منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   حول رأفت الهجان ...تفضل أ. محمد جاد الزغبي (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1052)

ريم بدر الدين 09-02-2010 11:43 PM

حول رأفت الهجان ...تفضل أ. محمد جاد الزغبي
 

ذات مرة تشرفت ان أفتح معك حوارا حول كتاب " خريف الغضب " للأستاذ محمد حسنين هيكل و هاهي المرة الثانية التي سأفتح فيها حوارا يكون الباعث الاساسي هو رأي للاستاذ محمد حسنين هيكل طرحها في برنامجه الشهير على قناة الجزيرة " مع هيكل "
و الاستاذ هيكل نفى حقيقة وجود رفعت الجمال الشهير ب " رأفت الهجان " و اعتبره محض خيال روائي
و كتب الاستاذ محمد جاد الزغبي تفنيدا للانكار بالدلائل و الوثائق غير ان هذا قادني للتساؤل : كم عدد الناس الذين يعلمون ان هذه العمليات التي قامت بها المخابرات المصرية هي حقيقة واقعة و ليست من شطحات فكر الروائي صالح مرسي؟
هنا أستاذ محمد جاد الزغبي أدعوك لحوار أثق تماما أنك ملم بكل جوانبه و تملك الوثائق اللازمة لكتابة بحث متميز نحفظه وثيقة للأجيال القادمة فهذا تاريخنا
بداية قبل أن ندخل الى رأفت الهجان / رفعت الجمال لا بد من أن أطلب منك - و أنت أدرى- توطئة عن المخابرات المصرية و الوضع السياسي و التاريخي في تلك الآونة
بسم الله نبدأ

محمد جاد الزغبي 09-03-2010 01:54 AM

مرحبا أختنا الفضلي ريم ,
الشرف لى يا سيدتى ,
ويسعدنى إعادة تجربة الحوار معك لما رأيت فيه من الفائدة ومراجعة المعلومات ,
وأبدأ من عند قولك :

اقتباس:

كم عدد الناس الذين يعلمون ان هذه العمليات التي قامت بها المخابرات المصرية هي حقيقة واقعة و ليست من شطحات فكر الروائي صالح مرسي؟

مشكلتنا الحقيقية أننا لا زلنا نصدر الأحكام إما بعاطفة وإما بعدم خبرة ,
والسبب في ذلك عملية التجريف الثقافي التي قادتها الأنظمة السياسية في العالم العربي ونتج عنها أنها استبدلت أهل الخبرة بأهل الثقة فتمركز في منابع تربية الوعى جملة من الكتاب والصحفيين لا يصلحون حتى للعمل كحراس أمام الصحف !
وهم الذين جعلوا من توزيع الصحف القومية مهزلة حقيقية حيث عزف عنها الناس عزوفا تاما بعد أن أصبحت نشرات للأحزاب الحاكمة ,
واستبدلوا بها الصحف المعارضة والمستقلة التي تقوم عليها مواهب شابة حقيقية ,
إلا أن الداء المستعصي سواء في الكتاب الموهوبين أو غيرهم هو أن بعضهم يلجأ إلى الدخول في مجالات لها أهلها ويدلى بدلوه دونما خبرة أو معرفة ودون أن يكلف نفسه عناء البحث ,
ولست أدرى ما السبب لذلك هل هو الكسل أم رغبة الشهرة ,
ولك الحق فى أن النعى على هذه الظاهرة الغريبة


القصد ,
المفروض أن كل قارئ لصالح مرسي في رواياته عن المخابرات يعلم تمام العلم أنها مبنية تماما على وقائع حقيقية قامت بها المخابرات المصرية لسبب بسيط
أن كل رواية من هذا النوع تجدين على غلافها عبارة ( من ملفات المخابرات العامة )
فهذه العبارة تعنى أن ملف هذه العمليات تم التصريح به للكاتب ,
وليس في هذا سر أو بدعة بل هو استراتيجية معترف بها في العالم كله حيث تصرح أجهزة المخابرات ببعض عملياتها للنشر وتعطى الحق في ذلك لبعض الكتاب الكبار المحترفين وذوى الأهلية لتقديمها إلى القراء ,
وملفات المخابرات الإنجليزية والأمريكية في الحرب العالمية الثانية تم نشرها وتقديمها حتى للسينما ,

فكل قصة تصدر في مصدر وعليها هذه العبارة ـ وهى محدودة طبعا ـ تعنى أن القصة ليست من خيال الكاتب بل هى من ملف العملية المقصودة حتما وإلا تعرض الكاتب للمحاكمة العاجلة ,
والمخابرات المصرية صرحت لعدد محدود من الكتاب ببعض تلك العمليات وأشهرهم صالح مرسي , نبيل فاروق , ماهر عبد الحميد
وإذا كانت العملية أو القصة هى من بنات أفكار الكاتب فعندئذ لا يستطيع كتابة هذه العبارة عن قصته , وقد كتب صالح مرسي رواية خيالية اسمها ( الصعود إلى الهاوية ) ولم تكن العبارة موجودة بها ,
هذا فضلا على أن الروايات التي نشرها ولها أساس واقعى كتب الرجل في مقدمتها ما يشي بذلك وهى روايات رأفت الهجان التي تعالج قصة رفعت الجمال ورواية دموع في عيون وقحة التي تعالج قصة أحمد الهوان ( جمعة الشوان ) وقصة ( سامية فهمى ) التي تعالج قصة الصحفية ليلي عبد السلام وقصة الحفار التي تعالج عملية الحج التي نفذها محمد نسيم في نهاية الستينات ,
ومن هؤلاء الكتاب أيضا الكاتب الشهير د. نبيل فاروق والذي لا يعرفه الكثيرون أن الرجل له ماض مع المخابرات العامة حيث تم استخدامه في عملية خداع للمخابرات الإسرائيلية في لندن ,
وردت المخابرات له الجميل بإعطائه حق نشر بعض العمليات التي أشار صراحة إلى أنها عمليات ذات أصل في ملفات المخابرات العامة وهى منشورة جميعا في مقالاته الشهيرة في مجلة ( الشباب ) الصادرة عن مؤسسة الأهرام , وتم نشر تلك العمليات مجمعة فى كتاب مستقل
كما سمحت له بعملية أخرى تم نشرها في سلسلة الأعداد الخاصة بعنوان ( سري للغاية )

وكما قلنا إذا تهور كاتب فوضع عبارة ( من ملفات المخابرات العامة ) دون أساس فسيتعرض للمحاكمة حتما وهو ما كاد أن يحدث بالفعل لنبيل فاروق عندما نشر إحدى القصص في مجلة الشباب وظن المحرر الذى يصمم صفحته أنها عملية لها أساس كما هى عادة نبيل فاروق في المجلة ,
فوضع العبارة دون استئذان نبيل فاروق الذى فوجئ باستدعاء المخابرات العامة له وتم نشر تنويه وتصحيح الخطأ ,
وهذا ما يحدث أيضا في حالة أية معلومات لها طابع عسكري , حتى لو كانت منشورة ومعروفة , وذلك للحفاظ على مصداقية رفع الروح المعنوية ,
ولنا عودة للتنويه عن بدايات جهاز المخابرات المصري

محمد جاد الزغبي 09-03-2010 03:34 AM



اقتباس:

بداية قبل أن ندخل الى رأفت الهجان / رفعت الجمال لا بد من أن أطلب منك - و أنت أدرى- توطئة عن المخابرات المصرية و الوضع السياسي و التاريخي في تلك الآونة
بسم الله نبدأ
هذه الفصول كتبتها قبل عدة أعوام كبداية فى دراسة متعمقة عن جهاز المخابرات المصري وتاريخه وهى تصلح لإلقاء الضوء على بداية الجهاز وتكوينه وعملياته


حالة ولادة عسيرة ..

بهذه العبارة البسيطة يمكن إيجاز الظروف التى واكبت فكرة وتأسيس جهاز المخابرات المصري عقب قيام ثورة يوليو والتى تعد مسألة تأسيس المخابرات المصرية من أوجه الحسنات التى لا جدال فيها لنظام الرئيس عبد الناصر ..
بدأت الفكرة والحاجة الملحة لوجود جهاز مخابرات للبلاد عقب تفهم ضباط الثورة بحكم خبراتهم العسكرية لما تؤديه تلك الأجهزة من مهام قد تقلب موازين حروب كبري وتغير من مصير أمة بأكملها ..
وهو الأمر الذى اتضح بجلاء فى الحرب العالمية الثانية على يد عدد من العمليات التى خاضتها المخابرات البريطانية ضد المخابرات الألمانية وغيرت بها مسار الحرب نهائيا بعد أن أدولف هتلر قد اكتسح سائر أوربا ولم يتبق له إلا الأسد البريطانى المتهالك من ضربات قنابل الألمان فوق جزيرتهم

فاستعادت المخابرات البريطانية توازنها وخبرتها وكان تشرشل رئيس وزراء الحرب يعرف جيدا ما الذى يمكنه عمله عن طريق مخابراته فنجحت المخابرات البريطانية فى القيام بعدة عمليات لا زالت مسجلة باسمها باعتبارها من أقوى عمليات التخابر فى التاريخ تأثيرا على الأحداث ..
حيث تمكن رجل المخابرات البريطانى آيان فيلمنج ـ وهو نفسه مؤلف ومبتكر شخصية جيمس بوند فيما بعد ـ من تكوين فرقة انتحارية يكون هدفها العمليات المستحيلة فى مسار الحرب وانجاز بعض من الأعمال التى تؤدى الى انفلات الثقة الألمانية بجيشها ونجح بالفعل عن طريق فرقته فى الهجوم الخاطف على عدد من مقرات الجيش الألمانى بأوربا بأساليب عسكرية غير معروفة وغير مطروقة
إضافة إلى تكوينه لما سماه بالإذاعة الألمانية وهى إذاعة موجهة للشعب الألمانى أخذت فى بث روح الحماسة والتأييد للجيش الألمانى على نحو أعطاها ثقة الشعب والجيش بل وهتلر نفسه التى ظنها إذاعة صنعها وقام ببثها شباب أوربا المحب والمبهور بهتلر
وكانت الإذاعة تكيل السخرية والسب لبريطانيا لتكتسب المزيد من الثقة واستمرت فترة على هذا النحو ثم بدأت شيئا فشيئا فى دس السم فى العسل فبدأت تورد أخبارا من شأنها ضرب الروح المعنوية للألمان وإفقادهم الثقة فى قادتهم فبثت الإذاعة أخبار هوس الجنرالات الألمان بالغنائم الحربية فى أوربا وإسرافهم الشديد وميلهم للحفلات الماجنة إلى غير ذلك من الأمور التى كانت تثير صغار الضباط والجنود والشعب أيضا
كما تمكنت المخابرات البريطانية من حسم أهم المعارك التى تحول بسببها مجرى الحرب عندما تأهبت قوات الحلفاء للنزول على إحدى الجزيرتين " كورسيكا أو سردينيا " بالبحر المتوسط وكان الألمان يوزعون قواتهم على الجزيرتين ولا يعرفون فى أيهما ستكون الضربة فقامت المخابرات البريطانية بأخذ جثة شاب بريطانى توفي غرقا منذ أيام قليلة وألبسوها حلة عسكرية لضابط جو وأتقنوا الخدعة إلى أقصي حد عندما أدخلوا إلى جيب الحلة العسكرية خطابا عسكريا مختوما يحمل توجهات تخالف النية التى عقدها الحلفاء
وقاموا بدفع الجثة إلى الشواطئ الأسبانية إمعانا فى الخداع ليظهر الأمر وكأن الضابط قد مات غرقا عندما فشلت عملية إنزاله فى البحر ليؤدى مهمته بإبلاغ الوثيقة للقوات البريطانية المتأهبة للقتال
ولأن أسبانيا كان هواها مع هتلر فقد منحت الجثة للألمان وابتلع الألمان الطعم وحشدوا قواتهم فى إحدى الجزيرتين ليأتيهم الهجوم صاعقا من الجزيرة الأخرى وتكبد الألمان فيها خسائر مهولة لأول مرة منذ بدء معارك الحرب

