منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   على أطلال الذاكرة.....قصة قصيرة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=14884)

زياد القنطار 10-16-2014 02:09 AM

على أطلال الذاكرة.....قصة قصيرة
 
على أطلال الذاكرة .
[justify]
على حجرٍ قربَ تلكَ الزاويةِ التي اتكأتْ عليها بوابةُ منزلهِ .... كوَّم جسدَهُ الذي أخذتْ منه السنونُ نضارتَهُ ,ومازال ذلكَ المعطفُ العسكريُّ الذي أهداهُ أحدَهُم إليهِ يلفَّهُ وينافحُ عنْهُ عتيَّ قرِّها . أخذَ منْ جيبِهِ الوحيدَ ـ الذي مازالَ يحتفظُ ببطانتهِ ـ علبةَ تبغهِ الحديدية .فتحها, وبرأسِ أصابعهِ راحَ يرمي منها بعضَ عيدانٍ طفت على سطحها .أفردَ ورقةً لفافته بينَ إبهامِهِ وسبابتِهِ ..أودعَ برأسِ أصابعِ يدهِ الأخرى تلكَ الانحناءةَ مايكفي من التبغ لإشباعِهاا ,وبدأ يتأملها ويداعبها بكلتا يديهِ بحرصهِ الدائمِ على أناقتها الموصوفه . بللها بطرفِ لسانهِ. تفحصها واطمأنّ الى اقفالها .دسها بينَ شفتيِهِ وأسلمَ قدرَها لعودِ ثقابٍ ما ملَّت رفقته. أخذ نفساً عميقاً وأطلقَ غيمةَ دخانٍ فوقَ رأسهِ تابعَ ارتسامها وقرأ بها صفحةَ من ذاكرةِ تلك الأيام .
سطرها الأول.. أودعَ بسمةً على قحطِ شفتيه ..!!! .تحْضُرُ أم نايفٍ مقبلةً بجسدها المكتنزِالذي طواهُ الثرى , تحملُ على كتفها جرةَ ماءٍ من تلك العين القريبة ,يرقبُ غنجَ مشيتها المتجاسرِ على التعبِ .تسبقها ابتسامة إليه ..يتقصد أن ترى دخان سيجارته ..! تتمتمُ بجملتها التي طالما أحبَّها رغمَ ماتحمله من تأنيب ...( يقطع الدخان عن وجهك ).... ينزلُ جرتها ويصرُّ أن يروي ظمأهُ من بابها ولا يفلحُ احتجاجها الدائم في كسر عادته ...
في سطر صفحته الثاني... غدوةُ حَصَادٍ إلى تلكَ الحقول ومازالت ركبتاهُ تتحسسان ألماً لم يغادرهما رغمَ مامرَّ من السنين .... رائحة جذورِ الغلالِ التي أنضجها القيظ والمختلطة برائحةِ تراب تلك الأرض مازالت تسكنُ أنفَهُ ..ومع (البرغش) ألف حكاية وحكاية !! يسوق حماره راكباً . خطوات أم نايف لم تكن ببعيدةٍ بحيث يسمعها.. يتبادلان الحديث الذي لا يخلو من آمال المستقبل التي يقربها ويبعدها الموسم وما يجود به ,,تهدي نوادرُ أهل القرية بعضاً من الضحك يعين على تخطي مشقة ذلك اليوم ....تمنى أنه أركبها حماره يوماً وأراحها من تعبِ المسير ..وما كان يحسبُ أن تغادرهُ بهذه السرعةِ..مشرِّعةً لعصف الأيام باباً يحْطِبُ الأخضرَ الندي ... لكان فعل ....!!!
سطور صفحته المتبقيةِ ضجت بشقاوة بناتٍ وصبيةٍ خطّوا على كلِّ حجرٍ في هذا المكان قصةً من قصصهم الطفولية ,كان زغبُ أجنحتهم كفيلاً بألا يبعدهم , ولمْ يلتفتْ يوماً إلى ذلكَ الريش الذي بدأ يكسوها , كانَ حرص ألا يبرحوا حضنَه لينعمَ بدفءٍ غادرَ بمغادرتهم ,,وأسلمَهُ لهذا الصقيع الذي يجوبُ الحنايا .... في غفلةِ الزمن أيقظه جمرُ سيجارته الذي أحرق مابين أصابعه ..رماها ,وانتبه لدمعٍ تحدَّرَ على وجنتيه.. أراد أن يُبرِّدَ به أصابعه المحترقة فكان أكثرَ حرقةً ..[/justify]


