منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   البياسي و الحداثة! (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=12449)

عبده فايز الزبيدي 11-19-2013 11:03 AM

البياسي و الحداثة!
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، اما بعد :
فقد تابعت مواقف طريفة لشاعر جميل هو محمد البياسي من الحداثة انتقدها بشدة و بظرف لم أسمع بمثل طريقته و لهذا سأنقل لكم بعض ما اتحفنا به و لكن بعد معرفة الحداثة.
فالحداثة كما عرفتها الموسوعة الميسرة للمذاهب و الأحزاب المعاصرة :( مذهب فكري أدبي علماني، بني على أفكار وعقائد غربية خالصة مثل الماركسية والوجودية والفرويدية والداروينية، وأفاد من المذاهب الفلسفية والأدبية التي سبقته مثل السريالية والرمزية… وغيرها.
وتهدف الحداثة إلى إلغاء مصادر الدين، وما صدر عنها من عقيدة وشريعة وتحطيم كل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية بحجة أنها قديمة وموروثة لتبني الحياة على الإباحية والفوضى والغموض، وعدم المنطق، والغرائز الحيوانية، وذلك باسم الحرية، والنفاذ إلى أعماق الحياة. والحداثة خلاصة مذاهب خطيرة ملحدة، ظهرت في أوروبا كالمستقبلية والوجودية والسريالية وهي من هذه الناحية شر لأنها إملاءات اللاوعي في غيبة الوعي والعقل وهي صبيانية المضمون وعبثية في شكلها الفني وتمثل نزعة الشر والفساد في عداء مستمر للماضي والقديم، وهي إفراز طبيعي لعزل الدين عن الدولة في المجتمع الأوروبي ولظهور الشك والقلق في حياة الناس مما جعل للمخدرات والجنس تأثيرهما الكبير........
....الحداثة تصور إلحادي جديد – تماماً – للكون والإنسان والحياة، وليست تجديداً(*) في فنيات الشعر والنثر وشكلياتها. وأقوال سدنة الحداثة تكشف عن انحرافهم باعتبار أن مذهبهم يشكل حركة مضللة ساقطة لا يمكن أن تنمو إلا لتصبح هشيماً تذروه الرياح وصدق الله العظيم إذ يقول: { ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً }.

حسبنا في التدليل على سعيهم لهدم الثوابت أن نسوق قول أدونيس وهو أحد رموز الحداثة في العالم العربي في كتابه فن الشعر ص 76: "إن فن القصيدة أو المسرحية أو القصة التي يحتاج إليها الجمهور العربي ليست تلك التي تسليه أو تقدم له مادة استهلاكية، وليست تلك التي تسايره في حياته الجادة، وإنما هي التي تعارض هذه الحياة! أي تصدمه، وتخرجه من سباته، تفرغه من موروثه وتقذفه خارج نفسه، إنها التي تجابه السياسة ومؤسساتها، الدين ومؤسساته، العائلة ومؤسساتها، التراث ومؤسساته، وبنية المجتمع القائم. كلها بجميع مظاهرها ومؤسساتها، وذلك من أجل تهديمها كلها! أي من أجل خلق الإنسان العربي الجديد، يلزمنا تحطيم الموروث الثابت، فهنا يكمن العدو الأول للثورة والإنسان".
ولا يعني التمرد على ما هو سابق وشائع في مجتمعنا إلا التمرد على الإسلام وإباحة كل شيء باسم الحرية(*).
- فالحداثة إذن هي منهج(*) فكري عقدي يسعى لتغيير الحياة ورفض الواقع والردة عن الإسلام بمفهومه الشمولي والانسياق وراء الأهواء والنزعات الغامضة والتغريب المضلل.
وليس الإنسان المسلم في هذه الحياة في صراع وتحد مع الكون كما تقول كتابات أهل الحداثة وإنما هم الذي يتنصلون من مسئولية الكلمة عند الضرورة ويريدون وأد الشعر العربي ويسعون إلى القضاء على الأخلاق والسلوك باسم التجريد وتجاوز جميع ما هو قديم وقطع صلتهم به.
- ونستطيع أن نقرر أن الحداثيين فقدوا الانتماء لماضيهم وأصبحوا بلا هوية ولا شخصية. ويكفي هراء قول قائلهم حين عبر عن مكنونة نفسه بقوله:
لا الله اختار ولا الشيطان *** كلاهما جدار
كلاهما يغلق لي عيني *** هل أبدل الجدار بالجدار

تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
)

عبده فايز الزبيدي 11-19-2013 11:10 AM

الموقف البياسي الأول:
كل شاعر اليوم يعرّف الشعر انطلاقًا من الزاوية التي هو فيها وانطلاقًا من ثقافته ولون شعره وأسلوبه.
الفقير إلى اللغة والأدوات يقول : الشعر إحساس
والغني باللغة والنحو , المفتقر إلى الشاعرية يقول : الشعر أدوات
والمفتقر إلى الشاعرية واللغة والأدوات يقول : الشعر صورة ومعنى
والمفتقر إلى الموسيقى يقول : هناك موسيقى داخلية
والمفتقر إلى الإبداع والابتكار يقول : الشعر تقليد
والمفتقر إلى الأصالة : يقول الشعر تمرد .
وهكذا ..
.
.
والشعر في الحقيقة .. كــــلُّ ذلك
الشعر معروف
ولا يحتاج إلى كثير " فذلكة "

عبده فايز الزبيدي 11-19-2013 11:12 AM

الموقف البياسي الثاني:
قال في كتابه (أنت و صديقك و الشعر):
( الرمز شيء رائع في القصيدة
ولكنه كالملح ....
قلّته.. تنقص من لذاذة الطعام ....
وكثرته تفسد لذاذة الطعام تمامًا !!)

عبده فايز الزبيدي 11-19-2013 11:14 AM

كتب البياسي في موقفه الثالث:

للتصفيق فقط

سلام

لوجوهٍ تسير في وحدة الصحراء للشرق يلبس
العشب والنارَ سلامٌ للأرض يغسلها البحر
سلامٌ لحبّها... عُرُيكَ الصاعقُ أُعطَى أمطاره
يتعاطانيَ رعدٌ في نهديَ
اختمرَ الوقت تَقدَّمْ هذا دمي أَلقُ الشرق اغترفْني
وغِبْ
أضِعْني لفخذيك الدويّ البرق اغترفني تبطّنْ جسدَي
ناريَ التوجّه والكوكب جرحي هدايةٌ أتهجَّى...
أتهجَّى نجمةً أرسمُها
هاربًا من وطني في وطني
أتهجَّى نجمة يرسمها
في خطى أيامه المنهزمه
يا رماد الكلمه
هل لتاريخيَ في ليلك طفلٌ ؟

.........................


هل فهمتَ شيئاً أيها القارئ الكريم ؟

لا بأس عليك
إذا لم تفهم فأنت متحضّر و مثقف

لأن الحداثة هي هكذا
أن لا يفهمَ الكاتبُ ما يكتب
وأن لا يفهم القارئ ما يقرأ

و لكنْ ..

