منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر ديوان العرب (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=48)
-   -   من شعراء العصر الحديث ( عدنان الصايغ ) (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1611)

ناريمان الشريف 09-29-2010 08:39 PM

من شعراء العصر الحديث ( عدنان الصايغ )
 
آخر المحطات.. أول الجنون
( عدنان الصائغ )


هي..?
لا....
في الطريقِ المؤدي لموتي الأخيرِ
انكسرتُ على حافةِ النافذةْ
فتشظّيتُ فوقَ المقاعدِ
لملمني نادلُ البارِ – وهو يلوكُ أغانيهِ – والفضلاتِ
تلوكُ المدينةُ بعضي
وبعضي توزّعَ في الثكناتِ
(السنينُ شظايا..
ولحمي عراءْ..)
ما الذي صنعتْ فيكَ هذي المدينةُ
أين ستمضي بهذا الخرابِ الذي هو أنتَ..
(تتكيءُ الآن فوق الأريكةِ
.. ساهمةً
ربما هي تصغي لنبضِ العصافيرِ فوق الغصونِ
ربما ستقلّبني كالمجلاتِ..
أو ربما…)
سأقنعُ نفسي بأنكِ لستِ التي..
- ………
ها أنتَ منكسرٌ كالمرايا
ومنتثرٌ كالشظايا
تحاولُ أن تنتقي وطناً للجنونِ
فيفاجئكَ الحرسُ الصلفون
ينامون
بين قميصِكَ، والنبضِ
(- ماذا تحاولُ..؟
أو تحلمُ الآن..؟
- ……
لا شيءَ………)
أنتَ، يا أيها الولدُ الصعبُ، مالكَ محتدماً هكذا
تفتشُ في المصعدِ الكهربائيِّ عن وطنٍ
وتنامُ على حجرٍ في الرصيف
كأنَّ الذي
بين جنبيكَ ...ز...(ئـ(بـ(ـقـ[لا]ـقـ)ـلـ)....ـب…
.............
............…………
- هي…؟
- لا…
- شَعرها..!
.. انكسارُ الندى في الجفونِ!
وهذا الطريقُ اللذيذُ إلى الشفتين..!
قد تتوهمُ.. أنتَ تراها بكلِّ النساءِ
ولكنها...
ربما يخطيءُ القلبُ - يا سيدي - مرةً
إذْ يزاحمهُ الهمُّ..
لا
.. الرمادُ يغطي المدينةَ والقلبَ..
(ها أنني في شظايا المرايا، ألملمُ نفسي
مقعدٌ فارغٌ
وزمانٌ بخيلْ..)
- .. إنما حدسي لا يخيّبني
سأقولُ لكلِّ الشوارعِ: إنّي أحبكِ
أهمسُ للعابراتِ الجميلاتِ فوق مرايا دمي المتكسّرِ:
إنّي أحبكِ
للياسمينِ المشاغبِ،
للذكرياتِ على شرفةِ القلبِ:
......... إني أحبكِ
للمطرِ المتكاثفِ،
للواجهاتِ المضيئةِ،
للأرقِ المرِّ في قدحِ الليلِ،
للعشبِ،
للشجرِ المتلفّعِ بالخوفِ،
للقمرِ المتسكّعِ تحت جفونكِ:
إني أحبكِ…
…………
……………
………………
الصبيُّ المشاكسُ شاخَ…
وأنتِ…!؟
أما زلتِ مجنونةً برذاذِ النوافيرِ
أذكرُ كنّا نجوبُ الشوارعَ
نحلمُ في وطنٍ بمساحةِ كفي وكفكِ
لكنهم صادروا حلمَنا..
ها أنا الآنَ، أنظرُ من شقِ نافذةٍ
للشوارعِ
وهي تضيقُ..
تضيقُ
تضيقُ
فأبكي…
(غرفةٌ موحشة
ورقٌ وذبابْ
وبذلةُ حربٍ.. علاها الترابْ)
…………
…………
اجلسي، ريثما تستردُّ القصائدُ أنفاسَها
فأحكي لعينيكِ
حتى يحطَّ على شرفةِ الرمشِ
طيرُ النعاسِ
سأبدأُ من أولِ الحربِ
أو آخرِ الحبِّ
هل نبتدي هكذا:
غيمةً في كتابٍ يقصُّ الرقيبُ عناوينَ أحزانها
زهرتين تضجان من فرحٍ أبيضٍ..
وغماماً بخيلْ
أم ترى ننتهي بالزمان القتيلْ
سأبدأُ:
مرَّ المحبون
- تحت غصونِ المواعيدِ، ذابلة -
وانتظرتكِ..
مرَّ الجنودُ المستجدّون للحربِ
مرّتْ خطى الفتياتِ، فساتينُهنَّ القصيرةُ كالأمنياتِ
نيونُ الشوارعِ, والحافلاتُ…
فما التفتَ القلبُ..
إلاّ لهمسِ خطاكِ
على شارعِ الذكرياتِ الطويلْ
اجلسي، ريثما تستردُّ دموعيَ أنفاسَها
والزمانُ فواتيرَهُ
(كأنَّ الذي مرَّ
سبعُ دقائق
لا سنواتٌ مثقّبةٌ
بجنونِ انتظاري)
لا الذكرياتُ
ولا الشعرُ
لا الندمُ المرُّ…
يرجعُ ما قد تساقطَ من ورقِ الحب
اجلسي ريثما…………
......
عيوني دوارٌ كثيفٌ
وأرصفةٌ
ونثيثُ مطرْ
(سأحكي لها عن بصاقِ المدينةِ
عن صحفِ اليومِ، والحربِ،
والمصطباتِ الوحيدةِ، مثلي…)
وأقولُ لكلِّ المحطاتِ: إنكِ باقيةٌ
وأقولُ لقلبي: بانكِ لنْ تتركيني كما الأخريات
فيوهمني الصيفُ أنكِ محضُ سحابٍ
وأنكِ أبعدُ مما توهمتُ
إنَّ القصيدةَ أبعدُ مما تصوّرتُ
**********

ناريمان الشريف 09-29-2010 08:40 PM

أبواب
( عدنان الصائغ )


أطرقُ باباً
أفتحهُ
لا أبصر إلا نفسي باباً
أفتحهُ
أدخلُ
لا شيء سوى بابٍ آخر
يا ربي
كمْ باباً يفصلني عني

ناريمان الشريف 09-29-2010 08:41 PM

أجاممنون
( عدنان الصائغ )


عائداً...
من غبارِ الحربِ
بقلبٍ مجرّحٍ
وذراعين من طبولٍ وذهب
حالماً بشفتي كليتمنسترا، العسليتين
اللتين كانتا في تلك اللحظة
تذوبان على شفتي عشيقها ايجستوس
ليلةً، ليلة
عندما فتحَ البابَ
رأى في دبقِ شفتيها
الآفَ الجثثِ التي تركها في العراء
فتذكر
أنه نسي أن يتركَ جثتَهُ هناك .

ناريمان الشريف 09-29-2010 08:41 PM

أحاديث خاصة ليست للنشر
( عدنان الصائغ )


إلى مدني صالح
تحدّثني النفسُ.. أني سأتلفُ عمري الطويلَ العريضَ.. على كتبٍ، ونساءٍ، وحاناتِ حزنٍ، وصحبٍ يمرّون مثلَ السحاب..
تحدّثني النفسُ – يا ويلتي – من حديثِ اللعينةِ، تلك التي
تقودُ خطاي الضليلةَ..
نحو الغوايةِ والمشتهى..
فإنْ مرَّ عشرونَ عاماً من النثرِ، والجمرِ، والسفرِ البكْرِ، هذا الضياع المهذّب خلف خطى الفتياتِ.. وخلف دخانِ المكاتبِ، والشعرِ… أوقفني ندمٌ نازفٌ في الضلوعِ:
أهذا إذن كلّ ما قدْ حصدتَ من العمرِ… يا صاحبي
وأسمعُ تقريعها قاسياً، شاحباً
وهي تحصي أمام المرايا.. تجاعيدَ وجهي،
وأسناني الساقطة!
*
تحدثني النفسُ – في بوحِها – عكسَ ما قدْ يطيبُ لصحبي الحديثُ المثرّثرُ عن أيِّ شيءٍ سوى جمرةِ النفسِ، تلك الخبيئة، خلفَ رمادِ التذكّرِ، واللغةِ المنتقاةِ…
ولكنني حين أنبشُ في موقدِ القلبِ.. عن خصلةٍ تركتها امرأة…
وعن دفترٍ مدرسيٍّ نزفتُ به أولَ الكلماتْ
وعن نخلتين،… وأرجوحةٍ لاصطيادِ القمرْ
سأبصرها في ليالي العذابْ
تقاسمني غرفتي، والكتابْ
وكعادتها، في الحديثِ الطويلِ أمام وجومي…
ستجلسُ فوق سريري
وتسألني في اضطرابْ
عن مواعيدَ خائبةٍ…
ووجوهِ نساءٍ نسيتُ – بوسطِ الزحامِ – ملامحَها
وعناوينَ في صحفٍ قذفتها المطابعُ
عن آخرِ الأصدقاءِ
وعن………
… بوحِ نفسي
وللنفسِ، هذا الحديثُ الفضوليُّ…
لائحةُ اللومِ حين تقدّمها…
– مثلما عوّدتني بكلِّ مساءٍ – كفاتورةٍ للحسابْ
ثم تسبقني في الهواجسِ
تسبقني في التخيّلِ، والمفرداتِ، الغواياتِ،
هذا الطريق الطويل إلى آخرِ العمرِ…، والذكرياتِ
وماذا تبقّى من العمرِ… يا صاحبي؟!
حفنةٌ من سنينٍ، وكدسٌ من الكتبِ المنتقاةِ، ستحشو بها رأسَكَ الفوضويَّ… وتمضي تثرثرُ… في الجلساتِ، وفي الندواتِ: عن الشعرِ، والموضةِ الألسنيةِ والنقدِ في حلباتِ الجرائدِ…
حتى إذا مرَّ عشرون عاماً… وعشرون أخرى
وقلّبتَ بين يديك دواوينَكَ الخمسةَ، النائماتِ على الرفِّ…
تلك التي استنزفتكَ السنينَ الجميلاتِ، والحلمَ…
يا صاحبي
سيوقفني ندمٌ قاتلٌ في الحنايا…
وأسمعُ تقريعَها هادئاً، هازئاً
وهي تحصي أمام المرايا، حرائقَ رأسي المشوبِ بأحلامهِ البيضِ، والصلعةِ الناصعة
- أهذا الذي… كلّ ما قدْ جنيتَ من العمر…
يا صاحبي!؟

ناريمان الشريف 09-29-2010 08:43 PM

أحزاب
( عدنان الصائغ )


لافتاتٌ تتقدمُ
بغابةٍ من الشعاراتِ
اختلفوا
مَنْ يتقدمُ الأولَ؟
ثم تشابكوا بالأيدي
ثم بالهراوات
ثم..
سقطتِ اللافتات
ولم نرَ نحن المحتشدين على جانبي الطريق
سوى غابةٍ من البنادق
تتقدمُ مشتبكةً
باتجاهنا...

