منتديات منابر ثقافية - الفارق بين المثقف .. وحامل المعلومات

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)

- منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)

- - الفارق بين المثقف .. وحامل المعلومات (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=25596)

الفارق بين المثقف .. وحامل المعلومات

[justify]

الفارق بين المثقف وحامل المعلومات

هناك كتاب مهم جدا للدكتور فؤاد زكريا المفكر المعروف عنوانه ( التفكير العلمى ) وفيه مقولة تلخص الكتاب كله يقول فيها ( التفكير العلمى يختلف عن تراكم المعلومات ) , ومن خلال تلك المقولة نعرف من هو المثقف ومن هو حامل المعلومات

هل المثقف هو من نسأله فى معلومة عامة أو تاريخية أو خلافه فيجيب عنها إجابة صحيحة ,
باختصار ..
هل المثقف هو من يفوز فى برنامج مثل برنامج من سيربح المليون مثلا ؟! ,
هل هو من يعرف تواريخ الأحداث وعواصم الدول و .. و ... الخ ..
طبعا لا ,
وأكررها بالطبع لا ليس هذا هو المثقف وليست هذه هى الثقافة بل هى مرحلة يسميها المفكرون مرحلة ( تراكم المعلومات ) , وليس معنى هذا أن هذه المرحلة ليست مهمة ,
كلا بالطبع ,
لكنها هى مرحلة أولية تشبه تماما مراحل التعليم الأساسي التى يقضيها التمليذ حتى الثانوية العامة , ومهمتها ليست تعليم الطفل العلم نفسه , بل فقط تدريب الطالب على تلقي العلم الحقيقي الذى يجده بعد ذلك فى المراحل الجامعية ,
وكذلك الثقافة فأول مراحلها دون شك هى حفظ واستظهار المعلومات وقراءة القصص والروايات وتكون مهمة تلك المرحلة فقط هى تدريب القارئ على القراءة ذاتها وعلى اعتياد تلقي المعلومات ,
ثم تأتى المرحلة التالية التى يدخل القارئ فيها لقراءة المؤلفات الفكرية والتاريخية وغيرها , وهنا يبدأ القارئ فى بناء نفسه كمثقف ..
والفارق بينهما كبير للغاية ,
فالقارئ الذى يقتصر فقط على أسلوب المرحلة الأولى فى حفظ ومعرفة المعلومات والأحداث يظل قابعا فى تلك المرحلة كجهاز كمبيوتر يستدعى المعلومة عند سؤاله لكنه يعجز بالطبع عن إبداء رأى أو الإتيان بفكرة أو إسقاط واقعة تاريخية على واقع حالى واستخلاص الحل منها , كذلك يعجز عن التمييز بين المعلومة الصحيحة وتلك المزورة أو المنقوصة ويعجز عن علاج أى مشكلة أو الرد على شبهة أو الدخول فى مناظرة ,
باختصار يعجز حامل المعلومات عن استخدام أهم ميزة مطلوبة فى المثقف أو المفكر أو حتى العالم وهى ميزة القياس والتفكير العلمى ونقد الواقع , فمعرفة وادراك المعلومات فى حد ذاتها ليست هدفا أو غاية بل هى مجرد وسيلة لمعالجة واقع حالى ,
ولهذا السبب وحده
نستطيع أن نفهم السر وراء سكوت القرآن الكريم عن قصص الغالبية العظمى من الأنبياء والرسل حيث اقتصر القرآن فقط على قصص منتقاه لخمسة وعشرين نبيا ورسولا تم ذكرهم فى القرآن وترك فى المقابل بقية قصص الرسل الذين يبلغ عددهم 314 رسولا , وبقية قصص الأنبياء البالغ عددهم 124 الف نبي , كل هذا العدد الضخم سكت عنه القرآن واستخلص رب العزة خلاصة العبرة والتاريخ من الأنبياء المذكورين وحدهم لأن قصصهم كانت تحوى الكفاية والعبرة الكاملة اللازمة للدعوة والباقي حتما مكرر ولا داعى لتكراره ..
وليس معنى هذا أن المطلوب منا الإقتصار فقط على جزء معين من التاريخ والعلم بل المهم أن نستخلص الفائدة وونعطى العقل مساحة للتفكر فيما قرأ كل فترة , وهذا أيضا يبين لنا عدم جدوى السعى وراء الكم الكبير من القراءة فى وقت قصير بل يجب إعطاء كل كتاب حقه من الوقت فى قراءة متأنيه ثم وقتا آخر لاستخلاص الفوائد والبحث عن رابط بينه وبين كتب أخرى فى نفس مجاله ,
وبهذا الأسلوب وحده يتضح لنا لماذا تصعد رموز معينة فى عالم الفكر كمشاهير يصنعون فارقا فى مجتمعاتهم ولا يستفيد المجتمع من آخرين كانت لهم قراءات مماثلة أو ربما أكبر من هؤلاء المشاهير , فالفارق يكمن فقط فى قدرة وموهبة عقل القارئ على استخدام المادة الخام للمعلومات الكثيرة وإعادة إنتاجها مرة أخرى بأفكار قابلة للتطبيق وحلول ناجزة وعميقة لمختلف المشكلات[/justify]