منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الآداب العالمية. (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=38)
-   -   توماس ستيرنز إليوت (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=3595)

رقية صالح 02-10-2011 11:21 PM

توماس ستيرنز إليوت
 
توماس ستيرنز إليوت T.S. Eliot




نبذة حول الشاعر:


توماس ستيرنز إليوت T.S. Eliot 1888– 1965 م واحد من أبرز الشعراء الإنجليز في القرن العشرين. عُرف بقصائده الشهيرة أغنية حب لألفرد بروفروك؛ الأرض اليباب؛ أربعاء الرماد، ومسرحيته اغتيال في الكاتدرائية. تحرر من الأساليب الفنية والمواضيع الأساسية لشعر ما قبل الحرب العالمية الأولى.



وساعدت أشعاره وأعماله النقدية على إعادة تشكيل الأدب الأوروبي المعاصر. وفي عام 1948م حصل إليوت على جائزة نوبل للآداب.



حياته:

وُلد توماس ستيرنس إليوت في سانت لويس بالولايات المتحدة الأمريكية، ودرس في جامعة هارفارد، وفي جامعة السوربون في باريس، وفي جامعة أكسفورد في بريطانيا. وفي عام 1914 م، استقر في لندن. وفي عام 1927م أعلن أنه من الرعية الإنجليزية وأنه اعتنق المذهب الكاثوليكي، وناصر الملكية واعتمد الأسلوب الكلاسيكي في الأدب.



لفتت قصائد إليوت انتباه الشاعر الأمريكي عزرا باوند في الفترة التي كان فيها إليوت موظفاً إدارياً في أحد المصارف، فشجعه وأجرى بعض التعديلات على قصائده. نشر إليوت آراءه الأدبيّة في مجلته الأدبية الدستور بين عامي 1922 و 1939. عمل إليوت في دار نشر في لندن من عام 1925 م حتى وفاته.



أعماله:

أولى قصائده الكبرى هي أغنية حب ج. ألفرد بروبروك (1917)، وقد أظهرت أسلوبه المبـدع والمتطور. ويظهر في هذه القصيدة التأثير الفرنسي لبعض شعراء القرن التاسع عشر. ولكن استخدام إليوت للعبارات السهلة بدل اللغة المنمّقة، والتلميحات الأدبية غير المباشرة، وأسلوبه الساخر والمتشائم أضاف صفات جديدة إلى الشعر الإنجليزي.



وقد أحدثت قصيدة بروفروك القليل من الضجة في الأوساط الأدبية الغربية. إلا أن الأرض اليباب أحدثت ضجة كبيرة عند صدورها (1922 م). نظرإليها بعض النقاد على أنها عمل رائع، كما وصفها الآخرون بأنها مجرد خدعة. ومع أن هذه القصيدة الطويلة تتضمن العديد من التلميحات الأدبية الغامضة، بلغات أخرى، فإن اتجاهها واضح. فهي تعكس ماشاهدة إليوت في أوروبا المعاصرة من إفلاس في القيم الروحية، ومقارنتها بما كان عليه الماضي من قيم ووحدة.



أما قصيدة أربعاء الرماد 1930 م، فكانت مختلفة عن الأرض اليباب في جرس الصوت، إذ تعتبر موسيقية، وفي صيغة الفعل فهي أكثر مباشرة وتقليدية وهي محاولة ناجحة كقصيدة دينية.


أما قصيدته الأرباع الأربعة وهي آخر قصيدة كتبها، فهي تحتوي على الكثير من المعاني الدينية العميقة والجميلة، وتحتوي كذلك على تأملات للزمن والديمومة. وهي مؤلفة من أربعة أقسام بيرنت نورتون (1936 م)؛ إيست كوكر (1940 م)؛ الاستنقاذ الناضب (1941 م)، لتل جدنج (1942م) حيث كتب فيها:

إننا لا نستطيع التوقف عن الاكتشاف ونهاية ما نبحث عنه ستكون الوصول إلى نقطة البدء ومعرفة المكان لأول مرة.


كتب إليوت أيضاً بعض المسرحيات، كانت مسرحية اغتيال في الكاتدرائية (1935 م) أولاها. وكانت قائمة على موضوع موت توماس بيكت. أما حفلة الكوكتيل (1950 م)، فبدت كأنها مسرحية هزلية ناجحة. لكنها في الحقيقة عمل ديني وصوفي بحت. ومن بين مسرحياته الأخرى: اجتماع عائلة 1939 م، الكاتب السري (1954)م.



طبعت مجموعة إليوت القصائد الكاملة والمسرحيات (1909-1950 م) في عام 1952 م.


عدد القصائد(7).


المصدر: الموسوعة الشعرية للآداب العالمية

رقية صالح 02-10-2011 11:25 PM



الأرض اليباب



مقتطف من القصيدة



دفن الموتى




نيسان أقسى الشهور يخرج



الليلك من الأرض الموات



يمزج الذكرى بالرغبة يحرّك



خامل الجذور بغيث الربيع



....



الشتاء دفأنا يغطي الأرض



بثلج نساء يغذي حياة



ضئيلة بدرنات يابسة



الصيف فاجأنا ينزل على بحيرة



ستارنبركر بزخة مطر



توقفنا بذات العمد



....



ثم واصلنا المسير إذ طلعت الشمس



فبلغنا الهوفكارتن وشربنا القهوة



ثم تحدّثنا لساعة



ما أنا بالروسية بل من ليتوانيا



ألمانية أصيلة



ويوم كنا أطفالاً نقيم عند الأرشيدوق



ابن عمي أخذني على زلأّقة



فأصابني الخوف قال ماري



تمسكي بإحكام وانحدرنا نزولاً



في الجبال يشعر المرء بالحرية



اقرأ معظم الليل



وأنزل الجنوب في الشتاء



....



ما هذه الجذور المتشّبتة أية غصون تنمو



من هذه النفايات المتّحجرة يا ابن آدم



أنت لا تقدر أن تقول أو تحزر



لأنك لا تعرف غير كومة من مكسّر الأصنام



حيث الشمس تضرب والشجرة الميتة



لا تعطي حماية ولا الجندب راحة



ولا الحجر اليابس صوت ماء



ليس غير الظل تحت هذه الصخرة الحمراء



تعال إلى ظل هذه الصخرة الحمراء



فأريك شيئاً يختلف عن ظلّك في



الصباح يخبّ وراءك أو ظلّك في المساء



ينهض كي يلاقيك



لسوف أريك الخوف في حفنة تراب




ترجمة : حواء سعيد


رقية صالح 02-10-2011 11:28 PM





زمن التوتر *



أين تكون الكلمة، أين تدوّي


هنا في البحر، في الجُزر، على اليابسة


في أرض المطر، أو أرض الرمل


هنا، لا صمت يكفي أولئك الذين يسيرون


آناء النهار وآناء الليل


الزمن الصحيح غائب والمكان الصحيح غائب


....


ما تزال الأشرعة البيض تتجه نحو البحر


ونحو البحر تطير أجنحة غير مكسورة


وإلى العُصيان تُسرع الروح الضعيفة


وأصوات البحر الضائعة


ويُسرع الليّلك الضائع


....


و تُخلق العينُ العمياء


أشكالاً فارغة بين الأبواب العاجية


وتسترجع المالح للأرض الرملية


هذا هو مكان الوحدة


حيث تعبر الأحلام بين الصخور الزرق


هذا هو زمن التوتر


بين الموت والولادة


....



