منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1158)

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 11:13 AM

أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما
 
عائشة بنت أبي بكر عبدالله بن أبي قحافة من قريشي من بني تيم ,

( 9 ق . هـ - 58 هـ ) الموافق ( 613 - 678 م ) .

ورسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش من بني عبد مناف , أي أنهما من قريش ولكن

من بطنين مختلفين .

وأم عائشة , رضي الله عنها , هي ( أم رومان ) بنت عامر بن عويمر

وهي كنانية وليست من قريش .

ولدت عائشة رضي الله عنها في السنة التاسعة قبل الهجرة وعقد عليها رسول الله صلى الله

عليه وسلم بعد وفاة خديجة رضي الله عنها , قبل الهجرة بثلاث سنوات , أي أن العقد على

عائشة رضي الله عنها وهي بنت ست سنوات , وكانت قد خُطبت لجبير بن المطعم بن عدي

قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأن خولة بنت حكيم زوج عثمان بن مظعون هي التي

عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم , هذا الزواج بعد وفاة خديجة رضي الله عنها

وقد عاشت السيدة عائشة رضي الله عنها مدة طويلة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه

وسلم , إذ توفيت سنة ( 58 هـ ) في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ,

ولم تنجب عائشة , رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

وعائشة رضي الله عنها , هي الفتاة البكر الوحيدة التي تزّوجها رسول الله صلى الله عليه

وسلم وكانت الغاية من زواجها زيادة أواصر الموّدة مع صديقه أبي بكر الصديق , رضي الله

عنه , الذي قدّم وضحّى الكثير من أجل الدعوة الإسلامية .

وُلدت عائشة رضي الله عنها في الإسلام وكانت تقول : لم أعقل أبوي َّ إلا وهما يدينان الدين

( أخرجه البخاري ) وأسلمت أمُّها قديما ً , وهاجرت , وتوفيت في المدينة

سنة ست ٍّ للهجرة .

وتصف لنا رضي الله عنها , يوم أُدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم , فتقول : تزوجني

النبي ّ صلى الله عليه وسلم , وأنا بنت ست سنين , فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث

بن خزرج , فوعكت فتمزّق شعري فوفى جميمة , فأتتني أمي أم رومان وإني لفي أرجوحة

ومعي صواحب لي , فصرخت بي فأتيتها , لا أدري ما تريد مني , فأخذت بيدي حتى أوقفتني

على باب الدار , وإني لأنهج حتى سكن بعض نَفَسي , ثم أخذت شيئا ً من ماء ٍ فمسحت به

وجهي ورأسي , ثم أدخلتني الدار , فإذا نسوة من الأنصار في البيت , فقلن : على الخير

والبركة , وعلى خير طائر , فأسلمتني إليهن ّ , فأصلحن من شأني , فلم يرعني إلا رسول

الله صلى الله عليه وسلم , فأسلمتني إليه , وأنا يومئذ ٍ بنت تسع سنين ( متفق عليه ) .

قالت رضي الله عنها : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( رأيتك في المنام , يجيء

بك المَلَك في سَرَقة ٍ ( قطعة ) من حرير , فقال لي : هذه امرأتك . فكشفت عن وجهك ,

فإذا هي أنت , فقلت : إن يك ُ هذا من عند الله يُمضِه ) . ( متفق عليه ) .

وفي رواية للبخاري : ( أُريتك في المنام مرتين ) , وفي رواية لمسلم :

( أُريتك في المنام ثلاث ليال ٍ ) . هذه الرؤيا المتكررة للنبي صلى الله عليه وسلم , يعني

بأن الزواج كان بأمر من الله تعالى لأن رؤيا الأنبياء وحي من الله .

وعائشة رضي الله عنها , هي البكر الوحيدة التي تزّوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقد راعى صغر سنّها , وقد وصفت رضي الله عنها هي ذلك فقالت : كنت ألعب بالبنات

( لعب على شكل بنات ) عند النبي صلى الله عليه وسلم , وكان لي صواحب يلعبن معي ,

فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم , إذا دخل يتقمّعن منه , فيُسَربُهُن َّ إلي ّ فيلعبن معي

( متفق عليه ) .

وفي حديث أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم , بعد قدومه من غزوة تبوك أو خيبر سنة

( 7 أو 9 من الهجرة ) كشف الستر على بنات ( لُعب ) لعائشة رضي الله عنها فقال :

( ما هذا يا عائشة ؟ ) قالت : بناتي , قالت : ورأى فرسا ً مربوطا ً له جناحان , فقال :

( ما هذا ؟ ) قلت : فرس , قال : ( فرس له جناحان ؟ ) قلت : ألم تسمع أنه كان لسليمان

عليه السلام , خيل لها أجنحة ؟ فضحك . النبي صلى الله عليه وسلم

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 11:27 AM



وكانت عائشة أحب الناس إليه , صلى الله عليه وسلم , وكان يُصرح بذلك إذا سئل , وهذا ما حدث عندما سأله عمرو بن العاص رضي الله عنه

إذ قال : قلت : أي الناس أحب ّ أليك ؟ قال صلى الله عليه وسلم : ( عائشة ) , فقلت من الرجال ؟ قال : ( أبوها ) ( متفق عليه ) .

ولقد بات هذا الحب لعائشة معروفا ً من قِبل الصحابة , فإذا كان عند أحدهم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله , صلى الله عليه وسلم , انتظر حتى

إذا كان في بيت عائشة بعث هديته إليه .

قالت عائشة , رضي الله عنها : فاجتمع صواحبي ( يعني زوجات النبي ) إلى أم سلمة , فقلن : يا أم سلمة , والله إن الناس يتحرّون بهداياهم يوم عائشة

وإنا نريد الخير كما تريده عائشة , فمُري رسول الله , صلى الله عليه وسلم , أن يأمر الناس أن يُهدوا إليه حيث كان , أو حيث ما دار

قالت : فذكرت ذلك أم سلمة للنبي ِّ , صلى الله عليه وسلم , قالت : فأعرض عني , فلما عاد إلي َّ ذكرت له ذاك , فأعرض عني , فلما كان

في الثالثة ذكرت له , فقال : ( يا أم سلمة , لا تؤذيني في عائشة , فإنه والله ما نزل علي ّ الوحي وأنا في لحاف امرأة ٍ منكن غيرها ) ( أخرجه البخاري ) .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 11:46 AM



كانت السيدة عائشة رضي الله عنها أكثر نساء الأمة فقها ً , وأعلمهن على الإطلاق , وكان كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرجعون

إلى قولها ويستفتونها .

وكانت على ذكاء كبير وقد أتاحت لها ملاصقة حجرتها للمسجد أن تكون على صلة دائمة بخطب الرسول , صلى الله عليه وسلم وأحاديثه وأحكامه

تحفظها , وتسأل عما غاب عنها , وكانت على معرفة بأسباب نزول الآيات , ومناسبات ورود الأحاديث , الأمر الذي يَسّر لها ملكة فقهية ً قل ّ نظيرها

وكانت عائشة , رضي الله عنها , امرأة بيضاء جميلة ً , ومن ثَم َّ يقال لها : الحُميراء , ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بكرا ً غيرها

ولا أحب امرأة حبها , ولم تنجب له .

ثم هي أطول نسائه صبحة ً له , صلى الله عليه وسلم , وهذا يدل ُّ على كثرة الأحاديث التي روتها بالنسبة إلى بقية نسائه .

روت عائشة رضي الله عنها : 2210 أحاديث .

روت أم سلمة , رضي الله عنها : 378 حديثا ً .

روت ميمونة , رضي الله عنها : 76 حديثا ً .

روت أم حبيبة , رضي الله عنها : 65 حديثا ً .

روت حفصة , رضي الله عنها : 60 حديثا ً .

