منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   نبوءات الشعراء والأدباء : دراسة معمقة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=3701)

ايوب صابر 02-16-2011 02:37 PM

نبوءات الشعراء والأدباء : دراسة معمقة
 
يقول الشاعر الأمير عبد الله الفيصل في قصيدته الجميلة من اجل عينيك:

من بريق الوجد فى عينيك اشعلت حنينى
وعلى دربك آنَى رحُت أرسلت عيونى

وكأنه في ذلك يصف لحظة الاشتعال ولحظة الوجد ولحظة ولادة القصيدة حيث يحدث مثل ذلك البريق.

ويقول الدكتور الشاعر عبد اللطيف عقل في وصف تلك اللحظة وما يحل به كشاعر أثناء ولادة القصيدة
" في درجة فعل الشعر ينعدم التاريخ في لحظة وتصير الأمكنة كلها محشورة في نقطة"

وكأنه يقول بأن الزمن يصبح كله في لحظة واحدة وربما هذا ما يفسر قدرة الشعراء على الرؤيا المستقبلية، التنبوء المستقبلي.

وحين نفتش قصائد الشعراء نجد الكثير من "النبوءات" المدهشة والمزلزلة أحيانا والتي ينطق بها الشعراء ولا يتم الانتباه لها إلا بعد مرور زمن ربما يكون طويل أحيانا.

فالذي يستمع لقصيدة الشاعر احمد فؤاد نجم والتي يغنيها الشيخ إمام يتصور أن تلك القصيدة كتبت وغنيت بعد مشاهدة ما جرى في القاهرة مؤخرا.

ويلاحظ طبعا ان كل هؤلاء الشعراء أيتام تعمل عقولهم بطاقة البوزيترون؟؟؟!!!

دعونا نتعاون هنا لنرصد اكبر عدد من تلك نبوءات الشعراء التي اشتملتها قصائدهم لعلنا نجري عليها دراسات مقارنة وتحديدا لمعرفة :

- هل كان هناك علاقة بين اليتم والظروف التي يعيشها الشاعر وقدرته على الرؤيا المستقبلية؟


هذه دعوة للجميع.... وشكرا لكل من يمر من هنا او يساهم في رصد هذه النصوص التي تشتمل على مثل تلك النبوءات والتجليات المستقبلية،،،،









ايوب صابر 02-16-2011 02:37 PM

من نبوءات الشاعر أحمد فؤاد نجم
بقلم احمد الشريقي – الجزيرة نت

كان مفاجئا ربما أن ثوار ميدان التحرير الذين يوصفون بأنهم جيل الإنترنت وفيسبوك يعرفون الشيخ إمام هذا المغني الثوري، لكن العجب يزول حين نرى الصورة كاملة: ألم يكن هو الجيل نفسه الذي أطاح بالطغيان بعد أن عجز عن ذلك الآباء!

خمسة عشر عاما مرت على ذلك اليوم الذي أغمض فيه الشيخ إمام عينيه في إغفاءة أخيرة، دون أن يرى الفنان "البصير" أحلامه في الثورة تتحقق.

وفي وقت كان يعز فيه العثور على "كاسيت" يصدح بأغانيه، دوت في ميدان التحرير وفي أرجاء مصر أغنياته تعضد الثورة وتشد "حيل الثائرين"، وتعد بـ"الورد اللي فتح في جناين مصر".

ومنذ بروز نجمه في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي انحاز إلى المهمشين، وانتقد الفجوة التي تتسع بين فقراء مصر وأغنيائها، متنبئا باللحظة التي تثور فيها جماهير الغلابة، تاركا حسم لحظة الانتصار "للي بيشغل مخه".

هما مين وإحنا مين
هما الأمرا والسلاطين
هما المال والحكم معاهم
وإحنا الفقرا المحكومين
لما الشعب يقوم وينادي
يا احنا ياهما في الدنيا دي
حزر فزر شغل مخك
شوف مين فينا
حيغلب مين

ايوب صابر 02-16-2011 02:39 PM

نبوءات الشاعر احمد فؤاد نجم / زياد شليوط
11 فبراير , 2011

“مارد رفض وانتفض
زلزل عروش العار”
هذا ما تنبأ به الشاعر “الخارج على القانون” والمتمرد أحمد فؤاد نجم قبل أكثر من ثلاثين عاما ويتحقق اليوم، وربما يكون نجم أكثر شاعر مصري عبر عما يحس به الشعب البسيط المسحوق، حيث كان ملتصقا بالطبقات الفقيرة والمسحوقة والتي تشكل الغالبية الساحقة من الشعب المصري، فعكس ما يفكر به الشعب في شعره، وكثيرا ما وصلنا هذا الشعر عبر صوت وألحان الفنان الشيخ إمام زميل ورفيق نجم، وقد تلقينا تلك الأشعار والأغاني بفرحة أيام الدراسة في الجامعة، حيث اتفقت مع مشاعرنا ومع الحراك السياسي آنذاك، وان بدت بعض تلك الأشعار أيامها أمنيات أو مشاعر جميلة تزرع الأمل في النفوس، لكنها اليوم ومع اندلاع ثورة الغضب المصرية تبدو تلك الأشعار وكأنها تنطلق اليوم من جديد وتعكس حقيقة ما يجري في الشارع المصري وتصف لنا الواقع الحالي.
وتعكس قصيدة “هما مين” حقيقة الصراع ما بين الشعب والطغمة الحاكمة، حيث تصور وبسخرية لاذعة الفوارق بين الطبقة الحاكمة والطبقة المحكومة، حيث يفتتحها الشاعر بوصف الحال وكأنه حال مصر اليوم:
هما مين واحنا مين
هما الأمرا والسلاطين
هما المال والحكم معاهم
واحنا الفقرا المحكومين
حزّر فزّر شغّل مخك
شوف مين فينا بيحكم مين” ص748
ويواصل نجم عقد المقارنة بين الطرفين، بين من يمسك ويسيطر على مقدرات البلاد والمراكز الحساسة فيها، وبين من يعمل ويعرق ويخدم دون مقابل ودون كرامة الى أن يصل الى نهاية القصيدة التي تصف نهاية الصراع ومن سيفوز فيه في النهاية والتي تعكس موقف الشاعر وصدق رؤيته:
حادي يا بادي يا عبد الهادي
يا للي عليك قصد الغنوا دي
لما الشعب يقوم وينادي
يا احنا يا هما في الدنيا دي
حزر فزر شغل مخك
شوف مين فينا
حيغلب مين” ص754
والمعنى واضح وهو يتحقق اليوم في الثورة على الحكام الفاسدين وأصحاب رأس المال والملاكين الكبار في مصر. وكان أحمد فؤاد نجم قد حذر من طول الصمت الذي يغط فيه الشعب المصري:
” أيها المواطنون
أيها المواطنات
مصر من طول السكات
بتناديكم
تسمعون؟” ص110
ويتابع في قصيدة “اصحي يا مصر” بالدعوة للخروج عن الصمت والنهوض من النوم لتحرير الوطن من مستغلي خيراته وناهبي أمواله:
” اصحي يا مصر
اصحي يا مصر
هزي هلالك
هاتي النصر
كوني يا مصر وعيشي يا مصر
مدي ايديكي
وطولي العصر
اصحي وكوني وعيشي يا مصر” ص311-312
حيث يحث العامل على الصحوة لأن جهده يحصده ” الحرامية” والفلاح يمتص جهده “السمسار” ويصف الجندي على أنه الابن المخلص للوطن والذي سيحرر البلاد من الاستعباد فهو ابن الشعب وهو حامي الشعب، ألم يستنجد أبناء الشعب بالجنود واستدعوهم ورحبوا بهم في الشوارع والميادين في ثورتهم الأخيرة؟ وكأن نجم يقول بلسانهم:
” اصحى يا جندي ودق الكعب
حرّر مصر وطهّر مصر
اصحي وكوني وعيشي يا مصر” ص317
ففي قصيدة “شيد قصورك” يسخر من الحاكم الفاسد والطاغي الذي يشيد قصوره من كد وعمل الناس ويفتح السجون لهم ويطلق أعوانه والمستفيدين من النظام بكلمات لاذعة تصور ما شهده بالضبط “ميدان التحرير”:
“شيد قصورك ع المزارع
من كدنا وعمل ادينا
والخمارات جنب المصانع
والسجن مطرح الجنينة
واطلق كلابك
في الشوارع
واقفل زنازينك
علينا”
فهذا ما فعله الحاكم “المخلوع” حسني مبارك الذي أطلق “كلابه” لينهشوا أبناء الشعب المنتفضين، لكن عندما يتحد العمال والفلاحون والطلاب تقوم الثورة التي ستنتصر حتما على أنظمة الطغيان والديكتاتورية:
” والتقينا
عمال وفلاحين
وطلبة
دقت ساعتنا
وابتدينا
نسلك طريق
ما لهش راجع
والنصر قرّب من عنينا
النصر أقرب
من ادينا” 609-613
أليس هذا ما حدث في الأيام الأخيرة ويجري اليوم في مصر؟ ونحن بانتظار النصر المنشود.



* الأشعار مأخوذة من “ديوان أحمد فؤاد نجم” الأعمال الكاملة في جزأين، طبعة أولى 1986
(شفاعمرو/ الجليل)


ايوب صابر 02-16-2011 02:41 PM

نبوءة احمد فؤاد نجم تتحقق بعد ثلاثة عقود

فريدوم هاوس

من حوالي 32 سنة وقف شاعر مصر العظيم احمد فؤاد نجم وغرد بقصيدة شعر كانت الهام محض ... ونبوءة تنتظر رجالها لتتحقق:


ايران يا مصر ، زينا
كان عندهم .. ما عندنا
الدم هو دمنا
والهم من لون همنا
تمسك ودانك من قفاك
تمسك ودانك من هنا
الخالق الناطق هناك
الناطق الخالق هنا
الارض حبلى بالربيع وبالغنى
والجو مشحون بالقصايد والغنا
والشمس فوق الكل تشبه شمسنا
والثروة ملو الارض والناس والبنا
بس العصابه الامريكاني مربعة
فوق الغلابة والديابة مضبعة
والصحفجية العرصجية الاربعة
لابسين صاجات
وكل حاكم له غنا
تمسك ودانك من قفاك
تمسك ودانك من هنا
الخالق الناطق هناك
الناطق الخالق هناك
نفس البلاوي
ع الغلابه متلتله
من فقر شوف وهم خوف
نازل بلا
والقهر زاد
والسيف على رقاب العباد
والمخبرين زي الجراد
ملو الخلا
والفنانين المومسين والفنانات
دول شغالين تبع وزير الاعلانات
يحصل جواز يحصل طلاق يحصل ممات
دول مبسوطين
ومأبجين طول السنة
تمسك ودانك من قفاك
تمسك ودانك من هنا
اللي حصل فيهم هناك
لازم حيحصل عندنا

ويقال انه تنبأ
هذا الشاعر البندقية كما يطلق عليه
الذي تنبأ في شعره بـ مقتل السادات

كما تنبأ :
بسقوط نيكسون بعد زيارته لمصر 1974

ايوب صابر 02-16-2011 02:42 PM

نبوءات الشاعر صلاح جاهين

من الشعراء المصريين الذين كتبوا الشعر بالعامية المصرية الجميلة، وكتب عشرات الأغاني ومنها الوطنية في العهد الناصري وشدا بمعظمها مطرب الثورة، عبد الحليم حافظ. لكن صلاح جاهين دخل في حالة من الاحباط والنكوص بعد هزيمة حزيران، حيث خاب أمله من الشعارات التي رفعها والتي "خدع" فيها الناس كما كان يردد، واعتكف في منزله وانعزل عن الحياة العامة حتى وفاته.

لكن لو أن صلاح جاهين يعيش اليوم في مصر، أو يعود الى الحياة ليشاهد ثورة شباب مصر، فاني على يقين أنه سيعود لفترته الأولى فترة الأمجاد والشعور القومي والايمان بالاشتراكية، وستعود له عافيته ويسترد معنوياته وينطلق بكتابة الشعر الثوري من جديد. فأشعار صلاح جاهين تلك، تعكس تحركات الشباب المصري وثورته على نظام الفساد والرشوة والاستعباد اليوم، واذا ما عدنا الى ما كتبه جاهين أسوة بزملائه في الحقبة الناصرية، نرى أن أشعاره حينها يمكن أن تقال اليوم وكأنها تعايش الحدث، وها هو في رباعياته يتوقع عودة ربيع الشباب:

" طال انتظاري للربيع يرجع

والجو يدفا والزهور تطلع

عاد الربيع عارم عرمرم شباب

ايه اللي خلاني ابتديت افزع؟

عجبي" (أنغام سبتمبرية ص102)

وبناء عليه ونظرا لايمان الشاعر القوي بارادة الشعب، فانه يطلب من الشعب أن يقوم ويحكم بلاده، وكأني بالشعب المصري يعمل بوصية جاهين التي يقول فيها:

" احكم يا شعب
احكم يا شعب
وخد بنفسك مكانك
الأمر صعب
والنهي صعب
إمسك بيدّك ميزانك
احكم وقول
يا بلادي كوني سعيدة
عيشي في أيام مجيدة
واحكم يا شعب" (الأغاني ص49)

فهذا اليوم العظيم الذي يسطره الشعب المصري لن يكون مثله، وبعده سيكون المجد والعز والحرية، وهو اليوم الذي سقط فيه النظام المصري الفاسد برئاسة مبارك فيقول جاهين في هذا وكأنه يقف في ميدان التحرير:

"اليوم ده بعده مفيش
غير مجد وعز وحرية
لو متنا ولادنا تعيش
ونعيش في الأجيال الجاية" (الأغاني ص52)

وهذا الأمر لن يتحقق بدون وحدة أبناء الشعب من فلاحين وعمال وطلبة، كما عبر عن ذلك أحمد فؤاد نجم (انظر المقال السابق)، فيهتف صلاح جاهين بدوره:

" يا فلاحين يا جنود يا طلبة يا عمال
عدوكم حلف لاستعمار ورأس المال
عاش الطريق لشتراكي قوم يا شعب وثور" (أنغام سبتمبرية ص76)

رغم أن رفع شعار الاشتراكية لم يكن مطروحا علنيا في ثورة اليوم، لكنه يعبر عن جوهر الحقبة الناصرية، كما يعبر عن مطالب الشعب في ثورته الحديثة حين يرفع شعارات محاربة الفساد والرشوى ومحاكمة مصاصي جهد الشعب، كذلك رفع رواتب العمال والموظفين وتوفير فرص العمل للشباب.

ويثق جاهين كل الثقة؟ أن ابناء هذا الجيل سيعيشون ليروا نتائج الثورة المجيدة:

" ح نعيش ونشوف مصر سعيدة نعيش ونشوف دنيا جديدة
وكفاحنا يكون بكرة قصيدة توصف أيام ثورة مجيدة" (الأغاني ص52)

ولو ان صلاح جاهين موجود اليوم ويعيش أحداث الثورة الشعبية، لم يكن ليقول إلا:

"انا قلبي مليان حماسة
لكل شيء حر صادق
ما ليش كتير في السياسة
لكن باحب المباديء" (الأغاني ص72)

وأمام ما لجأ اليه نظام مبارك من أساليب بلطجية لكسر إرادة الشعب، يسخر جاهين منه ومن تفكيره بأنه سيسد فجر النصر:

" الفجر طالع مين يحوشه من الطلوع
ويا شعب يا ممنوع يا ويل من يمنعك
الله معك.. الله معك.. الله معك" (م.س ص75)

فهذا الشعب لا توجد قوة توقفه او تمنعه من تحقيق اهدافه بعد، ولهذا سيحققها بعدما عرف طريقه، وهذا ما حصل فعلا:

" الشعب قام يسأل على حقوقه
والثورة زي النبض في عروقه
اللي النهاردة يحققه ويرضاه
هوّ اللي بكرة، بهمته، يفوقه" (م.س ص104)

لكن الصورة لا تكتمل دون وجود القائد المحبوب، الذي يصبو لتحقيق آمال شعبه، لهذا فشاعرنا يحن لعودة الفارس الأصيل، ابن البلد "الريس" عبد الناصر، وتجلى ذلك في رفع صوره خلال أيام الثورة الشبابية المجيدة، وهنا يخاطبه الشاعر قائلا:

" وحشتنا نظرة عيونك للبلد يا جمال
والحزم والعزم فيها وحبها المكنون" (أنغام سبتمبرية ص8)

وهكذا تكتمل الصورة التي طالما تغنينا بها وانتظرناها وحققناها في يوم من الأيام، وما زلنا نشتاق لتحقيقها ثانية:

"صورة صورة صورة
كلنا كدة عايزين صورة
صورة للشعب الفرحان
تحت الراية المنصورة
يا زمان صورنا
صورنا يا زمان" (الأغاني ص34)

وفعلا حقق الزمان والقدر ما يصبو إليه شعب مصر العظيم، وكل ذلك بهمة الشباب وإصرارهم وصمودهم، ووقوف الشعب بمعظمه من خلفهم، وتأييد الشعوب والجاليات العربية والصديقة في الوطن العربي وأرجاء العالم، وتحقق المطلب الأساس بإسقاط النظام لأن هذه هي إرادة الشعب التي لا يغلبها غلاب.

(شفاعمرو/ الجليل)

ايوب صابر 02-16-2011 10:16 PM

نبوءات الشعراء
كتبها حسن توفيق ، في 14 أبريل 2008 الساعة: 23:00 م

الملهمين أصدق من تحليلات المفكرين والسياسيين

طرفة بن العبد: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً

برتولت بريشت: أنتم يا من ستأتون.. فكروا في الزمن الأسود الذي عشناه

أبوفراس: ونحن أناس لا توسط عندنا لنا الصدر دون العالمين أو القبر

بقلم: حسن توفيق

أيها الشعر.. يا أيها الفرح المختلس- كل ما كنت أكتب في هذه الصفحة الورقية- صادرته العسس.. هذا ما قاله أمل دنقل في قصيدة من أوراق أبي نواس وكان أبناء جيلي معجبين كل الاعجاب باقتران الشعر بالفرح الذي يختلسه الانسان من بين ركام الحزن الذي يحيط بالجهات كلها، فالحق أن أعماق الشعراء تظل حزينة ومتألمة، حتي وان اكتست ملامح وجوههم بما يوحي بالفرح ، وكما قال الشاعر الرومانسي الرقيق بيرسي شللي انه يحل بين جوانحه شهوة إصلاح العالم فكذلك يشعر هؤلاء جميعا، وهم يتأملون ما حولهم من خطايا وأخطاء ونقائص، وما تحفل به الحياة ذاتها من متاهات وصراعات ونقائض.
لو أننا جمعنا ما قاله الشعراء وما سيقولونه خلال الاحتفال المتجدد باليوم العالمي للشعر، فإننا سنجد أن الحزن سمة مشتركة بين ما قيل وما سيقال، لأن الشاعر الحقيقي لا يقنع بما يري حتي وان كان جميلا، فإذا كان ما يراه قبيحا فإنه يسعي لأن يجعله جميلا، وإذا كان بالفعل جميلا فإنه يطمع في أن يراه أجمل، وهذا هو الفارق الجوهري بين الفن الذي يريد الوصول إلي المستحيل وبين السياسة التي تقنع بالممكن وفقا لمقولة خذ .. وطالب !
دون انحياز للشعر ضد السياسة،فإن الشواهد كلها تؤكد أن نبوءات الشعراء الملهمين- وهم ليسوا بالطبع كثيرين- تبدو أعمق وأصدق من تحليلات المفكرين والسياسيين، لأن الشعر يستطيع أن ينفذ إلي ما هو أبعد بحدسه النقي، أما المفكر فإنه ينظر من خلال وقائع مرحلة معينة،بينما السياسي لا يهتم إلا بما حوله مباشرة، وقد يكون ضيق الأفق فلا يري أبعد من موطيء قدميه.
منذ أقدم العصور، يحاول الشعراء أن يحثوا سواهم علي كل ما من شأنه أن ترتقي حياة الإنسان فوق
الأرض، ابتداء من دعوة زهير بن أبي سلمي الي إحلال السلام بدل الحرب، وهي دعوة مبكرة اطلقها الشاعر العربي منذ قرون من الزمان الي حث المتنبي للمقهورين بألا يستسلموا لما يتعرضون له من قهر وهوان، لأن من يسهل يسهل الهوان عليه - ما لجرح بميت إيلام ومن المتنبي العبقري الي شعراء العالم الكبار، نجد أن دعوات المحبة تتكرر، وان مجابهة الظلم مطلوبة في كل الأحوال، حتي لو كانت المجابهة بأضعف الايمان، وهذا ما يتردد في قصائد الشعراء الذين توجهوا الي الانسانية رغم اختلاف جنسياتهم والوانهم وعقائدهم، ومنهم رابندارانات طاغور - الهندي وفيديريكو جارثيا لوركا - الاسباني وفلاديمير مايكوفسكي - السوفييتي وبرتولت بريشت - الألماني وناظم حكمت - التركي.
في إحدي قصائده الشهيرة - من ترجمة الدكتور عبدالغفار مكاوي - يقول برتولت بريشت موجها كلامه لأبناء الأجيال المقبلة: .. انتم يا من ستظهرون - بعد الطوفان الذي غرقنا فيه - فكروا عندما تتحدثون عن جوانب ضعفنا - في الزمن الأسود الذي نجوتم منه - لقد كنا نخوض حروب الطبقات - ونهيم بين البلاد - ونحن نغير بلداً ببلد - أكثر مما نغير حذاء بحذاء - يكاد اليأس يقتلنا - حين نري الظلم أمامنا - ولا نري أحداً يثور عليه.. . ومن هذا المنطلق ذاته يمكننا أن نعود مع الزمان بعيدا لنسمع صرخة أبي فراس الحمداني التي تتشابه في بعض ملامحها مع ما قاله بريشت:
ونحن أناس لا توسط عندنا
لنا الصبر دون العالمين أو القبر
يستطيع الشاعر الملهم - لا المزيف المتشاعر - أن يتنبأ، ويمكن أن يقول وهو يري المصائب والكوارث المحدقة بالجميع .. رعب أكبر من هذا سوف يجيء.. ويمكنه إذا عدنا كذلك مع الزمان أن يردد ما قاله طرفة بن العبد:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
ويأتيك بالأنباء من لم تبع له
بتاتا ولم تضرب له وقت موعد
لعمرك ما الأيام إلا معارةً
فما استطعت من معروفها فتزود
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه
فإن القرين بالمقارن يقتدي
يوم عالمي للشعر فيه تخصيص، وفيه تكريم للشعراء دون سواهم، لكن الشعر في الحقيقة فن من الفنون التي تسمو بالانسان، وترفعه مما يشترك فيه مع الحيوان الي منزلة أعلي وأرقي.. فإذا كنا نحتفل بالشعر فعلينا كذلك ألا ننسي: الموسيقي.. الفنون التشكيلية.. الأدب بصفة عامة.. ولكن بشرط واحد أساسي هو أن تكون كل هذه الفنون نابعة من قلب انسان مبدع الي قلوب بني الانسانية اجمعين، دون تعصب مقيت، ودون تفاخر سخيف، وهذا الشرط لا يستطيع أن يحققه الا النضال الأصيل وحده.. وتحية للشعر في يومه العالمي.. تحية للفرح المختلس

ايوب صابر 02-16-2011 10:16 PM

نبوءات الشعراء
كتبهـا : حسنالحارثي - بتــاريخ : 1/17/2011 2:56:44 pm, التعليقــات :
رحل محمد الثبيتي – قامة الوطن الشعرية السامقة- وظلت أحرفه نبوءة سيد البيدووقعا في مقبل الأيام والأوجاع والوطن. رحل وهو يتهجى الحلم والوهم والصحو، وتركلنا عذوبته وتراتيله وعنفوان تضاريسه وشيئا من مسكنات الذاكرة. رحل وهو يغزل الوطنبحبات الرمل ويصوغ منه رحلة شهية للسماء.





لم يكن الشعر يوما حديثا يردد وكلامايغنى قط، الشعر روح الزمن وإعادة تشكيل وعيه، هو نبوءة المثقفين والفلاسفة الذينيرسمون للوطن الخطى ويكتبون الرؤى الخالدة بعد أن تمكنوا من قراءة تفاصيل المرحلةفكريا وسياسيا وراحوا ينشدون تكامل الحاجات الإنسانية وغاياتها العظمى.






ولم يكنالشاعر الفرنسي العظيم فيكتور هوجو مجرد أديب منظر أو رجل بلاغي، لقد كان محارباتنويريا في وجه الظلامية وصوتا جهورا للإنسان الفرنسي البسيط في القرن التاسع عشر،رغم أنه عاش النصف الأول من عمره نبيلا من نبلاء باريس.





كانت أشعار هوجووكتاباته نضالية محضة، ترصد حاجة المواطن الفرنسي في تلك الحقبة للحريةوالديموقراطية والتعددية وكان يمقت بأحرفه الحارقة، البورجوازية والتصنيف الطبقيوبربرية نابليون وسيادة الأصولية على الحداثة والتمدن. كان يقول "لن أتردد في قولأشياء تجتاز عتبات القرون".





طالب آنذاك بثلاثة اشياء:
-عدم إستغلال الأطفال فيالعمل.
- وتحسين وضع المرأة.
- وحرية التعبير والنشر في الصحافة،
ورغم أنه مات ولم تتحققهذه المطالبات التي حشا بها أشعاره وروايته الخالدة "البؤساء" إلا أن هذه النبوءةرأت النور بعده بفترة وجيزة، وبات هوجو أهم وأقوى رجل في تاريخ فرنسا ومازال.





أنها نبوءة الشعراء، وإن كانوا يهيمون في كل واد، ولم يكن شعراء أوروباومثقفيها وحدهم من يستشعرون المرحلة ويكتبون أحلام الشعوب على ورق الحقيقة، فها هينبوءة ابو القاسم الشابي تتحقق في تونس، وها هو القدر يستجيب لشعب أراد الحياةالكريمة، وهاهم التوانسة يكتبون وطنهم بأيديهم ويختارون مصيرهم في ثورة الخبزوالكرامة.






ديمومة :
فما زال في الغيب منتجع للشقاء - وفي الريح من تعبالراحلين بقايا



ايوب صابر 02-16-2011 10:17 PM

الشاعر أمل دنقل : النبوءة المعذبة ، وغربة الرسول


جبر جميل شعث


كنت وما زلت أؤمن برسالية الشعر ، وبنبوءة الشاعر
، فالشعر يجب أن يكون

مؤسساً على فكرة معينة ، ومنطلقاً برؤيا واضحة غير مشتتة ، وموصلاً رسالته

إلى المتلقي الموجود على الأرض ، والشاعر يجب أن يكون ( تلباثياً ) يستشعر علىالبعد ، يستشرف الآتي ، متنبئاً به ، بحسه الشعري وثقافته التأسيسية المتجاوزة ، والتجاوز لا يتحقق الا بشرطية التأسيس ، وخلخلة وتفكيك القائم الراهن لا يتحقق الا بشرطية التأصيل ، بمعنى ؛ خلخلة المؤسس والمؤصل ثم

إعادة بنائه وترتيبه ، ضمن الخصوصية الثقافية للشاعر ، وأنبه إلى أن الخصوصية هنا لا تعني انكفاء الشاعر على ذاته ، واكتفائه بالعناصر المكونة لثقافته ، بل هي الخصوصية المنفتحة على الثقافات الأخرى ، المفيدة منها والرافدة لها ، لكن دون الانبهار والانسحاق ودعاوى القطيعة ، ما يؤدي إلى الذوبان وضياع الهوية بمكوناتها المختلفة .

إن ما هو قائم اليوم في بلادنا وفي عمقنا العربي ، ليؤكد بأننا نعيش في عصر صراع الحضارات ومحاولة طمس الهوية ، وصولاً إلى هيمنة حضارة واحدة تفرض مفاهيمها ومعاييرها وأخلاقها وثقافتها على العالم كله .

لقد سقطت بغداد ، ولا يختلف اثنان على قراءة دلالات هذا السقوط ، إن حضارة بأكملها قد سقطت في يد من يحاولون فرض حضارتهم وثقافتهم الاستهلاكية اللاأخلاقية علينا ، ويحاولون تذويب هويتنا الثقافية ، من خلال بث ثقافة النسيان المتمثلة في الجنس والشذوذ وقيم المال المزيفة والرامبوية التي تحركها العقد المختلفة ، حتى نصبح مثل بعض الأمم والشعوب في أفريقيا وأميركا اللاتينية التي أفقدها الاستعمار خصوصيتها ومحق هويتها الثقافية .

انه الخطر الذي يتهددنا " ومهمة الشاعر بالذات أن يوصل هذا الإحساس إلى وعي الأمة وأن لا تتحول قصائده إلى مفردات قاموسية مجردة عن أي معنى أو إلى معان مطلقة تسعى إلى تخدير الوعي وإماتة الحواس بدلاً من إيقاظها ، وفي مرحلة الهوان والانحطاط كالمرحلة التي نعيشها الآن لابد أن يتخلى الشاعر عن

الوقوف في دائرة الأحلام الذاتية وقبل أن يحاول التحرر من القوالب الميتة أو التي يراها كذلك ، عليه أن يتجنب الوقوع فيما هو أخطر من هذه القوالب كالشكلية وتزييف الواقع " (د . عبد العزيز المقالح ، مقدمة ديوان أمل دنقل،ص33)

كان لا بد من هذه المقدمة قبل الدخول إلى كون الشاعر أمل دنقل ، الشاعر الصعلوك ، أمير شعراء الرفض ، الذي عانى بسبب مواقفه الوطنية والقومية من الجوع والفقر والمطاردة ، والذي تجاهلته المؤسسة الثقافية الرسمية

، شأنه في ذلك شأن كل المتمسكين بمبادئهم ، غير المساومين عليها ، غير المهادنين للسلطة ورقبائها من أشباه المثقفين ، ومن المفتين الذين يعملون بنظام القطعة . لقد بقي الشاعر الراحل أمل دنقل على تناقض مع السلطة ، وهو بهذا التناقض كان يؤكد مقولة : إن الشاعر الحقيقي لا يمكن أن يلتقي مع السلطة وما تمثله ومن يمثلها .

كان أمل دنقل شاعراً ثورياً منتمياً إلى وطنه والى عمقه العربي بمكوناته الحضارية والثقافية ،كيف لا وهو الشاعر العربي الوحيد الذي وظف هذا التراث

توظيفاً نسيجياً في شعره ، ولم يكتفِ به ، بل انفتح على التراث الإنساني يبحث في فضاءاته عن معان ودلالات جديدة لقصيدته . لقد انحاز إلى المواطن المقهور المكمم ، المغيب، وتبناه في شعره ؛ لأنه أدرك أن السلطة لا تدافع عن مواطنيها وأن الشعارات التي ترفعها محض كذب وخداع ، وان الأسلحة التي نراها في الاستعراضات ويفرح بسطاء الناس بها متوهمين أنها من أجل الدفاع عن وطنهم وعنهم وهي في الواقع لقمعهم وقتلهم :

قلت لكم مراراً
إن الطوابير التي تمر..
في استعراض عيد الفطر والجلاء
( فتهتف النساء في النوافذ انبهارا )
لا تصنع انتصارا
إن المدافع التي تصطف على الحدود ، في الصحارى
لا تطلق النيران .. الا حين تستدير للوراء
إن الرصاصة التي ندفع فيها.. ثمن الكسرة والدواء:
لا تقتل الأعداء
لكنها تقتلنا ..إذا رفعنا صوتنا جهاراً
تقتلنا، وتقتل الصغارا !


(قصيدة: تعليق علىما حدث ، ديوان أمل دنقل ص210)


إن أمل دنقل الذي لم يكن يملك ثمن قوت يومه ، والذي كان يتبادل نفس القميص مع زميله ، هو

نفسه أمل دنقل الذي كان يملك الوعي العميق ، والقدرة الخارقة

على قراءة وتحليل الواقع ، والتنبؤ من خلال هذه القراءة بما سوف يكون ، وانطلاقاً من النبوءة تلك كان تحذيره لقومه الذين لم يعيروه اهتماماً ولم يصدقوا نبوءته ، ولم يكتفوا بذلك بل اتهموه بالتجديف ورموه بالكفر ، ولكن متى صدق القوم أنبياءهم ؟

لقد صرخ الشاعر معبراً عن ضمير الأمة الجمعي بكل ما أوتي من كلمات ..ولكن ماذا تفيد الكلمات البائسة إن لم تجد آذاناً صاغية ؟ ومتى كانت السلطة الطاغية تأخذ بكلمة الشعوب ورأيها ؟


إن الحكام يظلون على علوهم ، يعمهون في طغيانهم إلى أن يدق رؤوسهم الخطر
وعندئذ يلتمسون النجاة والفرار ، تاركين الشعوب للموت والحطام والدمار :

أيتها العرافة المقدسة..
ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟
قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ ..
فاتهموا عينيكِ ، يا زرقاء بالبوارْ
قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار ..
فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار !
وحين فوجئوا بحد السيف: قايضوا بنا..
والتمسوا النجاة والفرار !
ونحن جرحى القلبِ ،
جرحى الروح والفم
لم يبقَ الا الموتُ
والحطام والدمارْ


(قصيدة البكاء بين يدي زرقاء اليمامة، الديوان ص125)


هذا ما كان من حال زرقاء اليمامة مع قومها ، التي رأت بعينيها الحادتين الغزاة وحذرت قومها ، لكنهم اتخذوا كلامها هزوا ، حتى باغتهم الغزاة وفرقوهم أيدي سبأ .وهي ذات الحال التي كانت للشاعر مع قومه ، وكلنا يعرف ماذا حدث في حزيران عام 1967وهو زمن كتابة القصيدة .


وبالرغم من ثبوت رؤية زرقاء اليمامة ، وتحقق نبوءة الشاعر ، الا أن القوم أعادوا سيرتهم الأولى ، وظلت الزرقاء وحيدة عمياء ، وظل الشاعر وحيداً منبوذاً :


ها أنت يا زرقاءْ
وحيدة.. عمياءْ !
وما تزال أغنيات الحب.. والأضواءْ
والعربات الفارهات.. والأزياءْ !
فأين أخفي وجهيَ المشوها (قصيدة البكاء بين…الديوان ص126).

لقد قرأ الشاعر أمل دنقل التداعيات السياسية وغير السياسية التي أعقبت حرب أكتوبر سنة 1973م ، قراءة عميقة واعية، واستشعر ، بل تنبأ بالكارثة التي ستقع ، والتي تمثلت في زيارة الرئيس السادات إلى القدس في عام 1977م ، وكان قد أنهى كتابة قصيدته / النبوءة ( لا تصالح ) في تشرين الثاني 1976م

، وهي من قصائد القناع ، وقد استلهمها الشاعر من سيرة الزير سالم ، وبالتحديد من حادثة مقتل أخيه كليب ( الذي نصب نفسه ملكاً ) على يد جساس الذي كان معارضاً للملك الظالم المستبد ( كليب ) ورافضاً لملكه المفروض بالقوة على سائر العرب.

والقصيدة مبنية على فكرة ( رفض الصلح ) وذلك بناءًا على وصايا كليب العشر لأخيه المهلهل التي كتبها بدمه على بلاطة وهو يحتضر ، ما أدى إلى حرب البسوس الشهيرة التي كان شرط توقفها مستحيلاً ، إذ تمثل في قول المهلهل :

فانا لا نصالح في كليب الا أن نراه علا الحصانا
وفي قول اليمامة :
أنا لا أصالح حتى يعيش أبونا ونراه راكب يريد لقاكم


"وواضح أن الموقف الذي استغرق اهتمام الشاعر وحرص على تفصيله وشحنه بالعناصر الفكرية والشعورية ، هو وصية كليب لأخيه المهلهل ، وهي وصية أراد الشاعر أن تعكس رؤيته المعاصرة لطبيعة الصلح مع إسرائيل _ وهذا ما لم يختلف فيه أحد _ بل كان أمل يعلنه في كل مجالسه ، ويرى أن الأرض العربية السليبة لن تعود إلى الحياة الا بالدم … والدم وحده" ( التراث الانساني في شعر أمل دنقل ، د. جابر قميحة ص139).


يقول أمل دنقل :
لا تصالح !
ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك،
ثم أثبت جوهرتين مكانهما ..
هل ترى ..؟


(قصيدة لا تصالح ، الديوان ص324)

ويحذر الشاعر من القوى الدولية المتواطئة الوسيطة غير النزيهة والتي نشطت بعد حرب أكتوبر المجيدة ( وبصرف النظر عما قيل بشأن تلك الحرب ، وحول ما إذا كانت حرب تحرير أم حرب تحريك باتجاه الصلح مع إسرائيل ) فان تلك القوى تحركت عندما شعرت بأن المشروع القومي العربي قد حقق اختراقاً مهماً وبدأ في التشكل والتبلور نحو التحرر والتحرير ، فأخذت في نشر المبادرات والتلويح بشتى أنواع الضغوطات والعزف على أوتار السلام والتنمية والرخاء الاقتصادي الذي سيعم على البلاد العربية في عهد السلام :

لا تصالح
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنس؟


………………………………
………………………………
كيف تحلم أو تتغنى بمستقبل لغلام
وهو يكبر بين يديك بقلب منكس؟
لا تصالح
ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام .

( قصيدة لا تصالح ، الديوان ،ص330)


والحال اليوم ، هي أن الأنظمة لا تكتفي باقتسام الطعام مع من يقتلوننا ، بل تقتسم معهم الرصاص وخبرات التعذيب وكمامات الأفواه وصمغ الآذان ..والكلاب البوليسية .

إن السلام قيمة أخلاقية كبرى ، بها يستقيم العالم ويكتمل الإنسان ، وهي المحور الرئيس في جميع الديانات والمعتقدات الرسالية وغير الرسالية ، والإنسان السوي يسعى دوماً بفطرته إلى العيش في أمن وسلام ، ولكن هناك أناساً قد خرجوا من شقوق الخرافات ، لا يؤمنون بالسلام بين البشر، بل يرون فيه خطراً يهدد وجودهم ..هؤلاء اللصوص الذين سرقوا الأرض من أصحابها بالتذبيح والتهجير لا ينفع معهم صلح هم في الأساس لا يسعون إليه :

لا تصالح
فما الصلح الا معاهدة بين ندين
( في شرف القلب )
لا تنتقص
والذي اغتالني محض لص
سرق الأرض من بين عينيّ
والصمت يطلق ضحكته الساخرة


!( لا تصالح ، الديوان ص335)

نعم، انه صمت الغرب الاستعماري المشارك المبارك الذي أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق ، وصمت الممالك والمشيخات التي قاتلت بالشعر الرديء والأسلحة الفاسدة :

هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم
وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ


( لا تصالح، الديوان، ص336)


كان الشاعر أمل دنقل مؤمناً بالمستقبل وبالأجيال القادمة ، على الرغم من تسليمه برداءة الراهن ، وبعقم السلطة السياسية ، وبتغول الغرب الاستعماري المتحالف مع تلك السلطة ليشكلا معاً الجدار القاسي الذي يحول دون شروق الشمس على حلم الشعوب المقهورة التي ستظل تنقر في الجدار حتى تثقبه ويمر النور _ إن لم يكن لها_ فللأجيال القادمة :

آه ما أقسى الجدار
عندما ينهض في وجه الشروق
ربما ننفق كل العمر كي نثقب ثغرة
ليمر النور للأجيال ..مرة
…………………….
…………………….
ربما لو لم يكن هذا الجدار:
ما عرفنا قيمة الضوء الطليق!!