* مقتطف من القصيدة، من مجموعته الشهيرة /زمن التوتّر/


Age of Anxiety, T. S. Eliot



ترجمة: حواء سعيد


رقية صالح 02-10-2011 11:31 PM







مارينا



ما البحار وما السواحل ما الصخور المكفهرة ما الجزر


ما الماء يحتضن السفينة


وشذا الصنوبر وغناء الطائر البريّ في وسط الضباب


ما إيابات الصور


يا ابنتي


الـ يشحذون ناب الكلب، يقصدون


الموت


الـ يبهرجون بهاء الطائر الطنّان، يقصدون


الموت


الـ يقعدون على قذارات القناعة، يقصدون


الموت


الـ يكابدون نشوة الحيوانات، يقصدون


الموت


أصبحوا ضعفاء، أوهنتهم الريح


همس الصنوبر، وشدو الضباب


ذابا بهذا الفضل في المكان


ما الوجه هذا، أقلّ إشراقاً وأصفى


نبض الذراع، أوهى وأقوى


أعطية هو أم مُعار؟ أقصى من الأنجم .. أدنى من العين


الهمس والضحك الخفيض بين الأوراق والأقدام العجلة


تحت السبات، حيث تتلاقى كلّ المياه


الثلج يكسر عمود منقار السفينة والحرارة تبدد الألوان


صنعت هذا، ولقد نسيت


وتذكرت


الحبال الضعيفة والأشرعة المهترئة


بين يونيو وسبتمبر آخر


عملت هذا دون إدراك، شبه واع، دون إدراك لنفسي


ثقب السفينة يرتجي سدا


بهذا الشكل، هذا الوجه، هذي الحياة


أعيش في دنيا من الوقت فوقي؛ دعيني


أُسلّم عمري لهذي الحياة، لغتي لما لا يقال


للمتيقظين، للشفاه المتجافية، للرجاء، للسفن الجديدة


ما بالبحار وما السواحل ما جزر الصوان عند غاباتي


وغناء الطائر البري ما بين الضباب


يا ابنتي




ترجمة : حسن الصلهبي




رقية صالح 02-10-2011 11:36 PM







مُقدّمات



I



المساءُ الشّتائي يستريح


برائحةِ الستيكِ في الممرَّاتِ


السّاعةُ السّادسة


النّهاياتُ المُحترقة للأيام المُدخّنة


والآن ينهمر دُشٌّ عاصف


النّفاياتُ الوسخة


للأوراق الذّاوية حول قدميك


وصُحُف عَن أقدار خاوية


زخات الدشّ تَرُش


على الستائرِ الفاسدة وقدورِ المدخنةِ


وفي زاويةِ الشارعِ


حصان أجرة وحيدِ يَتبخّرُ وينْطفئ


بعد ذلك تضيءُ المَصابيحِ




II


الصباحُ يستعيد وعيه


في روائح البيرة تفوحُ شاحِبة موهنة


من شارع موطأ نشارة الخشَب؟(1)


وبتلك القدم الموحلة التي تَختُم


حتّى طاولات القهوة المبكّرة


مع التنكّر للآخر


ذاك الذي يستهلّه التوقيت


أحدُنا يتأمّل كل تلك الكفوف


التي ترفع ظلالاً قذرة


في ألف غُرفة مُؤَثَّثة




III


رَميْتَ بطّانية من السّرير


وارتكزت على جِذْعك، وانتظرْت


نعسْت، وشاهدْتَ الليلَ يُفشي


الألفَ صورة قذرة


لما تقمَّصْتّه روحك سلَفاً


خفقت باتجاه السّقف


وحينما عادَ العالمُ قاطبة


وانسلّ الضوءُ من بين الدرَفات


وسمِعْت الزقزقات في البالوعات


سيكونُ لديك تلك الرؤية عن الشّارع


بينما الشّارع بالكاد يستوعب


أن تجلِسَ على طول حافةِ السريرَ


حيث ضَفَرْتَ الصُحُفَ مِنْ شَعرِك


أَو علّقت حفى قدَمك الصفراءَ


في نَخيلِ يديّك الملطّختين




IV


اُرخيَت روحه بشدّة عبر السماءِ


تلك التي تَخْفُت خلف كتلةِ مدينة


أَو لعلّها سُحِقَت بأقدامِ لحوحة


عند الرّابعة والخامسة والسّاعة السّادسة


وأصابع مربّعة قصيرة تَحْشو الأنابيب


وصُحُف مسائية، وعيون


متيقّنة من افتراضات محدّدة


الضّمير لشارع ينفُدُ بالقنوط


لن يتريّث ويتوقّع العالم


انني أحومُ بالصّخب الذي انفتِل


حول هذه الصورِ، وتَدَلّى:


النّزوةُ لسرمديّة رقيقة


سرمديّة عناء لن يفنى


كَفْكِف شِفاهك براحةِ يدك، واضحَك


تدُورُ العوالَمُ مثل امرأة أزليّة


تكوّم الوقود في الأقدار الخاوية



______________



* T.S. Eliot/Preludes/1917 -T. S. Eliot, Prufrock and Other Observations London: The Egoist, 1917- 1917 Fisher Rare Book Library.


(1) نشارة الخشب كانت تستخدم لتنظيف الأرضية




ترجمة: شريف بُقنه الشهراني



رقية صالح 02-10-2011 11:40 PM




الرباعيات الأربع


نورتون المحترقة (i)


1


ربما كان الزمن الحاضر والزمن الماضي


حاضرين فى مستقبل الزمن


فالماضي يحتوي المستقبل


إذا كان الزمن الماضي حاضراً أبدا فلم يكن ليستعاد


ولبقى ما يمكن أن يكون


احتمالاً سرمدياً مجرداً


فى عالم من التكهنات


ما يمكن أن يكون وما كان


يشيران إلى نهاية واحدة، هي الحاضر دائماً


تتردد أصداء خطى في الذاكرة


على الطريق الذي لم نسلك


ونحو الباب الذي لم نفتح أبداً


فى حديقة الورود تتردد كلماتي فى عقلك هكذا


ولكن لماذا نثير الغبار على آنية من بتلات الورد؟


لا أدري


أصداء أخرى تسكن الحديقة، هل نتبعها؟


قال الطائر: أسرعوا والحقوا بهم .. الحقوا بهم


وراء الناصية، من الباب الأول


إلى العالم الأول.. هل نتبع خداع البلبل فى عالمنا الأول؟


ها هنا كانوا مختبئين


يتحركون بلا ثقل على الأوراق الجافة


فى قيظ الخريف


اذهبوا .. اذهبوا .. اذهبوا


قال الطائر، فالإنسان لايستطيع احتمال كثير من الحقيقة


الزمن الماضي والزمن المستقبل


ما كان يمكن أن يكون وما كان


يشيران إلى ذات النهاية، والتي هي الحاضر دائماً



يتبع
.
.

رقية صالح 02-10-2011 11:45 PM





2


الثوم والزمرد في الطين


في حنايا جذور شجرة الأكسل


والدودة التي تزغرد في الدماء


وتغني تحت الندوب القديمة


تهيج حروباً عفا عليها النسيان


الرقصة على طول الوريد


ودورة الألياف


محسوبة في مسار النجوم


نصعد إلى الصيف في الشجرة


ونتحرك فوق الشجرة المتحركة


في الضوء على الأوراق


ونتسمع على الأرض الرخوة


تحت الدب والدب الأكبر


يتبعان مسارهما كما كانا أبداً


لكنهما متصالحان بين النجوم


عند النقطة الثابتة من العالم الدوار


لا بالبدن ولا بدونه


لا من ولا إلى، في النقطة الثابتة ها هي الرقصة


ولكن لا السكون ولا الحركة، ولا تسمها الثبات


حيث يجتمع الماضي والمستقبل، لا حركة منها ولا إليها


لا هو الصعود ولا الهبوط، فيما عدا النقطة


النقطة الثابتة


لارقصة هناك، وما هناك سوى الرقصة


أستطيع فقط أن أقول ها هناك كنا


ولكني لا أستطيع أن أقول أين


ولا أستطيع حتى أن أقول متى


لأن هذا يعين مكانها في الزمن


الحرية الداخلية من الرغبة الجزئية


التحرر من الحركة والمعاناة


تحرر من الجبر الداخلي والخارجي


إلا أنني محاط بلطف في الحواس


ضوء أبيض ساكن متحرك


تسام بلا حركة، تركيز بلا استبعاد


عالم جديد والعالم القديم معا


اتضحا وفهما


فى اكتمال لذته الجزئية


وإصرار رعبه الجزئي


إلا أن ارتباط الماضي بالمستقبل


منسوج في ضعف الجسد المتغير


ليحمي الإنسان من السماء واللعنة


والتي لا يستطيع الجسد احتمالهما


الزمن الماضي والزمن المستقبل


لا يسمحان سوى بوعي قليل


فالوعي خروج عن الزمن


ولكن فى الزمن فقط يمكن أن نتذكر


اللحظة في حديقة الورود


واللحظة التي تدب فيها الأمطار على الشجيرة


واللحظة في الكنيسة الخالية عندما يسقط الظلام


ونرتبط بالماضي والمستقبل


فلا يفل الزمان إلا الزمان




يتبع
.
.

