منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر ديوان العرب (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=48)
-   -   من شعراء العصر الحديث ( محمود درويش ) (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1578)

ناريمان الشريف 09-27-2010 03:44 PM

من شعراء العصر الحديث ( محمود درويش )
 
آه.. عبد اللّه
( محمود درويش )


قال عبد الله للجّلاد :
جسمي كلمات ودويّ
ضاع فيه الرعد
و البرق على السكّين،
و الوالي قوي
هكذا الدنيا..
و أنت الآن يا جلاد أقوى
ولد الله ..
و كان الشرطيّ!..
عادة، لا يخرج الموتى إلى النزهة
لكن صديقي
كان مفتونا بها.
كلّ مساء
يتدلّى جسمه، كالغصن، من كل الشقوق
و أنا أفتح شباكي
لكي يدخل عبد الله
كي يجمعني بالأنبياء!..
كان عبد الله حقلا و ظهيرة
يحسن العزف على الموّال،
و الموال يمتد إلى بغداد شرقا
و إلى الشام شمالا
و ينادي في الجزيرة.
فاجأوه مرة يلثم في الموال
سيفا خشبيا.. و ضفيرة..
حين قالوا: إنّ هذا اللحن لغمّ
في الأساطير التي نعبدها_
قال عبد الله:
جسمي كلمات.. ودويّ
هكذا الدنيا،
و أنت الآن يا جلاد أقوى
ولد الله
و كان شرطي
عادة، لا يعمل الموتى،
و لكن صديقي
كان من عادته أن يضع الأقمار
في الطين ،
و أن يبذر في الأرض سماء.
و أنا أفتح شباكي
لكي يدخل عبد الله حرّا و طليقا
كالردى و الكبرياء ..
كان عبد الله حقلا
لم يرث عن جدّه إلاّ الظهيرة
و انكماش الظّل و السمرة
عبد الله لا يعرف إلاّ
لغة الموّال، و الموّال مفتون بليلى
أين ليلى؟
لم يجدها في الظهيرة
يركض الموّال في أعقاب ليلى
يقفز الموال من دائرة الظل الصغيرة
ثم يمتدّ إلى صنعاء شرقا
و إلى حمص شمالا
و ينادي في الجزيرة:
أين ليلى؟
كان عبد الله يمتدّ مع الموّال
و الموّال ممنوع
يقول السيّد الجلاّد :
إن البعد في الموّال لغم
في الأساطير التي نعبدها
..و تدلّىرأس عبد الله
في عزّ الظهيرة .
آه، عبد الله
و الأمسية الآن بلا موتى
و أنت الآن حل للحلول
آه.. عبد الله ،
رموز
و فصول
آه.. عبد الله،
لا لون و لا شكل لأزهار الأفول
آه ..عبد الله،
لا أذكر بعد الآن ما كنت تقول
آه ..عبد الله،
لا تسمعك الأرض
و لا ليلى ..
و لا ظلّ النخيل.
و لد الله
و كانت شرطة الوالي
و مليون قتيل!..

ناريمان الشريف 09-27-2010 03:45 PM

أبيات غزل
( محمود درويش )


سألتك: هزّي بأجمل كف على الارض
غصن الزمان!
لتسقط أوراق ماض وحاضر
ويولد في لمحة توأمان:
ملاك..وشاعر!
ونعرف كيف يعود الرماد لهيبا
إذا اعترف العاشقان!
أتفاحتي! يا أحبّ حرام يباح
إذا فهمت مقلتاك شرودي وصمتي
أنا، عجبا، كيف تشكو الرياح
بقائي لديك؟ و أنت
خلود النبيذ بصوتي
و طعم الأساطير و الأرض.. أنت !
لماذا يسافر نجم على برتقاله
و يشرب يشرب يشرب حتى الثماله
إذا كنت بين يديّ
تفتّت لحن، وصوت ابتهاله
لماذا أحبك؟
كيف تخر بروقي لديك ؟
و تتعب ريحي على شفتيك
فأعرف في لحظة
بأن الليلي مخدة
و أن القمر
جميل كطلعة وردة
و أني وسيم.. لأني لديك!
أتبقين فوق ذراعي حمامة
تغمّس منقارها في فمي؟
و كفّك فوق جبيني شامه
تخلّد وعد الهوى في دمي ؟
أتبقين فوق ذراعي حمامه
تجنّحي.. كي أطير
تهدهدني..كي أنام
و تجعل لا سمي نبض العبير
و تجعل بيتي برج حمام؟
أريدك عندي
خيالا يسير على قدمين
و صخر حقيقة
يطير بغمرة عين !

ناريمان الشريف 09-27-2010 04:45 PM

أجمل حب
( محمود درويش )


كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة
وجدنا غريبين يوما
و كانت سماء الربيع تؤلف نجما و نجما
و كنت أؤلف فقرة حب
لعينيك غنيتها
أتعلم عيناك أني انتظرت طويلا
كما انتظر الصيف طائر
و نمت كنوم المهاجر
فعين تنام لتصحو عين طويلا
و تبكي على أختها
حبيبان نحن إلى أن ينام القمر
و نعلم أن العناق و أن القبل
طعام ليالي الغزل
و أن الصباح ينادي خطاي لكي تستمرّ
على الدرب يوما جديدا
صديقان نحن فسيري بقربي كفا بكف
معا نصنع الخبر و الأغنيات
لماذا نسائل هذا الطريق لأي مصير
يسير بنا
و من أين لملم أقدامنا
فحسبي و حسبك أنا نسير
معا للأبد
لماذا نفتش عن أغنيات البكاء
بديوان شعر قديم
و نسأل يا حبنا هل تدوم
أحبك حب القوافل واحة عشب و ماء
و حب الفقير الرغيف
كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة
وجدنا غريبين يوما
و نبقى رفيقين دوما

ناريمان الشريف 09-27-2010 04:46 PM

أحبك أكثر ..
( محمود درويش )


تكبّر.. تكبرّ!
فمهما يكن من جفاك
ستبقى، بعيني و لحمي، ملاك
و تبقى، كما شاء لي حبنا أن أراك
نسيمك عنبر
و أرضك سكر
و إني أحبك.. أكثر
يداك خمائل
و لكنني لا أغني
ككل البلابل
فإن السلاسل
تعلمني أن أقاتل
أقاتل.. أقاتل
لأني أحبك أكثر!
غنائي خناجر ورد
و صمتي طفولة رعد
و زنيقة من دماء
فؤادي،
و أنت الثرى و السماء
و قلبك أخضر..!
و جزر الهوى، فيك، مدّ
فكيف، إذن، لا أحبك أكثر
و أنت، كما شاء لي حبنا أن أراك:
نسيمك عنبر
و أرضك سكر
و قلبك أخضر..!
وإنّي طفل هواك
على حضنك الحلو
أنمو و أكبر !

ناريمان الشريف 09-27-2010 04:50 PM

أحمد الزعتر
( محمود درويش )


