منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   المقهى (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=19)
-   -   حكمة و فرجة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=11759)

ياسر علي 08-21-2013 04:07 PM

حكمة و فرجة
 


غير معقول سيدتي






هو فريد من نوعه ، لم تعرف سياط الزمان إليه سبيلا ، وجهه طفولي وهو ابن السبعين ، لم تجعد الأيام صفحته ، لم يكن يوما بحاجة إلى جراحة تجميلية فأنفه لم يتمدد فهو لا يسعى لحشره في كل شيء ، وأذناه لم يزدادا حجما سعيا لاستقبال كل الأصوات ، بقيت أسنانه حليبية الطراز . أثار زوبعة فضول حين تفطن الطب والإعلام لشخصه ، فلم يجدوا للظاهرة من تفسير ، فنظموا له ندوة صحفية ، ليشرح للناس لعلهم يهتدون إلى طريقة يحافظون فيها على طرواوة أبدانهم .
صحفية تضع نظارتين و قد صبغت شعرها الأشيب ، مددت انكماشاتها بمراهم و خلطات من كل الأنواع ، صبغت نفسها بمساحيق محاولة تقليص حجم الدمار الظاهر على هيئتها في حربها مع الزمن . شنقت الميكرفون بعصبية وقالت للظاهرة : " سيدي الطفل المراهق الشاب الشيخ ، ترى ما سر احتفاظ جسدك بعذريته ؟
فرد عليها صاحبنا : " لا عليك السر بسيط للغاية ، مهما كانت الأفكار غريبة لا تحدث لدي أي انفعال ، فمثلا لو قال لي شخص أن السماء خضراء وليست زرقاء ! أوافقه الرأي بسلاسة ويسر و مرونة .
صرخت السيدة في وجهه بعصبية : غير ممكن وغير معقول سيدي !
أجابها بود : جميل غير ممكن وغير معقول سيدتي .


آية أحمد 08-21-2013 06:02 PM

أوافقك الرأي يا ياسر في أنّ العصبية و الانفعال هما أقصر السبل نحو الترهل والشيخوخة المبكرة
ولكن...
هل تعتقد أن في هذا الزمان من بإمكانه أن يتجنب الانفعال والعصبية؟

أعتقد أنه لا يحافظ على شبابه طويلا إلا من لبس الذل والخنوع ورضي بالعيش إمّعة، يوافق كل الآراء كما هو الحال مع شيخنا الشاب هذا.
أوأنه لبس مسوح الدروشة وعاش كالأبله كأنما لا يسمع ولا يرى.

في كل الأحوال هذا الشيخ الشاب المراهق ليس طبيعيا وهو يعاني خللا إنسانيا ما، لذا فقد خالف البشرية في إحدى المراحل المهمة من الحياة فكان فريدا من نوعه، ولكنها فرادة سلبية كما يبدو.

طرح موفّق يا ياسر، استمعت به وبأسلوبك السلس الجميل.

تحياتي واحترامي...

ياسر علي 08-22-2013 10:53 AM



الأستاذة آية
الوسطية تبقى حلا معقولا و ممكنا ، لا إفراط ولا تفريط ، هناك من يحب الركون إلى الأطراف ، فيبقى على الدوام غريبا .
شكرا لتفاعلك المفيد مع المستملحة .



ياسر علي 08-24-2013 02:00 PM


منطق الرياضيات


كان مهووسا بالأرقام ولا يزال ، تـأسره الأشكال فتترأى له دقائقها ، منظم مرتب و كل شيء عنده بمقدار ، خطوته ، ضحكته ، حياته يخضعها لمنطق رياضي صرف ، يقرأ معطياته قراءة جيدة فيقوده حدسه إلى الطريق السليم بمساعدة قوة الافتراض و القدرة على البرهنة والتحكم في احتمال النجاح ، لا تتعبه متواليات الأحداث فهو عارف بدوالها ، قادر على فك تعقيداتها ، بل هي واضحة في قرارة نفسه رسوما بيانية بدقائق انعطافاتها .
رآه مترجلا من سيارة فارهة فاخرة حديثة الطراز ، طفت صورة تلميذ لا يفقه في عالم الأرقام شيئا لتملأ ناظريه ، تسرب إليه شك مقيت : "هذا أمر غريب ، ترى قطيعة ابستمولوجية وقعت في علم الرياضيات " لمحه الشاب فتوجه نحوه في احترام مبالغ فيه ، ضمه إليه في ترحاب كبير ، وعين الأستاذ تتفحص كل شيء في هذا التلميذ ، فمنطقه الرياضي لا يقبل هذا التحول ، معطيات هزيلة هي بالضرورة مقدمة لنتائج هزيلة ، هكذا تعلم وهكذا يعلم " سأله آخيرا في بسمة توحي بنوع من الغيرة الممزوجة بالغبن و شيء من التعالي : " ما حكاية السيارة و حالك الراقية "
أجابه الشاب بأدب : " أستاذي العزيز ، إنها لعبة الحظ ، شاركت في اليناصيب بالرقم تسعة أضفت لها تسعة فحصلت على سبعة عشر ، و تسعة أخرى فكتبت أربعة وعشرين . ضربت تسعة في تسعة فحصلت على تسعة وسبعين ، طرحت منها تسعة فوجتدها تسعة وستين ، فكانت الأرقام الرابحة ، و لكم يا أستاذي كامل الفضل ، فأنت من علمي العمليات الرياضية و حب الأرقام "
أجابه الأستاذ : " ولكن العمليات التي أنجزتها كلها خاطئة "
فرد عليه التلميذ : " يكفي أنها منحتني عيشا رغيدا "

