![]() |
تعلم كيف تنظر فى المرآة
|
|
إن ابتعاد هيكل عن مسرح الأحداث معترضا فى تلك الفترة كان كفيلا بتحقيق إحدى الحسنيين ..
إما تراجع عبد الناصر لما يمثله هيكل من قلب وعقل فى جسد التجربة بأكملها .. وإما إيقاظ النائمين بقلمه صاحب الشعبية الخرافية والمكانة النادرة وإنا وإن كنا نتفق مع أستاذنا القدير هيكل فى شأن عقدة الهزيمة التى تمكنت إسرائيل من بثها بأعماق الشعوب العربية حتى بعد حرب أكتوبر .. إلا أننا لا نملك أن نؤيد وجهة نظره كاملة لأن هزيمة معركة وخسارتها هى بالطبع لا تمثل مبررا للبقاء رهنا لثقافة الهزيمة على حد تعبير أستاذنا الكبير لكن من قال إن هزيمة يونيو كانت هزيمة معركة .. لقد كان احتلال الأراضي العربية هو أهون أثر فى تلك الهزيمة لأن الضربة الحقيقية كانت متمثلة فى وضوح الضباب الذى ظل حاجبا حقيقة القوة الفارغة وساق خلفه الملايين تأييدا فإذا بالهزيمة تأتى مدمرة وعلى نحو غير متوقع ليس بسبب تفوق الخصوم وإنما ـ من باب أكبر ـ بسبب هوان الأساس القائم على الكذب وبالتالى كانت الهزيمة هزيمة مبادئ التجربة وانكشاف عريها وهو الدافع الحقيقي لليأس ولم تكن الأرض المحتلة لتسبب تلك العقدة أو تكرس لهذه الثقافة إذا كانت الهزيمة لفارق تفوق الخصوم فقط .. كما حدث مع فرنسا مثلا بالحرب العالمية الثانية فقد سقطت فى قبضة هتلر كاملة وهى إمبراطورية ذات شأن فى تلك الآونة .. ودخل الألمان العاصمة الفرنسية الشهيرة وشاهدهم الفرنسيون أمام قوس النصر يمزقون معاهدة فرساى التى وقعتها ألمانيا المنهزمة بالحرب العالمية الأولى لفرنسا المنتصرة بها وبالرغم من كل هذا الهوان لم تستسلم فرنسا وتفجرت المقاومة وقادها الجنرال شارل ديجول من الخارج حتى استعادت حريتها وكل هذا كان بسبب قيام الدولة الفرنسية على أسس حقيقية بين الحكم والشعب وبالتالي فلا يوجد مبرر لليأس وتكريس ثقافة الهزيمة طالما أن الخسارة جاءت لتفوق الخصم الذى تمكن من تحطيم القدرة الفرنسية مرحليا وفعلتها ألمانيا عندما قامت من كبوتها وإهانتها بإرغامها على توقيع معاهدة الإستسلام فى الحرب العالمية الأولى فى فرساى ورضخت لشروط المنتصرين ولكنه كان رضوخا لمرحلة وقام الممثل الألماني بالتوقيع على المعاهدة وهو يقول للفرنسيين فى حزم " سنتقابل هنا مرة ثانية بعد عشرين عاما " وقد كان .. لأن الهزيمة هنا أيضا لم تكن هزيمة تجربة أو مبادئ أو روابط بل هزيمة جيوش أما بالنسبة للقسم الرابع من المفكرين وهو أشدهم إثما فى نظرى فهم أولئك القادة من المفكرين الذين سقطوا أسري لعدم المنطقية حتى مع أنفسهم .. ومثالهم الماركسيين الذين ركزوا قدراتهم على الماركسية كمذهب وغضوا الطرف عن هموم أوطانهم حتى لو كانت تلك الهموم غير قابلة للحل بالطريق الماركسي .. فصاروا يدافعون عن الوسيلة وأهملوا الغاية فى سبيل ذلك !! فالمفروض أن أى مذهب أيديولوجى قائم على أساس الإرتقاء بالوطن تبعا لنظريات يؤمن بها فإن وقعت مصلحة الوطن فى مفترق طرق مع المذهب فمن الطبيعى أن يدير المفكرون رأسهم عنه لصالح الغاية وهو الوطن ويهملوا الوسيلة التى ثبت فشلها وهى المذهب كما فعلت