![]() |
{39} وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ
"وَ" أَهَلَكْنَا "قَارُون وَفِرْعَوْن وَهَامَان وَلَقَدْ جَاءَهُمْ" مِنْ قَبْل "مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ" الْحِجَج الظَّاهِرَات "فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْض وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ" فَائِتِينَ عَذَابنَا |
{40} فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
"فَكُلًّا" مِنْ الْمَذْكُورِينَ "أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا" رِيحًا عَاصِفَة فِيهَا حَصْبَاء كَقَوْمِ لُوط "وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَة" كَثَمُود "وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْض" كَقَارُون "وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا" كَقَوْمِ نُوح وَفِرْعَوْن وَقَوْمه "وَمَا كَانَ اللَّه لِيَظْلِمهُمْ" فَيُعَذِّبهُمْ بِغَيْرِ ذَنْب "وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسهمْ يَظْلِمُونَ" بِارْتِكَابِ الذَّنْب |
{41} مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
"مِثْل الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُون اللَّه أَوْلِيَاء" أَيْ أَصْنَامًا يَرْجُونَ نَفْعهَا "كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوت اتَّخَذَتْ بَيْتًا" لِنَفْسِهَا تَأْوِي إلَيْهِ "وَإِنْ أَوْهَن" أَضْعَف "الْبُيُوت لِبَيْتِ الْعَنْكَبُوت" لَا يَدْفَع عَنْهَا حَرًّا وَلَا بَرْدًا كَذَلِكَ الْأَصْنَام لَا تَنْفَع عَابِدِيهَا "لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" ذَلِكَ مَا عَبَدُوهَا |
{42} إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
"إنَّ اللَّه يَعْلَم مَا" بِمَعْنَى الَّذِي "يَدْعُونَ" يَعْبُدُونَ بِالْيَاءِ وَالتَّاء "مِنْ دُونه" غَيْره "مِنْ شَيْء وَهُوَ الْعَزِيز" فِي مُلْكه "الْحَكِيم" فِي صُنْعه |
{43} وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ "وَتِلْكَ الْأَمْثَال" فِي الْقُرْآن "نَضْرِبهَا" نَجْعَلهَا "لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلهَا" أَيْ يَفْهَمهَا "إلَّا الْعَالِمُونَ" الْمُتَدَبِّرُونَ |
{44} خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ
"خَلْق اللَّه السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ" أَيْ مُحِقًّا "إنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة" دَالَّة عَلَى قُدْرَته تَعَالَى "لِلْمُؤْمِنِينَ" خُصُّوا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمْ الْمُنْتَفِعُونَ بِهَا فِي الْإِيمَان بِخِلَافِ الْكَافِرِينَ |
{45} اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
"اُتْلُ مَا أُوحِيَ إلَيْك مِنْ الْكِتَاب" الْقُرْآن "وَأَقِمْ الصَّلَاة إنَّ الصَّلَاة تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَر" شَرْعًا : أَيْ مِنْ شَأْنهَا ذَلِكَ مَا دَامَ الْمَرْء فِيهَا "وَلَذِكْر اللَّه أَكْبَر" مِنْ غَيْره مِنْ الطَّاعَات فَسَّرَ الْآيَة بِأَنَّ ذِكْر اللَّه أَكْبَر مِنْ غَيْره مِنْ الطَّاعَات وَاَلَّذِي فَسَّرَهُ الْعُلَمَاء : أَنَّ ذِكْر اللَّه بِالصَّلَاةِ أَكْبَر مِنْ ذِكْره فِي غَيْرهَا "وَاَللَّه يَعْلَم مَا تَصْنَعُونَ" فَيُجَازِيكُمْ بِهِ |
