منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر البوح الهادئ (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=30)
-   -   إلى جدّتي النّديّة (أمُّ أسعد) (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=29740)

موسى المحمود 03-03-2022 11:31 AM

إلى جدّتي النّديّة (أمُّ أسعد)
 
إلى جدّتي النديّة "أمّ أسعد"

قوسُ قُزَحٍ يُهديكِ منّي السّلامَ والألوانَ
والأحلامَ والآمالَ والقُبُلاتِ والنّغَمِ..

فمتى .. يردُّ الكريمُ عطايانا….؟
ومتى نحظى بهِ؟ وإنْ مرَّ كالشُّهُبِ؟

ومتى على ساعدَيكِ أُعيدُ ذاكرةً
لهوتُ بين جنبيها صبيّاً شَغِبِ؟

ومتى ستشرقين في دنيايَ شمسَ ضُحاً
تُبارِكُ يومي بنورِ مُحيّـاكِ النّقيْ؟

ومتى سَنجلِسُ معاً بجوارِ مِدفأةٍ
وعلى ترانيم تسبيحِكِ تغفو مُقَلي؟

ومتى أعُبُّ أسيلَ خدّيكِ زورقاً
أسْلَمَ للبحرِ دفّتهُ وأشْرُعي

ومتى تملأين أرجاءَ منزلنا
بضحكةٍ تُعيدُ منّي ما ضاعَ من أملي؟

يا أمّ أسعدَ، يا جارة الزّيتونِ والعِنَبِ
يا حلوةً، تَغارُ منها أطيبُ الرُّطَبِ

أهدي السّلامَ مع الريحٍ إذْ تمرُّ بكِ
أرسِلْهُ مع عصافيرٍ، مع حماماتٍ، مع الْحَجَلِ

وأبوحُ شِعْراً، إن عزّ اللقاءُ بكِ
إليكِ شوقاً أبوحُ، أيا أمّ أمّي وأمّ أبي

#فلسطين
#جنين
#دير_ابو_ضعيف

موسى المحمود

موسى المحمود 03-17-2022 10:57 AM

رد: إلى جدّتي النّديّة (أمُّ أسعد)
 
يا أمّ أسعدَ،
لا تُلقي بِمِسْبَحَةٍ
على أحجارِها مرّتْ أسامينا ..
واعتصمي بحبلِ اللهِ مؤمنةً ..
إنّ الصّباحَ يُضيءُ من أمانينا ..

موسى المحمود 03-17-2022 10:58 AM

رد: إلى جدّتي النّديّة (أمُّ أسعد)
 
يا أمّ أسعدَ ..
أشْواقي مُكَبَّلَةٌ
فَلا جِسْرَ يَحْمِلُنا إليكِ ..
ولا أنفاقَ بأريـحـا
ولا طيرَ يجرؤُ على قطعِ المسافاتِ..
ولستُ نبيّاً بعدُ،
كي أُجْرِي لكِ الرِّيْـحَـا ..

موسى المحمود 03-20-2022 05:10 PM

رد: إلى جدّتي النّديّة (أمُّ أسعد)
 
يا أمّ أسعدَ أبقي النّارَ شاعلةً
ودعي النّوافِذَ مُشْرَعةً تُلاقينا

يا أمّ أسعدَ، يوسُفُ عادَ مُنتَصِراً
فما بالُنا نحنُ ؟ أنموتُ في منافينا؟

موسى المحمود 03-26-2022 09:12 PM

رد: إلى جدّتي النّديّة (أمُّ أسعد)
 
ومتى على ساعدَيكِ أُعيدُ ذاكرةً
لهوتُ بين جنبيها صبيّاً شَغِبِ؟

كلّما رفعت هذا الهاتف ووضعته جسراً يمتدّ بين قلبي وقلبك، أكره الإحتلال أكثر، يزداد حقدي على هذا العالم المريض أكثر، وتتورّم شرايين قلبي اشتياقاً وحزناً، ولكنني لا أملك إلا التسلل عبر أثير الهاتف طفلاً تسربل بالحنين، وتشبّع بالذّكريات، ممسكاً كيس الدّموع، مانعاً تسرّبها.. هل نحنُ شعبٌ نموت ولا نبكي..؟

وفي كلّ مكالمةٍ أجريها معكِ، تعيدين لي شيئاً من الماضي الذي أفتقده، وتدور الأسئلة في ذهني كالمسامير تنهش روحي موغلةً أكثر وأكثر، ما الذي تبقّى لي منكِ؟ وما الذي أستطيع الإبقاء عليه أكثر من أجلك؟ ما هو السرّ في صوتك المبحوح المُتعب بالشّوق والحنين؟ على ماذا يدور الرّهان؟ على أعمارنا؟ أقدارنا؟ حيواتنا؟ عودتنا ؟ على ماذا الرّهانُ يا أمّ قلبي؟ إنه الحنينُ إذن، قاتله الله ما أجمله وما أثقله، إنه الحنينُ المتمدّد يجثو على جسد الضّحيّة، الموتُ لا يكفيه، النكبات لا تعنيه، حنينٌ كالسّمّ دُسّ في عسل اللقاء المؤجّل، هل هذا الهاتف اللوحيّ نعمةً أم وسيلةً مبتدعةً لتعذيبنا؟

"كيف حالك يا ستّي؟" هذا السؤال النمطيّ، يبدو عادياً لدى الكثيرين، لكنه يعيدُ نكأ الجرح العميق القديم، جرحي وجراح من هم مثلي، جرح الوطن..

