منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ~ (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=964)

أمل محمد 09-25-2010 01:01 AM

تكرار الكلام إذا اقتضى المقام، وتجنبه بلا داع : روى البخاري وأحمد بن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي: أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه. يقول المباركفوري: والمراد أنه كان يكرر الكلام ثلاثاً إذا اقتضى المقام وذلك لصعوبة المعنى أو غرابته أو كثرة السامعين لا دائماً فإن تكرير الكلام من غير حاجة لتكريره ليس من البلاغة.
عدم التشدق، والتقعر في الكلام: روى الترمذي عن جابر رضي الله عنه قال : إن رسول قال: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقاً الله، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة " الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون" قالوا يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال: "المتكبرون" (قال النووي حديث حسن).
ترغيبه أصحابه في العلم، وعنايته به: لا شك أن لذلك الترغيب دوراً كبيراً في إيجاد الحماسة لدى طالب العلم للتعلم، والاستزادة من ينابيعه. فحين جاء ثلاثة نفر وهو جالس مع أصحابه فجلس أحدهم خلف الحلقة، والآخر رأى فرجة فجلس فيها، وأما الثالث فأعرض، فقال - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك : "أما الأول فآوى فآواه الله، وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الثالث فأعرض، فأعرض الله عنه"(البخاري).

أمل محمد 09-25-2010 01:01 AM

وفي البعد عن المشتتات كان - صلى الله عليه وسلم - يحدث أصحابه فجاء رجل فسأل عن الساعة فمضى في حديثه. فقال قوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال قوم: لم يسمع. ثم سأل مرة أخرى: متى الساعة؟ فمضى في حديثه، فلما انتهى من حديثه قال: أين أراه السائل عن الساعة، فقال: أنا، فقال - صلى الله عليه وسلم: إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: وما إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة"(مسلم)، فهو - صلى الله عليه وسلم - رغم أنه لم يقطع حديثه لم ينسَ هذا السائل ولم يهمله. وحين خطب في حجة الوداع قال أبو شاه: اكتبوا لي: فقال:اكتبوا لأبي شاه"(البخاري).
التدرج في التربية والتعليم والتعلم : وذلك فيما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي بعث معاذاً رضي الله عنه فقال: " إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات..الحديث".
والتدرج كما هو في الحديث يعني عدم الانتقال من جزء إلى آخر إلا بعد تحقق هدف الجزء الأول وهكذا إلى حين اكتمال جميع أجزاء المنهاج.

أمل محمد 09-25-2010 01:01 AM

مراجعة العلم والحفظ: أوصى حفاظ القرآن بتعاهده والعناية به: "تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها"(الشيخان)، وكان جبريل يدارسه القرآن" (البخاري).
وحين علم - صلى الله عليه وسلم - البراء دعاء النوم قال أعده علي فقال:وبرسولك -الذي أرسلت فقال - صلى الله عليه وسلم - بل وبنبيك الذي أرسلت"(الشيخان).
تربيتهم على القيام بواجب العلم: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار"(أحمد)، وقال - صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية"(البخاري)، وقال - صلى الله عليه وسلم - : "نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع". وقد روى هذا الحديث (24) من أصحابه مما يشعر أنه قاله - صلى الله عليه وسلم - في أكثر من مناسبة.
وانظر إلى أثر هذه التربية في قول أبي ذر -رضي الله عنه- : "لو وضعتم الصمصامة - السيف - على هذه - وأشار إلى رقبته - واستطعت أن أنفذ كلمة سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قبل أن تجهزوا علي لأنفذتها" (البخاري).

أمل محمد 09-25-2010 01:01 AM

تشجيع الطالب والثناء عليه: سأله أبو هريرة -رضي الله عنه- يوماً: من أسعد الناس بشفاعتك؟ فقال - صلى الله عليه وسلم :"لقد ظننت أن لا يسألني أحد عن هذا الحديث أول منك لما علمت من حرصك على الحديث"(البخاري)، فما الظن بوموقف أبي هريرة رضي الله عنه، وهو يسمع هذا الثناء وتلك الشهادة منه- صلى الله عليه وسلم-، بحرصه على العلم بل وتفوقه على الكثير من أقرانه؟، وكيف سيكون أثر هذا الشعور كدافع لمزيد من الحرص والاجتهاد. وحين سأل أبي بن كعب: "أبا المنذر أي آية في كتاب الله أعظم؟"، فقال أبي: "آية الكرسي"، قال له : "ليهنك العلم أبا المنذر"(مسلم).
معرفة قدرات من حوله، ومراعاة الفروق الفردية، ونشاطهم لتلقي العلم: :"أرحم أمتي بأمتي أبو بكر يقول وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرأهم لكتاب الله أبي بن كعب، وافرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح ".
ونشاهده يقول لأبي هريرة حين سأله عن الشفاعة: لقد ظننت أن لا يسألني أحد عن هذا الحديث أول منك لما أعلم من حرصك على الحديث(البخاري). كما ورد أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يخطب فدخل رجل فقال: يا رسول الله رجل غريب يسأل عن دينه، فترك خطبته ودعا بكرسي فجلس يعلمه ثم عاد لخطبته"(متفق عليه)، قال:"نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزل منازلهم، ونكلمهم على قدر عقولهم). وعن علي بن أبي طالب قال:"حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذّب الله ورسوله(رواه البخاري ج1 /225). عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان يتخولنا الموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا "(البخاري 682).

أمل محمد 09-25-2010 01:02 AM

مراعاة الجوانب النفسية والتربوية للمتعلم، وبيئته :عن أنس بن مالك قال: "بينما نحن في المسجد مع رسول الله رسول جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله مه مه قال صلى الله عليه وسلم " لا تزر موه، دعوه " فتركوه حتى بال : ثم أن رسول الله دعاه فقال له : " إن هذه المساجد لا تصلح لشيء مثل هذا البول والقذر، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن " أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فأمر رجلاً من القوم فجاء بدلوا من ماء فشنه عليه " (مسلم).
تجنب إحراج المتعلم : وذلك بالابتعاد عن سؤال المتعلم عن أمر خاص لا يود أن يطلع عليه أحداً من الناس، يقول تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" (المائدة: 101).
العناية بتعليم المرأة: فحين صلى العيد - صلى الله عليه وسلم - اتجه إلى النساء فوعظهن وأمرهن بالصدقة(البخاري)، بل تجاوز الأمر مجرد استغلال اللقاءات العابرة، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النساء قلن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- :"غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك"، فوعدهن يوماً لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن فكان فيما قال لهن:"ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجاباً من النار"، فقالت امرأة: واثنين؟ فقال: "واثنين"(البخاري).

أمل محمد 09-25-2010 01:03 AM

التوجيه للتخصص المناسب: روى البخاري تعليقاً والترمذي عن زيد بن ثابت: أن قومه قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -:ها هنا غلام من بني النجار حفظ بضع عشرة سورة فاستقرأني فقرأت سورة ق، فقال إني أكتب إلى قوم فأخاف أن يزيدوا علي أو ينقصوا، فتعلم السريانية. فتعلمها - رضي الله عنه - في سبعة عشر يوماً.
مخاطبة المتعلمين بأحب أسمائهم واستخدام الكنى: عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله يكني أصحابه، إكراماً لهم" (مسلم 1/271).:يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "أعز الناس علىًَّ جليسي الذي يتخطى الناس إليَّ، أما والله إن الذباب يقع عليه فيشق علي "، وقال الأحنف بن قيس: "لو جلست إلى مائة لأحببت أن التمس رضا كل واحد منهم " (بهجة المجالس 1/45).
ولعله من المـهم أن يـوضــع في الاعتــبار ما يلي: - إن ما ورد من أساليب وسبل تربوية/ تعليمية ما هو إلا غيض من فيض، وكتب السنة المطهرة تزخر بالكثير من ذلك. - أن الرسول صلي الله عليه وسلم قد استخدم وسائل تربوية/ تعليمية متنوعة ما بين بصرية وسمعية بصرية، بما يتناسب مع مقتضيات الموقف، ومن تلك الوسائل: الإشارة بالأصابع; وباليد; وباليدين معًا: والتشبيك بين الأصابع; والإشارة إلى الوجه والكفين، وإلى السمع والبصر، وإلى الصدر، وإلى الحلق، وإلى اللسان، واستخدام الحصى والعصا، والرسم على الأرض، والعروض أو التوضيحات العملية، استخدام المجسمات/ الدمى، واستخدام الأشياء الحقيقية الخ. - مع تذكر أن البيئة في عهده، صلي لله عليه وسلم، لم تكن لتساعد عـلى توفـير الوسائل التقنية/التعليمية، وأنه لم يكن ليتكلف صنع تلك الوسائل، بل كان يوظف الإمكانات المتاحة في البيئة المحلية، وأن الرسول أمـي لا يقرأ ولا يكتب:"الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ. قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ"(الأعراف: 157ـ158). كما أن معظم الصحابة رضي الله عنهم أميون.