(قصيدة حكاية المدينة الفضية، الديوان ص238)

نعم ، لقد استطاع أمل دنقل برغم عمره القصير (1940_1983) أن يثقب أكثر من ثغرة ويمرر لنا منها نبوءته الشعرية ..ورسالة الشعر الخالدة .لقد وصلت الرسالة وتحققت النبوءة ، وهأنذا مكبٌ على ديوانه أبكي بين يديه نادماً

ايوب صابر 02-16-2011 10:17 PM

النبؤة الشعرية

عبد احافظ بخيت
النبوءة الشعرية مصطلح ظهر مؤخرا فى الدراسات النقدية الحديثةوهذا المصطلح يعنى قدرة الشاعر على استشراف المستقبل والاخبار عنه من خلال ابداعهالشعرى, ولا يعنى ان الشاعر ممكن ان يصل الى مرتبة النبوة.
والشاعر بحسه الشعرىوقرائته لواقع امته السياسى والثقافى يستطيع ان يرسم صورة المستقبل لأنه من اهمالتابعين والراصدين لحركة الأمة على كل المسيويات وبالتالى يمكن له ان يجازف ويعلنبما سوف يكون عليه المستقبل ويبدأ على هذا الأساسيتعامل مع واقعه فنيا على اعتبار ماسوف يكون على حد تعبير علماء البلاغة القدامى,وان كان هذا المصطلح ظهر حديثا فىالأطروحات النقدية وتحديدا بعد هزيمة 67 بدأ النقاد يتحدثون عن قصيدة الشاعر أملدنقل التى تنبأت بالهزيمة وهى قصيدة "بين يدى زرقاء اليمامة"والتى اعتمد فيهاالشاعر على توظيف أسطورة زرقاء اليمامة العربية والتي كان معروفا عنها انها ترىلمسافت بعيدة استطاع الشاعر من خلال هذه الأسطورة ان يرى ان الهزيمة آتية لا محالةومن هنا ابتكر النقاد العرب ما يسمى بالنبوءة الشعرية .
والحقيقة اذا كان ذلك كذلكفان ابا تمام كان اسبق من امل دنقل فى النبوءة الشعرية هذا اذا تركنا الحديث عنالمتنبى ونبواءته التى يثور حولها جدل حتى الان ,فأبو تمام رفض نبوءة المنجمين فىفتح عمورية واعتمد على نبوءته حين قال :
السف اصدق أنباء من الكتب فى حده الحدبن الجد واللعب
بيض الصفائح لاسودالصحائف فى متنوخن جلاء الشك والريب


ونحنالآن ازاء قصيدة أخرى تنبأت بانتصار الجنوب اللبناني وهى قصيدة الجنوبالتي كتبها الشاعر الراحل نزار قبانى والتي جاء فيها:
"1"
سميتكالجنوب
يا لابسا عباءة الحسين
وشمس كربلاء
يا شجر الورد الذى يحترفالفداء
يا ثورة الأرض التقت بثورة السماء
يا جسدا يطلع من ترابه
قمحوانبياء
اسمح لنا بأن نبوس السيف بين يديك
اسمح لنا
أن نعبد الله الذىيطل من عينيك
يا يها المغسول فى دمائه كالوردة الجورية
انت الذى أعطيتنا شهادةالميلاد
ووردة الحرية
"2"
سميتك الجنوب
يا من يصلى الفجر فى حقل منالألغام
لا تنتظر من عرب اليوم سوى الكلام
لا تنتظر منهم سوى رسائلالغرام
لا تلتف الى الوراء يا سيدنا الأمام
فليس فى الوراء غير الحهلوالظلام
وليس فى الوراء غير الطين والسخام
وليس فى الوراء الا مدن الطروحوالأقزام
حيث الغنى يأكل الفقير
حيث الكبير يأكل الصغير
حيث النظام يأكلالنظام
"3"
سميتك الجنوب
سميتك الشمع الذى يضاء فى الكنائس
سميتكالحناء فى اصابع العرائس
سميتك الشعر البطولى الذى
يحفظه الأطفال فىالمدارس
سميتك الأقلام والدفاتر الوردية
سميتك الكتابة السرية
سميتكالرصاص فى أزقة النبطية
سميتك النشور والقيامة
سميتك الصيف الذى تحمله
فىريشها الحمامة
"4"
سميتك الجنوب
سميتك المياه والسنابل
وشتلة التبغالتى تقاتل
ونجمة الغروب
سميتك الفجر الذى تنيظر الولادة
والجسد المشتاقللشهادة
يا آخر المدافعين عن ثرى طروادة
سميتك الثورة والدهشةوالتغيير
سميتك النقى والتقى والعزيز القدير
سميتك الكبير ايهاالكبير
سميتك الجنوب
"5"
سميتك الجنوب
سميتك النوارسالبيضاء والزوارق
سميتك الأطفال يلعبون بالزنابق
سميتك الرجال يسهرون حولالنار والبنادق
سميتك القصيدة الزرقاء
سميتك البرقا لذى بناره تشتعلالأشياء
سميتك المسدس المخبوء فى صفائر النساء
سميتك الذين بعد انيشيعوا
يأتون للعشاء
ويستريحون فى فراشهم
ويطمئنون على أطفالهم
وحيتيأتى الفجر يرجعون للسماء
"6"
سميتك الجنوب
يايها الطالع مثل الأعشاب مندفاتر الأيام
يا يها المسافر القديم فوق الشوك والآلام
يا يها المضيئ كالنجمةوالساطع كالحسام
لولاك مازلنا على عبادة الأصنام
لولاك كنا نتاعطى علنا
حشيشة الأحلام
اسمح لنا بأن نبوس السيف فى يديك
اسمح لنا ان نجمع الغبارعن نعليك
لو لم تجئ ي سيدى الأمام
كنا أمام القائد العبرى
مذبوحينكالأغنام.
ففى هذه القصيدة استطاع نزار قبانى بحسه الشديد الحساسية وخبرتهالفنية الدقيقة ان يستشرف المستقبل ويفضح تخاذل العرب ويتنبأبالانتصار

ايوب صابر 02-16-2011 10:18 PM

نبوءة الشعراء



ولا تقتلوا 'زهران' الجديد: مصر وتونس تعيدانالحنين الى الزمن الثوري





ابراهيم درويش



2011-01-30





القدس العربي
بالعودة إلى شرارة الثورةالتونسية التي انهت حكم طاغية آخر ـ شاهدنا الجماهير التي لم تنس الشابي وراحت تردداغنياته عن الحياة والقدر والارادة، والآن نجد انفسنا امام ثورة المصريين وكل مناله وصفه للثورة الحالية.


الماغوط والارهاب العربي
وفي هذه اللحظة يجدالمرء نفسه مدفوعا للعودة الى ما كتبه الماغوط وهو 'يخون وطنه' ( ربما لم يقرأ منالثائرين الجدد هذا) متسائلا 'هل فقدت الشعوب العربية احساسها بالأرض والحريةوالكرامة والانتماء إلى هذه الدرجة؟ أم أن الارهاب العربي قد قهرها وجوّعها وروّعهاوشرّدها سلفا أكثر بكثير مما فعلته وما قد تفعله اسرائيل في المستقبل؟'. هذه نبوءةالشاعر تتحقق، وهنا لا بد من الاشارة إلى ان الشاعر الذي هرب من وطنه قبل ان يجديدا يحمل فيها حقيبته او يرتبها كتب قائلا 'آخر مرة كانت الى تونس، اربعة الاف كيلومتر فوق البحار والقارات وانا احدق من نافذة الطائرة، كما يحدق اليتيم في واجهاتالحوانيت في الاعياد. كانت الغيوم هاربة من العرب، الامواج هاربة من العرب، الاسماكهاربة من العرب التلوث هاربا من العرب، العروبة هاربة من العرب. وبعد اسبوع كنتاعود اليهم وحزام الامان ما زال حول خصري'. لكن العرب اليوم اكتشفوا ذاتهم وحريتهموحطموا جدار برلين. تأخروا قليلا ولكنهم الان على قمة العالم. لم يخن الماغوط وطنهلان قلبه كان عليه، فهو لا يمكن ان يكون من نوعية الخونة الذين تساءل عنهم السياب 'اني لأعجب كيف يمكن ان يخون الخائنون.... أيخون انسان بلاده؟؟'، ولا من بائعيالارض الذين تحدث عنهم ابراهيم طوقان 'اما سماسرة البلاد فعصبة / عار على اهلالبلاد بقاؤها'.




دمشق والثلاثية الحمراء
اليوم وفي انتفاضات الشعوب العربيةالتي تكسر قيود الخوف وتطالب بالتغيير ـ تحضر في القلب والعقل كل القصائد الجميلةالتي سجلت الحزن والفجيعة والثورة.


من شوقي ومرثيته لدمشق وهو يغني 'وللحرية الحمراءباب / بكل يد مضرجة يدق'، وهو يرثي عمر المختار،
وابراهيم طوقان وهو يكتب 'اوبرا' الثلاثية الحمراء عن شهداء انتفاضة البراق الذين اعدمهم الاستعمار البريطاني في سجنعكا 'لما تعر ض نجمك المنحوس / وترنحت بعرى الحبال رؤوس/ ناح الأذان واعول الناقوس/ فالليل اكدر والنهار عبوس'.


مثل الشهداء في الزمن العربي السابق يعيد لنا هؤلاءالشبان الزمن الجميل، الزمن الذي كان فيه الشعر بياناً ثورياً لم يذق بعد حسالهزيمة. شعر كان يتطلع إلى الحرية، ولم يكن قد واجه بعد عام 1948 ولا عام 1967 ولاحتى خروج المقاومة 1982.


تذكرنا الانتفاضات الجديدة بالشعر الجميل هذا مع اننا لمنسمع منه الكثير في مظاهراتهم التي لم تحمل سوى يافطات تهتف بسقوط الصنم، وقطعاسيأتي الشعر الجميل فيما بعد. ويظل من الغبن ان نصف ثورات الشباب بأنها ثوراتالياسمين والخبز والزبدة، فهي ثورات مخضبة بالدماء تحمل وسام سليمان الحلبي وعمرالمختار وعز الدين القسام وشهداء الثورة الجزائرية، وزهران بطل صلاحعبدالصبور.
صلاح عبدالصبور وشنق زهران


ويجد من يشاهد الانتفاضة المصرية عنبعـد نفسه مدفوعا مرة اخرى إلى القراءة والبحث عن صورة البطولة في الحياة المصريةوما اكثرها، ويقع على ما كتبه صلاح عبد الصبور عن مذبحة دنشواي، حيث تمنحه المشاهدالملحمية صورة تتفاعل وتتماهى بين ابطال اليوم وشبابها وبين ما صوره عبد الصبور عنزهران.
كانت مذبحة دنشواي، تلك القرية الهادئة التي وقعت فيها المذبحة في بدايةالقرن العشرين، بداية مرحلة للخروج من رق الاستعمار ثم جاءت الثورة المصرية عام 1919 لتعيد خلق الانسان المصري وصورته عن نفسه. ومصر اليوم في بداية العقد الثانيمن القرن الحادي والعشرين على اعتاب ثورة ستكون لها اصداؤها ليس في مصر بل في كلالعالم. فأيامها الأربعة او الخمسة او الستة هزت حتى الان المنطقة. وما يهم الان هوان لا ندع الديكتاتور يشنق زهران/ الشباب لأن عب دالصبور كتب عن بطله زهران قائلا:


'كان زهران غلاما ..
امه سمراء
والاب مولد، وبعينيه وسامة
وعلى الصدغ حمامة،
وعلىالزند ابو زيد سلامة .
ممسكا سيفا وتحت الوشم نبش كالكتابة..
اسم قرية ( دنشواي)
.. شبّ زهران قويا ونقيا،
يطأ الارض خفيفا واليفا'،
فهذا الشباب ولد من نسغ زهران الذي 'كان يحب الحياة..
كان زهران صيقا للحياة،
مات زهران وعيناه حياة..
فلماذا قريتيتخشى الحياة؟'.
لكن شباب اليوم يحبون الحياة مثل زهران ولم تعد مصر تحب الموت كماكان اجدادهم الفراعنة يهيئون كل شيء لما بعد الموت.




بين جوع المقريزي وجوع الحرية اليوم المثير الآن في ثورات الشبان انها ثورات محلية وان كان لها بعدٌخارج اراضيها ومع ذلك تظل مطالبها محلية تطالب بإزالة آثار استعمار الديكتاتوريينوانظمة قمع استعمرتهم لعقود، وهي وإن تأثرت ببعضها البعض من خلال التكنولوجياالحديثة، التويتر، والانترنت والفيسبوك الا ان مطالبها لا علاقة لها بالهم العربيالعام، فهي ليست معنية بالصراع العربي ـ الاسرائيلي ولا الوحدة العربية ولا 'الوطنالاكبر' ولا الوحدة الاممية ولا حتى الوطن الاسلامي الذي رفعه المصلحون المسلمونوالاسلاميون. انها ثورات بلا اعلام ولا قيادات ولا شعارات الا شعارات، وبلا لحى اوخنافس، ترفع اصواتها ضد الظلمة وهي في هذه تعيد الينا الهبات الشعبية في التاريخالماضي عندما كان الناس يهبون مطالبين. ونعود مرة ثانية الى ان الثورات هذه وانذكرتنا بثورات الجياع التي حدثنا عنها المؤرخ المعروف المقريزي في كتابه 'اغاثةالامة بكشف الغمة' و الذي صور فيه 'تاريخ المجاعات في مصر' ، لكن هؤلاء الشبانالثائرين المتعلمين تختلف فهم يريدون العمل والحياة الكريمة، جوّعهم النظام، وليسواكجياع المقريزي الذي كتب عن المحن والمآسي التي عاشها المصريون في غفلة من حكامهم،الذين ابتعدوا عن الجماهير. فقد ذكر المقريزي في كتابه ما يقرب عن 26 مجاعة. ويعودالمقريزي الى جذور مصر الفرعونية ليحدد ان اول مجاعة اصابت البلاد حدثت في عهدالملك السابع عشر. ويقدم المقريزي قصصا اخرى عن البلاء الذي حل بمصر بشكل ادى الىان راح الناس يأكلون الكلاب والاطفال الصغار. وفي احدى المجاعات بيع رغيف الخبزبألف دينار فيما اكلت جماعة حمار الوالي فشنقها الاخير، ووجد الناس ان جثثالمشنوقين قد اكلت قبل طلوع الفجر. ولم يكن المقريزي هو من كتب وحده عن مجاعات مصربل قص علينا عبداللطيف البغدادي في كتابه 'الافادة والاعتبار في الامور المشاهدةوالمعاينة بأرض مصر'. وقصص البغدادي مزعجة عن الحال الذي آلت اليه مصر. رجال يأكلونبعضهم بعضاً وولاة يأكلون لحم الصغار وصعاليك يأكلون لحم امرأة سمينة. ويقول انالجوع اشتد بالفقراء حتى اكلوا الميتات والجيف والبعر والروث ثم تعدوا ذلك واكلواصغار بني آدم...'. في مصر اليوم جوع من نوع آخر، جوع حقيقي ( غياب الفرص واسعارباهظة واغنياء يعيشون في بيوتهم المسورة) وجوع للحرية والتخلص من الطغيان. ولهذا لميعد المواطن يحلم بالوحدة العربية او حتى يهتم بالقضية الفلسطينية بنفس الحرارةالتي يعرف بها المصريون طوال عهود القضية، وهم الذين قدموا من اجلها الارواحوالاموال. وشوق المصري للحرية وكذا العربي التونسي والجزائري والسعودي واليمني هوشوق للتخلص من حكام تكلسوا على كراسيهم وقادوهم من كارثة إلى أخرى وافقدوهمكرامتهم، وهذا يذكر ما دمنا نبحث في الشعر عن مقابل او مواز للاحداث في العالمالعربي.


لا بد من العودة إلى القصيدة ـ البيان الثوري الممنوع في وقته للشاعرالفلسطيني المعروف عبد الكريم الكرمي ( ابي سلمى) ( 1909 ـ 1980). وهي القصيدة التينعى فيها الحكام العرب ، حيث قدملهم صورة ساخرة كاريكاتيرية.

بيان ابي سلمى الثوري
في الوقت الذي كتب فيهالقصيدة كانت فلسطين تعيش ثورتها الكبرى ( 1936- 1939) وجاءت القصيدة كغنائيةبياناً ثورياً، تحمل كل ألام المستضعفين في العالم العربي ويدعو الشاعر فيها العربإلى الخروج من قيد السجن والتخلي عن حكامهم الذين يلهون أنفسهم بلعب الشطرنج وصيدالصقور وملك يسبح ويلبس عباءة التقوى وحاكم لا يزال يعيش شعبه في عصر ثمود، سيوفهصدئة.

وفي مقابل هذه النخبة التي حملها ابو سلمى مسؤولية الكارثة هناك القسام الذييضيء وجهه الفجر، وفرحان السعدي ( احد قادة الثورة الفلسطينية) الذي يمشي الى حبلالشهادة 'صائما مشي الاسود'.

القصيدة هي 'لهيب القصيد'.
انشر على لهب القصيد /
شكوى العبيد الى العبيد.
شكوى يرددها الزمان الى الابد الابيد' .

ومثل ملوك العرباليوم وحكامهم يعبر ابو سلمى عن حال المواطن العربي في نبوءة شعرية .
وتبدو لهجةابي سلمى القاسية على ملوك زمنه وهو يقول

دكت عروش زينوها بالسلاسل والقيود
سحقالمن لا يعرف سوى التعلل بالوعود
واعطف على بغداد واندب عرش هارون الرشيد.

وفي القصيدة يبدو غضب الكرميعلى الانكليز المستعمرين - لم يكن الامريكيون بعد قد جاؤوا- حيث يقول 'لو كان ربيانكليزيا لدعوت بالجحود
لن تطهر الدنيا وفيها الانكليز على صعيد'.

طبعا يمكن تغييرالانكليز اليوم بالامريكيين.

النيلالمثقل بالقيود
والبيان الثوري يظهر كيف يقتل الحاكم آمال قومه كما فعل صاحباليمن السعيد 'وما هو باليمن السعيد' حيث يكتب عن شعبه قائلا '

تفنى الحياة وشعبه مابين قات او هجود'.

ويذكر ملك مصر، فاروق، بانه دمية يلهى بها في يوم عيد.

ولأنفاروق كان يتهيأ له انه سيصبح خليفة المسلمين حيث لبس عباءة الخلافة ومسبحتها وكتب '
دع عنك سبحة التضليل واخلع عنك كاذبة البرود
احسبت ان الملك يطلب بالتسبيحوالورود'.

والنبرة الاكثر اثرا هي وصفه للنيل الذي يقول '

والنيل يبكي حيث لا يقوىعلى جر القيود
زرق العيون حياله من كل شيطان مريد'.

ماذا ترك الملوك اللاهونلأمتهم غير الاهلين الذين ضاعوا بين الوعد والوعيد

ما بين ملقى في السجون وبينمنفي طريد
او بين ارملة تولول او يتيم او فقيد'.

اهم ما في قصيدة ابي سلمى انهوضع التغيير في يد الشعوب العربية عندما قال

ايه شعوب العرب انتم مبعث الاملالوحيد
لا تصهر الاغلال غير جهنم الهول الشديد'.

وكما في مصر وتونس واقطار العالمالعربي اليوم يقول ابو سلمى '
حلفت دماء الثائرين على العلوج ان لا تسودي
الثورةالحمراء نطعمها الجسوم مع الكبود'.

واخيرا ينادي ابو سلمى الشعوب العربية وهو يقول

'يا من يعزون الحمى ثوروا على الظلم المبيد
بل حرروه من الملوك ومن العبيد'.

نبوءة شعر ام تهويمات من زمن ماض، فالايام القابلة تحمل معها رايات من نوع جديد،رايات كسر حاملوها حواجز الخوف. فهل نرحب بالفرسان الجدد ام ندعو الله ان لا يقتلالصنم زهران في مصر؟
ناقد من اسرة 'القدس العربي'

ايوب صابر 02-16-2011 10:19 PM


نبوءات نزار قباني
الأربعاء 14/5/2008

هناء الدويري
نزار قباني ..الراحل الباقي في وجدانوذاكرة كل عربي يتوسم في الشعر ترجمان حياة وبث لواعج نفس حائرة تتوق للحب .للعشق ..للأمل ..للحرية ..للحياة ومادة دسمة للباحثين والكتاب والنقاد والشعراء ,فكلقصيدة وكل سطر عند قباني ..يخلق إشكالية وجدلاً لن ينتهيا حتى ولو ظهر في عالمالشعر ألف » قباني « وفي ذكرى رحيله العاشرة أقام المركز الثقافي في أبي رمانة ندوةاحتفاء بالشاعر الكبير نزار قباني افتتحتها الكاتبة وداد قباني بعرض المناسبة التيجمعتها بالشاعر واللقاء الصحفي الذي أجرته معه ..
تجليات حوارالحضارات عند قباني‏
عرض الدكتورعبده عبود أستاذ الأدب المقارن في جامعة دمشق لجملة ما أحدثه الشاعر الكبير في نفسهونفس أقرانه باعتباره المعبر عن جراحهم النازفة ,فقد كانوا ينتظرون كل قصيدة لنزاربفارغ الصبر ويتداولونها فيما بينهم وقد انطبعت في ذاكرته قصيدة» الممثلون « التيقرأها وهو في الغربة الألمانية فقد كان كملايين المواطنين العرب في أمس الحاجة إلىمن يعبر أدبيا عن سخطهم وغضبهم لهزيمة الخامس من حزيران وفي المقطع الخامس منهايقول :‏
متى سترحلون ?‏
المسرح انهارعلى رؤوسكم‏
متى سترحلون ?‏
والناس فيالقاعة يشتمون ..يبصقون .‏
نبوءات قباني‏
أما الزميل /ديبعلي حسن /فقد قدم بحثا بعنوان نبوءات الشاعر نزار قباني في الشعر حيث قال عنه : هوشاعر الرؤية رأى بعين زرقاء اليمامة ملامح من القادم وأشار إلى بعضها وإحداها تقول :
مرسوم بإقالة خالد بن الوليد حيث تحدث قباني عما أصبح واقعا بيننا نحن العرب ,أوما يقدم عليه بعض المترفين الغربيين وهم ليسوا إلا رأس جبل الجليد الذي سيظهر يومابعد يوم .‏
سرقوا مناالزمان العربي‏
سرقوا فاطمةالزهراء من بيت النبي‏
يا صلاح الدين‏
باعوا النسخةالأولى من القرآن‏
باعوا الحزن فيعيني علي‏
وما أشبه مايحدث اليوم بما قرأه نزار في صفحات الغيب في هذا الزمن الرديء ,ممنوع على العربي أنيشعر أنه حر وأنه صاحب أرض ووطن ,كما لفت نزار لاغتيال بطولات الماضي وتحريمها فيالحاضر والقادم‏
سرقوا مناالطموح العربي‏
عزلوا خالد فيأعقاب فتح الشام‏
سرقوا من طارقمعطفه الأندلسي‏
وفي رائعته /أنايا صديقة متعب بعروبتي / وكانت ألقيت في تونس عام 1980م ,يقرأ الحال العربي وحالثرواته وحكامه آنئذ واليوم وغدا ,يقول :‏
والعالم العربي .. إما نعجة ..مذبوحة أو حاكم قصاب‏
والعالم العربييرهن سيفه ..فحكاية الشرف الرفيع سراب‏
ونزار رأىالسواد القادم ,رأى أنه بداية فجر يأتي رويداً رويداً ,وفي مجموعته /منشورات فدائية يقول :‏
لا تسكروابالنصر‏
إذا قتلتمخالدا‏
فسوف يأتي عمر‏
وإن سحقتم وردة‏
فسوف يبقىالعطر‏
من قصب الغابات‏
نخرج كالجنيلكم‏
من ورق المصحفنأتيكم‏
من السطوروالآيات لن تفلتوا من يدنا .‏
نساؤنا يرسمنأحزان فلسطين على دمع الشجر‏
يقبرن أطفالفلسطين بوجدان البشر‏
نساؤنا‏
يحملن أحجارفلسطين إلى القمر ..‏

وكان نصراً فيالجنوب‏
قباني يقرأ نصرالجنوب‏
وفي عام 1985كتب نزار السيمفونية الجنوبية الخامسة وكأنه يكتبها اليوم ,كأن يقرأ النصر الذيرأيناه وصنعناه ويدفع ثمنه من يخزنون النفط حيث يقول نزار :‏
سميتك الجنوب‏
يا لابسا عباءةالحسين‏
ومشمش كربلاء‏
يا شجر الوردالذي يحترف الغذاء‏
يا ثورة الأرضالتقت بثورة السماء‏
يا جسدا يطلع منترابه‏
قمح وأنبياء‏
يا سيدي : ياسيد الأحرار : لم يبق إلا أنت‏
في زمن السقوطوالدمار .‏
ونزار قبانينثره مبدع كما في شعره ,عبر عن آرائه السياسية في مقالات نشرتها صحف ومجلات عربيةومن يقرأ كتابه (شيء من النثر ) الصادر عن منشورات نزار قباني ببيروت عام 1979 مسيقع على الكثير من الرؤى الاستشراقية ,في المقالات المنشورة عامي 1977و 1978 وقدجمعها هذا الكتاب بين دفتيه‏
قباني حذر منسبي الوطنية اللبنانية‏
العرب في مواجهةالعرب ..‏
يقول نزار فيالصفحة/ 29 /‏
في حين كانتالاستراتيجية هي أن يشكل العرب جبهة مواجهة ضد العرب ..هل كتب الله علينا أن نكونفي الحرب أمما وقبائل ? وفي السلام أمما وقبائل ,وفي الرفض‏
أمما وقبائل ..?!
ويحذر في مقالأن تسبى الوطنية اللبنانية وأن يتم اغتيالها يقول نزار :وأشد ما أخشاه أن تقعالوطنية اللبنانية تحت تأثير الطقس الحار وتعاطي الكحول والمراهقة الطائشة والغزلالمكشوف أن تقع في قصة حب لا يعلم إلا الله كيف ستنتهي ..ومتى ستنتهي ..‏
الوطنيةاللبنانية هي ابنتنا التي ربيناها شبرا شبرا , وسهرنا عليها عمرا , وسقيناها ماءالعين, ودم القلب حتى صارت عروسا ..ستعرض العروس لكثير من الإغراءات والمضايقاتسيقف على بابها ألوف الخطاب .. ولكنني أراهنكم أن العروس لن تتزوج الجنرال , لنتتزوج الجنرال , لن تتزوج الجنرال ..‏




ايوب صابر 02-16-2011 10:19 PM

نبوءة شاعر

رحيم الحلي

الشعراء الصادقونيكاد إن يكونوا انبياء وان تـــكون لــــهم نبـــوءة والذين يروا ألوانا وردية وســــط الدخان هم سكارى حالميـــــن لا اصدق اقوالهم ليس بحكم نظرتي المتشائمة والتـــي لا ترى في هذه السماء المسََّودة بلون البارود المتفجر والنفط المحتـرق لونا ورديا ولا يمـــكن إن أشــم عطر الياسمين مــن وراء هذا الدخان، خيال الشاعر كان يحلق بعيدا في السماء عاليا وهذا
ليس غريبا على الشاعر فهو يرى الوانالا نراها إما بحكم نبوئته أو بحجم سكرته، ليس كل الشعراء نبوئيين وليس كلهم حكماءقد يكون بينهم الطبالون والمدّعون .


كثيرا ما تقتل الشاعر أحلامه وكثيرا ما تكون أحلامه ظلا لأوهامه والشاعر بـدون نبوءة مثل نبي بلا رسالة ، أو فارس بدون سيف ولكن قد تكون النبوءة احلاما مشروعة وقد تكون رؤية مبكرة للأتي .


إن الشعراءالماجنون والطبالون لا يمكثون طويلا مثل عطر عابر قد يعجبك لوهلة ، ولكنه لا يبقى طويلا ، مثل عطر عابر لغانية متغنجة .

وقد يكونوا الشعراء قمرا منيرا ، وجبلاشامخا ، ودرسا باقيا ، في صدقهم واحترامهم لكلمتهم التي تسقطهم صرعى ارائهم كما رحلالمتنبي شهيدا حين اعادته إلى ميدان المنازلة تذكره لقصيدتــــه

إنا الذينظر الاعمى إلى أدبي واسمعت كلماتي من به صمم
الخيل والليل والبيداء تعرفنيوالسيف والرمح والقرطاس والقلم

وكما رحل من دنيانا كثيــر من الشعراء الصادقين ، فـي المنافي ولم يعودوا لوطن تحكمه حراب القتلة أو سياط الجهلة ، ولنتذكــر رحيل الجواهري في منفاه ، وكذلك البياتي ، وبلند الحيــــــدري.
ورفض الشاعر مظفر النواب للعودة للوطن في الوقت الحاضر رغم اعتقاد البعض انه ادمن على الغربة ، لكن عندما تحكم الوطن حراب الاحتلال واحزاب طائفية تعيش في جحور التاريخ ، وتنتشر خفافيش الظلام في سماء الوطن ، بعد إن اطعمت اعشاشها الدول المتدخلة والطامعة ، وهُمشت عمدا القوى اليسارية والدمقراطية فهي لاتخدم مشروع المحتل بتمزيق الوطن ،ولا أحد من المتدخلين تتفق معه هذه القوى الوطنية المتنــورة ، لان الوطنيين الصادقون لن يقبلوا الاملاء ، ولايجمعهم والاخرون سوى مصلحة الوطن ،مع تقديري للذين يرفعوا شرف الكلمة في ظروف الاحتلال والارهاب ويتعرضوا لمخاطر جمة .


يجب إن لا نتطير من موقف شاعر رفض العودة في ظل الاحتلال ، كلُّ له حق الاجتهاد في هذه الفترة الحرجة من تاريخنا وان الحياة هي التي تزكي المواقف ،والحقائق هي التي تسموا ومن هنا يجب إن نحترم سعدي يوسف وموقفه مهما كانت حجج منتقديه.

احزن لأن الثوار ماتوا أو ضاعوا في الغربة البعيدة ولأن الراية حملها المتطفلون على الثورة ، المبدئيون لن يؤجروا الرايات ، لن يعملوا بالاجرة خدمةً لاصحاب الغايات ، هاهو الوطن تستبيحه قوى الجهل والاجرام وحراب المحتلين ، ولان الادعياء سيتدفئوا بعطر جارية وفراش ناعم وسيحملوا مسابح الفتنة النائمة، سينهضوها كي تكون وسيلة للمتاجرة وتقسيم الوطن وثرواته ، وينشغل الناس بينهم ، ويسرق المحتل واللصوص ، تحت لحاف ليل العراق المظلم .

حزين وضائع منذ إن باع الشعراء قصائدهم ولبس اللصوص ملابس الثوار.
مذ بدّل فدائيوا صدام ثيابهم ، وبقى الشهداء على حالهم معلقون لان المحتل لا يحترم الإبطال ،ولان الحاكمين انشغلوا بجمع الثروات ولولا الفتن ما سمعنا بكثير من هذه الاسماء ،وغيبت عن عمد ، اسماء مهمة في تاريخنا السياسي والثقافي ، لان المحتل واعلامه اسدل عليها الستار ، ولكن الشمس لايمكن إن تغطى بستار .


حزين لان السلاطين استأجروا كثير من رجال الدين ،ليكونوا دعاة للفتنة ودعاة للخنوع والذلة ، والدين هو ثورة في الأصل من اجل الإنسان والمحرومين بالتحديد ،وجعلوا من الدين طريقا للخنوع والاستكانة وقتل الثورة ،وكي يحني الفقراء هاماتهم ،وكي ينزل الثوار راياتهم، ويحكم السلاطين باسم الله بعد أن أخذوا صكوك التفويض.

يا ملك الثوار
إنا ابكي بالقلب لأن الثورة يزنى فيها
والقلبتموت امانيه

الفقراء في بلادي مذعورون ، خرج اللصوص الكبار والصغار يجنون حصاد الرعب ،لا أحد يصرخ ، الثوار مغيبون والثوار الكتبة سكارى فرحين بما كسبت ايديهم ،أمراة حسناء وقنينة ويسكي اصلية.


كيف يحمي الناس من لايحمي أخيه ، من وشى بأخيه ورماه بسراديب الجلادين .
وسنين العمر تمر سريعا ، بين حنين العودة ، وصراخ الوطن المذبوح ، وقهقهات الثملين

وصار رحيل القرصان إلى بحر الظلمات قريبا
يا طير البرق تأخرت
فأني اوشك إن أغلق باب العمر ورائي
اوشك إن اخلع من وسخ الأيام حذائي
يا للوحشة اسمع
فوراء محيطات الرعب المسكونة بالغيلان
هناك قلعة صمت


إي نبوءة وردية في هذه الظلمة يا صاحبي، وشيطان الاحتلال يجثم على وطني ولصوص الثورة باعوا سيوف الشهداء للشيطان وناموا، وتجار الدين اشعلوا نار الفتنة بامر الشيطان واحترق وطني بحماقات.... ونيران المحتل واعوانه.

الفقراء تنازلوا عن الخبز رفعوا الرايات البيض طالبين الأمان إي هزيمة للثورة هذه يا ملك الثوار ، اضحك أيها الشيطان ارفع كأسك قد فزت وقتلوا يوسف اخوته وانزلوه في البئر وهاهي الثورة انزلت في البئر ، وكل يوم الف يوسف يلقى في البئر في بلدي العراق .


الام ستبقى ياوطني ناقلة للنفط
مدهنة بسخام الاحزان واعلام الدول الكبرى
ونموت مذلة
الام أنت وطن في العزلة
يا غرباء الناس اغص لان الدمع يجرح اجفاني
في الحلم يطليني الدمع
وتاتي الافراح كسلسلة من ذهب من كنزك
يا ملك الأنهار بقلب بلادي
ابكيك بلاد الذبح كحانوت تعرض فيه ثياب الموت
امتد إليك من خشب الليل
وسيعبر تاريخ الغربة

هؤلاء الشعراء الصادقين رسموا واقعهم ما باعوا قصائدهم،الدول الكبرى والشركات السياسية ( الأحزاب) اغرت واغوت الشعراء بالمال والنساء والشاعر في النهاية إنسان وليس كل الموهوبين فنا قديسين يموتون لاجل الإنسان فقد يقع الفارس في حفرة السلطان بين احضان جارية حسناء وشراب معتق وشواء لذيذ لكن الشعراء الثوريون ربما لا يتحملوا مرارة الاحزان والالام حين يروا بؤس الفقراء يقتلهم الاسى والمرض.
اكاد اسمع العراق يدخرالرعود
اكاد اسمع العراق يدخر الرعود
ويخزن البروق في السهول والجبال
وكل عام حين يعشب الثرى نجوع
مامر عام والعراق ليس فيه جوع

سلاما للسيابوسلاما لمظفر ولكل شاعر نبوئي

يعاقب الشاعر إما بالاغراء أو بالجوع كي يحني رأسه كي لا يرى ما لايجب إن يرى وكي لا يقول ما لا يجب إن يقول والويل والثبور لمن يتمرد سيجوع وسيمرض كما مرض السياب اوسيموت رقصا وسكرا وطربا مثل كثير من الشعراء الطبالون الماجنون الشاعر اذا أراد إن ينذر نفسه فلينذرها اولا للقصيدة وللناس ويجب إن لا يسيس القصيدة إي لا يجعلها حصان لهذا الشخص أو ذاك التيار او الحزب وليلقها في بحر الناس لا في احضان اشخاص.

وكما يقول الشاعرالمصري البطل نجيب سرور


هو لم يمت بطلاً ولكن مات كالفرسان بحثاً عن بطولة ..
لم يلق فى طول الطريق سوى اللصوص ،
حتى الذين ينددون كما الضمائر باللصوص ..
فرسان هذا العصر هم بعضاللصوص
! " .
سلاما للشاعر المصري نجيب سرور، الشهيد كمدا والذي مات شريداغريبا في وطنه فأتهموه بالجنون فمن يلقي الحكمة ويدعو للثورة وسط الجياع الساكتينعلى جوعهم، والمصفقين مع الطبالين والراقصين من الذبح والنائمين من السكر والخدر ،والمبسوطين بمورفين يزرقهم اياه وعاظ السلاطين
.


سلاما لصديقك الوفي الأستاذ الحلي مسلم باديين ، الذي اهداني ديوانك حكماء ريشء والذي فيه اهدائك وخطك النبيل الاثير على نفسي ، فالشعراء الصادقون هم انبياء العصر وبالتالي فهم المقدسون عندي ، وسلام للشاعر الحلي ولاء الصواف الذي جمعني بأدباء مدينتي بعد غربة ربع قرن عن مدينتي الحلة الفيحاء ، مدينة صفي الدين الحلي ، وموفق محمد ،.


سلاما لنجيب سرور وسلاما للملحن الراحل كمال السيد الذي عرفني به ، حين لحن له قصيدته مفروض الواحد منكو يعيش الحرف يا شعرا
ألحقَّ أقول لكم..
لا حقَّ لحيًّ إن ضاعتْ..
فى الأرض حقوق الأمواتْ..
لاحق لميت إن يـُهتك ْ..
عرضُ الكلمات !
وإذا كان عذاب الموتى
أصبح سـِلعه..
أو أُحجية ً.. أو أيقونه..
أو إعلانـا ً أو نيشانـا..
فعلى العصر اللعنة..
والطوفان قريب !
الأبطال..
بمعنى الكلمة..
ماتوا لم ينتظروا كلمه..
ما دار بخلد الواحد منهم..
حين استشهد..
أن الاستشهاد بطوله..
أو حتى أن يـُعطي شيئاً..
للجيل القادم من بعده..
فهو شهيدٌ لا متفلسفْ
ماذا يتمنى أن يأخذ..
من أعطى آخر ما يملك..
في سورة غضب أو حب ؟!
اليست هذة نبوءة ، لما يجري في وطننا الذي ،تضيع فيه حقوق الشهداء ، والمناضــــــلون ولازال يغرف من خيراته اللصوص والدجالون والمنافقون بل حتى الجلادون بعد إن غيروا لباسهم الزيتوني ولبسوا عمائم الطوائف الحاكمة والمتصارعة وفق برنامج الحفل الامريكي


ألليل أخطبوط !
مدينتي في الليل تدَّعي الهدوء..
لكنني أمــوء..
كقطة جريحة في البرد..
مدينتي أبـراج..
والبرد كالكرباج..
مشيت طول اليوم..
كما مشيت كل يوم..
في الليل والنهار..
بغير مأوى يا مدينة السـُّواحْ..
يا جـُعبة الجرَّاحْ !
هذا الهدوء مصطنعْ..
والوحش يستريح..
لكي يقوم في الصباح..
يستأنفالهجوم !


هذا شاعر وذاك شاعر ،شاعر يتشرد لانه لا يبيع الكلمة ، الكلمة يجب إن لا تباع خصوصا كلمة الشاعر ، فهي حــــلم الفقــــــــراء وصوتهم ، وحكمة الصابرين على جمرهم وهي شرارة التغيير ، وهي التي ستهز عروش الظلم والطغيان لتبدل العالم المحتــــرق بصراخ المعذبين ، وقهقة الجلادين لتبدل سراديب المناضلين وخرائب الفقراء إلى بيوت فسيحة ترتفع فوقها اشجار النخيـــــــــــل و الياسمين لتتعطر حياتنا بعطر الزيزفون بدل إن تزكم الانوف رائحة الازبال في طرقات الفقراء ، لكي نزرع عوضا عنها اوراد الجوري والزنبق .
يابلدي ورماح بني مازن قادرة إن تفتك فيك
والكل إذا ركب الكرسي يكشر في الناس كعنترة
تعالي نبكي الاموات ونبكي الاحياء

ايوب صابر 02-16-2011 10:20 PM

القصيدة النبوءة , إذا الشعب يوما أرادالحياة
___________________________________________

النصريفتح الشهية , شهية الفرح وشهية الفخر وشهية الشعر والنثر , النصر يطلق القوافي منأعنتها كما المسرجات في صباحات النزال , النصر يطلق الخواطر لتحلق كالنسور فوق ذرىالجبال , يا ألله ما أروع النصر وما أطيب عبق الحرية وهو ممزوج بدم الرجال تسكبهطواعية طواعية دون سؤال.

إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيبالقدر
ولا بد لليل أن ينجلي
ولابد للقيد أن ينكسر

كانت قصيدة أبيالقاسم الشابي تعويذة المناضلين والمقاومين وطالبي الحرية , كانت ترانيم النصرالمنتظر والطوطم الذي يحمي الحلم من أرواح الهزيمة السوداء , كانت تتلى علينا فيالمدارس يوم كانت المدارس فيها بقية من رجال تعش الحرية وتغني لها , لكن حين حُولتالمدارس لمزارع لتسمين الخراف والدجاج , أصبحت تتلى فيها مزامير الطغاة صباح مساء .

وكأن قصيدة الشابي هذه نبوءة من سفر مقدس تعود اليوم لتتحقق أو تتنزل علىأرض تونس والقيروان . وربما الشعب في ثورته نسي هذه القصيدة أو أُنسيها عصبا عنهلكن سرها تفجر في شوارع تونس حرية وانتصار.