أشعر بالضّعف.. وهذا الشّعور يقتلني، بماذا أجيبك!

أنا بخير، لا .. لستُ بخيرْ.. لستُ بخيرٍ أبداً ولن أكون .. لكنّني سأحاول إخفاء الحقيقة بمظاهر نبتدعها عادةً كي نظلّ على قيد الأمل..

هذا يعني .. أنني سوف أستيقظ غداً للعمل، سأردّ تحية الصّباح بتحيةٍ مثلها نفاقاً، سأقرأ كتاباً عن تكنولوجيا الميتافيرس، ربّما أخترع عالماً جديداً يقرّبني إليك، لن أصل .. لن نلتقي، لكنني سوف أبذل قصارى جهدي لأكون مبدعاً في إخفاء الحقيقة، حقيقة الاحتلال.. النكبة .. النكسة .. المسافات .. الحنين..

سيأتي يوم ميلادي، سوف أحتفل به، سأنجب المزيد من الأبناء، سأخرج في نزهةٍ إلى البحر، سوف أشوي اللحم.. وسأحتسي قهوتي.. وسوف أحبّ.. ولن أحبّ غيرك

لكنني لن أغيّر الحقيقة، حقيقةَ أنّك هناك وأنني أنا ههنا مصلوبٌ إلى حروفي وكلماتي وحنيني..

وسوف أعاود الاتصال بكِ.. لأطمئنّ على حقيقتنا المشتركة، ولأجيب عن سؤالك البريء "كيف حالك يا ستّي؟": أنا بخير، رغم أنّي .. لستُ بخيرٍ .. أبداً.. ولن أكون.

#فلسطين
#جنين
#دير_ابو_ضعيف
موسى المحمود

ياسَمِين الْحُمود 03-26-2022 10:24 PM

رد: إلى جدّتي النّديّة (أمُّ أسعد)
 
رغم جموح الوجع هنا
لا زال الصوت يقد الصمت..
ما أسعدني وأنا أقرأ هذا الشموخ والجمال والصدق..
كل التحية والاحترام للجدة
ولقلمك البارق أيها الرائع مثلها :45:

موسى المحمود 03-26-2022 10:55 PM

رد: إلى جدّتي النّديّة (أمُّ أسعد)
 
تحية طيبة دكتورة ياسمين
التقدير والاحترام لشخصك الكريم يا ابنة الأكرمين.

لوز فلسطين يهديكِ السلام

موسى المحمود 03-27-2022 10:32 AM

رد: إلى جدّتي النّديّة (أمُّ أسعد)
 
يا أمّ قلبي، هذا اللوزُ مُنعقدٌ
وعامٌ جديدٌ مرّ دونما ندري

هل أشتكي اللّوزَ أم أشكو له همّي
أم أُغْمِدُ الشّعرَ سَيْفاً حَدُّهُ صَبري

كلّ الأنامِ نما في أرضهم عُشْبٌ
وأنا بأرضي همّي موغلٌ يسري

أتى آذارُ ممشوقاً بقامتهِ
أتى يعيّرني، ويزيدُ من قهري

أتى آذارُ بالفراشاتِ تتبعهُ
أفواجاً تُهدْهِدُ، ولم أزل هُنا وحدي

#فلسطين
#جنين
#دير_ابو_ضعيف
موسى المحمود

موسى المحمود 03-30-2022 10:38 PM

رد: إلى جدّتي النّديّة (أمُّ أسعد)
 
عجبتُ لي أخفي مَحبَّتَكُم
وكلُّ ما فيّ يُظْهِرُ الْوِدّا

وجَمَعْتُ شِعْريَ في قواريرٍ
يفوحُ منها إذْ أشتاقُكم عِطْرا

#فلسطين
#جنين
#دير_ابو_ضعيف
#موسى_المحمود

موسى المحمود 04-07-2022 11:55 PM

رد: إلى جدّتي النّديّة (أمُّ أسعد)
 
يا أمّ قلبي، وقتي ليس يُسعفني
وهذا العُمْرُ كسيفٍ كادَ يقطعني

حسام الدين بهي الدين ريشو 05-11-2022 11:29 AM

رد: إلى جدّتي النّديّة (أمُّ أسعد)
 
وفاء
في أصداف الثناء
أبدعت فيه بكلمات تفيض عذوبة
دام لك التميز والتآلق
مع تحية تقدير

موسى المحمود 05-16-2022 10:09 PM

رد: إلى جدّتي النّديّة (أمُّ أسعد)
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام الدين بهي الدين ريشو (المشاركة 340186)
وفاء
في أصداف الثناء
أبدعت فيه بكلمات تفيض عذوبة
دام لك التميز والتآلق
مع تحية تقدير

مع الحبّ .. حتّى ترضى

موسى المحمود 08-20-2022 09:57 PM

رد: إلى جدّتي النّديّة (أمُّ أسعد)
 
هل تذكرين ذلك المنحدر؟ كنّا نصعده صباحًا تمسكين يدي خوفًا على حفيدك وطمعًا في الاستناد عليه إن انزلقت إحدى قدميك أثناء الصعود الطويل.