ياسر علي 08-27-2013 02:48 PM


حكاية خنزير





يحكى أن حاكما جائرا احترف الاستبداد وجعله سنة دائمة ، و كان له خنزير بري يسرح ويمرح ويرتع في حقول الذرة والخضروات ، يفسد الحرث والزرع ، تهامست الرعية عصرا واجتمعوا عشاء ، فقرروا الاحتجاج على منهج الخنزير . لاستحكام الخوف في قلوبهم و تعظيمهم لغلظة حاكمهم فلا أحد يستطيع المبادرة بالكلام أمام الآمر والناهي المخرس لكل الألسن المستبيح لكل الأعراض ، تطوع رجل معروف بشجاعته متسلحا بشهامته قائلا : " إذا قلت خنزيرك سيدي ، فقولوا جميعا أهلك حرثنا وأفسد زرعنا " فاستحسن الجمع فكرته .
صبحا انطلقوا وهم يتخافتون ألا يخذلنهم في قولهم أحد ، و لا يتبرمن عن عهدهم صغير ولا كبير ، وتأكدوا من قدرة صاحبهم على إنجاز البداية والصدح أمام سلطان الخوف ، و جبروت القمع . و صلوا باب الحاكم فكان لهم الحراس بالمرصاد ، يصدونهم صدا فقامت وشوشة فصيحات لم تسكتها إلا هالة الحاكم وقد فتح الحاجب الباب ، فصرخ في وجوههم : " ما هذا ؟ أجئتم بهدية ؟ أم أصابكم العمى و السعار !"
فقال الباسل : " خنزيرك سيدي " فرد عليه الحاكم : " هل أصابه مكروه ؟ " صمت الجميع فرد الشجاع : " خنزيرك سيدي !" فنهره الحاكم : " أفصح وإلا نلت من العذاب شره و أذقتك من الخزي مره و جعلتك صاغرا وضيعا حقيرا " مازال الشجاع ينصت لغضب الحاكم و شره المتطاير حتى حملته الزبانية ، فصدح مستغيثا : " سيدي الحاكم ، لطفك سيدي ، فقد عقد الحياء لساني ، ما أبغي بالخنزير شرا ، فهو حبيبي وقرة عيني ، وقد جئنا مسترحمين جودك ، ومستذرين كرمك ، أن لا تردها في وجوهنا ، فخنزيرك يشتكي وحدته ، و يبكي وحشته ، فهلا تفضلت وأكرمتنا و أنعمت عليه بخنزيرة جميلة ، تشد أزره و تلد له صغارا يديمون نسله ، ودمتم في خدمة هذه الرعية الوفية أبد الآبدين ."
فقال لهم الحاكم :" خلوا سبيله فهو منا أقرب ."


