منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر ديوان العرب (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=48)
-   -   من شعراء العصر الحديث ( فدوى طوقان ) (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1646)

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:34 PM

من شعراء العصر الحديث ( فدوى طوقان )
 
أشواق حائرة
( فدوى طوقان )


ماذا أحس ؟ هنا ، بأعماقي
ترتجّ أهوائي و أشواقي
بي ألف إحساس يحرّقني
متدافع التيار ، د فّاق
ألف انفعال ، ألف عاطفة
محمومة بدمي ، بأعراقي
ماذا أحسّ ؟ أحسّ بي لهفاً
حيران يغمر كلّ آفاقي
جفت له شفتاي و ارتعشت
أظلاله العطشى بأحداقي
نفسي موزّعة ، معذّبة
بحنينها ، بغموض لهفتها
شوقٌ إلى المجهول يدفعها
متقحمّاً جدران عزلتها
شوقي الى ما لست أفهمه
يدعو بها في صمت وحدتها
أهي الطبيعة صاح هاتفها ؟
أهي الحياة تهيب بابنتها؟
ماذا أحسن ؟ شعور تائهةٍ
عن نفسها ، تشقى بحيرتها
قلبي تفور به الحياة و قد
عمقت ومد ّت فيه كالامد..
فتهتزّ أغواري نوازعه
صخّابةً ، فاقة المدد
و يظل منتظراً على شغف
و يظل مرتقباً على وقد
أحلام محروم تساوره
متوحد في العيش منفرد
و يود لو تمضي الحياة به
للحب ،مصدر فيضها الابدي!
و هناك تومىْْْءلي السماْْْْْْْْء وبي
شوق إليها لاهف عارم
فأحس إحساس الغريب طغى
ظمأ الحنين بروحه الهائم
و أرى كواكبها تعانقني
بضيائها المترجرج الحالم
تهمي على روحي أشعتها
وتلفّه بجناحها الناعم
فأودّ لو أفنى و أدمج في
عمق السماء و نورها الباسم
مالي يزعزعني ويعصف بي
قلق عتيٌ جائح الألم
تتضارب الأشواق حائرة
في غور روحي ، في شعاب دمي
الأرض تعلق بي و تجذ بني
و تشدّ قبضتها على قد مي
و هناك روحي هائم شغف
بالنور فوق رفارف السدم
مستحقراً الأرض ، تفزعه
دنيا التراب ، وهوّة العدم
روحي يلوب بدار غربته
عطشاً الى ينبوعه السامي
فهناك أصداد يسلسلها
صوت السماء بروحي الظامي
وهنا ،هنا ،الأرض يهتف بي
صوت يقيّد خطو أقدامي
صوتان .. كم لجلجت بينهما
يتنازعان شراع أيامي
أنا كيان تائه قلق
يطوي الوجود حنانه الظامي !

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:35 PM

أعطنا حباً
( فدوى طوقان )


الاهداء
(( إلى الهاربين من القلق والضياع))
فدوى
- - -
عام 1957
-1-
انتهينا منه ، شيعناه ، لم نأسف عليه
وحمدنا ظلّه حين توارى
دون رجعة
لم نصعد زفرةً خلف خطاه
لم نرق بين يديه
دمعةً ، أو بعض دمعه
بعد أن جرّعنا من كأسه المرّ الحقود
بعد أن أوسعنا لؤماً وغدراً
وجحود
غاب عنّا وجهه الممقوت ، لا عاد لنا
كان شريراً ، أمات الشّعر فينا
والمنى
كان شرّيراً ، وكانت
عينيه تنضح قسوة
كرع اللذّة من آلامنا
وأتى قتلاً وتمزيقاً على أحلامنا
وعلى أشلائنا نقّل خطوة
عصفت هبّاته الهوج بأشواق رؤانا
بعثرت آمالنا عبر الدروب المغلقة
أوصدت باب الغد المأمول في وجه منانا
وثنت خطواتنا المنطلقة
انتهى ، ما كان إلاّ نزوات وجنونا
كان ارهاقا وتعذيبا وهونا
وانتهينا منه ، شيعناه ، لم نأسف عليه
لم نرقرق دمعةً واحدةً بين يديه
آخر ديسمبر 1957

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:35 PM

أغنية البجعة
( فدوى طوقان )


((يشتد غناء البجعة إذا جرحت، ومن هنا أخذت الاسم لهذه القصيدة الجريحة . . . ))
- - -
كان وهماً نحن أعطيناه شكلاً
وحياه
ثم روّيناه لوناً
وعبير
وعشقناه ، عشقنا وهمنا الغالي الغرير
وحصرنا الشوق في دنيا رؤاه
كان وهمأً عاش فينا
بعض لحظات قصيرة
فمنحناه شعوراً وخيالاً
ووهبناه ضياءً وظلالاً
ومنىً تزهو وأحلاماً كثيرة
في الليالي الممطرات الدفء شدنا حوله
معبداً أفعمه خصب الهوى شعراً وفناً
وعلى أجنحة النشوة طوفنا به
وتعبدنا لدى محرابه
وتلونا ، كم تلونا
سور الحب لديه ، كم عزفنا
أغنيات البهجة الكبرى له
فترةً ، ثم تلاشى ذات ليله
حينا هبّت رياح
ذات عصفٍ هائج ، ذات احتياج
وتلاشى ، ما تبقّى منه إلا
بعض ذكرى مثقلة
بالجراح
بعض ذكرى منه هيأنا لها نعشاً –
وقبراً
ودفنّاها بصمتٍ
ونضحناها بعبرة
وتركنا عندها آخر زهره
عبقت عبر جواء الموت شعراً

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:36 PM

أنا والسر الضائع
( فدوى طوقان )


ما زلت والدرب بعيد طويل
أبحث في المجهول عبر الزمان
عن ضائع أبحث ، عن سرّ
ظننته أنأى من المستحيل
ما انفك يجري خلفه عمري
وهو وراء الغيب في لا مكان
كان دعاني صوته المفعم
والعمر فجرٌ والصّبا برعم
ولم يزل يعمر قلبي صداه
عذباً ، قوياً، فائراً كالحياة
مستغلقاً ، كأنه طلسم
ولم أزل أبحث عنه سدى
في ألف وجه من وجوه الحياة
في الليل ، في الإعصار ، في الانجم
وهو يناديني وينأى مداه
ولم أزل أبحث حتى رمى
بي اليأس في ظلامه المعتم
وسرت والايام أمشي إلى
لا غاية ، لا مأمل ، لا رجاء
وسرت شيئاً ميّت الروح لا
أبحث عن شيء،
وفي نفسي
ثلج وليل ، ووطأة اليأس
تخنق في نفسي بقايا النداء
وكان يوم ، كان صبح رطيب
فتحت عيني على ضوئه
وخلف أجفاني حلمٌ قريب :
وجه أليف ومكان غريب
تفتّحت روحي في فيئه
وثلج قلبي ذاب في دفئه
فتحت عينيّ وكان النهار
صافي المجالي ضاحك الشمس
وكان بي حسّ خفي الدبيب
توقّعٌ مستبهم ، وانتظار
مأتاهما من أين ؟
لم أدر . .
لم أدر إلا أن في صدري
يداً من الغيب مضت كفّها
تمسح عنه عتمة اليأس
ورحت ، في نفسي صفاء وفي
قلبي حنين وانجذاب خفي
وبغتة ، في لفتة عابرة
لقيته يملأ دربي سناه
لقيته ، لم أدر من ساقه
إليّ ، من وجّه نحوي خطاه
لقيته لا حلماً ، إنما
حقيقة ساطعة باهرة
عانقت فيها حين عانقتها
الله والحبّ وسرّ الحياة
يا جذل الروح ونعمى الوصول
لقيت سرّي الضائع المبهما
لقيت سرّي بغتةً بعدما
ظننته أنأى من المستحيل

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:36 PM

أنشودةٌ للحبِّ
( فدوى طوقان )


كان وراء البنت الطفلةِ
عشرةُ أعوامْ
حين دعته بصوتٍ مخنوقٍ بالدمعِ:
حنانك خذني
كن لي أنت الأبَ
كن لي الأمّ
وكن لي الأهلْ
وحدي أنا
لا شيء أنا
أنا ظلّ
وحدي في كون مهجور
فيه الحبُّ تجمّدْ
فيه الحسُّ تبلّدْ
وأنا الطفلةُ تصبو للحبِّ وتهفو
للفرحِ الطفْليِّ الساذجْ
للنطّ على الحبلِ
وللغوصِ بماءِ البركةِ
للّهو مع الأطفالْ
لتسلّق أشجارِ الدارْ
القمعُ يعذبني
والسطوة ترهبني
والجسم سقيمٌ منهار
أرفعُ وجهي نحو سماءِ الليلْ
أهتفُ
أرجُو
أتوسّل:
ظلّلني تحت جناحيكَ
أغثني
خذني من عشرة أعوامِي
من ظلمةِ أيامي خذنِي
وسّعْ لي حضنَك دَعْني
أتوسَّدُ صدرَك امنحني
أمنًا وسلام
يا بلسمَ جرحِ المطحونينْ
وخلاص المنبوذين المحرومينْ
خذني!
خذني!
يجري نهرُ الأيام يمرُّ العامُ
وراءَ العامِ وراءَ العامِ
الطفلةُ تكبَرُ والأنثى
وردةُ بستانْ
تتفتّح والأطيارُ تطوفْ
وتحوم رفوفًا حول الوردةِ
بعد رفوفْ
الزّمنُ الصعْبُ يصالحها
ومجالي الكوْن تضاحكها
والحبُّ يفيضُ عليها
من كلّ جهات الدنيا
ويطوّقها بتمائمه
ويباركها بشعائِرِه
ويساقيها من كوثرِهِ
ما أحلى الحبّ وما أبهاه!
الأنثى الوردةُ بعد سُراها
وتخبّطها في ليلِ متاههْ
تتربَّعُ في ملكوتِ الحبّْ
تصير إلههْ
هالاتُ النورِ تتوّجُها
وتلاطفها قُبَلُ الأنسامْ
ما أحلى الحبّ وما أبهاهْ!
فيه الليلُ سماءٌ تَهْمِي
تُمطر موسيقى وقصائدْ
وقناديلُ الكلماتِ تصبُّ
الضوءَ على أملٍ واعدْ
ما أحلى الحبّْ!
تتفتح فيه عيون القلبْ
ما أحلاه حين يمسُّ شغافَ القلبِ
فيبصرُ ما لا يبصرهُ العقلُ ويدرِكُ
ما لا يدركه الفكرُ ويسبرُ ما لا
تبلغُهُ الأفهامْ
ما أحلى الحبّ وما أبهاهْ!
كونٌ مكتملٌ ومعافى
لم يتشظَّ ولم يتمزَّقْ
يتناسق فيه العمرُ ويمسي
إيقاعًا كونيّ الأنغامْ
تتماهى فيهِ (أنا) مع (أنتْ)
تزهو بحوارٍ موصولٍ
حتى في الصمتْ
ما أحلى الحبّ وما أبهاهْ!
يحيا بين يديْه رميمْ
تندى أرضٌ, تحضرُّ عظامْ
فيه الزمنُ المسحورُ يقاسُ
بدقّاتِ القلبِ المبهورْ
لا بالسَّاعاتِ يُقاس ولا
بتوالي الأشهرِ والأعوامْ
ما أحلى الحبّْ!