رقية صالح 02-10-2011 11:49 PM





3



هنا حيث لا تعاطف


ما فات من الزمان وما يأتي


في ضوء داكن


لا هو ضوء النهار


يستثمر الشكل في سلام ساكن


ويحول الظلال إلى جمال زائل


بدوران بطئ يوحي بالثبات


ولا هو ظلام ينقي الروح


ويفرغ الحسي بالحرمان


ويطهر التعاطف من المؤقت


لا هو بالامتلاء ولا بالفراغ، ولكنها ومضة


على الوجوه التى أجهدها الزمن


لاهية عن الذهول بالشرود


مليئة بالأوهام فارغة من المعنى


كآبة ضالة بلا تركيز


ناس وقصاصات أوراق


تلهو بها الريح الباردة


التى تهب قبل الزمان وبعده


زفير وشهيق رئات مريضة


ما مضى من الزمان وما يأتي


تجشئات أرواح سقيمة


في الهواء الناحل المكتوم


تسوقها الرياح التي تجتاح تلال لندن الكئيبة


هامستد وكليركنويل وكامبدن وبوتني


هايجيت وبريمروز ولودجيت


ليس هنا، ليس هنا الظلام في ذلك العالم الساقط


تهبط فقط، هبوطاً إلى عالم من الوحدة الدائمة


عالم ليس هو العالم، ولكن ذلك الذي ليس بعالم


ظلام داخلي وحرمان


وتجرد من كل ملكية


انهيار عالم الحواس


وابتسار عالم الخيال


وتعطل عالم الروح


هذا طريق، والطريق الآخر


هو نفس الشيئ، ولكن لا في الحركة


بل في الامتناع عن الحركة حين يدور العالم


في شهوة على طرائقه المعدنية


في الزمن الماضي والزمن الحاضر




يتبع
.
.


رقية صالح 02-10-2011 11:54 PM






4



الوقت والجرس شيعا النهار


وحملت السحابة السوداء الشمس بعيداً


هل تنظر إلينا زهرة العباد


وهل ينحني إلينا الأقحوان عطراً نضيراً؟


صقيع..


هل تنحني علينا مخالب الصنوبر؟


بعد أن خفق جناح الملك الصياد


وأجاب ضياءاً بضياء، ثم صمت وسكن الضوء


فى النقطة الساكنة من العالم الدائر




5


تتحرك الكلمات، وتتحرك الموسيقى في الزمن فقط


ولكن ذلك الذي يعيش لايملك سوى أن يموت


الكلمات بعد مقالها تصل عبر السكون


ولكن بالشكل فقط يمكن للكلمات أو الموسيقى أن تصل إلى السكون


مثل آنية صينية تتحرك في سكونها إلى الأبد


لا مثل سكون الكمان بينما تستمر النغمة


ليس ذلك فقط، ولكن الوجود المشترك


أو قل أن النهاية تسبق البداية


والبداية والنهاية كانا هناك أبداً


قبل البداية وبعد النهاية


وكلاهما دائماً الآن


الكلمات تجهد، وتتشقق، وأحيانا تنكسر


تحت التوتر، وتقع وتنزلق وتهلك وتهترئ بالركاكة


ولن يبقى مكانها سوى أصوات صارخة تجتاحها دائما


تحتقر وتتهكم، أو مجرد أن تثرثر


والكلمة فى الصحراء أكثر عرضة لهجوم أصوات الإغراء


الظل الباكي في رقصة الجناز


وعويل الغولة الحزينة


الحركة تفاصيل النموذج


كما في شكل السلالم العشر


الرغبة ذاتها حركة ليست مرغوبة في ذاتها


إلا أنها سبب الحركة وغايتها


لا زمنية ولا راغبة سوى في جانب الزمن


حين تتجمد في تحدد شكلي بين الكينونة والعدم


فجأة في ضوء شعاع الشمس؛ يثور الغبار


وترتفع الضحكة المختبئة للأطفال في الخمائل


سريعاً.. الآن.. هنا.. الآن.. دائماً


يبعث على الأسى ذلك الزمان المضيع الحزين


الذي يمتد من قبل ومن بعد


شرق كوكر (ii)




يتبع


.


.



رقية صالح 02-10-2011 11:59 PM

1




في بدايتي نهايتي



المنازل تتابع ارتفاعاً وسقوطاً وتكسراً



توسع أو تنقل أو تهدم أو ترمم



أو يحتل مكانها حقل أو مصنع أو طريق



يؤول الحجر القديم إلى مبانٍ جديدة



والخشب القديم إلى نيران جديدة



والنيران القديمة إلى تراب



والتراب إلى الأرض



والتي قوامها اللحم والفراء والبراز



وعظام الإنسان والحيوان



وأعواد الذرة والأوراق



المنازل تحيا وتموت



حيث هناك زمن للبناء



وزمن للحياة والتناسل



وزمن تكسر فيه الريح الزجاج السائب



وتهز كسوة الحائط الخشبية حيث يرتع فأر الغيط



وتهز الستار الممزق المطرز بحكمة صامتة



في بدايتي نهايتي



والآن، يسقط الضوء



عبر الحقل المكشوف بعد أن تركنا الطريق المتوغل



محتجباً بالفروع مظلماً في الأصيل



حيث تضطجع على جسر بينما تمر عربة



ويستمر الطريق في الاتجاه نحو أعماق القرية



منوماً في الضباب الدافئ وحرارة الكهرباء



يمتص الضوء الحار الرطيب



لا تعكسه الأحجار الرمادية



وتنام الداليات في صمت فارغ



في انتظار البومة المبكرة



في ذلك الحقل المفتوح



إذا لم تقترب كثيراً، إذا لم تقترب كثيراً



في منتصف ليلة صيف



يمكنك أن تسمع الموسيقى



الناي الخافت والدف الصغير



وتراهم يرقصون حول النار



خليطاً من الرجال والنساء



في رقصهم يرمزون إلى الزواج



طقساً مهيباً ومريحاً



إثنان اثنان يتصلان



يتماسكان بالأيدي أو بالأذرع



يمسك أحدهما الآخر رمزاً للتوحد



يقفزون فوق النار أو يتصلون في حلقات



في وقارهم الريفي وضحكاتهم الريفية



يرفعون أقداماً ثقيلة في أحذية كئيبة



أقدام من الأرض، أقدام من الطين



ترتفع في مرح الريف



مرح أولئك الذين يرقدون تحت التراب



من قديم الأزل يغذون الذرة ويحفظون


المواعيد



ويحافظون في رقصهم على الإيقاع



مثلما كانوا يفعلون في حياتهم في فصول الحياة



في زمن الفصول والأبراج



في زمن الحليب والحصاد



في زمن تزاوج الرجل والمرأة



وزمن الحيوانات



أقدام ترتفع وتهبط



تأكل وتشرب



تتبرز وتموت



يبزغ الفجر ويوم جديد



يستعد للحرارة والصمت



ورياح الفجر بعيداً على صفحة البحر تنزلق وتتجعد



أنا هنا، أو هناك، أو في أي مكان آخر



في بدايتي




يتبع

.
.