ياسر علي 09-13-2013 11:07 PM

الازدواجية



لا تزال العلاقة الرابطة بين القط والفأر تسودها الغرابة ، فمن جهة يحكمها قانون الغاب ، الذي تؤول فيه الغلبة للقوي ، و من جهة أخرى غريزة البقاء لها محفزات تكسب الأقل حظا في القوة مقومات تجعله يصمد في وجه خصومه . و هناك من يعتقد اعتقادا جازما أن علاقة القط مع الفأر علاقة حب من طرف واحد ، فالقط يموت حبا في الفأر ، فتراه كلما حظي به تبلغ به السعادة مبلغها فيسارع إليه كما تتلهف الطفلة لدميتها ، فيلاعبه و يشاغبه قبل أن يهم بافتراسه وقد فارق الحياة كما لا تتوانى القطة في التهام صغارها متى أصابهم الموت . لعل سلسة طوم وجيري تغرقنا ضحكا و فسحة في عوالم القط والفأر و إن كانت منحازة للفأر رغبة في انصاف الضعيف و الحد من سطوة القوي . مستملحة اليوم لن تخرج عن نطاق القط والفأر رغم كونها تحيلنا على واقعنا و تحكي لنا عن ازدواجية أملتها ظروف الحياة و تكرست بشكل رهيب في أعماقنا وسلوكياتنا .

طارد قط فأرا فجرى وراءه بسرعة البرق و هو متيقن أنه لن يصمد كثيرا ومآله إلى سكتة قلبية لكن الخيبة خيمت عليه وقد استوطن الفأر أنبوبا ضيقا و أبى الخروج منه لساعات ، تمكن منه اليأس و فكر في المغادرة حينما رأى تمثالا لكلب ضخم على مقربة من الأنبوب ، تواراى القط خلف الكلب و أطلق مواء في هيئة نباح ، فانشرحت نفس الفار و هو يقول فوق كل ذي قوة قوي ، وهو يقترب من بوابة مخبئه ، نظر نحو اليمين فلم ير لا قطا ولا كلبا ، فظن أنها خدعة ، والتفت نحو اليسار ليرى تلك المنة التي أرغمت القط على الفرار ، فخرج متبخترا واثقا من نجاته و نجاحه في هذا التحدي ، لكن مالبث أن أحس بمخالب القط تتقاذفه بين أرجل الكلب الجامد ، هناك سلم أمره لخصمه .
بعد أن تناول القط مأذبته الشهية نطق قائلا : ترى هذه البلاد لن تنال فيها لقمة العيش إلا بلغتين و وجهين ؟



ياسر علي 09-21-2013 01:03 AM



رجل و رجل






ليس غريبا عنك ولا عني أن خدعت كما خدعت في تقدير شخص ما في موضع ما وقد كنت تنتظر منه نصرة كما كنت أتمنى منه أن يشد أزري ، و ليس غريبا عني أن شخصا يوما توسم بي خيرا لاقف له موقف رجولة و قد صدق لحن قولي و نمنمة المفردات و كلام المجالس لكن عندما وصلت ساعة الثبات و الضرب بيد من الحق و الوقوف وقفة منتصبة و بهامة مرفوعة ، طأطأت رأسي كما طأطأت رأسك خذلانا و نكوصا و رجوعا إلى الخلف . هي المواقف ليست دائما كما الآمال ، هي الأعمال لا تصل على الدوام مبلغ الأقوال .

صاحت نسوة أرهبهن ثعبان مناديات على واحد من هؤلاء الرجال : النجدة النجدة يا حسان !
جاء حسان على وجه السرعة ملبيا طلب الاستغاثة مستفسرا عن خطبهن و مصابهن فأشرن بأصابعهن إلى ثعبان طويل غليظ اقشعر له بدن حسان تحببا و قام شعره منتصبا فتمتم قائلا :
ـ عذرا هذا ثعبان بحاجة لرجل .


أمل محمد 09-21-2013 09:56 AM

رائعةٌ هذه القصص

كلٌّ منها تحمِل حِكمة ..

استمتعتُ كثيرًا بـ قراءتها

استمر يا أخي ~ ياسر

وسـ أتابع البقيّة بإذن الله ~

ياسر علي 09-22-2013 09:43 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل محمد (المشاركة 157341)
رائعةٌ هذه القصص

كلٌّ منها تحمِل حِكمة ..

