم ما أبصرت في شرق قريتي من بدأ في إنشاء منزل له دون إذن مسبق ؟؟!!
أتيت إليه مندفعا وأن أتمتم بعبارات الاستغراب كيف له أن تجرأ ...
وعندما أبصرته أباها التزمت الصمت إجلالا ً لها وعرضت عليه أن كان يرغب في مساحة أكثر فله حرية ذلك ...
مضت الأيام تترا ...
والروح تواقة إلى الشرق ...
وفي صبيحة يوم مختلف أخذت مركبتي وعندما شرعت في السير فإذا بي أبصر عن بعد امرأة تقف بجانبها طفلة ترتدي الزى المدرسي كانت قد تأخرت عن الذهاب إلى المدرسة وترغب من أي شخص من القرية أن يحملها معه إلى مدرستها .
وقفت بجانبها .
حادثتني بلطف :
هلا أخذتها معك إلى المدرسة جزاك الله خيرا.
وأخذت تلوح بيديها وتبدي أعذار تأخرها في الاستيقاظ...
كانت تتحدث وأنا ألمح كفين وكأنها رسائل تتطاير أمامي حاملة معها ذكرى تلك المرأة التي عشقتها في وقت مضى ...
يا إلهي ...
نبرة الصوت وحركة الجسد ورمقة عينيها تتوافق تماما ً مع من عشقت ...
سألت عنها فإذا هي ابنتها ...
تلك الفتاة التي كانت تصاحبها وهي محمومة عندما طلبت مني الثلاث الحزمات من القصب ...
كانت قد تزوجت وانفصلت عن زوجها بأسباب دخوله السجن على ضوء تصرف أرعن لا يليق برجل ...
تعمدت أنا هذه المرة أن أصل إليها ...
فوسائل الاتصال لم تكن كالسابق شحيحة ...
بحثت عن رقم هاتفها المحمول ...
تواصلت معها بعد وسائط عدة ...
كنت التقي بها محاولا ً وراغبا ً بكل جدية أن أتزوجها ولكن شاء الله إلا أن تستمر رحلة الغرق تلك ...
ليأتي إليها شخص من عائلتها وتذهب معه كزوجة وتركت ابنتها عند جدها وزوجة أخرى له ...

مضت السنوات وهاأنذا قد تجاوزت الأربعين عاما ...
وابنتها في المرحلة الثانوية ...
أمني النفس وأردد :
هل ستكون الحفيدة هي الختام أم مازال للألم المتواصل خارطة سير ...
وللعشق الممدود بقية .
******






بكل تأكيد ... لا جديد ...
هذا أنا ...
وحيد أبيه ...
ابن القرية ..
النغم المهاجر ...
جازان ...محافظة الحرث ... قرية البيضاء .


للكاتب السعودي : أحمد قرموشي المجرشي
بتاريخ : 10 - 08 - 2011

طارق الأحمدي 08-12-2011 09:55 PM

مقتنيــــــــات


دخلتْ إلى بيت صديقة عُمرها..
راحتْ تتأملُ مُقتنياتها..

لوحات فنية, عطور, خزانة مليئة بالملابس ذات جودة العالية.. تُحف..

وزوج يُتابع أعمالهُ في الصالة..

راحتْ تُتمتم بجشع وعينٍ حسودة.. والغيرة تنهشُ جسدها..

- لِمَ لا يشتري لي والدي أشياء كهذه؟!

- ليت هذه الأشياء كُلها لي..

- يا لكرمْ زوجها..

وتدخل المالكة بالحِوار فجأة.. بصوتٍ كلهُ رِقة..

- خُذي ما شئتِ من هُنا..

لا يغلى عليكِ شيء يا صديقة عُمري..

وفعلاً.. لم تشأ الفتاة أن تخرج خاوية اليدين..

أخذت أثمن ما عِندَ صديقتها..

(( زوجها)).. وخرجتْ.


للكاتبة اللبنانية : سهى العلي
بتاريخ : 08 - 08 - 2010



طارق الأحمدي 08-12-2011 10:01 PM

كشـــف الغطـــــــاء




* كشف الغطاء فتناثرت أشلاء هباء دنس وحقد كانت مكنونة في عمق الجب ...




* كشف الغطاء فتعالت هتافات مبحوحة صدرت عن غليان من قعر المرجل ينادي بوصل صلة الرحم مع أبناء عمومتنا ...




* كشف الغطاء فبرز ورم مزمن جاء من بدايات سباتنا استحال ويستحيل تطبيبه ، نصح الحكيم بالبتر ورفض المريض ...




* كشف الغطاء نطق الزنجي ويا ليته سكت ، أن بذرة الإرهاب غرسناها فيكم لـ"فبركة" مبررات سحقكم ، ولا تشتر العبد إلا ...




* كشف الغطاء فهاجت وماجت وأنزلت الصورة من على جدار التعنت فظهر ظلها في مكانها ...




* كشف الغطاء وكثر اللغط فقالوا ينبغي أن نعين من يحكم ، ورد الآخرون بل ينبغي أن نحكم من نعين ...




* كشف الغطاء وبعد الأربعين سأل الزعيم رعاياه من أنتم ؟؟ فأجابوه نحن أنتم .. كيف ما تكونوا ...




* كشف الغطاء ويا ليت البئر بقي بغطائه .




للكاتب الجزائري : محمد الصالح منصوري
بتاريخ : 30 - 05 - 2011



طارق الأحمدي 08-12-2011 10:11 PM

عندما يصبح اللون الأسود قاتما







عــــاد من سفره المعتاد . . تحلق حوله أولاده الخمسة وزوجته . .





**سأل عنك إثنان من الشرطة . . عليك أن تذهب إلى الدائرة فوراً . .





**خـادمتك حــــامل . . . ادعت أنك قد اعتديت عليهـــــا . .





**إني بريء . . يمكنكم إجراء أي تحقيق ترونه مناســــــباً . . ! !





**سنطلـب من المستشفى عمل الفحوصــــــات اللازمــــــة . . ! !





بعد عدة أيام . . اتصل الضابط يبشره . .





*حصلت على البراءة . لقد أثبتت الفحوصـــات أنك لا تنجب . ! !