النصري يجعل العيون تبكيوالهزيمة تجعل القلوب تبكي , تساقط دمع الشيخ الغنوشي ومذيع فضائية الحوار وهمايتابعان شاب تونسي خرج برغم منع التجول في وسط الشارع يهتف للحرية ويهتف لتونس وفيالخلفية كانت أصوات الزغاريد تشق الفضاء .
يحق لأهل تونس أن يزغردوا ..
إذاالشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي
ولابد للقيد أن ينكسر
ومن لم يعانقه شوق الحياة
تبخر في جوها واندثر
كذلك قالت لي الكائنات
وحدثني روحها المستتر
ودمدمت الريح بين الفجاج
وفوق الجبال وتحت الشجر:


إذا ما طمحت إلى غاية
ركبت المنى ونسيت الحذر
ومن لا يحب صعود الجبال
يعش ابد الدهر بين الحفر

فعجت بقلبي دماءالشباب
وضجت بصدري رياح أخر

وأطرقت أصغى لقصف الرعود
وعزف الرياح ووقعالمطر
وقالت لي الأرض لما سالت:
يا أم هل تكرهين البشر ؟:
أبارك فيالناس أهل الطموح
ومن يستلذ ركوب الخطر
وألعن من لا يماشي الزمان
ويقنعبالعيش ، عيش الحجر
هو الكون حي يحب الحياة
ويحتقر الميت مهما كبر
وقاللي الغاب في رقة
محببة مثل خفق الوتر


يجيء الشتاء شتاء الضباب
شتاءالثلوج شتاء المطر
فينطفئ السحر سحر الغصون
وسحر الزهور وسحر الثمر
وسحر السماء الشجي الوديع
وسحر المروج الشهي العطر
وتهوي الغصونوأوراقها
وأزهار عهد حبيب نضر
ويفنى الجميع كحلم بديع
تألق في مهجةواندثر



وتبقى الغصون التي حملت
ذخيرة عمر جميل عبر
معانقة وهي تحت الضباب
وتحت الثلوج وتحت المدر
لطيف الحياة الذي لا يمل
وقلب الربيع الشذي النضر
وحالمة بأغاني الطيور
وعطر الزهور وطعم المطر

ايوب صابر 02-16-2011 10:21 PM

نبوءات الشاعر عبد الرحيم محمود



في 14 أغسطس 1935م زار قرية عنبتا الأمير سعود ولي عهد المملكة العربية السعودية (الملك سعود فيما بعد)، فألقى عبد الرحيم بين يديه قصيدة وكان عمره اثنين وعشرين عامًا قال فيها:



يا ذا الأمير أمام عَيْنِـك شاعرٌ


ضُمَّت على الشَّكوى المريرة أَضْلُعُهْ


المَسجد الأقصى أَجِئْتَ تَزُورُه؟‍


أم جئـت من قِبَلِ الضِّبَـاع تُوَدِّعُهْ؟




‍ وهذا البيت الذي يدل على نبوءة شاعرنا رحمه الله وأظن أن الضباع أنها الضياع والله أعلم لتصحيف الناقل





حَـَرمٌ مُبـاحُ لكـل أَوْكَعَ آبقٍ


ولكـلِّ أَفَّــاقٍ شـَرِيدٍ، أَرْبُعُه


وغدًا وما أدناه، لا يبقى سوى


دَمْعٍ لنـا يَهْمَـي وَسِـنٍّ نَقْرَعُه



(أَوكع = لئيم، آبق = هارب)


وهنا يتضح بُعْدُ نظر الشاعر الشاب ورؤيته الواقعية للظروف العربية شعوبًا وحكامًا.



وفي قصيدته (الشهيد) وكان عمره حوالي أربعة وعشرين عامًا يُصَوِّرُ الشهيد كما يتمنَّاه:



سأحمل روحي على راحتي


وألقي بها في مهاوي الردى


فإما حياةٌ تسر الصديق


وإما ممات يغيظ العدا


ونفس الشـريف لها غـايتان


ورود المنـايا ونيـلُ المنى


لعمـرك إنـي أرى مصرعي


ولكـن أَغُـذُّ إليـه الخطى


أرى مقتلي دون حقي السليب


ودون بلادي هـو المُبتـغى


يَلَذُّ لأذني سـماع الصليــل


يُهَيِّجُ نَفْسِي مَسِـيلُ الدِّمـا


وجسـمٌ تَجَدَّلَ فوق الهضـاب


تُنَاوِشُـه جَـارِحات الفَـلا


فمنـه نصيـبٌ لِأُسْـِد السَّما


ومنه نصيب لأسـد الشَّرَى


كسـا دَمُهُ الأرضَ بالأُرْجُوَان


وأثقل بالعطر رِيْـحَ الصَّـبا


وعَفَّـر منـه بَهِـيَّ الجَـِبين


ولكن عُفـارًا يـزيـد البَـها


وبَانَ علـى شَفَتَـْيه ابْتـسام


مَعـانِيْهِ هُـزْءٌ بِهـذِي الدُّنـا


ونام لِيَحْـلُمَ حُلْـمَ الخـُـلودِ


ويَهْنَـَأ فيـه بِـأحْلَى الرُّؤى


لَعَمْرُكَ هذا ممـات الرجـال


ومن رَامَ موتـًا شـريفًا فَذَا




وقد اختار الشاعر قافية المَدِّ أيًّا كان الحرف الأخير لهذه القصيدة الرائعة التي تصور ممات الرجال الشرفاء من أجل الوطن، فالتلذذ بأصوات المدافع والبهجة بإسالة الدماء تُهَوِّن على الشرفاء الموت من أجل قضية كبرى يُدافِع عنها ألا وهي تحرير البلاد والاحتفاظ بكرامتها..



وفي قصيدته (دعوة إلى الجهاد) يقول مستهترًا بالموت فداء للوطن:


دعا الوطن الذبيح إلى الجهاد


فَخَفَّ لِفَرْطِ فَرْحَتِه فؤادي


وَسابَقْتُ النَّسِيمَ ولا افتخارٌ


أَلَيْسَ عليّ أن أَفْدِي بِلادِي


حَمَلْتُ عَلَى يَدِيْ رُوحي وقلبي


وما حَمَّلتُها إلا عتادي


فسِيْرُوا للنِّضَالِ الحقِّ نارًا


تَصُبُّ على العِدَا في كل وادِ


فليس أَحَطُّ من شَعْبٍ قَعِيْد


عن الجَلَّى وموطنه ينادي



وتظل قصائد عبد الرحيم محمود والى مُعَبِّرَةً عن حبه لوطنه وإصراره على التضحية من أجله..



عبد الرحيم محمود يتيم الأب في سن السادسة كما أفاد حفيده زميلي في العمل فاضل الفقها

احمد ماضي 04-10-2011 12:44 AM


الرائع الاستاذ ايوب


موضوع في غاية الجمال

امتعني المرور به

وسوف امر بكل تفاصيله وما دونت

واتمنى ان تكن لي اضافات على ما نشرت


هكذا انت دوما


جمال يأتي بالجمال

تقبل محبتي

ايوب صابر 06-01-2011 01:49 PM

الاستاذ احمد القلعاوي

اشكرك على الاهتمام وبنتظار مساهماتك لاغناء الموضوع..

نعم ان الموضوع في غاية الاهمية لانه يناقش واحدة من اهم سمات (المبدع العبقري) وهي القدرة على قراءة المستقبل...

قد يستغرب البعض هذا الاستنتاج ويراه ضرب من المحال لكن الشواهد متعددة بأن عقل المبدع اذا ما عمل بطاقة لا متناهيه ( اللحظة البوزيترونية ) او ما يعرف عن البعض بلحظة الوجد، تصبح فيها الامكنة مجتمعة في نقطة واحدة والازمنة تلتقي فيها في لحظة واحدة ..عندها غالبا ما تشتمل المخرجات الابداعية على نبؤات لا يمكن ملاحظة وجودها الا فيما يأتي لذلك لا بد من دراسة تاريخة لهذه الظاهرة.

و يمكن مراقبة ما يقوله شعراء معاصرون مثلا للتدليل على صحة الطرح بأن لدى الشعراء قدرة على الاستشراف والتنبؤء.
فمثلا يقول ادونيس ان النصر يأني من خلف هذا الجسر،،
دعنا نراقب لنرى ما مدى دقة ما قاله ادونيس بالنسبة لما يجري الان في الشام؟؟

ايوب صابر 05-08-2012 09:18 AM

خوسيه ساراماغو: هل تنبّأ بالربيع العربي..؟


2012-05-07

غرناطة- محمّد محمّد الخطابي: صّرحت 'بيلار ديل ريّو' أرملة الكاتب البرتغالي الرّاحل' خوسيه ساراماغو' (نوبل في الآداب 1998) 'أنّ زوجها قد تنبّأ في إحدى رواياته التي نشرت عام 2004 وهي تحت عنوان 'البصيرة' أو 'بحث في الوضوح' (صدرت ترجمتها إلى العربية عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ سلسلة الجوائز-)، تنبّأ برياح التغييرات التي عرفتها وما زالت تشهدها بعض البلدان العربية (تونس ،مصر، ليبيا، اليمن، سورية. الخ..)' أو ما أصبح يطلق عليه بالربيع العربي. وقد أدلت أرملة' ساراماغو' بهذه التصريحات المثيرة خلال مشاركتها في وقائع وفعاليات المهرجان السنيمائي الدولى لمدينة 'وادي الحجارة 'المكسيكية في إحدى دوراته الأخيرة، حيث تمّ عرض شريط وثائقي حول حياة هذا الكاتب .
الرواية الآنفة الذكرحسب 'بيلار ديل ريّو' تحكي قصّة شعب قرّر بالاجماع مقاطعة الانتخابات في البلاد ممّا أشاع نوعا من الهلع والتخوّفات لدى المسؤولين، حيث أعتبرهذا التصّرف بمثابة شكل من أشكال التحدّي والعصيان أو إعلان أو إرهاصات تنذر بقرب قيام الشعب بتمرّد عام على السلطة الحاكمة.
وتقول 'بلار ديل ريّو': 'إن هناك فقرة في هذا العمل الأدبي الإبداعي تشير أنّ المواطنين يظلّون معتصمين لعدّة أيام في الساحة الرئيسية الكبرى للمدينة حيث يتمكّنون بالفعل تحت ضغط التظاهر والإحتجاج المتواصلين من الإطاحة بالحاكم الطاغية المستبدّ.وعندما ينتهي كل شيء ويعود المتظاهرون إلى أعمالهم، ومزاولة نشاطاتهم اليومية، ثمّ يقرّرون فيما بعد تنظيم أنفسهم ّ ويبدأون قبل كل شيء- بتنظيف المكان الذي كانوا معتصمين فيه'. وتشير'بيلار ديل ريّو' أنّ ذلك ما حدث بالضبط أو ما يشبهه الى حدّ بعيد في مصر، وفي بعض البلدان العربية الأخرى'.
وتؤكّد هذه الأرملة الاسبانية الكاتبة ومترجمة أعمال زوجها 'ساراماغو' الى لغة سيرفانطيس: 'أنّ زوجها لم يكن قارئ طالع، أو يتنبّأ بالمستقبل، بل إنه كان مثقفا يعيش زمانه ويعيه جيّدا ويتفاعل مع أحداثه والتطوّرات التي يشهدها بدون إنقطاع، وبالتالي فهوكان يرصد عيوب العالم ونواقصه وزلاّته بالتأمل فيه وإعمال النظر بمجرياته'-على حدّ تعبيرها-.
وتضيف: 'انه كان رجلا دائم التفكير في كل ما يحيط به ويعايشه، ممعنا النظر في العالم، وعارفا بكل ما يعتريه من تعثرات وقصور'، وتزعم 'بيلار ديل ريّو' في نفس السياق أنّ زوجها: 'كان يعرف أنه لم تكن هناك أزمة إقتصادية حادّة، بقدر ما كانت هناك ازمة أخلاق وسلوك، وعليه فانّ البشرية سوف تتأخّر كثيرا للخروج والتخلص من هذه المعضلات والأزمات'- حسب منظورها-.ويسلط الشريط الوثائقي الذي تمّ عرضه خلال المهرجان المذكورالأضواء على حياة الكاتب اليومية الحميمية سواء في منزله ومقرّ إقامته بجزيرة' لانثاروطي' الكنارية، أو خلال رحلاته وسفرياته المتعددة عبر العالم وبشكل خاص إلى بلدان أمريكا اللاتينية مثل البرازيل والمكسيك.أثار هذا الكاتب خلال حياته غير قليل من الجدل حول مختلف القضايا المعاصرة سياسية كانت، أم أدبية، أو فلسفية، أو تاريخية، أو إجتماعية، والتي لم تخل في معظمها من بعض المبالغات والمغالطات، كعدم تفهّمه لمطالب المغرب في إستكمال وحدته الترابية. من جهة أخرى كانت له مواقف مشرّفة على الصعيد العربي كموقفه الداعم لقضيّة فلسطين، وإنتقاده العنيف لإسرائيل بعد الممارسات الوحشية التى تقوم بها ضد الفلسطينيين والتنكيل بهم. وقد قام عام 2002 بزيارة لرام الله متضامنا مع الفلسطينيين أثناء الحصارالذي فرضته إسرائيل بعد إنتفاضة الأقصى، حيث هاجمته الصهيونية العالمية وحاربته بعد تصريحاته ضد إسرائيل.
ويشير 'كارلوس رياس' عميد جامعة 'أبيرتا' البرتغالية أنه عندما صدرت روايته 'الإنجيل حسب يسوع المسيح'1991 أثارت ضجّة كبيرة إنقلبت الى نقمة عارمة عليه، إذ يوجّه فيها الكاتب إنتقادات لاذعة للكنيسة، ممّا حدا به إلى التفكير في الهجرة، خاصة بعد أن قامت الحكومة البرتغالية بحجز كتابه، وإتّهام رجال الدين والفاتيكان له بالمساس بالتراث الديني للبرتغاليين، ومنذ مغادرته البرتغال 1998 بدأ يبدي نوعا من الإفتخار والتباهي بأصوله البربرية إذ أن أجداد جدّه ينحدرون من شمال إفرقيا حسب هذا الباحث البرتغالي، وقد إستقرّ ساراماغو في جزيرة 'لانثاروطي' بالأرخبيل الكناري بشكل دائم حتى آخر أيامه مولّيا وراء ظهره الغرب والشمال، ومعانقا هذه الجزيرة الكنارية ذات الأصول والجذور الأمازيغية قبل وصول الإسبان إليها في القرن الخامس عشر.
من أعمال ساراماغو الروائية الأخرى 'أرض الخطيئة'(1947).'تاريخ حصار لشبونة'(1989).' 'العمى'(1995) التي نال بها جائزة نوبل،والتي تحولت إلى فيلم 2008 ،'كل الأسماء' (1998)'رحلة الفيل' (2008).'قابيل'(2009) وسواها من الأعمال الإبداعية الأخرى. توفي سرامانغو عام 2010 عن سنّ تناهز 87 سنة في مقرّ إقامته بجزيرة 'لانثاروطي'.


هذه دعوة لرصد مزيد من القصائد التي تشمل على نبوءات او استشرافات؟

ايوب صابر 06-26-2012 12:00 PM

من نبوءات الشاعر احمد مطر

إسمعوني قَبْلَ أن تَفتَقدوني
يا جماعهْ
لَستُ كذّاباً ..
فما كانَ أبي حِزباً
ولا أُمّي إذاعةْ
كُلُّ ما في الأمرِ
أنَّ العَبْدَ
صلّى مُفرداً بالأمسِ
في القُدسِ
ولكنَّ " الجَماعَةْ "
سيُصلّونَ جماعَهْ !

ايوب صابر 06-26-2012 12:53 PM

شاعر النبوءات .... نزار قباني
شؤون ثقافية
الأحد 30/4/2006
ديب علي حسن

نزار قباني شاعر الحرائق,, شاعر النبوءات, وشاعر لكل الاجيال, وهو فوق هذا وذاك علامة بارزة في تاريخ الشعر العربي, له خصوصيته في حياته وشعره , في حله وترحله, وهو شاعر الدهشة الجميلة, شاعر يفاجئك بالبساطة المشغولة عبر آلافالمحاولات من الاضافة والحذف والصقل لتبدو لفظا نورانيا يشع معنىً ومبنىً.

في كتابه الجميل ( قصتي مع الشعر) كتب نزار قباني انه من اسرة تمتهن العشق, ويوم دفنت اخته وعادوافي اليوم الثاني ليزوروا قبرها وجدوا وردة مكان القبر..‏

‏والغريب فيالامر ان نزاراً لم يقل انه سوف يضيف الى مهنة الاسرة مهنة جديدة تؤسس على يديه, وعلى ما يبدو انها انتهت برحيله وهي مهنة لا تورث ولا تنقل من جيل لآخر, بل ربماتمر قرون وقرون حتى يأتي من يرث المهنة الاسمى, مهنة المبدع الرائي, كان حريا بنزارقباني ان يقول وبكل ثقة : انه شاعر نبوءة, صحيح ان نزاراً غسل قلوبنا ولغتنا بماءالعشق الدمشقي, وعطر رسائل اشواقنا بياسمين كلماته لكنه بامتياز شاعر نبوءة, لأنهشاعر جماهيري لأنه راء لأنه رائد والرائد يصدق اهله ...‏

شاعر امتلك النبوءة التي نعيشها, بسط امامنا صفحات مقروءة بعيني زرقاء اليمامة, وها هي رؤاه على الارض حية نابضة وتتراقص امامنا, تمشي على جراحنا, تبكي البياض الذي فاض صراخا ولكن ليس ثمة من يسمع.‏

في أتون الحياة..‏
نزار قباني شاعرالحب لأنه شاعر الحياة ,والحياة بتلونها , بجمالها, بمرارتها بكل ما فيها كانت مدرسة نزار قباني, هذه صفحة عشق في يومياته, وتلك صفحة معارك ادبية وسياسية اشعل نزارقباني حرائق في عالم الادب والفكر, كسر المألوف, لكن حرائقه وقودها العطر الدمشقي, هي حرائق لا تطفأ لأن مدادها ابداع وحوار من لا يتذكر حواره او جدله, او لنقل معركته مع مارون عبود الناقد الادبي الذي قال لنزار: ان النثر مشيٌ والرقص شعر, فارقص لنصفق لك, ورد نزار بمقال جميل وممتع, وختمه قائلا: سنقول للاجيال اننا كتبنا شعراً في عصر مارون عبود..‏

الشاعر صفارة الإنذار..‏
وحين كتب الشاعرالراحل قصيدته ( المهرولون) علق عليها نجيب محفوظ واشار الى انها اعجبته شعرياً, ولم تعجبه ايديولوجيا وموقفا رد نزار قباني قائلا: الاستاذ نجيب محفوظ انسان رقيق كنسمة الصيف وحريري في صياغة كلماته, ورسولي في سلوكه على الورق, وسلوكه في الحياة,انه رجل اللاعنف الذي يمسك العصا من وسطها ولا يسمح لنفسه بأن يجرح حمامة او يدوس على نملة او يغامر او يسافر او يغادر زاويته التاريخية في حي سيدنا الحسين .. الشاعر في بلادنا هو ( صفارة انذار) تنطلق في ساعات الخطر وتطلب من الناس ان ينزلواالى الملاجئ الشاعر في تاريخنا هو ( زرقاء اليمامة) التي حذرت قومها من الخطر ربما كنت في قصيدتي حاداً وخارجا ومتوحش الكلمات وربما جرحت عذرية كاتبنا الكبير وكسرت زجاج نفسه الشفافة..‏

ماذا افعل اذاكانت الرواية عنده جلسة ثقافية هادئة في (مقهى الفيشاوي) وكانت القصيدة عندي هجمة انتحارية على القبح والانحطاط والظلام والتلوث السياسي والقومي..?!‏

يلاحظ المتابع لهذه الصولة الادبية انها تحمل روح الشاعر المتمرد الذي لم تستطع السنون ان تنزل عمن على صهوة حصانه الجامح, نزار قباني العروبي الذي حمل في دمه وشرايينه الوطنبآماله وآلامه في حله وترحاله لم يستطع ان يكون شاهد زور على مآسينا فكان رده منسجما مع رؤاه السياسية وقد اثبتت الوقائع صدق ما ذهب اليه نزار قباني وما حذر منه ,‏

بين نزار قباني وعبد الناصر‏
يتحدث يوسف القعيد في كتابه ( محمد حسنين هيكل يتذكر ) يتحدث عن علاقة نزار قباني مع الرئيس جمال عبد الناصر وذلك عبر ذاكرة محمد حسنين هيكل, ويروي هيكل ان عبد الناصر كان يقرأ اشعار نزار باستمرار ويشير هيكل الى انه في عام 1958م و بعد ان قامت الوحدة بين سورية ومصر كان نزار قباني ملحقا في السفارة في بكين, وحسب هيكل كان يولولوارسل خطابا من بكين يشكو فيه وضعه ويتمنى على هيكل ان يسعى من اجل نقله كلم هيك لجمال عبد الناصر وسأله : اين هو ? فقال: في بكين فأمر جمال عبد الناصر بنقله الى اسبانيا التي اختارها له وقال: هناك في الاندلس سوف يجد الشاعر الاموي نفسه , ونفذت التوصية وذهب نزار فعلا الى الاندلس وحكاية نزار قباني مع جمال عبد الناصر لا تنتهي هنا بل تستمر وتتفاعل بعد هزيمة حزيران 1967 والقصة معروفة وحين رحل عبد الناصر كتب نزار قباني قصيدته الشهيرة ( قتلناك يا اخر الانبياء..)‏

شيء من النثروكثير من النبوءات..‏
في كتابه زمن الشعر يرى ادونيس ان الشعر رؤيا, والرؤيا قفز خارج حدود الزمان والمكان, ولا ادري ان كان بامكاننا ان نسحب ذلك على الشاعر الذي يبدع نثرا يضاهي الشعر رونقا وطلاوة ويجعلنا نؤمن ان الجمال الفني يقدم نفسه حيث كان في الشعر ام في النثر.‏

نزار قباني الذي تحدث عن مهمة الشاعر في ان يكون زرقاء اليمامة فعل الشيء ذاته, ففي كتابه ( شيء من النثر) تبدو معالم الغد الذي تحدث عنه قارئا ملامحه من الواقع, تبدو هذه المعالم, وهي معالم سياسية, تبدو اليوم وكأنها كانت صفحة مفتوحة لدى شاعرنا واذا كان المجال لا يتسع لعرض الكثير من هذه الوقائع فإننا نقف عند اكثرها سخونة وقربا وحقيقة.‏
إنهم يقتلوننا بالوكالة..‏
يقول نزار قباني تحت العنوان السابق : ( اميركا تريد ان يبقى العرب جنينا متخلفا عقليا حضارياً وتقنياً وقومياً, بحيث لا يستطيعون على المدى المنظور ان يشكلوا خطراً على استراتيجيتها النفطية ونفوذها الاقتصادي والسياسي في هذه المنطقة التي تجلس على نصف موارد الطاقة في العالم.. تصورنا ان النفط سيشفع لنا لديها.... ولكنها امتصت نفطنا كالعلقة واستمرت تضربنا تصورنا ان الارصدة الضخمة التي اودعناها لديها لتشارك فيدعم اقتصادها سوف تثير في نفسها مشاعر الحنان والمجاملة ولكنها احتفظت بارصدتنا ولمتتوقف عن ضربنا.. لماذا لا نذهب الى الولايات المتحدة الاميريكة, ونرجوها ان تعلن علينا الحرب, لأننا سئمنا من الحرب مع وكيلها الدائم في الشرق الاوسط..‏

ابنتنا الجميلة..‏
كتب نزار قباني محذرا من الذين يرون ان اسرائيل هي الملاذ وحذر من الذين يمكن ان يتحالفوا مع الشيطان يقول نزار : ( الوطنية اللبنانية هي ابنتنا الجميلة التي ربيناها شبرا شبراوسهرنا عليها عمرا وسقيناها ماء العين, ودم القلب حتى صارت عروسا, ستتعرض العروس لكثير من الاغراءات والمضايقات وسيقف على بابها ألوف الخطاب ولكنني اراهنكم انالعروس لن تتزوج الجنرال لن تتزوج الجنرال!! لن تتزوج الجنرال..!‏

أيها السادةالمنفوشون كالديوك..‏
وفي مكان اخر يكتب قائلا: كلام كثير قيل في الحضور السوري في لبنان قليله تميز بالعدل والانصاف.. وكثيره تميز بالظلم والاجحاف ولم يعط شيئا لا لله.. ولا لقيصر.. وهذا شيء غيرمستغرب .. لبنان لا يزال يبحث عن نفسه ولكنه بكل اسف لن يجدها لا لأن الحقيقة غيرموجودة ولكن لأنه لا يريد ان يراها.. ان لبنان هو اول مريض في التاريخ يرفض العلاج ويقاوم طبيبه ويشتم الممرضات والزوار الاهل والجيران لأنهم ارادوا ان يساعدوه ويطمئنوا عليه.. فيا ايها السادة المنفوشون كالديوك في سياراتكم الفارهة ويا ايتها السيدات المطمورات كالقطط التركية تحت معاطف المينك.. لا تؤاخذوا الجنود السوريين اذا قصروا في خدمتكم .. فهم لم يدرسوا في الكلية العسكرية بحمص اصول التدبيرالمنزلي..‏

شاعر لكل الأجيال..‏
نزار قباني الشاعر الذي قد لا يتكرر, بل ومتى كان المبدعون يتكررون في ذكرى رحيله هو الاكثر حضورا والاكثر قدرة على الفرز بين ما هو انساني وجميل وبين ما هو زائف والزائف مصيره ان يكون زبداً واوراقا صفراء تذروها الريح في قادمات الليالي..‏

ايوب صابر 06-26-2012 12:55 PM

قراءة في قصيدة «نبوءة» للشاعر الدكتور حسين علي محمد


بقلم: ثروت مكايد عبد الموجود
.........................................
لعلها لحظة كشف، كتلك التي يتجلى فيها العالم على حقيقته حين تتجرّد النفس من الدنيا، فيبدو العالم على ضوء برق خاطف، وسرعان ما تختفي تلك الحقيقة وراء الحجب، ولا يملك أن يقبض على تلك اللحظة الفريدة غير الشاعرِ الشاعر، فيلقيها كما التقطها، و«يسهرُ الخلقُ جرّاها ويختصمُ»:
يوماً كالأشجارِ سخيًّا سيجيءْ
يفتحُ أبوابَ الدَّهشةِ
تُبصرُ أعينُكمْ ما لمْ تُبصرُ من قبلْ
يحملُ مشعلَهُ ويُضيء
النارُ سيشعِلُها في الأحداقِ النَّائمةِ زمانا
ليُنقِّيَكُمْ
لنْ يصعدَ مطربُكمْ حدقاتِ عيونِكمو، ويُغنِّي:
"ورمانا الهوى ورمانا"
ويُخدِّرَكُمْ
فالقادمُ أشعلَ في الأشجارِ الهشَّهْ ..
نارَ الدَّهشهْ
(قصيدة «نبوءة» من ديوان «غناء الأشياء»، ص10، كتاب اتحاد الكتاب، العدد 50).
هانحن فقراء في الروح والفكر والمادة جميعاً، ولا نكاد نُمسك بشيء حتى يذوب بين أيدينا. وكنا نحسب ما نمسك به شجرة باسقة، نتطلعُ إلى ظلها وثمرها! لكن وا أسفاه!، إنها هشة. ووسط تلك الظلمات المحيطة بإنسان هذا العصر الذي فقد الثقة في حضارته التي حوّلته إلى آلة .. إلى رقم .. مجرد رقم، لا روح فيه، في حين تصب ـ أي تلك الحضارة الهشة ـ جام غضبها على من يُخالفها الفكرة، وتشرده، رغم ادّعائها ـ وقد ثبت كذبه ـ أنها حضارة باسقة، وأنها شجرة تُظل العالمين ويفيء إليها المشردون!!
لقد تطلع الناس إلى الاشتراكية متمثلة في صنمها الأكبر (روسيا)، وسرعان ما انهار الصنم، ولم يبق غير أطلال يدور من حولها أطلال بشر أيضاً.
وتطلع الناس إلى الرأسمالية الغربية كأمل .. كشجرة يهرعون إليها، ليستظلوا من وقدة الحياة، لكن سرعان ما انكشفت لهم الحقيقة..
حقيقة ذلك الصنم الآخر، وحقيقتهم هم..
إن الرأسمالية الغربية استحالت ذئباً يُريد قطعاناً من الخرفان، ولا يرى في الناس غير حيوانيتهم..
لا يرى حياة الإنسان وشرف الإنسان وروح الإنسان التي أسجد لها خالقُها ملائكتَه. فإذا ما نظر هذا الإنسان التائه بعد أن انهارت المعابد شرقاً وغرباً، وجد نفسه في الرّدغَة..
إنه يخوض الوحلَ وحده..
ويُنادي فلا أحد يجيبه..
لكن مهلاً .. فهاهو ذا صوتٌ آت من البرية الموحشة المقفرة يردد نبوءته:
« يوماً كالأشجارِ سخيًّا سيجيءْ»
إن ما رأيتموها كانت أشجاراً كاذبةً، كمسيلمة. لكن ما أبشركم به يكون سخيا، ويفيض عليكم من جوده، فمن ثمرها تُعرف الأشجار، وحين يجيء:
« يفتحُ أبوابَ الدَّهشةِ»
إنه ليس سخيا وكفى، بل داعية إبداع، وستعجبون من قدرته الفذة على إعادة خلقكم تارة أخرى، فإذا أنتم عمالقة، تُدهِشون العالم كله بعد أن كنتم ـ رغم كثرتكم ـ علامة ذل وهوان .. ولسوف:
« تُبصرُ أعينُكمْ ما لمْ تُبصرُ من قبلْ»
فما أبصرت أعينكم من قبل غيرَ بهرج زائف، وصخب لا معنى له.. وما أبصرت أعينكم لكون الظلمة التي أحاطت بكم كما تُحيط الجدران القذرة بالسجين، لكن القادم « يحملُ مشعلَهُ ويُضيء»، يضيء لمن يقبله، ويرى فيه الأمل الذي لطالما حلم به، ولطالما سمع عنه. فإذا رآه وهو يحمل مشعله سيتبعه حتماً .. سيتبع ضوء المشعل.. أما نار المشعل ودخانه فسيشعلها القادم «في الأحداقِ النَّائمةِ زمانا»..
الأحداق التي نسيت طعم الضوء ولون الضوء..
ونسيت كيف يدهش الإنسان ليظل حيا.
إن هذا القادم ما يشعل الأحداق إلا لينقيَكم، كما يُنقَّى الذهب ويخلص من شوائبه بالنيران، وساعة ينقيكم:
« لنْ يصعدَ مطربُكمْ حدقاتِ عيونِكمو، ويُغنِّي:
"ورمانا الهوى ورمانا"»
لأن عيونكم قد تفتّحت الآن، فلن يتسلل إليها تسلل اللصوص، ولن يوسوس لها وسوسة الشيطان، فعيونكم تراه، وأنتم بيقظتكم في ثبات..
لستم أشباحاً، ولستم كالذر يرمي به الريح كما يشاء.
لن يبث فيكم ذلك اللص أنكم ضعفاء، وأن عليكم أن تشدوا الرحال إلى جهةٍ ما لتطلبوا الخبز والجنس ومعنى الحياة.
لن يخدعكم ذلك المطرب القبيح
« فالقادمُ أشعلَ في الأشجارِ الهشَّهْ ..
نارَ الدَّهشهْ»
فقد جاء القادم وأدهش بمجيئه العالم كله..
كل الأشجار تهاوت تحت سياط ضوئه اللامع، واحترقت.
***
إن القصيدة على قصرها تطفح حياةً وحيويةً حيث يبدو الناس في التيه، ومن حولهم أشجار تبدو من بعيد فيسرعون نحوها غير أنهم حين يصلون، لا يجد الواحد منهم شيئاً..
لا شيء في التيه غير سراب .. وظلمة أخذت تُحيط بالقلوب، وهذا مطرب يخدّرهم .. إنهم يتراقصون معه، غير أن قادماً يبدو من بعيد، يُمسك مشعله ويُضيء، وبظهوره هذا يسقط المطرب وتتهاوى الأشجار الهشة.
***
يرسم شاعرنا الدكتور حسين علي محمد في قصيدته «نبوءة» عالمين متناقضين، وهو لون من البديع بديع، إذ التناقض ليس بين ألفاظٍ وكفى، بل بين عالمين:
عالم رديء محبط مظلم يرسمه لنا الشاعر ويُبرز لنا معالمه: الأشجار الهشة، والأحداق النائمة، وذلك المطرب وهو يصعد بحرية إلى تلك الأحداق ليُخدِّرَها.
وعالم آخر يشع نوراً وتبرز معالمه في الأشجار السخية وأبواب الدهشة التي تُفتح، والمشعل الذي يُضيء الظلمات، ثم هذا السقوط للباطل الكامن في الأشجار الهشة..
إنه عالم ساحر يُحرك الوجدان ويُشعل الفكر، ولقد وفق الشاعر في استخدامه لألفاظ موحيةٍ شاعرة، أسهمت في تطور الحدث الشعري. من ذلك استخدامه للفعل المُضارع بما فيه من حركة وحياة؛ فالفعل «يصعد» ـ مثلاً ـ فيه نشاط الباطل يبدو جليا، ولو استخدم الشاعر بدلاً من الفعل «يصعد» فعلاً آخر، كيتسلل أو يتسرب، لاهتزت الصورة في القصيدة.
إن القوم نائمون، والباطل قد تأكّد من هذا جيدا، لذا فهو يصعد وكأنه هو صاحب البيت!
أرأيت كيف تُسهم اللفظة في رسم العالم الرديء الذي ينام فيه الإنسان العظيم ويُخدَّر، بينما يسرح الباطل في الأرجاء، بل ويُطرِب!..
فيالها من صورة فذة لواقعنا المعيش، ولما نحلم به من عالم مُغاير

ايوب صابر 06-26-2012 12:57 PM

نبوءة الشاعر الجزائري عمر أزراج


في هذا المقال نريد ان نكشف تجليات النبوءة في شعرية عمر أزراج هذا الشاعر الجزائري الذي رسم وهجه العذري بطقس معرفي وجمالي كشف من خلاله على وجه القصيدة الجزائرية وتمثل ذلك في أعماله وحرسني الظل وجميلة تقتل الوحش والعودة الى ثيزي راشد ان مشروع عمر أزراج في الشعر يرتكز على حساسيات الحداثة في كل اشراقاتها على مستوى المضمون والشكل وما يحدث في الواقع الجزائري من تحولات هذا من جهة ومن جهة أخرى سر الرؤيا الذي يبعث التجلي في كل كلمة وعبارة .
القصيدة عند عمر أزراج تحمل سيرة الذات وما ينعكس على مرآتها من ما يحدث وما يشتهي .
القصيدة حالة تجل تبعث براءة الروح حين تلوثها خطيئة الجسد .
القصيدة نص للتجاوز يخترق المجهول المدهش الذي يشتهيه الشاعر حين يتوحد بكل شيء .
القصيدة ارادة الرؤيا بمنطق الجسد رؤيا الارادة بالجسد المنطق .
القصيدة ارادة الاشتهاء حين تضيع جنة الوجود .
القصيدة ارادة الجسد حين تفلت منه الروح في لحظة العدم .
القصيدة عودة الوحي الى نبوءة الذات التائهة في جحيم الأشياء .
عمر أزراج يريد ما يشتهي ويشتهي مايرى وبين الرؤيا والاشتهاء يجيء التجلي محملا باشارات المحو والاثبات وومضات الفناء والبقاء والبهاء ..هي القصيدة شهوة الممكن المستحيل شبق الوجود الأصيل ارادة الحب والعودة الى فردوس البراءة منذ بدء التكوين .
عمر أزراج يفجر الجوهر الفرد في اللغة ويبعثها في نار الجسد لتنصهر من جديد وتبدع كونا شعريا أشبه بالجنة الرومنسية الموشحة بالحور والملائكة هو في قصيدته يعيد للغة دمعة الحلاج حين سكبها في طواسينه وشك الغزالي الذي وشمه في المنقذ من الضلال وطقوس المعري في لزومياته الملونة ببكاء الحمامة انه يبدو في بعض تجلياته بشكل السياب في أنشودة مطره المنهمر على أرض سرابية الوجه انه يشبه خليل حاوي في ثورته على طقس الأشياء وابدال النور الزائف بنار حقيقية رسم وردتها في الناي والريح انه يمزج الوطن بالذات في لحظة توحد تشبه الفناء عبر عنها محمود درويش في عشقه لفلسطين وفي حبه يعيد للغة طفولة النهد البحث في النساء وما قالته السمراء لنزار قباني الواله بجسد ملائكي في عالم شيطاني انه يرسم أشكالا للغة تبعث أغاني مهيار الدمشقي عند أدونيس في ثابته ومتحوله يعيد الوقت لطقسه السرمدي سرمد اللحظة ما أرحبه.عمر أزراج في لغته الشعرية يعادل الفكر الانساني حضورا وابداعا انه شاعر اللحظة / التجاوز الحساسية / الرؤيا والتجلي .
انه يطبخ اللغة بتوابل محمد بنيس وسرديات نحو صوتك العمودي وكتاب الحب .
عمر أزراج شاعر الجزائر أعاد تشكيل أبجديات القصيدة الجزائرية بمنطق الحب والرؤيا والجسد والوجود انه ذلك الفاتح لمدن العشق البعيدة التي بحثنا عنها في فروسية محمد العيد آل خليفة ومفدي زكريا ولم نجدها فان كان كل منها عبر عن قصيدة الهوية الجزائرية فاان عمر أزراج عبر عن قصيدة الحرية الجزائرية
القصيدة الجزائرية حين يشكلها أزراج تجمع بين الحب والفناء والتجلي والتخلي والقبض والبسط والحال والمقام والوجود والمعرفة والمعرفة والآخر والنور والنار انها فراشة على زنابق الكلام مهرة المستحيل التي تطفيء شبق الممكن انها العود الأبدي لشكل الروح في جسد مخضب بغزالة التيه .
وحي / للوردة مقام الشهيد .
تجل / لاشيء بعدي يكون في النور .
وحي في تجل / أعرف كل شيء أنا شهيد النور .
2 نريد في هذا المقام مقام الوصل تفكيك القصيدة الأزراجية وفق الماهيات التالية
1 / ما المعرفة 2 / ما الوجود 3 / ما الجسد 4/ ما الحب 5/ كوجيتو المحبة 6/ شعرية المتخيل
1 - ما الحب الحب توحد بالآخر في ذاته ولذاته أمام مرآته يحس الشاعر أن أفقه يتفتح
الحب مصدر العواطف
الحب ضرورة لكل انسان
الحب أعز شيء
الحب لامنطق له
الحب سره في المرأة
الحب ألم دائم
الحب حلم قائم
الحب مبدأ المعرفة
الحب مبدأ السلام
الحب ايمان
الحب طقس الحرية
2- ما الجسد الجسد ذات تريد تشتهي ترى تكون تتمرد تتجاوز تعرف حكاية الغواية والغواية الحكاية .
الجسد معطى الرؤيا والتجلي والمشاهدة .
الجسد معطى الشك واليقين
الجسد صلاة الروح في نزوة الاشتهاء .
الجسد ارادة البقاء ولافناء الا البقاء .
الجسد رغبة الألم في العلو .
الجسد ثورة النحلة في مقام الوردة .
الجسد في هكذا تكلم زاردشت ليس جملا ولا أسد بل هو الطفل الذي يجمع بين الفوضى والابداع .
حال / أشتهي كل شيء
كل شيء لي
أنا كل شيء
مقام / لاشيء لي
في النور أنا أشبه الفناء .
حال في مقام / حين تشتهي يعود كل شيء الى جنته .
3- ما الوجود الوجود سر الوجود تجل الوجود ارادة الوجود حرية الوجود وجها لوجه مع الموت الوجود يدا بيد مع الحياة .
الوجود ما ترى حين يغمرك طوفان الموت .
الوجود ماتعرف حين تتألم .
الوجود حالة العلو التي تكشف بها وجههك .
الوجود شهوة الآخر الجنة / الجحيم .
الوجود كل شيء أنت فيه .
الوجود أنا حين لا شيء .
الوجود فناء الروح في الجسد .
الوجود وردة التجلي .
سر / هاأنت قمر والوجود ليل
سفر/ تكشف الوجود بمنطق الطير .
4- ما المعرفة ما تشهده بكشفك معرفة / ما تجده بحدسك معرفة / ما تشتهيه بجسدك معرفة / ما تريده بحسك معرفة / ما تجربه بعقلك معرفة / ما تتخيله بقلبك معرفة / ما ترفضه بشكك معرفة /ما تقبله بيقينك معرفة /
المعرفة عتبة الخطر المدهش
المعرفة بدء التكوين لشيء يرحل بنواميسه .
المعرفة عودة للروح بمنطق الجسد .
المعرفة وجه النور في ظلمة كل شيء.
المعرفة مرآة الجسد التي تكشف وجه الروح.
المعرفة غربة العقل في سراب الأشياء .
المعرفة ارادة الوحي يتشظى اليقين .
المعرفة ألم العلو والتوحد بجنة الخلاص.
المعرفة خلاص الروح صلاة الجسد .
باب / حين أعرف أشتهي فاكهة النور .
عين / أنا أعرف اذن النور يمغمرني بطوفان الأشياء .
نظرية المحو / قبل الشكل كان النور ..ثم الزمن ها أنذا أعرف شكل الماء عبر الماء اذن أنا الماء الذي يسري في النور ...
5- شعرية المتخيل فيه نبين صورة الذات لحظة تجلياتها عبر اللغة
6- كوجيتو المحبة فيه نشكل شذرة الجسد لحظة الاشراق .