ليدين من حجر و زعتر
هذا النشيد .. لأحمد المنسيّ بين فراشتين
مضت الغيوم و شرّدتني
و رمت معاطفها الجبال و خبّأتني
.. نازلا من نحلة الجرح القديم إلى تفاصيل
البلاد و كانت السنة انفصال البحر عن مدن
الرماد و كنت وحدي
ثم وحدي ...
آه يا وحدي ؟ و أحمد
كان اغتراب البحر بين رصاصتين
مخيّما ينمو ، و ينجب زعنرا و مقاتلين
و ساعدا يشتدّ في النيسان
ذاكرة تجيء من القطارات التي تمضي
و أرصفة بلا مستقبلين و ياسمين
كان اكتشاف الذات في العربات
أو في المشهد البحري
في ليل الزنازين الشقيقة
قي العلاقات السريعة
و السؤال عن الحقيقة
في كل شيء كان أحمد يلتقي بنقيضه
عشرين عاما كان يسأل
عشرين عاما كان يرحل
عشرين عاما لم تلده أمّه إلّا دقائق في
إناء الموز
و انسحبت .
يريد هويّة فيصاب بالبركان ،
سافرت الغيوم و شرّدتني
ورمت معاطفها الجبال و خبّأتني
أنا أحمد العربيّ - قال
أنا الرصاص البرتقال الذكريات
و جدت نفسي قرب نفسي
فابتعدت عن الندى و المشهد البحريّ
تل الزعتر الخيمة
و أنا البلاد و قد أتت
و تقمّصتني
و أنا الذهاب المستمرّ إلى البلاد
و جدت نفسي ملء نفسي ...
راح أحمد يلتقي بضلوعه و يديه
كان الخطوة - النجمه
و من المحيط إلى الخليج ، من الخليج إلى المحيط
كانوا يعدّون الرماح
و أحمد العربيّ يصعد كي يرى حيفا
و يقفز .
أحمد الآن الرهينه
تركت شوارعها المدينة
و أتت إليه
لتقتله
و من الخليج إلى المحيط ، و من المحيط إلى الخليج
كانوا يعدّون الجنازة
وانتخاب المقصلة
أنا أحمد العربيّ - فليأت الحصار
جسدي هو الأسوار - فليأت الحصار
و أنا حدود النار - فليأت الحصار
و أنا أحاصركم
أحاصركم
و صدري باب كلّ الناس - فليأت الحصار
لم تأت أغنيتي لترسم أحمد الكحليّ في الخندق
الذكريات وراء ظهري ، و هو يوم الشمس و الزنبق
يا أيّها الولد الموزّع بين نافذتين
لا تتبادلان رسائلي
قاوم
إنّ التشابه للرمال ... و أنت للأزرق
و أعدّ أضلاعي فيهرب من يدي بردى
و تتركني ضفاف النيل مبتعدا
و أبحث عن حدود أصابعي
فأرى العواصم كلها زبدا ...
و أحمد يفرك الساعات في الخندق
لم تأت أغنيتي لترسم أحمد المحروق بالأزرق
هو أحمد الكونيّ في هذا الصفيح الضيّق
المتمزّق الحالم
و هو الرصاص البرتقاليّ .. البنفسجه الرصاصيّة
و هو اندلاع ظهيرة حاسم
في يوم حريّه
يا أيّها الولد المكرّس للندى
قاوم !
يا أيّها البلد - المسدس في دمي
قاوم !
الآن أكمل فيك أغنيتي
و أذهب في حصارك
و الآن أكمل فيك أسئلتي
و أولد من غبارك
فاذهب إلى قلبي تجد شعبي
شعوبا في انفجارك
... سائرا بين التفاصيل اتكأت على مياه
فانكسرت
أكلّما نهدت سفرجله نسيت حدود قلبي
و التجأت إلى حصار كي أحدد قامتي
يا أحمد العربيّ ؟
لم يكذب عليّ الحب . لكن كلّما جاء المساء
امتصّني جرس بعيد
و التجأت إلى نزيفي كي أحدّد صورتي
يا أحمد العربيّ .
لم أغسل دمي من خبز أعدائي
و لكن كلّما مرّت خطاي على طريق
فرّت الطرق البعيدة و القريبة
كلّما آخيت عاصمة رمتني بالحقيبة
فالتجأت إلى رصيف الحلم و الأشعار
كم أمشي إلى حلمي فتسبقني الخناجر
آه من حلمي و من روما !
جميل أنت في المنفى
قتيل أنت في روما
و حيفا من هنا بدأت
و أحمد سلم الكرمل
و بسملة الندى و الزعتر البلدي و المنزل
لا تسرقوه من السنونو
لا تأخذوه من الندى
كتبت مراثيها العيون
و تركت قلبي للصدى
لا تسرقوه من الأبد
و تبعثروه على الصليب
فهو الخريطة و الجسد
و هو اشتعال العندليب
لا تأخذوه من الحمام
لا ترسلوه إلى الوظيفه
لا ترسموا دمه و سام
فهو البنفسج في قذيفه
صاعدا نحو التئام الحلم
تتّخذ التفاصيل الرديئة شكل كمّثرى
و تنفصل البلاد عن المكاتب
و الخيول عن الحقائب
للحصى عرق أقبّل صمت هذا الملح
أعطى خطبة الليمون لليمون
أوقد شمعتي من جرحي المفتوح للأزهار
و السمك المجفّف
للحصى عرق و مرآه
و للحطاب قلب يمامه
أنساك أحيانا لينساني رجال الأمن
يا امرأتي الجميلة تقطعين القلب و البصل
الطري و تذهبين إلى البنفسج
فاذكريني قبل أن أنسى يدي
… و صاعدا نحو التئام الحلم
تنكمش المقاعد تحت أشجاري و ظلّك …
يختفي المتسلّقون على جراحك كالذباب الموسميّ
و يختفي المتفرجون على جراحك
فاذكريني قبل أن أنسى يديّ !
و للفراشات اجتهادي
و الصخور رسائلي في الأرض
لا طروادة بيتي
و لا مسّادة وقتي
و أصعد من جفاف الخبز و الماء المصادر
من حصان ضاع في درب المطار
و من هواء البحر أصعد
من شظايا أدمنت جسدي
و أصعد من عيون القادمين إلى غروب السهل
أصعد من صناديق الخضار
و قوّة الأشياء أصعد
أنتمي لسمائي الأولى و للفقراء في كل الأزقّة
ينشدون :
صامدون
و صامدون
و صامدون
كان المخيّم جسم أحمد
كانت دمشق جفون أحمد
كان الحجاز ظلال أحمد
صار الحصار مرور أحمد فوق أفئدة الملايين
الأسيرة
صار الحصار هجوم أحمد
و البحر طلقته الأخيرة !
يا خضر كل الريح
يا أسبوع سكّر !
يا اسم العيون و يا رخاميّ الصدى
يا أحمد المولود من حجر و زعتر
ستقول : لا
ستقول : لا
جلدي عباءة كلّ فلاح سيأتي من حقول التبغ
كي يلغي العواصم
و تقول : لا
جسدي بيان القادمين من الصناعات الخفيفة
و التردد .. و الملاحم
نحو اقتحام المرحلة
و تقول : لا
و يدي تحيات الزهوز و قنبلة
مرفوعة كالواجب اليومي ضدّ المرحلة
و تقول : لا
يا أيّها الجسد المضرّج بالسفوح
و بالشموس المقبلة
و تقول : لا
يا أيّها الجسد الذي يتزوّج الأمواج
فوق المقصلة
و تقول : لا
و تقول : لا
و تقول : لا
و تموت قرب دمي و تحيا في الطحين
ونزور صمتك حين تطلبنا يداك
و حين تشعلنا اليراعة
مشت الخيول على العصافير الصغيرة
فابتكرنا الياسمين
ليغيب وجه الموت عن كلماتنا
فاذهب بعيدا في الغمام و في الزراعة
لا وقت للمنفى و أغنيتي ...
سيجرفنا زحام الموت فاذهب في الرخام
لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين
واذهب إلى دمك المهيّأ لانتشارك
و اذهب إلى دمي الموحّد في حصارك
لا وقت للمنفى ...
و للصور الجميلة فوق جدران الشوارع و الجنائز
و التمني
كتبت مراثيها الطيور و شرّدتني
ورمت معاطفها الحقول و جمعتني
فاذهب بعيدا في دمي ! و اذهب بعيدا في الطحين
لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين
يا أحمد اليوميّ ‍
يا اسم الباحثين عن الندى و بساطة الأسماء
يا اسم البرتقاله
يا أحمد العاديّ ‍!
كيف محوت هذا الفارق اللفظيّ بين الصخر و التفاح
بين البندقيّة و الغزاله !
لا وقت للمنفى و أغنيتي ...
سنذهب في الحصار
حتى نهايات العواصم
فاذهب عميقا في دمي
اذهب براعم
و اذهب عميقا في دمي
اذهب خواتم
و اذهب عميقا في دمي
اذهب سلالم
يا أحمد العربيّ... قاوم !
لا وقت للمنفى و أغنيتي ...
سنذهب في الحصار
حتى رصيف الخبز و الأمواج
تلك مساحتي و مساحة الوطن - الملازم
موت أمام الحلم
أو حلم يموت على الشعار
فاذهب عميقا في دمي و اذهب عميقا في الطحين
لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين
... و له انحناءات الخريف
له وصايا البرتقال
له القصائد في النزيف
له تجاعيد الجبال
له الهتاف
له الزفاف
له المجلّات الملوّنه
المراثي المطمئنة
ملصقات الحائط
العلم
التقدّم
فرقة الإنشاد
مرسوم الحداد
و كل شيء كل شيء كل شيء
حين يعلن وجهه للذاهبين إلى ملامح مجهه
يا أحمد المجهول !
كيف سكنتنا عشرين عاما و اختفيت
و ظلّ وجهك غامضا مثل الظهيرة
يا أحمد السريّ مثل النار و الغابات
أشهر وجهك الشعبيّ فينا
واقرأ وصيّتك الأخيرة ؟
يا أيّها المتفرّجون ! تناثروا في الصمت
و ابتعدوا قليلا عنه كي تجدوه فيكم
حنطة ويدين عاريتين
وابتعدوا قليلا عنه كي يتلو وصيّته
على الموتى إذا ماتوا
و كي يرمي ملامحه
على الأحياء ان عاشوا !
أخي أحمد !
و أنت العبد و المعبود و المعبد
متى تشهد
متى تشهد
متى تشهد ؟

ناريمان الشريف 09-27-2010 04:51 PM

أعراس
( محمود درويش )


عاشق يأتي من الحرب ألى يوم الزفاف
يرتدي بدلته الأولى
ويدخل
حلبة الرقص حصانا
من حماس وقرنفل
وعلى حبل الزغاريد يلاقى فاطمه
وتغنّي لهما
كل أشجار المنافي
ومناديل الحداد الناعمه
ذبّل العاشق عينيه
وأعطى يده السمراء للحنّاء
والقطن النسائي المقدس
وعلى سقف الزغاريد تجيء الطائرات
طائرات
طائرات
تخطف العاشق من حضن الفراشه
ومناديل الحداد
وتغّني الفتيات :
قد تزوّجت
تزوّجت جميع الفتيات
يا محمّد ! !‍
وقضيت الليلة الأولى
على قرميد حيفا
يا محمّد !
يا أمير العاشقين
يا محمّد !
وتزوجت الدوالي
وسياج الياسمين
يا محمّد !
وتزوّجت السلالم
يا محمّد !
وتقاوم
يا محمّد !
وتزوّجت البلاد
يا محمّد !
يا محمّد !

