![]() |
من شعراء العصر العباسي ( أبو العتاهية )
أؤمل أن أخلد ( أبو العتاهية ) أؤَمِلُ أنْ أخَلَدَ والمنَايَا ......يَثِبْنَ عَليّ مِن كلّ النّواحي ومَا أدْرِي إذَا أمسيتُ حَيّاً لَعَلّي لا أعِيشُ إلى الصّبَاحِ |
أتبكِي لهذا الموتِ أم أنتَ عارفُ
( أبو العتاهية ) أتبكِي لهذا الموتِ أم أنتَ عارفُ بمنزلة ٍ تبقَى وفيهَا المتالِفُ كأنّكَ قد غُيّبْتَ في اللّحدِ والثّرَى ، فتلْقَى كمَا لاقَى القُرونُ السَّوالفُ أرى الموتَ قد أفْنَى القرونَ التي مضتْ فلمْ يبقَ ذُو إلفٍ ولم يبقَ آلِفُ كأنَّ الفتى لم يَفْنَ في الناسِ ساعة ً إذا أُعصِبَتْ يوماً عليهِ اللفائفُ وَقامَتْ عَلَيْهِ عُصْبَة ٌ يَندُبونَهُ، فمستعبرٌ يبكي وآخرُ هاتفُ وغُودِرَ في لحدٍ، كَريهٍ حُلُولُهُ، وتُعْقَدُ مِنْ لبنٍ عليهِ السقائِفُ يقلُّ الغَنَا عن صاحبِ اللحدِ والثَّرى بما ذَرَفَتْ فيهِ العُيُونُ الذوارِفُ وَما مَن يخافُ البَعثَ والنّارَ آمِنٌ، ولكنْ حزينٌ موجَعُ القلبِ خائفُ إذا عنَّ ذكرُ الموتِ أوجعَ قلبهُ وَهَيّجَ، أحزاناً، ذُنُوبٌ سَوَالِفُ وأعلمُ غيرَ الظنِّ أن ليسَ بالِغاً أعاجيبَ ما يَلقى منَ النّاسِ، وَاصِفُ |
أتجمَعُ مَالاً لاَ تُقَدِّمُ بَعْضَهُ
( أبو العتاهية ) أتجمَعُ مَالاً لاَ تُقَدِّمُ بَعْضَهُ لنفْسِكَ ذخراً إنَّ ذَا لسُقُوطُ اتُوَصِي لِمَنْ بعدَ المَمَاتٍ جَهَالة ً وتَتْرُكُهُ حَيّاً وأَنْتَ بَسِيطُ نصِيبُكَ مِمَّا صِرْتُ تَجْمَعُ دَائباً فَثَوْبَانِ منْ قِبْطِيَّة ٍ وَحَنُوطُ كأنَّكَ قَدْ جُهِّزْتَ تُهْدَى إِلى البِلَى لنَفْسِكَ فِي أيْدِي الرِّجَالِ أطبطُ |
أجَلُ الفَتَى مِمَّا يؤَمِلُّ أسْرَعُ
( أبو العتاهية ) أجَلُ الفَتَى مِمَّا يؤَمِلُّ أسْرَعُ وَأراهُ يَجْمَعُ دائِباً لا يَشْبَعُ قُلْ لِي لمَنْ اصْبَحْتَ تَجْمَعُ مَا أرَى البَعْلِ عِرْسِكَ لاَ أبَا لكَ تَجْمَعُ لا تَنظُرَنّ إلى الهوَى ، وَانظُرْ إلى رَيْبِ الزّمانِ بأهْلِهِ ما يَصْنَعُ الموتُ حَقٌّ لاَ محالة َ دُونَهُ ولِكُلّ مَوْتٍ عِلّة ٌ لا تُدْفَعُ المَوْتُ داءٌ ليسَ يَدفَعُهُ الدَّوا ءُ إذَا أتى ولكلِّ جنبٍ مصْرَعُ كمْ مِنْ أُخَيٍّ حيلَ دونَ لِقائِهِ، قَلبي