منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   الغرض من النقد _ نظرة مغايره (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1777)

ايوب صابر 10-08-2010 10:59 PM

الغرض من النقد _ نظرة مغايره
 
الغرض من النقد - نظرة مغايره

عندما تبحث عبر فضاء الانترنت عن "الغرض من النقد" باللغة العربية لا تجد سوى عدد محدود جدا من المقالات والتي لا تبحث في الموضوع بشكل مباشر بينما في المقابل تجد كم هائل من المقالات في اللغة الانجليزية.

لا شك ان للنقد دور هام جدا في النهوض الادبي فهو من ناحية يشكل التغذية الراجعة بالغة الاهمية بالنسبة للكاتب وتساعده على تطوير عمله الادبي ولكن يظل السؤال:
- ما الهدف من النقد ؟
- اي ما هو دور النقد؟
- وما هو الغرض منه؟

دعونا اولا نستعرض بعض ما كتب عن الغرض من النقد من المصادر العربية والاجنبية ثم نرى ان كان بالامكان تقديم تصور جديد ومغاير لغرض النقد مبنى على فهم ادق للعملية الابداعية وطبيعتها وماهيتها؟ وعسى ان يساهم هذا المقال في استيعاب دور النقد وتحديد الغرض منه ومن ثم المساهمة في تنشيط الحركة النقدية والادبية العربية.

ولعل محترفي وهواة النقد المشاركة معي في رصد ما قيل عن الغرض من النقد بصورة ملخصة ومحددة وبهدف دراسة هذا الفضاء دراسة معمقه والاستفادة القصوى.

ايوب صابر 10-08-2010 11:07 PM

أغراض النقد

إن النقد كنوع من أنواع النشاط النظري في الأدب, يتقلب في أغراض شتى, تتسع باتساع وجوه الأعمال الانسانية في الأدب, وفي الحياة خارجه.
ثمة إذاً نوعيتان من أغراض النقد: نوعية الموضوعات التي تقدمها الحياة مباشرة, وتضعها وجهاً لوجه أمام الناقد, ونوعية الموضوعات التي يقدمها له الأدب, ويطرحها عليه ليبدي رأيه فيها, يما ينبغي من السلب والإيجاب كما بينا منذ حين.
ويتجه لي أن نعتبر النقد في نطاق النوعية الأولى, وجهاً من وجوه النظر الفكري عامة, وغرضاً من اغراضه, والنظر الفكري نوع من نشاط النظر العقلي سيأتي الكلام عليه بعد حين, وهو النوع الذي خصصناه بالنظر الفكري والفلسفي في شئون الحياة, أما النظر في شئون الأعمال الأدبية على العموم, فيتجه الى أن نخص به النقد في نطاق النوعية الثانية, بحيث لايبقى من أغراض هذا الأخير, إلا ما هو من نشاط الأدب نظراً أو عملاً, وهكذا تصبح أغراض النقد الذي نحن بصدده, جميع الأنواع الأدبية واغراضها واشكالها واتجاهاتها بلا استثناء, فالنقد من هذه الناحية أدب ينظر في الأدب, يحلله ويقومه, استناداً إلى مفهوم الناقد ومقاييسه, التي لا تغفل بحال من الأحوال عن المؤثرات العامة التي تؤثر في شخصية الأديب, وبالتالي في أدبه من بيئة طبيعية, وأفكار وأنظمة في شتى الميادين, وعوامل زمينة ووراثية وعنصرية وسواها, تؤلف بمجملها كيان المجتمع, وتفعل فعلها في الأديب ونتاجه الذي يمثله, ويمثل الفئة الاجتماعية التي ينتمي اليها ويبلورها ويعبر عنها, من هنا أن النقد هو الناقد, كما أن الأدب هو الأديب, فما قلناه في هذا المجال الأخير سابقاً, نتبناه بنصه في مجال الكلام على النقد, فليذكره من يذكر, وليعد اليه من يشاء استزادة أو استعادة.
أما من أغراض النقد, فنذكر أدب الحكمة وأدب النقد نفسه, وأدب التاريخ, والفكر والفلسفة والعلم, وأدب المسرح والقصة, والأمثال, والأدب الوجداني, وسائر الأنواع الأخرى وأغراضها وأشكالها, ولا نغفل عن ذكر الأصول الجمالية العامة, والاصول اللغوية والبلاغية والعروضية, وكل ما يرتكز اليه بناء الأدب, وتنهض عليه شوامخه وروائعه, فإلى هذه الاغراض كلها ينسب النقد, وبها يعرف.

النقد الفني في الأدب
إلا أن ثمة غرضاً للنقد ليس من نطاق الاعمال الأدبية, بل من نطاق الاعمال الفنية الجميلة, ذلك هو النقد الفني, الذي يصح أن يكون نوعاً من النقد, كالنوع الأدبي, وإن كانا يلتقيان في الأسس النظرية والغايات والمذاهب, غير أن الفرق بين غرضيهما واضح لا يحتاج الى كشف, وإذا كانت الحركة الفنية في الماضي معدومة عندنا أو تكاد, مما أوجب إغفال ذكر هذا النوع من النقد حتى الآن, فليس يعني ذلك أن نظل عند أبواب ما شرعه لنا الدارسون التقليديون, فلا نخصص للنقد الفني مكانته, فيبقى مجهولاً أو يتيماً وتبقى الابحاث في الفنون الجميلة تائهة تحت عناوين ليست لها والحركة الفنية آخذة في النمو والنضوج يوماً فيوم, وهي واصلة الى عطائها العميم فلنتدارك الأمر, ولنفسح لها في مجال النقد, مجالاً ينمو معها ويتطور بتطورها.