استمتعتُ كثيرًا بـ قراءتها

استمر يا أخي ~ ياسر

وسـ أتابع البقيّة بإذن الله ~


الحكمة سليلة قلمك الشامخ و عقلك الراجح و مرورك الساطع
شكرا لك أستاذة أمل محمد


ياسر علي 10-07-2013 06:44 PM

مستملحة العيد

الأسر تستعد للاحتفال بعيد الأضحى المبارك ، الكل يتأهب لتقديم أضحية تليق بسنة خير المرسلين عليه الصلاة والسلام ، الكل يستحضر صبر إبراهيم و عزمه ، ويستحضر قوة إسماعيل و إيمانه عليهما سلام من الله .
في بلدي يتنافس الناس في كل شيء ، من الأثاث المزلي إلى ملابس الأطفال ، منافسة شرسة على اقتناء " الأفضل " منافسة رمزها التباهي و التظاهر في أغلب الأحوال ، منافسة مكلفة ، تجعل رب البيت يعيش على الاقتراض ، عندما يقترب العيد تتصاعد حمى الخرفان ، فكل أسرة تمني النفس بذبح أكبر خروف في حيها ، كي يحس أطفالها بالفخر وهم يحملون قرونا ملتوية عند الذبح ، و هم يجوبون دروب الحي الضيقة ، كل سيدة منزل تترقب وصول السيارة الحاملة للخروف بقلب خفاق ، تراه يكون سمينا هيكله كبير و منظره جميل ، فيحفظ ماء وجهها أمام الجيران و الأقارب أم تجده غير جدير بما تمنته من صفات فتحمل على زوجها مرغمة إياه على استبداله بما تشتهيه .

جاء رجل من هؤلاء الرجال الذين تبطش بهم الخرفان كل عام عند صديقه يشكو إليه حالته .
ـ صديقي ، هل لي عندك حل لضائقتي ، أنا عاطل عن العمل منذ شهور و لا أملك شيئا قيما أبيعه فأشتري لأسرتي خروف العيد .
ـ ويحك كان عليك أن تتفطن لهذا مبكرا ، فأنا منذ شهور و أنا أهيئ الأسباب لنجاح خطتي ، تصور نجحت في إقناع أسرتي بأن اللحم مضر بالكامل ، فنحن الآن نباتيون .



رغم ذلك لا نبخل أبدا في اختيار الأجود
تقبل الله من الجميع


هند طاهر 10-07-2013 07:35 PM


عمره 125 عام وله 300 حفيد وعاصر خمس حكومات على فلسطين:الفلسطيني "رجب التوم" اكبر معمر في العالم.. لم يزر طبيبا ويفطر على الزيتون وغداؤه نصف أرنب يوميا ..


http://images.alwatanvoice.com/news/...9998409925.jpg

غزة- دنيا الوطن-اسامة الكحلوت
رغم أن رجب التوم تجاوز الـ 125 عاما من العمر، إلا أنه ينبض بالحيوية والصحة عندما يتحدث عن حياته ومغامراته ومعاصرته للحكومات التي توالت على فلسطين منذ عام 1900 حتى الان ، ويستذكرها بأدق التفاصيل .

ولد الحاج رجب التوم في جباليا شمال قطاع غزة ، والتحق بالعمل بارض والده كمزارع ثم انتقل للعمل في حيفا مع مهندس المانى كمشرف على العمال منذ صغره ، وذلك لعدم وجود مدارس في تلك الايام التي اضطر فيها للعمل في جباليا وحيفا.

عاصر الحاج رجب التوم، الذي يبلغ من العمر 125 عاما ، ثلاثة قرون، فقد ولد في العقد التاسع من القرن التاسع عشر، وعاش القرن العشرين بأكمله، ومازال يعيش في القرن الواحد والعشرين. و عاصر التوم خمس حكومات تعاقبت على فلسطين، والتي بدأت بالعهد العثماني في فلسطين ومن ثم عهد الانتداب البريطاني على فلسطين وبعد ذلك لدى احتلال اليهود للأرض ومن ثم عهد ضم غزة للمصريين والضفة للأردنيين، وأخيراً عهد السلطة الوطنية الفلسطينية. وبحسب أحفاده فهم يملكون شهادة ميلاد له وشهادة انهائه الخدمة العسكرية في الجيش التركي، ويسعون لإدراجه كأكبر معمر في العالم حيث توثق الأوراق التي لديهم ذلك، والتي تشير إلى أنه من مواليد عام 1885 ميلادية.

ويجلس الحاج رجب متحوطاً بأولاده وأحفاده وأولاد أحفاده الذين يبلغ عددهم الثلاثمائة أو أكثر قليلا، مفتخراً بهم وبعائلته الكبيرة التي رآها تتوسع يوماً بعد يوم وراقب أفرادها يكبرون سنة تلو الأخرى على مدار ثلاثة قرون متتالية .

وشهد الحاج التوم اول مراحل الحكم العسكري على فلسطين قائلا "اول حكم كان موجود في فلسطين هو الحكم العثماني ، وعملت حنديا في صفوفها منذ الثامنة عشر من عمرى ، وكنا نتنقل مع الجنود على الجمال ، ولم تكن في تلك الايام لا سيارات ولا دبابات ولا أي وسيلة مواصلات ".