روت صفية , رضي الله عنها : 10 أحاديث

روت زينب بنت جحش , رضي الله عنها : 9 أحاديث .

روت سودة بنت زمعة , رضي الله عنها : 5 أحاديث

روت جويرية بنت الحارث , رضي الله عنها 5 أحاديث .

وأضافت عائشة رضي الله عنها إلى ذلك معرفة بالشعر , والأنساب , والطب , حتى كان عروة بن الزبير وهو ابن أختها أسماء

يتملكه العجب من إحاطة خالته عائشة رضي الله عنها بهذه العلوم كلها , فيقول لها متعجبا ً : إني لأتفكر بأمرك فأعجب , أجدك

من أفقه الناس , فتقول : ما يمنعني ؟ زوجة رسول الله وابنة أبي بكر , وأجدك عالمة ً بأيام العرب , وأنسابها وأشعارها

فتقول : وما يمنعني ؟ أبي علاّمة قريش .

ولكن إنما أعجب أن وجدتك عالمة ً بالطب , فمن أين ؟ فتُجيب السيدة عائشة , رضي الله عنها , فتقول : يا عُرّية

إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثر من أسقامه , فكان أطباء العرب والعجم يصفون له فتعلّمت ذلك .

قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - ما أشكل علينا - أصحاب رسول الله - حديث قط , فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما ً ( أخرجه الترمذي )

قالت عائشة رضي الله عنها : لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم على باب حجرتي , والحبشة يلعبون بالحِراب في المسجد , وإنه ليسترني بردائه

لكي أنظر إلى لعبهم , ثم يقف من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف , فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن , الحريصة على اللهو .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 12:57 PM



شأن الإفك :


كان في غزوة بني المصطلق سنة 6 هـ .

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد سفرا ً أقرع بين نسائه . فأقرع في غزوة بني المصلطق

فخرج سهمي , فخرجت معه بعدما نزل الحجاب , وأنا أُحمل في هودج ٍ , وأُنزل فيه , فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك

وقفل , ودنونا من المدينة , آذن ليلة ً بالرحيل , فقمت حينئذ ٍ , فمشيت حتى جاوزت الجيش . فلما قضيت حاجتي , أقبلت إلى رحلي , فإذا عَقْد لي

من جَذع ظَفَار قد انقطع , فالتمسته , وحبسني التماسه , وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي , فاحتملوا هودجي , فرحلّوه على بعيري

وهم يحسبون أني فيه , وكانت النساء إذ ذاك خِفافا ً لم يُثقلهن اللحم , إنما يأكلن العُلقة من الطعام , فلم يستنكروا خِفة المَحْمِل حين رفعوه

وكنت جارية حديثة السن , فبعثوا الجمل وساروا , فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش , فجئت منازلهم وليس بها داع ٍ ولا مجيب ,

فأممت منزلي الذي كنت فيه , وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي ّ فبينا أنا جالسة غلبتني عيني , فنمت .

وكان صفوان بن المُعطَّل السُّلمي , ثم الذكواني من وراء الجيش , فأدلج , فأصبح عند منزلي , فرأى سواد إنسان نائم ٍ , فأتاني ,

فعرفني حين رآني , وكان يراني قبل الحجاب , فاسترجع , فاستيقظت باسترجاعه حين عرفت . فخمّرت وجهي بجلبابي , والله ما كلمني

كلمة ً , ولا سمعت منه كلمة ً غير استرجاعه , فأناخ راحلته , فوطئ على يديها فركبتها , فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش

بعدما نزلوا موغرين ( شدة الحر ّ ) في نحر الظهيرة , فهلك من هلك في َّ وكان الذي تولى كِبر الإفك عبدالله بن أُبي بن سلول .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 01:16 PM



فقدمنا المدينة , فاشتكيت شهرا ً , والناس يُفيضون في قول أهل الإفك , ولا أشعر بشيء ٍ من ذلك , ويَريبُني في وجعي أني لا أعرف

من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي , إنما يدخل علي ّ , فيسلّم , ثم يقول : ( كيف تيكم ؟ ) .

ثم ينصرف ( فذلك الذي يربيني ) ولا أشعر بالشر ّ , حتى خرجت بعدما نقهت , فخرجت مع أم مِسطَح قبل المناصع , وهو مُتبَّرزنا .

وكنا لا نخرج إلا ليلا ً إلى ليل , وذلك قبل أن تُتَّخذ الكُنُف قريبا ً من بيوتنا , وأمرنا أمر العرب الأول من التبرُّز قبل الغائظ , وكنا نتأذى

بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا . فانطلقت أنا وأم مسطح بنت أبي رهم بن عبد مناف , وأمها ابنة صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق

وابنها مسطح بن أُثاثة بن المطلب , فأقبلت أنا وهي قِبل بيتي , قد فرغنا من شأننا , فعثرت أم مِسطح في مِرطها , فقالت : تعس

مسطح , فقلت لها : بئس ما قلت ! أتسبين رجلا ً شهد بدرا ً ؟

قالت : أي هَنْتاه , أو لم تسمعي ما قال ؟ قلت : وما ذاك ؟ فأخبرتني الخبر , فازددت مرضا ً على مرضي .

فلما رجعت إلى بيتي , دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلّم , ثم قال : ( كيف تيكم ؟ )

فقلت : أتأذن لي أن آتي أبوي ؟ وأنا حينئذ ٍ أريد أن استيقن الخبر من قِبلهما , فأذن لي , فجئت أبوي , فقلت : يا أمتاه , ما يتحدث الناس ؟

قالت : يا بنية هوّني عليك , فوالله لقلّما كانت امرأة وضيئة عند رجل ٍ يحبّها لها ضرائر إلا كثّرن عليها , فقلت : سبحان الله

وقد تحدث الناس بهذا ؟ فبكيت الليلة حتى لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ٍ , ثم أصبحت أبكي , فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم

علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد , حين استلبث الوحي , يستأمرهما في فِراق أهله , فأما أسامة , فأشار على رسول الله بالذي يعلم

من براءة أهله , وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود ّ , فقال : يا رسول الله , أهلك ولا نعلم إلا خيرا ً .

وأما علي ّ فقال : لم يُضيّق الله عليك والنساء سواها كثير , واسأل الجارية تصدقْك , فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

بُريرة , فقال : أي بريرة , هل رأيت من شيءٍ يريبك ؟ قالت : لا والذي بعثك بالحق , إن رأيت عليها أمرا ً أغمِضه عليها أكثر من أنها

جارية حديثة السن ّ , تنام عن عجين أهلها , فيأتي الداجن فيأكله .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 01:50 PM



فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستعذر من عبدالله بن أُبي بن سلول ( رأس المنافقين ) فقال وهو على المنبر :

( يا معشر المسلمين , من يعذِرُني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي , فوالله ما علمت على أهل بيتي إلا خيرا ً , ولقد

ذكروا رجلا ً ما علمت عليه إلا خيرا ً , وما كان يدخل على أهلي إلا معي ) . فقام سعد بن معاذ , فقال : يا رسول الله

أنا أعذرك منه , إن كان من الأوس , ضربت عنقه , وإن كان من إخواننا من الخزرج , أمرتنا , ففعلنا أمرك .

فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج , وكان من قبل رجلا ً صالحا ً , ولكن احتملته الحمية , فقال لسعد بن معاذ : كذبت

لعَمْر ُ الله , لا تقتله , ولا تقدر على قتله . فقام أُسيد بن حُضير - وهو ابن عم سعد بن معاذ - فقال : كذبت لَعَمْرُ الله لنقتلنّه

فإنك منافق تُجادل عن المنافقين .

فتثاور الحيّان : الأوس والخزرج , حتى همّوا ان يقتتلوا , ورسول الله صلى الله عليه وسلم - قائم على المنبر , فلم يزل

يخفضهم حتى سكتوا وسكت .