أشكال الأدب النقدي
هناك الشكل الرئيسي والكلاسيكي المعروف, لأنواع النقد وأغراضه, ونعني به شكل التأليف الكتبي, الذي لا يزال على رواجه, رغم بروز أشكال جديدة مستحدثة, وهناك إلى جانبه, شكل المقالة الصحفية, من مثل ما نراه في الجرائد الأدبية والمجلات, وهو شكل راج برواج النشر الصحفي وما برح صاعداً معه, وقد أدى هذا الشكل المستحدث خدمات كبرى, في تعميم الحس الأدبي ورفع المستوى الثقافي لدى الجماهير, وهناك الأحاديث التي تبثها محطات الراديو والتفزيون على مستمعيها ومشاهديها.
وأخيراً هناك المحاضرات والمناظرات التي تلقي في المنتديات العامة, أو في قاعات الكليات الجامعية, والمدارس وفي سواها من أمكنة النشاط الثقافي ووسائله المعروفة والمرتقبة, ولا شيء يمنع أدب النقد من أن يأتي في قالب الشعر الأصولي, كما يأتي في قالب النثر, فلقد جاءت نماذج عديدة من هذا القبيل, إلا أن حائل الوزن وصعوبة مراسه, يجعلان العمل فيه شاقاً من جهة, ومقيداً من جهة أخرى, ومصطنعاً من كل الجهات بحيث لا يبقى في الساحة مطواعاً سهلاً ملائماً له, إلا قالب النثر المرسل!


الحياة, ابتغاء التحليل والدراسة, وبياناً لمواضع الخطأ ومواطن الصواب, استناداً إلى وجهة نظر الناقد ومقاييسه ومفاهيمه.
من هنا أن النقد مذاهب وتيارات, تتصل بقواعد الفكر واتجاهاته عند كل ناقد, ومن هنا, انه خاضع للنقد كذلك, مثلما تخضع له ايضاً ألوان العمل الأدبي وغيره من الأعمال.
والعلاقة الجدلية التي ألمنا بها مفصلاً, بين النظر والعمل عامة, هي نفسها بطبيعتها وجوهرها, تقوم بين النقد كنوع من أنواع النظر الأدبي, وبين الأغراض والموضوعات التي يتناولها, مما سنوضحه بعد حين.

http://www.alahdnews.com/content.php...27&issue_id=13

ايوب صابر 10-08-2010 11:11 PM

حول النقد الأدبي

بقلم صبيحة شبر

النقد فن التمييز بين الأساليب ، وتبيان مميزات العمل الأدبي وعيوبه ، او هو الحكم لصالح العمل او ضده
وكلمة ( نقد ) في اللغة العربية ، تعني تمييز الدراهم ، وإخراج الزائف منها ، ثم تطورت اللفظة بعد ذلك الى الكشف عن محاسن العمل الأدبي ومساوئه ، وقد نشأ النقد مع نشوء الأدب او بعده بقليل ، فاذا اعتبرناه يسير مع الأدب ، فنعني ان الأديب حين ينتهي من كتابته للنص ، يعيد قراءته ، كاشفا أخطاءه ، مقوما عيوبه ،فيحذف كلمة واضعا مكانها كلمة أخرى يجدها أكثر جمالا ،او يشطب على جملة مغيرا إياها ، إلى جملة اشد ابهارا وبهاء ، وأكثر وقعا في نفس المتلقي من تأثير الجملة الأولى ،،، وحين نقول ان النقد الأدبي باتي بعد النص ، نعني بكلامنا ان الكاتب حين ينتهي من كتابته نصه ، يطبعه لينشره بين الناس ليمكنهم من الإطلاع عليه ، ويأتي الناقد ويقرا الكتاب المنشور ، فيحلله مبينا مميزاته وعيوبه ، وحين يطلع القاريء على النصوص الأدبية ، وتثير به الإعجاب او قد لا تتمكن من إثارة ذلك الإعجاب ، فالإعجاب او عدمه لانطلق عليه لفظة النقد ، بل لابد من المضي الى أكثر من إظهار الإعجاب ، بخطوات أخرى ، يبين بها القاريء أسباب إعجابه بنص معين ، وتبيان مناطق القوة والضعف ،،
يبدأ ( النقد ) بانطباع يتركه النص في نفس القاريء المتلقي ، وينتهي بحكم ، وهذا الحكم لابد ان يبنى على أسس متعارف عليها ، من الذوق المرهف المصقول ، والثقافة المتنوعة ، ودراية واسعة بأمور السياسة وعلم الاجتماع ومعرفة بالتاريخ والجغرافية والأديان
وقد تطور ( النقد ) في العصر الحديث ، وتعددت مناهجه ، ولكن يبقى المعنى العام له واحدا ، منذ أرسطو وحتى اليوم ، وهو لا يعدو ان يكون أسئلة عقلية يطرحها الشخص الذي يتصدى للعملية النقدية ، عن مضمون النص ، والطريقة التي سلكها الأديب ،، للتعبير عن أفكاره ، وعواطفه ، وليس الأدب مضمونا فقط ، انما هو شكل جميل أيضا ، كما ان المضمون ليس فكرا خالصا ، بل تصحبه العواطف والمشاعر ، فمهمة الناقد هي الكشف عن مضامين النص الأدبي الفكرية والعاطفية ، والكيفية التي لجأ إليها الكاتب للتعبير عن تلك المضامين ،، تأتي بعد ذلك عملية التقويم ، بمعنى الحكم لصالح العمل الأدبي او ضده ، وهذا الرأي الذي تراه جمهرة النقاد ، تختلف فيه معهم مجموعة من النقاد ترى ان مهمة النقد تقتصر على الكشف عن مضامين النص الأدبي ، وأسلوبه ، اما مسالة الحكم فتترك للقاريء
العملية النقدية تمر بثلاث مراحل ، تسمى
- المرحلة الأولى منها مرحلة ( التفسير ) وتعني تبيان المعنى العام الذي أراد الأديب ان يعبر عنه ،، - المرحلة الثانية تسمى مرحلة ( التحليل ) هو شرح الطريقة التي سلكها الأديب للتعبير عن أفكاره وعواطفه ، أي الشكل الذي ارتضاه الأديب وعاء ليحمل مضامينه من أفكار وعواطف ورؤى ، ويريد بها ان تصل الى القاريء بشكل جميل ،،،
- المرحلة الثالثة هي ( التقويم ) وتعني إظهار مدى نجاح الأديب او فشله في التعبير عن المضمون بالشكل المناسب
الناقد لا يستطيع الحكم على النص الأدبي بيسر وسهولة ، اذ لابد ان تدعمه الثقافة الواسعة بعلم الكلمة ومدلولاتها وجمالها والاستعمال الحقيقي لها و المجازي ،والنقاد يختلفون بالطريقة التي ينظرون بها للنص الأدبي ، فيهتم الواحد منهم بجانب معين ومحدد ، البعض يهتم بالمضمون ، وآخر يعنى بالشكل ، بعضهم يرى ان العمل الأدبي صورة لمنشئه ونسميه المنهج النفسي في النقد ، وفئة ثانية من النقاد تعتقد ان العمل الأدبي صورة للواقع الاجتماعي وهو ما نطلق عليه المنهج الاجتماعي ،، ومجموعة ثالثة من النقاد ، ترى ان النص الأدبي موجود بصورة مستقلة عن الأديب الذي أنشأه ، وعن المجتمع الذي عاش بين أبنائه ، ويسمى هذا المنهج الفني
ان العمل الأدبي نوع من الفنون الجميلة ، التي تعتمد على اللغة وتراكيبها ، للتعبير عن المضامين ، والإشكال بأسلوب فني جميل ، قادر على التاثير في المتلقي والسمو بعواطفه ومشاعره