ويتابع " وبعد سنوات طويلة احتل الانجليز بلادنا وقامت حرب بينهم وبين العثمانيين ، وهرب الاتراك الى بلادهم وسيطر الانجليز على بلادنا بعدما توافدوا عليها في البواخر ، وكانوا يتنقلوا داخل فلسطين بالخيل ، ويحمل كل جندي بارودة".

والحاج رجب الذي يبدو بكامل قوته بالرغم من تقاسيم السنين البادية في وجهه ليس إلا شيخاً عادياً ذو ذاكرة تؤرخ أعواماً وأعواماً من الحروب التي مرت على الشعب الفلسطيني؛ فمن الحرب العالمية الأولى التي شاركت فيها الدولة العثمانية الذي كان يعمل جندياً في صفوفها إلى حرب عام 1948 التي شهدت تشريد الآلاف من الفلسطينيين ولجوئهم في منافي المخيمات مروراً بحرب ال1967 وغيرها من الحروب وصولاً للحرب الأخيرة على غزة التي شهدت أبشع وأعنف أشكال العدوان والقتل.

يتحدث التوم اللغتين التركية والعربية بطلاقة، ويحفظ بعض الجمل من اللغة الألمانية والعبرية والانجليزية، له من الأولاد والأحفاد ما يزيد على الثلاثمائة من أولاده البنين والبنات.

ومن قبل 40 عاما احفاده يقولون لجدتهم " يا ستي روحي لستك".

وكان يغيب عن بيته وأهله في جباليا سنة كاملة يعمل وكيلاً على مال وأراضي الألماني، وكان يصون الأمانة ولم يخنها أبداً وقد سافر إلى تركيا ولبنان وسوريا وليبيا والاردن. وفي سن العشرين تزوج بفتاة من قريته لكنه تركها بعد سنة من الزواج، ولم يشعر معها بالسعادة كما كان يحلم، وبعد أن كان عائداً من عمله مع الألماني مدخراً مبلغا كبيراً من النقود عمر بيتاً له وتزوج بأخرى من أقاربه وهي التي توفيت قبل عشر سنوات تقريبا.

ويسرد التوم تفاصيل بداية الثورة الفلسطينية قائلا لدنيا الوطن " حارب الحاج امين الحسيني والقاوقجى مع المصريين الانجليز وقام بهدم الجسور والسكة ، واقام حكومة فلسطينية بمشاركة المصريين ، وحذرنا الحسيني من بيع اراضينا لأى شخص ليس فلسطيني ، وأمر رب كل بيت فلسطيني بشراء بارودة خاصة له للدفاع عن وطنه ، وبالفعل اشترينا سلاح من تجار الجملة ".

وأضاف " كان مقر الحسيني في القدس واستمر حكمه قرابة ال 15 عاما ، اقام خلالها دولة فلسطينية بمشاركة المصريين ".

ويستذكر ايام الثوار الفلسطينيين حينما كانوا يربطون الكلب بحبل طويل ثم يجرون خلفه عتاد مليء بالبنزين ثم يوقدون البنزين في العتاد، فينطلق الكلب مسرعا في الاحراش القريبة من نقاطع تجمع اليهود هربا من النار فتأتى النار على الارض المحيطة بنقاط تجمع اليهود وصولا اليهم .

وبعدما حرق هتلر اليهود في المانيا بدأوا يتوافدوا على فلسطين كوطن قومي لهم ، وبدات الحروب والتهجير ونكبة 48 وكانوا يخبئون الجنود المصريين في بيوتهم .

ويتابع لحظات النكبة لمراسلنا " اول النكبة هاجروا كل شعبنا وما كان معهم سلاح هاجروا علينا على غزة ،وحسب علمهم انه يومين ويرجعوا لأنه كل واحد معو مفاتيح بيتوا واغراضوا وسكنوا عنا بغزة بدون مقابل وكانوا يرجعوا يسقوا اراضيهم في بلادهم ".

ويستدرك حجم المعاناة " حينما كان يعود اللاجئين لأرضهم ليسقوها كان اليهود يقتلوهم في ارضهم ، وبعدها قتلهم يضعوا الغام تحت ظهروهم وهم ميتين ، حتى ينفجر اللغم في الميت وفى قريبه حين يأتي لتفقده وحمله والعودة به فيموت الثاني ويلتحق بالأول ، حتى استدرك اللاجئين هذه الخطة وبدأوا بسحب اقاربهم عن طريق حبل من بعيد للتأكد من عدم وجود الغام تحته، ثم يحملونه على الاكتاف من بلادهم الى غزة ".