ناريمان الشريف 09-29-2010 08:43 PM

أحزان المغني ع
( عدنان الصائغ )


تتمايسين كسنبلةْ
وأنا سكونُ الصخرِ – في المنفى –
وموتُ الأسئلةْ
الريحُ مرّتْ، لا مباليةً
وقلبي لمْ يعدْ تشجيهِ أوراقُ الخريفِ الذابلةْ
ما عاد يشعلهُ انحسارُ قميصكِ الشفّافِ..
.. عن تلك التلالِ المذهلةْ
أنا يا صديقةُ..، لمْ أزلْ
متغرّباً، تحت النوافذِ
في المدائنِ ضيّعتني،
في أزقّةِ ذكرياتكِ…
تحت أحلامِ الرموشِ المسبلةْ
قيثارتي روحي..
شددتُ بها
أعصابي المتآكلةْ
لاشيء عندي غير موّالٍ حزينٍ
.. ضيّعتهُ الجلجلهْ
فلمنْ أغني..!؟
والستائرُ مُسدلهْ
والشارعُ الملغومُ بالخطواتِ
نامَ على رصيفِ المقصلةْ
وصديقتي قد فضّلتْ فيْلمَ المساءِ..
على جنونِ قصائدي
وخطى اشتهائي المثملةْ
فلمَنْ أغني..؟!
مَنْ أغني..!؟
.. تلك روحُ المشكلةْ
30/5/1985 جوارتا – السليمانية
**********

ناريمان الشريف 09-29-2010 08:44 PM

أحزان عمود الكهرباء
( عدنان الصائغ )


إلى ص. ن...!
هاكَ عمري،
وفلّهِ..
يا صديقي
لن ترى فيه غيرَ الشجونِ،
وهذا البياضِ الوقورِ
الذي يقفُ – الآنَ – بين المكاتبِ، والحلمِ..
بين اشتهاءاتِ روحكَ،… والنظرةِ المطفأةْ
لن ترى – بعد هذا العناءِ الطويلِ –
سوى قلمٍ ناحلٍ
يتآكلُ
شيئاً،
فشيئاً
كنتُ أبصرهُ
– في زحامِ المدينةِ –
مندفعاً في شرودٍ..
إلى بابِ إحدى الجرائدِ
أو حاملاً كيسَ صمونهِ، والكتابَ..
إلى بيتهِ
ما الذي ترتجيهِ من الركضِ
ها أنتَ قطّعتَ عمرَكَ
بين الوظيفةِ، والشعرِ
ها أنت وزّعتَ عمرَكَ..
لا…!
أنتَ وزّعكَ العصرُ
بين الدوائرِ، والشغلِ،
بين القصائدِ، والجوعِ…
بين الصحابِ، النساءِ، المقاهي، المخافرِ، أبنائِكَ الخمسةِ، طاولةِ البارِ، قائمةِ الكهرباءِ، الغسيلِ على شرفاتِ الفنادقِ، منتصفِ الفيلمِ، لغطِ الإذاعاتِ، طعمِ الفلافلِ، باصِ الحكومةِ، سبورةِ الدرسِ، صفّارةِ الشرطيِّ، الجرائدِ، لائحةِ اليانصيبِ، الأغان
الوردةِ الاصطناعيةِ،
الهاتفِ المتقطّعِ،
بابِ البنوكِ،
المعارضِ,...
………………
……………
قلْ لي متى تستريحُ إذنْ..؟
هي أعصابُكَ – الآنَ – مشدودةٌ
بين أعمدةِ العصرِ
مكتظةٌ بعواءِ المشاغلِ واللغطِ...
مَنْ يمنحُ العصبَ المتآكلَ، بعضَ الهدوءِ الجميلِ،
على مقعدِ البحرِ
مَنْ سوف يتركُ طيراً طليقاً
يتأرجحُ منفرداً,
فوق أسلاكِ أعمدةِ الكهرباء
مَنْ يُبدلُ - الآنَ –
هذا الموظفَ ذا الربطةِ الأرجوانيةِ اللونِ
بالحلمِ...!
بالأرجلِ الحافياتِ على ضفّةِ النهرِ...
بالدفترِ المدرسيِّ الممزّقِ...
بالـ……
حلمٌ أنْ تعودَ العصافيرُ, ثانيةً
بعد موتِ الحدائقِ في الروحِ
أنْ تفتحَ المدنُ الكونكريتيةُ القلبِ شبّاكَها للقصائدِ
أنْ تستقيلَ من الحزنِ, يا صاحبي!
حلمٌ أنْ تغني كما تشتهي
وتسيرَ كما تشتهي
وتموتَ كما تشتهي…!
6/6/1985 السليمانية – جوارتا
********

ناريمان الشريف 09-29-2010 08:45 PM

أحلام زرقاء.. في ظهيرة قائظة
( عدنان الصائغ )


… بمحاذاةِ الجدرانِ المتآكلةِ الألوانِ
أسيرُ وحيداً..
أتفيّأُ هذا الظلَّ المتعرّجَ، منعرجاً
لشوارعَ دون ظلالٍ
وشوارع مغلقةٍ
وشوارع لا تؤوي الغرباءْ
وظهيرةُ تموز تصهرني كالقيرِ المائعِ..
ياما كنا نركضُ فوق لهيبِ الإسفلتِ، حفاةً
نحو النهرِ…
وياما..
لكنَّ النهرَ… بعيدٌ
– كطفولتنا –
مَنْ يعرفُ في كركوك، الرجلَ الرثَّ، المتسكّعَ
في هذا القيظِ، وحيداً…
دون صديقٍ
وكتابٍ
تلفظهُ الطرقاتُ
وتشويه الغربةُ، والقيظُ، وآهِ الكلماتِ، وآه…
أحياناً يجلسُ في المقهى
وسطَ ضجيجِ الدومينو، يكتبُ شعراً
يصفنُ ساعاتٍ دون حراكٍ
ويعلّقُ عينيه الشاحبتين على مسمارٍ..
أو نجمٍ مصلوبٍ
.. أو امرأةٍ عابرةٍ
ثم – بلا تخطيطٍ – يدفعُ بابَ المقهى…
مندفعاً نحو الشارعِ، ثانيةً
لا يعرفُ – كالضائعِ، كالسائرِ في الحلمِ…
إلى أين تسيرُ خطاه التعبى..
وشوارعُ كركوك، تأخذُ - في هذي الساعاتِ المحروقةِ -
قيلولتَها…
حتى زهرة عباد الشمس…!
انكمشتْ في الظلّ
لكنّكَ – يا أبن الصائغ – تمشي محترقاً
تأتيكَ من النافذةِ المفتوحةِ، أحياناً،
رائحةُ امرأةٍ بثيابِ النومِ…
وأحياناً، تهرشُ أمعاءَكَ رائحةُ الأكلِ
وأحياناً، تتلصصُ في وجهكَ – هذا المحفور بخارطةِ العرقِ، المغبرّ من التجوالِ المضني –
نظراتُ عجوزٍ، باردةٌ
أحياناً تتمهلُ – في العتبةِ – محترساً، ملتصقاً
فيرشُّ ظهيرةَ وجهكَ بعضُ رذاذِ هواءٍ بارد،
يتسرّبُ من فتحةِ بابٍ ما……
أتركُ وجهي يتبرّدُ، ملتذاً – بعضَ الوقتِ –
وأحلمُ…
– من خللِ البابِ المفتوحةِ للنصفِ –
بأشياءٍ زرقاء
آه…….
- يا ابن الصائغ - ……
لو……

ناريمان الشريف 09-29-2010 08:46 PM

أخطاء
( عدنان الصائغ )


