منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   الموسم الأول لـ / معرض منابر ثقافية للقصة للعام 2013 ..~ (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=11549)

صفاء الأحمد 07-12-2013 02:44 PM

الموسم الأول لـ / معرض منابر ثقافية للقصة للعام 2013 ..~
 
http://www7.0zz0.com/2013/07/12/11/271684736.jpg


بسم الله الرحمن الرحيم


و الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبعه بالهدى والإحسان إلى يوم الدين ،
أما بعد ،
بالأصالة عن نفسي و بالنيابة عن هيئة إدارة شبكة منتديات منابر ثقافية ،
وفي هذا اليوم المبارك ( 3/رمضان/1434هـ ) ، أتقدم بافتتاح فعاليات معرض القصة الأول للعام 2013
شاكرة لأعضاء منابر ثقافية الكرام ممن تقدموا للمشاركة في المعرض
- سواء قُبلت مشاركاتهم أم لم تُقبل – أتقدم لهم بجزيل الشكر على عطائهم المتميز و قدراتهم الإبداعية و التزامهم الخلاق بقوانين المنتدى ،
ثم أتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساهم في إنجاح هذا المعرض من مشرفينا الأفاضل ، و أؤكد لكم أعزائي أن جميع القصص المشاركة في المعرض بموسمه الأول ،
كانت بناءا على اختيار مدروس ، وهذا لا يعني بالضرورة أن باقي القصص التي لم تُشارك في المعرض ليست على مستوى يخولها للمشاركة ،
وإنما تم تحديد عدد القصص المشاركة بخمسة قصص فقط .

مجددا ، شكرا لكم أحبتي بحجم الكون .. أختكم الأديبة الصغيرة : صفاء الشويات .

صفاء الأحمد 07-12-2013 02:49 PM

واجهة المعرض ..~
 

صحوة في طي الخراب / محمد غالمي .

وبعد شدة وعنت سكنت الأجواء وهمد الكون من صلصله الرجوم الناسفة، ودوي الرعود المزمجرة المنسابة من مؤخرات الطائرات وفوهات الدبابات. كانا بدورهما يدبان في خطى متثاقلة، خائري القوة كسائح غريب زاغ عن سربه، فانتهى إلى مفازة نفد فيها القوت وغاض في جوفها الماء. انقلب المكان إلى شبه لوحة ليس في رحابها سوى الموت يركن للراحة بعدما ظل يخبط كالعشواء.. بدا ركام العمارات المنهكة في هيئة أشباح مزعجة.. ثمة بقايا من جذوع النخيل المفحمة، وهنا وهناك تناثرت هياكل سيارات ودبابات بعد أن قضت حرقا.. ونصب القائد الفولاذي يهوي وتتلاشى أوصاله. جابا الشارع في حذر إلى عمارة تداعى شقها، ودخل الثاني في حالة احتضار.. آثرا أن يربضا عند قدمها خلودا لقسط من راحة، ريثما يخف جسماهما المرهقان من فرط سعي مجهد، فرضته ديمومة جائرة.. وضعا سلاحهما جانبا واندمج كل منهما في أسر عالمه الخاص.. ما خطر للسيد كارمن على بال أن يجد نفسه يوما منفصلا كرها عن الأحضان الدافئة في مونتريال، مقودا قسرا إلى جنة الموت المسكرة في الأدغال.. مرميا بالمظلة في طي هذه الربوع الموحشة.. آه ما ذنبك ليقوض الجبابرة أحلامك ويسوقوا حمامتك إلى مذبح العار؟ يا ليوم الفراق ذلك!.. أمه العليلة وأخته اليافعة الوحيدة، دون غيرهما، من استأثرتا بكامل خاطره واستبد طيفهما بهواجسه وسائر جوارحه. استعاد بعض وعيه، فاستوقف زميله الذي راح يدخن في شراهة ويشكو من حين لآخر فراغ بطنه، وجعل يسائله في همس ساخر بعد أن أطلق في الهواء زفرة تحكي عن ألم دفين:

ـ كيف تلفي نفسك في هذا الربع الخالي يا نطالي؟!.. افتح عينيك عن آخرهما وتمل في ما حولك.. أليست هذه هي الجنة التي بها وعدنا؟!!..(وألفت انتباهه لعويل صبية وطلق مدافع).. اسمع ـ إن أسعفك سمعك الذاوي ـ لزغاريد النساء ونشيد الصغار!! وأرهف السمع لدعاء الشيوخ يمجدون خطوة النصر والظفر يا نطالي!! انظر إلى الصبايا كيف جللت فرحة نزولنا صفائح وجوههن الوهاجة؟!.. وكيف عانقننا بباقات الفل والياسمين!! اسمع لهتافهن.. يا مرحى، يا مرحى بالفجر يبسط غلالته الشفافة..!! ويا هلا بنسائم الهواء تتدفق فتملأ الرئات الجافة..!! أجل يا نطالي، في عيونهم توق إلى حقائبنا الممتلئة عن آخرها بالحرية!.. إن الحقائب المحمولة على ظهور الدواب الحديدية لمقطع مغر من سامفونية الطيور الجارحة .. آه ، ما أقصى أفئدة الذوات المشحونة بالصوان والجرانيت يا زميلي!.. يا لسخرية الأقدار! ضحك على الذقون في واضحة النهار.. خرج نطالي عن صمته، بعد أن دعك ثمالة السيجارة بمقدمة حدائه العسكري ونطق بلهجة متراخية.. أشعر بألم في بطني يا كارمن.. أحسست بجوع فظيع ينهش أمعائي. اختزلت نظرات كارمن كل معاني الخزي والرثاء، وظل على هذه الحال يتفرس في وجه وشحته البشاعة والبلادة، في جمجمة محشوة بالأماني الخادعة. لم يأبه نطالي لهذه الأشعة الحارقة المنسابة من عيني زميله، واستطرد كمن أفاق بعد إغفاء.. يؤلمني أن أراك متضجرا ممعنا في الشكوى إلى منتهى الحدود يا كارمن! هلا عدت إلى صوابك، وطردت عنك ذيول اليأس التي أجهزت على نفسك، حتى تبدت لك الجنة ربعا خاليا ومفازة موحشة؟ تشبث بحبل الأماني يا صاحبي.. غدا أو بعد غد يهدأ الوضع، وينبلج الفجر مشعا الربع الخالي بأنواره ونسائمه الندية.. وما أدراك ـ أنت الذي جئت من أقاصي الأرض برتبة كابرال ـ بأن تعود غدا برتبة أرقى فينظر إليك بإعجاب وإكبار، ويردد الناس والمعارف: عاد اليوتنان كارمن من المعركة غانما!.. فما رأيك، أو لازلت غاضبا؟

ـ فيم يجدي الغضب؟.. لو كان الغضب قادرا على أن يمنحني جناحين لما ترددت في التحليق عاليا..

وعاد نطالي إلى سالف أحلامه السرابية مغريا رفيقه بجنة من وهم، من دون أن يذري بأنه موجود الآن في مكان افترع كبرياؤه، وزمن احترق ربيعه:.. البس رداء التفاؤل واستيقن بأنك ستحلق غدا على متن الطائرة وتجوب الشوارع بالسيارة الفارهة.. البنزين تحت قدميك وبنات دجلة ونسائم الفرات طوع يمينك!!

لم يزد كارمن عن قوله متذمرا: .. يا من زاغ عن دائرة الوعي وارتمى في أحضان المجاهل المريبة.. يا مغرورا بلسان من ينظر إلى واقع الناس بعيون رمداء!

ولهج نطالي: .. يا حبيبي كارمن، خفف من جنوح لسانك..احذر أن تجاهر بهذا الكلام حتى لا تتعرض لضربة شمسية تباغتك بها عيون الصقور التي لا تنام... آي! آي..!

ـ ما ذا أصابك، نطالي؟

ـ الجوع.. الجوع..

ـ انصرف إلى واحدة من هذه الدور المشرعة الأبواب عسى أن تعثر على ضالتك..

ـ هل يسعفني الحظ فأضع يدي على أرنب حية مذعورة عالقة بين الأنقاض؟

ـ وما حاجتك لأرنب حية مذعورة؟

وتمادى نطالي يهدر بما تمليه عليه نواياه الملوثة، مصطنعا أنات متقطعة، مادا في ذات الوقت أنامله أسفل بطنه تعبث في حركات شاذة.. جوع آخر خبيث حارق! لا يرحم يا كارمن..آي.. آي..

فطن كارمن للنوايا الشريرة واكتفى بأن نبس: ـ جرب حظك.. أما أنا فقد أنهكني الإرهاق وأرغب في أن أخلد لنوم عميق.. سألج باب هذه العمارة عسى أن أجد مضجعا آمنا ولو بين أنقاضها..

وانساب نطالي كالكلب الجائع هائما في دنيا الظلام، بينما سعى كارمن في تخطي الحجارة والأتربة.. تمكن بعد لأي من تجاوز الأنقاض، فألفى نفسه على أبواب غرفة لم يطلها النسف والتدمير. تقدم نحو الباب المشرع في خطى وئيدة حذرا كمن يمشي على سطح غرفة مهترئ.. مد عنقه ذات اليمين وذات الشمال خيفة وتوجسا.. أثاره سرير راكن في الوجهة المقابلة.. اشرأب بعنقه مندهشا وتبث بصره على جسد ممدد لا يبدو منه غير الوجه يحفه شعر بني ناعم. مد قدمه اليمنى إلى الأمام معتمدا بيده على لوحة الباب المائلة، فتداعى فجأة جزء من السقف ليجد كارمن نفسه عالقا بين العمد الخشبية كفأر وقع في المصيدة. وعلى الرغم من الألم الذي يكابده ، فقد شعر في هذا الخضم بوحشة مرعبة، انقبضت أنفاسه ولم يعد قادرا على تشخيص دوره في مسرحية عبثية تندر بالويل والثبور.. طاوعته نفسه أن يصيح طلبا للغوث بيد أن لسانه المنعقد خذله.. ومن يسمعه حتى ولو أفلح في تمرير رسالته؟ ندى السامرائي دخلت في غيبوبة حادة منذ تسرب إلى أذنيها دوي النار الذي قصف البيت ووارى الأحبة تحت الثرى في غير ميعاد. وتلاشت إغماءتها وأمست في وضع من أبصر بعد عمى.. واستوت على حافة السرير تنظر إليه في صمت وعيناها المنزعجتان تشعان دهشا واستغرابا.. وفكت عقدة لسان كارمن وخفت وطأة آلامه، وكأن هذا الوجه الصبوح قد شفى بنوره الوهاج كلوم نفسه وندوب جسمه، ومنحه بعض الأنس والدعة.. حرر يده من تحت لوحة خشبية عتيدة وجعل يلوح ناحيتها ويهتف في ما يشبه الهمس:

ـ هبي يا طفلة، مدي لي يديك وأسعفيني ما استطعت إلى ذلك سبيلا..

قامت من على السرير فخطت نحوه منزعجة في صمت مريب، وتفرست في وجهه فنبست قبل أن تمد إليه يدها: ـ من تكون أيها الأشقر الغريب؟ ما الذي جاء بك إلى دارنا؟

ـ فكي قيودي أولا قبل أن يذوب جسمي وينطفئ مصباح حياتي..

وخلصته بعد لأي من عقاله، فنهض وشد براحتها فانقادت له وشرعا في اجتياز امتحان الأنقاض ولسان حاله يردد.. لن نتخلى عن بعضنا لن أتركك لقمة سائغة للعقبان الهائمة في حمى الغير.. أربأ بنفسي أن أسخر عقابا، أو كلبا صيادا يعزز حفلة قنص دنيئة في حمى الغير..

وسألته ندى ببراءتها المألوفة: ـ إلى أين يا هذا؟ ألا تهاب اللصوص وصعاليك الليل؟ إنهم كالفطر منتشرون في كل مكان..

ـ لا تخافي شيئا صغيرتي.. سوف أحاربهم سرا وعلانية.. خلعت العباءة تحت سياط الضمير

ـ كيف تكون محاربا بلا سلاح؟

ـ سلاحي مدفون في خبايا نفسي.. لن يشق على عقاب مثلي اختراق بني عمومتي! لن أتوانى في تكسير مناقيرهم ومخالبهم..

وفي اندهاش نبست في همس متسائلة:

ـ أ أنت عقاب يا هذا؟ ـ أبدا صغيرتي.. خلعت العباءة تحت سياط الضمير. وجازا منعطفا مفضيا إلى الشارع الطويل.. ما يزال ممسكا بساعدها يواصلان السير إلى.......

صفاء الأحمد 07-12-2013 02:52 PM

من إبداعات كُتاب منابر ..~
 

صفاء الأحمد 07-12-2013 02:56 PM


إلى العُلا / ياسر علي .