عليك أن تصفّق

لأن الذي اُلهِـمَ هذه القصيدة العصماء
هو أشعر شعراء الحداثة في النصف الثاني من القرن العشرين.

أدونيس .

وهو اسم وارد في القائمة الطويلة الموضوعة على طاولة جائزة نوبل .
وما زال ينتظر دوره بحسرة
ربما ينتظرون منه أن يشتم العروبة أكثر
وأن يطعن في الاسلام أكثر
لكي يرضوا عنه الرضى الكامل فيتعطفون عليه بالجائزة

لا تنسَ ..

صفّقْ .

عبده فايز الزبيدي 11-19-2013 11:16 AM

ثم قال :
( بئس الشعر الذي أوّله تصفيق ..
وآخره جهنّم !!)

عبده فايز الزبيدي 11-19-2013 11:17 AM

موقف البياسي الرابع:
يًحكى أنّ محتالًا غريبًا ادّعى أنه يستطيع حياكة أثواب لا يراها إلا الصالحون , وسرى الخبر في المدينة , وسمع الملك , فاستدعاه وطلب إليه أن يصنع له وللملكة ثوبين لم يكن مثلهما من قبل , فطلب أموالًا طائلة زعمًا منه أنه سيشتري الأنسجة والآلات اللازمة , وغاب مدة ثم عاد لا يحمل إلا آلات بسيطة فقط , ولم يكن معه من النسيج شيئًا ولكنّ الجميع تظاهروا بأنهم يرون النسيج , لأن أحدًا لا يجرؤ أن يقول إنه لا يراه .. فالنسيج لا يراه إلا الصالحون
ثم تظاهر أنه شرع في العمل في ناحية من القصر ,فكان يحرك يديه ورجليه على آلات الحياكة وكأنه ينسج فعلًا .. فكان إذا مرّ به أحدٌ من جماعة القصر سأله : ما رأيك بالشكل والألوان وكذا وكذا ؟ فلا يستطيع المسؤول إلا أن يبدي إعجابه الشديد , رغم أنه لا يرى شيئًا .. لأن النسيج لا يراه إلا الصالحون ! فإذا قال : لا أرى شيئًا فمعنى هذا أنه غير صالح
وانطلت الخدعة على الجميع , وجاء الملك بحاشيته ووزرائه ليرى الثوبين العجيبين ..
ولكنه لم يرَ شيئًا !!!
فاستحى أن يقول : لا أرى شيئًا , فالجميع يدَّعون أنهم يرون , ولو قالها الملك لعرف الجميع انه غير صالح
فالثوب لا يراه إلا الصالحون
والتفت إلى الملكة وسألها , فارتبكت , ثم تماسكت وقالت : يا الله إنه ثوب بديع .
وصاحت الحاشية والوزراء : نعم نعم إنه ثوب رائع وبديع ,, أحسنت أيها الحائك الخياط !!
ثم جاء يوم الوعد..
يوم خروج الملك والملكة بالثوبين في موكب مهيب أمام حشد هائل من أهل المدينة .
وجاء الخياط الحائك وشرع في إلباس الثوبين للملك والملكة ...
ولكنهما لم يريا ثوبًا ولا نسيجًا .. فبقيا عاريين
ثم خرجا في الموكب
واحتشد الناس
وصعقوا حين رأوا الملكين عاريين من غير ثياب ..
ولكنّ أحدًا - بالطبع- لا يجرؤ أن يقول إنه لا يرى الثوبين
وصفّق الناس خائفين ..
حتى جاءت اللحظة الحاسمة حين صاح طفل صغير من بين الجمهور : الملك والملكة عاريان .
وتشجع الناس حينئذ .. وصاحوا : نعم الملكان عاريان .
حينها شرع الملك والملكة في إخفاء ما بان من عورتيهما ..
وعلما أنهما وقعا فريسة محتال محترف , وحين طلبه الملك كان قد فرّ بعيدًا وسعيدًا بما حصل عليه من جائزة

هذه القصة تنطبق على واقع حالنا الشعري اليوم..
شعراء الحداثة يكتبون كلامًا , هم أنفسهم , لا يفهمونه , وكذلك لا يفهمه الناس ..
وخاصة إذا وصل الشاعر إلى مكانة هيّأتْها له الظروفُ .. والماسونية .
فإذا تجشأ شاعرهم قالوا : الله اكبر ..قصيدة رائعة !
لماذا ؟
لأن أحدهم إذا قال : لا أفهم , فسوف يصفونه بالتخلف والرجعية وعدم مواكبة التطور الهائل في الأدب والشعر .
وسوف يضعونه في آخر الصفّ !
وسوف يصفونه بأنه جاهل , لا علاقة له بالثقافة , ولا علاقة له بالعالمية والأدب العالمي .
.
.
نحن لا نرى أثوابكم أيها المحتالون
أنتم عراة تمامًا أمامنا الآن
وستكونون عراةً أمام الجميع قريبًا حين يقول التاريخ كلمته .

عبده فايز الزبيدي 11-19-2013 11:18 AM

الموقف البياسي الخامس:
استوقف أعرابيٌ الجاحظَ وهو راكب على جمله وقال له : اسمع كيف أقول الشعرَ يا أبا عثمان.
فقال الجاحظ : هات .

فأنشد الرجل :

إنّ داءَ الحبِّ سقْمٌ
ليس يهنيه القــرارُ

ونجا من كان لا يعشق
من تلك المخازي


فتميّز الجاحظ غيظًا من رداءة شعره وقال مغضبًا :
القافية الاولى راء والثانية زاي !!!
فقال الرجل : لا يهم , فلا تنقَّط

فاشتد غضب الجاحظ , وقال :
القافية الأولى مرفوعة والثانية مجرورة !!

فقال الرجل :
يا سبحان الله , يا سبحان الله
أقول لا تنقِّطْ فيُشّكل !!!!

فهوى الجاحظ برأسه على جمله وجعل يبكي ..
فقال الرجل : وما يُبكيك ؟
فقال الجاحظ : استوقفتني هنا
ولو كنتَ في بلدي لأريتُك !

وهذه حالنا اليوم
تقول : القصيدة فيها أخطاء نحوية
فيقول : لا يهم , المهم الإحساس
يا سيدي القصيدة فيها أخطاء لغوية ..
لا يهم .. المهم الإحساس
يا سيدي القصيدة فيها أخطاء عروضية
لا يهم .. المهم الإحساس..
يا سيدي .. التركيب ضعيف والصياغة غير موفقة والصورة غير واضحة والمعنى بعيد ..

لا يهم
المهم الإحساس
أنا اكتب على الورق ما احس به فقط ...


سبحان الله
إذا كان الإحساس ... فقط فقط فقط ... هو ما يميز الشعر عن غيره فإذن عندنا على ظهر الأرض أكثر من 7 مليارات شاعر .. لأن الناس كلهم يحسّون ويشعرون .. وكلّهم يستطيعون الكتابة والتعبير عن مشاعرهم بطرق مختلفة ما دامت اللغة والعروض والنحو ليست من أدوات الشاعر !!!

