منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر ديوان العرب (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=48)
-   -   من روائع بدر شاكر السياب (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1328)

ناريمان الشريف 09-17-2010 10:05 AM

من روائع بدر شاكر السياب
 
من روائع هذا الشاعر ( سندباد العراق )
هذه القصيدة .. بعنوان ( حفار القبور )

( 1 )



ضوء الأصيل يغيم كالحلم الكئيب على القبور
واهٍ كما ابتسم اليتامى أو كما بهتت شموع
في غيهب الذكرى يهوم ظلهن على دموع
والمدرج النائي تهب عليه أسراب الطيور
كالعاصفات السود كالأشباح في بيت قديم
برزت لترعب ساكنيه
من غلرفة ظلماء فيه
وتثاءب الطلل البعيد يحدق الليل البهيم
من بابه الأعمى ومن شباكه الخرب البليد
والجو يملؤه النعيب
فتردد الصحراء في يأس واعوال رتيب
أصداءه المتلاشيات
والريح تذروهن في سأم على التل البعيد
وكأن بعض الساحرات
مدت أصابعها العجاف الشاحنات الى السماء
تومي الى سرب من الغربان تلويه الرياح
في آخر الأفق المضاء
حتى تعال ثم فاض على مراقيه الفساح
فكأن ديدان القبور
فارت لتلتهم الفضاء وتشرب الضوء الغريق
وكأنما أزف النشور
فاستيقظ الموتى عطاشى يلهثون على الطريق
وتدفع السرب الثقيل
يطفو ويرسب في الأصيل
لجبا يرنق بالظلام على القبور الباليات
وظلاله السوداء تزحف كالليالي الموحشات
بين الجنادل والصخور
وعلى القبور
وتنفس الضوء الضئيل
بعد اختناق بالطيوف الراعبات وبالجثام
ثم ارتخت تلك الظلال السود وانجاب الظلام
فانجاب عن ظل طويل
يلقيه حفار القبور
كفان جامدتان أبرد من جباه الخاملين
وكأن حولهما هواء كان في بعض اللحود
في مقلة جوفاء خاوية يهوم في ركود
كفان قاسيتان جائعتان كالذئب السجين
وفم كشق في جدار
مستوحد بين الصخور الصم من أنقاض دار
عند المساء ومقلتان تحدقان بلا بريق
وبلا دموع في الفضاء
هو ذا المساء
يدنو وأشباح النجوم تكاد تبدو والطريق
خال فلا نعش يلوح على مداه ولا عويل
الا النعيب
وتنهد الريح الطويل
وعلام تنعب هذه الغربان والكون الرحيب
باق يدور يعج بالأحياء مرضى جائعين
بيض الشعور كأعظم الأموات لكن خالدين
لا يهلكون علام تنعب ان عزرائيل مات
وغدا أموت غدا أموت
وهز حفار القبور
يمناه في وجه السماء وصاح رب أما تثور
فتبيد نسل العار تحرق بالرجوم المهلكات
أحفاد عاد باعة الدم والخطايا والدموع
يا رب ما دام الفناء
هو غاية الأحياء فأمر يهلكوا هذا المساء
سأموت من ظماء وجوع
ان لم يمت هذا المساء الى غد بعض الأيام
فابعث به قبل ااالظلام
يا رب أسبوع طويل مر كالعام الطويل
والقبر خاو يفغر الفم في انتظار في انتظار
ما زلت أحفره ويطمره الغبار
تتثاءب الظلماء فيه ويرشح القاع البليل
مما تعصر أعين الموتى وتنضحه الجلود
تلك الجلود الشاحبات
وذلك اللحم النثير حتى الشفاءه يمص من دمها الثرى
حتى النهود تذوي ويقطر في ارتخاء من مراضعها المغير
واها لهاتيك النواهد والمآقي والشفاه
واها لأجساد الحسان
أيأكل الليل الرهيب
والدود منها ما تمناه الهوى
واخيبتاهكم جثة بيضاء لم تفتضها شفتا حبيب
هل كان عدلا أن أحن إلى السراب
و لا أنال إلا الحنين و ألف أنثى تحت أقدامي تنام أف
كلما اتقدت رغاب في الجوانح شح مال
ما زلت أسمع بالحروب فأين أين هي الحروب أين السنابك و القذابف و الضحايا في الدروب
لأظل أدفنها فلا تسع الصحارى
فأدس في قمم التلال عظامهن و في الكهوف
فكأن قعقهة المنازل في اللظى نقر الدفوف
أو وقع أقدام العذارى
يرقص حولي لا عبات بالصنوج و بالسيوف
نبئت عن حرب تدور لعل عزرائيل فيها
في الليل يكدح و النهار فلن يمر على قرانا
أو بالمدينة و هي توشك أن تضيق بساكنيها
نبئت أن القاصفات هناك ما تركت مكانا
إلا وحل به الدمار فأي سوق للقبور
حتى كأن الأرض من ذهب يضاحك حافريها
حتى كأن معاصر الدم دافقات بالخمور
أواه لو أني هناك أسد باللحم النثير
جوع القبور و جوع نفسي في بلاد ليس فيها
إلا أرامل أو عذارى غاب عنهن الرجال
وافتضهن الفاتحون إلى الذماء كما يقال
مازلت أسمع بالحروب فما لأعين موقديها
لا تستقر على قرانا
ليت عيني تلتقيها و تخضهن إلى القرار
و كالنيازك و الرعود تهوي بهن على النخيل
على الرجال على المهود حتى تحدق أعين الموتى كآلاف اللآلي
من كل شبر في المدينه ثم تنظم كالعقود
في هذه الأرض الخراب فيا لأعينها و يالي
رباه إني أقشعر أكاد أسمع في الخيال
أغنية تصف العيون
تنثال من مقهى فأنصت في الزحام و ينصتون
و كأن ما بيني و بين الآخرين من الهواء
ثدي سخي بالحليب و بالمحبة و الأخاء
يا رب أسبوع يمر و لست أسمع من غناء
إلا النعيب
و تنهد الريح الرتيب
واخيبتاه ألن أعيش بغير موت الآخرين
و الطيبات من الرغيف إلى النساء إلى البنين
هي منة الموتى علي
فكيف أشفق بالأنام
فلتمطرنهم القذائف بالحديد و بالضرام
و بما تشاء من انتقام

من حميات أو جذام
نذر علي لئن تشب لازرعن من الورود
ألفا تروى بالدماء و سوف أرصف بالنقود
هذا المزار وسوف أركض في الهجير بلا حذاء
و أعد أحذية الجنود
و أخط في وحل الرصيف وقد تلطخ وقد تلطخ بالدماء
أعدادهن لأستبيح عدادهن من النهود
و سأدفن الطفل الرمي و أطرح الأم الحزينة
بين الصخور على ثراه
و لسوف أغرز بين ثدييها أصابعي اللعينة
و يكاد يحنقها لهاثي و هي تسمع في لظاه
قلبي ووسوسة النقود نقودها و اخجلتاه
أنا لست أحقر من سواي و إن قسوت فلي شفيع
أني كوحش في الفلاء
لم أقرأ الكتب الضخام و شافعي ظمأ و جوع
أو ما ترى المتحضرين
المزدهين من الحديد بما يطير و ما يذيع
مهما ادنأت فلن أسف كما أسفوا لي شفيع
أني نويت و يفعلون و إن من يئد البنين
و الأمهات و يستحل دم الشيوخ العاجزين
لأحط من زان انتهك الغزاة و ما استباحوا
و القاتلون هم الجناه و ليس حفار القبور
و هم الذين يلونون لي البغايا بالخمور
و هم المجاعة و الحرائق و المذابح و النواح
و هم الذين سيتركون أبي وعمته الضريره
بين الخرائب ينبشان ركامهن عن العظام
أو يفحصان عن الجذور و يلهثان من الأورام
و الصخر كالمقل الضريرة
و سيوثقون بشعر أختي قبضتي و كالظلام
و كخضة الحمى تسمرها على دمها صدور
تعلو و تهبط باللهاث كأنهن رحى تدور
يا مجرمون إلى الوراء فسوف تنتفض القبور و تقيء موتاها
و يا موتي على اسم الله ثورا
رباه عفوك إن قابيل المكبل بالحديد في نفسي الظلماء هب
وقر يعصره الملال
فالليل جاء و ما أزال
مستوحدا أرعى القبور و أنفض الدرب البعيد
و كأن يا بشرى كأن هناك في أقصى الجنوب
خطا كأذيال الظلام و لمعة كدم الغروب
لكأنه ضيف جديد
و بدا الجناز و راح يشهق و هو يدنو في ارتخاء
الأوجه المتحجرات يضيئها الشفق الكئيب
و الغمغمات الخافتات من انفعال أو رياء
و النعش يحجبه غطاء
ألوانه المترنحات كأنما اعتصر المغيب فيها قواه
و ذاب فيها كوكب واهي الضياء
حتى إذا انهال التراب و صفح القبر الجديد
و تراعش الألق الضئيل على الظهور المتعبات
حتى اضمحل و غيبتها ظلمة الأفق البعيد
كانت مصابيح السماء
تذر ضوءا كالضباب
بين القبور الموحشات
و على الخرائب و الرمال و كان حفار القبور
متعثر الخطوات يأخذ دربه تحت الظلام
يرعى مصابيح المدينه و هي تخفق في اكتئاب
وز يظل يحلم بالنساء العاريات و بالخمور
و تحسست يده النقود و هيأ الفم لابتسام
حتى تلاشى في الظلام




... يتبع باقي القصيدة

ناريمان الشريف 09-17-2010 10:07 AM

-2-
النور ينضح من نوافذ حانه عبر الطريق
و تكاد رائحة الخمور
تلقى على الضوء المشبع بالدخان و بالفتور
ظلا كألوان حيارى واهيات من حريق
ناء توهم في الدجى الضافي على وجه حزين
و تلوح أشباح عجاف
خلف الزجاج تهيم في الضوء السرابي الغريق
و يشد حفار القبور على الزجاجة باليمين
و كمن يحاذر أو يخاف
يرنو إلى الدرب المنقط بالمصابيح الضئال
و تحركت شفتاه في بطء و غمغم في انخذال
أظننت أنك سوف تقتحم المدينه كالغزاه الفاتحين
و تشتريها بالذي ملكت يداك
بأقل من ثمن الطلاء القرمزي على شفاه
أو في أظافر لاحقتها ذات يوم مقلتاك
سأعود لانهد تعصره يدي حتى الذهول
حتى التأوه و الأنين و صرخة الدم في العروق
و السكرة العمياء و الخدر المضعضع و الأفول
و الأذرع المتفترات يلون الضوء الخفوق
هزاتها المستسلمات و ينفح الدم و العبير
ظل لهن على السرير
الأذرع المتفترات و زهرتان على الوساد
نسجتهما كف مخضبة الأظافر زهرتان
تتفتحان على الوسادة كالشفاه و تهمسان
نغما يذوب إلى رقاد
و تألق الجيد الشهي و لفحة النفس البهير

و النور منفلتا من الأهداب تثقله الطيوب
قلقا كمصباح السفينه راوحته صبا لعوب
و تخافق الأظلال في دعة ووسوسة الحرير و الحلمتان
أشد فوقهما بصدري في اشتهاء
حتى أحسهما بأضلعي و أعتصر الدماء
باللحم و الدم و الحنايا منهما لا باليدين
حتى تغيبا في صدري إلى غير انتهاء حتى تمصا من دماي و تلفظاني في ارتخاء
فوق السرير
و تشرئبا
ثم نثوي جثتين
لولا التماعات الكواكب و انعكاس من ضياء
تلقيه نافذة ووقع خطى تهاوى في عياء
يصدى له الليل العميق و حارس تعب يعود و سنان يحلم بالفراش و زوجه تذكي السراج
و تؤجج التنور صامته و أخيلة اللهيب
تضفي عليها ما تشاء من اكتئاب و ابتهاج
ثم اضمحل الحارس المكدود و النغم الرتيب
وقع الخطى المتلاشيات كأنه الهمس المريب ما زال يخفق من بعيد
و تململت قدمان و ارتفعت يد بعد انتظار
و هوت على الباب العتيق فأرسل الخشب البليد
صوتا كإيقاع المعاول حين إدبار النهار
بين القبور الموحشات و أطبق الصمت الثقيل
و أطل من إحدى النوافذ و هي تفتح و ارتياب
وجه حزين ثم غاب
و تحرك الباب المضعضع و هو يجهش بالعويل
و تقول أنثى في اكتئاب
ضيف جديد ثم تفرك مقلتيها في فتور
و يظل يزحف كالكسوف يحجب الألق الضئيل
عن وجهها ظل يقيدها بحفار القبور

....يتبع القصيدة

ناريمان الشريف 09-17-2010 10:09 AM



(3)

في زهوة الشفق الملون حيث يحترق النهار
في عودة الرعيان أشباحا يظللها الغبار
في ساعة الشوق الكئيب إلى شواطيء كالضباب
و إلى أكف مخلصات
و إلى أغان مبهمات هائمات في شعاب
أنأى من الأصداء تغشاها نجوم ساهمات
في ساعة الشفق الملون كان إنسان يثور
بين الجنادل و القبور
نفس معذبه تثور
بين الجنادل و القبور
أأظل أحلم بالنعوش و أنفض الدرب البعيد
بالنظرة الشزراء و اليأس المظلل بالرجاء يطفو
و يرسب و السماء كأنها صنم بليد
لا مأمل في مقلتيه و لا شواظ و لا رثاء
لو أنها انفجرت تقهقه بالرعود القاصفات
لو أنها انكمشت وصاحت كالذئاب العاويات
فات الأوان فخط لحدك واثو فيه إلى النشورل
و أنها انطبقت علي كأنها فم أفعوان
لو أنها اعتصرت قواي
و مات ظل الأرجوان
في آخر الأفق البعيد و لألأت قطرات نور
مما تبعثره المدينة و هي تبسم في فتور
و كأنما رضعت مصابيح المدينة مقلتاه
فسرت لهيبا في دماه و ألغمتها بالرغاب
و كأنهن على المدى المقرور آلاف الشفاه
تدعوه ظمأى لاهثات مثل أحداق الذئاب
ما زلت تحترقين من فرح و أحتراق انتظار
أنا انتهينا
يا سماء و يا قبور أما أراها
لا بد من هذا وصوب مقلتيه إلى السماء
حنقا يزمجر ثم أطرق و هو يحلم بالقاء
باب تفتح في الظلام و ضحكة و شذى ثقيل أويدان تجتذبان أغطية السرير و ترخيان إحدى الستائر
ثم تنطفئان في الضوء الضئيل
و تغيم أخيلة و تجلى ثم تبرز حلمتان
ويطل وجه شاحب القسمات مختلج الشفاه
و تغيم أخيلة و تحلى ثم تفتح مقلتاه
فيرى القبور
و يرى المصابيح البعيدة كالمجامر في اتقاد
و يرى الطريق إلى القبور
يكتظ بالأشباح زاحفة إليه على اتئاد
فيصيح من فرح سألقاها
فإن الطريق نعشا و إن حف النساء به و أملق حاملوه إني سألقاها و
ينهض و هو يرفع باليمين
فانوسة الصدىء العتيق
يلقي سناه على الوجوه
و على الدثار القرمزي و في عيون القادمين
لو أنه اخترق الدثار بمقلتيه و بالضياء
لو حدث التابوت عمن فيه أو رفعت يداها
أو هبة للزعزع النكباء حاشية الغطاء
تحت النجوم الساهمات
لكاد ينكر من رآها
و تظل أنوار المدينة و هي تلمع من بعيد
و يظل حفار القبور
ينأى عن القبر الجديد
معتثر الخطوات يحلم باللقاء و بالخمور


