![]() |
و غدا على حرد قادرا
خاطب صديقه مغتاظا:
كل من اكتوى بلهيب الكتابة، عليه أن يعصر أثداء عقله،يجمع حليبه، يمخضه، ويقدم للقراء زبدته، ماعدا الشعراء، تأتيهم الجن بقصائد مترعة بالحسن، و الجمال. ما أسعدكم بعبقركم ! ليتنا كنا بحظكم، و صار لنا عبقرنا الخاص...عبقر السرد. حدجه صديقه باستغراب. لم يسعفه تفكيره في الرد المناسب، فاكتفى بابتسامة ماكرة. انقطع حبل الكلام بينه ، و بين صاحبه الشاعر، فتاه عقله: رأى نفسه على شط جزيرة غريبة. أول ما وقع عليه بصره، كتابة على الرمل، لا يمحوها الموج، و لا تندرس بفعل الرياح : سرديا فردوس السرد وقف يرزح تحت دهشة الاكتشاف العظيم. تجول في ربوعها الخصيبة: نخيل غريب تتدلى منه عرانيس مفعمة ببلح المجاز، و التشبيه، و الاستعارة البكر...أشجار مترعة بفواكه الأفكار البتول...كرم مثقل بعناقيد الأشكال السردية العذراء. تراءى له دولاب صغير، كُتب عليه "دولاب الخيال" . فتحه بلهفة. ذهل لمحتواه. تساءل: - كيف لهذا الدولاب الضيق، أن يتسع لهذا الكم اللامتناهي، من الصور الخيالية، التي لم تخطر على عقل إنس، و لا جان. تعمقت دهشته، عندما، سطع دولاب الخيال، بنور لا مثيل له، فكشف عن الكثير من الموجودات العجيبة، التي كانت مختفية عن الأبصار. همس بذهول كبير: - سبحان من خلق الخيال، و جعله نورا ينكشف به ما استترر! قرر أن يبقي الجزيرة، و كنوزها النفيسة سرا، حكرا على قلمه.سيحير العالم بأفكاره المبتكرة ابتكارا كاملا. سيحول ما اكتشفه إلى ظباء ساحرة، تتراقص في دمن إبداعاته. سيمنح القراء أفكارا جديدة، منسكبة في قوالب سردية لا عهد لأحد بها، لتكون المثل الأسمى لفتوحات إبداعية غير مسبوقة. احتارت عيناه. قطف فكرة جديدة لم يسبق، أن خطها قلم،أو سمعتها أذن.حاول أن يسلكها بخيوط الحبر. ذابت بين أنامله ...تلاشت في عقله.اندهش. جنى من كل شجرة فاكهة، كلها تتبخر ،و تختفي حيث لا يدري. تعززت دهشته. تساءل عن السر الكامن في هذه الفواكه المشتهاة: - كيف السبيل للإمساك بها؟ اعتقد أن هذه الثمار الفريدة، مختومة بتعويذة سحرية، عليه أن يعثر عليها، و يفك شفيرتها، لتصير صالحة للاستغلال. طال به البحث، فقرر أن يأخذ معه دولاب الخيال إلى البيت. وجده ثقيلا، تنوء بحمله العصبة من الرجال الصناديد.تضاعفت خيبته، و تعاظمت صدمته. أحس بيد ترجه بقوة. عاد من رحلته الذهنية. خاطبه صديقه الشاعر: - هنا في الذهن، يكمن كل شيء. لا تبحث عن الأفكار العظيمة في أي مكان...خاصة في الأماكن الوهمية. ابق مكانك، ستمرق أمامك الكثير من الأشياء الرائعة. فقط كن قاردا، على اقتناصها في اللحظة المناسبة. |
هذه قصة رائعة" لم يسبق، أن خطها قلم، أو سمعتها أذن". قصة من الخيال السحري . جمع القاص فيها بين نمطين من الكتابة الحوار والذي يورط المتلقي في البحث اين يصل ذلك الحوار والاهم انه يمنح الحياة لشخوص النص وكانهم يجلسون الى جوار المتلقي وهم يتحاورون. والنمط الثاني الرسم بالكلمات حيث نجد القاص قد نجح في تجسيد صورة جزيرة خيالية وجعلها كانها حقيقة واقعة على الرغم انه لم يتحدث عن مكان واقعي وانما مجرد افكار تدور في ذهن السارد. ثم يعود لاستخدام لغة الحوار من جديد لإيصال الفكرة وهي ان مصدر الإبداع هو الخيال وليس جني من وادي عبقر . طبعا يلاحظ ان القاص يتقن تسخير التراث الديني لمنح نصوصة قيمة عالية وقدرة على التأثير ويلجأ احيانا للتناص مع بعض العبارات او الكلمات من القران الكريم لهذه الغاية . كما انه يستخدم عناصر مهمة من عناصر التأثير مثل استثارة الحواس ( رأى نفسه على شط جزيرة غريبة ) . ولو تعمقنا في تحليلها لوجدناها تشتمل على أكثر من عنصر تأثير بلاغي . قصة جميلة،،، * |
بكل حرفية ,وبإحساس مشبع بالحالة ,استطاع الأستاذ محمد الشرادي أن يعالج هواجس تعتري نفس الكاتب ,عندما يبدأ بتلمس حالة من التصحّر والانحباس والمنع تستبد حتى ليشعر معها أنه ماكتب وماقرأ في يوم حرفا . فنجد بطله محتجاً وغابطاً لمعشر الشعراء الذين تسعفهم شياطينهم أو تكون حاضرة ملهمة هامسة ...