معظم البلاد الشيوعية بعد فشل تجاربها فى مواطنها الأصلية .. لكن ومن باب الغرائب المألوفة لعالمنا العربي تمسك الشيوعيون العرب بالمذهب الماركسي أكثر من تمسك الماركسيين أنفسهم به !! ولم يتوقف أحدهم ليسأل نفسه عما يبحث وعن أى شيئ يدافع .. وهل يدافع عن الفكرة لكونها ضرورة للتطبيق أم يدافع عنها حتى لو ثبت فشلها فى التطبيق ؟! وكان منهم وللأسف واحد من أعظم مفكرى مصر مثل الدكتور فؤاد زكريا الذى أثار الإنتقادات حول تجربة عبد الناصر فقط لكونها تجربة ضربت اليسار لصالح اليمين مع تطبيقها الخاطئ لنظرية الاشتراكية وهكذا ضاع مفهوم الوطن بين يمين ويسار ولم يتوقف أحد من المؤيدين أو المعارضين ليسأل عن مصير أمة تفككت بينهما , وفى نفس الوقت ظل عداء اليسار واليمين معا للتجربة والتاريخ الإسلامى واعتبار الحديث فى هذا الجانب أمرٌ من أمور التخلف ينبغي الإبتعاد عنه ! واليوم وبعد أن حدثت نقطة فصل بين الأجيال السابق ذكرها من المفكرين وبين ما تلاهم من أجيال .. عاشت مصر ومعها العالم العربي انحدارا مستمرا وتراجعا مطردا فى الفكر وما زال مستمرا إلا من قليل |
|
|
|
|
|
محمد جاد الزغبي .. طرح في غاية الرقي سيدي .. وموضوع يستحق أن نقرأه بإمعان .. هي بادرة تصفيق لفكرك المشوب بالبهاء .. أبادر بها هاهنا على عجالة .. ولي عودة بحول العظيم لتفنيد المحاور ومن ثم نقاشها مع قلمك الباهر .. تحية تقدير وإكبار فاضلي لوعيك الباهظ .. |
مرحبا بك شقيقتنا الفضلي سحر الناجى
وأسعدنى مرورك وفى انتظارك دائما .. |
المبدع الحبيب محمد جاد ... كالعادة طرح موشح بألف قمر ، وبيان يتراقص بأحضان الحقائق ومعطياتها . يهمنا جميعاً - شئنا أم شئنا - المشهد الفكري والسياسي المصري في تلك الحقبة ، لحمله مفاتح التأثير الأساسية بالمنطقة كلها، والتي ما زلنا نعيش نتائجها ، ونقتات من - علقمها غالباً - حتى اليوم . رائعة كانت اللفته حول الهزيمة - النكسة - الكارثة . اقتباس:
صدقت ..سيدي كان وضوح الضباب الذي ما فتئ (هامانات ..وغوبلزات ) المرحلة يزرعون به الأفق ، حتى أعمى الجميع عن رؤية الشمس ، التي كانت تتبدى في إستعدادات صامته جبارة مع الكثير من الشكوى والأنين ترسلها تل أبيب للعالم ، في حين أصم صخب أحمد سعيد سمع الدنى بينما نستعد بزنزانات تفتح وأفواه تكمم ...وجحافل ترسل إلى هضاب اليمن السعيد ، و و- وو-.. * * هيكل مرة أخرى ... رائع - أستاذي الكريم - عندما تحلل هيكل ، وقد يميل البعض لتفكيكه على طريقة (سيار الجميل ) ، لكن تجردك عن الميل والهوى فعلاً جدير بالتقدير . هل تسمح لي بالإختلاف - قليلاً - في حكمك على تصحيحه للمسار ، وبراعته في سحب البساط من تحت أقدام خصومه ..في عودته الحالية . المشكلة أظنها بفقدان المصداقية ، فأنت لن تملك فرصة قيادة الدفة وشرف الإمساك بالمجداف كل يوم ، بعد أن غمرت العواصف مركبك وتركتك شريداً على سواحل النكبات والكوارث . أما مسألة مصطفى أمين وعلى إفتراض صحتها - وهي صحيحة - فالأمر يكشف أكثر وأكثر عن مدة التيه الذي كانت تتخبط فيه الأمة، وقياداتها الفكرية تغوص في مستنقعات الرذائل والنفاق والخيانات . ثم إن القصة يمكن أن تؤخذ من مصادر أكثر مصداقية من (بين الصحافة والسياسة ) كرائعة جلال كشك ... (كلمتي للمغفلين ) أو توسعتها في (ثورة يوليو الأمريكية ) . كونها موضوعاً شخصياً بين أمين وهيكل ، قد يدين هذا ويكذب الآخر ..