البرغش ..... حشرة صغيرة طنينها بالأذن وقرصتها يعلقان بالذاكرة أكثر من تعب الحصاد في يوم قائظ .

مها مطر مطر 10-16-2014 09:25 AM

سلمت يداك قصه جميله معبره يا اخوي

محمد الشرادي 10-17-2014 02:27 PM

أهلا اخي زياد
سفر رائع بين بداية سيجارة و نهايتها. نقله فيه الحنين إلى عوالم تسكن ذاكرته، و إلى ذكريات تستعصي على النسيان.
فالبداية احتراق و النهاية احتراق.و بينهما دموع حسرة حارة. كشاعر عربي عاد إلى الأطلال ليبكي على مشارفها.و يشكو لها لوهته.
نص جميل بلغته البديعة و انسيابه العذب.
دام الألق لقلمك الجميل.
تحياتي

زياد القنطار 10-17-2014 09:36 PM

الأخت مها مطر .
كل التقدير لمرورك ومتابعتك .خالص،الشكر والاحترام

حسام الدين بهي الدين ريشو 10-18-2014 10:01 PM

في السيجارة
أُلِفت كتب ودراسات
وما ترمز اليه
جمر في البداية
ودخان في النهاية
ثم الفناء
قد يبدو الرمز هنا مغاير
ولكنه تعبير
عن مدى الحاجة اليها في لحظات الشجن
التأمل
الحسرة
وهنا وكالعادة
أبدع الأستاذ المتألق / زياد القنطار فيما تناول
خالص التحية
والتقدير
وكن بألف خير

ياسر علي 10-19-2014 10:35 PM

أهلا بالشامخ المتألق الكاتب زياد القنطار

نص هائل ، و قصة قصيرة قوية جدا .

البداية بالحدث الرئيسي مع ربطه بالمكان و بناء شخصية البطل أعطت النص بداية مدوية ، انطلاقة صاروخ .

اللمسة الإبداعية تجلت في إقحام الأطفال و عدم الاقتصار على الزوجة ، هذا أعطى للنص رحابة و وسع آفاقه ، اللمسة الإبداعية تجلت في الإحساس بالذنب من حدث غاية في التأثير ، البطل راكب و زوجته ماشية .

شكرا لكم يا رائد الإبداع .

ياسر علي 10-19-2014 10:35 PM

معذرة فحاسوبي يكرر إرسال التعليق مرتين وأضطر كل مرة إلى الحذف ، لكن هذا النص يستحق أن يكرر التعليق فيه أكثر من مرة .

تحياتي

جليلة ماجد 10-20-2014 06:36 PM

تحاصر الذكريات أصحابها ف تحرق دواخلهم ببطء خانق ...

أ. زياد ...

و تبقى الذكريات كنوزا ﻷصحابها و لغيرهم خرائب ...

مبدع ... أسعدك الله!

زياد القنطار 10-22-2014 01:15 AM

الأستاذ محمد الشرادي .
مرحباً بحرف يضوع عطره أينما حل ,أغبط حرفي وقوفك عليه ,وكم يسعدني أن يلامس منك نقاء الذائقة .
خالص تقديري ومودتي ,دم مبدعاً وارفاً

زياد القنطار 10-22-2014 11:04 PM

الأستاذ حسام الدين .
تكتمل زينة الحرف بمرورك عليه متخيراً له عقداً من ماس،حروفك فتزيده جمالاً.
أشكر لك حضورا ً يبعث السعادة ويستوجب الشكر والتقدير ...خالص المودة