ايوب صابر 06-26-2012 12:58 PM


تابع،،،

وسنقرأ القصيدة الأزراجية في نظريتين الأولى نظرية الصورة رؤيا ونظرية الصورة تجل
1/ الصورة رؤيا حين أرى جسدي أشلاء
نقصد بهذا المفهوم حدس الشيء المرئي في واقعه الآني شكل الأشياء كما يرى الشاعر ويتم ذلك بفعلين فعل التذكر والايحاء في الأول يستعيد الشاعر أشياء ذاكرة الجسد والايحاء يغرس الشاعر روحه الوهاجة في هذه الأشياء فيحدث فيها انزياحا وخلقا فتصير بمعنى جديد وشكل جديد .
وحدك الآن ..هواء الليل ابر
هذا المقطع الوجودي يكشف عن حضور الذات في الوجود ويبين شيئين وحدة الذات عبر الوقت وتشكل الهواء الليلي أبر فهذا الهواء وشمه الشاعر بمنطق الانزياح ابر توخز الجسد فيبدأ الألم في تعريج الذات الى العلو
ولما غزانا جراد الشيب / نمنا في عراء الصدى/وتدثرنا الفراق
هذا المقطع يحد س يه الشاعر التوحد بالآخرثم يعلن عن جراد الشيب الذي يخرب شجر الجسد ثم النوم في عراء الصدى هذا الأفق العدمي الذي يكسر شراع الوجود حين تدرك العدم فأنت حاضر في الوجود .
أيتها المرأة التي أعادت الطير الى رذاذ غنائه
ذلك خطاب للآخر يتجلى في المرأة والطير المرأة التي يناديها الشاعر هي مركز الحب سر الوحي لحظة رؤيا الملائكة فهي غمرته بعودة أبدية لرذاذ الغناء هنا انزياح وجودي يعيد رسم غناء الطير بمنطق المطر .
2/ الصورة تجل لما تجلى صرت كل شيء .
نقصد بهذا المفهوم حدس الشيء اللامرئي في حالة بعده وغيبه شكل النور كا يحس الشاعر لحظة تشظيه وتوهجه ويتم التجلي عند الشاعر بفعلين فعل الفناء والتجاوز فالفناء يتلاشى الشاعر في كل شيء فتصير الأشياء بلون الذات وشكلها والتجاوز هو لحظة الخلاص من كل شيء والخلق الجديد لشيء آخر مختلف .
لايؤنس القلعة الا وحشتها
حالة الأنس التي تحل في نفس الشاعر يسقطها على القلعةفي حالة وحشتها فكأن القلعة هي الجسد في وحدته ولا يؤنسه الا وحشته .
الجمال يوحد العالم
ما هو الجمال الذي يريده الشاعر انه جمال النور جمال البراءة جمال الجنة جمال الوجود جمال الشهود انه يوحد العالم ويصير كل شيء بالجمال أنت الجمال لحظة التجلي الكبرى التي تفتح سدرة المنتهى للروح فترى ما لاعين رأت ولاأذن سمعت .
سائر أنا الى حيث يراني الظلام
طقس السيرورة يبدأ بحركية الذات الخلاقة التي تتجاوز كل شيء انها شطحة الفناء حيث يراه الظلام كما قال أحد المتصوفة خضت بحرا وقف الأنبياء على شاطئه انها الوديان التي تجتازها النفس في منطق الطير لفريد الدين العطار انه الزمن حين تلبسه الظلمة والذات تشتهي النور اغتراب الشاعر في سيره ووحدته جعله يعرف معنى الظلمة بل الظلمة كشفت وجهه المتوهج بكوثر النور .
لا شريك له ..
يسير مع الناس في زمان آخر
يحزم بالنار سجادة
وفي مهب الريح يقيم دولة الناي
هذا سر الشعر الذي هو تأسيس للكينونة يكشفه عمر أزراج بأنه وحده لاشريك له لحضوره في الوجود وتلبسه بالنور يرحل مع الناس في زمن آخر غريب الوجه واليد واللسان كصالح بين ثمود تسري في دمي وردة الوحي والفوضى الخلاقة يحزم بالنار سجادة تشبه بساط الريح أقصد الروح وفي مهب الريح حين لا يبقى شيء يقيم دولة الناي انها مدينة الله وكل شيء فيها يحيا بسر الحب ها أنت أيها الحب شوكة في القلب كما رأى جلال الدين الرومي وهو يخاطب كل شيء بروحه فراشة على وردة .

كوجيتو المحبة / أرني أنظر اليك ...
1
الوطن يوهم بهلال القوافل والآن هلال القوافل يوهمنا بالوطن .
2
أجمل الرجال امراة و أجمل امرأة تخيلتها ولم أجدها .
3
آه ما أشبه المعرفة بالخطر وما أشبه الصمت بالنور حين يتجلى .
4
لن آتي من أقصى المعرفة حتى أحب .
5
يادما ليس دمي لتحترق أنا أعشق وأمسح دجل الغسق .
6
الموت في الحب شهادة والحب في الموت عبادة .
7
يغير الوجود جسد مولع بالخلود .
8
لاشيء لك غير وجه يطفح بالعدم في وقت دجال .
9
كل شيء ملكك حين تحب .
10
لحظة موتي تضيء وجودي وتبعث شهودي .
11
أيها الوطن أنا طير أرحل ووردة تذبل وأنت الوثن الشجن .
12
لاشيء يقهرني حين أكون سيفا أفتح وأغزو وأزرع النور في كل ظلمة .
13
أوقفت القمر ليلة ميلادي فرأيت الرمز تميمة والليل سراب شرس .
14
كفرت بالذي يقيد القمر ويحرر الليل .
15
في الرمل الشرس ينتحر النخل ويختفي الغد الآتي .
16
وجه الوطن البرق حين يخون لا تكون ولن تكون آه لوأكون .
17
أنا طائر الليل من يسقيني بكوثر بلادي .
18
أرى البحار تسير وراء جنازة فأكشف عري الوجود .
19
آخر تعويذة للشجر لم يرتلها المطر في موسم الجسد .
20
أمشي على طرقات الكآبة نخلة يتم أشرب كأسا دهاقا من العدم .
21
قمر أسود أشتهيه من شعرها الفردوسي .
21
شجرة النور لم أقطف منها ثمرة الوجود حتى اللحظة .
22
أعرف شكل السماء حين تؤنسني الريح أعرف الجسد حين تفيض المعرفة بالروح .
23
غزالتي تريد عبادة أخرى والوجود ضرب من الصلاة .
24
أنا سكين البرزخ وما تبقى من التفاحة الخجلة بلاد نائمة في أفق الماء .
25
أبصر الآن سجونا الشمس ورائي ويدي مكبلة في كهف .
26
تراتيل الشهداء قامة للوطن النحيل يا هذا الظل اسقيني بزلزال ظليل

ايوب صابر 06-26-2012 01:00 PM

نبوءة

ادونيس
للوطن المحفور في حياتِنا كالقَبْر
للوطن المخدّرِ المقتولْ
تَجيءُ من سُباتنا الألفيّ ، من تاريخنا المشلولْ
شمسٌ بلا عبادهْ
تقتلُ شيخَ الرّملِ والجرادَهْ
والزَّمنَ النابتَ في سهوبهِ
اليابس في سهوبهِ
كالفِطرْ
شَمسٌ تُحبُّ الفتكَ والإبادَهْ
تطلعُ من وراء هذ الجسر.

ايوب صابر 06-26-2012 10:30 PM

فعل الشعر ...

بين الموقف والموقع


عبد اللطيف عقل

رفيقي القارئ..
لا تقرْاني ولكن تقرّاني فإن الزهور على عهدها تمارسُ فعل النمو والطيور فعل الغناء، الزيتون منذ كان الزمن وهو يَفعلُ العطاء تماماً كما تفعل العطاء والبشر النوارس وأقواس قزح.

الأطفال هنا يفعلون الوعود والابتسامات كما يفعلون الدموع والحزن، كل شيء هنا مستغرق في دائرة الفعل، نحن لا نفكر ولا نتأمل ولا نحلل، إننا نفعل كل هذه، وأنا مثل هؤلاء، أمارس فعل الشعر، أنا لا أكتب الشعر ولا أقرأه إنني أفعله تماماً كما يفعل أطفال فلسطين ألعابهم من الطين والحزن....

إنني في موقف الفعل لأنني في موقع التراب الأول.. ولك بعدها أن تحلل فعل الشعر كما تشاء....

أنا لا أنفعل لأنني قد انفعل بدون الفعل، إن التجربة التي تدفعني إلى أحضان الفعل لا أحسبها، واعتقد أنني لست ذكياً، إن الفلاحين هنا لا يعرفون التحليل كما لا يعرفون ظاهرة الضغط الأسموزي، إنهم يفعلون فقط، يحرثون ويجدرون، ويتزاوجون، وفي البيادر يفعلون الحصاد ويزورون المدن ويعودون بالحلوى والملابس والسَام....

إنهم يفعلون الموت كما يفعلون الحياة نصفاً بنصف، يندفعون في المأتم كما تندفع السيول في الجهران أيام المطر، حتى مع الله يفعلون التقوى بالقدر البسيط الذي يفعلون فيه الفسق.

كل شيء هنا بدائي تقريباً، اللغة في بدئها والكتابة كذلك، الموت والحب والشعر كما المطر، أفعال فحسب ما تشوهت بالتحليل المحدد وما تساوقت مع قوالب الفكر والمنطق.

وهكذا أفعل الشعر كما أفعل الموت، وكما أفعل الحب، إن موقعي يفرض هذا الموقف لذلك لا أجد الفواصل بين الموت والحب والشعر، تستطيع أن تراني خلال فعل منها، حللني ان شئت، لكنك لن تكتشف موهبتك في سوء النية، اقرأني، لكنك لن تعجب بلون عينيك، إلا إنني سأمنحك ساعة دفء فأقول إنك قد تراني في درجات الفعل المختلفة، تماماً كما ترى الرسام في لوحته ذات اللون الواحد، وسأقسم لك اللون في درجتين:


أ‌- درجة فِعل القصيدة
هنا يصير الشعرُ فرحا، ونحن هنا نفرح بالمناسبة، يوم تتقاطر الفلاحات في أوائل الزيتون والمطر، يوم تتقاطر الجِمال والأطفال في أواخر الصيف بين حقول القمح والبيادر، يوم تدخل تلميذات المدارس أو يخرجن في جوقة يحرسها اللون الأخضر المخطط بالوعي، يوم ينور اللوز ويحصرم العنب، إنني أفعل القصيدة يوم تفعل طبيعتنا الجمال، واترك الأصوات تندرس في روحي وعلى الورق.

إنني أندمج في فعل شعري بسيط وأصير موسيقى مباشرة كما هو العرس في ساحة القرية، فعل العرس يمتلئ بالضجيج والفرح والنشاز، وهكذا ستقرأني في قصائد (صفحات من يوميات عاشق) وفي ( قصيدة قديمة عن رحيل جديد)..

هنا أفعل الفرح أو الغضب، أو الرفض بالشعر، وأراني وكأنني أطفو على سطح موقعي كما تطفو أوراق الزيتون وأزهار اللوز على صفحة الأفق الزرقاء وارتبط بالأشياء والأحداث بعلاقة الفرح الواعد بالحب، إنني أتوحد بها حقيقةً يفسدها المجاز، وهكذا تتحدد الصورة بتوزيع خفيف للنور والظل وتكون الألوان سابحة فيَّ في مباشرة لا يودُها ساكنو المقاهي ومحترفو اللعب بالأشياء.

لا يُهمّني أنني أتقدم أو أتأخر، أو أنحرف يميناً أو يساراً لأن ممارسة الفعل تفترض الحركة الحرة وأنسى تسميات النقاد.

ففي هذه المجموعة قصائد، كما أنه في ما حول قريتنا زهور وأعشاب....

ب‌- درجة فعل الشعر:
في الطريق إلى القدس، تغيم المرئيات، وتنسد أمامك نوافذ الفرح فتهاجمك إبر الشعر، وتنزلق في روحك أظافر مدببة تستنزف الأعصاب.. فيلد فيك فعل الشعر، وتنصب على الورق، والحب يمطر في أعماقك أحزان الزيتون ...

تتحلق الأطفال في الطرقات المسيجة بأحذية الجنود الثقيلة، ويتوارى اللوز الأخضر من العيون الصغيرة وينشأ فيك فعل تلونه موسيقى الكلمات البدائية، وهنا يعتنق الحب الموت كما تعتنق جذور التين خصور التراب الأحبَل بالخصب.

في درجة فعل الشعر، يندغم التاريخ في لحظة وتصير الأمكنة كلها محشورة في نقطة بين جامع الجزار، وسوق البصل.

وهنا أجدني وكما يؤكد الرفاق في أكثر اللقاءات إنني في الغموض، أو أنني على الحافة، او انني مسور بالحزن حيناً، والخوف أكثر الأحيان، لكنني وكما يندفع الدم الواعد من فتحة الجرح الكبيرة أنفجر في كلماتي، وكان يمكن أن تكون هذه الكلمات مقدمة عن تجربتي الشعرية بعد أربع مجموعات، وهي ليست كذلك، إنها كما تراها إشارة حادة إلى المدخل الشعري، وان أي فنان أصيل لا يستطيع أن يزيف موقفه كفنان لأن قانون موقعه لا يرحم، ولو كنت في بيروت لكان في لغتي طعم أعقاب السجائر ممتزجاً بكل المصطلحات المفرغة الا من الطلاء الخالب.

ولعلهم هناك على حق، ولكنني لست بالقاصر عن الردح والتسكع، إنها الأحزان الجميلة التي تختلط بالطحالب على حيطان سور القدس المنهوب...

إنني أسير الابتسامات العفوية في شفاه الأطفال المنعوفين على الطرقات من رأس الناقورة إلى رفح، هنا يكون لفعل الشعر مذاق الموت، ذلك بالنسبة لي واضح وضوح القتل، ان فعل الشعر هنا معتق وعمره عمر الزمن الساكن في حارات عكا، وهو حدث يومي اتشربه في عيون التلاميذ كل صباح، وقد لا أكون مفهوماً، حسبي أن أكون محسوساً، إن قرنا كاملاً تقريباً من السياسة والظلم يفقدني مقدرتي على استخدام الذاكرة، وان كل الأرقام على ذلك محفوظة في التلافيف فما قيمة أن تكون على الورق، إن هذا التاريخ العاهر يضعني في قلب الشعر فعلاً حزيناً من أفعال الحب، فهل نحن متصوفون؟

وما الضرر في ذلك ما دام فعل الشعر يوحدنا بالأحداث من الطلوع إلى المغيب، ولا يترك لنا فرصة التبويب والتحليل...

نحن هنا خارج اللعبة بعد، لا نتحدث عن البطولة ولكننا نفعلها، كلنا هنا نفعل البطولة، نفعلها كما نفعل التنفس والتدخين، ولا خيار لنا فليس فعل الشعر تطريزاً لثيابنا إنه الذي يسير العودة فينا، وهو ليس الكحل المجمل لعيون التلحميات وبنات حيفا، انه البؤبؤ الذي به الرؤيا .. وأنا لست ادري متى سقطت أريحا وغزة لأنني كنت في السقوط ...

وخير لي ورفاقي القراء هنا وهناك أن أترك أمر السقوط وتحليله إلى أبطال اللعبة في المقاهي، ليعمر شارع الحمرا بالنساء والفكر...

خذوني من هنا، من القلب، فإن الصحف في القاهرة وبيروت وعمان بحاجة إلى مادة نظيفة...

لست شاعراً حديثاً ولا قديماً، لست رومنسياً ولا واقعياً، لست ذاتياً ولست موضوعياً، لأن فعل الشعر يحتوي كل ذلك ويصير البديل ولكن في مناسبة للحديث عن الشعر والتصوير والموسيقى، لكم ان تحبوا أوزان الشعر وقوافيه، ولكم أن تستعرضوا قدرتكم على التأويل ولمس التجربة الشعرية وتحليل عناصرها وابحثوا ما شئتم عن الصورة، والمضمون والأصالة والخيال.. فذلك شأنكم، أما هنا فلا يوجد إلا فعل الشعر في مستوى القصيدة وتحت اعتبار الفرح الواعد، ومستوى فعل الشعر يوم يصير الموت كالحب وأراهما في وضوح القتل.

والآن رفيقي القارئ، تستطيع ان تبدأ القصيدة الأولى من قصائد، "الحب الذي لا يعرف الرحمة"، هذا الحب الذي قال التاريخ وقالت السياسة أنه مات، له قلب كبير، كبير جداً يتأبى على الموت ويرفض الآخرين كما يرفض التراب الأصيل البذور اللقيطة بها.

نابلس

أول أيار 1975

--------------------

ايوب صابر 06-26-2012 10:31 PM

هل عرف عبد اللطيف عقل السر؟


الموت والحب ولحظة الوجد وفعل الشعر كما يراها عبد اللطيف عقل في مقدمة كتابة " قصائد عن حب لا يعرف الرحمة"

بقلم: أيوب صابر

الذي يعرف عبد اللطيف عقل يعرف انه كان يجيد فن النثر كما كان يجيد نظم الشعر، ولديه القدرة حينما يكتب على التأثير في كل الأشياء الساكنة حوله وضمن دائرة بحجم الكرة الأرضية، لا بل وتحريكها فلا تعود ساكنة و ليست هي، هي، وكأن تغيرا قد طرأ على مكوناتها وجزيئاتها البنيوية... ويمتد اثر ما يقوله إلى مجرات أخرى وعبر الزمن إلى مستقبل بعيد، بعيد جدا...هو يكتب بلغة من زمن آخر، زمن لم يأت بعد ولذلك يجد الدارس والمحلل لما يقوله انه كان يسبق عصره في رؤية الكثير من الأمور المستقبلية بعين ثاقبة، شأنه شأن كل شاعر امتلك تلك الطاقة البوزيترونية المهولة واللامحدودة في قوتها، والتي تدفقت في ثنايا ذهنه كنتيجة لمآسي طفولته المتعددة، فجعلته قادرا على الاستشراف والرؤيا بعين ثاقبة.

وهو هنا، في مقدمة كتابة" قصائد عن حب لا يعرف الرحمة"، يقول للمتلقي الكثير، سواء بوعي أو من غير وعي. والصحيح أن الكثير مما يقوله المبدع، وعبد اللطيف عقل ليس استثناءا، يصدر عن عقله الباطن، ويكون مفاجئ للمبدع نفسه في أحيان كثيرة.
فمن ناحية نجد عبد اللطيف عقل في هذا النص يربط بين الموت والحب والشعر، ويكرر ذكر الموت في أكثر من موقع، ويصوره كقوة فاعلة ومحركة، وكأنه يعرف أو ربما انه كان يستشعر بأن الموت الذي حرمه الأب، ومن ثم الأخت الكبرى، لا بد انه كان سببا في قدرته على النظم المهول، والكتابة الفذة المزلزلة، والتي تشتمل على الكثير من التجليات والرؤيا الثاقبة، وحتى لحظات الوجد التي جعلته ينظر إلى نفسه بأنه صوفي ربما. ومثال ذلك يقول:
" إنهم يفعلون الموت كما يفعلون الحياة نصفا بنصف"
" الموت والحب والشعر كما المطر أفعال فحسب "
" وهكذا افعل الشعر كما افعل الموت والحب والشعر"
" إن موقعي يفرض هذا الموقف لذلك لا أجد الفواصل في بين الموت والحب والشعر".
" وهنا يعتنق الحب الموت كما تعتنق جذور التين خصور التراب الاحبل بالخصب"
" هنا يكون لفعل الشعر مذاق الموت"
ومن ناحية أخرى، يبدو عبد اللطيف عقل بأنه يصف لنا هنا لحظة ولادة القصيدة وما يعتمل في ذهن الشاعر في مثل تلك اللحظة، وكأنه يستشعر لحظة الوجد تلك، التي يتحدث عنها الشاعر الأمير عبد الله الفيصل أيضا في أكثر من موقع، والتي تشابه لحظة الوجد عند الصوفية. وفي ذلك ما يشير إلى ويفسر طبيعة الطاقة التي تكمن وراء الإبداع حيث يقول" هنا أفعل الفرح أو الغضب، أو الرفض بالشعر، وأراني وكأنني أطفو على سطح موقعي كما تطفو اوراق الزيتون وأزهار اللوز على صفحة الأفق الزرقاء وارتبط بالأشياء والأحداث بعلاقة الفرح الواعد بالحب، إنني أتوحد بها حقيقةً يفسدها المجاز، وهكذا تتحدد الصورة بتوزيع خفيف للنور والظل وتكون الألوان سابحة فيَّ في مباشرة لا يودُها ساكنو المقاهي ومحترفو اللعب بالأشياء. لا يُهمّني أنني أتقدم أو أتأخر، أو أنحرف يميناً أو يساراً لأن ممارسة الفعل تفترض الحركة الحرة وأنسى تسميات النقاد. "
ويقول بهذا الخصوص أيضا:
" في درجة فعل الشعر ينعدم التاريخ في لحظة وتصير الأمكنة كلها محشورة في نقطة ".

ويقول :
" وهنا اجدني وكما يؤكد الرفاق في أكثر اللقاءات إنني في الغموض، أو أنني على الحافة، أو أنني مسور بالحزن حيناً، والخوف أكثر الأحيان، لكنني وكما يندفع الدم الواعد من فتحة الجرح الكبيرة أنفجر في كلماتي".

ويقول:
"إن هذا التاريخ العاهر يضعني في قلب الشعر فعلاً حزيناً من أفعال الحب، فهل نحن متصوفون؟"
وهنا نجده يصف لحظات ولادة القصيدة فهو يرى نفسه وكأنه يطفو على سطح موقعه ويرتفع إلى صفحة الأفق الزرقاء، وهو يشعر في تلك اللحظة وكأنه يرتبط بالأشياء والأحداث بعلاقة الفرح الواعد بالحب، ويتوحد بها ولا يُهمّه وهو في مثل تلك الحالة أن يتقدم أو يتأخر، أو ينحرف يميناً أو يساراً وهو ما يشير أن طاقة مهولة قد أصبحت المسيطرة على كيانه ربما كنتيجة لتغير كيماوي حدث في دماغه جعله أشبه ما يكون بكائن ما ورائي له قدرات خارقه تجعله قادرا على التحليق وربما الطيران خارج نواميس الطبيعة. ولذلك ينعدم التاريخ والزمن ويصبح كله في لحظة واحدة كما تصير الأمكنة كلها محشورة في نقطة واحدة وهو ما يشير إلى انتفاء المكان أيضا".
ومن الطبيعي إذا والحال كذلك أن يأتي كل فعل يحصل أثناء سيطرة مثل تلك الحالة الماورائية مهولا، وأن يكون عبقريا، مدهشا، وأحيانا غارقا في الغموض والغرابة والرمزية، وربما النبوءات التي تظهر على شكل كتابات كودية. كيف لا وقد انعدم الزمن وأصبح كله في لحظة واحدة، كما انعدمت الأمكنة وأصبحت في نقطة واحدة.
ومن الطبيعي إذا أن يشعر الشخص الذي يمر في مثل تلك الحالة انه على الحافة، أو أنه مسور بالحزن والخوف في أكثر الأحيان، كما يقول عبد اللطيف عقل، وقد تحول فجأة إلى كائن بقوة ما ورائية لا محدودة. ومن الطبيعي أيضا أن تنفجر الكلمات كما يندفع الدم من فتحة الجرح الكبيرة ".

ومن ناحية ثالثة نجد عبد اللطيف عقل يقدم لنا نصا هو اقرب إلى أن يسمى " مدخل إلى فن الشعر"، حيث يشرح فيه سيكولوجية أو ربما الأصح أن نقول فسيولوجية ولادة القصيدة ومن أين تأتي، والسر الكامن وراء ولادة الشعر، إذ يقول:
" الموت والحب والشعر كما المطر".
ويقول :
" حين تتحلق الأطفال في الطرقات المسيجة بأحذية الجنود الثقيلة، ويتوارى اللوز الأخضر من العيون الصغيرة وينشأ فيك فعل تلونه موسيقى الكلمات البدائية"
ويقول:
" في الطريق إلى القدس، تغيم المرئيات، وتنسد أمامك نوافذ الفرح فتهاجمك إبر الشعر، وتنزلق في روحك أظافر مدببة تستنزف الأعصاب.. فيلد فيك فعل الشعر".
وكأنه يقول إن في ذهن الشاعر وكيانه فتيلة هي مصدر الطاقة اللامحدودة ، والتي أسميتها (طاقة البوزيترون)، وتتشكل تلك الفتيلة على اثر صدمة اليتم، والفجائع، والمآسي، أو ما يشبهها من أحداث وصدمات لا بد أنها تترك أثرا في ثنايا الدماغ، وتكون هذه الفتيلة مصدرا لا محدودا للطاقة الماورائية (البوزيترونية)، وهي النبع المتجدد الذي تنبجس منه القصيدة وكل عمل إبداعي قطعا وعلى الإطلاق.


تخبو هذه الفتيلة أحيانا في ذهن الشاعر اليتيم لكنها تظل في حالة جهوزية تامة للاشتعال المتجدد... ذلك الاشتعال الذي يشبه الوميض، والوهج العظيم، وكأنها من كون آخر سماوي، وهو يُوَلّدْ طاقة لا محدودة في قوتها، كما تم شرحه في نظريتي لتفسير الطاقة الإبداعية، فهو أشبه بلحظة الوجد التي ينعدم فيها المكان والزمان ويصبحا في لحظة ونقطة واحدة، كما يقول عبد اللطيف عقل:
"في درجة فعل الشعر ينعدم التاريخ في لحظة وتصير الأمكنة كلها محشورة في نقطة" فيكون الشاعر عبقريا، فذا، ومبدعا، وكرزميا، وغامضا أحيانا لان كلامه يحتوى على كودات تحمل على لغة مستقبلية، لغة هي أشبه بلغة الرمز. ويظن نفسه ويظنه الآخرون على الحافة لأنه يتحدث بلغة أخرى من عالم ما ورائي، عالم انتفى المكان والزمان فيه وأصبحا في لحظة ونقطة واحدة فتكون كلماته ليست كالكلمات. وهذا تحديدا ما يفسر أيضا القدرة على الاستشراف، والرؤيا الثاقبة، أو ما يطلق عليه البعض نبوءات الشعراء، حيث تتجلي الكثير من الأمور المستقبلية للشاعر فينطق بها، فتحتويها نصوصه وتظل كامنة هناك إلى أن يتبدل الزمان ويصبح المستقبل حاضرا، فيأتي من يفتش قصائد ذلك الشاعر المبدع الفذ اليتيم فيجده قد تحدث في أشياء قبل وقوعها بزمن بعيد، وأحيانا بعيد جدا، ولكن في الغالب بلغة رمزية تحتوي على كودات غير مفهومة إلا في الزمان الذي تتحقق فيه الرؤيا أو النبوءة وتصبح واقعا.


ويبدو أن فعل الشعر أو ولادته يتكرر في كل مرة تتسبب شرارة ما، أو كما يصفها عبد اللطيف عقل أعلاه بإبر الشعر واظافره، في إشعال هذا الفتيل ولو للحظات، فتتشكل تلك الطاقة المهولة فتولد القصيدة...بل يندفع الشعر كما يندفع الدم الواعد من فتحة الجرح الكبيرة وتكون أشبه ما تكون بفعل انفجار، كما يصفها عبد اللطيف عقل أيضا، كونها آتية من مصدر طاقة لا محدودة حيث يقول:
" وهنا اجدني ...في الغموض، أو أنني على الحافة، أو أنني مسور بالحزن حينا، والخوف أكثر الأحيان، لكنني وكما يندفع الدم الواعد من فتحة الجرح الكبيرة أنفجر في كلماتي".
ويذهب عبد اللطيف عقل بعيدا هنا إذ يذكر لنا بعض مثل تلك اللحظات التي تقوم مقام فعل الشرارة والتي تتسبب في اشتعال ذلك الفتيل الكامن في ثنايا الدماغ فتتولد تلك الطاقة المهولة التي تقف وراء ولادة القصائد ومنها كما يقول"
" إنني في موقف الفعل الشعري ...لأنني في موقع التراب الأول"
ولا بد أن التراب الأول هنا يعنى الأرض المحتلة وذلك يعني أن كل ما يصدر عن الاحتلال من قهر ووجع وسجن وألم وحزن الخ...هو شرارة متجددة يمكن أن تجعل ذلك الفتيل يشتعل من جديد.

وأحيانا أخرى تكون لحظات الفرح والجمال عند عبد اللطيف عقل هي تلك الشرارة التي تشعل فتيل الطاقة اللامحدودة كما يقول:
" هنا يصير الشعرُ فرحا، ونحن هنا نفرح بالمناسبة، يوم تتقاطر الفلاحات في أوائل الزيتون والمطر، يوم تتقاطر الجمال والأطفال في أواخر الصيف بين حقول القمح والبيادر، يوم تدخل تلميذات المدارس أو يخرجن في جوقة يحرسها اللون الأخضر المخطط بالوعي، يوم ينور اللوز ويحصرم العنب، إنني أفعل القصيدة يوم تفعل طبيعتنا الجمال، واترك الأصوات تندرس في روحي وعلى الورق.
وهو في هذا النص يصف لنا أيضا لحظات فعل القصيدة أي ولادتها، ففي مثل تلك اللحظة يترك عبد اللطيف عقل "الأصوات تندرس في روحه وعلى الورق"...ولا بد أن تلك الأصوات التي يتحدث عنها عبد اللطيف عقل هي حالة نفسية أو ربما فسيولوجية أو كهرومغناطيسية تنتج عن لحظة الوجد التي هي لحظة اشتعال الفتيل، فتتولد تلك الطاقة اللامحدودة، فيلتقي الزمان والمكان في لحظة ونقطة واحدة... فيتحول الشاعر إلى كائن ما ورائي خارق يتقمصه وحي الشعر، وهي لحظة أشبه ما تكون بلحظات الوجد التي يتحدث عنها الصوفيون ويفسرونها على أنها ذوبان نقطة الماء بماء المحيط وفعل من أفعال الحب والتوحد. تلك الحالة أجاد الشاعر الفذ عبد اللطيف عقل في تصويرها ووصفها حيث قال:
" وأراني وكأنني أطفو على سطح موقعي كما تطفو أوراق الزيتون وأزهار اللوز على صفحة الأفق الزرقاء ....لا يُهمّني أنني أتقدم أو أتأخر، أو أنحرف يميناً أو يساراً لأن ممارسة الفعل تفترض الحركة الحرة ".


ولا شك أن عبد اللطيف عقل وكونه صاحب طفولة مأساوية وقد مر فعلا بفجائع وصدمات عظيمة مزلزلة وهي موت الأب في الطفولة المبكرة ثم موت الأخت ثم زواج ألام والسجن اضافة الى سلسلة هائلة من العذابات المصاحبة لمثل ذلك اليتم المكثف...وعليه نجده قد امتلك فتيل عظيم كان مصدر طاقة هائلة، لا متناهية، وظل في حالة اشتعال دائمة، فتارة بسبب جمال الطبيعة في فلسطين، وتارة أخرى بسبب كثرة ابر الشعر كما يقول هو وأظافره، في ظل فقر وبيوت صفيح ونكبات وهزائم وبسبب الجراد الذي تسبب في الكثير من الأحزان، والمآسي، والأوجاع التي كان يراها عبد اللطيف عقل في عيون الأطفال الذين كان يعلمهم في المدارس الابتدائية، ولذلك نجده عاش الكثير من لحظات الوجد والانفجارات الشعرية والنثرية بلغة رمزية اشتملت على استشرافات ونبوءات والكثير من التجليات المستقبلية والنبوءات التي تزخر بها كتاباته.

فنجده مثلا في هذه المقدمة والتي كتبت في العام 1975 يتحدث عن سقوط غزة وأريحا حيث يقول :
"...ليس فعل الشعر تطريزاً لثيابنا إنه الذي يسير العودة فينا... انه البؤبؤ الذي به الرؤيا .. وأنا لست ادري متى سقطت أريحا وغزة لأنني كنت في السقوطوكأنه كان يشير هنا وبقدراته الماورائية البوزيترونية الخارقة إلى اتفاق غزة - أريحا أولا، والذي تم توقيعه بعد تاريخ تلك الكتابة بسنوات عديدة، ويبدو انه كان يعتبره فعل من أفعال السقوط.

ربما كان عبد اللطيف عقل يعرف سر ولادة القصيدة ويعرف سر الوجد... وان لم يكن يعرف فلا شك انه في شرحه اللاواعي عن فعل الشعر فتح لنا أبواب المجهول لنتعرف نحن على السر.. وكل ما قيل هنا يؤكد على انه شاعر مبدع، وفذ، وعبقري، ذو رؤية ثاقبة وبعد نظر، وكرزما طاغية، وله قدرة على الاستشراف والرؤية المستقبلية، وانه قد امتلك طاقات ذهنية لا محدودة جعلته يعيش لحظات من الوجد انتفى فيها الزمان والمكان فانكشف له الزمن القادم وانفجرت الكلمات على شكل قصائد مزلزلة...ولا شك إننا سنحتاج لسنوات عديدة قادمة حتى نتمكن من فكفكة لغة قصائده الغارقة في الرمزية احيانا، وسبر أغوار نصوصه والنفاذ إلى أعماق ما سطره شعرا ونثرا.

ايوب صابر 06-30-2012 04:21 PM

ساهم في بناء الصرح الثقافي الاهم " موسوعة منابر ثقافية" وذلك من خلال ادراج سيرتك الذاتية التفصيلية مع التركيز على احداث الطفولة.
ويمكنك إن شئت اتخاذ الصياغة العامة لسيرة حياة الروائية ريم بدر الدين المنشورة هناك نموذجا:

http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=8425

ايوب صابر 06-30-2012 10:59 PM

تنبؤات الشاعر الكبير معروف الرصافي

انا بالحكومة والسياسة جاهــــــلُ عما يدور من المكائد ِ غافـــــــل ُ

لكنني هيهات افـْقــــــــــهُ كوننا شعبــــا ً يتامى جـُلـّه ُ، وأرامل ُ

في كل ّ يوم ٍ فتنة ٌ ودسيســــــة حربٌ يفجّرُها زعيـــــــــــم ٌ قاتل ُ

هذا العراقُ سفينة ٌ مســـــروقة حاقت براكيـــــنٌ بهــــــا وزلازل ُ

هو منذ تموز المشاعل ظلمــــة سوداءُ ، ليل ٌ دامس ٌ متواصلُ

شعبٌ اذا حَدّقـْتَ ، كلّ ُ جـــذوره اقتـُلِعـَتْ ، وان دققتَ شعبٌ راحلُ

اما قتيـــــــلٌ شعبـُنا او هــــاربٌ متشـــــــردٌ او ارملٌ او ثاكــــلُ

هذا هو الأمل المرجى صفقــــة ٌ أثرى بها الوغدُ العميلُ الســـافل ُ

هذي شعارات الطوائف كلهــــــا وهم ٌ ، سراب ٌ ، بل جديب ٌ قاحل ُ

القادةالأفذاذ سرب ٌ خائــــــــب هم في الجهالةِ لو نظرتَ فطاحل ُ

هذا هو الوطنُ الجميلُ مسالــخ ومدافن ٌ وخراــئب ٌ ومزابـــــــل ُ

في الثأر أوطانُ التطرفّ مسلخ ٌ متوارث ٌ او مذبــــــح ٌ متبـــادلُ

في كلِّ حزبٍ للنواح منــــــــابرٌ وبكل قبو ٍ للسلاح معامـــــــــــلُ

ولدق رأس العبقريّ ِ مطــــارقٌ ولقطع عنق اللوذعي ّ و مناجــلُ

انتم بديباج الكــلام أماجـــــــــدٌ وبنكث آصــرةِ الوفـــــــاء أراذل ُ

هجرت عباقرة ٌ مساقط َ رأسِها وخلافها ، لم يبق الأ الجـــــــاهل ُ

لم يبق الا الجرح ُ قد خدعوه اذ قالــــوا لنزفه انت جــرحٌ باســـلُ

لا ياعراقُ ثراك نهـــــرٌ للدمــــا وعلى ضفافِه للدموع خمـــــــائلُ

الارض كل الارض من دم شعبنا اتقـّدَتْ مصابيح ٌ بها ومشاعــــــلُ

الارض نبع الحــُبّ لولا شـــلـــة ٌ هي حابلٌ للاجـــــنبيّ ونابـــــــــلُ

يتآمرون على العراق وأهلِــــــهِ زمرٌ على وطن الإبا تتـــــطاولُ

فهنا عميـــــلٌ ضالــع ٌ متآمــــر وهناك وغد ٌحاقـــــدٌ مُتحامـــــلُ

شايلـــــــوك فيها مآس ٍ جمة ٌ ومهـــــــــــازلُ "جذلانٌ بكون بلاده

ومتى العراقُ مضى ليرفعَ رأسَـــهُ دارت فؤوسٌ فوقـَهُ ومعـــــــاولُ

تـُجـّارنا اوطانـُهُــــمْ صفقاتـُهــــــُمْ هم فـــي الخيانة والريـــــــاء اوائل ُ

