* سبعة دانية .. قانية
سبعة أيام تمر بنا هي .. عمر الزمان المختزل في أكوام من الدهر ..
بعد ثلاث ليال وقد تمسي أدهى وأمر .. تشرأب إلينا الأحداث بوقائع غلاظ .. أوهفاف .. تستحق النقش على عمرنا ..
البوح لا يسرد إلا همهماتنا .. تعاويذنا المتنصلة من قلوب استاءت على أركان غرف مهجورة ..
من السعد ..من الحيوية .. وإندمال الخزي .. وعُري تفاصيلنا ..
وليسامحنا الرب على خفايا الصدور التي لم يقدر اليراع على كشفها ..
ولتتنزل علينا الحمة بما حملناه في جراب ألسنتنا .. استغفار .. وتسبيح ..
ولنقل أن أيامنا التي يرتقها الغيب بما تدونه الصحائف .. سيكون مآلنا فيها إلى جنات عدن ..
أحب الخيال وأتلبد بمزنه .. أدنو منكم به إلى شغافكم بما اقتنصته من صحائفي اليومية ..
هنا جزء من سبعة أو سبعة في جزء مبهم من أرواحنا التي تماطل الأحياء وترنو إلى صمت الموتى ..
هنا حياة / جمال/ ابتهال / انثيال / اختيال / وتمتمة / وترنيمة لكل حرف شاء المكث أو أبى
تحية لي ولعبوركم سبعتي الظليلة المظلة ..

* فقط حين تبتسم ..
لثانيهم .. وثاني عطفه على مرمى الأيام ..
للأحد .. وتبتله المراوح مكانه .. وأمنيات تصطف على جوانبه وتنخر خاصرته ..
كيفما مررت بك .. عبرت زمنك راضية .. ولكنه الضجر المنقوش على بوادرك ..
ذلك الماثل ونحن نعد على أصابع الغروب أفولك لنقف على أخر درجة من الأسبوع ..
تمارس غطرستك أيها الواجم الثقيل ..تمارسها لأنك في المنتصف وقريب لبداية الصخب ..
وأقطعك مللآ .. وقد أقطعك إربآ .. لماذا سميت بالأحد .. وفيك كل أرقام السأم ..!
ولما أُنخي راحلة الوقت على الغسق لأنصب غيمة الفرح بجوار رابية الليل ..
أيقنت يا عابس الوقت , وحين وصلت إلى الجنوب من تضاريسك ..
أنك يوم جميل .. فقط حين تبتسم ..

* قلب .. يستشري بالضحك
فزعت .. لا ريب في ذلك .. هلعتُ ..لحظة إقبال اليوم الخامس بغيومه الماطرة ..
حينها .. وفي ناحية الشمال من رؤيتي ,, رسمت على وجه الرياض وعدآ ..
باستطاعتي .. أن أطير وألهو مع نوارس الصبح .. لأصل إلى زحل ..
أقدر على القفز بين ذرات الهواء .. وأمسك بقميص الرياح لأقده من ياقته ..
أنتِ يا أقمار الكون .. المائلة بمناكب من ضوء ..
ليتني كنت فيك جذعآ من غابات الضوء التي تطرز نجم الصبح بالبهاء ..
خذيني إلى غاباتك .. فلدي فرح طفلة ومزاج عصفور ..
وقلب .. يستشري بالضحك .. ولن يقول .. لا .. على متن الأمنيات ذات أجنحة مزاجية بيضاء ..
لديك عطر وحلم متواري خلف المريخ .. وحيطانه العالية ..
دعيني أصل هناك .. وأتسلق صمت أورانوس ,, وأركض إلى جنان وأساطير ..
هناك عالمي المحبوك بالسر الإلهي .. والمحاك بكواكب درية ..
هناك ميلادي مكتوب على نجوم أندروميدا .. وقد أمهره عطارد بكلماته الأخاذة ..
هناك أنا ضاعت بقيتي .. ولذا على أرصفة الأرض لا أعرفني ..
أنا الآن .. أجهلني تماما ,,

* قلبك يتمرغ على السقف ..
واليوم يدحجه التوتر .. حيث الساعة تتلمظ الوقت وتتجشأ الثواني النفاذة الرائحة ..
وهزيمك المدسوس من طائلة الرعد , يكفيه شرنقة في صدرك كي يتخذها موطنا ..
على جراب النهار تبدو تخدشات الصخب جلية ..
تُجهز على فألك بضربة معول وتخفيه في جيب زمن أسود اللزوجة
تشق غمام الرتابة بصفير يزلزل أوصال كرسي كان يدحجك ضجرا ..
مربك هو الوقت كلما نظرت إلى الحائط وأيقنت بتجمد الساعة ..
يشغر حزنك شفاه , دون أن يغمض لامتعاضك جفن ..
صمتك وجل يشطر غواية الروح ويضمدها بآهة رطبة ..
تزملك آية التراب فيك , بنصف وشاح للشتات ..
والحقيقة تهبط إليك فرادى وأشتاتا .. حتى يتجمع الهيكل في عقر حدقك ..
تناوشك عن بعد تراتيل لمأذنة في الزقاق الغربي
فتنتشل بقية صوابك .. وتهرع إلى الضوء ..
قبل أن يعاودك السراب