لكنه بجميع الأحوال - وهو ما يهم من يكتوي بنيران الهم القومي اليوم - يدين فكراً ومفكرين ، بعد العسكر والسياسيين ، ليثبت أن لكل مقدمة نتائج مرة أخرى . * * معك أستاذنا الكريم ، ننتظر فجراً جديداً موشحاً باليقين ، تحمله الأقلام الغضة المخلصة ، تكنس فيه كل ظلمات الفكر والنفوس والتاريخ . |
أهلا بالأخ الحبيب بشير , شكرا جزيلا لتقديرك .. اقتباس:
وللأسف .. رغم أن التجرد عن الهوى كان أحد ثوابتنا كمجتمع إسلامى إلا أنه أصبح اليوم نادرة العصر التي يحتفي بها المرء إن وجدها وهذه أخى الحبيب سر أزمتنا الحقيقية , لقد قبلت الأجيال السابقة أن تُساق , مع تقديرنا لهم طبعا , قبلوا الإنسياق وتعاملوا مع الجماهير بنظرية الثقافة الهرمية من أعلى إلى أسفل فعلى القمة يقبع الرئيس ونظامه ويقررون ويرسمون , وتحتهم يتشرب المفكرون وأصحاب القلم ما يجب أن يبثوه للشعب بغض النظر عن قناعاتهم أو الحقيقة ! ومن تحتهم تتقبل الجماهير ما تبثه وسائل إعلامهم لتردده كالببغاء ! اقتباس:
فلم أقصد أن قام بتعديل مساره كلية , بل كنت أعنى فقط ما هو خاص بالشأن المصري الحالى , ولو كنت أعنى أنه تراجع عن جميع منهجه السابق لما تكبدت عناء نقده في موضوعات ( حرب رمضان ) و ( قصة النكسة ) وغيرها .. فهيكل لم يتراجع عن أفكاره القومية , وإنما تراجع عن معادلة السلطة وأصبح مصدرا مهما جدا لفهم أحداث اليوم على الساحة المصرية , وعن طريقه تمكنا من فهم العديد من المسائل المغماة , وهذا هو السبب في تنبيهى لهذا الأمر أما بالنسبة لقصة مصطفي أمين .. اقتباس:
بل على العكس .. لقد أيد جلال كشك كل ما ذهب إليه هيكل في عمالة مصطفي أمين بل وأقام على تلك العمالة أدلة جديدة أيضا من عنده , وأضاف إليها اتهام هيكل نفسه بأنه كان أحد عملاء الإعلام للمخابرات المركزية , بناء على ما ورد في كتاب ( حبال الرمال ) الذى أخرجته المخابرات الأمريكية في الستينات والموضوع متشعب , وإن أحببت أن نناقشه فلا بأس لكن ما يهمنى الإشارة إليه هنا هو اتهامك لمصداقية لهيكل وتشجيعك لمصداقية جلال كشك وفى نظرى ـ كما قلنا في الموضوع نفسه ـ أنه لا يجب أن يمنعنا إختلافنا مع هيكل من إقرار صدقه عند وجود المصداقية , كذلك لا ينبغي أن يحفزنا اتفاقنا الفكرى مع جلال كشك في قبول كل أقواله والصحيح أنه يجب أن نضع كل كُتاب هذا الجيل ـ بلا استثناء ـ في بوتقة واحدة بحكم واحد وهو وجود الصدق ووجود الهوى في نفس الوقت بجميع كتاباتهم , ونقر أيضا بحقيقة راسخة ـ ثبتت من التجربة ـ أنهم جميعا ليس من بينهم من كتب بتجرد كامل حتى يومنا هذا , وهذا ليس عيبا فيهم أو تهمة , فالأمر يتفاوت .. فمنهم من يكذب ويلفق على طول الخط ومنهم من يذكر أغلب الحقيقة لكنه يخضع لهواه في بعض الأحداث , لكن لا يوجد من بينهم من يمكن أن يتصف بالحيادية الكاملة قطعا وهذا باعترافهم