منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   أنت طالق...!! (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=13004)

مباركة بشير أحمد 02-20-2014 06:14 PM

أنت طالق...!!
 
أنت طالق...!!
.........


حملت حقائبها المثقلة بأوجاع السنين، وراحت تدقُ أبواب الرّجاء، وتنفضُ عنها غبار الحسرة جاهدة، بعدما شَربت نخب طلاقها، ووشمت حُروف اسمها في لائحة المطلقات، وهي توزع خطواتها على شارع المجهول، وقد استفردت بمخيلتها الهشة غربان الحيرة، تنعب في قفارها، فطفقت تتفحص معالم الحاضر، لوحة قديمة جرّدت من الألوان، بعد ما نسفتها أفواه الزمن الواسعة، وتُقلَب حجارة الواقع...كأنما تبحث خلف جمودها عن ثورة عشق كتمت أنفاسها، وتاه صهيلها عند منعطفات الهوان.!
كان لايزال ربيع عمرها يدرج على سلالم النضوج الأنثوي، تلك الفاتنة، عندما تقاطرشهد السعادة من أنفاسها الملتهبة شوقا للقاء.
نبيل....!عطرُ كلماته ها قد انفتحت قارورته المنسية في ثنايا الذاكرة، واقتحم أسوارها دون استأذان، لتجد نفسها منغرسة به طريقا ترامت مسافاته، ، وتعسَرت قراءة عناوين محطاته.
ها هوذا طيفه ينبعث من ردحات الماضي البعيد، ليغشى عينيها الناعستين، ويهرق الأمل صوب دواخلها المرتعشة، ويذكّرها بالوعد الذي كتب صحيفة بقائه السّرمدي بدماء قلبه النابض حبا وألما:
- رحمة ... مستحيل أن يأخذك غيري....مستحيل...!!"
تلك كانت رواسب زفرات اشتعلت بها نيران غيرة هوجاء، حيال ما اكتشف المتيم أن حبيبته، وضياء عينيه، سينتشلها من بين يديه آخر، وأن لافتات الفراق ستُعلى هاماتها قريبا، في حين تتوارى الأحاسيس النازفة حرقة وولها، وتركل بعيدا أمانيها على رصيف الأوهام، بقدم سلطة والدها، الذي أقسم أن زواجها سيتم ذات ليلة كُسرت فيها آخر الفوانيس للقيا الحبيب، واستبدلت بدخان خانق.
ليلة فيها تبعثرت الرؤى، وتلعثمت خطى المشاعر، وانسدل ستار أسود معلنا عن النهاية، تحت وقع الدفوف، وزغاريد النساء، عندما زرعوها بذرة ورد غريبة بأرض تمادت مساحات جفافها وتعذر عليها استنشاق الهواء عبر مساماتها الضيقة، أين اجتثت جذور كرامتها وألقي بوريقاتها ذاوية في المتاهات
بين عشية وضحاها، أمست تلك الحورية الجميلة خادمة البيت، وجارية السيد العظيم.
شكواها لوالدتها لم تكن لتغير مستحيلا، أو تعبث بالتواءات خط رسمته لحياتها يد الجبروت..!
شريط من الأحداث السوداء توالت حلقات مسلسله، ناشبة أظافرهاعلى شجيرة عمرها الأخضر، وكاتمة على أنفاسها حدّ الهذيان .
- متى؟ كيف؟ هل من سبيل؟ تساءلت بمرارة، ورفعت راية الإحتجاج بصمت، إلى أن أغمي على أفكارها، وأعلنت الإستقالة من عالم الأحياء...!
ثلاث سنوات مضت، تجدولت معاييرها بمسطرة الأنانية، والذكورة الضاربة جذورها في دركات التيه والغطرسة!
والدها الذي استحوذ على تأشيرة التحكم بقراراتها، لأنها ابنته من لحمه ودمه، ومضى يسخّن طبل عجرفته على جمر تأوهاتها ودمع التوسل الملتهب على وجنتيها، وزوجها "الحاج معمر" أحمق،و بخيل ، .قد نُسجت طباعه بغزل القسوة والتعنت...وله من النساء ثلاث...إلى أن سقطت منهارة لا تدرك لأبجديات واقعها الميؤوس منه أدنى التفاتة أو مفهوم صواب..!
وكم ذا تأفف واستشاط غضبا لمنظرها وهي تذوب على فراش المرض كقطعة سكر في بركة ماء، إلى أن تداركته إشراقة شمس دافئة، وهو يلقي بشحنة سخطه اللاذعة في مغاور صدرها، أفعى قاتلة، مربوط بذنبها خيط النجاة:
-"أف... لقد سئمت منك ومن مرضك هذا الذي لا ينتهي أبدا ..أنت طالق...
- طالق .!!؟؟
لم تكن هذه الكلمة ولاريب، إلاَ نسمة من شواطئ الأمل اخترقت جدار العتمة أخيرا، وخلّفت في زواياها المنحنية فوهة،بعثرت من خلالها أشواك المآسي ، ورشّت على عنفوانها الكاسر ترياق الطمأنينة بخاطرها. لم تدر كم من الوقت ارتشفته الدقائق المترامية خلفها، كما حبات خرز ملساء انقطع سلكها فجأة في حضن الزمان.
فتحت والدتها الباب فجأة، وإذا بطبول قلبها المرهف تصخب معلنة عن ميلاد مأساة شبيهة لمآسيها الماضية لتنحشر تحت براثنها من جديد. عندما وقعت أولى نظراتها على صفحة وجهها العابس، المتحسر، لاحت على شفتيها إبتسامة باهتة. حدقت بها طويلا تقرأ سطور التذمر الملونة بالعتاب بين سهام رموشها، ثم باكية إنجذبت نحوها بمغناطيس الأمومة، المنبثق من لدن نفس مزقتها خناجرالألم ، في مجتمع غرست شياطين التخلف أنيابها في ذاكرته المتهدلة، وعششت على أعرافة عناكب الجهالة

أنين أحمد 02-20-2014 06:50 PM

دائما ما يكون الأبناء خاصة منهن الإناث ضحايا قرارات ابائهن

حكاية تلامس الواقع

دمت بخير أختي مباركة

ناريمان الشريف 02-20-2014 10:08 PM

طالق .!! لم تكن هذه الكلمة ولاريب ،إلاَ نسمة من شواطئ الأمل اخترقت جدار العتمة أخيراً

عزيزتي مباركة ..
سلام عليك .. أحياناً كثيرة يكون الطلاق حلاً لمشاكل لا حدود لها بين الزوجين ..
ويبقى رغم ذلك أبغض الحلال


تحية ... ناريمان الشريف

ياسر علي 02-21-2014 12:43 AM

أهلا بالأديبة مباركة بشير أحمد

بكثير من الترحيب و البهجة يستقبل منبر القصة هذه المعزوفة الأدبية الأولى للكاتبة مباركة بشير أحمد .

في بحر النص المتلاطم بالصور الجمالية أستقي هذه التعابير الضاربة في أعماق الروعة :

وقد استفردت بمخيلتها الهشة غربان الحيرة تنعب في قفارها

بعدما نسفتها أفواه الزمن الواسعة

وتاه صهيلها تحت منعطفات الهوان.!

عطرُ كلماته هاقد انفتحت قارورته المنسية في ثنايا الذاكرة

ويهرق عطر الأمل بدواخلها المرتعشة

لافتات الفراق ستعلى هاماتها قريبا أمام "فوضى الحواس "

في حين تتوارى المشاعر النازفة حرقة و ولها و تسجن في بقعة ظلام

تعبث بالتواءات خط رسمته لحياتها يد الجبروت ..!

توالت حلقات مسلسله ناشبة أظافرهاعلى شجيرة عمرها الأخضر

حدقت بها طويلا تقرأ سطور التذمر المضمخة بالعتاب بين سهام رموشها

وعششت على أعرافة عناكب الجهالة



شكري و تقديري

مباركة بشير أحمد 02-21-2014 01:10 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أنين أحمد (المشاركة 172279)
دائما ما يكون الأبناء خاصة منهن الإناث ضحايا قرارات ابائهن

حكاية تلامس الواقع

دمت بخير أختي مباركة

وآآه من الآباء إذا اكتنفت قراراتهم عجرفة وقساوة .

أسعدني منك حضورك العاطر ،عزيزتي أنين أحمد
،ومداخلتك التي تنم عن رحابة تفكير، وشفافية في الروح.

دام لك التألق.

مباركة بشير أحمد 02-21-2014 01:18 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 172283)
طالق .!! لم تكن هذه الكلمة ولاريب ،إلاَ نسمة من شواطئ الأمل اخترقت جدار العتمة أخيراً

عزيزتي مباركة ..
سلام عليك .. أحياناً كثيرة يكون الطلاق حلاً لمشاكل لا حدود لها بين الزوجين ..
ويبقى رغم ذلك أبغض الحلال


تحية ... ناريمان الشريف

هو ماذكرت ،عزيزتي ناريمان ،فالطلاق رغم أنه أبغض الحلال
لكنه أحيانا هوالحل ،لكثير من المشاكل الزوجية .

تشرفت بحضورك العاطر ،وتفاعلك السخي

دمت متألقة.

ريما ريماوي 02-24-2014 03:19 AM

اهلا بالمبدعة الرائعة مباركة في منابر...
واتمنى لك إقامة طيبة ...

النص متين..

والطلاق في أحيان كثيرة خلاص...
فاجأتني جدية الموضوع المختلفة
عن نصوصك الساخرة...

أكرر ترحيبي بك...
محبتي واحترامي وتقديري.

تحيتي.

مباركة بشير أحمد 02-27-2014 05:40 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 172307)
أهلا بالأديبة مباركة بشير أحمد

بكثير من الترحيب و البهجة يستقبل منبر القصة هذه المعزوفة الأدبية الأولى للكاتبة مباركة بشير أحمد .

في بحر النص المتلاطم بالصور الجمالية أستقي هذه التعابير الضاربة في أعماق الروعة :

وقد استفردت بمخيلتها الهشة غربان الحيرة تنعب في قفارها

بعدما نسفتها أفواه الزمن الواسعة

وتاه صهيلها تحت منعطفات الهوان.!

عطرُ كلماته هاقد انفتحت قارورته المنسية في ثنايا الذاكرة

ويهرق عطر الأمل بدواخلها المرتعشة

لافتات الفراق ستعلى هاماتها قريبا أمام "فوضى الحواس "

في حين تتوارى المشاعر النازفة حرقة و ولها و تسجن في بقعة ظلام

تعبث بالتواءات خط رسمته لحياتها يد الجبروت ..!

توالت حلقات مسلسله ناشبة أظافرهاعلى شجيرة عمره
ا الأخضر

حدقت بها طويلا تقرأ سطور التذمر المضمخة بالعتاب بين سهام رموشها

وعششت على أعرافة عناكب الجهالة



شكري و تقديري



شكرا على حضورك المميز أستاذنا الفاضل / ياسر علي
ولو أني كنتُ أطمع في بعض نقد صارم، تهديني فيه عيوبي :)
لكن " الجايات أكثر من الرايحات" بالتأكيد.

دام لك الرقي ،والسلامة.

مباركة بشير أحمد 02-27-2014 05:47 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريما ريماوي (المشاركة 172438)
اهلا بالمبدعة الرائعة مباركة في منابر...
واتمنى لك إقامة طيبة ...

النص متين..

والطلاق في أحيان كثيرة خلاص...
فاجأتني جدية الموضوع المختلفة
عن نصوصك الساخرة...

أكرر ترحيبي بك...
محبتي واحترامي وتقديري.

تحيتي.

هههه وفاجأتني مشاركتك الكريمة ياريما
هكذاهي المباركة ،تجمع بين الجدَ، والهزل :)
ويا مرحبا بك أيتها الفراشة الجميلة ،في خمائل متصفحي .

أسمى تحاياي لك، وتقديري.

أحمد فضول 03-06-2014 09:19 PM

أسلوب أدبي راق في تصوير ظاهرة تؤرق المجتمع وتعكس الأثار النفسية التي تتلجلج في طيات حياة المطلقة والظلم والظلام والضلال الذي ينتظر أطراف الموقف : المطلقة والزوج والأبناء ولا ننسى الأفراد الآخرين وبخاصة والد المطلقة ووالدتها والمعاناة لدي هذه الأطراف . قصة قصيرة تناولت كثيرا ممن يلعب أدوارا في هذه الظاهرة المقلقة والمدمرة للمجتمع .
تمنياتي لك بالتوفيق والتميز .

مباركة بشير أحمد 03-08-2014 05:29 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد فضول (المشاركة 172941)
أسلوب أدبي راق في تصوير ظاهرة تؤرق المجتمع وتعكس الأثار النفسية التي تتلجلج في طيات حياة المطلقة والظلم والظلام والضلال الذي ينتظر أطراف الموقف : المطلقة والزوج والأبناء ولا ننسى الأفراد الآخرين وبخاصة والد المطلقة ووالدتها والمعاناة لدي هذه الأطراف . قصة قصيرة تناولت كثيرا ممن يلعب أدوارا في هذه الظاهرة المقلقة والمدمرة للمجتمع .
تمنياتي لك بالتوفيق والتميز .

وكم ذا تُكابد المرأة في المجتمعات ،التي تنتقص إلى فهم ،وإدراك.
الشكر لقلمك الذي زرع الياسمين في قفار متصفحي،
والتقدير لك ،أستاذ أحمد فضول.
وأسمى تحاياي.

ايوب صابر 03-10-2014 01:19 PM

قراءة اولية في نص "انت طالق "


ثلاث أدوات أساسية من أدوات السرد الجميل استخدمت هنا بكثافة فجعلته نصا مذهلا في وقعه على المتلقي...