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:37 PM

أوهام في الزيتون
( فدوى طوقان )


في السفح الغربي من جبل
(جرزيم) حيث تملأ مغارس الزيتون
القلوب و العيون ، هناك ، ألفت
القعود في أصل كل يوم عند زيتونة
مباركة تحنو على نفسي ظلالها،و تمسح
على رأسي غذ بات أغصانها : و طالما
خيل الي أنها تبادلني الألفة و المحبة،
فتحس أحساسي و تشعر بشعوري.
و في ظلال هذه الزيتونة الشاعرة،
كم حلمت أحلاماً ، و وهمت أوهاماً !.))
هنا،هنا، في ظل زيتونتي
تحطّم الروح قيود الثرى
و تخلد النفس الى عزلة
يخنق فيها الصمت لَغوَ الورى
هنا، هنا، في ظل زيتونتي
في ضفة الوادي . يسفح الجبل
أصغي الى الكون و لمّا تزل
آياته تروي حديث الأزل
هنا يهتم القلب في عالم
تخلقه أحلامي المبهمه
لأفقه في ناظري روعة
و للرؤى في مسمعي هيمنه
عالم أشواق سماويةٍ
تطلق روحي في الرحاب الفساح
خفيفةً لا الأرض تثنى لها
خطوا و لا الجسم يهيض الجناح
واهاً : هنا يهفو على مجلسي
في عالم الأشواق روحٌ حبيب
لم تره عيناي لكنني
أحسه مني قريباً قريب !
أكاد بالوهم أراه معي
يغمر قلبي بالحنان الدّ فيق
يمضي به نحو سماء الهوى
على جناح من شعاع طليق
زيتونتي ،الله كم هاجسٍ
أوحت به أشواقي الحائره.
وكم خيالات وعى خاطري
تدري بها أغصانك الشاعرة
نجيّتي أنت و قد عزّني
نجيُ روحي يا عروس الجبل
دعي فؤادي يشتكي بثّه
لعل في النجوى شفاءً ، لعلّ !
يا ليت شعري أن مضت بي غداً
عنك يد الموت الى حفرتي
تراك تنسين مقامي هنا
و أنت تحنين على مهجتي ؟!
تراك تنسين فؤداً وعت
اسراره أغصانك الراحمات
باركها الله ! فكم ناغمت
وهدهدت أشواقه الصارخات
زيتونتي ، بالله إما هفت
نحوك بعدي النسمة الهائمة
فاذ ّكري كم نفحتنا معاً
عطورها الغامرة الفاغمة
و حين يستهويك طير الربى
بنغمةٍ ترعش منك الغصون
فاذّ كري كم طائرٍ شاعرٍ
ألهمه شدودي شجّي اللحون!
تذكّرني كلما شعشعت
أوراقك الخضراء شمس الأصيل
فكم أصيل فيه شيعتها
بمهجة حرّى و طرف كليل
إن يزوها المغرب عن عرشها
فالمشرق الزاهي بها يرجعُ
لكنني ،آها !غداً تنزوي
شمس حياتي ثم لا تطلع !
ويحي؟ أتطويني الليالي غداً
وتحتويني داجيات القبور
فأين تمضي خفقات الهوى
وأين تمضي خلجات الشعور
ونور قلبي ،والرؤى والمنى
وهذه النار بأعماقيه
هل تتلاشى بدداً كلها
كأنها ما ألهبت ذاتيه؟!
أما لهذا القلب من رجعة
للوجد ،للشعر ، لوحي الخيال؟
ايخمد المشبوب من ناره؟
واشقوة القلب بهذا المآل !
يا ربّ ، إما حان حين الردى
و انعتقت روحي من هيكلي
و أعنقت نحوك مشتاقةً
تهفو الى ينبوعها الأول
و بات هذا الجسم رهن الثرى
لقىًعلى أيدي البلى الجائرة
فلتبعث القدرة من تربتي
زيتونة ملهمةً... شاعره !.
جذورها تمتصّ من هيكلي
ولم يزل بعدُ طرياً رطيب
تعبّ من قلبي أنواره
ومنه تستلهم سرّ اللهيب !.
حتى إذا يا خالقي أفعمت
عناصري أعصابها و الجذور
انتفضت تهتز أوراقها
من وقدة الحسّ و وهج الشعور
و أفرعت غيناء فينانة
مما تروّت من رحيق الحياة
نشوى بهذا البعث ما تأتلي
تذكر حلماً قد تلاشت روءاه
حلم حياة سربت و انطوت
طفّاحة بالوهم .. بالنشوة
لم تك إلاّ نغماً شاجياً
على رباب الشوق و الصبوة!

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:38 PM

إلى أين ؟
( فدوى طوقان )


إلى أين تنأين عن جاذبية شيءٍ مقدّرْ
يشدك قسرًا إليه?
رويدك مَهْمَا تشبثت أنت بذيل القرار
ما من مفرْ
بأي جناحين أنت تطيرين هاربة منه
طيري كما شئت نحو أقاصي المدى
جناحاك من طينةِ الشمعِ الشمسُ
ملء الأقاصي وما من مفرْ

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:38 PM

إلى المغرد السجين
( فدوى طوقان )


(( هدية إلى الصديق الشاعر كمال ناصر في محنته ))
- - -
محلّقاً رغم انغلاق الرحاب
يا طائري السجين فاصدح لنا
من خلف جدران الدجى والعذاب
غنّ ، فقضبان الحديد التي
لن تحجب الغناء عن سمعنا
يا طائري .
غنّ ، فدرب الرجاء
ما زال يمتد مشعّ الضياء
رغم انطباق الليل منحولنا
ارجعني شدوك يا طائري
إلى زمان قد طواه الزمان
أيّام كانت ظلّة الياسمين
تحضننا ، وأنت تشدو لنا
شعر المنى والزهو والعنفوان
فتقرب النجوم من أرضنا
تصغي إلى اللحن ونصغي ،
وكان
ملء اغانيك اخضرار المروج
ونضرة السفح ، وبوح الأريج
وملئها كان هدير الرياح
وكان فيها من شموخ الجبال
في وطني ،
وعزّةٌ لا تنال
إلا مع النّصر وفوز الكفاح
يا طائري السجين اصدح لنا
رغم هوان القيد رغم الظلام
فالأفق ما زال غنيّ المنى
ينتظر الشمس وراء القتام
المجد للنور ، فلا تبتئس
والنصر للحرية الرائعة
وغدنا موطن أحلامنا
فلا تقل أحلامنا ضائعة
يا طائري ، هناك درب الرجاء
هناك يمتدّ مشعّ الضياء
رغم انطباق الليل من حولنا
01/01/1958
هناك يمتدّ مشعّ الضياء
رغم انطباق الليل من حولنا
01/01/1958

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:39 PM

إلى صورة
( فدوى طوقان )


(( لاتتكلم ، إن التفسير يقلل من طرافة الموضوع ! ))
اذهبي ، واعبري الصحارى إليه
فإذا ما احتواك بين يديه
ولمحت الأشواق في مقلتيه
مائجات أشعةً وظلالا
مفعمات ضراعةً وابتهالا
فإذا الليل سفّ منه الجناح
ومضت في انسراحها الأرواح
تتلاقى على مهاد الأثير
عبر آفاق عالم مسحور اللاشعور
عالم الحلم ، مسبح اللاشعور
فاسبقني أنت كل حلم إليه
واستقرّي هناك في جفنيه
عانقي روحه ، ورفّي عليه
انشديه شعري وغنّي لحوني
في هواه ،
بثّيه كلّ شجوني
صورّي لهفتي له وحنيني
حدّثيه . . حتى يلوح الصباح
فاذا قبّل النى عينيه
وصحا ، لم يجد هناك لديه
غير (( لا شيء)) ماثلاً في يديه
وارجعي أنت صورةً بكماء
وجهها خامدٌ بلا تعبير
ميّت القلب والهوى والشعور !.
هكذا وليظل حبّي سرا
غامضاً ،
إن للغموض لسحرا
آسراً ، يجذب النفوس اليه
حيث تبقى مشدودة في يديه
ليس تقوي على الفكاك
فكوني
أنت مثلي لديه عمقاً وغورا
هكذا ، وليظلّ نهب الظنون
تائها بين شكه واليقين!.
أنت روح طائر . . يشدو على كل الغصون . .
يرتوي من خمرة الحب ، ومن نبع الفتون
وأنا روح سجين قصّت الدنيا جناحي
نغمي ينبيك عني ، عن مدى عمق جراحي !
رحمة يا شاعري ، وانظر الى اصداء روحي
إنها في شعري الباكي استغاثات ذبيح!
إنها يا شاعري أنات مظلوم طريد
إنها غصّات مخنوق بأطواق الحديد
كلّما ضمّك حضن الليل في صمت وحزن
ومضى قلبك حيران الهوى يسأل عني . .
أرهف السمع ، تجد روحي مجروح النداء .
ضارعاً في ألمٍ:
رحماك لا تظلم وفائي!

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:40 PM

أسطورة الوفاء
( فدوى طوقان )


و تسأل : أين الوفاء ؟
أما من وفاء ؟ !
و أضحك في وجهك المتجهم
اسأل مثلك :
أين الوفاء ؟
و ماذا عن الأوفياء
و أين هواك القديم ،
و أين النساء . . .
مئات النساء اللّواتي حببْت
وكلّ امرأه
تظنك ملك يديها
وتحسب حبّك وقفا عليها
تظنّ غرامك أبقى من الشمس
أرسخ من راسيات الجبال
وتأبى تصدّق ان الوفاء
يظلّ خرافه
يظلّ خيالاً ووهْما
وإسماً لغير مسمّى
وشيئاً محال
نريد من الآخرين الوفاء
نصفّدهم نحن ، تربطهم بالرجاءْ
بحبل سراب كذوب
ببرق خلوب
و نمضي لنشرب كأساً جديد
و نمضي لنطعم لوناً جديد
لنحيا غراماً جديداً
لنعيد وجهاً جديد
و نرجع نسأل :
أين الوفاء ؟ ؟
* *
نريد من الآخرين البقاء
على عاطفة
ذوت و تلاشت
بأعماقنا و استحالت
إلى صورة زائفة
أنانية يا رفيقي تعشش فينا
تسير رغباتنا في الخفاء
و تحجبها بنقاب كثيف
نسمّيه نحن ،
وفاء !!
* *
بلى يا رفيقي
بلى ، قد يطل
هنالك ظلّ
لبعض رفات
رفات غرام تلاشى ومات
يطلّ و نجهل كيف يطلّ
فنوقد شمعه
لديه و نحضن ذكراه فتره
و نرجع من بعد نؤويه قبره
و ندفنه من جديد
و ما في المحاجر دمعه
و لا في الجوانح لوعه
و نمضي نلي النداء القوي
و كلّ اتجاه
و ننسى القديم
و نحيا الجديد
و نرجع نسأل :
أين الوفاء ؟ !
أما من وفاء ؟؟!