رقية صالح 02-11-2011 12:04 AM



2



ماذا يفعل الخريف المتأخر مع اضطرابات الربيع


ومخلوقات حرارة الصيف


وقطرات الجليد تئز تحت الأقدام


وصقور رمادية حمراء


تحوم عالياً ثم تهوي


والزهور المتأخرة مع الجليد المبكر؟


تدور البروق مع الأنجم الدوارة


تتشبه بمركبات الإنتصار


منتشرة في حروب الكواكب


العقرب يصارع الشمس حتى تهبط الشمس والقمر


وتبكي النيازك ويطير الأسد صائداً السماء والسهول


طائراً في زوبعة ستأخذ العالم إلى تلك النار المحرقة


التي تشتعل قبل أن يسود الجليد


كانت هذه طريقة في القول؛ ليست مرضية تماماً


دراسة هامشية في إطار شعري بال


تترك المرء فى صراع لا يحتمل مع المعانى

والكلمات


لا يهم الشعر، ولم يكن (لو بدأنا مرة أخرى)


ما كان المرء يتوقع


فماذا يجب أن تكون قيمة ما تعلق به الأمل طويلاً


من الهدوء والسلام الخريفى وحكمة

العمر؟


هل خدعونا أم خدعوا أنفسهم كبار السن ذوى الصوت الهادئ؟


هل أورثونا مجرد خدعة؟


ولم يكن السلام سوى ذل متعمد


ولا الحكمة سوى معرفة الأسرار الميتة


لا تفيد في الظلام التي تتلصص فيه


هناك يبدو لنا في أفضل الأحوال مجرد قيمة محدودة


في المعرفة المستفادة من الخبرة


حيث تفترض المعرفة إطاراً للتزييف


والإطار جديد في كل لحظة


وكل لحظة تقييم جديد مذهل لكل ما كنا


والأمر الوحيد الذي لم ننخدع فيه


هو ذلك الذي لم يعد الخداع يضر به


في المنتصف


ليس فقط في منتصف الطريق


ولكن طوال الطريق


في غابة مظلمة أو خميلة


أو على حافة هاوية حيث لا مستقر أمين لقدم


حيث تتهدده الغيلان والأضواء الباهرة والمتعة والمخاطرة


لا تحك لي عن حكمة كبار السن بل عن حماقتهم


وخوفهم من الخوف والجنون، وخوفهم من التملك


ومن الإنتماء إلى آخر أو آخرين أو الله


الحكمة الوحيدة التى نأمل فى اكتسابها


هي حكمة التواضع


فالتواضع لانهائي


المنازل جميعاً راحت تحت الجبل


الراقصون جميعاً راحوا تحت التل




يتبع
.
.



رقية صالح 02-11-2011 12:08 AM





3



أيها الظلام الظلام الظلام


كلهم يروحون في الظلام


في الفضاء الخالي ما بين النجوم


الفراغ في الفراغ


القباطنة ورجال البنوك ورجال الكلمة المرموقين


ورعاة الفن الكرماء ورجال الدولة والحكام


وكبار رجال الحكومة ورؤساء عديد من اللجان


وسادة الصناعة وصغار المقاولين


كلهم يروحون في الظلام


وظلام هي الشمس والقمر والتقويم


وجريدة البورصة ودليل المديرين


وتبرد الحواس ويضيع الدافع إلى الحركة


ونذهب جميعاً معهم في الجناز الصامت


جنازة لا أحد؛ فليس هناك من يدفن


وقلت لروحى اسكني ودعي الظلام يحل عليك


والذى سوف يكون ظلام الله


كما في مسرح عندما تخفت الأضواء بحفيف أجنحة جوفاء


وحركة الظلام على الظلام


ونعلم أن التلال والاشجار والخلفية البعيدة


والواجهة الجريئة المؤثرة تلتف جميعاً ليتغير المشهد


أو كما في قطار حينما يتوقف طويلاً في النفق بين محطتين


ويرتفع الحوار؛ وبطيئاً يتلاشى إلى السكون


وخلف كل وجه يتزايد عمق الفراغ الفكري


لايترك سوى الرعب النامي من عدم التفكير في شيء


وقلت لروحي اسكني وانتظري بلا رجاء


فالرجاء قد يكون رجاء أمر خطأ


وانتظري بلا حب


فالحب قد يكون حب شئ خطأ


لكن؛ مازال هناك الإيمان


إلا أن الإيمان والحب والرجاء جميعاً في الإنتظار


انتظري بلا فكر، فلست على استعداد للفكر


وهكذا يتحول الظلام ضوءاً والسكون رقصاً


همسات الغدير الجاري وبروق الشتاء


التوت البري مختفياً والفراولة البرية


والضحكة في الحديقة متعة تتردد


ليست ضائعة ولكن متطلبة


تشير الى ألم الولادة والموت


تقولون أنني أكرر أمراً قلته من قبل


سوف أقوله ثانية


هل أقوله ثانية؟


حتى تصل إلى هناك


حتى تصل إلى حيث أنت وتأخذ من حيث لا تكون


يجب أن تذهب في طريق لامتعة فيه


حتى تصل إلى ما لا تعرف


عليك أن تذهب في طريق الجهل


حتى تمتلك ما لا تحوز


عليك أن تذهب في طريق التخلي


حتى تصل إلى ما ليس بذاتك


عليك أن تذهب في طريق لست فيه ذاتك


وكونك لا تعرف هو الشئ الوحيد الذي تعرف


وما تملك هو ما لا تملك


وحيث تكون هو حيث لا تكون




يتبع
.
.

رقية صالح 02-11-2011 12:14 AM




4



الجراح الجريح يعد المبضع


الذي يبتر به العضو المريض


ونشعر تحت الكفوف الدامية بعمق التعاطف وفن الشفاء


يحلان عقدة ارتفاع الحمى


صحتنا الوحيدة هي المرض


لو أطعنا الممرضة المحتضرة


التى لا تسرنا رعايتها الدائمة


بل تذكرنا بلعنتنا ولعنة آدم


ولا شفاء منها سوى بالسقوط في المرض


الأرض بأجمعها مستشفانا


يرعاها الميليونير المفلس


نفعل خيراً لو متنا


من فرط الرعاية الأبوية


والتي لن تعتقنا بل تحبطنا في كل مكان


يرتفع الصقيع من الأقدام إلى الركب


وتغني الحمى في شعاب العقل


من أجل الدفء لا مناص من التجمد


والرجفة في لهيب مطهر مقرور


شعلته الورود ودخانه البرار


الدم النازف شرابنا الوحيد


واللحم الدامي طعامنا الفريد


بالرغم منهما نحب أن نعتقد


أننا دم ولحم سليم


ثم نسمي هذه جمعة مقدسة




5



ها أنذا في منتصف الطريق بعد عشرين عاماً


عشرون عاماً شديدة الضياع


سني ما بين الحربين


أحاول أن أتعلم استخدام الكلمات


وكل محاولة بداية جديدة تماما


ونوع مختلف من الفشل


لأن المرء لم يتعلم سوى أن يأتي بأحسن الكلام


لقول ما لم يعد مضطراً لقوله


أو الطريقة التى لم يعد مضطراً لقوله بها


وهكذا فكل مغامرة جديدة بداية


وحرب على ما لا يقال


بأدوات رثة غالباً ما نؤخر


في الاضطراب العام للمشاعر المختلطة


وجحافل العواطف الهوجاء


وما كان يهزم بالقوة أو بالخضوع


قد اكتشفه بالفعل رجال


لا نستطيع أننأمل في تقليدهم


ولكن لا منافسة هناك


وليس هناك سوى الصراع لاسترداد ما فقد


ووجد وفقد مرة بعد أخرى


الآن في ظروف لا تبدو مرضية


ولكن لا يهم المكسب ولا الخسارة


وليس هناك سوى المحاولة


والبقية ليست من شأننا


البيت حيث يبدأ المرء


وكلما أوغلنا في العمر


تزداد غرابة الدنيا وتتعقد الأحوال


بالموتى والأحياء


لا اللحظة الحاسمة منفصلة لا قبل لها ولا بعد


ولكن حياة كاملة تحترق في كل لحظة


وليست حياة رجل واحد فقط


بل حياة أحجار قديمة لم تحل رموزها بعد


هناك زمن للمساء تحت ضوء النجوم


وزمن للمساء في ضوء القنديل


(المساء الذي تمضيه مع ألبوم الصور)


حين يكون الحب أقرب إلى حقيقته


حين تنتهي أهمية الزمان والمكان


يحسن بكبار السن أن يكونوا مستكشفين


لا أهمية لهنا أو هناك


فيجب أن نتحرك أبداً نحو وجود أكثر تركيزاً


نحو اتحاد أوثق وتوحد أعمق


في بيداء مظلمة وفراغ بارد


حيث تهدر الموجة وتصفر الريح


على المياه الشاسعة


مياه النورس والحوت


في بدايتي نهايتي





يتبع
.
.