" ... لقد تركتُ ورائي أسماً مشرّفاً
حسنٌ... لقد كلفني ذلك حياةً من الحرمان..."
- شاعر مجهول -
إلى أصدقائي في الحماقات: جواد الحطاب،
عبد الرزاق الربيعي، فضل خلف جبر،
أمل الجبوري، ودنيا ميخائيل...
ذكرى السنوات المضاعة…
يسمّونها: أخطائي...
وأسميها: حماقات شاعر
يشيرون لفوضاي...
وينسون أن يشيروا لخطوها الفوضوي على رصيفِ قلبي
يلقون بسناراتهم في مياهي
فلا يصطادون سوى كواسجِ أخطائهم الميتةِ
ينبشون رمادَ قصائدي
بحثاً عن أسماءِ اللواتي أحببتُ
فلا يجدون سوى حرائقِ امرأةٍ واحدةٍ
يحطمون مراياي...
فتتناثرُ شظايا ذكرياتي
على مقاعدهم...
من يدلّني على مشجبٍ، أعلّقُ عليه معطفي البالي
... وقلبي
لقد تعبتُ من هذا القلبِ وأريدُ استبدالَهُ الآن...
بأيّةِ شجرةٍ... أو قرص أسبرين
ضجرتُ من معطفِ حزني الثقيل
أريد أن أهرعَ إلى براري النسيانْ
طليقاً من كلِّ شيء...
أمضغُ الصبيّرَ بفمٍ ملؤهُ الصفيرُ
لكني أرى ذكرياتكِ... تتبعني كظلي
آهِ...
أعرفُ أن ما من قتلٍ في العالمِ يعادلُ قتلَ قلب
وأعرفُ أيضاً، أنني بتصديقِ الآخرين... ضيعتُ صدقي...!
أيها القلبُ الفوضوي الذي عبثاً أحاولُ ترتيبَ نبضَهُ وأحلامَهُ وسريرَهُ
مالي أراكَ دائماً...
وقفاً كشجرةِ اليوكالبتوز
أمامَ نافذتها
والمطرُ...
– بريدُ الحزنِ –
يأتي محتشداً..
برسائل الذين لا يملكون عناوينَ حبيباتهم
كلُّ خطأكَ الكبير…
أيها القلبُ…
إنّكَ حاولتَ أنْ تحبَّ امرأةً واحدةً فقطْ..
*********

ناريمان الشريف 09-29-2010 08:46 PM

أرق
( عدنان الصائغ )


حين بحثَ في أدراجِ الليلِ
ولمْ يجدْ سيجاراً
أشعلَ عودَ الثقابِ
وبدأ يدخنُ نفسَهُ - بهدوءٍ -
ملتذاً،
وهو يتلاشى رويداً، رويداً
في سحبِ الدخان
19/10/1993 عمان
*

ناريمان الشريف 09-29-2010 08:49 PM

أزهار.. على ضريح الجندي المجهول
( عدنان الصائغ )


هائماً..
في فضاءِ العراقْ
باسطاً ظلَّ جنحيهِ.. حيثُ المدى
جسرُ ضوءٍ..
يمرُّ عليه البراقْ
كان يأتي لحارتنا..
يطرقُ البابَ
في كفهِ.. مطرُ الله
.. والعشبُ
.. والزمنُ المشتهى
.. والخيول العتاقْ
هو والفجرُ.. في موعدٍ
ولهُ قبل أن تضفرَ الشمسُ.. خصلاتها
موعدٌ.. للعناقْ
*
لَوّنَ الأرضَ
من دمهِ..
والثرى مَسّهُ
فاستفاقْ
زهرةً..
زهرةً
فكان..
العراقْ

ناريمان الشريف 09-29-2010 08:49 PM

أشباح
( عدنان الصائغ )


دائماً كنتُ أسمعُ أصواتهم الغريبة
وهي ترطنُ باسمي
ثم أقدامهم الحديدية وهي تصعدُ السلالمَ
ثم قبضاتهم على الباب
ثم فوهاتهم في صدغي
ثم جثتي وهي تتدحرجُ
خلف هدير محركات سياراتهم
ثم صخب المتحلقين حولي وهم يتساءلون:
من أين أتوا?
لكنهم لم يأتوا
تركوا لي المشهدَ مفتوحاً
على اتساعِ الطلقةِ المؤجلة

ناريمان الشريف 09-29-2010 08:50 PM

أشياء.. عن علوان الحارس
( عدنان الصائغ )


كان يحبُّ نوارسَ دجلة
والسمكَ "المسكوفَ".. على الشطِّ
وأورادَ الجوري.. تتفتحُ – في الليلِ –
كأوراقِ القلبِ
على شرفةِ محبوبتهِ الفارعةِ الطول
كان يحبُّ أغاني "حسين نعمة"
والمشي على أرصفةِ السعدونِ.. وحيداً
تبهرهُ أضواءُ الصالوناتِ.. وسربُ السياراتِ المجنونةِ..
.. والسيقانُ.. ورائحةُ "الهمبركر"
كان يحبُّ نثيثَ الأمطارِ
يبلّلُ أثوابَ الفتياتِ
فيركضنَ.. كغزلانٍ شاردةٍ
نحو مظلتهِ
ويكركرنَ.. اذا راحَ يغني:
"يا بو زبون الحمر… ومطرز بأبرة
كل الشرايع زلك… من يمنه العبرة"
آه… يا مطرَ الله
تساقطْ
حتى يمتليء العالمُ..
بالأزهارْ
*
وإذا جنَّ الليلُ..
أحتضن "الكسريةَ"
ثم استقبلَ ليلَ الطرقاتِ.. نحيلاً
كمصابيحِ الحارةِ
أطلقَ صفّارته..
يجرحُ صمتَ مدينتهِ الغافيةِ العينين.. {على} وجلٍ
– نامي – بأمانٍ – يا أجفانَ الأطفالِ
فعمكمُ علوانُ الحارس.. يشعلُ عينيهِ بقلبِ الظلمةِ
ويمرُّ على حارتنا..
بيتاً.. بيتاً
– .. ها.. مصباحُ الصائغ…… لمْ يُطفأْ
ما زالَ كعادتهِ.. حتى منتصف الليلِ..
يقلّبُ أوراقَ قصائدهِ
لمْ تعوي خلفَ خطاي كلابُ الدربِ
وتنسى أحلامي النجمةْ
اللعنةْ!
مَنْ لا يعرفُ علوان الحارس في منتصفِ الليلْ
*
أبصرهُ.. يدلفُ للمقهى
مشتعلاً بعذاباتِ طفولتهِ
مدرسةٌ طردتهُ…
وكوخٌ.. من قصبِ البردي والطين
وفانوسٌ يسعلُ في البردِ
وأشياء أخرى..
يتّخذُ الآنَ.. بركنٍ منعزلٍ
مقعدَهُ
مرتشفاً كوبَ الشاي – على مهلٍ –
يتأملُ من خلفِ زجاجِ المقهى
موجَ الناسِ المتدافعَ نحو الفجرِ
ينهضُ مبتسماً
يغرقُ وسطَ زحامِ الشارعِ
مفتوناً.. بصباحات الوطنِ المشمسِ
………… والأزهارْ

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:07 PM

اغتيال حلم
( عدنان الصائغ )


ما بين الطلقةِ, والطلقةِ
ثمةَ متسعٌ للحلمِ
ألا تجلسُ، سيدتي, فوقَ الهدبِ المتكسّرِ
- بعضَ الوقتِ -
أقاسمها أرقي
وأحدّثها عن نجمٍ مغتربٍ… يدعى قلبي
سافرَ بين جدائلها…
منذُ سنين…
وما زال وحيداً, يبحثُ في غاباتِ المدنِ المقهورةِ
عن عصفورتِهِ المجنونةِ
هل تكفي ما في جعبةِ هذا العالم من كلماتٍ
كي أكتبَ عن عينيكِ… وحزني؟
أمْ أشتلَ روحي زهرةَ قدّاحٍ في شَعرِكِ
هذا المنسابِ رخيماً،
متئداً،
مجنونَ العطرِ,
كنهرِ الكوفةِ…
ثم أموتْ!؟
هل تجلسُ فاتنتي…!؟
ـ خمسَ دقائق أخرى…
فالليلُ طويلٌ…
أطول من ليلِ العاشقِ, منتظراً
وجهَ الفارعةِ القامةِ،
يشرقُ مشتعلاً بالخجلِ القرويِّ…
- كعادتها –
حين تمرّ على دكّانِ أبيهِ
………
………
هل تفزعُ سيدتي…!؟
حين تمرُّ الطلقةُ من فوق الجفنِ
فتلملمُ أذيالَ الفستانِ الورديِّ
وتهرعُ راكضةً…
كغزالٍ مذعورٍ نحو الريحْ
فأصيحْ:
- اللعنة…أنْ تغتالَ الطلقةُ…
… حتى الحلمْ!
7/8/1983 بغداد
***********

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:07 PM

أغنيات العريف صباح
( عدنان الصائغ )


في وميضِ الرصاصةِ، كانتْ عيونُ الجنودِ، وراءَ السواترِ
تثقبُ جنحَ المساءِ المخيّمِ، تزدادُ وهجاً…
كجمرِ السجائرِ، في هبّةِ الريحِ…
مَنْ أوقدَ النارَ..!؟......
إنَّ الأوامرَ تمنعُ - في حلكِ الليلِ -
أيَّ وميضٍ…
سوى جمرةِ القلبِ،
تلك التي تتوهجُ
مثل المواقدِ "تشجرها" الذكرياتُ…
إذا حلّقَ الصحبُ،
كان "صباح"، العريفُ، يغني بصوتٍ رخيمٍ
- كبوحِ السواقي الحزينةِ -
يقطرُ وجداً:
"اللي مضيّع ذهبْ……
بسوق الذهب يلقاه…
واللي مضيّع محبْ
يمكن سنه وينساه …"
تقاطعُهُ رشقاتُ المدافع
"بس المضيّع وطن
وين الوطن يلقاه…!؟"
ثم يجلسُ فوق سريري
يحدّثني عن هواهُ…
فيأتلقُ الليلُ: نجماتهُ والرصاص