أنفسهم , وهو أمر منطقي , لكونهم يكتبون عن تجربة عاشوها وعايشوا أبطالها فكيف يتمتعون بالحيادية ! فجلال كشك في مقدمة كتابه أقر بأنه ليس حياديا فيما يكتب والتمس العذر من قارئه في هذا نظرا لعنف التجربة وقسوتها وهيكل في برنامجه أقر بالهوى الناصري واعتذر عنه أيضا أما نحن الجيل الحالى , فليس أمامنا إلا أن نقرأ الجميع ونقارن .. وهى أى نعم مهمة صعبة جدا , لكن هكذا شهد الحقيقة دونه إبر الجهد والتحقيق يجب أن نقرأ جميع أحداث تلك الفترة من خلال وجهات نظر الجميع مهما بلغ تضاربها , ولا نقبل شيئا إلا بدليل وثيقة أو شهادة مقبولة , وعندما يتفقون على رواية واحدة لحدث ما نقبله , لأن اتفاقهما دليل على صحة الواقعة , وعندما تختلف الروايات نرجح صاحب الدليل لا صاحب الرأى , وفى جميع الأحوال ـ وهذه نقطة المفصل ـ لا نقبل في هذه الفترة تحليلات أى طرف من الأطراف لأن التحليل يختلف عن الوقائع , فالوقائع نقبلها بأدلتها ولا نشكك في مصداقيتها , لكن لا نقبل أبدا ما يبنيه هذا الجيل من التحليل على تلك الوقائع , لأن التحليل حتما سيكون مرهونا بالهوى , وكمثال للإيضاح , هيكل في كتابه بين الصحافة والسياسة أقام بالتوثيق الكامل قصة مصطفي أمين , هنا نقبل هذه الحقيقة ولا نقبل الدفاع المسرحى لمصطفي أمين لأنه سكت ولم يرد إلا بالكلام المرسل , لكن في نفس الوقت لا نقبل ما يبنيه هيكل على تلك الواقعة وهو أن التعذيب لم يكن معروفا على عهد عبد الناصر لمجرد أن مصطفي أمين لم يتعرض له , لماذا ؟ لأن التعذيب تم بحق آخرين أقاموا الدليل على ذلك , ونحن نقبل أن النكسة كانت مؤامرة دولية قادتها الولايات المتحدة , ونصبت بها الفخ لمصر , لكننا لا نقبل تحليل هيكل على ذلك من أن السبب الرئيسي في النكسة هو محض المؤامرة ! وهكذا ... يتضح الفارق بين قبولنا للحقيقة الموثقة من أى طرف , وبين قبولنا للتحليل كذلك عند جلال كشك .. أقبل منه وقائعه وتحليلاته التي أقام عليها الدليل لكن من الصعب أن أعتمد النتيجة , فقد أقام مثلا الدليل على وجود علاقات شخصية بين هيكل وبين بعض رموز السياسة الأمريكية , لكن لا أقبل منه اتهام هيكل بالعمالة بناء على ذلك , لأن هذا لا يمثل دليلا أو حتى شبهة دليل على اتهام بالغ الخطورة مثل هذا , وهو الإتهام الذى أثبته هيكل من واقع اعترافات مصطفي أمين ومن واقع تسجيلاته السابقة على القبض عليه , ثم أخيرا من واقع ملفات المخابرات المركزية التي تم الإفراج عنها قبل عامين وأقبل من جلال كشك قوله في كتابه عن علاقة حماية بين الولايات المتحدة وبين نظام عبد الناصر , وأنها حمته من بريطانيا وفرنسا , ودعمت حكمه ضد محمد نجيب لكن لا أقبل أن يكون هذا دليلا على عمالة عبد الناصر للولايات المتحدة ! فالعمالة شيئ , وعلاقات التعاون والتآمر المشترك ـ رغم فداحتها ـ شيئ آخر تماما , فالعميل مأجور بالكامل لا ينفذ إلا ما يملي عليه , أما الإستجابة للضغوط والخضوع للإغراءات بين الدول وبعضها البعض فهى أمر تحتمله أوصاف العلاقات الدولية لا أوصاف التجسس , وأمر أخير .. أنه مع تقديرنا الكامل لجلال كشك , إلا أننا لا نقبل هجوم