ايوب صابر 10-08-2010 11:18 PM

دور النقد؟

بقلم احمد عدلي

ما هو دور النقد الأدبي أو رسالته في تعليم القارئ كيف يتذوق العمل الفني ويفهمه ... خاصة عندما يكتب الناقد في جريدة شعبية ... بشكل واضح أنا لا أفهم الكتابة إلا كعمل تواصلي، ولا أستطيع أن أتصور نفسي أكتب لنفسي بل لا أفهم الكتابة إلا كرسالة حتى لو اعتبرني البعض موديلا قديما لم أتخلص من أدران الحداثة وأندس في عوالم ما بعد الحداثة... فعندما يصر الناقد الذي يكتب في جريدة شعبية أن يكتب لغة أكاديمية أو معقدة مستغلقة على الفهم بالنسبة للمثقف غير المتخصص الذي يحاول أن يبدأ أولى خطواته في عالم قراءة الأدب فلا أعتقد أن هذا الناقد يقدم الرسالة الصحيحة ، مثال كتب الناقد المصري المعروف صلاح فضل في جريدة الأهرام عن ديوان محمود درويش "كزهر اللوز أو ابعد " ما نصه: " نلاحظ أن لغة السرد الشعري سرعان ما تمضي متوازية وموقعة على نسق التداعي الوجداني المتمثل في الجمل الإنشائية المفعمة بالتوتر لتنعقد كثافتها في عدد من البؤر المركزة تتجمع عندها حالات الوجود و التعبير في انخطافة واحدة" فهل هذا النص النقدي الذي يبدو أكثر تعقيدا من النص الشعري الذي يتحدث عنه مناسب لموقعه في جريدة شعبية غير متخصصة في النقد والأدب؟ أعتقد أن الناقد إذا أصر على كتابة مثل هذه اللغة المستغلقة فيجب عليه أن يكتفي بالكتابة في الدوريات الأدبية التي يقرؤها متذوقوا الأدب الراسخين في العلم باساليب النقد الأدبي وتعبيرات النقاد

نقطة أخرى فلقد ألقيت نظرة على مدارس النقد الشائعة ، ولكنني أعتقد أن المدارس الأكثر شيوعا في نقدنا العربي المعاصر هي تلك التي ترى أن وظيفة الناقد هي تفسير النص سواء في ضوء الملامح الذاتية لشخصية الكاتب (وهي المدارس الرومانسية) أو في ضوء دراسة علاقات النص بعضها ببعض (ليس بغرض النظر في ملامح الاسلوب الأدبي وطرائقه بل بغرض تفسير النص واكتشاف معانيه الكلية) أو علاقة النص بالخلفية الاجتماعية والطبقية لكاتبها( من ذلك النقد المتأثر بنظرية بالبنائيةالتوليدية وأفكار لوسيان جولدمان ) .. هذه الطريقة التي تجعل الهدف من قراءة النص هو استخراج الدلالة والقيام بمهمة تفسيرية تهمش للغاية البناء الجمالي للنص الأدبي رغم أنه الأساس الذي بدونه لا يعتبر الأدب أدبا من الأساس ... التشكيل الجمالي اللغوي هو لب العمل الأدبي وليس مناسبا أن يجعل الناقد همه في تدمير هذا التشكيل لاستخراج المعنى المخبأ داخله لأن المعنى مرتبط بالبناء اللغوي ارتباطا لا يمكن فصله ... فليس صحيحا أن المعنى المختبئ في قول الشاعر
"أضحى التنائي بديلا عن تدانينا
وناب عن طول لقيانا تجافينا"
هو " لقد افترقنا بعد طول قرب ومودة " فالتأثيرات العاطفية التي تصنعها الموسيقى والمجازات هي جزء لا يتجزأ من معنى البيت الشعري ، أي المدلول العقلي /العاطفي الذي يخلق في القارئ عند قراءة البيت وعندما يلقي أحدهم البيت فإن اسلوب الإلقاء يدخل ايضا ضمن المؤثرات التي تخلق المعنى في نفس المستمع .. إن التصور بأن الأسلوب هو شيء زائد عن المعنى هو أمر غير صحيح بالمرة لأن التعبير الأدبي لا يمكن أن يكون له معنى أصلا إذا خلصناه من تشكيله الجمالي، فالمعنى في العمل الأدبي هو عين الشكل.