الأداة الأولى ...النص تملؤه الحركة وذلك من خلال حشد كلمات توحي بالحركة حتى من الكلمة الأولى وفي الفقرة الأولى فقط تم حشد كل هذه الكلمات التي توحي بالحركة بشكل أو بأخر ( حملت، راحت، تنفض، شربت، ووشمت، توزع، خطواتها، شارع، طفقت، تتفحص، نسفتها، تقلب، تبحث، ثورة)...والحركة تجعل النص ينبض بالحياة وهذا النص اقل ما يقال عنه انه ينبض بالحياة.

الأداة الثانية التجسيد والتشخيص وهي أداة أخرى مهمة تم استخدامها هنا بكثافة وهي من أدوات التأثير المهمة حيث تصبح الأشياء الجامدة كأنها كائنات حية ناطقة ومتحركة وما إلى ذلك من سمات الكائن الحي فجعلت الكاتبة مثلا الحقائب مثقلة بأوجاع السنين وهذا الوصف ينطبق على الإنسان، وجعلت للرجاء أبوابا تدق، وللحسرة غبار ، وجعلت الطلاق وكأنه خمره تشرب فيكون لها مفعول الشراب المسكر، وجعلت الحيرة مثل الغراب الذي يستفرد في المخيلة وجعلت للزمن أفواه واسعة ، وجعلت للواقع حجارة، وجعلت لثورة العشق أنفاس وصهيل، وجعلت للهوان منعطفات...هذا كله في الفقرة الأولى فقط ويا لهول ما يترك هذا التشخيص من اثر ووقع على دماغ المتلقي.

الأداة الثالثة ..أيضا النص مليء بالصور والتشبيه وكأن الكاتبة كانت ترسم برشتها هنا ولا تكتب بقلمها ومثال ذلك صورة " ووشمت حروف اسمها في لائحة المطلقات" ، وصورة " وهي توزع خطواتها على شارع المجهول" وصورة " وقد استفردت بمخيلتها الهشة غربان الحيرة تنعب في قفارها "وصورة" لوحة قديمة جردت من الألوان" وصورة"وما نسفتها أفواه الزمن الواسعة"...وكل تلك الصور التي أشار إليها الأستاذ ياسر التي تنتشر في النص من أوله إلى آخره...

طبعا النص يحتوي على الكثير من عناصر التأثير الأخرى التي جعلته نصا بديعا مميزا بالغ التأثير مثل استخدام التضاد والتكثيف والألوان والحوار وكلمات توقظ في المتلقي الحواس فيتضخم وقع العمل الفني عليه هنا... وقد أجادت القاصة رسم الشخوص والزمكانية واللغة مكثفة والحبكة متينة وجعلت النهاية مفتوحة ..

كنت أفضل أن يتم استخدام عنوان آخر للنص لا يشي بمحتواه لان العنوان الحالي " أنت طالق" يقول كل الذي أرادت أن تقوله القاصة واثر سلبا على التشويق و الادهاش ...وقد يتردد المتلقي في متابعة القراءة لأنه عرف من البداية النهاية لكن الذي يلج النص يجد بأن الكاتبة نجحت بشكل مذهل في نقل صورة واقعية للمعاناة التي يمكن أن تعيشها فتاة في رحلة حياتها حينما يذبح الحبيب ويفرض عليها الزواج من شخص آخر كبير السن فتتحول حياتها إلى كابوس لتنتهي من ذلك الكابوس بوشم الطلاق...أقول نجحت القاصة في نقل تلك الصورة الواقعية بأسلوب سردي بديع بالغ التأثير، ومن خلال حشد عدد كبير من الادوات الفنية التي تترك اثرا واضحا على المتلقي وتصنع الروعة...علما بأنني كنت افضل لو ان النص انتهى عند كلمة الالم في هذه الجملة " المنبثق من لدن صدر مزقته خناجرالألم " ...وتم الاستغناء عن هذه الجملة الاقرب الى التقريرية رغم جمالية الصورة التي تشتمل عليها" مجتمع غرست شياطين التخلف أنيابها في ذاكرته المتهدلة، وعششت على أعرافة عناكب الجهالة".

هذه مجرد قراءة أولية للنص وأتصور أن التعرف على خصائص النص ومميزاته وعناصر القوة والتأثير فيه وقد رأيته نصا بديعا وعناصر الضعف أن وجدت يحتاج منا إلى ورشة عمل هنا يدلى كل منا بدلوه فيها ولعلنا نتمكن من سبر أغواره بصورة متكاملة وتفصيلية.

ولا ننسى بأن عبقرية هذا النص تشي بأن خلايا دماغ القاصة كانت في لحظة ما قد تعرضت للكثير من الالم كنتيجة لتجربة مأساوية ما ربما في الطفولة المبكرة... ويبدو انه تم ايقاظ ذلك الالم من جديد في وقت لاحق لان هذه الخلايا صارت على ما يبدو تعمل بطاقة هائلة جعلت من ولادة هذا النص البديع ولادة ممكنة.

شكرا لك أستاذة مباركة على هذه النص البديع بل هذه اللوحة الفنية الغنية بعناصر التأثير..

روان عبد الكريم 03-10-2014 10:12 PM

لغة انسيابية عذبة رغم مأسوية الحدث - تموج بحركة دافقة تشترك فيها المشاعر الانسانية المختلطة القوية حتى الجماد تألف معها

اعجبتنى حد الجنون

مباركة بشير أحمد 03-11-2014 12:18 PM

قراءتك لسطوري ،واقتناص الأجمل فيها ،شرف لي يا أستاذ أيوب صابر
وبالتأكيد بحاجة قصتي إلى الكثير من التنقيح ،لأنني للأسف لستُ متفرغة للقص ،،إنما اهتماماتي متشعبة.
وافر شكري وتقديري لك
وأسمى تحية من الجزائر.

مباركة بشير أحمد 03-11-2014 12:23 PM

الأديبة القديدرة / روان عبد الكريم
تلك شهادة منك أنبتت زهور الفخر ،في نفسي
فكل الشكر لك أيتها الراقية
وأسمى تحية جزائرية ،،،بلون الورود.

فاتحة الخير 03-11-2014 05:20 PM

السلام عليكم ورحمة الله


صراحة دهشت من بذخ هذا النص واناقته، أسلوب ماتع ومصطلحات في قمة الرقي الادبي، شكرا لك أختي استمتعت بحق بمعزوفة ناي حزين.
امرأة جعلت منها الظروف ارجوحة تتمايل بين هبات غطرسة الرجل وتملكه، وكأنها مجرد شيء خلق فقط لإظهار سيطرة الرجل بل سيطرة الذكر عليها، لأنه ليس كل الذكور رجالا.
امرأة عاشت الصورة المقلوبة، بكل حيثياتها بكت في ليلة عرسها، وابتسمت لسماع طلاقها.
رغم أنها عادت من نفس الطريق التي غادرت منها و لنفس النخاس الذي باعها يوما.
متنمياتي لها بالتوفيق راجية أن تكون تلك السنوات الثلاث قد أوقدت فيها شعلة من تمرد و ثورة على طغيان الآخر، ساعتها تستطيع إكمال ابتسامتها بل وتحويلها لضحكة مجلجلة تنسى فيها الماضي وتبدأ معها من جديد

ايوب صابر 03-12-2014 12:25 AM


ورشة عمل لسبر اغوار قصة " انت طالق"

يبدو ان هناك إجماع بان القصة متفوقة واكثر من رائعة ولا شك ان الاسلوب السردي هو الذي يجعلها كذلك وهي تستحق ان تعقد لها ورشة عمل ... سأحاول إدراج بعض الأسئلة للمساعدة في تفعيل المشاركات لكننا سنبقي المجال مفتوح للمشاركات وعلى ان نستمع لراي اكبر عدد من النقاد وكتاب القصة تحديدا في جوانب القوة والضعف في القصة ....

- رايكم في عنوان القصة ؟
- هل أحسنت مباركة اختيار العنوان ؟
*

فاتحة الخير 03-12-2014 03:03 AM

السلام عليكم ورحمة الله



قرات تحليلك لقصة أختنا مباركة والتي عنونتها ب" أنت طالق" وقد قمت طبعا بسبر أغوارها وفتح المقفل منها، وما قلته عن العنوان كان فعلا في محله، لأنني أنا فهمت مغزى القصة من العنوان، لكن هذا لا يبخسها حقها، بل أن رغم انفتاح المضمون أمامنا منذ الوهلة الأولى، إلا اننا استمتعنا بالأسلوب الذي حاكته أختنا امباركة بدقة متناهية وزركشته بالوان زاهية وتفننت في تصوير حالة إنسانية معقدة، صحيح أن القصة ظهرت من العنوان، لكن ليس كل طلاق كآخر، فكل طلاق وراءه حكاية وعبرة ونهاية طبعا.
فكم من طلاق كان بداية لحياة أخرى أكثر آدمية، أما طلاق صديقتنا الصغيرة فكانت غرقا في متاهات أخرى تتلو الطلاق، خاصة في بعض البيئات العربية التي مازالت تعتبر الطلاق وصمة عار على جبين الأسرة باكملها.
شكرا لهذا الأختيار سيدي، فالقصة تستحق فعلا التثبيت، وتستحق عقد مناقشات حولها...

ايوب صابر 03-12-2014 10:17 AM

مرحبا استاذة فاتحة الخير

لك من اسمك نصيب..ها انت تفتتحين النقاش في ورشة العمل هذه من خلال هذه المداخلة التي تنم عن دراية بادوات السرد الجميل.

اتفق معك فيما ذهبت اليه حول العنوان وكنت مثلا افضل لو انها استخدمت الكلمات " خناجر الالم " كعنوان بديل ، ولو انها فعلت لكان النص اقل انكشافا ولساهم ذلك في زيادة حدة التشويق والجذب والاثارة المتوقعة من النص...في انتظار ان نستمع للمزيد عن العنوان نسأل :

- جملة البداية..اي مدخل القصة...

أنت طالق...!!
" حملت حقائبها المثقلة بأوجاع السنين، وراحت تدقُ أبواب الرّجاء، وتنفضُ عنها غبار الحسرة جاهدة، بعدما شَربت نخب طلاقها، ووشمت حُروف اسمها في لائحة المطلقات، وهي توزع خطواتها على شارع المجهول، وقد استفردت بمخيلتها الهشة غربان الحيرة، تنعب في قفارها، فطفقت تتفحص معالم الحاضر، لوحة قديمة جرّدت من الألوان، بعد ما نسفتها أفواه الزمن الواسعة، وتُقلَب حجارة الواقع...كأنما تبحث خلف جمودها عن ثورة عشق كتمت أنفاسها، وتاه صهيلها عند منعطفات الهوان.!"

- هل وفقت الاستاذة مباركة في صياغة وبناء جملة البداية؟
- هل كان بالامكان تضمين النص ( جملة البداية ) ما يوحي بحالة صراع وهو الذي يجعل النص اقرب الى الحياة؟
- ام ان الكلمات الدالة على الحركة كانت كافية لجعل النص حيويا ينبض بالحياة؟
- وما هي المحسنات البديعية التي استخدمتها الاستاذة مباركة هنا؟
- وهل كان بالامكان عمل المزيد؟
- هل هناك اي مآخذ على هذه البداية وما هي ان وجدت؟
- هل كان من الافضل جعل جملة البداية جملة وصفية لمحت فيها الى الصراع وما ينتج عنه كتهيئة للموضوع واخرت الحديث عن البطلة للجملة الثانية ؟

مباركة بشير أحمد 03-12-2014 11:56 AM

أولا: أشكرك لاهتمامك بقصتي المتواضعة أستاذ أيوب صابر . أسلوب في النقد متحضر ،موضوعي ،يستحق الإشادة.

ثانيا : ربما لايجوز لي التدخل في الحوار ،ووجب لي الإستمتاع بالنقد عن بعد ،لستُ أدري ماهي قوانين المنتدى بعد .
بيد أن الأفكار لما تهاجمنا على حين غرَة ،أنَى لنا بالتريث ،يلجم ثورتها هههه
تقول ،العنوان يفضح المكنونات ، والستر ضرورة كيما نجلب القارئ ،لكن اختيارنا للعنوان الذي يستقطب كل المشاهد في بؤرته ،ومنه تتحرك المفاهيم ،يُعتبر بمثابة الفانوس الذي به تتوضح الرؤى شيئا فشيئا ،والعنوان الخارج عن نطاق الفكرة العامة للنص ،ماهو في الحقيقة إلا بداية لدوامة تستحوذ على ذهن القارئ ،فلا يعرف سبيلا للخلاص من التشتت ." خناجر الألم " ،عنوان في منتهى الروعة ،لكن أيضا يصلح كعنوان لحالة " خيانة" ، " يتم" ، " فراق" ...الخ ،و " أنت طالق" ، مباشرة ،ولمجرد تمرير الأجفان على حروفه السوداء ،ينغرس في تلافيف الدماغ ،أن القصة تتحدث عن امرأة مطلقة .لكن كيف تم الطلاق ،ولماذا ؟ ومانهايته ؟ هذا ما سيكتشفه القارئ بعد قراءته الكاملة للقصة .فليس كل طلاق بالضرورة شبيه لما سواه .لا أتحدث من باب التعصب للرأي ، إنَما هذا ما يغشى اعتقادي ،في هذه المرحلة الوقتية ، أكيد لو اقتنعتُ بغير ما يثير خاطري الآن ، فسأبصم عليه بالعشرة .

ايوب صابر 03-12-2014 01:57 PM

مرحبا استاذة مباركة

- الشكر لك على هذه القصة الجميلة، والتي اخترتها لهذه الورشة لانها تستحق ان تمحص ونتعلم منها.

- يقال ان النص عندما يلد يصبح ملك الجمهور لكن ذلك لا يعني انه لا يجوز لك التدخل في مجريات ورشة العمل هذه... بل ارى بأن تدخلك سيكون ضروري وملح لايضاح وتفنيد بعض الجوانب والتعليق او الاضافة على جوانب اخرى...ثم ليس هناك قوانين في المنتدى تحدد كيفية ادارة ورشات العمل والحوار حتما مفتوح على مصارعه وطرح الاسئلة هو فقط لتشجيع الحوار...ولك ان تردي على كل صاحب مداخلة وبما يغني الحوار والنقاش والعصف الذهني..