جمع صفحات بحثه الذي استنزف كثيرا من وقته ومن مخزونه الفكري والمعرفي ، ضمنه باقة اجتهادات و نظريات حول طرق بلوغ المجد والنجاح ، لم ينس فكرة ولا قولة حكيم ولا عبرة ولا دراسة إلا أتحف بها رسالته التي يراها قيمة ، حفزه إعجاب أساتذته المؤطرين و معظم من يثق بهم بمنهجية تناول الموضوع وما يتضمنه من كنوز معرفية وإبداعات خلاقة . وصل اليوم المعلوم ، القاعة مكتظة مدرجاتها بالطلبة والأساتذة وبمعارفه وأصدقائه ، استوت لجنة التقويم على الكراسي والكل ينتظر إطلالته وهم متعطشون لما سيقدمه المرشح لنيل هذه الشهادة العليا ، منذ الصباح الباكر يحاول التركيز وجمع شتات نفسه التي تتبعثر على ضفاف الانتظار وتتشظى صلابتها كلما اقتربت ساعة الحسم ، من النافذة لمح سيارة صديقه السوداء ذات الزجاج الغامق الحاجب للرؤيا فملأ رئتيه هواء منعشا ، لبس بذلته الزرقاء التي اقتناها خصيصا ليظهر في أبهى حلة في هذا اليوم الذي لا يتكرر في العمر ، لف ربطة العنق السماوية اللون متدلية على قميصه الأبيض ، بقدر إضفائها رونقا على حلته الزاهية تزيد أنفاسه البطيئة اختناقا ، لكنه يحب التحدي والصمود ، أطياف النور المتدفقة من نافذة غرفته تشع من خلال حذائه الأسود ، أمه تطوف بمبخرتها أرجاء المنزل فيتصاعد دخانها ذو الرائحة الطيبة طاردا أرواحا شريرة تحب إفساد السعادة في قلوب البسطاء ، رشته بحبات ملح و هي تتمتم كلمات حفظتها عن ظهر قلب كما وصاها الفقيه ، أنهت طقوسها وارتدت جلبابها و بلغتها وسترت شعرها الأشيب بحجاب أسود فنادت طفلها : هيا يا بني فموعد المحاضرة يدنو وصديقك بالباب " لسعته القولة على مستوى قلبه الذي انطلق خفقانه المزعج ، أمام المرآة يسترجع أيام طفولته الأولى حين كان الظلام يغزوه خوفا ناهيك عن بغلة المقبرة وعنزة دور العبادة وكل تلك الشريرات ذوات المخالب والعيون الحمراء اللائي يتربصن بالصغار ، توجه إلى الثلاجة و أفرغ ماء مثلجا في جوفه مستردا نشاطه ، انحدر مع السلم معانقا صديقه ولسانه لا يستحلي الكلام ، أعطى الحقيبة لأمه التي قبلتها وحضنتها بينما وضع حاسوبه على رجليه ، وباله مشدود بابتهالات منبعثة من منشد بارع ماهر ترتقي به إلى رحاب السماء بينما العجلات بدأت في الدوران .
بالأمس أخضع نفسه لامتحان عسير ، تسلق مئذنة المسجد غير آبه بتلك العنزة المقيتة ، يتسلق الدرج بيديه ورجليه محاولا التماسك مجابها دوارا كثيرا ما حرمه من التمتع بتلك النظرة الفوقية ، تلك القدرة الملائكية ، ذلك الطيران في الآفاق ، ذلك المعراج الذي يستصغر مطبات الحياة ، كلما أطل خلسة من نوافذ الصومعة اختلت فيه الموازين وانقلب عالي الأرض سافلها ، لتجتاحه تلك الحمى الملعونة ، جف حلقه واصفرت ملامحه لا هو قادر على الصعود ولا الهبوط ، يستغيث بكفايته العلمية فيعرف تمام المعرفة أن ما يدور في خلده مجرد أوهام ، يعلم علم اليقين أن تلك التخيلات أضعف من أن تهتز لها الأرض و دعامات المئذنة ، لكن في الوقت ذاته يحس جبروتها و استعصاء تجاوزها والقفز عليها وقد استوطنت نفسه ، تذكر المجنون و حركاته وحواراته وانجرافه مع العوالم الخفية ، لطم خده ، فقالت أمه : " ضربة عين حاسدة ، خمسة وخميس عليهم " توقف صاحبه ، ترجلا من السيارة ، لامسته برودة آتية من البحر ، يسأله صديقه ، " ما بك ؟" يرد عليه : " لا بأس أنا بخير ، لن أستسلم " .
رجعا إلى السيارة فطمأن أمه أنه نسي دعوة واحد من أصدقائه المقربين ، وهو يقول في نفسه ، ما أحلى الكذب ، لولاه لما استطعنا الصمود ، سأحاول أن أكذب على نفسي لعلها تهدأ ، تسعة وتسعون ، ثمانية وتسعون ، سبعة وتسعون .... وهكذا استرسل في عد تنازلي لكن كلما اقتربت السيارة من الموقع استبد به الحال كما بالأمس كلما أصر على الصعود أفرغت معدته محتوياتها ، أحس بمغص شديد رغم أنه لم يتناول غير ماء وسكر فغلبه قيء خفيف كاد يلطخ بذلته وحذاءه ، بعض بقع صفراء تموضعت على حاسوبه ، قدم له صديقه منديلا ورقيا في صمت ، لحسن حظه توقفت السيارة فأسرع نحو الحمام ، متخلصا من إفرازات جسمه ، خلل وجهه الشاحب بالماء ، ناوله صديقه قطعة حلوى فالتهمها بنهم ، ساعده على شحذ همته واسترداد ألقه ، فتوجها إلى القاعة ، عند الباب قال : " دعواتك أمي " .
دخل من البوابة من حيث يرتفع على الجميع ، نظره لا يفارق حذاءه ، هذه الشرفة تكاد تعلو تلك الصومعة التي قهرها بالأمس ، رغم إصرارها على هزمه ، تذكر والده وهو يغادر الحياة : " لا تستسلم ، كن شجاعا ، كن قويا ، كن رجلا...... " أحس بنظراته تنهره ، رأى صرامة ملامحه ، سمع صوته ، فارتعب وارتعشت يداه وهو يبسط محتويات حقيبته ويهيئ حاسوبه ، رفع رأسه فتراءت له عيون محمرة على امتداد البصر تفترسه ، فهوى بعينيه مسقطا قلمه تحت المنضدة ، لعله يحظى ولو بلحظة خلوة مع نفسه ، سرعان ما عاد بعدها إلى الصورة ، المنشط ذكر بموضوع اللقاء ، وصاحبنا جاء دوره في الكلام ، نقر نقرات خفيفة على الميكرفون بأصبعه فسمعها تدوي على أغشية أذنيه أضعافا مضاعفة ، حنحن فانطلق صفير مزعج من مكبر الصوت أرغم الكل على غلق عيونهم وآذانهم ، فانطلق لسانه في غفلتهم يلتهم الصفحات ، و تحررت يداه مساهمتين في توضيح العبارات بمرونة نادرة ، فشخصت الأبصار أمام هذا الفيضان المعرفي ، وهذه القدرة الخارقة على البرهنة والاستدلال ، و تلك الموهبة الفذة في الخطابة و السيطرة على الموقف ، فاتضحت البيانات على شاشة عملاقة ، وقف الجميع تصفيقا وإعجابا.
في نهاية العرض ، بطلنا يرى عيني والده تبتسمان فرحا و هو يلوح بيديه كما فعل بالأمس من أعلى الصومعة و زغرودة أمه تحمل إليه بشرى النجاح مردّدة: إلى العلا إلى العلا .


صفاء الأحمد 07-12-2013 02:59 PM

ما لا يغفره وطني ( مكافأة في وطني ) / آمال بوضياف .

تشير الساعة إلى لا وقت، خالية من عقاربها عارية من حقيقتها منبوذة كذاته اللحظة، تتسرب برودة الظلام في تلك الغرفة المقصية من الوجود إلّا من وجود السجن إلى جسده المنهك من ثلاثين عاماً قضاها حاملاً قطعاً لا تحصى من الطبشور، الطبشور الذي مازال تحت أظافره عالقاً.. ساكناً بين خلايا جلده، معششاً في رئتيه وشاهداً على أجيالٍ وأجيال.
جالساً في ركنها مع من ظلمتهم الحياة أو ظلموا أنفسهم كأنّه "..." يبحث في ذهنه عن تشبيه أو كلمة تليق به هو المربي السجين، يجلس بينهم فيكمل كأنّه "السفاح" سؤال متوقع في ظلام المربع: "ما تهمتك؟ " الإجابة: "عاقبت الولد" التعليق: "لا بد أنك مزقته" يضحك بسخرية من دوران الساعة الخالية من العقارب، لا يجيب لكنّه يلعن حرصه على الولد.. يلعن التربية والتعليم.. ويلعن السلوكيات المنحرفة التي يأتي بها كلّ جيل جديد، يهمهم: "أمّهات غياب أمام التلفاز أو في العمل، آباء يركضون خلف الخبز، وأولاد يأكلون "الساندويتش" ويربون أنفسهم" يتكرر السؤال مرة أخرى لكن بإصرار: " ماذا فعلت للولد؟ " ينظر أرضاً يجيب: "ضربته على يده لكنّه تحرك بطريقة ما فسببت له أثراً.. " يتم بهمس "..طفيفاً" يضحك المجرم بل يتمرغ ضحكاً يعلّق: "أنت تكذب، لا بد أنّك أبرحته ضرباً" يفكر بصمت "ما دمت هنا.. فلا بد أنّني أبرحته ضرباً، ما دمت هنا.. لابد أنّني أكذب، مادام هناك طبيب محلف يشرب فنجان القهوة الضخم ليقدّم شهادة طبية بعجز لأسابيع وشهور.. لا بد أنّني السّفاح"
يسكت عن الضحك ينظر إليه بشفقة.. يقول بجد أكبر: "بابا ما تزعفش، والله لا يستحق أحد حزنك أنت ربيت أجيالاً وأجيال وهذا شرفك وكرامتك.. لا يستطيع أحد إذلالك"
يرفع رأسه ينظر إليه وإلى المكان لا ينبس ببنت شفه لكنّه يتذكّر حديث زوجته: " لا تعاقبهم، الله لا جْعَلْهُمْ يَقْراوْ، غداً يسببون لك المشاكل، آباؤهم مرتاحين وأنت تهتم؟؟" يتذكر رده بحزن مخلوط بالندم: "لا أستطيع ترك الأولاد يضيعون، أنا لا أأذيهم فهم أولادي لكن.. بعضهم تعوّد العقاب من صغره وتربى عليه فلا يغير سلوكه بغيره، هو مجرد تنبيه لكن ملموس" امتعضت بصدقٍ من رده وقالت: "اسكت يرحم والديك، ستندم على حبك هذا يوماً، واش يجيك من الناس قل لي." يهمس: "ماذا أتاني؟ هذا ما أتاني"
أسبوع كامل من التحقيق والسجن، ورغم أنّ الولد لم يكره المعلم ومازال ينتظره كل يوم، ورغم أنّ الأثر ما كان ولم يوجد أصلاً، صدر القرار بالتوقيف عن العمل والإقصاء كمكافأة نهاية الخدمة، يستلم القرار يقرأه بتمعن ينظر لكل من حوله، يتطاير الزبد من فمه يسقط تدريجياً على الأرض، يرى ثلاثون عاماً تمّر كلمح البصر.. يبتسم.. بالكاد يقول: "شكراً" يشهّد بطلاقة ويغادر حاملاً قهره والوطن حين يتضافر لكي لا يغفر.

صفاء الأحمد 07-12-2013 03:01 PM

حنظله / محمد فتحي المقداد .



الطفل حنظله.. حافي القدمين .. ثيابه رثة.. ترك المدرسة من شدة الفقر, والده لم يستطع أن يفي باحتياجاته من قلم الرصاص والدفتر. دروب العمل معطلة.. والبطالة متفشية, الفقر أصبح موضة أكثرية العرب.
كان حنظله نموذجاً حيّاً ومباشراً لأطفال العرب خصوصاً, وأطفال العالم الثالث عموماً .. لا يشربون كأس الحليب الصباحي كل يوم. ولا يجدون بيضة مسلوقة.. يسمعون عن حليب النيدو.. ولا يرون إلاّ علبته الأنيقة الصفراء في الاستخدامات المنزلية.. بينما يشربون على فترات متباعدة حليب أكياس الوكالة.
مُذْ وعيتُ على هذه الدنيا كانوا يحكون لي عن حنظله, كبرتُ, وبقي هو طفلاً رغم أننا نجايله, سرحنا في متاهات الدنيا, وبقي مرابطاً مكانه, وهو مرابط على ثغرة يخشى أن يخترقها العدو.
تطمئن نفسي ويرتاح قلبي, كلما أراه في مكانه متسمراً في موقعه, رابضاً لا يعبأ بما يجري خلفه, عيناه للأمام, ووجهه للأمام, وصدره للأمام, لا يتطلع للوراء كي لا تضعف عزيمته من حال أمته , تعلّم و ركّز أن تكون رؤيته للمستقبل, وأقسم أنه لن ولن يلتفت للخلف أبداً.
ملامح وجهه مجهولة للجميع, يكذب من يَقول أنه يعرف قسماته, أبوه ناجي العلي الذي يعرفه فقط, وأمه التي أنجبته.
وفي السنوات الأخيرة ومع تطوّر عمليات استنساخ الأجنة وأطفال الأنابيب, فقد قاموا بنسخ أجنة شبيهة بحنظله, لكنها يبدو أنها شكل بلا مضمون, مسخ بلا روح. وقد فاتني أن أستوقف أحدهم عندما مرّ ممسكاً بيد والدته في السوق في محلات الألعاب الإلكترونية, وآخر يركب عربة يدفعها والده بيد, ويمسك بالأخرى ذراع زوجته وهما يتمشيان على الكورنيش والنسيم العليل عند المساء.
وفي محل ألبسة الأطفال رأيت أحد هذه النّسخْ, والدته تشتري له طقماً من الجينز وهو يتفلت من يدها محاولاً العبث بمحتويات المحل, وشدّني الفضول لوسامته الأنيقة, و نسيتُ ما كنت قد جئت من أجله, تابعت ذلك الطفل الأشقر, كأن الشمس قد عبثت بشعره فصبغته بلونها الذهبي, و البحر قد وهب عينيه زرقتهما, حتى انتهوا من شراء الملابس وخرجوا لمطعم الوجبات السريعة "ماكدونالد" وجلس قبالة والدته على الطاولة الملونة, وراح يلتهم الوجبة التي يحبها, بعد أن وضعتها النادلة أمامه.
وما إن مشيت قليلاً في السوق, مررتُ برجلٍ على عجلة من أمره, ويطوّقُ عنقه بالكوفية الفلسطينية, ويمسك طفلاً ما استطعت أن أتبين وجهه, ولكن شكله من الخلف أنبأني أنه حنظله, وكاد قلبي ينخلع وراءه,وأنا أصرخ عليه أن يتركه, إنه ابن ناجي العلي, وكأن صيحاتي كانت في وادٍ سحيق الهوّة, لا أسمع إلا نفسي ورجع الصدى يرّن في أذنيّ, أخيراً أيقنت أنه ليس ابن ناجي, لأنه يركض والفرح والسرور بادٍ عليه, رغم المسافة التي تفصلني عنه في زحمة المتسوقين, يركض بجانب والده الذي يسابق الزمن بخطاه الواسعة ليلحق بموعد مدينة الألعاب.
ناديت بأعلى صوتي... حنظله .. يا حنظله.. وقد خشيت أن يكون هو الذي ببالي, لم يطل الأمر حتى أنجدتني ذاكرتي ونهرتني, وأكدت لي أنه ليس هو..
قالت لي: " إنه هناك لا يزال محتجباً بوجهه عن الجميع, محتجاً على الوضع العربي, ولن يدير وجهه للخلف لأن فلسطين لم تتحرر, وبغداد سقطت, والربيع العربي لم يطل به المقام, حتى تحوّل لخريف دائم , حفظ الطفل وصية أبيه, وبقى مرابطاً على شفير الهمّ العربي المتطاول من طبنجة, والمستطيل حتى رأس الخيمة ".
عُدتُ لرشدي..
انفرجت أساريري..
انشرح صدري. بأعلى صوتي.. ناديت :
راجعين يا بلادي .. راجعين ....

صفاء الأحمد 07-12-2013 03:03 PM


صفاء الأحمد 07-12-2013 03:06 PM

لقاء بعد عشرين عاما / نبيل عودة .
(نكسة حزيران لم تحمل فرح اللقاء بين شقي البرتقالة )

