![]() |
صيف حار ...
صيف حار
__________ ألقى نظرة على زوجته يمني النفس بأن يعود إليها في ليلة حارة، تتلألأ فيها حبات العرق على جسد لدن مطاوع، لكنه طرح جانبا أفكاره البوهيمية، لا وقت للحب إلا بعد أن ينجز بحثه العلمي الدقيق المنكب عليه من فترة، وحان موعد تقديمه في صباح الغد. اعتذر بلطف وانسحب للعمل الجاد في غرفة مكتبه، وإذا بصوت يشق سكون الليل كهدير شاحنة تطلق بوقها بأعلى صوت. أحس بارتجاج طبلتي أذنيه، وهذا شتت انتباهه فلم يعد قادرا على التركيز، البوق اللعين مستمرا في عزف نشازه، ولم تفارقه صورة رئيسه الغاضب، حتما لن يرحمه، لن يتقبل منه أي تبرير عن تأخيره، وعلى الأرجح هذا سيتسبب في خسارته الترقية الكبرى الموعود بها. غاضبا مد رأسه من الشباك مناديا سائق (الجيب) المكشوف: - أرجوك، كف عن الضجيج فورا، لكنه تجاهله واستمر في إزعاجه دون أي بادرة اهتمام بالآخرين. " تبا له من سائق غليظ، لم أعد أتحمل الضجيج" قال يتميز غيظا، بدأ يغلي ويتصاعد غضبه، لم يعد قادرا على كبح جماح ثورته وصار هدفه إسكاته، بدون انتباه تناول ثقالة ورق حادة ملقاة على مكتبه، بعنفوان دون تفكير قذفها بقوة عبر النافذة باتجاه السائق.. فأصابت صدغه وأردته قتيلا في الحال.. هرول إلى الرجل يريد مساعدته، لكن لا فائدة لا نفس فيه.. - يا للهول، ماذا اقترفت؟ أزهقت روحا.. وصرت في مصاف القتلة والمجرمين.. عاد إلى بيته يفكر في مصيبته نادبا حظه، لكن ضميره الحي لن يسمح له بالتهرب من جريرة أعماله، حسم الأمر بالاتفاق مع زوجته القلقة بوجوب تسليم نفسه للشرطة، وعليه تم حبسه بضعة شهور لحين صدور الحكم. تبين خلال التحقيق أن القتيل سيء السمعة، وهو مجرم سكير يتاجر بالمخدرات مطلوب للعدالة بتهم سطو مسلح.. استمرت محاكمته عدة جلسات.. ترافع فيها أحد أمهر المحامين، وقامت بتوكيله جهة عمل العالم للدفاع عنه. في جلسة تلاوة الحكم جال بنظره باحثا عن زوجته لكن خاب رجاءه لم تحضر. بالنهاية أدلى القاضي حكمه بصوت متعب، أفاد في حيثيات الحكم أنه لا يوجد قصد جنائي، بل أراد المتهم أن يلفت نظر السائق التعس. بناء عليه ولانتفاء القصد المعنوي فإن الحادث يعتبر قضاء وقدر، وأصدر حكم براءته وإخلاء سبيله في الحال. في طريق عودنه وصلته رسالة من رئيسه مهنئا، منوها شاكرا بخصوص التقرير الذي أنجزه قي السجن وأعلمه عن حصوله على جائزة دولية، وأن منصبه الجديد مازال ينتظر، كادت فرحته تكتمل لولا غياب زوجته المقلق لم ترد على أي من اتصالاته، وعند وصوله البيت لم يجدها بانتظاره لا بل وجدها غارقة في سبات عميق، وقد تخففت من ثيابها.. استيقظت عند حضوره، هبت تعانقه معتذرة.. قائلة: - أهلا بك يا عزيزي.. كنت متأكدة من براءتك، لكن آسفة لم أسطع حضور محاكمتك، فلقد أمضيت ساعات الهجود الليلة الماضية تحت شباك القاضي، أطلق زمارة السيارة بشكل متواصل، وصار لا بد لي من الراحة، تعبت وتخدرت يداي تماما.. تمت: ريما ريماوي. |
كما عودتنا الأستاذة ريما ريماوي قصة قصيرة في المبنى والمعنى كل التحية . |
بذكاءٍ و فطنة استطاعت بلوغ الهدف , لقد داوَتْ الداء بالداء... شرفني أن أكون هنا يا أ. ريما . مودتي |
اقتباس:
قصيرة في المبنى والمعنى.. لم أفهم بالمعنى.. واضح عندك اعتراضات.. هل من الممكن إفادتي بها، هذا وقد عدلت بالنص قليلا.. تحيتي وتقديري. |
اقتباس:
