![]() |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ العداء المتأصل ] ------------------ إن القرآن الكريم يدعونا لاتخاذ موقع العداء من الشياطين .. وليس المطلوب هو العداء ( التعبدي ) فحسب ، بل العداء ( الواعي ) الذي منشأه الشعور بكيد العدو وتربّصه الفرص للقضاء على العبد ، خصوصا مع الحقد الذي يكنّه تجاه آدم وذريته ، إذ كان خلقه بما صاحبه من تكليف بالسجود مبدأ لشقائه الأبدي ، وكأنه بكيده لبنيه يريد أن ( يشفي ) الغليل مما وقع فيه .. وشأن العبد الذي يعيش هذا العداء المتأصل ، شأن من يعيش في بلد هدر فيها دمـه .. فكم يبلغ مدي خوفه وحذره ممن يطلب دمه بعد هدره له ؟!. 4 / 9 / 2010 |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ مؤشر درجة العبد ] ---------------------------- لو اعتبرنا أن هناك ثمة مؤشر يشير إلى حالات تذبذب الروح تعاليا وتسافلاً ، فإن المؤشر الذي يشير إلى درجة الهبوط الأدنى للروح ، هو الذي يحدد المستوى الطبيعي للعبد في درجاته الروحية .. فدرجة العبد هي الحد ( الأدنى ) للهبوط لا الحد ( الأعلى ) في الصعود ، إذ أن الدرجة الطبيعية للعبد تابعة لأخس المقدمات لا لأعلاها .. فإن التعالي استثناء لا يقاس عليه ، بينما الهبوط موافق لطبيعة النفس الميالة للّعب واللهو .. فهذه هي القاعدة التي يستكشف بها العبد درجته ومقدار قربه من الحق تعالى .. وقد ورد عن النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) أنه قال : { من أحب أن يعلم ما له عند الله ، فليعلم ما لله عنده } .. وبذلك يدرك مدى الضعف الذي يعيشه ، وهذا الإحساس بالضعف بدوره مانع من حصول العجب والتفاخر ، بل مدعاة له للخروج منه ، إلى حيث القدرة الثابتة المطردة . 5 / 9 / 2010 |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ مجالس اللهو والحرام ] ------------------------------------ إن بعض المجالس التي يرتادها العبد ، يكون في مظان اللهو أو الوقوع في الحرام ، كالأعراس والأسواق والجلوس مع أهل المعاصي .. ومن هنا لزم على المؤمن أن ( يهيئ ) نفسه لتحاشي المزالق قبل ( التورط ) فيما لو اضطر إلى الدخول فيها .. وليُعلم أن الجالس مع قوم إنما يبذل لهم ما هو أهم من المال - وهي اللحظات التي لا تثمن من حياته - فكما يبخل الإنسان بماله ، فالأجدر به أن يبخل ببذل ساعات من عمره للآخرين من دون عوض .. وتعظم ( المصيبة ) عندما يكون ذلك العوض هو ( تعريض ) نفسه لسخط المولى جل ذكره ، فكان كمن بذل ماله في شراء ما فيه هلاكه .. وأشد الناس حسرة يوم القيامة من باع دينه بدنيا غيره . 6 / 9 / 2010 |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ منبّهية الآلام الروحية ] ------------------------------------- كما أن الآلام ( العضوية ) منبهة على وجود العارض في البدن ، فكذلك الآلام ( الروحية ) الموجبة لضيق الصدر ، منبّهة على وجود عارض البعد عن الحق .. إذ كما انه بذكر الله تعالى ( تطمئن ) القلوب ، فكذلك بالإعراض عنه ( تضيق ) القلوب بما يوجب الضنك في العيش ، فيكون صاحبه كأنما يصّـعد في السماء ، والمتحسس لهذا الألم أقرب إلى العلاج قبل الاستفحال .. والذي لا يكتوي بنار البعد عن الحق - كما هو شان الكثيرين - يكاد يستحيل في حقه الشفاء ، إلا في مرحلة : { فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد } ، وعندئذ لا تنفعه هذه البصيرة المتأخرة عن وقت الحاجة . 