المعادين لعبد الناصر , كما لا نقبل الهجوم من المعادين للسادات , لأن هذا الهجوم ليس فيه بيان للحقائق بقدر ما هو هجوم مغرض يهدف للتشويه في المقام الأول , وليس همه هو إبراز الحقيقة في ثوبها الصريح مثال ذلك أننا لا نقبل كلام هيكل عن السادات في خريف الغضب لأنهما خصمان , وكذلك كلام السادات في هيكل , وشهادة كليهما على الآخر كشهادة اللصوص على بعضهم البعض عندما يختلفون وأيضا كلام وشهادة جلال كشك مجروحة إلى حد ما , فالرجل كان في الستينات من أقطاب اليساريين قبل أن ينقلب عليهم ويتخذ التوجه الإسلامى , فضلا على أنه كان في عصر عبد الناصر من رموز الإتحاد الإشتراكى والمهللين للتجربة ! هذا فضلا على حقيقة أشد أهمية , وهى أن الهجوم المغرض غالبا ما يكون ترجمة لمناصرة أطراف بعينها , وقد رأينا في كتاب جلال كشك مدحا لنظم عربية قائمة , وهو مدح غريب جدا , لأن أفاعيل هذه الأنظمة ومؤامراتها وتحالفاتها مع الولايات المتحدة ليست محل شك أصلا ومع ذلك فقد غض الطرف عنها جلال كشك وركز فقط على عبد الناصر , من هنا أخى الحبيب نقول أن القراءة لهذه الفترة ولهذه الأقلام يجب أن تكون بالحرص الكامل , فمع الأسف الشديد كانت الحقيقة هى آخر هدف يهدف إليه من كتبوا , والله المستعان اقتباس:
وهذا لا يقوله من كان بمثل ثقافتك , والحمد لله هناك العديدون من جيلنا يفهمون ذلك ويعرفونه ولديهم الهمة مثلك للمعرفة ولديهم من أدواتها الكثير وما كتبته لا يعدو كونه تعبيرا عنهم |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عدت إلى هنا لإيضاح فقرة كتبتها فى ردى السابق وهى قولى اقتباس:
لا سيما من كانوا فى زمرة المثقفين الكبار كأخى الفاضل بشير حلب ولهذا نوهت بتلك الفقرة ردا على إشادته ووصفه , وله ولكم كل التقدير |
محمد جاد الزغبي .. مررت ذات بدء سيدي على طرحك في عجالة حيث كنت أتحسس بحدقي رؤوس الأقلام لأصل إلى الجوهر والمضمون .. وأعيد الكرة اليوم ولكن بتأني أشد .. لألم بأبعاد الفكرة التي أردت مناقشتها ضمن سياق مقالك الرائع .. ولعل أول ما لفت انتباهي هو المقولة التي جعلتها مدخلا لحديثك عن الثقافة والفكر .. والحقيقة أن عبارة جويلز القائلة : "كلما سمعت كلمة مثقف .. تحسست مسدسي ".. قد استحوذت على انتباهي لدرجة قصوى .. حتى أنني وقفت لديها مطولا في محاولة تسخيرها وربما تعميمها لما يجري اليوم من تناقضات فكرية وثقافية أدت بنا إلى الشتات والحيرة .. وبالطبع لن أنسى قبل التطرق إلى إحدى هذه المعضلات الوخيمة في أن أشيد بقلمك الراسخ وفكرك الراقي الذي جعل للقضية بعدآ آخر حيث أسهبت فيه بانطلاقة رائعة .. ثم سأحاول أن أجتهد بما ستظفر به ذاكرتي من مكنون الخبايا الفكرية للدخول إلى جوانب الموضوع وباختزال قد يعبر على نحو ما عما يجول بخاطري .. وسأبدأ تحديدآ من القسم الرابع في طرحك المتعلق بمن سخر فكره لتبني أيدولوجيات غريبة وشعارات مستوردة لخدمتها والترويج لها .. حقيقة أن هذه الظاهرة لطالماأثارت حفيظتي بشدة وذلك لما آل إليه حال بعض أصحاب الفكر المتحرر والمتجرد من أي تقنيات أيدولوجية أو أخلاقية .. أولئك الذين