قالت : فبكيت يومي ذلك وليلتي , لايرقأ لي دمع , ولا أكتحل بنوم ٍ , فأصبح أبواي عندي , وقد بيكت ليلتين ويوما ً لا أكتحل بنوم ٍ

ولا يرقأ لي دمع , حتى ظننت أن البكاء فالق كبدي . فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي , استأذنت علي ّ امرأة من الأنصار فأذنت لها

فجلست تبكي معي , فبينما نحن على ذلك , دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلّم , ثم جلس , ولم يجلس عندي منذ قيل

لي ما قيل , ولقد لبث شهرا ً لا يوحى إليه في شأني شيء .

قالت : فتشهد ثم قال : ( أما بعد , يا عائشة , فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا , فإن كنت بريئة ً , فسيُبرِّئُك الله , وإن كنت ألممت بذنب ٍ

فاستغفري الله , وتوبي إليه , فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب , تاب الله عليه ) .

فلما قضى مقالته : قَلَص دمعي حتى ما أُحس ُّ منه قطرة ً , فقلت لأبي : أجب رسول الله فيما قال , قال : والله ما أدري ما أقول

لرسول الله , فقلت لأمي : أجيبي رسول الله , فقالت : ما أدري ما أقول لرسول الله

فقلت وأنا يومئذ ٍ حديثة السن لا أقرأ كثيرا ً من القرآن : إني والله لقد علمت , لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر َّ في أنفسكم , وصدّقتم به

فلئن قلت لكم إني بريئة - والله يعلم أني بريئة - لا تصدّقوني بذلك , ولئن اعترفت لكم بأمر ٍ , والله يعلم أني بريئة لتُصدقني .

والله ما أجد لي ولكم مثلا ً إلا قول أبي يوسف : ( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ (18) ) يوسف . ثم تحوّلت , فاضطجعت على

فراشي , وأنا أعلم أني بريئة , وأن الله تعالى يُبرئني ببرائتي , ولكن والله ما ظننت أن الله يُنزل في شأني وحْيا ً يُتلى , ولشأني كان في نفسي

أحقر من أن يتكلم الله في ّ بأمر ٍ يُتلى , ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله , في النوم رؤيا يُبرئني الله بها .

قالت : فوالله ما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا خرج أحد من أهل البيت حتى نزل عليه الوحي , فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء

حتى إنه ليتحدّر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات ٍ , من ثقل القول الذي ينزل عليه , فسُري عنه وهو يضحك , فكان أول

كلمة ٍ تكلم بها : ( يا عائشة , أما والله لقد برأك الله ) , فقالت أمي : قومي إليه . فقلت : والله لا أقوم إليه , ولا أحمد إلا الله .

وأنزل الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ

وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12)

لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ

لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)

وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17)

وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ

وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20) ) النور
.

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 02:01 PM



فلما أنزل الله هذا في براءتي , قال أبو بكر وكان يُنفق على مسطح لقرابته وفقره : والله لا أنفق على مسطح شيئا ً أبدا ً بعد الذي قال لعائشة .

فأُنزلت الآية : ( وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ

أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) ) النور


قال : بلى والله , إني لأحب أن يغفر الله لي , فرَجع َ إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه , وقال : والله لا أنزعها منه أبدا ً .

قالت : وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل زينب بنت جحش عن أمري , فقالت أحمي سمعي وبصري , ما علمت إلا خيرا ً

وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فعصمها الله بالورع , وطفقت أختها ( حمنة ) تُحارب لها

فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك .

وقالت عائشة - رضي الله عنها - لما تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القصة التي نزل بها عذري على الناس

نزل فأمر برجلين وامرأة ٍ , ممن تكلّم بالفاحشة عن عن عائشة , فجُلدوا الحد ّ .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 02:18 PM



وفي مسند أحمد بن حنبل عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : أقبلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كنا بـ ( تربان ) - بلد

بينه وبين المدينة بريد وأميال , وهو بلد لا ماء به , وذلك من السَّحر , انسلّت قلادة من عنقي , فوقعت , فحُبس علي ّ رسول الله

صلى الله عليه وسلم - لالتماسها حتى طلع الفجر , وليس مع القوم ماء , فلقيت من أبي ما الله به عليم من التعنيف والتأفيف .

وقال : في كل سفر ٍ للمسلمين منك عناء وبلاء , فأنزل الله الرخصة في التيمم , فتيمم القوم , وصلّوا .

قالت : يقول أبي حين جاء من الله الرخصة للمسلمين : والله ما علمت يا بنية إنك لمباركة ,

ماذا جعل الله للمسلمين في حبسك إياهم من البركة واليسر .

- عن هشام بن عروة عن أبيه , عن عائشة رضي الله عنها قالت :

سابقني النبي ّ صلى الله عليه وسلم - فسبقته ما شاء , حتى إذا رهقني اللحم , سابقني , فسبقني , فقال : ( يا عائشة هذه بتلك ) .

- عن عاصم بن كليب , عن أبيه قال : انتهينا إلى علي ّ - رضي الله عنه - فذكر عائشة , فقال : خليلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

- وعن عمارة بن عمير عمن سمع عائشة : إذا قرأت : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ

وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) ) الأحزاب


بكت رضي الله عنها حتى تبل ّ خمارها . ندما ً على مسيرها إلى البصرة وحضورها يوم الجمل .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 02:45 PM



وفاة رسول الله , صلى الله عليه وسلم :


مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أواخر شهر صفر من السنة الحادية عشرة للهجرة وبقي في مرضه ثلاثة عشر يوما ً

ولما تعذّر عليه الخروج للصلاة , قال : ( مروا أبا بكر فليُصل ّ بالناس ) .

ونالت السيدة عائشة , رضي الله عنها , شرف خدمة النبي صلى الله عليه وسلم , وتمريضه في الأيام الأخيرة من حياته , فما إن شعر

صلى الله عليه وسلم - بالمرض حتى أخذ يسأل : ( أين أنا غدا ً ؟ أن أنا غدا ً ) حرصا ً على بيت عائشة , رضي الله عنها واستأذن

عليه الصلاة والسلام , زوجاته أن يمّرض في بيت عائشة , فأذِن َّ له أن يكون حيث أحب ّ .

قالت عائشة - رضي الله عنها - : مات - صلى الله عليه وسلم - في اليوم الذي كان يدور علي فيه , وهو يوم الاثنين , فقبضه الله

عز ّ وجل , وإن رأسه لبين سحري ونحري وخالط ريقه ريقي . رواه البخاري .

وبينت السيدة عائشة رضي الله عنها , كيف خالط ريقه ريقها , فقالت : إن من نعم الله علي ّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

توفي في بيتي , وفي يومي , وبين سحري ونحري , وأن الله جمع بن ريقي وريقه عند موته , دخل أخي عبدالرحمن وبيده السواك

وأنا مسندة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأيته ينظر إليه , وعرفت أنه يحب السواك , فقلت : آخذه لك ؟

فأشار برأسه أن نعم , فتناولته , فاشتد ّ عليه , وقلت : أليّنه لك ؟ فأشار برأسه نعم , فلينته , وبين يديه ركوة , أو علبة فيها ماء ,

فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه , ويقول : ( لا إله إلا الله , إن للموت سكرات ) . ثم نصب يده فجعل يقول :

( إلى الرفيق الأعلى ) حتى قبض ومالت يده . متفق عليه واللفظ للبخاري

وبقيت عائشة - رضي الله عنها - في هذه المرحلة التي مرت بها رابطة الجأش على الرغم من شدّة سكرات الموت التي عاناها

صلى الله عليه وسلم , حتى كانت تقول : ( مات رسول الله صلى الله عليه وسلم , وإنه لبين حاقنتي وذاقنتي - أي على صدرها

فلا أكره شدة الموت لأحد ٍ بعد ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) رواه البخاري واللفظ للنسائي .