http://www.shrooq2.com/vb/showthread.php?t=4606

ايوب صابر 10-08-2010 11:42 PM


ماهو النقد الأدبي ؟

- استعملت اللغة العربية لفظ النقد لمعان ٍ مختلفة :
الأول : تمييز الجيد من الردىء ، قالوا : نقدت الدراهم وانتقدتها : أخرجت منها الزيف وميزت جيدها من رديئها، ومنه : التـنقاد والانتقاد ، وهو تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها .

والثاني : العيب والانتقاص . قالت العرب : نقدته الحية إذا لدغته ، ونقدت رأسه بأصبعي إذا ضربته , ونقدت الجوزة أنقدها إذا ضربتها . وفي حديث أبي الدرداء : إن نقدت الناس نقدوك ، ومعناه إن عبتهم وجرحتهم قابلوك بمثل صنيعك .

2- واستعمل الأدباء العرب كلمة النقد بالاستعمالين لنقد الكلام شعره ونثره على السواء ، وبدأ ظهور ذلك في القرن الثالث الهجري على وجه التقريب ، ويقول البحتري عن أبي العباس ثعلب : ما رأيته ناقدا للشعر ، ولا مميزا للألفاظ ، ورد عليه آخر فقال : أما نقده وتمييزه فهذه صناعة أخرى ، ولكنه أعرف الناس بإعرابه وغريبه . وألّف قـُدامة كتابيه " نقد الشعر " , و " نقد النثر " . وألّف ابن رشيق " العمدة في صناعة الشعر ونقده " .

3- وسارالنقاد العرب في نقدهم على كل من الاستعمالين :
(أ) استعملوه في القديم والحديث على معنى التحليل والشرح والتمييز والحكم , فالنقد عندهم دراسة الأشياء وتفسيرها وتحليلها وموازنتها بغيرها المشابهة لها ، أوالمقابلة ، ثم الحكم عليها ببيان قيمتها ودرجتها ، وأكثر الذين كتبوا في النقد العربي مشوا على هذا المعنى .

(ب) واستعملوه كذلك بمعنى العيب والمؤاخذة والتَّخطئة ، فألـّف المرزباني " الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء " ، ويريد بالعلماء النقاد . ولايزال النقد مستعملا بهذا المعنى حتى اليوم عند بعض النقاد المعاصرين ، ويقابله التقريظ ، فهو المدح والإعجاب ، من قرظ الجلد إذا دبغه ، وذلك إنما يكون للتحسين والتزيين .

4- ويعرّف المحدثون النقد – بناء على المعنى الأول في الاستعمال اللغوي – فيقولون : إنه التقدير الصحيح لأي أثر فني ، وبيان قيمته في ذاته ودرجته بالنسبة إلى سواه . فكلمة النقد تعني في مفهومها الدقيق " الحـُكم " ، وهو مفهوم نلحظه في كل استعمالات الكلمة حتى في أشدها عموما .


والنقد الأدبي في أدق معانيه هو فن دراسة الأساليب وتمييزها ، على أن نفهم لفظة الأسلوب بمعناها الواسع ، وهو منحى الكاتب العالم وطريقته في التأليف والتعبير والتفكير والإحساس على السواء .

فللنقد مهمتان مختلفتان : مهمة التفسير ، ومهمة الحكم ، أي إصدار الأحكام الأدبية في قضايا الأدب ومشكلاته .

وجملة الأمر أن النقد الأدبي هو الحـُكم الذي تصدره على الشعر والنثر ، وأنه عند المحدثين تقدير النص الأدبي تقديرا صحيحا ، وبيان قيمته العامة ، والموازنة بينها وبين ما يشابهها من الآثار .. وأصول النقد قراءة وفهم وتفسير وحكم ، والغرض منه دراسة الأساليب أو الكـُتـَّاب أو الآراء والأفكار .

5- ومن الضروري أن نعرف النقد بدءً – منذ استمع الإنسان إلى الأدب شعرا ونثرا – بأحكام عامة مقتضبة ، موجزة , لا تحمل تعليلا ، ولا تستصحب أسبابها ، شأن الأحكام العامة التي يرشد إليها الذوق ، ويكون للفطرة الأدبية مدخل فيها ، دون أن تتأثر بنزعة علمية ، أو منهج عقلي ، أو أسس موضوعة .