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:40 PM

الأطياف السجينة
( فدوى طوقان )


مع الليل قمت ألملم أطياف
حلمٍ هنيءٍ تفيّأ هدبي
خشيت إذا الصبح مرّ عليها
تفرّ مع الصبح في كل درب
وجمعتها بأكفّ الحنان
وضمّختها برشاش العبير
وحمّمتها في ينابيع قلبي
ودفأتها بلهيب شعوري
وزنت غدائرها الناعمات
بوردٍ نما في جبال بلادي
وطوّقتها بأقاحي الروابي
وزنّرتها بغصون الوهاد
ودرت عليها وقلبي يغني
بكأسي ودنّ خموري العتيقة
خموري عصير كرومي وكانت
مخبّأة في كهوفي السحيقة
وأودعتها قفصاً دافئاً
كقلبي صاغته أيدي الجمال
تعانق في جوّه العاطفي
وضوح السنى وغموض الظلال
مشت ريشة الفن في أفقه
ودارت بلمستها الخاطفة
تلوّن انحناءه ، كل لون
يعبّر بالسر عن عاطفة
بقضبانه يستسرّ و يكمن
روح خفيّ كروح الوتر
إذا النسمات مررن عليها
حملن صدى نغم مبتكر
هناك بدنيا يموج بها الفن
والسحر ، دنيا الجمال السعيدة
هناك سجنت طيوفي الغوالي
ونمت وتحت وسادي قصيدة

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:41 PM

الانفصال
( فدوى طوقان )


الى اين أهرب منك وتهرب مني
إلى أين أمضي وتمضي
ونحن نعيش بسجن
من العشق .
سجن بنيناه نحن اختيارا
ورحنا يداً في يد
نرسّخ في الأرض أركانه
ونعلي ونرفع جدرانه
من العشق شدناه ، من لبنات الأماني
ورسم خطوط الغد
ومن الف رائحةٍ الف لون
من الذكريات
من العاطفات
من العبرات بنيناه من
تفجّر ضحكاتنا الهانئة
وفيض مشاعرنا الدافئة
ومن كلمات لنا لا تعدّ
ومن رغبات لنا لا تحدّ
من الانتصار
سكرنا معاً بمراراته
من الرأي إذ نلتقي عنده يا حبيبي
من الفكرة الواحدة
من الشعلة العذبة الخالدة
ومن ألف حلم ندي جميل
وأشياء أخرى تقاسمتها
واياك نسيانها مستحيل
إلى أين أهرب منك وتهرب مني
إلى أين أمضي وتمضي
ونحن نعيش بسجن
نحاول منه انعتاقاً عسانا
نلاقي الخلاص كلانا
إلى أن تخور قوانا
وننهار عجزاً ، وتبقى أمامي
وأبقى أمامك وجه لوجه
وفي شفتينا
لهاث أوام
وفي وجنتينا
ظلال ضرام
ونلقي السلاح وتمضي يدانا
تلفّ هوانا
بحبٍ وعطفٍ تلفّ هوانا
ونفنى رضىً ونذوب حنانا
فكيف الفرار حبيبي وأننا
ونحن ندور ونجري ونهرب
منّا الينا
سدى ومحال
سدى لا انعتاق لنا لا انفصال
محالٌ حبيبي محال

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:41 PM

الروض المستباح
( فدوى طوقان )


أين الغناء العذب يا طائري
تسبق فيه كلّ شادٍ طروب
وأين أفراح الصبّا الزاخر
باللهو ، أم أين المراح الدؤوب
مالك تلقي نظرة الحائر
يريد يستجلي خفايا الغيوب ؟
وما الذي في قلبك الشاعر
قل لي ، فإن البثّ يشفي القلوب
ما ترى حولك همس الورق
يسكبه في أذن الجدول
كأنه نجوى محبٍ سرق
هنيهةً من غفلة العذ ّل
والزّهر الرفاف إما عبق
عبيره يسري مع الشمأل
وهذه الدنيا ، وهذا الألق
فمتّع النفس ولا تهمل
بين الفراشات وزهر الربيع
هيمنة الصبّ ، إذا يعتب
ويح الفرشات ، هواها خدوع
تلهو بهذا ، و بذا تلعب
كم توهم الزهر هيام الولوع
و قلبها يا طائري قلّب
فيها إلى التبديل طبع نزوع
و الطبع غلاّب فما يغلب
وهذه الوردة ذات الرّواء
كم تشتهي لحنك في حبها
بلبلها اليوم إليها أفاء
وأرسل العطر إلى قلبها
وفيّ لها ، تلقى الوفاء
أجمل ما تهداه من صحبها
غنّّ ومتّعها بهذا الصفاء
أو ، لا، فلن تنجو من عتبها
سوا عجبي ! صمتك رهيب
يا طائري ، ضمّن معنى الحذر
ترمي بلحظ الصقر نحو الدروب
كأنما أنذرت منها بشر
ما تأتلي ترقب كالمستريب
أشعر من حوليه وشك الخطر
أقعى ، على أهبته للوثوب ،
في كبرياء تتحدّى القدر!
ماذا أرى ؟ هذاك (بومٌ) غريب
منطلق ، حبهم المحيا ، وقاح
يحوم في الروضة حوماً مريب
غدوّه متّهم .. والرواح
يطلّ من عينيه قلب جديب
لكنه أرعن ، فيه جماح
اقتحم الباب اقتحام الغصوب
وجاس في الروض طليق الجناح !
عيناه إذ ر أرأتا جمرتان
قد شبّتا ، ما تطمعان الكرى
عن وكرك المطول لا تحسران
تطلّعاً يا طائري منكراً ..
أشرع منقاراً كحد السنان
مضاؤه ، ملتوياً أحمرا
ومخلباً يصرع قلب الأمان
يا ضيعة الوكر وقد أشهرا
ما شأن ذيّاك الدعيّ الدخيل
في الروض ، والروض حماك الحبيب
وكيف يغدو مستباحا ذليل
أو غرضاً يرمي بسهمٍ غريب
أغضيت عن روضك دهراً طويل
يا طائري ، مغرىً بحلم كذوب
واليوم تصحو عن خيالٍ جميل
مضى مع السّحرة ، غبّ الهبوب !
أنفض جناحيك من الرقدة
يا طائري ، أخشى عليك المصير
لا تمكن (البوم ) من الروضة
أرى لذاك (البوم ) شأناً خطير
أضبّ اليوم للوكر على شرّة
فيما أراه ، وأذى مستطير
عليك بالحذر ، فكم غفلة
يؤخذ منها المرء أخذاً نكير
ويلك ، لا تأمن غريب الديار
فخلفه من مثله معشر
يا طائري ، إنّ وراء البحار
مثل عديد الذرّ لو تنظر
تربّصوا في لهفة وانتظار
ودبّروا للأمر ما دبّروا . .
تحفزهم تلك الأماني الكبار
وأنت أنت المطمع الأكبر

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:42 PM

الشاعرة والفراشة
( فدوى طوقان )


هناك فوق الربوة العالية
هناك في الأصائل الساجيه
فتاة أحلام خالية
تسبح في أجوائها النائيه
الصمت والظلّ وأفكارها
رفاقها ، والسرحة الحانية
*
حياتها قصيدة فذّة
منبعها الحسّ ونيرانه
وحلم محيّر تائه
من قلق اللهمة ألوانه . .
حياتها بحر نأى غوره
وإن بدت للعين شطآنه
*
رنت فتاة الشعر مأخوذةً
بصور الطبيعة الخالية
والأفق الغربي تطفو به
ألوانه الورديه اللّاهبه
كأنه أرض خرافيّةٌ
هوت اليها شمسه الغاربه
*
ودّت وفيها لهفٌ كاسح
لو تأخذ الكون الى صدرها
تحضنه وتشبع الروح من
آياته الكبرى ومن سحرها
تعانق الأرض . . تضمُ السنا
تقبّل الغيوم في سيرها
*
ودفعت بعينها في المدى
تنهبه بالنظرة الواغله
ما أجمل الوجود ! واستغرقت
في نشوة فائضة شامله
تلتهم الكون بإحساسها
بقلبها، بروحها الذّاهلة
*
ما أجمل الوجود !! لكنها
أيقظها من حلو أحساسها
فراشة تجدَ لت في الثرى
تودعه آخر أنفاسها
تموت في صمت كأن لم تفض
مسارح الروض بأعراسها
*
دنت إليها و انثنت فوقها
ترفعها مشفقة حانيه:
أختاه ، ماذا ؟هل جفاك الندى
فمتّ في أيامك الزاهية ؟
هل صدّ عنك الزهر ؟هل ضيّعت
هواك أنسام الربى اللاهيه؟
*
كم أشعلت روحك حمّى الصبى
وأنت سكرى بالشذى و الرضاب
طافرةً بين رياض الهوى
راقصة فوق الربى و الهضاب
توشوشين الزهر حتى يُرى
منفعلاً من هذيانِ الشباب
*
كم بلبل بالورد ذي صبوةٍ
ألهبت فيه الغيرة السّاعرة
كم زنبق عانقته كم شذى
روّيت منه روحك الفائره.
فأين منك الآن دنيا الهوى
وأين أحلام الهوى الساحره!!
*
ماذا ؟ تموتين ؟ فوا حسرتا
على عروس الروض بنت الربيع
أهكذا في فوران الصّبى
يطويك إعصار الفناء المريع
وحيدةً ، لا شيّعتك الربى
ولا بكى الروض بقلب صديع
أختاه لا تأسي فهذي أنا
أبكيك بالشعر الحنون الرقيق
قد أنطوي مثلك منسيّةً
لا صاحب يذكرني أو رفيق
أواه : ما أقسى الردى ينتهي
بنا الى كهف الفناء السحيق !
واضطربت اعماقها مثلما
دوّم إعصارٌ بقلب الخضم
و انتفضت مذعورة في أسىً
و ارتعدت مرعوبة في ألم
فلم يكن يصدم أحلامها
إلا رؤى الموت وطيف العدم
وحدّقت في غير شيء وقد
حوّمت الأشباح في رأسها
ولا صور الوجود خلابة
تنبعث النشوة في نفسها
ولا رؤى الخيال رفّافة
تخدّر المحموم من هجسها
و دفق الليل كبحر طغى
فانحدرت تحت عباب المساء
تخبط في الدرب و قد غمغمت
شاخصة المقلة نحو السماء
يا مبدع الوجود ، لو صنته
من عبث الموت و طيش الفناء !.

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:43 PM

الصخرة
( فدوى طوقان )


أنظر هنا ،
الصخرة السوداء شدّت فوق صدري
بسلاسل القدر العتيّ
بسلاسل الزمن الغبيّ
انظر إليها كيف تطحن تحتها
ثمري وزهري
نحتت مع الأيام ذاتي
سحقت مع الدنيا حياتي
دعني فلن نقوى عليها
لن تفكّ قيود أسري
سأظل وحدي
في انطواء
ما دام سجّاني القضاء
دعني
سأبقى هكذا
لا نور
لا غد
لا رجاء
الصخرة السوداء ما من مهرب
ما من مفرّ
عبثاً أزحزح ثقلها عنّي
بنسياني لنفسي
كم خضت في
قلب الحياة
وضربت في
كل اتجاه
ألهو
أغني
في ينابيع الشباب
أعط كأسي
وأعبّ في نهمٍ شديد
حتى أغيب عن الوجود
دنيا المباهج كم خدعت
بحضنها ألمي وبؤسي
فهربت من
دنيا شعوري
ورقصت في
نزق الطيور
وأنا أقهقه في جنون ، ثم من
أعماق يأسي
يرتجّ في روحي نداء
ويظلّ يرعد في الخفاء :
لن تهربي
إني هنا
لن تهربي
ما من مفرّ
ويهبّ
طيف الصخرة السوداء
ممسوخ الصور
عبثاً أزحزحها
سدى أبغي الهروب
فلا مفر
كم جست في أرض الشقاء
أشتفّ إكسير العزاء
من شقوة السجناء أمثالي
ومن أسرى القدر
فولجت ما
بين الجموع
حيث المآسي
والدموع
حيث السياط تؤزّ . تهوي
فوق قطعان البشر
فوق الظهور العارية
فوق الرقاب العانية
حيث العبيد
مسخّرون
تدافعوا زمراً
زمر
من كلّ منسق غرق
بالدمع
بالدم
بالعرق
وبقيت التمس العزاء
من الشقاء
ولا مفرّ
فالصخرة السوداء
لعنه
ولدت معي
لتظلّ محنه
بكماء
تلحقني
يتابع ظلّها خطوات عمري
انظرهنا كيف استقرت
في عتوٍ
فوق صدري
دعني
فلن نقوى عليها
لن تفكّ قيود أسري
ستظلّ روحي
في انقفال
سأظل وحدي
في نضال
وحدي
مع الألم الكبير
مع الزمان
مع القدر
وحدي
وهذي الصخرة السوداء
تطحن
لا مفر

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:43 PM

العودة
( فدوى طوقان )