ترامت نظراته فوق الصورة، حدق بالوجه الجامد الذي يطل منها. وجه كان حظه من التاريخ الإهمال في زاوية من زوايا الأرض.. تجعد بالطول وتجعد بالعرض، أصبح أشبه بلوحة للرسم البياني.. لوحة مربعات بدون أي تنسيق هندسي... عبر هذا التاريخ بثقله، بإهماله وآثاره فوق هذا الوجه، يلحظ الناظر آثار تشير إلى جمال سابق وفتنة ماضية.
كانتا عيناها عميقتان بائستان إلى ما لا نهاية، تحتهما أنف.. ليس كأنف كيليوبترا، لذلك لم تتغير أوضاع العالم ولا حتى أوضاع المنطقة التي تعيش فيها. كانت التجاعيد التي تجعل الوجه أشبه ما يكون بلوحة رسم بياني كافية لإخفاء ذلك الأنف بشكل يعجز عنه حتى فنان متجرد.
هل هي حقا كذلك؟
سقطت دمعة بلورية فوق الصورة فسارع يزيلها بطرف ثوبه، محاولا إخفاء وجهه، في لحظات انسابت أمامه ذكريات عشرين عاما.
عشرون عاما أحالوا بينه وبين رؤية هذه المرأة التي هي ...أمه!!
كان الصمت ثقيلا حتى انه لم يتحمل ذلك.
رفع عينيه عن الصورة، نظر نحو الرجل الذي جلس بجانبه، أخوه فيصل.. فيصل الذي كان تلميذا في تلك الأيام السوداء. مرت بخاطره صور متلاحقة من الماضي.. كان يود لو كان الماضي غير ما كان وكان يود لو كان الحاضر غير ما هو عليه الآن.
أخذ نفسا طويلا، عصر المستنقعين الواقعين تحت جبينه العريض محاولا تجفيفهما.
كان فيصل ما زال يجلس قربه على الكنبة العتيقة، في ناحية أخرى من الغرفة كانت زوجته.. وجهها شاحب حزين.. وعلى ذراعها طفلهما الذي استيقظ قبل لحظات وراح يبكي ويصرخ... إن موعد أكله قد حان ولكن أمه لم تعطه شيئا في غمرة هذا اللقاء القاسي.
لماذا لا يفهم ويكف عن البكاء؟
منذ عشرين عاما لم يلتقوا، لماذا لا يفهم الطفل هذا؟ منذ عشرين عاما... فقط اليوم .. والى جانبها كان بكرها فوزي، يضغط على أعصابه ويتمالك نفسه حتى لا تنفجر دموعه... وحولهم انتشر باقي أفراد الأسرة .. سمير ،جمال ، نجوى وفؤاد...
الطفل ما زال يصرخ ويحطم إطار الصمت. لأول مرة شعرت به يثير حنقها. ماذا تستطيع أن تفعل له؟ إن الحليب قد جف في صدرها من الرعب الذي اجتاحها منذ أن رأت على مسافة غير بعيدة عن قريتهم الطائرات وهي تنقض على كتلة اللحم والحديد المتراجعة، فلا تتركها إلا وقد مزقتها بالنار. كان دائما يخيل إليها ان ابنها فوزي بينهم، لكنه لم يكن بينهم.. فقد عاد، عاد منهكا، عاد محطما، عاد والدموع معجونة في وجهه وعينيه... عاد، عاد ، عاد.. تلك هي الحقيقة التي أثلجت صدرها في أيام الرعب، تلك هي...
قطع صوت زوجها استرسالها..سال أخيه وهو ينظر لصورة والدته :
- لماذا لم تحضرها؟
نفس السؤال عاد يكرره بعد صمت طويل. لماذا لا يغير الحديث؟ لماذا يبكي الطفل؟ لماذا يصرخ بهذه القوة؟
- في الأسبوع القادم.. ان شاء الله !!
في الأسبوع القادم... هل نطق فيصل بذلك ..؟ انه لا يذكر تماما.. ولكن أذناه التقطتا تلك الكلمات.. وعاد ينظر الى الصورة أمامه.
أخذ صراخ الطفل وعويله يشتد .. فلم تجد الأم بدا من تلقيمه حلمة ثديها .. ودخلت نجوى تسخن الحليب .. لماذا لا يكبر الأطفال بسرعة؟!
******
أخيرا اقترب موعد اللقاء الذي طال حتى ابتعد عشرين عاما. اليوم سيلقاها .يعتريه شعور متوتر كلما فكر بلحظة لقاء أمه بعد عشرين عاما من الانقطاع. كانت المراسلات عبر أثير الراديو لا تشفي الشوق بلقاء أهله الذين فرض الفراق عليه وعليهما .
كانت شمس أواخر حزيران تسطع بقوة.. وكان الأب يشعر بدبيب الاضطراب، فازدادت حركته في البيت، على غير عادته ... وما انفك ينظر من النافذة عبر الشارع المتعرج الممتد إلى الأفق.. ومع كل سيارة تظهر يتخيل وجه والدته داخلها ، وجهها كما كان يعرفه قبل الفراق، فيخفق قلبه بقوة.
هل ستعرفه بعد هذا العمر؟ هل هي حقا كما رآها في الصورة منذ أسبوع؟ .. إنها أمه، ويريد أن يلقاها..مهما بدت غريبة عنه اليوم... كان الوقت يمر ببطء شديد فتمدد على الكنبة العتيقة، نفس الكنبة التي جلس عليها في الأسبوع الماضي بقرب أخيه فيصل.. كم يود ان يرى أولاد أخيه.. ولكنه لا يصدق ان ذلك الرجل هو فيصل نفسه ، بالأمس فقط كان طفلا صغيرا ... كأن عشرين سنة مرت بغفلة من الزمن...
انه لا يزال يذكر صوتها الأمومي وهي تحذره ، بسرور طفولي بعد زواجه من انها ستطرده من البيت هو وزوجته اذا خلفا لها بنتا... وإنها لن تقبل بأقل من ولد ... تسميه على اسم زوجها الذي مات سنوات قليلة بعد زواجهما. كان لها ما أرادت، غير أن القدر رفض أن يعطيها الفرصة لترى حفيدها... فرقتهم النكبة!!
عاشت العمر كله تنتظر يوم اللقاء... وعاش يحلم بالعودة ولقاء الأحبة..
انتبه الأب لأصوات كلاب تنبح.. اراد ان يتحرك من مكانه.. لكنه تجمد عندما رأى ابنته نجوى تندفع نحوه صامتة ووجهها قد فقد لونه واصفر..
- أبي.. إنهم هم !!
ماذا يعني ذلك؟ هل يمكن ان يحدث مثل هذا الأمر ...
- لا تخافي..
همس من بين شفتيه بصوت مرتعش .. واندفع للخارج .. أطلت الأم بوجهها المتصبب عرقا من حر المطبخ ، تبحث بعينين اتسعت حدقتاهما عن زوجها... ثم اندفعت خلفه.. كان أولادها قد ذهبوا إلى السوق لشراء الخضار والفواكه لهذا اليوم العظيم!!
ماذا حدث بعد ذلك؟ كل ما حدث يبدو غريبا...
لقد جاءوا برفقة الكلاب النابحة..!!
لم يفهم احد شيئا في بادئ الأمر.. ما كاد يطل الأب من الباب حتى دفعه جنديان مبعديه عن البيت!!
ما كل هذا؟!
بعد لحظات كانت تقف بقربه زوجته وابنته..الضابط قال بأن البيت سينسف؟!
- لماذا؟؟
- الفدائيين مروا من هنا!!
- ما علاقتنا بذلك؟
- النقاش ممنوع!
- أين أذهب بعائلتي؟
- اخرس!!
- لكنه بيتي...
- اقفل فمه أيها الجندي..!!
جمد الخوف الأم والبنت وربط لسانيهما !.. الأم تقول لنفسها "الحمد لله لأن فوزي ليس هنا.. كان من المحتمل ان يشتبك معهم.. أو يعتقلوه لأنه شاب.. ثم كيف سيهتدون لأثره في سجونهم؟.. ولكن بيتهم .. أثاثهم.. واتسعت عيناها أكثر وأكثر.. يا الله .. انه نائم في الداخل. أطلقت صرخة مروعة:
- طفلي.. طفلي نائم في الداخل!!
حاولت الاندفاع نحو البيت، لكن اعقاب البنادق اعترضت طريقها.. أما الأب فانطلق كالقذيفة نحو البيت..
- عد...عد...
ارتفع صوت الجندي مرفقا بطلقات رصاص في الهواء.. صرخت نجوى:
- با ... با ...
انهارت على الأرض .. وعاد الجندي يصرخ :
- عد ... عد ..
وانطلقت رصاصات أخرى...
أحس الأب بظهره يحترق. حاول ان يركض. كان الألم ينهش جسده. حاول ان يقفز .. تجمد في مكانه. شيء غريب يمتزج مع ذاته. لكن طفله في الداخل. خطى خطوة.. رغم أن الأرض تدور به بشدة. انه يرى أمه بوجهها الذي يعرفه، بل بالوجه الذي أطل عليه من الصورة.. المربعات.. شيء لا يستطيع ان يفهمه. ماذا يريد؟ لماذا هذا الألم؟ لماذا الأرض تدور هكذا؟ لماذا يبدو البيت مائعا أمام عينيه؟ فجأة لاح له وجه الطفل... والبيت سينسف. اعتصر كل قواه في لحظة. جر قدميه .. صرخات حادة تخترق أذنيه ، يجب ان ينقذ الطفل.
انحنى على الأرض ثم فتح عينيه، .. لقد احتاج إلى قوة خارقة ليفعل ذلك. رن في سمعه صوت أعاده إلى ذكرى الحنين واللقاء... كان ذلك صوت سيارة.. إنها قادمة.. أمه التي انتظرها عشرين عاما.
نسي الألم .. نسي كل شيء.. كابوس من الغموض يملأ افقه.. أفكاره.. الصراخ يدو في راسه .. "طفلي" صراخ رهيب.. ابنه في الداخل والبيت سينسف. السيارة تقترب.. جر نفسه خطوة.. وخطوة.. وخطوة.. وهدير السيارة يملأ سمعه ويعلو.. والألم يشل كل ذرة في جسمه... والدوران يشده نحو الأرض.. انحنى على ركبتيه... خليط غريب من الأصوات يخترق سمعه.. خليط غريب من الألوان يملأ المناظر أمامه.. ميوعة .. دوران.. وقوة خارقة تشده أكثر نحو الأرض... وترغمه ... آه .. طفله؟.. والبيت سينسف .. أمه.. السيارة تقترب.. اعتصر كل قواه.. كل عضلة في جسمه، حاول ان ينتصب بقوة، فالتصق بالأرض!!
ملاحظة – كتبت هذه القصة في (15-02-1968) بعد النكسة، التي جمعت بين شقي البرتقالة تحت الاحتلال !!


صفاء الأحمد 07-12-2013 03:09 PM

عهد المقدسية / محمد غالمي .

وشحت صدرها بعدتها الأثيرة، ورسمت قبلة على جبين أمها ـ أم ثكلى تترقب شوقا أن تعن في سماء الحمى فلول الظلام وعناقيد الثمار المحرمة ـ ولت شطر الباب غير هيابة.. تلك هي شموس، أو عهد المقدسية ذات المقلاع أو القلادة الغريبة، فتاة منضبط سلوكها، مسموع صيتها. لا تفتأ تمقت سرا وعلنا أكلة أرضها من ذئاب الليل اللقيطة. توقن دوما بتفاهتهم وجبنهم، حتى انطبعوا في عرفها صيدا هينا، متيسرا قطفه بشحنة من بريق القلادة. تلازم على الدوام ركنا أثيرا في سطح ملجئها، تترقب أشباح السرب الظلامي محمولا على متن حشرة عملاقة من فولاذ تقصف النار. ارتعدت أطرافها جذلا وحبورا. أيقنت بأن ضربة شمسية كفيلة بإذابة الحديد. ضخ فؤادها شحنة من أضواء تلاشت معها عتمة السطح. انتفضت متأهبة ورصيدها الثمين إيمان وعفة وإصرار.. وصدرها موشح بقلادة تحصد رقاب الهمج الأشرار. ابتسمت شامتة مستهجنة، ولأمر ما تجردت من القلادة وجعلتها طوع اليمين.. دست في مركزها حجرة مكهربة. يا للمنظر البهيج! يا لشعاع الشموس الحارقة يندلق من بطن القلادة! يا لذلة الحشرة تهوي في منحدر!.. ويا لمهانة قائدها يخر نازفا من وقع اللطمة ! ولت عهد تزف لأمها الثكلى حصيلة ما أتلفت من تمار محرمة وفلول ظلام مغيرة..

صفاء الأحمد 07-12-2013 03:12 PM


الحلم والحقيقة - محمد محضار

عاش يحلم ، ويروض نفسه على احتضان حلمه ،وكأنه حقيقة مؤجلة إلى حين , ذات صباح اكتشف أنه هوأيضا كان مجرد حلم ورد سهوا في سياق" الحقيقة"


صفاء الأحمد 07-12-2013 03:15 PM


صورة جماعية / مضر العباس .
من خلف الستائر كان يسترق النظر عبر الفناء الخلفي للبيت ..
مراهقٌ يراقبُ بشغفٍ تفاصيل ابنة الجيران الناضجة ..
يتحسس الفوارق بين النساء والرجال .. بينما تنشر هي الغسيل غير آبهة بنسائم تداعب ثوبها الحريري .. لتبدو الفوارق أشّد وضوحاً ..

لم تعد الفوارق بهذا القدر من الإلحاح ..
ولم تعد النسائم أليفة كما مضى ..
فالأفق الصغير بين الستائر المغلقة وحبل الغسيل صار مكتضاً بأطياف حزينة ..
يعج بخيالات جميلة .. حميمة .. تحرق القلب بهدوء خلف الستائر المغلقة ..
لم تعد الفوارق مهمة بهذا القدر بعد اليوم ..
فالفناء الخلفي للبيت صار اليوم حديقة صغيرة تقتسمها ورود ربيعية دامعة المياسم ..
وظّل القلب مراهقاً يبكي خلف الستائر المظلمة ..
يسترق النظر عبر الفناء الخلفي للبيت ..
مراهقٌ يراقبُ بشغفِ تفاصيل مقبرة جماعية .. تضم صورة جماعية لكل أبناء الحي ..
وفي الزاوية القصوى ابتسامة هادئة لابنة الجيران الناضجة .. يلفها بحزن ٍعقد ياسمين ..