……
قِيلَ كان صباحُ العريفُ إذا أطبقَ الموتُ فكّيهِ, غنى...
وقيلَ صباحُ المشاكسُ في الحبِّ والحربِ
طلقتهُ لا تخيبُ
يشمُّ النخيلَ, فيعرفُ أنَّ الحبيبةَ
مرّتْ – قبيلَ الغروبِ – بفستانها البرتقاليِّ
يعرفُ ماذا يخبّيءُ – خلفَ السواترِ – هذا المساءُ الثقيل
فيحملُ رشاشَهُ – صامتاً – ويغيبُ
بجوفِ الظلامْ
18/6/1983 بغداد
************

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:08 PM

أغنياتٌ.. لها
( عدنان الصائغ )


الدربُ طويلٌ، يا بنتَ حميدِ المرعب، يبدأُ من نقطةِ حبرٍ سقطتْ فوق قميصكِ - هذا المترفِ، كالثلجِ، كزهرةِ قدّاحٍ لمْ تتفتّحْ – ذاتَ صباحٍ تشرينيٍّ, في الصفِّ.. ويبدأُ من سحبٍ ماطرةٍ، رحلتْ من بين أصابعِ كفي، وهي تمدُّ إليكِ بأُولى أشعاري، المسكونةِ بال
كانتْ أشجارُ الرمّانِ ببستانِ أبيكِ، توشوشُ للحارسِ عمّا نفعلهُ تحتَ الأغصانِ! وتحفظُ أشعاري
وأنا أذكرُ – ما زلتُ – خطانا الحيرى في "حي الأنصار"، وخفقَ نوارسِ قلبي حين تحطُّ على جسرِ الكوفةِ قبل ذبولِ الشفقِ الورديِّ، وهمسَ الجاراتِ أمامَ بيوتِ الحارة، حين أمرُّ غريباً متشحاً بالوجدِ
أرقبُ شباكَكِ - من بُعدٍ - وأحدّثُ قلبي:
يا هذا المتشرّدُ تحتَ نثيثِ الأمطارِ.. تمهلْ
هل مازالَ بصدرِ العالمِ متسعٌ للحبْ..؟
*
الدربُ طويلٌ..
يا نفسي الصاعدَ والنازلَ..
والعمرُ قصيرٌ.. أقصرُ من فستانِ مراهقةٍ، عبرتْ واجهةَ المقهى، تتبعها النظراتُ الولهى..
وأنا أتبعُ خيطَ دمي... ينسابُ على الأوراقِ البيضاء ببطءٍ أخّاذٍ
وأنا مالي، ومراهقةٍ عبرتْ ـ قبلَ قليلٍ ـ واجهةَ المقهى
أوشكَ أن يفرغَ كيسُ العمرِ
ولمْ أكتبْ للآنَ قصيدةَ شعرٍ تسعُ الحزنَ البشريَّ، وجوعَ العالمِ..
لكنَّ العالمَ
ينسى في زحمتهِ المنكودةِ, أحزانَ الإنسانِ المنكودِ
وينساني...
وأنا أعرفُ أنَّ الوردةَ حين تموتُ
ستسحقها الأقدامْ!!
لكنَّ العطرَ سيبقى يملأُ قارورةَ قلبي...
*
الدربُ طويلٌ، يا بنتَ المرعبِ، يا شجرَ الحزنِ المورقَ في روحي
فضعي كفَّكِ في كفي.. نمضِ تحت الأمطارِ المجنونةِ، مرتعشين من الوجدِ, وبوحِ اللمساتِ الأولى...
ندخلُ سوقَ "السراي"
نفتّشُ بين رفوفِ الكتبِ المصفرّةِ..
عن حزنِ العالمْ..
عن أشعارٍ لمْ تُنشرْ للسيابْ
وعن موتِ الكلماتِ بهذا العصر..
فتغيمُ الأمطارُ المنسيةُ في عينيها،.. وهي تقلّبُ بؤسَ العالمِ في الأوراقِ المصفرّةِ
هل تعبتْ سيدتي..؟
هل تعرفُ أنَّ حضارةَ هذا العالم يحكمها السكين..؟!
لكنّا نختارُ ـ قريباً من جسرِ الصرّافية ـ مصطبةً فارغةً، نجلسُ - تحت رذاذِ الحبِّ الناعمِ – ملتصقين
تتماوجُ دجلة... خيطاً أزرقَ
يمتدُّ - وديعاً - من عينيها الصافيتين
..... حتى قلبي

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:09 PM

أغنية.. على سفوح خليفان
( عدنان الصائغ )


كان الضوءُ المتسرّبُ – من بابِ الخيمةِ – يغمرني
فأحدّقُ…
حيثُ سفوحُ خليفان
شلالٌ من خضرةْ
يتماوجُ – مثل ضفائرها الحلوةِ – تحت الشمس
خذني.. يا شلالَ ضفائرها
مرّرني… بحقول المشمشِ والرمانْ
اغسلْ أحزاني بينابيعِ المرجانْ
وأملأْ بالعشقِ سلالي
يا للهِ، إذا امتلأتْ بالعشقِ سلالي
ستجيءُ صبياتُ القريةِ
في غنجٍ…
ودلالِ
يحملنَ ثمارَ الحبِّ…
لمن يهوينَ!
وينثرنَ الدربَ، زهوراً…
ولآلي
فتعالي…!
يا زهرةَ روحي
وتغني… بدموعي ووصالي
ولتحملْ- ريحُ الشمألِ - روحي
تزرعني…
نخلةَ حبٍّ
فوق ضفافِ الكوفة
*
كان الضوءُ المتسرّبُ من بابِ الخيمةِ…
يغمرني
أتخيلها…
تتكيءُ الآن… على الشرفةِ
والضوءُ المتسرّبُ… من بين غصونِ النارنج
يتساقطُ كاللؤلؤِ
فوق ضفائرها
فتلملمهُ – يا للهِ – أناملُ روحي
كانتْ تقرأُ في ديواني
عن سفحِ خليفان
ونهرِ الزابِ..
… وعينيها الماطرتين
وتركضُ فوق مروجِ مصائفِ شقلاوة
تنسى وردتها… وحقيبتها
في بيخال
وتهرعُ… كي تلقاني
وأنا…
من بابِ الخيمةِ
أكتبُ… أحلى أشعاري
عن عينيها الناعستين
أسألُ نهرَ الزاب:
يا نهرَ الزابِ… تمهّلْ
كي أنشقَ عطرَ ضفائرها
يا نهرَ الزابِ… تعجّلْ
وأحملْ للمحبوبةِ – في الكوفةِ – أشواقي
… وسلامي

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:09 PM

أفق
( عدنان الصائغ )


تفتحُ البنتُ شباكها
أفتحُ
سرقاطةََ الأفقِ
ترنو إليّ الفتاةُ
وأرنو إلى البحرِ
تطلقُ من صدرها المشمشيِّ
الحمامَ
يحلّقُ بين الغروبِ.. وبيني
أطلقُ هذا الزفيرَ – بلاداً
تغيمُ هناك
وتعتمُ شيئاً فشيئاً
بذاكرةِ الخمرِ
لكنها في الصباح
تتقيؤني:
صحفاً للشتاتِ
شوارعَ محشورةً في فمِ المدفعيِّ
وسلالمَ تصعدني..
……
……
………
تغلقُ البنتُ
شباكَها
غير أني سأتركُ روحيَ زرقاءَ..
مشرعةً
علَّ نجماً وحيداً
- بآخرةِ الليلِ -
يعلقُ بالنافذة

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:10 PM

أفكار زائدة
( عدنان الصائغ )


أدخلُ دورةَ المياهِ
مفكراً بدورةِ الحياةِ
أسحبُ سيفونها
فتنجرفُ الأفكارُ الفاسدةُ
وأخرجُ طليقاً
كأنَّ رؤوسنا هي أيضاً
بحاجةٍ إلى دورةِ مياهْ

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:10 PM

أماناً.. أيها البحر
( عدنان الصائغ )


على شرفةٍ
من شذاً ونوارس..
ينحدرُ البحرُ
هل قلتُ: ينحدرُ البحرُ نحو رمالكِ
ما بيننا وطنٌ لا يؤوبْ
سفنٌ كالندوبْ
... على صفحةِ الماءِ
كفي وكفُّكِ تَرتعشانِ من البردِ
هل قلتُ: إنّا غريبان، في المدنِ الطحلبيةِ
نبحثُ عن نخلةٍ
لتظلّلَ أحلامنَا، في اليباسِ الأخيرِ
ما لهمْ واجمون إذن؟
.................
............
..............
المقاعدُ خاليةٌ
في الصباحِ
يلاصقنا البحرُ
نرسمُ فوقَ الرمالِ بلاداً
فيمسحها الموجُ
هل قلتُ: أحذيةَ العابرين
وأحلمُ..
فيروز ناعسةُ كالرذاذِ
على شفتيكِ
تذوبان
في شفتي
وأسكرُ...
هل قلتُ : إنكِ أكثر صدقاً من البحر

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:11 PM

ألفة
( عدنان الصائغ )


منكباً في ورشتِهِ
يصنعُ هذا النجّارُ الكهلُ
توابيتاً للناسْ
ينسى التفكيرَ بموته
الألفةُ تفقدهُ الإحساسْ

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:12 PM

أمسية شعرية
( عدنان الصائغ )


دخلَ
الشعراءُ الـ"......."
إلى القاعةِ
واكتظَّ الحفلُ
لكنَّ الشعرَ،
... غريباً
ظلَّ أمامَ البابْ
بملابسهِ الرثَّةِ
يمنعهُ البوابْ
***********

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:13 PM

أمواج
( عدنان الصائغ )