أما أخطر ما قامت به المخابرات البريطانية على الإطلاق فهى قيامها بخداع حليفتها الصدوق الولايات المتحدة الأمريكية لدفعها لتعلن الحرب على ألمانيا
وكانت القصة قد بدأت عندما بذل تشرشل جهودا خرافية لإقناع روزفلت الرئيس الأميركى بدخول الحرب مع الحلفاء وعدم الإكتفاء بالتمويل وهو الأمر الذى كان يرفضه روزفلت ويرفضه الشعب الأمريكى الذى لم ير فى نفسه حاجة إلى أن يدخل حربا ضروسا ليس له فيها مصلحة تقتضي التضحية بالجيش أمام القوة الألمانية واليابانية
ولم يجد تشرشل أى وسيلة لإقناع روزفلت بدخول الحرب والذى تشبث بأن الشعب لن يرضي الدخول فى حرب تبعد عنه آلاف الأميال لمجرد مناصرة أصدقائهم بأوربا
ففكر تشرشل فى أن الرئيس والشعب الأمريكى لن يدخل الحرب إلا إذا نالهم من نارها ضرر مباشر
وأعطى تعلمياته لجهاز المخابرات البريطانى بتدبر الأمر ,
وبالفعل تمكن البريطانيون من زرع معلومة خاطئة وتسريبها للمخابرات اليابانية عن نية الأسطول الأمريكى القيام بضربة وشيكة ضد القوات اليابانية فى المحيط الهادى
وبمنتهى الحماقة وخفة العقل ابتلع اليابانيون المعلومة واقتنعوا بها ليقرر القادة اليابانيون القيام بضربة إجهاض بسلاح الجو اليابانى ضد الأسطول الأمريكى القابع فى المحيط الهادى
وقامت الطيران اليابانى بالفعل بمهاجمة الأسطول الأمريكى فى بيرل هابر ودمره عن آخره فى دقائق معدودة ولم يستطع الأسطول الدفاع عن نفسه مع الهجمة المفاجئة بأى مقياس عسكري إضافة إلى براعة اليابانيين المعروفة فى أسلوب عملهم بالطيران حيث أن فرق الكاميكاز كانت يقوم طياروها بالهجوم بجسم الطائرة نفسه على الهدف لينفجر به إذا استعصي عليه ضربه بالقذائف
وكانت خسائر الولايات المتحدة فوق تصورهم واهتز الرأى العام الأمريكى للحادثة ولم يكن صعبا أن تدخل الولايات المتحدة الحرب بكل قوة بعد أن أصبح لها فى قلب الحرب معارك وضحايا !
وبالطبع بقي دور بريطانيا سرا مغلقا لمدة تزيد عن خمسين عاما حتى تم كشف الوثيقة بمضي مدة سريتها ليثير الإعلان عن العملية ضجة عالمية كبري

والمخابرات السوفيتية أيضا فى معاركها مع الألمان واليابانيين
لم يحسمها بحق إلا جهاز المخابرات السوفياتى عن طريق ثانى أشهر وأقوى الجواسيس فى تاريخ المخابرات وهو الملقب بالأستاذ ..
ريتشارد سورج ألمانى الجنسية خان وطنه عن اقتناع بالمذهب الشيوعى فجندته المخابرات السوفيتية لحسابها وعمل فترة بألمانيا قبل أن ينقل نشاطه وشبكته إلى الصين ثم إلى اليابان مزودا السوفيات بكنوز من المعلومات التى دفعتهم إلى تدارك موقفهم المؤسف على جميع الجبهات مع ضربات الألمانيين واليابانيين
وكان مسك الختام هو آخر ما بعث به ريتشارد سورج لقادته فى المخابرات السوفياتية يؤكد لهم بما لا يدع مجالا لأى شك أن هناك اضطرابات فى الجيش اليابانى تمنع منعا مطلقا فتح جبهة له أمام الأراضي السوفياتية ليقوم السوفيات بناء على تلك المعلومة البالغة الخطورة بنقل أكثر من نصف مليون جندى على الجبهة اليابانية الى الجبهة الألمانية فى مواجهة هتلر الذى توقف على بعد خمسين كيلومترا من موسكو وقام الجيش السوفياتى بالهجوم المضاد فى ظل جو قارس بالغ البرودة تجمدت له أطراف أصابع الجنود الألمان لتفشل حملة هتلر ضد السوفيات بفضل براعة جاسوسهم ريتشارد سورج الذى كشفته المخابرات اليابانية بعد ذلك وتم إعدامه ,
كذلك تعتبر عملية ( كيم فيلبي ) درة التاج في عمليات المخابرات السوفياتية التي قهرت بها سمعة جهاز المخابرات البريطانى عندما تمكنت من تجنيد كيم فيلبي وهو نائب رئيس جهاز المخابرات البريطانى نفسه والرجل الذى كان على وشك أن يكون رئيس الجهاز ,
وعندما تم اكتشاف أمره وحامت الشبهات حوله فر هاربا إلى روسيا هو ومساعديه ( برجس ) و( ماكلين ) لتصبح فضيحة كبري للمخابرات البريطانية العريقة

وبالإضافة إلى أدوار المخابرات فى الحرب العالمية الثانية ظهر جليا لقادة الثورة المصرية مدى ما فعله جهاز المخابرات الإسرائيلي ليساعد على قيام الدولة وهو أول جهاز من نوعه يتم تكوينه قبل أن تتكون دولته حتى أنه من المعروف بين مؤرخى المخابرات أن الدول تنشئ المخابرات وإسرائيل أنشأها جهاز المخابرات ..
وفى بداية الخمسينيات وبالتحديد بعد اكتشاف فضيحة لافون التى تبين أنها عملية أفشلتها المباحث المصرية وكانت وراءها شبكة يهودية يشرف عليها أبراهام دار ضابط الموساد الشهير لتلغيم وتفجير عدد من المصالح الأمريكية فى مصر لكى يضع الإسرائيليون مأزقا لا يتم تجاوزه أمام تطور العلاقات المصرية الأمريكية
وكانت عملية لافون وما احتوته من مفاجآت دافعا رهيبا لسرعة تأسيس جهاز المخابرات لمواجهة تلك الحروب التى تتم خلف الستار ويكون لها أخطر الأثر على الأمن القومى
وقرر جمال عبد الناصر فى بداية عام 1953 م إسناد مهمة الجهاز إلى رفيقه زكريا محيي الدين والذى جمع عددا من أبرع وأخلص رجال الجيش المصري فى ذلك الوقت وارتدوا الزى المدنى استعدادا للحفر فى الصخر والبحث من ثقب إبرة عن كيفية تأسيس الجهاز على أسس صحيحة فى ظل عالم يستهدف بلادهم ويتميز عنهم بخبرة فائقة لها أكبر الأثر فى هذا المجال الحساس
والأنكى من ذلك أن القاهرة تحولت فى ذلك الوقت وما قبله منذ عام 1947 م لمرتع جواسيس بلا ضابط حيث توافر فيها ضباط ورجال المخابرات من إسرائيل وبريطانيا وألمانيا وفرنسا يؤدون مصالح أوطانهم دونما توتر أو قلق .. فلم يكن هناك ثمة جهاز أمنى يتصدى لتلك العمليات إلا المخابرات الحربية وهى بطبيعتها قاصرة وغير مختصة بأساليب التخابر العلمية ..

وكانت البداية عندما تقدم أحد الأشخاص ـ كما يرويها الأستاذ محمود صلاح الصحفي المصري ـ وقام بعرض شراء أحد المستشفيات النفسية التى هجرها صاحبها دونما عودة ..
وكان المبنى أشبه بفيلا فى منطقة سكنية تحيطها أرض فضاء تم التعاقد على شرائها أيضا لتصبح أحد المقرات السرية لجهاز المخابرات الوليد وتمت تغطية العمل الحقيقي للمبنى بستار سري تحت مسمى إدارة تابعة للحكومة تحمل اسم " إدارة البحوث و الإنشاء " كما تم اتخاذ مقر المدرسة العسكرية بضاحية مصر الجديدة كمقر آخر للجهاز ..
و بدأ رجاله فى التوافد على نحو لا يلفت النظر ليبدأ الجيل الأول من مؤسسي الجهاز فى قراءة مراجع علم المخابرات ودراسة بعض العمليات التى تم نشرها وتم استقطاب تلك المراجع على وجه السرعة من أوربا وغيرها بالإضافة إلى التماس أساليب جهاز القلم السياسي الذى كان دوره فاعلا قبل الثورة .. وكان الرعيل الأول من مؤسسي الجهاز عشرة أشخاص منهم زكريا محيي الدين الذى كان أول رئيس للجهاز
وهؤلاء القادة هم :

1ـ ( كمال رفعت) تولى في جهاز المخابرات شئون الانجليز، حيث لم يكن الاحتلال الانجليزي قد غادر منطقة قناة السويس، ولهذا تأسست شعبة في جهاز المخابرات باسم شئون الانجليز، يكون هدفها الأساسي هو تحديد الوسائل التي تجبر الانجليز على الخروج من مصر..

2- ( مصطفى المستكاوي ) وقد تولى الدور الاعلامي في المخابرات العامة، وتولى رئاسة تحرير صحيفة المساء فيما بعد ..

3- ( سعد عفرة ) فكان نموذجا حيا للقراءة والاطلاع والسعي بحيث أصبح أحد جوانب المرجعية فى هذا العمل

4- ( فريد طولان ) فتمرس على جمع المعلومات من جميع المصادر، والعمل داخل مصر، بصورة فنية دقيقة، وباتقان في تتبع ما يهم عمل المخابرات من دراسات مهمة في الشأن الداخلي، وفعل ذلك لخدمة العمل السري للمخابرات، وأيضا العمل العلني، وذلك بلا خلط بين الاثنين.