رقية صالح 02-11-2011 12:19 AM





جيدنج الصغيرة (iv)


1



فصلها ربيعي نصف شتوي


سرمدي ولكن مبتل قبل المغيب


ممتد على الزمن بين قطب واستواء


حين يكون اليوم القصير على أشده فى لمعان الصقيع والنار


والشمس المختزلة تلهب الجليد على البرك والنقر


في برد لا ريح فيه هو حرارة القلب


عاكساً في مرآة مائية


ومضة كالعمى في الأصيل المبكر


وتألق أكثر تركيزاً من وهج الفروع أو أشد


يحرك الروح الخرساء؛ لاريح بل لهيب العنصرة


يرتعد غمد الروح في أوقات الظلام من العام


بين الانصهار والتجمد


حيث لا رائحة للأرض ولا رائحة للأشياء الحية


هذا زمن الربيع؛ ولكن ليس في حدود الزمن


الخميلة الآن تبض ساعة ببراعم فانية من الجليد


لا هي تزهر ولا هي تذبل


وليست من النوع المتكاثر


أين الصيف؛ صيف ما قبل البداية


الذي لا يصل إليه خيال


إذا أتيت من هذا الطريق


متخذاً الدرب الذي قد تتخذه


من المكان الذي نشأت فيه


إذا أتيت من هذا الطريق فى مايو


فسوف تجد الخمائل بيضاء مرة أخرى


مايو ذا الحلاوة الآسرة


وسوف تكون نهاية الرحلة


هي ذاتها إذا أتيت ليلاً كملك منكسر


أو إذا أتيت نهاراً لا تدري ما أتيت له


فسوف تجد نفس الشئ حين تترك الطريق الوعر


وتدلف وراء حظيرة الخنازير إلى الواجهة الكئيبة


وشاهد القبر وما ظننت ما له أتيت


ليس سوى قوقعة وقشرة للمعنى


تفقس عن المعنى فقط حين يتحقق


لو أنه تحقق أبداً


(فإما أن يكون لك هدف


أو أن الهدف أبعد من النهاية التي كنت تتصور


وقد تغير في التحقق)


هناك أماكن أخرى


هي أيضاً نهاية العالم


بعضها بين فكي البحر


أو على بحيرة حالكة


أو في صحراء، أو مدينة


ولكن هذا هو الأقرب في الزمان والمكان


الآن وفي انجلترا


إذا أتيت من هذا الطريق


متخذاً أي درب بادئاً من أي مكان


في أي وقت وفي أي فصل:


فسوف يكون الأمر دائماً هو نفس الأمر


وسوف يجب عليك أن تتخلص من الحس والفكر


فلست هنا كي تحكم أو تقرر


وترضى ذاتك أو تشبع استطلاعك


فأنت هنا لتركع


حيث كانت الصلاة دائماً واجبة


والصلاة أكئر من مجرد نظام للكلمات


أو الشغل الواعي للعقل الداع


أو نبرة الصوت المصلي


وما لم يكن للموتى فيه مقال


عندما كانوا أحياء


يستطيعون أن يقولوا لك وهم أموات


إن اتصال الموتى بألسنة اللهيب


وراء لغة من يعيش


هنا؛ فاصل اللحظة اللازمنية


في انجلترا وليس في أي مكان آخر، أبداً ودائماً






يتبع
.
.


رقية صالح 02-11-2011 12:26 AM




2



رماد على كم رجل عجوز


هو كل ما خلف عن احتراق الورود


تراب معلق في الهواء


أثر موقع نهاية حكاية


تراب في لشهيق كان بيتاً


جداراً وكسوة حائط وفأر


موت اليأس وموت الأمل


هذا هو موت الهواء


فيضان وجفاف على العين وفي لفم


ماء ميت ورمال ميتة


تتصارعان لأيهما الغلبة


الأرض المقددة المشققة تفغر فاها للكادحين


وتضحك بلا مرح


هذا هو موت الأرض


المياه والنيران تتابعان


على المدن والمراعي والأعشاب


المياه والنيران تحتقران التضحية التي أنكرنا


المياه والنيران سوف تبلي ما نسينا


من الأسس الشوهاء للمحراب والترتيل


هذا هو موت الماء والنار


في ساعة الفجر الكاذب قبيل الصباح


في نهاية ليل لا ينتهى


وعند عودة نهاية ما لا نهاية له


بعد أن مرت الحمامة السمراء


رفرافة الهديل تحت أفق مآبها


بينما تصلصل الأوراق


الميتة كالصفائح فوق الإسفلت


حيث لا يسمع صوت آخر


بين ثلاثة مناطق يرتفع الدخان


حيث قابلت واحداً مهرولاً متسرعاً


كما لو كان يهب على كالأوراق المعدنية


لايقاوم رياح الفجر


وفي الوجه الذى ألقاه الفجر


حملقت بذلك التطلع الشائك


الذي نتحدى به أول غريب


نقابله لحظة الغسق المتلاشي


ولمحت نظرة خاطفة لأحد الاساتذة الموتى


والذي كنت أعرفه ونسيته وأكاد أذكره


كواحد وجماعة معاً


في الملامح الملوحة السمراء


تطل عينا شبح مألوف وغير معروف


وهكذا لعبت دوراً مزدوجاً وصحت


وسمعت صوتاً آخر يصيح "ماذا .. أأنتهنا؟"


ومع أننا لم نكن


فقد كنت بالرغم من ذلك أعرف أنني شخص آخر


وهو وجه مازال يتكون


إلا أن الكلمات كفت


لكي تجبر على التعرف الذى سبقته


وهكذا؛ مواكبة للرياح المشتركة


ونحن شديدي الغربة على أحدنا الآخرلسوء الفهم


مجتمعان عند ذلك الزمن الفاصل باللقاء في لا مكان


بلا قبل ولا بعد خطونا الرصيف في دورية ميتة


قلت "إن العجب الذى أحس سهل


إلا أن السهولة هي سبب العجب، فتكلم إذن


وقد لا أفهم وقد لا أتذكر."


قال "لست في شوق لأستعرض فكري ونظريتي


اللتان قد نسيت، لقد خدمت تلك الأشياء


أغراضها، فدعها، وكذلك أشياؤك


وادع أن يغفرها لك الآخرون


مثلما أرجوك أن تغتفر الردئ والطيب على السواء


فقد أكلت فاكهة الموسم الماضي


وسوف يركل الحيوان الممتلئ مخلته الفارغة


لأن كلمات العام المنصرم تنتمي إلى العام الفائت


وكلمات العام المقبل تنتظر شفاها جديدة


ولكن حيث أن الطريق لاعقبات فيه الآن


أمام الروح المغتربة الهائمة بين عالمين


صارا شديدي التشابه


فإنني أجد كلمات ما ظننت أني أنطق بها


في شوارع ما ظننت أني أعود اليها


عندما تركت جسدي فوق شاطئ بعيد


حيث أن همنا كان الحديث


وقد اضطرنا الحديث إلى تنقية حوار الجماعة


وحث العقل على الاستبطان والنبوءة


فدعنى أختم العطايا المحفوظة للعمر الطويل


بأن أتوج جهود حياتك


أولاً الاحتكاك البارد للحواس المتأججة


بلا نشوة وبلا وعد


سوى مرارة تستطعم


ثمار الظل


إذ يبدأ الجسد والروح في الانشطار


ثانياً وهن الغضب الواعي على الحمق الإنساني


وتهتك الضحك على ما لم يعد يسلي


وأخيراً الألم الممزق لإعادة تقييم كل ما فعلت وما كنت


والخجل من الدوافع التي تأخر كشفها


والحذر من الأشياء التى أسئ فعلها فى ضرر الغير


ثم أن موافقة المغفلين تلدغ وتلطخ الشرف


ومن عيب إلى عيب تظل الروح الحانقة


تتخبط ما لم تستردها النار المطهرة


حيث يكون عليك أن تتحرك بالقياس مثل راقص"


كان النهار يبزغ في الشارع المشوش


تركني بما يشيه الوداع


وتلاشى مع نفخة البوق



يتبع
.
.