ناريمان الشريف 09-27-2010 04:52 PM

أغاني الأسير
( محمود درويش )


ملوّحة، يا مناديل حبّي
عليك السلام!
تقولين أكثر مما يقول
هديل الحمام
و أكثر من دمعة
خلف جفن.. ينام
على حلم هارب!
مفتّحة، يا شبابيك حبيّ
تمرّ المدينة
أمامك ،عرس طغاة
ومرثاة أمّ حزينة
و خلف الستائر، أقمارنا
بقايا عفونه.
و زنزانتي.. موصدة !
ملوّثة، يا كؤوس الطفولة
بطعم الكهولة
شربنا ،شربنا
على غفلة من شفاه الظمإ
و قلنا:
نخاف على شفتينا
نخاف الندى.. و الصدأ!
و جلستنا، كالزمان، بخيله
و بيني و بينك نهر الدم
معلّقه، يا عيون الحبيبة
على حبل نور
تكسّر من مقلتين
ألا تعلمين بأني
أسير اثنين؟
جناحاي: أنت و حريتّي
تنامان خلف الضفاف الغريبة
أحبّكما، هكذا، توأمين!

ناريمان الشريف 09-27-2010 04:52 PM

أغنيات حب إلى أفريقيا
( محمود درويش )


هل يأذن الحرّاس لي بالانحناء
فوق القبور البيض يا إفريقيا؟
ألقت بنا ريح الشمال إليك
واختصر المساء
أسماءنا الأول..ى
وكنّا عائدين من النهار
بكآبة التنقيب عن تاريخنا الآتي
وكنّا متعبي.ن
ضاع المغنّي والمحارب والطريق إلى النهار
_من أنت؟
"عصفور يجفّف ريشه الدامي"
_وكيف دخلت؟
"كان الأفق مفتوحا؟
وكان الأكسجين
ملء الفضاء
_وما تريد الآن؟
"ريشة كبرياء
وأريد أن أرث الحشائش والغناء
فوق القبور البيض.. يا إفريقيا!
هل يأذن الحراس لي بالاقتراب
من جثة الأبنوس.. يا إفريقيا؟
ألقت بنا ريح الشمال إليك،
واختبأ السحاب
في صدرك العاري،
ولم تعلن صواعقنا حدود الاغتراب
والشمس بالمجّان مثل الرمل والدم،
والطريق إلى النهار
يمحو ملامحنا، ويتركنا نعيد لانتظار
صفا من الأشجار والموتى
تحّبك..
نشتهي الموت المؤقت
نشتهيه ويشتهينا
نلتف بالمدن البعيدة والبحار
لنفسر الأمل المفاجىء
والرجوع إلى المرايا
_من أنت؟
"جندي يعود من التراب
بهمزيمة أخرى وصورة قائد
_ماذا تريد؟
"بيتا لأمعائي وطفلا من حديد
وأريد صك براءتي
"وأريد يا إفريقيا
ماذا تريد
أريد أن أرث السحاب
من جثة الأبنوس.. يا إفريقيا
ألقت بنا ريح الشمال إليك
يا إفريقيا..
ألقت بنا ريح الشمال
لنكون عشاقا وقتلى.
وبدون ذاكرة ذكرنا كل شيء عن ملامحنا
ووجهك فوق خارطة الظلال
مرّ المغني تحت نافذة
وخبّأصوته في راحتيه
سرا يحبّك،أو علانية يمرّ
وينحني كالقوس، يا إفريقيا
وحشيّتان
عيناك_ يا إفريقيا_ وحزينتان
عيناك كالحبّ المفاجىء
كالبراءة حين تفترع البراءة
مرّ المغني تحت نافذة
وأعلن يأسه
_من أنت؟
"عاشق
_من أنت جئت؟
أنا من سلالات الزنابق والمشانق
والريح تحبل.. ثم تنجبني
وترميني على كل الجهات
_ماذا تريد؟
"أريد ميلادا جديد
وأريد نافذة جديده
لأحبّها سرّا وتقتلني علانية
وأرحل عنك.. يا إفريقيا!

ناريمان الشريف 09-27-2010 04:53 PM

أغنية إلى الريح الشمالية
( محمود درويش )


قبلّ مجففة على المنديل
من دار بعيد
ونوافذ في الريح،
تكتشف المدينة في القصيده.
كان الحديث سدى عن الماضي
وكسرني الرحيل
وتقاسمتني زرقة البحر البعيد
وخضرة الأرض البعيده
أماه!..وانتحرت بلا سبب
عصافير الجليل.
يا أيّها القمر القريب من الطفولة والحدود
لا تسرق الحلم الجميل
من غرفة الطفل الوحيد
ولا تسجل فوق أحذية الجنود
إسمي وتاريخي_-
سألتك أيّها القمر الجميل.
هربت حقول القمح من تاريخها
هرب النخيل.
كان الحديث سدى عن الماضي
وكان الأصدقاء
في مدخل البيت القديم يسجلون
أسماء موتاهم
وينتظرون بوليسا
وطوق الياسمين
قبلّ مجففة على المنديل
من دار بعيده.
ونوافذ في الريح تكسر جبهتي
قرب المساء
كان البريد يعيد ذاكرتي من المنفى
ويبعثني الشتاء
غصنا على أشجار موتانا
وكان الأصدقاء
في السجن.
كانوا يشترون الضوء
والأمل المهرّب
والسجائر
من كل سجّان وشاعر
كانوا يبيعون العذاب لأي عصفور مهاجر
ما دام خلف السور حقل من ذره
وسنابل تنمو..
بلادي خلف نافذة القطار
تفاحة مهجوره.
ويدان يا بستان كالدفلى..
كأسماء الشوارع..
كالحصار.
بالقيد أحلم،
كي أفسّر صرختي للعابرين
بالقيد أحلم،
كي أرى حريّتي، وأعدّ أعمار السنين
بالقيد أحلم،
كيف يدخل وجه يافا في حقيبه
بيني وبينك برهة في زي مشنقة
ولم أشنق.. فعدت بلا جبي.ن
بيني وبين البرهة امتدّت عصور
بالقيد أحلم،
كيف يدخل وجه يافا في حقيبه!..
قبلّ مجفّفة على المنديل
من دار بعيده .
ونوافذ في الريح، يا ريح الشمال
ردّي إلى الأحباب قبلتهم
ولا تأتي إلّى!
من يشتري صدر المسيح
ويشتري جلد الغزال
ومعسكرات الاعتقال
ديكور أغنية عن الوطن المفتت في يديّ!..
كان الحديث سدى عن الماضي،
وكان الأصدقاء
يضعون تاريخ الولادة بين ألياف الشجر
ودّعتهم..
فنسيت خاصرتي وحنجرتي وميعاد المطر
وتركت حول زنودهم قيدي
فصرت بدون زند، واختصمت مع الشجر
والأصدقاء هناك ينتظرون بوليسا
وطوق الياسمين
وأنا أحاول أن أكون
ولا أكون..

ناريمان الشريف 09-27-2010 04:59 PM

أغنية حب على الطيب
( محمود درويش )


مدينة كل الجروح الصغيره
ألاتخمدين يدي؟
ألاتبعثين غزالاأليّ؟
وعن جبهتي تنفضين الدخان.. وعن رئتيّ
؟!
حنيني أليك ..اغتراب
ولقياك.. منفى1
أدقّ على كل باب..
أنادي، وأسأل، كيف
تصير النجوم تراب؟
أحبك، كوني صليبي
وكوني، كما شئت، برج حمام
أذا ذوبتني يدلك
ملأت الصحارى غمام
لحبك يا كلّ حبي، مذاق الزبيب
وطعم الدم
على جبهتي قمر لا يغيب
ونار وقيثارة في فمي!
إذا متّ حبا فلا تدفنيني
و خلي ضريحي رموش الرياح
لأزرع صوتك في كل طين
و أشهر سيفك كل ساح
أحبك، كوني صليبي
و ما شئت كوني
و كالشمس ذوبي
بقلبي ..و لا ترحميني

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:00 PM

أمل
( محمود درويش )


ما زال في صحونكم بقية من العسل
ردوا الذباب عن صحونكم
لتحفظوا العسل !
***
ما زال في كرومكم عناقد من العنب
ردوا بنات آوى
يا حارسي الكروم
لينضج العنب ..
***
ما زال في بيوتكم حصيرة .. وباب
سدوا طريق الريح عن صغاركم
ليرقد الأطفال
الريح برد قارس .. فلتغلقوا الأبواب ..
***
ما زال في قلوبكم دماء
لا تسفحوها أيّها الآباء ..
فإن في أحشائكم جنين ..
***
مازال في موقدكم حطب
و قهوة .. وحزمة من اللهب ..