صفاء الأحمد 07-12-2013 03:18 PM

الجدار السري / ريم بدر الدين بزال .
كونه يقبع فوق تلة عالية معزولا عن كل ما يمكن أن يحيط به من مظاهر الحياة له دلالتان .. إما إن من بناه كان يريد أن يعتزل المجتمع و يكوّن مملكته الخاصة و إما أنه أراد أن يشرف على كل ما يحيط به بنظرة بانورامية سمائية ... أو أن ما يحيط به لم يعد يطيق أن يحتوي هذا الكيان بما يشمل بين جنباته.
الأصعب هو أن تزور هذا المكان ليلا .. و على غير المتوقع تفتح لك سيدته ببشاشة و ترحيب لطيفين تردك فورا إلى قصة لعلك سمعتها في طفولتك عن ساحرة في عمق الغابة تزين بيتها بالحلويات و تستهدف الأطفال تستضيفهم و تسمنهم ثم تأكلهم .. و لعلي كنت سأضحك من هذا الخاطر الطفولي لولا أننا قرأنا كثيرا في الآونة الأخيرة عمن لم تعد تستهويهم أية لحوم حيوانية فقرروا أن يجربوا لحوم البشر ...
انتابتني رعشة و أنا أضع قدمي في داخل البيت و أحاول أن أوازن بين الأفكار التي تعصف ببالي و بين ابتسامة مجاملة أحاول أن أرسمها دون أثر للتوجس في ثناياها.
كانت المرأة لطيفة و لديها بنات ثلاث في سن المراهقة و كان البيت يشي بنظافة مثالية غير أن هناك رائحة واخزة جدا استجديت كل قوى ذاكرتي لتحديد كينونتها غير أنني فشلت ..
تتكلم المرأة ببطء شديد و كأنها تريد أن تتكئ على كل حرف قبل أن تنتقل للكلمة الأخرى و كأنها تلقي درسا على أطفال الروضة و لا تريد أن يفوتهم حرفا أو لعلها توقن أن كلامها ذو قيمة عالية فلا تريد أن يسقط منه على الأرض شيئا في طريق إلى المتلقي.. و يفسر هذا البطء في الكلام بدانتها الظاهرة ففي غالب الأمر يعم البطء كل تصرفات الإنسان و ليس الكلام فقط .. و البطء قرين البدانة .
و لا تقل بدانة بناتها عنها و لكن وجوههن الصغيرة فيها براءة مستلبة .. براءة فقدت معناها منذ زمن طويل مع أن أعمارهن لا تشي بتجربة طويلة الأمد.
تعالى صراخ طفل صغير لعله رضيع من غرفة مجاورة كسر حاجز الخوف و الترقب و الهواء الثقيل الذي يغلف المكان .
قامت الأم في حركة رشيقة لا تتناسب مع بدانتها و عادت بالطفل الذي لا يبدو أنه دون الثالثة لكنه يلتقم ثدي أمه و يجلس في حضنها الكبير .. كان منظرهما مضحكا لدرجة أنني كتمت ضحكة مستغربة و قرصت فخذي مرارا و أنا متربعة على الأرض لأتأكد أنني أشهد واقعا..
ما الذي أتى بي إلى هذا المكان الغريب المخيف؟ ربما كان علي الانتظار في الطريق حيث تعوي الذئاب أو الكلاب فأنا لا أقدر أن أميز بينهما حيث أسهمت الحضارة في تدجين قدرتي السمعية .. لكنني خفت من التجمد بردا ريثما أستطيع العودة لمنزلي ..لكنني تذكرت أن من دفعني لأطرق على هذا الباب الغريب لم يكن البرد و لا عواء الذئاب أو الكلاب.. من دفعني كان انقطاع الاتصال بالهاتف الجوال لأطلب نجدة من مكان ما ..
و للوهلة الأولى من طرقي على الباب تأكدت أنه لن يكون ثمة اتصال و لن أستفيد شيئا من دخولي إلى هذا البيت و لكن استثارتني الفكرة بأنني قد أعثر على مادة قصصية مثيرة في مكان ناء و منعزل كهذا .. طبيعتنا البشرية غالبا تجعلنا ننسى ما نحن فيه من ظروف سيئة و عاجلة لننشغل بأمور جانبية لا تساعدنا في الظرف الآني.. لكن لو ابتعدنا قليلا عن المنطق لوجدنا أن الأمور لا تحدث مرتين في الحياة بذات التراتبية و لا حتى بذات التشكيلات و علينا أن ننتهز الفرصة بأي شكل ممكن لتشكيل حياة أخرى نرويها للآخرين بطريقة ما ..
وفي مطلق الأحوال الأفضل أن نذهب للحظة بدلا من انتظار مجيئها فما بالك بمن وضع في أتونها ؟..
عندما خرجت من بيتي قبل حلول المساء لموعد مهم لمت نفسي كثيرا و تساءلت عن الجنون الذي يخرجني من بيتي في هذا الوقت مع أصوات الرصاص المزغرد في الجو الذي يسمع من جهة قريبة غير مرئية .. تساءلت بيني و بين نفسي إن قضيت نحبي في الطريق ..هل سيكون ما ذهبت لأجله معادلا لمغامرة كبرى أفقد فيها حياتي؟ و كانت النفس الأمارة بالهوى تقول نعم تستحق فأينما كنتم يدرككم الموت و لو كان موتك الليلة فالأفضل أن لا يكون و أنت وحيدة ..
كأن هواجسنا دوما تأتينا من صلب واقعنا أو أنها نبوءة وشيكة التحقق.. منذ خروجي وجدت أن الطرق مغلقة و القتال محتدم بين الجهتين.. و سولت لي نفسي أن الخروج من هذا الأتون هو عين الصواب و أنني فعلت ما يتوجب فعله .. انحرفت في شوارع جانبية و بدأ الظلام يفرد خيمته السوداء و كأنه لا يكفينا سواد ما نحن فيه من قتل و تخريب.. و بعد انعطافات و استدارات وجدت نفسي على طرق ترتفع و تهبط و الهاتف النقال لا يعمل لسبب ما ..
تذكرت في تلك اللحظة مغادرتنا نحو بلد مجاور لحضور مؤتمر صحفي و الطرق مقطوعة بسبب الثلج و الضباب يغطي المكان، كان السؤال الملح في وقتها : أي جنون أخرجنا؟ لكنني كنت أعزي نفسي بوجود المجموعة التي كانت ترافقني و لا بد أن كلا منهم كان يدير في داخله نفس السؤال دون أن يجرؤ على طرحه علنا ..
خفت الآن و أنا هنا أن أطرح ذات السؤال خوفا من أن تسمعني عزيمتي فتفتر أو ينتابها الخوف و حاولت أن اهدأ حركتي و أريح قلبي قليلا لأشيع بعض الشجاعة في روحي ..
بيت يقبع فوق قمة قريبة يصدر منه نور خافت دعاني فوجدته طوق نجاة .. و ها أنا أدير نفس أسئلة الخوف لكن بطريقة أخرى ..
استأذنت الأم في الذهاب قليلا بينما بقيت معي بناتها الثلاث و قبل أن تخرج من الغرفة حدجتهن بنظرة جانبية زاجرة .. أعتقد أنني فهمت سببها فقد لمحت على وجوه البنات رغبة ملحة في الكلام و ربما انتظرن وقتا طويلا كي تتسنى لهن هذه الفرصة للحديث لكنني مازلت مكبلة بالخوف و أخشى منهن بالقدر الذي تخشى به الأم هذه الزائرة الغريبة في الليل..
تحدثنا بشكل مجامل لوقت طويل ثم اقترحن علي أن أبدل ملابسي و أخلد للنوم فلن أستطيع المغادرة إن لم تتوفر لي سيارة و ليس لديهن أي وسيلة اتصال بالعالم سوى سيارة تموينات تأتي أسبوعيا لتمدهن بما يحتجن إليه من أطعمة و أشربة ..
كانت لدي حاجة ملحة للذهاب إلى الحمام و كان آخر ما أحتاج إليه دخول الحمام في بيت لا أعرف مدى نظافته و لا أعرف من سيهاجمني فيه في الوقت اللاحق .. لكن الحاجة كانت ضرورية فقررت أن امتشق شجاعتي و طلبت منهم إرشادي للحمام.
وقفت أمام بابين مصمتين أحدهما باب الحمام مددت يدي إلى مقبضه فمر من أمامي طيف أسود مسرع كالريح .. نظرت برعب شديد فلم أجد أحدا في الممر!
فتحت الباب فوجدت وراءه جدارا ملونا مصمتا .. استغربت من جدوى وجود الباب أمام الحائط.. و أدركت أن الباب الآخر هو باب الحمام..
حاولت بعد أن جلست أن استرجع من ذاكرتي بعضا من الآيات و الأذكار أهدىء بها روحي لكنني لم أستطع أن أكمل جملة حتى آخرها .
سكنتني الهواجس في باب وراءه جدار و تذكرت عندما ابتنوا لصبح جارية الخليفة جدارا أمام باب غرفتها لتجد نفسها في غرفة بها باب وراءه جدار بما يعني أنها في قبر كبير.. كنت ك صبح لكن الوجهة معكوسة .. و لعلي دخلت هذه المصيدة بمحض إرادتي و بحماقة كبرى لم أكن أعرف مداها عندما خرجت من بيتي .. خفت أن أموت بالرصاص فيتحول بيتي إلى قبر كبير فدخلت إلى قبر آخر أموت فيه رعبا ..
عادت الفتيات إلى الغرفة يحملن الشاي و الأكواب النظيفة جدا و قدمن لي بأناقة تشي على تربيتهن الرفيعة بالرغم من عزلتهن..
لكن الفضول الذي يسكنني دفعني للصمت و الإيماء برأسي لكل كلمة تقال في هذا المكان ...مكان مريح و آمن و لكنه خطر و مزعج في ذات الوقت .. جدار يقف وراء الباب لغز سكن بالي .. ليس من الذوق أن أسأل عنه أهل البيت فهذا يعد تدخلا في خصوصيات البيت ..
كنت أود أن أسال عن سيد البيت لكنني أحجمت إذ أن هذا قد يعد عيبا كبيرا و في نهاية الأمر لا شان لي بهذا الأمر فأنا سأمضي في الصباح إلى بيتي ..
بدأت سحب الخوف و الترقب تزول فيما بيني و بين الأم و بناتها و تحدثنا في كثير من الأمور تختص بالحياة اليومية و تربية الأولاد و التعليم و عرفت منها أنها تقوم بتعليم بناتها في المنزل لأن سيد البيت يعتقد أن الخروج للانخراط في المجتمع مفسدة كبرى .. كنت أود أن أدحض لها هذا التفكير العقيم لكنني أحجمت عن هذا فقد علمتني التجارب السابقة أن لا أحاول تغيير قناعات الناس الذي ارتضوا لأنفسهم قيودا معينة .. هم أدرى بأنفسهم يعلمون أن لا حياة لهم دون هذه القيود .. الحرية سلوك لا يمكنك أن تعلمه للآخرين بل يجب أن ينبثق من ذواتهم .. الكرامة أيضا صنو الحرية ..
عجبت إذ عرفت أن الأم البدينة التي ترتدي فستانا طويلا مشجرا و قمطة بيضاء على رأسها تحمل درجة علمية جيدة و تنحدر من أسرة كريمة. و لكنني أزحت عجبي جانبا فقد قابلت كثيرا من النساء اللواتي يعتقدن أن مسيرتهن في الحياة تتوقف عند الزوج و الأولاد ..هذا ما عملهن إياه المجتمع الأبوي و هذا بالضبط ما منعني من نقاشها في أي موضوع لأنني كما دوما سأجابه بدفاع عن ذكورية المجتمع أكثر من الذكور أنفسهم.. النساء غالبا ملكيات أكثر من الملك نفسه .
لم أشأ أن أغادر مكاني الذي جلست فيه رغم أن الفتيات دعونني لأنام في غرفة نوم فارغة أعدت للصبي الذي لا يبدو أنه يريد أن يكبر ..لكنني بدافع الفضول و ربما بدافع آخر أحببت أن أذهب للحمام... ليست عادتي فأنا أخشى كثيرا أن لا تكون نظافة الأماكن مطابقة لمعاييري في النظافة لكنني مشغولة بباب يختبئ وراءه جدار..
هناك من يقرأ أفكاري في هذا البيت لأنني ما إن خرجت من باب الغرفة حتى مر الطيف الأسود المسرع كريح من أمام الباب الغريب و لامس أطراف ملابسي.. انعقد لساني من الرعب و أشرت للطيف و أنا أدعو الفتاة الصغرى لتلاحظ لكنها تجاهلت في صمت.
أعرف أن ما يخيفني موجود فقط في رأسي و إن بقي في رأسي فسيبقى للأبد .. قررت أن اقتحم المجهول اقتربت من الباب قبض الطيف على يدي فنفضتها في قوة .. و فتحت الباب .. ليس إلا الجدار المدهون و الصمت .
اقتربت مني الفتاة الصغرى و همست : هذا البيت بناه والدي و هذا الجدار يغطي القبر الذي دفن به .. كانت هذه وصيته و قد بني القبر قبل البيت والدي أراد أن يبقى على مقربة منا حتى بعد موته ..ليتأكد أننا ننفذ تعاليمه ..يقودنا مع أنه يقبع وراء باب وجدار.. مسجى جسدا أكله الدود لكنه يراقبنا و مفاتيح حياتنا بيده .

صفاء الأحمد 07-12-2013 03:20 PM

قهوة مرّة / صفاء الشويات .
بائع متجول يضع دله كبيرة من القهوة على ظهره ، يتنفس ببطء ، ربما هو بحاجة لكمية أكبر من الأوكسجين ،
خلف أذنه تقبع سيجارة مجعدة صنعها بنفسه بعد أدائه لصلاة الفجر .
هو نشاطه المعتاد في كل يوم ، يمشي في الطرقات و بين الأزقة المكتظة بالبشر .
في كل صباح معتادون هم على رؤيته ببزته العتيقة وشعره الأبيض الناعم ،
بابتسامة عريضة يأكل شاربه الكثيف نصفها يستقبل زبائنه .
يشربون قهوة الصباح المرّة من دلته النحاسية اللامعة ثم يقدمون له ما تيسر من المال ،
هو لا يفرض عليهم سعر لقهوته المحببة لديهم ، فقهوته ذات مذاق حميمي كفيل بأن يدر عليه أرباح جيدة .

هو ليس بحاجة للمال ، لكنه يستمتع بأن ترسم قهوته بمذاقها المرّ ابتسامة الصباح على وجوههم .

درس مهم يعلمه لهم في كل صباح :
( قهوتي ... رغم مرارتها يا أبنائي ، إلا أنها تبعث في نفوسكم الدفء ،
لتخرج لي ابتساماتكم باسطة ذراعيها للحياة في كل صباح .. حلاوة الأشياء تكمن في ذروة مرارتها ) .


وجوم ما يخيم على المكان ، الصباح عابس هذه المرّة ، والضباب يحجب الرؤيا ،
كل الأشياء تبدو منهكة وجامدة هذا الصباح ، حتى ابتسامته التي لا تفارق ملامحه العجوز .
جلس على حافة الرصيف المبلل ، وضع دلة القهوة إلى جانبه ، ثم رمقها بعيون دامعة وابتسامة شبه مرئية .

كان طوال تلك السنين يختبر صبر البشر ، فيزيد في كل مرّة مرارة قهوته ،
إلا أنهم لا ينفكون عن شرائها واحتسائها نصب عينيه !

في هذه المرّة زاد مرارة قهوته بصورة مبالغة ، لكن .. هناك شيء مختلف هذا الصباح ..
فالسماء خاوية و الأرض مبللة والضباب يغلق نوافذ الأمل .. !

مَن سيجرب قهوته شديدة المرارة هذه المرّة ؟ لا يوجد أحد .

تفحص المكان جيدا ثم نظر إلى نفسه ، هو من سيجرب ولأول مرة قهوته بنفسه !
تناول كوب من الفلين ، ملأه بالقهوة ثم تناول سيجارته المجعدة من خلف أذنه ،
أشعلها وبدأ رويدا يمتص سمها المحبب إليه .

نظر بإمعان إلى سواد القهوة وتعجب من أمر زبائنه ،
كيف يستطيعون ابتلاع قهوته !
رشفة قهوة واحدة كانت كفيلة بأن تأخذه في نوبة هستيرية من الضحك ،
بعد أن اكتشف أن طوال كل تلك السنوات لم تكن قهوته المرّة سوى قطعة سكر تكسر مرارة الأيام .. !


انتهى .


صفاء الأحمد 07-12-2013 03:24 PM


دبكــة / مضر العباس .

في شارع شعبي .. مر أبو جابر ذات يوم ..
كان قد خرج لتوه من المصرف الزراعي بمبلغ لابأس به هو قطاف تعبه وعائلته ..
يوم انتظره أبو جابر وزوجته وبناته شهوراً ..
أقسمت أم جابر أنها ستقيم وليمة في هذا اليوم ..
سوف تذبح دجاجاتها الست .. وستقام وليمة على شرف هذا اليوم العظيم ..

أبو جابر الغني مؤقتاً .. يمشي الخيلاء في السوق .. والغبطة تفوح منه ..
يتلفت أبو جابر يميناً وشمالاً ..
لا يعرف ماذا يشتري .. فالسوق ملئ بكل جميل وجديد ..
وزوجته وبناته يحتاجون الكثير من الأشياء ..
أثناء مشيه .. ووسط زخم الباعة .. وتجار الرصيف .. زاوية مزدحمة إلى حد الجنون ..
يدفعه الفضول ليعرف سبب الإزدحام هناك ..
وبتلقائية يقف أبو جابر وسط الحشود ..
تتعالى الأصوات وسط الزحام : خمسمية , ألف , خمسة آلاف .. ألفين .. هنا ,, هناكـ !!
يدفعه الفضول مرة أخرى ليقترب أكثر .. يدافع يميناً وشمالاً ليكون في المقدمة ..
يجد نفسه وجهاً لوجه قبالة شاب في العقد الثاني من العمر ..
يجلس خلف طاولته .. واضعاً أمامه عبواته الصغيرة يحركها يميناً وشمالاً يخفي تحت إحداها خرزة صغيرة ..
ويكون الرهان على مكان الخرزة ..
وتبدأ المزايدة ويبدأ الرهان .. يربحون .. ويربحون ..
والربح مضمون للأذكياء ودقيقي الملاحظة فقط ..
الألف تربح ألفاً .. هذا شرط الرهان .. !!
فكر أبو جابر .. أنه لو راهن ببعض المال قد يزيد ماله بلمح البصر ...
يحدث نفسه : مالهؤلاء .. ألا يمعنون النظر جيداً ؟؟
: إنه يحرك العبوات ببطئ شديد .. !!
: يستطيع كلنا ملاحقة العبوة المنشودة .. !!
: لن أفوت على نفسي الفرصة .. سأدخل الرهان .. سأربح الرهان ..
لن أراهن بكل مالدي ..
سوف أراهن بربع مالي .. و إن وجدت فائدة من ذلك سأراهن بالباقي ..
سوف أربح مبلغاً لا بأس به .. بل سوف أضاعف مالي .. سوف تقر عين أم جابر ..
سوف أشتري لها ثوباًجديداً .. سوف تفي حتماً بنذرها ..
سوف آخذها لسوق الطيور وأعوضها مكان دجاجاتها الست بسرب دجاج كامل ..
وستنعم بأقراطِ كانت تحلم بها منذ زواجي منها .. وحليً جديدة .. و ... و .. و
وسط تلك الأفكار والأحلام .. وبتلقائية شديدة .. يخرج أبو جابر من جيبه قماشة بيضاء .. لفها بحرص حول ماله ..
إستّل أبو جابر مبلغ خمسة آلاف ليرة من المبلغ .. و وضع الرهان ..
ابتسم الشاب صاحب الطاولة في وجه أبو جابر المتحدي الجديد .. !!
حركّت العبوات حول بعضها .. وضع الرهان .. ربح أبو جابر ..
نشوة الطمع في قلبه .. دفعته ليضع المال فوق المال ..
ويربح أبو جابر مرة أخرى .. وتزداد الغبطة .. ويتزاحم الناس حول الرابح الجديد ..
خمسة آلاف .. ثم ثلاثة .. ثم يخسر .. ثم يفوز .. ويبدأ السجال ..
فوز يضاعف ماله .. ثم يخسر.. ويفوز ويخسر ..
وبين الكر والفر .. يخسر أبو جابر كل ماربح في رهانه الأخير ..
إصراره على المتابعة وغبطة الطمع فيه جعلته ينسى تعب شهوره الخمسة ..
إصراره على إستعادة ما خسر من مال أنساه تعب زوجته وبناته ..
أنساه أحلامه .. كان همه أن ينتقم لخسارته ..
يستل قماشته البيضاء مرة أخرى ويخرج منها عشرة آلاف ..
ويستمر السجال .. وفي ذروة غبطته .. وفي ذروة السجال .. خسر أبو جابر كل ماله ..
مد يده وأخرج قماشته البيضاء فوجدها بيضاء .. !!
التفت يميناً ويساراً .. ليقرأ الشفقة في عيون المتزاحمين ..
بحث مجدداً .. لم يجد سوى مئة ليرة .. لن تثير طمع سائق سيارة الأجرة اللذي سيقله لبيته على أقل حساب ..
لن يخاطر بها .. لأنه لو خسرها سيضطر للعودة مشياً على قدميه لبيته ..
سحب نفسه للخلف .. استل نفسه من بين المتزاحمين ..
مشى مبتعداً عن الزحام .. مكسوراً .. مخذولاً .. واسودّت السماء في عينيه ..

خسر أبو جابر الغبطة والفضول والخيلاء .. فكر كيف سيعوض زوجته دجاجاتها ..
وكيف سيوفي الديون .. وكيف سيتدبر أمره إلى أن يحين الموسم القادم ..!!