للكاتب السوري : أحمد فؤاد صوفي
بتاريخ : 14 - 09 - 2010

طارق الأحمدي 08-13-2011 10:12 PM

الساعات الأخيرة للرئيس

الأخبار تتوالى على القصر الرئاسي ، الإعتصامات في كل الميادين الإستراتيجية الرئيس في ركن من مكتبه واضعا جريدته أمامه و يشطب من حين لآخر كلمة
إنها هوايته المفضلة البحث عن كلمة السر ، و أين له أن يجد هذه الكلمة في ظل واقع البلد الذي أضحت أسراره ظاهرة للعيان ؟ إختلاسات كبار السلطة أضحت حديث العام و الخاص و الجرائد تتحدث عنها كل يوم ، المواطن المعدم يدفع دنانير معدودة فقط ليقتني أي جريدة يومية ليجد رائحة نهب المال العام تطغى على كل الصفحات ، أرقام فلكية هنا و هناك بالملايير و لكن من يسرق دجاحة يودع السجن و من يستولى على الملايير أقصى عقوبة له أن يعيش في الخارج يتنعم بأموال الشعب المغلوب على أمره.

فجأة دخل مدير الأمن الرئاسي مسرعا ...
- سيدي الوضع جد خطير ، إنهم يقتربون من القصر الرئاسي ...

نهض الرئيس من مكانه بكل تثاقل يجر ثقل السنين ، ثلاثون سنة في الحكم جعلته يتأقلم مع كل الظروف و لكن هذه المرة يحس بأن النهاية أضحت قريبة
إنه شعب جديد يختلف عن ذالك الشعب الذي ظل صامتا سنوات ، كان يملك ناس كلهم طيبة و إخلاص و وفاء دائم له و لأركان حكمه ، أما اليوم إنه زمن الفضائيات و الفايس بوك و غيرها من وسائل الإعلام .
- يتعين على كل الأسلاك الأمنية أن تحمي القصر الرئاسي إنه رمز سيادة و لا تنس أن التغيير يبدأ من هنا ، و يجب إعطاء تعليمات بحراسة جيدة للإذاعة.
- لكن سيدي حتى مقر التلفزيون مهم ، أما بخصوص الإذاعة فهناك إذاعة في كل مدينة اليوم .
- يجب إيقاف بث المحطات الإذاعية الصغيرة ، و الإكتفاء بإذاعة واحدة تكون تحت سلطتنا.
- و ماذا عن القنوات الفضائية ؟ كلها معادية لنا .
- أليس لديك طريقة لإيقاف بثها أيضا ؟ إنها مصدر إزعاج كبير ...
- إنها تبث عبر عدة أقمار صناعية و تتحكم فيها شركات تجارية و لا يمكن أن تخضع لنا .
- أليس لدينا إتفاقيات مع الدول التي توجد فيها هذه الشركات ؟
- الأمر صعب في هذه الظروف و هناك بعض الأنظمة تؤيد المعارضة لدينا و لا تنس أن الأنترنات هو عدونا الأكبر .
- ألا يمكن إيقافه هو الآخر ؟ ... غريب هذا الزمن ، في السنوات الأولى التي أعتليت فيها سدة الحكم ، كان أي صوت معارض أتخلص منه في أربع و عشرون ساعة أما اليوم الأعداء كثر و لكنني لا أرى أحد كلهم وسائل إعلام و إزعاج إفتراضي ، بالفعل إنها أصعب أنواع المعارضة التي شاهدتها في حياتي و لكن إخبرني كيف يصل الأنترنات لبيوت الناس ؟
- يصل الى بلدنا عن طريق كابلات تحت البحر من أوربا ..
- إقطعوا كابلات المصائب و قولوا للشعب أن أسماك القرش هي السبب .
- فكرة جهنمية سيدي سنفعل ذالك .

- و الآن تابع ما يقع و إخبرني بكل جديد ، و عليك أيضا بالتأكد من جاهزية كل الفرق المكلفة بخروجي المحتمل من هذا البلد اللعين .

- إطمئن سيدي كلهم رهن إشارتك ، طائرة الهليكوبتر جاهزة في باحة القصر و الطائرة أيضا محركها يدور في المطار العسكري ، بالإضافة الى الباخرة الرئاسية على شاطئ إقامتك الخاصة و طبعا الفرق الأخرى الجاهزة عبر الحدود البرية ، نحن جاهزون لكل الإحتمالات .

- نشرات الأخبار المختلفة الحكومية يجب أن تركز على إنعدام الأمن و خوف المواطنين و أهمية دور الأسلاك الأمنية في الحفاظ على أمن الأشخاص و الممتلكات ، و طبعا لابد من الإشارة الى فزاعة الأيادي الأجنبية و العدوان الخارجي فهي صالحة دائما في مثل هذه الأزمات ، مع أنه في هذا الوقت أصبحت الدول الكبرى أقل تدخلا مباشرا ، أيام زمان كانت الإمبريالية مشجب مميز تعلق عليه كل الأزمات و يقضى فيه على كل المعارضين .

- إنه زمن الأنترنات و الفايس بوك سيدي ثورات في كل مكان و كل مواطن صعلوك يحمل معه هاتف نقال بكاميرا يوثق به ما يشاهده و يضعه مباشرة على مواقع الأنترنات ، و منه يستغل مباشرة من طرف الفضائيات المعادية لنا .

بقي الرئيس صامتا يطل من نافذة القصر الرئاسي على جموع الجماهير الغاضبة ، إنهم مجرد أوباش يريدون تغيير التاريخ و لن ينجحوا ، التاريخ يكتبه العظماء و لا يخربشه الأوغاد .
خرج مدير الأمن الرئاسي مسرعا ليطبق كل تعليمات الرئيس ، و لكن في ذهنه أيضا مخطط للهروب ، كل أركان السلطة لديهم مخططاتهم الخاصة سفينة الحكم ليست سفينة نوح و ستغرق بكل تأكيد و الذكي من يفكر في إنقاذ نفسه قبل فوات الأوان ، الشعوب حين تنتفض دائما ما تجعل نهاية الزعماء و أتباعهم دموية إما المشانق أو السحل في الطرقات.

ثلاثون سنة من الحكم مرت و كأنها أياما ، ما زال لديه الكثير من الأفكار و البرامج يريد أن يحققها لهذا الشعب المسكين ،فهو مقتنع بأنه حاول أن ينقل كل برامج التحضر من الخارج ، و لكن ذهنية الناس ما زلت متخلفة ، و الآن يطالبون بالديمقراطية و التداول على السلطة ، إنهم ضحايا القنوات الفضائية و الثورات المزيفة ، يعرف أن الخراب سيكون مصير هذه البلاد إن رحل ، نمط تسييره هو الذي حافظ على كيان الدولة و إستمراريتها.
إقترب الرئيس من مكتبه متثاقلا ، سيقوم بإجراء مجموعة من الإتصالات الهاتفية مع مختلف الرؤساء الذين يعانون أيضا من هذه الثورات الغريبة
لا شك أنها مؤامرة خارجية كبرى تهدف الى زعزعة الإستقرار و الإستيلاء على منابع النفط العربي ، لقد قضوا على الدب الروسي و يريدون الآن تركيع الجمل العربي ، أعجبته أفكاره كثيرا ، إن تسنى له الوقت سيتصل بقناة الجزيرة الفضائية و يقدم نفسه كمحلل إستراتيجي ، و إن تعذر ذالك سيقدم نفسه كشاهد عيان و ما أكثرهم في هذه الأيام .