5- ( أحمد كفافي ) فكان ضابط سلاح الفرسان، ومتخصصا في مجال الاقتصاد، حيث تخصص في شئون الاقتصاد اللازمة لصالح عمل المخابرات

6- ( محمود عبدالناصر ) ، الذي كان مع كمال رفعت في مواجهة القوات البريطانية في القناة،

7- ( عبدالقادر حاتم ) الذي تولى الاعلام وحمل على عاتقه مهمة توضيح أهداف الثورة داخليا وخارجيا.. وهو الذى تولى رياسة الوزارة فى مصر فيما بعد وحاليا يعمل كعضو فى المجلس لقومى المصري لحقوق الإنسان

8- ( محيي الدين أبوالعز ) الذي تولى مهمة الرقابة على الوزارات، وكانت هذه المهمة هي النواة الحقيقية لجهاز الرقابة الادارية.


9- ( فتحي الديب) فرع الشئون العربية في الجهاز، تكون مهمته ربط الوطن العربي بكل ساحاته بالقاهرة، تمهيدا لممارسة مصر دورها الايجابي في تحرير باقي الأجزاء المحتلة من الوطن العربي وهو أيضا الذى تولى إنشاء إذاعة ( صوت العرب ) .


وفيما بعد بمرحلة أو اثنين انضم لهؤلاء الزمرة المنتقاة كل من ..

* عبد المحسن فائق وهو الذى يمكن أن نقول عنه أنه ولد كرجل مخابرات بالفطرة كان أحد النوابغ الذين أضافوا لهذا العلم وسطروا تاريخهم بحروف من نور وأول عملياته كانت عملية انتقاء رفعت الجمال " رأفت الهجان " وزرعه داخل اسرائيل ليصبح بعد ذلك أول وأشهر العملاء فى تاريخ المخابرات حتى اليوم حيث أنه العميل الوحيد الذى ظل يعمل حتى اعتزاله ثم وفاته دون أن ينكشف أمره أو أمر شبكته وهو ما لم يحدث مطلقا من قبل
* محمد نسيم أشهر رجال المخابرات العامة فى تاريخها وبطل العديد من العمليات الناجحة وهو الذى تولى إعادة تأهيل وتدريب رفعت الجمال ليصبح مستواه متقدما حتى بلغ مستوى ضابط حالة ..كما كان قائد عملية الحفار وكذلك عملية إنقاذ عبد الحميد السراج
وانضم فى نفس الفترة يضا كل من شعرواى جمعه الذى تولى رياسة الخدمة السرية بالجهاز ثم تولى وزارة الداخلية بعد ذلك وأيضا انضم طلعت خيري ثم أمين هويدى الذى تولى رياسة الجهاز بعد النكسة وصلاح نصر الذى تولاه لمدة عشر سنوات انتهت عام 1967 ويعتبر صاحب أفضل انجازات الجهاز بالرغم من انحرافاته التى حوكم عليها فيما بعد
وعلى صبري الذى تولى رياسة الجهاز خلفا لزكريا محيي الدين ثم سلم القيادة لصلاح نصر بعد ذلك

وكان مهام هذا التشكيل العملاق عملاقة هى أيضا حيث تلخصت فيما يلي :
أولا .. تغيير جميع الشفرات التى تستخدمها مصر فى ذلك الوقت.
ثانيا .. إنشاء جميع مكاتب المخابرات المصرية فى أوروبا..
ثالثا .. فحص وانتقاء متدربين كنواة لجيل تالى فى رجال المخابرات مع العمل على انتقاء العملاء والمتعاونين من خارج الجهاز
هذا بخلاف تولي مهام أي جهاز مخابرات محترف ، في ظل ظروف حساسة ، و تهديدات عظمى .
والعمل المتسارع لزرع أكبر وأكفأ عدد من العملاء فى البلاد المطلوبة وعلى رأسها إسرائيل

وكانت المهام ثقال والوقت أشد ضيقا أمام انجاز أى عمل وسط أعداء بلغوا القمة فى الخبرة بهذا المجال الذى لا يزال رجال المخابرات المصرية على عتباته وليس معهم الوقت الكاف لمجرد الدراسة والبحث
فكيف تمت وكيف تفوقت المخابرات المصرية وسط تلك الظروف .. عندما صدر قرار إنشائها رسميا بصدور القانون رقم 323 لسنة 55 والصادر يوم 26 يونيو 1955م ,

ومع ذلك كانت البداية عملاقة كما سنرى ,

محمد جاد الزغبي 09-03-2010 03:55 AM


البداية .. عملاقة ,


كما أسلفنا ..
كانت هناك حالة ولادة عسيرة للغاية بدأت بها محاولات إنشاء جهاز المخابرات المصري فى وسط أعمال تنتظره تعد هى أول باب ظلم تم فتحه أمام الجهاز الوليد .. .
فمصر فى تلك الفترة كانت محط رجال المخابرات من شتى الأجهزة التى تنتمى للمخابرات الغربية والشرقية المعنية بالشرق الأوسط وكلها أجهزة خاضت غمار العمليات السرية على نحو جعلها أمام المخابرات المصرية أشبه بغول يتراقص أمام قط أليف

لكن وبالرغم من أن كل المقدمات تشي بنتائج غير مطمئنة إلا أن المخابرات المصرية نجحت فى صنع أول بطولاتها من خلال عدد من العمليات الناجحة كان من المستحيل تبعا للمنطق أن تكون فيها الغلبة لهذا الجهاز الوليد ..
غير أن التفسير المنطقي لهذا تبعا لما حققه مؤرخو المخابرات الغربيون تحديدا من أمثال المؤرخ السياسى ( راكواف كاروز) صاحب موسوعة " تاريخ المخابرات العربية "
والسبب كان راجعا إلا أن المخابرات المصرية تستعين على قلة الإمكانيات ببراعة الرجال وحسن تدريبهم ومواهبهم الفطرية التى تمكنت من التغلب على الخبرة ..

ولتقريب الصورة أكثر ..
فمجال المخابرات تشكل الخبرة فيها عاملا مهما دون شك لكن العامل الرئيسي للتفوق يكون للمهارة والبراعة وحسن التدريب .. مثال ذلك مجال الكمبيوتر والإنترنت فالخبرة لا تشكل عامل تفوقه الرئيسي بينما الموهبة والقدرات الشخصية هى المعيار الحقيقي فيه ولذلك نشاهد العديد من نوابغ إختراق الشبكات والتعامل التقنى بالغ الرقي مع الكمبيوتر وهم بعد أحداثا أو شبابا صغار السن

وكان نزول المخابرات المصرية للساحة عقب عملية " سوزانا " التى عرفت فيما بعد باسم فضيحة لافون واكتشفتها المباحث المصرية وكانت عاملا من أهم العوامل فى سرعة إنجاز مشروع جهاز المخابرات بعد أن ظهر للعيان مدى ما يمكن أن تحققه عمليات المخابرات من تهديد للأمن القومى تعجز عنه الحملات العسكرية ..
وفى فترة زمنية قصيرة بدأت عام 1956 تمكن جهاز المخابرات المصري من إحباط عملية مؤثرة للمخابرات الأمريكية (cia)
معروفة باسم أحد الدبلوماسيين الأمريكيين وهى عملية " بروس تايلور أوديل " وهى العملية المؤسفة التي اكتشفت فيها المخابرات المصرية أن الصحفي الشهير مصطفي أمين مؤسس دار أخبار اليوم جاسوسا أمريكيا منذ الأربعينات !
وقد حوكم وتم الإفراج عنه إفراجا صحيا في عام 1974 م ضمن دفعة من الجواسيس الأمريكيين والإسرائيليين الذين تم الإفراج عنهم بناء على مفاوضات السادات مع هنرى كيسنجر مستشار الأمن القومى الأمريكى وقتها ,
والغريب أن مصطفي أمين ادعى بعد ذلك أنه برئ وأن التهمة ملفقة رغم الإعترافات والتسجيلات ورغم صفقة الإفراج الصريحة إلا أن هذا لم يجد شيئا بعد أن نشرت المخابرات الأمريكية مؤخرا كتابها الشهير عن عمليات الشرق الأوسط التي تم التصريح بكشفها وخصصت فصلا كاملا لنقد رجل المخابرات الأمريكية بروس تايلور أوديل باعتباره أنه استهتر بأمن العميل الفذ مصطفي أمين مما تسبب في كشفهما معا

كما قامت بعمليات ذات دوى هائل ضد المخابرات الإسرائيلية وأشهرها عملية العميل الألمانى " لوتز " الذى كلفته المخابرات الإسرائيلية بالعمل على إرهاب العلماء لألمان الذين استعانت بهم مصر فى تقدمها الحربي علميا .. ومثال تلك العمليات تم تدريسه فى معهد المخابرات الدولى وكان نجوم العمليات من الرعيل الأول من منشئي جهاز المخابرات المصري
وكررت إسرائيل عملية لوتز مرة أخرى وحاولت إرهاب العملاء الألمان من الخارج عن طريق إرسال الشحنات الناسفة إلى مكتب بريد المعادى حيث يتجمع العلماء الألمان وكشفت المخابرات المصرية مصدر الرسائل بألمانيا ونجحت فى التصدى للمؤامرة كلها
كما تمكن عبد المحسن فائق من إتمام أول عملية زرع ناجحة لعميل مصري فى قلب المجتمع الإسرائيلي وهو رفعت الجمال الشهير باسم " رأفت الهجان " وهى العملية التى امتدت بنجاح كامل من عام 1956 م حتى انتهت رسميا باعتزال رفعت الجمال عام 1973 م بعد أن أدى واجبه فى حرب أكتوبر ..