وأطلّ وجهك مشرقاً من خلف عام
عام طويل ظلّ في عمري يدب كألف عام
عام ظللت أجرّه خلفي وأزحف في الظلام
وعواصف ثلجية تصطكّ حولي والطريق
كانت تضيق كأنها أمل يضيق
ويضيع في تيه القتام
عام طويل ظلّ يفصلنا به بحر صموت
بحر دجت أمواجه و تجمدت ، بحر تموت
فيه الحياة و تغرق الجلجات في برد السكوت
و أنا على شط الأصم
أنا و الفراغ و ليل وهمي
أصغي لعل صدى يمر
بي ، علّ شيئاً منك ، همس ، نبأة ،
شيئاً يمر
بي منك عبر مدى السكوت
لا شيء ، إلا وطأة ثقلت و صمتٌ مستمر
عام ، و دبت بعده بعده في البحر معجزة الحياة
لم أدر كيف ، هناك رفّت بغتة فوق المياه
و هفت حمامه
زرقاء ، في طهر السماء ، هفت إلي على غمامه
و طوت جناحيها وقرت في يديه
و رنت إليه
و تنفست دفئاً و عطراً
و شممت فيها منك شيئاً هاجني وجداً و ذكرى
فمضيت ألثم ريشها
و جعلت صدري عشها
و شعرت أنك عدت ، أنك في الطريق
و اجتاحني فرح الغريق
حضنته شطآن النجاة
و أطل وجهك من بعيد
حلواً يرف على وجودي
و رأيت أحزاني تموت على تعانق راحتينا
و أضاء في فمك ابتسام
البسمة الجذلى التي أحببتها منذ التقينا
عادت تضيء كأنها قلب النهار
و تصب في نفسي فيشربها دمي
و يعبها قلبي الظمي
و نسيت آلامي الكبار
و نسيت في فرح اللقاء عذاب عام
عام طويل ظلّ في عمري يدب كألف عام

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:44 PM

الفدائي و الأرض
( فدوى طوقان )


-1
أجلس كي أكتبَ,ماذا أكتب؟
ما جدوى القول؟
يا أهلي,يا بلدي,يا شعبي
ما أحقر أن أجلس كي أكتب
في هذا اليوم
هل أحمي أهلي بالكلمة؟
هل أنقذ بلدي با لكلمة؟
كل الكلمات اليوم
ملحُ لا يروق أو يزهر
في هذا الليل...
-2
في بهرة الذّهول و الضياع
أضاء قنديل ءالهيٌ حنايا قلبه
وشعّ في العينين وهج جمرتين
وأطبق المفكّرة
وهبّ,مازن ,الفتى الشّجاع
يحمل عبء حبّه
وكلّ همّ أرضه و شعبه
و كلّ أشتات المنى المبعثرة!!
* * *
-: ماضٍ أنا أماّه
ماضٍ مع الرفاق
لموعدي
راضٍ عن المصير
أحمله كصخرةٍ مشدودةٍ بعنقي
فمن هنا منطلقي
وكلّ ما لديّ,كل كلّ النبض
والحب والإيثار والعبادة
أبذله لأجلها,للأرض
مهراً,فما أعزّ منك يا
أماه إلا الأرض
-: يا ولدي!
يا كبدي!-:أماه موكب الفرح
لم يأت بعد
لكنّه لا بدّ أن يجيء
يحدو خطاه المجد
-: يا ولدي!
يا ......
-: لا تحزن إذا سقطت قبل -
موعد الوصول
فدربنا طويلة شقيّة
و دون موعد الوصول ترتمي على المدى
سواحل الليل الجهنمية
نعبرها على مشاعل الدماء
لكن لن يجيء بعدنا الفرح
لابدّ من مجيئه هذا الفرح
فيتساوى لأخذ و العطاء
- :يا و لدي
اذهب!
وحوّطته أمه بسورتي قرآن
اذهب!
وعوّذته باسم الله و الفرقان
كان مازن الفتى الأمير سيد الفرسان
كان مجدها وكبرياءها و كان
عطاءها الكبير للأوطان
* * *
في خيمة الليل
وفي رحابة العراء
قامت تصلّي
ورفعت إلى السماء وجهها
وكانت السماء
تطفح بالنجوم والألغاز
. . . . . . . . .
يا يوم أسلمته للحياة
عجينةًَ صغيرةً مطيّبة
بكل ما في أرضنا من طيب
يا يوم ألقمته ثديها الخصيب
و عانقت نشوتها
واكتشفت معنى وجودها
في درّة حليب
. . . . . . . .
. . . . . . .
(يا ولدي
يا كبدي
من أجل هذا اليوم
من أجله ولدتك
من أجله أرضعتك
من أجله منحتك
دمي و كلّ النبض
وكلّ ما يمكن أن تمنحه أمومة
يا ولدي,يا غرسةً كريمة
اقتلعت من أرضها الكريمة
اذهب,فما أعزّمنك يا
بنيّ الاّ الأرض
* * *
-3
((طوباس)) وراء الربوات
آذانٌ تتوتّر في الكلمات
وعيون هاجر منها النوم
الريح وراء حدود الصّمت
تلهث خلف النّفس الضائع
تركض في دائرة الموت!
. . . . . . . .
يا ألف هلا با لموت!
واحترق النجم الهاوي و مرق
عبر الربوات
برقاً مشتعل الصوت
زارعاً الإشعاع الحيّ على-
الربوات
في أرضٍ لن يقهرها الموت!
أبداًُ لن يقهرها الموت.

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:44 PM

القصيدة الأولى
( فدوى طوقان )


(( ... و سألها : اتحبينني ؟
و رنت اليه و لم تجب ))
لا ،لا تسلني ، لن أبوح به
سيظلّ حبك سرّ أغواري
أعطيه من ذاتي ، و امنحه
ما عشت عاطفتي و إيثاري
أسقيه من عطري ، أوّسده
صدري ، أناغيه بأشعاريٍٍٍٍٍٍٍٍ
لهواك كل مواسمي امتلأت
و سخت بفيض جنىً و أزهار
لهواك آفاقي مرصعّة
يزهو السّنا في صدرها العاري
لهواك هذا الليل أسهره
نشوى ، أبيح الليل أسراري
أمضي مع الذكرى فتحملني
بجناحها للّدرب ، للدار
و اضمّ أجفاني على حلم
متوهج الأنفاس ، معطار
ها أنت ، في عينيك عاصفة
تجتاحني ، و هبوب إعصار
ها أنت بحرٌ راح يأخذني
في موجتيه أخذ جبار
ها أنت ، ها أنا ،
قصة بدأت
مكتوبة في سفر أقداري
. . . . . .
لا ، لا تسلني ، لن أبوح به
سيظلّ حبك سرّ أسراري

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:45 PM

القيود الغالية
( فدوى طوقان )


اضيق ، اضيق بأغلال حبي
فأمضي و تمضي معي ثورتي
أحاول تحطيم تلك القيود
و يمضي خيالي
فيخلق لي عنك قصة غدر
لكيما أبرز عنك انفصالي
و أقضيك عني بعيداً بعيد
لعلي أعانق حريتي
و أقطع ما بيننا
غير أني
أحس إذا ما انفصلنا
كأني
لُفظت وراء حدود الوجود
و يثقل قلبي
و تنقص روحي
و تصبح مبثورة رازجه
و أكره أهلي
و أكره نفسي
و تعرى الحياة و تمسي
قفاراً بغير جمال
بغير ظلال
و يصبح عيشي بغير مذاق
فلا طعم ، لا لون ، ولا رائحه
ويسألني عنك قلبي
ويصرخ في ألم في احتراق :
لماذا جننت فأقضيته؟
لماذا ؟
لماذا ؟
تراه يعود
وحين تعود
يعود الوجود
يمد ذراعين مفتوحتين
إليّ ، ويصبح قلبي خفيفاً
يغني كطير سعيدٍ
بنى عشه في ربى الجنة
وروحي التي بترت يا حبيبي
ترد بقيتها الضائعه
إليها ،
وتخضب حولي الحياه
وتبدو ملونة رائعه
وأمضي وتمضي معي فرحتي
أعانق فيك عبوديتي
وأحضن أحضن تلك القيود
حبيبي بما بيننا من عهود
بضحكة عينيك
إذا أنا ضقت بأغلال حبي
وثرت عليها وثرت عليك
فلا تعطني أنت حريتي
فقلبي قلب امرأة
من الشوق ... يعشق حتى الفناء
ويؤمن في حبه بالقيود

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:46 PM

الكوكب الأرضي
( فدوى طوقان )


هذا الكوكب الأرضي
لو بيدي
لو أني أقْدر أن أقْلِبه هذا الكوكبْ
لو أني أملك أن أملأه هذا الكوكبْ
ببذور الحبّْ
فتعرِّش في كلّ الدنيا
أشجار الحبّْ
ويصير الحب هو الدنيا
ويصير الحب هو الدربْ
***
لو بيدي أن أحميه هذا الكوكبْ
من شر خيار صعبْ
لو أني أملك لو بيدي
أن أرفع عن هذا الكوكبْ
كابوس الحربْ
أن أفرغه من كل شرور الأرضْ
أن أقتلِعَ جذورَ البُغضْ
أن أُقصي قابيلَ الثعلبْ
أقصيه إلى أبعد كوكبْ
أن أغسل بالماء الصافي
إخْوة يوسفْ
وأطهّرُ أعماق الإخوة
من دنسِ الشرْ
***
لو بيدي
أن أمسح عن هذا الكوكبْ
بصمات الفقرْ
وأحرّره من أسْر القهرْ
لو بيدي
أن أجتثّ شروش الظلمْ
وأجفّف في هذا الكوكبْ
أنهار الدمْ
لو أني أملك لو بيدي
أن أرفع للإنسان المتعبْ
في درب الحيرة والأحزان ْ
قنديل رخاء واطمئنانْ
أن أمنحه العيش الآمِنْ
لكن ما بيدي شيْء
إلاّ لكنْ

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:46 PM

اليقظة
( فدوى طوقان )


أيها الشرق ، أي نور جديد
لاح في عتمة الليالي السود
لف شمّ الجبال والسهل والحزن ، وهام الربى ورمل البيد
وإذا أنت يفتح النور عينك ، فتصحو على الضياء الوليد
وتمطيت من طويل خمودٍ ومسحت الجفون بعد هجود
وتطلعت في حماك ، حمى الأمجاد ، ربع العروبة الممدود
عجباً ! أين أين ما وطّدوه
من صروحٍ شمٍ وملك عتيد
وتلمست يا أبا الصيد فيه
أوجه الغرّ من بينك الصيد
الميا من بواقي ((المثنى))
و((المعنّى )) في فيلق ((ابن الوليد))
تتساقى الحتوف دون حماها
وتهزّ السيوف تحت البنود
وإذا أنت لا ترى غير عانٍ
وطليحٍ مجرّحٍ ، وشهيد
البنون البنون صرعى الرزايا
يا قلب الأبوّة المفؤود !
يا لها الله صرخةً منك دوّت
في شعاب وأغورٍ ونجودٍ
يا لها صرخةً أهابت فأحيت
عزماتٍ وطوّحت بقيود
نفخت في بنيك ، فانطلق العاني ، وهبّ الكابي ، وحيّ المودي
وتداعوا من ههنا وهنا ، وانتظموا تحت بندك المعقود
ما تراهم تسايلوا بين عينيك خفاقاً ، من قاهم ونجيد
نفروا نفرة الأبيّ وقد ضيم ، وهبّوا بعزمه المشدود
بعث الهامدون ، آمنت بالبعث ، بآيات يومه المشهود !
يا بني الشرق ، يمّن الله يوماً
قمتم فيه من هوان القعود
أتم الطيبون ، صيّابة العرب ، حماة الحمى ، بقايا الجدود
هو ذا العيد أقبل اليوم محدوّ اً بروح في بردتيه جديد
فيه شيء من اعتزاز قديم
عرفته له خوالي العهود
يوم لعرب مقعد في النجوم الزهر ، يزهو بركنه الموطود
في فؤاد القدس الجريح اهتزاز
لكم رغم جدّه المنكود
انثنى ، موجعاً على الجرح يشدو
ويحيّي أفراحكم في العيد
قام يزجي لكم عذارى القوافي
راقصاتٍ موقّعات النشيد
قدّس الشعر ، إنما الشعر أنّات شقيّ أو أغنيات سعيد!