.... انتهت القصيدة

ناريمان الشريف 09-17-2010 10:16 AM



أما أنشودة المطر فهي ديوان لوحدها :
مناسبة القصيدة :-
اتخذ بدر شاكر السياب من المطر رمزاً واسعاً قادراً على حمل هواجس النفس الإنسانية .
فيتخذ الشاعر من موطنه العراق حبيبة يتغنى بها ويتمنى أن يعم وطنه الخير والخصب والنماء
منطلقاً من همه الفردي الخاص إلى عرض بعض الهموم الاجتماعية
مثل : الفقر والجوع على الرغم من وجود الخير الكثير في بلده .
ويبدأ القصيدة بذكرياته الجميلة حين يقول :


عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر
أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر
عيناكِ حين تبسمانِ تُورقُ الكروم
وترقصُ الأضواءُ.. كالأقمارِ في نهر
يرجُّهُ المجدافُ وَهْناً ساعةَ السحر...
كأنّما تنبُضُ في غوريهما النجوم
وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيف
كالبحرِ سرَّحَ اليدينِ فوقَهُ المساء
دفءُ الشتاءِ فيه وارتعاشةُ الخريف
والموتُ والميلادُ والظلامُ والضياء
فتستفيقُ ملء روحي، رعشةُ البكاء
ونشوةٌ وحشيةٌ تعانق السماء
كنشوةِ الطفلِ إذا خاف من القمر
كأنَّ أقواسَ السحابِ تشربُ الغيوم..
وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر...
وكركرَ الأطفالُ في عرائش الكروم
ودغدغت صمتَ العصافيرِ على الشجر
أنشودةُ المطر
مطر
مطر
مطر

المفردات :
السحر : قبل الصبح (ج) أسحار
ينأى : يبتعد
تورق : تكثر أوراقها " دلالة على الإزهار والإثمار"
الكروم : شجر العنب
يرجه : يهزه بشدة ويحركه
المجداف : خشبة يحرك بها القارب (ج) مجاديف
وهناً : نصف الليل ووَهِنَ بمعنى أصابه الوجع ويقال "دخل في الوهن من الليل "
تنبض : تحرك الشيء في مكانه
غور : القعر والعمق (ج) غيران وأغوار
تغرقان : يغلب عليها الماء حتى يهلكها ، الضباب : سحاب يغشى الأرض كالدخان
أسى : حزن ، شفيف : شديد
سرَّح : أرسل ، ارتعش : ارتجف واضطرب
تستفيق : أفاق فلان أي عاد إلى طبيعته من غشية لحقته
ملء : قدر ما يأخذه الإناء
رعشة : رجفة ، نشوة : أول السكر والارتياح للأمر والنشاط له والمراد بها الرغبة
وحشية : عارمة لا يسيطر عليها
تعانق : تحتضن حباً
أقواس : مفردها قوس وهو جزء من محيط الدائرة
الغيوم : السحب مفردها غيمة
تذوب : تسيل
كركر : ضحك بشدة
عرائش : مفردها عريشة وهو ما يستظل به
دغدغ : غمزة تسبب انفعالاُ
أنشودة : الشعر المتناشد بين القوم (ج) أناشيد .




....يتبع

ناريمان الشريف 09-17-2010 10:36 PM

.وداع.



اريقي على ساعدي الدموع
و شدي على صدري المتعب
فهيهات ألا أجوب الظلام
بعيدا إلى ذلك الغيهب
فلا تهمسي / غاب نجم السماء
ففي الليل أكثر من كوكب
**
وهل كان حلم بغير انتهاء
و هل كان لحن بلا آخر ؟
لكي تحسبي أن هذا الغرام
أبيد الرؤى ... خالد الحاضر
و أنا سنبقى نعد السنين
مواعيد في ظله الدائر ؟
**
على مقلتيك ارتماء عميق
و ذكرى مساء تقول ارجع!
نداء بعيد الصدى كالنجوم
يراها حبيبان في مخدع !
يكاد اشتياقي يهز الحجاب
و تومي ذراعي : هيا معي!!
**
سأمضي ... فلا تحلمي بالإياب
على وقع اقدامي النائية
و لا تتبعيني إذا ما التفت
ورائي إلى الشمعة الخابية
يرنحها في يديك النحيب
فتهتز من خلفك الرابية
**
ستنسين هذا الجبين الحزين
كما انحلت الغيمة الشاردة
و غابت كحلم وراء التلال
بعيداً.. سوى قطرة جامدة
ستنثرها الريح عما قليل
و تشربها التربة الباردة
**
ورب اكتئاب يسيل الغروب
على صمته الشاحب الساهم
وأغنية في سكون الطريق
تلاشت على هدأة العالم
أثارا صدى تهمس الذكريات
إذا ماانتهى همسة الحالم
**
غداً.. حين يبلى وراء الزجاج
كتا عليه اسمي الذابل
و تنفض كفاك عنه الغبار
و يخلو بك المخدع القاحل
سيلقاك و جهي خلال السطور
كما يسطع الكوكب الآفل
**
إذا ما قرأن اللقاء الاخير
تمنيت, في غفلة هاربة ,
لو استرجعت قبضتاك السنين
لو استرجعت ليلة ذاهبة!
و لكن شيئاً حواه الجدار
تحدى أمانيك الكاذبة
**
تلفت عن غير قصد هناك
فأبصرت.. بالانتحار الخيال!
حروفا من النار..ماذا تقول ؟
لقد مر ركب السنين الثقال
و قد باح تقويمهن الحزين
بأن اللقاء المرجى..محال!!
**

ناريمان الشريف 09-17-2010 10:37 PM

أحبيني



و ما من عادتي نكران ماضي الذي كانا
و لكن كل ممن أحببت قلبك ما أحبوني
و لا عطفوا علي عشقت سبعا كن أحيانا
ترف شعورهن علي تحملني إلى الصين
سفائن من عطور نهودهن أغوص في بحر من الأوهام و الوجد
فالتقط المحار أظن فيه الدر ثم تظلني وحدي
جدائل نخلة فرعاء
فابحث بين أكوام المحار لعل لؤلؤة ستبزغ منه كالنجمه
و إذ تدمى يداي و تترع الأظفار عنها لا يتر هناك غير الماء
و غير الطين من صدف المحار فتقطر البسمة
على ثغري دموعا من قرار القلب تنبثق
لأن جميع من أحببت قلبك ما أحبوني
و أجلسهن في شرف الخيال و تكشف الحرق
ظلالا عن ملامحهن آه فتلك باعتني بمأفون
لأجل المال ثم صحا فطلقها و خلاها
و تلك لأنها في العمر أكبر أم لأن الحسن أغراها
بأني غير كفء خلفتني كما شرب الندى ورق
و فتح برعم مثلتها و شممت رياها
و أمس رأيتها في موقف للباص تنظر
فباعدت الخطى و نأيت عنها لا أريد القرب منها
هذه الشمطاء
لها الويلات ثم عرفتها أحسبت أن الحسن ينتصر
على زمن تحطم سور بابل منه و العنقاء
رماد منه لا يذكيه بعث فهو يستعر
و تلك كأن في غمازتيها يفتح السحر
عيون الفل و اللبلاب عافتني إلى قصر و سيارة
إلى زوج تغير منه حال فهو في الحارة
فقير يقرأ الصحف القديمة عند باب الدار في استحياء
يحدثها عن الأمس الذي و لى فيأكل قلبها الضجر
و تلك و زوجها عبدا مظاهر ليلها سهر
و خمر أو قمار ثم يوصد صبحها الإفاء
عن النهر المكرر للشراع يرف تحت الشمس و الأنداء
و تلك و تلك شاعرتي التي كانت لي الدنيا و ما فيها
شربت الشعر من أحداقها و نعست في أفياء
تنشرها قصائدها علي فكل ماضيها
و كل شبابها كان انتظار لي على شط يهوم فوقه القمر
و تنعس في حماه الطير رش نعاسها المطر
فنبهها فطارت تملأ الآفاق بالأصداء ناعسة
تؤج النور مرتعشا قوادمها و تخفق في خوافيها
ظلال الليل أين أصيلنا الصيفي في جيكور
و سار بنا يوسوس زورق في مائة البلور
و أقرأ و هي تصغي و الربى و النخل و الأعناب تحلم في دواليها
تفرقت الدروب بنا نسير لغير ما رجعة
و غيبها ظلام السجن تؤنس ليلها شمعة
فتذكرني و تبكي غير أني لست أبكيها
كفرت بأمة الصحراء
ووحي الأنبياء على ثراها في مغاور مكة أو عند واديها
و آخرهن
آه زوجتي قدري أكان الداء
ليقعدني كأني ميت سكران لولاها
و هأنا كل من أحببت قبلك ما أحبوني
و أنت لعله الإشفاق
لست لأعذر الله
إذا ما كان عطف منه لا الحب الذي خلاه يسقيني
كؤوسا من نعيم
آه هاتي الحب رويني
به نامي على صدري أنيميني
على نهديك أواها
من الحرق التي رضعت فؤادي ثمة افترست شراييني
أحبيني
لأني كل من أحببت قبلك لم يحبوني

ناريمان الشريف 09-17-2010 10:38 PM

أراها غدا



أراها غدا هل أراها غدا
وأنسى النوى أم يحول الردى
فؤادي وهل في ضلوعي فؤاد
لقد كدت أنساه لولا الصدى
كأني به خاذلي ان تمر
على بعد ما بيننا من مدى
مشى العمر ما بيننا فاصلا
فمن لي بأن اسبق الموعدا
ومن لي بطي السنين الطوال
ستمضي دموعي وحبي سدى
أراها فأذكر أني القريب
وأنسى الفتى الشارد المبعدا
أراها فأنفض عنها السنين
كما تنفض الريح برد الندى
فتغدو وعمري أخو عمرها
ويستوقف المولد المولدا
أغض اذا ما بدت ناظري
فهيهات تلعم كم سهدا
ولو أنها نبئت بالغرام
غرامي لقربت المنشدا
وقالت أيعصى ندا الحب
حرمت الهوى ان عصيت الندا
سأنسى الجراحات والامنيات
سوى أن عيني تراها غدا

ناريمان الشريف 09-17-2010 10:39 PM

أساطير



أساطير من حشرجات الزمان
نسيج اليد البالية
رواها ظلام نم الهاوية
وغنى بها ميتان
أساطير كالبيد ماج سراب
عليها وشقت بقايا شهاب
وأبصرت فيها بريق النضار
يلاقي سدى من ظلال الرغيف
وأبصرتني والستار الكثيف
يواريك عني فضاع انتظار
وخابت منى وانتهى عاشقان
**
أساطير مثل المدى القاسيات
تلاوينها من دم البائسين
فكم أومضت في عيون الطغاة
بما حملت من غبار السنين
يقولون : وحي السماء
فلو يسمع الأنبياء
لما قهقهت ظلمة الهاوية
بأسطورة بالية
تجر القرون
بمركبة من لظى في جنون
لظى كالجنون !
**
وهذا الغرام اللجوج
أيريد من لمسة باردة
على اصبع من خيال الثلوج
وأسطورة بائدة
وعرافة أطلقت في الرمال
بقايا سؤال
وعينين تستطلعان الغيوب
وتستشرقان الدروب
فكان ابتهال وكانت صلاة
تغفر وجه الآله
وتحنو عليه انطباق الشفاة
**
تعالي فما زال نجم المساء
يذيب السنا في النهار الغريق
ويغشى سكون الطريق
بلونين من ومضة واطفاء
وهمس الهولء الثقيل
بدفء الشذى واكتئاب الغروب
يذكرني بالرحيل
شراع خلال التحايا يذوب
وكف تلوح يا للعذاب
**
تعالي فما زال لون السحاب
حزينا .. يذكرني بالرحيل
رحيل
تعالي تعالي نذيب الزمان
وساعة في عناق طويل
ونصبح بالأرجوان شراعا وراء المدى
وننسى الغدا
على صدرك الدافئ العاطر
كتهويمة الشاعر
تعالي فملء الفضاء
صدى هامس باللقاء
يوسوس دون انتهاء
**
على مقلتيك انتظار بعيد
وشيء يؤيد
ظلال
يغمغم في جانبيها سؤال
وشوق حزين
يريد اعتصار السراب
وتمزيق أسطورة الأولين
فيا للعذاب
جناحان خلف الحجاب
شراع ..
وغمغمة بالوداع !!

ناريمان الشريف 09-17-2010 10:40 PM

أسمعه يبكي



أسمعه يبكي يناديني
في ليلي المستوحد القارس
يدعو أبي كيف تخلّيني
وحدي بلا حارس
غيلان لم أهجرك عن قصد
الداء يا غيلان أقصاني
إني لأبكي مثلما أنت تبكي في الدجى وحدي
ويستثير الليل أحزاني
فكلما مرّ نهار و جاء
ليل من البرد
ألفيتني أحسب ما ظلّ في جيبي من النقد
أيشتري هذا القليل الشفاء ؟
سأطرق الباب على الموت في دهليز مستشفى
في البرد و الظلماء و الصمت
سأطرق الباب على الموت
في برهة طال انتظاري بها في معبر من دماء
و أرسل الطرفا
فلا أرى إلا الدجى و الخواء
يا ويلتي إن يفتح الباب
فأبصر الأموات من فرجته
يدعونني مالك ترتاب
بالموت ؟في هجعته
ما يعدل الدنيا و ما فيها
دفء نعاس خدر و ارتخاء
أوشك أن أعبر في برزخ من جامدات الدماء
تمتدّ نحوي كفّها كف أمي بين أهليها
لا مال في الموت و لا فيه داء
ثم تسدّ الباب كفّ الطبيب
تجرح في جسمي
و هاتفا باسمي
أسمع صوتا ناعسا قد أجيب
فيهزم الموت على صوتى
وربما استسلمت للموت

ناريمان الشريف 09-17-2010 10:41 PM

أسير القراصنة



أجنحة في دوحة تخفق
أجنحة أربعة تخفق
و أنت لا حب و لا دار
يسلمك المشرق
إلى مغيب ماتت النار
في ظله و الدرب دوار
أبوابه صامته تغلق
جيكور في عينيك أنوار
خافته تهمس
مات الصبي
لم تبق آثار
من فجره و انفرط المجلس
فالتل لا ساق و لا سامر باق و سمار
و أراهم في سفحة الموحش المهجور حفار
و تحسد الشحاذ إن لاحا
يمشي على عكازه البالي
مشلولة رجلاك مشدودة عيناك بالآل
و ألف درب دونك انداحا
يدعوك أن تقطعه في الدجى
و تقطف الأثمار عن جانبيه
و أنت لا تملك غير الشجى
و دمعة تجري اشتياقا إليه
عامان من نزع بلا موت
و أنت ما كنت سوى صوت
صوت يدوي في قلاع الرياح
يا ليتك المشا في صمت
لا عازف القيثار باسم الجراح
و أنت في سفينة القرصان
عبد أسير دون أصفاد
تقبع في خوف و إخلاد
تصغي إلى صوت الوغى و الطعان
سال الدم
اندقت رقاب و مال
ربانها العملاق
وقام ثان بعده ثم زال
فامتدت الأعناق
لأي قرصان سيأتي سواه
و أي قرصان ستعلو يداه
حينا على الأيدي
و ليأت من بعدي
من بعدي الطوفان
تسمعها تأتيك من بعد
يحملها الأعصار عبر الزمان

ناريمان الشريف 09-17-2010 10:41 PM

أظل من بشر



يا رب لو و جدت على عبدك بالرقاد
لعله ينسى
من عمره الأمسا
لعله يحلم أنه يسير دونما عصا و لا عماد
ويذرع الدروب في السحر
حتى تلوح غابة النخيل
تنوء بالثمر
بالخوخ والرمان والاعناب فيها يعصر الأصيل
رحيقه المشمس أو تألق القمر
يدخلها فيختفي تحت ذوائب الشجر
ويقطف الجنى
علق في رمانة عصاه وانثنى
يأكل أو يجمع الزهر
حتى أذا ما انطلقا
وراح يطوي الطرقا
أحس أو ذكر
بأنه بلا عصا سار وما شعر
يا رب لو جدت على عبدك بالرقاد
لأنه يذكره السهر
بأنه أقل من بشر