- الغرض من الورشة هو ان نتعلم اكثر عن طرق وادوات واليات السرد الجميل والمؤثر والبليغ والذي على شاكلة قصتك هذه والتنبيه لامور قد لا نعرفها او قد نغفلها ونحن تحت تأثير وحي الابداع حيث تكون الاولية لتوليد النص وهي عملية عسيرة دائما، وبهدف اتقان هذه الادوات وتعلمها ..لعلنا نستطيع استحضارها تلقائيا في كل مرة نكتب سرد قصصي ونرتقي في كتاباتنا السردية...

- قولي المؤيد لقول الاستاذة فاتحة الخير عن العنوان ( بانه يفضح المكنونات ) لا يعني انه ليس جيدا ، لكنه حتما يقول الكثير... وطبعا تظل هذه وجهة نظر يمكنك قبولها او رفضها ولك دائما حرية التصرف والاختيار عن الكييفية التي تخرج بها نصوصك الابداعية... فهذا هو النمط الذي يميز كاتب عن غيره، لكننا نتحدث هنا بشكل عام عن الخواص التي تجعل النصوص السردية في اعلى درجات التأثير والاتقان من حيث البناء السردي وحشد اداوت وعناصر التأثير والجمال.

- قد يكون كلامك عن العنوان " اختيارنا للعنوان الذي يستقطب كل المشاهد في بؤرته ،ومنه تتحرك المفاهيم ،يُعتبر بمثابة الفانوس الذي به تتوضح الرؤى شيئا فشيئا" صحيح لكنني افضل، وكأن الاخت فاتحة تؤيدني في ذلك، الطريقة الاخرى وعلى ان لا يكون العنوان (دوامة) كما تقولين وانما يشيء بالقليل القليل عن المحتوى وفي نفس الوقت يوقع دماغ المتلقي في بوتقة الفضول..ويولد فيه اكبر عدد من الاسئلة.

- مثلا العنوان المقترح " خناجر الألم " يوسع دائرة الفضول والتوقع ويجعل المتلقي يذهب بعيدا بعيدا ...في خياله واسئلته عن كل ما يتعلق بتلك الخناجر ليجد في نهاية النص ان لا الم اشد من الم تلك الفتاة بطلة قصتك...والسبب الطلاق.

- كما تقولين العنوان " أنت طالق" هو حتما مباشر، وصحصح انه لمجرد تمرير الأجفان على حروفه السوداء، ينغرس في تلافيف الدماغ، أن القصة تتحدث عن امرأة مطلقة...وسيظل في قصتها ما يستحق الدفع الى المتابعة لكن: هل هذا الذي يدفعنا فعلا الى اعلى درجات الفضول ويأسرنا للمتابعة بصورة حاسمة؟

==
وفي انتظار ان نستمع للمزيد عن العنوان نسأل :

- جملة البداية..اي مدخل القصة...


أنت طالق...!!
" حملت حقائبها المثقلة بأوجاع السنين، وراحت تدقُ أبواب الرّجاء، وتنفضُ عنها غبار الحسرة جاهدة، بعدما شَربت نخب طلاقها، ووشمت حُروف اسمها في لائحة المطلقات، وهي توزع خطواتها على شارع المجهول، وقد استفردت بمخيلتها الهشة غربان الحيرة، تنعب في قفارها، فطفقت تتفحص معالم الحاضر، لوحة قديمة جرّدت من الألوان، بعد ما نسفتها أفواه الزمن الواسعة، وتُقلَب حجارة الواقع...كأنما تبحث خلف جمودها عن ثورة عشق كتمت أنفاسها، وتاه صهيلها عند منعطفات الهوان.!"

- هل وفقت الاستاذة مباركة في صياغة وبناء جملة البداية؟

- هل كان بالامكان تضمين النص ( جملة البداية ) ما يوحي بحالة صراع وهو الذي يجعل النص اقرب الى الحياة؟
- ام ان الكلمات الدالة على الحركة كانت كافية لجعل النص حيويا ينبض بالحياة؟
- وما هي المحسنات البديعية التي استخدمتها الاستاذة مباركة هنا؟
- وهل كان بالامكان عمل المزيد؟
- هل هناك اي مآخذ على هذه البداية وما هي ان وجدت؟
- هل كان من الافضل جعل جملة البداية جملة وصفية لمحت فيها الى الصراع وما ينتج عنه كتهيئة للموضوع واخرت الحديث عن البطلة للجملة الثانية ؟

فاتحة الخير 03-12-2014 04:23 PM

السلام عليكم ورحمة الله


أود أن أقول أن دلوي في الموضوع ليس نقدا أو دراسة معمقة للقصة بقدر ما هو لمسات بسيطة أبثها أمامكم لهذا النص العملاق وهو بالفعل كذلك سواء من الناحية التصويرية والأدبية وكذا الجمالية لهذا النص العميق والذي مهما بحث المختصون فيه يبقى دائما يحمل الكثير.

بالنسبة لي أرى كقارئة بعين القارئة البسيطة وليس المتخصصة، أن الكاتبة اتخذت منحى ما يسمى ب"الفلاش باك" أي بدأت بتسليط الضوء على النهاية التي كانت محتومة وهي نهاية زواج ليس فيه أي تكافؤ لا من ناحية السن ولا من الناحية الفكرية.
ثم عادت بنا إلى بداية البداية وكيف كانت الحياة في كنف الاب الذي تخلى عن فلذة كبده لأول طارق دون اعتبار للمعايير الضرورية لقبول الزوج وهي أولا وقوع القبول والاستحسان من بين الطرفين.
والكاتبة هنا لم تخرج عن منطق الواقع بل ما زال هناك آباء وأولياء أمور يرمون ببناتهم أو من هن تحت كنفهم لأول عريس، وما زالوا يعتبرون الزوج هو الخلاص .بل لا زال من يعتبر البنت عارا على العائلة كما كان ذلك إبان الجاهلية، الفرق الذي طرأ بين الزمن الغابر والحاضر هو اختيار طريقة جديدة للوأد وهي رمي الابنة في أحضان أول طارق بل في براثن أول طارق.

بالنسبة لي كانت جملة البداية قوية جدا ووفقت أختي امباركة في رسم ذاك التهي الذي خلفته الصدمة
( الفرحة) واقول ذلك لأن بطلة قصتنا شربت نخب طلاقها وشرب النخب يكون في حالة الفوز والنجاح، لكن رغم شعورها الخفي بالانعتاق من شرنقة زوج لا يهمه من المرأة سوى الصحة والعافية وكأنها بهيمة في إصطبل جبلت على العمل الدؤوب ولا مجال لمرض ولا تعب ولا عياء.إلا أن الكاتبة صورت لنا أروع صورة للمطلقة العربية، وهي الحيرة والتفكير في المجهول والتذبذب والصراع الداخلي حول إطلاق صرخة التحرر أو التقوقع داخل هوان الطلاق.
وهنا تكمن روعة النص، وهي ذاك الفرح المنغمس في الخوف من واقع آخر ربما سيكون أكثر وحشية مما سبق.

من ناحية المحسنات أرى أن النص كله عبارة عن صور إبداعية وجمل بلاغية وأسلوب غاية في العطاء الأدبي والشموخ التصويري، حيث ارتوى وشرب من شتى ينابيع الإبداع الحسي واللفظي .

شيء اخير لو سمحت لي وهو اختيارك لعنوان " خناجر الألم" في رأيي أن هذا العنوان أيضا يلمح لمضمون النص وهو وجود ألم من البداية للنهاية، وربما عنوان " دوامة" سيكون الأقرب لمعانات بطلة قصتنا، أو ربما " تيه" "الضحية"...

ربما سأسبق زمن التحليل، وأنوه بشدة على القفلة البارعة التي ولدت من رحم المآسي والتي أرى فيها بنظرتي المتواضعة لهذا النص العملاق، إرتماء الضحية في حضن الأم وكأن الكاتبة تريد أن تفتح لنا فجوة ولو ضيقة من ضوء وأمل في نهاية النص.

هذا ما استطعت الوصول إليه من فهمي للنص، رغم أنه استعصى علي منه الكثير والكثير
شكرا لك أستاذة امباركة على القصة الرائعة، وشكرا لك أستاذ أيوب على فتح هذه النافذة التحليلية لنص وكذا على صبرك على قراءتي المتواضعة.

وأتمنى أن تكون هذه النافذة بداية لدراسة وتحليل ما يجود به المنتدى من نصوص إبداعية في شتى مجالات الكتابة.

د. زياد الحكيم 03-12-2014 06:15 PM

هنا نقرأ عن فتاة حصلت بعد ثلاث سنوات
من الزواج على شهادة طلاقها من الرجل الذي شاءت
قوى دينية ومجتمعية واسرية ان تتزوج
منه دون ارادة منها. والفتاة ليست اكثر من دمية لا تملك من
امرها شيئا. لا تستطيع الا ان ترفع رايات الاحتجاج بصمت. قوى
فوق طاقتها تعبث بمقدراتها. فنحن امام شكل من اشكال المجتمعات
المتخلفة التي تعبث بحياة افرادها بانانية وسلطوية وقصر نظر.

وبفضل القيم السلبية السائدة نجد ان جميع افراد المجتمع دمى:
الفتاة وامها وابوها وزوجها وحبيبها.
كل منهم ينال نصيبه من قسوة المجتمع وجبروته دون
ان يجد في نفسه الطاقة للاحتجاج.
وهو يعاني من جراء ذلك ويسهم من حيث يريد او لا يريد
في ترسيخ القيم الفارغة من كل انسانية وكرامة.
اليس الاب دمية وهو يطأطئ الرأس لمجتمع قاس متخلف؟
اليس نبيل دمية وهو يعتبر ان من المستحيل ان يأخذ احد منه حبيبته
ولكنه يرضخ صاغرا مستكينا؟ اليس الزوج دمية
وهو يقود حياته كما يظن ان المجتمع يتوقع ويقبل؟
اليست الام دمية وهي لا ترفع صوتا مسموعا لنصرة
ابنتها الشابة لان المجتمع لا يجيز ذلك؟ اذن نحن امام صورة
مصغرة لمجتمع كل افراده من الدمى التي لا تشعر ولا تفكر.

اما من الناحية الفنية فانا اقول ان النص لا يرقى الى مستوى
القصة القصيرة بالمعنى الفني للكلمة: الاشخاص
فيه كائنات مجردة ومبهمة، والسرد فيه اشبه
بسرد خاطرة تهدف الى خلق حالة وجدانية غير محددة عند القارئ،
واللغة – على اناقتها – لغة شاعرية تسعى الى ابهار القارئ
دون ان تنقل اليه صورة دقيقة لحالة مجتمعية وانسانية
على جانب كبير من الخطورة.

واتمنى للكاتبة مباركة بشير احمد
التوفيق دائما فيما تخطه وتكتبه.
واشكر الاستاذ ايوب صابر على دعوته لي
لقراءة النص والتعليق عليه.

ياسر علي 03-12-2014 07:17 PM





السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

الشكر للأستاذ صابر على تفضله باختيار هذا النص للدراسة ، و الوقوف عند أهم مميزاته التي تجعله أخاذا ، يثير القارئ و يفرض عليه التفاعل معه.

كما نستسمح الأستاذة مباركة بشير أحمد إن وقع الاختيار على نصها و نتمنى أن تكون رحابة صدرها بقدر قوتها البلاغية .

كما أشكر كل المتدخلين و المساهمين في هذه الورشة :

الأستاذة : فاتحة الخير التي أرحب شخصيا بعودتها إلى المنابر و أتمنى لها مقاما طيبا.
الدكتور : زياد الحكيم الذي نتمنى أن لا يطيل الغياب عن منبر القصة و يتفضل بين الحين والحين بتوجيهاته القيمة .
الكاتبة : روان عبد الكريم التي نتمنى أن تساهم في هذه الورشة بتجربتها و خبرتهاالواسعة .
الأستاذة : ريما ريماوي صاحبة الكتابة الرشيقة.
الأستاذة : ناريمان الشريف بعينها الإعلامية و ثقافتها الموسوعة.
الأستاذ : أحمد فضول بذائقته الأدبية الشعرية.
و أعتذر إن نسيت أحدا و ننتظر فعلا باقة أخرى من محبي القلم و الأدب ، كالأستاذة فاطمة جلال و الأستاذ حسام بهي الدين ريشو ، و كذاالأستاذ عمر مسلط و الأستاذة جليلة ماجد و كل من يحب أن يدلي بدلوه في هذه الورشة المفتوحة على كل الآراء .

كما لا يفوتني أن أعتذر عن تأخري في الانضمام إلى هذا العمل الخلاق الذي يعيد الحياة إلى نصوص منبر القصة , و يضعها تحت المجهر ، حقيقة أتابع أولا بأول كل الردود و قمت بتثبيت النص اعتبارا لمكانته أولا ثم أيضا ليكون قريبا من كل الذين ينوون التدخل و المشاركة في هذه الورشة .

بالنسبة للعنوان فهو يمكن أن يكون اختزالا للفكرة العامة للنص و أظن أنه إن كان يحمل علامات معينة كما حصل هنا بالضبط فهو يحمل طابع الإثارة ، فلاحظ هنا أن العنوان ، هو مكتوب بصيغة الانفعال ، وهو مقطع من الحوار الذي دار في النص ، مما يجعله مثيرا أضف إلى ذلك تلك المشاعر التي تثيرها لفظة الطلاق و مدلولاتها العميقة في ثقافتنا الشرقية ، أو في الثقتافة العالمية كهدم للصرح الأسري وتشريد لكل أفراده .
رغم أنه من المستحسن أيضا أن يكون العنوان بعيدا عن إفشاء مضمون النص و خاصة قفلته و ذلك لكي لا يتضرر بناء النص و خاصة في أركانه الأساسية ، فكلما كان العنوان حاملا للإثارة مفتوح الدلالة و له علاقة بالنص فذلك يساعد على جعل العمل الإبداعي متكاملا .
رغم ذلك فأرى العنوان هنا موفقا جدا .