وتم تسجيل إسمه فى السجل الذهبي للمخابرات عقب إعلان عمليته إعلاميا باعتبار شبكته هى الشبكة الوحيدة فى العالم حتى الآن التى نجحت نجاحا مطلقا ولم يتم كشفها نهائيا بالرغم من أن النجاح المطلق لا وجود له فى علم زرع العملاء واعترفت إسرائيل مرغمة بهذه العملية عقب إنكارها لبعض الوقت بعد أن ردت المخابرات المصرية بإعلان ملف العملية كله بأسمائه الحقيقية وبعنوان شركة سي تورز التى أسسها الجمال فى تل أبيت باسم جاك بيتون وكذلك صور الجمال مع أرفع شخصيات إسرائيل موشي ديان وجولدا مائير وإدناه مارش وغيرهم

كما تمكنت المخابرات المصرية من إحباط عدد كبير من محاولات الإغتيال للرئيس عبد الناصر أشهرها عملية " جروبي " بالإضافة إلى كشفها لعميل الموساد المميز الهولندى موريس جود الذى تم تكليفه باختراق القوات المسلحة المصرية ..
كما كان للجهاز الفضل الأول فى إحباط عدد من المؤامرات السياسية التى استهدفت سياسة المد العربي التى التزمها الرئيس عبد الناصر وتمثل دور الجهاز فى حمايته من محاولات الإغتيال التى جاءت من دول صديقة وأنظمة حليفة فضلا على قيام محمد نسيم بإنقاذ واحد من أخلص أصدقاء مصر وهو المناضل السورى عبد الحميد السراج الذى تعرض للإعتقال فى سجن المزة عقب قيام الإنقلاب العسكري الذى أطاح بالوحدة المصرية السورية وكان للسراج العديد من الخصوم داخل وخارج سوريا وعندما تمكن من الهرب بمعاونة رجاله لم يستطع تجاوز الحدود وخفت العديد من الأجهزة الأمنية خلفه فسافر محمد نسيم إلى لبنان وتابع خطة تهريبه حتى عاد به سالما إلى مصر

كما أحبطت المخابرات المصرية مؤامرة عملاقة للموساد عندما حاولت إغتيال عبد اللطيف البغدادى وكمال الدين حسين عضوى مجلس قيادة الثورة أثناء تفاقم خلافاتهما مع عبد الناصر بحيث يبدو الإغتيال كما لو كان عملية مدبرة من عبد الناصر للخلاص من زميليه وهو الأمر الذى كان سيهز النظام بأكمله مع حسن التدبير الإعلامى الذى تميزت به المخابرات الإسرائيلية فى أكثر عملياتها ضد الجانب المصري
كما أخذت المخابرات المصرية على عاتقها مهمتين بالغتى الخطورة فى السياسة المصرية عندما تم تكليف الجهاز بتنفيذ مراقبة حرب اليمن ومراقبة النشاط البريطانى بها بالإضافة للمهمة الحساسة التى قامت بها عندما اختصت وحدها بمسألة دعم الثورة الجزائرية بشحنات السلاح وتهريبها تحت أنف الأسد الفرنسي
هذا بالإضافة للدور الإقتصادى التى قامت به المخابرات المصرية أثناء أزمة القمح التى عصفت بالسوق المصري فى فترة نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات والتى تسبب فيها مصطفي أمين الذى نقل للمخابرات الأمريكية تدنى إحتياطات القمح واعتماد مصر على استيراد القمح الأمريكى فاستخدمته الولايات المتحدة كوسيلة ضغط

هذا ملخص بسيط لفترة العشر سنوات التى واكبت بداية الجهاز وحمل مسئوليتها الرعيل الأول والذى تخلف بعضه عن الركب بالإنتقال لمناصب أخرى واستمر الباقون فى مناصبهم وتميز فى تلك الفترة تحديدا كل من عبد المحسن فائق وشعراوى جمعة ومحمد نسيم وصلاح نصر الذى تولى تأسيس الجهاز من جديد وتطوير أجهزته عقب الإنشاء الأول وإليه يرجع الفضل فى الهيكلة الإدارية والنظامية التى اعتمد عليها الجهاز بعد ذلك .. كما تم فى عهده إنشاء مكاتب الجهاز فى أوربا وتنسيق السبل التعاون مع الدول الصديقة

ولا نغفل أيضا أنه فى وسط الإنشغال بالمهام الجسيمة الملقاة على عاتقه ومنها مهام لا ضرورة لتوليها بمعنى وجود أجهزة بديلة فتم التقصير فى مهام من صلب مهامه يعد أخطرها حماية العلماء المصريين بالخارج المتخصصين فى الطاقة النووية والفكر وهم الزمرة التى قصدت البلاد الغربية لمواصلة أبحاثها فكان نصيبها الإغتيال على يد أجهزة الأمن الإسرائيلية والأمريكية فى غيبة من أجهزة الأمن المصرية ومن هؤلاء العلماء الأستاذة الدكتورة سميرة موسي التى تم اغتيالها فى الولايات المتحدة الأمريكية وسبقها عام 1950 م أستاذها الدكتور مصطفي مشرفة وهو كما هو ملاحظ تم اغتياله قبل الثورة فيمكننا إخراجه من مسئولية الأمن المصري
وبعد سميرة موسي التى اغتيلت عقب إعلانها العودة إلى مصر لمواصلة البحوث ودعم الأمن القومى المصري تواصلت الجهود المعادية فاغتالت أيديهم الدكتور سمير نجيب الذى صنفته جامعة " ديترويت " الأمريكية العالم الأنبغ فى اختبارها السنوى من بين مائة عالم أمريكى وبمجرد أن ختم أبحاثه وطلبته الجامعة للاستمرار فيها فرفض و تم اغتياله عن طريق حادثة سير مدبرة
وتبعتهم أيضا الدكتورة سلوى حبيب التى تم اغتيالها بطريقة بشعة فى قلب منزلها بالقاهرة عقب إعلانها عن بحثها الشهير " التغلغل الصهيونى فى إفريقيا " وهو الأمر الذى كان ينبه على خطوات إسرائيل الجادة فى إفريقيا وهى المحاولات التى تمت بالفعل وتمكنت إسرائيل من توطيد العلاقات بينها وبين الدول الإفريقية بما يخدم مصالحها .. فتم اغتيال الدكتورة سلوى حبيب ذبحا فى منزلها بشكل غامض
واستمر التقصير الأمنى مع الأسف الشديد تجاه قضية اغتيال العلماء المصريين حتى بعد تلك الفترة التى يمكن التماس العذر فيها بعدم الإنتباه لهذا الأمر وسط خضم الصراعات ..
فلم يكن هناك دور للمخابرات المصرية فى حماية الدكتور يحيي المشد الأب الروحى للمشروع النووى العراقي فى السبعينيات والذى اغتاله الموساد فى باريس بغرفة فندقه وهو فى رحلة علمية وكان مقيما بالعراق ساعتها وغفل عنه جهاز الأمن العراقي وكذلك الأمن المصري
وتم اغتيال الدكتور نبيل القلينى أحد المتفردين فى علم الذرة والذى أتم أبحاثه فى التشيك ثم تلقي مكالمة غامضة بشقته فى براغ واختفي بعدها تماما فى أحد أيام عام 1975 م
وتتابعت القائمة كذلك باغتيال العالم الفذ الأستاذ الدكتور سعيد السيد بدير الذى احتل بأبحاثه المركز الثالث عشر على مستوى العالم عقب رفضه أيضا للعروض الأمريكية ونيته فى العودة لبلاده فتم اغتياله عام 1988 م ..
وانضم إليهم المفكر المصري العملاق جمال حمدان صاحب الدراسة الخرافية عن مصر التى تم نشرها بعنوان " شخصية مصر " وهى دراسة فى عبقرية المكان الجغرافي وعلاقته بالتاريخ الذى حكم مصر فقتل بشقته فى حريق غامض فى بداية التسعينيات
وكان آخر المغتالين العالم المصري الشاب الدكتور أحمد الجمال الذى تم اغتياله فى النصف الثانى من التسعينيات بالعاصمة البريطانية لندن
وهذا الجانب .. جانب الحماية الأمنية للتقدم العلمى والعلماء المصريين بالخارج لا يزال جانبا غامضا فى مسألة عدم تدخل الأمن القومى المصري لحمايتهم مع الوضع فى الحسبان أن هناك مهمات حماية تمت بالفعل لبعض العلماء والمفكرين المصريين وإن كان لم يعلن عنها بصفة رسمية ..
ومن بين العلماء البارزين الذين أمنتهم المخابرات المصرية الدكتور عبد الوهاب المسيري صاحب موسوعة ( اليهود والصهيونية واليهودية )
كما أنه ترددت بعض الأنباء عن عملية إسرائيلية أحبطتها المخابرات المصرية وكانت تستهدف عملية إطلاق القمر الصناعى المصري الأول " نيل سات ـ 101 "
فجرى تأمينه فى سائر مراحله سواء بفرنسا حيث تم التصنيع أو بأمريكا الجنوبية حيث تم الإطلاق

وعودة إلى الترتيب الزمنى لتاريخ المخابرات المصري فقد أظهرنا المهمات التى تولتها فى العشرة أعوام الأولى لإنشائها وكانت فترة ذهبية تمكن فيها اللواء صلاح نصر من بناء الجهاز على أساس علمى متقدم

أما أبرز إنجازات المخابرات المصرية على الإطلاق وهو الإنجاز الذى وضعها فى زمرة أرقي أجهزة المخابرات فهو نجاحها فى عملية الخداع والتمويه الناجحة لحرب أكتوبر وتمكنت من إحكام قبضتها على الإستعدادات العسكرية بخطة طويلة المدى رغم الإمكانيات الهائلة التى يتمتع بها جهاز المخابرات الإسرئيلية والأمريكية والأقمار الصناعية التى ترقب كل شاردة وواردة ,
ومع ذلك وقع كلاهما فى الفخ وكان آخر تقرير بعثت به الموساد لجولدا مائير ـ قبيل الحرب بساعات ـ أن الحرب الشاملة غير متوقعة إطلاقا وجزم بذلك إيلي زاعيرا مدير الموساد وقتها , ولم تمض ساعات حتى كانت الطائرات المصرية تدك حصون العدو فى سيناء لينتهى مصير جيل كامل من أجيال الموساد بإحالته للتقاعد
وبالمثل طلب هنرى كيسنجر تقريرا فى الخامس من أكتوبر ـ قبل الحرب بيوم ـ من المخابرات المركزية عن إحتمالية الحرب فجاء رد المخابرات بالنفي المطلق
!!

ويراجع الإعتراف العلنى بالهزيمة من الجهازين فى مذكرات إيلي زاعيرا المنشورة باسم ( حرب يوم الغفران ) , وكذلك مذكرات هنرى كيسنجر المنشورة بعنوان ( سنوات القلاقل )
وأيضا تقرير لجنة أجرانات المنشور باسم ( المحدال ) أو ( التقصير ) وهو التقرير الذى أصدرته لجنة التحقيق المشكلة من الكنيست مع قادة أسرائيل ,
ومن الملاحظ بالطبع أن الظلم الأول الذى تعرض له جهاز المخابرات فى بدايته تمثل فى أنه لم يواجه ظروف عادية فى بداية تكوينه بالإضافة إلى أنه تعرض لظلم المواجهة عندما نزل للساحة دون أى وقت كاف للتدريب بالرغم من مواجهته لعمالقة الأجهزة العالمية فى التخابر فى ظل نظام سياسي تحيط به العواصف ويواجه تحديات خارجية وداخلية تعجز أمامها أجهزة الدولة التقليدية ..
ومع ذلك كانت نسبة نجاحه فائقة ..