أمل محمد 09-25-2010 01:03 AM

- إن تلك الوسائل التربوية/ التعليمية، كان لها آثاراً إيجابية واضحة مثل: تأكيد معنى، وزيادة وضوح وبيان، وإبراز أهمية الموقف التربوي التعليمي، وإطالة أمد التعلم، وإثارة انتباه المتعلمين، ونحو ذلك من الفوائد والمزايا التربوية.
حتى أن بعض الصحابة ظلوا يتذكرون الوسيلة التعليمية التي استخدمها الرسول أمامهم بعد سنوات من مشاهدتها، مما يؤكد عظيم الأثر الذي تركته في نفوسهم، مثل قول البراء بن عازب رضي الله عنه: سمعت رسول الله - وأشار بأصابعه - وأصابعي أقصر من أصابع رسول الله. - ثمة سؤال يُطرح: إذا كان الرسول قد استخدم مثل الوسائل التعليمية في تعليم أصحابه، فماذا يعني ذلك بالنسبة للمربين المسلمين حالياً؟.
إن ذلك يبرر استخدامها في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وفي تدريس مادة التربية الإسلامية وغيرها من المواد الدراسية، لما في ذلك من مزايا وفوائد تساعد على نجاح أداء الرسالة التربوية/التعليمية. وتمكن إلى النفاد إلى قلوب المدعوين.
فحري بالمعلمين والدعاة التأسي بهديه في تعليم الناس أمور دينهم ودنياهم. - وإذا كان الرسول المعلم صلي الله عليه وسلم قد استخدم وسائل تعليمية في تعليم الكبار، فإن من البديهي أن الصغار أشد حاجة إليها، لأنه يصعب عليهم إدراك المفهومات المجردة بدون استخدام وسائل تساعدهم على الفهم والإدراك، وتعينهم على التركيز والانتباه لشرح المعلم والتفاعل الإيجابي معه، ولذلك فإن على المربين/ المعلمين/ الدعاة الحرص على توظيف هذه الوسائل النافعة أثناء أدائهم لعملهم خدمة لأهدافهم، وتشويقًا لسامعيهم، وتوفيرًا لوقتهم، وقبل ذلك كله تأسيًا بنبيهم.

أمل محمد 09-25-2010 01:03 AM

- لـم يعد اعتماد النظم التعليمية الحديثة على التقنيات التربوية والوسائل التعليمية درباً من الترف، بل بات ضرورة من الضرورات لضمان نجاح تلك النظم. لذا فقد تطورت تطوراً متلاحقاً كبيراً حتى وصلت إلى أرقى مراحلها التي نشهدها اليوم في ظل ارتباطها بنظرية الاتصال الحديثة Communication Theory واعــتـــمادهـا على مـدخل النظم Systems Approach.
- تلعب دوراً جوهرياً في إثراء التعليم من خلال إضافة أبعاد ومؤثرات خاصة وبرامج متميزة تساعد على اشتراك جميع حواس المتعلم. فاشتراك جميع الحواس في عمليات التعليم يؤدي إلى ترسيخه وتعميقه. كما تساعد على استثارة اهتمام المُتعلم واشباع حاجته للتعلم To Motivate The Learner، فيكتسب خبرات واقعية متراكمة تحقيق أهدافه.
وتُزيد من مشاركته الايجابية في اكتساب خبراته. ولها اهميتها في تيسير بناء مفاهيم سليمة، وتنمية أفكار وقدرات ومهارات متتعددة، وتعـديل الــسـلوك، وتـكـوين الاتـجـاهـات الجديدة، وتنويع أساليب التعزيز التي تؤدي إلى تثبيت الاستجابات الصحيحة (نظرية سكنر). كما تساعد تلك التقنيات/ الوسائل التعليمية عـلى تـحاشي الوقوع في "اللفظية".

أمل محمد 09-25-2010 01:03 AM

فالمُعلم قد يستعمل ألفاظاً ليست لها عند المُتعلم الدلالة التي لها عند الأول، ولا يحاول توضيح هذه الألفاظ المجردة بوسائل مادية محسوسة تساعد على تكوين صور مرئية لها في ذهن الطالب، ولكن اذا تنوعت هذه الوسائل فإن اللفظ يكتسب أبعاداً من المعنى تقترب به من الحقيقة الامر الذي يساعد على زيادة التقارب والتطابق بين معاني الألفاظ في ذهن كل من اطراف العملية التربوية والتعليمية. كما تُسهم في تنويع أساليب التعليم لمواجهة الفروق الفردية بين المتعلمين. - التقنيات التربوية/التعليمية تساعد على التفكير العلمي السليم،حيث أن الملاحظة والتجريب عمليتين رئيسيتين في هذا المجال، وتحقق أهداف التربية الحديثة في التعلم الذاتي والتعلم المستمر، فمشاهدة وسيلة معينة قد يغني عن حديث طويل. وتساهم في تنمية البحث العلمي. كما تعتبر الوسائل التعليمية سجلاً للأحداث والظواهر التي تنتهي، فالاحتفالات والمناسبات التاريخية تسجلها الوسائل التعليمية وتحفظها للأجيال. فضلاً عن أنها تساعد في خلق الحاجة للتعلم.
- كل ذلك وغيره ينعكس في جعل عملية التعليم في صورة أفضل، واقتصادية بدرجة أكبر من خلال زيادة نسبة التعلم إلى تكلفته. فالهدف الرئيس لها تحقيق أهداف تعلم قابلة للقياس بمستوى فعال من حيث التكلفة وتوفير الكثير من الوقت والجهد والمال. -من المفيد الاستعانة بالتقنيات الحديثة في الاتصال والتعليم وفي تصميم وعرض بعض الوسائل التعليمية، وبخاصة التليفزيون التربوي/ التعليمي Educational Television، والتعليم بمساعدة الحاسوب: Computer Assisted Instruction، والإنترنت Internet، كذلك استخدام المسجل، وجهاز عرض الشرائح، Slide Projector، وجهاز العرض العلوي The Overhead Projector، وجهاز عرض الأفلام الثابتة 35 مم، والفيلم التعليمي المسجل على شريط فيديو الخ.

أمل محمد 09-25-2010 01:04 AM

. خلاصة القول بغية التأصيل الإسلامي للعلوم التربوية والنفسية تمثل تلك الوسائل التربوية التعليمية التي استخدمها الرسول صلي الله عليه وسلم في تعليم أصحابه والناس كافة، نماذج رائدة، وافية بالغرض، فالعبـــرة ليس بعـــدد الوســائل التي استعان بها في عملية التربية والتعليم، وإنما بتقرير المبدأ والفكرة. وحيث إن الرسول مُشرع، فيكفي استخدامه الوسيلة لمرة واحدة، ليكون في ذلك أسوة وهديًا للمربين في كل العصور. كل ذلك وغيره يشكل ذخيرة تربوية قيمة لنا اليوم.
فحري بنا دراستها واستيعابها، وإتخاذها نبراسًا نستنير به في جهودنا الرامية إلى تربية أجيال مسلمة قادرة على بناء حضارة إسلامية معاصرة. فصلاة وسلامأ دائمين متلازمين علي معلم الناس الهدي.
يمكن التواصل مع الكاتب
.د./ ناصر أحمد سنه على الإيميل التالي:
المراجع
- لمن أراد أن يستزيد فعليه بكتب السيرة النبوية، وكتب الصحاح. - التقنيات التربوية،
تأليف مجموعة من المختصين، ترجمة د.مصباح الحاج عيسي، ط.2، 1984م
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، إدارة التأليف والترجمة. - د.عبد الرحمن بلعوص: الوسائل التعليمية في القرآن والسنة
مجلة كلية العلوم الاجتماعية جامعة الإمام محمد بن سعود، ذو القعدة 1415 هـ.
Haas and Packer: Preparation and use of Audio-Visual Aids, 3rd edition, 1963’ U.S.A.
- عدد من البحوث المنشورة ألكترونياً.