ومن ثباتها وهدوء نفسها أنه عندما اشتد ّ المرض برسول الله صلى الله عليه وسلم , كانت تقرأ المعوّذات وتنفث عليه وتمسح بيده

لأنها تذكرت أنه صلى الله عليه وسلم , كان إذا مرض فعل ذلك بنفسه . صحيح البخاري

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 03:03 PM



قالت عائشة - رضي الله عنها - لما قُبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر عند امرأته حبيبة بنت خارجة بـ ( العوالي ) فجعلوا يقولون :

لم يمت النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو بعض ما كان يأخذه عند الوحي , فجاء أبو بكر , فكشف عن وجهه , وقبّل بين عينيه , وقال : أنت أكرم

على الله أن يميتك مرتين , قد مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر في ناحية المسجد يقول : والله ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

ولا يموت حتى يقطع أيدي أناس ٍ من المنافقين كثير , وأرجلهم , فقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه فصعد المنبر فقال : من كان يعبد محمدا ً فإن

محمدا ً قد مات , ومن كان يعبد الله فإن الله حي ٌّ لا يموت , ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ

وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) ) آل عمران
. قال عمر : فكأني لم أقرأها إلا يومئذ ٍ .

توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحى يوم الا ثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول , السنة الحادية عشرة للهجرة , ودُفن في حجرة عائشة .

رضي الله عنها , في المكان الذي توفاه الله فيه , فوقع في حجرتها القمر الأول , وكانت رضي الله عنها قد رأت في نومها كأن ثلاثة أقمار ٍ سقطن

في حجرتها , فقال أبو بكر رضي الله عنه : إن صدقت رؤياك دُفن في بيتك ثلاثة من خير أهل الأرض .

فلما مات النبي ُّ صلى الله عليه وسلم , قال لها أبو بكر : خير أقمارك يا عائشة , ودُفن في بيتها أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما -

وكان عمرها , رضي الله عنها , عشرين سنة .

وفاة عائشة رضي الله عنها :

مرضت عائشة , رضي الله عنها في شهر رمضان سنة 58 للهجرة , واشتد ّ عليها المرض , وتوفيت رضي الله عنها

ليلة الثلاثاء لسبع عشرة من شهر رمضان , وصلّى عليها أبو هريرة , رضي الله عنه , ودُفنت في البقيع حسب وصيّتها

في الليلة نفسها التي ماتت فيها بعد صلاة التراويح والوتر , وقد بلغت من العمر السابعة والستين ( 9 قبل الهجرة - 58 للهجرة ) .


وصدق الله تعالى إذ يقول : ( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ (6) ) الأحزاب


المرجع : كتاب أمهات المؤمنين رضي الله عنهن لـ محمود شاكر .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 03:21 PM

عائشة في عهد عمر رضي الله عنهما
 


كان كبار الصحابة في عهد عمر رضي الله عنه , إذا أشكل عليهم أمر وبخاصة في الأمور

الشخصية يسألون عنه عائشة - رضي الله عنها - وعمر كان يُرسل إليها فيسألها عن السنن

ومن ذلك أنه اختلف المهاجرون والأنصار في وجوب الغُسل عند مخالطة الرجل زوجته دون

إنزال , فقال أبو موسى : أنا أشفيكم من ذلك , فقمت فاستأذنت على عائشة رضي الله عنها

فأُذن لي , فقلت لها : يا أم المؤمنين - او يا أماه - إني أريد أن أسألك عن شيء ٍ , وإني

أستحيي منك , فقالت : لا تستحيي أن تسألني عما كنت سائلا ً عنه أمك التي ولدتك فإنما

أنا أمك .

قلت : فما يوجب الغسل ؟ قالت : على الخبير سقطت , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( إذا جلس بين شُعَبها الأربع , ومس الختان الخِتان فقد وجب الغُسل ) رواه مسلم .

كان عمر , رضي الله عنه , يرى أن المُحْرِم لا ينبغي أن يُشَم َّ منه ريح الطِّيب , ويقول :

لأن أجد من المحرم ريح القطران أحب إلي من أن أجد ريح الطيب , فلما سمعت عائشة

رضي الله عنها , استدركت عليه قائلة ً : طيَّبت النبي , صلى الله عليه وسلم , لإحرامه

فأصبح وآثار المسك في مفارقه .

وأخرج البيهقي عن ابن عمر , قال : سمعت عمر يقول : إذا رميتم وحلقتم فقد حل َّ لكم كل

شيء إلا النساء والطيب , قال سالم : قالت عائشة : كل شيء إلا النساء , أنا طيّبت ُ

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِحلّه .

وقد أخرج الشيخان عنها : طيّبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحرمه حين أحرم

ولحلّه حين حل َّ قبل أن يطوف بالبيت .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 03:34 PM



وعندما طُعن عمر - رضي الله عنه - في صلاة فجر الثالث والعشرين من شهر ذي الحجة سنة 23 هـ أرسل ابنه عبدالله إلى عائشة - رضي الله عنها -

يستأذنها ليُدفن في الحجرة الشريفة يجانب صاحبيه فأذنت له .

فكان قد قال لابنه : انطلق إلى عائشة أم المؤمنين , فقل : يقرأ عليك عمر السلام , ولا تقل أمير المؤمنين , فإني لست اليوم للمؤمنين أميرا ً

وقل : يستأذن عمر بن الخطاب أن يُدفن مع صاحبيه , فمضى فسلّم , وأستأذن , ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي , فسلّم عليها

وقال كما أوصاه , قالت : كنت أريد المكان لنفسي , ولأوثرنه به اليوم على نفسي , فلما أقبل قيل : هذا عبدالله بن عمر قد جاء , قال : ارفعوني

فأسنده رجل أليه , فقال ما لديك ؟ قال الذي تحب يا أمير المؤمنين , أذِنَت ْ , قال : الحمد لله , ما كان شيء أهم إلي من ذلك المضجع

يا عبدالله بن عمر , انظر : فإذا قُبضت فاحملوني على سريري , ثم قف بي على الباب , فقل : يستأذن عمر بن الخطاب , فإن أذنت لي

فأدخلني , وإن ردتني فردّني إلى مقابر المسلمين , فإني أخشى أن يكون إذنها لي لمكان السلطان , فلما حُمِل فكأن المسلمين لم تُصبهم مصيبة

إلا يومئذ ٍ , فأُذن له , فدُفن حيث أكرمه الله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومع أبي بكر , رضوان الله عليهما , وسقط القمر الثالث

في حجرة السيدة عائشة , رضي الله عنها وأرضاها .

( المرجع : أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ) لـ محمود شاكر .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 07:13 PM

عائشة في عهد أبي بكر , رضي الله عنهما
 


قالت عائشة , رضي الله عنها : لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم , بيتي قال :

( مروا أبا بكر فليصل ِّ بالناس ) فقلت : يا رسول الله , إن أبا بكر رجل رقيق , إذا قرأ

القرآن لا يملك دمعه , فلو أمرت غير أبي بكر ٍ , قالت : والله ما بي إلا كراهية أن يتشاءم

الناس بأول من يقوم مقام رسول الله , صلى الله عليه وسلم , قالت : فراجعته مرتين أو

ثلاثا ً , فقال : ( ليصل ِّ بالناس أبو بكر ٍ ؛ فإنكن َّ صواحب يوسف ) . رواه مسلم .

ولزمت عائشة - رضي الله عنها - بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم , حجرتها , تُعزّي

نفسها بجواره .