كذلك كان شأنه في الأدب العربي ، في العصر الجاهلي ، حكم دون تعليل ، لأن أحكام الذوق والفطرة التي لم تسترشد بمناهج أو أصول موضوعة لابد أن تكون كذلك .. ثم أخذ يرتقي العقل ، وينضج الحس الأدبي ، ويرتفع مستوى الملكات ، وبدأ العقل لا يقنع بأن يرسل الحكم إرسالا دون أن يوضحه توضيحا ، فأخذ يومىء من بعيد على سبيل الرمز والتلويح إلى السبب . وبعد أن بدأ تدوين العلوم والثقافات ، وأخذ العقل العربي يضع أصولا للبيان والنقد ، بدات أحكام النقد تصطبغ بصبغة علمية موضوعية ، فالحـُكم بجانبه السبب والعلة ، والنقد يحمل معه طابع التوجيه والتعليل للوصول إلى أحكام موضوعية .

فالنقد في الآداب العربية هو " شرح الشعر ، وتقرير طريقة الشعر الجاهلي لتكون منهجا للشعراء ، لا حركة العقول والأفكار وأكبر مظاهره عندهم هو علم البلاغة " .

وهكذا تجد أن أصول النقد هي : قراءة ، وفهم ، وتفسير , وحُـكم .


وأن الغرض منه كما يقول بعض النقاد : دراسة الأساليب أو نفوس الكـُتـَّاب ، أو دراسة الآراء والأفكار .

على أن النقد ذو صلة وثيقة بالذوق ، وليس هو مطلق الذوق ، بل ذوق ذوي الثقافات الأدبية العالية . والنقد فن وليس بعلم ، فليس له قاعدة ثابتة



http://www.fonaizah.com/main/lettres/71-gzezh-zbdjup-zbgpin-.html

ايوب صابر 10-09-2010 06:07 AM

Purpose of Criticism

The most important function of criticism is to make the casual reader or spectator aware of qualities and values in a work of art that he may have overlooked.
ان اهم غرض للنقد هو جعل المتلقي العادي يتعرف على مميزات وابعاد واعماق النص للعمل الفني والتي قد يكون مر عليها دون ان يلاحظها

Certain great masterpieces might be puzzling, dull, or even unknown to the general public unless there were critics to point out their value and significance. Criticism also stimulates discrimination between good and inferior works.
كما ان الغرض من النقد هو توضيح الفرق والتمييز بين العمل الادبي الجيد والاقل جوده

The function of the critic is particularly important in the 20th century, when works of art often seem obscure and difficult to appreciate.


Many of the leading American poets and painters also write criticism to clarify their intentions or to explain the difficult elements in their work.

هناك ايضا الكثير من الشعراء والفنانين الذين يقومون على تقديم نقد يهدف الى ايضاح اعماق العمل الادبي او الفني الخاص بهم والجوانب الغامضة فيه
As a result of the complexity of modern art, most contemporary critics are interpreters of particular works rather than general theorists.

ساره الودعاني 10-09-2010 02:07 PM

اقتباس:

دور النقد؟

ما هو دور النقد الأدبي أو رسالته في تعليم القارئ كيف يتذوق العمل الفني ويفهمه ... خاصة عندما يكتب الناقد في جريدة شعبية ... بشكل واضح أنا لا أفهم الكتابة إلا كعمل تواصلي، ولا أستطيع أن أتصور نفسي أكتب لنفسي بل لا أفهم الكتابة إلا كرسالة حتى لو اعتبرني البعض موديلا قديما لم أتخلص من أدران الحداثة وأندس في عوالم ما بعد الحداثة... فعندما يصر الناقد الذي يكتب في جريدة شعبية أن يكتب لغة أكاديمية أو معقدة مستغلقة على الفهم بالنسبة للمثقف غير المتخصص الذي يحاول أن يبدأ أولى خطواته في عالم قراءة الأدب فلا أعتقد أن هذا الناقد يقدم الرسالة الصحيحة ، مثال كتب الناقد المصري المعروف صلاح فضل في جريدة الأهرام عن ديوان محمود درويش "كزهر اللوز أو ابعد " ما نصه: " نلاحظ أن لغة السرد الشعري سرعان ما تمضي متوازية وموقعة على نسق التداعي الوجداني المتمثل في الجمل الإنشائية المفعمة بالتوتر لتنعقد كثافتها في عدد من البؤر المركزة تتجمع عندها حالات الوجود و التعبير في انخطافة واحدة" فهل هذا النص النقدي الذي يبدو أكثر تعقيدا من النص الشعري الذي يتحدث عنه مناسب لموقعه في جريدة شعبية غير متخصصة في النقد والأدب؟ أعتقد أن الناقد إذا أصر على كتابة مثل هذه اللغة المستغلقة فيجب عليه أن يكتفي بالكتابة في الدوريات الأدبية التي يقرؤها متذوقوا الأدب الراسخين في العلم باساليب النقد الأدبي وتعبيرات النقاد
أستاذ أيوب صابر..

سأحتفظ بالموضوع في مستنداتي.. شكرا لك على المجهود الرائع

تحيتي لك.

ايوب صابر 10-09-2010 03:40 PM

شكرا ساره الودعاني على دعمك وتواصلك الدائم - ارجو العلم بان المقال بقلم احمد عدلي كما يشير الرابط الذي قمت على ادراجه.

ايوب صابر 10-09-2010 06:18 PM

On the purpose of criticism

Some time ago I posted some thoughts on Cynthia Ozick's Harper's essay "Literary Entrails" (see "Academic Criticism Criticized"). Belatedly, I notice that there was a good posting in response to it at Scott Esposito's Conversational Reading which concludes that "Ozick's better criticism . . . would add another reason to read, a further way to engage a book once it had been closed and to continually re-think and re-evaluate books that have been around for a while. This might not bring any new readers into the fold, but it might make better readers out of those who already do so. Over time, I think that would make books better for everyone." I like the idea that the critic's role is to keep us engaged and to encourage us to "re-think and re-evaluate" what we have read; as both this author and Ozick emphasize, the pace of reviewing can be too hasty to allow for a "slower, more contemplative critical approach to literature." For myself, I have been finding it exhausting trying to keep pace at all with the texts and topics addressed in litblogs and literary journals: I'm starting to look forward to the start of the teaching term in September because I will be back to worrying obsessively over a small handful of books, and to feel grateful for "the canon," however unstable or elastic its definition, if only because the very idea of a canon implies that there is no obligation to pay attention to everything!