و لي عودة







ياسر علي 03-12-2014 08:51 PM

"
حملت حقائبها المثقلة بأوجاع السنين، وراحت تدقُ أبواب الرّجاء، وتنفضُ عنها غبار الحسرة جاهدة، بعدما شَربت نخب طلاقها، وهي توزع خطواتها على شارع المجهول، وقد استفردت بمخيلتها الهشة غربان الحيرة، تنعب في قفارها، فطفقت تتفحص معالم الحاضر، لوحة قديمة جرّدت من الألوان، بعد ما نسفتها أفواه الزمن الواسعة، وتُقلَب حجارة الواقع...كأنما تبحث خلف جمودها عن ثورة عشق كتمت أنفاسها، وتاه صهيلها عند منعطفات الهوان
.!"

في المقدمة هناك اشتغال على اللغة والتعابير ، لكن المقدمة توحي أننا بصدد حياة البطلة بعد الطلاق ، بصدد رحلة لتحقيق الذات ، لكن النص توقف عند استقبال الأم لابنتها في حيرة ، فهناك بداية بحيرة ونهاية بحيرة .
المقدمة لم تستطع أن ترسم للبطلة طريقا صحيحا ، ولم تستطع فتح المشهد ، هل حالة حزن عميقة أم هي حالة نصر معينة ، حقائب مثقلة بأوجاع السنين ،هناك رحلة هنا اضطرارية ثقيلة موجعة ، تدقُ أبواب الرّجاء، هناك نفخ للأمل ،وتنفضُ عنها غبار الحسرة جاهدة ، هناك نفض و انتفاضة ، لكن منسوب الأمل تضاءل هنا ، بعبارة جاهدة . بعدما شربت نخب طلاقها هنا احتفالية ، ووشمت حُروف اسمها في لائحة المطلقات هنا انخفاض منسوب الاحتفالية بذكر لا ئحة المطلقات . وهي توزع خطواتها على شارع المجهول، وقد استفردت بمخيلتها الهشة غربان الحيرة، تنعب في قفارها، فطفقت تتفحص معالم الحاضر، لوحة قديمة جرّدت من الألوان، بعد ما نسفتها أفواه الزمن الواسعة، وتُقلَب حجارة الواقع...كأنما تبحث خلف جمودها عن ثورة عشق كتمت أنفاسها، وتاه صهيلها عند منعطفات الهوان.!"
هنا قتامة كبيرة ، كأن تلك البدايات وتلك الآمال زائفة كلية .
فالمقدمة حاملة لتناقض غريب و لو أنه يتوارى خلف التعابير التي تضفي جمالية على النسج .
لكنها في الأخير أظهرت ذلك التردد المخيف من الاحتفال بالطلاق لاشعوريا عند البطلة وهذا يحد من قدراتها الانفتاحية على واقعها الجديد و هذا ما جعل النص ينغلق ولا يقتحم المستقبل لبناء قصة كاملة .

مباركة بشير أحمد 03-12-2014 10:33 PM

وافر شكري لجملة النقاد الذين أمطروني بالثناء، وكذا سعوا لتوجيهي بما يمتلكون من خبرات ،أكيد في عالم القص الجميل.
القصة هذه ،مجتثة من الواقع ، كتبتها منذ مايزيد عن ثلاث سنوات ،بلغة مضمخة بالشاعرية ،ليس لأنه طبعي الذي جُبلتُ عليه ككاتبة أوشاعرة ،فلي قصص أخرى متنحية تماما عن هكذا أسلوب، تغشاه رداءات العواطف الجياشة ،وليس استعراضا لعضلاتي الفكرية ،إنما لأنني حاولت تقمص الدور بكل جوارحي ،وأعبَر عن معاناة البطلة في مجتمع لايرحم المطلقة ،رغم أن في طلاقها تحررها من أسر العبودية الذي ألقيت على أرضيته الباردة قسرا ، والتناقض في البداية ، يا أستاذ ياسر علي ،ليس وليد العشوائية أوالصدفة ،إنما يدلل على صراع داخلي كابدته البطلة وهي متوجهة إلى بيت/ حضن والدتها ، - تجمع بين دمعة وإبتسامة- مابين سعادتها بطلاقها ،وتذكرها لماضيها الحبيب . - ماكانت لتتذكر حبيبها وهي تحت جناح زوجها ،ولو بينها وبين نفسها ،الأعراف تقول ذلك - اما كلمة لايقتحم المستقبل لبناء قصة كاملة ،فهذه مافهمتها . فالقصة تعتمد على مقدمة ،شخصية بطلة ،موضوع تتوسع فيه رؤى الكاتب ، بأسلوب متمكن ، جذاب ،ونهاية .فأين يكمن الخلل لكي نستشف خلاصة أنها غير كاملة ،او أنها مجرد خاطرة كما قال الأستاذ زياد الحكيم ؟ بمعنى : إلى ماذا تحتاج القصة لتكون قصة كاملة ،هل إلى حوار داخلي مثلا ؟ هل إلى نهاية مفتوحة ؟ أنتظر الإجابة ،لكي نستفيد جميعا.

************
تقول يا دكتور زياد الحكيم في نقدك للقصة :

هنا نقرأ عن فتاة حصلت بعد ثلاث سنوات
من الزواج على شهادة طلاقها من الرجل الذي شاءت
قوى دينية ومجتمعية واسرية ان تتزوج
منه دون ارادة منها. والفتاة ليست اكثر من دمية لا تملك من
امرها شيئا. لا تستطيع الا ان ترفع رايات الاحتجاج بصمت. قوى
فوق طاقتها تعبث بمقدراتها. فنحن امام شكل من اشكال المجتمعات
المتخلفة التي تعبث بحياة افرادها بانانية وسلطوية وقصر نظر.


---------
والسرد فيه اشبه
بخاطرة تهدف الى خلق حالة وجدانية غير محددة عند القارئ،
واللغة – على اناقتها – لغة شاعرية تسعى الى ابهار القارئ
دون ان تنقل اليه صورة دقيقة لحالة مجتمعية وانسانية
على جانب كبير من الخطورة.

**********************

ألا تعتقد أنك وقعت في تناقض ،،،يا دكتور زياد الحكيم ؟

وأسمى تحاياي.

ايوب صابر 03-12-2014 11:54 PM

الأستاذة فاتحة الخير
كل الشكر على عودتك في هذه المداخلة الجديدة اتصور ان لديك الاستعداد والمعرفة للاشتغال على النصوص ونقدها بصورة ممتازة *

تصفين القصة بقولك" هذا النص العملاق وهو بالفعل كذلك سواء من الناحية التصويرية والأدبية وكذا الجمالية لهذا النص العميق والذي مهما بحث المختصون فيه يبقى دائما يحمل الكثير"...لكن الدكتور زياد يراه غير ذلك فهل لك ان تسهبي في توضيح اسباب اعتباره نصا عملاقا من النواحي الفنية وهل ترينه كذلك من ناحية البناء الفني ام فقط من حيث اللغة والتصوير ؟

وتقولين " بالنسبة لي أرى كقارئة بعين القارئة البسيطة وليس المتخصصة، أن الكاتبة اتخذت منحى ما يسمى ب"الفلاش باك" السؤال هل نجحت في استخدام هذا التكنيك وبما لا يؤثر على بناء الحبكة وتسلسل الحدث؟

تقولين " والكاتبة هنا لم تخرج عن منطق الواقع"....اذا القصة معزوفة واقعية وربما ان هذه نقطة القوة الاهم في النص حيث يحاكي النص الواقع ولذلك يكون بالغ الاثر في المتلقي.

وتقولين " إلا أن الكاتبة صورت لنا أروع صورة للمطلقة العربية، وهي الحيرة والتفكير في المجهول والتذبذب والصراع الداخلي حول إطلاق صرخة التحرر أو التقوقع داخل هوان الطلاق.
وهنا تكمن روعة النص" اذا ان تعتقدين انها نجحت ايما نجاح في بناء شخصية البطلة وتمكنت من جعلها شخصية دائرية round figure ؟

وتقولين " من ناحية المحسنات أرى أن النص كله عبارة عن صور إبداعية وجمل بلاغية وأسلوب غاية في العطاء الأدبي والشموخ التصويري، حيث ارتوى وشرب من شتى ينابيع الإبداع الحسي واللفظي " أنا شخصيا اتفق معك في هذا لكن ماذا تقولين في من يرى بأن ذلك اثر على جودة البناء السردي فكان النص اقرب الى الخاطرة؟

وتقولين "شيء اخير لو سمحت لي وهو اختيارك لعنوان " خناجر الألم" في رأيي أن هذا العنوان أيضا يلمح لمضمون النص وهو وجود ألم من البداية للنهاية، وربما عنوان " دوامة" سيكون الأقرب لمعانات بطلة قصتنا، أو ربما " تيه" "الضحية"...السؤال هو ما الغاية من العنوان ؟

وتقولين "ربما سأسبق زمن التحليل، وأنوه بشدة على القفلة البارعة التي ولدت من رحم المآسي والتي أرى فيها بنظرتي المتواضعة لهذا النص العملاق، إرتماء الضحية في حضن الأم وكأن الكاتبة تريد أن تفتح لنا فجوة ولو ضيقة من ضوء وأمل في نهاية النص." لكن السؤال هو هل هذه النهاية الافضل من الناحية الفنية؟

شكرا لك استاذة فاتحة الخير

ايوب صابر 03-13-2014 12:20 AM

كل الشكر لكم دكتور زياد على استجابتكم لدعوتي للتعليق على القصة والمشاركة في هذه الورشة .

وعظيم الشكر على هذه المداخلة المهمة التي عالجت الموضوع من جانب يحتاج الى متخصص .اجتماعي ونفسي مثلكم .

طبعا ان تتحدث عن السلبية التي واجه فيها ابطال القصة الواقع الاجتماعي المر وكنت تتمنى مثلي لو ان الكاتبة جعلت من بعض شخصيات القصة تتمرد على هذا الواقع وانا أوافق معك على ان الفتاة لها صفات وسمات نقيض البطلة وليس البطلة anti hero. هذا من ناحية المحتوى .

لكن من الناحية الفنية هل فعلا ان القصة اقرب الى الخاطرة ؟ الا ترى معى بان عناصر القصة القصيرة جميعها موجودة ومتوفرة ...ففي النص حبكة مكتملة البناء وهي تتمحور حول لحظات زمنية محدودة والمكان محدود واللغة شعرية مكثفة والشخوص عددهم قليل وهناك حشد هائل من الادوات الفنية التي سخرت لايقاع اعظم اثر في المتلقي ففي النص حركة جعلته ينبض بالحياة وفيه صراع وتسخير للتضاد وفيه الوان وربما اهم ما فهي لغتة الشعرية المكثفة....

صحيح ربما ان شخصيات القصة استاتيكية غير متطورة لكنها مكتملة البناء.. وصحيح انه لا يوجد في النص لحظة انقلاب حادة كما ان النهاية غير مزلزلة لكنها مفتوحة على الاحتمالات وهو تكنيك مناسب ربما لهكذا حدث؟

على كل حال كل الشكر لكم على هذه المداخلة التي لفتت انتباهنا الى جانب ربما فاتنا جميعا بسبب سحرية اللغة وروعة التصوير التي خطفت انتباهنا وجعلتنا نصفق للنص دون تردد ودون تعمق في الجانب الفني . ولكم جزيل الشكر ولعلنا نستمع من الاخرين الى المزيد حول موضوعة البناء الفني للنص .

علما انه كان بودي لو انكم اسهبتم في تفنيد اسباب اعتقادكم بان النص "لا يرقى الى مستوى القصة القصيرة بالمعنى الفني للكلمة: الاشخاص فيه كائنات مجردة ومبهمة، والسرد فيه اشبه بخاطرة تهدف الى خلق حالة وجدانية غير محددة عند القارئ،
واللغة – على اناقتها – لغة شاعرية تسعى الى ابهار القارئ دون ان تنقل اليه صورة دقيقة لحالة مجتمعية وانسانية على جانب كبير من الخطورة".