أنهى إتصالاته في دقائق و أدرك من خلال ما سمعه من مختلف الرؤساء و الزعماء أن الأزمة شاملة و المؤامرة كبيرة ، نفس السيناريو في كل بلد ، شباب ، مظاهرات ، مسيرات ، إحتجاجات ، يوتوب ، فايس بوك ، فضائيات و النهايات متقاربة إما تنحي أو هروب ، بالنسبة له كل الفرضيات ممكنة فالفوضى مضى عليها أكثر من شهر و لا دليل على توقفها ، و من الأحسن أن يستفيذ من تجارب الرؤساء الآخرين ، لا يلدغ رئيس من جحر مرتين ، بقاءه في البلد مستبعد جدا ، فقد بلغه أن بعض المعارضين يطالبون بمحاكمته و إعدامه ، هذا جزاءه بعد ما أفنى سنوات عمره خدمة لهذا الشعب ، البحث عن دولة صديقة تستضيفه أمر أكثر من عاجل ، الهروب حتمية و لكن الأفضل أن يكون مبكرا ، حتى يستبق كل النهايات المؤلمة ، و ما أدراه ربما هناك في مكان ما من يخططون لإنقلاب عسكري ضده ، فهو لا يضمن ولاءهم بالرغم أنه صاحب الفضل في كل نياشينهم .

نهض من مكتبه و توجه الى صالونه الخاص ، جلس أمام شاشة التلفزيون المسطحة ، ليتابع ما يجري هنا و هناك ، ما أكثر الفضائيات في هذا الزمن الملعون ، أغلبها إخبارية متخصصة ، الشيطان يختبئ في التفاصيل و هذه القنوات تتحالف مع كل شياطين الكون من أجل الوصول الى الخبر ، مع أنه رفض تواجد مكاتب لأغلبها ، إلا أنها ما زالت تعتمد على مراسليها في الظلام و تصطاد كل ما ينشر على مواقع الأنترنات ، الجزيرة ما زالت عراب كل الثورات بما تمتلكه من خبرة في نقل الخبر و إضافة توابل إستفزازية عليه و تقديمه كطبق مغري للمشاهدين ، أضحت المحطة معروفة أكثر من قطر الدولة ، إنها بكل تأكيد أداة تحرك لفائدة عدة قوى خارجية ، ما أثار إنتباهه هو ظهور قنوات أخرى تابعة لدول أوربية تبث باللغة العربية و تهتم بالشأن العربي ، إنها بالفعل مؤامرة كبرى دبر لها في عدة ليالي ، توقف في جولته الفضائية عند قناة فنية تبث أغنية رومانسية مميزة ، إنها نانسي عجرم التي سحرته منذ أول ظهور لها ،يتذكر جيدا أنه أنشأ مهرجانا سنويا من أجل إستضافتها في قصره إنها نموذج الأنوثة المركزة لا يمكن لأي إمرأة أن تنافسها .

و فجأة سمع صراخ و فوضى و رصاص في ردهة القصر ، سارع الى أخذ مسدسه و إقترب أكثر من النافذة ، لا يصدق ما يراها العسكر يغزون المكان ، فتح باب المكتب بقوة ، و دخل مجموعة من العساكر مدججين بكل أنواع الأسلحة .
- إنتهت اللعبة أيها الرئيس ، من الآن أنت الرئيس السابق.....

- من أنتم ؟ من أنتم ؟

تذكر الزعيم معمر القذافي في خطابه الشهير ، لا يدري هل هو بصدد مواجهة جرذان أم صقور ؟ تأمل وجوه الحركة الإنقلابية جيدا ، لا يعرف أي واحد منهم ، من أين خرج هؤلاء الأوغاد ؟ إستطاع أن يلمح في وسطهم مدير الأمن الرئاسي ، الذي بدت عليه علامات الإرتباك و هو يقترب من الرئيس .

- لا تستغرب ، رحيلك حتمية تاريخية لا مفر منها ، الشعب يريد تغيير النظام و أنت رمز كل هذا النظام ... لا تنس أن مجيئك الى السلطة منذ ثلاثون سنة كان عن طريق إنقلاب .
- على كل كنت مستعد لهذه النهاية أو غيرها ، تسونامي الثورات لا يمكن أن يتوقف عند حدودنا .

تم إقتياد الرئيس السابق خارج القصر و طلقات الرصاص تسمع في كل مكان إنها فرحة مؤقتة برحيله ، يدرك جيدا أن تنحيته ستؤدي الى إنهيار البلد و شيوع الفوضى و الخراب ، سيندمون على فترة حكمه بكل تأكيد و لكن أكثر ما يزعجه أنه لا يعرف مصيره وسط هذه العساكر ، هل سيتركونه يرحل ؟ أم سيتكفلون بإعدامه خارج نطاق القضاء ؟ ركب معهم السيارة العسكرية و هو في قمة الإنحدار النفسي ، من القمة الى ما تحت الحضيض ، شيء واحد يجعله ربما سعيد و حزين في نفس الوقت ، سيكون هذا المساء مادة دسمة لكل الفضائيات الإخبارية و سيبحثون في الأرشيف للكشف عن مساره و نهايته
سيتحول الى خبر رئيسي في دقائق ثم يتم دحرجته الى شريط الأخبار و من ثمة يخرج من نادي الرؤساء الى مزبلة التاريخ .