ثم اشترى اليهود 7 طيارات من بريطانيا بداية النكبة وبدأوا بالقصف والنسف طوال فترة الليل ، وقتل العديد من القادة الفلسطينيين ايام النكبة .

وأضاف لدنيا الوطن " كنت في وضع مادى جيد فكنت ادعم الثوار بالمال ليشتروا السلاح والعتاد لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي ، واعطيهم الاكل والشرب ".

واستقر التوم في 20 دونم في غزة كان قد اشتراها بداية استقراره في جباليا ، ويقوموا بحرث الارض على البغال والجمال و يزرع القمح والشعير والذرة الى ان اشترى بابور لحراثة الارض .

وتابع " تزوجت وانا عمرى 20 عاما وكنت قد جهزت غرفة الزفاف بفرشتين جدد واربع وسادات ، ودفعت مهر زوجتي 40 ليرة ، ومن ثم وضعت زوجتى على الجمل وانا امشى جنب الجمل ، وكانت تمشى كل البلد خلفي تزف العروس حتى تصل البيت ، وترتدى قلادة الذهب وبدلة الزفاف هي تنورة وفستان جديد ، وكعادة الناس يطعمها ابوها لمدة 14 يوم عند زوجها لأنه يأخذ نصف حقها من المهر ".

"وزوجتي كانت رائعة جدا ولا عمرها أزعلتني وكانت تروح عالارض تشرف على العمال اللي بيسقوها وما يهون عليها تنبيهى خلال نومى حتى اخذ قسط من الراحة " حسب قوله .
وقد اعتاد الحاج رجب الذي يبدو بصحة جيدة على المأكولات الطبيعية والخضروات الطازجة وزيت الزيتون والسمن البلدي؛ فهو لا يعرف المعلبات والزيوت المصنعة ولا الأكلات الجاهزة وإنما يعيش على “أكلات زمان” التي تحفظ له صحته وتبقيه بكامل قوته، ففطوره زيت زيتون وغذائه نصف ارنب يوميا ويكره المأكولات التي يدخل في عملها زيت القلي.

ولم يزور "التوم" طوال حياته أي دكتور من اجل المتابعة او الشكوى من أي امراض ، سواء اجراء عملية ازالة الحصوة عن الكلى ، ويصلى كافة الصلوات بالإضافة لقيام الليل باستمرار وينبه ابنائه في اوقات الصلوات الخمس .

وتمنى في نهاية حديثه الرحمة من الله وحسن الختام ، وان يعيش ابنائه في سعادة وان ينصر شعبنا على الظالمين ، وان يحل السلام في بلادنا .

وكان كان طلب الزواج من ابنائه قبل فترة طويلة ، ولكنه تراجع عن ذلك بعد وفاء ابنائه بخدماته وتلبية كافة طلباته والمحافظة عليه.

وختم في نهاية اللقاء ببعض الاشعار التي يحفظها

يا رب انا عبدك ولا لي جاه الا انت يا رب ومحمد على الجاه

وان وقعت بين ايدين الظالم استعين بالله

يا قلب ما تختشى الاصل فعل الله

الله يضرك زمان غدار على الصاحب

وايام عزى كل الناس لي صاحب

لما غدرني زمان ما ضل لي صاحب

والصاحب الشين خليه ينقلع ويروح

والصاحب الزين ما تغلى عليه الروح

يمكن يعود الاله ونعاتب الصاحب
http://images.alwatanvoice.com/news/...3910002717.jpg


http://images.alwatanvoice.com/news/...3910002718.jpg

سمحت لنفسي بعبور صفحتك ومشاركتك بهذه القصه الحقيقيه من بلدي

تحياتي

ياسر علي 10-09-2013 12:06 AM



مرحبا بالأستاذة هند طاهر

و مرحبا بالسيد رجب التوم ، أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية حتى يرى فلسطين حرة يسودها الأمن السلام .