Meanwhile, at The Reading Experience, Dan Green has some good things to say about the distinction between reviewing and criticism: "The essential task of criticism is not to evaluate fiction. It is an essential task of reviewing, but criticism can take place entirely outside the context of judgment and evaluation, or at least it can take place in a context that assumes evaluation and judgment have already taken place.

Some of the best criticism attempts not to argue for the merits of a particular work but to describe and analyze a work the critic already values and wants to "read" more closely.

Sometimes this results in convincing readers of the quality of the work, but doing that has not been the critic's primary task." I like to think in terms of appreciation rather than evaluation, because it sidelines the issue of taste. I can appreciate a work of fiction for being artful, well-crafted, original, historically significant, etc. without actually liking it (Pamela, anyone?). Yet I am unlikely to devote a lot of critical time (or classroom time) to any text that I am not personally convinced has value, whether artistic, intellectual, social, or some combination. We value different books for different reasons, after all. I'm not sure I'd want to convince anyone of the quality of, say, Gaskell's Mary Barton, though I enjoy reading and teaching it and consider it an important example of Victorian social problem fiction. On the other hand, I find I am prepared to expend a great deal of energy convincing people of the value of Bleak House or Middlemarch! Of course, when past works are the ones at issue, there's presumably no longer any question of reviewing them--or is there? Actually, that's an interesting question, and one linked to my ongoing musings about the potential role of something like a blog in my own work. How or why could writing about a 'classic' be relevant, useful, desirable to a contemporary audience? I still hold to the fairly simple distinction that reviewing is a form of literary journalism that requires a specific occasion as an incentive, while criticism has more abstract (longitudinal?) interests. In any case, I like Green's comment that criticism is "a way of paying attention and of perhaps assisting others in the effort to pay closer attention." Like the comments at Conversational Reading, this one reminds me of Booth's idea of "coduction," which seems to me an excellent model of the way our judgments of literature are in fact formed and reformed.

Posted by Rohan Maitzen at
Labels: Blogging, literary criticism

http://maitzenreads.blogspot.com/200...criticism.html

عبده فايز الزبيدي 10-09-2010 08:19 PM

لا ذنبَ للنقد العربي و أساطينه
إذا كان أبناء العرب لا ينقلونه
للناس, و الأديب لا ينتظر النت حتى يقرأ أو يقدم موضوعاً عن أي قيمة أديبة.
بعد شكرك د. أيوب ,
اسمح لي أن أشاركك على استحياء:
النقد يبدأ قبل ظهور المنتج الأدبي, حين نجد جواباً لسؤال عباس العقاد في كتابه ( مُطالعات في الكتب و الحياة) :
كيف يفهم الجيل الأدب؟ ....!!!!
و حين يظهر الجواب على شكل تصور للمتغيرات و الثوابت , تأتي المرحلة الثانية للنقد
و التي عبرَّر عنها الدكتور / عبدالعزيز عتيق في كتابه (تاريخ النقد الأدبي عند العرب):
( ... الأدب يتصل بالطبيعة اتصالاً مباشرا , و النقد يراها من خلال الأعمال الأدبية التي ينقدها ..)
فما النقد و ما الأدب ؟
يجيب عبدالعزيزعتيق فيقول:
( ... الأدب ذاتي من حيث أنه تعبير عمّا يحسه الأديب ..... أما النقد فذاتي موضوعي , فهو ذاتي من حيث تأثره بثقافة الناقد و ذوقه, و مزاجه و وجهة نظره , و هو موضوعي من جهة أنه مقيد بنظريات و أصول علمية ...) انتهى .
_فالناقد هو ذلك المتزمت تجاه حريات الأدب و الأدب هو ذلك الكائن المتحرر نحو آفاق جديدة
و الحراك بين ذلك الجناحين هو الذي يرفع بطائر الأدب نحو السماء و ليس تقليد الغرب في أدابها الذي لم يخلف لنا سوى مسخا أدبيا لن يرتقي لمعلمه الغربي و لن يقبله الذهن العربي , و مدارس النقد المترجمة التي
لم تضف معياراً نستطيع أن نقيس به أصالة المنتج الأدبي العربي من زيفه .
أخيرا :
النقد العربي ما يزال بخير ,و العقول العربية الأصيلة قادرة على الإبداع
ومن قرأ للعقاد في الماضي القريب ,
و من يقرأ إبداعات الدكتور / عبدالله الفيفي الآن , يجد برهانا على ما أقول.

محبتي.

ايوب صابر 10-10-2010 12:11 PM

الاخ الاستاذ عبده فايز الزبيدي
اقتباس : "عبدالعزيزعتيق فيقول: ( ... الأدب ذاتي من حيث أنه تعبير عمّا يحسه الأديب ..... أما النقد فذاتي موضوعي , فهو ذاتي من حيث تأثره بثقافة الناقد و ذوقه, و مزاجه و وجهة نظره , و هو موضوعي من جهة أنه مقيد بنظريات و أصول علمية ...) .

اشكرك على مرورك الكريم وعلى هذه المداخلة الثريه.