لكن برغم صليبنا ونجيعنــــــــــــــا فيسوع جلجلة العذاب يواصــــــــل

يحيــا العراق برغم شائكة الدمــــا للنور نبعٌ للحيـــــاة مناهـــــــــــلُ

لاتبك و قافلة ً تمـــوت ، فإثرهــــــا ازدحمت على درب الفداء قوافل ُ

ما أعظم الوطن الفخــــور بحتفـــــــه ِ متشائم ٌ بحياتـــه ، وبموته متـفائل

ايوب صابر 07-01-2012 01:00 PM

قراءة المستقبل في شعر البردوني


عن الموقع الإخباري اليومي : سبتمبر نت.
بقلم رئيس التحرير : بحيى عبدالله السلقدي

صحيفة 26سبتمبر
عاش البردوني صدراً مفتوحاً لكل الناس لم يغلق في وجه أحد
تنبؤات البردوني تندرج تحت بند الاستقراء مع شيء من رهافة الإحساس وشفافية الروح
> لقد ظل القلق والخوف من المستقبل ملازماً لحياة الامة العربية والاسلامية منذ ان قطع التمزق والتشرذم أوصالها وأصابها تسلل الوهن والجهل الى مكامن القوة من كيانها ومن ثم جادت قرائح مبدعيها بكل صور الثبات وأوغلو في قراءة الكف الزمني حتى خيل للمتتبع أساليب تنبؤاتهم أن الأمة قابعة في كهوف الظلام الدامس لا تعي ولا تسمع لذلك ظل المبدعون يدقون نواقيس الخطر ويحذرون من القادم المخيف لكن صرخاتهم وتحذيراتهم ذهبت سدىً وكانوا كمن يحرث في البحر ويبني قصوراً في الهواء حتى إذا ما هبت العاصفة جاء من يقول لقد قال لنا فلان ان هذا سيحدث فما أدراه؟!
لينهض المعنى بين انقاض الخرائب الآدمية بعد فوات الأوان ليعزي الأمة في مصابها الذي هي فيه وفي عدم تفاعلها من التحذير والإنذار المبكر الآتي من ثنايا الأفق للمبدع عبر تجليات الإحساس المرهف.
وها نحن اليوم نستخرج من تحت ركام الثورة العربية معاني كان حقها ان تدرك مبكراً وتستوعب وتبني على أثرها خطط المستقبل لكن طغيان الهواء الاستبدادي مستمر في طغيانه، مفتوناً بثناء الخانعين عليه واستعطافهم لجنابه حتى إذا ما قادنا الطغيان إلى الغرق هلك الجميع دون استثناء.
أ/ علي حسن وهبان
لقد كانت هزيمة 1967م نقطة تحول في القصيدة العربية حتى وجدنا نزار قباني يترك مغازلة ومداعبة الخدود والنهود والشفاة النسائية ويطالع الساحة بقصيدته الشهيرة هوامش على دفتر النكسة التي بدأها بنعي اللغة القديمة والكتب القديمة وأساليب الحياة السائدة ليلاقي من العنت والانتقاد ما كان المفترض ان يوجه الى المتسببين في النكسة.
إن الداخل الى بساتين البردوني يجد نفسه بين مروج الإبداع الانساني وحدائق الوجدان الفني محاطاً بنجوم الشعر وآلهة الجمال وأنوار الروح المشرقة بقبسات الإلهام المحلق في سماء الخيال الملائكي فلا يساعفه التمني إلا أن يكون نحلة ترتشف من رحيق الأزاهير البردونية ما يكفيها لتعود الى الخلية موفورة الحظ فتبتكر الشهد من الزهر والعسل من الرحيق شراباً سائغاً فيه شفاء للناس ولا تهتم بعد ذلك بمن سيكون آكله أو المستفيد منه وتظل المروج زاهرة ويظل الزهر ندياً جواداً بالرحيق العذب مهما كثرت النحل الواردة اليه وتعددت مناحلها ووجهاتها ولم يسمع الناس بزهرة تسأل نحلة من أين أنت وما مذهبك ولماذا تأخذين رحيقي؟ وإلى أين تسوقينه؟ وماذا تفعلين به؟ الى آخر الاسئلة التي تلازم البشر دون سواهم غير أننا قد نجد نحلة تقاتل نحلة اخرى إذ أن الصراع بين الآخذين ناموس من نواميس وجود الجنس الواحد للكائن الحيواني باعتبار التنافس أصل الابداع والتطور.
ولقد عاش البردوني صدراً مفتوحاً لكل الناس لم يغلق في وجه احد وقد خلف الباب مفتوحاً الى قلبه البشري النابض بحب الآدمية السوية والحياة الطاهرة النقية تاركاً ثروة لا تقدر بثمن مشاعة لمن شاء من بني الانسان الاستفادة والإفادة منها او التمتع بجمالها لأنه كان يعتبر الجمال ملكاً للجميع لا فرق بين إنسان وآخر الا بمقدار القدرة على اكتشاف الاجمل، فالأجمل والترقي في معارج الاكتشاف والاستكشاف وها أنا واحد من الوافدين الى جنة البردوني الوارفة مشتاقاً الى التمر واللبن والى استراحة العاشق في جمال معشوقه.
لست اكاديمياً وما كان البردوني كذلك لذلك أطلقت لسجيتي العنان كما علمني استاذي البردوني وتركت مناهج الدارسين رغبة في البقاء على الفطرة التي لازمت الشاعر الفطري عبدالله البردوني.
قال الاستاذ خالد عبدالله الرويشان في مقدمة ديوان البردوني (الأعمال الشعرية الكاملة) لم يكن البردوني مجرد عابر سبيل في حياتناولن يكون أوبالنسبة لليمن فإنه شاعر كل العصور إنه شاعر الألف عام الماضية على الأقل وأحسب أن زمناً طويلاً سيمر قبل أن تعرف اليمن شاعراً آخر يمكن ان يرتقي هذه الذرى التي حلق البردوني في اجوائها وقد كانت ذرىً صعبة مستحيلة على المستويين الابداعي والانساني وإنما يحزن حقاً أن الضوء لم يلق بما فيه الكفاية على تجربته الإبداعية والاكثر مدعاة للحزن أن الاهتمام ينصب في العادة وفي اليمن على وجه التحديد على تأويلات مباشرة وربما لأبيات ومواقف او حتى لرأي عابر في ظرف عابر، وأقول للسيد الوزير هذه هي عظمة الابداع البردونية، وقال الدكتور عبدالعزيز المقالح في تقديمه لأحد الدواوين هل تستطيع الساقية أن تقدم النهر وهل يستطيع النهر أن يقدم البحر.
وأنا إنما أردت الخوض في هذا البحر الخضم فهو البحر بكل ما تعنيه الكلمة وقد قال عن نفسه ذلك:
وحدي نعم كالبحر وحدي *** مني ولي جزري ومدي
وحدي وآلاف الرؤى فوقي *** وكل الدهر عنــــــــــــــــدي
لست إذاً بصدد التعريف بالبردوني ومن اكون حتى انتحل ما عجز عنه المقالح وغيره؟ كل ما أردته هو نيل وسام شرف الكتابة الأدبية من خلال هذا البحر والدخول خلسة الى الحدائق الوارفة في غفلة الرقباء لعلي أحصل على جائزة ثمينة من ملك البحر وسيد الحدائق.
ولم أعد الى مراجع كثيرة وإنما اكتفيت بما لديَّ من تراث البردوني وأطلقت ذائقتي البسيطة في فهم النصوص لأصل الى غرضي من قراءة المستقبل في شعر البردوني.
لكي نحدد ما هية التنبؤات المستقبلية في شعر البردوني علينا أولاً البحث عن فلسفة الشاعر نفسه ومعرفة ينابيع ثقافته ومصادر معرفته ومدى علاقته بالقوى الميتافيزيقية لأن الذين يتنبأون بالمستقبل لابد ان يتمتعوا بقوى روحية تخترق العادات وتتجاوز حدود المعقول الزمني الملازم للحظة التنبؤ ويكون التنبؤ أو النبوة كذلك لسببين الاول أن يكون صاحبها قد وهب من الإدراك ما لم توهب لأبناء جنسه في مختلف الأزمنة والعصور، والثاني أن يكون عالماً فاهماً مطلعاً ومن حوله خلاف ذلك فيرون في توقعاته المنطقة نبوة وليست كذلك، أما بالنسبة للشاعر فإن حظه من التنبؤات هي التي جعلت العرب ينسبون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الى الشعر فرد عليهم الله جل وعلا في كثير من سور القرآن أنه ليس كذلك وحتى سميت احدى سور القرآن سورة الشعراء.
ذلك ان شفافية الروح ورقة العاطفة وسمو المشاعر ترتقي بصاحبها الى معارف عليا مما يجعلها خارج إطار القدرة الجسدية للفهم والاستيعاب وبذلك سمي أبو الطيب (بالمتنبي) ليس لما قيل من انه أدعى النبوة، ولكن لأن في شعره تنبؤات مستقبلية والمتنبين بالاحداث المستقبلية كثيرون كالمنجمين والبعض من المتصوفة وأهل العرفان والزاعمين الاتصال بالجن والمتمكنين من معرفة جوهر الأعداد وهناك اصحاب البصر الخارق والبصيرة الخارقة والفكر الخارق وهناك في العصر الحديث النبواءات الاستخباراتية التي تمهد لأغراض سياسية معينة وتجعلها مقبولة للعوام والخواص وخلاصة القول في هذا الموضوع من وجهة نظري الآتي:
1- إنما نجهله نحن ويعلمه واحد او اكثر من واحد من بني البشر ثم يثبت وجوده فيما بعد قد كان موجوداً غير مدرك للإدراك العادي.
2- أن طبيعة الابداع الانساني باحثة عن الجوهر ومبتكرة لوجود موجودات لم تكن ظاهرة للعيان ولا سهلة المنال.
3- ان التفكر في الاسباب والنتائج بتجرد وحرية تمكن صاحبها من الإخبار عن نتيجة عمل ما (قبل حصولها).
4- إن التحليق بأجنحة الخيال سياحة تفضي عن الإحساس شفافية الشعور بالحدث قبل وقوعه.
5- هناك فرق بين التنبؤ والنبوءة من حيث المعنى وإن كان الاشتقاق واحداً.
6- كلمة نبوءة لا تمس جوهر الدين الا حين تتعارض مع ما جاء به الدين كأن تحلل حراماً او تحرم حلالاً أو تنفي أمراً واضحاً من الدين.
7- هناك فرق بين الإلهام والإيحاء بين تلقي الوحي مباشرة من السماء او عن الملائكة الذي هو خاص بالانبياء والمرسلين ولا حظ لغيرهم فيه.
8- إن السياسة قد تضفي على التوقعات او التنبؤات حالة توصلها الى مرتبة القداسة لخدمة مصالح قوى معينة وكثيراً ما تقوم بذلك اجهزة الاستخبارات وتروج له عبر وسائل الاعلام أو من خلال كتيبات الفلكيين والمنجمين والعرافين.
9- إن تنبؤات البردوني تندرج تحت بند الاستقراء مع شيء من رهافة الاحساس وشفافية الروح والأهم عندي من التسمية يكمن في التنبه الى ما قلته في أكثر من موضع في هذه الورقة من أن البردوني كان حاد البصيرة، ينظر الى المستقبل من خلال التاريخ بأزمنته الماضي، والحاضر، والمستقبل، ويقارن مقارنة فكرية بين الفعل المستمر ونتائجه والزرع وثمرته ويشارك الآتي مشاركة وجدانية تحقق له معايشة الحدث نفسه او رؤيته رأي العين وإن الغالب على قراءة المستقبل في شعر البردوني التصوير الواقعي للحدث، إلا أن ذلك لا يمنع من عدم إتيان بعض القراءات او التنبؤات كفلق الصبح لأن البردوني بشر أولاً وأخيراً وقد يأتي من يستغل نص ما في زمن ما وفق هواه ليحقق غرضاً ما في نفسه وتحديد قراءة البردوني في المستقبل تعود الى البردوني نفسه وعبقريته الابادعية وحقيقته الروحية إذ إن البساطة في حد ذاتها رياضة روحية والعبقرية نبوغ فكري معرفي يحدث مفارقات كثيرة بين الانسان وعصره وثقافة البردوني المعرفية تشتمل على كل الاتجاهات الفكرية والتوجهات الماورائية والمذاهب الفلسفية والعرفانية عقيدته الدينية هي العقيدة التي ترفع الانسان الى درجة الملائكة إضافة الى فقدانه للبصر والتعويض عنه بالبصيرة على اننا نجازف لو اغفلنا السائد في المجتمع العربي عامة واليمني خاصة من التمسك بالتنبؤات المستقبلية وما تعكسه على شخصية الابداع الادبي والانساني على مر العصور يقول في ديوان (زمن بلا نوعية) في قصيدة بعنوان (الحقل العقيم):
قيل جاءوا وغيرهم جاء حينا*** جد شيء فما الذي جد فينا
السراب القديم صار جديداً*** الخواء البديد أمسى مشينا
الجــــــلود التي عليــــــنا طـلاء*** كاذب يركب الفراق الحزينا
إلى أن يقول:
أي فرق مــــــا بين ذاك وهــــــــــــذا*** ذا هزيل وذاك يبدو سمينا
والذي كان كالذي أمتد منـــــــــــه *** نزع الورد شـــــوكه يجتثينا
كيف شئنا زهراً فأعشب شوكاً*** كأن فينا غش البذور دفينا
ويقول في قصيدة أغنيات المغني عام 1977م مخاطباً أم كلثوم:
ألا تنـــــظرين زحوف الصــــليب*** أتوا ثانياً كإنقضاض السباع
يسوسون من نصبوهم رؤوساً*** يدوسون من لقــــــبوهم رعـــاع
هي الخطوة الخطوة استوطنت*** الى الداخل اجتازت المستطاع
فحلت عن الخط أعلى القصور*** ومــددت على كل شبرين بـــاع
ولايترك اليأس يفعل فينا ما يشاء فسرعان مايقفز بنا قفزة واحدة بتساءلاته يقول في نفس القصيدة:
أكل النجوم أنطفأت ربما*** تنحت لأخرى أجد التـماع
فما بين ظاهر هذا الرماد*** وبين طواياه أعلى نـــــــزاع
أما تحت كل خمود بريق*** يدل على مبعث الإندفاع
إن البردوني كاللغوي الذي أدرك المبتدأ ويبحث عن خبره في جمل الاحداث واسمائها وظروفها ثم رحل عن الدنيا وفي قلبه شيء من حتى ولم يرحل الا وقد امطر السين وسوف بأوفر ما في التنبؤات الشعرية من وقائع واحداث يستقبلها المضارع المستمر الى ما شاء الله.
وفي المحاضرة أوراق أخرى مازالت تحت الطبع.
قد لا استطيع تحديد بداية معينة للبردوني في قراءة الكف الزمني او التنبؤ بما سيحدث في الآتي من الزمان ، فالزمان عند البردوني حركة ثورية مستمرة باعتبارها اللفظي والمعنوي ومرد ذلك بتصوري يعود الى ثقافة البردوني الدينية وفهمه لما تحتويه الافعال الثلاثة من الإيحاء الدلالي الذي يمنح المعاني حركة مستمرة وأمثال ذلك في كتاب الله أكثر من ان تحصى ، وعلى سبيل المثال نجد الامر المستمر في قوله تعالى «قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ، وقل يأيها الكافرون، وقل لعبادي» ومما يجمع الامر مع المضارع (قل لا يعبأ بكم ربي)، وكثير هو هذا الضرب من الافعال.
وأما للماضي فمثل قوله «خلق كل شيء وقدره تقديراً» وقوله «خلق الإنسان علمه البيان» أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين، وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم»، أما السين وسوف فقد أضفيتا الى المضارع لزيادة الاستقبال وبذلك يصبح المضارع الاكثر استمرارية واستقبالاً للأزمنة ومن ذلك قوله تعالى «سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم » وقوله «ولسوف يعطيك ربك فترضى» وحتى لا أخوض فيما ليس لي به علم أكتفي بالإشارة العابرة حتى أصل الى غرضي من كيفية فهم قراءة المستقبل عند الشاعر البردوني.
ربما أن تحديد البداية متعذر على اللحظة على الاقل ومع تعذره فلابد لي من الاخذ بطرف الموضوع وتحديداً أبدأ من قصيدة بعنوان (عتاب ووعيد) والتي يرجع تاريخها الى 1/ جماد الآخر سنة 1380هـ إذ نجد ان تاريخ هذه القصيدة أقدم من القصيدة التي أخذت المكان الاشهر بين قصائد ديوانه (في طريق الفجر) ونجد فيها قراءة للمستقبل توحي بأن الثورة على وشك القيام.. يقول البردوني:
غداً سوف تعرفني من أنـــــــــــــا*** ويسلبك النبل من نــــــــبـــــلك
ففي أضلعي في دمي غضبة*** إذا عصفت أطفأت مشعلك
غداً تلعنك الذكريــــــــــــات*** ويلعن ماضيك مستقـبـــــــــلك
ويرتد آخرك المستكــــــــين*** بآثامه يزدري أولــــــــــــــــــــــــــك
ويستفسر الآثم أين الأثيـــــم*** وكيف انتهى؟ أي درب سلك
غداً لا تقل تبت لا تعتــــــــذر*** تحسر وكفن هنا مأمـــــــــــــــلك
ولا لا تقل أين مني غـــــــــداً*** فلم لم تسمر يداك الفــــــــــــلك
غداً لن أصفق لركب الظلام *** سأهتف يا فجر ما أجمـــــــــلك
هذا الفجر هو الذي تغنى به بعد سنة واحدة في قصيدته التي اخذت عنوان الديوان (في طريق الفجر):
أسفر الفجر فانهضي ياصديقة*** نقتطف سحره وفيض بريقه
كم حننا اليــــه وهو شجونـــا*** في حنايا الظلام حيرى غريقه
وتباشيره خيـــــــــالات كــــأس*** في شفاه الرؤى ونجوى عميقة
وظــــمئنا اليــــــــه وهو حنـين*** ظامئ يرعش الخفوق شهيـقه
وليس مهماً الآن تحديد بداية التنبؤ أو قراءة الكف الزمني في شعر البردوني إنما المهم حقاً أن نقف طويلاً على قدرة البردوني على القفز فوق اسوار الزمان ومعايشته الآتي لعشرات السنين وأظن أن أكثر القصائد شهرة في الوقت الحالي وأصدق صورة صورتها قراءة البردوني الوجدانية للمستقبل هي قصيدة (أبو تمام عروبة اليوم) قد تجاوز عمرها الثلاثين عاماً منذ إلقائه لها في أرض الرافدين عام 1971م.
إن في هذه القصيدة من الاكتشاف المستقبلي الحدثي ما جعلها اليوم اغنية الشارع العربي من المحيط الى الخليج حتى ان الانسان يقف حائراً أمام هذا الاعجاز البلاغي المحمول على أجنحة الرؤيا البعيدة لأحداث ما وراء الزمن لعشرات السنوات، بل ان التوافق العجيب بين الالفاظ والشعارات التي استخدمت في الحرب على العراق من قبل المهاجم والمدافع يجعل الفكر بين أمرين:
الاول أن يجزم بأن البردوني عاش الحدث كما هو قبل حدوثه.
والثاني: أن يكون الفريقان المتحاربان قد اتفقا على الأخذ (بالعبارات البردونية) مثل قوله:
اليوم عادت علوج الروم فاتحة وموطن العرب المسلوب والسلب
فكلمة علوج استخدمها وزير الاعلام العراقي (محمد سعيد الصحاف) وكلمة فتح وتحرير استخدمتها قوات الحلفاء او المعتدين على الأرض العربية والعجيب أن يكون موطن إلقاء القصيدة هو المستهدف.
وبالعودة الى النص يتضح لنا دقة في التصوير ولنعيد ما حدث في العراق من خلال النص صورة صورة وحدثاً بحدث وموقفاً بموقف ليتضح لنا بجلاء ما في شعر الراحل (عبدالله البردوني) من قراءة مستقبلية، فالقصيدة والعودة اليها ستحقق العائد اليها صورة المأساة كاملة في رحلة درامية شعرية فريدة ومتجددة يخاطب فيها البطل ماضي أمته العربية العريقة عن طريق مخاطبة الشاعر الأكثر شهرة في ذلك الماضي المجيد ويخوض اليه البحر الذي خاضه شاعر الرشيد (ابو تمام حبيب ابن فراس الطائي) ثم مايلبث الا لحظات حتى يعاجل الماضي بوصف الحاضر المزري وكأن الماضي هو السائل عن الحال.
ماذا جرى يا أبا تمام تسـألني
عفواً سأروي ولا تسأل ماالســبب
يدمي السؤال حياء حين نسأله
كيف احتفت بالعدا حيفا او النقب
عروبة اليوم أخرى لا ينــم على
وجودها اسم ولا لــــــون ولا لقـــــب
ومن أروع صور البلاغة في قراءة المستقبل في هذه القصيدة أنه يحدث الماضي بالحاضر ولا يفصل بين الحاضر والمستقبل كأن الحدث الآتي قد وقع فعلاً
اليوم عادت علوج الروم فاتحة
وموطن العرب المسلوب والسلب
وليس الامر عجيباً فهذا البيت مسبوق بسببه.
من ذا يلبي أمام إصرار معتصم
كلا وأخزى من الأفشين ما صلبوا
وبعد هذه النتيجة الحتمية يصور الموقف العربي برمته أدق تصوير.
ماذا فعلنا غضبنا كالرجال ولم
نصدق وقد صدق التنجيم والكتب
وبإمكان من اراد تتبع قراءة المستقبل في شعر البردوني ومقارنة التنبؤات البردونية بالواقع الذي اعقب ولادة القصيدة أن يرجع إلى دواوينه فمعظم القصائد تحمل هذا النوع بأسلوب واضح ومباشر كما هو في القصائد التالية:
1- عتاب ووعيد.
2- أسمار أم ميمون
3- أبو تمام وعروبة اليوم.
4- أولاد عرفجة الغبشي.
5- يقظة الصحراء.
6- أغنيات في انتظار المغني.
7- وفي رجعة الحكيم.
8- صنعاء والموت والميلاد.
ابن زايد وهو من اشعار التسعينات، نستطيع استخلاص فلسفة البردوني في قراءة الازمنة الثلاثة وبالعودة الى الديوان تتجلى عبقرية البردوني وشفافيته واستطاعته القفز على أسوار الزمن، وليعذرني الجميع إذا لم استطع أن أفي الموضوع حقه.
وأخيراً أجد نفسي حاولت ان استخرج مقتطفات تدل على شفافية القراءة البردونية للأزمنة الثلاثة (الماضي، الحاضر، المستقبل)، ومن أراد المزيد عليه بالرجوع الى دواونه فإنها مليئة بكل ما لذ وطاب، وليعذرني الجميع في قصوري عن بلوغ المرام

ايوب صابر 07-09-2012 03:28 PM

شيء من النثروكثير من النبوءات

في كتابه زمن الشعر يرى ادونيس ان الشعر رؤيا, والرؤيا قفز خارج حدود الزمان والمكان.

فهل قفز ادونيس خارج حدود الزمان والمكان ليأتي لنا بقصيدته ( نبؤة ) وعن اي جسر يتحدث ادونيس في تلك القصيدة ؟ هل هي جسر الشغور؟

ايوب صابر 11-04-2016 03:21 PM

هذه دعوة متجددة للمساهمة في محاولة رصد كل ما له علاقة بقدرة الشعراء على التنبؤ والاستشراف والتوقع.

اهلا وسهلا بمشاركاتكم في اضافة كل ما يتلعق بنبوءة الشعراء..هنا

ايوب صابر 11-04-2016 09:10 PM

عبدالله البردوني.. مؤرخ مستقبل اليمن في قصيدتين

فارع المسلمي 10-07-2013

لن نتحدث عن البردوني أو نؤرخ له هنا بأي حال، وإنما سنكتفي بقراءة تأريخه لمستقبل اليمن (واقعه اليوم)، من خلال قصيدتيه الشهيرتين اللتين تدور حولهما سجالات مجالس النخب الثقافية اليمنية منذ أعوام. وقد كانتا عصيتين على الفهم حتى أوضحت الأحداث الأخيرة، ومنها ثورة الربيع اليمني 2011 غموضهما، لأنه سرد فيهما توقعات فاقت دقتها كل خيال. ففي مطلع التسعينيات من القرن الماضي، كتب البردوني («الرائي» كما يسميه اليمنيون، لأن فقده حاسة النظر لم يشكل عائقا أمامه) هاتين القصيدتين. ولم يسبقه إلى استقراء مجريات التاريخ اليمني بهذا الشكل حتى أكثر المؤرخين نبوغا. وقد ساعده تجديده الهام على القصيدة العمودية، بإدخال الحوار والدراما بشكل غير مسبوق، على إيصال رسائله على لسان أبطال قصائده.
عرف عن الشاعر اليمني عبد الله البردوني صدق نبوءاته الشعرية قبل ذلك بعقود. لكنه كان يكتبها على مقربة زمنية من الحدث، كما كتب مثلا قبل 7 أشهر فقط من اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي (تشرين الاول/أكتوبر1977).


لا تخافي يا أمُّ.. للشوق أيدٍ تنتقي أخطر اللغى، كي تبينا
ولكي تنجبي البنينَ عظاماً حان أن تأكلي أبرَّ البنينا

وقد أكلت اليمن أبر أبنائها حينها بالفعل.
لذلك سئل البردوني ذات يوم من قبل فلكي يمني شهير: هل تنجم يا عبد الله؟
أجاب البردوني بالنفي، لكنه أوضح أنه يقرأ ما سيكون مما كان، وما هو كائن بالقياس والسببية.
في العام 2011 ، خرج شباب الثورة السلمية في اليمن للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس صالح، مستدعين بيتا للبردوني في قصيدة «ربيعية الشتاء»:

عشرين عاما سوف تأتي غدا ما اسم الذي كان بها مختلي؟

تجاوز الرئيس السابق علي عبد الله صالح عاما واحدا عن تقدير البردوني. وسوف نقرأ القصيدة الملحمة عن تاريخ الوحدة اليمنية وخلفية قيامها ومستقبلها، لأنها كانت مرجعا نظريا للثوار. بالمقابل، سنقرأ القصيدة المجاورة لها في ديوانه «جواب العصور» («ثوار، والذين كانوا») لأن أنصار النظام ظلوا يرددونها مقابل «ربيعية الشتاء». ولم يجانب الصواب أحدهما في تقديرات البردوني لما جرى ويجري الآن في اليمن، وببعض التفاصيل أيضا. ومما له اهمية فائقة أن يعتد بأبيات البردوني في صراعات ومحاجات القوى المختلفة، وأن يكون حاضراً بهذا المقدار في الوجدان العام.

ربيعية الشتاء

لا حاجة للإضافة هنا على سرد الأبيات الحوارية بين الوحدة والشاعر، غير التوضيح الضروري للقارئ العربي الذي لا يعرف البردوني وأسلوبه الحواري في الشعر، ولا يعرف الوضع القائم في اليمن خلال العقدين الأخيرين، أو الجمل الرابطة بين الأبيات. فالبردوني رئس العام 1970، أول كيان يمني موحد بين شطري اليمن (اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين)، وهذا قبل عشرين عاما على الوحدة اليمنية. ووقف ضد إعلان الوحدة العام 1990 دون سواه من الوحدويين الأنقياء. وفي مقابلة له مع صحيفة «السفير» العام 1995، بعد حرب صيف 1994، قال إن الوحدة في مرحلتها الأولى كانت مؤامرة على جنوب اليمن، وفي مرحلتها الثانية (بعد تلك الحرب) أصبحت مؤامرة على اليمن بشطريه. وكانت له رؤيته الصائبة التي توضحها «ربيعية الشتاء» بدءا من العنوان. وقد تنبأ فيها بحرب العليين (علي صالح وعلي البيض):

يا بنت أم الضمد قولي لنا أي علي سوف يقصي علي؟

التي حدثت بعدها بسنوات أربع فقط، وأن من ينفرد بها لن يدوم أكثر من 20 عاما، وهو ما حدث بدقة في 2011.

هذا الذي سميته منزلي كان انتظاراً قبل أن تدخلي
كان سؤال القلب عن قلبه يشتاق عن قلبيه أن تسألي

فهو العاشق المنتظر سؤالها، وغير المتوقع قدومها المفاجئ، محل الشك، لأنه لم يعايش مرحلة الطبخ بل رأى الطبخة جاهزة.

أقبل سكر الوعد قالوا صحت؟ أي هوى أرغى بها: عجّلي؟
أشمها مائدتي سائلاً: متى انتهى من طبخها مرجلي؟

فقد أجلت إنهاء مشاكل الأمس لتحملها معها لإرباك اليمن الموحد بها بنداء من لا يراه لها.


أقول: ماذا؟ صاح من لا أرى عليك من نصفيك أن ترحلي

من مكتب التأجيل قالوا: ثبي أنهي كتاب الأمس؟ لا، أجلي

وعلى الأقل لتنجح، عليها أن تنحي القيادات السابقة وتسلم قيادها للشعب قبل أن تؤكل بأكلها جمرهم بفمها، لتصبح محلاً للاتهام.

لأي أزواجي جنى عشرتي؟ خذي سواهم قبل أن تحملي
محاذراً أن تأكلي الجمر عن أنياب مقتاديك أو تؤكلي
تدرين؟ كم قالوا ولم يفعلوا قولي تنحوا جانباً وافعلي

وهم ليسوا وحدويين أصيلين، ولا ينتمون لسلالة جياد الخيول (الموكلية).

هل مرّ يا بني من هنا أو هنا أي جواد جده «موكلي»؟

وذلك مدعاة لتحول الشطرين إلى مجرد (شطيرة) قابلة للالتهام بسهولة لأنها انتهت من حيث يجب أن تبدأ.

أراك غيري آخر المنتهى بدءاً، ونادى من هنا بسملي
قل: أصبح الشطران بي شطرة لا بأس في جرحيك أن ترفلي

ولأنها لم ترق لمرتبة العدل، ولم تعط خيراتها للشعب قبل أن تطلب منه التضحية من أجلها، تحولت إلى مصدر قتل. ولأنها أيضاً تجاوزت الزهور المنبتة لها وعبرت فوقها بأقدام القيادات الأعلى، فقد فقدت عظمتها.

وواقف يفديك فهامة ترقين مثل الشمس كي تعدلي
معوذا كفيك أن تأخذي وريقة من قبل أن تبذلي
وقالت الأزهار: لا تعبري فوقي فيلهو الشوك في مقتلي
هل أنت من تحيين كي تعظمي؟ أو أنت من تحيين كي تقتلي؟

وما أوصلها إلى هذا الوضع الذي أفقدها عظمتها أمام محبيها، أنها جاءت في إطار تصفية القوى في نهاية الحرب الباردة بين أميركا والسوفيات، وكانت جمهورية اليمن الديموقراطية (الجنوب) الحليف الرئيس للسوفيات في الجزيرة العربية. ففي عصر المكر، لا يُسمح بالإنجازات الكبيرة بهذا الحجم. لكن اختلال وهلامية وضع الشطرين وعدم الاعتراف بذلك، بل وعجز كل منهما على تحديد شكله وماهيته بوضوح أدى إلى زواج فاقد القدرة على الخصب والإنجاب لأن العريسين «عنين» و«مشكل».

كيف التقى نصفي بنصفي ضحى في نضج مكر العصر يا مأملي؟
وقال مضن: يا العقيم التي شاءت مواني هنت أن تحبلي
لا رأسمالياً أرى ذا الفتى ولا اشتراكياً ولا هيجلي
وعنده زائرة مثله تزف «عنينا» إلى «المشكل»

والزائرة هنا، للأسف، هي الوحدة، ومعلوم أن الزائر مؤهل للرحيل في أية لحظة.
صحيح أن علي صالح أعاد تشكيل اليمن، لكن من خلال تقوية أقاربه وتسليمهـم مراكز القوة (المقــولي)، على حســاب المواطن العادي الضعيف (الصلوي).

من غير التشكيل عن شكله قوى على «الصلوي» يد «المقولي»

الاستقواء دافع للشعور بالظلم، والحكم بالغلبة، ليبحث الجميع عن العودة للوضع الطبيعي. لكن تعدد القوى (الرؤوس) في هذه الحالة سيكون مدعاة لتعدد الأرجل لتستطيع حمل الرؤوس. بمعنى أن اليمن في حال عودته إلى التشطير هروباً من واقع الوحدة غير السويّ ـ كما ترى بعض القوى حالياً ـ لن يعود إلى وضعه السابق كشطرين بل إلى أكثر من ذلك، ما لم تتحول أعلى القامة (القيادات) إلى الأسفل أي إلى صفوف الشعب لأنهم سبب التشرذم القائم.

زادوا على رأسي رؤوساً فهل تزيدني رجلا إلى أرجلي
ضع نصفي الأعلى على الركن أو حول أعالي قامتي أسفلي

هل هناك غير البردوني من يمكنه رسم هذه الصورة للواقع اليمني حالياً، وهو كان مستقبلاً وقت كتابة القصيدة!

ثوار والذين كانوا
أثناء ثورة الربيع اليمني، كان أنصار صالح يقرؤون قصيدة البردوني «ثوار والذين كانوا» تعريضاً بالثوار. أما اليوم فإن جزءاً من الثوار أنفسهم أصبح يعزي نفسه ويندب حظه بها أيضاً، بعد أن تحولت قوى الثورة إلى مجرد امتداد لسلطة كانت جزءاً منها فأصبحت كلها. فالقوى التقليدية مالكة القوة والثروة والنفوذ قد أحكمت القياد، كما توقع البردوني، لمعرفته بطبيعتها وتحالفاتها المتحولة مع كل تغيير مر باليمن أو مرت به. مع أنها بذاتها كانت تحتاج لثورة لانتزاعها لا أن تتحكم بمصير ثورة ضد جزء منها.

أحين أنضج هذا العصر أعصارا قدتم إليه عن الثوار (أثوارا)!
كيف انتخبتم له ـــ إن رام ــ تنقية من كان يحتاج حراثاً وجزارا!

والبردوني في العادة يضع علامة استفهام نهاية صدر أو عجز البيت الشعري الاستفهامي. لكنه أعلاه اكتفى بعلامة تعجب، كمن يستنكر الأمر بعد التأكد والبت القطعي بتحققه، وهو يرى أن الثائر الكفء لا يستخدم الشعب لمصلحته ويخفي عنه صفقاته السياسية التي يعقدها، ويستجدي الموائد باسمه.

لأنكم غير أكفاء لثورته: أجهدتم فيه أنياباً وأظفارا
تحسون أنخابه في كل مائدة وعن نواظره تطوون أسرارا

فهذه القوى تاريخياً تحرف مسار الثورات التي يضعها الشعب عن مجراه وتزيح القيــادات المفترضـــة عن حكمه لتأتي بنقيضها، وتتحالف بينها مع اختلاف انتماءاتها وتوجهاتها وتناقضها تنـاقض باتيســتا مع جيفارا. ولهذا يجب العصف بهم لأنهم من الأنقاض أصلاً.

وكلما اختار شعب وجه غايته أركبتم كتفيه عكس ما اختارا
وافقتم اليوم ألا يدّعي أحد تعاكساً بين «باتيستا» و«جيفارا»
كلا النقيضين كالأنقاض فارتجلي يا سرة الأرض زلزالاً وإعصارا

ويقول لأساطين الوفاق إنهم لن يستطيعوا منع الشعب من معاودة الثورة. وبالمناسبة، فالحكومة اليمنية الحالية هي الأولى في تاريخ اليمن التي تسمّى «حكومة الوفاق الوطني»، وشخصياتها لا تمتلك فعلاً التجربة الكافية لقيادة البلاد، ومع هذا تدّعي نضجها وصوابية رؤيتها.

لن تمنعوا يا أساطين الوفاق غداً من أن يثور وأن ينصب أنهارا
يا من تحررتم من نضج تجربة هل تلك حرية تحتاج أحرارا؟

ونصل الآن إلى المفصل المدهش في القصيدة، فأثناء أحداث 2011/2012 في اليمن تقاسم الجيش الموالي للثورة العاصمة مع الجيش الموالي للنظام، فأخذ الأول شمال العاصمة صنعاء، والثاني جنوبها. وذلك مدعاة لانتهاء دورة الثورة التي استخدمت أدوات السلطة في عملها. وقد وصف البردوني ذلك، وربط الأمر بوحدة الشطرين ذاتها.

وعندما أصبح الشطران عاصمة مشطورة، هل رأت في الدور ديارا؟
ختمتم الشوط في بدء المسير، وما نزال نجتاز مضماراً فمضمارا

يستأنف الرائي التوضيح بأن الأفعال السلبية التي تنفذ باسم الشعب يجب أن تخضع للمقاومة، لكن ليس ضد الشخص بذاته. ويربط الوضع بموقف الجار (السعودية) الذي يحاصر الشعب بين حين وآخر. وهو ما يحدث حالياً، لمساومة الرئيس هادي على قضايا محل خلاف بين الدولتين الجارتين، كالتهديد بطرد العمالة المخالفة بالمملكة. لكنه يؤكد أن اليمن كبرت عن ذلك، وملأنا البيت والجار: هناك أكثر من 2.5 مليون يمني مغترب في المملكة.

ولا نقاوم سمساراً لمهنته بل الذي سخر ابن الشعب سمسارا
وإن أعدوا لنا جاراً يحاصرنا قلنا : كبرنا، ملأنا البيت والجارا

ليس بعد هذا من مزيد يا عبد الله.
* باحث من اليمن
اليمن ثقافة شعر عبد الله البردوني

ايوب صابر 11-04-2016 09:58 PM

تفكيك "شفرة" تنبؤات الشاعر عبدالله البردوني في قصيدته ربيعية الشتاء

بالنظر والمراجعة والتدقيق في قصيدة " أربعينية الشتاء" وجدت بأن القصيدة عبارة عن شفرة معقدة تشبه إلى حد كبير شفرة دافنشي
التي أثارت جدلاً واسعاً في العالم أجمع بعد كشفها!

فهل وضع الشاعر البردوني شفرته الخاصة لتنبؤاته بالأحداث المستقبلية في هذه القصيدة وربما في غيرها؟!

أستطيع أن أجزم بذلك!

تعالوا لنرى صحة هذه الفرضية عبر تفسير الأبيات التي ظننتها تعبر عن أشياء ولكني بعد إعادة قرائتها مرات ومرات
تبين لي أنه يقصد بها شيء آخر بعيدا عما توقعته .
وكم تساءلت بيني وبين نفسي من هذه التي يخاطبها الشاعر الكبير عبدالله البردوني رحمه الله "بصيغة المؤنث"؟!

فجال في خاطري عدة احتمالات ، حتى وجدت بأنه في بعض الأبيات يخاطب ماسمي بثورة الغيير وليس غيرها .
وعندما أعدت قراءة قصيدته منذ بدايتها على هذا الأساس وجدت بأن هذا الإحتمال هو الأقوى والأصلح والذي ينطبق تماما مع معاني القصيدة كلها من بداية عنوانها حتى أخمص قدميها فاستبعدت ماعداها من احتمالات.
فقد تبين لي بوضوح أن الشاعر البردوني يخاطب في قصيدته الرائعة ماسمي ب"ثورة التغيير"

وتعمد خلط العام بالخاص حتى لايستطيع أحد أن يفكك محتوى شفرته بشكل كلي
وسنجد بأن ماجاء فيها من أحداث كثيرة سبقت حتى ماسمي بثورة التغيير بأعوام مديدة دليلاً واضحاً على أن حدسه كان صحيحاً
بل ودقيقاً إلى درجة كبيرة جداً ومذهلة !

إن حلم الشاعر الكبير البردوني رحمه الله بثورة "نظيفة" هو ماجعله يخاطبها مشفقا عليها للمطالبة بإقامة دولة النظام والقانون "
ويحذرها من مغبة الإستعانة بالفاسدين والثقة بهم.
وقد وضع الشاعر البردوني في قصيدته من النصائح مالو أن أبناء الجمهورية العربية اليمنية أخذوا بها لنجحت ثورتهم نجاحا باهرا
ولكن مافعلوه كان عكس نصائحه تماما!

لن أطيل عليكم في المقدمة . ولكني رأيت بأن هذه المقدمة ضرورة لابد منها.

ربيعية الشتاء

هذا الذي سمَّيتُه منزلي + كان انتظاراً قبل أن تدخلي
كان سؤالَ القلب عن قلبه + يشتاق عن قلبيْه أن تسألي

هنا يخاطب البردوني الثورة التي انتظرها طويلا في مسقط رأسه صنعاء والتي سماها "منزله"
ويقول بأنه انتظرها طويلا بقلبه و"عقله" أي " قلبيه" حيث رمز الى عقله ب" قلبه" أيضا
وهو مايوجد له اصل في اللغة العربية وفي القرآن الكريم. ويقول بانه كان يشتاق اليها
وكأنه كان منتظرا حدوثها منذ زمن طويل " أن تسألي" أي تبادري بالسؤال وهو " الحدوث قبلا" !

أن ترجعي مثل الربيع الذي + يغيب في الأعواد كي ينجلي
أن تصبحي مثل نثيث الندى + مثل نجوم الصيف أن تُلْيلي

منذ البداية يتنبأ الشاعر البردوني بفشل ماسمي بثورة التغيير رغم وصفه لها بانها "مثل" الربيع الذي ينتهي ولكنها ليست ربيعا حقيقيا!
ويطلب منها العودة " أن ترجعي".
والأعواد هنا ربما كناية عن تساقط أوراق الأشجار في فصل الخريف والشتاء وتحول الأشجار إلى أعواد
أو ربما قصد بالأعواد أعواد القات مع ترجيحي للإحتمال الأول.
كما شبه ثورتهم بأنها كانت ك"نثيث الندى وقطراته الباردة " في نفوس الناس في بدايتها واستبشارهم بها أو كأنها نجوم صيفية في ليل دامس .

أن تومئي واعدةً ليلةً + وليلةً تنسين كي تبتلي
كيما تنادي الأرض: أجنيتِ يا + حدائقي أينعت ياسُنْبلي

هنا يحذر البردوني ثورتهم بانها بعد أن كانت تعِدْ الناس بأنها ستكون فاتحة خير عليهم وتظهر بأنها واعدة
والكل يظن بأن الأرض ستنبت سنابل وحدائق غناء إلاّ أنها عندما تنسى وعودها تبتلى فتنادي الأرض بأنها "جنت" رؤوسا قد "اينعت"
وهو كناية عن تساقط الرؤوس وكثرة القبور والحصاد المرير.

***
أَقَبْلَ سُكْرِ الوعد، قالوا صحت؟ + أيُّ هوىً أرغى بها: عجِّلي؟
هذا زمانٌ مذهلٌ ذاهلٌ + عنه فمن حاولتِ أن تُذهلي؟

وهنا يتحدث الشاعر عن ضرب قصر النهدين ويعتبر ان ذلك مزاجية وعربدة وفوضى أرغى صاحبها كالجمل بفعلتها
وأن ذلك سيعجل بالهلاك للجميع من خلال هذا الحادث "المذهل" كما سماه الشاعر من قبل من يسمون بثوار التغيير.

ذا جمر صنعا خُفْتُ إذ أحرقوا + فيه (بخور الشيخ) أن تسعلي

وهنا يتحدث الشاعر عن ضرب بيت الهالك عبدالله الاحمر في صنعاء من قبل نجل المخلوع .
و"بخور الشيخ" هو كناية عن "الدخان" الذي سينتج عن حريق المنزل الذي سيترتب عليه الرعب وبداية الإنحدار والتضعضع في الأوضاع
والذي عبر عنه البردوني ب"السعال".

أن تصرخي: هل رامني موئلاً + مَنْ غاب عن حسبانه موئلي
أظنُّ ماأسرعتِ كي تُدهِشي + هل قال داعي القلب أن تُقْبلي؟

وهنا يتحدث البردوني رحمه الله عن التشريد الذي سيلحق باهالي بعض المناطق في صنعاء
والاستعجال في قرار المواجهة من قبل "من يسمون انفسهم قادة الثورة" والذي سيكلف الأهالي النزوح من منازلهم
دون أن يعتبروا لذلك في حسبانهم أي اعتبار لأنهم لايفكرون إلاّ بأنفسهم
ويتساءل البردوني هل هذا التهور في المواجهة صحيح ويقبله داعي العقل؟ "هل قال داعي القلب أن تقبلي "

أقول ماذا؟ صاح من لا أرى: + عليك من نصفيْكِ أن ترحلي
من مكتب التأجيل قالوا: ثبِي + أنهي كتابَ الأمس؟ لا، أجِّلي
لاتحملي أيُّ كتاب ولا + دواةِ (جيفارا) ولا (الزِّركلي)

هنا ينصح الشاعر ثورتهم بكل وضوح بأن لاترتهن إلى أي من الفريقين "نصفيك" وأن تبتعد عنهما جميعا وأن ترحل وتنأى بنفسها عنهما .
وهو يعرّف هيئة الأمم المتحدة بانهم "مكتب التاجيل"حيث سيساندونهم في البداية ويطالبون بتنحي حاكمهم فورا
ثم سيعودون مرة أخرى ويأجلون الأمر وهنا ينصح البردوني الثوار بعدم الرضى والتوقيع على أي أوراق أو التزامات
مهما "بدا" لهم أن من يسمون أنفسهم ب "قادة الثورة" في مثل "ثورية" جيفارا و"خير الدين الزِّرِكلي" الشاعر الثائر
والمؤرخ والسياسي السوري المعروف الذي حارب الإستعمار الفرنسي.