للكاتب الجزائري : بوفاتح سبقاق
بتاريخ : 30 - 07 - 2011


طارق الأحمدي 08-20-2011 02:53 AM

تعيينـــــــــــــــــــــــــــــات


جاءني الحمار بخبر طريف, قال: حدثني حمار بن الحمار الأبيض عن جده المستحمر, أن هناك إمارة صغيرة في جبال النوبة متخلفة في كل أمورها بينما جيرانها ينعمون بالتقدم والتمدن.
وفي ذات يوم استدعى أميرها وزيره, وقال له: لقد أمعنت في تخلف بلادنا فوجدته ناجماً عن الجهل. وقد قرّ رأيي على إرسال بعثات للدراسة في البلاد المتقدمة, وبعد عودتهم يتم تعيينهم في المرافق المختلفة حتى يطوروا الإمارة.
فهيئ لنا مبعوثين لدراسة الطب والهندسة و كافة العلوم التطبيقية وغيرها حيث يجب أن تدرس هذه العلوم , فقال الوزير: سمعاً وطاعة, يا سيّدي.
ونفّذ أمر سيّده, وبعد سنين عاد المبعوثون, وقد برز كل منهم في مجاله فقام الوزير بتعيينهم في مصالح الإمارة المختلفة, وبعد فترة لا حظ الأمير أن التخلف لا يزال على حاله من الدرجة التي سبقت هذا الزمن, بالرغم من هذا استدعى وزيره, قال له : تعال لِنَرَ مبعوثينا, وما فعلوا بالعلم الذي حملوه إلينا , وهكذا بدأت الحملة بزيارة لمعمل النسيج فوجد العمل يتخبط فيه تخبطاً مشيناً , ولما بحث عن مديره, و كان أحد المبعوثين, دهش حين وجده طبيباً, لقد عيّن الوزير الطبيب الذي عاد بأعلى الشهادات وأرقى الخبرات مديراً لمصنع النسيج, وأدهش الأمير حين وجد الحقوقي يشغل مدير المستشفى, وأن المهندس تعيّن قاضياً والمعلم مشرفاً على الأمور الهندسية, حينئذ ثار غضبه على الوزير, وقال: ألِمثْلِ هذا أنفقنا الأموال الطائلة؟
لماذا لم تضع كل رجل في المكان الذي يستحقه و الذي هو أهل له؟ فانحنى الوزير بتواضع أمام أميره وفرك يديه, وقال هامساً: مولاي ما تقول عنه سهل التطبيق .. لأنه لو كان كل رجل في المكان الذي يستحقه لما كنتُ أنا وزيراً .. ولما كنتَ أنت أميراً ...



للكاتب السوري : محمد فتحي المقداد
بتاريخ : 25 - 07 - 2011




طارق الأحمدي 08-20-2011 03:07 AM

وشـــــــــــــــاية





ظلمة حالكة يلتحف بها, ليالٍ عجافٍ تصفعه, زنزانة حقيرة تغوّلت عليه استرجع شريط الذكريات الذي توقف عند قلمٍ مأجورٍ, طويّته سوداء قاتمة شريرة, ومداده سُمٌّ زعاف, عضّ لسانه بشدّةٍ كاد يقطعه, وامتلأ فمه بدم وابتلعه.





للكاتب السوري : محمد فتحي المقداد
بتاريخ : 05 - 08 - 2011




أحمد قرموشي المجرشي 08-20-2011 05:26 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طارق الأحمدي (المشاركة 81702)
عندما يصبح اللون الأسود قاتما








عــــاد من سفره المعتاد . . تحلق حوله أولاده الخمسة وزوجته . .






**سأل عنك إثنان من الشرطة . . عليك أن تذهب إلى الدائرة فوراً . .





**خـادمتك حــــامل . . . ادعت أنك قد اعتديت عليهـــــا . .





**إني بريء . . يمكنكم إجراء أي تحقيق ترونه مناســــــباً . . ! !





**سنطلـب من المستشفى عمل الفحوصــــــات اللازمــــــة . . ! !





بعد عدة أيام . . اتصل الضابط يبشره . .





*حصلت على البراءة . لقد أثبتت الفحوصـــات أنك لا تنجب . ! !






للكاتب السوري : أحمد فؤاد صوفي

بتاريخ : 14 - 09 - 2010

ياإلهي ماهذا الموقف المهيب ...
أنّى لزوجته الخمسة ...
أقشعر بدني وسهوت ...
نص جميل في سرده وحبكه مفجع مبكي في نهايته ...
قنطار ود .

طارق الأحمدي 08-25-2011 05:28 AM

المتـــاهة - غابة الموت والضجيج -




1



إنها متاهة كالقفر الممتد اللامتناهي تعصف بين جنباته حبَات الرمال في كل إتجاه فتثير نقعا من الغبار الكثيف والزوابع الهائجة ... ثم تبدو ملامح غابة الموت والضجيج إنها جاثمة هناك في ذلك الأفق تعانق الضباب والبرد القارس والتكلس...

تبدو تلك الغابة متميَزة كالقلعة القديمة المهجورة.. إنها تجثم في ربوة عالية أو لعلَها هضبة شاسعة تطل على البحر حيث الصخور الصماء المنحوتة...

تتلاطم فوقها الأمواج العملاقة وهي تزمجر في غضب وهياج...

وفي الجهة الاخرى من تلابيب المكان يمتد الواد الطويل الصامت... وهو يختزن في أحشائه ألم السنين السحيقة مع عظام الموتى والغابرين من العابرين إلى الموت والمفقودين والتائهين في مجرَات الوطن والمتاهات الأخرى.

إنه النهر الأبكم وهو يبتلع أسراره ومراراته وغذره الصامت..

هناك صمت وسكون ورطوبة وتكلس يبدو في الجدارات السوداء الحالكة ولون القتامة شعار المكان بل شعاره الوحيد...يكفي أن تردد اسم المعتقل في غمغمات هامسة لتلمح في الوجوه ذلك الإمتعاض الدفين والحنق والقرف المزعج.

المعتقل متاهة ...إنه كعجوز من الغابرين تمتد سنين عمرها لثمانية عقود مضت ,إنصرمت من حبَات مسبحة الزمن والتاريخ....

إختزلت جداراته الصماء بين جوانحها مرارت زمن الجمر والدم والهدم والرجم والقيح والصديد... ولا يزال رغم الشيخوخة والهرم قادرا على الإبتلاع وقد إختزلت بين جوانحه آلام وصرخات وتأوَهات ملايين العابرين من دهاليزه وسراديبه السرية المنسية....

إنه تمساح لا يتعايش إلا مع التماسيح من فصيلته داخل خليج واحد

أما الضحية الغريب فمصيره الموت البطيء المحتوم.. حتمية الصراع والإبتلاع...

يجثم المعتقل أو المتاهة داخل فضاء الصمت ...أدواته القهر و كلَ ما تتطلَبه السلخانة البشرية... من صناعة الألم والضجيج....

ها قد مرَت السنوات ولا يزال قادرا على البطش والوأد الساكن الخفي والقتل اللذيذ ...ذلك القتل الصامت البارد كالثلج. إنها عتمة هي فوضى لا تعرف لونا غير الفوضى ولا تعرف للألوان لونا غير السواد ولا طعم لها فهي مرَة كالحنظل .