ناريمان الشريف 09-17-2010 10:42 PM

أعاصير



أصبح الكون وهو نور ونار
أيها الظالمون أين الفرار
الأعاصير تملأ الشرق والغرب
وقد جاش حولهن الشرار
كلما حاقت المنايا باعصر
نزا فوق نعشه اعصار
فالتهاب خبا فكان التهاب
وانفجار مضى فجاء انفجار
فاعصفي يا شعوب فالكون لا يرضيه
الا أن يعصف الأحرار
واحطمي القيد فوق هام الطواغيت
وثوري فالفائز الثوار
همسة فانتباهة فهتاف
فانتفاض فثورة وانتصار
هذه قصة الشعوب رواها
للولرى تاج قيصر المنهار
حرك الشرق عقرب الساعة الوسنى
فهبت تقول لاح النهار
فامض يا ليل ما عيون الجماهير
بعمياء أو عليها ستار
أيها الواقفون في زحمة الدنيا
وقد عصب الرؤوس الدوار
ان وقفتم فما أرى موقف التاريخ
يعتاق من خطاه انتظار
فاجعلوا في اليمين عرشا من الظلم
فما يعرف العرش اليسار
يا وجوه الجياع يا قصة أضحى
لها من مواطني أسفار
حاك أحداثها الرهبيات جلاد
زها سيفه الدميم اقتدار
أنت للجوع لاح اصفرار
وهو للتبر في يديه اصفرار
خيب المستبد لا يكتب التاريخ
ناب له ولا اظفار
انما نحن وارثو هذه الدنيا
لنا المجد كله والفخار
ان في صفرة الخريف انتفاضا
كلن من معجزاته أيار
قل لمن فض روحه الرعب واستل
السنا من عيونه الاندحار
نقل الطرف بين شرق وغرب
يحمد الطرف قلبك الستطار
تلق كأس الطغاة في كف ساقيها
حطاما تجف فيه العقار
في غد تسحق القيود ويهوي
فوق أشلاء تاجه استعمار
لألأ الصبح يا بلادي أيبقى
في حماك السفير والمستشار
ابعثي صرخة الجلاء ابعثيها
مثلما ترسل الهدير البحار
شبعك الحر ما انثنى عن نضال
لا فهيهات أن يدوم الأسار
وهو لو كان كوكبا يذرع الآفاق
ما حد من خطاه المدار
عالم الظالمين قد هدم المظلوم
ركنيه فاحتواه انهيار
فهو ان ظل واقفا كان للموت
وان سار فالمسير انتحار
موضع القيد بعد حين سيمسي
فوق انحانه الجريحات غار

ناريمان الشريف 09-17-2010 10:43 PM

أغنية الراعي



دعي أغنامنا ارعى حيال المورد العذاب
و هيا نعتلي الربوة يا فاتنة القلب
فنلقى تحتنا الوديان في ليل من العشب
خيالانا به طيف من الآمال و الحب
خطايا تبعث الذكرى بقلب الورد و الزهر
سيبقى في غد منها صدى ينساب في النهر
و في الأنداء ما ذابت على وقع خطى الفجر
و في أغنية الرعيان ما بين الربى الخضر
سئمنا العالم الفاني و الناس و مرعانا
لقد سجنوا بأغلال من الأنظار نجوانا
سننشد في أمان من عيون الناس مأوانا
ضعي يدك الجميلة في يدي و لنذهب الآنا
و من أثواب قطعانك يا ريحانة العمر
نحوك شراع زورقنا و نطوي لجة العمر
نغني الموج أغنية الرعاة على الربى الخضر
لقيثار روى أنغامه عن ربه الشعرا
نؤم جزيرة منسية في بحرها النائي
طوى الموج بشطيها جناحيه بأعياء
إليها أومأ المجداف لما ضلها الرائي
و أضحى دمعه يرسم أقمارا على الماء
سنبني كوخنا تحت الغصون بجانب النبع
و نملؤه بما شئناه من زهر و من شمع
و أنغام رواها الوتر السكران بالدمع
و عطر قطفت أزهاره من ذلك الجذع
ستهوي شفتانا فيه نحو القبلة الأولى
فيصغي في صداها خافق ما زال مبتولا
إلى همس المجاديف طواها الليل تقبيلا
إلى نجوى الينابيع بروض بات مطلولا
تعالي نهجر الآثام و الناس و دنيانا
لأرض سبقتنا نحوها بالسير روحانا
هناك نرى المنى و الحب و الأحلام ترعانا
ضعي يدك الجميلة في يدي و لنذهب الآنا

ناريمان الشريف 09-17-2010 10:44 PM

أغنية السلوان



تباعدنا فلا حزن على ما ضاع من قرب
و ليس الحب إلا الرحلة استلت قوى القلب
و هل يلقي انتهاء السفر الملاح في كرب
إذا ما راح يطوي اليم نحو الشاطيء الخصب
نفضنا قطرات الوصل بين الورد و العشب
إذا ما اهتزت الزهرة ألقت بالندى العذب
و أفردنا و في الإفراد بعض الخير للصب
تعيش الزهرة الفيناء في المنبسط الرحب
و تقضي وحشة الأيام بالتحديق في السحب
تنام على وسادة الشوك نائة عن الترب
و لا ترمقها عين فتنجو من أذى العطب
و إما زهرتان استوتا جنبا إلى جنب
سرت نجواهما تنسل بين العطر في السهب
فتسمعها الفراشات وراء التل و الشعب
فتضرب في الفضاء الرحب نحو المنبت الرطب
إذا ما ركض الطفل وراء فراشة السرب
فلاذت بصدور الزهر بعد الحوم و الجوب
فشأن الزهرتين القطف و الإذعان للخطب
عناق الحب فاجأه هوي المنجل الغضب
فيا للقبلة المشلولة الأصداء بالرعب
و كنا لوحتى نافذة في هيكل الحب
فلو لم نقترق لم ينقذ النور إلى القلب
و كنا كجناحي طائر في الأفق الرحب
فلولا النشر و التفريق لارتد إلى الترب
و لولا لم نبتعد لم تسم نفسانا عن الذنب
و كنا شفتي هذا القضاء مفرق الصحب
فلو ننفرج لم تضحك الأقدار من كربي

أسامة المهدي 09-17-2010 11:49 PM




غريب على الخليج



الريح تلهث بالهجيرة كالجثام، على الأصيل

و على القلوع تظل تطوى أو تنشّر للرحيل

زحم الخليج بهنّ مكتدحون جوّابو بحار

من كل حاف نصف عاري

و على الرمال ، على الخليج

جلس الغريب، يسرّح البصر المحيّر في الخليج

و يهدّ أعمدة الضياء بما يصعّد من نشيج

أعلى من العبّاب يهدر رغوه و من الضجيج"

صوت تفجّر في قرارة نفسي الثكلى : عراق

كالمدّ يصعد ، كالسحابة ، كالدموع إلى العيون

الريح تصرخ بي عراق

و الموج يعول بي عراق ، عراق ، ليس سوى عراق ‍‍

البحر أوسع ما يكون و أنت أبعد ما يكون

و البحر دونك يا عراق

بالأمس حين مررت بالمقهى ، سمعتك يا عراق

وكنت دورة أسطوانة

هي دورة الأفلاك في عمري، تكوّر لي زمانه

في لحظتين من الأمان ، و إن تكن فقدت مكانه

هي وجه أمي في الظلام

وصوتها، يتزلقان مع الرؤى حتى أنام

و هي النخيل أخاف منه إذا ادلهمّ مع الغروب

فاكتظّ بالأشباح تخطف كلّ طفل لا يؤوب

من الدروب

وهي المفليّة العجوز وما توشوش عن حزام

وكيف شقّ القبر عنه أمام عفراء الجميلة

فاحتازها .. إلا جديلة

زهراء أنت .. أتذكرين

تنّورنا الوهّاج تزحمه أكف المصطلين ؟

وحديث عمتي الخفيض عن الملوك الغابرين ؟

ووراء باب كالقضاء

قد أوصدته على النساء

أيد تطاع بما تشاء، لأنها أيدي الرجال

كان الرجال يعربدون ويسمرون بلا كلال

أفتذكرين ؟ أتذكرين ؟

سعداء كنا قانعين

بذلك القصص الحزين لأنه قصص النساء

حشد من الحيوات و الأزمان، كنا عنفوانه

كنا مداريه اللذين ينام بينهما كيانه

أفليس ذاك سوى هباء ؟

حلم ودورة أسطوانة ؟

إن كان هذا كلّ ما يبقى فأين هو العزاء ؟

أحببت فيك عراق روحي أو حببتك أنت فيه

يا أنتما - مصباح روحي أنتما - و أتى المساء

و الليل أطبق ، فلتشعّا في دجاه فلا أتيه

لو جئت في البلد الغريب إلى ما كمل اللقاء

الملتقى بك و العراق على يديّ .. هو اللقاء

شوق يخضّ دمي إليه ، كأن كل دمي اشتهاء

جوع إليه .. كجوع كلّ دم الغريق إلى الهواء

شوق الجنين إذا اشرأبّ من الظلام إلى الولادة

إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون

أيخون إنسان بلاده؟

إن خان معنى أن يكون ، فكيف يمكن أن يكون ؟

الشمس أجمل في بلادي من سواها ، و الظلام

حتى الظلام - هناك أجمل ، فهو يحتضن العراق

واحسرتاه ، متى أنام

فأحسّ أن على الوسادة

من ليلك الصيفي طلاّ فيه عطرك يا عراق ؟

بين القرى المتهيّبات خطاي و المدن الغريبة

غنيت تربتك الحبيبة

وحملتها فأنا المسيح يجرّ في المنفى صليبه ،

فسمعت وقع خطى الجياع تسير ، تدمي من عثار

فتذر في عيني ، منك ومن مناسمها ، غبار

ما زلت اضرب مترب القدمين أشعث ، في الدروب

تحت الشموس الأجنبية

متخافق الأطمار ، أبسط بالسؤال يدا نديّة

صفراء من ذل و حمى : ذل شحاذ غريب

بين العيون الأجنبية

بين احتقار ، و انتهار ، و ازورار .. أو ( خطيّة)

و الموت أهون من خطّية

من ذلك الإشفاق تعصره العيون الأجنبية

قطرات ماء ..معدنيّة

فلتنطفي، يا أنت ، يا قطرات ، يا دم ، يا .. نقود

يا ريح ، يا إبرا تخيط لي الشراع ، متى أعود

إلى العراق ؟ متى أعود ؟

يا لمعة الأمواج رنحهن مجداف يرود

بي الخليج ، ويا كواكبه الكبيرة .. يا نقود

ليت السفائن لا تقاضي راكبيها من سفار

أو ليت أن الأرض كالأفق العريض ، بلا بحار

ما زلت أحسب يا نقود ، أعدكنّ و أستزيد ،

ما زلت أنقص ، يا نقود ، بكنّ من مدد اغترابي

ما زلت أوقد بالتماعتكن نافذتي و بابي

في الضفّة الأخرى هناك . فحدثيني يا نقود

متى أعود ، متى أعود ؟

أتراه يأزف ، قبل موتي ، ذلك اليوم السعيد ؟

سأفيق في ذاك الصباح ، و في السماء من السحاب

كسر، وفي النسمات برد مشبع بعطور آب

و أزيح بالثؤباء بقيا من نعاسي كالحجاب

من الحرير ، يشف عما لا يبين وما يبين

عما نسيت وكدت لا أنسى ، وشكّ في يقين

ويضيء لي _ وأنا أمد يدي لألبس من ثيابي-

ما كنت ابحث عنه في عتمات نفسي من جواب

لم يملأ الفرح الخفي شعاب نفسي كالضباب ؟

اليوم _ و اندفق السرور عليّ يفجأني- أعود

واحسرتاه .. فلن أعود إلى العراق

وهل يعود

من كان تعوزه النقود ؟ وكيف تدّخر النقود

و أنت تأكل إذ تجوع ؟ و أنت تنفق ما تجود

به الكرام ، على الطعام ؟

لتبكينّ على العراق

فما لديك سوى الدموع

وسوى انتظارك ، دون جدوى ، للرياح وللقلوع



ناريمان الشريف 09-18-2010 11:20 AM

أشكرك أخي أسامة على تفضلك بالمشاركة بقصيدة من قصائد بدر شاكر السياب

تحية خالصة



...... ناريمان

ناريمان الشريف 09-18-2010 11:23 AM

أغنية بنات الجن



شعورنا بللها المطر
و أشعل القمر
فيها فوانيس فيا قوافل الغجر
بشعرنا اهتدى
سيري إلى السحر
سيري إلى الغد
نحن بنات الجن لا ننام
نهيم في الظلام
على ذرى التلال أو نركض في المقابر
نعشق كل عابر
نسمعه أغاني الشباب و الغرام
إن نزلت صبية فيها من البشر
و أوحشتها وحدة القبور أو دجنة الحفر
سرت أغانينا إليها تعبر التراب
تقول إن عريت فالثياب
تنسجها عناكب الشجر
و كل خيط من خيوطها يرن كالوتر
نامي إلى أن يؤذن القدر
و يحشر الموتى إلى الحساب
حبيبك الوفي مس ثغره ابتسام
فقد رأى سواك
بل رآك في قوامها الندي كالزهر
و هدبها و مقلتيها أشعل الهيام
في عينه السهر
رآك فيها فاشتهاك ليته انتظر
نلوح للطفل فراشات من الشعاع
تخفق في ذوائب الشجر
و يلمح العاشق في عيوننا الوداع
إذ يصفر القطار أو يصفق الشراع
و نحن للشاعر إن شعر
نلوح في الدخان و العقار
ننشد فلك سندباد ضل في البحر
حتى أتى جزيرة يهمس في شطآنها المحار
يهمس عن مليكة يحبها القمر
فلا يغيب عن سماء دارها النضار
فيهتف الشاعر خذنني إلى حماها
لأنني أهواها
لأنني القمر
و جن و انتحر
شعورنا بللها المطر
و يرشف القمر
منها إلى أن يقبل السحر
نركض في المقابر
نضل كل شاعر
و كل من عبر

ناريمان الشريف 09-18-2010 11:24 AM

أغنية قديمة



-1-
في المقهى المزدحم النائي, في ذات مساء
و عيوني تنظر في تعب,
في الأوجه و الأيدي و الأرجل و الخشب :
و الساعة تهزأ بالصخب
و تدق- سمعت ظلال غناء
أشباح غناء
تتنهد في الحاني, و تدور كإعصار
بال مصدور
ينتفس في كهف هار
في الظلمة منذ عصور
**
-2-
أغنية حب أصداء
تنأى و تذوب و ترتجف
كشراع ناء يجلو صورته الماء
في نصف اللليل.. لدى شاطيء إحدى الجزر
و أنا أصغي.. و فؤادي يعصره الأسف:
لم يسقط ظل يد القدر
بين القلبين ؟! لم أنتزع الزمن القاسي
من بين يدي و أنفاسي
يمناك ؟‍ و كيف تركتك تبتعدين كما
تتلاشى الغنوة في سمعي نغما نغما؟!
**
-3-
آه ما أقدم هذا التسجيل الباكي
و الصوت قديم
الصوت قديم
ما زال يولول في الحاكي
الصوت هنا باق أما ذات الصوت:
القلب الذائب إنشاداً
و الوجه الساهم كالأحلام فقد عادا
شبحا في مملكة الموت-
لا شيء- هنالك في العدم
و أنا أصغي و غداً سأنام عن النغم!
أصغيت فمثل إصغائي
لي وجه مغنيه كالزهرة حسناء
يتماوج في نبرات الغنوة كالظل
في نهر تقلقه الأنسام
في آخر ساعات الليل
يصحو و ينام
أأثور ؟‍ أأصرخ بالأيام و هل يجدي ؟‍
إنا سنموت
و سننسى في قاع اللحد ؟
حباً يحيا معنا و يموت !
**
-4-
ذرات غبار
تهتز و ترقص في سأم
في الجو الجائش بالنغم
ذرات غبار!
الحسناء المعشوقة مثل العشاق
ذرات غبار!
كم جاء على الموتى و الصوت هنا با-
ليل نهار!!
هل ضاقت مثلي بالزمن
تقويماً خط على كفن
ذرات غبار ؟‍!؟