إليهِ، من الجَوانحِ، مَنزَعُ وإذا كبرتَ فَهَلْ لنفْسِكَ لَذَّة ٌ مَا للكبيرِ بلذَّة ٍ متمتِعُ وإذا قنعتَ فأنْتَ أغْنَى من غَنِي إنَّ الفقِيرَ لكُلُّ منْ لاَ يقنعُ وإذا طلبْتَ فَلاَ إلى متضايقِ مَن ضَاق عنك فرِزْقُ رَبّك أوْسعُ إنَّ المطامِعَ مَا علِمْتَ مزلَّة ٌ للطّامِعِينَ، وَأينَ مَن لا يَطمَعُ إقْنَعْ وَلا تُنكِرْ لرَبّكَ قُدرَة ً، فاللّهُ يَخفِضُ مَن يَشاءُ، وَيَرْفَعُ ولرُبَّمَا انتفعَ الفتَى بضرارِ مَنْ يَنوي الضّرارَ، وَضرَّهُ مَن يَنفَعُ لا شيءَ أسرَعُ مِنْ تَقَلّبِ مَن له أُذْنٌ تُسَمّعُهُ الذي لا يَسمَعُ كُلُّ امرِيءٍ متفَرِّدُ بطباعِهِ لَيْسَ امْروءٌ إلاَّ عَلَى مَا يُطْبَعُ |
أخويَّ مرَّا بالقُبُور
( أبو العتاهية ) أخويَّ مرَّا بالقُبُو رِ، وسَلّمَا قَبلَ المَسيرِ ثمّ ادْعُوَا مَنْ عادَهَا منْ ماجدٍ قرمٍ فخورِ ومسوَّدٍ رحبِ الفناء ءِ أغَرَّ كالقَمَرِ المُنِيرِ يَا مَنْ تضمَّنُهُ المقَابِرُ بِرُ مِنْ كَبيرٍ، أوْ صَغيرِ |
أذَلَّ الحِرْصُ والطَّمَعُ الرِّقابَا
( أبو العتاهية ) أذَلَّ الحِرْصُ والطَّمَعُ الرِّقابَا وقَد يَعفو الكَريمُ، إذا استَرَابَا إذا اتَّضَحَ الصَّوابُ فلا تَدْعُهُ فإنّكَ قلّما ذُقتَ الصّوابَا وَجَدْتَ لَهُ على اللّهَواتِ بَرْداً، كَبَرْدِ الماءِ حِينَ صَفَا وطَابَا ولَيسَ بحاكِمٍ مَنْ لا يُبَالي، أأخْطأَ فِي الحُكومَة ِ أمْ أصَابَا وإن لكل تلخيص لوجها، وإن لكل مسألة جوابا وإنّ لكُلّ حادِثَة ٍ لوَقْتاً؛ وإنّ لكُلّ ذي عَمَلٍ حِسَابَا وإنّ لكُلّ مُطّلَعٍ لَحَدّاً، وإنّ لكُلّ ذي أجَلٍ كِتابَا وكل سَلامَة ٍ تَعِدُ المَنَايَا؛ وكلُّ عِمارَة ٍ تَعِدُ الخَرابَا وكُلُّ مُمَلَّكٍ سَيَصِيرُ يَوْماً، وما مَلَكَتْ يَداهُ مَعاً تُرابَا أبَتْ طَرَفاتُ كُلّ قَريرِ عَينٍ بِهَا إلاَّ اضطِراباً وانقِلاَبا كأنَّ محَاسِنَ الدُّنيا سَرَابٌ وأيُّ يَدٍ تَناوَلَتِ السّرابَا وإنْ يكُ منيَة ٌ عجِلَتْ بشيءٍ تُسَرُّ بهِ فإنَّ لَهَا ذَهَابَا فَيا عَجَبَا تَموتُ، وأنتَ تَبني، وتتَّخِذُ المصَانِعَ والقِبَابَا أرَاكَ وكُلَّما فَتَّحْتَ بَاباً مِنَ الدُّنيَا فَتَّحَتَ عليْكَ نَابَا ألَمْ ترَ أنَّ غُدوَة َ كُلِّ يومٍ تزِيدُكَ مِنْ منيَّتكَ اقترابَا وحُقَّ لموقِنٍ بالموْتِ أنْ لاَ يُسَوّغَهُ الطّعامَ، ولا الشّرَابَا يدبِّرُ مَا تَرَى مَلْكٌ عَزِيزٌ بِهِ شَهِدَتْ حَوَادِثُهُ رِغَابَا ألَيسَ اللّهُ في كُلٍّ قَريباً؟ بلى ! من حَيثُ ما نُودي أجابَا ولَمْ تَرَ سائلاً للهِ أكْدَى ولمْ تَرَ رَاجياً للهِ خَابَا رأَيْتَ الرُّوحَ جَدْبَ العَيْشِ لمَّا عرَفتَ العيشَ مخضاً، واحتِلابَا ولَسْتَ بغالِبِ الشَّهَواتِ حَتَّى تَعِدُّ لَهُنَّ صَبْراً واحْتِسَابَا فَكُلُّ مُصِيبة ٍ عَظُمَتْ وجَلَّت تَخِفُّ إِذَا رَجَوْتَ لَهَا ثَوَابَا كَبِرْنَا أيُّهَا الأتَرابُ حَتَّى كأنّا لم نكُنْ حِيناً شَبَابَا وكُنَّا كالغُصُونِ إِذَا تَثَنَّتْ مِنَ الرّيحانِ مُونِعَة ً رِطَابَا إلى كَمْ طُولُ صَبْوَتِنا بدارٍ، رَأَيْتَ لَهَا اغْتِصَاباً واسْتِلاَبَا ألا ما للكُهُولِ وللتّصابي، إذَا مَا اغْتَرَّ مُكْتَهِلٌ تَصَابَى فزِعْتُ إلى خِضَابِ الشَّيْبِ منِّي وإنّ نُصُولَهُ فَضَحَ الخِضَابَا مَضَى عنِّي الشَّبَابُ بِغَيرِ رَدٍّ فعنْدَ اللهِ احْتَسِبُ الشَّبَابَا وما مِنْ غايَة ٍ إلاّ المَنَايَا، لِمَنْ خَلِقَتْ شَبيبَتُهُ وشَابَا |
أرى الشيءَ أحياناً بقلبي معلَّقَا
( أبو العتاهية ) أرى الشيءَ أحياناً بقلبي معلَّقَا فلا بُدَّ أن يَبْلَى وأن يتمزقَا تصرفتُ أطواراً أرى كلَّ عبرة ٍ وكانَ الصّبا مني جَديداً، فأخْلَقَا وكُلُّ امرئٍ في سعيهِ الدهرَ ربمَا يفتحُ أحياناً لهُ أو يُغلقَا وَما اجْتَمَعَ الإلْفانِ إلاّ تَفَرّقَا وَحَسْبُ امرىء ٍ من رَأيه أن يُوَفَّقَا |
أسلُكْ منَ الطُّرُقِ المَنَاهِجُ
( أبو العتاهية ) أسلُكْ منَ الطُّرُقِ المَنَاهِجُ واصبرْ وإِنْ حُمِلْتَ لاَعِج وانبُذْ هُمُومَكَ أنْ تَضِيـ ـقَ بهَا، فإنّ لهَا مَخارِجْ واقضِ الحوائِجَ مَا استطَعْتَ ـتَ وكنْ لهَمّ أخيكَ فارِجْ فَلَخَيْرُ أيّامِ الفَتَى ، يَوْمٌ قَضَى فيهِ الحَوائِج |
أرَى الدّنْيَا لمَنْ هيَ في يَدَيْهِ
( أبو العتاهية ) أرَى الدّنْيَا لمَنْ هيَ في يَدَيْهِ عَذاباً، كُلّما كَثُرَتْ لَدَيْهِ تُهينُ المُكرِمينَ لهَا بصُغْرٍ وَتُكرِمُ كلّ مَن هانَتْ علَيهِ إذا استَغنَيتَ عَن شيءٍ، فدَعهُ وخذ ما أنتَ محتاج إليهِ |