زياد القنطار 10-23-2014 01:11 AM

الأستاذ ياسر علي .
أثمن مرورك عالياً ,وأشكر لك ما أودعت من إطراء على النص وصاحبه .
خالص المودة والتقدير

زياد القنطار 10-23-2014 01:18 AM

الأخت الأديبة جليلة ماجد .
عندما تنزع الروح للمقيل ,فراراً من سطوة واقع يتستهلكها ويقوض سكينتها ,فلا مكان يؤنسها غير رياض الذاكرة .
لك من الذِكريات فرحها ,ومني خالص التقدير والاحترام

ريم بدر الدين 10-27-2014 07:30 AM

مدهشة هذه القدرة التصويرية و كاني اتابع لف هذه السيجارة عبر كاميرا سينمائية او لعلي مشيت برهة الى الحقل معه مرافقة لام نايف
شخوص من لحم و دم تحركت هنا و منحت القصص ايقاعا نابضا بالحياة رغم انه اللوحة كانت عن لحظات الافول
ا. زياد القنطار
كل التحايا و التقدير

زياد القنطار 10-29-2014 02:10 AM

الأستاذه ريم بدر الدين .
في لحظة ما ,تحت سطوة ما ,وصقيع ما .ينطلق الحرف سهماً مرتداً إلى دريئة الذاكرة فيصيب ا منتصف الهدف ,ليس إلا تلمساً للدفء .
لمرورك حديث وعبق الياسمين ....طوقني جميل الحضور خالص التقدير .

[/tabletext]
فاطمة جلال 02-12-2015 06:00 PM

[tabletext="width:70%;"]

وما زالت الذكريات حاضرة في أرواحنا كلما داعبت النسائم ظلالهم
فتتدلى عناقيد الذكريات ترسم فوق جدار الروح تارة آهة وتارة غضة شوق ممزوجة بالحنين
أديبنا القدير زياد القنطار
ما أصعب الذكريات عندما نطلق اليها العنان
فلم سينمائي يمر أمامنا فيحملنا الى عالم أخر
وها هو ما زال يحتفظ بالمعطف العسكري كأنه تراث ومن جيوبه تتفتق الذكريات
وعلبة السجائر الحديدية التي عفا عليها الزمن ربما مملؤة بالصدى كما يعبئ السجائر حويصلات الرئة بدخان أسود حين ينفثه تخرح سحبا من بياض خانق
لكن في نظره هي كنز ثمين
وتلك اللفافة التي يتفنن في لفها مازال ينفث من خلالها سحبا من الذكريات
وعلى اطلال الذاكرة نسج الحرف حكاية رائعة
جعلنا نحلق نحو ازمنة بعيدة بعيدة



كل التقدير



زياد القنطار 02-18-2015 10:12 PM

الأستاذة فاطمة .
عندما تصطك أنياب الحاضر ، ويصفر هجيره ليس أجمل من مقيل في ظلال الذاكرة يبرد الروح ،ويخفف من سطوة الهاجرة .
لما أودعت من جمال خالص التقدير .

ايوب صابر 02-19-2015 10:29 PM

أنا أيضاً اعتقد انها قصة رائعة بلغتها الوصفية التصويرية للمشهد فهي قصة وان كنا نجد فيها حبكة وسلسلة مترابطة من الاحداث تصل بنا الي نهاية ملتهبة ورغم ان الشخصية في القصة محورية لكن الوصف للمشهد هو الذي له اعظم الأثر على المتلقي.
ولا شك ان القصة تشتمل بالاضافة الى أسلوبها ولغتها الوصفية وشخصية البطل المحورية التي نجح الاستاذ زياد في بنائها فجعلها شخصية دائرية الا ان القصة تشتمل على عناصر تأثير لا تقل اهمية منها مثلا أنسنة الاشياء واستخدام التضاد والنقائض والأرقام والألوان والحركة وكلها عناصر لها وقع كبير على ذهن المتلقي وتترك أثرا بالغا .
وربما ان القصة تنتمي الي التيار الحداثي نمط التداعي الحر او ما يسمى بتيار الوعي فعلى الرغم ان زمن القصة لا يتجاوز زمن احتراق سيجارة واحدة ومكانها محدود في زاوية تلك الدار الا اننا نسافر عبر ذكريات بطل القصة الى أزمان غابرة طويله واماكن متعددة نتعرف من خلالها على سلسلة احداث تحكي لنا سيرة حياة بطل النص الغنية بابعادها وصراعاتها المختلفة والمتعددة وصفحاتها التي تمثل كل صفحة منها رواية متكاملة وذلك يؤشر الى مهارة القاص في تسخير الأزمان المتعددة والأماكن أيضاً في خدمة الزمكانية في النص وان يقول الكثير بنص قصير شديد التكثيف .