الرحلة التي أذهب الأستاذ محمد الشرادي بطله بها كانت حجته عليه , على الرغم من الدهشة التي أخذنا بها إلى عالم يفيض بالخيال بحيث يتمنى كل من كان له علاقة بالحرف ,مهما كانت سمتها أن يسافر في ذات الرحلة , واقعاً يجمع كل هذا السحر في رأس قلمه ومحبرته ... السحر الأكبر في هذا النص ,,هو العنوان ..بالحقيقة عتبة مدهشة تضع القاريء أمام كم من الأبواب المشرعة للتفسير ,ويعيده أيضاً من نهاية النص إلى المقدمه في حركة التفافية أراد الأستاذ محمد اختبار لياقة ذائقتنا من خلالها .... الأستاذ محمد الشرادي...دام الألق والحرف المبدع ....مازال في نفسي شيء من هذا النص ...ربما بعودة أخرى ..دم مبدعاً |
جوهر الابداع الأدبي] |
اقتباس:
أصبح لوجودك على ضفاف ما اكتب نكهة خاصة. تغوص في اعماق النص و تخرج ما به من أصداف. كما تغوص في نوايا الكاتب للبحث عن مقاصده. اكثر من مرة أفلحت في قراءتك. و صرت أترقب مرورك على كل نص نشرته بالمنابر.لهذا المنتدى ان يفخر بك. لك من القلب ألف تحية. ابق بالقرب أيها الجميل. تحياتي |
اقتباس:
هو الإبداع حالته حيرت الناس و تساءلوا من أين يأتي البعض بكل ذلك الكلام الرائع. فلم يجدوا لذلك جوابا غير نسبة إلى قوى غيبية. هل هو كذلك.؟ أكاد أقول نعم هي أشياء تهجم علينا، بعضها يقيم و بعضها يكون مروره خاطفا. و أكاد أقول لا الأمر يتطلب المطالعة و الحنكة و الاحتكاك مع المبدعين و .... الأمر مبهم ليس فيه حسم نهائي. أشكرك أخي على مرورك المتوهج دائما. تحياتي |
في ثقافتنا ساد اعتقاد ذات فترة أن الشعر هبة من الأولياء الصالحين فترى الشاعر يقدم ذبائحه في موسم وليه ، بل كان لزاما على كل مبتدئ أن يتشيّخ بمعنى أن يكون له شيخ و سيد من الأولياء الصالحين فيحج إلى مقره ويمكث هنالك مدة لا تقل على الثلاثة أيام مع تقديم القربان ومن ثم يعود مطمئنا أن الشعرية لن تخونه يوما ويستمر في هذا التقليد كعربون شكر وامتنان كلما نجح في تقلد منصب شاعر . حتى أنه عندما يفتح موضوعا للمساجلة الشعرية و لم يستطع الآخر فكفكة رمزيته أو مجاراة سياقاته التي تشاكلت عليه هجا خصمه و طعنه في شيخه و سيده وعدم قدرته على منحه جوامع الكلم .
و إلى اليوم لا يزال الكثيرون يؤمنون أن الشعر نوع من الإلهام أو نوع من الموهبة تزرع في الإنسان وليست صنعة يمكن اكتسابها انطلاقا من الممارسة المسبوقة بالرغبة . نص جميل أستاذ محمد وشكرا . |
لطالما كانت الكتابة سحرا غريبا و الشعر سحر أغرب ...
هذا التدفق الغريب الﻻمتناه من الصور و اﻷخيلة التي تنطلق كسيل و ﻻ سبيل لردعها ...! أستاذ محمد ... هنا وصفت رحلة الكتابة و اﻷناني فيها ﻻ يقتنص منها شيئاً.... كالقابض على نور ... و كله سراب! نص جميل ... بورك اليراع |
عمل رائع استطاع فيه الكاتب محمدالشرادى ال ان يمسك بخيوط السرد جيدا ويطوعها لخدمة النص من دون الاخلال بعنصرالتشويق. وما بزيد النص روعة هوان الموضوع مبتكر والكتابة حوله ليست سهلةعادة
شكرا اخى محمد الشرادى |
اقتباس:
يصعب أن نجيب على السؤالين : لكماذا نكتب؟ لماذ نقرأ ؟ إذا ابتعدنا عن الإجابات الكلاسيكية سيكون من الصعب الإجابة عليهما. أشكرك اخي على مواكبو ما اكتب. تحياتي |
اقتباس:
يسعدني دائما مرورك البهي على ما أكتب. تحياتي أيها الجميل. |
اقتباس:
شكرا على مرورك الممتع. تحياتي |
الساعة الآن 11:13 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.