كنتُ أحدّقُ
من خللِ الأسطرِ –
في عينيها الزرقاوين
فيغرقني هذا اليمُّ الممتدُّ، إلى مرفأِ روحي الفارغِ إلاّ
من سفنٍ راسيةٍ للأحزانِ وأشرعةٍ مضغتها الريحُ…
وأبحرُ حيناً
من خللِ الجوعِ وخصلتها –
في أوراقي المنثورةِ
مجنوناً، بالضوءِ المرتعشِ الهابطِ من أبعدِ نجمٍ بسماواتِ بلادي..
حتى نافذة القاعةِ، حيثُ يعرّشُ حزني
- فوق القضبانِ -
وريقاتٍ بيضٍ،
من زهرِ القدّاحِ،
تنفّضُ عنها الطلَّ،
فترعشُ روحي……
(كانتْ تقرأُ أشعارَ نزار قباني..
وأنا اقرأُ ناظمَ حكمتْ
تتركُ خصلَتها، تتدلى، بدلالٍ
فوق الأوراقِ
وإذْ أنسى نظراتي، ساهمةً
تتأملُ ربطتها الورديةَ،
والعِقدَ الذهبيَّ المتأرجحَ
.. ما بين الزرِّ المفتوحِ…
.. وبين جنوني
تحدجني – دون مبالاةٍ – ثمَّ تتابعُ...
أتركُ روحي، تنزفُ فوق الأوراقِ
وأحلمُ………)
ها أني مرتعشٌ،
ووحيدٌ،
كغريقٍ أتشبّثُ بالأهدابِ
فرفقاً - يا أمواجَ العينين الزرقاوين - بعدنان الصائغ،
هذا المثقوب الروح، كقاربِ صيّادٍ منسيٍّ
لمْ يصطدْ - منذُ سنينٍ –
غيرَ مواويلٍ، ودخانِ سجائر لفٍّ، ومجاعاتٍ…
ها أني، بين جنونِكِ والأسطرِ، منفيٌّ وحزينٌ…
(أتأملُ وجهي البائسَ، في مرآةِ القاعةِ
حين أراها تبسمُ لي……
فأقلّبُ جيبي المثقوبَ…
وأبسمُ…)
كيف سأدعوها للنزهةِ في مشتلِ قلبي
وسمائي ممطرةٌ بالحزنْ
كيف سندلفُ للمقهى
لتناول كأسينِ
وأحشائي تصفرُ فيها الريحْ…
7/2/1985 السليمانية
********

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:13 PM

أمي
( عدنان الصائغ )


لأمي ـ إذا انسدلَ الليلُ ـ حزنٌ شفيفٌ، كحزنِ الحدائقِ.. وهي تلملمُ في آخرِ الليلِ، أوراقَها الذابلةْ
لأميَ، سجادةٌ للصلاةِ
وخوفٌ قديمٌ من الدركيِّ
تخبّئنا ـ كلما مرَّ في الحيِّ ـ تحت عباءتها
وتخافُ علينا عيونََ النساءِ،
وغولَ المساءِ،
وغدرَ الزمانْ
لأميَ، عاداتها.. لا تفارقها
فعندَ الغروبِ، ستشعلُ "حرملَها"، عاطراً بالتمائمِ،
يطردُ عن بيتنا الشرَّ -كانتْ تقولُ- وعينَ الحسودْ
وكلّ ثلاثاء..
تمضي إلى مسجدِ السهلةِ
توزّعُ خبزاً وتمراً
وتنذرُ "للخضرِ" صينيةً من شموعٍ،
اذا جاءها بالمراد
ستوقدها - في المساء -
على شاطيءِ الكوفةِ
فأبصرُ دمعتها تتلألأ تحت الرموشِ البليلةِ
منسابةً...
كارتعاشِ ضياءِ الشموعْ
ألا أيها النهرُ...
رفقاً بشمْعاتِ أمي
فنيرانها... بعدُ لمْ تنطفِ
وياسيدي "الخضر"...
رفقاً بدمْعاتِ أمي
ففي قلبها...
كلُّ حزنِ الفراتْ
*
لأميَ، مِغزلُها
يغزلُ العمرَ...
خيطاً رفيعاً، من الآهِ
كانتْ تبلُّ أصابعَها ـ اذا انقطعَ الخيطُ من حسرةٍ ـ
ثم تفتلهُ...
فمَنْ ذا الذي، سوف يفتلُ خيطَ الزمانِ...
إذا ما تقطّعَ بالآهِ ـ ياقرةَ العينِ ـ
مَنْ ذا...؟
فما زلتُ في حضنها...
الناحلَ القرويَ المشاكسَ
أبكي إذا دارَ مغزلها بالشجونِ..
وأسمعها في الليالي الوحيداتِ تشدو
بصوتٍ رخيمٍ:
"لبسْ خصر العجيج وخصر ماروجْ
أنا روّجني زماني قبل ما اروجْ
ولكْ لا تخبط الماي... ياروجْ
بعد بالروح عتْبه ويه الأحبابْ..
.........
لبس بالراس هندية وشيلهْ
ودموع العين ما بطلنْ وشيلهْ
تمنيت الترف..........
.................
..........."
........
وأبصرها خلسةً...
ثم أرنو لقلبي..!
أما زال يشجيكَ موّالُها
كلما دارَ فيكَ الزمانُ... ودارَ
ومرتْ على دربك الآنساتُ الأنيقاتُ.. يا صاحبي
وهي ترنو لمرآتها!!
جدول الشيبِ ـ ياللشماتةِ ـ
ينسابُ متئدأ في المروجِ
فمَنْ يرجعُ العمرَ - هذا السرابَ الجميلَ -
ولو مرةً..؟!

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:14 PM

أنا وهولاكو
( عدنان الصائغ )


قادني الحراسُ إلى هولاكو
كان متربعاً على عرشِهِ الضخمِ
وبين يديهِ حشدٌ من الوزراءِ والشعراءِ والجواري
سألني لماذا لمْ تمدحني
ارتجفتُ مرتبكاً هلعاً: يا سيدي أنا شاعرُ قصيدةِ نثر
أبتسمَ واثقاً مهيباً:
لا يهمكَ ذلك..
ثم أشارَ لسيافِهِ الأسودِ ضاحكاً:
علمْهُ إذاً كيف يكتبُ شعراً عمودياً بشطرِ رأسِهِ
إلى شطرٍ وعجزٍ
وإياكَ أن تخلَّ بالوزنِ
وإياكَ من الزحافِ والعللِ
امسكني السيافُ من ياقتي المرتجفةِ،
وهوى بسيفِهِ الضخمِ
على عنقي
فتدحرجَ رأسي،
واصطدم بالنافذةِ التي انفتحتْ من هولِ الصدمةِ.
فاستيقظتُ هلعاً يابس الحلق، لأرى عنقي مبللاً بالعرق، وكتابَ الطبري ما زالَ جاثماً على صدري، وقد اندعكت أوراقه تحت سنابكِ خيولِ هولاكو التي كانت تنهب الممالك والقلاع، وأمامي وشيشُ التلفزيونِ الذي انتهى بَثُّهُ بنهايةِ خطابِ الرئيسِ الطويلِ
قفزتُ مرعوباً
رأيت فراشي ملطخاً بدمِ الكتبِ التي جرفها نهرُ دجلة، ممتزجاً بالطمي والجهشات
حاولتُ أن أجمعَ شطري رأسي اللذَين التصقا بجانبي التلفزيون
وأصبحا أشبه بسماعتين يبثُّانِ الوشيشَ نفسَهَ.
في الصباحِ…….
على غيرِ العادةِ ،لم اقرأ نعيي في الجريدةِ ،
ولمْ تقفْ سيارةُ الحرسِ أمامَ البيتِ وعليها جنازتي
ولمْ أعرفْ تفاصيلَ ما حدثَ
ذلك لأنَّ هولاكو ضجرَ من الوشيشِ
فقامَ بنفسِهِ وأطفأَ التلفزيونَ
وعادَ إلى كتابِ الطبريِّ ثانيةً،
مبتسماً واثقاً مهيباً ،
بعد أن رفسني بخصيتي
لأنني نمتُ
قبل أن أكملَ بقيةَ سيرتِهِ

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:14 PM

أوراق
( عدنان الصائغ )