أمل محمد 09-25-2010 01:05 AM

القيم الأخلاقية في السياسة المالية الإسلامية



http://www.quran-m.com/firas/ar_phot...933ce110_m.jpgنموذج للإعجاز القرآني والنبوي في المجال المالي
دكتـور / السيد عطية عبد الواحد
أستاذ بكلية الحقوق – جامعة عين شمس
مقدمة البحث
يؤسس الإسلام مجتمعاته على أصول ومبادئ تميزه عن غيره من النظم. فالإسلام يقوم على طريقة البناء المتكامل وإرساء الأسس السليمة: عقدية، واقتصادية، وسياسية، واجتماعية.
وكلها تكون بناء متجانساً متماسكاً يؤدي إلى مساعدة المجتمع أن يحرز أفضل النتائج.
وهذه المنهجية المتكاملة يندر أن توجد في أي نظام آخر.
لقد أرسى الإسلام أخلاقيات عديدة في المجال المالي نكتفي بأن نذكر منها جانباً يقطع بإعجاز هذا المنهج الإلهي في المجال المالي فضلاً عن المجالات الأخرى.
الـمبحث الأول : الأمر بالدعاء لكل مـن يـؤدي حـق الزكاة
نص على هذا الخلق الكريم - الذي يندر أن يوجد في غير النظام الإسلامي - القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
قوله سبحانه وتعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم ٌ) [التوبة: 103].
وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: (اللهم صل على آل فلان, فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى).

أمل محمد 09-25-2010 01:05 AM

الحقيقة الشرعية المرتبطة بالنص:
يرتبط بهذه النصوص حقيقة شرعية معجزة في المجال المالي وهي
توجيه محصل الزكاة بالدعاء بالبركة لمن يؤدى حق الزكاة.
يقول الإمام القرطبي رحمه الله تعالى:
قوله تعالى: (وصل عليهم ) أصل في فعل كل إمام يأخذ الصدقة أن يدعو للمتصدق بالبركة).
أما عن حديث عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقة قال: (اللهم صل عليهم), فأتاه أبي أبو أوفى بصدقته , فقال: (اللهم صل على آل أبي أوفى).
قال جماعة من العلماء يدعوا آخذ الصدقة للمتصدق بهذا الدعاء لهذا الحديث. وأجيب عنه بأن أصل الصلاة الدعاء إلا أنه يختلف بحسب المدعو له فصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته دعاء لهم بالمغفرة وصلاة أمته دعاء له بزيادة القربة والزلفى ولذلك كانت لا تليق بغيره, وفيه دليل على أنه يستحب الدعاء عند أخذ الزكاة لمعطيها.

أمل محمد 09-25-2010 01:05 AM

حسن معاملة عامل الصدقة:
كما يأمر الإسلام المصدق (محصل الزكاة) بحسن معاملة الممولين, فإنه يأمر كذلك الممولين بحسن معاملة المصدق. وهكذا يرسم الإسلام علاقة تبادلية رائعة بين الممول وإدارة الزكاة علاقة يتوجها التعاون المتبادل بين الطرفين.
لقد أمر صلى الله عليه وسلم بحسن معاملة عامل الصدقة حتى يؤدي عمله وينصرف وهو راض , فقال صلى الله عليه وسلم (لا يصدر المصدق عنكم إلا وهو راض).
وجه الإعجاز:
يرسم الإسلام صورة رائعة للعلاقة بين الممول وإدارة تحصيل الزكاة. فيؤمر محصل الزكاة بنصوص صريحة بأن يدعو بالبركة للمتصدق. وكذلك يؤمر الممول بحسن معاملة القائمين على إدارة الزكاة.
وهذه العلاقة الحسنة الطيبة بين عامل الزكاة وبين الممولين دعامة قوية من دعامات نجاح نظام الزكاة كنظام مالي, ومثل هذه العلاقة الحسنة يندر أن توجد بهذه الأخلاقيات في غير الزكاة.


أمل محمد 09-25-2010 01:06 AM

المبحث الثاني
اشتراط الحِلَّ في الإيرادات الإسلامية
يرشد إلى هذا الأساس الأخلاقي - الذي لا مثيل له في النظم الأخرى - آيات قرآنية متعددة, وكذلك الكثير من أحاديثه صلى الله عليه وسلم.
النص المعجز:
قوله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ٌ) [البقرة : 267].
ويرشد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى ضرورة الكسب الطيب بقوله: (من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب, ولا يقبل الله إلا الطيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه, حتى تكون مثل الجبل).

أمل محمد 09-25-2010 01:06 AM

).
الحقيقة الشرعية المرتبطة بالنص:
يقول تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ) وعلماء التفسير على أن قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا) خطاب لجميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال ابن عباس أمرهم بالإنفاق من أطيب المال وأجوده وأنفسه ونهاهم عن التصدق برذالة المال ودنيئه وهو خبيثه فإن الله طيب لايقبل إلا طيباً ولهذا قال (ولاتيمموا الخبيث) أي تقصدوا الخبيث (منه تنفقون ولستم بآخذيه) أي لو أعطيتموه ما أخذتموه إلا أن تتغاضوا فيه.
وجه الإعجاز:
باستقــراء ما سبق يتضــــح أن الإسلام يؤسس النظام الاقتصادي والاجتماعي على أساس احترام أسس ومبادئ معينة, تشكل في مجملها دستور هذه الأمة ومن ذلك ضرورة أن تكون الإيرادات التي تعتمد عليها الدولة دائماً من مصدر حلال.
إن الإسلام يقيم مجتمعاته على أساس التكافل والتعاون الممثل في فريضة الزكاة وغيرها من الالتزامات المالية التي قررها الإسلام.
إن الدستور الذي يرسمه الإسلام في المجال الاقتصادي وكذلك في غيره من المجالات إنما هو دستور مظلل بظلال حبيبة أليفة, دستور يحترم الآداب النفسية والاجتماعية, والآداب التي تحول الزكاة عملاً تهذيبياً لنفس معطيها, وعملاً نافعاً مربحاً لآخذيها, وتحول المجتمع عن طريقها إلى أسرة يسودها التعاون والتكافل والتواد والتراحم، وترفع البشرية إلى مستوى كريم: المعطي فيه والآخذ على السواء.
يؤسس الإسلام مجتمعاته على أصول ومبادئ تميزه عن غيره من النظم. فالإسلام يقوم على طريقة البناء المتكامل وإرساء الأسس السليمة: عقدية، واقتصادية، وسياسية، واجتماعية.


أمل محمد 09-25-2010 01:06 AM

المشرع الوضعي لا يشترط حِلَّ الإيرادات التي تحصل أو مشروعيتها:
لا يشترط فقهاء المالية العامة في التكاليف التي تخصم أن تكون قد أنفقت في غرض مشروع. ما دمنا لا نتمسك بمشروعية الربح الخاضع للضريبة. فالأرباح الناتجة عن عمليات غير مشروعة تخضع للضريبة سواء أكان مصدرها قانونيا أو غير قانوني.
ففي إنجلترا - مثلاً - تقدر الأرباح من مصادر قانونية أو غير قانونية وسواء أكان مصدرها تجارة أم نشاطاً غير قانوني وتربط الضريبة عليها كالأرباح الناتجة من الرهان. فعندما يحضر شخص اجتماعات السباق والمراهنات بانتظام فهو يمارس مهنة يخضع فيها لضريبة ويسمح بالخصم المعتاد مقابل الخسائر والنفقات.
وفي فرنسا تفرض الضريبة بنصوص صريحة على أنشطة غير أخلاقية مثال ذلك ما نصت عليه المادة 11 من القانون المالي في فرنسا لعام 1976 الصادر في 30 ديسمبر عام 1975 والتي قررت زيادة ضريبة t.v.a على الأفلام الإباحية أو التي تحث على العنف, وكذلك رسوم دخول هذه الأفلام.