- فما خواص وصفات وسمات الشخوص الواجب توفرها في القصة القصيرة حتى لا تكون كائنات مجردة ومبهمة؟

- هل صحيح ان السرد اقرب الى الخاطرة ؟ الا يوجد فيه كل عناصر القصة القصيرة؟ وما اسباب قولك ذلك؟ وهل صحيح ان النص لم يترك اثر سوى حالة وجدانية غير محددة ؟

- وهل فعلا فشلت القصة في نقل صورة لحالة مجتمعية وانسانية؟ الا ترى بأن تفاعل المشاركين هنا مثلا يؤشر الى اثر و وقع القصة عليهم؟ صحيح اننا قد لا نتعاطف مع الشخوص في القصة ولا نوافق على ردة فعلهم او بالاحرى استكانتهم تجاه ما جرى لهم خاصة البطلة ..لكن الم توصل لنا القصة صورة واقع اجتماعي مؤلم دفعنا للسخط على البطلة مثلا ؟

- وفي رايكم ماذا كان على القاصة ان تفعل لنقل الصورة لتلك الحالة المجتمعية ؟ وهل هذا هو دور الادب ؟ ام ان دوره يقتصر على تصوير الواقع كما هو ؟

ريم بدر الدين 03-13-2014 01:10 AM

مساء الورد
قد اختلف قليلا مع المتداخلين في هذا الحوار حول النص الأدبي فمن حيث العنوان أرى أنه موفق جدا لأنه خلق نوعا من المفاجأة المطلوبة في القصة القصيرة بغرض إدهاش القارىء و كسر التوقع فعنوان " أنت طالق" يستدعي إلى ذهن المتلقي حكاية من البؤس و تبعات الطلاق و آثاره و الظلم الواقع على المرأة من خلاله لكن تفاجئنا الأستاذة مباركة بأن الطلاق إشراقة جديدة
حفل النص بالكثير من الصور و التخييل و أعتقد أنه أرهق النص في بعص مفاصله و أعاق حركته مع أن هذه الصور نفسها في جنس أدبي آخر ستكون بديعة جدا كالشعر و الخاطرة مثلا
بالمجمل الاديبة مباركة تمتلك لغة جميلة غنية و قد اختارت ثيمة مهمة في وجه مجتمع يحتاج إلى انقلاب جذري
تحيتي لك

ياسر علي 03-13-2014 01:56 AM



أهلا مجددا بالجميع ، رجوعا إلى المقدمة التي تعتبر مفتاح النص الإبداعي ، فهي في المجمل تبين الحالة النفسية للبطلة ليأتي باقي القصة كتبرير لهذه الحالة النفسية كعقدة تحتاج إلى الحل وهذا ما جعل النص قريبا من الخاطرة ، كأننا هنا بصدد تفسير للظاهرة النفسية و سبب السلبية و ليس إلى بناء قصة ، فالمقدمة لم تفتح النص على حدث معين ، فالتأملات و الأفكار ربما موضعها في المقالات ، والقصة تبنى بأحداث حقيقية يقوم بها البطل آنيا ، و الفلاش باك مجرد استكمال للصورة و تفسير لتصرفات البطل .
لكي يتم اختبار مدى رصانة المقدمة يمكن حذفها وإعادة قراءة النص ، هل هناك أثر فعلي لهذه التوطئة . و بحذفها ربما ظهرت انسيابية القصة كرونولوجيا مع بعض التعديلات الطفيفة .
غالبا ما تكون المقدمة هي التي تموضع القارئ في النص ، بتشويقها و أيضا بتناولها للبطل في سياق زماني و مكاني فحدث جزئي .
أومن بأن الأدب لا يحتمل النمطية ، لكن رغم ذلك فلابد من فعالية البطل ، و البطل السلبي ، مهما حاولت أن تجعل نصه قويا تبقى مفعوليته تتلبس النص و تدحرجه من الأعالي ، فالبطولة تقويها الأحداث التي تشير إلى فعالية البطل .

حتى من حيث الرمزية فالنص هنا ليس في صالح المرأة بل يبينها كشخصية ضعيفة تستحق الشفقة أكثر من النصرة ، سواء تعلق الأمر بالأم أو بالبطلة . أيضا الحل المقترح برجوع المرأة إلى بيت أبيها يبرز الصبغة التواكلية و الصورة النمطية للمرأة في ثقافتنا ، فربما اختارت أن تذهب عند صديقتها و لو مرحليا ، كرمز لاختيار فعالية الأنا أكثر من الرضوخ لثقافة الحال ، فالصديق في الغالب هو اختيار نحن من يصنعه .

الأستاذة مباركة بشير أحمد
لا أعتقد أن الملاحظات تنتقص من قيمة النص فربما ما اختاره الأستاذ أيوب إلا لكونه له من المواصفات ما يجعله قابلا للدراسة ، و لكونه نصا ناجحا ، و لك كامل الحق في الدفاع عن نصك ، لا يمكن لأحد أن يصادر إبداعك لكن تبقى الملاحظات و الدراسة هي ما يثري العمل القصصي و الأعمال الإبداعية عموما و منها يستفيد النقاد و الكتاب و القراء على حد سواء .



مباركة بشير أحمد 03-13-2014 11:02 AM

بداية أشكرك على تعقيبك الثري أستاذ ياسر علي ،و( لي الحق للدفاع عن قصتي) ،فهذ ه نصيحة زرعت طيف ابتسامة على شفتي ،لأننا هنا لسنا في "حرب باسوس والغبراء" إنما نتعاطى أفكارا ،فقد تصيب أو تخيب ،وفي كل ذلك يكمن الخير لنا أولغيرنا . فمهما طالت نواصينا سحائب الإبداع ،نظل بحاجة إلى تعليم ،فكلنا تلامذة في مدرسة الحياة .وإذا أنت تعتقد أن مقدمة القصة إشكالية لاتفي بغرض القص ،فالأستاذة فاتحة الخير ترى عكس ما أشرت إليه ،هو الصواب ، ولقد عرضتُ القصة في ملتقى يجمع كبار الأدباء ،سنا وتجارب قصصية ،ومامن أديب لمَح بأنها شبه خاطرة . فلقد أجمعوا على أنها قصة تستحق الإعجاب ،- ربما يجاملني ثلاثة أو أربعة- لكن مايزيد عن العشرين ،فتلك مسألة بحاجة إلى تمحيص ،فلستُ دكتورة هههه ولا ابنة سيادة الرئيس ،ومابين هذا وذاك ،يبقى الكاتب هو الناقد الحقيقي لنصوصه .
أما عن سلبية البطلة ، فمغنطيس الأشخاص على أرضية الواقع ،هومن يفرض على الكاتب ذواتهم ،ولا مقدرة له للإختيار ،ولربما سلبيتها المفرطة كانت سببا في اقتحامها مركز التخييل ،لتتشبت فيه بكل ما أوتيت من قوة .فأنا هنا لا أتحدث عن "جميلة بوحيرد" ولا عن "فاطمة نسومر" ،إنما عن "دمية" في عالم "الدمى" كما تلفظ به معنى توضيحيا صائبا ،الدكتور "زياد الحكيم" ،والقصة حقيقية ،بطلتها قريبة لي ، وليس لها صديقات كما عند العولم المتحضرة ،فنحن نقطن مدينة صغيرة ، تطغى على عقلية أهلها ،الشكوك ،والخوف من " كلام الناس" .ولا ملجأ للمطلَقة بعد تحررها من قيود الزوج ،إلا بيت أهلها ،،ثم أن المطلقة الشابة كانت بحاجة إلى البكاء في صدر أعزَ الناس إليها .والبكاء يعني الشعور بالمهانة ، ودعني أهمس إليك بمفهوم ربما لا يستوعبه الرجال : الطلاق بالنسبة للمرأة ،وإن بدا للجميع أنه منفذ للحرية ،يبقى طعنة غائرة في صدرها ،حتى ولو زوجها "إبليس" .إذن كان يجب علي تقمص شخصية البطلة السلبية ، و أعيش الدور بكل موضوعية ،وليس سهلا ذياك التعمق في الدواخل النفسية لنبرزها في الظاهر ،،،وهنا أعتقد يكمن سر الإختلاف بين كاتب وآخر . ومادامت السلبية في نظرك تنتقص من قيمة القص ، فأكاد أجزم لو عرضتُ عليك قصة " إمرأة مجنونة" ،والتي بطلتها تتميز بقدر واسع من السلبية ،فسيكون موقفك منها كما هذه القصة ،،،غير أنها قد توَجت بالمرتبة الثانية في مسابقة ولائية ،وحظيتُ فيها بجائزة ،وشهادة تقديرية. من لدن نقاد كبار ،لا تربطني بهم صلة قرابة أو زمالة.
وأخيرا ،شكرا لك أستاذ ياسر علي ،ولكل الأدباء الذين أدلوا بدلهم ،وضمَخوا حروف قصتي بعطور كلماتهم الراقية ،و شكرا لك أستاذ أيوب صابر، أن جعلت قصتي تحت مجهر النقد ،والإهتمام ،،،وهذا بطبيعة الحال يُشجعني على ماكنتُ عازمة عليه ، ولقد جمَعتُ صورا جميلة ،وإن شاء الله ، سأعمل جاهدة لإنشاء " فيديو" لقصة " أنت طلق" ،بالصوت والصورة ، وسأهديكم نسخة بالتأكيد ;)

ايوب صابر 03-13-2014 11:27 AM

اشكرك استاذ ياسر
اولا على التثبيت والمداخلات الجميلة ومن ثم المساعدة في ادارة الورشة الخاصة بهذه القصة فقد اتضح ان المشاركات غزيرة وفيها الكثير من المعلومات...

وثانيا على دعوتك لكل رواد القصة ورواد منابر للمشاركة في هذه الوراشة وها انا اثني على دعوتك واكررها لعلنا نستفيد من خبرات الجميع.

ايوب صابر 03-13-2014 11:48 AM

الاستاذ ياسر
شكرا لك من جديد على المداخلة التي تُعلق فيها على مدخل القصة...

تقول "المقدمة لم تستطع أن ترسم للبطلة طريقا صحيحا"...الا ترى بأن ذلك يخدم الموضوع؟

وتقول "هنا قتامة كبيرة ، كأن تلك البدايات وتلك الآمال زائفة كلية"...اليس هذا تصوير واقعي فالطلاق يعد خلاص بالنسبة للمطلقة من ظرف مأساوي ...لكن اين نجد الامل بالنسبة لمن وجدت نفسها في وضع المطلقة؟ وكأنك تريد من القاصة ان تكتب بغرض ايجاد حل لمشكلة الطلاق فهل هذا هو دروها؟

وتقول " فالمقدمة حاملة لتناقض غريب و لو أنه يتوارى خلف التعابير التي تضفي جمالية على النسج ". ...هل هذا التناقض الذي تتحدث عنه يعني وجود صراع؟ اليس الصراع احد اسس السرد الجميل؟ اليس الطلاق ابغض الحلال؟ فتكون المطلقة سعيدة بطلاقها لكنها حائرة في طريقها الى المجهول؟ اذا الا ترى بأن القاصة نجحت في نقل صورة الواقع كما هو؟

وتقول " لكنها في الأخير أظهرت ذلك التردد المخيف من الاحتفال بالطلاق لاشعوريا عند البطلة وهذا يحد من قدراتها الانفتاحية على واقعها الجديد و هذا ما جعل النص ينغلق ولا يقتحم المستقبل لبناء قصة كاملة "...كأنك تقول بأن النص اذا لم يحقق غاية اجتماعية اي انها اذا لم تمنح الامل مثلا تكون قصة منقوصة...فهل هذا صحيح من النواحي الفنية؟ الا ترى بأن تصوير الحالة بحد ذاته وترك النهاية مفتوحة يفي بالغرض بل هو يدفع كل متلقي ليفكر في المشكلة والحل؟

على كل حال دعنا نستمع الى مزيد من الاراء حول المقدمة او مدخل القصة وان كانت
ناجحة ام لا وشكرا لك جزيلا على هذه المدخلات القيمة..

فقط اردت ان اذكر الاخت مباركة ان الحديث هنا يقتصر على الشخوص في القصة وعلى المجتمع الافتراضي ضمن القصة ولا نتحدث هنا عن الشخوص الحققين الذين ربما بنيت القصة من واقع تجربتهم كونها قصة واقعية....فلا الدكتور زياد يتحدث عن الاشخاص الحقيقين ولا عن مجتمع الجزائر كون القاصة جزائرية ..ولا الاستاذ ياسر كذلك ولا اي مشارك في الورشة .... وانما الحديث كله يقتصر على شخوص القصة ومجتمع القصة لان للقصة عالمها وكيانها الخاص والذي قد يكون واقعي او متخيل او مزيج بين الاثنين.

فاتحة الخير 03-13-2014 12:10 PM

السلام عليكم ورحمة الله


ما أدهشني فعلا في هذه المداخلات، أن حتى تلك السطور القليلة التي ساهمنا بها في - لن اقول نقد النص أو تحليله (وهنا أتحدث عن نفسي) بقدر ما حاولت التسلل إليه واقتناص صور وتعابير ساعدتني على إبداء رأيي البسيط - كانت هي الاخرى تحت المجهر و لم تسلم من عين الرقيب هههههههههه وهذا بجد اعجبني جدا، وفي نفس الوقت وضعني في الزاوية لن أقول ضيقة
( فرج الله عن أمتنا كل ضيق) بل سيجعلني أعيد قراءة ردودي على ضوء الأسئلة الجديدة التي ظهرت للأستاذ أيوب، وهنا أجد نفسي قد وفقت في قولي أنه نص عميق والذي مهما بحث المختصون فيه يبقى دائما يحمل الكثير.
شكرا لك أستاذ أيوب
سأعود لألتحق بالكوكبة فخففوا السير قليلا ههههههههههه

ايوب صابر 03-13-2014 02:13 PM

الاستاذة مباركة
بخصوص ردك على مداخلات الدكتور زياد والاخ ياسر

اكرر بان الحديث هنا يقتصر على الشخوص في القصة وعلى المجتمع الافتراضي ضمن القصة ولا نتحدث هنا عن الشخوص الحققين الذين ربما بنيت القصة من واقع تجربتهم كونها قصة واقعية....فلا الدكتور زياد يتحدث عن الاشخاص الحقيقين ولا عن مجتمع الجزائر كون القاصة جزائرية ..ولا الاستاذ ياسر كذلك ولا اي مشارك في الورشة .... وانما الحديث كله يقتصر على شخوص القصة ومجتمع القصة لان للقصة عالمها وكيانها الخاص والذي قد يكون واقعي او متخيل او مزيج بين الاثنين ولو ان القصة مستوحاة من تجربة ذاتية او شخص قريب للقاص...

طبعا السبب وراء اختيار هذه القصة تحديدا للورشة هو انها اسطورية في لغتها وصورها وعميقة في معانيها وطرحها وتعالج موضوعا واقعيا ويمكن الحديث عن خصائص القصة من خلالها الى ما لا نهاية والغاية هو تعلم خواص القص الجميل من خلال الحوار والغاية نقد هذه المعزوفة تحديدا ...