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:47 PM

إليه بعيداً
( فدوى طوقان )


غبت ؟ و لو غبت ، فما زال في
دمي عبير منك يرويني
يخصبني ، يملأ كوني غنى
يمنحني أجمل ما في الدنّى
الشعر ، و الحلم ، و دفء المنى
غبت فأيامي رؤى و انتظار
حلو على الرجاء يطويني
و حين يؤوي الليل أهل الهوى
أحضن أشواقي و أغفو على
ذكرى توافيني
ذكرى هنيهاتٍ ملاءٍ قصار
أحملها في سر تكويني
تعود لي ، تعود لي في غدٍ
و ترجع الدرب تناديني
فأصحب الشمس إلى موعدي
أصحبها و في دمي يقظةٌ
يبعثها الحب فتعطيني
تذوقّ الحياة ، حسّ الجمال
الوهج الضاحك فوق التلال
الخضرة الريا بحضن الجبال
روائح الأرض ، ارتعاشاتها
نكهتها ، ألوانها ، كلّ ما
في الدرب من جمال
ملّون الظلال
يعود لي ، يعود لي في غدٍ
إذ ترجع الدّرب تناديني

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:48 PM

انا راحل
( فدوى طوقان )


انا راحل
ارسلتها ومضيت في ركب الزمان
انا راحل
أرسلتها ، وبهتّ حيرى في مكاني
في ذهلتي ،
ووقفت أسمعها تدوّي في كياني
تخفيك ، تخلي منك أيامي
وأحلام افتتاني
أنا راحلٌ
وهوت على قلبي كساطور مسمّم
لم أبك ، كان الدمع يجمد خلف جفني
كان ملجم
وسرحت أرنو في الفراغ
سرحت في اللاشيء أحلم
حلماً بلا لون فلم أفهمه
حلماً كان مبهم
أنا راحلٌ
ومضى يردّدها فراغ الكون حولي
أصغيت ،
شيء من وجودي انهدّ
في يأسٍ وثقل
كان الصدى كالموت يسقط منه حولي
ألف ظلّ
ويدور بي
فأغوص من ظلماته
في ألف ليل
أنا راحلٌ
ووقفت يعميني غبارك في الطريق
لم أعد خلفك كنت كالمشدود في
مهوى سحيق
لم تختلج شفتاي باسمك لم أمد يدي غريق
وظللت أرنو والصقيع يدبّ يزحف في عروقي
ومضيت لا تلوي ، تباعدك الشواسع
عن وجودي
ومضت تفرّقنا تخومٌ طافياتٌ من جليد
وبقيت في فلك ، وأنت هناك
في فلكٍ بعيد
نجمان في فلكيهما
يتخبّطان على الوجود
نجمان موهبان كم نشدا فراديس اللقاء
عبثاً
وعاد كلاهما يطفو ، يدور بلا رجاء
متغرّباً حيران ، يسفح ضوءه
عبر الخواء
والدهر والأبعاد بينهما
وجلّاد القضاء

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:49 PM

بعد الكارثة
( فدوى طوقان )


يا وطني ، مالك يخني على
روحك معنى الموت ، معنى العدم
أمضّك الجرح الذي خانه
أسأته في المأزق المحتدم
جرحك ؛ ما أعمق أغواره
كم يتنزّى تحت ناب الألم
أين الألى استصرختم ضارعاً
تحسبهم ذراك والمعتصم
ما بالهم قد حال من دونهم
ودون مأساتك حسٌ أصم
قلبّت فيهم طرف مستنجد
فعزّك المندفع المقتحم . . .
واخلجتا ! حتّام أهواؤهم
تغرقهم في لجّها الملتطم!!
هم الأنانيون . . قد أغلقوا
قلوبهم دون البلاء الملم
لا روح يستنهض من عزمهم
لا نخوة تحفزهم ، لا همم !
أحنوا رقاب الذل ، يا ضعفهم
واستسلموا للقادر المحتكم
يا هذه الأقدار لا ترحمي
فرائس الضعف ، بقايا الرمم
بالمعول المحموم أهوي على
تلك الجذوع الناخرات الحطم
كوني أتياً عارماً واجرفي
كل ضعيف الروح ، واهي القدم
كوني كما شئت ، لظىً يغتلي
أو عاصفاً يقذف حمر الحمم
واكتسحي أنقاض هذا الحمى
من كل ركن خائرٍ . . منهدم
اكتسحيها وانفضي أمّتي ممّا
علاها من رماد القدم !
ستنجلي الغمرة يا موطني
ويمسح الفجر غواشي الظلم
والأمل الظامىء مهما ذوى
لسوف يروى بلهيب ودم
فالجوهر الكامن في أمتي
ما يأتلي يحمل معنى الضرم
هو الشباب الحر ، ذخر الحمى
اليقظ المستوفز المنتقم
غلّوا جناحيه وقالوا : انطلق
وشارف الأفق وجز بالقمم
واستنهضوه لاقتحام اللظى . .
والقيد ، ياللقيد ، يدمي القدم
لكن للثأر غداً هبّةً
جارفة الهول ، عصوفاً عمم
فالضربة الصماء قد ألهبت
في كل حرٍ جذوةً تضطرم
لن يقعد الأحرار عن ثأرهم
وفي دم الأحرار تغلي النقم !
مع لاجئة في العيد
أختاه ، هذا العيد رفّ سناه في روح الوجود
وأشاع في قلب الحياة بشاشة الفجر السعيد
وأراك مابين الخيام قبعت تمثالا شقيا
متهالكاً ، يطوي وراء جموده ألماً عتيّا
يرنو الى اللاشيء . . منسرحاً مع الافق البعيد
أختاه ، مالك إن نظرت الى الجموع العابرين
ولمحت أسراب الصبايا من بنات المترفين . .
من كل راقصة الخطي كادت بنشوتها تطير
العيد يضحك في محيّاها ويلتمع السرور
أطرقت واجمة كأنك صورة الألم الدفين ؟
أختاه ، أيّ الذكريات طغت عليك بفيضها
وتدّفعت صوراً تثيرك في تلاحق نبضها
حتى طفا منها سحاب مظلم في مقلتيك
يهمي دموعاً أو مضت وترجرجت في وجنتيك
يا للدموع البيض ! ماذا خلف رعشة ومضها؟
أترى ذكرت مباهج الاعياد في (يافا) الجميلة ؟
أهفت بقلبك ذكريات العيد أيام الطفوله؟
اذ أنت كالحسون تنطلقين في زهوٍ غرير
والعقدة الحمراء قد رفّت على الرأس الصغير
والشعر منسدلٌ على الكتفين ، الجديلة ؟
إذ أنت تنطلقين بين ملاعب البلد الحبيب
تتراكضين مع اللّدات بموكب فرح طروب
طوراً الى ارجوحة نصبت هناك على الرمال
طوراً الى ظل المغارس في كنوز البرتقال
والعيد يملأ جوّكن بروحه المرح اللعوب ؟
واليوم ؛ ماذا اليوم غير الذكريات ونارها ؟
واليوم ، ماذا غير قصة بؤسكنّ وعارها
لا الدار دارٌ ، لا ، ولا كالأمس ، هذا العيد عيد
هل يعرف الأعياد أو أفراحها روحٌ طريد
عان ، تقلبّه الحياة على جحيم قفارها ؟
أختاه ، هذا العيد عيد المترفين الهانئين
عيد الألى بقصورهم وبروحهم متنعمين
عيد الألى لا العار حرّكهم ، ولا ذلّ المصير
فكأنهم جثث هناك بال حياة او شعور
أختاه ، لا تبكي ، فهذا العيد عيد الميّتين!

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:49 PM

تشكّ بحبي
( فدوى طوقان )


تشكّ بحبي
وكنت مع الآخرين وحيده
بعيداً هناك
بعيداً بتلك الأقاصي البعيده
وزادي منك كتاب وصوره
تنام بصدري
وزادي منك زجاجة عطر
ينثّ بأعماق روحي عبيره
ويبعث حولي هناك
روائح دنيا هواك
وحين رجعت إليك
رجعت بكل تعطّش قلبي
لأنشر ظلّي عليك
لأعطيك حبّي
وكانت بعينيك نظرة عتب
وشكّ وريب
وقلت : نسيت هواي
عرفت هناك سواي
تمرّ دهور ولا تكتبين
ولا تسألين
ألا تعرفين
جنوني وكيف يثار
وكيف أغار
وغيرة حبي دمار ونار
ألا تعرفين ؟
تشكّ بحبي ؟
لأني حجبت رسائل قلبيى
كأنك تجهل أسباب صمتي
تغار ؟ أحبّ أحبّ تغار
ولكن لماذا ، لماذا تغار
أنت الحياه
وتعرف أنك أنت الحياه
وأنك لي منتهى مأملي
وأن اسمك الحلو ما يأتلي
يرفّ صداه
على شفتي تمتمات عباده
وهمس صلاه
وفيض سعاده
يفيض على حاضري موجها
ويغمر مستقبلي
وها أنا بين يديك
بكل حنيني إليك
بكل تعطّش قلبي
وترتاب بعد بحبي ؟!

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:53 PM

تلك القصيدة
( فدوى طوقان )


(( الا ليتني يا هواي الحبيب
عرفتك من قبل تلك القصيدة ))
و تحضن ديوان شعري يداك
و تقرأ لي من قصيدة حب
كتبت سخافاتها في سواك
و ما كان حباً ، و لكنه
حماقة شيء توّهمه
و حين انجلى الوهم أبغضته
و أبغضت تلك القصيدة
و أنت تظلّ تؤكد لي أن
أجمل شعري تلك القصيدة
فألعن نفسي
و ألعن طيشي القديم
و غلطة امس
و ألعن تلك القصيدة
و أمضي أتفه أبياتها
و أكشف زيف انفعالتها
و ألوانها الباهتات البليده
و لكن سدى
و تظل تعيد
و تقرأ لي أنت القصيدة
و في منتهى حنقي يا حبيبي
و فورة غيظي أهب اليك
و أسعى لديوان شعري
فأنزعه من يديك
أهم بتمزيق تلك القصيدة
أودّ لو أن القصيدة تمسي
هباءً ذرته اكف الرياح
أود لو أن القصيدة شيء
يموت و يطمر في قاع رمس
و تضحك من حنقي يا حبيبي
و ثورة نفسي
و تمضي بمكر لذيذ بريء
تؤكد لي ان أجمل شعري
و ألطف شعري تلك القصيدة
و ترونو اليّ ، و أرنو إليك
و في ندمي ، ندمي و انخذالي
أروح أغمغم بين يديك :
الا ليتني يا هواي الحبيب
عرفتك من قبل تلك القصيدة

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:56 PM

تهويمة صوفية
( فدوى طوقان )