ايوب صابر 10-28-2010 03:49 PM

الغرض من النقد الأدبي- نظرة مغايرة: أوراق ساخنة (11)

الدارس لموضوع النقد وتطوره يجد أن النقد كان في بداياته يعتمد على الذوق وكان بسيطا ساذجا انطباعيا، لكنه مع مرور الزمن تطور إلى مناهج تقوم على أسس محددة، ومع ذلك ظل يعني كما في اللغة تمييز الجيد من الرديء، والبحث عن أسباب الاستحسان والاستهجان، واستخلاص عناصر الجمال، وتبين سمات القبح، بغرض تقويم العمل الأدبي وتقييمه، وإصدار الحكم عليه، وذلك من خلال دراسته والنظر في كل عنصر من عناصره واكتشاف محاسنه وعيوبه، وقد تتوسع الدراسة النقدية لتشمل جو النص أي العصر الذي قيل فيه، وصاحب النص، ومناسبة قوله، إضافة إلى القضايا التي يحويها النص، والأفكار الرئيسية التي يتضمنها، كما قد يتطرق النقد إلى الأسلوب الذي اتبعه المؤلف والذي يشتمل بدوره على المشاعر والانفعالات التي تظهر في النص إضافة إلى الصياغة الخارجية، ويتضمن الألفاظ والتراكيب، والصنعة الأدبية، والإيقاع، والألفاظ ودلالاتها.

وعلى الرغم أن مفهوم النقد قد تطور تطورا كبيرا لكنه ظل محصورا إلى حد بعيد في أصول أربعة أساسية وهي القراءة ، والفهم ، والتفسير، والحكم...ونجد أن وظيفة النقد النهائية وغايته ظلت تتمحور حول التفسير وإصدار الأحكام.

ومع أن الكثير من المحدثين قد تبدلت نظرتهم إلى وظيفة النقد الأدبي فلم تعد عملية إصدار الحكم هي الأساس عندهم بل أصبحت تتمحور حول تقدير النص الأدبي تقديرا صحيحا وبيان قيمته، لكننا نجد بأن إصدار الحكم على النص الأدبي المراد نقده بل وتخطئة العمل الأدبي الإبداعي، وكشف عيوبه تظل غاية النقد الرئيسية عند الأغلبية.

بل إننا ما نزال نجد من بين النقاد من يظن بأنه يمتلك الحق المطلق في تنصيب نفسه حاكما مطلقا يصدر أحكاما نقدية تؤدي أحيانا إلى وأد العمل الأدبي الإبداعي برمته وموته سواء لأسباب انطباعية مزاجية أو ربما لان النص لا ينسجم مع المنهج النقدي الذي يتبناه الناقد في تناوله للعمل الأدبي أو الفني والذي قد يكون قائم على أسس فكرية معينة أو قناعات وقواعد محدده خاصة بعد انتشار مناهج النقد الأدبي القائمة على مدارس فكرية أو سياسية على نطاق واسع، أو ربما لان عقل الناقد لا يترقي لمستوى عقل المبدع من حيث القدرات الإبداعية أو الثقافة والمعرفة.

ونجد انه حتى من يؤمن بأن مهمة الناقد يجب أن تقتصر على الكشف عن مضامين النص الأدبي وأسلوبه فأنهم يتركون مسألة الحكم على النص للقارئ.

وكل ذلك يشير دون لبس أن الغرض من النقد لم يتبدل كثيرا منذ بدايات ولادة النقد، بل أن الغاية والغرض والهدف ظلت دائما إصدار الحكم في نهاية المطاف على النص الخاضع للنقد مهما تعددت التسميات ومهما تم فلسفة الموضوع وكأن النص ومبدعه يخضعان للمحاكمة والتقييم وفي الغالب ضمن معايير الناقد نفسه.

فهل هذا هو الغرض من النقد؟ وهل هناك ما يستدعي إعادة النظر في الغرض من النقد؟ وما الغرض الذي يجب على النقد السعي من اجله؟

في الواقع إن غموض العملية الإبداعية في كل المجالات وليس فقط في المجال الأدبي واستمرار العجز عن فهم كافة إبعادها وأسرارها وكنهها ومصدرها بشكل كامل، والإعجاز المذهل الذي يمكن أن تحتويه المخرجات الإبداعية غير المفهومة في عصر ولادة العمل الإبداعي والذي كثيرا ما اشتملت عليه الأعمال الإبداعية، إضافة إلى تطور فهمنا للعملية الإبداعية كسمة إنسانية معقدة، حيث أصبح ينظر إليها على اعتبار أنها عمليات عقلية معقدة ناتجة عن عقل خارق في قوته اللامحدودة ويمتلك مقومات خارقة، يسميه البعض العقل الباطن والبعض الآخر يسميه اللاوعي ويقارنه عالم النفس فرويد بالجزء المغمور من جبل الجليد بالنسبة للوعي، وانه في حالة أذا ما عمل هذا العقل الخارق بوتيرة عالية كنتيجة لمرور الشخص المبدع في ظروف مأساوية، كما تقول نظريتي في تفسير الطاقة الإبداعية والتي أشارت إلى أن القدرة الإبداعية مصدرها طاقة ذهنية متفجرة تتناسب طرديا مع كثافة المآسي التي يمر بها المبدع وعلى رأسها اليتم الذي يمكن أن يصنع العباقرة الأفذاذ الخالدون كنتيجة لما يمتلكوه من طاقه إبداعية هائلة وفي أعلى حالاتها، وعليه فأن المخرجات الإبداعية الناتجة عن هذا العقل يمكن أن تكون خارقة وإعجازية، قد تأتي بجديد، ثوري، وغير مسبوق، الذي يصبح يعمل بوتيرة عالية وقد لا يتم فهم كافة أبعاد هذا العمل الإبداعي حتى من قبل صاحب النص الإبداعي نفسه أو معاصريه مهما امتلكوا من العلم والثقافة والتأهيل، وأحيانا كثيرة يتطلب الأمر مرور أزمان طويلة لفهم أبعاده ومعانيه وإشكالاته وسبر أغواره بشكل حقيقي واسع وعميق.