ريم بدر الدين 09-04-2010 02:45 AM

شكرا لك أ. محمد جاد الزغبي التقديم المتميز للموضوع و الذي يجعلنا نمسك بأولى أبجديات الموضوع للدخول الى صلبه
ندخل الى النقطة الأولى منه و الني كتبت فقرة صغيرة عنها هنا
اقتباس:

كما تمكن عبد المحسن فائق من إتمام أول عملية زرع ناجحة لعميل مصري فى قلب المجتمع الإسرائيلي وهو رفعت الجمال الشهير باسم " رأفت الهجان " وهى العملية التى امتدت بنجاح كامل من عام 1956 م حتى انتهت رسميا باعتزال رفعت الجمال عام 1973 م بعد أن أدى واجبه فى حرب أكتوبر ..
وتم تسجيل إسمه فى السجل الذهبي للمخابرات عقب إعلان عمليته إعلاميا باعتبار شبكته هى الشبكة الوحيدة فى العالم حتى الآن التى نجحت نجاحا مطلقا ولم يتم كشفها نهائيا بالرغم من أن النجاح المطلق لا وجود له فى علم زرع العملاء واعترفت إسرائيل مرغمة بهذه العملية عقب إنكارها لبعض الوقت بعد أن ردت المخابرات المصرية بإعلان ملف العملية كله بأسمائه الحقيقية وبعنوان شركة سي تورز التى أسسها الجمال فى تل أبيت باسم جاك بيتون وكذلك صور الجمال مع أرفع شخصيات إسرائيل موشي ديان وجولدا مائير وإدناه مارش وغيرهم
ما هي الدوافع التي دفعت عبد المحسن فائق لاختراع العملية برمتها و كيف بحث عن الشخص المطلوب ليتم زرعه في النسيج الاسرائيلي في فلسطين المحتلة؟

محمد جاد الزغبي 09-06-2010 10:46 PM

مرحبا مجددا أستاذة ريم ,
وعذرا للتأخير ,
كانت إجازة لثلاثة أيام سريعة ,

وبالنسبة لسؤالك ,
اقتباس:

ما هي الدوافع التي دفعت عبد المحسن فائق لاختراع العملية برمتها و كيف بحث عن الشخص المطلوب ليتم زرعه في النسيج الاسرائيلي في فلسطين المحتلة
؟

سأجيبك هنا بكلام وتفكير اللواء عبد المحسن فائق نفسه , ومرجعنا فى هذا سيكون بإذن الله موسوعة المخابرات العربية لراكوف كروزو مؤرخ المخابرات الشهير ,
كذلك ملف العملية الأصلي الذى نشره الكاتب الصحفي الكبير حسنى أبو اليزيد بتصريح من المخابرات العامة ,
وأيضا مؤلفات سعيد الجزائري وفريد الفالوجى وكلاهما من أعمدة الكتابة فى هذا الفن
وكل ما سنورده الآن وفيما بعد سيعتمد بإذن الله على هذه المراجع وغيرها فعلى من شاء الزيادة العودة إلى إليها

وعودة إلى السؤال وهو الدافع الذى حدا بعبد المحسن التفكير فى ذلك , وأيضا المبرر ,
ونبدأ بالمبرر ,
فهو مبرر أمنى معروف لأن نظم المخابرات فى أى دولة العالم تنقسم إلى نوعين ,
نظم الأمن الحربي وتختص بها أجهزة المخابرات العسكرية وتكون تابعة لوزارة الدفاع وهى مخابرات متخصصة بمعنى أنها لا تتعدى المهمة التى تكلف بها وهى معالجة الأمن الحربي فى الداخل والخارج ,
وتمثلها فى مصر المخابرات الحربية التى تؤمن ظهر الجيش ضد محاولات الإختراق وتأمين سلامة الأسرار العسكرية وأيضا العمل على جلب الأسرار العسكرية الأخرى من خارج البلاد ,

والنوع الثانى أعم وأخطر :
وهو نظم الأمن العام , ويختص به نوعان من الأجهزة داخليا وخارجيا ,
أما داخليا
فتقوم به أجهزة الشرطة المحلية عبر أجهزة على أعلى مستوى تدريبي تكون أشبه بجهاز مخابرات داخلى مهمته حماية أمن البلاد القومى من محاولات التخريب الداخلية سواء قامت بها عناصر داخلية أو خارجية وتمثلها فى مصر مباحث أمن الدولة وفى إسرائيل الشين بيت , وفى أمريكا المباحث الفيدرالية وفى فرنسا جهاز مكافحة الجاسوسية وفى بريطانيا جهاز الشرطة البريطانى العريق سكوتلانديارد
ومهمة هذه الأجهزة قاصرة على العمل داخل البلاد وإذا كانت هناك عملية خارجية فإنها تحيلها للجهاز المختص وهى جهاز المخابرات العامة ,
أما الأمن الخارجى
فمهمته تقع على أجهزة المخابرات العامة فى كل البلاد ويمثلها فى مصر جهاز المخابرات العامة ( م م ع ) وفى إسرائيل ( الموساد ) وفى الإتحاد السوفياتى السابق ( كى جى بي ) والذى ورثته روسيا الإتحادية وأصبح ( الإس في آر ) وفى الولايات المتحدة ( المخابرات المركزية ) وفى بريطانيا ( المكتب السادس إم آى 6 )

ووظيفته تنقسم إلى جانبين
الأول : النشاط السلبي وهو مقاومة تسلل العدو إلى الداخل وتعيين الجواسيس وحماية الأسرار الداخلية الضارة بالأمن القومى بالتنسيق مع أجهزة الأمن الداخلى
الثانى : وهو صلب نشاط تلك الأجهزة وهو العمل على زرع العملاء ( وطنيين أو مجندين ) للحصول على الأسرار التى تهم الأمن القومى من البلاد الأخرى ,
ولكى تتم هذه الوظيفة على أكمل وجه فلابد لها أن تقوم بمحاولات زرع العملاء أو تجنيدهم ,
أما الزرع
فهو اختيار العناصر الوطنية وزرعها فى البلد العدو تحت ستار وتغطية مناسبة ويقوم هؤلاء العملاء باختراق المجتمع العدو وإرسال المعلومات الهامة لأجهزة بلادهم , وهى أشهر أساليب أجهزة المخابرات وتألق فى هذا المجال رفعت الجمال الذى يحتل المركز الأول باعتبار أن شبكته هى الوحيدة فى العالم أجمع ـ حتى الآن ـ التى قامت بوظيفتها كاملة طيلة عشرين عاما ولم يكتشف أمرها قط ,

وأما التجنيد
فهى محاولة استمالة عناصر من البلد العدو بإغراء الوسائل المادية أو وسائل الضغط النفسي أو غيرها وأشهر عمليات التجنيد هى عملية تجنيد الألمانى ريتشارد سورج الذى تعتبر شبكته أقوى الشبكات حتى اليوم فى تجنيد العملاء وكان دورها رهيبا فى الحرب العالمية الثانية عندما جندته المخابرات السوفياتية ضد الألمان , وانتهى أمرها بكشفه وإعدامه
وكذلك عملية تجنيد نائب رئيس المخابرات البريطانية كيم فيلبي والتى تعتبر أكثر العمليات تأثيرا فى جهاز المخابرات البريطانية وجندته المخابرات السوفياتية لصالحها وانتهى عمله بفراره إلى موسكو بعد انكشاف أمره ,

بالإضافة إلى عمليات التجنيد والزرع تقوم المخابرات بالحصول على معلوماتها أيضا من مصادر علنية وسرية عن طريق رجالها الذين تبثهم تحت ستار ديبلوماسي أو تجارى للعمل فى أجواء البلاد المطلوبة ,
وذلك عن طريق دور الصحف والنشر الكبري التى تقع مصادرها على معلومات رهيبة فى بعض الأحيان تتسرب فى غفلة من أجهزة الأمن فى البلاد , وكذلك من محاولات سرقة وتصوير الوثائق السرية ,
وأشهر تلك الحوادث ما قام به أحد الصحفيين السوسريين من نشر كتاب كامل يحتوى كافة تشكيلات الجيش الألمانى ومواضع فرقه العسكرية فى جبهات أوربا وأسماء قواد الجيش ورتبهم
وحصل على تلك المعلومات الرهيبة من الصحف الألمانية ! حيث تقوم صفحة الوفيات فى تلك الصحف بنشر التعازى متضمنة أسماء المعزين من القادة وبياناتهم كاملة مما حدا بجهاز المخابرات الألمانى للإنتباه لتلك الثغرة التى صار الإهتمام بها قانونا فى أجهزة المخابرات فيما بعد ,.
وهذه المهمات تتم عن طريق ضباط مخابرات محترفين يقومون بتلك المهمات ويعودون إلى بلادهم بعد إتمامها أو عن طريق رجال السلك الديبلوماسي المقيمين فى البلد المستهدف ,
وأشهر هذه الأمثلة رجل السلك الديبلوماسي المصري فى إسرائيل الذى وضعته مؤلفات تاريخ المخابرات فى مراجعها باعتباره أبرع رجال هذا المجال وهو يشغل الآن منصب سفير بوزارة الخارجية المصرية ,

من هنا نستطيع القول أن مسألة زرع عناصر وطنية تحت ستار مناسب داخل البلاد المستهدفة هو العمل الرئيسي لأى جهاز مخابرات فى العالم ,
وعندما بدأ عبد المحسن فائق فى عمله كان جهاز المخابرات وليدا ليس له أى مصادر داخل بلاد العدو , وبدأ التفكير الجدى بالبحث عن عنصر مناسب وزرعه فى المجتمع اليهودى بمصر ثم ترحيله إلى إسرائيل باعتباره مهاجر يهودى مصري ,
وكانت هذه هى الطريقة المثلي لاختراق المجتمع الإسرائيلي ,
وقام عبد المحسن فائق بالبحث عن هذا العنصر ولاقي فى ذلك صعوبات شديدة لأن المخابرات العامة كانت فى بدايتها ولم يتكون فيها بعد قسم زرع العملاء الذى تشكل فى مرحلة لاحقة وكانت مهمته انتقاء العناصر الصالحة للزرع من شباب مدرسة المخابرات وهو القسم ( 3 ج أ ) أخطر إدارات وأقسام جهاز المخابرات وأكثرها سرية وفيه يمارس المرشحون حياتهم كما لو كانوا داخل المجتمع الإسرائيلي بالفعل فلا يستخدمون إلا اللغة العبرية ويتناقشون فيما بينهم كما لو كانوا مواطنين إسرائيليين وذلك لمدد طويلة متفاوتة بحيث يكونون جاهزين للزرع وقت الحاجة ,