أمل محمد 09-25-2010 01:07 AM

الـمبحث الثالـث
التحذير من اصطفاء كرائم الأموال
عند تحصيل الزكاة
النص المعجز:
يرشد إلى هذا الخلق الكريم السنة النبوية المطهرة , وقد جاء ذلك في أكثر من حديث منها:
(عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب, فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله, وأني رسول الله, فإن هم أطاعوك لذلك, فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة, فإن هم أطاعوك لذلك, فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم, فترد على فقرائهم, فإن هم أطاعوك لذلك, فإياك وكرائم أموالهم, واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب. رواه الجماعة).
الحقيقة الشرعية المرتبطة بالنص:
ترشد الأحاديث السابقة إلى خلق رفيع في المجال المالي وهو ضرورة التوسط في اختيار المال الذي يشكل وعاء الزكاة. فلا ينبغي على المحصل أن يطلب أفضل الأموال ولا أقلها جودة, وإنما يتوسط في ذلك, وفي ذلك مراعاة حقيقية لظروف الممول.
وقوله صلى الله عليه وسلم (فإياك وكرائم أموالهم) كرائم منصوب بفعل مضمر لايجوز إظهاره والكرائم جمع كريمة أي نفيسة (وفيه دليل) على أنه لا يجوز للمصدق أخذ خيار المال, لأن الزكاة لمواساة الفقراء, فلا يناسب ذلك الإجحاف بالمالك إلا برضاه.

أمل محمد 09-25-2010 01:07 AM

وجه الإعجاز:
تنطق النصوص السابقة بإعجاز في النص النبوي الشريف لا يمكن أن تصل إليه بحال من الأحوال التشريعات الضريبية المعاصرة, والتي تقرر حق الامتياز لَدْينِ الضريبة, أما المنهج الإسلامي فإنه يأمر محصل الزكاة بأن يأخذ مالاً من أوسط الأموال التي يمتلكها الممول.
إن مراعاة المنهج الإسلامي - على طول الخط - لفطرة الإنسان في كافة مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والمالية وغيرها من مجالات الحياة لهو دليل حقيقي على سمو هذا المنهج ورقي ذلك التشريع, وبنفس الدرجة يشكل دعامة قوية لنجاح النظام المالي الإسلامي.
موقف القانون الوضعي:
يتجه المشرع الوضعي في تحصيل الضريبة اتجاها يغاير تماماً المنهج الإسلامي فالإسلام يحرص على بث روح السماحة والألفة والمودة عند تحصيل الزكاة أما المشرع الضريبي الوضعي فإنه يعطي للضريبة أولوية وامتيازاً على غيرها من الحقوق.

أمل محمد 09-25-2010 01:07 AM

المبحث الرابع
خلق الترفع عن الأخذ من المال العام حتى ولو كان حقاً مقرراً
النص المعجز:
ما رواه البخاري من أن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني, ثم سألته فأعطاني ,ثم سألته فأعطاني, ثم قال: يا حكيم "إن هذا المال خضرة حلوة, فمن أخذه بسخاوه نفس بورك له فيه , ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه, كالذي يأكل ولايشبع, اليد العليا خير من اليد السفلى. ثم قال حكيم: فقلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحداً بعدك شيئاً حتى أفارق الدنيا, فكان أبو بكر رضي الله عنه يدعو حكيماً إلى العطاء فيأبى أن يقبله, ثم إن عمر رضي الله عنه دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئاً فقال عمر: إني أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم أني أعرض عليه حقه من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه فلم يرزأ حكيم أحداً من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي.

أمل محمد 09-25-2010 01:08 AM

الحقيقة الشرعية المرتبطة بالنص:
يؤدي الأساس العقدي الذي تقوم عليه السياسة المالية الإسلامية دوراً جوهرياً في نجاح السياسة المالية الإسلامية في تحقيقها لأهدافها.
ويظل هذا الأساس مؤدياً دوره حتى يصل إلى مستوي الترفع عن الأخذ مما هو مقرر له من الحقوق المالية.
وتظل المثل الإسلامية تؤدي دورها في خدمة السياسة المالية الإسلامية ومساعدتها على تحقيق أهدافها حتى تصل بالفرد المسلم إلي أن يترفع عن أن يأخذ مما هو حق مقرر له في حصيلتها ويفضل العمل على ذلك , ولعل ذلك هدف يصعب أن يصل إليه أي تشريع آخرغير التشريع الإسلامي.
وجه الإعجاز:
إن التربية الإسلامية التي يتربى عليها المسلم تجعله يصل إلى مرتبة يترفع معها أن يأخذ مما هو مقرر له في حصيلة السياسة المالية الإسلامية, ونعتقد أن هذا الهدف يصعب على أي نظام مالي آخر أن يصل إليه بسبب افتقاده للأساس العقدي الذي يتمحور حوله النظام المالي الإسلامي.
الأساس العقدي يجعل المسلم يجود بأفضل أمواله:
إن التربية الإسلامية لا تصل بالمسلم لأن يترفع فقط عن الأخذ من المال العام ولو كان حقاً مقرراً له بل تصل به أن يجود بأجود أمواله وأنفسها في سبيل الله تعالى, وهو في كل ذلك يستجيب للنداء الإلهي المتمثل في قوله سبحانه وتعالى: (لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ).

أمل محمد 09-25-2010 01:08 AM

الـمبحث الخامس
أهداف تنفرد السياسة المالية الإسلامية بتحقيقها ولا مثيل لها في المالية الوضعية
(هدف تنمية الخصال الحميدة في المجتمع)
النص المعجز:
1- قوله صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بدرجة أفضل من الصلاة والصيام والصدقة قالوا بلى, قال: صلاح ذات البين وفساد ذات البين هي الحالقة).
2- (عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاتحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله, أو ابن السبيل, أو جار فقير يتصدق عليه فيهدي لك أو يدعوك, (رواه أبو داود).
وفي لفظ: (لاتحل الصدقة إلا لخمسة: لعامل عليها, أو رجل اشتراها بماله, أو غارم, أو غاز في سبيل الله, أو مسكين تصدق عليه بها فأهدي منها لغني)
(رواه أبو داود وابن ماجه ).

أمل محمد 09-25-2010 01:08 AM

الحقيقة الشرعية المرتبطة بالنص:
من تمام حرص الإسلام على تنمية الخصال الحميدة داخل المجتمع المسلم, أنه أباح أن يعطي من الزكاة من غرم في سبيل الإصلاح بين متخاصمين وذلك حتى لا تموت الخصال الحميدة في المجتمع المسلم, بل وجب على المجتمع أن يتعهد تلك الطاقات بالتنمية والتشجيع بكافة الصور.
وقوله صلى الله عليه وسلم (حَمَالة) بفتح الحاء المهملة وهو مايتحمله الإنسان ويلتزمه في ذمته بالاستدانة ليدفعه في إصلاح ذات البين, وإنما تحل له المسألة بسببه, ويعطي من الزكاة بشرط أن يستدين لغير معصية وإلى هذا ذهب الحسن البصري والباقر والهادي وأبو العباس وأبو طالب. وروي عن الفقهاء الأربعة والمؤيد بالله أنه يعان لأن الآية لم تفصل وشرط بعضهم أن الحمالة لا بد أن تكون لتسكين فتنة.
وبالإضافة لما سبق فإن لهذه الوظيفة جانباً اقتصادياً هاماً (وهو المساهمة في زيادة الإنتاج والمساعدة في تمويل التنمية الاقتصادية), ويظهر ذلك حينما ينفق من حصيلة الزكاة لسداد ديون الغارمين ,فإن هذا يعني أن بيت المال يضمن للدائن وفاء دينه, وفي هذا دعم للائتمان لأن المقترض في غير معصية للقيام بتجارة أو صناعة أو فلاحة سوف يطمئن إلى أنه إذا عجز عن سداد دينه, فإن المجتع ممثلاً في الدولة سـوف يؤدي عنه دينه.
وجه الإعجاز:
إن السياسة المالية الإسلامية نظراً لقيامها على أساس عقدي, فإنه يمكن أن تذهب في تحقيق أهدافها لمدى يصعب أن تصل إليه المالية الوضعية.
فمن مظاهر الإعجاز في المجالين المالي والاقتصادي أن السياسة المالية الإسلامية تعتبر أن من الأهداف المنوط بها تحقيقها هدف الإصلاح بين المتخاصمين, وفي تحقيق هذا الهدف نشر للسلام الاجتماعي في المجتمع.
كذلك تستطيع السياسة المالية الإسلامية أن تذهب لتحقيق أهداف متعددة يصعب على السياسة المالية الوضعية أن تصل إليها, مثل هدف تزويج من يريد أن يتزوج وغير ذلك من الأهداف الاجتماعية.