حياتكِ، ورقةٌ بيضاء مدرسية...
تعبقُ بالترفِ الناصعِ ورائحةِ الليمونِ...
وحياتي، مسودةٌ لقصائد شاعرٍ مخمورٍ
تركها على الرصيفِ، ومضى يبحثُ عن حلمٍ لليلةٍ واحدةٍ فقطْ
أو عشاءٍ لليلةٍ واحدةٍ فقطْ...
أحلامكِ مرتّبةٌ على الشرشفِ المطرزِ بالنمنماتِ
وأحلامي سريرٌ من الفوضى... مبقّعٌ بزهورِ الرغباتِ الذابلةِ
وجهكِ مرآةٌ...
(كيفَ لمْ أنتبهْ إلى شحوبي وأنا أتطلعُ
إلى وجهي عندما كنتِ تجلسين إلى جانبي؟)
ووجهي طاولةٌ…
(كيفَ لمْ تنتبهي إلى هذا الإنحرافِ البسيطِ في مزاجِ قلمكِ الطويلِ الأهيفِ
وأنتِ تكتبين واجبكِ المدرسي مثلما تكتبين رسائلكِ الغراميةَ)
حزنكِ، غيمةٌ صيفٍ عابرةٌ
(مرَّ عشرون صيفاً على عشبِ عمركِ
وأنتِ لمْ تجربي البحرَ..
قولي، متى ستذوقين جنونَ الموجِ؟
متى ستذوقين لسعَ الرمالِ؟
إذا كنتِ تخافين أنْ يبتلَ ذيلُ فستانكِ
بدموعِ البحرِ!)
وحزني، أشجارٌ هرمةٌ
تمدُّ جذورها عميقاً...
في رمادِ الذكرياتِ والثكناتِ والدروبِ المعتمةِ
أيامكِ، كريستالٌ، ومجلاتُ أزياءٍ،
وهاتفٌ معطرٌ، يرنُّ طويلاً ثمَّ يسكتُ...،
ومظلةٌ للمطرِ وللحبِّ أحياناً
وأيامي، ورقٌ... ورقٌ (ليسَ مغلفاً بالسليفون):
ورقةٌ لقائمةِ الكهرباءِ التي لمْ أسددها بعدُ
ورقةٌ لنقلِ وظيفتي إلى دائرةٍ أخرى
ورقةٌ للمحاسبِ
ورقةٌ للفتاةِ العابرةِ
ورقةٌ للغشِ في الإمتحانِ
ورقةٌ للقصيدةِ العنيدةِ
ورقةٌ للتمزيقِ
ورقةٌ للبكاءِ
ورقةٌ للـ…
قولي:
ماذا أفعلُ لهذهِ الفوضى التي يسمونها – تجاوزاً – حياتي
وأسميها – مضطراً – حماقاتي
أنتِ... لمْ تجربي ذلك
لمْ تجربي أيَّ شيءٍ
لمْ تجربي
سوى:
تستيقظين في السابعةِ إلا ربعاً (صباحَ الخيرِ بالقشطةِ)
وتهبطين المصعدَ في الثالثةِ ظهراً (حقيبتكِ فارغةٌ من الساندويجةِ الصغيرةِ ورسائلِ الحبِّ...)
لذا تسرعين قليلاً إلى البيت بحجةِ التعبِ، وتنامين على فلمِ السهرةِ (أحياناً يمتدُ فيلمُ السهرةِ إلى منتصفِ نعاسكِ أو يمتدُّ نعاسكِ إلى منتصفِ الفيلمِ أو...)
فتغلقين جنفيكِ الوديعين على فراغِ أبيضٍ
ماذا ستكون حياتكِ
بلا قصائد...
ماذا ستكون حياتكِ... بلا حماقاتٍ
ماذا ستكون حياتكِ بلا ذكرياتٍ
أما أنا...
فسأكتفي من كلِّ حياتكِ
بقطعةٍ من الشيكولاتا...
ألتهمها على عجلٍ
وأقولُ:
آهٍ... لقد عشتُ معكِ...
أجملَ الذكرياتِ
*********

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:15 PM

أوراق من سيرة تأبط منفى
( عدنان الصائغ )