ناريمان الشريف 09-18-2010 11:25 AM

أفياء جيكور



نافورة من ظلال من أزاهير
و من عصافير
جيكور جيكور يا حفلا من النور
يا جدولا من فراشات نطاردها
في الليل في عالم الأحلام و القمر
ينشرن أجنحة أندى من المطر
في أول الصيف
يا باب الأساطير
يا باب ميلادنا الموصول بالرحم
من أين جئناك من أي المقادير
من أيما ظلم
و أي أزمنة في الليل سرناها
حتى أتيناك أقبلنا من العدم
أم من حياة نسيناها
جيكور مسّي جبيني فهو ملتهب
مسّيه بالسّعف
و السنبل الترف
مديّ على الظلال السمر تنسحب
ليلاً فتخفي هجيري في حناياها
**
ظل من النخل أفياء من الشّجر
أندى من السّحر
في شاطيء نام فيه الماء و السّحب
ظل كأهداب طفل هدّه اللعب
نافورة ماؤها ضوء من القمر
أودّ لو كان في عينيّ ينسرب
حتى أحسّ ارتعاش الحلم ينبع من روحي و ينسكب
نافورة من ظلال من أزاهير
و من عصافير
**
جيكور ماذا ؟ أنمشي نحن في الزمن
أم أنه الماشي
و نحن فيه وقوف
أين أوله
و أين آخره
هل مر أطوله
أم مرّ أقصره الممتد في الشجن
أم نحن سيان نمشي بين أحراش
كانت حياة سوانا في الدياجير
هل أنّ جيكور كانت قبل جيكور
في خاطر الله في نبع من النور
جيكور مدي غشاء الظلّ و الزهر
سدي به باب أفكاري لأنساها
و أثقلي من غصون النوم بالثمر
بالخوخ و التين و الأعناب عارية من قشرها الخصر
ردي إليّ الذي ضيّعت من عمري
أيّام لهوى و ركضي خلف أفراس
تعدو من القصص الريفي و السّمر
ردي أبا زيد لم يصحب من الناس
خلاّ على السفر
إلاّ و ما عاد
ردي السندباد و بقد ألقته في جزر
يرتادها الرخ ريح ذات أمراس
جيكور لمى عظامي و انفضي كفني
من طينه و اغسلي بالجدول الجاري
قلبي الذي كان شباكا على النار
لولاك يا وطني
لولاك يا جنتي الخضراء يا داري
لم تلق أوتاري
ريحا فتنقل آهاتي و أشعاري
لولاك ما كان وجه الله من قدري
**
أفياء جيكور نبع سال في بالي
أبلّ منها صدى روحي
في ظلّها أشتهي اللقيا و أحلم بالأسفار و الرّيح
و البحر تقدح أحداق الكواسج في صخابه العالي
كأنها كسر من أنجم سقطت
كأنها سرج الموتى تقلبها أيدي العرائس من حال
أفياء جيكور أهواها
كأنها انسرحت من قبرها البالي
من قبر أمي التي صارت أضالعها التعبي و عيناها
من أرض جيكور ترعاني و أرعاها

ناريمان الشريف 09-18-2010 11:25 AM

أقداح و أحلام



أنا ما أزال وفي يدي قدحي
ياليل أين تفرق الشرب
ما زلت اشربها واشربها
حتى ترنح أفقك الرحب
الشرق عفر بالضباب فما
يبدو فأين سناك يا غرب؟
ما للنجوم غرقن ، من سأم
في ضوئهن وكادت الشهب ؟
أنا ما أزال وفي يدي قدحي
ياليل أين تفرق الشرب ؟
******
الحان بالشهوات مصطخب
حتى يكاد بهن ينهار
وكأن مصاحبيه من ضرج
كفان مدهما لي العار
كفان ؟! بل ثغران قد صبغا
بدم تدفق منه تيار
كأسان ملؤهما طلى عصرت
من مهجتين رماهما الحب
أو مخلبان عليهما مزق
حمراء تزعم أنها قلب
******
يا ليل ، أين تطوف بي قدمي ؟
في أي منعطف من الظلم
تلك الطريق أكاد أعرفها
بالأمس عتم طيفها حلمي
هي غمد خنجرك الرهيب ، وقد
جردته ومسحت عنه دمي
تلك الطريق على جوانبها
تتمزق الخطوات أو تكبو
تتثاءب الأجساد جائعة
فيها كما يتثاءب الذئب
******
حسناء يلهب عريها ظمأي
فأكاد أشرب ذلك العريا
وأكاد أحطمه ، فتحطمني
عينان جائعتان كالدنيا
غرست يد الحمى على فمها
زهرا بلا شجر فلا سقيا
إن فتحته بحرها شفة
ظمأى يعربد فوقها ندب
رقص اللهيب على كمائمه
ومشى الطلاء يهزه الوثب
******
عين يرنح هدبها نفسي
وفم يقطع همسه الداء
ويد على كتفي مجلجلة
واخجلتاه أتلك حواء
لا كنت آدمها ولا لفحت
فردوسي الخمري صحراء!
صوت النعاس يرن في أفقي
فتذوب ناعسة له السحب
وانثال ، من سهري على سهري
ينبوعه المتثائب الرطب
******
يا نوم بين جوانحي أمل
لم أدر ، قبلك أنه أمل
مثل الفراشة بات يحبسها
دوح بذائب طله خضل
لولا خفوق جناحها غفلت
بيض الأزاهر عنه والمقل
أنا من ظلالك بين أودية
عذراء كل مهادها عشب
هام الضباب على رفارفها
طل الوشاح ... كنجمة تخبو
******
ماذا أراه ؟! أطيفها مسحت
عنه التراب أنامل الغسق؟
هو يا فؤادي غيرها ، رفة
هو من دمائك أنت من حرقي
هو ما نحن إليه بادلني
حبي وفتح بالسنا أفقي
فإذا لثمت فغير خادعة
باتت لكل مخادع تصبو
أفكان سورا قام بينهما
بين الخيانه والهوى _ هدب ؟
******
خفقت ذوائبها على شفتي
وسنى فأسكر عطرها نفسي
نهر من الاطياب ارشفني
ريحا تريب مجابر الغلس
فكان ناديا ضمخته يدا
آذار غرد ليلة العرس
فغفا وما زالت ملاحنة
ملء الفضاء يعيدها الحب
أو أن سوسنة يراقصها
رجع الغناء بشعرها تربو
******
يا جسم طيفك ، انت يا شبحا
من ذكرياتي يا هوى خدعا
لعناتي الحنقيات ما برحت
تعتاد خدرك والظلام معا
خفقت بأجنحة الغراب على
عينيك تنشر حولك الفزعا
الصبح ، صبحك ، ضحك شامته
والليل ليلتك مضجع ينبو
وإذا هلكت غدا ، فلا تجدي
قبرا ومزّق صدرك الذئب ؟
******
والبوم يملأ عشه نتفا
من شعرك المتعفر النّخر
ويعود ثغرك للذباب لقي
ويداك مثقلتان بالحجز
لا تدفعان أذاه عن شفة
بالأمس اخرس لغوها وترى
وليسق من دمك الخبث غدا
دوح تعشش فوقه الغرب
تأوي الصلال الى جوانبه
غرثي ويعوي تحته الكلب

ناريمان الشريف 09-18-2010 11:27 AM

أم البروق



رأيت قوافل الأحياء ترحل عن مغانيها
تطاردها وراء الليل أشباح الفوانيس
سمعت نشيج باكيها
و صرخة طفلها و ثغاء صاد مواشيها
وفي وهج الظهيرة صارخا يا حادي العيس
على ألم مغنيها
و لكن لم أر الأموات يطردهن حفار
من الحفر العتاق و يترع الأطفان عنها أو يغطيها
و لكن لم أر الأموات قبل ثراك يجليها
مجون مدينة و غناء راقصة و خمّار
يقول رفيقي السكران دعها تأكل الموتى
مدينتا لتكبر تحضن الأحياء تسقينا
شرابا من حدائق برسفون تعلّنا حتى
تدور جماجم الأموات من سكر مشى فينا
مدينتنا منازلنا رحى و دروبها نار
لهامن لحمنا المعروك خبز فهو يكفيها
علام تمد للأموات أيديها و تختار
تلوك ضلوعها و تقيئها للريح تسفيها
تسلّل ظلها الناريّ من سجن و مستشفى
ومن مبغى و من خمارة من كل ما فيها
و سار على سلالم نومنا زحفا
ليهبط في سكينة روحنا ألما فيبكيها
و كانت إذ يطلّ الفجر تأتيك العصافير
تساقط كالثمار على القبور تنقّر الصمتا
فتحلم أعين الموتى
بكركرة الضياء و بالتلال يرشّها النور
و تسمع ضجة الأطفال أمّ ثلاثة ضاعوا
يتامى في رحبا الأرض إن عطشوا و إن جاعوا
فلا ساق و لا من مطعم في الكوخ ظلو و اعتلى النعش
رؤوس ألقوم و الاكتاف ..أفئدة و أسماع
و لا عين ترى الأمّ التي منها خلا العشّ
و في الليل
إذا ما ذرذر الأنوار في أبد من الظلمة
ودبّت طفلة الكفّين عارية الخطى نسمة
تلمّ من المدينة كالمحار و كالحصى من شاطيء رمل
نثار غنائها و بكائها لم تترك العتمة
سوى زبد من الأضواء منثور
يذوب على القبور كأنه اللبنات في سور
يباعد عالم الأموات عن دنيا من الذلّ
من الأغلال و البوقات و الآهات و الزّحمة
و أوقدت المدينة نارها في ظلّة الموت
تقلّع أعين الأموات ثم تدسّ في الحفر
بذور شقائق النعمان تزرع حبة الصمت
لتثمر بالرنين من النقود و ضجّة السفر
و قهقهة البغايا و السكارى في ملاهيها
و عصّرت الدفين من النهود بكل أيديها
تمزّقهن بالعجلات و الرقصات و الزمر
و تركلهنّ كالأكر
تفجرها الرياح على المدارج في حواشيها
و حيث تلاشت الرعشات و و الأشواق و الوجد
و عاد الحب ملمس دودة و أنين أعصار
تثاءبت المدينة عن هوى كتوقد النار
تموت بحرها ورمادها و دخانها الهاري
و يا لغة على الأموات أخفى مندجى الغابة
ترددها المقاهي ذلك الدلال جاء يريد أتعابه
إذا سمعوك رن كأنه الجرس الجديد يرن في السحر
صدى من غمغمات الريف حول مواقد السمر
إذا ما هزت الأنسام مهد السنبل الغافي
و سال أنين مجداف
كأن الزورق الأسيان منه يسيل في حلم
عصرت يديّ من ألم
فأين زوارق العشاق من سيارة تعدو
ببنت هوى ؟ و أين موائد الخمار من سهل يمد موائد القمر ؟
على أمواتك المتناثرين بكل منحدر
سلام جال فيه الدمع و الآهات و الوجد
على المتبدلات لحودهم و الغاديات قبورهم طرقا
و طيب رقادهم أرقا
يحنّ إلى النشور و يحسب العجلات في الدرب
و يرقب موعد الربّ

ناريمان الشريف 09-18-2010 11:29 AM

أم كلثوم و الذكرى



و أشرب صوتها فيغوص من روحي إلى القاع
و يشعل بين أضلاعي
غناء من لسان النار يهتف سوف أنساها
و أنسى نكبتي بجفائها و تذوب أوجاعي
و أشرب صوتها فكأن ماء بويب يسقيني
و أسمع من وراء كرومه و رباه ها ها هو
ترددها الصبايا السمر من حين إلى حين
و أشرب صوتها فكأن زورق زفة و أنين مزمار
تجاوبه الدرابك يعبران الروح في شفق من النار
يلوح عليه ظل وفيقة الفرعاء أسود يزفر الآها
سحائب من عطور من لحون دون أوتار
و أشرب صوتها فيظل يرسم في خيالي صف أشجار
أغازل تحتها عذراء أواها
على أيامي الخضراء بعثرها وواراها
زواج ليت لحن العرس كان غناء حفار
و قرعا للمعاول و هي تحفر قبري المركوم منه القاع بالطين
و أذكرها و كيف ( و جسمها أبقى على جسمي
عبيرا منه دفئا غلف الأضلاع ) أنساها
أأنساها أأنسى ضحكة رعشت على لحمي
و أعصابي و كفا مسحت وجهي برياها
قساة كل من لاقيت لا زوج ولد
و لا خل و لا أب أو أخ فيزيل من همي
و لكن ما تبقى بعد من عمري و ما الأبد
بعمري
أشهر و يريحني موت فأنساها