المهم في الموضوع : الإحساس هههههههههههههههه
وكأن احدًا غيرهم لا يحس ... وهم فقط اصحاب الإحساس.

" فلقتونا بإحساسكم "

عمر مسلط 11-19-2013 02:01 PM

يقول أحد الشعراء الحداثيون في إحدى روائعه :

أراني أصعد إلى الارض هبوطاً ... فيغيب الضوء في عتمة النور ..
حينها .. وحينها فقط ... سأنتظر خروج التين من خاصرة السفرجل ِ ...


ايوب صابر 11-20-2013 06:52 PM

قرات الموضوع بتمعن وكررت القراءة والصحيح انني لطالما كرهت الشعر الغارق في الرمزية والغموض وهي السمات التي تبدوا مرادفة للحداثة كما تشرح المواقف هنا وعلى الرغم من اندهاشي وإعجابي بثقافة وقدرات أستاذي في مادة علم المنطق الدكتور الشاعر عبد اللطيف عقل لكنني طالما مقت شعره الغارق في الرمز والغموض وهو ينتمي في معظم اشعاره الى مدرسة ادونيس او ربما الافضل القول الى مدرسة الحداثة ....

كان ذلك وانا شابا يافعا وقليل الثقافة سطحي المعرفة وقبل ان افكر مليا بموضوع من اين يأتي الشعر وكيف يتشكل وملاحظة ان الناس غير متساويين في القدرات العقلية والقدرة على قول الشعر فقد تبين لي انه حتى ذلك له اسباب موضوعية فقول الشعر ليس خيارا واعيا وانما هو نتاج حالة ذهنية معينة تنشا كنتيجة لظروف معينة يمر بها الشاعر الفرد وغالبا ما يكون العقل اللاواعي هو المسيطر في لحظة ولادة القصيدة .

من هنا أتساءل الا يجوز ان عقل الشاعر الحداثي او الذي يغالي في تسخير الرمز او ربما علي القول الذي يولد عقله شعرا غارقا في الرمز والغموض انما يكتب بلغة كودية تحمل على معاني مستقبلية ؟!

عندما قرات واطلعت عن قرب على سيرة حياة الدكتور عبد اللطيف عقل الذي مات ابوه وهو صغير ثم ماتت اخته ثم تزوجت امه لتغرق في حياتها الجديده وتركته في المنزل المجاور كما يقول يعصف به الوجع والوحدة والوحشة والغيرة عرفت عن قرب حجم الألم الذي اصابه وصنع قدرته على قول الشعر الغارق في الرمزية .

الا يجوز ان العيب فينا نحن المتلقيين وليس في الشعر الحداثي ؟ لان عقولنا لا تعمل بنفس المستوى من الطاقة لان آلمنا صانع طاقات عقولنا يأتي على مستويات مختلفة وبالتالي تختلف القدرات العقلية من فرد الى اخر ؟

الا يجدر بنا وبعد ان تبين لنا من خلال دراسة تاريخ الادب ان لا نستخف او نستهيين باي نتاج إبداعي مهما بدا لنا غريبا عجيبا ومعقدا ؟

كم من مرة رفض العقل الجماعي نتاج إبداعي حال ولادته ثم عاد بعد مئات السنين ليعلو من شانه ويقدره ويمجده ؟

مرة اخرى الا يجوز ان تكون هذه اللغة التي تبدو غريبة عجيبة رمزية والغارقة في الغموض انما هي لغة كودية تحمل على معاني مستقبلية وتحتاج الى عقول تعمل بطاقات بمستوى طاقات العقول التي ولدت تلك الإبداعات ونحتاج الى زمن مستقبلي حتى نستطيع فهمها ؟



*

عبده فايز الزبيدي 11-20-2013 10:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر مسلط (المشاركة 164558)
يقول أحد الشعراء الحداثيون في إحدى روائعه :




أراني أصعد إلى الارض هبوطاً ... فيغيب الضوء في عتمة النور ..
حينها .. وحينها فقط ... سأنتظر خروج التين من خاصرة السفرجل ِ ...

هذه حالة اللاوعي التي تنتج لنا القصيدة الحداثية
و حين يعود صاحبها إلي حالة الوعي سيسخر ممن صفق له و لهرطقاته
قرأت مرة للناقد السعودي أحمد بن عبدالكريم العرفج في طي مقالة له بملحق الأربعاء الخاص بجريدة المدينة
قوله في معرض حديثه عن ديوان أصدره أحد أصدقائه الحداثيين اسمه (عِيْد):
( و أتحدى صديقي عيداً أن يكون هو نفسه يفهم ما قد كتبه هنا...)


شكرا لكريم تفاعلك أخي الكريم.

عبده فايز الزبيدي 11-20-2013 10:55 PM

أخي الأستاذ أيوب!
الحداثة تدعي أنها ثورة على التراث كالدين و القيم و الأعراف و مع هذا و أنت مناصر لها تقول:
(من هنا أتساءل الا يجوز ان عقل الشاعر الحداثي او الذي يغالي في تسخير الرمز او ربما علي القول الذي يولد عقله شعرا غارقا في الرمز والغموض انما يكتب بلغة كودية تحمل على معاني مستقبلية ؟! )
فمعلوم أن الرمز لغة (إشارية أو معرفية) بين طرفين يدركان الحد الأدنى من دلالته
فهو بالتالي ماضٍ أي تراث فكيف يتفق الأدعاء مع التطبيق؟
و بعبارة أفصح لماذا يلجأ الحداثي للأسطورة و يمجدها ما دامت وثنية و يحارب الدين و اللغة مع كونهما تراثا ؟

هل النص الحداثي شعوذة أم تطور؟
ما هي الثقافة التي يمتلكها الحداثيون و لا يملكها سواهم؟

و شكرا لكريم تواصلكم.

ايوب صابر 11-20-2013 11:46 PM

الاستاذ عبده الزبيدي

الحداثه ظاهره واسعة او مذهب متكامل وشامل ويغطي جوانب متعددة وربما ان بعض الشعراء الحداثيون يرون ان الحداثه هي بالضرورة ضد الدين والتراث وانا حتما ضد هذا القول وأنكره.

كما انني لا اقصده في حديثي من قريب او بعيد وانما الذي قصدته هو توضيح ان العقل المبدع يمكن ان يولد نصوص شديدة التعقيد وغارقه في الرمز والغموض على شاكلة بعض قصائد الدكتور عبد اللطيف عقل او أدونيس او غيرهم وحتى بعض قصائد محمود درويش والتي تبدو للمتلقي عبارة عن أحجية او طلاسم لا معنى لها لكنها تكون في واقع الحال نص شديد البلاغة نص متفوق وقد تكون لغة النص لغة كوديه لها معاني لا يمكن فهم او فكفكة رموزها في الوقت الحاضر بل سيلزم ذلك مرور زمن طويل حتى تتفكك هذه الطلاسم ونكون قادرين على فهم معانيها.