خسر أبو جابر كل شيء ..خسر ماله .. خسر ثقته بنفسه ..
كلام قاله لنفسه في محاولة للتبرير .. ( التجارة ربح وخسارة )
تتباطئ دقات قلبه .. ويشعر بالرود في كل أحاسيسه ..
يخرج قماشته البيضاء ( الخزينة المتنقلة ) .. يجدها فارغة ..
يمسح جبينه بقماشته ..
ويمسح بها الدمعة الخجلة اللتي تحاول الخروج من خدرها ..

يتابع أبو جابر مسيره ليمر بجانب بائع الكاسيتات اللذي اعتاد الشارع على ذوقه في الأغاني الشعبية وأغاني الدبكة .. على الرصيف القديم ..
صوت الفنان عمر سليمان (2) المشهور إقليمياً يغني بصوته المألوف جداً :
انتا تتعب وتشقى .... وغيرك يستلم الراتب ..
يسمع أبو جابر الأغنية .. يبتسم بعبرة ..
يقول في داخله المكسور : صدقت .. ويكرر ما سمع بصوت خافت ..
يجلس أبو جابر على حافة الرصيف .. يخرج القماشة البيضاء مرة أخرى ..
يمسح جبينه .. ويمسح دمعته .. يلقي نظرة عتاب في وجه الشارع .. يحاول شتم الواقع ..
يحاول إفراغ آخر شهقة في وجه مستغليه .. يحاول أن يصيح بأعلى صوته أنا مخدوع ..
يحاول الإعتذار لعائلته اللتي تنتظر عودته .. لكن قلبه توقف عن الكلام ..
ويحاول أبو جابر أن يثبت عقاله على رأسه جيداً .. خوفاً على كرامته من السقوط .. !!
وتنساب القماشة البيضاء بهدوء من بين أصابعه المتيبسة ..
ويسقط العقال من فوق رأسه ..
ويشتد الزحام حول أبو جابر .. وتستمر كلمات الأغنية تصخب في الشارع :
( إنتا تتعب وتشقى .. وغيرك يستلم الراتب )

كانت تلك آخر الكلمات اللتي سمعها أبو جابر ..


(1) كشتبان : الكشتبان هي نوع من الألعاب انتشرت في مجتمع ما .. تقوم على وضع ثلاث عبوات صغيرة أو كؤوس معدنية وإخفاء خرزة صغيرة تحت أحد الكؤوس من ثم تحرك الكؤوس حول بعضها .. الرابح هو الشخص اللذي يستطيع ملاحقة الكأس اللذي يغطي الخرزة .. كانت تستخدم هذه اللعبة في رهانات .. ويقوم صاحب الكشتبان بحركة خفية بخداع الناس .. وأخذ أموالهم ..
( 2 ) عمر سليمان : فنان سوري شعبي يغني أغاني الدبكة المنتشرة هناك .

صفاء الأحمد 07-12-2013 03:26 PM


ضاعت وهلت العماية / ياسر علي .

شريفة عفيفة يلف جسدها لحاف رمادي وعلى رأسها حجاب باهت شحب لونه ، يعلوها نقع السفر لكأنها تشارك في مغامرة رحلة إلى الماضي ، لفحت الشمس وجهها الوضاء فاعتلته سمرة حزينة جعلتها أمة في زمن الحرية ، أمضت في رحلتها أياما معلومات سطرت في ذاكرتها حياة البدو الرحل وهم وراء قطعانهم يجوبون الأرض بحثا عن الكلأ ، تعد لحظاتها بكل دقائقها و أحداثها المشبعة بالغرابة واللامنطق ، هي تقصد ذلك المخيم ، هناك تأتي أخبار سارة ، كانت من عائلة بجاه ومال قبل أن ترث لقبهم لوحدها ، تعرف معنى الاصطياف ، تعلم أن المخيم فيه مسبح ورمال إن كان شاطئيا ، فيه ظلال وأنهار إن استوطن الجبل ، فيه خيام مكيفة بأريج الواحات إن تربع على بساط الصحاري ، هي تعي أن جيوبها ماعادت تحتفظ بما يجعلها سيدة أمرها ، كلما غمست فيها يديها وجدتها تصفر خاوية ، حتى ملابسها التي كانت بها تتميز وتذكرها بماضيها القريب قايضت بها قوتها ، تلك الحقيبة التي زينت سفرياتها عبر المدائن لم تمنحها غير زليفة خزفية مشقوقة من حساء وحفنة تمر في أحشائه ديدان ، سيرا على الأقدام تعاند القدر ، تورمت أصابع قدميها ، و تصلبت عضلاتها ، وفاحت روائح غريبة عنها من جسمها ، فظنت أنها جيفة متحركة ، لولا صحبة نساء لطيفات لسن مثلها يخففن من معاناتها لوضعت حدا لحياتها ، فهن اعتدن على شظف العيش و قسوته لكن المنازل المدمرة والموت المسعور جعلهن يغادرن تلك البلاد التي لم تمنحهن يوما ما يحفظن به عهود الولاء ، فهن مستضعفات و أولو أمرهن أكلتهم الثورة و ما تزال تقول هل من مزيد ، تريد منهن فلذات أكبادهن وهم في سن المرح ، منهن من يحملن على ظهورهن رضعا أيتاما في زمن الربيع .

هي لايزال جرح تحمله في داخلها طريا ، دخلت المخيم فوجدت نفسها في أول يوم ضحية نظرات تفترس فيها الحياء ، كما افترست ذئاب القهر و الثورة والطريق عذرية كانت فيها مصونة ، أخذت لها صور ومنحت بطاقة هوية جديدة رقم آخر ينضاف لسلسلة أرقام حياتها ، أشخاص يصفون جنات عرضها السماوات والأرض لكل من ضاق به المخيم ، وجدت نفسها إما أن تذعن للقمة عيش صاغرة وإما أن تركب قارب الرذيلة بدون وجهة ، في المخيم لا ماء ولا كهرباء ولا أمان ، لا لباس ولا طعام ، بل وعود تلو الوعود ، و سلسلة حوارات لاتنتهي ، انخرطت مكرهة في اللعبة الجديدة فكان من حظها رجل في السبعين ، يملك من متاع الدنيا الكثير ومن العقل القليل ، تاهت في بيته لا خروج ولا هواء ، لا كسوة إلا إزار أسود لا تفارقه إلا عندما يريد الرجل أن يخضر عينيه ، سجن في الوطن وسجن في المخيم وسجن عند أهل المروءة الذين يصدحون بتقديم خدمة لنساء بلد افترسته نزوة و شدود السياسة ، تبسمت ساخرة من أقدار أمة تهذي ، لسان أهلها يقطر عذوبة وفعالهم تدهش الأباليس ، صبرت واحتسبت لعل الزمان يمضي بسرعة ، تنتظر متى يحين موعد الفرج ، ربما حين يتصيد مالكها بنت مخيم أخرى تمضي عقوبة سجنها ، وحتى وإن أفرج عنها فغد ها كثير ظلامه .
مسحت عن وجهها تعب الأيام وهي تقول : " حمدا لك ربي "

صفاء الأحمد 07-12-2013 03:33 PM

رحلة خاطفة مع الزمان / ياسر علي .

أيها الزمان من أنت ؟ من أين لك بهذه القدرة على الاستمرار ، من أين تغذي شجاعتك وبسالتك ، لعل الشعراء أساؤوا إليك مدحا وهجاء ، لعل المتكلمين جاحدوا أفضالك ، لعل الفلاسفة استكشفوا بعضا من عوالمك ، و قد يسافر عبرك العلماء ماضيا و مستقبلا ، لست من هؤلاء جميعهم ، ولن أتقول عنك كما يفعلون ، أنا أريد منك الخبر اليقين ، كاتبني إن تمنع عليك لقائي ، هاتفني إن استعصت عليك الحروف ، سمعت هاتفي يرن ، أحسست قشعريرة تسري في بدني وهاتفي يزداد رنينه ، ماذا يجري ؟ أنا متيقن أني أطفأته و كتمت فيه الأنفاس استعدادا للنوم ، ربما يكون معطلا ، أسرعت نحوه ، تخبرني شاشته عن دعوة حضور موعد هام عند الدوحة العظيمة مع طلوع النهار . أذهلني ما قرأت ، وما رأيت ، تسرب إلى نفسي شك عن سلامة عقلي وكياني ، فركت عيني ، عالجت عمليات حسابية ، فسرت ألغازا ، ما هذا ، استنفرت تجاربي وخبراتي ، بحثت في ذاكرتي استحضرت كل الحكايات القديمة والجديدة ، كلما اقتربت من الحل أجدني أجانب الصواب ، لم يستطع النوم استيطان عالمي ، قمت من جديد إلى هاتفي وجدت الرسالة لا تزال هناك رغم أني رميتها في سلة المهملات بمجرد قراءتها ، ازداد قلقي توثرا ، و عادت كل الهواجس تهز كياني ، شربت كوب ماء بعد أن حليته بقطعة سكر ، فاسترددت بعضا من يقظتي و ذكائي ، هذا أنت يا حسام ، هذه فعالك وأنت الخبير بخبايا التقنية و عالم الأجهزة الإلكترونية ، أنا لك يا صديقي المشاكس تختبر مدى شجاعتي ، وقدرتي على الإقدام ، سأكون هناك قبل مطلع الفجر .
أسير ورجلاي مثقلتان بالسهر ، أحيانا أحس حيوية الفضول والرغبة في الفوز على حسام ، وأحاول أن أجد طريقة أرهبه بها ، أبني له فخا هناك ، عليه أن يدفع ثمن هذه اللعبة ، سأجعل منه أضحوكة أمام أصدقائي ، عليه أن يتعلم أن المزاح له حدود ، نسي ذكائي وفطنتي ، نسي أني دائما أهزمه في كل الألعاب وفي كل الحروب الثنائية نسي أنه هو من لقبني بالمحتال ، سأجعلك تندم ، ستندم لا محالة ، ظننته استسلم منذ سنوات ، لكنه يعود إلى من جديد إلى حيله الصفراء ، كلما اقتربت من الدوحة العظيمة ارتعشت ساقاي ، أصبحت الآن تبدو جليا رغم غبش الصباح ، والظلام لا يزال ينازع سهام النور ، جذعها الضخم ، أغصانها الممتدة في كل الاتجاهات ، أوراقها الكثيفة ، كومة آدمية متقرفصة بلونيها الأبيض والوردي ، متقرفصة على قدم الشجرة و قد دفنت وجهها بين فخديها وتدلى شعرها الناعم على ركبتيها ، خلتني أعرف هذا القوام ، ما إن وصلت حتى تنفس الصباح وأضاء بنوره ولاح ، تشجعت وبدأتها بالتحية ، رفعت رأسها فظهر وجهها الجميل و نظرتها الباردة و هي تقول : " إذن أتيت " فتمتمت مرتبكا : " هذه أنت ، ألم ... كيف حضرت ... لا أعرف ماذا أقول ... مرحبا بك حبيبتي ، حسنا فعلت ، أنت لا تزالين جميلة ، فقط هذه النظرة الباردة تعلمين أني لا أحبها ....أنت تعرفين ذلك ، تذكرني بمرارة ذلك اليوم ، يوم غضبت عليك أنت تسامحيني أليس كذلك .... ما أتعس ذلك اليوم ، لا أحبه ظننت أني لن أراك بعده أبدا .. مضى وقت طويل ، عشر سنوات .... لكن ما أحلى صيفك يا عائشة تذكرين يوم جئت في القطار إنه أسعد يوم في حياتي ما أجمل الذكريات ، أمضينا معا أوقاتا جميلة يا لصعوبة الزمان ، لا يستقر على حال .
ـ أنا الزمان ، يا من طلب لقائي.
ـ ماذا الزمان ، الزمان ، أتريدينني أن أكذب عيناي وأذناي .، ماذا أصابك يا عائشة ؟
ـ أنا الزمان جئتك في صورة عائشة التي تركتها ، فلا تكثر من هذا الحديث الممل ، دعوتني فاستجبت ماذا تريد مني ؟
ـ خلتك ذكرا فوجدتك أنثى .
ـ أنا الزمان و فقط .
ـ أريد أن أعرفك عن قرب ، من تكون ؟ أين تسكن ؟ كيف تعيش ؟ هل تموت ؟ هل لك أصدقاء ؟
ـ أسئلة بشرية ، يا لقصور عقولكم .
ـ أنت تعلمين أنني مجرد بشري ، إن كنت لا تريدين التجاوب معي فلم جئت .
ـ جئت لتصاحبني في رحلة و لك أن تختار واحدا من هذه الخيارات ، إما الماضي أو الحاضر ، أو المستقبل .
ـ أما الماضي فهو ميت ولا يعود ، وقد كتب عنه المؤرخون ما يكفي ويزيد ، وتدل عليه كل الآثار و نحن امتداد له ، أما المستقبل فلا أحب أن أكون تعيسا أعيش منتظرا أفراحه وآلامه ، أريد أن أعيش حاضري بكل تجلياته .

