![]() |
ســـــعديـة.. زهرة برية / ريما ريماوي
- ســــعديـــــة! صرخ عماد بصوته الجهوري: "اهدئي يـا مجنونة، ماذا تفعلـين؟!" أبعد يدها ساخطا، وقد تسللت إلى أزرار محرّمة... هب مسرعا، ينفث غضبه، يقتحم هدوء والديه...
- استيقظ يا أبي.. سعدية أصبحت لا تطاق، تضرب بعرض الحائط العرف والدين.. تمرغ كرامتنا واسمنا بالطين، الجميع صار يستهزئ بنا. الأدهى والأمرّ "وسيم" لعنة الله عليه شوهد وقد اختلى بها في الزقاق الخلفي.. ونحن مشغولين عنها. يقذف حمما مبعثرة بصوت يترجرج قهرا ثم يجهش بالبكاء.. دمعه يسقط نارا تلتهم وجنتيه النضرتين.. ولم تكن تلك الشكوى الأولى. سعدية بهجة البيت وزهرته البرية، تعودت مطاردة الأطفال منذ نعومة أظفارها، بعدها تنفجر بضحك هستيري لمّا يهربوا خائفين. كلما كبرت في العمر، تزداد إزعاجا، فانصرف الزبائن عن الشراء من دكان ابيها، فتناقص دخلهم، وأصبح عيشهم كفاف يومهم. بالرغم من جمالها الملائكي، لكنها تعاني الإعاقة، أنجبتها أمها في سن متأخرة، بعد ولادات متكررة لأربعة من الذكور الأصحاء وبفارق عمري كبير. الأولاد بعكسها أذكياء متقدمين بتحصيلهم العلمي، يطمحون لتبوأ أحسن المراكز. سعدية اخضّرّ جسدها في سن مبكرة جدا، وأينعت ثمرة ناضجة. في غياب المنطق وبعدما أيقظ ابن الجيران "وسيم" مشاعرها تحولت قطة شرسة، وظّفت مراهقتها المتوحشة لمطاردة الشباب، تتبعهم في كل مكان تتلمسهم ترغب بإشباع رغباتها. ذات مرة شدت أخاها المراهق الصغير من بنطاله، فهوى أرضا وقد انزلقت عنه ملابسه، وفرّت من أمامه ضاحكة مستفزة، هذه العادة السيئة صارت جل هاجسها وهدفها... - نعم طفح الكيل فعلا، أختك تتلبسها جنيّة شريرة.. رد الوالد بائسا: أعرف إنها بمثابة حجر عثرة أمامكم، وستصعب عليكم تحقيق ما ترومونه ولسوء سمعتها لن تصبح وزيرا، لكننا سنجد حلا... التفت إلى زوجته، ودبت قشعريرة الحل، في اتفاق صامت ما بينهما... أم عماد الزوجة والأم.. قوية صبورة لكنها بسيطة غير متعلمة، كرست جهودها في خدمة أبنائها، لكنها تجهل أصول التعامل مع سعدية. - ( أمـــــي ...) كلمة تجتاح عروق الأمومة وتحتلها. نادت سعدية بلغة ركيكة، مع بسمة بعيون متوهجة تمتلئ بالحياة. تتحسس بطنها بحنان، فرحة تردف: (هــنا في بــيــبـــي)، تبسمت لها ابتسامة باهتة صفراء، تحاول بصعوبة ضبط أعصابها.. تحبس دمعات عصية تود الانسكاب. - أممم.. حسناً عزيزتي، تعالي أضعك في السرير. سأقص عليك قصتك المفضلة "ليلى والذئب" (بفستانها الأحمر) .. صفقت بيديها الرقيقتين، بصخب طفولة تركتها وراءها من فترة بسيطة، واندست في فراشها، تتلذذ بدفء أمها تمسد شعرها. - هاتي وسادتك.. سنمثل معا مشهد إنهاء الذئب حياة جدة ليلى.. ركزي معي.. أمسك الوسادة ثم وضعها على وجهها هكذا مثلي تماما... تقاوم.. ترفرف بيديها كالفراشة "آآآه... أمي... لاااااا". |
جميلة انت يا ريما