كل ذلك لان بعض العقول بغض النظر عن السبب والكيفية تكون قادرة على توليد هذه النصوص المتفوقة شديدة التعقيد . وفي الغالب تكون هذه العقول قادرة على الاستشراف ايضا ويكون أصحابها أيتام او مروا بتجارب غاية في المأساوية.

واتصور ان هذه النصوص تولد في لحظة اشبه بما يعرف بلحظة الوجد حيث يكون العقل الباطن هو الذي يتولى عملية تشكيل النص ولذلك لا غرابة ان يكون الشاعر صاحب مثل هذا النص مجرد أداة ناقلة له وانا اجزم بانه لا يفهمه ولا يفهم مقصده او معانيه حاله في ذلك مثل حال المتلقي وان حاول تفسير النص يكون مجرد اجتهاد او وجهة نظر قد تصيب وقد تكون بعيدة كل البعد عن المعنى المقصود او الذي يحمله النص .

وقد يكون النص غاية في التعقيد الى حد ان كل متلقى من الأزمان المستقبلية المختلفة يرى فيه شيئا جديدا والمهم في كل هذا الذي اقوله يعني ان الدماغ كون غامض وقد تكون مخرجاته غاية في الادهاش وقد تأتي على حال غاية في التعقيد والكودية والغرابة .

فلا يجوز لنا ان نرفضها لأننا نجدها عصية على الفهم والاستيعاب او لأننا نفضل ان يكون النص ضمن الأطر المألوفة والسائدة والمفهومة بالنسبة لنا.

ذلك لا يعني طبعا ان اي كلام يولد من الدماغ هو بالضرورة نص متفوق، فقد تكون بعض النصوص مجرد كلام فارغ مصفوف لا قيمة حقيقية له ولا ينطبق عليه وصف انه كودي ويحمل معاني مستقبلية بل ربما يكون مجرد انعكاس لحالة ذهانية تنم عن حالة مرضية...رغم ان الحكمة تأتي احيانا من افواه المجانين كما يقول المثل الشعبي.

النصوص التي نتحدث عنها هي نصوص تولد كنتيجة لحاله ذهنية يكون فيها العقل الباطن هو مصدر النص ويتم التعبير عن تلك الحالة بلغة كودية رمزية ولغة مركبة بصورة عجيبة غريبة.

وعليه أنا لا أدافع أبدا عن الحداثه بصفتها مذهب يرفض الدين والعادات وانما أدافع عن مخرجات العقول التي قد تأتي رمزية وكودية وشديدة التعقيد وعصية على الفهم وبذلك تصنف على اساس انها مخرجات حداثية .

ايوب صابر 11-21-2013 02:03 PM

مثال على ما قلته اعلاه هذه القصيدة القصيرة والجميلة للشاعر ادونيس والتي اسمها "نبوءة"
للوطن المحفور في حياتِنا كالقَبْر
للوطن المخدّرِ المقتولْ
تَجيءُ من سُباتنا الألفيّ ، من تاريخنا المشلولْ
شمسٌ بلا عبادهْ
تقتلُ شيخَ الرّملِ والجرادَهْ
والزَّمنَ النابتَ في سهوبهِ
اليابس في سهوبهِ
كالفِطرْ
شَمسٌ تُحبُّ الفتكَ والإبادَهْ
تطلعُ من وراء هذا الجسرْ...




وتشتمل على نبوءة وهي حتما معقدة التركيب ورمزية وكودية ولا اظن ان ادونيس نفسه يعرف معناها وهو حتما كتبها في ظل سيطرة العقل الباطن ؟!
وهذه النبوءة ارها قيلت فيما يجري في الشام الان فالشاعر هنا يرى بأنه في زمن قادم على زمن قول القصيدة سوف تأتي:
شمسٌ بلا عبادهْ
تقتلُ شيخَ الرّملِ والجرادَهْ


- وفي تصوري ان المقصود في الشمس هنا قائد كرزمي يكون له شأن عظيم؟ وسوف ينجح هذا القائد على قتل جالوت العصر كما فعل داوود وفي الغالب سيكون هذا القائد يتيم وضعيف ويقتل شيخ الرمل والجراده وفي ذلك كناية عن تجبره وانه يأكل الاخضر واليابس مثل الجراد وسيكون قتله باداة غاية في البساطة على شاكلة حجر داوود.. الذي قتل جالوت.
وبدوره سوف يكون هذا القائد فتاك في حكمه ويرتكب ابادات جماعية :
شَمسٌ تُحبُّ الفتكَ والإبادَهْ
تطلعُ من وراء هذا الجسرْ...


اما من اين سيأتي ؟؟؟ فمن وراء هذا الجسر؟ لكن اي جسر ذلك؟

ولا شك النص غامض ولا يمكن الجزم بمقاصده :
- فهل الحديث عن هذا الزمن ام عن زمن قادم؟
- هل نحن على وشك ولادة قائد كرزمي يكون له شأن عظيم؟
- ومن المقصود بوصف شيخ الرمل والجرادة؟ هل هو قائد معاصر؟
- وهل سيأتي هذا القائد الذي يقتل شيخ الرمل والجرادة من منطقة خلف جسر الشغور؟ ام ان الحديث يجري عن جسر آخر تماما؟ ام ان كلمة ( جسر ) تحمل على معاني مستقبلية لا يمكن ادارك كنهها الان؟
- هل تنبطق هذه النبوءة على هذا العصر؟ ام هي تتحدث عن عصر قادم؟ وربما تظل صالحة لعدة عصور قادمة يظل فيها منطق انتصار الضعيف على الحاكم القوي الجبار قائما؟

في كل الاحوال لا يمكنني اعتبار هذا النص مجرد حالة هذيان ولا قيمة ولا معنى له لانه غارق في الرمزية وعلى اعتبار انه شعر حداثي...

ذلك لان بعض العقول قادرة على توليد نصوص كودية استشرافية قد لا يعي مغزاها حتى اصحاب تلك العقول التي ولدت النصوص؟! ومنها هذه القصيدة.
====

عبده فايز الزبيدي 11-23-2013 03:01 PM

سعادة الدكتور / أيوب صابر!
قرأت بتمعن ما تفضلت به من كريم الرد و وكبير التوضيح حول موقفك من الحداثة تطبيقاتها ، و فهمت أنك تفصل بين الدعوة إليها و الدعوة لقبول ما يحسن منها.
و مما جاء في كلامك :
( ... ذلك لان بعض العقول بغض النظر عن السبب والكيفية تكون قادرة على توليد هذه النصوص المتفوقة شديدة التعقيد . وفي الغالب تكون هذه العقول قادرة على الاستشراف ايضا ويكون أصحابها أيتام او مروا بتجارب غاية في المأساوية.