ويمكن لكل تلك الأسباب أن يكون العمل الإبداعي عبقري وإعجازي وفيه أسرار اعجازية هائلة وأبعاد غير مرئية أو ظاهره، ويصعب كشفها بسهولة من قبل المتلقي وأحيانا المبدع نفسه، وبحيث يكون ما يمكن أنه يشكل إضافة غير مستساغة أو مقبولة لعقل الناقد أو الجمهور أو المؤسسات التي دائما تدافع باستماتة عما هو قائم وسائد ومألوف، قد يكون يمثل حالة إبداعية عبقرية اعجازية فذة ونادرة وينتمي في معطياته لازمان قادمة، قد لا يفهمها الناقد المعاصر للعمل الإبداعي مهما ارتقى في قدرته على التفسير وسبر أغوار النصوص وخاصة إذا كان عقله يعمل بوتيرة اقل من عقل المبدع نتيجة لعدم تفجر طاقات دماغه على شاكلة المبدع وعلى اثر عدم مروره بتجارب مأساوية مفجعة على شاكلة المبدع صاحب النص كما اشرنا سابقا وحسب شرح نظرية تفسير الطاقة الإبداعية للعملية الإبداعية.

أيضا تظهر الكثير من الحالات التي تم فيها رفض مخرجات عقول بعض العباقرة الأفذاذ المبدعين المجددين في أزمانهم، وتراكمات ما حصل للكثير من الأعمال والنظريات والأفكار الإبداعية المجددة والتي جاءت بجديد غير مسبوق وغالبا ما كان يتناقض في طرحه ومعطياته مع السائد والمألوف أو يطرح بديل إبداعي وغير مسبوق سواء من حيث الشكل أو المضمون، تشير كل هذه الحالات بأن هناك سجلا حافلا يشير إلى تعرض مثل هذه الأعمال الإبداعية إلى الرفض والقتل أحيانا كثيرة، لا بل تجاوز ذلك في الكثير من الأحيان لمحاكمة صاحب العمل الإبداعي والحكم عليه بأقصى عقوبة وصلت في أحيان كثيرة إلى السجن والحرق والقتل وهي أحداث مسجلة عبر التاريخ بشكل بارز.

وكثيرا ما نجد أن أسباب وأد هذه الأعمال الإبداعية وأصحابها كانت تحدث لأنها كانت تأتي بجديد غير مألوف ثوري ومغاير لما كان سائدا، مما ظل يعتبر انقلابا حادا يستدعي الحكم على صاحبة بأقصى العقوبات التي قد تصل إلى الموت أحيانا في محاولة لطمس العمل الإبداعي ومعطياته لنجد فقط انه وبعد قرون يعود العالم لاكتشاف عظمة مثل تلك الأعمال الإبداعية ويقوم على رد الاعتبار لهذه الأعمال وأصحابها.

كل ذلك يستدعى دون أدنى شك ضرورة إعادة النظر في الغرض من عملية النقد، لان العملية الإبداعية تظل غاية في التعقيد وقد تأتي بمخرجات مهولة مذهلة قد لا يتنبه لها حتى المبدع نفسه وعليه أرى بأن سلطة الناقد في إصدار الأحكام على الأعمال والمخرجات الإبداعية يجب أن تتوقف والى غير رجعه، مهما كان موقع هذا الناقد وسواء كان فردا أو مؤسسة.

ويجب أن لا يمتلك احد السلطة على رفض مخرجات عقل مبدع أو إصدار أحكام مطلقة عليه مهما بدت هذه المخرجات هزيلة أو مختلفة أو معقدة أو جديدة أو مجنونة في شكلها ومضمونها أو لأنها ضد السائد والمألوف أو لأنها ضد منهجيات وقوانين ومدارس نقدية تم وضعها من منطلقات فكرية أو فلسفية أو نفسية أو انطباعات شخصية، فلا شك أن العملية الإبداعية قد تظل عصية على عقول النقاد لان مصدرها قوة خارقة هي العقل بقوته اللامحدودة.

وبدلا من ذلك يجب أن ينحصر دور الناقد في محاولة فكفكة أسرار وأبعاد وأعماق العمل الإبداعي ومحاولة كشف الجوانب الاعجازية والجمالية فيه والتي غالبا ما تتفلت وتخرج من عقل المبدع الخارق في قوته أثناء العملية الإبداعية، وأحيانا كثيرة يحدث ذلك بصورة تلقائية غير واعية لا يدركها المبدع نفسه.

كما أن دوره يجب أن يكون مثل دور المنقب في منجم أو الغطاس الباحث عن اللآليء في قعر المحيط وان يجتهد في عمله ذلك، لكن عليه أن لا يجزم برؤية واستنتاج مطلق بل عليه أن يبقى الأبواب والاحتمالات مفتوحة فهما أبدع في عمله فربما يكون قد عجز عن فهم الكثير من الأعماق والأبعاد الاعجازية أو بعضها في النص، وان ذلك يتطلب ناقد من زمن قادم وحتى هذا الناقد القادم من زمن آخر عليه أن يبقى الأبواب مفتوحة لاجتهادات أخرى تظل قائمة.

إذا فليتوقف وأد الأعمال والعقول الإبداعية فورا!!!!


الساعة الآن 03:18 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team