نص بديع ومحبوك بصورة جميلة وباسلوب وصفي تصويري غاية في الجمال وهو حتما اسلوب سهل ممتنع .
*

ابو ساعده الهيومي 02-20-2015 12:19 AM

.فتحها, وبرأسِ أصابعهِ راحَ يرمي منها بعضَ عيدانٍ طفت على سطحها,
وبدأ يتأملها ويداعبها بكلتا يديهِ بحرصهِ الدائمِ على أناقتها الموصوفه . وأسلمَ قدرَها لعودِ ثقابٍ ما ملَّت رفقته.
,,تهدي نوادرُ أهل القرية بعضاً من الضحك يعين على تخطي مشقة ذلك اليوم
كان يحسبُ أن تغادرهُ بهذه السرعةِ..مشرِّعةً لعصف الأيام باباً يحْطِبُ الأخضرَ الندي ... لكان فعل ....!!!
,كان زغبُ أجنحتهم كفيلاً بألا يبعدهم , ولمْ يلتفتْ يوماً إلى ذلكَ الريش الذي بدأ يكسوها
..رماها ,وانتبه لدمعٍ تحدَّرَ على وجنتيه.. أراد أن يُبرِّدَ به أصابعه المحترقة فكان أكثرَ حرقةً
الاستاذ العزيز زياد
قصتك سماء هذه نجومها
ولن ازيد فمهما تكلمت ومدحت لن استطيع اعطيها حقها
فهي معلقه وفيلم مشاهد مليء بالحركة
ابطالها ليسو بشر بل جمل وحروف

رضا الهجرسى 02-20-2015 02:16 AM

المبدع المتألق .. زياد القنطار
عندما يصل بنا العمر إلى أرذله ..ويقل تفاعلنا مع الحياة ..
نستنجد ونستنهض الذكريات لنشعر بلحظات عشناها وشعرت بنا فيها الحياة ..
وودى وتقديرى لقلمك الرائع ..

زياد القنطار 02-24-2015 03:19 AM

الأستاذ أيوب صابر .
كل الشكر لوقفة أهديت النص من خلالها هذه الإضاءة الوافية ,وسرني هذا التفصيل النقدي الذي أثرى ,وكلي أمل أن يرقى حرفي لسمو ذائقتك ,,وتقبل مني دائماً خالص الاحترام والتقدير .

زياد القنطار 02-25-2015 01:12 AM

أخي أباساعدة .
أنا لا أملك أمام هذا الثناء ,وجمال المرور إلا كلمة شكر ,أرجو أن تفي حضورك خقه ,وأشكر لك حسن ظنك الذي أرجو أن أكون ويبقى حرفي مقارباً له .
عميق شكري وامتناني وخالص الود

زياد القنطار 03-02-2015 03:30 AM

الأستاذ رضا الهجرسي .
ما أكثر أولئك الذين ينسل العمر من بين أصابعهم ,فريميهم القدر على بوابات الوحدة ,فيفرون إلى ذاكرة غضة الظلال والرجاء مقيلاً يبرد الر وح من سطوة الهاجرة ......
مرحباً بالوقفة والمرور ,,,مني خالص الود والتقدير

ايوب صابر 02-20-2016 02:27 PM

ما جديدك استاذ زياد ؟


الساعة الآن 10:58 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team