أمل محمد 09-25-2010 01:10 AM

الإعجاز التّأثيريّ للقرآن الكريم





http://www.quran-m.com/firas/ar_phot...e3f85901_m.jpgإعداد: الدكتور خالد محمد القضاة
المقدّمة:
الحمد لله الّذي أنزل القرآن على عبده ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المنزل عليه هذا القرآن ليبيّنه للناس بأمر ربه { وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزّل إليهم }[1] فأزال معالم الوثنيّة والضلال، وأعلى منار التوحيد والإيمان وعلى آله وصحبه نجوم الهدى ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإنه أحقّ ما يشغل الباحثون، وأفضل ما يتسابق فيه المتسابقون مدارسة كتاب الله تعالى، ومداومة البحث فيه، والغوص عن لآلئه والكشف عن علومه وحقائقه، وإظهار إعجازه، وتجلية محاسنه، والدفاع عن ساحته ونفي الشكوك والريب فيه، والقرآن الكريم بحر لا يُدرَك غوره، ولا تنقضي عجائبه، فما أحقّ الأعمار أن تفنى فيه، والأزمان أن تنشغل به وكل ساعة يقضيها الباحث في النّظر في كتاب الله، والتّأمل فيه، أو في البحث فيما يتّصل به في سبيل الله وفي سبيل الإسلام.
والقرآن الكريم هو الآية الأولى للرسول صلى الله عليه وسلم، ودليله الأعظم على نبوّته ورسالته، وهو يحمل الدليل من ذاته على أنّه كلام الله تعالى أوحى به لنبيّه صلى الله عليه وسلم.
والقرآن الكريم قد تحدّى الناس كافّة، وطالبهم أن يأتوا بمثله لكنّهم لم يقدروا على ذلك، وبذلك عجزوا عن معارضته، فصار هو معجزة لهم.
إن إعجاز القرآن حقيقة قاطعة، وبدهيّة مقرّرة ولهذا الإعجاز القرآني وسيلة إلى هدف عظيم، وغاية سامية، وليس هدفاً بحد ذاته.

أمل محمد 09-25-2010 01:10 AM

الهدف من دراسة إعجاز القرآن هو: إثبات مصدر القرآن الرباني، وأنّه كلام الله سبحانه وتعالى، وليس كلام محمد صلى الله عليه وسلم، والإقرار بنبوّة محمد – بعثه الله رسولاً للعالمين. وإعجاز القرآن دليل واضح من أدلّة كثيرة على هذه المسألة العظيمة، التي هي أساس الإيمان: القرآن كلام الله، ومحمد صلى الله عليه وسلم رسول الله.
ولقد أنزل الله تعالى القرآن الكريم على نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، وجعله دليلاً على صدق الرسالة وحجّة الرسول، وأودع فيه من الحكم والأسرار، ما يقضي المرء في تدبّرها الليل والنهار، وما يستحقّ أن يقطع في معرفتها الفيافي والقفار، ابتغاء رحمة ورضوان العزيز الغفّار، وقد سعد المسلمون الأوائل بتمسّكهم بتعاليمه، والسير على نهجه وطريقه، لذا سادوا العالم وعاشوا حياة هنيئة في الدنيا مع ما ينتظرهم من الثواب الجزيل في الآخرة.
وأسعد وقت يقضيه الإنسان في حياته هو الذي يعيش فيه مع القرآن بروحه وقلبه، ويجعله نبراساً يضيء حياته، وقبساً يمشي على ضيائه، ونوراً يوضّح له معالم المعرفة والهداية. وإذا اتّخذ الإنسان القرآن له أنيساً يتفهّم آياته وسوره، فإن القرآن سيفيض عليه من الروحانية والهداية ما يجعله كبير العقل، يفعل كل خير، وينتهي عن كل شر، يقول الله تعالى: { إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشّر المؤمنين الّذين يعملون الصالحات أنّ لهم أجراً كبيراً }[2].
فالقرآن كتاب هداية ورشاد، يخرج الناس من ظلمات الشرك والجهل إلى نور معرفة الله والإيمان به والاستجابة له.
وما من يوم يطلع شمسه إلّا وعشرات يدخلون في دين الإسلام، لأنه دين الحق الّذي لا غموض فيه ولا أسرار ولا طلاسم ولا متناقضات.

أمل محمد 09-25-2010 01:10 AM

وما حلّ الذّلّ والهوان بالمسلمين إلّا بسبب تنكّبهم عن طريق القرآن العزيز الذي { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد }[3].
وقد كثرت الدراسات والأبحاث حول القرآن الكريم خدمة له، ومحاولة لكشف مكنوناته، واستخراج درره، فمن باحث في تفسيره، إلى باحث في إعجازه، إلى باحث في علومه المتنوعة المتعددة، إلى باحث في قراءاته، إلى غير ذلك من الدراسات حول الكتاب العزيز التي غدا كل نوع منها علماً قائماص بذاته تزحر المكتبة الإسلامية بالمؤلّفات فيه. ولا غرو فكتاب الله تعالى، لا يستقصي معانيه فهم الخلق ولا يحيط بوصفه على الإطلاق ذو اللسان الطلق.
وتعدّدت المدارس والاتجاهات في دراسة إعجاز القرآن، وظهرت الكتب والدراسات والأبحاث الكثيرة المتعددة في بحث الإعجاز وفهمه ودراسته، وتباينت الآراء في تعليل إعجاز القرآن، بماذا كان معجزاً، ومن ثم اختلف العلماء على وجوه الإعجاز.
وقد أجمع الباحثون على القول بالإعجاز البياني وأن القرآن معجز ببلاغته وأسلوبه وبيانه وتعبيره، وأنه بهذا يقدّم شهادة عظيمة على المسألة، إثبات أن القرآن كلام الله تعالى.
وعد بعض الدارسين وجوهاً كثيرة للإعجاز، فقالوا بالإعجاز الغيبي، والإعجاز التاريخي، والإعجاز العلمي، والإعجاز التشريعي، والإعجاز الطبي، والإعجاز النفسي، والإعجاز الفلكي، والإعجاز الجغرافي، وغير ذلك.

أمل محمد 09-25-2010 01:11 AM

وقد أحببت أن أسهم في بشيء في خدمة كتاب الله تعالى، فكان هذا البحث حول الإعجاز التأثيري للقرآن الكريم وقد سرت فيه على هذه الخطّة:
1- تعريف الإعجاز التّأثيري – لغة واصطلاحاً.
2- نشأة الإعجاز التّأثيري وتطوّره، وآراء العلماء في ذلك من خلال حديث بعض العلماء في القديم والحديث عن هذا الوجه بالذات.
3- الإعجاز التأثيري من خلال الآيات القرآنية، وأثر القرآن الكريم في البشر والجن مؤمنهم وكافرهم ومنافقهم وأثره على الجماد وسرّ تأثير القرآن الكريم على المخلوقات قاطبة وقائمة المصادر والمراجع.
وأدعو الله سبحانه أن يتقبّل منّي هذا العمل، وأن يتجاوز عما فيه من تقصير، وأن يكون مناراً لمن يبتغي الحقّ والهدى ولله الموفّق والهادي إلى سواء السبيل.