رحلتُ منْ ساقي، إلى سُرَّتي + منْ أعْرَضي أعدو إلى أطوَلي
مفاصلي كانت طريقي وما + درتْ حصاةٌ أنها مِفْصلي

هنا يتحدث الشاعر عن المسيرة "الراجلة" التي ستبدأ من " ساقي " أي من أسفل اليمن وهي "تعز" جنوبا ،
إلى العاصمة صنعاء التي رمز اليها ب "سرته" لانها في مركز الجسم
ثم هرولة وتحالف أبناء "الجوف" في "عرض اليمن" مع أطوله أي أعلى اليمن " صعدة"
أما المفاصل فهي إب وذمار التين كانتا في طريق المسيرة الراجلة من تعز الى صنعاء
وأما " الحصاة " فمعناها العقل والرزانة وربما أنه يشير إلى انفصال إب وتعز في الأيام القادمة " مفصلي" رغم اهميتهما التي لايدركها حكام صنعاء !
خاصة بعد قمع المسيرة الراجلة وتهميش أبناء اليمن الأسفل وإعادة أنتاج النظام الزيدي العتيد عبر المبادرة الخليجية .

{وضعت هذه الفرضية طبقا للخريطة الخاصة باليمن}

***
أَقرأتُ كفِّي البرقَ حنّى فمي + قرأتُ كفَّ المشمش الحوملي
هل مرَّ يا ابْني مَنْ هنا أو هنا + أيُّ جوادٍ جَدُّه (مَوْكَلي) ؟
هل خلتَ موّالاً كسرب القطا + يزقو ويدعو: ياربى موِّلي

في البيت الأول يتحدث الشاعر عن صعوبات جمة ويرمز اليها ب" المشمش"
حيث أنه معروف بأن فاكهة المشمش لا يظهر ثمرها الاّ بصعوبة ولفترة قصيرة .
ويدل الحومل على السحاب الأسود من كثرة مائه والسحاب الاسود قد يرمز الى الفتن.
والشاعر يرمز بذلك إلى ماسيحدث في صعدة من فتن وقلاقل ويشير إلى الحوثيين وزعيمهم عبد الملك حسين الحوثي ويصفه بانه "جواد"
لشرف نسبه إلى النبي عليه الصلاة والسلام وعلى آله وأن جدهم هو "موكلي" كناية عن إمامهم "المتوكل"

وأن اصواتهم سترتفع مكبرة كسرب الحمام من كثرتهم حتى "ترج" الجبال صرختهم المشهورة.

أسمعتُه (الجرّاش) و(القَعْطَبي) + بكى على (بستان) و(الموصلي)
ومدَّ نحوي سلّةً لم يقل + صِلي بها مهواك أوْ وصِّلي

هنا يتحدث الشاعر البردوني أولا عن فتنة" داعش " والتي ستمتد من "غوطة دمشق" في سوريا - والتي تعني "البستان" –.. إلى "الموصل" في العراق !
ويقول البردوني بان فتنتها ستمتد كذلك نحو اليمن ويرمز اليها ب"سلة" وربما يعني بذلك أنهم سيتسللون.
ويعتبر أن لتلك السلة صلة بسقوط ثورتهم إلى " الهاوية " ورد ذلك في قول البردوني "مهواك" وذلك بسبب صلات " قادة" حزب الإصلاح
بما يسمى داعش وإيصالهم إلى أوكارهم الجديدة ودعمهم وصلتهم بالسلاح والعتاد والمال.
***
ناديتُ: ياذا الورد ضمِّخْ يدي+ فقال: أهلي قطَّعوا أكْحلي
وقال (قاعُ الوطْية) استخبري + (عيشانَ) عن قمحي وعن خردلي

هنا يتحدث الشاعر البردوني عن الجنوب وعن فل لحج وعطورها وكيف أن اليمنيين قطعوا أكحل الجنوبيين أي "اقدامهم" .
وهو كناية عن "العجز" بسبب قطع أرزاقهم وطردهم من وظائفهم وعدم قدرتهم على الجري على أسرهم وممارسة أعمالهم ..

و"قاع الوطية" منطقة توجد في أبين وتسمى ب "الكود القاعي" ويشير الشاعر هنا بوضوح إلى نهب المزارع المثمرة الخصبة الشاسعة
والثروات الحيوانية فيها وكذا نهب أبين كلها بشكل عام .
منها على سبيل المثال مصنع محلج القطن بالكود ومركز الأبحاث الزراعي ونهب مصنع الذخيرة وتفجيره لاحقا
وكذا نهب مصنع التونة وثلاجات الحفظ وسفن الإصطياد وغيرها مما لايسمح المجال بحصره.

وأما "عيشان" فهي منطقة في ذمار في الجمهورية العربية اليمنية ويشير الشاعر إلى تورط أبناءها في نهب أبين.

***
ماذا ألاقي يا(بن علوان) قلْ + يا(عيدروسُ) احْمِلْ معي مُثْقِلي
أيٌي، أنا، بيني وبيني، على + أيِّ الشطايا وجهيَ الجرْولي

هنا يتشفع الشاعر بالولي "إبن علوان" في الجمهورية العربية اليمنية وبكرامات السيد العيدروس في عدن عاصمة الجنوب المحتل ليساعدانه على رفع البلية..
وأما "شطايا" فهي منطقة في دارفور والجرول طائر يعيش فيها لونه أزرق يستوطن في السودان الشقيق.
وسياق البيت يشبّه الشاعر فيه مايحدث في صنعاء من قلاقل واضطرابات بين "الفرقاء" والتي عبر عنها في البيت بعبارة " بيني وبيني"
بما يحدث في منطقة "شطايا" بدارفور من حرب أهلية مما سيتسبب في هجرة الناس من صنعاء
والتي شبه هجرة أهلها بهجرة أهالي دافور التي يستوطن فيها طائر الجرول.
***
سألتُ ذاتَ الودْعِ ماطالعي؟ + أفضتْ بردَّيْنِ: عليَّ ولي
لأيِّ أزواجي جنى عِشرتي + خذي سواهم قبل أن تحملي
جِمالُ هذي الحقْبة استْنوقَتْ + والآن ياإنسانة استرجلي
وغيِّري (يحيى بيفنى) وكي + تُبدِّلي عن جوفكِ استبدلي

يتحدث البردوني في هذه الأبيات عن أشباه الرجال وأشباه النساء حيث يقول بأن الجِِمال تحولت إلى نياق " إستنوقت"
ويتحدث عن استرجال النساء كالمدعوة توكل كرمان التي قالت في إحدى مقابلاتها أن المرأة هي " الرجل الأنثى" على حسب زعمها وأن الرجل "ذكر وأنثى" !
وينصح البردوني ثورتهم بان لاتتخذ من السابقين ممن عاشرتهم من الأزواج زوجا لها .
بل عليها أن تتخذ "بدلا عنهم" أشخاص آخرين وذلك بقوله "خذي سواهم" قبل أن تتورطي" تحبلي".

ويخاطب البردوني في البيت الثاني ثورتهم ويقول "غيري" من يحي إلى يفنى وربما قصد بيحي هو يحي محمد عبدالله صالح
وعزله من قيادة الأمن المركزي وإحلال المدعو المقدشي المجرم الذي لديه سجون خاصة به ويعتبر من الفاسدين الكبار والناهبين للأموال العامة
لذا ينصح البردوني ثورتهم ب"استبدال" المقدشي برجل شريف حتى تستطيع تغيير "مابداخلها" من فساد تغييراً جذريا .
ورمَز إلى ذلك بكلمة "جوفك".

***
واحتثَّني مُسْتقبلي قبل أن + أعدَّ رمّاني ولا حنظلي
قولي: أيبدو منزلي غير ما + عَهِدْتهِ مَنْ قبل أن تنزلي
تنحنحتْ مثل الخطيب الذي + أنساه شيءٌ، صوتَه المحفلي

هنا يعود الشاعر البردوني ليقر بان "المستقبل" قد حثه ودفعه مرغماً باستشراف ماسيحدث من تغييرات وخراب -
"وتحديدا في منطقته وهي صنعاء " منزلي"- وذلك قبل حتى أن يعيد حساباته ويقارن إيجابياته وسلبياته " رمّاني – حنضلي"
وقبل أن تنزل بهم "فتنة" مايسمى بثورة التغيير " قبل أن تنزلي" .
ويشير في البيت الأخير إلى أن الأصوات العالية في محافلهم لمايسمى بثورة التغيير جعلتهم ينسون الغرض الحقيقي من ثورتهم !
***
كان كوجْرالضبِّ ذا البيت لو+ أتيتِ قبلاً خفتُ أن تجفلي
والآن مَنْ بعد التصابي صَبا + وقام بعد العري كي يحتلي
أحضانه امتدت وجدرانهُ + سكرى على قاماتها تعتلي؟

في هذه الأبيات يخاطب البرودني ثورتهم بقوله بأن بيت آل ألأحمر وبالذات حميد الأحمر كان صغيرا كمدخل الضب
وهو دليل على فقرهم وتواضع حالهم وأن الثورة لو أتت قبلا لخاف الناس وترددوا ان يتبعوهم
أمّا الآن وبعد أن اغتنى حميد من السرقة وأموال السحت والحرام وبنى لنفسه القصور واصبح يلهو ويلعب " التصابي"
- تطلّع وطمع في حكم صنعاء ! وبعد أن كان عاريا لايمتلك شيئا أراد أن يتزين .

وقد أراد آل الأحمر أن يحتووا صنعاء رغم قواهم الخائرة حاليا والتي رمز اليها بالجدران التي بدأت بالتهاوي والترنح "سكرى"
برغم علوها كالأبراج التي بنيت حديثا وتتبع أسرة آل الأحمر.
انظروا إلى علامة السؤال والتي هي في نظري عبارة عن استغراب وتعجب من الشاعر البردوني رحمه الله.

لكل قنديل وكأسٍ صِباً + ولليالي فرحٌ مشتلي
وذكرياتٌ ضاحكات كما + حكى (الخُفَنْجي) عن (علي عَيْطَلي)(6)

هنا يقول الشاعر البردوني بأن لكل توهج - والذي رمز اليه ب" القنديل"- وكل عربدة والتي رمز اليها ب" الكأس فورة محددة " صِباً"
وأن الليالي السوداء التي لايوجد فيها بصيص ضوء أو بشير أمل يكمن فرحها في بذر وغرس الأمل في النفوس " مشتلي"
وذلك عبر استحضار الماضي الجميل بذكرياته الضاحكة كما كان يحكيها الشاعر الهزلي الصنعاني "الخُفَنْجي"
والتي يحكيها بلسان "علي عيطلي" وهي شخصية لم أقف لها على أثر
إلاّ أن تكون شخصية إبتدعها الشاعر " الخفنجي" في قصائده والله أعلم.

قال (الشبيبي):نجمكِ الثور يا + (قرنا) وأبدى شكَّه (العَنْدَلي)
قال اجتلى هاءً ودالاً بلا + حاء وواوٍ، فاقطعي، أو صِلي

هنا الشاعر البردوني يقول بان ثورتهم نجمها نجم الثور ومعروف أن برج الثور مواليده من 21 ابريل إلى 21 مايو
وقوله يا"قرنا" هو إشارة واضحة بأن الأحداث التي يتحدث عنها ستحدث في القرن 21 كما أن أهم الأحداث التالية لما سمي بثورة التغيير
حدثت أيضا بتاريخ 21 حيث اعطى البرلمان اليمني الحصانة للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح بتاريخ 21 يناير عام 2012 م
وتم انتخاب عبدربه منصور في في الجمهورية العربية اليمنية في 21 فبراير عام 2012م أيضا.

ثم يقول الشاعر بأنه "ظهر" من يحمل حرفي "هاء ودال" والتي ربما تدل على الرئيس هادي
- بدون "حاء وواو" - التي ربما تدل على اسم حميد وأخوانه أو الحوثيين " والشاعر هنا يخيّر الثورة بين قبول هذا الشخص ورفضه.

***
يُقال أخبرت الشذى أنني + رسولةٌ لم أنتخب مُرْسَلي
فقال: باسمي ضلَّلوني وبي + حيناً، وقالوا: باسمهم ضللي

هنا يتحدث الشاعر في البيت الأول بلسان حال ثورتهم ويقول بأن الثورة حقيقة لم تنتخب "ممثليها" في الحكومة .
فقال " الشعب " بأنهم باسمه ضللوه وأنهم استغلوا الثورة لتضليل الآخرين باسم الشعب.

***
يبدو لسمعي (هَبَليّاً) فهلْ + تحسُّني ألحاظُهُ (المَقْبَلي)
بُولي على جبهته، فادّنى + وقال: شدِّي لحيتي واتفلي
أراكِ غيري آخر المنتهى + بدءاً، ونادى مَنْ هنا بسملي
قل: أصبح الشطران بي شطرةً + لابأس في جرحيك أن تَرْفُلي

الشاعر هنا يتحدث بلسان عصابة تحالف 1994 ويبين بأن فتوى الشيخ مقبل الوادعي الذي اختصر إسمه إلى إسم " المقبلي"
يبدو لسمع العصابة اليمنية سخيفاً جداً أي " هبليا" ويصور تسفيههم لفتواه وكأن عصابة 1994 بالت على جبهة الشيخ وشدت لحيته وبصقت عليه من شدة الهجوم القوي الذي تعرض له بسبب معارضته للحرب.
ومع ذلك لم يبال بما يقولونه وأفتى بعدم جواز الحرب على الجنوبيين.

وبيّن البردوني كيف أن الشيخ مقبل الوادعي حذر من أن هذه الحرب ستكون بداية النهاية لهم وأن النهاية ستكون من صنعاء تحديدا "من هنا بسملي".
ويظهر الشاعر بأن حرب البلدين "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية"
قد أصبحت جرحين غائرين وأن الثورة ستجر أذيالها خيلاء على هذين الجرحين دون أي اعتبار لتلك الجراح !

وهذا ماكان يؤكد عليه من سموا أنفسهم بالثوار من أنهم سيبدأون صفحة جديدة وسيغلقون ملفات الماضي
دون أن يحاكموا القتلة والمجرمين على جرائمهم
وتمثل ذلك في اعطاء الحصانة لأتباع النظام السابق من المجرمين المفسدين وحماية المتنفذين اللصوص في أحزاب المعارضة
والتي شاركته سابقا ومازالت تشاركه حاليا في الحكم وتتصرف على أنها طرف في المعارضة وفي الحكم في آن واحد !
***
هل تسمعين الزفَّةَ الآن؟ لا + أصمَّني يا (دامُ يابَلْبلي)
تسعون طبّالاً وطبّالةً + شهراً وقالوا: مثلُهم طبِّلي

أما "الزفة" فهي مؤتمر الحوار اليمني الذي أصم أسماعنا به نظام الإحتلال اليمني
وأما التسعون طبالا وطبالة فهم عدد الأشخاص الذين وفدوا يوم افتتاح المؤتمر من عدد من الدول العربية والأجنبية

ويقول البردوني بان ثورة التغيير لم تكن حقيقية سوى شهرا واحدا فقط حتى اعتلاها المتنفذون وشيوخ القبائل
وقد أرادوا لما سمي بثورة التغيير أن تكون طبالة من جملة التسعين طبالاً في ماسمي بمؤتمر الحوار

***

هناك من يأبى: أقيلَ انظمي + للكل داراً، أم بها كبِّلي؟
أأنت من غنيتُ: جودي لنا + بالوصل، هل أبكي لكي تبخلي؟
ومَنْ ينادي كالشعاع اهبطي + ومن يفادي عن هنا حوّلي؟
ومن يرى فرديّة الجمع في + كفيك عهداً نصف مُتوكِّلي؟

هنا يؤكد الشاعر بأن أناس سيرفضون رأيه وماسيقوله في قصائده ولكنه يعلن بوضوح أن "للكل دار"
والدار كناية عن الوطن ويقول هل ستغصبون الجنوبيون وتكبلونهم في وحدتكم؟!
ويتساءل هل أنت الوحدة التي غنيت لها وطالبتها بالوصل؟! وبكاؤه هنا من بخلها بالوصل معناه أن وصل الوحدة سينقطع وسنتتهي الوحدة.

ويقول بأن الجنوبيين ينادون كالشعاع "إهبطي" والهبوط معناه السقوط والهتاف ضد مايسمى بالوحدة اليمنية.

وسيكون أبناء الجمهورية العربية اليمنية يدافعون عن مايسمى بالوحدة ولكن الشاعر ينصح بأن لايستمع العقلاء لهذا الكلام وأن يتحولوا عنه.

فالجنوبيين يرون أن انفراد أبناء الجمهورية العربية اليمنية بالحكم والسلطة هو بمثابة حكم” نصف متوكلي "
ودلالة على التخلف والتسلط .والإستمرار في الحكم بعقلية الإمامة رغم ادعاء اليمنيين بأن نظامهم جمهوري !

وقائلٍ كم قيل ما دّللوا + عنها، ولاقالوا لها دلِّلي
عشرين عاماً: سوف تأتي غداً + ما اسم الذي كان بها مُختلي؟
وسائلٍ: ماذا سيجري؟ لمن + جاءت، أيا خضراءلا تأْمُلي
فما أفادت علم شيءٍ سوى + ما ينبغي يا أُمُّ - أن تجهلي

في هذه الأبيات يتحدث الشاعر البردوني عن الوحدة ويقول بأنهم مادللوا على أنها وحدة حقيقية ولا استطاعت الوحدة أن تثبت أنها موجودة بالدلائل

ثم يصرح قائلا بأنه بعد عشرين عاماً مما يسمى بالوحدة سيأتي يوم سيُنسى فيه إسم من كان يختلي بالسلطة ويدّعي بأنه صانع مايسمى بالوحدة وكان يحتكرها لنفسه !

ويتساءل الشاعر ويقول ماذا سيجري بعد سقوطه من الحكم؟ ولمن ستؤول السلطة؟
ويخاطب هنا من أسماها ب"الخضراء" ويقصد بها اليمن ويقول لها ياأم لاتأملي بأن تكوني الحاكمة لليمن !
ويعاتب البردوني بلاده ويؤكد بأنها لم تستفد من علمها المسبق بخروج الأمر من يدها إلى يد غيرها !

وأنه ماكان لها أن تجهل ماينبغي لها أن تعرف مآلاته!

صوغي على كفيك أخرى تريْ + صباك في مجلى صباها الجلي
هل ذاك - ياأولى - الذي يحتفي + إذ جئتِ يخشى الآن أنتأفُلي؟

ولهذا يعود ليخاطب ثورتهم ويقول لها اخلقي أو أبرزي ثورة "أخرى" ، وسترين بأنها ستكشف وستُظهر عنفوانك في قوة عنفوانها.
ويسمي البردوني ثورة التغيير عام 2011 ب " الأولى" ويقول بأن من كان يحتفي بك عام 2011 سيخشى من عودتك كثورة الجديدة " الآن"إذا جئت
حتى لاتغيب مكتسبات الفاسدين التي تحصلوا عليها اثناء ثورتهم الفاشلة عام 2011 !

***
هناك مَنْ يسلوك من يجتوي + هنا الذي يدعوك يا معقلي

ويفرش الخدّين كي تخطري + ويملأ الكأسين كي تثملي

كي تحلمي حلم النواسي، صحا + من سكرة (الكرخي) بقُطرُبُّلي

وواقف يفديك فهّامةٌ + ترقين مثل الشمس كي تعدلي

يجلو بعينيك الرؤى تالياً + نصف كتابٍ كلُّهُ ما تُلي

مُعوّذاً كفيك أن تأخدي + وُرَيْقَةً من قبل أن تبذلي

يقول البردوني بأن "هناك" من نسيك ايتها الثورة و"هناك" من يكرهك و" هنا" أي في صنعاء من يعتبرك معقلا وحصنا منيعا
ولكن غرضه من ذلك هو أن يجعلها مجرد مطية له وسيجعلها تختال وتغتر بنفسها وتتخدر بالمبالغة في إظهار التقدير لها
كي يجعلها "تحت سيطرته" فتحلم الأحلام البيضاء التي تشبه العنب الابيض اللذيذ الفاخر
ليصحو الشعب من التطور العلمي والبناء الذي رمز اليه ب "الكرخي المهندس البغدادي"
ليجد نفسه في زمن الكتاتيب "العلم القديم" والعودة إلى الوراء والذي رمز اليه بإسم "القُطرُبُّلي" .

ولكن هناك أشخاص أذكياء سيدافعون عنها فتشرق عليهم كالشمس بعدلها ويساندها من هو مخلص ليفتح عينيها على الحقيقة
ويزيل عنها الغبش ويفسر للشعب نصف كتاب الله الآخر الذي لم يفسر إلا بحسب أهواء من كانوا يحكمون قبلها.
وسيساعدها المخلصون على أن لاتأخذ شيئا الا إذا كانت تستحقه وبمقابل تبذله مما سيعني محاربتها للرشوة.

***
وقالت الربْوات: أعطي فمي + ثدييك أربو قبل أن توغلي
وقالت الأزهار: لاتعبري + فوقي فيلهو الشوك في مقتلي

يخبر الشاعر البردوني بان سكان الجبال والمرتفعات سيحاولون ابتزاز ثورتهم الجديدة وسيطلبون اموالا " قبل " ان تنفذ قوانين قوية ونافذة بمحاربة الرشوة والفساد
بينما الاجيال الجديدة " الأزهار" سترجوها ان لا تدوس على مستقبلها ليكون الشوك هو حصادها ونهايتها.
***
وللمقاهي عنك صوتٌ لهُ + أيدٍ، وصوتٌ فاقع بُلبُلي
وصائح يدعوك أن تقفزي + وهامس يوصيك أن تكسلي
محاذراً أن تأكل الجمر عن + أنياب مقتاديك أو تؤُكلي
تدرين؟ كم قالوا ولم يفعلوا + قولي: تنحّوا جانباً وافعلي

هنا يقول الشاعر البردوني بأن الثورة الجديدة ستطالب بتنفيذ القانون بالفعل مما سيثير الإرتياح في نفوس الناس في الشارع
وسيتحدث الجميع عنها في المقاهي والتجمعات ولكن هذا المطلب في نفس الوقت سيتسبب في الفوضى والبلبلة من قبل المتنفذين.
فسيأتي البعض ليطالب الثورة بالتنحي عن الحكم وآخر سيوصيها بعدم الخروج من الحكم .
ويحذر الشاعر ثورتهم من أن تأكل السحت الذي رمز له ب "الجمر" بأنياب المتنفذين الذين يحاولون أن يقتادوها إلى الفشل
وأنه في حالة رفضها أكل السحت يجب الحذر من أن تفشل من قبلهم." تؤكل"
وينبهها إلى أنهم قالوا كثيرا جدا مالم يفعلوا وينصحها بأن تنحّي كل من يعارضها دون تردد وأن لاتخاف منهم أبداً.

***
يرتاب هاذا الحيُّ أن تنجزي + يودُّ ذاك الربع أن تمطلي
ذا يرتئي: تلك التي أهجعت + قلاقلي ما أقلقت عُدّلي
أشمها مائدتي سائلاً: + متى انتهى من طبخها مرجلي؟

هنا يقول الشاعر بأن بعض الناس سيتمنى أن الثورة الجديدة تفشل في إنجاز شيء للبلاد والبعض الآخر سيتمنى أن تتعثر خطاها وتؤجل مشاريعها
والبعض الآخر من المستقيمين "العدّل" سيرون فيها أنها ستخمد الفتن والقلاقل التي ستظهر فور إعلانها تطبيق القانون
ولكن هناك من سيحاول الإنقلاب عليها.
***
وقال شادٍ: ماشدت مثلها + أسمار أعراسي ولا مَقيلي
أنسى الدجى والصبحَ وقتيهُما + صوتان: عَوديٌ يلي كُعدُلي
كيف التقى نصفي بنصفي ضحىً + في نضج مكرِ العصرِ يامأملي

هنا يتحدث الشاعر البردوني عن مايسمى بالوحدة وعن احتفالاتها التي استمرت من الليل حتى الصباح
فغنى العَودي الذي يمثل الجمهورية العربية اليمنية وغنت أمل كعدل التي كانت تمثل الجنوب

ويتساءل البردوني كيف أن الوحدة تمت بين الدولتين؟! إلا أنه يفصح أن ذلك تم في "نضج مكر العصر" من قبلهم.
فهل وصلت الشاعر معلومة مؤكدة بأن اليمنيين يبيتون الغدر للجنوبيين ويمكرون بهم أم أنه حدس شاعر كما تنبأ بغيرها من التوقعات في القصيدة؟

***
وقال مضنٍ يالعقيم التي + شاءت مواني (هنتُ) أن تحبلي
يابنتَ أُمَّ (الضهضمدِ) قولي لنا : + أيٌّ عليٍّ سوف يخصي علي
قولي لماذا كنت أمثولةً + سحريةً من قبل أن تَمثُلي

هنا يخاطب الشاعر مايسمى بالوحدة اليمنية ويدعوها ب"العقيم" التي حبلت بسبب شركة هنت للنفط

ويسأل أمريكا التي أعطاها إسم " بنت أم الضهضمد" أي علي سيهزم علي؟ لأنها ستنحاز إلى أحدهما.
ويسألها لماذا كنت "مثالا" للديمقراطية قبل أن تظهري أمامنا على حقيقتك البشعة؟!

***
فقال هَجسُ الأرض: مني رقت + تعيد تشكيلي، ألا شكِّلي
منْ بعضها انبهضتْ إلى كلِّها + أكلُّ وادٍ قال ذي منهلي
شغلت أعراق الثواني فهلْ + يرضي سُهيلاً عنه أن تشغلي؟
في طعم ريق القات تَحمينَ عن + ما قال تُفشين الصّدى المخملي
تسرين في الكاذي فتدنين من + عينيه وجه البارق الأحول
تَنديْنَ في (ياظبي صنعاء) هوى + تَشجينَ في أنفاس (ياصيدلي)
في الحبر تحمرّين أنشودةً + في الكأس تبيضِّين كي تُشعلي
في الجمع تذكين الجدال الذي+ يميّز الأبقى من المرحلي
هل أنت من تُحيينَ كي تعظُمي + أو أنت من تُحيينَ كي تَقتُلي؟
هل خاتمي قانٍ؟ ألي خاتمٌ + يكفي يدي أن سَلمتْ أنملي؟
يا صاحب الصاروخ قلبي على + كفِّي كتابٌ خلفهُ منجلي

في هذا المقطع يتحدث الشاعر عن مواضيع مختلفة تتعدد فيها أنماط الفتن
ويبدأ عشوائيا وبدون تدرج بما يسمى "إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد"
فيقول بأن خريطة الدم سوف "تعيد تشكيل" الشرق الأوسط وستشرذم البلدان إلى قرى وستثير النعرات العرقية والأثنية " أعراق الثواني"
حتى لاتثمر الأرض وتصبح قاحلة جرداء وينشغل الناس عن الزراعة بالحروب وقد رمز لذلك بنجم " سهيل اليماني" رمز الخصب واعتدال الجو والوفرة.
وأن من يتشدقون بالوحدة مثل من يمضغ وريقات القات فلا يخرج منها سوى طعم مر يختلط مع الريق وكل ذلك من أجل أن يحموا مصالحهم
بينما تظهر أهدافهم واضحة رغم تغنيهم بما يسمى بالوحدة "زورا " وبكلام براق ولكن ليس له أي معنى والذي رمز له " بالصدى المخملي"
ويقول بأن الوحدة "تخرج" من الكاذي الذي هو رمز للجنوب وكلمة تسري أي تذهب فتقرّبين أيتها الثورة بارق الصورة لعيون الناس
ليتبين لهم حقيقة ألأمر ولكنهم سيرفضون رؤية الحقيقة فلا يرى الأحول العينين ذلك البارق إلاّ بارقا أحولاً أيضا!

ويقول الشاعر لثورتهم بأنك ترتوين عشقا وتصبحين ندية في ياظبي "صنعاء" وتطربين في أنفاس أغنية "ياصيدلي"
وهي أغنية لبنانية وفيها إشارة لحرب الطوائف في اليمن أسوة بشقيقتها في لبنان أي حرب حزب الإصلاح وحزب أنصار الله "الطائفية".


ويقول لثورتهم بأنها في كل الإتفاقات ستصبح مجرد حبر على ورق لأنها ستكتب عمليا بالدم الأحمر "تحمرين أنشودة"
أي يصبح كل حزب يتغنى بسفك دماء الحزب الآخر باسم الثورة !
ويقول البردوني بأن ثورتهم في الكأس تعكر لونها فتبيض وتشعل الحروب
أي أنهم لن يهنأوا بنتائج الثورة وإنما سيتجرعون الغصص. وعندما يجتمع الأضداد تزيدين الجدال بينهم وتتحولين إلى فتنة
فيجعلون للمشاكل "حلولا دائمة" وبعض المشاكل الاخرى يجعلون لها "حلولا مرحلية" آنية.

ويسأل البردوني ثورتهم بعد تحولها إلى فتنة فيقول لها هل أنت تبقين على البعض حتى تزداد فتنتك وتعظم ؟ أم أنك تبقين عليهم حتى يزداد القتل فينا بسببك؟
ويسأل الفتنة هل خاتمي قان؟ والخاتم هنا كناية عن المُلك ويتساءل هل نظام حكمي دموي ؟" فكلمة قان سبقتها كلمة يحمر"..
ويردف تساؤله هل هو نظام حكم حقيقي أصلا وليس حكم عصابات وذلك في قوله " ألي خاتم"؟ وفيه تشكيك بوجود النظام بشكل تام .
وبعد ذلك يتحدث الشاعر عن استسلام الشعب اليمني للحكام عندما قال: " يكفي يدي أن سلّمت أنملي" ! أي أن الشعب يبصم للحكام بما أرادوا !
ثم ينادي صاحب الصاروخ الذي أطلق من صنعاء على عدن بان قلبه مع من يرفع شعار كتاب وخلفه منجل ويقصد بذلك حكومة الجنوب التي سيغدر بها اليمنيين !




***

لابدَّ من أن تُنْبهي خاملاً + وكي يُرى لابدَّ أن تخملي
لابدَّ من أن تحتفي بالتي + وبالذي لابد أن تحفلي
مَنْ ذا سيعطيك لتعطي ومَنْ + قال خذي، قال الحسي مَغْسَلي
مادَام ذاتُ الأمر مأمورةً + به، دعيه قبل أن تُعزلي
- منّي ابتدا نهجي، ألا فليكنْ + صعباً ولايخشاكِ أن تَسُهلي




هنا يعود البردوني لمخاطبة ثورتهم فيحرضها على أن تنبه الكسول الخامل ويقول بأنه حتى تظهر إرادة الشعب و" يُرى" لابد أن لايعلو ضجيجها بشكل مبالغ فيه
وأن تعطي الشرفاء حقهم ومكانتهم وأن تهتم بهم وينصح بأن يعتمد الثوار على أنفسهم وأن لايطلبوا المساعدة من المفسدين
لأنهم إن أعطوهم شيئا من المساعدات فلن يعطوهم إياه إلا مغمّسا بالإهانة والعار والذل وسيجعلونهم يشعرون وكأنهم يشربون من الحمامات والمجاري " الحسي مغسلي"
ولذلك يقول البردوني مادامت صاحبة الأمر " أي أمريكا" تأتمر بأمر المفسد فاتركي المفسدين قبل أن يعزلونك قسرا وتصبحين لاقيمة لك.
ثم يقول البردوني بأن الشعب هو من بدأ المشوار والطريق وأنه مهما كان الطريق صعبا فلا تخشي المفسدين ولا تكوني سهلة بأيديهم.




***

ياطلعةً ماأذبلت مطلعاً + تقدَّمي هيهات أن تذبلي
ويا ربيعاً شق عمر الشَّتا + تهدّلي للصيف واخضوضلي
إن زيّن الإكليلُ مَنّ قبلهُ + فكلِّلي مَنْ بعده كلِّلي




هنا يناجي البردوني ويحث ثورتهم فيقول لها: ياوجهة للناس لم يذهب " توجهها" بنضارة وجهها إستمري في التقدم محال أن تضعفي.
وياأيتها الثورة التي انطلقت فيما سمي بثورة الربيع العربيفي زمن الشتاء "فبراير" إسترسلي وتمددي إلى الصيف وتبللي بالمطر وبالدموع
فإذا كان تاج المُلك قد زين من حكَم من قبل فإنه سيزين من سيأتي للحكم من بعده.
***
مذ جئت جاء البدءُ مَنْ بدئِه + وعاد من آخره أوّلي
واجتاز ومضاً كان مُستدفئاً + به إلى الوهج الذي يصطلي

هنا يعتبر البردوني مجيء الثورة هو بمثابة إيذاناً بالعودة إلى القهقرى وإلى سابق العهد

ويقول بأن الشعب مر على بريق كان يشعر معه بالدفء في بداية ماسمي بثورة التغيير
إلى أن وصل الحال به إلى حالة التوهج والإشتعال التي سببت له الإحتراق!

فأنكر التأريخ تأريخهُ + لمّا استبان الأمسُ مستقبلي
: لا رأسمالياً أرى ذا الفتى + ولا اشتراكياً ولا هيجلي

لا في (بني عبد المدان) اسمه + لا من (بني باذان) لا (عَبْهلي)

وهنا يوضح الشاعر بأن حكم اليمن تاريخيا سيتغير وسيحكمها رجل من خارجها كما حدث في السابق فيقول بأن هذا "الفتى" ذو نخوة ونجدة وشجاعة ويتسم بالإطمئنان "هادي".
كما انه ليس له انتماء سياسي إلى أي من المعسكرين لا الرأسمالي ولا الإشتراكي وليس هو بالفوضوي
وليس هو من سلالة ملوك نجران بنو الحارث " بنو عبد المدان " ولا هو من من سلالة باذان الفارسية ولا هو من ملوك حضرموت "العباهلة" .

وعنده زائرة مثلهُ.. + تزف (عنِّيناً) إلى (المُشكِل)
ردّي على التأريخ يابنتَهُ + لا تخجلي يؤذيه أن تخجلي

وهنا يقول الشاعر البردوني بأن عند هذا الحاكم زائرة من الخارج "مثله" حيث اعتبر البردوني هذا الحاكم زائرا وطارئا على بلاده !
وأظن بأنه قصد بالزائرة " هيئة الأمم المتحدة " وانها ستحتفل به وتزفه كالعروس ليكون حاكما على أمر غامض وملتبس وغير مفهوم وصعب الحل
مما سيجعله عاجزا لايستطيع فعل أي شيء لحل الإشكال " عنّينا".
ويقول البردوني لبلاده ياابنة التاريخ عليك ان تعيدي الأمور إلى نصابها فإن التأريخ يؤذيه أن تخرج الأمور خارج سيطرتك بسبب عدم حسمك للأمور"تخجلي" .

قالوا: إلى نصف الطريق التقوْا + سجِّل بلا حيفٍ وقلْ: حلِّلي
زادوا على رأسي رؤوساً فهلْ + تزيدني رِجلاً إلى أرجلي

وهنا يشرح البردوني بأن المتصارعين سيتفقون على الإلتقاء إلى نصف الطريق " المبادرة الخليجية" وسيتم " تقاسم" السلطة من جديد وسيتم في الإتفاق على تحليل الثورة لهذا الإتفاق !


ويقول البردوني بأنهم في مؤتمر الحوار سيجعلون دول الإقليم والمجتمع الدولي يشاركون في الحكم مع الحاكم الجديد " زادوا على رأسي رؤوسا"
ويستاءل البردوني هل ستعطي هذه الدول الشعب صلاحيات في ولو في الحد الأدنى " رجلا" لتساعدنا على النهوض من جديد ؟

ضع نصفيَ الأعلى على الركن أو + حوِّل أعالي قامتي أسفلي
مااقتاد تغييرٌ خطاي التي + صيَّرن مالا ينطلي ينطلي

يقول البردوني بأنه مهما حاولت دول الاقليم والمجتمع الدولي تهميش مناطق شمال الشمال وحصارها في ركن قصي عن بقية البلاد "ضع نصفي الأعلى على الركن"
او قلبت الأمور رأسا لى عقب فإن خطى الشعب لن تقوده إلى التغيير لأنه جعل الثورة حيلة للكذب لتنطلي على مالاينطلي من الحقيقة
ولهذا ستفشل ماسمي بثورة التغيير " وهو ماحدث بالفعل" لأن الله ينصر الصادقين فقط فحبل الكذب قصير كما يقول المثل!

***
وأنت ياهذا؟ يقال الذي + سوف يلي يومي أبى أن يلي
لا هذه (سَيّان) لا غيرها + لا (العبدلي) ثانٍ ولا العبدلي
مَنْ غيّر التشكيلَ عن شكله؟ + قوّى على (الصِّلْوي) يَدَ (المقْولي)

ثم يقول الشاعر هنا بأن حاكما آخر سيلي الحاكم السابق رغم رفضه للولاية إلا أن فترة حكمه ستكون كسابقتها
ويقول الشاعر بأن " العبدلي" - التي وضعها بين قوسين - وقصد بها قبيلة من الأشراف منتشرة في مكة وبعض البلدان العربية
وهي غير قبيلة العبدلي الجنوبية الحميرية والتي ذكرها في نهاية البيت - بأن فترة حكمه لن تكون متميزة عن حكم العبدلي "الحميري الجنوبي" والذي خضع للبريطانيين مرغما بعد احتلال عدن.
أي أن الحاكم الجديد سيكون خاضعا للأقليم وللمجتمع الدولي أيضا.
وربما ان الشاعر بهذه المقارنة يتوقع أن الأشراف هم من سيحكمون بعد عبدربه منصور هادي وربما يكون من "الحوثيين"

بما معناه أن اليمني لن يتميز حكمه عن حكم الجنوبي العربي بأي شيء
وأنما سيرافقه "العجز" أيضا فيما يحدث من فتن مستمرة.


ثم يتساءل من غيّر تشكيلة حكومة الوفاق عن شكلها وجعل الغلبة لمهدي مقوله الذي رمز اليه ب " المقولي" على " الصلوي" اليافعي مما قد يعني حدوث مواجهة بين اليمنيين والجنوبيين وخيانة وانقلاب على عبدربه منصور عبر الجيش.

***
فاستضحكت قائلةً: أيُّنا + أراد هذا، قلتُ لا رأي لي
أمّا أنا ما جئت كهفي أنا + وأنتِ كهفٌ بالمنى تغتلي
تهوى سعاداً، ليدياً، غادةً + وأختَ (هنري) وابنة العوذلي
كان ابن جدي زوجَ عشر إلى + أن طلّقتهُ (هَيْدبُ الحوْقلي)

هنا يصور ثورتهم بانها تظاهرت بالضحك " استضحكت" وقد يكون المعنى أنه ضحك يشبه البكاء أو ضحك السخرية لانه متصنع وغير حقيقي
وسألته هل كانت هذه إرادة الثورة أم إرادة الشعب؟! فيقول لها أنه لا رأي له في الموضوع وإنما هو ناقل للأحداث والأخبار لها
"وربما قصد بنفسه الشعب كما ظهر لي" وأن ماسيحدث سيكون بدون رأيه وبغير إرادته .
ثم يتحدث عن نفسه ويقول بأن الثورة لم تنفع الشعب وإنما بقيت الثورة والشعب يغليان معا في كهف النسيان !
وذلك لأن الثورة ليس ولاءها للشعب وإنما للآخرين ! فهي تهوى وتحب "سعادا" أي السعودية و" ليديا " فرنسا لأنه إسم فرنسي
و "غادة " أي الإمارات لأنها في جمال الغادة و"أخت هنري" أي أمريكا وابنة العوذلي أي "الجنوب".
ثم يقول بأن "ابن جده " وهو كناية عن عبدربه منصور لأنه لايعتبره أخيه فهو لايشترك مع اليمنيين في النسب وإنما يشترك معهم في جد واحد
فيقول بأن ابن جده كان متزوجا من عشر " وهي الدول العشرة الراعية للمبادرة الخليجية"
إلى أن تم الإنقلاب عليه من قبل رجل غبيٌّ ، ثقيل جافٌّ "كثير الشَّعر" متعجرف ومتغطرس " هيدب الحوقلي" وأتوقع أن يكون هو حميد الأحمر.
وهنا البردوني تحدث عنه على أنه أنثى لأنه ليس رجلاً بالمعنى الحقيقي.