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:00 PM

أنا آت إلى ظل عينيك
( محمود درويش )


أنا آت إلى ظل عينيك ..آت
من خيام الزمان البعيد، و من لمعان السلاسل
أنت كل النساء اللواتي
مات أزواجهن، و كل الثواكل
أنت
أنت العيون التي فرّ منها الصباح
حين صارت أغاني البلابل
ورقا يابسا في مهب الرياح!
أنا آت إلى ظلّ عينيك.. آت
من جلود تحاك السجاجيد منها.. و من حدقات
علقت فوق جيد الأميرة عقدا.
أنت بيتي و منفاي.. أنت
أنت أرضي التي دمّرتني
أنت أرضي التي حوّلتني سماء..
و أنت
كل ما قيل عنك ارتجال و كذبه1
لست سمراء،
لست غزالا،
و لست الندى و النبيذ،
و لست
كوكبا طالعا من كتاب الأغاني القديمة
عندما ارتجّ صوت المغنين.. كنت
لغة الدم حين تصير الشوارع غابه
و تصير العيون زجاجا
و يصير الحنين جريمة
لا تموتي على شرفات الكآبه
كلّ لون على شفتيك احتفال
بالليالي التي انصرمت.. بالنهار الذي سوف يأتي
إجعلي رقبتي عتبات التحول،
أول سطر بسفر الجبال
الجبال التي أصبحت سلما نحو موتي !
و السيط التي احترقت فوق ظهري و ظهرك
سوف تبقى سؤال
أين سمسار كل المنابر؟
أين الذي كان.. كان يلوك حجارة قبري و قبرك
ما الذي يجعل الكلمات عرايا؟
ما الذي يجعل الريح شوكا، و فحم الليالي مرايا؟
ما الذي ينزع الجلد عني، و يثقب عظمي؟
ما الذي يجعل القلب مثل القذيفه؟
وضلوع المغنين سارية للبيارق؟
ما الذي يفرش النار تحت سرير الخليفة؟
ما الذي يجعل يجعل الشفتين صواعق؟
غير حزن المصفد حين يرى
أخته.. أمه.. حبه
لعبة بين أيدي الجنود
و بين سماسرة الخطب الحامية
فيعض القيود. و يأتي
إلى الموت.. يأتي
إلى ظل عينيك.. يأتي!
أنا آت إلى ظل عينيك آت
من كتاب الكلام المحنط فوق الشفاه المعاده
أكلت فرسي، في الطريق، جراده
مزّقت جبهتي، في الطريق، سحابه
صلبتني على الطريق ذبابة!
فاغفري لي..
كل هذا الهوان ،اغفري لي
انتمائي إلى هامش يحترق !
و اغفري لي قرابه
ربطتني بزوبعة في كؤوس الورق
و اجعليني شهيد الدفاع
عن العشب
و الحب
و السخرية
عن غبار الشوارع أو غبار الشجر
عن عيون النساء جميع النساء
و عن حركات الحجر.
و اجعليني أحب الصليب الذي لا يحب
واجعليني بريقا ضغيرا بعينيك
حين ينام اللهب 1
أنا آت إلى ظل عينيك.. آت
مثل نسر يبيعون ريش جناحه
و يبيعون نار جراحه
بقناع. و باعوا الوطن
بعصا يكسرون بها كلمات المغني
و قالوا: اذبحوا و اذبحوا..
ثم قالوا هي الحرب كر وفر
ثم فروا..
وفروا
وفروا..
و تباهوا.. تباهوا..
أوسعوهم هجاء وشتما، و أودوا بكل الوطن !
حين كانت يداي السياج، و كنت حديقه
لعبوا الترد تحت ظلال النعاس
حين كانت سياط جهنم تشرب جلدي
شربوا الخمر نخب انتصار الكراسي !..
حين مرت طوابير فرسانهم في المرايا
ساومونا على بيت شعر، و قالوا:
ألهبوا الخيل.كل السبايا
أقبلت أقبلت من خيام المنافي
كذبوا لم يكن جرحنا غير منبر
للذي باعة.. باع حطين.. باع السيوف ليبني منبر
نحو مجد الكراسي!
أنا آت إلى ظل عينيك.. آت
من غبار الأكاذيب.. آت
من قشور الأساطير آت
أنت لي.. أنت حزني و أنت الفرح
أنت جرحي و قوس قزح
أنت قيدي و حريتي
أنت طيني و أسطورتي
أنت لي.. أنت ل..ي بجراحك
كل جرح حديقة !
أنت لي.. أنت لي.. بنواحك
كل صوت حقيقه
أنت شمسي التي تنطفيء
أنت ليلي الذي يشتعل
أنت موتي ،و أنت حياتي
و سآتي إلى ظل عينيك.. آت
وردة أزهرت في شفاه الصواعق
قبلة أينعت في دخان الحرائق
فاذكريني ..إذا ما رسمت القمر
فوق وجهي ،و فوق جذوع الشجر
مثلما تذكرين المطر
و كما تذكرين الحصى و الحديقه
و اذكريني ،
كما تذكرين العناوين في فهرس الشهداء
أنا صادقّت أحذية الصبية الضعفاء
أنا قاومت كل عروش القياصرة الأقوياء
لم أبع مهرتي في مزاد الشعار المساوم
لم أذق خبز نائم
لم أساوم
لم أدق الطبول لعرس الجماجم
و أنا ضائع فيك بين المراثي و بين الملاحم
بين شمسي و بين الدم المستباح
جئت عينيك حين تجمد ظلي
و الأغاني اشتهت قائليها!..

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:01 PM

أهديها غزالا
( محمود درويش )


وشاح المغرب الوردي فوق ضفائر الحلوه
و حبة برتقال كانت الشمس.
تحاول كفها البيضاء أن تصطادها عنوة
و تصرخ بي، و كل صراخها همس:
أخي !يا سلمي العالي!
أريد الشمس بالقوة!
..و في الليل رماديّ، رأينا الكوكب الفضي
ينقط ضوءه العسلي فوق نوافذ البيت.
وقالت، و هي حين تقول، تدفعني إلى الصمت:
تعال غدا لنزرعه.. مكان الشوك في الأرض!
أبي من أجلها صلّى و صام..
و جاب أرض الهند و الإغريق
إلها راكعا لغبار رجليها
وجاع لأجلها في البيد.. أجيالا يشدّ النوق
و أقسم تحت عينيها
يمين قناعة الخالق بالمخلوق!
تنام، فتحلم اليقظة في عيني مع السّهر
فدائيّ الربيع أنا، و عبد نعاس عينيها
وصوفي الحصى، و الرمل، و الحجر
سأعبدهم، لتلعب كالملاك، و ظل رجليها
على الدنيا، صلاة الأرض للمطر
حرير شوك أيّامي ،على دربي إلى غدها
حرير شوك أيّامي!
و أشهى من عصير المجد ما ألقى.. لأسعدها
و أنسى في طفولتها عذاب طفولتي الدامي
و أشرب، كالعصافير، الرضا و الحبّ من يدها
سأهديها غزالا ناعما كجناح أغنية
له أنف ككرملنا..
و أقدام كأنفاس الرياح، كخطو حريّة
و عنق طالع كطلوع سنبلنا
من الوادي ..إلى القمم السماويّة!
سلاما يا وشاح الشمس، يا منديل جنتنا
و يا قسم المحبة في أغانينا!
سلاما يا ربيعا راحلا في الجفن! يا عسلا بغصّتنا
و يا سهر التفاؤل في أمانينا
لخضرة أعين الأطفال.. ننسج ضوء رايتنا!

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:02 PM

إلى أمي
( محمود درويش )


أحنّ إلى خبز أمي
و قهوة أمي
و لمسة أمي
و تكبر في الطفولة
يوما على صدر يوم
و أعشق عمري لأني
إذا متّ،
أخجل من دمع أمي!
خذيني ،إذا عدت يوما
وشاحا لهدبك
و غطّي عظامي بعشب
تعمّد من طهر كعبك
و شدّي وثاقي..
بخصلة شعر
بخيط يلوّح في ذيل ثوبك..
عساي أصير إلها
إلها أصير..
إذا ما لمست قرارة قلبك!
ضعيني، إذا ما رجعت
وقودا بتنور نارك..
وحبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدت الوقوف
بدون صلاة نهارك
هرمت ،فردّي نجوم الطفولة
حتى أشارك
صغار العصافير
درب الرجوع..
لعشّ انتظارك!