نظرت إلى الزمان فوجدته ليس أكثر من عائشة ، لم تعد عائشة لمجرد أن نعيش لحظة ونفترق ، لم تتحمل كل تلك الصعاب لمجرد أن تشاركني رحلة استكشاف بائسة ، لعودتها أمر عظيم ، انقلاب على المألوف ، طفرة جديدة في الكون ، تصحيح المسارات ، التغلب على الصعاب ، قهر الموت و معانقة الكمال ، أليست هذه بغية كل العلوم ، قامت وخطت خطوتين وهي تقول : " أنا الزمان ، دعك من تلك الوساوس وهيا لتعيش لحظات في حاضرك الذي شغفت به حبا ."
في أعلى الجبل جف حلقي ، جلست لاسترجاع أنفاسي اللاهثة ، وأنا أقول : " أين لي بشربة ماء ؟" فردت عائشة : " يا لضعفكم ، لا مناص من توظيف أجهزة المستقبل " أخرجت من محفظتها آلة في حجم صنبور ، ضغطت على الزر فتدفق الماء من ينبوعه رقراقا باردا منعشا ، غسلت يدي و وجهي و شربت ، وأنا أفكر إن كانت هذه الآلة تستجمع القطرات التائهة في الهواء ، أو تزاوج بين ذرات الهيروجين والأوكسجين لتسقي ظمأ المستقبل . فردت عائشة :"ربما " ، فعجبت كيف تعرف ما يجول بخاطري ، أتكون في محفظتها أدوات أخرى تقيس ترددات الطاقة الحيوية ، ومسارات الدم و السيالة العصبية ، فتترجمها كما يترجمها الدماغ إلى لغة . فردت مرة أخرى : " ربما "
قدمت لي نظارتين سوداوين تنقلان صورا تتراقص أمام عيني بسرعة ضوئية لا أميز فيها شيئا ، تمنيت أن أحظى بتلك الصورة الفوقية لكوكبنا حيث تموجات الجغرافيا و تنوعات المناخ ، والطبائع البشرية و التفاعلات المجتمعية وأسرار المحيطات و كل شيء ، لكن قولها استوقفني : " تمهل ، على رسلك فنظركم لم يتطور بعد بالقدر الكافي يمكنك أن تتبع شريطا واحدا .
حطت عينا الزمان على عجوز طاعنة في السن تسمى مارغريت ، خط الزمان على صفحات وجهها كيد أيامه ، ترتعش قبضة عكازها كما لا يكف فمها الأدرد عن التمتمة ، لو توقف لسانها لعجلت بمصيرها ، إنها تستمد قوة من تلك التعويذات ، تجر رجليها ببطء على رصيف البحر ، تستوي على مقعد وهي تنظر حولها ، يمر شاب تتأبط صديقته ذراعه ، استفزتها العجوز فقالت : " انظر أنطوان تلك العجوز ، ماذا تفعل هنا ، أليس البحر للأجسام الجميلة الرشيقة الكاملة ، كم تؤلمني رؤية هؤلاء العجزة . فرد عليها صديقها :" تجاهليها صديقتي ، أنا أيضا لا أحبهم وأتمنى من كل قلبي أن يتم سن القوانين لتطهير الأرض من كل هؤلاء العجزة والمقعدين و المعتوهين الذين يفسدون جمالية الإنسانية ويلوثون نقاء الطبيعة .
فرجعت إلى العجوز وهي تتمتم ، " ما بال الجيل الجديد ، أين الحياء ، أين الملابس المحتشمة ، أين العفة ، آه يا زمان لو أستطيع أن أعانق مياه البحر ولو لمرة أخيرة ، غدار أنت يا زمان ، لكن لا بأس نلت من هذا المتاع ما يكفيني ، لكن ليس بمثل هذه الميوعة ، فإن رأيت العشيق ، أقصد الحبيب في الكنيسة فهذا يوم لا ينسى ، وإن التقيت معه في فسحة فهذا أقصى المنى ، أما إن ضمك إلى صدره فليأتي بعدها الطوفان ، أما شباب اليوم فهم مهووسون بالرغبة ، أنا أيضا نلت ما يكفيني من أقداح اللذة ، آه أين أنت يا جيلي ، غادرتم جميعا ، سأقوم لأصلي من أجلهم ."
ـ أيكفيك من هذا المشهد ؟
ـ حقا أتعاطف مع تلك العجوز ، لو استطعت أن أساعدها على تقبل واقعها والعيش بسعادة بقية أيامها .
ـ ما أعجبكم ، تشفقون ، تعتدون ، تتعاطفون ، تتمردون ، متناقضات كثيرة تتعايش في دواخلكم .
ـ كلا يا حبيبتي ، عذرا استثارني العاشقان ، نحن قوم محب ، ألا ترين أن هذا الجمال الطبيعي ، هذه الجبال الشامخة ، هذه الجلاميد الضخمة ، هذه السماء الواسعة ، ألا يستحق المكان أن يكون مسرحا لقصة حب ، انظري حولك كل الطبيعة تتلهف شوقا لترانا نعيد مجدنا إلى الواقع ، أنت ما تزالين تسكنين فؤادي ، لك ترق مشاعري ، لك وحدك يعزف قلبي ألحانه العذبة ، يا لعذوبة ملمسك ، يا لحسن ملامحك ، يا ملاكي ألا تزالين غاضبة مني ، ألا ترأفي لحالي ، اقتربي ، فأنا لا أزال على العهد . وضعت يدي على ذراعها فلم أتلمسه ، ضممتها كأنني أضم أشعة الشمس ، بل نحس حرارة الشمس وطيف الهواء ، اخترق جسمي كيانها ، فتسارعت دقات قلبي و أنا أرتعش ذهولا وخوفا فانطلق لساني : " أنت شبح مقيت ، جئت من العالم السفلي ، أنت جنية حقيرة ، أتحسبينني ضعيفا إلى هذا الحد ، أتظنين أنني سأرحمك لمجرد اختيارك لهيئة حبيبتي ، أنا اعرف ضعفكم و قصوركم ن ماذا صنع قومك منذ الأزل ، نحن الأقوى مدي بصرك لتري اختراعاتنا مدي بصرك لتري كنوز ميراثنا ، سأحاربك بطلاسمي ، بقوتي الظاهرة والباطنة ، إن كيدكم ضعيف ، فارجعي إلى عالمك السفلي "
ـ هل أنهيت نفث سمومك علي ، ألم أقل لك أني جئتك في صورة عائشة وليس جسدها .
ـ أف ، كم هو فظيع أن تخترق شخصا هكذا ، بت أخاف منك أيها الزمان .
ـ ههه
ـ هذه الابتسامة ستساعدني على استكمال المشوار .
على عجل أفرغ كوب شرابه وغادر الحانة ، ارتمى بين أحضان سيارته خلف المقود ، و ضغط على الدواسة .
هي شابة في الثلاثين ، أرضعت صغيرها و وضعته في مهده طابعة قبلة على جبينه ، غنغن مداعبا كريات ملونة تتدلى من مظلة سريره الصغير ، أمام المرآة سوت شعرها مطمئنة على صورتها ، و اتجهت نحو سيارتها ، أحكمت حزام الأمان و أدارت العجلات ، يومها ربيعي ، حياتها ملك يمينها ، زوجها منحها الحب والحنان والاستقرار ، مهنة الصحافة منحتها شهرة و شعبية ، تمارسها حتى من بيتها ، زوجها سيد وقته يملك مطعما يوفر له كل احتياجاته ، يتناوبان على رعاية الصغير الذي أضاف لحياتهما مرحا و متعة هكذا كانت تفكر .
هو لا يملك من أمره شيئا ، حياته موزعة بين مكتب المحاماة و الجمعية الحقوقية و الحزب ، أعد مرافعاته و خطابه ليلا ، ترافع صباحا عن موكليه ، وزوالا أعد ملفا حقوقيا ومساء سجل تظلمات نقابيين في مكتبه ، شرب كأسه منطلقا إلى مقر الحزب حيث سيلقي خطابه ، نسي نفسه لا زواج ولا أسرة ولا أولاد ، دارت به الدوامة فلا يملك وقتا لتنظيم حياته ، حياته عصيبة هكذا يفكر .
في لحظة شرود البطلين تعانقت السيارتان فاتجهت الأولى نحو اليمين والثانية نحو اليسار متدحرجتين كعلبتين تتقاذفهما أرجل الصغار ، فتداخلت العربات بعضها في بعض ، ودوت صفارات الإسعاف و حامت حول المشهد طوافات رجال الأمن .
ـ ما هذا أيها الزمان ، ألم تجد مشهدا غير هذا ؟
ـ أنا مجرد ناقل .
ـ كان عليك أن تختار مشهدا مفرحا ، مثل هذه الأشرطة ذات الرؤى المتعددة تتعبنا ، ألا تعلم أننا نريد لأبطالنا شيئا من المثالية و بعضا من الزيف ، فنحن أصحاب الحقيقة الواحدة ، بإمكانك أن تتصرف وتقدم لي قصة ذات بعد واحد تجنبني كثرة التشعبات و التفكير فنحن ميسرون للكسل و بين أحضانه نمارس شهواتنا البليدة .
ـ منذ البداية عرفتك لن تستطيع معي صبرا ، لكن متأسف أنا لا أغير السيناريو، فقط لعلمك في هذا المشهد سأتركك من غير وداع .
شبح فتاة بنظارتين سوداوين يركب قطارا ، يقرب بين الفينة والفينة هاتفه المحمول من أذنه بعد أن يضغط أرقاما على أزراره ، يجد مخاطبه خارج التغطية ، منذ شهور وهما يتبادلان الرسائل القصيرة عبر شاشات الهاتف والحاسوب ، يتمنى أن يجده كما تبينه الصور والكلمات التي يتلقاها ، يحس ببعض قلق كلما عاود الاتصال سمعت صوته يقول :" متى تستيقظ حبيبي ، أنا قادمة إليك " سألت عائشة : لماذا لا يظهر وجه الفتاة ؟ لم تجب عن سؤالي ، أزحت النظارتين فوجدت نفسي وحيدا ، لا عائشة ولا حقيبتها ، رجعت إلى المشهد فوجدت الإرسال منقطعا ، بدأت أصيح وأجري ، انزلقت رجلي على صخرة ملساء فسقطت من على السرير ، قمت مذعورا من هذا الحلم العجيب ، الساعة تشير إلى السابعة ، فتحت هاتفي فبدأ رنينه .
ـ أنا عائشة حبيبي منذ ساعة وأنا في المحطة أنتظر قدومك .
ـ طبعا أنا قادم حبيبتي

صفاء الأحمد 07-12-2013 03:38 PM

عضو مميز ..~
 


الأستاذ القدير حسام الدين بهي الدين ريشو


http://www14.0zz0.com/2013/07/15/19/672860278.jpg

نبذة عن حياة الأستاذ حسام الدين بهي الدين ريشو ..

هو حسام الدين بهي الدين محمد ريشو من مواليد 6 سبتمبر 1954 م ، مصري الجنسية ، بدأت موهبته الكتابية تتكشف للنور وهو في المرحلة الثانوية ،
حيث كان لمدرس اللغة العربية إبراهيم الملاح - رحمه الله - الفضل في ذلك بعد أن ضمه إلى جماعة المكتبة وأرشده إلى كيفية القراءة والكتابة .
و جاء تطورها بعد أن رأى أول عمل له مطبوع ورقيا .

ولما كان وما زال الأستاذ حسام الدين ريشو على حياء ، لجأ للورق كي يكتب ويعبر عن جميع مشاعره التي لا يستطيع أن يصرح بها ، فكانت الكتابة هي الملاذ الوحيد الذي
يعبر به نحو البوح و يعبر عن نفسه دون حياء .

وحدث أن أقيمت ندوة لاختيار من يمثل المحافظة في مؤتمر للأدباء الشبان على مستوى الجمهورية العربية المصرية وطافت لجان من كبار الشعراء والأدباء لاختيار العناصر الشابة ،
وتحدث الأستاذ حسام الدين أمام اللجنة برئاسة الشاعر الكبير / محمد إبراهيم أبو سنه .. ليفاجئ باختياره عضوا في هذا المؤتمر ، ليتعلق أكثر بالكتابة والكتاب .

كانت أول قصة قصيرة تم نشرها في مطلع شبابه بمجلة الشباب العربي وبجانبها لوحة فنية .. ودراسة بقلم الناقد ( إيهاب إسماعيل ) ..
كانت القصة بعنوان ( كل في طريق ) .. وجاء على لسان الأستاذ حسام الدين :
" ... لكن القصة التي هزمتني وبعثرتني هي قصة منشورة هنا في منابر بعنوان ( عندما تعانقت عقارب الساعة )
إذ كانت لي صديقة حرف مغربية .. تعرضت لجراحة في القلب .. أثناء إجرائها العملية في بلادها كنت أنا في مصر أتلظى وأتألم ..
متصورا حالتها وهى هناك تحت مشارط الجراحين ... وأنا هنا في مصر حائر تائه
فعبرت عن ذلك بقصتي
وحدث ان نجحت الجراحة وقرأت هي القصة ... وقالت لي بعد قراءتها ( تمنيت أن أكون أنا وأنت عقربا ساعة .. لنتعانق كما يتعانقان كل ساعة )
وللأسف حدثت انتكاسة ثانية استدعت جراحة أخري .. ماتت بعدها ، وخلفت لي حزنا لجرحا لن يندمل ... "

و جاء على لسانه أيضا :
" أنا عضو في منابر منذ أبريل 2011 وراق لي هدوئها واحترامها لأعضائها .. وحرصها على حريتهم ماداموا لا يضرون بالآخرين
وكان أعضاؤها على مستوى راق من الإبداع ، كانت تعليقاتهم تمثل دافعا لي لمزيد من الإبداع
حتى انى لا اخفي عليكم كنت أكتب أحيانا .... ترقبا لبعض التعليقات التي كانت تروى ظمئي إلى لمسة إحساس أو وجدان راق .. "

نصائح يقدمها الأستاذ حسام الدين لكل شخص أخذ من الأدب طريقا :
- القراءة الدائمة
- عدم التوقف عند كلمات الإعجاب
- عدم التوقف عند الانتقادات
- اقرأ ... واكتب لكن لا تكتب إلا بمعايشة وإحساس أو تجربة
- اجعل لك مثلا أعلى تقرأ كل أعماله
فأن تقرا أعمال أديب او شاعر واحد .. وتكرر قراءتها ودراستها .. أفضل من أن تقرأ مرة واحدة لكتاب متعددين .
- عليك بدراسة قواعد اللغة فما لا يدرك كله لا يُترك كله .

كلمات يقولها الأستاذ القدير حسام الدين لكل عابر من فوق سماء منابر ثقافية :
منابر ثقافية ، اسم على مسمى ..
ربما تكون الحركة بها هادئة والعابرون قلة لكنها الأكثر نقاء وصفاء واحتراما ..
هذا ما أقوله شهادة حق يقين وأنا الذي أكتب في منتديات متعددة .



________________________________________

عندما تعانقت عقارب الساعة / حسام الدين بهى الدين ريشو .

بوتقة من أحزان كانت تعصف بي
حتى جسدي كان موجوعا
وساقيَّ تؤلماني بشدة وهي تئن من وقع الخطى في ردهات القلق .
تلك الساعة التي توقف عندها الزمن ؛ ربما لديَّ على الأقل ؛ عندما أغلقوا عليها باب حجرة الجراحة !!
لم أكن أتصور أن تغيب عني أو يفصلني عنها حاجز ما !!
أو لحظة ما !
حتى تلك اللحظة التي تكون فيها بين الحياة والموت ؛ ويكون القدر هو صاحب القرار الوحيد ؛ بينما نحن جميعا مصلوبون على كلمته التي لم يقُلْها بعد .
ثنتا عشرة ساعة هي زمن الانتظار الذي بدا كمقصلة تشتعل تحتها نيران الترقب والقلق .
أغمضتُ عينيَّ ومارست الزحف في أرض الأحلام لعلها تخبرني بشيء
لا .. بل بما أتمناه !!
كانت بالنسبة لي نورسا جميلا .. أنيقا .. يتوشح بألوان الطيف .. فاتنة .. شجاعة !!
تحتويك مقلتاها فتذوب مع نظرتها كل تعاسات الحياة ..ماضيها وحاضرها !
أتذكر همساتها الندية ..
بي رغبةٌ أن أحتويك ... أو تحتويني .. المهم أن نكون رقما واحدا ... غير معقول أن يري الناس ذلك ولا نراه نحن !!
الناس يسألوننى كلما تجولوا في حدائق مقلتي ... من هذا الذي كلما نظرنا في عينيك نراه ؟؟

كنتُ أضحك على إيقاع رقصة القلب وهي تخبرني بذلك .
تنقطع خيوط الحلم عندما يخرج أحدهم من حجرة الجراحة .. صمته قاتل .. يقتلني معه ألف مرة
أخلو من جديد الى صلوات .. وابتهالات .. ودعوات .. تعبرني نسمة هواء محملة برائحة المخدر والمطهرات
أنظر في الساعة ... مازالت عقاربها تتباطأ .. كمرهقة أعياها السير في الطرقات بحثا عن ابنها التائه !!
حاولت أن أفتعل هدوءا يتواري شجن القلب ونبضه المتوتر خلف ستائره ؛ وأنا أرى ابناءها الثلاثة ينظرون الي والدموع تترقرق في عيونهم !!
أحاول سرقة ابتسامة كاذبة .. فلا تخدعهم الحيلة .
اعاود من جديد الزحف في أروقة الذكريات .. يعانق أذني صدى صوتها وهي تغنى ل " درويش " الذي احببناه معا :

( يداكَ خمائل
لكنني لا أغنى
ككل البلابل
فأن السلاسل
تعلمني أن أقاتل ... أقاتل .. أقاتل
لأني أحبك أكثر )
تزداد ارتعاشة القلب .. فتجود العينان بفيض العبرات غير عابئة بنظرات القلق واللهفة والخشية ممن حولي .
كان الممر أمام غرفة الجراحة صامتا .. توقفت فيه الحياة إلاّ من أنين عقارب ساعة الحائط على أحد جدرانه !!
في غفلة
تعانقت عقارب الساعة
وجاءت صرختها كمخاض لميلاد ساعة جديدة
وأوشك القلق أن يفيض بفيضانه الجديد .. لولا أن فُتِحِ الباب .. وخرج الطبيب بوجه شاحب .. حاولت ابتسامة من أعماقه أن تغطي شحوب الوجه وهو يقول بكلمات محددة بدت كلحن طال مخاضه :
الحمد لله .. نجحنا .. هي بخير !!

صفاء الأحمد 07-12-2013 03:46 PM

http://www7.0zz0.com/2013/07/12/12/341485353.jpg


الأستاذة غادة قويدر ،
مشرفة منبري الشعر الفصيح والأدب العالمي .. والمشاركة بقصة / موت مقدس .

موت مقدس / غادة قويدر .

والتقينا ، في ذات الطريق ،نستحم بشوقٍ تحت ذرات الثلج ،وهي تلسع وجنتينا بعناد وتقرع الأرصفة اليائسة من حولنا كانت أفكارنا تتناسل حالمة و
كان الطريق شبه خال من المارة،إلا عجوزا يتعثر بخطاه،يتخذ من عكازه السوداء مطية للعبور بين أكداس الثلج البيضاء
كان الثلج يشبهنا تماما،وكنا قبل أعوام ،ننظر إليه فيخجل من انعكاس بلوراته في عيوننا
فالفضاء حر من حولنا ويسمح لنظراتنا أن تتلاقى دون استشعار خطر والريح الخافقة كعادتها هدأت ، مراهنة بهدوئها على استمرار هطول الثلج
كنت أسأل نفسي لماذا الخوف في هذه اللحظة يظللنا ويحتل أروقة الروح العطشى فينا؟ كان الجواب ذ و احتمالين ؛ أحدهما افتعال هذا الشوق وثانيهما وهم متكدس بأعماق كلينا0حتى المظلة سكرت من دهشتنا وراحت تصيح : أنقذوني من برودة جمدت أجزائي وبقينا نرتق أهداب السؤال ولكنه تعثر في شفاهنا لم نفطن لمرور الثواني من خلفنا، لأننا نسينا وباختصار أن نجلب ساعة ضد الثلج0كنت ألمح بعينيه ذات النظرات الحزينة،والتي تعاهدنا من سنين أن تنتش بذور ثمارها فينا، حتى رسائلنا عبرت تلملم أجوبة لم تكتب بعد ,وتتصاعد دندنة
العجوز بصوته الذي يشخب كجرح مفتوح، ليوهم الصدى أنه الأقوى ،و كأن فيروز أورثته ذاك اللحن أو ربما وجد نفسه أحق بترديده وببطء يتراجع الصوت إلى أن يموت بين جدران البيوت،
ونحن بقينا صامتين نشيع جثمان الشوق الذي ظننا أنفاسه تلاقحت
فينا والى الآن لم يزل يشهق حالما بموت مقدس .