أي لحن مسلسل رقراق
راح ينساب في مدى الآفاق
أيقظ الكون حين منبثق الفجر على غمرةٍ من الأشواق
وإذا الحب ملء هذا الوجود الرحب يسري في روعة وانطلاق
وإذا الكائنات يغرقها الوجد الإلهيّ في سنى الاشراق !
السموات من حنين ووجدٍ
خاشعات خلف الغيوم الرقاق
والجبال الشّماء تشخص نحو الله سكرى في ذهلة المشتاق
وندى الفجر في الرياض الحوالي
أدمع الشوق رقرقت في المآقي
كلّ ما في الوجود من روعة اسم الله في نشوةٍ وفي استغراق !
أي لحن مخلّد سرمديّ
من لحون الآزال و الآباد
أي لحن قد صيّر الكون أغرودة حب رخيمة الإنشاد
يا لهذا النشيد تنطلق الأرواح فيه من ربقة الأجساد
يا لهذا النشيد أوغل في أعماق ذاتي محطّماً أصفادي
يا لقيدي الارضيّ يسحقه اللحن ويذروه حفنةً من رماد
وإذا الروح في تجرده يسمو مشعّاً كالكوكب الوقّاد
عانق اللحن مصعداً وتوارى يتخطى شواسع الأبعاد
غارقاً في صفائه ، قد تغشّته غواشي غيبوبةٍ وامتداد
كلّما رنّ في السكون صدى تسبيحة الله رائع الترديد
و سرت في الأثير الطهر و أوغلن في الفضاء البعيد
أهطعت أنفس و ذابت قلوب
يزهيها الفناء في المبعود !
و تسامىالشعور يلهب فيها
خلجات الأيمان و التمجيد
يا لهذا الصفاء ..يا لتجّلي الله .. يا روعة الجلال الفريد!
لكأني بالكون يهتف : يا رب ، و يمضي مستغرقاً في الشرود
لكأني أحسّ و شك اتصالي .. لكأني أشم عطر الخلود!
أنا يا رب ّ قطرة منك تاهت
فوق أرض الشقاء و التنكيد
فمتى أهتدي الىمنبعي الأسمى و أفنى في فيضه المنشود
ضاق روحي بالأرض ،بالأسر ،بالقيد ،فحرر روحي و فك قيودي
ضمني ، ضمني ،فقد طال انفصالي ،و طال بي تشريدي

ناريمان الشريف 10-01-2010 02:57 PM

حتى أكون معه
( فدوى طوقان )


يفتح قلب الربيع
بمنحدرات السفوح وفوق نهود التلال
ويهمي السنى ويموج
على ضحكات المروج
يعانق فيها العبير ويحضن الظلال
وتمضي جموع الحساسين في وثبات الفرح
تغني وتنفض جذلى جناح قوس قزح
وترسل ملء الفضاء
نداءً وراء نداء
إلى شرب خمر الحياة ، إلى عبّ خمر المرح
وأصد قلبي أنا
كراهبة ناسكه
وأبقى بديري هنا
وراء الدنى الضاحكه
إلى أن تدقّ يداه
على عزلتي المغلقه
إلى أن يهلّ سناه
على روحي المرهقه
فإني على موعد
ولن ، لن ألبي النداء
نداء انتفاض الحياه
نداء جمال الوجود حتى أكون معه
وإن كنت وحدي هنا
بأمسية باردة
و قد حال ما بيننا
مدى ، بل و ألف مدى
و أسفر وجه الردى
بعين له جامده
و أشرع نحوي يدا
بمنجله الأعقف
فسوف أصيح به
بملء كياني :
قفِ !
تراجع و لا تقرب
سدى ما تروم سدى
فإني على موعد
و لن ينطفي كوكبي
و لن تحتويني يداك حتى أكون معه

ناريمان الشريف 10-01-2010 03:15 PM

حلم الذكرى
( فدوى طوقان )


إلى روح شقيقي إبراهيم
أخي ، يا أحب نداء يرفّ
على شفتيّ مثقلاً بالحنان
أخي ، لك نجواي مهما ارتطمت
بقيد المكان وقيد الزمان
أحقاً يحول الردى بيننا
ويفصلني عنك سجن كياني
فمالي إذا ما ذكرتك أشعر
إنك حولي بكل مكان
أحسّ وجودك أؤمن أنك
تسمع صوتي هنا وتراني
وكم طائف منك طاف بروحي
إذا ما الكرى لفّني واحتواني
أخي ، أمس والليل يعمق غورا
ويحضن قلب الوجود الكبير
وذكراك تعمر أقطار نفسي
وتملأ قلبي بفيض غمير
تفلّت بين انعتاق الرؤى
خيالك في غفوة من شعوري
تحدّر من فاشرت الخلود
على هودج من غمام وثير
وقوس السحاب على الأفق تحتك
تطويه معبر لون ونور
كأن يد الله مدّته درباً
إلى الخلد بين حقول الأثير
أخي ! وهتفت بها واندفعت
إليك بكل حناني وحبي
أخي ! غير أنك رحت تصوّب
عينيك نحو المدى المشرئبّ
وكنت حزيناً وكانت على
جبينك مسحة غمّ وكرب
وجرح عتيق بجنبك يدمى
شعرت به يتنزّى بجنبي
وأرسلت عينيّ حيث رنوت
وقد دبّ ثقل خقيّ بقلبي
خلال دخان علا واستدار
رأيت الحمى خربةً ماحله
على العتبات تدبّ هوام
وتعبر قافلة قافلة
وبين الزوايا عناكب تحبو
وتمعن في زحفها واغلة
وأبصرت أشلاء قومي هنا
وهناك على طرق السابلة
عيون مفقّأة بعثرت
على الأرض حباتها السائله
وأيدٍ مقطّعة ووجوه
غزا الترب ألوانها الحائلة
وكان هناك وراء الدخان
قطيع تشتت في كل بيد
قطيع وديع . . . بقية قومي
فهذا شريد وهذا طريد
تظللهم في العراء الخيام
وقد أخلدوا في هدوء بليد
براكين خامدة لا تفور
استحال اللظى في حشاها جليد
قصارى مطامحهم لقمة
مغمّسة بهوان العبيد
تجود بها كفّ جلادهم
لتخديرهم كل صبح جديد
وأرجعت نحوك طرفأً ثقيلاً
وفي شفتيّ سؤال كئيب :
(( أخي أرأيت القضية كيف
انتهت ، أرأيت المصير الرهيب
أتذكر إذ أنت ترسل شعرك
يطوي الحمى عاصفاً من لهيب
تحذّرهم من هوان المآل
كأنك تقرأ لوح الغيوب ))
ولكن طيفك كان يغيب
وراء المدى صامتاً لا يجيب
وجرحك يقطر أزكى دماء
همت في حواشي غمام خضيب
وراحت تعانق جرح الحمى
حمانا المسمّر فوق الصليب

ناريمان الشريف 10-01-2010 03:16 PM

حياة
( فدوى طوقان )


حياتي دموع
وقلب ولوع
وشوق ، وديوان شعر، وعود
حياتي ، حياتي أسىً كلهّا
اذا ما تلاشى غداً ظلّها
سيبقى على الأرض منه صدى
يردد صوتي هنا منشداً :
حياتي دموع
وقلب ولوع
وشوق ، وديوان شعر ، وعود
بليل الشجون
وعمق السكون
تمر أمامي كحلم سرى
طيوف أحبّاي تحت الثرى
فتزعج ناري خلف الرماد
ويغرق سيل الدموع وسادي
دموع الحنين
الى راحلين
مضوا وطواهم ظلام اللحود
بقلبي اليتيم
تنادي كلومي
أطلّ بروحك يا والدي
لتنظر من أفقك الخالد
فموتك ذلٌ لنا أيّ ذلّ
ونحن هنا بين أفعى وصل
ونفث سموم
وكيد خصوم
بدنيا العقوق ، بدنيا الجحود
ويبدو خيال
بغفو الليالي
خيال أبي شقّ حجب الغيوب
بعينيه ظلّ شعورٍ كئيب
أراه فتهم له أدمعي
ويحنو علي ويبكي معي
وأدعو : تعال
رحيلك طال
بمن نستظل وانت بعيد!
وفي ليل سهدي
يحرّك وجدي
اخٌ كان نبع حنانٍ وحبّ
وكان الضياء لعيني وقلبي
وهبّت رياح الردى العاتية
واطفأت الشعلة الغالية
وأصبحت وحدي
ولا نور يهدي
ألجلج حيري بهذا الوجود
وهذا شبابي
أمان كوابي
شباب سقاه الأسى ورواه
اذا ما دعته إليها الحياه
وأشواقها ، شدّه ألف غلّ
وطوّقه ألف طوق مذلّ
شباب عذاب
رهين اغتراب
يضيع شذاه بأسر القيود :
واطرق رأسي
بوحشة يأسي
وفي الروح تصخب أشواقها
وفي النفس ترعد آفاقها
وأفزع للشعر سلوة روحي
أصور أشواق عمر ذبيح . .
فيهدأ حسي
وتخشع نفسي
وتسكن لهفة روحي الشريد
وأجذب عودي
لقلبي الوحيد
فتخفق أوتاره باللحون
تهدهد قلبي وتجلو شجوني
بفنّي وشعري والحان عودي
أصارع آلام عمر شهيد
وهذا نشيدي
نشيد وجودي
سيبقى ورائي صداه يعيد :
حياتي دموع
وقلب ولوع
وشوق ، وديوان شعر ، وعود!

ناريمان الشريف 10-01-2010 03:16 PM

خريف ومساء
( فدوى طوقان )


ها هي الروضة قد عاثت بها أيدي الخريف
عصفت بالسَجف الخضر وألوت بالرفيف
تعس الإعصار ، كم جار على اشراقها
جرَدتها كفَه الرعناء من أوراقها
عريت ، لا زهر ، لا أفياء ، لا همس حفيف
*
ها هي الريح مضت تحسر عن وجه الشتاءِ
وعروق النور آلت لضمورٍ وانطفاء !
الفضاء الخالد اربدَ وغشَاه السحابُ
وبنفسي ، مثله ، يجثم غيم وضباب
وظلالٌ عكستها فيَ أشباح المساء !
*
وأنا في شرفتي ، أصغي الى اللحن الأخير
وقَعته في وداع النور أجواق الطيور
فيثير اللحن في نفسي غمَا واكتئابا
ويشيع اللحن في روحي ارتباكا واضطرابا
أي أصداء له تصدم أغوار شعوري !
*
الخريف الجهم ، والريح ، وأشجان الغروب
ووداع الطير للنور وللروض الكئيب
كلها تمثل في نفسي رمزاً لانتهائي !
رمز عمرٍ يتهاوى غاربا نحو الفناء
فترةً ، ثم تلفّ العمر ، أستار المغيب
*
سيعود الروض للنضرة والخصب السّريّ
سيعود النور رفّافاً مع الفجر الطّريّ
غير أني حينما أذوي وتذوي زهراتي
غير أني حينما يخبو غداً نور حياتي
كيف بعثي من ذبولي وانطفائي الأبديّ ؟!
*
آه يا موت ! ترى ما أنت ؟ قاس أم حنون
أبشوش أنت أم جهمٌ ؟ وفيٌّ أم خؤون ؟!
يا ترى من أي آفاق ستنقضّ عليّه؟
يا ترى ما كنه كأسٍ سوف تزجيها !!
قل ، أبن ، ما لونها ؟ ما طعمها ؟ كيف تكون ؟
*
ذاك جسمي تأكل الأيم منه والليّالي
وغداً تلقى الى القبر بقاياه الغوالي
وي ! كأني ألمح الدود وقد غشّى رفاتي
ساعياً فوق حطام كان يوما بعض ذاتي
عائثاً في الهيكل الناخر ، يا تعس مآلي !
*
كلّه يأكل ، لا يشبع ، من جسمي المذاب
من جفوني ، من شغافي ، من عروقي ، من غهابي
وأنا في ضجعتي الكبرى ، وحضن الارض مهدي
لا شعورٌ ، لا انفعالات ، ولا نبضات وجد
جثّة تنحل في صمتٍ ، لتنفى في التراب
*
ليت شعري ، ما مصير الروح ، والجسم هباء ؟!
أتراها سوف تبلى ويلاشيها الفناء ؟
أم تراها سوف تنجو من دياجير العدم . .
حيث تمضي حرّةً خالدةً عبر السُدم . .
ساط النور مرغاها ، ومأواها السماء ؟!
*
عجباً ، ما قصة البعث وما لغز الخلود ؟
هل تعود الروح للجسم الملقّى في اللحود ؟
ذلك الجسم الذي كان لها يوما حجابا !
ذلك الجسم الذي في الأرض قد حال ترابا !
أو تهوى الروح بعد العتق عودا للقيود ؟!
*
حيرةٌ حائرةٌ كم خالطت ظنّي وهجسي
عكست ألوانها السود على فكري وحسّي
كم تطلعت ؛ وكم ساءلت : من أين ابتدائي؟
ولكم ناديت بالغيب : الى أين انتهائي؟
قلقٌ شوَش في نفسي طمأنينة نفسي!