***

نبغي وتخشى نصف ما تبتغي + فتنثني مثل الشَّجيِّ الخلي
ترجو ولياً نائياً خيرةً + فاختار لقيانا مزارُ الولي

يقول البردوني بأن "هيدب الحوقلي" تخشى من إرادة الشعب وتريد الإستحواذ على نصف السلطة والنفوذ على الأقل
فتحاول حماية مصالحها " تنثني" . وسيكون مهموما كثيراً خالياً من أي هم سوى حماية مصالحه !

ايوب صابر 11-04-2016 10:00 PM

تابع

ويقول البردوني بأن "هيدب" ستحاول الإستقواء بدولة بعيدة " ترجو وليا" باختيارها وأعتقد أنها أمريكا


ولكن تلك الدولة ستجعله يأتي إليها صاغراً ذليلاً إلى بلادها ليستعطفها .
ورمز إلى ذلك بقوله فاختار أي "الولي النائي" لقيانا "مزار ألولي" أي بأن يأتي لزيارة الوالي وتقديم فروض الطاعة والولاء له في بلاده !

***
تمثال هذا هيكلي،أنتَ بي + كصورة فيما اسمه هيكلي
أعطاكِ طنبوراً، أنا مصحفاً + فاعزفْ، ويا أميّتي رتّلي

ويقول البردوني بأن تنصيب هذا الصنم كحاكم سيكون مجرد "إطار شكلي" وأن الثورة والشعب سيكونان مجرد "صورة" داخل ذلك "الإطار" أو الهيكل !
بحيث سينسِب ذلك الحاكم الثورة اليه وسيدعي بانه الناطق بسم الشعب.
وسيجعل الثورة مجرد طبل له وأمَةً طائعة لتلميعه وخدمة مصالحه
وسيجعل الشعب يسبح بحمده و"سيدعي بانه يحكم بالقرآن" !
وكما نلاحظ هنا بأن ثنائية الفعل تتناقض مع ثنائية التكليف !
فهو " أي هيدب" سيعطي الثورة الطنبور وسيعطي الشعب المصحف
ولكنه سيطلب من الشعب العزف وسيطلب من الثورة أن ترتل القرآن مايعني بأن ماسيقوله سيكون عكس مايفعله تماما!

***
عزفتُ غازلت التي والتي + حتى أتتْ مَنْ كسّرت مغزلي
فالتمّ بحر القلب في كفّها + كوباً بنهديْ كرمةٍ يمتل

هنا يخبرنا الشاعر البردوني بأن اليمن طبلت للكثير من البلدان وغازلت الكثير من البلدان
وفي الأخير ستخضع تماماً للبلاد التي سيستقوي بها "هيدب الحوقلي" ويجعلها "واليا عليه وعلى الشعب"

ولكن هذه الدولة ستسلبه كل قواه وستقلم أظافره وستجعله لاحول له ولاقوة
وحينها ستنهب مافي البحر والبر وتعتصر كل الخيرات كما يعتصر العنب في الكوب حتى يمتليء !

***

إلى رضاعي جئتِ مني ومنْ + تخرُّجي فيكِ ابتدأ مدخلي
كي يرتدي عينيك معنى الضحى + كي تبتدي الأنهار من جدولي

يقول البردوني بأن الثورة جاءت من أجل أن تعطي خيرها للشعب " "إلى رضاعي جئت"
وأنها تنتسب إليه "جئت مني" وأنه حين ينتهي منها الشعب ستكون بداية ومدخل للحقيقة
وسترى بعينيها ضوء الشمس وستبدأ انهار من الدماء تجري من دمي " جدولي "

***
أما تساقينا البروقَ المِدى + وآنَ أنْ أغلي وأنْ تهطلي
أن ينشر (المهديُّ) منك اللوا + أو يركض (الدجّال) من منزلي

وأخيرا يقرر البردوني بأنه عندما يثور الشعب ونتساقى "كأس المنون" ونرفع أسلحتنا"البروق المدى "


وأخيرا يقرر البردوني بأنه عندما يثور الشعب ونتساقى "كأس المنون" ونرفع أسلحتنا"البروق المدى "
وهي السكاكين والخناجر الحادة اللامعة التي تبرق وذلك لغرض أن تكون خيرات الثورة الجديدة لنا فهناك احتمالين :
أما أن يأتي رجل عادل" مهدي" من هذه الثورة ويرفع رايتك عاليا
وإما أن يأتي رجل جائر فاسد " الدجال" من صنعاء أو كما قال البردوني من " منزلي" !

مايو يونيو 1990

ايوب صابر 11-06-2016 12:42 AM

هل تتحقق نبؤة البردوني : الشيخ حميد الأحمر رئيساً لليمن قبل انتهاء الفترة الإنتقالية ؟



يمن تودي نت -خاص -صالح البيضاني:
قبل الثورة الشبابية بعام كتب الصحافي والكاتب عزت مصطفى عن نبوءة توشك أن تتحقق للبردّوني بزوال حكم علي عبدالله صالح الذي كان حينها في أوج قوته، كتب عزت مصطفى في صحيفة الشارع في فبراير العام 2010م ما يلي: في مارس 1977م كتب الشاعر العظيم عبدالله البردّوني قصيدته "الحبل..العقيم" وقال فيها:
لا تخافي يا أمُّ.. للشوق أيدٍ
تنتقي أخطر اللغى، كي تبينا
ولكي تنجبي البنينَ عظاماً
حان أن تأكلي أبرَّ البنينا

ولأنها النبوءة الوحيدة في شعر البردّوني التي تضمنت شرطاً قبل الفعل المضارع فقد جاء تحققها سريعاً.. إذ أكلت البلد أبرَّ بنيها في 11 أكتوبر من نفس العام؛ بعد 7 أشهر فقط من كتابة القصيدة.

***

في أغسطس 1987م كتب البردّوني قصيدته "حراس الخليج"، وقتها كانت العلاقات الكويتية العراقية في أفضل أحوالها قبل توقف الحرب العراقية الإيرانية، مقطع من 3 أبيات لخَّص النبوءة التي تحققت بعد 3 سنوات تماماً من كتابة القصيدة، بغزو صدام حسين للكويت في 2 أغسطس 1990م وإحراق آبار النفط قبل خروجه منها:


البحرُ يا نفَّاط متقدٌ
غامر وإلا اجتاحكَ الغَمرُ
حُراسكَ اشقرّوا متى انقرضت
)عبسٌ) وأين تغيَّبت (نمرُ)؟!

في البيت الثالث من المقطع ذاته يلخّص البردّوني نبوءته باحتلال العراق الذي جاء بعد 16 عاماً من القصيدة (راجع هامش القصيدة الذي يشرح فيه الشاعر مناسبة ورود عبارة "كلاب الحوَّاب".

أتُرى (كلابُ الحوَّابِ) اشتبهت
أم أُلجِمت عن نبحِ من مروا؟!

***

نهاية مايو-بداية يونيو 1990م وبعد أيام قلائل من تحقيق الوحدة اليمنية، قال في قصيدته "ربيعية الشتاء"

يا بنتُ أمِّ (الضمدِ) قولي لنا
أيُ عليٍّ سوف يخصي علي

لم يكن البيت أعلاه ملفتاً حينها فيما علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض يتعانقان أمام الكاميرات، بعد 4 سنوات من القصيدة أخصى عليٌ علياً، ولعلنا نشهد تحقق النبوءة في هذا البيت بشكل مختلف لاحقاً.

نبوءة أخرى في "ربيعية الشتاء" لم تتحقق بعد، يقول البردّوني:
عشرينَ عاماً سوف تأتي غداً
ما اسم الذي كان بها مُختلي؟

وخلال 2010م ستكون العشرين سنة قد انقضت.

إلى هنا انتهت نبوءة البردّوني وبعد عام من المقال تقريباً اندلعت الثورة الشعبية في اليمن التي أنهت اختلاء علي عبدالله صالح بالسلطة..


الكاتب والصحافي عزت مصطفى الذي عرف بتتبعه لنبوءات الشاعر الكبير عبدالله البردّوني يكشف اليوم عن المزيد من تلك النبوءات التي تركها الرائي ويبدو أنها تتحقق بشكل مثير للدهشة وكأن البردّوني كان يراها بأم العين فهو الرائي في زمن العميان.


يقول عزت مصطفى في تحليله لنبوءات البردّوني الأخرى:
سيحكم أحدهم اليمن 4 سنوات بعد الفترة الانتقالية مع أنه سينتخب لـ 5 سنوات، أظنه سيكون عبدربه منصور هادي، أما السنة الأخيرة من جملة الـ 5 سنوات فسيحكمها حميد الأحمر، وبعد السنة الأخيرة التي لحميد سيتغير الأمر كلياً، كلهم سيسقطون بما فيهم التجمع اليمني للإصلاح.


* هل هناك قصائد أخرى غير "ربيعية الشتاء" يتحدث فيها عن الثورة الشعبية في اليمن وانتهاء حكم علي عبدالله صالح؟
- نعم كثيرة، أشهرها "ثوار والذين كانوا"، وفيها يذم حكومة الوفاق.


* وهل تنبأ بالربيع العربي عموماً؟
- نعم، ففي حوارية شعرية تدور بينه وبين شخص مفترض، يقول:
وأنت من تدعى؟ نبياً بلا قومٍ،
وإعجازي سقوط الدول
فإن نفى دعواك فاهمس له
يبدو نبيـاً وجهه ما اكتمل
هنا يؤكد أن قصائده عبارة عن تنبؤات بالمستقبل، ويقول أن إثباته على دعواه هذه هي (سقوط الدول)، وهذا ما نشهده الآن في وقتنا الحاضر، ويقول في قصيدته "أمين سر الزوابع":
وكان (عيبان) يأتي حافياً: أهنا
أهلي؟ ويدنو بعشب النار يشتملُ
وكان يهمس مِن خلف الهدير فمٌ:
لا يورق الناس، حتى تذبُل الدُّوَلُ
أنا أقرأ هذه الأبيات على ما يفيد قوله أن الثورة التي ستشهدها اليمن ستأتي بعد أن (تذبل) دول أخرى، وبعد ثورتي تونس ومصر بدأت أقرأ هذه الأبيات بشكل مختلف عما كنت أقرأها سابقاً، وإذا وقفنا عند تسمية قصيدته "ربيعية الشتاء"، فقبل ثورات الربيع العربي كنت كلما فتحت ديوان البردّوني وقفت عند اسم هذه القصيدة، أي صورة فنية في تسمية هذه القصيدة، لا شك في أنّ صورة فنية جلية فيها، إنما ما مغزى هذه الصورة وهذه التسمية، وبعد ثورات الربيع العربي وجدت التسمية صريحة لا تنشغل بالصورة الشعرية بقدر ما تشير إلى الدلالة، الربيع العربي الذي حدث في فصل الشتاء، حتى أن بعض الكتاب والإعلاميين الموالين للأنظمة الساقطة أسموها "الشتاء العربي"، نعم هو ربيع عربي في فصل الشتاء، لذا فالقصيدة واضحة الدلالة "ربيعية الشتاء".
*كيف سيحكم حميد؟
الاحتمال المنطقي أن يكون نائباً للرئيس، وفي الوقت الذي يغيب الرئيس عن المشهد لأي ظرف من الطبيعي أن يكمل النائب بقية فترته الرئاسية، ربما يتولى حميد بشكل آخر غير أن يكون نائباً للرئيس، لست متأكداً، ما أنا على قناعة منه أن سبع سنوات ستمر بين التسوية السياسية التي أعقبت الثورة وبين التغيير الذي يبشر به البردّوني، وإذا حسبناها بحسبة بسيطة، فستكون سنتين للفترة الانتقالية، وستتبقى 5 سنوات، هي فترة رئاسية كاملة، يحكم حميد في آخرها مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن سنتين، وهذا يعني أن الرئيس المنتخب بعد الفترة الانتقالية لن يكمل فترته كاملةٍ، بل سيكملها نيابة عنه حميد.
أعتقد أن الأمر الأضمن الذي يوصل حميد الأحمر للرئاسة هو أن يحكم قبل الانتخابات كرئيس فعلي، ويدخل الانتخابات بعدها وهو أصلاً رئيساً للجمهورية، ما عدا ذلك ففرصه بالفوز ستكون ضئيلة، ويبدو أن هذا ما سيحدث، لاحظ معي أستاذ صالح ما يقوله البردّوني:
مرَّت ثمانون شهراً مِنْ تخرُّجنا
معاً، أما زلتمُ - كالأمس - أغمارا!؟
هذا البيت من قصيدته "ثُوّار .. والذين كانوا"، وفيه يحكي عن ثورة فبراير تحديداً، تفاصيل مثيرة وكأنه يشهد الثورة معنا، وكما نعرف أن اليمن لم يسبق وسمى حكومة ومن حكوماته باسم "الوفاق" ومع هذا يقول البردّوني في ذات القصيدة:
لن تمنعوا يا أساطين الوفاق غداً
من أن يثور وأن ينصبَّ أنهارا
مهما اقتدرتم، فما عَطَّلْتمُ فَلَكاً
ولا أحلتمْ محيّا الشمس دينارا
هو يؤكد هنا على قيام ثورة ثانية متممة لثورة 11 فبراير، رغم محاولات شركاء الوفاق منعها، وهو يتحدث عن هذا في أكثر من نص، مثلاً إذا رجعنا إلى قصيدته "ربيعية الشتاء" التي تنبأ فيها بانتهاء اختلاء علي عبدالله صالح بالسلطة مع نهاية 2010م، سنجده يتحدث عن ثورة أخرى تالية للثورة التي تنهي حكمه.
ماذا يقول في "ربيعية الشتاء"؟

يقول فيها:
عشرين عاماً: سوف تأتي غداً
ما اسم الذي كان بها مُختلي؟
وسائلٍ: ماذا سيجري؟ لمن
جاءت، أيا خضراء لا تأْمُلي
فما أفادت علم شيءٍ سوى
ما ينبغي يا أُمُّ - أن تجهلي
صوغي على كفيك أخرى تريْ
صباك في مجلى صباها الجلي
هل ذاك - يا أولى - الذي يحتفي
إذ جئتِ يخشى الآن أن تأفُلي؟
هنا بعد العشرين العام التي سيختلي بها علي عبدالله صالح بالسلطة من وقت كتابة القصيدة، ماذا سيحدث بعد سقوط علي عبدالله صالح، يقول لنا البردّوني: "أيا خضراء لا تأْمُلي"، ومن ثم يقول: " صوغي على كفيك أخرى تريْ.. صباك في مجلى صباها الجلي"، وإذا بحثت في القصيدة عن قصده بـ "الأخرى"، فلن تجد أي تصريح عن "الأولى" كي تقرن الأخرى بها وتعرفها من خلالها، لذا فالأولى هنا هي الوسيلة التي ينتهي بها اختلاء علي صالح بالسلطة، وطالما صرنا نعرف أنها الثورة الشعبية، فإذاً فالأخرى هي ثورة شعبية ثانية متممة للأولى.
هل ذاك - يا أولى - الذي يحتفي
إذ جئتِ يخشى الآن أن تأفُلي؟
أما متى تكون الثورة الثانية؟، فكما أشرنا إلى أنه في قصيدته "ثُوّار .. والذين كانوا" التي صرح فيها إلى "أساطين الوفاق" فقد قال ثمانون شهراً، وفي رائعته "رجعة الحكيم بن زائد" يقول:
هل حلت (السبع) هنا أو هنا؟
سل وردةً عنهن، أو سل (هدى)
الغرابة وربما الفرادة في شعر البردّوني أنه لم يذكر "الوفاق" إلا وأقتدحه، مع أن "الوفاق" شيئ محمود، وهذا مغزى يجب التوقف عنده، هو يتحدث عن وفاق عاشه بالرؤية والتنبوء وسنعيشه حقيقة وتفصيلاً من بعده، يقول أيضاً:
لأن الزمان اثنان: حرب وهدنة
وسر الوفاق اثنان: ماح وراقش
وما هذه الأثداء إلا مشاجب
ولا هذه الأذقان إلا حشائش
في رجعة الحكيم يحدد المدة بسبع سنوات، والسبع سنوات 84 شهراً، هذا إذا حسبنا المدة منذ توقيع المبادرة الخليجية في الرياض، وإذا حسبناها من وقت انتخاب عبدربه منصور هادي، سنجد 3 اشهر فارقة، ولنا أن نقول أن لضرورة شعرية قال 80 شهراً بدلاً عن 81 شهرا، عموماً هي سبع سنوات، سنتين فترة انتقالية بعدها 5 سنوات فترة رئاسية كاملة برئيسين، حميد أحدهما.
إذا السبع سنوات منذ التسوية السياسية وليس انطلاق الثورة؟

نعم ويبدو لي أنها سبع سنواتٍ عجاف، إذ يقول عنها:
هذه أخبار مَسْبعةٍ
لتهم الغربان والرَّخما
كيف عني الآن أدفعها؟
هل ترى إيضاحها انْبَهما؟
هنا يود البردّوني لو أنه يستطيع أن يدفع هذه السنوات عن الناس، ويمنع مجيئها، وأخشى أن يكون البردّوني يلمح إلى حرب ستتخلل السبع السنوات:
حيث كنا، لكن لماذا أضعنا
في التعادي سبعاً، وفيم الخصام؟
جرحتنا الحروب في غير شيء
وبلا غاية دهانا السلام
وعن الشخص الذي يحكم آخر سنة أو سنتين من هذه السبع العجاف قبل أن تندلع الثورة الشعبية الثانية يقول:
هنا أدخل الريح مِن إبطها
وأوصي المهبَّات أن تخفُتا
أتى سيء الصيت فلتحذروهُ
أتى يبتغي الأعنفَ الأصيَتا
فأيُّ مباغتةٍ تحشدون؟
تنحَّوا، أرى برقُه أبغتا
لقد أزغبت بنت (عشتار) فيهِ
وأُختا (سهيلٍ) بهِ أومَت
وأخشى هنا أن يكون المقصود بـ "أختا سهيل" قناة سهيل وأختين أخريين من القنوات السائرة على منوالها، أما عن هذا الذي سيحكم في آخر العهد الممقوت، فيقول أيضاً:
ماذا قوالوا عن مُدّته؟
قالوا: سيموت ولا يمرضْ
قد يحكم قرناً، أو سنةً
أخرى، يستوفي ما أقرضْ
من خلال إحساسي العميق بهذه القصيدة، أظن أن هذا الرجل الذي سيحكم مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن سنتين، لا يقتل، ولا يمرض، سيموت ربما فجأة، ربما "السكتة القلبية" أو ما شابه، وسيكرس مدة حكمه لما يقول عنه البردّوني "يستوفي ما أقرضْ"، وأظن أن هذا الشخص هو المقصود بقصيدته "من ذا بقي"، التي يقول فيها:
أتاكم (حميد): عموا ضحوةً
تعايون أمراً، فماذا استجد؟
هل يقصد في هذا البيت الفترة التي تلي انتهاء عهد علي عبدالله صالح؟
هل سيفنى ويليه عكسه؟
ربما يمتد أطغى في العقب
- نعم، هو كما تقول، ويقول أيضاً بعد هذا البيت:
وبذا يزداد طولاً فوق ما
زاد، يا تطويل من ذا يقتضب؟
هذا حميد وحكم الاصلاح منذ المبادرة الخليجية، إنه يتحدث عن ثورة ليس للاشتراكي ولا الاصلاح يد فيها، لاحظ هذين البيتين من قصيدته "ثوّار والذين كانوا":
هل الشيوعيْ أتى المالي كما قصدتْ
محنيَّةُ الظَّهر والثديين عطّارا؟
كِلا النقيضين كالأنقاض فارتجلي
يا سرّة الأرض زلزالاً وإعصارا
واستفتحي عالماً أنقى يرفُّ صباً
ويثمر الثَّوَرات الخضر أبكارا
أحد المسببات الرئيسية للثورة هو تعطيل الحياة السياسية التي نتجت عن ائتلاف الشيوعي والرأس مالي (الاشتراكي والإصلاح)، قصيدة "ثوّار والذين كانوا" كتبت نهاية الثمانينات من القرن الماضي، والبردّوني غادر الحياة الدنيا قبل أزيد من 3 سنوات على نشوء اللقاء المشترك، إنه يتنبأ بما سيحدث لاحقاً، هذه قناعتي، تنبؤ وليس استقراء للمعطيات.


*أنت تقول أن حميد سيحكم آخر سنة أو سنتين في السنوات السبع، ماذا بعد حميد؟
ويليه أمرٌ مأمورٌ
بالشعب، وللجُلّى أنهضْ
أحرى بالقمِّةِ مَنْ يدري
ماذا يُختار، وما يُرفضْ
وعن مصير أسرة علي عبدالله صالح وأسرته يقول مصطفى: أسرة علي عبدالله صالح سيسحب البساط من تحتها شيئاً فشيئاً.. لن تنتهي الفترة الانتقالية إلا وهي خارج المشهد السياسي، ويضيف: أتذكر يا أستاذ صالح أنك بعثت لي مرة قصيدة "مأساة.. حارس الملك"، وكنت تؤكد أن المقصود في كثير من أبياتها اللواء علي محسن الأحمر، وأنا أقرأها الآن أعود إلى ما قلته لي سابقاً، وأرى ما تراه يا صديقي، يقول في هذه القصيدة:
اشعر الثوار أني منهمو
سوف تبدو سيئاتي حسنه
لست من عائلة الأسياد يا
إخوتي، إني (مثنى محصنه)
إنني سيف لمن يحملني
خادم الأسياد، كل الأزمنه
هذا علي محسن لا غيره، وأذكر أنك عدت لتسألني عن القصيدة، فقلت لك أني لم أنتبه لها من قبل، فسألتني هل هذين البيتين يعنيان أحزاب اللقاء المشترك الستة، وأنهم سيحلون محل المؤتمر الشعبي العام، فقلت لك قد يكون هذا ممكناً في معنى البيتين الذين يقول البردّوني فيهما:
أي نفع يجتني الشعب إذا
مات (فرعون) لتبقى الفرعنه؟
نفس ذاك الطبل، أضحى ستة
انما أخوى وأعلى طنطنه
هذه القصيدة من بين قصائد عدة يتعمد البردّوني تقسيمها إلى مقاطع، كل مقطع فيها يحدث عن أمر أو شخص مختلف عما يتحدث عنه المقطع السابق له، وأتصور أن القصيدة لا تعني فقط علي محسن الأحمر، وإن كان حضوره الأبرز في القصيدة حتى من خلال تسميتها، بل أرى أنه مثلما قد يكون ذكر أحزاب المشترك، فإنه قد يكون أيضاً يقصد حميد الأحمر بهذا البيت:
عن أبي، عن جده مملكتي...
طلقة بثت خيوط العنعنه
لاحظ أنه في هذا البيت يتحدث عن شخص غير الذي ذكره في البيت السابق الذي يقول فيه:
لست من عائلة الأسياد يا
إخوتي، إني (مثنى محصنه)
هذان شخصان وليس واحد.. لكن تسمية القصيدة تتحدث عن الشخص الأكثر حضوراً في موضوع القصيدة.
وعودة إلى سؤالك بالتحديد، يحضرني بيتين للبردّوني يبدو لي أنهما يعنيان أحمد علي عبدالله صالح، في قصيدة كتبت عام 1992م، وإذا نظرنا إلى فترة كتابة القصيدة فهي فترة لم يكن أحمد علي ابن الـ 20 عاماً حاضراً في المشهد السياسي الذي ما زال الحزب الاشتراكي شريك فيه في حكم اليمن بعد الوحدة وقبل الأزمة السياسية التي سبقت حرب 1994م، ولم تثر أي شكوك في ذلك الوقت حول نية علي عبدالله صالح توريث الحكم لابنه أحمد، لكن البردّوني يقول في القصيدة:
من قال غير (أحمدٍ)
أحصة الأم السدس؟
وما اتقى رئاسةً
لأنه لا يرتئس


* وهل تنبأ البرودّني بمصير الرئيسي السابق؟

- يقول عنه في قصيدته "زفة الحرائق":
بيتُه مرمى قذيفته
والشظايا أهله الوُسًما
مِزَقُ الأنقاض زوجتهُ
والسكرتيرات والنُّدَما

في هذه القصيدة يورد 3 أبيات كلما قرأتها يتراءى لي مشهد إحراق ساحة الحرية بمدينة تعز، يقول:
مَنْ هنا، أو ثمَّ يقصفها
غير مبدٍ وجه مَن هجما
أو يماسيها مفاجأة
مطعماً ساحاتها الحمما
كانساً فيها البيوت إلى
حيث لا شعبٌ ولا زُعما

المصدر: منتديات كور العوالق - من قسم: المنتدى السياسي

ايوب صابر 11-06-2016 07:09 AM

*ماذا قال الشاعر عبدالله البردوني في "عبدالملك الحوثي "
الحياد - صنعاء (متابعات)
*
جاءت قصيدة *كتبها الشاعر اليمني *الراحل عبدالله البردوني و تكشف عن حال صنعاء واليمن *لنكون بمثابة *تنبئ بما حل من الدمار بهما وكيف وصل حتى إلى تخريب المساجدوالمدارس . تلك*القصيدة حملت عنوان "سفاح العمران" *تطابقت الواقع اليمني كما هور واطب فيها البردوني شخصية القاتل والمدمر للعمران والمباني والمنازل. وهو هفي وقتنا شخصية عبدالملك الحوثي*
*
وفي تشبيه بليغ يقول البردوني مخاطباً شخصية الهدام بأنه ورث عن فأر سد مأرب خطة الهدم اللعينة، ويواصل هجوه بعبارات قاسية ويصفه بأنه سارق اللّقمات من أفواه أطفال المدينه وناهب الغفوات ، من أجفان ((صنعاء)) السّجينه وهو تشبيه رائع لما تشهده العاصمة صنعاء اليوم.
*
ويتسأل البردوني في نهاية القصيدة قائلاً : "فأين من ينجي السّفينه ؟
*
ومن يقرا القصيدة يحس كأن صفات المهجو فيها وأفعالها تنطبق تماماً على عبدالملك الحوثي زعيم جماعة الحوتيين المتمردة والذي أنتهج أسلوب الهدم والتفجير وكأنه ورثها عن فأر سد مأرب يمن برس يعيد نشر القصيدة كما هي :
*
يا قاتل العمران .. أخجلت ********** المعاول .. والمكينة
ألأنّ فمك النفوذ ********** *وفي يديك دم الخزينة ؟
جرّحت مجتمع الأسى ********** وخنقت في فمه .. أنينه
وأحلت مزدحم الحياة ********** خرائبا ، ثكلى ، طعينه
ومضيت من هدم الى ********** هدم ، كعاصفة هجينه
وتنهّد الأنقاض في ************ كفيك ، أوراق ثمينه
وبشاعّة التّجميل في ********** شفتيك ، كأس أو دخينه
سل ألف بيت عطّلت ********** كفّاك مهنتها الضّنينه
كانت لأهليها متاجر ********** مثلهم ، صغرى ، أمينه
كانوا أحقّ بها ، كما ********** كانت يمثلهم ، قمينه
فطحنتها .. ونقيتهم *********** من الضّحايا المستكينه ؟
أخرجتهم كاللاجئين ********** بلا معين ، أو معينه
وكنستهم تحت النّهار ********** كطينة ، تجترّ طينه
فمشوا بلا هدف ، بلا ********** زاد ، سوى الذكرى المهينه
يستصرخون الله والإنسان ********** والشمس الحزينه
وعيون أم النور خجلى ********** والضحى يدمي جبينه
والريح تنسج من عصير ********** الوحل قصتك المشينه
*
من أنت ؟ : شيء ، عن بني الانسان مقطوع القرينه !
*
ذئب على الحمل الهزيل ********** تروعك الشّاة السّمينه
عيناك ، مذبحة مصوّبة ، ********** ومقبرة كمينه
ويداك ، زوبعتان ، تنبح في لهاثهما الضغينه
يا وارثاً لما عن ((فأر مأرب)) خطّة الهدم اللّعينه
حتى المساجد ، رعت فيها الطّهر ، أقلقت السّكينه
*
يا سارق اللّقمات من ********** أفواه أطفال المدينه
يا ناهب الغفوات ، من ********** أجفان ((صنعاء)) السّجينه
*
من ذا يكفّ يديك ، عن عصر الجراحات الثخينه
من ذا يلبّي ، لو دعت هذي المناحات الدّفينه
من ذا يلقّن طفرة الإعصار ، أخلاقا رزينه
*
نأت الشواطىء ، يا رياح ********** فأين من ينجي السّفينه ؟!

ايوب صابر 11-06-2016 07:35 AM

قصيدة تنبأت بأحداث اليمن للشاعر اليمني زين العابدين الضبيبي

*
تداول نشطاء شبكة* التواصل* فصيده* ( تتنباء بأحداث* اليمن )* على اساس انها للشاعر البردوني وبالبحث وجدت افاده**للاعلامي عدنان باسويد*يشير* انها*ليست للشاعر البردوني وانما للشاعر اليمني الشاب زين العابدين على ناصر الضبيبي ( وفي نفس الوقت موجوده على موقعه في الفيس بوك )
والشاعر من مواليد 1990م- قرية الأكمة بني الضبيبي محافظة ريمة – خريج ثانوية عامة حصل على*عدة جوائز منها جائزة رئيس الجمهورية اليمنية السابق علي عبدالله صالح لعام 2007م ، والأول على مستوى الجمهورية في مسابقتي أوائل الطلبة والمراكز الصيفية ، والمركز الأول في المهرجان الشعري الأول للطلاب 2009م وغيرها..
وقد احيا العديد من الأمسيات الشعرية محلياً وعربياً وشارك في العديد من المهرجانات ، كما مثل اليمن في ملتقى القيادات الشابة في الرياض لعام 2008م ، وفي ملتقى الشباب العربي الثامن بسوريا 2009م ، وعضو في العديد من الموسسات الثقافية.
وعلى موقع الشاعر زين العابدين اشار ان هذه القصيدة* قالها له البرودوني*في الحلم* وانه حفظها منه* والقصيدة* تتناول* احداث اليمن* وقيلت* قبل* سقوط على صالح من الحكم وتولي* الرئيس ( هادي )
*

وأبيات القصيدة تحكي بشكل ملحوظ بعض الأحداث التي تحصل في اليمن*. وقد وصف* زين العابدين *الضبيبي *بأن صعدة وعمران بأنها ارتدت , وتنبأ أيضا بأن هناك زوبعة ستخرج من سنحان
ثم تسائل متى سيحكم هادي من القصر , ومن المعلوم بأن الرئيس هادي* الحاكم الحالي لليمن ولكن كما يعتقد ويشاع بانه يحكم صوريا*
ثم تنباء أيضا بأن السماء ستصفوا لهادي ليحكم لكن* ” إذا توضأ في نهرين من جمرِ”* وهذه كناية عن الشدة والصعوبة التي سيلاقيها هادي حتى يصفو له الحكم
وختم القصيده بقوله**المجد للشعب ﻻ للبيض والحمر** وفيها اشاره* الى زوال* السلطة من* عائلتين تزعمت*اليمن ِ.*
*

ايوب صابر 11-06-2016 08:49 AM

وجوه
عبد الله البردّوني... الشاعر الثاقب
جميل الجعدبي الإثنين 22-08-2016
(عبدالرحمن الغابري – العربي)