واتصور ان هذه النصوص تولد في لحظة اشبه بما يعرف بلحظة الوجد حيث يكون العقل الباطن هو الذي يتولى عملية تشكيل النص ولذلك لا غرابة ان يكون الشاعر صاحب مثل هذا النص مجرد أداة ناقلة له وانا اجزم بانه لا يفهمه ولا يفهم مقصده او معانيه حاله في ذلك مثل حال المتلقي وان حاول تفسير النص يكون مجرد اجتهاد او وجهة نظر قد تصيب وقد تكون بعيدة كل البعد عن المعنى المقصود او الذي يحمله النص ...)
و سؤالي : هل هذا الشعر الحداثي نوع من الذي جاء ذكره في القرآن ( و ما علمناه الشعر و ما ينبغي له) أم انه شعر فاق بيان القرآن و إحاطته بالمستقبل ،فجاء على غير معنى الكلمة الإلهية ؟، فالقرآن يقول إن الشعر فن و له علم يتعلمه الراغب فيه و يحكم بجيده و رديئه علماء بهذا النمط الأدبي ، و العلم نقيض الجهل ، فإذا أتانا آتٍ بكلام يدعيه شعرا على غير مقاييس اللغة و معانيها ، و لم يقدم لنا ما يشفع بقبوله أو اعتذر بأنه قاله في حالة لا يدري أكان في الصحو أم المحو قلنا له: لا و لا كرامة!
فهذا حسان بن ثابت رضي الله عنه قال الشعر و جبريل يمده و يدعمه حين دافع عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فما جاء بشيء لم يفهمه أبسط الناس في المدينة.

و قلتَ بارك الله فيك:
(
وقد يكون النص غاية في التعقيد الى حد ان كل متلقى من الأزمان المستقبلية المختلفة يرى فيه شيئا جديدا والمهم في كل هذا الذي اقوله يعني ان الدماغ كون غامض وقد تكون مخرجاته غاية في الادهاش وقد تأتي على حال غاية في التعقيد والكودية والغرابة .


فلا يجوز لنا ان نرفضها لأننا نجدها عصية على الفهم والاستيعاب او لأننا نفضل ان يكون النص ضمن الأطر المألوفة والسائدة والمفهومة بالنسبة لنا.


ذلك لا يعني طبعا ان اي كلام يولد من الدماغ هو بالضرورة نص متفوق، فقد تكون بعض النصوص مجرد كلام فارغ مصفوف لا قيمة حقيقية له ولا ينطبق عليه وصف انه كودي ويحمل معاني مستقبلية بل ربما يكون مجرد انعكاس لحالة ذهانية تنم عن حالة مرضية...رغم ان الحكمة تأتي احيانا من افواه المجانين كما يقول المثل الشعبي...)
مسألة التأويل مسألة لا يختلف عليها اثنان من وجود الاتفاق و الاختلاف ، ولكن الاطلاق بعدم القدرة للوصول لكنه قول القائل ينافي العلم ،فالقران الحكيم فيه المحكم و المتشابه و أمرنا الله برد المتشابه لعلمه و لما جاء في سنة نبيه و إلي أهل العلم:
(هوَ الَّذي أَنزلَ عليكَ الكتابَ منهُ آياتٌ محكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكتَابِ وأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فأمَّا الَّذين في قُلُوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشَابَهَ منهُ ابتِغَاءَ الفِتنَةِ وابتِغَاءَ تأويلِهِ وما يَعلَمُ تأويلَهُ إلاَّ الله والرَّاسِخونَ في العِلمِ يَقولونَ آمَنَّا به كُلٌّ من عند ربِّنا وما يَذَّكَّرُ إلاَّ أُولُوا الأَلبَابِ)، فإذا قال القرآن : لا يوجد كلام إلا و له معبرون ، فكيف نقبل أن من كلام البشر ما تعجز العقول عن فهمه و تأويل غوامضه ، مع العلم أن الغموض الحداثي مقصود و هو عيب و قصور.


و من الإنصاف أن أقول:
إنّ شاعر الحداثة من مثل (أدونيس) يعي ما يقول و يتعمد التعمية كي يجتلب من يندهش بمصطنع اللفظ لقلة خبرته بالقوم أو لكي يجتذب أقلاماً من جنس فكره، و سأتحدث عن هذه النقطة في مضامين تعليقي على ما أوردته من نص (نبوءة) أدونيس.

عبده فايز الزبيدي 12-06-2013 02:33 PM

أخي الكريم /د.أيوب صابر!
و مع تقديري لموقفك المناصر للحداثة و إعلائك لأصحابها ، فيسعدني أن أقول :
إني لا أرى في الحداثة إلا الوثنية من جديد، و أوَّل داعية لتبني الوثنية هو (أدونيس)، و كلُّ نصوصه تذكرني بسجع الكهان و تخليط المجانين، و وجد منا العرب حين لبس جلد اللغة لتحطيم روحِ الدين الإسلامي من صدقه إما خبثاً و إما جهلا و غرارة.
- فالرجل اسمه علي أحمد سعيد و لكنه رأى أن اسماً إسلاميا لا يتوافق مع ديانته العقدية و الفكرية فاتخذ له اسما وثنيا و هو (أدونيس) و - أدونيس اسم إله وثني من معتقدات الفينيقبين بالشام.
أدونيس هذا لم ينفك عن مناصرة ثورة الخميني التي تدعو إلي عبادة القبور و الخمس و المتعة و تحويل القبلة من الحرم إلي قم.
- أدونيس هو الذي بعث الإسرائليات* من مرقدها و أشاعها بين الناس نجده يجر كل مثقف ساذج من مثقفي الأمة الإسلامية العربية إلي الخروج على الدين و القيم و الأعراف .
- أدونيس الداعية إلي الحرية لم ينبس بحرف واحد على النصيرية الوثنيين طائفته في نحرهم للأطفال و حبسهم الرجال و قمع الثورة السورية اليوم ، بل وقف موقفا مخزيا حين ناصر حافظ الأسد و هو يبيد مخيم الزعتر السني و اليوم يخاطب بشار الأسد النصيري الرافضي قاتل الأطفال و مدمر البلاد و العباد بـ (الرئيس المنتخب) ....
إذاً أدونيس و من يعتبره إنساناً ناهيك عن كونه مفكرا أو شاعرا يصدق فيهم قوله تعالى عن فرعون:
(فاستخف قومه فأطاعوه)
ففرعون تأله حين وجد ضعاف العقول و النفوس فألَّهوه و اليوم من يقدم أدونيس فهو واحد من اثنين إما جاهل مغرر به و إما له في تقديمه غرض.