بل الشرف لي أستاذنا الكبير بحسن الحضور.. كنت أتمنى لو سمعت ملاحظاتك ونقدك على النص.. هذا وقد عدلت فيه قليلا.. تقبل مودتي وتقديري واحترامي. تحيتي. |
ليست قصيرة في المعنى ، بل هي قصة بكل ما تحمل الكلمة من المعاني . لم تحتفظ ذاكرتي بكل جزئيات النص الأصلي ، لكن لمست أن النص ازداد وضوحا أكثر . حرارة الصيف تجلت في السلوك الطائش لصاحب السيارة ورد فعل البطل وحكم القاضي و تصرف الزوجة . تحياتي |
اقتباس:
بدءاً أود الإعراب عن إعجابي بفكرة النص، وبهذه الطاقة التخيلية الجميلة. وأعتقد بأن صياغة النص وفق أسلوب القصة القصيرة جداً، قد شذَّبته من بعض الزوائد - لا كلها - وجعلته أكثر حبكة.. مع تحفظي على مسألة إعادتها من حيث التكثيف والاختزال. فوددتُ مناقشة النص لا نقده.. سيدتي الجميلة: مما لا يخفى عليكم أن اللغة الشعرية هي من أهم عناصر نجاح هذا الجنس. لكن اللغة التقريرية في هذا النص.. كانت هي المهيمنة. وهذا لايعني غياب الثيمة الجميلة، والخاتمة غير التقليدية.. التي تُحسب للنص طبعاً. لذا بات علينا التوقف عند الإشكالات التالية: * "استمر".. (فعل ماضٍ) كما هو معلوم.. وأجد أن الجملة ستكون أدق، لو ألغينا فعل "يعد" (المضارع).. بإعادة صياغة الجملة "بإعداد البحث.. . إلخ." مثلاً. ومما يعزز الذي أوردناه.. ما جاء بـ (العُقْدَة) التي أنشأت صراعاً أثار فعل ديناميكية النص بـ "قَذَفَ ثقّالة الورق" كونها جاءت جملة فعلية ماضية. * "وخاب أمله" على اعتبارها واو حال صحيحة، ولكنها فقدت شرعية هذا التصنيف بإسلوب الصياغة. * مما لايخفى على جنابكم الموقر أن "هَجَدَ" تعني "سَهَرَ / نام ليلاً / صلَّى في الليل" وهنا لم أفهم المعنى المبتغى، إضافة إلى ورودها في جملة كانت تحتاج إلى صياغة أتم.. فجملة "ساعات الهجود الليلة الماضية" تشكو من ضعف واضح. * تعبير "يدي على البوق" يستوجب أن يكون الفعل الناقص "ما انفك" الذي يعني "ظل أو واصل" يعود على اليد المؤنثة. * أما "ولا لحظة" فهذا - رغم انه تعبير مجازي - إلا أنه خطأ سردي بائن.. حيث استحالة استمرار ذلك. * لا أجد مبرراً لجملة "وقد خففت ملابسها في يوم قائظ" كونها لاتخدم النص بإضافة أو تنويه. * "صحت عليه" صَحَت على ماذا؟. وأخيراً.. لابد من قول كلمة حق.. هذا النص له أميزية من حيث الفكرة، وخصوصاً الخاتمة. مع أسمى اعتباري أيتها الفاضلة. |
اقتباس:
تحيتي وتقديري. |
اقتباس:
وشكرا جزيلا لك على التنويه حول ما رأيته من أخطاء... يرجى الرد على اسئلتي علما قمت بالتعديل حسبما فهمت.. تقبل احترامي وتقديري. تحيتي. |
ما رأيكم أي النصين أفضل ؟ وهل هو قصة قصيرة أو ق ق ج..
وأي النسختين أعتمد؟ |
الشكر للأستاذ عمر مصلح على ما تفضل به بخصوص النص في صيغته القصيرة جدا . حقيقة القصة القصيرة جدا تحتاج إلى مزيد من التكثيف و اختزال النص يحتاج إلى إعادة الصياغة الكاملة ، لأن الأساليب السابقة وضعت للقصة القصيرة . عندما قلت أصبح النص أكثر وضوحا كنت أقصد أنه نحا جهة التقريرية . ولعل القصة القصيرة تحتاج إلى اللغة الأدبية أكثر لتمنحها نوعا من الغموض المرغوب الذي يساعد على تعدد القراءات من جهة ، ومن جهة أخرى تنمي الملكة الأدبية و تجعل النص وجبة دسمة ترتقي بالذائقة الأدبية . بخصوص المفاضلة بين القصتين أظن أن البقاء للأجود . لكن كل تلك الملاحظات لا تنفي أن العمل الذي تفضلت به و بالخصوص النسخة الأولى كان رائعا . |
هذه لغتي الادبية وانا مباشرة بشكل عام الاستاذ ياسر ...