أشدُّ الجِهَادِ جهادُ الورَى
( أبو العتاهية ) أشدُّ الجِهَادِ جهادُ الورَى ومَا كرَّمَ المرءَ إلاَّ التُّقَى وأخلاَقُ ذِي الفَضْلِ مَعْرُوفة ٌ ببذلِ الجمِيلِ وكفِّ الأذَى وكُلُّ الفَكَاهاتِ ممْلُولة ٌ وطُولُ التَّعاشُرِ فيهِ القِلَى وكلُّ طريفٍ لَهُ لَذَّة ٌ وكلُّ تَليدٍ سَريعُ البِلَى ولاَ شَيءَ إلاَّ لَهُ آفَة ٌ وَلاَ شَيْءَ إلاَّ لَهُ مُنْتَهَى وليْسَ الغِنَى نشبٌ فِي يَدٍ ولكنْ غِنى النّفس كلُّ الغِنى وإنَّا لَفِي صُنُعِ ظَاهِرٍ يَدُلّ على صانعٍ لا يُرَى |
أصْبَحتِ، يا دارَ الأذَى ،
( أبو العتاهية ) أصْبَحتِ، يا دارَ الأذَى ، أصْفاكِ مُمتَلىء ٌ قَذَى أينَ الذينَ عَهِدْتُهُمْ قَطَعُوا الحَياة َ، تَلَذُّذَا دَرَجُوا، غَداة َ رَماهُمُ رَيْبُ الزّمانِ، فأنْفَذَا سنصيرُ أيْضاً مِثْلَهُمْ عَمَّا قَليلٍ هكذا يَا هؤْلاَءِ تفَكَّرُوا لِلْمَوتِ يَغذُو مَنْ غذَا |
أقُولُ وَيَقضِي اللّهُ ما هوَ قاض
( أبو العتاهية ) أقُولُ وَيَقضِي اللّهُ ما هوَ قاضِي، وإنّي بتَقْديرِ الإلهِ لَرَاضِي أرَى الخَلْقَ يَمضِي واحداً بعدَ واحدٍ، فيَا ليْتَنِي أدْرِي متَى أنَا ماضِ كأنْ لَمْ أَكُنْ حَيّاً إذا احتَثَّ غاسِلِي وَأحكَمَ دَرْجي في ثِيابِ بَيَاضِ |
ألا أينَ الأُلى سَلَفُوا، ( أبو العتاهية ) ألا أينَ الأُلى سَلَفُوا، دُعُوا للموتِ واختُطفُوا فَوَافَوْا حِينَ لا تُحَفٌ، ولا طُرفٌ ولا لُطفُ تُرصُّ عليهمِ حُفرٌ وتُبنَى ثمَّ تنخسفُ لهُمْ مِنْ تُربِهَا فُرُشٌ وَمِنْ رَضراضِها لُحُفُ تَقَطّعَ مِنْهُمُ سَبَبُ الـ الرجاءِ فضيعوا وجُفُوا تَمُرّ بعَسكَرِ المَوْتَى ، وَقَلْبُكَ مِنْهُ لا يَجِفُ كأنّ مُشَيّعيكَ، وقَدْ رَمَوْابكَ، ثَمّ، وَانصرَفوا فُنُونُ رَداكِ، يا دُنْيا، لعمرِي فوقَ ما أصفُ فأنتِ الدارُ فيكِ الظلمُ ـمُ، والعُدوانُ، والسّرَفُ وأنتِ الدارُ فيكِ الهمُّ والأحزانُ والأسفُ وأنتِ الدارُ فيكِ الغدْ رُ، والتّنغيصُ، والكُلَفُ وَفيكِ الحَبْلُ مُضطَرِبٌ؛ وَفيكِ البالُ مُنكَسِفُ وفيكِ لساكنيكِ الغبنُ والآفاتُ والتلفُ وَمُلْكُكِ فيهِه دُوَلٌ، بهَا