مشكورة جدا على مرورك المثمر
كل التقدير




فاطمة جلال 10-09-2013 08:03 PM

https://fbcdn-sphotos-h-a.akamaihd.n...32315890_n.jpg

ياسر علي 10-17-2013 05:19 PM



ما أحوجنا إلى الحكم و الحكماء في زمان يروج لكل شيء سوى الحكمة

الشكر للأستاذة فاطمة جلال





فاطمة جلال 10-17-2013 05:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 160227)

ما أحوجنا إلى الحكم و الحكماء في زمان يروج لكل شيء سوى الحكمة

الشكر للأستاذة فاطمة جلال





سلام الله عليك
الشكر موصول لك أديبنا القدير ياسر

https://fbcdn-sphotos-h-a.akamaihd.n...88401918_n.jpg

فاطمة جلال 10-17-2013 10:50 PM

https://fbcdn-sphotos-g-a.akamaihd.n...72592228_n.jpg

ياسر علي 12-29-2013 06:42 PM

التطفل

من الناس من لا يكبح فضوله فيتطفل رغبة في إرضاء نزوة فضوله الزائد ، أو رغبة في إخفاء عقدة نقص ، فلا يخضع كلامه لميزان الصلاح و العلم والمعرفة بل يتشدق بما يجري على لسانه من أهواء ، لا تخضع لسلطان العقل فيؤمن بأن الأهم هو المشاركة ، و قديما كانت قرية تستقبل عالما عارفا ، ولكون شيخها له من الفطنة ما به يعلم أن التجمعات و الندوات والمحاضرات يضيع جل وقتها في مناقشات جانبية ، فتتشعب السبل في المرافعات دون ضوابط ، خطب في قومه في اجتماع تحضيري لاستقبال العالم قائلا : " أحبتي ، من كان منكم يحسن القول و يملك من العلم ما يجعل العالم يتوسع في عروضه ، و قال فأحسن القول فله مني قرشين ، و من لا يملك علما و لا يحسن قولا و صمت فله أربعة قروش جزاء له على احترامه للعالم والعلم و المجلس و أكثر من ذلك لنفسه . "
ترى الناس يمتلكون الجرأة و يحدون من التطفل على ما لا يحسنون ؟ و يجتهدون في إتقان أعمالهم ؟ أم أن حضارة اليوم تؤمن بالسواسية مع وجود الفارق ، أم أن التواصل أضحى لعنة العصر فترى الناس يمتهنون الطب و السياسة والهندسة والقانون والدين و كل التخصصات في مجالسهم . أينك ياشيخ تسكت فينا الفضول ؟ و تقمع فينا هذه الميوعة التواصلية ! نكتة اليوم لن تخرج عن هذا الإطار .



أسرة ضحوكة ، تزغرد ألسن أبنائها نكاتا ، يتنفسون المستملحات ، يبدعون فنون الكلم ، يزرعون البسمة في الحروف ، و يزاوجون اللفظة بالدعابة ، يحيكون الجمل بخيط من سرور ، و لما غزر إبداعهم دونوه في مجلد يحمل أرقاما للأبواب والفصول والمواد ، فكان يكفيهم أن يذكروا رقما لتتوالى القهقهات ، فنقلوا سحر الحروف إلى الأرقام .
جاءهم ضيف فتعجب من هذا الذي يضحكهم ، مجرد أرقام تولد في نفوسهم الانشراح ، و في غفلة منهم صدح لسانه برقم اعتباطيا ، فساد الصمت الرهيب و أخفت النساء وجوههن بين أيديهن ، و حنحن الرجال ، و هرب الأطفال و الخجل يعتصر وجوههم .

ياسر علي 01-19-2014 03:08 PM

الفعالية

لا تستقيم الفعالية و أنت ترجو ما لم تكدّ من أجله ، فكثيرا ما نحس نشوة و نحن نحصل على مراد جاءنا عطية و هبة . بل تكاد هذه الظاهرة تستوطن أفكارنا في غياب العطايا ، فكم شخصا أهمل نفسه و مستقبله و حياته و تجده مرتاح الضمير ، مؤمنا بالغد الأفضل ، فإن لمّحت له بسوء فعلته ساق لك من التبريرات الكثير ، بأن حالته ستتغير لا محالة ، وأنه فقط ينتظر الوقت الملائم ، والظرف المناسب ، والفرصة المواتية . و كلها تبريرات جوفاء لا أساس لها فالظرف و الوقت والفرصة نحن من يصنعها و لا تأتي من فراغ ، فما أمطرت السماء يوما ذهبا و لافضة .
كم مرة يحس الإنسان أنه يصلح أخطاء ماضيه و يستهلك الكثير من وقته وجهده في سبيل إصلاح ما أفسده بعجزه و تكاسله في حينه ، و كم مرة تحس أنك تدفع ثمن أخطاء أبيك وربما جدك وهكذا ، فتستهلك الكثير من قدراتك و مقدراتك لإصلاح هفوات الماضي . لا أعتقد أن التخلف خارج عن نطاق الاستهتار والتسويف و القبول بالترقيع تجنبا للاجتهاد المضني و استلطافا للراحة والجمود . أحيانا أعجب لدولنا التي تقترض قروضا طائلة دون أن يكون مجال استثمارها لتوليد الثروة ، بل فقط لإهدار المال أو حفاظا على السير العادي الأعرج الذي تتبناه الحكومات المعتمدة كلها على سياسة الترقيع ، والتي ينتشر في مخططاتها اقتصاد الريع و إخماد التنافسية و التربية على التقاعس . فتكون بأفعالها تلك لا تفسد الحاضر فحسب بل ترتهن مستقبل الأجيال القادمة .