أمل محمد 09-25-2010 01:11 AM

الإعجاز التأثيري للقرآن الكريم
معنى الإعجاز
المبحث الأول
تمهيد:
يجدر بنا أن نشير في هذا البحث إلى معنى كلمة ( عجز ) في كل من اللغة والاصطلاح، وقد يلحظ الباحث في معاجم اللغة العربية أن علماء اللغة – خاصّة أصحاب المعاجم – قد ركّزوا اهتمامهم على مصدر الكلمة وطرق الكشف عنها – أما المادّة الاشتقاقيّة فلم تنل حظّاً وافراً من حيث الترتيب الاشتقاقي.
الإعجاز لغة:
قال الراغب الأصفهاني في مفرداته ( عجُزُ الإنسان ): مؤخّره، وبه شبّه مؤخّر غيره، قال الله تعالى: { كأنّهم أعجاز نخل منقعر }[4].
والعجز أصله: التأخر عن الشيء وحصوله عند عجز الأمر أي مؤخّره، وصار في التعارف اسماً للقصور عن فعل الشيء وهو ضد القدرة.
وأعجزت فلاناً وعجّزته، وعاجزته، أي جعلته عاجزاً [5].
قال الله تعالى: { فاعلموا أنّكم غير معجزي الله }[6] وقال أيضاً { ما أنتم بمعجزين في الأرض }[7] هذا عن المعنى اللغوي للجذر الثلاثي للمادة (العجز).
أما الإعجاز ( فهو مصدر الفعل الرباعي أعجز ) فهنا فعلان:
الأول: فعل ثلاثي تقول: عَجَزَ، يَعْجِزُ، عجز، فهو عاجز بمعنى ضعف عن فعل الشيء وقصر عن التنفيذ وتأخّر عن العمل المطلوب ولم يقدر عليه.
الثاني: فعل رباعي نقول: أعجَزَ، يُعْجِزُ، عجزاً فهو معجز، بمعنى سبق وفاز. تقول أعجَزَ الرجل خصمه، بمعنى: فاته وسبقه وفاز عليه وغلبه، بحيث لم يستطع الخصم العاجز إدراكه واللحاق به[8].


أمل محمد 09-25-2010 01:11 AM

معنى إعجاز القرآن:
كلمة إعجاز القرآن مركب إضافي وكلمة إعجاز مصدر: وإضافتها للقرآن الكريم من إضافة المصدر لفاعله، فكأنّ التقدير أعجز القرآن الناس أن يأتوا بمثله، ومعنى هذا أن القرآن الكريم دلّ بما فيه من بيان على أنّه من عند الله، وثبت عجز الناس عن أن يأتوا بمثله وهذا معناه أن القرآن صار معجزاً لهم حيث أوقع بهم العجز والضعف والقصور والتأخر وهو قد تفوّق عليهم وفاتهم وسبقهم.
وقد عرّفه القاضي عبد الجبار رحمه الله بقوله: ( معنى قولنا في القرآن الكريم أنه معجِز أنه يتعذّر على المتقدّمين في الفصاحة فعل مثله، في القدر الذي اختصّ به )[9].
ويقول الأستاذ مصطفى صادق الرافعي رحمه الله ( وإنما الإعجاز شيئان ضعف القدرة الإنسانية في محاولة المعجزة، ومزاولته على شدّة الإنسان، واتصال عنايته، ثم استمرار هذا الضعف على تراخي الزمن وتقدّمه، فكأنّ العالم كلّه في العجز إنسان واحد ليس له غير مدّته المحدودة بالغة ما بلغت)[10].
وقد عرّفه الدكتور صلاح الخالدي حيث قال: ( هو عدم قدرة الكافرين على معارضة القرآن وقصورهم عن الإتيان بمثله، رغم توفّر ملكيّتهم البيانية وقيام الداعي على ذلك وهو استمرار تحدّيهم وتقرير عجزهم عن ذلك )[11]
وممكن تعريفه بأنه ( عجز المخاطبين بالقرآن وقت نزوله ومن بعدهم إلى يوم القيامة من الإتيان بمثل هذه القرآن مع تمكّنهم من البيان وتملّكهم لأسباب الفصاحة والبلاغة وتوفّر الدواعي واستمرار البواعث).
وإعجاز القرآن الكريم للمنكرين له يدلّ على أنّه من عند الله تعالى وليس كلام أي مخلوق آخر فلو كان كلام بشر لما عجز المنكرون عن معارضته.
والخلاصة: إن الإعجاز لغة واصطلاحاً قد جاءا متقارباً وذلك في بعض المعاني كالضعف والتثبيط والتقصير وما وقع في تلك الدائرة من معان.




أمل محمد 09-25-2010 01:12 AM

المعجزة في القرآن الكريم:
ورد في القرآن الكريم استعمال مشتقات كلمة ( عجز ) نحو ست وعشرين مرة لكنه لم يرد استعمال مصطلح معجزة ولا ( إعجاز ) في القرآن الكريم ولا في السنة ولم يكن معروفاً هذا الاصطلاح في عهد النبوة والصحابة والتابعين إنما عُرف في أواخر القرن الثاني تقريباً[12].
وأطلق القرآن الكريم على المعجزة عدّة مسمّيات منها:
1-الآية: قال الله تعالى: { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنّن بها قل إنّما الآيات عند الله وما يشعركم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون }[13]
2-البيّنة: قال موسى عليه السلام لفرعون { قد جئتكم ببيّنة من ربّكم فأرسل معي بني إسرائيل }[14]
3-البرهان: قال الله تعالى: { يا أيّها الناس قد جاءكم برهان من ربّكم وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً }[15]
4-السلطان: قال الله تعالى: { وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله }[16] وقال أيضاً:{ ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملئه }[17] [18].


أمل محمد 09-25-2010 01:12 AM

أما التأثيري:
فهو مركّب إسنادي من أثر الشيء: أي حصول ما يدلّ على وجوده، يقال: أثر الشيء وأثر، والجميع آثار، يقول الله تعالى: { ثم قفينا على آثارهم برسلنا}[19]، ويقول { وآثاراً في الأرض }[20] ويقول { فانظروا إلى آثار رحمة الله }[21]. ومن هذا يقال للطريق المستدل من تقدّم آثار { فهم على آثارهم يهرعون }[22] ويقول { هم أولاء على أثري }[23].
وأثرت البعير: جعلت على خفّه أثره، أي علامة تؤثّر في الأرض ليستدلّ بها على أثره، وأثرت العلم: رويته، أثراً، وإثاره، وأثره، وأصله: تتبعت أثره.[24]
والخلاصة: فالتأثيري في اللغة مأخوذ من الأثر والنتيجة، والمحصلة الدالّة على وجود مؤثّر سواء أكان المؤثر حيّاً كما في قولهم ( أثرت البعير ) أم معنويّاً كما في قول الله تعالى: { فانظروا إلى آثار رحمة الله }. والآثار هي اللوازم المعلّقة بالشيء [25]، أو جملة الأمور التي تنتج عن الشيء المسبب لها.
اصطلاحاً: الإعجاز التأثيري للقرآن: هو ( وجه من وجوه إعجاز القرآن الكريم أشار إليه السابقون، ويتمثّل فيما يتركه القرآن الكريم من أثر ظاهر أو باطن على سامعه أو قارئه ولا يستطيع هذا السامع أو القارئ مقاومته ودفعه ولا يقتصر ذلك على المؤمنين به).[26]
أو هو تأثير القرآن الكريم في النفس الإنسانية عندما تسمعه، وتفاعلها معه حتى لو كانت نفساً كافرة.[27]


أمل محمد 09-25-2010 01:12 AM

المبحث الثاني
نشأة الإعجاز التأثيري وتطوّره:
تستطيع أن تميّز هنا بين مرحلتين من مراحل نشأة الإعجاز التأثيري وتطوّره.
المرحلة الأولى: مرحلة النشأة:
تتمثل نشأة هذا الوجه الإعجازي للقرآن الكريم بنزول القرآن نفسه اتصالاً مباشراً وذلك لما يلي:
أولاً: أمر الله تعالى في كتابه الحرص على إسماع المشركين القرآن الكريم ليكون ذلك عوناً على دعوتهم للإسلام. قال ابن حجر ( ولا خلاف بين العقلاء أن كتاب الله تعالى معجز لم يقدر أحد على معارضته بعد تحدّيهم بذلك، قال الله تعالى: { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثمّ أبلغه مأمنه }[28] فلولا أن سماعه حجّة عليه لم يقف أمره على سماعه ولا يكون حجّة إلّا وهو معجز.[29] والمعجزة لابد لها من أثر في من تعجزه إما تصديقاً أو تكذيباً.
ثانياً: ما ورد في كتب السيرة والتفسير وأغلب الكتب التي تتناول قضية الإعجاز عن لجوء رسول الله صلى الله عليه وسلم لإعجاز القرآن التأثيري كوسيلة أساسية من أسس الدعوة للإسلام وظهور أثر هذه الوسيلة الفعّال في كل من استعملت معه.
إما قبولاً واعتناقاً للإسلام أو نفوراً وإعراضاً عنه أو إقراراً لإعجاز القرآن في حاله.
ثالثاً: إن الإعجاز التأثيري في هذه المرحلة وهي مرحلة النشأة الأولى يتمثّل في الممارسة والسّلوك العمليّ للإعجاز نفسه دون التّأليف فيه أو وضع قواعد أو أصول له، وإنما تدلّ الشواهد الكثيرة على ممارسته في حياة المسلمين. وبعد قرنين من الزمان وفي أوائل القرن الثالث الهجري أشار الجاحظ من خلال حديثه عن الإعجاز البلاغي للقرآن إشارات خاطفة للإعجاز التأثيري [30] وكذلك فعل الرماني في منتصف القرن الرابع.