أقصوا الثوابت .. وهمشوا الرواسخ العلمية التي قامت عليها نهضتنا التاريخية من أجل أهواء .. وشعارات حملوها بكل عزم كي يهدموا بها ما تبقى شموخ لهذه الأمة .. أذكر أنني خضت حوارا مع شخصية من ضمن الأسماء النسائية المرموقة فكريا قبل مدة , حيث كان محور الجدل الدائر بيننا يدور حول الأسباب التي أدت إلى تراجع الفكر العربي والإسلامي على الساحات الدولية وبالتالي نضوب معايير المنافسة بين عمالقة الفكر والثقافة .. وكذلك تدهور الحضور العلمي على كافة الأصعدة .. فكان أول عبارة تفوهت به محدثتي أن قالت : " أجل .. السبب في ذلك يعود إلى حرص بعض الأقلام على تطويع الثقافة العامة من خلال الدعوة إلى الأيدولوجية الإسلامية التي تسببت بانهيار الأسس الفكرية والإبداعية الحضارية الآنية والتي أعتبرها غير ملائمة لها ألبتة لأنها جاءت وليدة أزمان وقيم عفا عنها الدهر .. وجعلتنا نتراجع كثيرا إلى الوراء حيث أصبحنا في مكانة متأخرة من الركب الحضارة " في الواقع صدمت لهذه القناعة أيما صدمة وحاولت بشتى الطرق التحاور معها بعقلانية من خلال استعراض النجاحات التاريخية للثقافة الإسلامية عبر الزمان .. ولكن دون جدوى .. فلا هي اقتنعت بوجهة نظري .. ولا أنا ارتضيت من قولها ما أثار حيرتي واستهجاني .. المشكلة سيدي .. حين يتبنى أمثال هؤلاء مسؤولية التثقيف بين الأجيال الحالية ويبثوا قناعاتهم الملوثة من خلال التنظير لشعارات لا تمت لفكرنا بصلة .. هنا تقع الكوارث ..وتتهدم المثل والأخلاقيات .. ويعم مجتمعاتنا الفوضى الفكرية والأخلاقية من جراء ذلك .. وقد صدق المصطفى عليه الصلاة والسلام في قوله : «ان أخوف ما أخاف على هذه الأمة كل منافق عليم اللسان» سلام عليك فاضلي كيفما شئت .. |
أخي محمد سلام الله عليك الموضوع كبير وعميق ويحتاج لأكثر من قراءة ولكنني وقفت عند هذه المقولة طويلاً .. ( كلما سمعت كلمة مثقف .. تحسست مسدسي ) فهي وحدها درس عميق وتكفي جوعاً ثقافياً لعشر سنوات قادمة أو اكثر فأنت هنا كمن علم المواطن كيف يزرع القمح بدلاً من أن يعلمه كيف يصنع الخبز أشكرك أخي محمد .. وسأعود بإذن الله لما تبقى تحية ... ناريمان |
الصديقة العزيزة سحر الناجى
لقد أبدعت ولخصت الموضوع كله فى فقرة واحدة , وهى اقتباس:
بالفعل , وما أكثر المنافقين , والأزمة الحقيقية ليست فيهم , فما هم إلا شراذم فكرية بائسة ليس لها أدنى تأثير فى الرأى العام , وهم ورثة للجناة الحقيقيين الذين أضلوا وضلوا فى الخمسينات ونشروا أفكار المذاهب الغربية وجعلوها مرجعيتهم ولكن .. المشكلة فى الأنظمة المتسلطة فى عالمنا العربي وأبواقها الإعلامية وصحفها وسينماتها وقنواتها التى جعلت من كل مسلم إرهابي , ومن كل مفكر رجس من عمل الشيطان !! لكن حركة الكون لا تتوقف , ومن سنن الكون أنه دوار دائما , وقد حانت اللحظة التى دارت فيها عقارب القرون دورة كاملة , وحانت العودة للأصول , والله المستعان |
اقتباس:
وعبارة جوبلز تستحق التوقف بالفعل , فقد استوردها العرب مع الأسف وفى انتظار عودتك .. |
الساعة الآن 12:52 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.