-1
أتسكعُ تحتَ أضواءِ المصابيحِ
وفي جيوبي عناوين مبللةٌ
حانةٌ تطردني إلى حانةٍ
وامرأةٌ تشهيني بأخرى
أعضُّ النهودَ الطازجةَ
أعضُّ الكتبَ
أعضُّ الشوارعَ
هذا الفمُ لا بدَّ أن يلتهمَ شيئاً
هذه الشفاه لا بدَّ أن تنطبقَ على كأسٍ
أو ثغرٍ
أو حجر
لمْ يجوعني الله ولا الحقولُ
بل جوعتني الشعاراتُ
والمناجلُ التي سبقتني إلى السنابلِ
أخرجُ من ضوضائي إلى ضوضاءِ الأرصفةِ
أنا ضجرٌ بما يكفي لأن أرمي حياتي
لأيةِ عابرةِ سبيلٍ
وأمضي طليقاً
ضجراً من الذكرياتِ والأصدقاءِ والكآبةِ
ضجراً أو يائساً
كباخرةٍ مثقوبةٍ على الجرفِ
لا تستطيعُ الإقلاعَ أو الغرق
تشرين ثاني 1993 عدن
*
-2
كتبي تحتَ رأسي
ويدي على مقبضِ الحقيبةِ
السهول التي حلمنا بها لمْ تمنحنا سوى الوحولِ
والكتب التي سطرناها لمْ تمنحنا سوى الفاقةِ والسياطِ
أقدامي امحتْ من التسكعِ على أرصفةِ الورقِ
وأغنياتي تكسّرتْ مع أقداحِ الباراتِ
ودموعي معلّقةٌ كالفوانيسِ على نوافذِ السجونِ الضيقةِ
أفردُ خيوطَ الحبرِ المتشابكةَ من كرةِ صوفِ رأسي
وأنثرها في الشوارعِ
سطراً سطراً،
حتى تنتهي أوراقي
وأنام
آذار 1996 دمشق
*
-3
سأحزمُ حقائبي
ودموعي
وقصائدي
وأرحلُ عن هذه البلادِ
ولو زحفتُ بأسناني
لا تطلقوا الدموعَ ورائي ولا الزغاريدَ
أريد أن أذهبَ
دون أن أرى من نوافذِ السفنِ والقطاراتِ
مناديلكم الملوحةَ.
أستروحُ الهواءَ في الأنفاقِ
منكسراً أمامَ مرايا المحلاتِ
كبطاقاتِ البريدِ التي لا تذهبُ لأحدٍ
لنحمل قبورنَا وأطفالنَا
لنحمل تأوهاتِنا وأحلامنَا ونمضي
قبل أن يسرقَوها
ويبيعوها لنا في الوطنِ: حقولاً من لافتاتٍ
وفي المنافي: وطناً بالتقسيط
هذه الأرضُ
لمْ تعدْ تصلحُ لشيءٍ
هذه الأرضُ
كلما طفحتْ فيها مجاري الدمِ والنفطِ
طفحَ الانتهازيون
أرضنا التي نتقيَّأُها في الحانات
ونتركها كاللذاتِ الخاسرةِ
على أسرةِ القحابِ
أرضنا التي ينتزعونها منا
كالجلودِ والاعترافاتِ
في غرفِ التحقيقِ
ويلصقونها على اكفنا، لتصفّقَ
أمامَ نوافذِ الحكامِ
أيةُ بلادٍ هذه
ومع ذلك
ما أن نرحلَ عنها بضعَ خطواتٍ
حتى نتكسرَ من الحنين
على أولِ رصيفِ منفى يصادفنا
ونهرعُ إلى صناديقِ البريدِ
نحضنها ونبكي
كانون ثاني 1996 الخرطوم
*
-4
حياتنا التي تشبه الضراط المتقطع في مرحاض عام
حياتنا التي لمْ يؤرخها أحد
حياتنا ناياتنا المبحوحةُ في الريحِ
أو نشيجنا في العلبِ
حياتنا المستهلكةُ في الأضابير
والمشرورةُ فوق حبالِ غسيلِ الحروبِ
ترى أين أوَّلي بها الآن
حين تستيقظُ فجأةً
في آخرةِ الليلِ
وتظلُّ تعوي في شوارعِ العالم
15/7/1999 ليلاً - قناة دوفر Dover بحر المانش
*
-5
أضعُ يدي على خريطةِ العالمِ
وأحلمُ بالشوارعِ التي سأجوبها بقدمي الحافيتين
والخصورِ التي سأطوقها بذراعي في الحدائقِ العامةِ
والمكتباتِ التي سأستعيرُ منها الكتبَ ولن أعيدها
والمخبرين الذين سأراوغهم من شارعٍ إلى شارعٍ
منتشياً بالمطرِ والكركراتِ
حتى أراهم فجأةً أمامي
فأرفع إصبعي عن الخارطة خائفاً
وأنامُ ممتلئاً بالقهر
16/7/1999 حديقة الهايدبارك - لندن
*
-6
سأقذفُ جواربي إلى السماءِ
تضامناً مع مَنْ لا يملكون الأحذيةَ
وأمشي حافياً
ألامسُ وحولَ الشوارعِ بباطنِ قدمي
محدقاً في وجوهِ المتخمين وراءَ زجاجِ مكاتبهم
آه..
لو كانتِ الأمعاءُ البشريةُ من زجاجٍ
لرأينا كمْ سرقوا من رغيفنا
أيها الربُّ
إذا لمْ تستطعْ أن تملأَ هذه المعدةَ الجرباءَ
التي تصفرُ فيها الريحُ والديدانُ
فلماذا خلقتَ لي هذه الأضراسَ النهمة
وإذا لمْ تبرعمْ على سريري جسداً املوداً
فلماذا خلقتَ لي ذراعين من كبريت
وإذا لمْ تمنحني وطناً آمناً
فلماذا خلقتَ لي هذه الأقدامَ الجوّابةَ
وإذا كنتَ ضجراً من شكواي
فلماذا خلقتَ لي هذا الفمَ المندلقَ بالصراخِ
ليلَ نهار
آب 1999 براغ
*
-7
أين يداكَ؟
نسيتهما يلوحان للقطاراتِ الراحلةِ
أين امرأتكَ؟
اختلفنا في أولِ متجرٍ دخلناهُ
أين وطنكَ؟
ابتلعتهُ المجنزرات
أين سماؤكَ؟
لا أراها لكثرةِ الدخانِ واللافتاتِ
أين حريتكَ؟
أنني لا أستطيعُ النطقَ بها من كثرةِ الارتجاف
1996 مقهى الفينيق - عمان
*
-8
دموعي سوداء
من فرطِ ما شربتْ عيوني
من المحابرِ والزنازين
خطواتي قصيرة
من طولِ ما تعثرتْ بين السطورِ بأسلاكِ الرقيب
أمدُّ برأسي من الكتاب
وأتطلعُ إلى ما خلفتُ ورائي
من شوارع مزدحمةٍ
ونهودٍ متأوهةٍ
ورغباتٍ مورقةٍ في الأسرّةِ
وأعجبُ كيف مرّتِ السنواتُ
وأنا مشدودٌ بخيوطِ الكلماتِ إلى ورقة
تموز 1993 مهرجان جرش- عمان
*
-9
لا شمعة في يدي ولا حنين
فكيف أرسمُ قلبي
لا سنبلة أمامَ فمي فكيفَ أصفُ رائحةَ الشبعِ
لا عطور في سريري فكيف أستدلُّ على جسد المرأة
لنستمع إلى غناءِ الملاحين
قبل أن يقلعوا بأحلامهم إلى عرضِ البحرِ وينسونا
لنستمع إلى حوارِ الأجسادِ
قبل أن ينطفئَ لهاثها على الأرائك
أنا القيثارةُ مَنْ يعزفني
أنا الدموعُ مَنْ يبكيني
أنا الكلماتُ مَنْ .. يرددني
أنا الثورةُ مَنْ يشعلني
تشرين ثاني1993 صنعاء
*
-10
أكتبُ ويدي على النافذة
تمسحُ الدموعَ عن وجنةِ السماء
أكتبُ وقلبي في الحقيبةِ يصغي لصفيرِ القطارات
أكتبُ وأصابعي مشتتة على مناضدِ المقاهي ورفوفِ المكتبات
أكتبُ وعنقي مشدودٌ منذ بدءِ التاريخِ
إلى حبلِ مشنقةٍ
أكتبُ وأنا أحملُ ممحاتي دائماً
لأقلِّ طرقةِ بابٍ
وأضحكُ على نفسي بمرارةٍ
حين لا أجد أحداً
سوى الريح
1991 بغداد
*
-11
كيف لي
أن أتخلّصَ من مخاوفي
رباه
وعيوني مسمرةٌ إلى بساطيلِ الشرطةِ
لا إلى السماءِ
وبطاقتي الشخصية معي
وأنا في سريرِ النومِ
خشيةَ أنْ يوقفني مخبرٌ في الأحلام
24/7/1999 امستردام
*
-12
تحتَ سلالمِ أيامي المتآكلةِ
أجلسُ أمام دواتي اليابسةِ
أخططُ لمجرى قصيدتي أو حياتي
ثم أديرُ وجهي باتجاهِ الشوارع
ناسياً كلَّ شيءٍ
أريدُ أن أهرعَ لأولِ عمودٍ أعانقهُ وأبكي
أريدُ أن أتسكعَ تحتَ السحب العابرة
حتى تغسل آثارَ دموعي
أريد أن أغفو على أيِّ حجرٍ أو مصطبةٍ أو كتاب
دونَ أن يدققَ في وجهي مخبرٌ
أو متطفلةٌ عابرةٌ
أعطوني شيئاً من الحريةِ
لأغمس أصابعي فيها
وألحسها كطفلٍ جائعٍ
أنا شاعرٌ جوّاب
يدي في جيوبي
ووسادتي الأرصفة
وطني القصيدة
ودموعي تفهرسُ التأريخَ
أشبخُ السنواتِ والطرقاتِ
بعجالة مَنْ أضاعَ نصفَ عمرِهِ
في خنادقِ الحروبِ الخاسرةِ والزنازين
مَنْ يغطيني من البردِ واللهاثِ ولسعاتِ العيون
وحيداً، أبتلعُ الضجرَ والوشلَ من الكؤوسِ المنسيّةِ على الطاولاتِ
وأحتكُّ بأردافِ الفتياتِ الممتلئةِ في مواقفِ الباصاتِ
لي المقاعدُ الفارغةُ
والسفنُ التي لا ينتظرها أحد
لا خبز لي ولا وطن ولا مزاج
وفي الليل
أخلعُ أصابعي
وأدفنها تحتَ وسادتي
خشيةَ أن أقطعها بأسناني
واحدةً بعدَ واحدة
من الجوعِ
أو الندمِ
تشرين أول1996 بيروت
*
-13
أيها القلبُ الضال
يا مَنْ خرجتَ حافياً ذاتَ يومٍ
مع المطرِ والسياطِ وأوراقِ الخريفِ
ولمْ تعدْ لي
سأبحثُ عنكَ
في حقائبِ الفتياتِ اللامعةِ والمواخيرِ ومحطاتِ القطاراتِ
حافياً أمرُّ في طرقاتِ طفولتي
وعلى فمي تتراكمُ دموعُ الكتب والغبار
أجمعُ بقايا الصحفِ والغيوم الحزينة وصور الممثلات العارية
وأدلقُ وشلَ القناني الفارغةِ في جوفي
أجمعُ أعقابَ السجائر المطلية بالأحمر
وأظلُّ أحلمُ بما تركتهُ الشفاهُ الأنيقةُ من زفراتٍ
القصائدُ تتعفنُ في جيوبي
ولا أجد مَنْ ينشرها
الدموعُ تتيبسُ على شفتي
ولا أجد مَنْ يمسحها
راكلاً حياتي بقدمي من شارعٍ إلى شارعٍ
مثلما يركلُ الطفلُ كرتَهُ الصغيرةَ ضجراً منها
وأنا...
أتأملُ وجهي في المرايا المتعاكسة
وأعجبُ
كيف هرمتُ
بهذه العجالة
7/1/2000 أوسلو
*
-14
سأجلسُ على بابِ الوطنِ محدودبَ الظهرِ
كأغنيةٍ حزينةٍ تنبعثُ من حقلٍ فارغٍ
يغطيني الثلجُ وأوراقُ الشجرِ اليابسة
أنظرُ إلى أسرابِ العائدين من منافيهم كالطيورِ المتعبةِ
أمسحُ عن أجفانهم الثلوجَ والغربةَ
إنهم يعودون...
لكن مَنْ يعيد لهم ما ضيعوهُ
من رملٍ وأحلامٍ وسنوات
أقلعتُ في أولِ قطارٍ إلى المنفى
وأنا أفكرُ بالعودة
شاختْ سكةُ الحديدِ
وتهرأتِ العجلاتُ
وامحتْ ثيابي من الغسيلِ
وأنا ما زلتُ مسافراً في الريحِ
أتطايرُ بحنيني في قاراتِ العالم
مثل أوراقِ الرسائلِ الممزقةِ
دموعي مكسّرةٌ في الباراتِ
وأصابعي ضائعةٌ على مناضدِ المقاهي
تكتبُ رسائلَ الحنينِ
لأصدقائي الذين لا أملكُ عناوينهم
أنامُ على سطوحِ الشاحناتِ
وعيوني المغرورقةُ باتجاهِ الوطنِ البعيد
كطائرٍ لا يدري على أيِّ غصنٍ يحطُّ
لكنني دون أن أتطلعَ من نافذةِ القطارِ العابرِ سهوب وطني
أعرفُ ما يمرُّ بي
من أنهارٍ
وزنازين
ونخيلٍ
وقرى. أحفظها عن ظهرِ قلب
سأرتمي، في أحضانِ أولِ كومةِ عشبٍ تلوحُ لي من حقولِ بلادي
وأمرّغُ فمي بأوحالها وتوتها وشعاراتها الكاذبةِ
لكنني
لن أطرقَ البابَ يا أمي
إنهم وراء الجدران ينتظرونني بنصالهم اللامعة
لا تنتظري رسائلي
إنهم يفتشون بين الفوارز والنقاطِ عن كلِّ كلمةٍ أو نأمةٍ
فاجلسي أمامَ النافذة
واصغي في الليلِ إلى الريح
ستسمعين نجوى روحي
1998 مالمو
*
-15
خطوطُ يدي امحت من التشبّثِ بالريحِ والأسلاك
ومن العاداتِ السرّيةِ
مع نساء لا أعرفهن
التقطتهنَّ بسنّارةِ أحلامي من الشارع
وهذه الشروخ، التي ترينها ليستْ سطوراً
بل آثار المساطر التي انهالتْ على كفي
وهذه الندوب، عضات أصابعي
من الندم والغضب والارتجاف
فلا تبحثي عن طالعي في راحتي
- ياسيدتي العرافة -
ما دمتُ مرهوناً بهذا الشرقِ
فمستقبلي في راحات الحكام
20/3/1990 كورنيش النيل- القاهرة
*
-16
لا أعرفُ متى سأسقطُ على رصيفِ قصائدي
مكوّماً بطلقةٍ
أو مثقوباً من الجوعِ
أو بطعنة صديق
يمرُّ الحكامُ والأحزابُ والعاهراتُ
ولا يد تعتُّ بياقتي وتنهضني من الركامِ
لا عنق يستديرُ نحوي
ليرى كيفَ يشخبُ دمي كساقيةٍ على الرصيفِ
لا مشيعين يحملونني متأففين إلى المقبرة
الأقدامُ تدوسني أو تعبرني
وتمضي
الفتياتُ يشحنَ بأنظارهن
وهن يمضغن سندويشاتهن ونكاتهن المدرسية البذيئة
ومئذنةُ الجامعِ الكبير
تصاعدُ تسابيحها - ليلَ نهار -
دون أن تلتفت لجعيري
…….
لا أعرفُ على أيِّ رصيفِ منفى
ستسّاقطُ أقدامي ورموشي من الانتظار
لا أعرفُ أيَّ أظافرٍ نتنةٍ ستمتدُ إلى جيوبي
وتسلبني قصائدي
ومحبرتي وأحلامي
في وضحِ النهار
لا أعرفُ على أيِّ سريرِ فندقٍ أو مستشفى
سأستيقظ
لأجد وسادتي خاليةً...
ودموعي باردةً
ووطني بعيد
لا أعرفُ في أيِّ منعطفِ جملةٍ أو وردةٍ
سيسدد أحدهم طعنتَهُ المرتبكةَ العميقةَ
إلى ظهري
من أجلِ قصيدةٍ كتبتها ذاتَ يومٍ
أشتمُ فيها الطغاة والطراطير
ومع ذلك سأواصلُ طوافي وقهقهاتي وشتائمي
عابراً وليس لي غير الأرصفةِ والسعالِ الطويلِ
ليس لي غير الحبرِ والسلالمِ والأمطارِ
سائراً مثلَ جندي وحيدٍ
يجرُّ بين الأنقاضِ حياتَهُ الجريحةَ
لا أريدُ أوسمةً ولا طبولاً ولا جرائدَ
أريدُ أن أضعَ جبيني الساخنَ
على طينِ أنهارِ بلادي
وأموت حالماً كالأشجار