حينما وصل إلى العراق للمشاركة في مهرجان "أبي تمّام"، عام 1970م، لم تعجب البعض هيئته وملابسه البسيطة، ولذلك سارعت الشاعرة العراقية، لميعة عبّاس، إلى إقناع وزير الثقافة العراقي آنذاك، شفيق الكمالي، بأهمّية مشاركة صاحبنا، حتّى لا تكون بساطته تلك سبباً في تقديم غيره من الشّعراء، ومن يمكن وصفهم بالمتأنّقين، اتّساقاً مع دبلوماسية مثل هذه المؤتمرات.
ما إن صعد إلى المنصّة لإلقاء قصيدته الشهيرة "أبو تمّام وعروبة اليوم"، حتّى تسمّر عمالقة الشعر المشاركون في الملتقى على مقاعدهم، وهم يشاهدون نهوضه كأبي العلاء المعرّي، وقامته كأبي تمّام والمتنبّي. لقد بدا لهم حالة تاريخية نادرة في وجه إنسان، وحاضر أمّة في عينيه، ومستقبلها في قصائده.
ووسط الحشد الهائل من شعراء الوطن العربي، والنّقاد، والمسؤولين، والمثقّفين، والصحافيّين، ورجال العلم والأعمال، أطلق بائيّته، مخاطباً حبيب بن أوس بن الحارث الطائيّ، أحد الشعراء المتميّزين في العصر العبّاسي، والمكنّى بأبي تمّام، وجاء في مطلعها:
"ما أصدقَ السّيف إنْ لم ينْضِهِ الكذِب... وأكذبَ السّيف إن لم يصدق الغضب"
وحسب الشاعر والمؤلّف المسرحي العراقي، معد الجبوري، الذي روى الواقعة (صحيفة المثقّف، 2012م)، فقد تمكّن البردّوني من إسكات ناقدي هندامه، وضجّت القاعة تصفيقاً وتكبيراً، حتّى التهبت الأيادي وبُحّت الحناجر، فليس معهوداً أن رجلاً كفيفاً، بمثل هذه الهيئة، يمكن أن يفاجئ قاعة تحتضن كبار الشعراء، من أمثال نزار قبّاني ومحمود درويش والجواهري والبيّاتي، وغيرهم من الأفذاذ الذين لم يجدوا بعدها بُدّاً من القيام إليه ومصافحته.
إنّه ملك البلاغة والموهبة، وأمير البيان والدهشة، الشاعر، والمفكّر، الأستاذ عبد الله البردّوني، رحمه الله. هي ظاهرة العميان العباقرة، التي ينتمي إليها صاحبنا القادم "من أرض بلقيس"، بكلّ ثقة واقتدار، حاملاً في ثناياه "كائنات الشّوق الآخر"، وقد أعياه "السّفر إلى الأيّام الخضر"، وأجهده انتظار "رجعة الحكيم بن زايد" في "زمانٍ بلا نوعيّة" (من دوواين البردّوني).
في حضرة أبي تمّام
قبل غزو أمريكا للعراق بأكثر من ربع قرن، وقف البردّوني يصوّر لنا ذلك، حتّى تردّد علينا مصطلح "علوج الرّوم" بلسان وزير الإعلام العراقي، محمد سعيد الصحّاف. خمسة عقود ونيف مضت على قصيدته العصماء، ولا تزال حروفها تتحدّث عن نفسها اليوم، والواقع العربي يزداد سوءاً، في "حيفا والنقب" بفلسطين، وفي "صنعاء" اليمن، ولا تزال "اليوم عادت علوج الروم فاتحة" لتنظم عواصم ومدن عربية جديدة تحت "سحب الميراج"، ولا يزال البردّوني ناطقاً رسميّاً باسم صنعاء ومعاناة سكّانها، بل إنّه استقرأ الأحداث الجارية منذ مطلع العام 2015م، متنبّئاً بالتدخّل العسكري في اليمن.
"حبيب وافيت من صنعاء يحملني
نسر وخلف ضلوعي يلهث العربُ
ماذا أحدّث عن صنعاء يا أبت
مليحة عاشقاها السّل والجربُ
إلى أن يقول في القصيدة، مخاطباً أبا تمّام:
يكفيك أن عدانا أهدروا دمنا
ونحن من دمنا نحسو ونحتلبُ
سحائب الغزو تشوينا وتحجبنا
يوماً ستحبل من إرعادنا السّحبُ"
"العاصفة" و"التحالف" في تنبّؤات البردّوني!
يُجمع النقّاد على أنّ البردوني لم يكن متنبئ عصره فحسب، بل تنبّأ بأحداث في عصور لم تأتِ، فسابق بذلك الزمن بُعداً وحضوراً، ونبّأ، مستخدماً مصطلحاتٍ تتشابه حدّ التّطابق مع واقع اليوم. فما إن شنّ طيران قوّات "التّحالف العربي" أولى غاراته على اليمن، عشية 26 مارس 2015م، حتّى رتّل خصوم "عاصفة الحزم" قصيدته الشّهيرة "مصطفى"، إحدى أشهر قصائد البردوني حضوراً في الوجدان:
"فليقصفوا لست مقصف
وليعنفوا أنت أعنف
وليحشدوا أنت أدرى
أن المخيفين أعنف"
"يا مصطفي أيّ سرٍّ
تحت القميص المنتّف
لهم حديد ونار
وهم من القشّ أضعف
يخشون إمكان موتٍ
وأنت للموت أألف"
وقبل عشرات السنين، استدعى البردّوني "الهدهد"، ليروي له "النبأ اليقين"، قائلاً:
"يا هدهد اليوم، الحمولة
فوق طاقتك القويّة
هل جئت من سبأ؟
وكيف رأيته؟... أضحى سبيه!
ولّى، عليه عباءة
من أغنيات الدّودحيه
سقط المتاجر، والتجارة
والمضحّي، والضّحية
حتّى البقاع هربن من
أسمائهن الحميريّة"
أمّا قصيدته "سفّاح العمران"، فيلاحظ القارئ أنّ البردّوني تطرّق فيها بإسهاب، إلى تأثير المال، وشراء المواقف:
"يا قاتل العمران.. أخجلت المعاول.. والمكينة
ألآن في فمك النفوذ وفي يديك دم الخزينة؟
جرّحت مجتمع الأسى وخنقت في فمه.. أنينه
وأحلت مزدحم الحياة خرائباً ثكلى طعينة
ومضيت من هدم إلى هدم كعاصفة هجينة"
وكما لو أنها أبيات نظمت غداة اندلاع الحرب في اليمن، ينشد البردّوني معاناة الهاربين من المعارك:
"سل ألف بيتٍ عطّلت كفّاك مهنتها الضنينة
كانت لأهليها متاجر مثلهم صغرى أمينة
كانوا أحقّ بها كما كانت لمثلهم قمينة
فطحنتها... ونفيتهم، من للضحايا المستكينة؟
أخرجتهم كاللاجئين بلا معين أو معينة
وكنستهم تحت النّهار كطينة تجترّ طينة
فمشوا بلا هدف بلا زاد سوى الذّكرى المهينة
يستصرخون الله والإنسان والشمس الحزينة
يا سارق اللقمات، من أفواه أطفال المدينة
يا ناهب الغفوات من أجفان صنعاء السّجينة
من ذا يكفّ يديك عن عصر الجراحات الثخينة
من ذا يلبي لو دعت ها ذي المناصات الدفينة
من ذا يلقّن طفرة الإعصار أخلاقاً رزينة
نأت الشواطئ يا رياح فأين من ينجي السّفينة؟!"
وفي مقطع ثان، يقول:
"عرفتَ اليومَ كيف ترى
بدأتَ أوانكَ الذّهبي
ستثني كلّ عاصفةٍ
بهذا المشجب القصبي
بأفواجٍ مِن الأغراب
تدعى: الفيلق العربي"
ويعرّج البردّوني على جنوب اليمن:
"أهلاً بعاصفة الحوادث، إنّها
في الحي أنفاس الحياة تردّد
لو هزّت الأحداث صخراً جلمداً
لدوّى وأرعد باللهيب الجلمد
بين الجنوب وبين سارق أرضه
يوم تؤرخّه الدماء وتخلد"
متسائلاً، في قصيدة أخرى، عن الأوضاع في الجنوب:
"فـكـيـف لانــت لـجـلاد الـحـمى عــدن.. وكــيـف ســاس حـمـاها غــدر فـجّـار؟"
ويجهر البردّوني، في إحدى قصائده، بموقفه القاسي من النظام العربي:
"أمير النّفط نحن يداك نحن أحدّ أنيابك
ونحن القادة العطشى إلى فضلات أكوابك
ومسؤولون في صنعاء وفرّاشون في بابك
ومن دمنا على دمنا تموقع جيش إرهابك
لقد جئنا نجرّ الشعب في أعتاب أعتابك
ونأتي كلّ ما تهوى نمسّح نعل حجّابك"
نكهة أرض بلقيس وعبق تاريخها
في حديث قصير، لـ"العربي"، يرى المصوّر الصحافي، وأحد جلساء البردّوني، عبد الرحمن الغابري، أنّ البردّوني أخذ على كاهله قضية شعب في أزمنة الموت بالمجّان، متسائلاً: "أليس البردّوني حي في ضمير الأمّي والمتعلّم والمستقلّ، ومكروه لدى الطّغاة والنصّابين وقادة أحزاب العصابات؟!"
ستفنى كلّ الأقاويل، والأحاديث، والروايات، والكتابات والسياسات، والخطابات والشهادات المزيّفة الكاذبة ويبقى، حسب الفنّان الغابري، البردّوني، أيقونة شعبٍ، ونهراً يروي العطشى، لن ينضب. وهي رؤية يوافقها أستاذ الأدب والنقد بجامعة صنعاء، إبراهيم أبو طالب، والذي قال في حديث له عن البردّوني "لم تهبْنا جغرافيا اليمن نهراً، فكان نهرنا هو البردّوني، لا ينقطع انهماره بانقطاع الأمطار وتغيّر المواسم، لكنّه خالدٌ متدفّق عبر الأيام".
وصفه صديقه الشّاعر الكبير، الدّكتور عبد العزيز المقالح، في مقدّمة ديوانه، بأنّه "شاعر ثوريٌّ عنيفٌ في ثوريته، جريء في مواجهته"، وقيل عنه ثائرٌ على منظومة الجهل، والظّلم، والتخلّف، والاستبداد بكلّ صوره وأشكاله ومسمّياته.
تحت عنوان "البردّوني نهر اليمن، حياته وشعره.. العذاب البديع 2012م"، يؤكّد أستاذ الأدب والنقد الحديث المساعد، بجامعة صنعاء، الشاعر إبراهيم أبو طالب، أنّ "أيّ حديث عن عبد الله البردّوني سيبدو ناقصاً، وأنّ أي قول في أدبه، شعراً أو نثراً، فكراً أو فلسفةً، سيغدو باهتاً، لولا أن ما يشفع لذلك الحديث وهذا القول هو أفق المتحدّث عنه، وغزارة عوالمه، وامتداد ألقه"، ويوضح متسائلاً "كيف لا وهو ذلك الكبير في مسعاه، الكثير في محبّيه، الصادق في موهبته، المخلص في ثقافته، المتدفّق في نتاجه، وهو فوق كلّ ذلك الشاعر الشاعر". وفي مدوّنته، يضيف رئيس قسم رعاية المبدعين بجامعة صنعاء، واصفاً البردّوني "إنّه عَالَمٌ واسعٌ من الموهبة، إمتدَّ صوته الشعري إلى كلّ الأصقاع وملأ الدنيا، وشغل الناس بشعرٍ قادمٍ من أرض بلقيس".
"من أرض بلقيس هذا اللحنُ والوتر
من جوّها هذه الأنسامُ والسحرُ
من السعيدة هذي الأغنياتُ ومن
ظلالها هذه الأطياف والصورُ
يا أمّي اليمن الخضراء فاتنتي
منك الفتون ومنّي العشق والسهر"
له نكهة أرض بلقيس، وعبق تاريخها، ووجه إنسانها، وروح قراها وعذوبتها، وتمدّن حواضرها. شعرالبردّوني، بحسب الدّكتور إبراهيم أبو طالب، يحمل جيناته اليمنية الخاصّة، من ذمار ومن صنعاء، من عدن ومن حضرموت، من الجوف ومن شبوة، من جبال اليمن وسهولها ووديانها وسواحلها، إنه شعرٌ يحملُ ماءَ الإنسان اليمني وطينَتَه.
شهادات ومذكّرات
يقول الناقد السّوري، الدكتور وليد مشوّح، إنّ البردّوني فتح للقصيدة التقليدية طاقات المعاصرة والحداثة، وتمكّن من تطوير الشكل ليخضع للغة الجديدة التي تطوّرت على يديه، مشيراً إلى أنّ النزعة الدرامية كانت أحد أهمّ العناصر التي وظّف بها البردّوني أداته الشعرية لخدمة رؤيته الفنية. ويرى الشاعر اللبناني، عبّاس بيضون، في البردّوني، معجزة الشعر، مثلما كان المعرّي من قبل، وطه حسين من بعد، معجزة النّثر.
ويكتب الصّحافي والكاتب السّعودي، تركي السّديري، عن البردّوني، أنّه عاش متواضعاً للغاية، وكانت كلّ السلطات المتعاقبة على حكم اليمن تعرف قيمته، واحترامه، ويتخاطف القرّاء العرب دواوينه، التي اختلطت فيها مشاعره، وآراؤه باختلاف المؤثّرات التي تعاقبت عليه، والمعلومات التي واصل بها تنمية شاعريته.
وحينما رحل البردّوني، كتب الشّاعر والكاتب السّوري، بيان الصّفدي، قائلاً "أشعر بأن الصوت اليمني الخاصّ - البردّوني - جدّاً لن يتكرّر ثانية، لأن البردّوني حالة عجيبة من التكوين الجسدي، والنفسي، والفنّي، إنه مزيج من عهود وفنون، وأشكال، حتّى وجهه المجدور، كان يختصر في وجوه اليمنيين التي مرّت عليها عشرات السنوات، وهي تحاول الخروج من عزلة التاريخ وبؤسه". في حين، رأى الكاتب الصحافي والباحث من اليمن، عبد الباري طاهر، أنّ هذا البردّوني العظيم الذي يتحدّى الموت بنسيانه، قد دخل عالم الأبديّة، والخلود، ونسي أن يموت، مشيراً إلى أنّ "رحيل البردّوني - الجسد الذاوي - يصبح فلكاً، وعالماً من الإبداع، والتجدّد والديمومة"، فهو، حسب طاهر، تماهى بمجد الكلمة ليكون كلمة، وطلب الموت لتوهب له الحياة.
وعن البردّوني يقول وزير الثقافة الأسبق، خالد الرويشان، في فعّالية عامّة عن الراحل، إنّه عاش داعياً إلى قيم الحرّية والعدالة والتحديث، معتدّاً بنفسه، معتزّاً بآرائه، معلناً حرباً بلا هوادة على كلّ أشكال القبح، عصيّاً على التدجين والإحتواء، وبسبب ذلك عاش فقيراً معدماً، لا يجد كفاف يومه، وقد مات على ذلك دون أن يعلم به أحد. ويدعو زميله الشاعر، الدكتور عبد العزيز المقالح، إلى جعل إبداعه الشعري محلّ دراسات نقدية متنوّعة، مؤكّداً أنّ وضع البردّوني في صدارة المجدّدين المعاصرين قضيّة لا يختلف عليها اثنان، وأنّ نقّاد اليوم، والغد، سيقفون في ظلال هذه الدوحة الخضيرة طويلاً.
بصير في زمن أعمى
الكاتب المغربي، المصطفى البركي، يرى، من جانبه، أنّ البردّوني هو الشّاعر الذي صنع من القصيدة قرص خبز الفقراء، وكراسة ثقافة، وجامعة شاملة، وهو البصير في الزمن الأعمى، والموقف في زمن بلا موقف، مشيراً إلى أنّ البردّوني، شكّل حالة خاصّة في المشهد الإبداعي والثّقافي، في اليمن خاصّة، والعربي إلى حدّ كبير، فقد حمل اليمن، حسب البركي، يمن الفقراء والمغلوبين على أمرهم، معطفاً فوق ظهره، وراح يتنقّل به عبر بوّابات العالم، صارخاً محتجّاً في وجه الظّلم والإضطهاد والاستعمار، بكلّ أشكاله وصوره، ممّا أكسبه شخصيّة كارزميّة قوية الحضور في أوساط الناس ووجدانهم.
لا أحد يستطيع، وهو يقرأ للبردوني، فصل حياته عن إبداعه، فكلّ حياته كانت مكرّسة للإبداع والكتابة، إمّا فعلاً يتحقّق شعراً ودراسات مختلفة، وإمّا قراءة ومثاقفات، يبحث من خلالها عن وجوه للتحقّق الإبداعي والفكري، أشكالاً ومضامين ورؤى.
مطالب بتشريح جثّته
في حوار له، نشرته وكالة "أنباء الشعر" عام 2010م، يصف جليس البردّوني لمدّة 35 عام، عبد الإله القُدسي، شاعرنا بالقول "كان يُمثّل نسيجاً لوحده، فهو متعدّد الجوانب المعرفية، فإن شئت تُسمّيه الفيلسوف، وإن شئت تُسمّيه البردّوني الأديب والشّاعر الكبير، وإن شئت تُسمّيه البردّوني المفكّر والمؤرّخ". ويؤكّد القدسي صحّة واقعة قدوم قبيلته "الحدا" بعد وفاته ومطالبتها بتشريح جثّته قبل دفنه، خشية أن يكون مات مسموماً، ويضيف "لكنّنا قمنا حينها بإقناع أفراد القبيلة بالعدول عن مطالبهم، والتوضيح لهم بأن البردوني كان يعاني من العديد من الأمراض قبل وفاته حيث مات موتة طبيعية".
مجالس البردوني
عن مجالس البردّوني، يروي الأديب والناقد اليمني، عبد الله علوان، أنّها كانت مصدراً من مصادر شعره، فلمجالسته أثر شاعري قوي، لأنّه لا يجالس أصدقاءه أو أعداءه أو زوّاره، وفي يده هراوة البابوية، بل كان يحاورهم بالكلمة الصادقة، يقبل ويرفض، يسمع ويتكلّم، يعارض ويقول رأيه بهدوء وأدب، حتّى وإن شطّ محاوره، مشيراً إلى أنّ قصيدة "أنسى أن أموت" هي واحدة من مؤثّرات جلسائه الذين يساومونه على الكلمة فيأبي، وذلك، حسب علوان، في إشارة إلى ماوصفها "قوى سلطويّة غاشمة"، حاولت توجيهه إلى وجهة غير الحقّ، فصدّها.
"تمتصّني آهات هذا الليل في شرهٍ صموت
وتعيد ما بدأت وتنوي أن تفوت ولا تفوت
وتثير أوجاعي وترغمني على وجع السكوت
وتقول لي: مت أيّها الذاوي فأنسى أن أموت"
نوادروطرائف
في إبريل هذا العام، كتب عبد الرقيب الوصابي، في صحيفة "المنتصف" اليمنيّة، تحت عنوان "مقاربة في طرائف البردّوني ونوادره"، نختار منها مايلي:
- في نهاية السبعينات جاء أحد الشّعراء النظامين إلى منزل البردّوني زائراً، وأثناء الحديث أراد الشاعر أن يلفت انتباه البردّوني، فقال: لقد اتّجهت أخيراً، وعن قناعة، إلى كتابة الشعرالحديث، وأسمعه بعض مقاطع، وكان منها مقطع يقول "الشمس تقبل وجنة حبيبتي"! فقال له البردّوني: يا عزيزي ليس في ما أسمعتني أي جديد، فقال الشاعر "الشمس تقبّل وجنة حبيبتي" هذه صورة فنّية حداثية إبداعية، فردّ عليه البردّوني "ليس في هذا أيّ جديد، فالشمس تقبّل حتّى وجنة الكلب".
- كان البردّوني ذات يوم في مجلس حكومي رفيع المستوى، فسأله أحدهم، بقصد إحراجه، وكان ذلك قبل قيام الوحدة: لماذا يا أستاذ عبد الله لا تكتب عن الديمقراطية والحرّية؟ فأجاب على الفور: الغيبة حرام.
- وذات مرّة، كان البردّوني في حلقة نقاش على الطائرة، فتعجّب من اللجهة التي يتحدّث بها المثقّفون، والتي هي مزيج من الفصحى والعامّية، فعلّق عليها بالقول"إنها تمثّل نوعاً من الفصعمي".
- ويحكى أن الأستاذ أحمد الجرموزي استضاف في منزله بتعز الأستاذ البردّوني، وبعد ساعات رأى الجرموزي الشرطة وهي تجرّ الجزّار الذي اشترى منه اللحم، فقد اكتشف أنّه يذبح حمير، فرجع إلى بيته مسرعاً يطمئن على صحّة البردّوني، وقال له يا أستاذ: كيف صحّتك؟ الجزّار خدعنا وباع لنا لحم حمار! فردّ البردّوني بسخرية: "والله يا أحمد أنّه أحسن مرق شربناه".
ويرى الكاتب عبد الرقيب الوصابي أنّ سخرية البردّوني وحدّة تهكّمه وكثافة أجوبته المسكتة، تكشف عن شخصية استثنائية توّاقة للانعتاق والتغيير، وعن روح غريب لا يرى في حياة الآخرين ما يهواه أو ما يجذبه للتّصالح معهم، وغضّ الطرف عن سطحيتهم وادّعاءاتهم.
دواوين وأعمال نقدية
صدر للبردّوني 12 ديواناً، هي: "من أرض بلقيس" (القاهرة، 1961م)، "في طريق الفجر" (بيروت، 1967م)، "مدينة الغد" (بيروت، 1970م)، "لعيني أم بلقيس" (بغداد، 1972م)، "السفر إلى الأيام الخضر" (دمشق، 1974م)، "وجوه دخانية في مرايا الليل" (بيروت، 1977م)، "زمان بلا نوعية" (دمشق، 1979م)، "ترجمة رملية لأعراس الغبار" (دمشق، 1981م)، "كائنات الشوق الآخر" (دمشق، 1987م)، "رواغ المصابيح" (دمشق، 1989م)، "جواب العصور" (دمشق، 1991م)، "رجعة الحكيم ابن زايد" (بيروت، 1994م).
ومن أعماله النّقدية: "رحلة في الشعر اليمني قديمه وحديثه" (1972)، "قضايا يمنية" (1977)، "فنون الأدب الشعبي في اليمن" (1982)، "الثقافة الشعبية تجارب وأقاويل يمنية" (1987)، "الثقافة والثورة" (1989)، "من أوّل قصيدة إلى آخر طلقة: دراسة في شعر الزبيري وحياته" (1993)، "أشتات" (1994)، "اليمن الجمهوري" (1997).
أعمال غير مطبوعة
وللبردّوني 5 أعمال غير مطبوعة، هي، "رحلة ابن من شاب قرناها" (ديوان شعر)، و"العشق على مرافئ القمر" (ديوان شعر)، و"العم ميمون" (رواية)،و"الجمهورية اليمنية" (كتاب)، بالإضافة إلى، "الجديد والمتجدّد في النقد الأدبي" (دراسة).
جوائز دولية
خلافاً للأوسمة التي تقلّدها، والجوائز المحلّية التي حصدها، نال البردّوني، عدداً كبيراً من الجوائز العربية والدولية، نذكر منها جائزة "أبي تمّام" بالموصل، العراق، عام 1971م. وفي عام 1981م، نال البردّوني جائزة "شوقي" بالعاصمة المصرية القاهرة. ونال في العام التالي جائزة الأمم المتحدة "اليونسكو" والتي أصدرت عملة فضيّة عليها صورته كمعوّق تجاوز العجز، وحصد جائزة مهرجان "جرش" الرابع بالأردن عام 1984م،ثمّ جائزة "سلطان العويس" بالإمارات العربية المتّحدة عام 1993م.
دراسات عن البردّوني
1- "البردوني شاعراً وكاتباً" لطه أحمد إسماعيل (رسالة دكتوراه، القاهرة).
2- "الصورة في شعر عبدالله البردّوني"، د. وليد مشوح (سوريا).
3- "شعر البردّوني"، محمد أحمد القضاة (رسالة دكتوراه، الأردن).
4- "قصائد من شعر البردّوني"، ناجح جميل العراقي.
البردّوني بلغات عالمية
ترجم عدد من أعمال البردّوني إلى لغات عالميّة، منها:
- عشرون قصيدة مترجمة إلى الإنجليزية في جامعة "ديانا" في أمريكا.
- "الثقافة الشعبية" مترجمة إلى الإنجليزية.
- ديوان "مدينة الغد" مترجم إلى الفرنسية.
- "اليمن الجمهوري" مترجم إلى الفرنسية.
- كتاب بعنوان "الخاص والمشترك في ثقافة الجزيرة والخليج"، مجموعة محاضرات بالعربية لطلاب الجزيرة والخليج، ترجم إلى الفرنسية.
حياة البردّوني
- ولد عبد الله بن صالح بن عبد الله بن حسين البردوني، في قرية البردون، شرق مدينة ذمار، عام 1929م.
- أصيب بالجدري وهو في الخامسة أو السادسة من عمره، وعلى إثرها فقد بصره.
- بدأ تلقّي تعليمه الأوّلي في قريته وهو في السابعة من العمر، وبعد عامين انتقل إلى قرية الملّة عنس، ثم انتقل إلى مدينة ذمار، وهناك التحق بالمدرسة الشّمسية.
- وحين بلغ الثالثة عشرة من عمره، بدأ يغرم بالشعر، وأخذ من كلّ الفنون، إذ لا يمرّ مقدار يومين ولا يتعهّد الشعر، قراءة أو تأليفاً.
- إنتقل إلى صنعاء، قبل أن يتمّ العقد الثاني من عمره، حيث درس في جامعها الكبير، ثمّ انتقل إلى دار العلوم في مطلع الأربعينيات، وتعلّم كلّ ما أحاط به منهجها، حتّى حصل على إجازة من الدّار في "العلوم الشرعية والتفوق اللغوي".
- عُيّن مدرّساً للأدب العربي شعراً ونثراً في دارالعلوم.
- رأس لجنة النصوص في إذاعة "صنعاء".
- ثم عُيّن مديراً للبرامج في الإذاعة إلى عام 1980م.
- إستمّر في إعداد أغنى برنامج إذاعي ثقافي في إذاعة "صنعاء": "مجلّة الفكر والأدب"، بصورة أسبوعيّة، طيلة الفترة من عام 1964م حتّى وفاته.
- عمل مشرفاً ثقافياً على مجلّة "الجيش"، من 1969م إلى 1975م.
- كان له مقال أسبوعي في صحيفة "26 سبتمبر"، بعنوان "قضايا الفكر والأدب".
- ومقال أسبوعي في صحيفة "الثّورة"، بعنوان "شؤون ثقافية".
- من أوائل مؤسّسي إتّحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين، وقد انتخب رئيساً للاتّحاد في المؤتمر الأوّل.
- إعتقل عام 1948م، بسبب شعره، وسجن 9 شهور.
- عمل، خلال الفترة من 1954 إلى 1956م، وكيلاً للشريعة (محامٍ)، وترافع في قضايا النساء، فأطلق عليه لقب "وكيل المطلّقات".
- توفّيت والدته عام 1958م.
- وبعدها بعام، اقترن بزوجته الأولى، فاطمة الحمّامي.
- وفي عام 1977م، اقترن بزوجته الثّانية، فتحية الجرافي، بعد 3 سنوات على وفاة زوجته الأولى.
- توفّي والده عام 1988م.
- وعام 1998م، سافر إلى الأردن لتلقّي العلاج، وكانت تلك محطّته الأخيرة.
- وصبيحة الإثنين 30 أغسطس من العام 1999م، أعلن توقّف قلب البردّوني عن الخفقان، بعد أن خلّد اسمه كواحد من أعظم شعراء العربيّة في القرن العشرين.

ايوب صابر 11-06-2016 09:48 AM

نزار قباني.. نبوءات تحققت وأحلام تبخرت

قبل أن يفارق الحياة حلم الشاعر السوري* نزار قباني*(1923-1998) بوطن، برلمان من ياسمين وشعب رقيق من الياسمين، وتنبأ شعريا بأن تكون كل دروب العرب موصلة إلى الشام وكل دروب الحب موصلة إلى حلب.
وفي الذكرى الـ18 لرحيله، يتساءل المثقفون العرب هذه الأيام عما تحقق من نبوءات من أبدع في عشرات الدواوين الشعرية في الدفاع عن المرأة التي كان يعتبرها رمزا للوطن المضطهد.
في ظل الجرح السوري النازف منذ أكثر من خمس سنوات، يبدو أن نبوءات أخرى لنزار قباني تحولت إلى مشاهد يومية يتابعها العالم مباشرة على شاشات التلفزيون، إذ أن أهل بلده كما كتب "مطاردون على العصافير على خرائط الزمن مسافرون دون أوراق، وموتى دونما كفن".
في قلب المحنة السورية، تعود للأذهان ملامح من حياة قباني الذي عانى أيضا من شتى ضروب المضايقات بسبب جرأة كتاباته ومواقفه، كما يفتح المحتفون بذكرى رحيله صفحة الفقد الذي ذاقها عام 1981 عندما لقيت زوجته بلقيس مصرعها في التفجير الذي هز السفارة العراقية في بيروت.
المصدر : الجزيرة
كلمات مفتاحية: نزار قباني نبوءات أحلام المرأة الوطن برلمان

ايوب صابر 11-06-2016 03:59 PM

عشرة اكتشافات تنبأت بها روايات الخيال العلمي
نشر في : الجمعة 24 يوليو 2015 -

تسنيم فهيد – التقرير

يلجأ معظم الناس لسؤال المنجّمين عن المستقبل. كما يميلون لتصديق التنبؤات والتكهنات المستقبلية؛ خاصة إن كانت تحمل في طياتها الخير. وبالرغم من أن التنبؤ بالمستقبل يرتبط بالمشعوذين والمُنجمّين وقارئي النجوم وأصحاب البللورات السحرية، إلا أن هناك مصادر أخرى للتنبؤ بالمستقبل لم تكن في الحسبان. “الكُتّاب والأدباء” أحد هذه المصادر. فأكثر التنبؤات المستقبلية إثارة وتشويق، تمّ التكهن بها بواسطة كُتّاب كتبوا في روايتهم ومؤلَفاتهم، دون أن يُكبلهم الخوف من الاتهام بالكذب أو عدم القدرة على رؤية المستقبل إذا لم تتحقق هذه النبؤات. وربما يعود صدق توقعات بعض الكُتّاب وتنبؤاتهم إلى الخيال الخصب الذي يتملّكهم، والرغبة في رؤية العالم بصورة مغايرة، وأفضل.

في هذا التقرير نستعرض معكم أشهر النبؤات التي قالها بعض الكُتّاب عن المستقبل، وكانت صحيحية.

قمرا المريخ..



في كتابه “رحلات جوليفر” وتحديدًا في الجزء الثالث الصادر عام 1726، ذكر المؤلف الإنجليزي الساخر “جوناثان سويفت” أن كوكب المريخ بقمرين. وبعد ذلك بـ 151 عامًا، وبالتحديد في عام 1877، اكتشف عالم الفلك الأمريكي “أساف هول” القمرين “ديموس” و”فوبوس” يدوران حول المريخ.

الأشرعة الشمسية..



في روايته “من الأرض إلى القمر”، والتي تصنف واحدة من أدب الخيال العلمي والمنشورة سنة 1865، تنبأ الكاتب الفرنسي “جول فيرن” بصعود الإنسان إلى سطح القمر. الأمر الذي تمّ بعد 100 عام تقريبًا من إصدار الرواية.

لكن الأمر الآخر الذي تنبأ به “جول فيرن” في هذه الرواية وحدث أيضًا بعد 145 من صدور الرواية، هو استخدام تقنية تعتمد على تسخير نوع من «الزجاج الذكي» لتوجيه المركبات في الفضاء باستخدام ضغط ضوء الشمس فقط، أو ما يُعرف بالأشرعة الشمسية. حيث نشر مسبار الفضاء الياباني “إيكاروس” شراعه الشمسي عام 2010؛ ونجحت المركبة في استخدام أدوات ذكية من الكريستال السائل مركبة على الحافة الخارجية للشراع الشمسي لتوجيه المركبة أيضًا.

الغواصات البحرية الكهربائية..



بعد 4 سنوات من نشر روايته “من الأرض إلى القمر” كتب الفرنسي “جول فيرن” روايته الشهيرة جدًا “عشرون ألف فرسخ تحت الماء”، والتي تم ترجمتها للغات عديدة، ونُشرت في سلسلة الأدب العالمي للناشئين حول العالم. تنبأ “فيرن” باختراع الغواصات البحرية التي تعمل بالكهرباء عوضًا عن الديزل. وبعد أكثر من 90 عامًا من صدور الرواية، وتحديدًا في عام 1960، تم اعتماد أول غواصة كهربائية.

كروت الائتمان..



عندما كتب الروائي الأمريكي الاشتراكي “إدوارد بيلامي”، روايته الشهيرة “النظر إلى الماضي”؛ والتي حققت ثالث أعلى مبيعات في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1888، وتسببت في إلهام العديد من القراء لإنشاء النوادي القومية ومن ثم نقل ما ورد فيها إلى عالم السياسة وإنشاء حزب الشعب الأمريكي. تنبأ “بيلامي” باستخدام بطاقات الائتمان لسحب الأموال والشراء الإلكتروني. الأمر الذي تحقق بعد 62 عامًا، عندما تم اختراع بطاقات الائتمان عام 1950.

الأبواب شديدة الحساسية للحركة..



في عام 1899، كتب الأديب الصحفي وعالم الاجتماع الانجليزي “هربرت جورج ويلز” وأحد مؤسسي أدب الخيال العلمي وصاحب الرواية الشهيرة “آلة الزمن”، في روايته “عندما يستيقظ النائم” عن الأبواب شديدة الحساسية للحركة والتي تُفتح بصورة آلية عند الاقتراب منها. في عام 1960، تم اختراع هذا النوع من الأبواب، أي بعد ما يزيد عن 60 عامًا من صدور الرواية.

جهاز كشف الكذب..



إذا كنت من قرّاء روايات الجاسوسية ومتابعي أفلام الـ C.I.A ، ومشاهد قديم للمسلسلات المصرية التي قامت من أجل تمجيد بطولات العملاء المخابراتيين الذين تم زرعهم في اسرائيل، فأنت بلا شك تعرف جهاز كشف الكذب. هذا الجهاز الذي تم استخدامه لأول مرة في العالم سنة 1924، تنبأ به الكاتبان الأمريكيان: “إدوين بالمر” -كاتب الروايات البوليسية- *و”ويليام ماك هارج” –الكاتب الصحفي-، في عملهما الأدبي المشترك “إنجازات لوثر ترانت”.

القنبلة الذرية..



واحدة من أسوأ التنبؤات وأكثرها بشاعة في التاريخ البشري. تنبأ بها الكاتب الإنجليزي وأحد روّاد أدب الخيال العلمي “هربرت جورج ويلز” في روايته “العالم بات حُرًا/ The World set free” عام 1914. لاحقًا، وبعد 31 سنة، وتحديدًا في 6 أغسطس 1945 وخلال الحرب العالمية الثانية، أسقط الطيار الأمريكي “بول تيبيتس”، ما عُرِف بـ “الـولد الصغير” -الاسم الكودي للقنبلة الذرية- على مدينة “هيروشيما” اليابانية، وبعدها بثلاثة أيام، تم إسقاط “الولد البدين” على مدينة “ناجازاكي” اليابانية.

الحقن المجهري أو التلقيح خارج الرحم..



في كتابه “العلم والمستقبل” المنشور عام 1924، ذكر العالم البريطاني “جون هالدان” فكرة “الحقن المجهري” أو ما يُعرف بـالتلقيح خارج الرحم، حيث اقترح أن يتم اللجوء إلى هذا الإجراء، عند وجود مشاكل في عدد الحيوانات المنوية عند الرجل، أو انسداد قنوات فالوب عند المرأة. وذلك عن طريق أخذ *بويضات من المرأة وحيوانات منوية من الرجل وتهيئة الوسط الملائم في المختبر، يشبه قناة فالوب، فيتم التلقيح وتبدأ مرحلة انقسام الخلية؛ ليقوم الطبيب بعدها بزرع الجنين أو البويضة المخصبة في رحم الأم بعد 5 أيام من تخصيبها *في المختبر.

*وفي وقت لاحق، وبعد 53 عامًا، تم إجراء أول عملية حقن مجهري ناجحة في المختبر، عام 1977، لتولد “لويس براون” أول طفلة أنابيب في العالم في يوليو 1978.

سياحة الفضاء..



في رواية الخيال العلمي ” تساقط غبار القمر” المنشورة عام 1961، والمرشحة لجائزة “هوجو” لأفضل رواية خيال علمي، التي كتبها الأديب البريطاني “أرثر كلارك”، تنبأ “كلارك” بالذهاب* إلى الفضاء في جولات سياحية. في عام 2001، أصبح “دينيس تيتو” أول سائح فضاء.

الأطراف التعويضية الإلكترونية..

في رواية الخيال العلمي الشهيرة جدا “سايبورج” -الصادرة عام1972-* والتي تحكي عن تعرض رائد الفضاء لحادث تحطم كارثي لمركبته، وأصيب بإصابات بالغة، بالإضافة لفقدان كل أطرافه. استخدم الأديب الأمريكي “مارتن كايدين” فكرة الأطراف التعويضية الإلكترونية من أجل تعويض بطل روايته عن الأعضاء المفقودة. في عام 2013، تم إجراء أول عملية زرع لساق إلكترونية كطرف تعويضي.

ايوب صابر 11-06-2016 04:10 PM

ما كتبته توقعات وليست تنبؤات..

ميهوبي لوكالة أنباء الشعر

كشف الشاعر الجزائري والوزير كاتب الدولة السابق المكلف بالاتصال عز الدين ميهوبي الذي تقلد منذ فترة منصب مدير عام المكتبة الوطنية الجزائرية للوكالة انه سيعود الى ممارسة الفن التشكيلي قريبا، حيث سيشتغل على رسم لوحات فنية يجسد فيها بعض القصائد التي تستفزه كمبدع، بالمقابل أكد* خبر تحويل قصائد ديوانه " طاسيليا " إلى عمل مسرحي يحمل نفس العنوان قريبا ،* كما تحدث عن مواضيع عديدة في الثقافة و الشعر والرواية في حوار جمعه* مع وكالة أنباء الشعر.

أطلقت منذ فترة موقعا* الكترونيا خاصا كتبت في* صفحته الرئيسية مقالا معنونا بـ" غواية* تكنولوجية"، ألا* تعتقد أن الموقع جاء متأخرة قليلا بالمقارنة مع مسارك* الابداعي؟
لا أعتقد أن الغواية جاءت متأخرة، لأن الإلتزامات المهنية كانت تحول دون* إنشاء هذا الموقع الذي* أصبح الآن جسرا بيني وبين جمهوري، كما إنني اطلع* على* الكثير من مواقع الأدباء والفنانين من كل العالم، فليس غريبا أن أفكر في أن أطرح نفسي في هذه السوق التكنولوجية لعلي أحظى ببعض الاهتمام لدى قراء معينين واقصد القارئ العربي خاصة، ثم إن هذه التكنولوجيا تتيح عملية التوصيل والتبليغ* بأسرع وقت ممكن، وبإعتبار أن الكتاب، منتوج ثقافي بطئ الانتشار اعتقد أن الانترنيت يمكن أن تصل للمتلقي أسرع منه، إذن هذه المسائل شجعتني أن أقوم ببناء هذا الموقع الذي أريده أن ينقل صورة عز الدين ميهوبي إلى الآخر كما أريده أن يكون منبرا لبعض الشعراء و الأدباء العرب لأنه في النهاية فضاء مفتوح على الأدب والنصوص الجديدة.

*أثارت رواية "إعترافات أسكرام "، جدلا، كونها تكهنت بأحداث عالمية تحصل الآن من ضمنها موت أسامة بن* لادن،* هل كانت مصادفات أم هي إستشرافات مستقبلية كان يتوقعها السياسي عز الدين ميهوبي؟
في الحقيقة أنا معروف* كشاعر ولكنني وَددت أن اكسر حاجز الأجناس الأدبية حتى لا تكون الرواية حكرا على من يكتب الرواية فقط ولا يكون الشعر كذلك أيضا، فكلُّ هذه الأجناس في النهاية لها همٌ إنساني واحد، وتشترك كلها في كونها " إبداع " مع اختلاف أدواتها، والعبرة طبعا بما* تحمله من مضامين، وقد راودتني فكرة كتابة نص يحمل تحولات العالم وأردته أن يكون مستوحى من* إفرازات العولمة فكانت الفكرة في العام 2004 فأصدرت الجزء الأول والثاني* من العمل في العام 2007، والرواية عبارة عن ست روايات داخل رواية واحدة، أعدت* تنقيحها لتصدر في عام 2009 كاملة، والملاحظ أن أبطال العمل* هم شاعر وفنان تشكيلي وباحث جيولوجي.. هذه الشخصيات استوحيتها من خلال معايشتي لعوالم الإبداع التي حددت أن يكون الشاعر من كوبا، والفنان التشكيلي من إسبانيا، والعالم الجيولوجي من اليابان ، حتى أن الراوي الثاني هوشاعر يعمل كجندي فرنسي أثناء ثورة تحرير الجزائر. إن هذه التقاطعات وَلدت فيّ رغبةٌ أن أكتب رواية لا تشبه نصوصا أخرى، فكتبها بطريقتي لأنني اعترف أنني قارئ رديء للرواية، وأفضل الكتب الإستراتيجية والفكرية التي تحمل الأطروحات والصراعات التي يشهدها العالم اقتصادية كانت أو عسكرية،* مما يجعل قراءاتي محدودة في المجال الأدبي. إنني أجد نفسي في الكتب التي تحمل استشرافات* مستقبلية منها الأزمة الاقتصادية العالمية..

ولماذا هذا النوع من الكتب بالذات دونا عن الكتب الأدبية، وكيف كانت هذه القراءات سبب التنبؤات في الرواية؟
لأن هذه الكتب استقراء للواقع، وبالتالي فإنها أفرزت رواية تتوقع القادم منه، مثلا ما يحدث بين الهند وباكستان من صراع قد يفرز توقع حرب نويية في العشر سنوات المقبلة، اسميها توقعا و ليس تنبؤا، لأن عملية* الاحتكاك الموجودة بين* بلدين ينام كل منها على زر نووي تؤدي إلى هذه النتيجة التي أراها طبيعية في وضع كهذا، كما أنني داخل الرواية* توقعت مثلا نهاية أسامة بن لادن حيث يقول في وصيته لأتباعه: "إعلمو أنني قد أموت ولا يُعلم* لي قبر"، و فعلا الآن هذا ما حصل، وهناك إشارة أيضا إلى أن بعض الفلسطينيين يقتربون من مفاعل نووي* في "ديمونة" بإسرائيل ويسعون إلى تدميره، وهذا أيضا حصل فعلا، أضيف كذلك حادثة حصول باراك أوباما على جائزة* نوبل ، بل إنه حتى البيان الذي أوردته* في الرواية شبيه ببيان لجنة الجائزة، وكل هذا تمّ بعد صدور الرواية بفترة طويلة. وهناك أشياء كثيرة سوف تحدث ربما تبدو اعتباطية في عمل روائي، لكنها تبقى* مقاربات بين ما كتب وما سيحدث، وأترك التقييم للناقد، عملا بمقولة" ما يكتبه المبدع بنصف وعيه يفهمه الناقد بوعي كامل"، إن هذه التوقعات في النهاية نابعة من قراءاتي ومن اهتمامي بالجانب العلمي كما أن تكويني الجامعي في المنهج* الاستراتجي، ساعدني* في ذلك.

صدر ديوان جديد لك عنوانه "أسفار الملائكة"،هل هي عودة* للشاعر عز الدين ميهوبي؟ وما موقع القصيدة العمودية في* الديوان؟
قبل هذا الديوان صدر لي ديوان "طاسيليا" عن دار النهضة في* بيروت في 2007، وهو عبارة عن قصيدة مستوحاة من الموروث الجزائري القديم. نص تختلط فيه الخرافة بالأسطورة،* بصورة يمكن أن تتحول إلى عمل مسرحي حتى أن الشاعر والناقد محمد علي شمس الدين، قدم قراءة ايجابية للعمل، وقال إن هناك عودة جديدة إلى مسرحة الشعر، وهناك محاولات للمشتغلين في* حقل المسرح لاستثمار هذا النص ليجسد على الركح.

و جاء بعد طاسيليا ديوان "أسفار الملائكة" الصادر عن منشورات البيت الجزائرية،* الذي رفعت نصوصه* إلى بعض من* كنت قريبا منهم، وتعرفت عليهم،* من مدن أشخاص تركوا في نفسي* أثرا.

وماذا عن القصيدة العمودية في مسيرة الشاعر عز الدين ميهوبي ؟
إشتغلت مؤخرا على نصوص كنت كتبتها في فترة الثمانينات والتسعينات ولم تصدر وجلها ضمن نسق القصيدة العمودية، وقد نشرتها في مجموعة" منافي الروح"* التي طبعت في إطار "الجزائر عاصمة للثقافة العربية2007"، و* لم توزع بسبب عيوب النشر الجزائري الذي لا يروج* للكتاب، فبعض* الناشرين يعتقدون أن دورهم ينتهي عند طبع الكتاب، ومسألة التعريف به تقع على عاتق المؤلف، فينتظرون أن يتحول المبدع إلى "برّاح " لأعماله، والمسألة مؤلمة ونحن بحاجة إلى أن يتحلى الناشرون الجزائريون* بالمهنية، وأذكر هنا أن لدي ديوان* صدر* عام 2003 عنوانه "قرابين لميلاد الفجر"، لم تكتب عنه كلمة واحدة، لذا بالنسبة لي الديوان لم* يصدر.

بين الشاعر و الروائي والإداري والوزير .. أين هو الفنان التشكيلي؟
*هو يسعى لأن يكون اكتشافا لذاته من خلال محيطه، لان الملكة شئ لا يتغير* بين الاداري والمبدع . إنني أعيش الحياة،* فلا أحد يمنعك من ساعتك التي تأنس فيها إلى نفسك،* والتي فيها يمكنك أن تفعل أي شيء تريده حتى ضرب رأسك بالحائط، وبالنسبة لي الفن التشكيلي موجود بين كل هذه الأشياء، ولا أخفيكم أنني اقتنيت* منذ فترة أدوات الرسم* وأفكر في العودة إلى ممارسة هوايتي ، فقد التحقت بعد حصولي على الباكالوريا بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة، والآن يشجعني صديقي الفنان الطاهر ومان، المؤمن بقدراتي في الفن التشكيلي، إذ أنني أفكر* بتجسيد* القصيدة* بالريشة في لوحات* بها مقطع لكل شاعر يستهويني،* إنها طريقتي التي أريد بها أن أجعل شعر الآخرين يعيش في ألواني.

مارأيك في الجيل الجديد* من الكتاب الجزائريين ؟
*أنا من الذين يؤمنون أن* هناك أسماء ممتازة في الجزائر، أصوات جميلة تخوض تجارب كبيرة* في الرواية والمسرح* والشعر والنقد ، وبرأيي الأسماء موجودة* لكن لم* يتح لها منبر كاف في الجزائر، إذ نشعر أن هناك إجحافا في حق الكثير من الطاقات التي يمكنها أن* تكون في مستوى عال من حيث تمثيل المنتوج الثقافي الجزائري في الخارج،* فالشعب الجزائري ليس عنيفا كما يروجون.. إنه شعب مبدع حتى النخاع.

*والكتابات النسوية الجزائرية *في* الوطن العربي كيف تقييمها ؟
أراها متطورة وتنافس النصوص القوية في جميع الأجناس الأدبية،* إذ ينظر الآن إلى الكاتبة* أحلام مستغانمي على أنها استطاعت أن تتبوأ* عرش الرواية ، وحتى المقال الأدبي وقد تجاوزت الشارع* الثقافي وأصبحت لها مكانة لدى العائلة العربية، كما تعجبني تجربة الشاعرة حنين عمر التي تشق طريقها* بسرعة فائقة جدا وتقدم تجربة شعرية ناجحة* وتجربة مميزة في كتابة المقالات الثقافية.وهناك أسماء جزائرية كثيرة مثل ياسمين صالح، جميلة طلباوي، نصيرة محمدي، آمال بشيري وأغيرهن، كلها تستحق الاحتفاء.

كيف تنظر إلى الثورات العربية ؟
*لدي نظرة مغايرة على ما يطلق عليه "الثورات العربية" : كل تغيير لا يحقق قيمة مضافة للمجتمع في كل المجالات لا طائل من ورائه، و قد تكون هذه الثورات* وبالا على شعب ما إن لم* تكن له* رؤية حقيقة، كما أن المثقف في النهاية جزء من المجتمع وتقع عليه مسؤولية التوجيه، وأنا أرى أن لكل* بلد* وضعه وخصوصياته،* وانظر إلى* كون المسالة شبيه بجملة من الموائد، كل مائدة ينقصها شيء..

تقلدت مناصب عديدة ولك* رصيد إبداعي كبير، منها نقش* قصيدة "وطني" باللغة العربية أمام نصب تذكاري لخط غرنتيش العالمي في* بريطانيا ورغم ذلك بقيت متواضعا *فما هو سر التواضع؟
* إن الانجازات هي نتاج الصبر، إنني أعتبر نفسي ولدت طفلا فوق العاشرة وطفولتي ساهمت في تكوين شخصيتي، هناك ظروف كثيرة تصنعنا وأحلام ننالها بالصبر والتطلع والعمل من أجل الآخرين.

كلمة للوكالة أنباء الشعر؟
أنا من متتبعي ما تقوم به الوكالة وأجد أنه من الجميل جدا أن يحظى الشعر بهيئة* إعلامية تقدم* أخباره وأخبار من هم* في مجاله، وأنا من الداعمين* لها وأتمنى أن تتحول الوكالة إلى هيئة عالمية.

وكالة أنباء الشعر / الجزائر - آمال قوراية


الساعة الآن 03:28 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team