رقية صالح 02-11-2011 12:32 AM




3



هناك ثلاث حالات غالباً ما تبدو متماثلة


إلا أنها تختلف تماماً وهي تنمو في نفس الخميلة


الارتباط بالنفس وبالأشياء وبالأشخاص


والانفصال عن النفس وعن الأشياء


وعن الأشخاص تقوم بينها اللامبالاة


التي تشبه الآخرين مثلما يشبه الموت الحياة


الكينونة بين حياتين لا ازدهار فيها


بين العوسج الحي والميت


هذه فائدة الذاكرة للتحرر لا بعدم الحب بل بانتشاره


حباً وراء الرغبة


ثم أن التحرر من المستقبل كالماضي أيضاً


وهكذا يبدأ حب الوطن كارتباط بحقل نشاطنا


وتنتهي إلى أن النشاط قليل الأهمية


ولكنه لا يصاب أبداً باللامبالاة


قد يكون التاريخ استعباداً


وقد يكون التاريخ حرية


انظر؛ الآن ها هم يختفون


الوجوه والأماكن مع الذات التي أحبتهم قدر استطاعتها


لتصير متجددة متحولة في نموذج آخر


الخطيئة ملزمة


ولكن كل شئ سيكون على ما يرام


وسوف تسير الأشياء على طرائقها


إذا فكرت ثانيةً في هذا المكان


وفي الناس غير المعروفين


وليسوا من ذوي القربى أو من نفس النوع


ولكن بعض العبقريات الغريبة


مستهم جميعاً عبقرية واحدة


متوحدين في الصراع الذي قسمهم


لو أنني فكرت في ملك ساعة الغسق


وثلاث رجال أو أكثر على المشنقة


وبعض من ماتوا منسيون في أماكن أخرى هنا وفي الغربة


ومات أحدهم ضريراً هادئاً


لماذا نحتفل بأولئك الميتين بأكثر ممن يموتون؟


لن يستوي الأمر بدق الناقوس القهقري


ولا هي ترتيلة لاستدعاء طيف وردة


نحن لا نستطيع إحياء قديم الفن ولا استعادة قديم السياسات


ولا أن نتبع طبولاً قديمة


أولئك الرجال ومن عارضهم وأولئك الذين عارضوهم


يقبلون الصمت دستوراً


ويطويهم حزب واحد


وما ورثناه عن المحظوظ فقد أخذناه من المنهزم


وما تركوا لنا هو رمز اكتمل بالموت


وكل شئ سوف يكون على ما يرام


وطرائق الأشياء سوف تسير على ما يرام


بتطهير الدوافع في أرض بحثنا



يتبع
.
.

رقية صالح 02-11-2011 12:35 AM



4



تهبط الحمامة تشق الهواء


بلهب رعب متأجج


تعلن ألسنته عن الخلاص النهائي من الخطيئة والذنب


الخطأ الوحيد أو فاليأس


كامن في الاختيار بين حطب وحطب


كى نستجير من نار بنار


من ذا الذي اخترع العذاب؟


الحب


الحب هو الاسم غير المعروف


وراء الأيدي التي نسجت قميص اللهب الذي لا يحتمل


والذي لا تستطيع قوى الإنسان أن تخلقه


إننا فقط نعيش وفقط نأمل


تأكلنا إما النار أو النار





يتبع
.
.

رقية صالح 02-11-2011 12:39 AM




5


غالباً ما تكون النهاية هي ما نسميه البداية


وصناعة النهاية هي أن نصنع البداية


والنهاية من حيث نبدأ


وكل عبارة وكل جملة صحيحة


(حيث كل كلمة في مكانها


تتخذ موقعها لسند الأخريات


لا الكلمة محجمة ولا مبهرجة


تبادل سهل بين القديم والجديد


الكلمة العامة مضبوطة بلا ابتذال


والكلمة الرسمية صريحة وليست متعالمة


والمعية جميعاً ترقص سوياً)


كل عبارة وكل جملة نهاية وبداية


وكل قصيدة شاهد وأي حركة


هي خطوة إلى النار في حلق المحيط


أو إلى حجر لا يعقل؛ وهناك حيث نبدأ


نموت مع من يموت


انظر؛ إنهم يرحلون ونحن نذهب معهم


إننا نولد مع الموتى


انظر؛ إنهم يعودون ويأتون بنا معهم


لحظة الوردة ولحظة شجرة السرو متساويتان في الدوام


وشعب بلا تاريخ لا يسترجع من الزمن


فالتاريخ نقش من اللحظات اللازمنية


وهكذا، بينما يهب الضوء في أصيل شتاء في كنيسة منعزلة


فالتاريخ الآن وانجلترا


مع سحب ذلك الحب وصوت ذلك النداء


لن نتوقف عن الاستكشاف


ونهاية كل استكشاف سوف تكون الوصول إلى حيث بدأنا


ونتعرف على المكان للمرة الأولى


خلال البوابة غير المعروفة التي نذكر


حيث بقيت آخر بقعة في الأرض لم نكتشف بعد


هي تلك الى كانت البداية


عند منبع أطول نهر


وصوت الشلال المختفي


والأطفال في شجرة التفاح


غير معروفين حيث لا يبحث عنهم أحد


ولكن مسموعين


نصف مسموعين في السكون بين هدير موجتين من البحر


سريعا، الآن، هنا، الآن، دائماً


حالة في منتهى البساطة


(لاتكلف أقل من أي شئ)


وسوف يكون كل شيء على ما يرام


وتصبح طرائق الأشياء على ما يرام


حين تلتئم ألسنة النار في ملتقى تاج اللهب


واللهب والوردة نفس الشئ





يتبع
.
.

رقية صالح 02-11-2011 12:44 AM

سالفاج الجافة (III)




The dry salvage هي في الأصل Les trois souvages، وهي مجموعة صغيرة من الصخور عليها فنار بالقرب من الشاطئ الشمالي الشرقي لكيب آن في ماساشوستس،وتنطق سالفاج بحيث تسجع مع Aswage (بسكون الجيم وتعطيشها بالعربية)،والنائح هو طوف عائم يصدر صفيراً