أمل محمد 09-25-2010 01:13 AM

المرحلة الثانية: مرحلة التأهيل العلمي للإعجاز التأثيري:
كثير من علماء التفسير والقرآن والبلاغة في القديم والحديث لاحظوا تأثير القرآن الكريم في القلوب وأثره في النفوس فاعتبروا ذلك التأثير من وجوه إعجاز القرآن وعبّروا عنه بعبارات متفاوتة وسأقف مع عدد من العلماء في القديم والحديث ممّن تحدّثوا عن الإعجاز التأثيريّ.
الخطابي أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي – ت 388هـ.
وكان أوّل من اعتبر هذا التأثير القرآني وجهاً خاصّاً من وجوه الإعجاز هو الإمام الخطّابي فقد نص عليه نصّاً في رسالة ( بيان إعجاز القرآن ) فقال ( قلت في إعجاز القرآن وجهاً آخر ذهب عنه الناس فلا يكاد يعرفه إلا الشاذّ من آحادهم وذلك حيفة بالقلوب، وتأثيره في النّفوس فإنّك لا تسمع كلاماً غير القرآن، منظوراً ولا منثوراً، إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللّذة والحلاوة في حال، ومن الروعة والمهابة في أخرى، ما يخلص منه إليه تستبشر به النفوس وتنشرح له الصدور حتى إذا أخذت حظّها منه عادت إليه مرتاعة قد عراها الوجيب والقلق تغشّاها الخوف والفرق، تقشعرّ منه الجلود وتنزعج له القلوب، يحول بين النفس وبين مضمراتها وعقائدها الراسخة فيها.
فكم من عدو للرسول صلى الله عليه وسلم من رجال العرب، أقبلوا يريدون اغتياله وقتله فسمعوا آيات القرآن فلم يلبثوا حين وقعت في مسامعهم أن يتحوّلوا عن رأيهم الأوّل وأن يركنوا إلى مسالمته، ويدخلوا في دينه، وصارت عداوتهم موالاة وكفرهم إيماناً [31]
ابن قيّم الجوزيّة ت 75 ورأيه في الإعجاز التأثيري:
يبيّن ابن قيّم الجوزيّة ما يقع في النفوس عند تلاوته وسماعه من الورعة ما يملأ القلوب هيبة والنفوس خشية، وتستلذ الأسماع وتميل إليه بالحنين الطباع، سواءً أكانت فاهمة لمعانيه أم غير فاهمة، وسواءً أكانت كافرة بما جاء به أم مؤمنة.

أمل محمد 09-25-2010 01:13 AM

يقول في كتابه ( الفوائد )[32] ( إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله قال الله تعالى { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد })[33]
وذلك أن تمام التأثير لما كان له موقوفاً على مؤثر مقتفى ومحل قابل وشرط لحصول الأثر وانتفاء المانع الذي يمنع منه، تضمّنت الآية بيان ذلك كلّه بأوجز لفظ وأبينه وأدلّة على المراد بقوله { إن في ذلك لذكرى } إشارة إلى ما تقدّم من أوّل السورة إلى هاهنا وهذا هو المؤثّر، وقوله { من كان له قلب } فهذا هو المحل القابل والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله، كما قال الله سبحانه وتعالى: { إن هو إلا ذكر وقرآن مبين لينذر من كان حيّاً }[34] أي حيّ القلب وقوله تعالى { أو ألقى السمع وهو شهيد } أي وجه سمعه وأصفى حاسّة سمعه إلى ما يقال له، وهذا شرط التّأثير بالكلام وقوله ( وهو شهيد ) أي شاهد القلب حاضراً غير غائب، أي استمع إلى كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم، وليس بغافلٍ ولا ساه، وهو إشارة إلى المانع من حصول التّأثير وهو سهو القلب وغيبته عن تعقّل عن ما يقال له والنظر في تأمّله.

أمل محمد 09-25-2010 01:13 AM

فإذا حصل المؤثّر وهو القرآن، والمحلّ المقابل وهو القلب الحيّ ووجد الشرط وهو الإصغاء وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر حصل الأثر وهو الانتفاء بالذكر.
ثم يقول: فإن قيل: إذا كان التأثير إنما يتمّ بمجموع هذه الأشياء مما وجه دخول أداة أو في قوله { أو ألقى السمع } والموضوع موضوع واو الجمع لا موضع أو التي هي لأحد الشيئين ؟ قيل: هذا سؤال جيد، والجواب عنه أن يقال: خرج الكلام باعتبار حال المخاطب المدعو فإنه من الناس من يكون حيّ القلب واعيه تامّ الفطرة فإذا فكر بقلبه وحال بفكره دلّه قلبه وعقله على صحّة القرآن، وأنه من الحقّ، وشهد قلبه بما أخبر القرآن.
فكان ورود القرآن على قلبه نوراً على نور الفطرة، وهذا وصف الذين قال فيهم القرآن: { ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحقّ}[35].


أمل محمد 09-25-2010 01:14 AM

من خلال هذا نرى رؤية ابن القيّم في مسألة التأثير، وكيفيّة حدوثها، وبيان أركانها وجوانبها، فإنه يرى أنها تقوم على أركان عدّة:
1- المؤثر القويّ ( والمقصود به القرآن الكريم )
2- أداتا التلقّي ( القلب والسمع )
3- رغبة السامع في تفهّم ما يسمع وتعقّله.
4- الخروج من شتّى الموانع، سواء أكانت انحرافات عقائدية، أم شبهات فكريّة، أم نزعات شهوانيّة، أم مكانة أدبيّة، أم منزلة اجتماعيّة، أم غير ذلك.
ومن الملاحظ أن ابن القيّم رحمه الله يتحدّث هنا عن دعوة المسلم للانتفاع بالقرآن الكريم، ولا ينصّ على ذكر الكافر وذلك فإنّه لا يكشف عن الجانب الأهمّ في إعجاز القرآن التّأثيريّ ألا وهو: أثره على الكافر.
بعد هذا العرض لرأي بعض الأقدمين عن الإعجاز التأثيريّ أعرض رأي بعض العلماء المحدثين حول هذا الوجه من وجوه الإعجاز لتظهر لنا مراحل تطوّره.

أمل محمد 09-25-2010 01:14 AM

الدكتور عبد الكريم الخطيب ورأيه في الإعجاز التأثيري للقرآن الكريم:
تحدّث الدكتور عبد الكريم الخطيب عن إعجاز القرآن الكريم – بصفة عامّة – حديثاً طويلاً، متناولاً إيّاه من خلال آراء علماء البلاغة – الذين تناولوا وجوهه المتعدّدة، ووقف أمام وجه الإعجاز التأثيري للقرآن وقفات دقيقة، فنراه يحاول أن يكشف عن سرّ تأثير القرآن فيمن سمعه من المؤمنين والكافرين على حدّ سواء:
(( إن كلمات القرآن التي كانت على فم الناس، كان لها رحلة إلى الملأ من الأرض إلى السماء من أفواه الناس إلى عالم الروح، والحق والنور، وهناك في هذا العالم / عالم الروح والحق والنور / عاشت تلك الكلمات دهراً طويلاً بين ملائكة، وولدان، وحور، فنفضت عليها هذه الحياة الجديدة، روحاً من روحها، وجلالاً من جلالها ونوراً من نورها، حتى إذا أذن لها الحكيم الخبير أن تعود أدراجها إلى الأرض وتلقى في أفواه الناس مرة أخرى، وتطرق أسماعهم، وتتصل بعقولهم وقلوبهم، لم ينكروا شيئاً من وجودها، وإن سرى إليهم من هذا الوجود ما يخطف الأبصار ويخلب الألباب، فالمؤمنون في شوق متجدد معه وفي خير متصل منه، وفي عطاء موصول من ثمره، كلما مدّوا أيديهم قطفوا من أدبه أدباً عالياً ومن علمه علماً نافعاً، ومن شريعته ديناً قيّماً، وغير المؤمنين في عجب من أمره ودهش. يتناولونه بألسنة حداد، ويرمونه بسهام مسنونة، وبكيد عظام، فما يصل إليه من كيدهم شيء ))[36].