كريهة كرائحة الموت والتعفنات وجيف المقابر....

يزحف ـ المعتقل ـ في صمت بوحشيَته ووحوشه وكواسره الجارحة ثم يفترس فتتطاير الأشلاء وتراق الدماء وتنتثر الجماجم...

هناك في عمق المكان المقيت الذي إبتلعنا لسنوات سحيقة هي مزيج من سنوات الضياع والغربة وفقدان الإحساس بالمكان والزمان والإنتماء للوطن....

هناك كنَــــا عندما إبتلعتنا الأرض الخرساء.....


2

ذلك اليوم قررت مهادنة الوقت إنني أشعر بإنقباض يعْتريني.. وقلبي يشتد خفقانه... كنت أمشي في الطريق والتفت ـ فجأة ـ لمحتهم كانوا يتعقبونني تلك الوجوه أعرفها ..ألفتها وألفتني .. وجوه السحالي والحيَات والعقارب ...

كلمح البصر يظهرون وفي لمح البصر يختفون....

في المساء إعترضوا طريقي... بعد أن أمعنوا في استدراجي ...

سقطت في الفخ... حاصروني خارج المدينة ... هناك حيث لا حركة ولا صريخ غير الريح العابثة وسياط الشمس الحارقة ..قمَطُوني كطفل رضيع ثم وضعوني في كيس كبير وزجَوا بي في الدولاب الخلفي للسيارة " الشبح."..ثم انطلقوا وهم يتهامسون في سكون.... ونشوة غامرة

ـ طريق الغرب........

وساد الصمت السيد الحصور المهيب....

حينها حركت جذور ذاكرتي... كم من مرَة أختطف من قارعة الطريق....

مرات عديدة خضت هاته التجربة الفظيعة....

لا يحس بمرارتها وقوَة ألمها إلاَ من ذاق مراراتها القاتلة....

في جوف الليل كنت داخل السرداب الأسود فقدت الإحساس بالزمن

قلت لهم بصوت مخنوق

ـ هل أذن المؤذن للصلاة...

قال الحاج بصوت أجشَ

ـ" هنا صلَي في أي وقت ..."

الله يفك " لْوْحــايلْ "

ثمّ إنصرف.....

لكلماته صدى في أذني .. للحظات تردّدت على مسامعي كلمة " لْوْحــايلْ "

ـ لقد أصبح لديّ " وْحــايلْ " ومصائب في سجل الوطن

وهنا دار الحقْ.... من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرّا يره

كنت أسمع هذا الشعار هناك كان يتردد على رأس كلّ ساعة عندما يصيح الجلاّد "كابيلا" في المعتقلين بصوته المزعج ولا يفتر عن الصياح والزعيق وصناعة الألم....." هنا دار الحقْ"

دار الحق هي تمارة الجحيم الذي غمرنا بالصديد والقيح....

************

عندما أغلقوا الزنزانة ومضوا .. أحسست بالقيود التي كبّلوني بها وقد كادت أن تمزّق معصمي.... وأنا مصفّد إلى الخلف والعصابة اللعينة تحجب عني البصر والمكان يوحي بالقتامة... يا له من عناق حار ّ بين الماضي والحاضر ذلك الماضي الذي كنت أعيش فيه حرّا... وهذا المصير المؤلم وأنا مقيّد معصوب العينين عاجز حتى عن قضاء حاجتي....

أما المستقبل.. إنّه ظلام ليل طويل

لا ريب أنّنا في زمن القوة المجهولة والأيدي القذرة الخفية التي تعبث بكل شيء وفي كل مكان... إنها خارج السيطرة وفوق القانون والإنسان لا تعرف للرحمة معنى ولا تكترث لها...

في المتاهة جواسيس الهواء وأشباح الليل والنهار...إنهم يبدعون في نشر الرعب ... ورسم الأسى على الوجوه... وقهر كل أمل يتسرب إلى النفوس الحائرة..............


3

مكثت داخل بطن الحوت ردحا من الزمن فقدت القدرة على الإحساس بالزمان والمكان ما أقساه من شعور... أصبحت رجلا من الماضي لا أمتلك سوى الذكريات , حتى الوجوه التي أعرفها تبددت وتلاشت داخلي تحوّلت إلى مجرّد أطياف عابرة ....

هناك داخل العتمة قرضنا بالمقاريض... أمعنوا في النحت فوق أجسادنا كانت الإهانة طبقا يوميّا نتجرّع" حسوته " في مرارة قاتلة....

هناك.. آلة جهنمية تطحن كل شيء....

الأصوات والضجيج والألم والعذاب.... هناك إراقة الدم طقس يومي إعتيادي وشواء اللحم البشري في جلسات على الجمر وصعق بالكهرباء وتجريد من الملابس و"شبْح" بالأرض حتى يتحوّل الجسد إلى قطعة من المكان الصخري

هناك ألبسونا أقنعة ... بينما أزالوا أقنعة وجوههم... تحولوا إلى وحوش ....

وحوش تفترس وتلتهم وتهشم وتتلذذ بالدم والقيح والصديد....

بعد مسافة من الزمن جاؤوا مع الفجر قمّطوني من جديد ومضوا بي في رحلة مجهولة ... في مشارف المدينة قذفوا بي في قارعة الطريق... كنوع رديء من القمامة... قيمتنا لا تعدو لديهم قيمة القمامة المأفونة

***************

هناك سمعت صراخ الألم من "عبد الحق "كان يتحمّل ما لا يطاق ربما كانت عذاباتنا جميعا نقطة في بحر العذاب الذي نتلظّى فيه ... إنه صراخ الموت ..... الموت البطيئ...

في جوف الليل كنت أسمع صراخه وألمه وتأوّهاته ... عندما يصعقونه بالكهرباء وعندما يباشرون تعذيبه بالإختناق الوهمي... والصابون والشيفون..

كانوا يسدّون فتحة الانف ثم يضعون الشيفون مبلّلا بالصابون .. في فمه.. ويعلّقونه في الهواء.. فيختنق وكلما أرغى و أزبد... زاد الصابون من الزبد والرداد في الفم... فيتضاعف الإختناق المؤلم.. وفي لحظة الذروة ... ينتزعون الشيفون ويغرقونه في الماء...

وهكذا تمتد رحلة الشقاء لساعات طويلة.......