صفاء الأحمد 07-12-2013 03:53 PM


العضو : ياسر علي .

الإسم الكامل : ياسر علي ..
تاريخ الميلاد : 3 يناير 1973

معلومات عني : مغربي الجنسية ، مدرس في التعليم الابتدائي ، شواهد التعليم والتكوين : شهادة الباكالويا ودبلوم مركز تكوين المعلمين .


كيف تطوت كتاباتي :
حقيقة نحن جيل الرسائل بامتياز ، فغياب الوسائل التكنولوجية يومئذ فنحن نكتب الرسائل إلى الأهل والأقارب ، وكنت منذ سنوات الابتدائي كاتب أسرتي ، وفي الإعدادي كان لمادة الإنشاء والتعبير الكتابي الأثر الإيجابي في حب التعابير الأدبية إضافة إلى دفاتر الذكريات التي غالبا يومها أجدني أكتب لأصدقائي بطريقة مختلفة ، ويعجبون بما أخط لهم . بعد السادسة عشر من العمر كنت أكتب بعض الكتابات الأدبية وإن كنت لا أحتفظ بها وغالبا تبقى عند أصدقائي ، و هذه المرحلة العمرية ، مرحلة التعارف والصداقات ، فكنت مرة أخرى كاتب الرسائل لأصدقائي .
بعد الثانوي كنت أكتب مقالات على الظواهر الاجتماعية في المدينة التي انتقلت إليها للتعلم في دفتر خاص وللأسف هو أيضا ضاع أو أخذه واحد من الطلبة ، فارقت الكتابة بعدها أكثرمن أربع سنوات في بدايتي العملية دون أن يغادرني الحنين إليها وهي المدة التي قضيتها أكثر في القراءة ، روايات ، كتب وأظن أن هذه هي الفترة الأكثر تأثيرا على كتاباتي .



الحدث الذي رجع بي إلى الكتابة : هو عندما أصابتني أحزمة محرك كهربائي في يدي اليمني واستفادتي من رخصة مرضية لشهرين ، يومها كنت مكرها على تعلم الكتابة باليسرى مخافة عدم تعافي أصابع اليد اليمنى ، ولتعلم الكتابة باليسرى إذ ذاك رجعت إلى الكتابة فبدأت أخط وأحتفظ بمخطوطاتي منذ 1997 ، دون أن أنسى غيابي عن الكتابة مرة أخرى في السنوات الأولى لزواجي ، وغياب آخر في السنوات الأربع الأخيرة .
وحين قررت تعلم الكتابة الالكترونية وتطويير مهاراتي في الأنترنيت وجدتني بينكم وبين مجموعة من المبدعين في مواقع إلكترونية منذ نهاية 2012
و إلى اليوم و مازلت لم أقرر بعد الدخول بجدية في الكتابة ، و ربما لأسباب موضوعية ولو في نظري .
الحدث الأبرز الذي سيجعلني أكتب هو موضوع رواية من رواياتي المستقبلية يوم أقرر أن أكون كاتبا .


اسم القصة التي أشارك بها : إلى العلا

الفكرة التي يعالجها النص : هي الرهاب أو مركب خوف طفولي تجسد في رهاب الأعالي و الرهاب الاجتماعي .

الهدف : التحسيس بتلك المعانات التي تعانيها الفئة الحاملة لهذا الخوف و التضامن معها
أفكار النص :
ـ التمثلات التقليدية للأمراض النفسية.
ـ ملامسة نقدية لمنظور التنمية البشرية في معالجة التوازنات النفسية .
ـ التحدي و الرغبة كأساس لتجاوز المعاناة .
ـ حضور إرضاء الآخر أكثر من النفس في أبدجدياتنا التربية
ـ البحث عن المجد كمقصد إنساني .


تعليق بسيط

بطل النص شاب مثقف مميز وصل إلى درجات متقدمة من التحصيل العلمي والمعرفي ، واختار بالضبط موضوع " النجاح و النبوغ في بحثه "
وهذا يعني أنه وضع نفسه قيد تجربة إمكانية تخلصه من تلك الأمراض النفسية التي تؤرقه .
النص يسائل بالضبط هذه القدرة على التغيير إن كانت ممكنة على ضوء تدريبات التنمية البشرية ومقترحاتها ، أم الأمر أكثر من ذلك بكثير ، إذ يستوجب الأمر الخضوع لعلاج نفسي عميق ، رغم نجاح البطل في تقديم عرضه ولكن بصعوبة بالغة ، و معاناة يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة على توازناته الهرمونية والكيميائية ، مما قد يؤدي مستقبلا إلى ظهور أمراض عضوية ، ناتجة عن الإصرار في تحدي التوازن النفسي الذي شكله كيانه


العضو محمد غالمي .

اسم الكاتب: محمد غالمي .

تاريخ الميلاد :1955

نبذة عن حياة الكاتب: أستاذ التعليم الثانوي، قاص وروائي. من مؤلفاتي:
نزيف القناديل (رواية)
الإخطبوط المجنح (م.قصصية)
عذراء سراييفو (رواية)

كيف تطورت موهبتك الكتابية ؟ بالمطالعة المستمرة والاطلاع على كتابات كبار الروائيين والقصاصين العرب والغربيين،من أمثال: نجيب محفوظ ألبير كامو، ديدرو محمود تيمور...

ما هو الحدث الأبرز في حياتك والذي دفعك لتطوير قدراتك الكتابية ؟
الإعجاب الكبير برائد الرواية العربية الأستاذ نجيب محفوظ، فضلا عما عشته وعاينته في وسطي الاجتماعي من أحداث مختلفة المشارب..

اسم القصة التي ترغب مشاركتها في المعرض
صحوة في طي الخراب :

أبرز الأفكار التي تناقشها القصة
مستلهمة من الغزو الأمريكي للعراق، وتعرض لبعض الأفكار ذات الطابع الإنساني، من قبيل: تأنيب الضمير ـ الوضع النفسي المنهار.

الهدف الرئيسي من اختيارك لهذا الموضوع بالذات:
تعرية الواقع المر الذي في العراق الجريح وتداعيات الغزو الجائر .

العضو محمد فتحي المقداد .


الاسم : محمد فتحي بن قاسم المقداد
مواليد : 1 \ 1 \ 1964 بصرى الشام \ درعا \ سوريا.

الحالة الثقافية:
المؤهل العلمي : ثانوية عامة ( الفرع الأدبي). والقراءة والمطالعة ليست هواية بل هي طريق سلكته منذ تفتح الوعي لدي، ما أكسبني الكثير من الكنوز، التي وجدت في الشبكة العنكبوتية السبيل لابراز مكنوناتها. مما نشر للقراء في كتاب ومما نشر على صفحات المنتديات الأدبية ومواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك.
- باحث في قضايا التراث الشعبي، ولي العديد من الأبحاث والمقالات التراثية.
- ألقيت العديد من المحاضرات التراثية في سورية و الأردن.


مؤلفاتي المنشورة على الشبكة الدولية
======================

1- كتاب مقالات ملفقة( pdf ) كتاب مقالات أدبية
http://www.4shared.com/document/zc2L2Oig/____.html

http://www.mediafire.com/view/?ndocnjrl6mxhxdk
----------------------
2- كتاب أقوال غير مأثورة ( pdf ) خواطر و تأملات

http://www.4shared.com/document/Z-0kzTXo/__-____.html

http://www.mediafire.com/view/?jjczuc0k3a2dlkl

-------------------------
3- كتاب حروف بلا موانئ ( pdf ) مجموعة نصوص ( ق.ق.ج )

http://www.4shared.com/office/b958uWWO/__-___.html?

http://www.mediafire.com/view/?sjmrq8ulqq98c9g


الأعمال الروائية الجاهزة للطبع
=====================
- رواية ( بين بوابتين )
- رواية ( تراجانا )
- كما هناك مشروع روائي ما زال في بداياته وسيكون تحت عنوان( الطريق إلى الزعتري)




صفاء الأحمد 07-12-2013 04:00 PM

مفاجئة المعرض ..~
 


أما عن مفاجئة المعرض فهي مسرحية بعنوان ( القطب المتجمد الثالث ) من تأليف مشرفة منبر القصص والروايات والمسرح ( صفاء الشويات ) ..

تعذر علي إكمالها نظرا لإنشغالي الشديد .. سأقوم بإدراجها في القريب العاجل حال إنتهائي من مراجعتها .


و أخيرا ..
شكرا لكل من ساهم في إنجاز هذا العمل .. و أتمنى أن يكون على قدر من التميز لينال إعجابكم ..

أختكم الأديبة الصغيرة : صفاء الشويات .

ياسر علي 07-12-2013 06:51 PM






الشكر للمبدعة صفاء على هذا المجهود القيم والجبار ، الشكر لكل المبدعين والأساتذة الكبار ، الشكر لكل رواد منابر الشكر لكل المشرفين و الشكر للطاقم الإداري للمنابر .

أحس بهجة ويغمرني فرح كبير و فخر عظيم و طبعا لي عودة .

محبتي






ريم بدر الدين 07-12-2013 10:33 PM

مساء الورد
أدين بالكثير من الشكر للاستاذة صفاء الشويات على عملها الدؤوب لإخراج هذا المعرض و اتمنى ان يكون فاتحة جميلة لمشاريع اخرى في منابر ثقافية
سيككون لدينا قسم مواز في المجلة بنفس العنوان و الواجهة يتم فيه نشر المواد التي اختيرت في هذا المنبر
شكرا لك صفاء
باسمي و باسم إدارة شبكة منابر ثقافية نثمن جهدك عاليا

مضر العباس 07-13-2013 03:40 AM

.. كل الشكر لمن عمل على هذا المشروع اللذي يحتاج فعلاً لعمل دؤوب .. كل القصص المنتقاة بعناية تستحق التقدير .. وهو شرف كبير لي أن أكون أحد الأعضاء في منتدى منابر ثقافية .. تحية من القلب لكل من ساهم في هذا العمل الرائع

ياسر علي 07-13-2013 03:28 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صفاء الشويات (المشاركة 151327)
ما لا يغفره وطني ( مكافأة في وطني ) / آمال بوضياف .

تشير الساعة إلى لا وقت، خالية من عقاربها عارية من حقيقتها منبوذة كذاته اللحظة، تتسرب برودة الظلام في تلك الغرفة المقصية من الوجود إلّا من وجود السجن إلى جسده المنهك من ثلاثين عاماً قضاها حاملاً قطعاً لا تحصى من الطبشور، الطبشور الذي مازال تحت أظافره عالقاً.. ساكناً بين خلايا جلده، معششاً في رئتيه وشاهداً على أجيالٍ وأجيال.
جالساً في ركنها مع من ظلمتهم الحياة أو ظلموا أنفسهم كأنّه "..." يبحث في ذهنه عن تشبيه أو كلمة تليق به هو المربي السجين، يجلس بينهم فيكمل كأنّه "السفاح" سؤال متوقع في ظلام المربع: "ما تهمتك؟ " الإجابة: "عاقبت الولد" التعليق: "لا بد أنك مزقته" يضحك بسخرية من دوران الساعة الخالية من العقارب، لا يجيب لكنّه يلعن حرصه على الولد.. يلعن التربية والتعليم.. ويلعن السلوكيات المنحرفة التي يأتي بها كلّ جيل جديد، يهمهم: "أمّهات غياب أمام التلفاز أو في العمل، آباء يركضون خلف الخبز، وأولاد يأكلون "الساندويتش" ويربون أنفسهم" يتكرر السؤال مرة أخرى لكن بإصرار: " ماذا فعلت للولد؟ " ينظر أرضاً يجيب: "ضربته على يده لكنّه تحرك بطريقة ما فسببت له أثراً.. " يتم بهمس "..طفيفاً" يضحك المجرم بل يتمرغ ضحكاً يعلّق: "أنت تكذب، لا بد أنّك أبرحته ضرباً" يفكر بصمت "ما دمت هنا.. فلا بد أنّني أبرحته ضرباً، ما دمت هنا.. لابد أنّني أكذب، مادام هناك طبيب محلف يشرب فنجان القهوة الضخم ليقدّم شهادة طبية بعجز لأسابيع وشهور.. لا بد أنّني السّفاح"
يسكت عن الضحك ينظر إليه بشفقة.. يقول بجد أكبر: "بابا ما تزعفش، والله لا يستحق أحد حزنك أنت ربيت أجيالاً وأجيال وهذا شرفك وكرامتك.. لا يستطيع أحد إذلالك"
يرفع رأسه ينظر إليه وإلى المكان لا ينبس ببنت شفه لكنّه يتذكّر حديث زوجته: " لا تعاقبهم، الله لا جْعَلْهُمْ يَقْراوْ، غداً يسببون لك المشاكل، آباؤهم مرتاحين وأنت تهتم؟؟" يتذكر رده بحزن مخلوط بالندم: "لا أستطيع ترك الأولاد يضيعون، أنا لا أأذيهم فهم أولادي لكن.. بعضهم تعوّد العقاب من صغره وتربى عليه فلا يغير سلوكه بغيره، هو مجرد تنبيه لكن ملموس" امتعضت بصدقٍ من رده وقالت: "اسكت يرحم والديك، ستندم على حبك هذا يوماً، واش يجيك من الناس قل لي." يهمس: "ماذا أتاني؟ هذا ما أتاني"
أسبوع كامل من التحقيق والسجن، ورغم أنّ الولد لم يكره المعلم ومازال ينتظره كل يوم، ورغم أنّ الأثر ما كان ولم يوجد أصلاً، صدر القرار بالتوقيف عن العمل والإقصاء كمكافأة نهاية الخدمة، يستلم القرار يقرأه بتمعن ينظر لكل من حوله، يتطاير الزبد من فمه يسقط تدريجياً على الأرض، يرى ثلاثون عاماً تمّر كلمح البصر.. يبتسم.. بالكاد يقول: "شكراً" يشهّد بطلاقة ويغادر حاملاً قهره والوطن حين يتضافر لكي لا يغفر.



ابارك للأستاذة أمال بوضياف هذا النص الذي يتحدث عن ظاهرة استفحلت بشكل غريب في مجتمعاتنا ، ألا وهي ظاهرة محاسبة الأساتذة والمربين على أتفه الأسباب ، بل أحيانا يظلم الأساتذة مرتين مرة مع تلامذته وخاصة في الإعدادي والثانوي ومن الدولة و من القضاء .

هذا النص يحمل هذه المعاناة إلى المجتمع الذي طلق تلك الرابطة الحميمية التي كانت تربط أفراده بمعلميهم و أساتذتهم ، فأضحت اليوم علاقة ثأر و خصومة و غريم بغريم .

هذا من جانب ، من جانب آخر أجد النص يحيي التربية التقليدية بشكل عام ، و لا يزال يرى في المعلم ذلك الشخص الشريف تلك المرتبة العالية بمعني مربي الأجيال وصانعها ، لكن الواقع غير ذلك تماما ، فقد تغيرت الكثير من المفاهيم والمجتمع اليوم له ضوابط جديدة وتسوده ثقافة جديدة هي بالأساس مستمدة من حقوق الإنسان ، فالطفل هو من يوجد في أعلى الهرم ، فالكل يعمل لصاح هذا الطفل ، سواء الدولة أو الأسرة ، أو المعلم .
لذلك تم تحصين حلقة الطفل لكي لا تمارس عليه ضغوط من نوع تجعله ينحرف ويكره المدرسة ، فالدولة الحديثة ترى الطفل كامتداد لها عكس المربي الذي ماهو إلا قطاع غيار بشري يؤدي مهمة ما يمكن استبداله متى لا يستطيع تأدية دوره ، وهذا أيضا ناجم عن ثقافة المقاولة التي بدأت تسود كل العلاقات المجتمعية .