الأقدارُ تختلفُ كأنَّكِ بينهمْ كُرة ٌ تُرامَى ثم تُلتَقَفُ ترى الأيامَ لا يُنظِرْ نَ والساعاتِ لا تقِفُ ولَنْ يَبقَى لأهْلِ الأرْ ضِ لا عزٌّ، وَلا شَرَفُ وكُلٌ دائمُ الغفلا تِ والأنفاسُ تختطفُ وأيُّ الناسِ إلا مُوْ قِنٌ بالموتِ مُعتَرِفُ وَخَلْقُ اللّهِ مُشْتَبِهٌ، وسعْيُ الناسِ مُختلِفُ وما الدنيَا بباقية ٍ ستُنْزَحُ ثمَّ تُنتسَفُ وقولُ اللهِ ذاكَ لنَا وليسَ لقولهِ خُلُفُ |
ألا إنّ رَبّي قوِيٌّ، مَجيدُ، ( أبو العتاهية ) ألا إنّ رَبّي قوِيٌّ، مَجيدُ، لَطيفٌ، جَليلٌ، غنيٌّ، حَميدُ رأيْتُ المُلُوكَ، وإنّ عَظُمَتْ، فإنَّ المُلُوكَ لرَبِّي عَبيدُ تُنَافِسُ فِي جَمْعِ مَالٍ حُطَامٍ وكلٌّ يَزُولُ، وكلٌّ يَبِيدُ وكَمْ بادَ جَمْعٌ أُولُو قُوّة ٍ، وحِصْنٌ حَصِينٌ وقصرٌ مَشِيدُ ولَيسَ بباقٍ على الحادِثاتِ، لشيءٍ مِنَ الخَلْقِ رُكنٌ شديدُ وأيّ مَنيعٍ يَفُوتُ الفَنَا، إذا كانَ يَبلَى الصَّفَا والحَديدُ ألا إنّ رأياً، دَعَا العَبْدَ أنْ يُنيبَ إلى الله، رَأيٌ سَديدُ فَلا تَتَكَثّرْ بدارِ البِلَى ، فإنّكَ فيها وحيدٌ فَريدُ أرى َ الموتُ ديْناً لَهُ عِلَّة ٌ فَتِلْكَ الَّتِي كُنْتَ مِنْهَا تحِيدُ تيقَّظْ فإنَّكَ فِي غَفْلَة ٍ يَميدُ بكَ السُّكْرُ ،فيمَنْ يَميدُ كأنّكَ لم تَرَكَيفَ الفَنَا، وكيفَ يَمُوتُ الغُلامُ الرَّشِيدُ وكيفَ يموتُ المُسِنُّ الكَبيرُ وكيفَ يموتُ الصَّغِيرُ الوَليدُ ومَنْ يأْمَنِ الدَّهْرِ فِي وَعْدِهِ وللدّهرِ في كلّ وَعْدٍ وعيدُ أراكَ تُأمّلُ،والشّيبُ قَدْ وأنْتَ بظَنّكَ فيها تزيدُ وتَنْقُصُ في كُلّ تَنفيسَة ٍ، وأنَّكَ فِي ظَنِكَ قَدْ تزيدُ |
ألا إنّما الإخْوانُ عِنْدَ الحَقائِقِ، ( أبو العتاهية ) ألا إنّما الإخْوانُ عِنْدَ الحَقائِقِ، ولا خيرَ في ودِّ الصديقِ المُماذِقِ لَعَمْرُكَ ما شيءٌ مِنَ العَيشِ كلّهِ، أقرَّ لعيني من صديقٍ موافقِ وكلُّ صديقٍ ليسَ في اللهِ ودُّهُ فإنّي بهِ، في وُدّهِ، غَيرُ وَاثِقِ أُحِبُّ أخاً في اللّهِ ما صَحّ دينُهُ، وَأُفْرِشُهُ ما يَشتَهي مِنْ خَلائِقِ وَأرْغَبُ عَمّا فيهِ ذُلُّ دَنِيّة ٍ، وَأعْلَمُ أنّ اللّهَ، ما عِشتُ، رَازِقي صَفيَّ، منَ الإخوانِ، كُلُّ مُوافِقٍ صبورٍ على ما نابَهُ من بوائِقِ |