كان يخيّل لي أنهم ينفخونه ... إحساس راودني بذلك ينفخونه حتى يكاد بطنه أن ينفجر ثم يمهل للحظات حتى يتمكن من إلتقاط أنفاسه ... ولا يرفع عنه العذاب إلاّ ليتمّ نقله إلى جحيم جديد ... أو تنتهي رحلة الجحيم بالإعتراف.

كان "عبد الحق" رجلا من طراز فريد ارتفع فوق الجراح والآ لام كان يبتسم ابتسامته كنت أحسّ بها وإن لم أرها... فقط كنت أسمعه وهو يرفض الإعتراف ويصرّ على الصمت ...يلوذ لكهف السكينة العميق

صمته كان سلاحه.... به يفتك بهم فيستشيطون غضبا ويموتون كمدا ويتميّزون غيظا... ويواصلون العذاب والألم.

بعد أيّام من الجحيم ... لفظ "عبد الحق " أنفاسه الأخيرة داخل المتاهة...

يومها إقتحموا زنزانتي أخرجوني منها لم أكن بمفردي ... نقلوا العشرات من المعتقلين في جوف الليل ... إلى عنابر تحت الارض.. أفْزعهم موته....

أحسست بهم وهم يتهامسون وأنا أحاول أن اتلصّص عليهم

ـ لقد مـــــــــــــــــــــــــــا ت

ثم يغمغمون في بلاهة وتيه ... يومها إنداحت تلك الموجة الطارئة ورفع عنا العذاب.. خشية أن يلتحق بركب الشهداء ... فرسان آخرون

ظللت معصوب العينين بين اثنين يقبضان ذراعي حتى أودعاني في الزنزانة الجديدة .... كانت رائحتها مقرفة .. إنفكّت القبضتان ... أقدم نحوي الحاج لكبير

رفع العصابة عن عيني وقال لي بكلمات ميتة

ـ هل أنت جائع؟؟؟؟

كنت جائعا للنوم.... جوع النوم أقسى من جوع المعدة الفارغة... لهذا كان جوابي الصمت السيد الحصور والآمر والمأمور......

في العتمة يرتفع جدار الصمت والقهر....

4

أزعجني الباب الحديدي وهو يغلق كان صرير المفتاح يحدث صدى في المكان يخترق جمجمتي وينغص علي لحظة السكون ويرتد صداه في القبو.

أما الظلام فينتشر طوال اليوم إنها العتمة الباهرة المقلقة والمحيّرة...

كنت هناك عندما احتدم الألم وصراع الأصوات ورعب العذاب وجحيم الإستنطاق... كانت الفلقة إحدى أدوات العذاب تأكل العصا الغليظة الأقدام حتى تتخذر ثم يصبّون فوقها الماء البارد.... وتستئنف الأيدي القذرة عملها المقدّس الفلقة واجب يومي ثم تأتي بقية أنواع القهر

خلف جدارات الصمت يفقد الزمان معناه ويمتد الصمت ...كانت لعبة الزمن احدى أدوات كسر الإرادات ... يأتي الجلاد ويصيح بصوت فج...

ـ هنا ... لا خروج إلاّ بالموت أو الاعتراف

في يوم ... أو في شهر ... او في مئة عام

الدفن هنا.....

يمتد الصمت وبينما تتقدم جحافله لتخترق الوجدان وتصمّ الكيان و تنهش الذاكرة فتردّد الألسنة بالهمسات المجنونة

ـ "حصلة هذي ....يا سيدي..... يا ربي.."...

عندما كان ينهكني الإرهاق أشعربثقل الزمن على كاهلي كما تثقلني القيود ..كنت أقرفص ثم امد رجلي في الإسفلت وأضع خدي على الأرض لعلّي أعرف موقعي منها في المكان ودائرةالزمان.

ما أقسى أن تكون في مكان يفترض ان تموت فيه ولا تعرفه.... ولن تعرفه....أبداااا

إنها الحدائق السرية للجنرال.....

عندما جاء الحجاج في الفجر حملوني إلى المجهول وهم صامتون....

خرجت من البحر من" متاهة البحر" الذي غرقت فيه إلى الأذقان..ثمّ زجوا بي في النهر الصامت الجريء...في مشارف المدينة ألقوا بي فتلقفني جلاوزة آخرون..إنه لون آخر من العذاب....

بسمة الوطن الساخرة في زمن إنقلاب الموازين....

التهمتني الطاحونة ... قال كبيرهم وهو يلهث

ـ أين كنت في رحلة الهروب..

ـ في معتقل تمارة

قلتها ببراءة جارحة

يعم الصمت المهيب وينتفض الجلاد وقد إلتف حولي عدد من أفراد البوليس السياسي ... كلهم يحدقون في ويسألون ويلحون في السؤال عن لقبي وكنيتي

ـ أبو مـــــــين

يسود الصمت ..إنني لست أبا لأحد أنا أبو نفسي...

ولكن لا حياة لمن تنادي....

في المعتقل سمعتهم يسألون أحد الضحايا وآلة العذاب تأكل جسده

ـ أبو مـــــــين...؟؟؟ ما هي كنيتك... إسمك الحركي

يعم الصمت ـ دائماـ ويزداد العذاب ويتصاعد الصراخ القاتل وأخيرا ينهار الضحية ويصيح في هستيرية مجنونة مفزعة تمزّق النياط

ـ أنا أبو الديلاصور

ـ أنا أبو الديلاصور


*****************


إرتسم الإمتعاض على وجهي وعلا سحنتي الخالية من أيّ تعبير....

قال كبيرهم وهو يمسك الجريدة بيده.... قرأت عناوينها العريضة وأنا ملتزم بالصمت... حدجني بنظرة شزراء ..ثم قال

ـ أنت أبو .......

لم أحر جوابا .. أرغى وأزبد وقد تطاير الرداد من فمه النتن وهو يروغ روغان الثعلب.... غُصت في الارض بسرعة مذهلة عندما تداعت على جسدي أيديهم وارجلهم وهم يضربون بكل قوة... انفلتت من فمي أوّل" تكبيرة" هزّت أركان المكان فتفرقوا.... كانت دهشتهم غامرة...

أيّ سحرتمتلكه كلمة " الله أكبر" ارتج لصداها مربع القهر

تهالك جسدي... حملوني إلى دولاب سيارة كبيرة ثم انطلقوا بي إلى المجهول من جديد... حينها أدركت أن المتاهة المتواصلة ستتقاذفني من مكان إلى مكان ومن معتقل إلى معتقل ومن جلاد إلى جلاد ومن أيدي قذرة إلى أيدي أكثر قذارة ومقتا وترهّلا... المتاهة .. إنها غابة الموت والضجيج...........