تكتبين عن مواضيع تحتاج إلى الكثير من الجرأة و القوة في مجتمعنا نعاني من ازدواجية مرهقة تتبدى كثيرا لدى وجود طفل مصاب بالعته العقلي و طريقة التعامل مع هذه القضية تفضح انانية المجتمع و قصور مؤسساته الاجتماعية نص قوي و متميز أحييك ريما الريماوي محبتي دوما |
اقتباس:
الله يسعدك الأستاذة الغالية ريم بدر الدين... شرفتني بحضورك الوارف وردك القيم الآثر... رأيك أعتز به كثيرا... كوني بخير وصحة وعافية... تحيتي واحترامي وتقديري. |
قصة مكتوبه باحتراف واسلوب قوي والمهم انها تعالج قضية اجتماعية واقعية تحتاج الكتابة فيها الى الجرأة. الحوار في النص يورط المتلقي ويشده. عناصر القصة متوفرة والبناء متين ومكثف لكنني كنت افضل لو تم حذف السطر الاخير. ..وربما الافضل لو انه تم انهاء القصة بدلا من ذلك بكلمات "وظل شبح سعدية يطاردهم" بدل السطر الاخير. |
اقتباس:
اسعدتني بتشريفك متصفحي... وتقييمك الإيجابي للنص... تم التعديل، والقفلة تقريبا حسب رؤية حضرتك... تقبل أطيب الأماني، وخالص تقديري واحترامي. تحيتي. |
كل حرف من قصتك ، أستاذة ريما ، يعبر بصدق عن احساس أدبي واجتماعي دقيق يأتي نتيجة لتأمل حركات الحياة بكل دقائقها ، "سعدية " قصة تعالج عدة جوانب في حياتنا اليومية التي تعج بالأحداث خيرها وشرها . لقد أبدعت في هذا الاسترسال العفوي من خلال كلمات عبرت عن القضية بكل أبعادها الاجتماعية والنفسية في اطار الفرد والأسرة والمجتمع . مع تمناتي لك بمزيد من الابداع والتميز .
|
اقتباس:
أهلا بك ومرحبا الأستاذ الفاضل أحمد الفضول... لكم أسعدتني بحضورك القيم وردك الجميل... أتمنى من الله أن تكون بأفضل صحة وأحسن حال... مودتي واحترامي وتقديري. تحيتي. |
اقتباس:
وأقول لها شكرا لست مجرمة ههه.. لكن عندي إحساس بالنفس البشرية وأحيانا إلى درجة الذهول، ومرات أخاف من الشر المعتمل في النفوس... تحيتي. |
السلام عليكم ورحمة الله
هذه هي مأساة الأسر العربية، والتي تحس أن الله عاقبها بإعطائها طفلا معاقا بل ويصبح الإحساس بالخجل من هذا الطفل هو السمة الغالبة ... ويكبر هذا الإحساس حتى يصبح في النهاية كرها لهذا المخلوق الضعيف والذي لا ذنب له في كونه ولد معاقا... فيصدرون أمرا بحبسه حتى لا يهزأ بهم أحد فيحكمون عليه بازدواجية القهر ... قهر المرض وقهر السجن ... فمن قال أن المعاق لا يعي ما يدور حوله. هي حكمة الله في خلقه، لكن لو فكر الشخص منا ولو قليلا وطرح عليه السؤال ( لو أن الأدوار تبادلت) وكان هو صاحب الإعاقة ... لكانت أشياء كثيرة تغيرت... شكرا ريما، قصة هادفة... صحيح أن النهاية صادمة وغير متوقعة ... لكن من قال أن العالم الذي نعيشه عالم المثل والأخلاق الفاضلة بل يحوي الكثير من المآسي الحقيقية والتي تبقي العقل مترددا لتصديقها. |
اعتبروها جريمة فأجرموا في حقها.. حين نعتقد وحين ونصدق اعتقادنا مجتمعنا يعرف كيف يعذب كل فئة بطريقته الخاصة.. أسجل إعجابي الكبير بالقصة.. تقديري واحترامي |
تم تعديل النص بنسخة محدثة ...بعد استطلاع الآراء.