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:16 PM

أول أمطار الحنين
( عدنان الصائغ )


أحتفلُ بذكرى غيابكِ، لوحدي
أشعلُ - في صفٍّ واحدٍ - شموعَ حنيني إليكِ
وأرقبُ قطراتِ أيامي وهي تنحدرُ ببطءٍ على الطاولةِ
بعد قليلٍ، سينطفيءُ آخرُ خيوطِ اللهبِ الحزين
وأبقى مع ركامِ الشمعِ المتجمّدِ، ركامِ سنواتي المنطفئة
محاطاً بالبردِ والتشتّتِ
أين أنتِ الآن؟
في هذه الساعةِ من ضياعي
في شوارعِ ذكرياتكِ..
أين أنتِ الآن؟
غرفتي بكاء ٌ،
جدرانها من جصٍّ ودموعٍ
ونوافذها من أحلامٍ ذابلةٍ وياسمين
أين أنتِ الآن؟
يا من تركتني أذرُّ رمادَ قصائدي في حاناتِ الأرقِ
فيشربُ نخبها الأصدقاءُ الثملون
وهم يودعونني إلى بيوتهم
وأودعهم إلى بردِ المصاطبِ
أين أنت الآن؟
لا شوارع اليوكالبتوز تدلّني عليك، ولا نوافير نصب الحرية، ولا حدائق إتحاد الأدباء، ولا مصابيح الجسر الحديدي المطفأة، ولا الهاتف القلق، ولا ساحة الأحتفالات، ولا لوحات ليلى العطار، ولا نميمة الأصدقاء، ولا صوت ناظم الغزالي، ولا دير العاقول، ولا قطار المر
مالي استنجدُ بكلِّ ذكرياتكِ
فلا أزدادُ إلاّ ضياعاً...
ولا أعرفُ أين أنت؟
مالي أراكِ في كلِّ الشوارعِ… ولا أراكِ
مالي أراكِ في كلِّ الملامحِ... ولا أراكِ
مالي أراكِ في كلِّ المرايا... ولا أراكِ
مالي أراكِ في كلِّ الكلماتِ... ولا أراكِ
[ رأيتكِ...
توهمتُ أني رأيتكِ - ذات صباحٍ مندّى برائحتكِ -
تدلفين إلى القاعةِ بشعرك الأسودِ الطويلِ
بينما كنتُ أقفُ خلفَ المنصةِ، محتشداً بالجمهور والقصائد
اختضَّ تاريخي كلَّهُ، فجأةً
وأحسستُ بأصغرِ خليةٍ في كياني ترتجفُ
أحسستُ بقلبي يدقُّ
يدقُّ بعنفٍ
يدقُّ كمئةِ طبلٍ في قاعةٍ مغلقةٍ
أحسستُ أنكِ تسمعين الدقاتِ
تسمعين المارش الاحتفالي الكبير
فتمشين على دقةِ الطبولِ بغنج الملكاتِ...
عندما أفقتُ:
كانتْ طبولي ممزقةً
والشوارعُ مزدحمةً بالخطى...
ولا أثرَ للعشبِ ورائحتكِ..]
قولي:
أين أنتِ الآن؟
****

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:16 PM

أولاد
( عدنان الصائغ )


تتناسلُ.. في دمنا
قططُ الليلِ
نمضي إلى البارِ
نبحثُ عما يجمّلُ أخطاءَنا
ونرجعُ في آخرِ الخمرِ، منكفئين على زبدٍ
سالَ بين أناملنا - كالأماني -
وذابْ
فننثرُ فوقَ الأسرّةِ
ما ظلَّ في عمرنا، من رغابْ
رغبةً في الطفولةِ
أو حكمةً في الكهولةِ
أو ندماً سوفَ يكبرُ
في باحةِ البيتِ…
يحبو
تطولُ أظافرُهُ..
فنشذّبها بالمدارسِ
كي لا تخربشَ جلدَ قناعاتنا
وإذْ يكبرون……
نراقبهمْ - من خلالِ الجريدةِ -
يسّاقطون على دبقِ الشاي والفتياتِ
فنلصقهمْ في بريدِ الزواجِ السريعِ…
…… الخ

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:17 PM

أُقحوان
( عدنان الصائغ )


أيها الأُقحوانُ البخيلُ
أيها الورقُ الكاذبُ ـ الجمرُ متقداً بين كفي
وعشبُ الحديقة أندى
فكيف أدلُّ القصيدةَ
ـ مشغوفةً بتقاطيعِ جسمكِ ـ
نحو المرايا، التي خدعتني
وكيف أقولُ لهذا القرنفلِ
أن يتسلّقَ شرفةَ خديكِ
... كي يتوهجَ أكثرَ
..................
.........
أيها الأقحوانُ البليلُ
أيها الحلمُ الأزرقُ ـ النهرُ غافٍ على شفتي
والزوارقُ نائمةٌ...
أسفلَ الجسر
مَنْ سيدلُّ النعاسَ لجفني إذنْ...؟

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:17 PM

إتهام
( عدنان الصائغ )


الذين صُفّوا
في ساحةِ الإعدام
حملقوا بعيونٍ مرتجفةٍ
إلى الفوهاتِ السودِ
المصوبةِ إلى رؤوسهم الحليقةِ
لكنهم لمْ يروا عيونَ القتلةِ
كانتْ محجوبةً خلفَ صفِ البنادقِ الطويلِ
لهذا ظلّتْ نظراتهم
مسمّرةً نحونا
.. إلى الأبد

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:18 PM

إرتباك
( عدنان الصائغ )


ما الذي سيقولُ صحابي
إذا ما رأونيَ في ساحةِ الموعدِ
أهشُّ ذبابَ الدقائقِ عن صحنِ وجهي الدَبِقْ
الشوارعُ تنفثُ سمَّ عماراتها في الوجوهِ الغريبةْ
وبغداد لا مصطبةْ
(ها أنني أتحسّسُ همسَ الأصابعِ,
- خلفَ النوافذِ -
حمراء
تشعلني رغبةٌ مبهمةْ..)
وأرقبُ في زحمةِ الوهمِ
وجهكِ
يبسمُ لي،
أو يقدّمُ أعذارَهُ
أو يهمهمُ…
(أنتِ تسيلين فوقَ المرايا
فيشربكِ العابرون
ووحدي،
ضللتُ الطريقَ
إلى شفتيكِ)
دمي يتفصّدُ فوق الزجاجِ
وأنتِ.. (- أعدتَ إلى السكرِ…؟)
(- إنَّ الرجالَ بذيئون جداً أمام الجميلاتِ)
.. قلتُ لها:
- أين يمكنُ…
فارتبكتْ
وأشارتْ إلى الشجرِ الملتصقْ
قربَ نبضي..
رأيتُ النوافذَ مفتوحةً..
والسماءَ تنفّضُ أوراقها من بقايا الغسقْ
قلتُ: نشربُ بعضَ العصيرِ المثلجِ
أو نتحاورُ…
مالكِ واجمةً هكذا……!؟
……………………
……………
…………
……
كان..
خلفَ
الشجيراتِ..
ظلٌّ قميءْ!!
**********

ناريمان الشريف 09-30-2010 03:18 PM

إلى ايمان فقط....
( عدنان الصائغ )


ريثما…
تنتهي من عناقْ
زهرةٌ وفراشة
دعينا, نمرُّ على العشبِ
محترسَينْ
خوفَ
أن
نوقظَ
العاشقَينْ
من ندى الاشتياقْ
***********

ناريمان الشريف 01-11-2021 08:29 PM

رد: من شعراء العصر الحديث ( عدنان الصايغ )
 
إلى زهرة الياسمين... رجاءً

( عدنان الصائغ )


"بكِ كثافةُ الوردةِ

في ذبولها..."

- رينيه شار -

.........

-1

قلتُ لزهرةِ الياسمين:

من أينَ لكِ كلّ هذه الطاقةِ على العبقِ

وأنتِ محاطةٌ بالشوكِ من كلِّ جهاتِ القلبِ الأربعِ

ابتسمتْ...

وأشارتْ إلى ما تحت أوراقها البيض

كانتْ ثمة ندوب كثيرة تضرّجُ جسدَها الغضَّ

لا بأس...

ما دام هنالك عاشقان

على ظهرِ الأرضِ

أو فراشتانِ في الأثيرِ

فسأتفتحُ

*

-2

قلتُ لقلبي:

من أين لك هذه الطاقة على الحنينِ

وأنتَ مشظّى على كلِّ الدروبِ

نظرَ لي بانكسارٍ:

ـ أيها الشاعرُ الحزينُ

ماذا أفعلُ؟

إذا كنتَ لا تتوقف عن الحبِّ

*

-3

قلتُ لعينيها:

يا أجملَ عينين على الإطلاق

من أين لك كلّ هذا الكحلِ

ابتسمتْ بغنجٍ عذبٍ:

من سحرِ قصائدكَ

قلتُ للقصائد:

ـ من أين لك كلّ هذه العذوبة

قالتْ بدلالٍ أيضاً:

ـ من سحرِ عينيها

*

-4

قلتُ لها:

مالي كلما رأيتكِ من بعيدٍ

أرتعشتْ أزهارُ التوقِ على كمِّ قميصكِ

وأحسستُ بفراشاتِ دمي ترتعشُ

وهي تحومُ حولَ تويجاتِ صدركِ المشرئبةِ

مالي كلما عبرني حفيفُ ضفيرتكِ الطويلة

... على الرصيفِ

تساقطَ مطرُ قلبي

على كلِّ الأرصفةِ

*********


الساعة الآن 05:23 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team