للكاتب : سيف الدين الشرقاوي
بتاريخ : 25 - 08 - 2011



طارق الأحمدي 09-02-2011 05:07 PM

مذكـــرات سيــدة محتــرمة



الإهداء: إلى المرأة..* والمرأة الوحيدة..* فقط !

اليـــوم .. شعرتُ برغبة في البكاء ... وجدتُ بعض الوقت .. فبكيتُ كما لم أبكِ من قبل ..
بلل دمعي المنشفة التي كنتُ ألف بها وجهي .. بكيتُ .. وبكيتُ .. وبكيتُ .. الحسرة تأكل جزءاً كبيراً من قلبي ..
انطفأت الكهرباء ... فأزداد الجو لهيباً .. الهدوء يخيم على المنزل الخاوي ... إلاّ من جسدي .. وبقايا روحي .. والخادمة ..
اختلط دمعي بعرقي .. أحاول أن امسحهما .. الجو في الجنوب صيفاً .. لا يطاق .. لقد قرأتُ في جريدة اليوم أن صيف هذه العام أشد حرارة .
يتساقط .. العرق .. والدمع .. والدم .. !

دقات الساعة .. تزيدني بكاءاً ..
تمضي الساعات والأيام ..
والسنوات ..
تمزق الهدوء .. رنات الهاتف ..
*منْ يكون .. ؟
- منْ تكون .. ؟
- لا أحـــد ..

عاودتْ هدوءها .. وبعض بكاؤها تقلب صفحات دفترها : -
- اليوم كان بطيئاً ... مرّ وقت طويل و لازالت الساعة التاسعة صباحاً ..
- في السادسة والنصف أكون أول الحاضرات .. العم محمد..
والخالة آمنة يفتحان .. بوابة المدرسة..
حيث أذوب .. وتذوب كثير من آلامي ..
دفتر الحضور .. أمامي ..
تدلف الوكيلة ...
- صباح الخير ..
- أرد بابتسامة ..
تندلق باقي الوجوه .. الناسخة .. والمعلمات .. ثم المشرفة الاجتماعية .. دائماً متأخرة . !
بعض الوجوه كئيبة .. وأخرى سعيدة .. وبعض العيون سهرانة .. وأخرى تنطلق منها نشوة الشباب والفرح بالوظيفة الجديدة .. أوقع للجميع في دفتر تحضـير الدروس
.. " كل صفحة تحمل توقيعي الجميل " - كما تقول إحدى المعلمات* –
جو الفرح .. والحياة .. يملآن أرجاء المدرسة ..
*
في السابعة .. وكل النفوس راضية .. ُيقفل الدوام .. ونضع الخط الأحمر.. يقولون عني شخصية إدارية فريدة ..
لقد صقلتني أيام الدراسة وسنوات الخبرة كثيراً ..
.. *يا لها من سنوات ..
.. تعيد رأسها إلى الوراء .. تتراخى قليلاً ...
الخالة آمنة تضع بعض أغصان الريحان على المكتب .. ترتبها .. هكذا اعتادت منذ ثمانية وعشرين عاماً ..
.. يختلط صباحها .. بالروح .. والريحان ..

تسرح بخيالها ... سنوات من النجاحات المتتالية .. وشهادات التقدير .. وحسن القيادة .. والإدارة .. والإرادة ..
كانت هذه المدرسة حين تسلمتُ إدارتها عبارة عن فصلين للمرحلة الابتدائية .. وخمس معلمات .. وركن صغير مقصف للمدرسة .. وتراب يزكم الأنوف .. في القرية البعيدة .. عن مدينتي التي أسكن بها ..

مضتْ السنوات .. وكبُرت المدرسة .. وازداد عدد الطالبات وتعبد الطريق المؤدي إلى القرية ..
قطع تفكيرها صدى صوت جرس انتهاء الحصة الأولى .. " لابد من الخروج للجولة الصباحية " .. المكان هادئ .. المعلمات في حصصهن ..طالبات القرية يبدين أكثر انفتاحاً وبهاءاً .. تتبدل الأحوال .. والعلم نور ..
*
يمضي اليوم .. ككل الأيام .. وككل السنين ..
تعود للمنزل .. تدخل غرفتها وحيدة .. تغفو ..
عندما تستيقظ في الخامسة مساءاً تبدأ لتخطيط العمل في اليوم التالي ..
- كيف تشيع الفرح و التفاؤل في معلماتها ...؟ .
- كيف تكون عملية أكثر ؟ .
- كيف تسعد طالبات القرية و ماذا ستقدم في حفل مجلس أمهات الطالبات ؟ .
.. كل ذلك كانت تخططه في دفترها ...

تعاود القراءة .. تتوقف ..تقلب صفحات دفترها ...
غصة .. تذبح تجاويف صدرها .. وتقرأ : -
- في السابعة عشر:* كنتُ شابة جميلة .. يتوق للاقتران بها كثير من الشباب ..
- في التاسعة عشر:* الدراسة .. أولاً ..
- في الثانية العشرين*:*تخرجتُ من الجامعة .. وحصلت على وظيفة .. أصبحت معلمة وبدتْ قامتي .. أكثر طولاً ...
- في الرابعة والعشرين:*ما كانت عائلته تليق بي وقال أهلي : " أن أصله ضعيف " ..
- في الخامسة والعشرين:*كان أسمراً .. وشكله ..غير جميل .. ؟ .
- في السابعة والعشرين: أصبحتُ مديرة للمدرسة ..

- في الثامنة والعشرين:*كان متزوجاً.. ولن ابني سعادتي على تعاسة امرأة أخرى ولو أموت وحيدة*.. وبمعنى آخر لا أرضى أن أكون الزوجة الثانية!!..
- في الثلاثين:* كان أقل مني تعليماً .
- في الثانية والثلاثين:* " بدأت المدرسة تكبر .. تتوسع .. وتتشعب .. وكذا أفكاري " ..
- في الخامسة والثلاثين:* لم يطرق بابي طارق .. عدا والدتي وطرقاتها على باب غرفتي لإحضار كوب الشاي .. وبعض من النظرات التي تشعرني بالتلاشي ثم دعوات متتالية .. إلى أن يغيب صوتها ..

- في السادسة والثلاثين:* كان رجلاً كبيراً ..تجاوز الخمسين .. وكنت أنا قد تنازلتُ عن بعض شروطي .. إلاّ أن أكون الزوجة الثالثة !.
- في السابعة والثلاثين:* كان حفلاً كبيراً لتكريمي على جهودي وتضحـياتي .. وتميزي ..ووحدتي .. !!.
- الجميع صفق ليّ بحماس .. إلاّ واحدة ..
.. أمي .. !!