1




لا أعرف الكثير عن الآلهة



ولكني أعتقد أن النهر



إله أسمر قوي متبرم جامح لا يكبح



صبور إلى حد ما



عرف في أول الزمان كحدود



مفيد ولا يوثق به كناقل للتجارة



ثم مجرد مشكلة تعترض بنائي الجسور



وإذا حلت المشكلة مرة؛ كاد السكان في المدن



أن ينسوا الإله الأسمر



ولكنه ظل قاسياً



محافظاً على غضباته ومواسمه، مدمراً مذكراً



بما اختار الناس أن ينسوا، لا يكرمه ولا يسترضيه



من يعبدون الماكينات، ولكنه ينتظر، يراقب وينتظر



إيقاعه كان حاضراً في غرفة المهد



وفي صفوف الأزهار على مداخل ابريل



وفي عبق الأعناب على مائدة الخريف



وحلقة المساء حول قنديل الشتاء



النهر في داخلنا، والبحر فيما حولنا



والبحر حافة الأرض أيضا



والجرانيت الذي يصل منه إلى الشواطئ التي يقارعها



وكناياته عن خلائق قديمة وغيرها



نجم البحر وسرطان الحدوة وفقرات الحوت



والبرك التي يقدم فيها إلى فضولنا



الطحلب الأزرق وشقائق النعمان



يقذف بخسائرنا، بالشبكة الممزقة



والإناء المشروخ والمجداف المكسور ومتاع موتى غرباء



للبحر أصوات كثيرة آلهة كثيرة وأصوات كثيرة



الملح في زهرة الخليج



الضباب في شجرة السرو



عصف البحر وعواءه صوتان مختلفان



غالباً مايسمعان معاً: النحيب في حبائل الشراع



التوعد والملاطفة للموجة التي تنكسر على المياه



والهدير البعيد على أسنان الجرانيت



والعويل المحذر من الأرض المقتربة



كلها أصوات بحر، والنورس والنائح الزافر



متوجهان إلى أرض الوطن



وتحت ضغط الضباب الصامت



الجرس الداق يقيس الزمن



لا زمنناً تدقه حدبة الأرض المتمهلة



بل زمن أقدم من زمن الساعات



أقدم من زمن تعده النسوة القلقات المهمومات



راقدات مستيقظات تحسبن المستقبل



تحاولن نسل النسيج وحل الخيط والعقد



ولصق الماضي بالمستقبل بين منتصف الليل



والفجر حينما يكون الماضي كله خداعا



والمستقبل بلا مستقبل



قبيل ساعة الصباح



حين يتوقف الوقت وأبداً لا ينتهى الزمن



وحدبة الأرض الكائنة التي كانت من البداية



يدق الجرس





يتبع
.
.

رقية صالح 02-11-2011 12:50 AM





2



أين منه النهاية ذلك العويل الساكن


الذبول الصامت لأزهار الخريف


تسقط بتلاتها وتبقى بلا حراك


أين منه النهاية ذلك الحطام المنجرف


صلاة العظام على الشاطئ


التي لا تقام في النذير الفاجع


لا نهاية بل أحداثاً تباعاً


قاطرة لأيام وساعات أخر


حين يطوي الانفعال ما لا ينفعل


سنوات حياة بين الحطام


لما كان يعتقد أنه الأجدر بالثقة


ولذا فهو أحق بالجحود


بل هناك الخاتمة النهائية؛ السقوط


والشيخوخة أو الأشياء عندما تنهار القوى


الولاء الحر الذي قد يفسر بالكفران


في مركب منجرف يتسرب إليه الماء بطيئاً


إنصات صامت لما لا ينكر


ضجيج الجرس بالبشارة الأخيرة


أين منهم النهاية الصيادين المبحرين


في ذيل الريح حيث يرتعد الضباب


لا نتصور زمناً بلا محيط


ولا محيطاً تغشاه النفايا


ولا في مستقبل خئون


مثل الماضي لا اتجاه له


لا مناص من أن نفكر فيهم ينضحون دوماً


يبحرون ويرسون عندما تهبط الريح الشمالية الشرقية


على الشواطئ الضحلة في إصرار لا ينكسر


أو يقبضون أجورهم ويجففون قلاعهم على المراسي


لا مثل القيام برحلة لن تدر أجراً


لسفر لن يصمد للاختبار


لا نهاية له ذلك العويل الصامت


لا نهاية لذبول الأزهار الذابلة


لحركة الألم بلا ألم ولا حركة


لجرف اليم والحطام المنجرف


صلاة العظام للموت ربها


بالكاد تلك الصلاة


التي تقام للبشارة الوحيدة


يبدو أنه كلما أوغل المرء في العمر


يكتسب الماضي شكلاً آخر ولا يصير مجرد حدث


أو حتى تطوراً، فالتطور ضلال جزئي


شجعته أوهام تقدم سطحية


تصير في عقل العامة وسيلة للتخلي عن الماضي


لحظات السعادة لا معنى الرفاهية


لا الإثمار ولا الإنجاز ولا الأمان ولا الوجد


ولا حتى عشاءاً دسماً؛ بل التجلي الفجائي


لقد خضنا التجربة وفاتنا المغزى


فالاقتراب من المغزى يعيد التجربة


في شكل مختلف وراء كل معنى


يمكن أن نضفيه على السعادة


لقد قلت قبلاً أن الخبرة الماضية


التي تحيا في المعنى


ليست خبرة حياة واحدة فقط


ولكن حياة أجيال عدة


دون أن ننسى شيئاً ربما استحال التعبير عنه


النظرة الخلفية الواثقة


للتاريخ المسجل، ونصف النظرة الخلفية


عبر الكتف نحو الرعب البدائي


الآن نأتي إلى اكتشاف أن لحظات الألم


(سواء كانت أو لم تكن نتيجة سوء فهم


بعد أن أملت في الأمور الخطأ أوكرهت


الأشياء الخطأ، ليست موضعاً للتساؤل)


دائمة هي أيضا مثل دوام الزمن


فنحن نفلح في تقديرها في ألم الآخرين


الذى نكاد نعانيه وندمج فيه أنفسنا أكثر


من عذابنا نحن


حيث أن ماضينا تغشاه تيارات الحركة


ولكن عذاب الآخرين يبقى تجربة


لايضارعها ولا يبليها تعاقب الندم


الناس يتغيرون ويبتسمون، لكن يقيم العذاب


الزمن المدمر هو الزمن الحافظ


مثل النهر بحمولته من الزنوج الموتى


والأبقار وأقفاص الدجاج


التفاحة المرة والقضمة في التفاحة


والصخرة الرثة في المياه القلقة


تكسوها الأمواج ويحجبها الضباب


وفي أيام السكينة فليست سوى نصب


وفي أجواء الملاحة دائماً علامة بحرية


أو في مداهمة الغضبات هي ما كانت عليه أبداً



يتبع
.
.

رقية صالح 02-11-2011 12:54 AM




3



أحيانا أعجب ما إذا كان هذا ماعناه كريشنا


ـ بين أشياء أخرى ـ أو أنها طريقة


لقول نفس الشيئ


أن المستقبل أغنية باهتة


وردة ملكية أو رذاذ عطري


تثير مشاعر الأسف على أولئك الذين لم يعودوا هنا ليأسفوا


مضغوطة بين أوراق كتاب صفراء لم تفتح أبداً


والطريق الى أعلى هو الطريق إلى أسفل


وإلى الأمام هو إلى الخلف


لا يمكنك أن تواجهها مباشرة، ولكن من المؤكد


أن الزمن لبس طبيباً شافياً، فالمريض لم يعد هنا


حين يقوم القطار ويكب المسافرون


على الفاكهة والمجلات وخطابات الأعمال


(وأولئك الذين ودعوهم قد تركوا الرصيف)


تنتقل سحناهم من الحزن إلى الراحة


مستسلمة للايقاع النعسان لساعات مئة


سافروا قدماً يا راحلين


لا أنتم هاربين من الماضي


إلى حياة أخرى أو إلى مستقبل آخر


لستم نفس الناس الذين تركوا المحطة


أو الذين سوف يصلون إلى أي نهاية


بينما القضبان التي تضيق تنزلق خلفكم


وعلى سطح المركبة الداقة


تراقبون السهول التي تتسع ورائكم


فلا تظنوا أن الماضي قد انتهى


أو أن المستقبل أمامنا


ففي الغسق صوت يترنم في الحبال والصواري


(قوقعة الزمن الهامسة ولكن ليس إلى الأذن


ولا بأي لغة)


سافروا قدماً يا من تظنون أنكم تسافرون


لستم أولئك الذين رأوا المرفأ يتباعد


ولا هؤلاء الذين سوف يحطون رحالهم


بين الشاطئ الأدنى والشاطئ الأبعد


بينما ينفلت الزمن، تأملوا فى المستقبل


والماضي بعقل واحد


واللحظة التى لا هي في حركة ولا في سكون


تستطيعون أن تتقبلوا هذا "على أي مدار من الكينونة


فعقل الإنسان سوف يكون مجتهداً ساعة الموت"


وهذه هي الحركة الوحيدة


(وساعة الموت هي كل لحظة)


والتي سوف تثمر في حياة الآخرين


فلا تفكروا في ثمار الحركة


سافروا قدماً يا مسافرين يا ملاحين


يا من يأتون إلى المرفأ ويا من أجسادهم


سوف تعاني حكم البحر وقضائه


أو أية نوائب


تلك هي وجهتكم الحقيقية


مثلما قال كريشنا ناصحاً آرجونا فى ساحة الوغى:


"لاسفراً سعيداً ..