مع تحيتي... - ســــعديـــــة! صرخ عماد بصوته الجهوري: "اهدئي يـا مجنونة، ماذا تفعلـين؟!" أبعد يدها ساخطا، وقد تسللت إلى أزرار محرّمة... هب مسرعا، ينفث غضبه، يقتحم هدوء والديه... - استيقظ يا أبي.. سعدية أصبحت لا تطاق، تضرب بعرض الحائط العرف والدين.. تمرغ كرامتنا واسمنا بالطين، الجميع صار يستهزئ بنا. الأدهى والأمرّ "وسيم" لعنة الله عليه شوهد وقد اختلى بها في الزقاق الخلفي.. ونحن مشغولين عنها. يقذف حمما مبعثرة بصوت يترجرج قهرا ثم يجهش بالبكاء.. دمعه يسقط نارا تلتهم وجنتيه النضرتين.. لم تكن تلك الشكوى الأولى، تخص تصرفاتها. سعدية بهجة البيت وزهرته البرية، تعودت مطاردة الأطفال منذ نعومة أظفارها، بعدها تنفجر بضحك هستيري لمّا يهربون من أمامها خائفين. كلما كبرت في العمر، يسوء أمر إزعاجها لزبائن أبيها، فانصرفوا عن الشراء من عنده، مما أدى إلى تناقص دخلهم، وصار عيشهم كفاف يومهم. بالرغم من جمالها الملائكي، لكنها ولدت وأمها متقدمة في السن، بعد إنجابها لأربعة من الذكور الأصحاء وبفارق عمري كبير. تميز الأولاد بالذكاء، واستطاعوا الحصول على منح دراسية أتاحت لهم الإلتحاق في الجامعة.. وأصبحت فرصهم لتحقيق طموحاتهم في تبوء أعلى المناصب وافرة. أما هي فاخضّرّ جسدها في سن مبكرة جدا، وأينعت ثمرة ناضجة. وفي غياب المنطق.. وبعد "وسيم" ابن الجيران، تحولت قطة شرسة، ووظّفت مراهقتها المتوحشة لمطاردة الشباب، تتبعهم في كل مكان تتلمسهم وتتحسهم بهدف إشباع رغباتها. ذات مرة شدت أخاها المراهق الصغير من بنطاله، فهوى أرضا وقد انزلقت عنه ملابسه، وفرّت من أمامه ضاحكة مستفزة، هذه العادة السيئة صارت جل هاجسها وهدفها... - نعم طفح الكيل فعلا، أختك تتلبسها جنيّة شريرة.. رد الوالد مضيفا: أعرف إنها تقف حجر عثرة أمامك أنت وإخوانك، وأعلم أنها ستصعب عليك أن تصبح وزيرا كما تأمل فيما بعد، لكن لا بد أن نجد حلا... لمّا تبادل النظرات مع زوجته، دبت فيهما القشعريرة، لقد وجدا الحل. أم عماد الزوجة والأم.. قوية صبورة لكنها بسيطة غير متعلمة، كرست جهودها في خدمة أبنائها، لكن أهملت سعدية لكونها تجهل أصول التعامل معها. - ( أمـــــي ...) كلمة تجتاح عروق الأمومة وتحتلها. نادت سعدية بلغة ركيكة، مع بسمة بعيون متوهجة تمتلئ بالحياة. تتحسس بطنها بحنان، فرحة تردف: (هــنا في بــيــبـــي)، تبسمت ابتسامة باهتة صفراء، لا تستطيع ضبط أعصابها إلا بصعوبة شديدة.. تحبس دمعات عصية تود الانسكاب. - أمممم.. حسناً عزيزتي، تعالي أضعك في السرير. سأقص عليك قصتك المفضلة "ليلى والذئب" (بفستانها الأحمر) .. صفقت بيديها الرقيقتين، بصخب الطفولة، التي تركتها وراءها منذ فترة بسيطة، واندست في فراشها، تتلذذ بدفء أمها تمسد شعرها. - هاتي وسادتك.. سنمثل معا كيف قضى الذئب على جدة ليلى.. ركزي معي.. أمسك الوسادة ثم وضعها على وجهها هكذا مثلي تماما... تقاوم! ترفرف بيديها كالفراشة "آآآه... أمي... لاااااا". |
اقتباس:
الله يعافيك يا رب فاتحة الخير... ولكم سعدت بحضورك وردك القيم... أهلا بك ومرحبا... مودتي واحترامي وتقديري... تحيتي. |
اقتباس:
سعدت بحضورك وإعجاب وردك... الله يسعدك ويوفقك ويحغظك... مودتي واحترامي وتقديري. |
الساعة الآن 03:20 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.