هي امكانياتي وطبيعة شخصيتي ... لربما لانني لم اتخصص بالأدب، وأنا مثلك رأيتها قصة قصيرة أجمل.. شكرا على ردك. تحيتي واحترامي. |
اقتباس:
سيدتي الجميلة.. طابت أوقاتك * في القصة القصيرة جداً، ابتعاد عن حيثيات واختزال لغوي، وتكثيف صوري، وهذا مالمست بعضه بالمقارنة بين النصين، لذا وجدته بجنس القصة القصيرة جداً كان أرصن. أما الزوائد فهي واضحة بمجرد عودتك إلى النص الأول. * لايخفى على جنابكم الموقر أن اللغة الشعرية، هي من أهم دعامات جنس القصة القصيرة جداً، ولا تغيب أيضاً قي جنس القصة، ولكن بشكل أبسط. لذا يتوجب على القاص أن يرسم الصورة بأقل عدد من الكلمات، ويضغط الجملة بطريقة توصل الصورة، ولا تشوه المعنى. * حقيقة لم أفهم ماذا تقصدين بالديناميكية، في خلط الأفعال.. لأن الحركة الفاعلة لا تستوجب الانتقال إلى المضارعة ونحن نحكي فعلا ماضيا. وهذا يعتبر تشويه للنص. * أما عن "وخاب امله" فان توظيفها صحيح كـ (واو) سببية، ولكن صياغة الجملة أفقدها وطيفتها، مما أربك المعنى. * وعن "هجد" التي وردت في الجملة محور هذا النقاش، فأؤيد مقترحك طبعا، كي تكون الجملة أكثر فاعلية، وتؤدي المعنى الأتم. * "يدي على البوق لم أنفك عنه" ألجملة وفق هذه الصياغة، تعني "ما انفكت يدي"، وهنا كان حري بك أن تقولي "لم تنفك عنه" أما أن يكون مقصدك (أنتِ)، فهذا ممكن في اللهجة الدارجة، أما في النص الفصيح، لايمكن ذلك.. إلا إذا أعدنا صياغة الجملة بالكامل. * "ولا لحظة" هل يمكن أن تكون يدك على المنبه طوال الليل؟. فالسرد - رغم تقبله للمجاز - لا يقبل ذلك، كونه توكيد على فعل مستحيل. * أما عن ملاحظة تخفيف الملابس.. فأقول: طبعا أضحكتني مزحتك وضيَّعت بعض من أفكاري التي كنت أود إيرادها.. لكن ماعلاقة الصيف بالإغراء؟. هل تكون الأنثى أقل إغراءً في الشتاء؟. * وأخيراً نقول أن الجمل البديلة لـ "صحت عليه" كثيرة جداً، ولا تستعصي عليك قطعاً. لكن - حسب اعتقادي - أن هنالك ثمة تسرع في نشر النص. كلمة أخيرة.. أحيي فيك هذه الأناقة والروح الرياضية الرائعة، بالنقاش، ويشرفني التواصل إبداعياً مع جنابكم الموقر. مع باقات ورد.. كعربون صداقة أخوية صادقة. |
اقتباس:
هذا ولقد عدلت النص مرة اخرى.. تحيتي واحترامي وتقديري. |
"إختلاف الرأي لايُفسد للود قضية" بل يضيف أحياناً للقضية ما يجعلها أكثر عمقاً وحيوية. وهذا مالمسته هنا في القصة محور النقاش. أي ان النص صار أكثر سلاسة، وأدق صياغة. حيث أبقت الرائعة ريماوي على الفكرة العامة، وكذلك العقدة والصراع.. وشذَبته من بعض الزوائد. أهنئك أيتها الجميلة على هذا النص الجميل. |
أكيد بنقدكم وتفاعلكم أستمر وأتحسن..
الاستاذ الغالي عمر مصلح أقدر جهدك معي... كن بخير وصحة وعافية... تحيتي واحترامي وتقديري. |
الساعة الآن 03:10 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.