قام عبد المحسن فائق بالعمل فى ظل الإمكانيات المتاحة ,
ولأنه ـ رحمه الله ـ كان أسطورة وموهبة خرافية فى هذا المجال فقد رسم المواصفات التى يطلبها فى الشخصية المرشحة وهى مواصفات الملامح التى تشي باليهودية كذلك اللغة والصفات الشخصية التى اشترط فيها الإحتيال والذكاء بالإضافة للوطنية والإخلاص ,
وسعى عبد المحسن فائق إلى البحث فى القوات المسلحة وكذلك فى المجتمع المصري وكلف عددا من أصدقائه فى جهاز المباحث التابع للشرطة أن يرسلوا له ملفات المحتالين والنصابين الذين يمكن أن تنطبق عليهم المواصفات المطلوبة ,
وكان من ضمن من تم تكليفهم بذلك الصاغ ( الرائد ) أحمد رشدى رئيس مباحث الإسكندرية ـ والذى أصبح فيما بعد اللواء أحمد رشدى وزير الداخلية فى نهاية الثمانينات ـ
ويروى اللواء أحمد رشدى فى لقائه مع الصحفي محمد مصطفي حيثيات وقوعه على رفعت الجمال , حيث تم ترحيل الشاب رفعت الجمال من الحدود المصرية مع ليبيا وكانت المباحث بعد ترحيله إليها عاجزة تماما عن معرفة جنسيته أو تحديد شخصيته ففي تلك الفترة كان إثبات الشخصية مرهونا فقط بجوازات السفر فلم يكن قانون البطاقات الشخصية قد صدر بعد
واحتار الرائد أحمد رشدى فى الشاب الجالس أمامه والذى يملك ثلاثة جوازات سفر بجنسيات مختلفة ويتحدث ثلاث لغات لا يمكن تحديد لغته منها لبراعته الفائقة فيها جميعا

فاتصل أحمد رشدى بعبد المحسن فائق وأخبره بالأمر ,
واستلمه عبد المحسن فائق وبدأ تحرياته الدقيقة حوله وبمراجعة جوازات السفر فى سفاراتها الأصلية بمصر تم اكتساف تزويرها جميعا ولم يكن هناك جواز سفر حقيقي باقي إلا الجواز المصري باسم رفعت على سليمان الجمال
وبعد أن تحرى عبد المحسن بنفسه عن عائلة الجمال فى دمياط أيقن أنه أمام هذا الشاب المصري رفعت الذى ينتمى لتلك العائلة وعرف ظروف حياته كلها ثم جلس معه جلسات طويلة وطلب منه أن يروى له حقيقته
وهنا كان عبد المحسن يختبر صدق الشاب لأن عبد المحسن تمكن بالفعل من معرفة كافة المعلومات عنه
ونجح رفعت فى الإختبار ,
ثم تم زرعه فى المجتمع اليهودى بمصر عن طريق اعتقاله كيهودى فى تلك الآونة مع بقية اليهود المعتقلين ونحج رفعت الجمال ـ الذى كان يتصور أن مهمته تقتصر على يهود مصر فقط ـ نجاحا بارعا ,

وحانت لحظة المصارحة من عبد المحسن فائق وقبل رفعت الجمال المهمة ,
وهنا تم تدبير أمر هجرته إلى إسرائيل عن طريق إيطاليا باعتباره ( جاك بيتون ) اليهودى المصري الذى فر من معتقلات الثورة وتم صنع الغطاء المناسب له فى إسرائيل وأسس فيها مكتبا متواضعا للسياحة باسم ( سي توزر ) فى شارع بيريز فى تل أبيت وهو المكتب الذى تحول فيما بعد إلى شركة عملاقة باسم ( سي تورز )

هذه باختصار ظروف عملية الزرع وبدايتها ,

ايوب صابر 09-07-2010 11:08 AM

يبدو ان هناك خلل فني يجعل من الصعب قراء رد الاستاذ الزعبي وبأنتظار تصحيح الخلل واعتمادا على السيرة الذاتية التالية لرأفت الهجان ...وحيث ان ما قام به رأفت الهجان لا يمكن ان يقوم به الا يتيم ورأف الهجان يتيم الاب والام فعلى الارجح انه شخصية حقيقية وليس خيالية، لكن حينما يتم تحويل شخصية حقيقية الى قصة سينمائية غالبا ما يتم التركيز على جوانب من الشخصية تظهر الشخصية وكأنها شخصية خيالية:

رأفت الهجان

أو رفعت الجمال قصة من ملفات المخابرات المصرية (ملحق خاص بالصور)

البيانات الشخصية
الشخص : هو رفعت الجمال
النسق الدرامي : هو رافت الهجان
اسمة عالميا : هو جاك بيتون
الجنسية :مصري الاب والام
الديانة: مسلم
العمل : جاسوس مصري
التصنيف : واحد من أشهر عمليات المخابرات المصرية
التصنيف عالميا: ثاني اكبر جاسوس في التاريخ بعد الجاسوسة الامريكية ايما مدة اقامتة في اسرائيل : 20 عاما

تاريخ ميلادة : 1 /7/1927
اشهر خدماتة : مخططات كاملة عن خط بارليف - الكشف عن الجاسوس اليهودي ايلي كوهين والذي كان يحتل منصبا في سوريا وكان اسمة كامل امين ثابت -تبليغ مصر بموعد العدوان الثلاثي 1956 - تزويد مصر بميعاد الهجوم عليها فى 1967 إلا أن المعلومات لم تأخذ مأخذ الجد لوجود معلومات أخرى تشير لأن الهجوم سيكون منصبا على سوريا - الايقاع بشبكة لافون السرية اليهودية والتي كانت تعمل علي تفجير مصالح امريكية في مصر

تاريخ دخولة لاسرائيل : 1945
الوصف: رفعت الجمال. كان شابا مصريا توفي والدية وهو في سن الصغر حيث اعتنت بة اختة الكبيرة والتي احبها حبا عظيما في الوقت الذي ابتعد عنة اخوتة بسبب طيش الشباب الذي كان يغمرة ولكثرة المشاكل التي اوقعهم فيها ما بين مشاكل قانونية وعمليات نصب وتزوير وانتحال اكثر من شخصية في وقت واحد وفي تلك الفترة كان تنظيم الظباط الاحرار بقيادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في بدايتة حيث واكب ذلك دخول اليهود الي الاراضي العربية سنة 1948 وقيام الحرب بين العرب ودولة اسرائيل المزعومة .
وهنا احس بعض قادة الجيش بضرورة السعي وراء امتلاك اعين داخل اسرائيل وبدا السعي لايجاد تلك الشخصية التي سوف تمثل هذا الدور العظيم ومن هنا بدا احد ظباط الجيش المصري في وضع بعض الشروط والتي من الواجب توفرها في تلك الشخصية واستمر سعية اكثر من عامين متواصلين محاولا ايجاد تلك الشخصية ففشل في ذلك الي ان جاء وقت كان يجلس ويتحدث مع بعض اصدقائة الظباط

فسمع احدهم يتحدث عن شخص ليس لة مثيل في اساليب التنكر والتخفي وصلت بة الي انة كان ينتحل اربع شخصيات في وقت واحدة لخدمة مصالحة الشخصية في النصب والتحايل علي الاجانب المقيمين في مصر آن ذاك ومنهم اليونانيين والارمان والايطاليين وحتي بعض الحارات التي كانت تحوي اليهود وهنا اشتعل زمام فكر هذا الضابط وطلب علي الفور لقاء تلك الشخصية وتحاور مع رفعت الجمال لمدة طويلة ولكن بدون ادني فائدة تذكر حيث راوغة كثيرا وارهق فكرة بالشكل الذي جعل هذا الضابط يوقن تمام بانة وجد غايتة وانة وجد ما كان يبحث عنة منذ اكثر من عامين ثم بدات عمليات التدريب المتواصل وتكريث عمل رفعت الجمال مع اليهود المقيمين في مصر فقط دون اي جنسية اخري ولكن بهوية مزيفة يغلب عليها الطابع اليهودي.
فاتخذ لنفسة اسما يهوديا تم تعايش مع اليهود فترة الي ان جائت فترة نزوح اليهود وباعداد كبيرة الي الاراضي الفلسطينية بعد حرب 1948 ومن هنا كان مهما جدا ان يكون رفعت الجمال او جاك بيتون مع اوائل القوافل اليهودية المهاجرة الي فلسطين العربية لكي تبدا مرحلة جديدة في حياتة والتي كرسها لخدمة بلدة الام مصر ووطنيتة العربية القومية والتي حافظ علي مبادئها وخدمها كاحسن ما يكون تزوج رفعت الجمال من امراة يهودية من اصول اوروبية وعمل بمجال السياحة بل الاكثر من ذلك ان مقر شركتة السياحية كانت في تل ابيب نفسها وكان اسمها (سي تورز) انجب رفعت الجمال ولدين من زوجتة اليهودية واكمل رفعت الجمال طريقة ومشوار حياتة داخل معاقل اليهود انفسهم وتطبع بطباعهم وعاش بينهم وكانة واحد منهم حتي وافاة الاجل توفي رفعت الجمال بسبب اصابتة بمرض السرطان ساهم رفعت الجمال في حرب النصر حرب اكتوبر المجيدة في عام 1973 بان تمكن قبيل بداْ الحرب مباشرة من الحصول علي المخطوطات الكاملة لخط بارليف الحصين والذي اعتبرة المؤرخين العسكريين احد اقوي الحصون في التاريخ حتي وصفة البعض انة لا يكفي لتحطيمة قنبلتين من قنابل هيروشيما وتجاوزة الجيش المصري بقوتة البشرية في اقل من 15 دقيقة لتعلن دقات الساعة 2.25 دقيقة وصول اول دفعة من قوات المشاة المصرية للضفة الغربية لقناة السويس ثم يتوافد السيل ليعلن في جميع الاذاعات والصحف نجاح القوات المصرية في عبور قناة السويس ولم يكشف عن صاحب هذا الفضل الا بعد وفاتة واعلان قصتة امام العالم كلة رحمة الله رحمة واسعة جزاء ما فعلة للامة العربية كلها واسكنة فسيح جناتة .