ناريمان الشريف 09-18-2010 11:30 AM






وهذه القصيدة من أشهر ما كتب الشاعر .. إنها :
أنشودة المطر



عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ ،
أو شُرفتان راح ينأى عنهما القمر .
عيناك حين تبسمان تورق الكرومْ
وترقص الأضواء ... كالأقمار في نهَرْ
يرجّه المجذاف وهْناً ساعة السَّحَر
كأنما تنبض في غوريهما ، النّجومْ ...
وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيفْ
كالبحر سرَّح اليدين فوقه المساء ،
دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريف ،
والموت ، والميلاد ، والظلام ، والضياء ؛
فتستفيق ملء روحي ، رعشة البكاء
ونشوةٌ وحشيَّةٌ تعانق السماء
كنشوة الطفل إِذا خاف من القمر !
كأن أقواس السحاب تشرب الغيومْ
وقطرةً فقطرةً تذوب في المطر ...
وكركر الأطفالُ في عرائش الكروم ،
ودغدغت صمت العصافير على الشجر
أنشودةُ المطر ...
مطر ...
مطر ...
مطر ...
تثاءب المساء ، والغيومُ ما تزالْ
تسحُّ ما تسحّ من دموعها الثقالْ .
كأنِّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام :
بأنَّ أمّه – التي أفاق منذ عامْ
فلم يجدها ، ثمَّ حين لجّ في السؤال
قالوا له : "بعد غدٍ تعودْ .. "
لا بدَّ أن تعودْ
وإِنْ تهامس الرفاق أنهَّا هناكْ
في جانب التلّ تنام نومة اللّحودْ
تسفّ من ترابها وتشرب المطر ؛
كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباك
ويلعن المياه والقَدَر
وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ .
مطر ..
مطر ..
أتعلمين أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر ؟
وكيف تنشج المزاريب إِذا انهمر ؟
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع ؟
بلا انتهاء – كالدَّم المراق ، كالجياع ،
كالحبّ ، كالأطفال ، كالموتى – هو المطر !
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ
سواحلَ العراق بالنجوم والمحار ،
كأنها تهمّ بالشروق
فيسحب الليل عليها من دمٍ دثارْ .
أَصيح بالخليج : " يا خليجْ
يا واهب اللؤلؤ ، والمحار ، والرّدى ! "
فيرجعُ الصّدى
كأنّه النشيجْ :
" يا خليج
يا واهب المحار والردى .. "
أكاد أسمع العراق يذْخرُ الرعودْ
ويخزن البروق في السّهول والجبالْ ،
حتى إِذا ما فضَّ عنها ختمها الرّجالْ
لم تترك الرياح من ثمودْ
في الوادِ من أثرْ .
أكاد أسمع النخيل يشربُ المطر
وأسمع القرى تئنّ ، والمهاجرين
يصارعون بالمجاذيف وبالقلوع ،
عواصف الخليج ، والرعود ، منشدين :
" مطر ...
مطر ...
مطر ...
وفي العراق جوعْ
وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ
لتشبع الغربان والجراد
وتطحن الشّوان والحجر
رحىً تدور في الحقول ... حولها بشرْ
مطر ...
مطر ...
مطر ...
وكم ذرفنا ليلة الرحيل ، من دموعْ
ثم اعتللنا – خوف أن نلامَ – بالمطر ...
مطر ...
مطر ...
ومنذ أنْ كنَّا صغاراً ، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء
ويهطل المطر ،
وكلَّ عام – حين يعشب الثرى – نجوعْ
ما مرَّ عامٌ والعراق ليس فيه جوعْ .
مطر ...
مطر ...
مطر ...
في كل قطرة من المطر
حمراءُ أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ .
وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراة
وكلّ قطرة تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسم جديد
أو حُلمةٌ تورَّدتْ على فم الوليدْ
في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة !
مطر ...
مطر ...
مطر ...
سيُعشبُ العراق بالمطر ... "
أصيح بالخليج : " يا خليج ..
يا واهب اللؤلؤ ، والمحار ، والردى ! "
فيرجع الصدى
كأنَّه النشيج :
" يا خليج
يا واهب المحار والردى . "
وينثر الخليج من هِباته الكثارْ ،
على الرمال ، : رغوه الأُجاجَ ، والمحار
وما تبقّى من عظام بائسٍ غريق
من المهاجرين ظلّ يشرب الردى
من لجَّة الخليج والقرار ،
وفي العراق ألف أفعى تشرب الرَّحيقْ
من زهرة يربُّها الفرات بالنَّدى .
وأسمع الصدى
يرنّ في الخليج
" مطر ..
مطر ..
مطر ..
في كلّ قطرة من المطرْ
حمراء أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ .
وكلّ دمعة من الجياع والعراة
وكلّ قطرةٍ تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديد
أو حُلمةٌ تورَّدت على فم الوليدْ
في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة . "
ويهطل المطرْ ..

ناريمان الشريف 09-18-2010 11:31 AM

أهواء



أطلي على طرفي الدامع
خيالا من الكوكب الساطع
ظلا من الأغصن الحالمات
على ضفة الجدول الوادع
وطوفي أناشيد في خاطري
يناغين من حبّي الضائع
يفجّرن من قلبي المستفيض
ويقطرن في قلبي السامع
******
لعينيك للكوكبين اللذين
يصبان في ناظريّ الضياء
لنبعين، كالدهر، لا ينضبان
ولا يسقيان الحيارى الظماء
لعينيك ينثال بالأغنيات
فؤاد أطال انثيال الدماء
يودّ، إذا ما دعاك اللسان
على البعد لو ذاب فيه النداء
******
يطول انتظاري، لعلي أراك
لعلي، ألاقيك بين البشر
سألقاك. لا بد لي أن أراك
وإن كان بالناظر المحتضر
فديت التي صوّرتها مناي
وظل الكرى في هجير السهر
أطلي على من حباك الحياة
فأصبحت حسناء ملء النظر!
******
اطلي فتاة هواي والخيال
على ناظر الرؤى عالق
بعشرين من ريقات السنين
عبرن المدرات في خافقي
بعشرين كلاّ وهبت الربيع
وما فيه من عمري العاشق
فما ظل إلا الربيع صغير
أخبّيه للموعد الرائق
******
سأروي على مسمعيك الغداة
أحاديث سمّيتهن الهوى
وأنباء قلب غريق السراب
شقيّ التداني ، كئيب النوى
أصيخي .. فهذي فتاة الحقول
وهذا غرام هناك انطوى
اتدرين عن ربة الراعيات ؟
عن الريف ؟ عما يكون الجوى
******
هو الريف هل تبصرين النخيل ؟
وهذي أغانيه هل تسمعين
وذاك الفتى شاعر في صباه
وتلك التي علمته الحنين
هي الفنّ من نبعت المستطاب
هي الحبّ من مستقاه الحزين
رآها تغني وراء القطيع
كـ( بنلوب ) تستمهل العاشقين
*****
فما كان غير التقاء الفؤادين
في خفقة منهما عاتية
وما كان غير افترار الشفاة
بما يشبه البسمة الحانية
وكان الهوى ، ثم كان اللقاء
لقاء الحبيبين في ناحية
فما قال : أهواك ، حتى ترامى
عياء على ضفة الساقية
******
وأوفى على العاشقين الشتاء
ويوم دجا في ضحاه السحاب
خلا الغاب ما فيه إلا النّخيل
وإلا العصافير فهو ارتقاب
وبين الحبيبين في جانبيه
من السّعف في كل ممشى حجاب
فما كان إلا وميض أضاء
ذرى النخل وانحل غيم وذاب
******
ويا سدرة الغاب كيف استجارا
بأفنانك الناطفات المياه
رآها وقد بلّ من ثوبها
حيا زخ فاستقبلتها يداه
على الجدع يستدفئان الصدور
على موعد كل آه بآه
سلي الجدع كيف التصاق الصدور
بهزّاتها، وابتعاد الشفاه ؟
******
أشاهدت يا غاب رقص الضياء
على قطرة بين اهدابها ؟
ترى أهي تبكي بدمع السماء
أساها وأحزان أترابها ؟
ولكنّها كل نور الحقول
ودفء الشذى بين اعشابها
وأفراح كلّ العصافير فيها
وكلّ الفراشات في غابها
******
وذاك الخصام الذي لو يفدّي
لفديت ساعته بالوئام
أفدّيه من أجل يوم ترفّ
يد فيه أو لفتة بالسلام
ومن أجل عينين لا تستطيعان
ان تنظرا دون ظل ابتسام
تذوب له قسوة في الأسارير
كالصحو ينحل عنه الغمام
******
خصاماً ولما نعلّ الكؤوس ؟
أحطّمتها قبل أن نسكرا ؟
خصاماً ، وما زال بعض الربيع
نديّاً على الصيف مخضوضرا ؟
خصاماً ؟ فهل تمنعين العيون
إذا لألأ النّور أن تنظرا؟
وهل توقفين انعكاس الخيال
من النهر، أن يملك المعبرا ؟
******
أغاني شبابتي تستبيك
وتدنيك مني، ففيم الجفاء ؟
كأن قوى ساحر تستبدّ
بأقدامك البيض، عند المساء
ويفضي بك الدّرب حيث استدار،
إلى موعدي بين ظلّ وماء
على الشطّ، بين ارتجاف القلوع
وهمس النخيل، وصمت السماء
******
وحجبت خدّيك عن ناظري
بكفيك حينا وبالمروحات
سأشدو وأشدو فما تصنعين
اذا احمر خدّاك للأغنيات ؟
وأرخيت كفيك مبهورتين
وأصغيت، واخضل حتى الموات
إلى أن يموت الشعاع الاخير
على الشرق، والحب، والأمنيات
******
وهيهات، إن الهوى لن يموت
ولكنّ بعض الهوى يأفل
كما تأفل الأنجم الساهرات
كما يغرب الناظر المسبل،
كما تستجمّ البحار الفساح
ملّيا، كما يرقد الجدول
كنوم اللظى، كانطواء الجناح
كما يصمت الناي والشمأل !
******
أعام مضى والهوى ما يزال
كما كان، لا يعتريه الفتور
أهذا هو الصيف يوفي علينا
فناقااه ثانية، كالزهور
ولكنهمن زهور الخلود
فلا اظمأت ريّهنّ الحرور
ولا نال من لونهمن الشتاء
ولا استترفت عطرهن الدهور
******
أغانيّ ، والغاب قفر الوكون
حبيس النسائم تحت الدوالي
ترى ماؤه، لاتّقاد الهجير
حريقا بما فوقه من ظلال
وفوق التعاشيب، حيث الغصون
ينئون بافيائهن الثقال
لها مضجع هدهدته العطور
أأبصرت كيف اضطجاع الجمال؟
******
أأمسيت استحضر الذكرات
وما كان بالامس كل الحياة؟
أضاعت حياتي ؟ أغاب الغرام
أماتت على الاغنيات الشفاه؟
أنمسي، ومازال غاب النخيل
خضيلا وما زال فيه الرعاه،
حديثا على موقد لسامرين :
أحبّا، وخابا فوا حسرتاه؟
******
أناديك لو تسمعين النداء
وأدعوك أدعوك! يا للجنون
إذا رن في مسمعيك الغداة
من المهد صوت الرضيع الحنون
ونادى بك الزوّج أن ترضعيه
ونادى صدى أخفتته السنون
فما نفعها صرخة من لهيب
أدوّي بها ؟ من عساني أكون؟
******
أعفّرت من كبرياء النداء؟
وأرجعت آمادي القهقرى؟
نسيت التي صورتها مناي
وناديت انثى ككل الورى ؟
واعرضت عن مسمع في السماء
إلى مسمع في تراب القرى !
أتصغي فتاة الهوى والخيال
وأدعو فتاة الهوى والثرى؟
******
وودعت سجواء بين الحقول
ودنيا عن الشر في معزل
وخلفت في كل ركن خصيل
من الريف ذكرى هوى أول
قصاصات أوراقي الهامسات
بشعري على ضفه الجدول
وجذعا كتبت اسمها الحلو فيه
ونايا يغني مع الشمأل
******
فمن هذه المسترق القلوب
صبى ملؤها روحة الطافره
أما كنت ودعت تلك العيون
الظليلات والخصله النافرة؟
كأني ترشفت قبل الغداة
سنى هذه النظرة الآسرة !
أما كان في الريف شيء كهذا ؟
اما تشبة الربة الغابرة؟!
******
مشى العمر ما بيننا فاصلا
فمن لي بأن أسبق الموعد ؟
ولكنه الحبّ منه الزمان
ثوان ومما احتواه المدى
أراها فانفض عنها السنين
كما تنفض الريح برد الندى
فتغدو وعمري أخو عمرها
ويستوقف المولد المولدا
******
وهل تسمع الشعر إن قلته
وفي مسمعيها ضجيج السنين
أطلت على السبع من قبل عشر
ين عاما وما كنت الا جنين ؟
وأمسى ولم تدر أنت الغرام
هواها حديث الورى أجمعين
لقد نبّأوها بهذا الهوى
فقالت : وما أكثر العاشقين ؟!
******
أمن قلبه انثان هذا النشيد
إليها، إلى الذئبة الضاريه ؟
ولو لم يكن فيه طعم الدماء
ما استشعرت رنة القافية
وما زالت تسبيه غمّازتان
تبوحان بالبسمة الخافية
وما زالتا تذكران الخيال
بما كان في الأعصر الخالية
******
وبالحب والغادة المستبد
صباها به ، يلعبان الورق
وكيف استكان الإله الصغير
فألقى سهام الهوى والحنق
رهان، رمى فيه غمّازتيه
وورد الخدود، ونور الحدق
لك الله ، كيف اقتحمت القرون
ولم يخب في وجنتيك الألق ؟
******
كأن ابتسامتها والربيع
شقيقتان ، لولا ذبول الزهر
أآذار ينثر تلك الورود
على ثغرها ؟ أم شعاع القمر ؟
ففي ثغرها افترّ كل الزمان
وما عمر آذار إلا شهر
وبالروح فديت تلك الشفاه
وان أذكروني بكاس القدر !
******
أطلي على طرفي الدامع
خيالا من الكوكب الساطع
وظلا من الأغصن الحالمات
على ضفة الجدول الوادع
وطوفي أناشيد في خاطري
يناغين من حبي الضائع
يفجرن من قلبي المستفيض
ويقطرن في قلبي السامع

حميد درويش عطية 09-18-2010 02:16 PM

وفي العراق جوعْ
وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ
لتشبع الغربان والجراد
وتطحن الشّوان والحجر
رحىً تدور في الحقول ... حولها بشرْ
مطر ...
مطر ...
مطر

--------------------------------------------

إختياراتٌ رائعة
أختي ناريمان
من قصائد ِ شاعر ٍ
هو خالد ٌ في قلوبنا
في وجداننا
رحمكَ اللهُ تعالى
شاعرَنا .. بدر شاكر السياب
كأنكَ معنا
تشاهدُ العراق
و تحسُ معاناةَ أهل ِ العراق
( وفي العراق جوعْ
وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ
لتشبع الغربان والجراد
وتطحن الشّوان والحجر
)

شكرا ً أختي الفاضلة
و تقبلي تحيتي

18 / 9 / 2010

ناريمان الشريف 09-18-2010 03:36 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حميد درويش عطية (المشاركة 21867)
وفي العراق جوعْ
وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ
لتشبع الغربان والجراد
وتطحن الشّوان والحجر
رحىً تدور في الحقول ... حولها بشرْ
مطر ...
مطر ...
مطر

--------------------------------------------

إختياراتٌ رائعة
أختي ناريمان
من قصائد ِ شاعر ٍ
هو خالد ٌ في قلوبنا
في وجداننا
رحمكَ اللهُ تعالى
شاعرَنا .. بدر شاكر السياب
كأنكَ معنا
تشاهدُ العراق
و تحسُ معاناةَ أهل ِ العراق
( وفي العراق جوعْ
وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ
لتشبع الغربان والجراد
وتطحن الشّوان والحجر
)

شكرا ً أختي الفاضلة
و تقبلي تحيتي

18 / 9 / 2010

أشكرك أخي حميد
حضورك يسرني
أما الشاعر بدر شاكر السياب فإنني أطرب على كلماته
فهو شاعر العراق الرائع وسندبادها



تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 09-18-2010 03:38 PM

إتبعيني



أتبعيني
فالضحى رانت به الذكرى على شط بعيد
حالم الأغوار بالنجم الوحيد
و شراع يتوارى و اتبعيني
همسة في الزرقة الوسنى و ظل
من جناح يضمحل
في بقايا ناعسات من سكون
في بقايا من سكون
في سكون !
**
هذه الأغوار يغشاها خيال
هذه الأغوار لا يسبرها إلا ملال
تعكس الأمواج في شبه انطفاء
لونه المهجور في الشط الكئيب
في صباح و مساء
و أساطير سكارى ... في دروب
في دروب أطفأ الماضي مدمها
و طواها
فاتبعيني .. إتبعيني
**
اتبعيني ... ها هي الشطآن يعلوها ذهول
ناصل الألوان كالحلم القديم
عادت الذكرى به ساج كأشباح نجوم
نسي الصبح سناها و الأفول
في سهاد ناعس بين جفون
في وجوم الشاطيء الخالي كعينيك انتظار
و ظلال تصبغ الريح و ليل و نهار
صفحة زرقاء تجلو في برود
و ابتسام غامض ظل الزمان
للفراغ المتعب البالي على الشط الوحيد
إتبعيني في غد يأتي سوانا عاشقان
في غد حتى و إن لم تتبعني
يعكس الموج على الشط الحزين
و الفراغ المتعب المخنوق أشباح السنين
**
أمس جاء الموعد الخاوي و راحا
يطرق الباب على الماضي على اليأس عليا
كنت وحدي أرقب الساعة تقتات الصباحا
و هي ترنو مثل عين القاتل القاسي إليا أمس في الأمس الذي لا تذكرينه
ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته
و اختفى في ظلمة الليل قليلا فقليلا
و تناءت في ارتخاء و توان
غمغمات مجهدات و أغاني
و تلاشت تتبع الضوء الضئيلا
أقبلي الآن ففي الأمس الذي لا تذكرينه
ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته
و اختفى في ظلمة الليل قليلا فقليلا