خالد الزهراني
مرحبآ بك أيها الرائع ..
وبتجوالك الأبيض في أنحاء رابيتي ..
أثر خطاك لا زال وميضه عالقا على عشبي ..
فسلام على قلبك الدافئ

* بعد منتصف الليل ..
حتى دغدغة الضوء من سماوات النور , لم تحرك ساكنا في جسد الظلام ..
حتى إذا هلت أسارير الحلم بغتة , واشتد وطيس الصمت , طاب لي أن أفتت الأمنية إلى أجزاء أبعثرها على وسادتي ..
جزء منها ظل ملتصقآ بعيني , ولم يجديني أن أغمض جفني كي ينزلق إلى صدري .. مكانه المعتاد
نظرتُ للمرة الخامسة إلى البدر المنبعج التكوير , شاحب البياض بصفرة الريح
وفي بدن الليل أثر أسود كجرح لا يداويه قناديل وقفت في الحي مشيحة برأسها إلى الأفق غير عابئة بي ..
وكلما طالت أفكاري واستطالت , لا تكدرني بفوضويتها المبعثرة فوق بساطي المنقوش برسومات سيريالية ,,,
وإنما استحالتها إلى وجوه تعبس في خاطري , وأطياف لا تصدق لواعجي ..
ثم تماهى إلي وقع شبح فار من سجن الخيال , ألم به التعب حتى جاس في حجرتي حلولا أهوج ..
كائن طيفي يقدم خطوة ويؤخر أخرى على وجل من بحلقتي في تفاصيله الغائبة كليآ بفعل ضوء السراج الباهت ..
ويسير إلى حواسي بوخز طفيف ودبيب أيقظ قشعريرة الخوف النائمة في سبات نبضاتي ..
عند الثالثة فجرا , جاءني الوعي وبلا وعد أو موعد ب " ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا"
حقيقة زالت كل الوجوه البشعة من الزاوية البعيدة في حجرتي ..
ورأيت وأنا أصفق الباب خلفي أتأبط نية للوضوء .. ابتسامة مجهولة لكائن من نور ..
حسبته كائن هبط من السماوات العلى ..

* إلقاء القبض على السبت
بقي يوم من السبعة لم أكتبه على جدار الزمن ..
مساحة مكتنزة بطلاسم , لم يقدر المصير على حلها ..
ذكريات .. وهبوب مفاجئ لغصات الضجر .. وضحكة للشتات ..
فالنهار العاري والفار من أصابع الشمس .. كان يلوذ إلى المغيب ..
يتوارى عن الأنظار خلف ظهر الأفق ..
كانت الشمس تنكس وهجها على رموش المدى ..
والأنجم تقبل بصخب سطوعها وتمارس الضجيج على روابي الكون ..
وهكذا في حضرة الكائنات المترقبة لحلول المساء ..
الجن والإنس شهدوا الواقعة المشؤومة ..
حين جاء الليل وألقى القبض على السبت ..
وزج به وراء قضبان النسيان ..

* مرادف لكلمة قيود
رأيت وجهي في زجاج ضحكته .. رويت له العديد من الطرائف ..
كان يوم ثلاثاء .. والمساء لم يعدله في الكون مساء ..
دنوت من قلبه قليلا لأجسه .. كان لايزال ينحتني على سقفه النابض بي ..
كنت أبحث في مقال عن القيد ..
فقلت له بعجالة : هل لديك مرادف لكلمة قيود ؟
فقال : نعم .. خدود .. عهود ..
ضحكت .. قلت معترضة : لا .. مرادف المعنى .. وليس الحرف ..
قال : حسنا .. أصفاد .. أغلال ..
قلت بفرح : رائع .. ساعدتني بالفعل ..
قال بحزن : كل هذه المعاني بغيضة ولا أحبها ..
وتمتم شاردآ : متى أكسر كل قيود المسافات التي تبعدني عنكِ ..!؟

* قطرة من كلماتي
ليلة الجمعة كنت أتوجه نحو ركن مظلم من ذاتي لأجلس هناك مطولا ..
ولكن عثرة تعلقت بخطوتي .. فركلتها وبقيت دونها لا أتحرك ..
أرسم الكرز على حدائق النجوم .. واقطف العنب من كروم القمر ..
في اليوم الخامس من تنصيب مغرق بمراسيم غامضة ..
فقدت قطرة من كلماتي المبللة بالنحيب ..
انزلقت على راحتي الهشة الذابلة فاعتركت مع فوج العرق ..
جبيني الذي أقسم بالإنبساط ..
هاهو يعيد الكرة .. ويحنث ..
وخطوطه تتلبد بالقهر من جديد ..