محمد جاد الزغبي 09-07-2010 09:06 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,
مرحبا أخى الكريم أيوب صابر
الخلل التقنى غالبا لأنك تستخدم متصفحا قديما ,
والمشاركات تظهر عند استخدام جوجل شورم أو اكسبلورر 8

وعامة سأحاول تعديل المشاركات السابقة بطريقة تظهرها لكل المتصفحات بإذن الله

محمد جاد الزغبي 09-07-2010 09:33 PM

تم تعديل جميع المشاركات من خلال متصفح جوجل شورم ,
وأرجو أنت تكون كلها ظاهرة الآن بما يكفي

ريم بدر الدين 09-22-2010 04:47 PM

مساء الورد
بداية أعتذر استاذي لتأخري لأسباب خارجة عن إرادتي منها بدء المدارس و انشغالي قليلا بترتيب امور الأولاد

و نعود للحوار لو سمحت و اتمنى ان يكون مستمرا حتى في حال غيابي
هل لك ان تحدثنا عن كيفية إعداد الجواسيس بشكل عام و تدريبهم.؟
ثم كيف تمت عملية تدريب رفعت الجمال ليدير العملية في الكيان الصهيوني في وقت كانت فيه الامكانيات المادية تكاد تكون شحيحة و التطور التكنولوجي لم يصل إلى ما نحن عليه في هذه الايام؟
متابعة لهذا القلم الموسوعي
تحيتي دوما أستاذي الكريم محمد جاد الزغبي

حنان آدم 09-22-2010 09:48 PM

شكرا لكم
 
كم تمتعنا هذه الحوارات القيمة
لكم التقدير من تحاولون استخراج اللآلئ من أماكنها
لأنا نرى أن تقدير أهل المعرفة والعلم قد يتحقق جزء منه بهذا
وكم نستفيد نحن أيضا
أستاذنا محمد ليتنا نملك كل المفاتيح ونحاول ولوج الأبواب معك واستمثار نتائجها

محمد جاد الزغبي 09-23-2010 03:13 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,
أهلا بك مجددا أستاذة ريم ,
ولك خالص التقدير على ما تبذلينه من فتح أبواب الحوار الجاد المثمر
ولا داعى لأى اعتذار فكلنا يمر بظروف تمنعه أحيانا من التواصل ,

الأخت الفضلي حنان آدم
لك خالص المودة لتقديرك الكبير ,
وأرجو أن أكون عند حسن الظن دائما ,

أما بالنسبة لسؤالك الجديد شقيقتنا الفضلي ريم ,
فينبغي أولا تقسيمه إلى جزءين ,
جزء خاص بإعداد العملاء عامة , وجزء خاص بإعداد عملية الجمال ,
وقبلها مقدمة أراها ضرورية للتمهيد في هذا المجال ,

هناك فارق ضخم بين الجاسوس أو العميل وبين رجل المخابرات العامل ,
فرجل المخابرات العامل هو ضابط المخابرات المحترف الذى يقوم بعمله بعد تدريب هائل مكثف ,
أما العميل فهو شخص من خارج أجهزة المخابرات عادة يتم تدريبه لزرعه في وسط العدو
والفارق هنا هو في المقياس التدريبي حيث يكون تدريب وخبرات رجل المخابرات المحترف أضعاف أضعاف الجاسوس أو العميل لأن الجاسوس يخضع لدورات تدريبية تؤهله لمهمة التقاط المعلومات ,
أما رجل المخابرات فيتم تدريبه على أساليب التخابر نفسها وطرق العمل وتجنيد العملاء والمراقبة والتحرى فضلا على عشرات المعارف حول أساليب جهازه في العمل
لهذا فإن سقوط أى جاسوس أو عميل مهما كانت خطورته ومكانته لا يساوى عشر معشار سقوط رجل مخابرات في يد العدو ويقيم الخبراء سقوط رجل المخابرات بعمل عامين كامين كاملين لو تمكن الجهاز العدو من استخلاص المعلومات منه
وفى الحرب العالمية الثانية تمكن جهاز المخابرات الألمانى من الإيقاع برجلى مخابرات من رؤساء الأقسام في المخابرات البريطانية وكان من جراء ذلك أن قامت المخابرات البريطانية بتغيير أسلوب عمل الجهاز وتقسيمه وتغيير كافة عملاء الجهاز وكانت خسارة فادحة للبريطانيين مات في إثرها رئيس الجهاز من قوة الصدمة ,

وعملية الزرع في قلب العدو من الممكن أن تتم لجاسوس أو عميل وأيضا من الممكن أن تتم لرجل مخابرات عامل ,
ومن أمثلة الجواسيس رفعت الجمال , ومن أمثلة الضباط العاملين إيلي كوهين رجل المخابرات الإسرائيلي الذى تم زرعه في سوريا وكشفته المخابرات المصرية عن طريق رفعت الجمال نفسه وتم إعدامه في دمشق ,

وهناك معلومة جوهرية ينبغي للقارئ أن ينتبه لها ,

وهى أننا في حديثنا عن طرق التجنيد والزرع إنما نتحدث عن الأساليب القديمة التي بطل إستخدامها منذ ثلاثين عاما على الأقل ولا يستطيع أى كاتب أو محلل أن يتحدث عن أسلوب من أساليب الزرع إلا إذا كان هذا الأسلوب قد استغنت عنه أجهزة المخابرات منذ وقت طويل لأنه من المستحيل الوصول للأساليب الحديثة ,
فمثلا :
كانت عملية تجنيد العملاء في الستينات والسبعينات تعتمد على استقطاب العملاء بطريق خداعهم وإيهامهم في البداية أن يعملون لحساب مؤسسات صحفية أو شركات عابرة للقارات تحتاج لمعلومات اقتصادية وما شاكلها , وبعد أن يتورط العميل تتم مصارحته بأنه يعمل لحساب جهاز مخابرات وتتم السيطرة عليه عن طريق خط يده في المعلومات التي أرسلها وشيكات المقابل المادى التي حصل عليها ,
وهذا الأسلوب بطل استخدامه واستهلكت السينما والروايات وغيرها ,
أما الأساليب الحديثة للتجنيد فالله أعلم بطرقها اليوم ,

نعود لعملية زرع العملاء وهى على وجهين
إما الزرع لعملاء وطنيين يضحون بحياتهم لخدمة أوطانهم وهؤلاء في حالة نجاحهم يتم تأمين مستقبلهم ومكافأتهم وتكريمهم بعد الاعتزال مثلما حدث مع الجمال ومع أحمد الهوان ( جمعة الشوان ) ومع ليلي عبد السلام ( سامية فهمى )
وإما عن طريق التجنيد المباشر لعناصر خائنة لأوطانها وهؤلاء تقتصر مكافأتهم على الأموال فقط مثل الدكتور إسرائيل بيير مستشار وزارة الدفاع الإسرائيلية الذى جندته المخابرات السوفياتية وكانت مصر تعلم بهذا التجنيد وجندت هى بالمقابل عشيقته ( ريناتا ) التي نقلت لنا كافة معلومات إسرائيل بيير , أى أنه كان يعمل لصالح المخابرات المصرية دون أن يدرى !

وبالنسبة لعملية زرع العملاء الوطنيين فهذه تخضع لمقاييس تخطيط عالية التركيز حيث يتم اختيار شخصية مناسبة ليتقمصها العميل الذى يتم زرعه في المجتمع المرغوب فيه ويتم تأهيل وإختراع تاريخ مناسب له لتغطية شخصيته الأصلية
مع الوضع في الإعتبار أن يكون هذا التاريخ مقبولا منطقيا وله أدلة ظاهرة حال التحرى عنه
وقد نفذت المخابرات المصرية هذا الأمر بالنسبة لرفعت الجمال وعمرو طلبة وعشرات غيرهم وتم دسهم في المجتمع الإسرائيلي بتاريخ ملفق بمنتهى البراعة
فالنقيب عمرو طلبه تم زرعه على أنه يهودى مغربي يحمل اسم موشي زكى رافي وتم تجنيده في الجيش الإسرائيلي كأحد شباب إسرائيل وظل هناك منذ زرعه وحتى قيام حرب أكتوبر حيث ضحى بنفسه وكشف هويته عندما علم بقيام الحرب فعليا وراسل مصر على الموجات المفتوحة وظل يرشدهم إلى نقاط ضعف العدو في قلب سيناء والتى تم نقلها للقوات الجوية المصرية مما حقق لها هذا النجاح الساحق في ضرب مراكز قيادة العدو ,
واستشهد عمرو طلبة الذى رفض مغادرة موقعه وفق خطة تأمينه وفضل أن يبقي وسط النيران لإرشاد الطائرات المصرية حتى استشهد رحمه الله

أما رفعت الجمال فقد تم زرعه عن طريق اختراع شخصية يهودى مصري من المنصورة يحمل اسم جاك بيتون وزرعته المخابرات المصرية في اليهود المصريين وتمت مطاردته من الشرطة المصرية فعلا وواقعا وتمكن هو من الهرب حتى قام اليهود بمعاونته على الفار من مصر ودخل إسرائيل على هذا الأساس
وفى إسرائيل قامت الموساد بالتحريات الدقيقة عنه ووجدت أن قصته كلها حقيقية تماما !
وهذا يشي بمدى براعة عملية صياغة ماضي رفعت الجمال باعتباره شخصية يهودية تماما ,
وكان عبد المحسن فائق وحسن بلبل ضابطى المخابرات الذين أعدا العملية بالغى البراعة في تدريب رفعت الجمال على نسيان شخصيته تماما وتقمص الشخصية اليهودية إلى درجة النخاع وكانا يعتمدان على موهبتهما في ظل نقص الخبرات لديهما في ذلك الوقت فكان تدريب رفعت يصل لدرجة إعادة التدريب عند حدوث أى خطأ عفوى منه ,
فمثلا لو ناداه أحد الأشخاص باسم رفعت وعلى نحو مفاجئ واستجاب رفعت للنداء كان التدريب يُعاد حتى ينسي رفعت اسمه الأصلي ولا يرد ـ ولو بطريقة عفوية ـ على اسمه لو تم نداؤه به ,
هذا فضلا على السرية التامة حتى أن حقيقة العملية لم يتم كشفها خارج الجهاز ولا حتى على سبيل المعاونة فتم تعريض رفعت الجمال لخطر مطاردة الشرطة حقا وواقعا باعتباره يهوى مشاغب وتم تدريب رفعت على طرق الفرار منهم

وفى إسرائيل بعد أن تم الزرع فعلا صدرت الأوامر لرفعت الجمال بأن يلتزم السكون التام فلا يقوم بأى نشاط تجسسي لمدة معينة حتى يتم تثبيت أركان شخصيته الجديدة وحتى تمر فترة تحريات الموساد عنه بسلام ,
وهى الطريقة التي تمت معرفتها فيما بعد بأسلوب ( الجاسوس النائم ) وهى المرحلة من مراحل عملية الزرع حيث يظل الجاسوس كامنا بلا أدنى نشاط لفترة محسوبة ثم يستيقظ أى يبدأ نشاطه ,

وبعد مرور ثلاث سنوات على زرعه وبعد أن نجح رفعت الجمال في الحصول على معلومات الهجوم الإسرائيلي خلال العدوان الثلاثي قبل موعده بثلاثة أشهر كاملة ,
تم اتخاذ القرار بضرورة ترقية تدريب رفعت الجمال وهى الفترة التي تولى تدريبه فيها اثنان من أكفأ وأخطر رجال المخابرات في مصر وهما محمد نسيم ( نديم هاشم ) ورفعت جبريل ( الرجل الذى كان ملقبا باسم الثعلب وقدم شخصيته نور الشريف في مسلسل شهير حمل اسم الثعلب تحت اسم مستعار وهو شوكت فهمى )

واستمر تدريب رفعت على مراحل نظرا لتصاعد خطورته وبعد أن تم تكوين شبكته التي كانت لها أعظم دور خلال حرب أكتوبر وبلغت تدريبات رفعت الجمال حدا جعله يبلغ مستوى ضابط الحالة أى رجل المخابرات المحترف ,
هذه باختصار إجابة سؤالك