.... يتبع

ناريمان الشريف 09-18-2010 03:39 PM

إقبال و الليل



و ما وجد ثكالي مثل وجدي إذا الدجى
تهاوين كالأمطار بالهم و السهد
أحن إلى دار بعيد مزارها
وزغب جياع يصرخون على بعد
و أشفق من صبح سيأتي و أرتجي
مجيئا يجلو من اليأس و الوجد
الليل طار و نهاري حين يقبل بالقصير
الليل طال نباح آلاف الكلاب من الغيوم
ينهل ترفعه الرياح برن في الليل الضرير
و هتاف حراس سهارى يجلسون على الغيوم
الليل و اعشاق ينتظرون فيه على سنا النجم الأخير
يا ليل ضمخك العراق
بعبير تربته و هدأة مائه بين النخيل
إني أحسك في الكويت و أنت تثقل بالأغاني و الهديل
أغصانك الكسلى و يا ليل طويل
ناحت مطوقة بباب الطاق في قلبي نذكر بالفراق
في أي نجم مطفأ الأنوار يخفق في المجرة
ألقت بي الأقدار كالحجر الثقيل
فوق السرير كأنه التابوت لولا أنه ودم
يراق
في غرفة كالقبر في أحشاء مستشفى حوامل
بالأسة
يا ليل أين هو العراق
أين الأحبة أين أطفالي وزوجي و الرفاق
يا أم غيلان الحبيبة صوبي في الليل نظرة
نحو الخليج تصوريني أقطع الظلماء وحدي
لولاك ما رمت الحياة و لا حننت إلة الديار
حببت لي سدف الحياة مسحتها بسنا النهار
لم توصدين الباب دوني بالجواب القفار
وصل المدينة حين أطبقت الدجى و مضى النهار
و الباب أغلق فهو يسعى في الظلام بدون قصد
و خوض في الظلماء سمعي تشده
بجيكور آهات تحدرن في المد
بكاء و فلاحون جوعى صغارهم
تصبرهم عذراء تحنو على مهد
يغني أساها خافق النجم بالأسى
و تروي هواها نسمة الليل بالورد
أين الهوى مما ألاقي و الأسى مما ألاقي
يا ليتني طفل يجوع يئن في ليل العراق
أنا ميت ما زال يحتضر الحياة
و يخاف من غده المهدد بالمجاعة و الفراق
إقبال مدي لي يديك من الدجى و من الفلاه
جسي جراحي و امسحيها بالمحبة و الحنان
بك ما أفكر لا بنفسي مات حبك في ضحاه
و طوى الزمان بساط عرسط و الصبي في
العنفوان

ناريمان الشريف 09-18-2010 03:40 PM

إلى جميلة بو حيرد



لا تسمعيها إن أصواتنا
تخزى بها الريح التي تنقل
باب علينا من دم مقفل
و نحن في ظلمائنا نسأل
من مات ؟ م يبكيه ؟ من يقتل
من يصلب الخبز الذي نأكل
نخشى إذا وارايت أمواتنا
أن يفزع الأحياء ما يبصرون
إذ يقفر الكهف الذي يأهلون
إن عربد الوحش الذي يطعمون
من أكبد الموتى فمن يبذل
يا أختنا المشبوحة الباكية
أطرافك الدامية
يقطرن في قلبي و يبكين فيه
يا من حملت الموت عن رافعيه
من ظلمة الطين التي تحتويه
إلى سماوات الدم الوارية
حيث التقى الإنسان و الله و الأموات و الأحياء في شهقة
في رعشة للضربة القاضية
الأرض أم الزهر و الماء و الأسماك و الحيوان و السنبل
لم تبل في إرهابها الأول
من خضة الميلاد ما تحملين
ترتج قيعان المحيطات من أعماقها ينسح فيها حنين
و الصخر منشد بأعصابه حتى يراها في انتظار الجنين
الأرض ؟ أم أنت التي تصرخين
في صمتك المكتظّ بالآخرين
في ذلك الموت المخاض المحب المبغض المنفتح المقفل
و نحن أم أنت التي تولدين
أسخى من الميلاد ما تبذلين
و الموت أقسى منه من كل ما عاناه أجيال من الهالكين
أنّ الذي من دونه الجلجلة
و السوط و السّجان و المقصله
أن الذي يفيدك أتفتدين
غير الذي آذه بالنار أو بالعار و الماء الذي تشربين
عبء من الآجال ما أثقله
كم حاول الجلاد أن يترله
كم ودّ أن تلقيه إذ تعجزين
مشبوحة الأطراف فوق الصليب
مشبوحة العينين عبر الظلام
يأتيك من وهران يا للزحام
حشد مشع باشتعال المغيب
يأتيك كل الناس كل الأنام
يرجون مما تبذلين الطعام
و الأمن و النعماء و العافية
و أنت مثل الدوحة العارية
لم يبق منك البغي إلا الجذور
الموت واه دونها و النشور
فيها و تجري دونك الساقية
ما شب في وهران من برعم
أو أزهرت في أطلس عوسجه
إلا ودبت في مسيل الدم
نمنه منعشة مبهجة
توحي بأن الأرض ظلت تدور
طاحونة للقاتل المجرم
تستحق منه واهن الأعظم
و أن ألوان الأذي و العذاب
ذخر لنا نجلوه يوم الحساب
نسقي به الباغين نروي التراب
من لفحة أن الهوى و الشباب
لم يذهبا أن البعاد اقتراب
أن من الدمع الذي تسكبين
أسلحة في أذرع الثائرين
جاء زمان كان فيه البشر
يفدون من أبنائهم للحجر
يا رب عطشى نحن هات المطر
رو العطاشى منه روّ الشجر
و جاء حين عاد فيه البشر
يفدون بالأنعام ما تحبس السماء في أعماقها من قدر
و جاء عصر سار فيه الإله
عريان يدمي كي يروّي الحياه
و اليوم و لى محفل الآلهه
اليوم يفدي ثائر بالدماء
الشيب و الشبان يفدي النساء
يفدي زروع الحقل يفدي النماء
يفدي دموع الأيّم الوالهة
بالأمس دوى في ثرى يثرب
صوت قوي من فقير نبي
ألوى ببغي الصخر لم يضرب
و حطم التيجان أي انطلاق
في مصر في سوريّة في العراق
في أرضك الخضراء كان انعتاق
بالأمس و ارى قومك الآلهة
عشتار أم الخصب و الحب و الاحسان تلك الربّة الوالهة
لم تعط ما أعطيت لم ترو بالأمطار ما روّيت قلب الفقير
لم يعرف الحقد الذي يعرفون
و الحسد الآكل حتى العيون
نحن بنو الفقر الذي يزعمون
في كل عصر أنهم وارثوه
قابيل فينا ما تهاوى أخوه
من ضربة الحقد التي يضربون
يوم ابتدأنا كان عبء السماء
ملقى على أطلس
يزحمه بالمنكب الأملس
ثم ارتقى إيفل تم البناء
فانحط ذاك العبء حينا عليه
ثم انطلقنا نحن من جانبيه
حتى حملنا عبئها كل ما فيها من الأبراج و الأنجم
يا أختنا المشبوحة الباكية
أطرافك الدامية
يقطرن في قلبي و يبكين فيه
لم يلق ما تلقين أنت المسيح
أنت التي تفدين جرح الجريح
أنت التي تعطين لا قبض ريح
يا أختنا يا أمّ أطفالنا
يا سقف أعمالنا
يا ذروة تعلو لأبطالنا
ما حزّ سوط البغي في ساعديك
إلا و في غيبوبة الأنبياء
أحسست أن السوط أن الدماء
أنّ الدجى أن الضحايا هباء
من أجل طفل ضاحكته السماء
فرحان في أرضه
و بعضه فرحان من بعضه
أحسسته يحبو على راحتيك
سمعته يضحك في مسمعيك
يهتف يا جميلة
يا أختى النبيلة
يا أختي القتيلة
لك الغد الزاهي كما تشتهين
و أنت إذ أحسست إذ تسمعين
تعلو بك الآلام فوق التراب
فوق الذرى فوق انعقاد السحاب
تعلين حتى محفل الآلهة
كالربة الواهلة
كالنسمة التائهة
لا تسمعيها إنّ أصواتنا
تخزى بها الريح التي تنقل
باب علينا من دم مقفل
و نحن نحصي ثم أمواتنا
الله لولا أنت يا فادية
ما أثمرت أغصاننا العارية
أو زنبقت أشعارنا القافية
إنا هنا في هوة داجية
ما طاف لولا مقلتاك الشعاع
يوما بها نحن العراة الجياع
لا تسمعي ما لفقوا ما يذاع
ما زينوا ما خط ذاك اليراع
إنا هنا كوم من الأعظم
لم يبق فينا من مسيل الدم
شيء نروي منه قلب الحياة
إنا هو الموت حفاة عراة
لا تسمعيها إن أصواتنا
تخزى بها الريح التي تنقل
باب علينا من دم مقفل
و نحن في ظلمائنا نسأل
من مات ؟ من يبكيه ؟ من يقتل ؟
يا نفحة من عالم الآلهة
هبّت على أقدامنا التائهة
لا تمسحيها من شواظ الدماء
إنا سنمضي في طريق الفناء
و لترفعي اوراس حتى السماء
حتى تروى من مسيل الدماء
أعراق كل الناس كل الصخور
حتى نمسّ الله
حتى نثور

ناريمان الشريف 09-18-2010 04:25 PM

إليك شكاتي



ليرك لم يخفق فؤادي و لا هفا
بجنبي فلب ضارب في التفجع
ولا ذرفت عيناي دمعا إذا جرت
بوادره طاف اشتياقي بمدمعي
فرحماك لا تستترفي دمع ناظري
فدمعي إذا ما هاجني الشوق مفزعي
يسير بأحلامي لوديان حبها
فترتد بالطيف الحبيب لمضجعي
به أذكر الحب القديم فإن نأى
تبينت في فقد الحبيبين مصرعي
ولولا خيال في الدجى منك عادني
لذاب مع الأنفاس قلب بأضلعي
فيا نفحة للحب ملء جوانحي
و يا نبأة للوحي طافت بمسمعي
إليك شكاتي فامسحي من أضالعي
سطور جوى فوق الفؤاد بأدمع
إلى أفق أحلامي ففي سرحاته
لنا موعد يحلو فخفي له معي
هناك لروحنا على الحب ملتقى
يزوقه طهر الهوى المتضوع
و ما الحب إلا يقظة بعد هجعة
فلا تجعليه صحوة المتفجع

ناريمان الشريف 09-18-2010 04:26 PM

إمام باب الله



منطرحا أمام بابك الكبير
أصرخ في الظلام أستجير
يا راعي النمال في الرمال
و سامع الحصاة في قرارة الغدير
أصيح كالرعود في مغاور الجبال
كآهة الهجير
أتسمع النداء ؟ يا بوركت تسمع
و هل تجيب إن سمعت ؟
صائد الرجال
و ساحق النساء أنت يا مفجّع
يا مهلك العباد بالرجوم و الزلازل
يا موحش المنازل
منطرحا أمام بابك الكبير
أحس بانكسارة الظنون في الضمير
أثور ؟ أغضب
وهل يثور في حماك مذنب
**
لا أبتغي من الحياة غير ما لديّ
الهري بالغلال بزحم الظلام في مداه
وحقلي الحصيد نام في ضحاه
نفضت من ترابه يدي
ليأت في الغداة
سواي زارعون أو سواي حاصدون
لتنثر القبور و السنابل السنون
اريد أن أعيش في سلام
كشمعة تذوب في الظلام
بدمعة أموت و ابتسام
تعبت من توقد الهجير
أصارع العباب فيه و الضمير
و من ليالي مع النخيل و السراج و الظنون
أتابع القوافي
في ظلمة البحار و الفيافي
و في متاهة الشكوك و الجنون
تعبت من صراعي الكبير
أشقّ قلبي أطعم الفقير
أضيء كوخة بشمعة العيون
أكسوه بالبيارق القديمة
تنث من رائحة الهزيمة
تعبت ربيعي الأخير
أراه في اللقاح و الأقاح و الورود
أراه في كل ربيع يعبر الحدود
تعبت من تصنع الحياة
أعيش بالأمس و أدعو أمسي الغدا
كأنني ممثل من عالم الردى
تصطاده الأقدار من دجاه
و توقد الشموع في مسرحه الكبير
يضحك للفجر و ملء قلبه الهجير
تعبت كالطفل إذا أتعبه بكاه
**
أود لو أنام في حماك
دثاري الآثام و الخطايا
و مهدي اختلاجه البغايا
تأنف أن تمسّني يداك
أود لو أراك من يراك ؟
أسعى إلى سدّتك الكبيرة
في موكب الخطاة و المعذبين
صارخة أصواتنا الكسيرة
خناجرا تمزّق الهواء بالأنين
وجوهنا اليباب
كأنها ما يرسم الأطفال في التراب
لم تعرف الجمال و الوسامة
تقضت الطفوله انطفا سنا الشباب
وذاب كالغمامة
ونحن نحمل الوجوه ذاتها
لا تلفت العيون إذ تلوح للعيون
و لا تشفّ عن نفوسنا و ليس تعكس التفاتها
إليك يا مفجّر الجمال تائهون
نحن نهيم في حدائق الوجوه آه
من عالم يرى زنابق الماء على المياه
و لا يرى المحار في القرار
و اللؤلؤ الفريد في المحار
منطرحا أصيح أنهش الحجار
أريد أن أموت يا إله

ناريمان الشريف 09-18-2010 04:28 PM

ابن الشهيد

و تراجع الطوفان لملم كل أذيال المياه
و تكشف قمم التلال سفوحها و قرى السهول
أكواخها و بيوتها خرب تناثر في فلاه
عركت نيوب الماء كل سقوفها و مشى الذبول
فيما يحيط بهن من شجر فآه
آه على بلدي عراقي : أثمر الدم في الحقول
حسكا و خلف جرحة التتري ندبا في ثراه
يا للقبور كأن عاليها سفلا و غار إلى الظلام
مثل البذور تنام ظلم الثمار و لا تفيق
يتنفس الأحياء فيها كل وسوسة الرغام
حتى يموتوا في دجاها مثلما اختنق الغريق
جثث هنا ودم هناك
وفي بيوت النمل مد من الجفون
سقف يقرمده النجيع و في الزوايا
صفر العظام من الحنايا
ماذا تخلف في العراق سوى الكآبه و الجنون
أرأيت أرملة الشهيد
الوزج مد عليه من ترب لحافا ثم نام
متمددا بأشد ما تجد العظام
من فسحة سكنت يداه على الأضالع
و العيون
تغفو إلى أبد الإله إلى القيامة في سلام
رمت الرداء العسكري و نشرته على الوصيد
لثمته فانتفض القماش يرد برد الموت
برد المظلمات من القبور
يا فكرها عجبا ثقبت بنارك الأبد البعيد
يا فكر شاعرة يفتش عن قواف للقصيد
ماذا وجدت وراء أمسي و عبر يومّك من دهور
الثأر يصرخ كل عرق كل باب
في الدار يا لفم تفتّح كالجحيم من الصخور
من كل ردن في الرداء من النوافذ و الستور
من عيني ابنك يا شهيد تسائلان بلا جواب
عنك الأسرة و الدروب و تسألان عن المصير
مذ ألبسته الأم ثوبك في معاركك الأثير
و يداه في الردنين ضائعتان و الصدر الصغير
في صدرك الأبوي عاصفة تغلف بالسحاب
ورنا إلى المرآة
أبصرت فيه شخصك في الثياب
أبني كان أبوك نبعا من لهيب من حديد
سوراً من الدم و الرعود
ورماه بالأجل العميل فخر واها كالشهاب
لكن لمحا منه شع وفض اختام الحدود
و أضاء وجه الفوضوي ينز بالدم و الصديد
و كأن في أفق العروبة منه خيطا من رغاب
و تنفس الغد في اليتيم و مد في عينيه شمسه
فرأى القبور يهب موتاهن فوجا بعد فوج
أكفانها هرئت
و لكن الذي فيها يضم إليه أمسه
ويصيح يا للثار يا للثار
يصدى كل فج
و ترنّ أقيبة المساجد و المآذن بالنداء
و ينام طفلك و هو يحلم بالمقابر و الدماء