* قال لي الخميس :
- ضعي نظارتكِ جانبآ واجمعي فتات الضجر من سخونة الوقت ..
هاكِ زمرة من الحراك .. وأناملي التي تكورت على الوقت الغاضب عند الظهيرة ..
كنت أتصور كل حدق مدسوس وراء الأبواب .. ويتخذ من الشبابيك كوة إلى الحرية ..
كنت أنحت وجها للقلوب الخافقة ببقايا الامتعاض .. وأخالها تعجن الأيام بين نبضاتها ..
فقط أزقة الليل ما تطلق سراحها .. لتجوس العتمة ببقايا الذكريات ..
وعلى كرسي الحدس .. وقفت الأرواح تطالع القمم بحذر وتستجديها العون ..
بين الفجر والسحر .. جاءت غيمة تزف للوجود ولادة المطر ..
وعند جبين الجمعة .. بات كل شئ أخضر .. ولامع ..
لأن الطهر مر من هنا هنيهة .. ورحل مع السحاب ..

* سآخذكِِ إلى القمر
بعد ثلاث خطوات مشيتها نحو الباحة عدت أدراجي ..
أمنيتي كفتات تكوم في زاوية الإثنين .. وتجمعت اليعاسيب حوله تشرذمه أشتاتا ..
قيل لي : بأن القمر والمشتري .. سيقترنان هذه الليلة ..
وأشاعوا أن السماء ستموج بلقاء ضوئي فريد , ونادر الحدوث
أيقنت أن النجوم في لحظتي تصطنعالراهنة الضوء , وحين أُشيح عنها تخبو ..
ولكن البدر كان وحده في كبد السماء وأزاح عملاق الأنجم ..
قال لي : أرقب الغروب والنجوم عل بصري يلتقي بنظراتك هناك ..
وهمس : سآخذك إلى القمر .. ولو كان هذا آخر ما سأفعله في عمري ..
بعد ساعة .. فتحت أهدابي على رعشة كانت تمر غاضبة على جسدي ..
رحل القمر .. ولم أرحل إليه بعد ..

* حين قتلوه
ثلاث دواب بأجنحة وجماجم عجيبة تحوم حول جسد مهترئ على رأس الطريق ..
والشمس تشير إلى الفقيد بمآق بللتها عبرات سخية ومنديل أحمر ..
ثلاثة ألسنة بلعاب متوهج يلعقون بقايا الحياة ..
وثمة نجوم تطل فتهلع وتهرب وتعد الليل بمجئ قريب ..
ثلاثة ساعات غطت ذاك الجثمان بكفن الغسق ..
كان اليوم الثلاثاء كعادته يمر متبخترآ بجانب متجر ناء ..
حين داهمه الظلام وأطلق عليه رصاص أسود ..
فسقط يتخبط بدمائه الزمنية ..

السبت .. أنين الزمن في بقعة مكدسة بالوقت ..
زحام الأرصفة , شجار الأصوات , نداء العصافير , وتجهم الخطوات ..
وعلى سقف المدينة يلوح الغروب مجهدا ..
وفي محفل العتمة يجئ المساء ليبشر الكائنات ..
بولادة الأحد ..

أخي عدنان حمدان ..
بادرتك الزمنية كيوم تسور بمحراب البياض ..
فأضفى على تقاسيم صفحتي بإضافة شذية ..
شكرآ كبيرة لك سيدي ..

وطأة الدهر تئن من خطاها حجارة الحيرة ..
تحط المساءات بأجنحتها الرمادية على بقاع المدينة ..
والخميس الذي انتهت صلاحيته , حلقت روحه على تراب من العدم ..
لم يخلف سوى كسرة من الذكرى التي تعاهدته طيور الليل الجائعة ..
والمدى يتفتت .. ويتكسر ليظهر من هشيمه وجه الجمعة الباهر ..

* وقالو أربعة وثالثهم غيابهم ..
لكزني الليل بصوت باهت لوليد الأحد ..
صوته الذي تناغم مع وجوم المساء وتخلله ضحكة بوهيمية لفتية كانوا يتسكعون في أقصى الحي ..
دنا صوتهم وتدلى على حواسي كخيوط ترتجف في رياح أنفاسي ..
قال أحدهم : لن أذهب غدآ للمدرسة .. أشعر ببداية أعراض الزكام ..
وعلق آخر : وأنا سأرافق أبي إلى المزرعة صباحآ كي نجرد المحصول السنوي ..
وأضاف الثالث : أما أنا فلم أؤدي واجب الرياضيات .. لذا لن أذهب غدا ..
وأردف رابع : وأنا أشعر بوخز يؤلمني في ساقي بعد أن وقعت قبل قليل على الرصيف ..
وجاء الصباح .. وعم الطرقات صمت مريب ..
وكانت المدارس شبه خالية إلا من أطياف باهتة للمدرسين ..