ولما أرادت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم , أن يُرسلن عثمان - رضي الله عنه - إلى

أبي بكر , رضي الله عنه , يسألنه ميراثهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت

عائشة لهن َّ : أو ليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نحن معاشر الأنبياء لا

نورث , ما تركناه فهو صدقة ) .

ولما شعر أبو بكر رضي الله عنه , بالمرض أوصى عائشة رضي الله عنها أن يُدفن إلى

جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم , واستمر َّ مرض أبي بكر , خمسة عشر يوما ً

ثم توفي الاثنين , ليلة الثلاثاء في الثاني والعشرين من شهر جمادى الآخرة سنة ثلاث

عشرة للهجرة , وكان عمره ثلاثا ً وستين سنة مثل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

عندما توفي , وحُفر لأبي بكر في حجرة عائشة وجُعل رأسه عند كتفي رسول الله صلى الله

عليه وسلم , وأُلصق اللحد بقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم , وبذا سقط القمر الثاني

في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها .

واختار أبو بكر , رضي الله عنه , من بين أولاده وبناته عائشة , لتنفيذ وصيته التي ذكرها

لها وهي :

- رد ّ بستان ٍ كان منحها إياه إلى الميراث .

- إرسال عبد ٍ حبشي ٍ , وبعير , وجرد قطيفة إلى الخليفة الجديد عمر بن الخطاب ,

ففعلت , فلما جاء الرسول إلى عمر بكى عمر , وسالت دموعه , وقال : رحم الله أبا بكر ٍ

لقد أتعب من بعده .

المرجع : ( أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ) لـ محمود شاكر .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 07:25 PM

عائشة في عهد عثمان رضي الله عنهما
 


زادت الأسئلة الفقهية على عائشة - رضي الله عنها - في عهد عثمان وذلك لاتساع ديار

الإسلام , ودخول أفواج ٍ جديدة في الإسلام .

روت عائشة - رضي الله عنها - أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم , في فضائل عثمان

ومناقبه ومن هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم , كان يستحي من عثمان وأنه

إذا دخل عليه جلس وسوّى ثيابه , وقال لعائشة وقد سألته عن ذلك : ( ألا أستحيي من رجل ٍ

تستحيي الملائكة منه الملائكة ) . وقال أيضا ً : ( إن عثمان رجل حيي ) . رواهما مسلم .

وقالت : دخل علي َ روسل الله صلى الله عليه وسلم , فرأى لحما ً , فقال : ( من بعث بهذا ؟

قلت : عثمان , قالت : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم , رافعا ً يديه يدعو لعثمان .

رواه البزار .

ولما سمعت أن بعض الناس ينال من عثمان , رضي الله عنه , غضبت غضبا ً شديدا ً ,

وقالت : لعن الله من لعنه , لعن الله من لعنه , لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

وعثمان , ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسند فخذه إلى عثمان , وإني لأمسح العرق

عن جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم , وإن الوحي ينزل عليه , ولقد زوّجه ابنتيه

إحداهما بعد الأخرى , وإنه ليقول : ( اكتب يا عُثيم ) .

قالت ما كان الله لينزل عبدا ً من نبيه بتلك المنزلة إلا عبد كريم عليه . رواه أحمد والطبراني

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 07:42 PM



وعائشة رضي الله عنها هي التي روت حديث وصية النبي صلى الله عليه وسلم , لعثمان حتى لا يتنازل عن الخلافة مهما طلبوا منه

وذلك عندما يتعرّض لمكروه , فقالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا عثمان , إن ولّاك الله هذا الأمر يوما ً , فأرادك المنافقون

على أن تخلع قميصك الذي قمّصك الله , فلا تخلعه ) , يقول ذلك ثلاث مرات , قال النعمان بن بشير : فقلت لعائشة : ما منعك أن تعلمي الناس بهذا ؟

قالت : أُنسيته . رواه أحمد والترمذي وابن ماجه .

كما روت أن النبي صلى الله عليه وسلم , قال في مرضه : ( وددت أن عندي بعض أصحابي ) قلنا : يا رسول الله , ألا ندعو لك أبا بكر ؟

فسكت , قلنا : ألا ندعو لك عمر ؟ فسكت , قلنا : ألا ندعو لك عثمان ؟ قال : ( نعم ) فجاء فخلا به , فجعل النبي َ صلى الله عليه وسلم

يُكلّمه , ووجه عثمان يتغير .

قال قيس بن حازم - رواي الحديث عن عائشة - : فحدثني أبو سهلة مولى عثمان , أن عثمان بن عفان , قال : يوم الدار :

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم , عهد إلي عهدا ً فأنا صائر إليه , وفي رواية : فأنا صابر عليه

قال قيس : فكانوا يرونه ذلك اليوم . رواه ابن ماجه .

ويقيت مودّة عائشة رضي الله عنها وتقديرها لعثمان رضي الله عنه إلى أن قُتل , يوم 18 من شهر ذي الحجة سنة 35 من الهجرة .

وكانت عائشة رضي الله عنها , أول من طالب بدمه , والدعوة إلى الاقتصاص من قتلته والثائرين عليه من الغوغائيين .

وخرجت عائشة رضي الله عنها من المدينة بعد أن غلب عليها الغوغائيون , وسارت إلى مكة حاجّة , وبعد الحج رغبت بالعودة

إلى المدينة فانطلقت غير أنها وصلت إلى موقع ( سرِف ) بلغها مقتل عثمان رضي الله عنه , فرجعت إلى مكة بعدما تكلمت خيرا ً

عن عثمان , رضي الله عنه .

المرجع : ( أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ) لـ محمود شاكر .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 07:56 PM

عاشة في عهد علي رضي الله عنهما
 


سئلت عائشة - رضي الله عنها - أي ُّ الناس كان أحب ّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

قالت : فاطمة , فقيل من الرجال ؟ قالت : زوجها , إنه كان صوّاما ً قوّاما ً .

وقالت : خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة ً , وعليه مُرط مُرحّل من شعر أسود , فجاء

الحسن بن علي فأدخله , ثم جاء الحسين فدخل معه , ثم جاءت فاطمة فأدخلها , ثم جاء عليّ

فأدخله ثم تلا : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33))

الأحزاب . رواه مسلم .


وروت أيضا ً عن حب النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي , رضي الله عنهما

فقالت : كان صلى الله عليه وسلم يأخذ حسنا ً فيضمُه إليه , ويقول :

( إن هذا ابني فأُحبه , وأُحب َ من يُحبه ) .

وكانت إذا ما سُئلت عن شيء ٍ لا تعلمه , تُحيل السائل على علي ٍّ رضي الله عنهما .

فلما سألها شريح بن هانئ عن المسح على الخُفين , قالت : عليك بعلي ٍّ بن أبي طالب

فسله , فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , فسألناه , فقال : جعل رسول

الله صلى الله عليه وسلم , ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر , ويوما ً وليلة للمقيم . رواه مسلم

وربما احالت بعض الأسئلة مع علمها بالجواب , ومن ذلك أنها لما سُئلت : في كم تُصلي

المرأة من الثياب ؟ فقالت للسائل : سل عليا ً ثم ارجع لي فأخبرني بالذي يقول لك ,

قال : فأتى عليا ً فسأله فقال : في الخمار والدرع السابغ , فرجع إلى عائشة فأخبرها ,

فقالت : صدق .

وللحديث بقية إن شاء الله ....

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 09:38 PM



بويع علي ّ بن أبي طالب , رضي الله عنه بالخلافة بعد مقتل عثمان , وقد ضاق علي ّ ذرعا ً من تسلط الثائرين ومن معهم من الغوغائيين والأعراب

فطلب طلحة بن عبيد الله , والزبير بن العوام , رضي الله عنهما من الخليفة أن يأذن لهما بالذهاب إلى البصرة والكوفة لإحضار قوة لمعاقبة المتمرّدين

فلم يأذن لعدم مناسبة الوقت .