- في الأربعين:* مات أبي .
- في الثانية والأربعين:* بدأت أنطفىء .... !!
- في الخامسة والأربعين:* ما الذي تريده المرأة بعد هذا العمر ؟..
- في الثامنة والأربعين:* كان من العيب لسيدة في مثل عمري أن تتزوج الآن ..
لقد مضى العمر ...
*
- في الخمسين:* كنت أخطط لجعل مدرستي ....... !!!
- في الثانية والخمسين:* ... ..!! ...
-في الخامسة والخمسين:* كان حفل تقاعدي وخروجي من هذه الحياة وحيدة إلاّ من شهادات التقدير ودروع التكريم .. وسجل حافل ... حافل بالعطاء .. .. وأجيال... تلي ... أجيال ...
..تصفق ...
كلهم يصفقون .....
إلاّ .. واحدة ....

............................
......لم تكن هذه المرة ....
إلاّ .. أنا....
إلاّ .. أنا .... ؟؟!!!!!



للكاتبة السعودية : أميمة البدري
بتاريخ : 01 - 09 - 2011

طارق الأحمدي 09-02-2011 05:11 PM

رجـــــل الظـــــــل




أنا رجل يخاف ظله, ويكره النور, يكره النور ويحاول قدر استطاعته تجنبه, فأنا أخشى أن يعرف أحدهم ذلك, رجل ظله حصان.. ذلك هو أنا, الوحيد الذي لا يشبهه ظله.. دائما ما أفكر حين حضور وليمة: (ماذا لو أقف الآن في وسط هذا المجلس, فنظر أحدهم للجدار الذي سيقف على طرفه ظلي, ماذا ستكون ردة الفعل؟)..

كنت كل يوم أستيقظ فيه أنظر أولا له, متمنيا أن يعود ظلي لطبيعته, متمنيا لو كان ظلا لفأره, أو ظلا لدودة, صغير الحجم, لا يلاحظه أحد, أو حتى لو كنت بلا ظل.

أذكر أول مرة حينما اكتشفت ذلك, وكان حينها عمري تسع سنوات, أتسابق مع رفقتي, عندها أخذت منحنيا من الطريق الضيق الذي يضيئه مصباح وحيد, فالتفت للجدار الذي يركض عليه حصان أسود محاذ لي بشكل متواز.. فتلفت حولي أبحث عن حصان أبكم الحوافر.. أصابني الفزع, ووقفت مذهولا وحدي, والخطوات العاديات من الرفقة تتعداني, كنت وقتها أفكر بذلك الشيطان الذي نجح بإخافتي, وذهبت أحكي لأصدقائي المحتفلين بالنصر علي, عن ذلك الحصان الذي وقف ينظر إلي.. ليبدأ بعدها هاجسي بمراقبته, فقد أدركت أنه عار سيظل ملتصقا بي.. الوحيدة التي تفهمت ذلك هي أمي رحمها الله, وحينها هدأت من روعي- رغم قلقها من تلك البقع الحمراء, التي بدأت تظهر على جلدي من ذلك الحين, وتتنقل في مختلف أنحاءه-.. نظرت إلي مبتسمة, وأخبرتني بأن ظلها كان مختلفا أيضا, وأنه كان غزالا, واختفى حينما كبُرَت.. ولكني كبرْت, كبرتُ, ولم يختفِ.. أصبح خوفي يزداد, وخصوصا من تلك الأمكنة التي تكثر فيها المصابيح كالملاعب والأعراس, أتخيل نفسي, وأنا تحت مجموعة من الأنوار, وأربع أحصنة حولي, إنه كابوس مخيف..

ذلك سبب عزوفي عن الزواج, فمن تلك التي ستقبل برجل ظله كظلي, بذلك الذي سيبدو في ليلة كتابة عقدها حصانا تُلبسه خاتم زوجها, بالتأكيد سيهز صراخها الأرجاء, قبل أن يصمت للأبد.

أتذكر آخر يوم كنت قريبا فيه من الناس.. كنت وقتها أتناول العشاء في مطعم صغير بعيدا عن بيتي, وحينها لاحظ النادل ظلي, ظل حصان يلتهم همبرقر, وذلك ما سبب فزعا للجميع, وبالتحديد النساء والأطفال الذين خرجوا جماعات مزدحمة من الباب.. لا أعرف لماذا!, لقد كان مجرد ظل!!!.

مازلت أرى ذلك الحلم, على فترات متعددة, ذلك الذي أرى فيه حصانا أبيض حزين, له ظلي, المكان سيرك كبير, والجمهور المندهش يضحك عليه, وهو يأكل من تبن, شعرت أن الجمهور يضحك علي, وأن ضربات السوط كانت تؤذيني, وتؤلمني أنا.

هناك مكانان فكرت فيهما كثيرا, أولهما البحر, ففي الماء تختفي الظلال, ولكن للأسف, كدت أغرق, فما أعدت الكرة, والمكان الآخر الذي ذهبت إليه مزرعة ابن خالتي, حيث لديه قطيع من الخيول, شعرت أني طبيعي هناك, ولعل وعسى يضيع ويتوه ظلي مع تلك الظلال التي تشبهه, الذي استغربته هو الشعور المتقارب المتبادل بيني وبين تلك الخيول. شعرت بأني خيال محترف حينما ركبت أحدها, ولكن تلك السعادة اختفت حينما نظرت للأرض وللحصان الذي يمتطي حصانا, كان موقفا مضحكا يدعو للبكاء.

لقد كرهت الخيول بسبب ذلك.


لكني أشعر اليوم بشيء مختلف, بتحسن وخفة بعد مرور أمراض الشيخوخة.. اشتقت لرؤية حصاني, قد لا تصدقون أن ظل الحصان رغم مرور تلك السنين ما زال يرافقني كصديق مخلص, أحسست برغبة في الركض وتحمست لممارسة الجري في هذا المساء, وظلي المميز الطويل مائل أمامي, يبدو جميلا, وحميمي, كنت عند جسر العبور فوق النهر الصغير حينما توقفت قليلا.. مشيت على الجسر فتوقفت مرة أخرى, ولكن الذي أرعبني أن ظلي لم يتوقف, ورفع قامتيه عاليا, ثم اندفع بعدها يعدو منطلقا كطائر محلق, حتى نهاية نظري, وكانت تلك آخر مرة أراه فيها.




للكـــاتب : مبارك الحمـــود

بتاريخ : 10 - 07 - 2011


الساعة الآن 11:19 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team