بل سفراً قدماً يا مسافرين".





يتبع
.
.

رقية صالح 02-11-2011 12:57 AM




4



سيدتي يا من يقوم محرابك فوق الأكمة


صلي لأولئك الذين في السفن


وأولئك الذين يعملون بالسمك


وأولئك الذين يعملون في كل سفر مشروع


وأولئك الذين يقودونهم


وصلي أيضا للنسوة اللائي شهدن أزواجهن


وأبنائهن يرحلون ولم يعودوا


ياابنة ابنك يا ملكة السموات


وصلي أيضا لأولئك الذين كانوا في الفلك


وأنهوا حياتهم على الرمال في شفاه البحر


أو في الحلق المظلم الذي لن يلفظهم


أو حيث لا يصلهم صليل جرس البحر


وجرس صلاة البشارة الدائمة






يتبع
.
.

رقية صالح 02-11-2011 01:01 AM




5



للاتصال بالمريخ ومخاطبة الأرواح


للإبلاغ عن سلوك وحش البحر


ووصف حظ الأفلاك والكهانة والتقصي


واستنتاج الأمراض من التوقيعات


واستنباط الحياة من تجاعيد الكفوف


والمآسي من الأصابع


وإطلاق الفأل من تنوة البن أو أوراق الشاي


وحل ألغاز المحتوم بأوراق اللعب


والعبث بالخماسيات أو بأحماض الباربيتوريك


أو تشريح الصورة المتغيرة إلى أهوال ما قبل الوعي


لاستكشاف الرحم أو القبر أو الأحلام


كل هذا اعتيادي


تضييع وقت ومخدرات وموضوعات للصحافة


ـ وسوف تكون دائماً ـ حين تغشى الأمم المحن والحيرة


سواء على شطآن آسيا أو في إدجواير رود


إن فضول الناس ينقب في الماضي والمستقبل


ويتعلق بذلك البعد


ولكن فهم النقطة التى تفصل اللازمني عن الزمن


هي وظيفة القديس وليست حتى وظيفة


ولكن شيئاً يمنح ويمنع في فناء حياة بأكملها


في الحب والشوق والتفاني والتسليم


وليس هناك لمعظمنا سوى اللحظة المنفصلة


اللحظة داخل الزمن وخارجه


ونوبة الذهول في شعاع من ضوء الشمس


والزعتر البري لا يرى


أو برق الشتاء أو مساقط المياه


أو الموسيقى التي تسمع بعمق حتى أنها لا تسمع بتاتاً


ولكنك أنت الموسيقى طالما عزفت الموسيقى


هذه ليست سوى إشارات وتخمينات


إشارات تتبعها تخمينات والبقية صلاة


وملاحظة ونظام وفكر وحركة


فإذا انتصف تخمين الإشارة


وإذا انتصف فهم المنحة فهو التجسد


وهنا يصبح الاتحاد المستحيل لمدارات الوجود واقعاً


هنا ينهزم الماضي والمستقبل ويتصالحان


حيث لم يكن الفعل سوى حركة


لما يدفع وليس فيه مصدر لحركة


تسوقه قوى شيطانية ممسوسة


والفعل الصحيح هو الحرية


من الماضي والمستقبل معاً


ولمعظمنا فهذا هو الغرض


الذي لم نعد هنا لنتعرف عليه


فنحن لم نهزم لأننا واظبنا على المحاولة


ونرضى في النهاية


إذا ماغذي تحول رفاتنا الزمني


(غير بعيد من شجرة السرو)


حياة تربة خصيبة




ترجمة :عمر الفاروق عمر






رقية صالح 02-11-2011 01:04 AM





ترجمة أخرى للقصيدة


الرباعية الأولى - نورتن المحترقة


-المقطع الثاني-



الثوم وحجر الصفيّر في الطين


(هامش: حجر كريم)


يشكلان أساس جذع الشجرة


ارتعاش الدم المتدفق


يغني تحت الندوب المتأصلة


ليهدئ المعارك الطويلة المنسية


الرقص عبر الشريان


دوران السائل اللمفاوي


صوِّرا في حركة الكواكب


لنرتقي للصيف في الشجرة تحركنا فوقها


وكانت هي تتحرك بالضوء عند الأوراق المتكاثفة


وبالصوت فوق الأرض المبللة


تحركنا تحت الدب الأكبر والدب الأصغر


اللذان يتابعان مسارهما كالمعتاد


لكنهما متصالحان بين النجوم


في النقطة الساكنة للعالم المتقلب


لا من يكسوه اللحم ولا من لا يكسوه


لا من هنا ولا نحو هناك


في النقطة الساكنة.. هناك يوجد الرقص


لكن لا الكبح ولا الحركة


ولا تسمي ذلك استقراراً


حيث الماضي والمستقبل يجتمعان


لا الحركة من هنا ولا الحركة إلى هناك


ولا الإرتقاء ولا التدهور


فقط في تلك النقطة.. النقطة الساكنة


لن يكون هناك رقص.. وسيكون هناك الرقص فقط


أستطيع فقط أن أقول.. هناك كنا


لكن لا أستطيع أن أقول أين


ولا يمكنني أن أقول.. كم بقينا


لأن هذا سيحدده في الزمن


الحرية الداخلية المنبعثة من الرغبة الواقعية


التحرر من العمل والمعاناة


يحرر من الداخل ومن إكراه المحيط الخارجي


لكنه محاصر بنعمة الإحساس


ضوء أبيض ساكن ويتحرك


تأهيل بلا حركة, تركيز


بلا إقصاء.. كلاهما عالم جديد


والوضوح الموجود منذ القدم


مفهوم جيداً في تحيّز انجذابه التام


وفي تحيّز رعبه المقرر


رغم ذلك فإن الماضي والمستقبل يأسران


بشق طريق عبر ضعف الجسد المتبدل


لحماية البشرية من النعيم واللعنة


لكن الجسد لا يتحمل ذلك


الزمن الماضي والزمن الآتي


يسمحان بقليل من اليقظة فقط


أن تكون يقضا يعني أنك غير موجود في الزمن


لكن فقط في الزمن تتمكن اللحظة في حديقة الورود


اللحظة في العريشة حيث ينبض المطر


اللحظة في هبوب الهواء الإلهي البارد عبر دخان الجمرة


أن تتورط مع الماضي والمستقبل


فقط عبر الزمن.. يُقهر الزمن




ترجمة: أفراح الكبيسي





عبد المجيد عامر محمد جابر 02-18-2011 10:53 PM

تحيّاتي
أشكركِ أستاذة رقيّة على هذا الجهد الواعي الذي لا يعرف الكلل.
بوركتِ، وبورك حرفك.
تحيّاتي ،وودّي....

http://odaba2.blogspot.com

رقية صالح 02-18-2011 11:55 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد المجيد عامر محمد جابر (المشاركة 62220)
تحيّاتي
أشكركِ أستاذة رقيّة على هذا الجهد الواعي الذي لا يعرف الكلل.
بوركتِ، وبورك حرفك.
تحيّاتي ،وودّي....

http://odaba2.blogspot.com




أخي العزيز المربي الفاضل
أ.عبد المجيد جابر

تغمرني الفرحة في كل مرة تعبر منبر الآداب
ولا تفيك كلمات الشكر حقك في الحضور
عظيم شكري وباقة امتنان لروحك النقية
دمت بألف خير



الساعة الآن 04:57 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team