ناريمان الشريف 10-01-2010 03:17 PM

دوامة الغبار
( فدوى طوقان )


عامٌ قريب
كانت حياتي قبله
شبحاً يدب على جديب
متعثراً بالصخر ، بالأشواك
بالقدر الرهيب
حتى رآك
روحي تهل على كآبته
فتترعه يداك
فرحاً و اشعاعاً غريب
عامٌ قصير
سرنا معاً فيه على دربي الوعير
جنباً الى جنب ، و ملء عيوننا
دفء الشعور
و العاطفة
و إذا الحياة على صدى
خطواتنا المتآلفة
خضراء تورق في الصخور
عام و مر
و دجا غبارٌ حولنا
هاجت به ريح القدر
و تلمستك يدي و في عيني ليل معتكر
و ارتاع قلبي
رجعت إلي يدي ميبّسة الدماء
بثلج رعبي لا صوت منك و لا أثر
و وقفت وحدي
في وحشة التوهان . في يتم الغريب
وقفت وحدي
تصطك روحي في فراغ الدرب من ذعر و برد
و على فمي
إشراقةٌ ماتت . و في قلبي
تنبؤ ملهم
أني سأبقى العمر وحدي
لا تبعد
و بعثتها من غور يأسي
في الفضاء المربد
و بقيت أهتف من قرارة وحشتي :
تبعد
نا خائفة
لمبي الوحيد يحسّ ، يسمع
مدمات العاصفة
ملف الفراغ الأسود
أمسك يدي
سر بي ، غبار الأرض منعقدٌ على دنيا غدي
يعمي خطاي المجفلات على طريقي الموصد
هذا الغبار
دوّامة دارت بها حولي
أعاصير القفار
تلوي بعمري المجهد
كيف الهروب
و العاصف الجبار يسقي الدرب وحشي الهبوب
شرس الجناح يسوط أقدامي
على القفر الرهيب
و الهاوية
تصغي على البعد القريب
إلى صدى أقداميه
بين التواءات الدروب
لا تبعد !
و بقيت اصرخ من قرارة وحشتي :
لا تبعد !
فتبدّد الريح النداء مع الصدى المتدّد
و بقيت وحدي
حيري ، أدور ، أصارع الدوامة الهوجاء
وحدي
عبر الطريق الموصد

ناريمان الشريف 10-01-2010 03:17 PM

رجاءً لا تمُتْ
( فدوى طوقان )


يا أخا الروحِ رجاءً لا تمُتْ
أو فخُذْ روحي معك
ليتني أحمِلُ عن قلبكَ ما
يوجع قلبك
لو ترى كم رفع القلبُ إلى اللّه
صلاة القلب كي يشفي بروح منه جُرحَك
يا أخا الروح رجاءً لا تمُتْ
نقطةُ الضوءِ بعمري أنت
نبراسي المضيء
ابْقَ لي أرجوك
ابْقَ الضوءَ والنكهةَ والمعنَى
وأحلى صفحةٍ في سِفْر شِعري
وّجَت آخرَ عمري
حلمٌ
حلمتُ...
رأيت قصائد قلبي التي لم أقلها
تموت واحدة بعد أخرى
حزنتُ... وقمت إليها
ألملمها جثثًا ورفاتْ
بكيت عليها وغسلّتها بالدموعْ
وسلّمتها لمهب الرياحْ
رجعت بخفي حنينْ
بكفين فارغتين
وظل شرود حزين يدبّ على مقلتيّ
وذكرى
بنيتُ لها معبدًا يتهجدُ قلبي لديه
ويضئُ الشموع
لذكرى قصائد ماتتْ
وليس لها من رجوعْ

ناريمان الشريف 10-01-2010 03:20 PM

رقية
( فدوى طوقان )


من صور النكبة
تدلّت عن الأفق أمّ الضياء
ملفّعة باصفرارٍ كئيب
وقد لملمت عن صدور الهضاب
وهام التلال ذيول الغروب
وجرّت خطاها رويداً رويداً
وأومت إلى شرفات المغيب
فأطبقن دون رحاب الوجود
وأغرقنه في الظلام الرهيب
وغشّى الدجى مهجاتٍ نبضن
بشوق الحياة ، بوهج اللهيب
وأخرى تلاعب ثلج السنين
بها فخبت في حنايا الجنوب
وأوغل في حاليات القصور
وأوغل في كل كوخ سليب
فمدّ الجناح على بسمات الشفاه ، وفوق جراح القلوب
وضمّ السعيد بأحلامه ، وضمّ أخا البؤس نضو الكروب
وفي وحشة الليل ، ليل المواجع ،ليل المواجد ، ليل الهموم
وللريح ولولة في الشعاب
وللرعد جلجلة في الغيوم
وللبرق خفق توالى دراكاً
يشق حجاب الظلام البهيم
بدا ( جبل النار ) ترب الخلود
له روعة الأزليّ القديم
تعالى أشمّ أمام السماء
تجاذب منها حواشي الأديم
كأنّ ذراه رفعن هناك ،
على الأفق ، متكأ للنجوم
وكان وراء غواشي الدجى
رهيب السكون عميق الوجوم
تحسّ به رجفة الكبرياء الجريحة والعنفوان الكليم
وفي قلبه النار مكبوتة الزفير ، فيا للّهيب الكظيم !!
هنالك ، في سفح البطولات ، والمجد ، والوثبات الكبر. !
هنالك ؛ تحت الضباب المسفّ ، والأرض غرقى بدفق المطر
كأن الرحاب العلى بعيون السحائب تبكي شقاء البشر. .
هنالك ضمّ (رقيّة) كهف
رغيب عميق كجرح القدر
تدور به لفحات الصقيع
فيوشك يصطكّ حتى الصخر
وتجمد حتى عروق الحياة
ويطفأ فيها الدم المستعر
(رقية) يا قصة من مآسي الحمى سطّرتها أكفّ الغير
ويا صورةً من رسوم التشرد ، الذل ، والصدعات الأخر
طغى القرّ ، فانطرحت هيكلاً
شقيً الظلال ، شقي الصور !!
تعلّق شيء كفرخٍ مهيضٍ
على صدرها الواهن المرتعد
وقد وسّدت رأسه ساعداً
وشدّت بآخر حول الجسد
ولو قدرت أودعته حنايا الضلوع ، وضمّت عليه الكبد !
عساها تقيه بدفء الحنان
ضراوة ذاك المساء الصّرد
وعانقها هو يصغي الى
تلاحق أنفاسها المطّرد
وكانت خلال الدجى مقلتاه
كنجمتين ضاءا بصدر الجلد
تشعان في قلبها المدلهم
فيوشك في جنبها يتّقد
وغمغم : أمّ؛ وراحت يداه
تعثيان ما بين نحرٍ وخد
فأهوت على الطفل تشتمّ فيه
روائح فردوسها المفتقد
وفي مثل تهوية الحالمين
وغيبوبة الانفس الصافية
أطّلت على أفق الذكريات
وفي عمقها لهفة ظاميه
تعانق بالروح طيف الديار
وتلثم تربتها الزاكية . .
وأفياءها الدافئات وتلك الدهاليز في الروضة الحالية
وإلف الحياة يشيع الحياة
بأجواء جنّتها الهانيه
فيا دار ما فعلته الليالي
بأشيائك الحلوه الغالية
وربّك ، كيف تهاوت به
يد البغي والقوة الجانيه؟
ومرّ على قلبها طيف يومٍ
دجى الضحى ، عاصف مربد
وقد نفرت في جموع الإباء
نسور الحمى للحمى تفتدي
دعاها نفير العلى والجهاد
فهبّت خفاقاً الى الموعد
تذود عن الشرف المستباح
وتدفع عنه يد المعتدي
وتقتحم الهول مستحكماً
وتسخر باللهب الموقد
فتنقضّ مثل القضاء المتاح
وتهبط كالأجل المرصد
وليست تبالي وجوه الردى
كوالح في الموقف الأربد
فيا للحمى ، كم حميّ أبيّ
تجدّل فيه ، وكم أصيد
أباجوا له المهج الغايات
وأسقوا ثراه دم الأكبد
وطالعها في رؤى الذكريات
فتاها ، نجيّ العلى والطماح
إباء الرجولة في بردتيه
وزهو البطولة ملء الوشاح
يشدّ على الغاضب المستبد ويضرب دون الحمى المستباح
ويلقي عراك المنايا وجاهاً
ويكسح الهول أي اكتساح
وتعرف منه الوغى كاسراً
قوى الجناح ، عنيد الجماح
يخط على صفحات الجهاد
سطور الفدى بدماء الجراح
نبيل الكفاح اذا الخصم راغ
ومن شرف الحرب نبل الكفاح
فيا من رأى النسر تجتاحه
وتلوي به بفتات الرياح
تهاوى صريعاً وأرخى على
حطام أمانيه ريش الجناح !
وفاضت لواعجها ، لا أنيناً
جريحاً ، ولا عبرة زافره
ولكن زعافاً من الحقد والبغض والضغن والنقم الغامره ؟
متى يشتفي الثأر ؟ يا للضحايا
أ تهدر تلك الدماء الطاهره
ويا للحمى ! من يجيب النداء
نداء جراحاته النافره
وقد أغمد السيف ، لا ردّ حقاً
ولا أطفأ الغلة الساعره !.
تململ في حضنها فرخها
فضمّته محمومةً ثائره . .
ومالت عليه وفي صدرها
مشاعر وحشيةٌ هادرة . .
لترضعه من لظى حقدها
ونار ضغائنها الفائره . .
وتسكب من سمّ خلجاتها
بأعماقه دفقةً زاخره !.
هنا جبل (النار) كان يطوّف
حلم بأجفانه الساهره
تغاديه فيه طيوف نسورٍ
تغلّ بأفق العلى طائره
مخالبها راعفات . . وملء
جوانحها نشوة ظافره
وبرد التشفي بثاراتها
وراء مناسرها الكاسره!