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:03 PM

إلى القاريء
( محمود درويش )


الزنبقات السود في قلبي
و في شفتي ... اللهب
من أي غاب جئتي
يا كل صلبان الغضب ؟
بايعت أحزاني ..
و صافحت التشرد و السغب
غضب يدي ..
غضب فمي ..
و دماء أوردتي عصير من غضب !
يا قارئي !
لا ترج مني الهمس !
لا ترج الطرب
هذا عذابي ..
ضربة في الرمل طائشة
و أخرى في السحب !
حسبي بأني غاضب
و النار أولها غضب !

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:03 PM

إلى ضائعة
( محمود درويش )


إذا مرت على وجهي
أنامل شعرك المبتل بالرمل
سأنهي لعبتي.. أنهي
و أمضي نحو منزلنا االقديم
على خطى أهلي
و أهتف يا حجارة بيتنا1 صلّى !
إذا سقطت على عيني
سحابة دمعة كانت تلف عيونك السوداء
سأحمل كل ما في الأرض من حزن
صليبا يكبر الشهداء
عليه و تصغر الدنيا
و يسقي دمع عينيك
رمال قصائد الأطفال و الشعراء!
إذا دقّت على بابي
يد الذكرى
سأحلم ليلة أخرى
بشاعرنا القديم و عودة الأسرى
و أشرب مرة أخرى
بقايا ظلك الممتد في بدني
و أومن أن شباكا
ضغيرا كان في وطني
يناديني و يعرفني
و يحميني من الأمطار و الزمن

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:04 PM

اعتذار
( محمود درويش )


حلمت بعرس الطفولة
بعينين واسعتين حلمت
حلمت بذات الجديلة
حلمت بزيتونة لا تباع
ببعض قروش قليلة
حلمت بأسوار تاريخك المستحيلة
حلمت برائحة اللوز
تشعل حزن الليالي الطويلة
بأهلي حلمت..
بساعد أختي
سيلتفّ حولي وشاح بطولة
حلمت بليلة صيف
بسلّة تين
حلمت كثيرا
كثيرا حلمت ..
إذن سامحيني!!

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:05 PM

الآن، إذ تصحو، تذكر,
( محمود درويش )


الآن، إذ تصحو، تذكر رقصة البجع الأخيرة.
هل رقصت مع الملائكةِ الصغارِ وأنت تحلمُ؟
هل أضاءتك الفراشةُ عندما احترقت بضوء الوردة الأبدي؟
هل ظهرت لك العنقاءُ واضحةً... وهل نادتك باسمك؟
هل رأيت الفجر يطلع من أصابع من تُحبُّ؟
وهل لمستَ الحُلمَ باليد، أم تركت الُحلمَ يحلُمُ وحدهُ، حيث انتبهت إلى غيابك
بغتةً؟
ما هكذا يُخْلي المنام الحالمونَ، فإنهم يتوهجون،
ويكملون حياتهم في الحُلمِ..
قل لي كيف كنت تعيش حُلمك في مكان ما،
أقل لك من تكون
والآن إذ تصحو، تذكر:
هل أسأت إلى منامك؟
إن أسأت إذاً تذكر
رقصة البجع الأخيرة!
تُنسى، كأنك لم تكن,
تُنسى، كأنك لم تكن
تُنسى كمصرع طائر
ككنيسة مهجورة تُنسى،
كحب عابر
وكوردة في الليل... تُنسى
****
أنا للطريق... هناك من سبقت خُطاه خُطاي
من أملى رؤاه على رؤاي. هناك من
نثر الكلام على سجيّته ليدخل في الحكاية
أو يضيء لمن سيأتي بعده
أثراً غنائياً... وحدسا
***
تُنسى، كأنك لم تكن
شخصاً، ولا نصاً... وتُنسى
***
أمشي على هدي البصيرة، ربما
أعطي الحكاية سيرة شخصية. فالمفردات
تسوسني وأسوسها. أنا شكلها
وهي التجلّي الحر. لكن قيل ما سأقول.
يسبقني غدٌ ماضٍ. أنا مَلِك الصدى.
لا عرش لي إلا الهوامش. والطريق
هو الطريقة. ربما نسيَ الأوائل وصف
شيء ما، أُحرّك فيه ذاكرة وحسّا
***
تُنسى، كأنك لم تكن
خبراً، ولا أثراً... وتُنسى
***
أنا للطريق... هناك من تمشي خطاه
على خطاي، ومن سيتبعني إلى رؤيايَ.
من سيقول شعراً في مديح حدائق المنفى،
أمام البيت، حراً من عبارة أمس،
حراً من كناياتي ومن لغتي، فأشهد
أنني حيّ
وحرّ
حين أُنسى

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:05 PM

الأغنية و السلطان
( محمود درويش )


لم تكن أكثر من وصف.. لميلاد المطر
و مناديل من البزق الذي يشعل أسرار الشجر
فلماذا قاموها؟
حين قالت إن شيئا غير هذا الماء
يجري في النّهر؟
و حصى الوادي تماثيل، و أشياء أخر
و لماذا عذبوها
حين قالت إن في الغابة أسرارا.
و سكينا على صدر القمر
ودم البلبل مهدور على ذاك الحجر؟
و لماذا حبسوها
حين قالت: و طني حبل عرق
و على قنطرة الميدان إنسان يموت
و ظلام يحترق ؟
غضب السلطان
و السلطان مخلوق خيالي
قال: إن العيب في المرآة ،
فليخلد إلى الصمت مغنيكم، و عرشي
سوف يمتد
من النيل إلى نهر الفرات !
أسجنوا هذي القصيدة
غرفة التوقيف
خير من نشيد.. و جريدة
أخبروا السلطان،
أن الريح لا تجرحها ضربة سيف
و غيوم الصيف لا تسقي
على جدرانه أعشاب صيف
و ملايين من الأشجار
تخضر على راحة حرف !
غضب السلطان، و السلطان في كل الصور
و على ظهر بطاقات البريد
كالمزامير نقيّ و على جبهته وشم العبيد ،
ثم نادى.. و أمر :
أقتلوا هذي القصيدة
ساحة الإعدام ديوان الأناشيد العنيده!
أخبروا السلطان،
أن البرق لا يحبس في عود ذره
للأغاني منطق الشمس ،و تاريخ الجداول
و لها طبع الزلازل
و الأغاني كجذور الشجرة
فإذا ماتت بأرض،
أزهرت في كل أرض
كانت الأغنية الزرقاء فكره
حاول السلطان أن يطمسها
فغدت ميلاد جمره!
كانت الأغنية الحمراء جمره
حاول السلطان أن يحبسها
فإذا بالنار ثوره!
كان صوت الدم مغموسا بلون العاصفة
و حصى الميدان أفواه جروح راعفه
و أنا أضحك مفتونا بميلاد الرياح
عندما قاومني السلطان
أمسكت بمفتاح الصباح
و تلمست طريقي بقناديل الجراح
آه كم كنت مصيبا
عندما كرست قلبي
لنداء العاصفة
فلتهبّ العاصفة!
و لتهبّ العاصفة!

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:06 PM

الجرح القديم
( محمود درويش )


واقف تحت الشبابيك،
على الشارع واقف
درجات السلّم المهجور لا تعرف خطوي
لا و لا الشبّاك عارف
من يد النخلة أصطاد سحابه
عندما تسقط في حلقي ذبابه
و على أنقاض أنسانيتي
تعبر الشمس و أقدام العواصف
واقف تحت الشبابيك العتيقه
من يدي يهرب دوريّ وأزهار حديقه
اسأليني: كم من العمر مضى حتى تلاقى
كلّ هذا اللون والموت، تلاقى بدقيقه؟
وأنا أجتاز سردابا من النسيان،
والفلفل، والصوت النحاسي
من يدي يهرب دوريّ..
وفي عيني ينوب الصمت عن قول الحقيقه!
عندما تنفجر الريح بجادي
وتكفّ الشمس عن طهو النعاس
وأسمّي كل شئ باسمه،
عندها أبتاع مفتاحا وشباكا جديدا
بأناشيد الحماس!
_أيّها القلب الذي يحرم من شمس النهار
ومن الأزهار والعيد، كفانا!
علمونا أن نصون الحب بالكره!
وأن نكسو ندى الورد.. غبار!
_أيّها الصوت الذي رفرف في لحمي
عصافبر لهب،
علّمونا أن نغني ،ونحب
كلّ ما يطلعه الحقل من العشب،
من النمل، وما يتركه الصيف على أطلال دار.
.علّمونا أن نغني، ونداري
حبّنا الوحشيّ، كي لا
يصبح الترنيم بالحب مملا!
عندما تنفجر الريح بجلدي
سأسمي كل شئ باسمه
وأدق الحزن والليل بقيدي
يا شبابيكي القديمه..!