ناريمان الشريف 09-18-2010 04:29 PM

اتبعيني



أتبعيني
فالضحى رانت به الذكرى على شط بعيد
حالم الأغوار بالنجم الوحيد
وشراع يتوارى واتبعيني
همسة في الزرقة الوسنى وظل
من جناح يضمحل
في بقايا ناعسات من سكون
في بقايا من سكون
في سكون !
**
هذه الأغوار يغشاها خيال
هذه الأغوار لا يسبرها إلا ملال
تعكس الأمواج في شبه انطفاء
لونه المهجور في الشط الكئيب
في صباح ومساء
وأساطير سكارى ... في دروب
في دروب أطفأ الماضي مداها
وطواها
فاتبعيني .. إتبعيني
**
اتبعيني ... ها هي الشطآن يعلوها ذهول
ناصل الألوان كالحلم القديم
عادت الذكرى به ساج كأشباح نجوم
نسي الصبح سناها والأفول
في سهاد ناعس بين جفون
في وجوم الشاطيء الخالي كعينيك انتظار
وظلال تصبغ الريح وليل ونهار
صفحة زرقاء تجلو في برود
وابتسام غامض ظل الزمان
للفراغ المتعب البالي على الشط الوحيد
اتبعيني في غد يأتي سوانا عاشقان
في غد حتى وإن لم تتبعني
يعكس الموج على الشط الحزين
والفراغ المتعب المخنوق أشباح السنين
**
أمس جاء الموعد الخاوي وراحا
يطرق الباب على الماضي على اليأس عليا
كنت وحدي .. أرقب الساعة تقتات الصباحا
وهي ترنو مثل عين القاتل القاسي إليا
أمس.. في الأمس الذي لا تذكرينه
ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته
واختفى في ظلمة الليل قليلا فقليلا
وتناءت في ارتخاء وتوان
غمغمات مجهدات وأغاني
وتلاشت تتبع الضوء الضئيلا
أقبلي الآن ففي الأمس الذي لا تذكرينه
ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته
واختفى في ظلمة الليل قليلا فقليلا

ناريمان الشريف 09-18-2010 04:30 PM

احتراق



و حتى حين أصهر جسمك الحجريّ في ناري
و أنزع من يديك الثلج تبقى بين عينينا
صحارى من ثلوج تنهك الساري
كأنك تنظرين إليّ من سدم و أقمار
كأنّا منذ كنّا في انتظار ما تلاقينا
و لكن انتظار الحبّ لقيا أين لقيانا ؟
تمزق جسمك العاري
تمزق تحت سقف الليل نهدك بين أظفاري
تمزق كل شيء من لهيبي غير أستار
تحجّب فيك ما أهواه
كأني أشرب الدم منك ملحا ظلّ عطشانا
من استسقاه أين هواك ؟ أين فؤادك العاري ؟
أسد عليك باب الليل ثم أعانق البابا
فألثم فيه ظلي ذكرياتي بعض أسراري
و أبحث عنك في ناري
فلا ألقاك لا ألقى رمادك في اللظى الواري
سأقدف كل نفسي في لظاها كل ما غابا
و ما حضرا
أريدك فاقتليني كي أحسّك
واقتلي الحجرا
بفيض دم بنار منك و احترقي بلا نار ؟

ناريمان الشريف 09-18-2010 04:31 PM

ارم ذات العماد



من خلل الدخان من سيكاره
من خلل الدخان
من قدح الشاي وقد نشر وهو يلتوي ازاره
ليحجب الزمان والمكان
حدثنا جد أبي فقال يا صغار
مقامرا كنت مع الزمان
نقودي الأسماك لا الفضة والنضار
والورق الشباك والوهار
وكنت ذات ليله
كأنما السماء فيها صدا وقار
أصيد في الرميله
في خورها العميق أسمع المحار
موسوسا كأنما يبوح للحصى وللقفار
بموطن اللؤلؤة الفريده
فأرهف السمع لعلي أسمع الحوار
وكان من ندى الخريففي الدجى بروده
تدب منها رعشة في جسدي فأسحب الدثار
وانفرج الغيم فلاحت نجمة وحيده
ذكرت منها نجمتي البعيده
تنام فوق سطحها وتسمع الجرار
تنضح يا وقع حوافر على الدروب
في عالم النعاس ذاك عنتر يجوب
دجى الصحارى ان حي عبلة المزار
فسرت والسماء وجهتي ولا دليل
أرقب نجمها الوحيد والشعاع
يخفت أو يؤج مانعا ومانحا وكالشراع
ترفع أو تحطه الرياح في الصراع
أسرت ألف خطوة أسرت ألف ميل
لم أدر الا أنني أمالمني السحر
الى جدار قلعة بيضاء من حجر
كأنما الأقمار منذ ألف عام
كانت له الطلاء
كأنما النجوم في المساء
سلن عليه ثم فاض حوله الظلام
وسرت حول سورها الطويل
أعد بالخطى مداه مثل سندباد
يسير حول بيضة الرخ ولا يكاد
يعود حيث ابتدأ
حتى تغيب الشمس غشى نورها سواد
حتى اذا ما رفع الطرف رأى وما رأى
حتى بلغت في الجدار موضع العماد
تقوم فيه كالدجى بوابة رهيبه
غلفها الحديد مد حولها نحيبه
أراه بالعيون لا تحسه المسامع
وقفت عندها أدق
يا صدى أراجع
أنت من المقابر الغريبه
أحس في الصدى
برودة الردى
أشم فيه غفن الزمان والعوالم العجيبه
من ارم وعاد
وحين كل ساعدي
وملني الوقوف في الظلام
كناسك كعابد
يرفضه الاله في معبده يظل لا ينام
ولا يريد الماء والطعام
يصيح كن على الهوى مساعدي
يا رافع السماء يا موزع الغمام
جلست عند بابها كسائل ذليل
جلست أسمع الصدى كأنه العويل
يلهث خلف حائط من حجر ثقيل
كان بين دقة ودقة يمر ألف عام
وما أجاب العدم الخواء
وحين أوشك الصباح يهمس الضياء
نعست نمت واستفقت مر ألف جيل
الشمس والفلاه
والغيم والسماء
وكل ما أراه
هنالك حيث كان سورها المياه
تشع في الخليج
وقال جدنا ولج في النشيج
ولن أراها بعد ان عمري انقضى
وليس يرجع الزمان ما مضى
سوف أراها فيكم فأنتم الأريج
بعد ذبول زهرتي فان رأى ارم
واحدكم فليطرق الباب ولا ينم
ارم
في خاطري من ذكرها ألم
حلم صباي ضاع آه ضاع حين تم
وعمري انقضى

ناريمان الشريف 09-18-2010 04:33 PM

اقداح و احلام



أنا ما أزال و في يدي قدحي
ياليل أين تفرق الشرب
ما زلت اشربها و اشربها
حتى ترنح افقك الرحب
الشرق عفر بالضباب فما
يبدو فاين سناك يا غرب؟
ما للنجوم غرقن ، من سأم
في ضوئهن و كاد الشهب ؟
أنا ما ازال و في يدي قدحي
ياليل اين تفرق الشرب ؟
الحان بالشهوات مصطخب
حتى يكاد بهن ينهار
و كأن مصاحبيه من ضرج
كفان مدهما لي العار
كفان ؟!بل ثغران قد صبغا
بدم تدفق منه تيار
كأسان ملؤهما طلى عصرت
من مهجتين رماهما الحب
آو مخلبان عليهما مزق
حمراء تزعم انها قلب
يا ليل ، اين تطوف بي قدمي ؟
في اي منعطف من الظلم
تلك الطريق أكاد أعرفها
بالامس عتم طيفها حلمي
هي غمد خنجرك الرهيب ، و قد
جردته و مسحت عنه دمي
تلك الطريق على جوانبها
تتمزق الخطوات او تكبو
تتثاءب الاجساد جائعة
فيها كما يتثاءب الذئب
حسناء يلهب عريها ظمأي
فاكاد اشرب ذلك العليا
و أكاد احطمه ، فتحطمني
عينان جائعتان كالدنيا
غرست يد الحمى على فمها
زهرا بلا شجر فلا سقيا
ان فتحته بحرها شفة
ظماى يعربد فوقها ندب
رقص اللهيب على كمائمه
و مشى الطلاء يهزه الوثب
عين يرنح هدبها نفسي
وفم يقطع همسه الداء
ويد على كتفي مجلجلة
و اخجلتاه اتلك حواء
لا كنت آدمها و لا لفحت
فردوسي الخمري صحراء
صوت النعاسيرن في افقي
فتذوب ناعسة له السحب
و انثال ، من سهري على سهري
ينبوعه المتثائب الرطب
يا نوم بين جوانحي امل
لم ادر ، قبلك انه امل
مثل الفراشة بات يحبسها
دوح بذائب طله خضل
لولا خفوق جناحها غفلت
بيض الازاهر عنه و المقل
انا من ظلالك بين اودية
عذراء كل مهادها عشب
هام الضباب على رفارفها
طل الوشاح ... كنجمة تخبو
ماذا اره ؟!اطيفها مسحت
عنه التراب انامل الغسق
هو يا فؤادي غيرها ، رفة
هو من دمائك انت من حرقي
هو ما نحن اليه بادلني
حبي و فتح بالسنا افقي
فاذا لثمت فغير خادعة
باتت لكل مخادع تصبو
افكان سورا قام بينهما
بين الخيانه و الهوى _ هدب ؟
خفقت ذوائبها على شفتي
و سنى فأسكر عطرها نفسي
نهر من الاطياب ارشفني
ريحا تريب مجابر الغلس
فكان ناديا ضمخته يدا
آذار غرد ليلة العرس
فغفا و ما زالت ملاحنة
ملء الفضاء يعيدها الحب
او ان سوسنة يراقصها
رجع الغناء بشعرها تربو
يا جسم طيفك ، انت يا شبحا
من ذكرياتي يا هوى خدعا
لعناتي الحنقيات ما برجت
تعتاد خدرك و الظلام معا
خفقت باجنحة الغراب على
عينيك تنشر حولك الفزعا
الصبح ، صبحك ، ضحك شامته
و الليل ليلتك مضجع ينبو
و اذا هلكت غدا ، فلا تجدي
قبرا و كزق صدرك الذئب ؟
و البوم يملاعشته نتفا
من شعرك المتعفر النخر
و يعود ثغرك للذباب لقي
و يداك مثقلتان بالحجز
لا تدفعان أذاه عن شفة
بالامس اخرس لغوها و ترى
و ليسق من دمك الخبث غدا
دوح تعشش فوقه الغرب
تأوي الصلال الى جوانبه
غرثي و يعوي تحته الكلب

حميد درويش عطية 09-18-2010 05:12 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 21903)
أشكرك أخي حميد
حضورك يسرني
أما الشاعر بدر شاكر السياب فإنني أطرب على كلماته
فهو شاعر العراق الرائع وسندبادها



تحية ... ناريمان

و أنا بدوري أشكرك ِ أيضا ً
على هذا المطر الذي ينهمرُ
و يسقط بغزارة

و اسمحي لي أختي ناريمان
أن أصححَ معلومة ًوردت في ردك ِ أعلاه
أنتِ تقولين :
[ فهو شاعر العراق الرائع وسندبادها ]
اما أنا فأقول :
[ بل هو شاعرُ العرب الرائع و سندبادهم ]
اليسَ كذلك أختي الفاضلة ؟؟؟
تحياتي لكِ و امتناني

18 / 9 / 2010

ناريمان الشريف 09-20-2010 07:55 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حميد درويش عطية (المشاركة 21972)
و أنا بدوري أشكرك ِ أيضا ً
على هذا المطر الذي ينهمرُ
و يسقط بغزارة

و اسمحي لي أختي ناريمان
أن أصححَ معلومة ًوردت في ردك ِ أعلاه
أنتِ تقولين :
[ فهو شاعر العراق الرائع وسندبادها ]
اما أنا فأقول :
[ بل هو شاعرُ العرب الرائع و سندبادهم ]
اليسَ كذلك أختي الفاضلة ؟؟؟
تحياتي لكِ و امتناني

18 / 9 / 2010

كم تسعدني متابعتك أخي حميد
أهلاً بك دوماً قارئاً جيداً


من القلب تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 09-20-2010 07:56 AM

الأسلحة والأطفال
( بدر شاكر السياب )