ريم بدر الدين 09-25-2010 03:15 PM

مساء الورد
هذه إجابة وافية أ. محمد جاد الزغبي و أرضت فضولي في المعرفة
عندما شاهدنا المسلسل " رأفت الهجان " و قرأت الرواية المعنونة بالاسم ذاته من إصدارات صالح مرسي أشاروا أن رأفت الهجان اخترعت له شخصية مغربية الاصل من سلالة عائلة كانت تعيش في مصر ثم رحلت عائدة الى المغرب ... و الان علمت ممن جوابك انه يهودي مصري من المنصورة " اقصد الشخصية الملفقة "
حبذا لو حدثتنا عن القصة الاصلية كما ذكرت في المصادر التي استقيت منها فهناك التباس كبير مع القصة المكتوبة و المتلفزة
تحيتي لك

محمد جاد الزغبي 09-25-2010 08:00 PM

أهلا بك مجددا شقيقتنا الفضلي ريم ,
اقتباس:

حبذا لو حدثتنا عن القصة الاصلية كما ذكرت في المصادر التي استقيت منها فهناك التباس كبير مع القصة المكتوبة و المتلفزة
تحيتي لك
ليس هناك تضارب ,
فالقصة تشير إلى أن التغطية التي تمت للهجان تمت على أساس أنه يهودى من المنصورة , وهذا ما ذكره صالح مرسي بالفعل
أما ما ذكره عن حكاية المغرب ,
فقد اختلط الأمر عليك
لأن القصة تحدثت عن رأفت الهجان كيهودى مصري هاجر للمغرب قبل الحرب العالمية الثانية وهناك انتهت عائلته وعاد لمصر ـ موطنه الأصلي ـ وحده
فلم يذكر في القصة أنه كان يهوديا مغربيا بل ذكر أنه مصري هاجر للمغرب فترة مؤقتة ثم عاد بعد ذلك

وقد توصل عبد المحسن إلى تلك التغطية عقب معرفته بأن رفعت الجمال ألقت الشرطة الحدودية القبض عليه على حدود ليبيا وهو يحاول الهرب بجواز سفر مزور
ورحلته إلى الإسكندرية حيث ادعى أنه يهودى مصري وتم حبسه مع عدد من اليهود المصريين ,
وهذا كله طبعا قبل تجنيده ولقائه بعبد المحسن فائق
فراعى هذا الأخير في قصة التغطية ضرورة أن يكون هناك تبرير لقصة إلقاء القبض عليه على الحدود الليبية لأنها أصبحت منتشرة عنه وعلمها اليهود المحبوسون معه ,
وعثر عبد المحسن فائق في ملفات اليهود المصريين بالفعل على عائلة يهودية مصرية الأصل هاجرت للمغرب واندثرت هناك عقب دخول قوات المحور إلى هناك
وتمت العملية على هذا الأساس


ريم بدر الدين 09-26-2010 02:10 AM

مساء الورد
بعد فك الاشتباك / اقصد الالتباس / :)
و على اعتبار ان العملية التي تم بها تهريب الجمال / الهجان إلى الكيان الصهيوني معلومة يمكننا المرور بها على عجالة ثم ننتقل إلى الحدث من داخل الكيان الصهيوني و كيف استطاع ان يركز دعائمه في داخل المجتمع الاسرائيلي ليكون شخصية مرموقة ومهمة و ليكون عميلا مهما للمخابرات المصرية
بالتفصيل لو سمحت أستاذنا محمد جاد الزغبي
و نتابع

محمد جاد الزغبي 09-28-2010 08:53 PM

أهلا بك مجددا يا ريم ,
كانت البداية مع الجمال في إسرائيل بداية وعرة وشديدة الصعوبة , لعدة أسباب ,
لكنها تتلخص في شيئ واحد وهو قلة الخبرة وقلة الإمكانيات التي كانت متوافرة للجهاز في ذلك الوقت ,
ولم يتلق الجمال تدريبا عاليا قبل رحيله إلى إسرائيل بل كان تدريبه عاديا ويعتمد بصفة أساسية على فطرته الطبيعية وذكائه المتوقد الذى استشف فيه عبد المحسن فائق قدرة فائقة على الخداع والتلون ,
ولم يكن هناك معيار خطورة أبدا في تلك المرحلة لأن الجمال في فترته الأولى وكما تقتضي قواعد عملية زرع الجواسيس لا يتم تكليفه بالقيام بأدنى نشاط في عمله لأن المرحلة الأولى هى مرحلة الشك والتحرى والتى يجب أن تتم بهدوء كامل بعيدا عن أى شبهات أيا كان نوعها أو صغرها
ولهذا كانت الأوامر صريحة ومشددة على أن يقضي رفعت الجمال الفترة الأولى في حالة كمون وسكون وينشغل فقط بتثبيت مكانته في المجتمع الإسرائيلي وفى تأسيس شركته السياحية التي بدأت كمكتب صغير
ونفذ الجمال الخطة بنجاح ونجح أيضا في أن يرفع مكانته في مجتمع تل أبيب بسببين هامين
الأول : أنه لم يأت مهاجرا فقيرا من السفارديم ( يهود الشرق ) بل رحل ومعه مبلغ لا بأس به من المال مما أهله لأن يفتتح عمله الخاص ويصبح إلى حد من رجال الأعمال في المجتمع اليهودى مما منحه وضعية خاصة
الثانى : التوصيات التي أرسلها يهود مصر بشأنه بعد أن نجحت المخابرات المصرية في أن تجعله بطلا قوميا لدى اليهود بعانى من الإضطهاد المصري مما زاد من رفعته بين المجتمع اليهودى في إسرائيل

وبدأ المكتب السياحى عمله بشراكة قامت بين الجمال وبين شريكه رجل الأعمال اليهودى ( ايمى فريد ) والذي قدمه صالح مرسي في القصة تحت اسم مستعار وهو ( أورلو زوروف )
ولأن شخصية الجمال كانت آسرة بطبيعتها ويتمتع بجاذبية شخصية لا تقاوم وبكاريزما مجاملة فقد نجح في أن يصبح واحدا من أكثر الشخصيات المجتمعية ذات الشعبية خلال فترة قليلة ,
وبمعاونة معارفه في ذلك الوقت من حزب الماباى الحاكم من أمثال موشي ديان وجولدا مائير وكانا في ذلك الوقت شخصيات مرموقة في تل أبيب باعتبار أن ديان كان جنرالا كبيرا في جيش الدفاع وجولدا أحد ركائز الحزب الحاكم
فضلا على شخصية ( إدناه مارش ) وهى إحدى ركائز اتحاد العمال الإسرائيلي ( الهستدروت ) والتى تعلقت بالجمال وفتحت أمامه باب التعارف على كبار المجتمع
وقد قدمها صالح مرسي في القصة تحت اسم مستعار هو ( سيرينا أهارونى )

هذا عن الفترة الأولى التي امتدت من عام 1954 م حتى عام 1958 م ,
وخلال هذه الفترة بدأ الجمال نشاطه منفردا فلم يكن قد تلقي تدريبا جديدا يؤهله لتكوين شبكة كالتى صنعها فيما بعد ,
ونجح الجمال في إمداد القيادة المصرية بموعد وخطة حرب العدوان الثلاثي قبل موعدها بثلاثة أشهر كاملة,

وبعد حرب 56 م تدهورت أحوال الجمال نظرا لأن السياحة في إسرائيل مرت بأزمة خانقة عقب الحرب مما أثر على نشاط مكتبه وتخلى عنه شريكه اليهودى وعانى الجمال في تلك الفترة من تدهور في أحواله المالية دفعته لطلب الدعم من الجهاز في مصر ,
وفى تلك الفترة لم يحسن الجهاز استغلال الجمال كما ينبغي حتى تولى ملف العملية ضابط مخابرات جديد في ذلك الوقت وهو عبد العزيز الطودى ـ الذى قدمه صالح مرسي باسم عزيز الجبالى ـ وهو رفيق عمر الجمال حيث أصبح الطودى مسئولا عن ملف العملية كله كضابط حالة وتمكن من إعادة تأهيل الجمال تماما ,
وفى البداية أمكنه أن يتعرف على الظروف الضاغطة التي يتعرض لها الجمال في تل أبيب ونقص الخبرة والتدريب الذى يعانى منه , ومن هنا اقترح إعادة تدريبه على أعلى مستوى في ذلك الوقت خاصة بعد أن أصبح جهاز المخابرات المصري في عهد صلاح نصر مديره الشهير منظما على أعلى المستويات
وتم إعادة ترتيب إدارات الجهاز بالشكل الذى وفر الإمكانيات المادية والعلمية ليكون الجهاز منافسا قويا على الساحة
وبالفعل قام محمد نسيم ورفعت جبريل بإعادة تدريب وتأهيل رفعت الجمال على أرقي مستويات التجسس والحصول على المعلومات كما وفروا له أعمالا مميزة مغطاه لشركته السياحية مما جعلها تصبح واحدة من أكبر الشركات في تل أبيب
كما زودوه بأحبار سرية مبتكرة من القسم العلمى لإدارة المخابرات المصرية وكان يتم تغيير الأحبار كل فترة بسيطة لزيادة معامل الأمن
وقد تفوقت المخابرات المصرية والإسرائيلية في ذلك المجال على سائر أجهزة المخابرات في العالم نظرا لقوة المنافسة بينهما
وبدأ الجمال تحت رعاية محمد نسيم في تكوين اللبنة الأولى لشبكته الموسوعية فى تل أبيب وبدأت الأعمال الإحترافية تترى من تلك الشبكة
ونجح الجمال في زيادة تعميق شخصيته في المجتمع الإسرائيلي حتى وصل الأمر إلى أن رشحوه في الكنيست وأصروا على طلبهم , وأرسل الجمال يستشير فجاء الرد بالرفض القاطع
وذلك لأن وجود الجمال في دوائر السلطة بصفة رسمية يعنى أن تركيز الأضواء سيشتد عليه وكذلك الرعاية الأمنية والرقابة المشددة مما يعرضه لخطر كشف أمره ,
وفيما بعد عام 65 م أصبح رفعت الجمال واحدا من أكثر شخصيات المجتمع الإسرائيلي بروزا وفوق مستوى الشبهات للدرجة التي مكنته من معرفة تصرفات أجهزة الأمن الإسرائيلية وتحرياتها عنه في فترته الأولى بتل أبيب حيث صارحه ضباط الأمن الداخلى بما يشبه الدعابة أنهم وضعوه تحت الرقابة فترة طويلة وأتت النتائج سلبية في صالحه طبعا

وظل على هذا الحال يتقدم اجتماعيا بين الفترة والأخرى حتى قيام حرب أكتوبر واستئذانه من الجهاز في إنهاء عمله عام 1974 م ,
وتم ذلك بالفعل بعد زواجه من فالتراود بيتون وتصفية أعماله في تل أبيب والهجرة إلى ألمانيا ,
هذا باختصار مجمل الحالة الإجتماعية للجمال خلال فترة زرعه ,



الساعة الآن 03:55 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team