ناريمان الشريف 10-01-2010 03:20 PM

ساعة في الجزيرة
( فدوى طوقان )


بعيدان نحن هنا في الجزيره
بحضن الظهيره
ونافورة الماء تنثر فضّه
هنا يا رفيق حياتي أنا
وأنت أمامي ، أمامي هنا
وهذا المكان
يلفّ الغرام سماه وأرضه
وهذا الأمان
وهذا الرضى ، كل هذا لنا
هنا نحن ، هذي يدي في يديك
ونار الحياه
تدبّ وتسرب منك إليّ
ومنّي إليك
هنا نحن بعد الطواف البعيد
معاً نستريح ،
معاً نستزيد
هوانا الجديد
هوانا الوليد
وشمس الشتاء
حنون الضياء
تضمّ كلينا
وتحنو علينا
وتقضي إلينا
بسرٍ جديد
لذيذ ، نخبّئه في دمانا
فيذكي هوانا
ويربطنا بشعور سعيد
سيأتي الغد
ويتلوه ما بعده
ويجيء سواه
وآخر يتبع آخر
ويعبر عام
وعام
وآخر
غداً تتبدل أحلامنا
غداً تتحول أيامنا
غداً نتغيّر. .
فلا أنت من بعد أنت
ولا أنا ما كنت قبل ،
غداً نتغيّر
وقد أنتهي
بنفسك يوماً فلا من أثر
بنفسك منّي ولا من صور
كأن لم أكن عالماً تزدهي
بكونك تملك آفاقه
بكونك تلهب أشواقه
وقد تنتهي
بنفسي ،
بلى ، أنت قد تنتهي
بنفسي
وتمسي
بقايا هشيم ذرتها الرياح
بكل مهبّ
فيفرغ قلبي
ويصبح حبي
رفاتاً بقبر الزمان اندثر
وقد يا رفيق حياتي أموت أنا
أو تموت ، وأبقى أنا
لأصبح ظلاً لماضٍ طواه
زمان يدور ويطوي الحياة
وقد يا رفيق حياتي وقد
ومهما توالى ،
ومهما استجدّ
فساعتنا هذه في الجزيرة
بحضن الظهيرة
ستبقى تعيش بروحي دقيقة
وراء دقيقة
وتحيا كروحي بقلب الأبد

ناريمان الشريف 10-01-2010 03:21 PM

سموّ
( فدوى طوقان )


أحبّك للفنّ ، يسمو هواك بنفسي نحو الرحاب العلى
فيدني إليها معاني السماء ، وينأى بها عن معاني الثرى
سموت بقلبي وروحي فراحا يفيضان بالشعر شعر الهوى
ونضّرت عيشي ، فأمسى غضيراً ترف عليه زهور المنى
ورفرف في القلب حلم سعيد جميل الخيالات حلو الرؤى
وقد كنت في وحشة لا أرى لي أليفاً يبدّد عنّي الأسى
فلا النفس يسعدها فيض حب ، ولا القلب يسطع فيه السنى
الى ان تجليت روحاً مشعاً كنجم تلألأ لأبن السّرى
فضوّ أت أيامي الحالكات وأفغمتها بذكيّ الشذى
وأحييت نفسي بأسمى هوى هو الخلد أو نفحات السما
وأرويت روحي بصوب الحنان كالروض أرواه صوب الحيا.
ومن عجب أنني لا أراك ولكن أحسك روحاً هفا
يحن إليّ ويحنو عليّ وينساب حولي هنا أو هنا
إذا ما صحوت ، اذا ما غفوت ، اذا ضجّ يومي وليلي سجا
رقيقاً شفيفا كنور الصباح زكياً نقياً كقطر الندى
فيا أيها الروح ، ما أنت ؟ قل لي ، أأنت من الله روح الرضى ؟
وهل أنت ظلّ الأمان الظليل دنا ليّ من سدرة المنتهى ؟
ترى شعّ نور الإله بنفسي ليجلو الطريق ويهدي الخطى ؟
وهل للملائك الحان حبٍ فأنت بقلبي رجع الصدى ؟
فإني أحسّك روح الرضى وظلّ الأمان ونور الهدى
وأصغي لدقّات قلبي لحناً طهوراً بعيد المدى
يوقعه حبك المستفيض فيذهلني وقعه المشتهى
وتغمرني سكرات التجلي كأن الإله لعيني بدا ! . .
أخالك صورة حبس كبير
جلاها لعيني وحي السما
تهيئ روحي لصوفيّةٍ
وتنفض عنها غبار الثرى

ناريمان الشريف 10-01-2010 03:25 PM

شعلة الحرية
( فدوى طوقان )


(( هدية إلى أم الأعمال العظيمة مصر الثورة في حرب السويس ))
هبة الله السخية
هذه الشعلة ، إرث البشرية
ارفعيها أنت يا مصر ارفعيها
للملايين الذين
كم حنى أعناقهم ذلّ السنين
ارفعيها للملايين الذين
لم يزالوا ظامئين
لينابيع الضياء
الضياء السمح يهمي في سخاء
ارفعيها لهمو
للملايين على الدرب فأفق الدرب داجٍ معتم
فجّري الأعماق كل السّر فيها
فانتفاضات الشعوب
وانطلاقات الشعوب
كلما تكمن فيها
من هنا تنهار جدران الظلام
من هنا تنحطم القضبان ترتدّ حطام
فجّريها هذه الأعماق كلّ السر فيها
وارفعي الشعلة يا مصر ارفعيها
انها سرّ البقاء
هي مهما أخمدوا أنفاسها ، أو
أطفأوا أقباسها
هي مهما مرّغوها
هي مهما أرخصوها
سوف يبدو وجهها الحرّ مهيب الكبرياء
للملايين الذين
عشقوها من قرون وقرون
سوف تبدو من خلال المحن .
من رزايا الوطن
سوف تبدو من ثنايا المعركة
ودخان الموت يلتفّ جبالاً بجبال
والقرابين بساحات النضال
يطرقون الباب ، باب الأبدية
وبأيديهم تراب المعركة
التراب الطيب الطاهر روّاه الفداء
هذه الشعلة من قال يلاشيها الطغاة الغادرون
البغاة المجرمون
وهي إرث البشرية
هبة الله السخيه

ناريمان الشريف 10-01-2010 03:26 PM

صلاة إلى العام الجديد
( فدوى طوقان )


في يدينا لك أشواق جديدة
في مآقينا تسابيح ، وألحان فريدة
سوف نزجيها قرابين غناء في يديك
يا مطلاً أملاً عذب الورود
يا غنياً بالأماني والوعود
ما الذي تحمله من أجلنا ؟
ماذا لديك!
أعطنا حباً ، فبالحب كنوز الخير فينا
تتفجّر
وأغانينا ستخضرّ على الحبّ وتزهر
وستنهلّ عطاءً
وثراءً
وخصوبة
ونعيد
أعطنا أجنحة نفتح بها أفق الصعود
ننطلق من كهفنا من عزلة –
أعطنا نوراً يشقّ الظلمات المدلهمّة
وعلى دفق سناه
ندفع الخطو إلى ذروة قمّة
نجتني منها انتصارات الحياة
أول يناير 1958
ندفع الخطو إلى ذروة قمّة
نجتني منها انتصارات الحياة
أول يناير 1958

ناريمان الشريف 10-01-2010 03:27 PM

طمأنينة السماء
( فدوى طوقان )


عج الأسى في نفسها الشاعره
في ليلة مقرورة كافره
وحيدة ، ضاق بها مخدع
توغل في الوحشة السادره!
كم شهد المكبوت من شجوها
تثيره خلجاتها الثائرة . .
كم التوت فيه على قلبها
تبكي أماني قلبها العاثرة
وكم ، وكم ، ولا يد برّةٌ
تأسو جراح الزمن الغائرة !
تنهدت مما عراها ، وقد
مالت على شرفتها حانيه
وقلّبته بصراً تائهاً في
جوف تلك الظلمة الغاشية
لا ومضة تخفق من كوةٍ
لا نبأة تصعد من ناحية
سوى هزيز الريح تهتاجها
أصداؤه المفجوعة الباكيه
وقلبها المحروم ما يأتلي
يدقّ خلف الأضلع الواهيه !
ورجّت الوحشة أعماقها
في هيكل الليل الكئيب الضرير
فاصطرعت فيها أحاسيسها
كاللج يطغي في الخضم الكبير
ووثبت أشباح آلامها
مجنونة ، تشب شبّ السعير
فجمدت في جفنها دمعة
تصاعدت من قلبها المستطير
ثم همت محرورةً مرةً
كأنها تضرّع المستجير
تلفّتت وراءها في أسى
نحو مهاوي أمها الغابر
لعلّ في أغواره لمحةً
تلوح من ذكرى سني عابر
لعلّ في الماضي وأطيافه
عزاءها من قسوة الحاضر
فما رأت غير حطام المنى
على صخور القدر الغادر . .
وبعض أشلاء هوىً حالم
مرتطم بالواقع الساخر . .
وسرّحت أمامه طرفها
عبر غدٍ مكتنف بالضباب !
فأبصرت ، ما أبصرت ؟ مهمهاً
مستبهم الافق مخوف الشعاب
تبعثرت فيه الصور واختفت
معالم السبل وراء اليباب
وهي على الدرب ذعور الخطى . .
رفيقها الوحدة والإغتراب . .
والظمأ الكاسر لا يرتوي
في قلبها الهائم خلف السراب ! . .
وكان أقسى ما شجى نفسها
وابتعث الراعب من هجسها
تدفق الظلمة في يومها . .
في غدها المحروم . . . في أمها . .
ظلمة عمرٍ كل أيامه
ليل تدجّى في مدى حسها
النور ، أين النور ؟ هل قطرة
تسيل منه في دجى يأسها
من أين والأقدار قد جفّفت
منابع الأضواء من نفسها
وفي شرود مبهم غامضٍ
تعلقّت مقلتها بالسماء !
فانشق صدر الليل عن كوكب
مشعشع الوهج دفوق الضياء
كان روح الله من فوقه
تمدّه بنورها عن سخاء
فانخطفت في ذهلة روحها
خلف النهايات . . وراء الفضاء
هناك حيث النور لا ينتهي
هنالك حيث النور فوق الفناء
هناك غشّتها طمأنينة
علويّة ما لمداها حدود
وصاح من أعماقها هاتف
ينتظم الأرض صداه البعيد
يا أرض ، أحزانك مهما قست
وطبّقت حولي مجالي الوجود
هيهات ان تلمس روحاً سرى
فيها من الله ضياء الخلود !.

ناريمان الشريف 10-01-2010 03:27 PM

على القبر
( فدوى طوقان )


(( الى روح ابراهيم))
آه يا قبر ، هنا كم طاف روحي
هائماً حولك كالطير الذبيح
أو ما أبصرته دامي الجروح
يتنزّى فرط تبريحٍ ويأس
مرهقاً مما يعنّيه الحنين
وهنا يا قبره أشوق نفسي
يا لأشواق على تربك حبس
وهنا قبلة أحلامي وهجسي
قرّبتني الدار ، أو طال نزوحي
فخيالي بك رهنٌ كل حين
إن نأى بي البعد ردّتني اليك
لاعجات ما تني وجداً عليك
لست تدري أي دنيا في يديك
من حنان وبشاشاتٍ وأنسٍ
يا قلبي ! أصبحت في الهامدين
آه يا قبراً له إشعاع نور
لا أرى أجمل منه في القبور !
فيك دنياي ، وفي قلبي الكبير
مأتم ما انفكّ مذ بات لديك
قائماً يأخذ منه بالوتين
وإذا ينزف دمع المقل
يجهش القلب أسىً ما يأتلي
نادباً عندك أغلى أمل
باكياً فيك نصيري وظهيري
ساكباً من ذوبه غير ضنين
أوحش السامر من ذاك السمير
غير أصداء فؤادٍ وشعور
نغم أفعم أمواج الأثير
بالاماني والهوى والغزل
وترامى بين أحضان السنين
زهرة عطّرت الدنيا بنشر
ثم مالت بين أحلام وشعر
وذوت عن عمر للزهر نضر
هكذا تنفذ أعمار الزهور
و الشذا باقٍ بروح العابرين
كلما أشرق في الليل القمر
مترعاً بالنور أعصاب الزهر
أظلمت نفسي و هاجتني الذكر
كيف غيّبتك في ظلمة قبر
كيف أسلمتك للترب المهين
وإذا ران على الدنيا هجود
وغفا فيها شقيٌّ وسعيد
لم يزل يهتف بي صوتٌ بعيد
من وراء الغيب وافى وظهر
ومضى يهمس همس العاتبين
عتبه أخذي بأسباب البقاء
أتملّى من وجودٍ وضياء
وعديل الروح في وادي الفناء
السّنى ضنّ عليه والوجود
فهو بالحرمان لم يبرح رهين
أيها الهاتف من خلف الغيوب
ما ترى نبع حياتي في نضوب ؟
لم أزل أضرب في عيش جديب
موحشٍ كالقفر ، موصول الشقاء
منذ أمسى نجمه في الآفلين
أين إبراهيم مني ، أين أين؟!
حبة القلب ونور الناظرين
أنا من عيشٍ وموت بين بين
فلعل الحين موفٍ عن قريب
يمسح الجرح والآم الحنين


الساعة الآن 06:59 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team