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:09 PM

الحديقة النائمة
( محمود درويش )


سرقت يدي حين عانقها النوم ،
غطّيت أحلامها ،
نظرت إلى عسل يختفي خلف جفنين،
صلّيت من أجل ساقين معجزتين ،
إنحنيت على نبضها المتواصل،
شاهدت قمحا على مرمر ونعاس،
بكت قطرة من دمي
فارتجفت…
الحديقة نائمة في سريري .
ذهبت إلى الباب ،
لم التفت نحو روحي التي واصلت نومها
سمعت رنين خطاها القديم وأجراس قلبي
ذهبت إلى الباب
مفتاحها في حقيبتها
وهي نائمة كالملاك الذي مارس الحب -
ليل على مطر في الطريق ، ولا صوت يأتي
سوى نبضها والمطر .
ذهبت إلى الباب ،
يفتح الباب،
أخرج .
ينغلق الباب.
يخرج ظلي ورائي .
لماذا أقول وداعا ؟
من الآن صرت غريبا عن الذكريات وبيتي.
هبطت السلالم ،
لا صوت يأتي
سوى نبضها والمطر
وخطوي على درج نازل
من يديها إلى رغبة في السفر .
وصلت إلى الشجره
هنا قبلتني
هنا ضربتني صواعق من فضة وقرنفل .
هنا كان عالمها يبتدىء
هنا كان عالمها ينتهي .
وقفت ثواني من زنبق وشتاء ،
مشيت ،
ترددت ،
ثم مشيت ،
أخذت خطاي وذاكرتي المالحه
مشيت معي .
لا وداع ولا شجره
فقد نامت الشهوات وراء الشبابيك ،
نامت جميع العلاقات ،
نامت جميع الخيانات خلف الشبابيك ،
نام رجال المباحث أيضا ..
وريتا تنام … وتوقظ أحلامها .
في الصباح ستأخذ قبلتها ،
وأيامها ،
ثم تحضر لي قهوتي العربية
وقهوتها بالحليب .
وتسأل للمرة الألف عن حبّنا
وأجيب
بأني شهيد اليدين اللتين
تعدان لي قهوتي في الصباح .
وريتا تنام … تنام وتوقظ أحلامها
نتزوج?
نعم .
- متى ؟
حين ينمو البنفسج
على قبعات الجنود .
طويت الأزقة ، مبنى البريد ، مقاهي الرصيف ، نوادي
الغناء ، وأكتشاك بيع التذاكر .
أحبّك ريتا . أحبّك . نامي وأرحل
بلا سبب كالطيور العنيفة أرحل
بلا سبب كالرياح الضعيفة أرحل
أحبّك ريتا .أحبّك . نامي
سأسأل بعد ثلاثة عشر شتاء
سأسأل :
أما زلت نائمة
أم صحوت من النوم …
ريتا ! أحبّك ريتا
أحبّك …

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:10 PM

الحزن و الغضب
( محمود درويش )


الصوت في شفتيك لا يطرب
و النار في رئتيك لا تغلب
و أبو أبيك على حذاء مهاجر يصلب وشفاهها تعطي سواك و نهدها يحلب
فعلام لا تغضب
-1-
أمس التقينا في طريق الليل من حان لحان
شفتاك حاملتان
كل أنين غاب السنديان
ورويت لي للمرة الخمسين
حب فلانه و هوى فلان
وزجاجة الكونياك
و الخيام و السيف اليماني
عبثا تخدر جرحك المفتوح
عربدة القناني
عبثا تطوع يا كنار الليل جامحة الأماني
الريح في شفتيك تهدم ما بنيت من الأغاني
فعلام لا تغضب
-2-
قالوا إبتسم لتعيش
فابتسمت عيونك للطريق
و تبرأت عيناك من قلب يرمده الحريق
و حلفت لي إني سعيد يا رفيق
و قرأت فلسفة ابتسامات الرقيق
الخمر و الخضراء و الجسد الرشيق
فإذا رأيت دمي بخمرك
كيف تشرب يا رفيق
-3-
القرية الأطلال
و الناطور و الأرض و اليباب
و جذوع زيتوناتكم
أعشاش بوم أو غراب
من هيأ المحراث هذا العام
من ربي التراب
يا أنت أين أخوك أين أبوك
إنهما سراب
من أين جئت أمن جدار
أم هبطت من السحاب
أترى تصون كرامة الموتى
و تطرق في ختام الليل باب
و علام لا تغضب
-4-
أتحبها
أحببت قبلك
و ارتجفت على جدائلها الظليلة
كانت جميله
لكنها رقصت على قبري و أيامي القليلة
و تحاصرت و الآخرين بحلبة الرقص الطويلة
و أنا و أنت نعاتب التاريخ
و العلم الذي فقد الرجوله
من نحن
دع نزق الشوارع
يرتوي من ذل رايتنا القتيلة
فعلام لا تغضب
-5-
إنا حملنا الحزن أعواما و ما طلع الصباح
و الحزن نار تخمد الأيام شهوتنا
و توقظها الرياح
و الريح عندك كيف تلجمها
و ما لك من سلاح
إلا لقاء الريح و النيران
في وطن مباح

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:11 PM

الدانوب ليس أزرق
( محمود درويش )


هي لا تعرفه.
كان الزمان
واقفا كالنهر في جثّته
قالت له:
عندي مكان.
كان ذاك اليوم صيفيّا
و كان العاشقان
يستردان من الرّزنامه الأولى
حساب الشمس ،
كان الأمس
و الحاضر كان ..
هي لا تعرفه
قالوا لها: يأتي مع النهر
الذي يأتي مع الفجر
و كان التوأمان
ضفتي نهر.. يسيران معا
أو يقفان
و هما..لا يعرفان !..
كان ذاك اليوم حقلا
من ذبول وحنان
و عما يقتربان
و يموتان من الموت
و لا يلتقيان..
هي لا تعرفه
لكنها تشربه كالماء في رمل الزمان .
بعد عامين من الهجرة
في الهجرة
ماتا
في انفجار القبلة الأولى
و في جثّته، كان الزمان
واقفا كالنهر في جثّته
قالت له:
عندي مكان..

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:12 PM

الرباط
( محمود درويش )


لن نفترق
أمامنا البحار و الغابات
و راءنا فكيف نفترق
يا صاحبي يا أسود العينين
خذني كيف نفترق
و ليس لي سواك
لعلني سئمت مقلتيك
يا ظامئا إلى الأبد
لعلني أخاف من يديك
يا قاسيا إلى الأبد
لكنني بلا أحد
بلا أحد
فكيف نفترق
يا أجمل الوحوش يا صديقي
ما بيننا سوى النفاق
و الخوف متاعب الطريق
البحر من أمامنا
و اغاب من ورائنا
فكيف نفترق

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:12 PM

الرجل ذو الظل الأخضر
( محمود درويش )


في ذكرى جمال عبد الناصر
-----
نعيش معك
نسير معك
نجوع معك
و حين تموت
نحاول ألا نموت معك !
و لكن،
لماذا تموت بعيدا عن الماء
و النيل ملء يديم ؟
لماذا تموت بعيدا عن البرق
و البرق في شفتيك
و أنت وعدت القبائل
برحلة صيف من الجاهلية
و أنت وعدت السلاسل
بنار الزنود القوية
و أنت وعدت المقاتل
بمعركة.. ترجع القادسية
نرى صوتك الآن ملء الحناجر
زوابع..
تلو
زوابع
نرى صدرك الآن متراس ثائر
ولافتة للشوارع
نراك
نراك
نراك ..
طويلا
..كسنبلة في الصعيد
جميلا
..كمصنع صهر الحديد
وحرا
..كنافذة في قطار بعيد
و لست نبيا،
و لكن ظلك أخضر
أتذكر ؟
كيف جعلت ملامح وجهي
و كيف جعلت جبيني
و كيف جعلت اغترابي و موتي
أخضر
أخضر
أخضر..
أتذكر وجهي القديم ؟
لقد كان وجهي يحنّط في متحف انجليزي
و يسقط في الجامع الأمويّ
متى يا رفيقي ؟
متى يا عزيزي ؟
متى نشتري صيدلية
بجرح الحسين.. و مجد أميّة
و نبعث في سدّ أسوان خبزا و ماء
و مليون كيلواط من الكهرباء؟
أتذكر ؟
كانت حضارتنا بدويا جميل
يحاول أن يدرس الكيماء
و يحلم تحت ظلال النخيل
بطائرة.. و بعشر نساء
و لست نبيا
و لكن ظلك أخضر..
نعيش معك
نسير معك
نجوع معك
و حين تموت
نحاول ألا نموت معك
ففوق ضريحك ينبت قمح جديد
و ينزل ماء جديد
و أنت ترانا
نسير
نسير
نسير .