7 / 9 / 2010 |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ آيات لأولي الألباب ] -------------------------------- إن التأثر ( بآيـتيّة ) الآيات متوقفة على وجود ( اللّب ) المدرك لها .. فالآية علامة لذي العلامة ، والذي لا يعرف لغة العلامة كيف يتعرّف على ذي العلامة ؟!.. فمَثَل الباحثين في الطبيعة والغافلين عن الحق ، كمَثَل من يحلل اللوحة الجميلة إلى أخشاب وألوان .. فتراهم يرهقون أنفسهم في البحث عن مادة اللوحة وألوانها ، ولا يدركون شيئا من جمال نفس اللوحة ولا جمال مصورها ، وليس ذلك إلا لانتفاء اللبّ فيهم إذ { ان في ذلك لآيات لأولي الألباب }.. فعيونهم المبصرة والآلة الصماء التي يتم بها الكشف والاختراع على حد سواء ، في انهما لا يبصران من جمال المبدع شيئا . 8 / 9 / 2010 |
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ التسمية نوع استئذان] -------------------------------- إن التسمية قبل الفعل - من الأكل وغيره - نوع ( استئذان ) من العبد في التصرف فيما يملكه الحق ، وإن كان الأمر حقيرا عند العبد ، فالأمر في جوهره وعند أهله المستشعرين للطائف العبودية ، يتجاوز مرحلة الاستحباب .. وهكذا الأمر في جميع الحركات المستلزمة للتصرف في ملك من أمـلاك المولى جل ذكره .. ولهذا فإن كل عمل غير مبدوء بـ ( بسم الله ) فهو أبتر ، إذ كيف يبارك المولى في عبد لا ينسب عمله إليه ، ولا يصدر منطلقا من رضاه ، بل يتصرف في ملكه من دون ( إحراز ) رضاه ؟!. 9 / 9 / 2010 |
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ الإعراض بعد الإدبار ] ------------------------------------- لابد من المراقبة الشديدة للنفس بعد حالات الإقبال - وخاصة - الشديدة منها .. وذلك لأن ( الإعراض ) المفاجئ باختيار العبد - بعد ذلك الإقبال - يُـعد نوع ( سوء ) أدب مع المولى الذي منّ على عبده بالإقبال وهو الغني عن العالمين .. ولطالما يتفق مثل هذا الإقبال - في ملأ من الناس - بعد ذكر لله تعالى ، وعند الفراغ من ذلك يسترسل العبد في الإقبال على الخلق ، فيما لا يرضي الحق : من لغو في قول ، أو ممقوت من مزاح ، أو وقوع في عرض مؤمن أو غير ذلك .. ومثل هذا الإدبار الاختياري قد ( يحرم ) العبد نعمة إقبال الحق عليه مرة أخرى ، وهي عقوبة قاسية لو تعقّلها العبد .. 10 / 9 / 2010 |
أستاذي الفاضل حميد شيخ الشباب الحقيقة أنا فخور بما تقدمه من جهد وفكر وسلوك وأخلاق راقية وسعة صدر ومضة أكثر من رائعة , فيها الكثير من العلم والذوق والسلوك جزاك الله خيرا ً سلامي لك أيها الفاضل |
اقتباس:
تحية مباركة و أسعدَ اللهُ تعالى أيامك الحمدُ للهِ سبحانهُ على تفضلهِ علينا بنعمهِ التي لا تحصى و ما نتمتعُ بهِ من جهدٍ و فكر ٍ و سلوك هي من بركات ِ المولى الكريم أسألهُ تعالى أن يُديمَ علينا نِعَمهُ كي نتمكنَ من السير ِ على طريقَ هداه لكَ شكري و تقديري حميد 12 / 9 / 2010 |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ الأجر الجزيل على القليل ] ------------------------------------- قد يستغرب البعض من ترتب بعض ما روي من ( عظيم ) الثواب على اليسير من العبادة .. ولو كان هذا الاستغراب بمثابة عارض أوّلى لا قرار له في النفس لهان الأمر ، ولكن الجاد في استغرابه ، فإنما هو قاصر : إمّا في إدراك ( قدرة ) المولى على استحداث ما لم يخطر على قلب بشر بمقتضى إرادته التكوينية المنبعثة من الكاف والنون ، أو في إدراك مدى ( كرمه ) وسعة تفضله الذي استقامت به السموات والأرض .. فمن يجمع بين القدرة القاهرة و العطاء بلا حساب ، فإنه لا يعجزه الأجر الذي لا يقاس إلى العمل .. إذ الثواب المبذول إنما هو اقرب للعطايا منه إلى الأجور .. وليعلم أخيرا أن نسبة قدرة الحق المتعال إلى الأمر - الحقير والجليل - على حد سواء .. فلماذا العجب بعد ذلك ؟!. 12 / 9 / 2010 |
الساعة الآن 01:54 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.