ألا إنّما التّقوَى هيَ العِزّ وَالكَرَمْ، ( أبو العتاهية ) ألا إنّما التّقوَى هيَ العِزّ وَالكَرَمْ، وحبكَ للدنيَا هو الذلُّ والعدمْ وليسَ على عبدٍ تقيٍّ نقيصة ٌ إذا صَحّحَ التّقوَى ، وَإن حاكَ أوْ حجمْ |
ألا إنّما الدّنيا علَيكَ حِصارُ ( أبو العتاهية ) ألا إنّما الدّنيا علَيكَ حِصارُ يَنالُكَ فيها ذِلّة ٌ وصَغارُ ومَالكَ فِي الدُّنيا مِنَ الكَدِّ راحَة ٌ ولاَ لكَ فِيهَا إنْ عَقَلْتَ قرارُ وما عَيشُها إلاّ لَيالٍ قَلائِلٌ، سراعٌ وأيَّامٌ تَمُرُّ قِصَارُ وما زِلْتَ مَزْمُوماً تُقادُ إلى البِلى ، يَسُوقُكَ لَيلٌ، مرّة ً، ونَهارُ وعارية ٌ ما فِي يَدَيْكَ وإنَّمَا يُعارُ لرَدٍّ ما طَلَبْتَ يُعارُ |
ألا يا بَني آدَمَ اسْتَنْبِهُوا، ( أبو العتاهية ) ألا يا بَني آدَمَ اسْتَنْبِهُوا، أما قدْ نُهيتُمْ فلا تنتهُوا أيَا عجباً مِنْ ذَوِي الاعتِبا رِ مَا منهُمُ اليومَ مُستنبِهُ طغَى الناسُ حتى رأيتُ اللبيبَ فِي غَيِّ طُغيانِهِ يعْمِهُ |
ألاً إنَّنَا كُلُّنَا بائدُ ( أبو العتاهية ) ألاً إنَّنَا كُلُّنَا بائدُ وأيّ بَني آدَمٍ خالِدُ؟ وبدءُهُمُ كانَ مِنْ ربِّهِمْ وكُلٌّ إلى رَبّهِ عائِدُ فيَا عَجَبَا كيفَ يَعصِي الإلهَ أمْ كيفَ يجحدهُ الجاحِدُ وللهِ فِي كلِّ تحرِيكَة ٍ وفي كلّ تَسكينَة ٍ شاهِدُ وفِي كلِّ شيءٍ لَهُ آية ٌ تَدُلّ على أنّهُ الواحِدُ |
ألاً للموتِ كأْسٌ أيُّ كَاسِ ( أبو العتاهية ) ألاً للموتِ كأْسٌ أيُّ كَاسِ وأنْتَ لِكَأْسِهِ لاَ بُدَّ حَاسِ إلى كَمْ، والمَعادُ إلى قَريبٍ، تذكِرُ بالمعَادِ وأنتَ ناسِ وكمْ منْ عِبرة ٍ أصْبَحتَ فِيهَا يلِينُ لَهَا الحَدِيدُ وأَنتَ قَاسِ بأيِّ قُوى ً تظنُّكَ ليْسَ تبْلَى وقدْ بليَتْ عَلَى الزَّمَنِ الرَّوَاسِي ومَا كُلُّ الظُّنُونِ تكُونُ حَقّاً ولاَ كُلُّ الصَّوَابِ عَلَى القياسِ وكلُّ مخيلة ٍ رُفعتْ لعينٍ لهَا وَجْهانِ مِنْ طَمَعٍ وَيَاسِ وَفي حُسنِ السّريرَة ِ كُلّ أُنْسٍ؛ وَفي خُبثِ السّريرَة ِ كُلّ بَاسِ وَلم يَكُ مُنَيَة ٌ، حَسَداً وَبَغْياً، ليَنْجُو مِنْهُمَا رَأساً برَاسِ ومَا شيءٌ بأخلَقَ أنْ تراهُ قَليلاً مِنْ أخي ثِقَة ٍ، مُؤاسِ وَما تَنْفَكّ مِنْ دُوَلٍ تَرَاهَا، تنقَّلُ منْ أنَاسِ فِي أُنَاسِ |