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:13 PM

الرمادي
( محمود درويش )


الرماديّ اعتراف، و السماء الآن ترتدّ عن الشارع
و البحر، و لا تدخل في شيء، و لا تخرج من
شيء... و لا تعترفين
ساعتي تسقط في الماء الرماديّ .فلم أذهب إلى موعدك
الساطع. يأتي زمن آخر إذ تنتحرين .
و أسمي حادثا يحدث في أيّامنا :
قد ذهب العمر، و لم أذهب مع العمر إلى هذا المساء أبقى في انتظارك
و أسمي حادثا يحدث في أيامهم:
عندما أمشي إلى النهر البعيد
يقف النهر طويلا في اتنظاري.
و أتابع.
عنما أرجع في منتصف الموت، يجف النهر في ذاكرتي
يذيل ما بين الأصابع،
فلماذا تقفين ؟
و لماذا تقفين؟
و تكونين أمام الطعنه الأولى. أمام الخطوة الأولى
و لا تعترفين .
و الرمادي اعتراف. من رآني قد رأى وجهك وردا
في الرماد.
من رآني أخرج الخنجر من أضلاعه أو خبّأ الخنجر
في أضلاعه
حيث تكونين دمي يمطر ،أو يصعد في أيّ اتجاه
كالنباتات البدائية.
كوني حائطي
كي أبلغ الأفق الرماديّ
و كي أجرح لون المرحلة
من رآني ضاع مني
في ثبات القتله !
الرماديّاعتراف و شبابيك. نساء و صعاليك
و الرماديّ هو البحر الذي دخّن حلمي زبدا
و الرماديّ هو الشّعرالذي أجر جرحي بلدا
الرمادي هو البحر
هو الشعر
هو الزهر
هو الطير
هو الليل
هو الفجر
الرماديّ هو السائر و القادم
و حلم الذي قرره الشاعر و الحاكم
منذ اتحدا
لست أعمى لأرى
لست أعمى.. لأرى .
إنّني أعبر بين الجثتين القمّتين
كالنباتات البدائية
كونى حائطي كي أعبرا
لست أعمى ..لأرى .
تزحف الصحراء تلتف على خاصرتي
و تلتف على صدري، وتشتدّ و تشتدّ، و لا أغرق
لا أغرق.. لا أغرق
ل!..ا
ليس لي خلف جبال الرمل آبار من النفط، و لا صفصافة
مستشرقه
كان لي سورة"اقرأ" و قرأت..
كان لي بذرة قمح في يد محترقه
و احترقت .
و لي الآن شتاء من دم يمتصه الرمل، و يستخرج
مازوتا. و أستدعى إلى الحربق لكي يصبح سعر
النفط أعلى
قلت: كلا !
و الرماديّ اعتراف مثل جدران جدران الزنازين التي تكثر بعد
الحرب.لا .لم يبك جندي على تاج. و أستدعى
إلى الحرب لكي يصبح لون التاج أغلى .
لست أعمى ..لأرى .
هل تركت الباب مفتوحا ؟
تعودين بلا جدوى
ينام الحلم الكاذب في المخفر. يدلي باعترافات
يمرّ الحلم الهارب من قبّعة السجان يدلي
باعترافات على مائدة القرصان
يدلي باعترافات ينام الحلم الغائب تحت المشنقة
هل تركت الباب مفتوحا؟
لكي أقفز من جلدي إلى أوّل عصفور رماديّ. و أحتج
على الآفاق.
كلا!.
الرماديّ من البحر إلى البحر
و حراس المدى عادوا
و عيناك أمامي نقطتان
و السراب الضوء في هذا الزمان
الواقف الزاحف ما بين وداعين طويلين
و نحن الآن مابين الوداعين وداع دائم
أنت السراب الضوء و الضوء السراب
من رآنا أخرج الخنجر من أضلاعه أو خبأ الخنجر
في أضلاعه
حيث تكونين دمي يمطر أو يصعد في أي اتجاه
كالنباتات البدائية
كوني حائطي أو زمني
كي أطأ الأفق الرمادي
و كي أجرح لون المرحلة
من رآنا ضاع منا
في ثياب القتلة
فاذهبي في المرحلة
إذهبي
وانفجري بالمرحلة

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:13 PM

السجن
( محمود درويش )


تغيرّ عنوان بيتي
و موعد أكلي
و مقدار تبغي تغيرّ
و لون ثيابي، ووجهي، و شكلي
و حتى القمر
عزيز عليّ هنا ..
صار أحلى و أكبر
و رائحة الأرض: عطر
و طعم الطبيعة: سكر
كأني على سطح بيتي القديم
و نجم جديد..
بعيني تسمّر

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:14 PM

السجين و القمر
( محمود درويش )


في آخر الليل التقينا تحت قنطرة الجبال
منذ اعتقلت، و أنت أدرى بالسبب
الآنّ أغنية تدافع عن عبير البرتقال
و عن التحدي و الغضب
دفنوا قرنفلة المغني في الرمال؟
علمان نحن، على تماثيل الغيوم الفستقية
بالحب محكومان، باللون المغني؟
كلّ الليالي السود تسقط في أغانينا ضحية
و الضوء يشرب ليل أحزاني و سجني
فتعال، ما زالت لقصتنا بقية!
سأحدث السّجان، حين يراك
عن حب قديم
قلربما وصل الحديث بنا إلى ثمن الأغاني
هذا أنا في القيد أمتشق النجوم
و هو الذي يقتات، حرا من دخاني
و من السلاسل و الوجوم!
كانت هويتنا ملايينا من الأزهار،
كنا في الشوارع مهرجان
الريح منزلنا،
وصوت حبيبتي قبل.
و كنت الموعدا
لكنهم جاؤوا من المدن القديمة
من أقاليم الدخان
كي يسحبوها من شراييني،
فعانقت المدى.
و الموت و الميلاد في وطني المؤله توأمان!
ستموت يوما حين تغنينا الرسوم عن الشجر
و تباع في الأسواق أجنحة البلابل
و أنا سأغرق في الزحام غدا، و أحلم بالمطر
و أحدث السمراء عن طعم السلاسل
و أقول موعدنا القمر!

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:15 PM

الصهيل الأخير
( محمود درويش )


و أصبّ الأغنية
مثلما ينتحر النهر على ركبتها .
هذه كل خلاياي
و هذا عسلي ،
و تنام الأمنية .
في دروبي الضيقة
ساحة خالية ،
نسر مريض ،
وردة محترفة
حلمي كان بسيطا
واضحا كالمشنقه :
أن أقول الأغنية .
أين أنت الآن ؟
من أي جبل
تأخذين القمر الفضي ّ
من أيّ انتظار ؟
سيّدي الحبّ ! خطانا ابتعدت
عن بدايات الجبل
و جمال الانتحار
و عرفنا الأوديه
أسبق الموت إلى قلبي
قليلا
فتكونين السفر
و تكونين الهواء
أين أنت الآن
من أيّ مطر
تستردين السماء ؟
و أنا أذهب نحو الساحة المنزويه
هذه كل خلاياي ،
حروبي ،
سبلي .
هذه شهوتي الكبرى
و هذا عسلي ،
هذه أغنيتي الأولى
أغنّي دائما
أغنية أولى ،
و لكن
لن أقول الأغنية .

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:16 PM

الصوت الضائع في الأصوات
( محمود درويش )


نعرف القصة من أولها
و صلاح الدين في سوق الشعارات ،
و خالد
بيع في النادي المسائّي
بخلخال امرأة!
و الذي يعرف.. يشقى.
_نحن أحجار التماثيل
و أخشاب المقاعد
و الشفاه المطفأه _
أوقفي نبضك يا سيّدتي!
.يصغر الميدان من طلعته..
.أسكتوا ..
.باسمنا يستوقف الشمس على حدّ الرماح
.صفّقوا..
.صفّقوا
إن تطفئوا تصفيقكم
يرتطم المرّيخ بالأرض
و لا يبقى أحد..
_نحن لا نسمع شيئا
قد سمعنا ألف عام
و تنازلنا عن الأرصفة السمراء
كي نغرق في هذا الزحام.
و نريد الآن أن نرتاح
من مهنتنا الأولى،
نريد الآن أن تصغوا لنا
فدعونا نتكلّم .
نضع الليلة حدا للوصاية.
دمنا يرسم في خارطة الأرض الصريعة
كا أسماء الذين اكتشفوا
درب البداية
كي يفرّوا من توابيت الفجيعة.
فدعونا نتكلم
ودعوا حنجرة الأموات فينا
تتكلّم ..

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:16 PM

العصافير تموت في الجليل
( محمود درويش )


_نلتقي بعد قليل
بعد عام
بعد عامين
وجيل..
ورمت في آلة التصوير
عشرون حديقة
و عصافير الجليل
و مضت تبحث، خلف البحر،
_وطني حبل غسيل
لمناديل الدم المسفوك
في كل دقيقة و تمددت على الشاطيء
رملا.. و نخيل.
هيّ لا تعرف_
يا ريتا! و هبناك أنا و الموت
سرّ الفرح الذابل في باب الجمارك
و تجدّدنا، أنا و الموت ،
في جبهتك الأولى
و في شبّاك دارك
و أنا و الموت وجهان_
لماذا تهربين الآن من وجهي
لماذا تهربين؟
و لماذا تهربين الآن تماما
يجعل القمح رموش الأرض، مما
يجعل البركان وجها آخرا للياسمين ؟..
و لماذا تهربين ؟..
كان لا يتعبني في الليل إلاّ صمتها
حين يمتدّ أمام الباب
كالشارع.. كالحيّ القديم
ليكن ما شئت_ يا ريتا_
يكون الصمت فأسا
أو براويز نجوم
أو مناخا لمخاض الشجرة .
إنني أرتشف القبلة
من حدّ السكاكين،
تعالي ننتمي للمجزره!..
سقطت كالورق الزائد
أسراب العصافير
بآبار الزمن..
و أنا أنتشل الأجنحة الزرقاء
يا ريتا،
أنا شاهدة القبر الذي يكبر
يا ريتا
أنا من تحفر الأغلال
في جلدي
شكلا للوطن..

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:17 PM

القتيل رقم 18
( محمود درويش )


غابة الزيتون كانت مرة خضراء
كانت ..و السماء
غابة زرقاء.. كانت حبيبي
ما الذي غيرّها هذا المساء؟
............
أوقفوا سيارة العمال في منعطف الدرب
و كانوا هادئين
و أدارونا إلى الشرق.. و كانوا هادئين
............
كان قلبي مرة عصفور زرقاء.. يا عش حبيبي
و مناديلك عندي، كلها بيضاء، كانت حبيبي
ما الذي لطّخها هذا المساء؟
أنا لا أفهم شيئا يا حبيبي!
............
أوقفوا سيارة العمال في منتصف الدرب
و كانوا هادئين
و أدارونا إلى الشرق.. و كانوا هادئين
............
لك مني كلّ شيء
لك ظل لك ضوء
خاتم العرس، و ما شئت
و حاكورة زيتون و تين
و سآتيك كما في كل ليلة
أدخل الشبّاك، في الحلم، و أرمي لك فله
لا تلمني إن تأخرت قليلا
إنهم قد أوقفوني
غابة الزيتون كانت دائما خضراء
كانت يا حبيبي
إن خمسين ضحيّة
جعلتها في الغروب ..
بركة حمراء.. خمسين ضحيّة
يا حبيبي.. لا تلمني..
قتلوني.. قتلوني..
قتلوني..

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:17 PM

القتيل رقم 48
( محمود درويش )


وجدوا في صدره قنديل ورد.. و قمر
وهو ملقى، ميتا، فوق حجّر
وجدوا في جيبه بعض قروش
وجدوا علبة كبريت،و تصريح سفرّ..
و على ساعده الغض نقوش.
قبلته أمّه..
و بكت عاما عليه
بعد عام، نبت العوسج ىفي عينيه
و اشتدّ الظلام
عندما شبّ أخوه
و مضى يبحث عن شغل بأسواق المدينة
حبسوه..
لم يكن تصريح سفر
إنه يحمل في الشارع صندوق عفونه
و صناديق أخر
آه: أطفال بلادي
هكذا مات القمر!

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:18 PM

الكلمة
( محمود درويش )


الشاعر العربيّ محروم
دم الصحراء يغلي في نشيده
و قوافل النوق العطاش
أبدا تسافر في حدوده
و الحلوة السمراء في صدف البحار !
الشاعر العربيّ محروم
تعوّد أن يموت بسيف صمته
ألقى على عينيه كل السر
قال : غدا ستفهمها عيوني
و أنا تركت لك الكلام على عيوني
لكن ، أظنك ما فهمت !

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:19 PM

المدينة المحتلة
( محمود درويش )


الطفلة احترقت أمّهاا
أمامها..
احترقت كالمساء.
وعلّموها: يصير اسمها_
في السّنة القادمه_
سيدة الشهداء
وسوف تأتي إليها
إذا وافق الأنبياء!
الطفلة احترقت أمها
أمامها..
احترقت كالمساء
من يومها،
لا تحب القمر
ولا الدّمى
كلّما
جاء المسا، صرخت كلّها:
أنا قتلت القمر
لأنه قال لي.. قال.. قال:
أمّك لا تشبه البرتقال
ولا جذوع الشجر
أمك في القبر
لا في السماء.
الطفلة احترقت أمها
أمامها..
احترقت كالمساء..

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:21 PM

المزمور الحادي و الخمسون بعد المئة
( محمود درويش )


أوشليم! التي ابتعدت عن شفاهي..
المسافات أقرب.
بيننا شارعان، و ظهر إله
و أنا فيك كوكب
كائن فيك، طوبى لجسمي المعذّب !
يسقط البعد في ليل بابل
و انتمائي إلى خضرة الموت_ حق
و بكاء الشبابيك_ حق
صوت حرّيتي قادم من صليل السلاسل
و صليبي يقاتل!
أورشليم! التي عصرت كل أسمائها
في دمي..
خدعتني اللغات التي خدعتني
لن أسميك
إني أذوب، و إنّ المسافات أقرب
و إمام المغنّين صكّ سلاحا ليقتلني
في زمان الحنين المعلّب ،
و المزامير صارت حجارة
رجموني بها
و أعادوا اغتيالي
قرب بيارة البرتقال..
أورشليم! التي أخذت شكل زيتونة
دامية..
صار جلدي حذاء
للأساطير و الأنبياء
بابلي أنت، طوبى لمن جاور الليلة الآتية
و أنا فيك أقرب
من بكاء الشبابيك. طوبى
لإمام المغنّين في الليلة الماضية
و إمام المغنّين كان، و جسمي كائن
و أنا فيك كوكب
يسقط البعد في ليل بابل
و صليبي يقاتل..
هلّلويا
هلّلويا ..
هلّلويا ..

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:22 PM

المستحيل
( محمود درويش )


أموت اشتياقا
أموت احتراقا
وشنقا أموت
وذبحا أموت
و لكنني لا أقول
مضى حبنا، و انقضى
حبنا لا يموت

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:22 PM

المطر الأول
( محمود درويش )


في رذاذ المطر الناعم
كانت شفتاها
وردة تنمو على جلدي،
و كانت مقلتاها
أفقا يمتدّ من أمسي
إلى مستقبلي..
كانت الحلوة لي
كانت الحلوة تعويضا عن القبر
الذي ضم إلها
و أنا جئت إليها
من وميض المنجل
و الأهازيج التي تطلع من لحم أبي
نارا.. و آها..
(كان لي في المطر الأول
يا ذات العيون السود
بستان ودار
كان لي معطف صوف
وبذار
كان لي في بابك الضائع
ليل و نهار.. )
سألتني عن مواعيد كتبناها
على دفتر طين
عن مناخ البلد النائي
و جسر النازحين
و عن الأرض التي تحملها
في حبّة تين ،
سألتني عن مرايا انكسرت
قبل سنين ..
عندما ودّعتها
في مدخل الميناء
كانت شفتاها
قبلة
تحفر في جلدي صليب الياسمين...

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:24 PM

المناديل
( محمود درويش )


كمقابر الشهداء صمتك
و الطريق إلى امتداد
ويداك... أذكر طائرين
يحوّمان على فؤادي
فدعي مخاص البرق
للأفق المعبّأ بالسواد
و توقّعي قبلا مدماة
و يوما دون زاد
و تعودي ما دمت لي
موتي ...و أحزان البعاد!
كفنّ مناديل الوداع
و خفق ريح في الرماد
ما لوّحت، إلاّ ودم سال
في أغوار واد
وبكى، لصوت ما، حنين
في شراع السندباد
ردّي، سألتك، شهقة المنديل
مزمارا ينادي..
فرحي بأن ألقاك وعدا
كان يكبر في بعادي
ما لي سوى عينيك، لا تبكي
على موت معاد
لا تستعيري من مناديلي
أناشيد الوداد
أرجوك! لفيها ضمادا
حول جرح في بلادي

ناريمان الشريف 09-27-2010 05:25 PM

الموت في الغابة
( محمود درويش )


نامي!
فعين الله نائمة
عنا ...و أسراب الشحارير
و السنديانة... و الطريق هنا
فتوسدي أجفان مصدور
و ثلاث عشرة نجمة خمدت
في درب أوهام المقادير
لا شيء ! قصة طفلة همدت
لا شيء يوحي صمت تفكير
جرح صغير... مات صاحبه
فطواه ليل كالأساطير
تاريخه .. أنفاس مزرعة
تسطو عليها كف شرير
كانت ، فلا نقرات قبرة
بقيت ، و لا صيحات ناطور
و غصون زيتون مقدسة
ذبلت عليها قطرة النور!
لا شيء يستدعي غناء أسى
فالموت أكبر من مزاميري ...
نامي... عيون الله نائمة
عنا ، و أسراب الشحارير
وضماد جرحك زهرة ذبلت!
في مسرب في الفسح مهجور
لكن عين أخيك ساهرة
خلف الضباب ، ووحشة السور
و فؤاده ملقى على جسد
ينهد كالأطلال ..مصدور
و يداه ممسكتان في لهف
بترابه .. رغم الأعاصير !...
***


الساعة الآن 06:21 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team