وقبل الخوض في تلك النتفة الأدونيسية أحب أن أورد رأي متخصصين في شأن شعر و فكر هذا الأدونيس :
( ... سئل الشاعر السوري الكبير بدوي الجبل مرة عن أدونيس (في حوار صحفي) فقال: «لقد كان بإمكانه أن يكون شاعراً لو أراد».. لم يفصح بدوي الجبل عما أراده بعبارته: «لو أراد».. ولكن كثيرين فهموا منها أن أدونيس لديه «مشروع» يقضي بتهديم الشعرية العربية المعروفة لأنها من المقومات العربية بالدرجة الأولى، ولأن تهديم هذه المقومات لا بد أن ينعكس سلباً على الفاعل، فإن بدوي الجبل اعتبر أن من شأن إصرار أدونيس على مشروعه أن يحول بينه وبين أن يكون شاعراً، إذ كيف يكون شاعراً من يهدم أسس شعرية العربية؟
وقد سئل الباحث والأكاديمي السوري الدكتور عبدالله عبدالدائم (الذي كان في عداد اللجنة التي ناقشت أدونيس في جامعة القديس يوسف حول أطروحته (الثابت والمتحول) عن رأيه بأدونيس الباحث في قضايا التراث العربي الإسلامي، فأجاب، «لقد كان بإمكانه أن يكون باحثاً جيداً لو رغب هو في ذلك».. وهي تقريباً نفس العبارة التي ذكرها بدوي الجبل عن أدونيس الشاعر، وقد قصد عبدالله عبدالدائم في حكمه هذا أن أدونيس ليس باحثاً مجرّداً وموضوعياً، وإنما هو باحث تحكمه مشاعر وغرائز عميقة في ذاته تحول بينه وبين النظر البريء إلى قضايا التراث والماضي بحكم انتمائه إلى العلويين والجمر الذي يتقد في هذا الانتماء. ...)
**
و لي عودة إن شاء الله للحديث حول نص أدونيس قريباً.
محبتي الدائمة.
_____________________________
* و بعث الإسرائليات هو نهج كل ملحد زنديق في عصرنا الحاضر فمن يقرأ أشعار محمود درويش نجده يقتطع مطولات من التوراة المحرفة في حين انه يستهزأ بالإسلام و رموزه .
**جريدة الرياض في عددها 16466.

عبده فايز الزبيدي 12-09-2013 04:20 PM

سعادة الدكتور / أيوب صابر!
الحديث إلي جالك يشجع المرء على الإطالة فيه و استجلاب ما يطيله عليه من قبلكم ،
و بخصوص النص الذي أوردتَه كشاهدٍ على أن أدونيس ممن يمتلك قدرة غيبية تستشرف الأحداث حين قال:
(للوطن المحفور في حياتِنا كالقَبْر ،للوطن المخدّرِ المقتولْ
تَجيءُ من سُباتنا الألفيّ ، من تاريخنا المشلولْ ،شمسٌ بلا عبادهْ تقتلُ شيخَ الرّملِ والجرادَهْ ،والزَّمنَ النابتَ في سهوبهِ ،اليابس في سهوبهِ
كالفِطرْ ،شَمسٌ تُحبُّ الفتكَ والإبادَهْ ،تطلعُ من وراء هذا الجسرْ...)
فالحق أني قرأته كثيرا و لم أجد فيه غير ترجمة وزنية لما يتشدق به في كلِّ من أن محفل من الإسلام أي الدين هو العائق أمام تقدم العرب فها هو يقول على قناة فرانس 24 حول الثورة السورية اليوم:
(
إن ما يحتاجه العالم العربي اليوم ليس حراكا دينيا كما هو واقع اليوم، لأن الحراك الديني موجود منذ 14 قرنا، بل يحتاج قطيعة معرفية وسياسية مع الحراك الديني، منوها إلى أن بناء الدولة الديمقراطية والحديثة وغير الطغيانية يجب أن يقوم على الاعتراف بحقوق الفرد كاملة بعيدا عن كل أشكال الاستمرارية التي تجعل من غير المسلمين مواطنين من درجة الثانية. يقول أدونيس "لا يمكن أن تضع قانونا واحدا صالحا لجميع المواطنين داخل البلد الواحد إذا لم تفصل الدين عن الدولة".

و سأعود لأقول حرفاً حرفاً ما عناه هذا الأدونيس، إن شاء الله!

عبده فايز الزبيدي 12-20-2013 03:34 PM

أخي الكريم
يقول أدونيس فيما نقلت لنا من كلامه:
((للوطن المحفور في حياتِنا كالقَبْر ،للوطن المخدّرِ المقتولْ
تَجيءُ من سُباتنا الألفيّ ، من تاريخنا المشلولْ ،شمسٌ بلا عبادهْ تقتلُ شيخَ الرّملِ والجرادَهْ ،والزَّمنَ النابتَ في سهوبهِ ،اليابس في سهوبهِ
كالفِطرْ ،شَمسٌ تُحبُّ الفتكَ والإبادَهْ ،تطلعُ من وراء هذا الجسرْ...)
منثور مشعور هذا الحاقد المسكين:
لسوريا القديمة بعباداتها الوثنية و بتأريخها الجاهلي (حيث كانت سوريا قبل الإسلام من مواطن عبادة الشمس و تأليه الكواكب مع عبادة الناس للناس في النصرانية و التصليب) تأتي الشمس المألَّهة قديما لتنتصر لنفسها و عبَّاده ( و أدونيس _ لعنه الله _ منهم) من حقبة ألفية انتشر فيها الإسلام و قامت لتوحيد رب العباد دولة و رجال ؛ فتقتل هؤلاء الموحدين الذين انتشروا كالجراد مبلغين عن رسول الله صلى الله عليه و سلم الحق و العدل و الذي سماه هنا بـ(شيخ الرمل)، النابتين كالفطر في سهول سوريا الممتدة مما سببول لسوريا و لتأريخها الشلل فمنعوها من التقدم و التطور.

فماذا تقول أخي المبارك؟


عبده فايز الزبيدي 01-07-2014 11:07 AM

هل أدونيس وحده يهاجم الإسلام و يتنمى زوال الدين و التدين ؟
لا، فكل الحداثيين يحلمون بذهاب التوحيد و مجيء الوثنية و لكن هيهات هيهات و كيف يصنعون بالجمعة و الأعياد و الحج و العمرة
شهود كثرة أهل الدين و تمسكهم به ، و سأستعرض من كلام الحداثيين شعرا و نثرا ما يدل على أن هدفهم الأسمى ليس خدمة اللغة
و لا المساهمة في رفعة الأدب بل خدمة الشيطان و نشر الترهات و فاسد عقائد الشرق و الغرب:
من أشهر ما يدعو له الحداثي الكفر و العهر و من هذا الاستهزأ بثوابت الدين و القيم و الأمثلة كثيرة و في بعضها غنية عن الجميع:
1. الاستهزاء بالله سبحانه و تعالى:
الله هو اسم الحق الخالق الرازق الذي له ملكوت السموات و الأرض و لم و لن يتسم أحد من المخلوقين باسم الله :

( ...يقول عبد العزيز المقالح الذي هو من روادهم – وبعض الببغاوات لدينا يصفه بنبي الحداثيين - : (( صار الله رماداً ، صمتاً رعباً في كف الجلادين . حقلاً ينبت سبحات وعمائم بين الرب الأغنية الثروة والرب القادم من هوليوود ، كان الله قديماً حباً ، وكان نهاراً في الليل أغنية تغسل بالأمطار الخضراء تجاعيد الأرض )) (28) .