استأذن طلحة والزبير الخليفة عليا ً بالعمرة فإذن لهما , فأتيا مكة , واتفق رأيهما مع رأي عائشة على معاقبة المتمردين , ومن والاهم من الغوغائيين

والأعراب , كما اتفق رأيهم على الذهاب إلى البصرة والكوفة لجمع قوة تتمكن من تحقيق الهدف المنشود ومن الاقتصاص من المجرمين , وهكذا خرجت

عائشة رضي الله عنها , ومن معها من مكة إلى البصرة .

كان الخيلفة علي رضي الله عنه , يتهيأ للخروج من المدينة إلى الشام لإنهاء الوضع مع معاوية رضي الله عنه , ولما علم الخليفة بخبر خروج

أهل مكة مع طلحة والزبير وعائشة , رضي الله عنهم جميعا ً , خرج من المدينة بسرعة وهو يرجو أن يلتقي بهم في الطريق

فيردهم عن مقصدهم والتفاهم معهم , ولا يريد حربا ً , غير أنه لم يلتق ِ بهم .

تابع ركب أهل مكة سيرهم , فلما وصلوا إلى ماء بني عامر ليلا ً نبحت الكلاب , فقالت عائشة رضي الله عنها : أي ّ ماء ٍ هذا ؟

قالوا : ماء الحَوْأب , قالت : ما أظنني إلا أني راجعة , فقال الزبير , رضي الله عنه : ترجعين , عسى الله عز ّ وجل ّ أن يُصلح بك بين الناس

واستمرّت , رضي الله عنها , في الطريق إلى البصرة من أجل الإصلاح بعد أن عزمت على الرجوع إذ تذّكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

يقول لنسائه : ( ليت شعري أيتكن التي تنبحها كلاب الحوأب ) .


وكان قد قال لها بعض من كان معها : بل تقدّمين فيراك المسلمون فيصلح الله عز ّ وجل ّ بك .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 09:55 PM



وقبل أن تصل إلى البصرة لقيها رسولان أرسلهما عثمان بن حُنيف - والي البصرة من قبل الخليفة علي - وهما الصحابي الجليل عمران بن الحصين

والتابعي أبو الأسود الدؤلي , فاستأذنا عليها , فأذنت لهما , فدخلا وسلّما عليها , وسألاها عما جاءت إليه , فذكرت لهما ما الذي جاءت له من القيام

بطلب دم عثمان , لأنه قُتل مظلوما ً في شهر ٍ حرام وبلد ٍ حرام ٍ , وتلت قول الله تعالى : ( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ

أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)) النساء .

فخرجا من عندها إلى طلحة بن عبيدالله , رضي الله عنه , فقالا له : ما أقدمك ؟ فقال : الطلب بدم عثمان , فقالا : ما بايعت عليا ً ؟ قال : بلى

ولا أستقبله إن هو لم يخل بيننا وبين قتلة عثمان . فذهبا إلى الزبير بن العوام رضي الله عنه , فقال مثل ذلك .

فرجع عمران بن الحصين , وأبو الأسود إلى عثمان بن حنيف فأخبراه , فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون , دارت رحى الإسلام ورب الكعبة فانظروا

بأي زيفان نزيف مشيرا ً إلى حديث عبدالله بن مسعود مرفوعا ً : ( تدور رحا الإسلام لخمس وثلاثين ) . فقال عمران بن الحصين : إي والله

لتعركنكم عركا ً طويلا ً .

قال عثمان بن حنيف لعمران بن الحصين : أشر علي .

قال عمران : اعتزل , فإني قاعد في منزلي .

قال عثمان : بل أمنعهم حتى يأتي أمير المؤمنين , فنادى في الناس يأمرهم بلبس السلاح والاجتماع في المسجد , فاجتمعوا , فأمرهم بالتجهّز .

فقام رجل وعثمان على المنبر , فقال : أيها الناس , إن كان هؤلاء القوم جاءوا خائفين فقد جاءوا من بلد ٍ يأمن فيه الطير , وإن كانوا

جاءوا يطلبون بدم عثمان فما نحن بقتلته , فأطيعوني وردّوهم من حيث جاءوا , فقام الأسود بن سريع السعدي , فقال : إنما جاءوا

يستعينون بنا على قتلة عثمان منا ومن غيرنا , فحصبه الناس , فعلم عثمان بن حنيف أن لقتلة عثمان أنصارا ً في البصرة , فكره ذلك .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 10:10 PM



قدمت عائشة , رضي الله عنها , ومن معها من الناس فنزلوا أعلى المِرْبدَ قريبا ً من البصرة .

وخرج أليها من أراد أن يكون معها من أهل البصرة . وخرج عثمان بن حنيف بالجيش فاجتمعوا بالمربد , فتكلم طلحة بن عبيد الله

وكان على الميمنة , فندب إلى الأخذ بالثأر لعثمان بن عفان , والطلب بدمه , وتابعه الزبير بن العوام رضي الله عنه فتكلم بمثل مقالته

فرد ّ عليهما أُناس من جيش عثمان بن حنيف , وتكلمت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها , فحرضّت وحثّت على القتال , فتناور

طوائف من أطراف الجيش فتراموا بالحجارة , ثم تحاجز الناس , ورجع كل فريق إلى حوزته , وقد صارت طائفة من جيش عثمان بن حنيف

إلى جيش عائشة رضي الله عنها , فكثروا .

وجاء حارثة بن قدامة السعدي , فقال : يا أم المؤمنين ! والله لقتل عثمان أهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل عرضة ً للسلاح

إن كنت أتيتينا طائعة ً فارجعي من حيث جئت إلى منزلك , وإن كنت أتيتينا مكرهة ً فاستعيني بالناس في الرجوع .

وأقبل حكيم بن جبلة - وكان على خيل عثمان بن حنيف - فأنشب القتال , وكان أصحاب عائشة رضي الله عنها , يكفّون أيديهم

ويمتنعون عن القتال , وجعل حكيم بن جبلة يقتحم عليهم , فاقتتلوا , وأمرت عائشة رضي الله عنها , أصحابها فتيامنوا حتى انتهوا إلى مقبرة

بني مازن , وحجز الليل بينهم , فلما كانوا اليوم الثاني قصدوا للقتال , فاقتتلوا قتالا ً شديدا ً حتى زال النهار , وقُتل خلق كثير من أصحاب عثمان بن حنيف

وكثرت الجراح في الفريقين .

انقسم أهل البصرة لما سمعوا بقدوم عائشة رضي الله عنها , ثلاث فرق : جماعة حبّذت خروج عائشة رضي الله عنها وانضمت إليها

وجماعة بقيت على ولائها لوالي البصرة عثمان بن حنيف , وأنكرت على عائشة رضي الله عنها , خروجها ,

وجماعة اعتزلت الجماعتين .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 10:23 PM



التزمت السيدة عائشة رضي الله عنها , مبدأ الإصلاح الذي خرجت من أجله , وذلك في المواقف كلها التي

وقفتها في البصرة , فلما بدأ بعض أتباع عثمان بن حنيف القتال أمرت عائشة رضي الله عنها من كان معها

أن يكفّوا عن القتال ولكن يُدافعون عن أنفسهم وأمرت مناديا ً يُناشدهم ويدعوهم إلى الكف ّ عن القتال ولما تمكن أصحاب عائشة رضي الله عنها

في البصرة وأخذوا عثمان بن حنيف أسيرا ً أمرتهم أن يخلوا سبيله ليذهب حيث شاء إذ لم تسمح لهم أن يسجنوه , وبادرت إلى معاقبة الثائرين

من أهل البصرة على عثمان بن عفان رضي الله عنه , وأخذ جماعتها بتتبعهم وقتلهم , غير أن واحدا ً منهم وهو حرقوص بن زهير

قد امتنع بعشيرته الكبيرة بني سعد .