كان باستطاعتي سماع زفير أنفاسك واستشعار تسارع نبضات قلبك الضّعيف، وكان من السّهل عليّ أن ألحظ تساقط قطرات العرق من جبينك على الأسفلت الملتهب عندما ينتهي بها المطاف عند رأس أنفك النّحيل.

وعند وصولنا معًا بعد عناءٍ طويل، كان احتفالنا بالوصول لا يتمّ إلا بشتيمةٍ تطلقينها تعنيفًا لتلك الحياة، وما أن نبدأ بالمشي الأفقيّ، حتّى تكافئنا الطّبيعة الرّحيمة بنسمة هواءٍ تشعرنا ببعض الرّضى الذي لم نكُ نملك غيره آنذاك، تلك الطّبيعة التي جمعت بين حرّ آب ونسمات هوائه العليل.

وبعد قضاء حاجياتنا، تبدأ عندي رحلة البحث عن حجّة لاقناعك بأنني أعرف طريق العودة، وكأيّ صبيّ شقيّ مولع بالمغامرات الغامضة تحاولين لجمي بعبارات عاطفية تصيب قلبي بمزيدٍ من الحبّ فيتخدّر الجموح فيّ وأستكينُ مستسلمًا لكفّ يدك طائعًا لمسار عودتك.

كنت دائمًا أطيعك في جميع المسارات، ولم يفتني طريقٌ واحدٌ سلكته قدميك دون أن أكون المرافق اللصيق رغم تهوّري بعض الأحيان، لكنّك في رحلتك الأخيرة حين غادرتِ إلى فلسطين عائدةً مع من عادوا لم تطلبي منّي أن أرافقك، ولم تمسكي بيدي لأكون سندك، كلّ ما فعلته هو أنّك بكيتِ، وبكيتُ أنا كثيرًا.

#فلسطين

#رواية_أم_أسعد

موسى المحمود

موسى المحمود 08-21-2022 12:01 AM

رد: إلى جدّتي النّديّة (أمُّ أسعد)
 
لعلّك تذكرين أيضًا تجوّلنا في كرم الزّيتون المجاور لبيت جدّي، لم يكن يعجبك شكل حبّات الزيتون في ذلك الكرم كونها لا تشبه تلك الحبّات في خلّاتنا المغتصبة في فلسطين، أذكر كيف كنت تمتعضين من عدم اهتمام صاحب الكرم بغراس الزّيتون وتنعتينه باللامبالاة والجحود كونه لا يفلح أرض الكرم على الدّوام ولا يصنع حول الشّجر سواقي دائريّة الشّكل كي لا يضيع ماء المطر هباءً حين تأتي السّماء بقطيع السّحب الماطرة.

لا بد أنّك تذكرين وبعد كلّ هذا الوقت كيف استطاع ولدٌ مثلي أن يتسلّق شجرة الزّيتون الكبيرة ليقبض على فراخ عصفورةٍ صنعت لها ولهم عشًا على أغصانها، فعاقبتني حينها الطّبيعة بسقطةٍ أثارت فزعك وأطلقت للفضاء شهقةً منكِ كادت تنضج حبّات الزّيتون من حدّة صوتها.

واليوم وقد عدتِ إلى فلسطين، وسكن قلبك وهدأت روحك بلقاء زيتوناتنا، كان لا بد لي من أن أرفع هذا الهاتف اللوحي المحمول صانعًا مكالمةً مصوّرة معك، لأرى في عينيك انعكاس صورٍ كثيرةٍ لفلسطين، صورٌ تمتزج بها مشاعر العائدين بمشاعر المنتظرين في المنافي البعيدة، كان لا بد لي أن أحدّثك عن كرم جارنا الأهوج الذي بيع لصانع البنايات الطويلة وانتهى بزيتوناته المصير إلى القطع، كان لا بد لي أن أحدّثك عن نكبة الزّيتون في كرم جارنا، وهجرة العصافير بعد خراب بيوتها..

تلك العصافير التي لطالما طاردتها عيونك بحثًا عن الغائبين، من نافذةٍ شرقيةٍ تطلّ على اللاشيء، حتّى العتبة الحزينة، المتروكة للانتظار.

#فلسطين
#رواية_أم_أسعد

موسى المحمود


الساعة الآن 07:12 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team