ألاَ للهِ أَنْتَ مَتَى تَتُوبُ ( أبو العتاهية ) ألاَ للهِ أَنْتَ مَتَى تَتُوبُ وقد صبَغَتْ ذَوائِبَكَ الخُطوبُ كأنّكَ لَستَ تَعلَمُ أي حَثٍّ يَحُثّ بكَ الشّروقُ، كما الغُروبُ ألَسْتَ تراكَ كُلَّ صَبَاحِ يَوْمٍ تُقابِلُ وَجْهَ نائِبَة ٍ تَنُوبُ لَعَمْرُكَ ما تَهُبّ الرّيحُ، إلاّ نَعاكَ مُصرِّحاً ذاكَ الهُبُوبُ ألاَ للهِ أنْتَ فتى ً وَكَهْلاً تَلُوحُ عَلَى مفارِقِكَ الذُّنُوبُ هوَ المَوْت الذي لا بُدّ منْهُ، فلا يَلعَبْ بكَ الأمَلُ الكَذوبُ وكيفَ تريدُ أنْ تُدعى حَكيماً، وأنتَ لِكُلِّ مَا تَهوى رَكُوبُ وتُصْبِحُ ضاحِكاً ظَهراً لبَطنٍ، وتذكُرُ مَا اجترمْتَ فَمَا تَتُوبُ أراكَ تَغيبُ ثمّ تَؤوبُ يَوْماً، وتوشِكُ أنْ تغِيبَ ولا تؤُوبُ أتطلِبُ صَاحِباً لاَ عَيْبَ فِيهِ وأيُّ النَّاسِ ليسَ لَهُ عيوبُ رأيتُ النّاسَ صاحِبُهمْ قَليلٌ، وهُمْ، واللّهُ مَحمودٌ، ضُرُوبُ ولَسْتُ مسمياً بَشَراً وهُوباً ولكِنَّ الإلهَ هُوَ الْوَهُوبُ تَحاشَى رَبُّنَا عَنْ كلّ نَقْصٍ، وحَاشَا سائِليهِ بأَنْ يخيبُوا |
الحِرْصُ لُؤمٌ، وَمِثْلُهُ الطّمَعُ، ( أبو العتاهية ) الحِرْصُ لُؤمٌ، وَمِثْلُهُ الطّمَعُ، مَا اجتمعَ الحِرْصُ قَطُّ والوَرَعُ لَوْ قنعَ النَّاسُ بالكفافِ إذَاً لا تّسَعُوا في الذي بهِ قَنِعُوا للمَرْءِ فيمَا يُقيمُهُ سَعَة ٌ، لَكِنّهُ ما يُريدُ ما يَسَعُ يا حالِبَ الدّهرِ دَرَّ أشْطُرِهِ! هلْ لكَ فيما حَلَبْتَ مُنتَفَعُ؟ يا عَجَبا لامرىء ٍ تُخادِعُهُ الـ السَّاعَاتُ عنْ نفسِهِ فينخدِعُ يا عَجَبا للزّمانِ، يأمَنُهُ منْ قَدْ يَرَى الصَّخْرَ عَنْهُ ينصَدِعُ عَجِبْتُ منْ آمِنٍ بمنزلة ٍ يَكْثُرُ فيهَا الأمرَاضُ والوَجَعُ عجِبْتُ منْ جَهْلِ قَومٍ قَدْ عرَفُوا الحقَّ فَوَلَّوْا عَنْهُ ومَا رَجَعُوا النّاسُ في زَرْعِ نَسْلِهِمْ وَيَدُ الـ الموتِ بِهَا حصدُ كلِّ مَا زرَعُوا ما شَرَفُ المَرْءِ كالقَناعَة ِ والصّبْـ ـرِ، على كُلّ حادِثِ يَقَعُ لمْ يزلِ القانِعُونَ أشرفَنَا يَا حبذَا القَانِعُونَ مَا قَنِعُوا للمَرْءِ في كُلّ طَرْفَة ٍ حَدَثٌ يذهِبُ منْهُ مَا ليْسَ يُرْتَجَعُ مَنْ ضاقَ بالصّبرِ عَنْ مُصِيبَتِهِ ضاقَ ولمْ يَتَّسِعْ لَهَا الْجَزَعُ الشَّمْسُ تَنْعَاكَ حينَ تغْرَبُ لَوْ تَدْرِي وتنعاكَ حِينَ تَطَّلِعُ حَتَّى متَى أنْتَ لاعِبٌ أشِرٌ حَتَّى متَى أنْتَ بالصِّبَا وَلِعُ إنَّ المُلوكَ الأُوَلَى مضَوْا سَلَفاً بادوا جَميعاً، وَما بادَ ما جَمَعُوا يَا ليْتَ شعرِي عَنِ الذّينَ مَضَوْا قَبْلي إلى التُّرْبِ، ما الذي صَنَعُوا بُؤْساً لَهُمْ أيَّ منزلٍ نَزَلُوا بُؤساً لهُمْ، أيّ مَوْقعٍ وَقَعُوا الحَمْدُ للْهِ! كُلُّ مَنْ سكَنَ الـ الدُّنيَا فَعَنْهَا بالموْتِ ينقَطِعُ |
المَرْءُ مَنظُورٌ إلَيهِ، ( أبو العتاهية ) المَرْءُ مَنظُورٌ إلَيهِ، مادامَ يُرجى ما لديهِ مَنْ كُنتَ تَبغي أنْ تَكو نَ، الدّهرَ، ذا فضْلٍ علَيْهِ فابذُلْ لهُ ما في يديكَ ـكَ وَغُضّ عَمّا في يَدَيْهِ |
ألمْ ترَ هذا الموتَ يستعْرضُ الخلقَا ( أبو العتاهية ) ألمْ ترَ هذا الموتَ يستعْرضُ الخلقَا ترَى أحداً يبقَى فتطمعُ أنْ تبْقَى لكُلّ امرىء ٍ حَيٍّ منَ المَوْتِ خُطّة ٌ يصيرُ إليَا حينَ يستكملُ الرِّزْقَا تَزَوّدْ منَ الدّنْيا، فإنّكَ شاخِصٌ إلى المنتهى واجعلْ مطيتكَ الصدقَا فأمسِكْ من الدّنيا الكَفافَ، وَجُد على أخيكَ، وَخُذْ بالرّفقِ، وَاجتنبِ الخَرْقا فإنّي رَأيْتُ المَرْءَ يُحرَمُ حَظَّهُ منَ الدّينِ وَالدّنْيا، إذا حُرِمَ الرّفْقَا وَلا تَجعَلَنّ الحَمدَ إلاّ لأهْلِهِ، وَلا تَدَعِ الإمساكَ بالعُرْوَة ِ الوُثْقَى ولا خيرَ فيمن لا يؤاسي بفضلهِ ولا خيرَ فيمن لا يُرى وجههُ طلقَا وليس الفتى في فضله بمقصرٍ إذا ما اتّقَى الرّحمانَ، وَاتّبعَ الحَقّا |
ألَسْتَ ترَى للدّهرِ نَقضاً وَإبرامَا، ( أبو العتاهية ) ألَسْتَ ترَى للدّهرِ نَقضاً وَإبرامَا، فهلْ تمَّ عيشٌ لامرئٍ فيهِ أو دامَا لقدْ أبتِ الأيامُ إلا تقلُباً لتَرْفَعَ ذا عاماً، وَتَخفِضَ ذا عَامَا ونحنُ معَ الأيامِ حيثُ تقلبتْ فترفَعُ أقواماً وتخفضُ أقوامَا فلا توطِنِ الدنيَا محلاً فإنَّمَا مُقامُكَ فيهَا لا أبا لكَ أيَّامَا |
الساعة الآن 03:12 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.