تقولين " التناقض في البداية ، يا أستاذ ياسر علي، ليس وليد العشوائية أوالصدفة، إنما يدلل على صراع داخلي كابدته البطلة"...اتصور ان صاحب النص يكون عادة اقل الناس قدرة على النظر بموضوعية له واصدار احكام عليه لانه عمل على توليديه، ولذلك يكون دائما من الجميل ان نستمع لرأي الاخرين الذين يرون الامور بمنظار خبرتهم وتجاربهم الخاصة والاهم انهم ينظرون الي النص بموضوعية لا يمكن ان تتوفر لصاحبه مهما اجتهد في المحاولة..والغاية فقط من اجل ان نستنير برأيهم ولنا في نهاية المطاف ان نختار ونقول ما نشاء وكيف نشاء حتى لو اجمع الناس على عكس ما نرى...ولو ان جميس جويس استمع للنقاد لما كان لدينا الان نمط الكتابة المعروف بتيار الوعي stream of consciousness... لذلك نجد ان اختلاف وتمايز الاساليب هو الذي يأتي بجديد.

ايضا سيكون من الجميل ان نحصل على اجابات على اسئلتك المشروعة :
- أين يكمن الخلل الذي اشار اليه الاستاذ ياسر في مداخلته لكي نستشف خلاصة أنها غير كاملة؟
- وما الذي دفع الدكتور زياد للقول ان النص اقرب الى الخاطرة؟
- و إلى ماذا تحتاج القصة لتكون قصة كاملة، هل إلى حوار داخلي مثلا ؟ هل إلى نهاية مفتوحة ؟

هذه الاسئلة تضاف الى الاسئلة التي نطرحها ضمن الحوار وهذا العصف الذهني في هذه الورشة...

فاتحة الخير 03-13-2014 09:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر (المشاركة 173174)
الأستاذة فاتحة الخير

كل الشكر على عودتك في هذه المداخلة الجديدة اتصور ان لديك الاستعداد والمعرفة للاشتغال على النصوص ونقدها بصورة ممتازة *

بل كل الشكر لك سيدي على ثقتك الكاملة

تصفين القصة بقولك" هذا النص العملاق وهو بالفعل كذلك سواء من الناحية التصويرية والأدبية وكذا الجمالية لهذا النص العميق والذي مهما بحث المختصون فيه يبقى دائما يحمل الكثير"...لكن الدكتور زياد يراه غير ذلك فهل لك ان تسهبي في توضيح اسباب اعتباره نصا عملاقا من النواحي الفنية وهل ترينه كذلك من ناحية البناء الفني ام فقط من حيث اللغة والتصوير ؟

عندما دخلت قصة ( أنت طالق) أول ما بهرني وشدني هو الأسلوب الرائع والصور البلاغية والتصويرية لحادثة الطلاق هذه، لكن القراءة الأولى كثيرا ما تكون غير مكتملة لذلك أتبعتها بثانية وثالثة، ساعتها ظهرت الحبكة الدرامية التي شيدت بها القصة، فهذا النص هو بناء متكامل من لغة راقية وعالية ومشاهد تصويرية دقيقة سلطت الضوء على أدق التفاصيل والحالة الجسدية التي تعبر عن الإعياء والكاهل المثقل بالأسى والحسرة على ما ألت إليه حياتها (توزع خطواتها على شارع المجهول)وكذا الحالة النفسي التي جسدتها بقولها (وقد استفردت بمخيلتها الهشة غربان الحيرة، تنعب في قفارها) يعني أن الكاتبة هنا الأستاذة امباركة حرصت على ان يكون القالب الدرامي مكتمل من جميع النواحي، فكثيرا من القصص المأساوية تركز الحالة النفسية والداخلية للبطل، رغم أن الحالة الخارجية أو الجسد وما يبرزه من حركات وتأوهات هي ايضا ضرورية لاكتمال الصورة.

وتقولين " بالنسبة لي أرى كقارئة بعين القارئة البسيطة وليس المتخصصة، أن الكاتبة اتخذت منحى ما يسمى ب"الفلاش باك" السؤال هل نجحت في استخدام هذا التكنيك وبما لا يؤثر على بناء الحبكة وتسلسل الحدث؟

لا اخفي عنك أنني من أشد المعجبين بكتاب ( الفلاش باك) وهذه الكتابة ليست سهلة، صحيح أنها تقدم لك بعض مشاهد النهاية على طبق من ذهب.
لكن من قال أن النهاية هي الأكثر أهمية في القصص فالمضمون الذي يلي معرفة النهاية مهم أكثر، وأهميته تكمن في براعة القاص في شد انتباه القارئ وجعله ينهي قراءة النص رغم معرفته بما سيحدث في آخر القصة. فطريقة تركيب الأحداث وتفصيل المشاهد وصعود "تيرموميتر "الحبكة الدرامية قد تؤدي إلى حبس الانفاس والتوتر وشتى الأحاسيس التي تنبعث من القارئ من خلال تجاوبه مع أحداث القصة بغض النظر عن نهايتها، هي قمة ما يصل إليه القارئ من استمتاع وتواصل مع بطل أو ابطال القصة

تقولين " والكاتبة هنا لم تخرج عن منطق الواقع"....اذا القصة معزوفة واقعية وربما ان هذه نقطة القوة الاهم في النص حيث يحاكي النص الواقع ولذلك يكون بالغ الاثر في المتلقي.

مهما صورت لنا القصص من مشاهد تخيلية ومهما صاغتها ولونتها بألوان تصويرية وفنية جميلة يبقى الواقع أعظم قصة نعيشها ونسمعها

وتقولين " إلا أن الكاتبة صورت لنا أروع صورة للمطلقة العربية، وهي الحيرة والتفكير في المجهول والتذبذب والصراع الداخلي حول إطلاق صرخة التحرر أو التقوقع داخل هوان الطلاق.
وهنا تكمن روعة النص" اذا ان تعتقدين انها نجحت ايما نجاح في بناء شخصية البطلة وتمكنت من جعلها شخصية دائرية round figure ؟

المطلقة العربية دائما ما يكون طلاقها مأساويا حتى لو هي من اختارت هذا الطلاق نظرا لنظرة المجتمع المشوهة للمرأة المطلقة وكذا ألأرملة وكأن الزوج هو الحامي المطلق للمرأة في الصورتين وكأنه هو من ينفث فيها الأخلاق الفاضلة ويغرس فيها الحياء والبعد عن الرذيلة.
فدائما ما تحظى المطلقة والأرملة على حد سواء من سوء الفهم لتصرفاتها بل تراها دائمة الخوف من الآخر ومن نظراته...

وتقولين " من ناحية المحسنات أرى أن النص كله عبارة عن صور إبداعية وجمل بلاغية وأسلوب غاية في العطاء الأدبي والشموخ التصويري، حيث ارتوى وشرب من شتى ينابيع الإبداع الحسي واللفظي " أنا شخصيا اتفق معك في هذا لكن ماذا تقولين في من يرى بأن ذلك اثر على جودة البناء السردي فكان النص اقرب الى الخاطرة؟

بصراحة لا أعرف كيف ستؤثر الصور الإبداعية والفنية التصويرية للنص في جودة بنائه السردي، فما افهمه أنا عن القصة انها كل هذه المؤثرات الهيكلية والحسية مجتمعة، كما وجود مكان وزمان وديكور صنع بإحكام لاحتواء أي عمل قصصي.

وتقولين "شيء اخير لو سمحت لي وهو اختيارك لعنوان " خناجر الألم" في رأيي أن هذا العنوان أيضا يلمح لمضمون النص وهو وجود ألم من البداية للنهاية، وربما عنوان " دوامة" سيكون الأقرب لمعانات بطلة قصتنا، أو ربما " تيه" "الضحية"...السؤال هو ما الغاية من العنوان ؟

يقولون أن الجواب يفهم من عنوانه، لكن بالنسبة للقصة ليس من الضروري أن يكون العنوان عاكسا لما يحتوي عليه نص القصة، بل ربما يكون نقطة فقط من نقاط ما يدور من أحداث أو ربما يكون مبهما لا يفهم إلا في نهاية القصة وربما يظهر الفكرة الأساسية للنص ويترك التشويق في التفاصيل المصاحبة للفكرة الرئيسية.

وتقولين "ربما سأسبق زمن التحليل، وأنوه بشدة على القفلة البارعة التي ولدت من رحم المآسي والتي أرى فيها بنظرتي المتواضعة لهذا النص العملاق، إرتماء الضحية في حضن الأم وكأن الكاتبة تريد أن تفتح لنا فجوة ولو ضيقة من ضوء وأمل في نهاية النص." لكن السؤال هو هل هذه النهاية الافضل من الناحية الفنية؟

لا أستطيع أن أقول أن هذه النهاية هي الأفضل، فأي عمل وكيف ما كان يبقى ما خفي ولم يدرج فيه هو الأفضل. لكن النهايات التي ترسم علامات استفهام، هي نهايات جيدة لأنها تجعل كل قارئ يرسم نهاية تليق بما وصل إليه من فهم وإدراك للقصة حيث يصبح القارئ ليس مجرد متلقي بل ايضا فاعلا في القصة.


شكرا لك استاذة فاتحة الخير


كل الشكر لك سيدي، وممتنة كثيرة بنعتي بالأستاذة رغم أنني أرى نفسي تلميذة في حضرة الكبار.

ايوب صابر 03-14-2014 04:37 PM

شكرًا استاذة ريم على استاجبتك لدعوتي للمشاركة في ورشة العمل هذه وعلى المداخلة القيمة

تقولين " من حيث العنوان أرى أنه موفق جدا لأنه خلق نوعا من المفاجأة المطلوبة في القصة القصيرة بغرض إدهاش القارىء و كسر التوقع فعنوان " أنت طالق" يستدعي إلى ذهن المتلقي حكاية من البؤس و تبعات الطلاق و آثاره و الظلم الواقع على المرأة من خلاله لكن تفاجئنا الأستاذة مباركة بأن الطلاق إشراقة جديدة " ...
لكن الا ترين بان العنوان كشف المحتوى مبكرا واثر على الدافعية لمتابعة القراءة حيث يجد المتلقي نفسة يسال عند قراءة العنوان اي جديد يمكن ان تحتويه قصة تتحدث عن الطلاق ؟ صحيح ان الاشراقة تمثل لحظة انقلاب ربما هي غير معتادة لكن هل أوفت بالغرض؟

وتقولين " حفل النص بالكثير من الصور و التخييل و أعتقد أنه أرهق النص في بعص مفاصله و أعاق حركته مع أن هذه الصور نفسها في جنس أدبي آخر ستكون بديعة جدا كالشعر و الخاطرة مثلا " ...
ماذا تقصدين باعاقة حركة النص؟ وهل تتفقين بهذا القول مع د زياد والاستاذ ياسر بان النص اقرب الى الخاطرة ؟ الا تعتبر اللغة الشعرية احدى ميزات القصة القصيرة الناجحة ؟ ثم الا ترين بان النص يحتوى على كافة عناصر القصة القصيرة ؟

ياسر علي 03-15-2014 01:11 AM



بداية أعتذر للأشخاص الحقيقيين الذين انبنى النص على بعض تصرفاتهم و سيرهم و هذا أضعف الإيمان ، فالكتابة المستندة إلى أحداث واقيعية هي أصعب أنواع الكتابة ، إذ تتقلص مساحة التخيل ، و تدخل الرقابة الذاتية على عملية البناء و تكبل حرية التصرف بقيود الحدث ، و شخصيا لدي بعض المحاولات في هذا الأدب لكن لا أظنها يوما سترى النور لاعتبارات شتى ، ربما في العمل الروائي يمكن صياغة عمل واقعي وسيرة ذاتية نظرا لما تتيحه الصفحات من الاستطراد لجعل الشخصية قريبة من الجمهور و تجعل تصرفاتها مقبولة و لا يلفها الغموض .

و لكن بما أن هذه ورشة يقصد منها أساسا دراسة النص و الوقوف على سبب نجاحه أولا ثم الانطلاق منه لمعرفة أو تلمس ما يجعل النص القصصي موفقا ، و ما هي الأشياء التي تزيد من متانة العمل الإبداعي و تبوئه مكانة رفيعة فلا بأس من مواصلة قراءة هذا العمل ، و اعتباره عملا متخيلا و لو افتراضا .

من حيث نجاح النص فربما الكل يجمع أن نقطة القوة فيه هي اللغة و الصور الشعرية التي يحملها إضافة طبعا لما ذكره الأستاذ أيوب حول حركية النص و استحضار الحواس ، والتضاد ، وغيرها من المحسنات التي برعت الأستاذة مباركة بشير أحمد في صياغتها ، وهذا لن يتأتى إلا لأديب متمرس ماسك بناصية اللغة ، قادر على توظيف ألفاظها في متواليات زخرفية متناسقة ، بارع في توظيف الانزياح الدلالي و استدعاء استعارات مبتكرة ، يبصم بها خصوصيته الأدبية كماركة مسجلة باسمه .
وهذا لا يمنع أيضا من الوقوف عند نواقص النص التي يمكن أن يشتغل عليها الكاتب عامة لترفع من جودة بناء القصة ، لذلك ارتأيت أن أضع هنا بعض الملاحظات التي أراها نالت من النص و قضت استرخاءه على عرش الجودة . هذا طبعا في نظري المتواضع .

ـ ربما أن سلبية بطلة النص لا تحتاج إلى مزيد من الشرح ، فكونها لم تأت بفعل يقوي تواجدها في النص فلافاعليتها جعلت النص لا يشع بالحياة ، السلبية هنا ليست بمعناها الأخلاقي بل بمعناها الحركي فربما لو قلنا أنها استقلت سيارة أجرة و بادلت المارة التحية و غيرها من الأحداث لكانت حياتها فعلية .
ـ المقدمة أو مدخل النص لم تساعد النص وليس فيها صراع حقيقي ، بل محاولة على احتشام لإظهار الصراع ، فلربما لو خرجت البطلة من بيتها واستقرأت العالم حولها وأحست بولادة جديدة و بعد ذلك جاءها الشعور بالحيرة و هي تخطو نحو المجهول لكان الصراع واضحا .
ـ هناك سيطرة الفلاش باك على القصة دون أن تنتفض البطله و تستعيد اشراقتها و تقتنع بوضعها الحاضر ، كأنها فقط تسترجع الماضي لتبرر عجزها الحالي .