نصك رائع فبلداننا التي تعيش منزلة بين المنزلتين لا هي حداثية ولا هي تقليدية صرفة ، تجد صعوبة في تقبل تلك التمظهرات الجديدة .

حقيقة موضوع العقاب البدني واالنفسي للطفل أقيمت حوله دورات و دورات و حملات تحسيسية كثيرة ، لكن من أجل ترسيخ سلوك ما في نفوس الناس الأمر صعب بعض الشيء ، فمدارسنا لا تزال تحتل المراتب الأولى في سلم المدارس الأكثر ممارسة للعنف على أبنائها .

بل أحيانا نجد من يبرر العنف بأنه نابع عن الحب وهذا عذر أكبر من الزلة ، فالعنف ما هو إلى قصور عن استعمال وسيلة تواصلية أنجع ، فالعنف هو انهزام للتربية . والعنف ضد الطفولة في الأسرة والمجتمع والمدرسة ماهو الا امتداد لتقافة التسلط والديكتاتورية التي لا تزال تقاوم ثقافة حقوق الإنسان في مجتمعاتنا .
معذرة على الإطالة فالموضوع جدا مهم وجدا شيق .

تقديري للأستاذة أمال التي غابت في الآونة الأخيرة ، ونرجو أن تكون بخير .



مضر العباس 07-13-2013 08:37 PM

لقاء بعد عشرين عاماً / نبيل عودة .. شكراً لك على هذه الملحمة النفسيية الرائعة ..
استطعت الوصول إلى أعماق المتلقي وإلى أعماق شخصيات قصتك .. وخيار موفق من اللجنة لهذه الرائعة
وتحية كبيرة للأخت صفاء شويات على مجهودها البطل .. :)

صفاء الأحمد 07-13-2013 11:02 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 151359)





الشكر للمبدعة صفاء على هذا المجهود القيم والجبار ، الشكر لكل المبدعين والأساتذة الكبار ، الشكر لكل رواد منابر الشكر لكل المشرفين و الشكر للطاقم الإداري للمنابر .

أحس بهجة ويغمرني فرح كبير و فخر عظيم و طبعا لي عودة .

محبتي







أهلا بك أستاذ ياسر ..
أنتم المُساهم الأول في إنجاح هذا العمل .. لولا إبداعاتكم لما خرجنا بهذا المعرض الرائع ..


ألف شكر لك و لكل طاقم منابر ثقافية ..
مودتي .

صفاء الأحمد 07-13-2013 11:03 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريم بدر الدين (المشاركة 151374)
مساء الورد
أدين بالكثير من الشكر للاستاذة صفاء الشويات على عملها الدؤوب لإخراج هذا المعرض و اتمنى ان يكون فاتحة جميلة لمشاريع اخرى في منابر ثقافية
سيككون لدينا قسم مواز في المجلة بنفس العنوان و الواجهة يتم فيه نشر المواد التي اختيرت في هذا المنبر
شكرا لك صفاء
باسمي و باسم إدارة شبكة منابر ثقافية نثمن جهدك عاليا


مساء الخيرات أستاذة ريم ..

هذا واجبي تجاه إبداعات أعضاءنا الكرام .. و أتمنى من أعماقي دوام نجاح هذا المعرض في مواسمه القادمة ..

مودتي .

صفاء الأحمد 07-13-2013 11:09 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مضر العباس (المشاركة 151408)
.. كل الشكر لمن عمل على هذا المشروع اللذي يحتاج فعلاً لعمل دؤوب .. كل القصص المنتقاة بعناية تستحق التقدير .. وهو شرف كبير لي أن أكون أحد الأعضاء في منتدى منابر ثقافية .. تحية من القلب لكل من ساهم في هذا العمل الرائع

أهلا بك أستاذ مضر ..

نحن لن نبخل بعرض أعمالكم الإبداعية ما دمتم قادرين على العطاء و ما دمنا في درب الثقافة ماضون ..

تم هذا العمل بمجهودي الشخصي الكامل .. ولن أتوانى يوما في خدمة الأدب والثقافة ..

ولا بد أن تعلموا أني في طريقي إلى إنجاز مشاريع ضخمة جدا لخدمة الأدب والأدباء ربما تتجاوز النشر الإلكتروني إلى النشر الورقي .. وهذا خدمة للغتنا العربية لغة القرآن الكريم في المقام الأول و لإبداعاتكم في المقام الثاني ..

أسأل المولى عز وجل أن يمنحني القدرة للمضي في خدمة لغتنا العربية ..

مودتي .

مضر العباس 07-14-2013 12:55 AM

>> الله يكون بعونك أخت صفاء .. الله يوفقك ويعطيك العافية ويكون معك بكل خطوة .. كلّنا صفاء الشويات :)

حسام الدين بهي الدين ريشو 07-14-2013 05:47 PM

بصراحة
====

كنت
قد اشفقت كثيرا على الاخت / صفاء
عندما اعلنت عن معرضها للقصة
وسعيها لئن يشترك به الاعضاء الموقرون هنا في فعالياته

ظننت ان هذا العمل اذا تجسد
سيكون نتيجة جهد جبار
وهائل
يفوق قدرة اي انسان

لكن المفاجأة ليلة الأمس
كانت ليلة قدر
رأيت حلم / صفاء الشويات

يتجسد في الأثير
كمعرض رائع ؛ فاقت روعته المعارض على أرض الواقع
لا أملك الا أن أرفع القبعة تقديرا لها ولجهدها

كما لا يفوتنى الا أن أتقدم بخالص الشكر على ما قدمته هنا مرتبطا بشخصي المتواضع
والى مزيد من التألق
والتفوق
والانجاز
لها
ولمنابر من خلالها
خالص تقديري مجددا
وكل عام وانتم بخير

صفاء الأحمد 07-15-2013 09:45 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مضر العباس (المشاركة 151442)
>> الله يكون بعونك أخت صفاء .. الله يوفقك ويعطيك العافية ويكون معك بكل خطوة .. كلّنا صفاء الشويات :)


أسعد الله كل أوقاتك أستاذ مضر :)
الله يعافيك .. وان شاء الله الآتي أجمل ..

مودتي

صفاء الأحمد 07-15-2013 09:51 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام الدين بهي الدين ريشو (المشاركة 151465)
بصراحة
====

كنت
قد اشفقت كثيرا على الاخت / صفاء
عندما اعلنت عن معرضها للقصة
وسعيها لئن يشترك به الاعضاء الموقرون هنا في فعالياته

ظننت ان هذا العمل اذا تجسد
سيكون نتيجة جهد جبار
وهائل
يفوق قدرة اي انسان

لكن المفاجأة ليلة الأمس
كانت ليلة قدر
رأيت حلم / صفاء الشويات

يتجسد في الأثير
كمعرض رائع ؛ فاقت روعته المعارض على أرض الواقع
لا أملك الا أن أرفع القبعة تقديرا لها ولجهدها

كما لا يفوتنى الا أن أتقدم بخالص الشكر على ما قدمته هنا مرتبطا بشخصي المتواضع
والى مزيد من التألق
والتفوق
والانجاز
لها
ولمنابر من خلالها
خالص تقديري مجددا
وكل عام وانتم بخير

مساء الخير أستاذ حسام :)
بصراحة لمّا كان النجاح حليف هذا المعرض راودني شعور بفرحة غامرة أعجز عن وصفها ،
خصوصا أن الكثيرين من أعضاء منابر لم يتوقعوا أن يكون الإنتاج للمعرض بموسمه الأول بهذا الحجم ..
لكن و بفضل الله ، لقيَ هذا المعرض نجاح توقعته أنا رغم أن الأغلبية لم يتوقعوه ..

وبالنسبة لما يتعلق بك في هذا المعرض هو جزء بسيط من حقك علينا أستاذ .. :)

ولك من قلبي ألف ياسمينة
مودتي ..

صفاء الأحمد 07-16-2013 11:09 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 151416)


ابارك للأستاذة أمال بوضياف هذا النص الذي يتحدث عن ظاهرة استفحلت بشكل غريب في مجتمعاتنا ، ألا وهي ظاهرة محاسبة الأساتذة والمربين على أتفه الأسباب ، بل أحيانا يظلم الأساتذة مرتين مرة مع تلامذته وخاصة في الإعدادي والثانوي ومن الدولة و من القضاء .

هذا النص يحمل هذه المعاناة إلى المجتمع الذي طلق تلك الرابطة الحميمية التي كانت تربط أفراده بمعلميهم و أساتذتهم ، فأضحت اليوم علاقة ثأر و خصومة و غريم بغريم .

هذا من جانب ، من جانب آخر أجد النص يحيي التربية التقليدية بشكل عام ، و لا يزال يرى في المعلم ذلك الشخص الشريف تلك المرتبة العالية بمعني مربي الأجيال وصانعها ، لكن الواقع غير ذلك تماما ، فقد تغيرت الكثير من المفاهيم والمجتمع اليوم له ضوابط جديدة وتسوده ثقافة جديدة هي بالأساس مستمدة من حقوق الإنسان ، فالطفل هو من يوجد في أعلى الهرم ، فالكل يعمل لصاح هذا الطفل ، سواء الدولة أو الأسرة ، أو المعلم .
لذلك تم تحصين حلقة الطفل لكي لا تمارس عليه ضغوط من نوع تجعله ينحرف ويكره المدرسة ، فالدولة الحديثة ترى الطفل كامتداد لها عكس المربي الذي ماهو إلا قطاع غيار بشري يؤدي مهمة ما يمكن استبداله متى لا يستطيع تأدية دوره ، وهذا أيضا ناجم عن ثقافة المقاولة التي بدأت تسود كل العلاقات المجتمعية .

نصك رائع فبلداننا التي تعيش منزلة بين المنزلتين لا هي حداثية ولا هي تقليدية صرفة ، تجد صعوبة في تقبل تلك التمظهرات الجديدة .

حقيقة موضوع العقاب البدني واالنفسي للطفل أقيمت حوله دورات و دورات و حملات تحسيسية كثيرة ، لكن من أجل ترسيخ سلوك ما في نفوس الناس الأمر صعب بعض الشيء ، فمدارسنا لا تزال تحتل المراتب الأولى في سلم المدارس الأكثر ممارسة للعنف على أبنائها .

بل أحيانا نجد من يبرر العنف بأنه نابع عن الحب وهذا عذر أكبر من الزلة ، فالعنف ما هو إلى قصور عن استعمال وسيلة تواصلية أنجع ، فالعنف هو انهزام للتربية . والعنف ضد الطفولة في الأسرة والمجتمع والمدرسة ماهو الا امتداد لتقافة التسلط والديكتاتورية التي لا تزال تقاوم ثقافة حقوق الإنسان في مجتمعاتنا .
معذرة على الإطالة فالموضوع جدا مهم وجدا شيق .

تقديري للأستاذة أمال التي غابت في الآونة الأخيرة ، ونرجو أن تكون بخير .



قراءة جميلة للنص أستاذ ياسر .


لي عودة لقراءة قصص المعرض قراءة تحليلية لل
خروج بمجموعة مقالات متعلقة بالمعرض
وهذا سيتم بالتعاون معكم بإذن الله ..

و دعنا نبدأ والأعضاء الكرام بمناقشة القصص كما هي مرتبة في المعرض ..
بدءا بواجهة المعرض و انتهاءا بمسرحيتي والتي سأقوم بإدراجها خلال أيام بإذن الله ..
ثم نقوم بنشر المقالات كـ مرفقات للمعرض ..

ستكون ورشة عمل رائعة نخرج بها جميعا :)

و أتمنى للأستاذة آمال العودة في القريب العاجل فقد افتقدناها كثيرا :)

مودتي .

ياسر علي 07-17-2013 08:29 PM



مزيدا من التألق إن شاء الله الأخت صفاء الشويات و مزيدا من الرقي بالمنابر وأقلامها

حقيقة مشروع جميل أن يتم الوقوف عند النصوص وقفة تأملية تحاول استخلاص و استقراء ما تخبئه جملها من أفكار جميلة و وتعبيرات راقية و قدرات سردية و اقتدار في الوصف .

فقط لا أزال أنتظر بعض الأقلام التي لم تبخل يوما في تقديم الدعم و القراءات الجادة والمسؤولة للنصوص .

على أي حال للمتغيب حجته ، و نتمنى أن تكون خيرا .

في انتظار تلك الإطلالات سوف نحاول استجلاء خفايا النصوص المعروضة في المعرض وكذا التي تعمل عليها الأخت صفاء في منبر القصة .
والشكر موصول للجميع



أمل محمد 07-17-2013 11:28 PM

~ أ. صفاء الشويات

جُهد مُبارَك ورائع

وكلّ القصص المعروضة تستحقّ الإشادة وتسليط الضوء عليها ..

بورِكَت جهودكِ عزيزتي ~

أسرار أحمد 07-17-2013 11:37 PM

بوركت أختي صفاء قرأت قسم و لي عودة للبقية رائعة جداً

محمد فتحي المقداد 07-18-2013 02:23 PM

كل عام وأنتم بخير
أهل المنابر
أستاذة صفاء شويات
تهنئة من أعماقي على نجاح فكرتك التي عملت عليها
بدأب وإصرار كي ترى النور وتكون جديدة بفحوها و
ومحتواها .. جريئة بالقدر الذي تخاف الفشل فيه, فقد
لاقت أوسع طرق النجاح ..
تابعي و نحن معك .. أديبتنا الراقية

صفاء الأحمد 07-18-2013 10:15 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 151675)


مزيدا من التألق إن شاء الله الأخت صفاء الشويات و مزيدا من الرقي بالمنابر وأقلامها

حقيقة مشروع جميل أن يتم الوقوف عند النصوص وقفة تأملية تحاول استخلاص و استقراء ما تخبئه جملها من أفكار جميلة و وتعبيرات راقية و قدرات سردية و اقتدار في الوصف .

فقط لا أزال أنتظر بعض الأقلام التي لم تبخل يوما في تقديم الدعم و القراءات الجادة والمسؤولة للنصوص .

على أي حال للمتغيب حجته ، و نتمنى أن تكون خيرا .

في انتظار تلك الإطلالات سوف نحاول استجلاء خفايا النصوص المعروضة في المعرض وكذا التي تعمل عليها الأخت صفاء في منبر القصة .
والشكر موصول للجميع




شكرا لك أستاذ ياسر ..

لا بد أن نقف وقفة تأملية عند كل نص ، بالتأكيد معظم من يحملون أقلامهم ويكتبون هم أصحاب فكر جيد ، لا يعيشون أحداث يومهم فحسب ، بل يتأملونها ويقفون كثيرا عند تفاصيلها الصغيرة منها قبل الكبيرة .
ونتاج أفكارهم لا بد أن يُطرح بشكل آخر غير القصة ، فهناك من الناس من لا يروقه الأدب القصصي ، ويتجه أكثر نحو المقال ، و نحن هنا كي ننتج مادة أدبية تتناسب مع ذوق الجميع .

ولا مانع عندي من أن تترجم كل هذه الأفكار وتصقل ضمن قوالب شعرية وخواطر أدبية و نصوص فلسفية ، لكن هذا يحتاج إلى أناس من أصحاب المواهب الشعرية و الفلسفية أيضا التي أملك أنا جزءا منها لكنها أبدا لا تخولني لأن أبدع في صقل الأفكار ضمن قالب فلسفي مميز .
أنا سأحاول فعل ذلك و إن نجحت سأعلن عنه .. والله ولي التوفيق ..


مودتي :) .

صفاء الأحمد 07-18-2013 10:24 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل محمد (المشاركة 151678)
~ أ. صفاء الشويات

جُهد مُبارَك ورائع

وكلّ القصص المعروضة تستحقّ الإشادة وتسليط الضوء عليها ..

بورِكَت جهودكِ عزيزتي ~


شكرا عزيزتي أمل .. وبارك الله فيكِ ..

لكِ من قلبي آلاف الياسمينات .. :)
مودتي .

صفاء الأحمد 07-19-2013 04:37 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سارة عبد الهادي (المشاركة 151679)
بوركت أختي صفاء قرأت قسم و لي عودة للبقية رائعة جداً


شكرا صديقتي سارة .. بإنتظار عودتك لتزيدي المعرض بهاء :)

مودتي .


الساعة الآن 10:59 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team