3) ومن الاستهزاء بالله – تعالى – ما قاله الشيوعي الحداثي عبد الوهاب البياتي :
(( الله في مدينتي يبيعه اليهود ، الله في مدينتي مشرد طريد ، أراده الغزاة أن يكون لهم أجيراً شاعراً قواداً ، يخدع في قيثارة المذهب العباد لكنه أصيب بالجنون ، لأنه أراد أن يصون زنابق الحقول من جرادهم أراد أن يكون .. )) (29) .

هل سمعت كفراً واستهزاء وسخرية بالله كهذه السخرية ؟! تعالى الله عما يقول المجرمون علواً كبيراً ثم ما أسم هذا الزنديق ؟ عبد الوهاب !! .

4) أما شاعر المزبلة الفكرية نزار قباني فاسمعه يقول في قصيدة بعنوان أصهار الله :
وهل غلاء الفول والحمص والطرشي والجرجير شأن من شؤون الله ؟!! (30) .
(( ياإلهي … إن تكن رباً حقيقياً فدعنا عاشقينا )) (31) .

5) وشيوعي حداثي آخر اسمه محمود درويش يقول :
نامي فعين الله نائمة عنا وأسراب الشحارير (32) .

6) أما كبيرهم الذي علمهم السحر بدر شاكر السياب فهو القائل :
فنحن جميعاً أموات . أنا ومحمد والله وهذا قبرنا أنقاض مئذنة معفرة ، عليها يكتب اسم محمد والله (33) . ثم يقول : (( وإن الله باق في قرانا ما قتلناه ، ولا من جوعنا يوماً أكلناه )) (34) . تعالى الله وتقدس عن هذا الكفر والنقائص !!! .

هذا غيض من فيض مما ينعق به هؤلاء الملاحدة ثم بعد ذلك يمجدون ويحمدون ويرفع شأنهم ولكن لا عليك فإن ربك – سبحانه – يقول : (( ومن يتولهم منكم فإنه منهم )) سورة المائدة ، آية 51 ...
....
(28) المجلة العربية عدد شعبان 1405 هـ نقلاً عن كتاب الحداثة في ميزان الإسلام للشيخ عوض القرني ص 86 .
(29) ديوانه كلمات لا تموت ص 526 نقلاً عن كتاب الحداثة للقرني ص 93 .
(30) مجلة الناقد العدد 13 سنة 1989 م .
(31) الأعمال الشعرية الكاملة 2/65 طبعة 1983 م بيروت .
(32) ديوانه ص 24 الناشر دار العودة - بيروت .
(33) ديوانه ص 395 دار العودة – بيروت .
(34) ديوانه ص 399 .
) *


وكتب أحدهم تحت عنوان توسيع دائر التفلت عن التدين و الدين ما منه:
(
... من مثالات ذلك ما نجده في بعض كتابات حسن حنفي الذي كتب مايلي :(( فإذا كان القدماء قد حمدوا الله على الكفاية فإننا ... لانحمد بل نتضجر ... ولانثني بل ننقد ، ولا نشكر فلا شكر على واجب ... )) .
ويقول (( إذا كانت بعض المقدمات الإيمانية القديمة تبدأ فقط باسم الله الرحمن الرحيم ، فإننا نبدأ باسم الانتفاضة .. نبدؤها باسم الأرض المحتلة ... باسم النهضة))
ويقول (( كما يستعين القدماء بالله فإننا نستعين بقدرة الإنسان على الفهم ) . ويقول في غلو وصلف(( لاأطلب ثواباً أخروياً ولا جزاء دنيوياً))
**


_____________
*
مقالة لمحمد بن سعيد بن سالم القحطاني - قسم العقيدة بجامعة أم القرى-مكة المكرمة
http://www.saaid.net/Minute/8.htm
** مقالة لـ /
خالد إبراهيم المحجوبي بعنوان :ملامح التأثير الحداثي في الفكر الديني، بموقع الحوار المتمدن:http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=186744


عبده فايز الزبيدي 01-07-2014 12:23 PM

الاستهزأ بالقرآن الكريم:
يجوز للمسلم أن يقسم بالقرآن ؛لأنه كلام الله و الكلام صفة للمتكلم و هو الشفاء لما في الصدور هو النور المبين و حجة الله على العالمين من آخذه نال شرف الدارين و من تركه قسمه الله و أذله ، فما موقف الحداثيين من كتاب الله؟
طه حسين:
(جاء طه حسين بما انطوت عليه نفسه من غلٍّ على القرآن و الإسلام ،... آخذا بذنب آراء الموجهين في فرنسا ، و مديري التعليم الإنجليز بالقاهرة ، فإذا هو يعلن ما استنسخه من كتبهم ،...فكان كتابه ( الشعر الجاهلي) الصيحة الأولى المعلنة لفصل الدين عن الأدب ...وذلك حين أعلن قائلاً:
( للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم و إسماعيل ، و للقرآن أن يحدثنا عنهما أيضاً ، و لكن ورود هذين الاسمين في التوراة و الانجيل لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي ،فضلاً عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة إبراهيم و إسماعيل إلي مكة )*
______
*الانحراف العقدي في أدب الحداثة و فكرها ، د. سعيد بن ناصر الغامدي،دار الأندلس الخضراء ،جدة،ط:1424هـ -2003م، ص:1077 .