مستملحة اليوم ستكون على منوال هذا الطرح


تقدم واحد من هؤلاء جالسا على كرسي في مطعم يقدم ما لذ و طاب من الأطعمة ، فأكل مسرفا في ملء بطنه و مستمتعا بشراب يذهب آخر ما تبقى من فطنته التي ذهبت بها البطنة .
غسل يديه و هو يمشي بخيلاء باتجاه الباب ، فأوقفه النادل مستفسرا عن النقود ، تعجب من هذا الذي يحدث ، فذكره بمحتوى اللافتة على باب المطعم : " ادفع فاتورتك ، و إن كنت لا تملك فلا بأس ، أبناؤك سيدفعون عندما يرشدون "
نظر إليه النادل مبتسما :" أنا لم أسألك عن دفع فاتورتك بل فاتورة والدك ."

ياسر علي 07-13-2016 05:24 PM

سكّرهم و سكّرنا


ذات يوم قال الطّبيب لجدي رحمة الله عليه "طاح سكّرك" أي أن مقدار السكّر في دمه قد تضاءل ، جاءني جدّي و الخيبة تعلوه ، يا بنّي ، بيني و بين السّكر أحقاب يا ولدي ، ما سقطت منّي و لو قطعة ، و لا كسرت قالبا منذ زمان لتصيبني لعنة السّكر ، حاولت أن أشرح لجدّي ما يعنيه الطبيب فردّ، أنت أيضا لا تصدّقني كما الطبيب رغم أنّني حلفت له ، و الله يا بنيّ لم تسقط منّي قطعة سكر واحدة ، وأنت تعلم هذا .
في الغالب المصابون بالسّكري تزداد عصبيتهم كثيرا ، إلى درجة أنّهم لا يتحكمون في غضبهم ، يوما دافعت عن أحدهم و قلت لغريمه ، لا تأخذ كلّ ما يقول على محمل الجدّ فصاحبك فيه سكّر ، ردّ عليّ بغضب ، أنا بي شاي و نعانع ، فآن الآوان لتشرب كأسا معتّقة . هي العصبية موضة العصر ، كما السخرية و السّكري ، صديقي جاء من بلاد الغرب ومن إيطاليا تحديدا ، وضعت أمامنا صينية الشاي ، فاجأني ، أريده بلا سكّر ، كنت أعتقد أنّ الأمراض هناك لن تجد إلى أجسادهم سبيلا ، كما اعتقدت أن سكّرهم لن يشبه سكّرنا ، فلربّما تحولت عصبيّتهم إلى ضحك مجنون ، من يدري ، و ربما تعلّموا التّحكّم بأعصابهم كما نسبة سكّرهم ، لكنّ صديقي هذا ، لم تتغير طباعه ، فلا يزال عصبيّا كما كان و ربّما ، أضيفت إلى عصبيّته بعض رفعة تثير عصبيّتي و ما أحبت لواحد من أصدقائي أن تتسلل إلى شخصه ، يحكي صديقي عن خصام حدث له مع أحد الزبناء مثله و هما يسرعان نحو التّاكسي ، تحاورا وتناقشا . هناك في الغرب يتصايح النّاس و يقولون ما في جعباتهم دون تحرّج ثم يذهب كلّ إلى حال سبيله و لا يستعمل أي منهما شرع يديه ، هكذا فعل مع زميله في التّاكسي لكنّه تفاجأ بنزول لكمة غريمه على أنفه فغاب عن الوجود و ما كان ليستفيق لولا أن عطّره أحدهم بالرّيحة ، كاد الضّحك يغلبني عندما قصّ عليّ مصابه ، فعرفت أن الغرب علّم صديقي بعض السذاجة أيضا ممزوجة بالسّكر .
عافانا الله و إياكم من شرور الحلاوة ، و يومكم سكّر على سكّر .


الساعة الآن 09:18 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team