أمل محمد 09-25-2010 01:14 AM

إن العبارة السابقة يحاول فيها الخطيب أن يضع أيدينا على هذا السر الذي جعل لكلمات القرآن على من يسمعه من الأثر الواضح ما لا نجده مما نسمعه من كلام آخر، فكلمات القرآن الكريم قد رحلت إلى الملأ الأعلى حيناً من الزمن، أعطاها هذا الرحيل سرّاً يخطف الأبصار، ويخلب الألباب، ويجعل المؤمنين به في شوق دائم لسماعه، وغير المؤمنين في عجب ودهش من أمره.
ويقول الدكتور الخطيب معلّقاً على كلام الإمام الخطّابي عن الإعجاز التأثيري للقرآن: ( وهذا الوجه من وجوه الإعجاز هو – فيما نرى – المعجزة القائمة في القرآن أبداً، الحاضرة في كل حين، وهي التي تسع الناس جميعاً، عالمهم وجاهلهم، عربيّهم وأعجميّهم، إنسهم وجنّهم ) { قل أوحي إليّ أنّه استمع نفر من الجنّ فقالوا إنّا سمعنا قرآناً عجباً، يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً }[37] [38]
ويعقّب الدكتور الخطيب تعقيباً على كلام ابن عطيّة عن وجوه الإعجاز فيقول: ( وهذا هو سر الإعجاز وعظمته كلمات هن من كلام الناس ثم يفعلن هذا الأمر العجيب في النفوس، ويضمن هذا السلطان القاهر على القلوب )[39]
من خلال ما تقدّم نرى أن حديث الدكتور الخطيب عن الإعجاز يرتكز بصورة أساسيّة على ما يحدثه القرآن من أثر في النفوس كما رأينا ذلك واضحاً في مقارنة بين أثر كلام البشر وكلمات القرآن على النفوس البشريّة المؤمنة بالقرآن والمنكرة له على السواء.
إن آيات القرآن الكريم والأحاديث النبويّة الشريفة ومواقف الصحابة بل وما في واقع الحياة البشريّة في عصرنا الحالي وكلّ ما ذكره الدكتور تثبت وترصد مظاهر هذا الوجه من وجوه الإعجاز في حياة البشر وتؤكد اختياره له[40].

أمل محمد 09-25-2010 01:15 AM

إن الدكتور الخطيب ذهب إلى أكثر من الاختيار لوجه الإعجاز التأثيري للقرآن الكريم إلى ما هو أبعد من ذلك، عندما أخذ يبيّن مزايا هذا الوجه دون سواه فهذا الوجه يمتاز عن سائر وجوه الإعجاز بأنّه:
1- المعجزة القائمة في كل حين.
2- أنها تسع الناس جميعاً عالمهم وجاهلهم.
3- أنها تسع لكل لغاتهم عربيهم وعجميهم.
4- أنها لا تقتصر على الإنس وحدهم بل وتسع الجن أيضاً.
4. الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ورأيه في الإعجاز التأثيري:
لقد أفرد الشيخ محمد الغزالي في كتابه ( نظرات في القرآن ) فصلاً كاملاً عن الإعجاز في القرآن الكريم، ويرى فيه أن إعجاز القرآن يبرز في وجوه ثلاثة ( الإعجاز النفسي، الإعجاز العلمي، الإعجاز البياني ) ومن خلال حديثه عن الإعجاز النفسي التأثيري نراه يتمثّل في نقاط أربع:
1- مكانة الإعجاز التأثيري
2- تأثير القرآن في المؤمن والكافر
3- من وسائل تأثير القرآن: تقديم الدليل المفحم على كل شبهة، تعريف الأمثال.
4- مواضع التأثّر بالقرآن.


أمل محمد 09-25-2010 01:15 AM

وحديث الشيخ عن الإعجاز النفسي والتأثيري جاء مرسلاً دالّاً على سجيّة مؤلفه ويحمل في طواياه هذه النقاط الأربع السابقة، ونتلمس النقطة الأولى من حديث الشيخ عن الإعجاز النفسي فبعد أن يتحدّث عمّا يعرض له القرآن من عقائد دينيّة وأحكام تشريعية وحقائق علمية يقول: ( قد تجد في القرآن حقيقة مفردة، ولكن هذه الحقيقة تظهر في ألف ثوب، وتتوزّع تحت عناوين شتّى، كما تذوق السكر في عشرات الطعوم والفواكه وهذا التكرار مقصود، وإن لم تزد به الحقيقة العلميّة في مفهومها، ذلك أن الغرض ليس تقرير الحقيقة فقط، بل بناء الأفكار والمشاعر ونقاط مؤلفه آخر ما تختلفه اللجاجة من شبهات......، ثم الكرّ عليها بالحجج الدامغة حتى تبقى النفس وليس أمامها مفرّ من الخضوع لمفهومها للحق والاستكانة لله وعندي أن قدراً من إعجاز القرآن الكريم يرجع إلى هذا )[41]
تلك هي مكانة الإعجاز التأثيري عند الشيخ فإن كان للقرآن الكريم وجوه إعجاز أخرى غير أنها لا تصل في قدرها وأهميّتها إلى الإعجاز التأثيري للقرآن الكريم في نفس الإنسان ولكن هل يتأثّر كل إنسان بالقرآن ؟ أم يقتصر هذا التأثير على المؤمنين به ؟ ويرد أمامنا على هذا التساؤل بما يؤكد مكانة الإعجاز التأثيري بين وجوه الإعجاز، وعدم اقتصاره على نفس إنسانية دون أخرى فيقول:
( فما أظن امرءاً سليم الفكر والضمير يتلو القرآن ويستمع إليه ثم يزعم أنه لم يتأثر به، قد تقول: ولم يتأثر به ؟ والجواب: أنه ما من هاجس يعرض للنفس الإنسانية من ناحية الحقائق الدينية إلا ويعرض له القرآن بالهداية وسداد التوجيه، ما أكثر ما يعزّ المرء من نفسه، وما أكثر الذين يمضون في سبل الحياة هائمين على وجوههم، ما تمسكهم بالدنيا إلا ضرورات المادة فحسب.

أمل محمد 09-25-2010 01:15 AM

إن القرآن الكريم بأسلوبه الفريد يردّ الصواب إلى أولئك جميعاً وكأنه عرف ضائقة كل ذي ضيق وزلّة كل ذي زلل ثم تكفّل بإزاحتها كلّها، كما يعرف الراعي آية تاهت خرافه، فهو يجمعها من هنا وهناك لا يغيب عن بصره ولا عن عطفه واحدة منهم.
وذلك سر التعميم في قوله تعالى { ولقد صرفنا في هذا القرآن من كلّ مثل }[42] حتى الذين يكذبون بالقرآن ويرفضون الاعتراف بأنه من عند الله أنهم يقضون منه مثلما يقف الماجن أمام أب ثاكل، قد لا ينخلع من مجونه الغالب عليه ولكنّه يؤخذ فترة ما يصدّ من العاطفة الباكية أو مثلما يقف الخلي أما خطيب يهدر بالصدق ويحدث العميان عن اليقين الذي يريد ولا يرون أنه قد يرجع مستهزئاً، ولكنه يرجع بغير النفس التي جاء بها.
والمنكرون من هذا النوع لا يطمعون في التأثير النفساني للقرآن الكريم، كما أن العميان لا يطعنون في قيمة الأشعة ولذا يقول الله عز وجل: { الله نزّل أحسن الحديث }[43] [44]



الساعة الآن 03:04 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team