عبده فايز الزبيدي 01-09-2014 07:08 AM

محمد أركون:
كتب الدكتور عبدالله عمر الخطيب حول موقف أحد اشهر الحداثيين العرب من القرآن الكريم فقال:
(..وظف أركون دراساته النقدية منذ مطلع السبعينيات من القرن العشرين لإعادة قراءة القرآن الكريم وتفسيره وفق مناهج النقد الأدبي الحديث، فنشر عدة دراسات نقدية وفق المنهج اللساني والسيميائي والتحليلي للقرآن الكريم، ثم نشر جميع دراساته في كتابه الموسوم "قراءات في القرآن" نشر سنة 1982م في باريس، وصدرت منه عدة طبعات، ثم استل منه دراسات، وعمّق البحث فيها ونشرها في كتاب عنوانه "القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني" أعاد فيه قراءة لسانية لسورتي الفاتحة والكهف، وقد بين في مقدمة كتابه الأخير الغاية من الدراسة وفق هذه المناهج "تحليل الخطاب الديني أو تفكيكه يتم لا لتقديم معانيه الصحيحة وإبطال التفاسير الموروثة بل لإبراز الصفات اللسانية اللغوية وآلات العرض والاستقلال والإقناع والتبليغ والمقاصد المعنوية الخاصة بما أسميته الخطاب النبوي"، ولا شك أن هذه الغاية سرعان ما تنهار في ثنايا الكتاب لينقلب الأمر إلى إقصاء متعمد للتفسير الموروث وتقصد إظهاره بصورة تشي بحماقة النص، وإعلاء القراءة الحداثية للقرآن وفق هذا المنهج..)*
و في مقالةة له ذات صلة قال :
(...
سورة الفاتحة نموذجا من الكتاب
يرفض أركون ابتداءً جميع التفاسير الموروثة لسورة الفاتحة، وينبه بأنه لن ينخرط في الخط التبجيلي الذي سار عليه عدد كبير من المفسرين، ولكن هدفه من إعادة التفسير لسورة الفاتحة هو أن تفسيره "أكثر بعدا وعمقا في المساهمة بتشكيل بعد ديني منفتح عن طريق مثال الإسلام ... دون أسبقيات لاهوتية، وسوف يعترض عليّ اللاهوتيون المحترفون زاعمين أنني أريد أن اختزل كلام الله إلى مجرد مشروع أنتربولوجي مهدد بالإغراء الوضعي".
وأسجل على قراءته لسورة الفاتحة جردة من المؤاخذات، أذكر منها:
أولاً: أزال عن القرآن الكريم ثبوته النصي والحرفي والكتابي، فادعى أن القرآن الكريم لم يثبت في عهد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بل بقي الجدل في آياته ثبوتاً ونسخا وحذفا وسقطا حتى القرن الرابع الهجري، في اتفاق بين السنة والشيعة، لئلا تستمر المماحكة فتسقط آياته جميعها، وبهذا القيد الأول من جهته طعن في ثبوت النص الذي يدرسه مما سيمكن أي دارس من رفض قداسة الآيات على اعتبار أنها ربما لم تثبت.
ثانياً: ذكر بثمانية مبادئ ترتكز عليها سورة الفاتحة حال القراءة التفسيرية الكلاسيكية، وينظر إليها على أنها مسلمات ثم ختم المبادئ بتعليقه "ينبغي أن نعلم أن هذه المبادئ الثمانية مارست دورا موجها يتحكم بكل مجالات الفكر العربي – الإسلامي حتى مجيء عهد الأيدولوجيا الاشتراكية – الماركسية، واليوم تحصل قطيعة فعلية مع هذه المبادئ، ولكن غير مرفقة بقطيعة نظرية".
والمشكل أن نعلم أن من هذه المبادئ التي يسعى أركون لخلخلتها، المبدأ الأول: الله موجود، والثاني: لقد تكلم لجميع البشر باللغة العربية وآخر مرة لمحمد، المبدأ الثالث: لقد استقبل كلامه أو جمع في مدونة موثوقة هي: القرآن.
ثالثاً: عند تفسيره الألسني لكلمة "أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم" وظف المنهج الألسني الذي أحال المعنى المقصود في الآية إلى معنى بعيد جدا "إن أداة التعريف لها وظيفة التصنيف
في التراكيب اللغوية التالية:
الصراط المستقيم، الذين أنعمت عليهم/ المنعم عليهم، المغضوب عليهم، الضالين، فهذه التراكيب هي عبارة عن مفاهيم أو أصناف أشخاص محددين بدقة من قبل المتكلم، وقابلين للتحديد من قبل المخاطب، عندما يصبح بدوره قائلا أو متكلما"، وقد ورد في هامش الكتاب ما يؤكد المعنى المراد عند أركون بأن المغضوب عليهم والضالين هم أشخاص محددون في مكة معادون للرسالة الجديدة؛ نأى القرآن نفسه عن ذكرهم بأسمائهم، مستخدما سمة تجريدية عمومية.
رابعاً: إعلاؤه من قيمة التفسير التأويلي/ الباطني، الذي يتيح للقارئ – بحسبه - فضاءات وخيالات يمكنه استكناه بواطن المعنى من النص القرآني لسورة الفاتحة. "النسق التأويلي أو الباطني وهو الأهم"، ومن خلال هذا النسق راح يغرب في تفسير آيات سورة الفاتحة تغريبا صوفيا روحيا لا يمت للقرآن بخيط:
" الحمد لله ... الرحيم .. يحيلنا إلى علم أصول الأنطولوجيا
مالك يوم الدين ... يحيلنا إلى علم الأخرويات
إياك نعبد .. يحيلنا إلى الطقوس والشعائر
إهدنا الصراط المستقيم يحيلنا إلى علم الأخلاق
صراط الذين أنعمت عليهم .. يحيلنا إلى علم النبوة
غير المغضوب عليهم ... يحيلنا إلى علم التاريخ الروحي للبشرية") **

و من آراء اركون هذا عن القرآن:
- (يتكلم عن صحة القرآن و ثبوته باعتباره أنه مجرد فرضية. )***
- ( يصف أركون قصة أصحاب الكهف بأنها أساطير.) ** **
_____________
*مقالة للدكتور عبدالله عمر الخطيب بعنوان (
الحداثيون وقراءة النص الشرعي(1) ،الراصد:http://alrased.net/main/articles.asp...rticle_no=5752
**مقالة للدكتور عبدالله عمر الخطيب بعنوان ( الحداثيون وقراءة النص الشرعي(2)
،الراصد:http://www.alfetria.com/forum/showthread.php?t=1253
*** و *** *
الانحراف العقدي في أدب الحداثة و فكرهان،ص:1117

عبده فايز الزبيدي 01-09-2014 08:08 AM

محمد عابد الجابري:
جاء في كتابٍ له بعنوان: "مدخل إلى القرآن الكريم"، تضمن هذا الكتاب فصلاً بعنوان: "جمع القرآن ومسألة الزيادة فيه والنقصان"، ومما جاء فيه صفحة 232 قوله عن القرآن الكريم: "ومن الجائز أن تحدث أخطاء حين جمعه، زمن عثمان أو قبل ذلك، فالذين تولوا هذه المهمة لم يكونوا معصومين، وقد وقع تدارك بعض النقص كما ذُكر في مصادرنا، وهذا لا يتعارض مع قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}، فالقرآن نفسه ينص على إمكانية النسيان والتبديل والحذف والنسخ.."،

عبده فايز الزبيدي 01-23-2014 02:01 AM

محمود درويش يقول مشابها لنص (نبوءة) :

( و الرمل هو الرمل أرى عصراً من الرمل يغطينا
و يرمينا من الأيام ..
و الرمل جسم الشجر الآتي
غيوم تشبه البلدان
لون واحد للبحرو النوم
و للعشاق وجه واحد
و سنعتاد على القرآن في تفسير ما يجري
سنرى ألف نهر في مجاري الماء
و الماضي هو الماضي ، سيأتي في انتخابات المرايا
سيد الأيام
و النخلة أم اللغة الفصحى
أرى فيما أرى ممكلة الرمل على الرمل)



فمحمود درويش يصف الفترة التي بدأت بدخول بلاد الشام الإسلام و غيرها من بلدان المسلمين هي حقبة رملية تغطينا ، و قرينه أدونيس يصف نفس الفترة بـ( السبات الألفي) ، ودرويش يصف ما جاء به المسلمون الفاتحين(الصحابة) رملا كرمال بلادهم ،نرى أدونيس يصف الصحابة أو ربما من هو سيدهم بـ (شيخ الرمل) فهل هذه مصادفة ، وهل بعد هذا الاستهزأ غاية.


الساعة الآن 11:54 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team