وكان علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - حريصا ً على الإصلاح أيضا ً فعندما اقترب من البصرة , أرسل القعقاع بن عمرو إلى طلحة والزبير

رضي الله عنهم جميعا ً , يدعوهما إلى الألفة والجماعة , ويُهول عليهما الفرقة والشقاق . فخرج القعقاع حتى قدم البصرة فبدأ بعائشة

فقال لها : أماه , ما أشخصك وما أقدمك إلى هذه البلدة ؟ قالت : أي بُني إصلاح بين الناس , قال : فابعثي إلى طلحة والزبير حتى تسمعي

كلامي وكلامهما , فبعثت إليهما , فجاءا , فقال : إني سألت أم المؤمنين ما أشخصها وأقدمها هذه البلاد ؟

فقالت : إصلاح بين الناس , فما تقولان أنتما ؟ أمُتابعان أم مخالفان ؟ قالا : متابعان .

قال : فما أخبراني ما وجه هذا الإصلاح ؟ فوالله لئن عرفنا لنصلحن , ولئن أنكرناه لا نُصلح .

قالا : قتلة عثمان بن عفان , رضي الله عنه , فإن هذا إن تُرك كان تركا ً للقرآن , وإن عُمل به كان إحياء ً للقرآن .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 10:41 PM



قال : قد قتلتما قتلة عثمان من أهل البصرة , وأنتم قبل قتلهم كنتم أقرب إلى الاستقامة منكم اليوم , قتلتم ستمائة رجل ٍ إلا واحدا ً

فغضب لهم ستة آلاف , واعتزلوكم , وخرجوا من بين أظهركم , وطلبتم حرقوص بن زهير الذي أُفلت فمنعه ستة آلاف ٍ وهم على حذر وخوف

فإن تركتموه كنتم تاركين لما تقولون , وإن قاتلتموهم والذين اعتزلوكم فأُديلوا عليكم , فالذي حذرتم وفرقتم به هذا أعظم مما أراكم تكرهون

فأنتم أثرتم حمية ربيعة ومضر من هذه البلاد , فاجتمعوا على حربكم وخذلانكم نصرة ً لهؤلاء , كما انضم هؤلاء لأهل هذا الحدث العظيم والذنب الكبير .

فقالت عائشة رضي الله عنها : فماذا أنت تقول ؟

قال : أقول : هذا الأمر دواؤه التسكين , فإذا سكن تفرقوا , وإن أنتم بايعتمونا فعلامة خير ٍ , وتباشير رحمة ٍ , وإدراك بثأر هذا الرجل , وعافية

وسلامة لهذه الأمة , وإن أنتم أبيتم إلا المكابرة لهذا الأمر , كانت علامة شر ٍّ , وذهاب هذا الثأر , وبعثة الله في هذه الأمة هزاهزها - البلايا والحروب -

فآثروا العافية تُرزقوها , وكونوا مفاتيح الخير كما كنتم تكونون , ولا تعرّضونا للبلاء , ولا تعرّضوا له فيصرعنا وإياكم

وأيم الله إني لأقول هذا وأدعوكم إليه , وإني لخائف ألا يتم فتنزل المحن والبلايا بالأمة وقد قل َّ متاعها ونزل بها ما نزل .

فقالوا : نعم , إذن أحسنت وأصبت المقالة , فارجع فإن قدم علي , رضي الله عنه , وهو على مثل رأيك صُلح هذا الأمر .

رجع القعقاع إلى علي رضي الله عنه , فأخبره بما حدث فأعجبه ذلك , وأشرف القوم على الصلح كره ذلك من كره ورضي من رضي .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 10:57 PM



أدرك الغوغائيون أن الصلح ليس لصالحهم , وأن الدائرة ستدور عليهم , فأنشبوا القتال بخُبث ٍ , وحاول علي رضي الله عنه أن يوقف القتال

فيُنادي : كفوا أيها الناس , فليس هناك من مجيب ٍ , وجاء قاضي البصرة ( كعب بن سور ) فأتى عائشة رضي الله عنها فقال لها :

أدركي الناس فقد أبى الغوغائيون إلا القتال لعل ّ الله يُصلح بك , فركبت الجمل , ووُضعت الدروع على هودجها , وأخذ كعب بزمام الجمل , فقالت :

خل ِّ يا كعب عن البعير , وتقدم بكتاب الله عزوجل فادعهم إليه - ودفعت إليه مصحفا ً - فأقبل الغوغائيون وأمامهم السبئية يخشون أن يتم الصلح

فاستقبلهم كعب بالمصحف , وعلي ّ رضي الله عنه من الخلف يعمل لردعهم وردّهم فيأبون إلا الإقدام , وقد رشقوا كعبا ً فقتلوه , ورموا عائشة

رضي الله عنها , في هودجها , فجعلت تنادي : يا بني ّ البقية , البقية , ويرتفع صوتها - الله , الله - فيأبون إلا الإقدام .

أدركت عائشة رضي الله عنها , أن الأمر قد أفلت من يدها , وأن قتلة عثمان رضي الله عنه , هم الذين أنشبوا القتال , فما كان منها إلا أن نادت

بحرقة ٍ ولوعة ٍ , وهي ترى دماء المسلمين تُسفك حولها ! أيها الناس العنوا قتلة عثمان وأشياعهم , فضج أهل البصرة بلعن قتلة عثمان

وجاء علي ٌّ رضي الله عنه وساهم في لعن قتلة عثمان وأشياعهم .

أُصيب طلحة بن عبيدالله , رضي الله عنه في أول المعركة بسهم ٍ فترك المكان إلى داخل البصرة فمات متأثرا ً بجرحه .

وكان الزبير بن العوام , رضي الله عنه قد ترك المكان منذ بدء القتال , وسار إلى مكان ٍ يُعرف بـ ( وادي السباع ) فلحق به عمرو بن جرموز

فقتله غيلة ً .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 11:15 PM



وخرجت عائشة , رضي الله عنها , إلى ميدان القتال لإيقافه فوقع عكس ما تريد إذ حمي الوطيس وعملت السبئية على رميها فاستبسل من حولها

من أزد البصرة وبني ضُبة , حتى قتل على خُطام جملها أربعون , وقيل سبعون , وكانوا بني ضُبة يرتجزون حول الجمل :

نحن بنو ضبة أصحاب الجمل .... ننازل الموت إذا الموت نزل

والموت عندنا أشهى من العسل ... ننعى ابن عفان بأطراف الأسل

حتى يُعقر الجمل .

وأدرك علي ٌّ رضي الله عنه أن القتال لن يتوقّف , فنادى اعقروا الجمل , فإنه إن عُقر تفرقوا , فعقره رجل , وأمر علي رضي الله عنه

محمد بن أبي بكر أن يضرب على أُخته عائشة رضي الله عنهم , قُبة وأن يطمئن على سلامتها .

خرج محمد بن أبي بكر آخر الليل بأخته عائشة رضي الله عنها , فدخل بها البصرة وأنزلها في دار عبدالله بن خلف الخزاعي على صفية بنت الحارث

وكانت الموقعة يوم الخميس لعشر ٍ من شهر جمادى الآخرة سنة ست ٍ وثلاثين من الهجرة .

أقام علي , رضي الله عنه في عسكره ثلاثة أيام فدفن الناس موتاهم , وصلى على قتلى الفريقين وقال : إني لأرجو ألا يكون أحد نقي قلبه إلا أدخله الله الجنة .

ودخل مدينة البصرة يوم الاثنين الرابع عشر من شهر جمادى الآخرة سنة ست ٍ وثلاثين , فوصل إلى المسجد فصلى فيه , ثم مشى إلى عائشة رضي الله عنها

فسلّم عليها .