هذه نقاط سبق الإشارة إليها والآن أدخل إلى صلب البناء :

كان لايزال ربيع عمرها يدرج على سلالم النضوج الأنثوي، تلك الفاتنة، عندما تقاطرشهد السعادة من أنفاسها الملتهبة شوقا للقاء.

اللقاء هنا كلمة غريبة في هذه الجملة ، هل هو لقاء النضج أم لقاء الحبيب ، وكان الأحرى هنا توضيح هذا اللقاء ، أو لقاء بمعنى الزواج، والنضوج الانثوي هنا ثقيل يمكن اسبداله بكلمة الرشد .
نبيل....!عطرُ كلماته ها قد انفتحت قارورته المنسية في ثنايا الذاكرة، واقتحم أسوارها دون استئذان، لتجد نفسها منغرسة به طريقا ترامت مسافاته، ، وتعسَرت قراءة عناوين محطاته.

ربما كلمة نبيل مستقلة ومتبوعة بفراغ و علامة تعجب ، أعطت قيمة لهذه الشخصية ، لكن أن يغيب الحبيب عن ذاكرة امرأة وهي تعاني ظروف قاهرة في حياتها الزوجية ربما شيء يبدو غريبا بعض الشيء ، تعسرت عناوين محطاته زرعت الغموض في الجملة بعد أن كانت واضحة الانشراح .

ها هو ذا طيفه ينبعث من ردحات الماضي البعيد، ليغشى عينيها الناعستين، ويهرق الأمل صوب دواخلها المرتعشة، ويذكّرها بالوعد الذي كتب صحيفة بقائه السّرمدي بدماء قلبه النابض حبا وألما:
"رحمة ... مستحيل أن يأخذك غيري....مستحيل...!!"

التكرار يفيد التوكيد و هذا إصرار على عدم تذكر نبيل إلا في ذلك اليوم . ربما الاسم له دلالة جميلة بكونه يحمل معنى النبل ، لكن لا حدث في النص يبين هذا النبل بل هناك استسلام كامل و ربما الجملة الموالية بينت ذلك أكثر .

تلك كانت رواسب زفرات اشتعلت بها نيران غيرة هوجاء، حيال ما اكتشف المتيم أن حبيبته، وضياء عينيه، سينتشلها من بين يديه آخر، وأن لافتات الفراق ستُعلى هاماتها قريبا، في حين تتوارى الأحاسيس النازفة حرقة و ولها، وتركل بعيدا أمانيها على رصيف الأوهام، بقدم سلطة والدها، الذي أقسم أن زواجها سيتم ذات ليلة كُسرت فيها آخر الفوانيس للقيا الحبيب، واستبدلت بدخان خانق.

لا يزال اللقاء هنا غريبا هل هو لقاء تشكو فيه لحبيبها قرار الأب فقد حدث أم هو الزواج . ينتشلها هنا أعطيت دلالة النشل و السرقة و النزع ، لست أدري إن كانت قد استطاعت تحمل هذا الدلالة ، و خاصة لكونها موزونة صرفيا على الافتعال و لصق بها معنى الإيجابية في الاستعمال وهناك انتقال من هو إلى هي بشكل غير مريح .

ليلة فيها تبعثرت الرؤى، وتلعثمت خطى المشاعر، وانسدل ستار أسود معلنا عن النهاية، تحت وقع الدفوف، و زغاريد النساء، عندما زرعوها بذرة ورد غريبة بأرض تمادت مساحات جفافها وتعذر عليها استنشاق الهواء عبر مساماتها الضيقة، أين اجتثت جذور كرامتها وألقي بوريقاتها ذاوية في المتاهات
بين عشية وضحاها، أمست تلك الحورية الجميلة خادمة البيت، وجارية السيد العظيم.
شكواها لوالدتها لم تكن لتغير مستحيلا، أو تعبث بالتواءات خط رسمته لحياتها يد الجبروت..!
شريط من الأحداث السوداء توالت حلقات مسلسله، ناشبة أظافرهاعلى شجيرة عمرها الأخضر، وكاتمة على أنفاسها حدّ الهذيان .
- متى؟ كيف؟ هل من سبيل؟ تساءلت بمرارة، ورفعت راية الإحتجاج بصمت، إلى أن أغمي على أفكارها، وأعلنت الإستقالة من عالم الأحياء...!


رغم الرفض المطلق ربما كانت هناك محاولة للتأقلم مع الوضع الجديد و هنا يمكن زرع فعالية البطلة . و ليس فقط مجرد الاستفسار ؟


ثلاث سنوات مضت، تجدولت معاييرها بمسطرة الأنانية، والذكورة الضاربة جذورها في دركات التيه والغطرسة!
والدها الذي استحوذ على تأشيرة التحكم بقراراتها، لأنها ابنته من لحمه ودمه، ومضى يسخّن طبل عجرفته على جمر تأوهاتها ودمع التوسل الملتهب على وجنتيها، وزوجها "الحاج معمر" أحمق،و بخيل ، .قد نُسجت طباعه بغزل القسوة والتعنت...وله من النساء ثلاث...إلى أن سقطت منهارة لا تدرك لأبجديات واقعها الميؤوس منه أدنى التفاتة أو مفهوم صواب..!
وكم ذا تأفف واستشاط غضبا لمنظرها وهي تذوب على فراش المرض كقطعة سكر في بركة ماء، إلى أن تداركته إشراقة شمس دافئة، وهو يلقي بشحنة سخطه اللاذعة في مغاور صدرها، أفعى قاتلة، مربوط بذنبها خيط النجاة:
-"أف... لقد سئمت منك ومن مرضك هذا الذي لا ينتهي أبدا ..أنت طالق...
- طالق .!!؟؟
لم تكن هذه الكلمة ولاريب، إلاَ نسمة من شواطئ الأمل اخترقت جدار العتمة أخيرا، وخلّفت في زواياها المنحنية فوهة،بعثرت من خلالها أشواك المآسي ، ورشّت على عنفوانها الكاسر ترياق الطمأنينة بخاطرها. لم تدر كم من الوقت ارتشفته الدقائق المترامية خلفها، كما حبات خرز ملساء انقطع سلكها فجأة في حضن الزمان.


في هذه الفقرة هناك عودة إلى الأب في الغالب لا يقدم إضافة ، ليغلق النص عند كلمة أنت طالق تفاديا لتكرار حيرة المقدمة أو الاستغناء عن المقدمة ، وربما لإنعاش الفقرة يمكن تطعيمها بحوار من نوع ما منه يمكن استجلاء شخصية الزوج لانتشال النص من التقريرية و كسر رتابة السرد .


وشكرا للجميع



ايوب صابر 03-15-2014 04:23 PM

الأستاذ ياسر

تقول في مداخلتك بتاريخ 12/3/2014 : " رجوعا إلى المقدمة التي تعتبر مفتاح النص الإبداعي، فهي في المجمل تبين الحالة النفسية للبطلة ليأتي باقي القصة كتبرير لهذه الحالة النفسية كعقدة تحتاج إلى الحل وهذا ما جعل النص قريبا من الخاطرة... فالمقدمة لم تفتح النص على حدث معين.....والقصة تبنى بأحداث حقيقية يقوم بها البطل آنيا، و الفلاش باك مجرد استكمال للصورة و تفسير لتصرفات البطل" ....

- كأنك تقول في هذه المداخلة بأنه لا يوجد حدث في النص وان النص اقرب إلى الخاطرة لغياب الحدث ..فهل ذلك صحيح ..دعونا ندقق في المقدمة أكثر والنص ككل فماذا نجد؟

في الواقع نجد أن النص يروى لنا حدثا جلي الإبعاد ويتمحور حول ما حصل للبطلة ... فها هي تحمل حقائبها بعد أن وقع عليها الطلاق حيث طلقها زوجها العجوز كما يتبين لنا لاحقا وبذلك دخلت لائحة المطلقات لأنها أصبحت تحمل وشم الطلاق، والوشم عادة ما يستخدم لتمييز مجموعة من الأفراد عن غيرهم من الناس.


ونجد أن بطلة النص سارت بعد حصول الطلاق في دربين ربما متوازيين:


الدرب الأول: درب حقيقي وهو ذهابها إلى منزل والدتها لترتمي في حضن أمها التي يبدو أنها هي بدورها كانت قد وشمت بالطلاق أيضا...

والدرب الثاني: سير افتراضي في شارع المجهول... وفي ذلك كناية على الحالة النفسية التي وجدت البطلة نفسها فيها بعد حصول الطلاق وكنتيجة لما يصيب المرأة في المجتمع الشرقي...فالطلاق مثل نهاية الحياة الزوجية مع ذلك العجوز والذي هو بمثابة طريق مسدود وبذلك كان أيضا من الناحية النفسية وكأنه ارتماء في حضن المجهول..

وفي هذا الطريق الافتراضي الذهني شعرت البطلة بالحيرة والخوف والارتباك ( حيث استفردت في مخيلتها غربان الحيرة تنعب في قفارها ) لكنها ورغما مما أصابها وبهدف إيجاد مبرر نفسي يدفعها إلى الاستمرار (أخذت البطلة تقلب حجارة الواقع تبحث خلف جمودها عن ثورة عشق لم تكتمل) ..تلك هي قصتها مع الشاب نبيل ...

هنا وعند تلك اللحظة تروي لنا القاصة قصة البطلة مع ذلك الـ (نبيل) باستخدام تكنيك الفلاش باك حيث تعيدنا إلى الماضي وتروي لنا الذي حدث قبل الزواج ونجد انه وبمجرد أنها تذكرت حبيبها هذا ( نبيل ) انبعث الأمل في ثنايا الذاكرة، وغشي طيفيه عينيها الناعستين... وذلك بمجرد أن تذكرت البطلة كلماته ( عطر كلماته ها قد انفتحت قارورته ) حينما صاح باستحالة أن يتزوجها احد غيره ( نبيل....! عطرُ كلماته ها قد انفتحت قارورته المنسية في ثنايا الذاكرة، واقتحم أسوارها دون استأذان، لتجد نفسها منغرسة به طريقا ترامت مسافاته، وتعسَرت قراءة عناوين محطاته. ها هو ذا طيفه ينبعث من ردحات الماضي البعيد، ليغشى عينيها الناعستين، ويهرق الأمل صوب دواخلها المرتعشة، ويذكّرها بالوعد الذي كتب صحيفة بقائه السّرمدي بدماء قلبه النابض حبا وألما) ...

ثم تكمل القاصة رواية ما جرى للبطلة بعد ذلك اللقاء فتخبرنا بأنه وعلى الرغم من تمسك نبيل بها وغيرته الملتهبة عليها لكنها تزوجت ذلك العجوز وحسب مشيئة والدها ( بقدم سطلة والدها الذي اقسم ان زواجها يتم ذات ليلة كسرت فيها آخر الفوانيس للقيا الحبيب ) حيث انقطعت في تلك الليلة عن لقاء الحبيب ( نبيل)، ودخلت نفق الحياة الزوجية مع ذلك العجوز والتي شبهتها القاصة بدخان خانق...والذي زاد حدة قسوتها أن نهاية علاقتها من الحبيب حدثت في نفس ليلة زواجها وحيث انتهت قصة حبها تحت وقع الدفوف وزغاريد النساء ..فكان ذلك الزواج من العجوز أشبه بـ (بذرة ورد غريبة زرعت بارض تمادت مساحاتها جفافا وتعذر عليها استنشاق الهواء عبر مساماتها الضيقة ) وفي ذلك وصف للحالة النفسية الرهيبة التي أصبحت عليها البطلة...وما اجمله من وصف وتصوير...

وتخبرنا القاصة بعد ذلك عن طبيعة الحياة الزوجية حيث ( اصبحت خادمة البيت وجارية السيد العظيم)..وكان خروجها من تلك الحياة الكارثية مستحيلا كما ان شكواها لوالدتها لم يغير شيئا ثم توالت في حياتها سلسلة من الأحداث السوداء ( كمسلسل توالت حلقاته) ولم يكن بوسعها عمل شيء سوى رفع راية الاحتجاج الصامت ..ثم جاء مرضها ( واستقالتها من عالم الاحياء) كنوع من الاحتجاج الإضافي على واقعها المرير وقد استمرت في تلك الحياة ثلاث سنوات حتى جاء اليوم الذي استشاط فيه ذلك الزوج العجوز ( استشاط غضبا لمنظرها وهي تذوب في فراش المرض كقطعة سكر في بركة ماء ) فاسقط عليها الطلاق...


فكانت كلمة الطلاق (مثل نسمة هبت عليها من شواطئ الأمل) ...اخترقت (جدار العتمة) التي كانت تلفها فتبعثرت أشواك المآسي وشعرت هي بالطمأنينة ...

وبعد الطلاق نجدها قد سارت والأمل يملأ قلبها إلى منزل والدتها والتي عرفت لمجرد رؤيتها بمأساة الطلاق... وربما لانها هي نفسها كانت قد اختبرته او لان الطلاق أشبه بالوشم وهو يفضح مكنونات القلب والنفس...

وعلى الرغم من كل شيء وخلال لحظات انجذبت نحو أمها بمغناطيس الأمومة وهنا يكتمل الحدث...لكننا لا نعرف اين سوف تسير الامور فالنهاية الحقيقة تظل مفتوحة على كل الاحتمالات...

إذا :
- لدينا حدث متكامل له بداية ونهاية والحكاية كلها تروي لنا قصة فتاة أحبت شابا اسمه نبيل انفصلت عنه لتتزوج من رجل عجوز بأمر والدها عاشت معه حياة مريرة لمدة ثلاث سنوات وانتهى زواجها بالطلاق فعادت إلى منزل والدتها...وهذه حبكة مكتملة الأركان على الرغم من الأسلوب الذي استخدمته القاصة في رواية الحدث حيث بدأت من حيث يجب أن تنتهي أي أنها قدمت النهاية ثم روت لنا مجريات القصة لتكتمل الحبكة وربما أنها نجحت في هذا الأسلوب من جعل الحدث نفسه أكثر أهمية من النهاية ( الطلاق ) التي جاءت في المقدمة...