الأسلحة والأطفال
عصافير أم صبية تمرح
عليها سنا من غد يلمح
وأقدامها العاريه
محار يصلصل في ساقيه
لأذيالهم رفة الشمأل
سرت عبر حقل من السنبل
وهسهسة الخبز في يوم عيد
وغمغمة الأم باسم الوليد
تناغيه في يومه الأول
كأني أسمع خفق القلوع
وتصخاب بحاره السندباد
رأى كتره الضخم بين الضلوع
فما اختار الاه كترا وعادا
صدى عابر من وراء العصور
من الكهف والغاب والمعبد
سرى دافئا من عروق الصخور
وازميل نحاتها المجهد
يغني بأشواقه العاتيه
الينا الى القمه العاليه
الى أن يفل الردى بالحياه
وتلقاه أجيالها الآتيه
على صخرة حملتها يداه
تحاياه في بسمة في الشفاه
وفي أعين حجرت مقلتاه
عليها دموعها الجاريه
صدى رجعته الأكف الصغار
يصفقن في الشارع المشرق
كخفق الفراشات مر النهار
عليها بفانوسه الأزرق
وكم من أب آيب في المساء
الى الدار من سعيه الباكر
وقد زم من ناظريه العناء
وغشاهما بالدم الخاثر
تلقاه في الباب طفل شرود
يكركر بالضحكة الصافيه
فتنهل سمحاء ملء الوجود
وتزرع آفاقه الداجيه
نجوما وتنسيه عبء القيود
وهم في ليالي الشتاء الطوال
ربيع من الدفء والعافيه
تلم العجائز فيه الورود
ويلمحن عهد الصبا ثانيه
ويرقصن بين التلال
يرجحن أرجوحة في الخيال
بعذراء في ليلة مقمره
وفي ظل تفاحة مزهره
تنام العصافير فيها
وهم في الصباح
خطى خافقات على السلم
وأيد على أوجه النوم
يدغدغنها في مزاح
وأغنية من أغاني الطريق
يلحن سوى لحنها الأول
وشأو من الصوت مستعجل
وهم رفقة الأم اذ تستفيق
واذ تشعل النار في الموقد
كخيط ترى فيه بدء الغد
عصافير أم صبية تمرح
أم الماء من صخرة ينضج
فيخضل عشب وتندى زهور
زهور ونور
وقبرة تصدح
وتفاحة مزهرة
لخفق العصافير فيها
صدى قبلة الأم تلقى بنيها
دعيني فما تلك بالقبرة
دعيني أقل أنه البلبل
وان الذي لاح ليس الصباح
أتلك السفين التى تعول
علىمرفا ناوحته الرياح
تلوح منهاأكف الجنود
لألف كجولييت فوق الرصيف
وداعا وداع الذي لا يعودا
وأم كما استوحشت في الخريف
وراء الدجى دوحة عاريه
وفرت عصافيرها الشاديه
عصافير أم صبية تمرح
أم الماء من صخرة ينضح
ولكن على جثة داميه
وقبرة تصدح
ولكن على خربة باليه
عصافير
بل صبية تمرح
وعمارها في يد الطاغية
وألحانها الحلوة الصافيه
تغلغل فيها نداء بعيد
حديد عتيق
رصاص
حديد
وكالظل من ياشق في الفضاء
اذا اجتاح كالمدية الماضيه
عصافير تشدو على رابيه
ترامى الى الصبية الأبرياء
نداء تنشقت فيه الدماء
حديد عتيق
حديد عتيق
رصاص فحتى كأن الهواء
رصاص وحتى كأن الطريق
حديد عتيق
وينفض كالمعول الحافر
صدى راعب من خطى التاجر
له الويل ماذا يؤيد
حديد عتيق
رصاص
حديد
لك الويل من تاجر أشأم
ومن خائض في مسيل الدم
ومن جاهل أن ما يشتريه
لدرء الطوى والردى عن بنيه
قبور يوارون فيها بنيه
حديد عتيق
رصاص000ص
حديد
حديد عتيق لموت جديد
حد00يد
لمن كل هذا الحديد
لقيد سيلوى على معصم
ونصل على حلمة أو وريد
وقفل على الباب دون العبيد
وناعورة لاغتراف الدم
رصاص
لمن كل هذا الرصاص
لأطفال كورية البائسين
وعمال مرسيليا الجائعين
وأبناء بغداد والآخرين
اذا ما أرادوا الخلاص
حديد
رصاص
رصاص
رصاص
حديد
وأصغي الى التاجر
وأصغي الى الصبية الضاحكين
وكالنصل قبل انتباه الطعين
وكالبرق ينفض في خاطري
ستار وكالجرح اذ يترف
أرى الفوهات التى تقصف
تسد المدى واللظى والدماء
وينهل كالغيث ملء الفضاء
رصاص ونار ووجه السماء
عبوس لما اصطك فيه الحديد
حديد ونار حديد ونار
وثم ارتطام وثم انفجار
ورعد قريب ورعد بعيد
وأشلاء قتلى وأنقاض دار
حديد عتيق لغزوجديد
حديد ليندك هذا الجدار
بما خط في جانبيه الصغار
و ما استودعوا من امان كبار
سلام
كان السنا في الحروف
تخطى اليها ظلام الكهوف
بامال انسانها الاول
و ما اختط من صورة في الحجار
تحدى بها الموت فهي انتصار
و توق الى العالم الافضل
حديد
رصاص
حديد عتيق
رصاص ليخلو هذا الطريق
من الضحكة الثرة الصافيه
و خفق الخطى و الهتاف الطروب
فمن يملا الدار عند الغروب
بدفء الضحى و اخضلال السهوب
لظى الحقد في مقلة الطاغيه
و رمضاء انفاسه الباقيه
يطوفان بالدار عند الغروب
و اطلالها الباليه
حديد عتيق
نحاس عتيق
و اصداء صفارة للحريق
حديد حديد
و ام تبيع السرير العتيق
تبيع الحديد الذي امس كان
مهادا عليه التقا عاشقان
و شد نداء الحياة العميق
دراعا باخرى فما تخفقان
فيا حسرتا حين يمسى غدا
شظايا تدوي و بعض المدى
تنحى بها عن ذراع ذراع
و ينهد مهد و يخبو شعاع
امن حيث كان التقاء الشفاه
على الحب ينسجن خيط الحياه
يحوك الردا غزله الاسودا
دما او دخانا يحوك الردى
شباكا من النار حول البيوت
على صبية او صبايا تموت
و يرتد حتى حديد السرير
جناحا عليه المنايا تغير
و حتى الذي في عيون الدمى
من المعدن الزئبقي الحسير
رصاصا ابح الصدى مرزما
حديد عتيق حديد حديد
و اقدامها العاريه
محار يصلصل في ساقيه
و يعتاد بالي كرعد بعيد
ضجيج الخطى و انهيار الصخور
و خفق الفوانيس في المنجم
و ما نض من عاريات الظهور
و ما انسح في سعلة من دم
و ملء السنا من غبار الحديد
نواقيس فيها يرن السكون
و اجراس مركبة من بعيد
يخف لها صبية يلعبون
نواقيس في الفجر و اليوم عيد
و في الماء اضلال جسر جديد
و همس النواعير و الزارعون
و في كل حقل كنبض الحياه
تهز المحاريث قلب الثرى
و تبني القرى
قرى طينها من رميم الطغاه
و تخضل حتى الصخور الضنينه
و يثمر حتى سراب الفلاه
مدينه
فاخرى فاخرى الى منتهاه
حديد حديد
و اقدامها العاريه
و خفق الفوانيس في المنجم
و اعماقه الرطبة الداجيه
كظل الردى فاغرات الفم
كبئر من الظلمة الطاميه
ستمتاح منها الوف القبور
و يهوي من الزعزع العاتيه
عمى من دجاها على كل نور
على النور من باب كوخ مضاء
ومن كوة في خيام الرعاء
ومن شرفة ظلها الياسمين
دعيني اقل انة البلبل
وان الذي لاح ليس الصباح
على النور من موقد السامرين
ومن مدرج بالسنا يغسل
على كل نور تذر الرياح
ظلال الطواغيت في المنجم
كناعورة لاغتراف الدم
تذر الرياح الرياح الرياح
أراجيح في الملعب المظلم
وخفق الفوانيس والأنجم
وخفق الخطى والأكف الصغار
وخفق الفراشات مر النهار
عليها بفانوسه المعتم
فمن يملأ الدار عند الغروب
بدفء الضحى واخضلال السهوب
رصاص حديد رصاص حديد
وآهات ثكلى وطفل شريد
ومن يفهم الأرض أن الصغار
يضيقون بالحفرة الباردة
اذا استترلوها وشط المزار
فمن يتبع الغيمة الشارده
ويلهو بلقط المحار
ويعدو على ضفة الجدول
ويسطو على العش والبلبل
ومن يتهجى طوال النهار
ومن يلثع الراء في المكتب
ومن يرتمي فوق صدر الأب
اذا عاد من كده المتعب
ومن يؤنس الأم في كل دار
أسى موجع أن يموت الصغار
أسى ذقت منه الدموع الدموع
أجاجا ومثل اللظى في الفم
وأحسست فيه اشتعال الدم
بعيني من نازفات الضلوع
عويل من القرية النائية
وشيخ ينادي فتاه الغريق
بهذا الطريق وذاك الطريق
ويسعى الى الضفة الخالية
يسائل عنه المياه
ويصرخ بالنهر يدعو فتاه
ومصاباحه الشاحب
يغني سدى زيته الناضب
محال تراه
ويحتو على الصفحة القاتمه
يحدق في لهفة عارمه
فما صادفت مقلتاه
سوى وجهه المكفهر الحزين
ترجرجه رعشة في المياه
تغمغم لا لن تراه
حديد عتيق ورعب جديد
حديد
رصاص
لأن الطغاه
يريدون ألا تتم الحياه
مداها وألا يحس العبيد
بأن الرغيف الذي يأكلون
أمر من العلقم
وأن الشراب الذي يشربون
أجاج بطعم الدم
وأن الحياه الحياه انعتاق
وأن ينكروا ما تراه العيون
فلا بيدر في سهول العراق
ولا صبية في الضحى يلعبون
ولا همس طاحونه من بعيد
ولا يطرق الباب ساعي البريد
يبشرى ولا مترل
يضيء الدجى منه نور وحيد
سخي كما استضحك الجدول
ولا هدهدات ولا جلجل
يرن بساق الوليد
وبين الربى في رقاب الجداء
ولا وسوس الشاي فوق الصلاء
ولا قصة في ليالي الشتاء
لأن الطواغيت لا يسمعون
صداح العصافير في المغرب
كما صلصل الفضة القامرون
ولا زفة السنبل المذهب
لأن الطواغيت لا يحلمون
بغير المبيعات والأسهم
ان الطواغيت لا يسمعون
سوى رة الفلس والدرهم
لأن الطواغيت لا يبصرون
على الشاطىء الأسيوي البعيد
سوى أن سوقا يباع الحديد
وتستهلك الريح والنار فيها
تدر العطايا على فاتحيها
بأقدام أطفالنا العاريه
يمينا وبالخبز والعافيه
اذا لم نعفر جباه الطغاه
على هذه الأرجل الحافيه
وأنلم نذوب رصاص الغزاه
حروفا هي الأنجم الهاديه
فمنهن في كل دار كتاب
ينادي ففي واصدأي يا حراب
وأن لم نضو القرى الداجيه
ولم نخرس الفوهات الغضاب
ونجل المغيرين عن آسيه
فلا ذكرتنا بغير السباب
أواللعن أجيالنا الآتيه
سلام على العالم الأرحب
على الحقل والدار والمكتب
على معمل للدمى والنسيج
على العش والطائر الأزغب
على التوت وسنان فيه الأريج
ووقح المجاديف في المغرب
على زهرة في وساد العروس
على صبية في انتظار الأب
على شاعر تستحم الشموس
بعينيه يصغي الى جندب
سلام على العالم الأرحب
سلام على الكنج فاض النعيم
ورنت أغاريد في ضفتيه
قرى من سنا عاصرات عليه
عناقيد من ضوئهن العظيم
سلام على الصين والحاصدين
وصياد أسماكها الأسمر
وما أنبتت من دم الثائرين
وما افتر في البيرق الأحمر
على صبية في قراها البعاد
وفي ظل تفاحها المزهر
وما جررت في ليالي الحصاد
ثيان العذراى على البيدر
سلام لأن الربيع
يمر بودياننا كل عام
وما زال قوس الغمام
ولولا الذي كدسوا من نضار
به يستضيئون دون النهار
تجوع الملايين عن جانبيه
وينحط في كل يوم عليه
دم من عروق الورى أو نثار
كذر الغبار
لما هزت الأمهات المهود
على هوة من ظلام اللحود
ولم تذرف الدمع عبر البحار
وعبر الصحارى نساء الجنود
ولم يرفع الزراع الأشيب
الى مقلتيه اليد الراجفه
يحدق في عتمة العاصفه
ويصغي وفي روعه القاصفه
ولم يبك صرعى بنيه الأب
جزوعا بأن يثكل الآخرين
ولا شردت نومة العاشقين
كوابيس من أعين الهالكين
وارنان صفارة تنعب
وغى فاستفاقوا ولا كوكب
ولا لمعة من سراج تبين
سوى قعقعات السلاح
وعصف الرياح
ولا ساءل الأم طفل غرير
ألا بلدة ليس فيها سماء
فلا قاذفات المنايا تغير
وى من شظايا تسد الفضاء
ولا اختض في الصرصر اللاجئون
ولألاء يافا تراه العيون
وقد حال من دونه الغاصبون
بما أشرعوا من عطاش الحراب
وما استأجروا من شهود كذاب
وما صفحوا بالردى من حصون
سلام على العالم الأرحب
على مشرق منه أو مغرب
سلام لآفون لروى عروق
شكسبير والزهر والداليه
أفق شاعر النور أن الشروق
تهدده غيمة داجيه
سعى مكبث تحتها في احتراس
لقتل النعاس
لقتل النعاس البريء
سلام لباريس روبسبيي
والوار والغابة الحالمه
وعشاقها في المساء الأخير
تذريهم قوة ظالمه
كدوامة من رياح السعير
على تونس من لظاها ظلال
وحول الرباط المدمى هدير
وفي جيرة الصين حل انخذال
بقطعانها الفظة الضارية
لك المجد يا أسيه
سلام لفينيس والكرنفال
وأضوائه الثرة الزاهيه
وهمس المحبين بين الظلال
وفي دفء قمرائه الضاحيه
عصافير أم صبية تمرح
أم الماء من صخرة ينضح
وأقدامها العاريه
مصابيح ملء الدجى تلمح
هتكنا بها مكمن الطاغيه
وظلماء أو جاره الباليه
علينا لها أنها الباقيه
وأن الدواليب في كل عيد
سترقى بها الريح جذلى تدور
ونرقى بها من ظلام العصور
الى عالم كل ما فيه نور
رصاص رصاص رصاص حديد
حديد عتيق
لكون جديد

ناريمان الشريف 09-20-2010 07:57 AM

الأم و الطفلة الضائعة
( بدر شاكر السياب )


قفي لا تغربي ياشمس ما يأتي مع الليل
سوى الموتى فمن ذا يرجع الغائب للأهل
إذا ما سدّت الظلماء
دروبا أثمرت بالبيت بعد تطاول المحل ؟
و إن اللليبل ترجف أكبد الأطفال من أشباحه السوداء
من الشهب اللوامح فيه مما لاذ بالظلّ
من الهمسات و الأصداء
شعاعك مثل خيط للابرنث يشدّه الحب
إلى قلب ابنتي من بات داري من جراحاتي
و آهاتي
مضى أزل من الأعوام آلاف من الأقمار و القلب
يعد خوافق الأنسام يحسب أنجم الليل
يعد حقائب الأطفال يبكي كلما عادوا
من الكتاب و الحقل
و يا مصباح قلبي يا عزائي في الملمات
مني روحي ، ابنتي عودي إليّ فها هو الزاد
و هذا الماء جوعي ؟ هاك من لحمي
طعاما آه عطشى أنت يا أمي
فعبّي من دمي ماء و عودي كلهم عادوا
كأنك برسفون تخطّفتها قبضة الوحش
و كانت أمها الولهى أقل ضنى و أوهاما
من الأم التي لم تدر أين مضيت
في نعش
على جبل ؟ بكيت ؟ ضحكت ؟ هبّ الوحش أم ناما
وحين تموت نار الليل حين يعسعس الوسن
على الأجفان حين يفتش القصّاص في النار
ليلمح من سفينة سندباد ذوائب الصاري
و يخفت صوته لوهن
يجن دمي إليك يحن يعصرني أسى ضار
مضت عشر من السنوات عشرة أدهر سود
مضى أزل من السنوات منذ وقفت في الباب
أنادي لا يرد علي إلا الريح في الغاب
تمزق صيحتي و تعيدها و الدرب مسدود
بما تنفس الظلماء من سمر و أعناب
و أنت كما يذوب النور في دوّامة الليل
كأنك قطرة الطلّ
تشرّبها التراب أكاد من فرق و أوصاب
أسائل كل ما في الليل من شبح و من ظل
أسائل كل ما طفل
أأبصرت ابنتي ؟ أرأيتها ؟ أسمعت ممشاها ؟
و حين أسير في الزحمة
أصغّر كل وجه في خيالي كان جفناها
كغمغمة الشروق على الجداول تشرب الظلمة
و كان جبينها و أراك في أبد من الناس
موزّعة فآة لو أراك و أنت ملتمة
و أنت الآن في سحر الشباب عصيرة القاسي
يغلغل في عروقك ينهش النهدين و الثغرا
و ينشر حولك العطرا
فيحلم قلبك المسكين بين النور و العتمة
بشيء لو تجسد كان فيه الموت و النشوة
و أذكر أن هذا العالم المنكود تملأ كأسه الشقوه
و فيه الجوع و الآلام فيه الفقر و الداء
أأنت فقيرة تتضرع الأجيال في عينيك فهي فم
يريد الزاد يبحث عنه و الطرقات ظلماء
أحدّق في وجوه السائلات أحالها السقم
و لوّنها الطوى فأراك فيها أبصر الأيدي
تمدّ أحسّ أن يدي يدي معهن تعرض زرقة البرد
على الأبصار و هي كأنهمن أدارها صنم
تجّمد في مدى عينيه أدعية و سال دم
فأصرخ في سبيل الله تخنق صوتي الدمعة
بخيط الملح و الماء
و أنت على فمي لوعة
وفي قلبي وضوء شع ثم خبا بلا رجعة
و خلّفني أفتش عنه بين دجى و أصداء


الساعة الآن 12:08 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team