جهز علي ٌّ , عائشة رضي الله عنهم بكل ما تحتاج إليه من زاد ومركب ٍ , ومتاع ٍ وأخرج معها كل من نجا ممن خرج معها من مكة وكذلك أربعين امرأة

من نساء البصرة المعروفات وقد اختارهن إليها , ثم طلب من أخيها محمد أن يتجهز ليُبلّغها مكة .

ولما كان اليوم الذي سترحل فيه , جاء أليها وجاء الناس فودّعوها , وودعتهم , وقالت : يا بني َّ عتب بعضنا على بعض ٍ فلا يعتدّن أحد منكم على أحد ٍ

بشيء ٍ بلغه من ذلك . إنه والله ما كان بيني وبين علي ٍّ في الماضي إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها وإنه عندي على عتبي لمن الأخيار .

وقال علي : صدقت والله وبرّت ما كان بيني وبينها إلا ذلك , وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة .

وخرجت عائشة رضي الله عنها من البصرة يوم السبت لغرة شهر رجب سنة ست ً وثلاثين , وشيّعها علي أميالا ً , وسيّر أولاده معها يوما ً

فقصدت مكة فأقامت إلى الحج , ثم رجعت إلى المدينة بعد الموسم , وقد غابت عن المدينة طويلا ً .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 11:30 PM



رأي في معركة الجمل :


لننظر هل كانت معركة الجمل بين أعداء ٍ ألداء كما يصف ذلك بعضهم , أم بين أخوة ٍ أوقع الشيطان بينهم , فطاشت أحلامهم

ثم ثابت ؟ ويمكن أن نتعرف على هذا من النتائج .

كانت رؤوس جيش البصرة : طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم , فلننظر ما الرأي بهم ؟

التقى القعقاع بن عمرو التميمي أحد قادة جيش علي وحكمائه أثناء المعركة مع طلحة وهو يُقاتل جريحا ً فقال له : يا أبا محمد

إنك جريح فحبذا لو دخلت أحد البيوتات . فبطل يرى قائد خصومة جريحا ً , فيطلب منه الخلود إلى الراحة من أجل العافية أم يُجهِز عليه ! !

وجاء عمرو بن جرموز بعد المعركة يستأذن عليا ً وقال : قل له : قاتل الزبير , فقال علي : ائذن له وبشّره بالنار .

فهل القائد يفرح بقتل قائد خصومه أم يتأثر ثم يقول : إن قاتله لا شك في النار ؟

وزار علي رضي الله عنه عائشة رضي الله عنها , بعد المعركة وضرب من تكلم عنها , وقال عندما شيّعها في غرّة شهر رجب مع أخيها

محمد بن أبي بكر : إنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة . وأعطاها مبلغا ً كبيرا ً من المال , وسيّر في ركبها عددا ً من النساء .

وعندما زارها في دار عبدالله بن خلف الخزاعي كان عدد الجرحى المختبئين في تلك الدار وهو يعرف مكانهم ومكان غيرهم وقد تجاهل

ذلك وكأنه لم يعلم شيئا ً , إذ لم يكونوا خصوما ً كما يُصوّر ذلك بعضهم , فلو كانوا كذلك لنالوا ما نالوا .

كما كان علي ّ رضي الله عنه قد طلب من جنده ألا يجهزوا على جريح ٍ ولا يتبعوا هاربا ً , ولا يدخلوا دارا ً ولا يحوزوا مالا ً

ولا يؤذوا امرأة ً ولا طفلا ً ولا غير مقاتل ٍ مُصر ٍّ مُعاند ٍ , وهذا كله يدل ُّ على الأخوة التامة , ولكن الشيطان أوقع بينهم

ولكل وجهة نظر واجتهاده الخاص وهو عليها مأجور - بإذن الله -

المرجع : كتاب أمهات المؤمنين للمؤرخ محمود شاكر .

عبدالسلام حمزة 09-08-2010 11:52 PM

عائشة في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم
 


لم تكن عائشة , رضي الله عنها لترضى أيام معاوية كما كانت أيام الخلفاء الراشدين وذلك

بسبب بعض الأحداث .

- كان أخوها محمد بن أبي بكر ٍ واليا ً على مصر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه

فثار عليه الموالون لمعاوية بن أبي سفيان بقيادة معاوية بن حُديج السكوني , فأرسل معاوية

قوة ً بقيادة عمرو بن العاص لدعم أعوانه فانتصروا على والي مصر محمد بن أبي بكر الذي

وقع أسيرا ً بيد معاوية بن حُديج فقتله فتأثرت عائشة رضي الله عنها ودعت على معاوية

وقد أعالت عائشة رضي الله عنها عيال أخيها المقتول ومنهم القاسم بن محمد , ولم يبلغ

المقتول الثلاثين من العمر .

- منع مروان بن الحكم والي المدينة من قِبل معاوية بن أبي سفيان أن يُدفن الحسن بن علي

رضي الله عنهما في الحجرة النبوية بعد أن أذنت عائشة بذلك .

وكادت أن تقع فتنة إذ أصر َّ الحسين بن علي رضي الله عنهم على دفن أخيه في الحجرة

فجزعت عائشة رضي الله عنها جزعا ً شديدا ً على ما جرى .

- عندما عهد معاوية لابنه يزيد من بعده بالخلافة .

- قتل ُ معاوية لحجر بن عدي لأنه قام للصلاة وقام الناس معه حيث أطال والي الكوفة

زياد بن أبيه بالخطبة رغم تنبيه حجر له .

ورغم ذلك فقد حرص معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما , حرصا ً شديدا ً على تحسين

علاقته مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .

عبدالسلام حمزة 09-10-2010 05:02 PM



أخت ناريمان جزاك الله خيرا ً وكل عام وأنتم بخير

نفعنا الله بحب النبي صلى الله عليه وسلم وحب آل بيته وأزواجه ورزقنا السير على سنته

شكرا ًلك

عبدالسلام حمزة 09-10-2010 05:15 PM



اللهم آمين

ما شاء الله عليك أخي جابر , جزاك الله خيرا ً ونور دربك بالسير خلف الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم .

شكرا ً أخي الكريم وكل عام وأنت بخير

ناريمان الشريف 09-10-2010 06:16 PM

لا زلت أتابعك أخي الكريم
سعدت جداً قي المطالعة هنا
بارك الله في حسناتك ..


..... ناريمان

سحر الناجي 09-11-2010 02:18 AM



أخي عبد السلام ..
رضي الله على أُمنا وأرضاها ..
تلك المفضلة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ..
بورك فيك وفي نقلك ..


عبدالسلام حمزة 09-11-2010 04:45 PM



الأخت الكريمة ناريمان

والأخت الكريمة سحر, جزاكم الله خيرا ً على المرور

مروركم يسرني , أدخل الله السرور إلى قلوبكم في الدنيا والآخرة

عبدالسلام حمزة 09-12-2010 04:46 PM



اللهم صل ِّ على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل ابراهيم

وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل ابراهيم إنك حميد مجيد

ناريمان الشريف 09-17-2010 09:54 AM

[font="arial"]بارك الله فيك أخي عبد السلام
سيرة عطرة للسيدة عائشة تستحق الوقوف عندها
ألف شكر
[/font]

..... ناريمان

عبدالسلام حمزة 09-18-2010 03:36 AM



الأخت الكريمة ناريمان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزيل الشكر لحضورك الكريم

سلامي لك والتقدير

أخوك عبدالسلام

عبدالسلام حمزة 10-10-2010 09:16 PM



اللهم ارزقنا حب حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم

وحب أزواجه أمهات المؤمنين , وحب آل بيته وذريته

وصحابته أجمعين , بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين .

رقية صالح 10-13-2010 11:42 PM


عن عائشة رضي الله عنهـا قالت:

"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله".


الساعة الآن 05:35 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team