- البطلة ليست سلبية إلى ذلك الحد... صحيح أنها تعايشت مع زواج لا يحتمل لمدة ثلاث سنوات لكنها من ناحية اخرى تمارضت وصمتت فكان ذلك بمثابة حرب استنزاف شرسة تشنها ضد زوجها العجوز التي أجبرت على الزواج منه وحولها إلى خادمة وما الى ذلك... حرب استخدمت فيها سلاحي الصمت والمرض,,,, وقد أثمرت مقاومتها السلبية تلك بل حربها الشرسة في نهاية المطاف فدفعته لطلاقها بعد أن أعياه مرضها ..

- ما أن وجدت نفسها في لحظة ما بعد الطلاق حتى أخذت تبحث في ثنايا الذاكرة عن حبيبها الذي كان وبما يبعث في نفسها الأمل للاستمرار..وانطلقت نحو منزل والدتها ...

قصة رائعة بحق..ومخيلة عجيبة... ووصف وتصوير استثنائي شديد الابهار...يبدو سهلا لكنه ممتنع حتما...

مباركة بشير أحمد 03-16-2014 12:16 PM

يقول الأستاذ ياسر علي :
بداية أعتذر للأشخاص الحقيقيين الذين انبنى النص على بعض تصرفاتهم و سيرهم و هذا أضعف الإيمان ، فالكتابة المستندة إلى أحداث واقيعية هي أصعب أنواع الكتابة ، إذ تتقلص مساحة التخيل ، و تدخل الرقابة الذاتية على عملية البناء و تكبل حرية التصرف بقيود الحدث ، و شخصيا لدي بعض المحاولات في هذا الأدب لكن لا أظنها يوما سترى النور لاعتبارات شتى ، ربما في العمل الروائي يمكن صياغة عمل واقعي وسيرة ذاتية نظرا لما تتيحه الصفحات من الاستطراد لجعل الشخصية قريبة من الجمهور و تجعل تصرفاتها مقبولة و لا يلفها الغموض .

وبداية أقول يا أستاذ ياسر علي : الواقع لا يقيَد الإبداع إنما يزيده مصداقية ،لأن خيال الإنسان مهما اتسع فلابد للضيق أن يثني بعضا من سيرورته ، واعتماد الكاتب " القاص" على الواقع ،ليس يعني أن خياله سيأخذ عطلة عن الإبداع ،وإلا فما الفرق بينه والصحفي ،ناقل الخبر بعين الكاميرا ؟
الله عزوجل يقص لنا أحسن القصص التي جرت على أرض الواقع ،لكن بأسلوب نوراني ،له أثره الجذاب في نفسية القارئ . ثم مارأيك في لوحة "الموناليزا" مثلا ، أليست ملامحها مجتثة من الواقع ؟ وفرضا لو ،مصورة تلك المرأة بآلة تصوير ،هل كانت ستنال أكبر قدر من الإعجاب ،رغم تعاقب الأجيال ؟



كان لايزال ربيع عمرها يدرج على سلالم النضوج الأنثوي، تلك الفاتنة، عندما تقاطرشهد السعادة من أنفاسها الملتهبة شوقا للقاء.

اللقاء هنا كلمة غريبة في هذه الجملة ، هل هو لقاء النضج أم لقاء الحبيب ، وكان الأحرى هنا توضيح هذا اللقاء ، أو لقاء بمعنى الزواج، والنضوج الانثوي هنا ثقيل يمكن اسبداله بكلمة الرشد


لقاء الحبيب طبعا . لكن المفهوم الذي يجذب خلفة الدهشة أجده ،أكثر تأثيرا .نعم يتساءل القارئ : لقاء من ؟ لكن بمجرد أن أذكر اسم نبيل ،تكتمل الصورة في ذهنه ،ثم أن الإنسان إلى من يشتاق ؟ إلى عدوَه مثلا ؟
ولماذا ترى ان كلمة نضوج أنثوي ،معنا ثقيلا ؟ فهي ليست بالطفلة ،التي لاتدرك معنى للحب ولا للهفة ،وليست في سن رشد ،فمابينهما ،أي في سن تتأرجح مابين الطفولة والنضج ،أقول الأنثوي ،وليس الفكري ،فالفتاة في هذه السن تغلب عليها العاطفة ،وإذا احبَت ،تكون شعلة من الوله ، والشوق إلى لقاء الحبيب ،يصل إلى أعلى درجاته – الحب الأول


نبيل....!عطرُ كلماته ها قد انفتحت قارورته المنسية في ثنايا الذاكرة، واقتحم أسوارها دون استئذان، لتجد نفسها منغرسة به طريقا ترامت مسافاته، ، وتعسَرت قراءة عناوين محطاته.

ربما كلمة نبيل مستقلة ومتبوعة بفراغ و علامة تعجب ، أعطت قيمة لهذه الشخصية ، لكن أن يغيب الحبيب عن ذاكرة امرأة وهي تعاني ظروف قاهرة في حياتها الزوجية ربما شيء يبدو غريبا بعض الشيء ، تعسرت عناوين محطاته زرعت الغموض في الجملة بعد أن كانت واضحة الانشراح .


نعم تغيب ذكرى الحبيب بالتجاهل ،ومحاولة النسيان ،ويزيدها القهر أو حب الزوج ،بعدا ،فكم من امرأة أحبت قبل زواجها ،ثم نسيت علاقتها مع حبيبها ، لكن ذكرى الحبيب تستيقظ أطيافها النائمة ،في حالة ما إذا توفرت الظروف المساعدة لاسترجاع الذكرى ، فالشابة المطلقة ، وفي طريقها إلى بيت والدتها ،أكيد أن الأماكن التي مرَت بها ،قذ ذكَرتها بحبيبها الغائب ،فقد يكون جارها مثلا ،ابن الحي الذي كانت تقطن فيه ،أوحتى غريبا عن ذلك الحي ،لكن اللقاء ،على مقربة من بيت اهلها ....ثم وباعتباره أول حبيب ،لابد أنها في تلك الحالة النفسية العصيبة ،كانت بحاجة إليه يكفف دمعها ،ويربَت على كتفها بحنان –أتحدث هنا عن الحب العذري-. .

ها هو ذا طيفه ينبعث من ردحات الماضي البعيد، ليغشى عينيها الناعستين، ويهرق الأمل صوب دواخلها المرتعشة، ويذكّرها بالوعد الذي كتب صحيفة بقائه السّرمدي بدماء قلبه النابض حبا وألما:
"رحمة ... مستحيل أن يأخذك غيري....مستحيل...!!"

التكرار يفيد التوكيد و هذا إصرار على عدم تذكر نبيل إلا في ذلك اليوم . ربما الاسم له دلالة جميلة بكونه يحمل معنى النبل ، لكن لا حدث في النص يبين هذا النبل بل هناك استسلام كامل و ربما الجملة الموالية بينت ذلك أكثر .

، أما عن اسم نبيل ،فلقد فرض نفسه في القصة ،بغير تدبير منَي ،و الأسماء ليس بالضرورة تدلل على أصحابها ،فكم من رجل اسمه محمد ،ولكنَه أبو جهل بسلوكاته المشينة. فلاتهتم كثيرا بتحليل معاني الأسماء

[color="navy"]تلك كانت رواسب زفرات اشتعلت بها نيران غيرة هوجاء، حيال ما اكتشف المتيم أن حبيبته، وضياء عينيه، سينتشلها من بين يديه آخر، وأن لافتات الفراق ستُعلى هاماتها قريبا، في حين تتوارى الأحاسيس النازفة حرقة و ولها، وتركل بعيدا أمانيها على رصيف الأوهام، بقدم سلطة والدها، الذي أقسم أن زواجها سيتم ذات ليلة كُسرت فيها آخر الفوانيس للقيا الحبيب، واستبدلت بدخان خانق.[/color]

لا يزال اللقاء هنا غريبا هل هو لقاء تشكو فيه لحبيبها قرار الأب فقد حدث أم هو الزواج . ينتشلها هنا أعطيت دلالة النشل و السرقة و النزع ، لست أدري إن كانت قد استطاعت تحمل هذا الدلالة ، و خاصة لكونها موزونة صرفيا على الافتعال و لصق بها معنى الإيجابية في الاستعمال وهناك انتقال من هو إلى هي بشكل غير مريح .

،لن تلتقى حبيبها ،فهذا يعني ،القضاء عليها ،سواء أشتكت إليه فعلة والدها بها ، أواكتفت بالنظر إليه باكية ،ومن شرب كأس الحب المرَ ،يدرك تماما ،مامعنى أن يُمنع الحبيب عن لقاء حبيبه .ينتشلها من بين يديه آخر ،بمعنى يسرقها منه ،أولانُسمي المرأة التي تأخذ زوج غيرها " خطافة الرجال "هههه


ليلة فيها تبعثرت الرؤى، وتلعثمت خطى المشاعر، وانسدل ستار أسود معلنا عن النهاية، تحت وقع الدفوف، و زغاريد النساء، عندما زرعوها بذرة ورد غريبة بأرض تمادت مساحات جفافها وتعذر عليها استنشاق الهواء عبر مساماتها الضيقة، أين اجتثت جذور كرامتها وألقي بوريقاتها ذاوية في المتاهات
بين عشية وضحاها، أمست تلك الحورية الجميلة خادمة البيت، وجارية السيد العظيم.
شكواها لوالدتها لم تكن لتغير مستحيلا، أو تعبث بالتواءات خط رسمته لحياتها يد الجبروت..!
شريط من الأحداث السوداء توالت حلقات مسلسله، ناشبة أظافرهاعلى شجيرة عمرها الأخضر، وكاتمة على أنفاسها حدّ الهذيان .
- متى؟ كيف؟ هل من سبيل؟ تساءلت بمرارة، ورفعت راية الإحتجاج بصمت، إلى أن أغمي على أفكارها، وأعلنت الإستقالة من عالم الأحياء...!


رغم الرفض المطلق ربما كانت هناك محاولة للتأقلم مع الوضع الجديد و هنا يمكن زرع فعالية البطلة . و ليس فقط مجرد الاستفسار ؟

رجل أحمق ،عجوز ،وله من النساء ثلاث ،حتى ولوحاولت التأقلم ،فالطرق أمامها مسدودة .فارق السن بينهما ، قسوته وجهله ،غيرة ضرائرها منها ...فهذه أشياء بديهية ،وإذا أضفينا عليها الخيال الإبداعي ، لن نستخلص إلا التشويه الذي سيؤثر سلبا على ملامح القصة. القارئ يفهم ذلك بالتأكيد ،فلماذا التوغل في الهوامش ؟ والقصة القصيرة لاتحتمل ،على عكس الرواية ،التي تستوجب التفصيل.

ثلاث سنوات مضت، تجدولت معاييرها بمسطرة الأنانية، والذكورة الضاربة جذورها في دركات التيه والغطرسة!
والدها الذي استحوذ على تأشيرة التحكم بقراراتها، لأنها ابنته من لحمه ودمه، ومضى يسخّن طبل عجرفته على جمر تأوهاتها ودمع التوسل الملتهب على وجنتيها، وزوجها "الحاج معمر" أحمق،و بخيل ، .قد نُسجت طباعه بغزل القسوة والتعنت...وله من النساء ثلاث...إلى أن سقطت منهارة لا تدرك لأبجديات واقعها الميؤوس منه أدنى التفاتة أو مفهوم صواب..!
وكم ذا تأفف واستشاط غضبا لمنظرها وهي تذوب على فراش المرض كقطعة سكر في بركة ماء، إلى أن تداركته إشراقة شمس دافئة، وهو يلقي بشحنة سخطه اللاذعة في مغاور صدرها، أفعى قاتلة، مربوط بذنبها خيط النجاة:
-"أف... لقد سئمت منك ومن مرضك هذا الذي لا ينتهي أبدا ..أنت طالق...
- طالق .!!؟؟

لم تكن هذه الكلمة ولاريب، إلاَ نسمة من شواطئ الأمل اخترقت جدار العتمة أخيرا، وخلّفت في زواياها المنحنية فوهة،بعثرت من خلالها أشواك المآسي ، ورشّت على عنفوانها الكاسر ترياق الطمأنينة بخاطرها. لم تدر كم من الوقت ارتشفته الدقائق المترامية خلفها، كما حبات خرز ملساء انقطع سلكها فجأة في حضن الزمان.


في هذه الفقرة هناك عودة إلى الأب في الغالب لا يقدم إضافة ، ليغلق النص عند كلمة أنت طالق تفاديا لتكرار حيرة المقدمة أو الاستغناء عن المقدمة ، وربما لإنعاش الفقرة يمكن تطعيمها بحوار من نوع ما منه يمكن استجلاء شخصية الزوج لانتشال النص من التقريرية و كسر رتابة السرد .


المرأة المطلقة ترجع إلى بيت والدها ،فلاغرابة ،لكن بدون هذا المشهد ، تعتبر القصة ناقصة ،والزوج هنا شخصية مهمشة ،لاترتكز عليها الأضواء ،يكفينا منه أن نطق بكلمة ،أنت طالق . وحتى شخصية الوالد ،قد ذابت شيئا فشيئا حتى تلاشت تماما ،لتشمل النهاية شخصيتين اثنتين ،الأم وابنتها ،ثم تذوب هاتين الشخصيتين ،كامراتين يائستين ، باكيتين ، وأركزُ في الأخير على وصف المجتمع بالتخلف،.

وشكرالك أستاذ ياسر علي ،على الحوار الماتع ،وشكرا للجميع .


الساعة الآن 04:06 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team