{46} وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ "وَلَا تُجَادِلُوا أَهْل الْكِتَاب إلَّا بِاَلَّتِي" أَيْ : الْمُجَادَلَة الَّتِي "هِيَ أَحْسَن" كَالدُّعَاءِ إلَى اللَّه بِآيَاتِهِ وَالتَّنْبِيه عَلَى حُجَجه "إلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ" بِأَنْ حَارَبُوا وَأَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا بِالْجِزْيَةِ فَجَادَلُوهُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَة "وَقُولُوا" لِمَنْ قَبْل الْإِقْرَار بِالْجِزْيَةِ إذَا أَخْبَرُوكُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا فِي كُتُبهمْ "آمَنَّا بِاَلَّذِي أُنْزِلَ إلَيْنَا وَأُنْزِلَ إلَيْكُمْ" وَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ فِي ذَلِكَ "وَإِلَهنَا وَإِلَهكُمْ وَاحِد وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" مُطِيعُونَ |
{47} وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ
"وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إلَيْك الْكِتَاب" الْقُرْآن كَمَا أَنَزَلْنَا إلَيْهِمْ التَّوْرَاة وَغَيْرهَا "فَاَلَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب" التَّوْرَاة كَعَبْدِ اللَّه بْن سَلَّام وَغَيْره "يُؤْمِنُونَ بِهِ" بِالْقُرْآنِ "وَمِنْ هَؤُلَاءِ" أَهْل مَكَّة "مَنْ يُؤْمِن بِهِ وَمَا يَجْحَد بِآيَاتِنَا" بَعْد ظُهُورهَا "إلَّا الْكَافِرُونَ" أَيْ الْيَهُود وَظَهَرَ لَهُمْ أَنَّ الْقُرْآن حَقّ وَالْجَائِي بِهِ مُحِقّ وَجَحَدُوا ذَلِكَ |
{48} وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ
"وَمَا كُنْت تَتْلُو مِنْ قَبْله" أَيْ الْقُرْآن "مِنْ كِتَاب وَلَا تَخُطّهُ بِيَمِينِك إذًا" أَيْ : لَوْ كُنْت قَارِئًا كَاتِبًا "لَارْتَابَ" شَكَّ "الْمُبْطِلُونَ" الْيَهُود فِيك وَقَالُوا : الَّذِي فِي التَّوْرَاة أَنَّهُ أُمِّيّ لَا يَقْرَأ وَلَا يَكْتُب |
{49} بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ
"بَلْ هُوَ" أَيْ الْقُرْآن الَّذِي جِئْت بِهِ "آيَات بَيِّنَات فِي صُدُور الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم" أَيْ الْمُؤْمِنُونَ يَحْفَظُونَهُ "وَمَا يَجْحَد بِآيَاتِنَا إلَّا الظَّالِمُونَ" أَيْ الْيَهُود وَجَحَدُوهَا بَعْد ظُهُورهَا لَهُمْ |
{50} وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ
"وَقَالُوا" أَيْ كُفَّار مَكَّة "لَوْلَا" هَلَّا "أُنْزِلَ عَلَيْهِ" أَيْ مُحَمَّد "آيَة مِنْ رَبّه" وَفِي قِرَاءَة : آيَات كَنَاقَةِ صَالِح وَعَصَا مُوسَى وَمَائِدَة عِيسَى "قُلْ" لَهُمْ "إنَّمَا الْآيَات عِنْد اللَّه" يُنْزِلهَا كَيْفَ يَشَاء "وَإِنَّمَا أَنَا نَذِير مُبِين" مُظْهِر إنْذَارِي بِالنَّارِ أَهْل الْمَعْصِيَة |
{51} أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
"أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ" فِيمَا طَلَبُوا "أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْكِتَاب" الْقُرْآن "يُتْلَى عَلَيْهِمْ" فَهِيَ آيَة مُسْتَمِرَّة لَا انْقِضَاء لَهَا بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْآيَات "إنَّ فِي ذَلِكَ" الْكِتَاب "لَرَحْمَة وَذِكْرَى" عِظَة |
{52} قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ
"قُلْ كَفَى بِاَللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنكُمْ شَهِيدًا" بِصِدْقِي "يَعْلَم مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض" وَمِنْهُ حَالِي وَحَالكُمْ "وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ" وَهُوَ مَا يَعْبُد مِنْ دُون اللَّه "وَكَفَرُوا بِاَللَّهِ" مِنْكُمْ "أُولَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ" فِي صَفْقَتهمْ حَيْثُ اشْتَرَوْا الْكُفْر بِالْإِيمَانِ |
{53} وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
"وَيَسْتَعْجِلُونَك بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَل مُسَمًّى" لَهُ "لَجَاءَهُمْ الْعَذَاب" عَاجِلًا "وَلَيَأْتِيَنهمْ بَغْتَة وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" بِوَقْتِ إتْيَانه |
{54} يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ
"يَسْتَعْجِلُونَك بِالْعَذَابِ" فِي الدُّنْيَا |
{55} يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
"يَوْم يَغْشَاهُمْ الْعَذَاب مِنْ فَوْقهمْ وَمِنْ تَحْت أَرَجُلهمْ وَنَقُول" فِيهِ بِالنُّونِ أَيْ : نَأْمُر بِالْقَوْلِ وَبِالْيَاءِ يَقُول : أَيْ : الْمُوَكَّل بِالْعَذَابِ "ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" أَيْ : جَزَاءَهُ فَلَا تَفُوتُونَنَا |
{56} يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ
"يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ أَرْضِي وَاسِعَة فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِي" فِي أَيّ أَرْض تَيَسَّرَتْ فِيهَا الْعِبَادَة بِأَنْ تُهَاجِرُوا إلَيْهَا مِنْ أَرْض لَمْ تَتَيَسَّر فِيهَا نَزَلَ فِي ضُعَفَاء مُسْلِمِي أَهْل مَكَّة كَانُوا فِي ضِيق مِنْ إظْهَار الْإِسْلَام بِهَا |
{57} كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ "كُلّ نَفْس ذَائِقَة الْمَوْت ثُمَّ إلَيْنَا تُرْجَعُونَ" بِالتَّاءِ وَالْيَاء بَعْد الْبَعْث |
{58} وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
"وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَنُبَوِّئَنَّهُمْ" نُنْزِلَنَّهُمْ وَفِي قِرَاءَة بِالْمُثَلَّثَةِ بَعْد النُّون مِنْ الثَّوَاء : الْإِقَامَة وَتَعْدِيَته إلَى غُرَفًا بِحَذْفِ فِي "مِنْ الْجَنَّة غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ" مُقَدَّرِينَ الْخُلُود "فِيهَا نِعْمَ أَجْر الْعَامِلِينَ" هَذَا الْأَجْر |
{59} الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
"الَّذِينَ صَبَرُوا" أَيْ عَلَى أَذَى الْمُشْرِكِينَ وَالْهِجْرَة لِإِظْهَارِ الدِّين "وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ" فَيَرْزُقهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ |
{60} وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
"وَكَأَيِّنْ" كَمْ "مِنْ دَابَّة لَا تَحْمِل رِزْقهَا" لِضَعْفِهَا "اللَّه يَرْزُقهَا وَإِيَّاكُمْ" أَيّهَا الْمُهَاجِرُونَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَكُمْ زَاد وَلَا نَفَقَة "وَهُوَ السَّمِيع" لِأَقْوَالِكُمْ "الْعَلِيم" بِضَمَائِرِكُمْ |
{61} وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ "وَلَئِنْ" لَام قَسَم "سَأَلْتهمْ" أَيْ الْكُفَّار "مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَسَخَّرَ الشَّمْس وَالْقَمَر لَيَقُولُنَّ اللَّه فَأَنَّا يُؤْفَكُونَ" يُصْرَفُونَ عَنْ تَوْحِيده بَعْد إقْرَارهمْ بِذَلِكَ |
{62} اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
"اللَّه يَبْسُط الرِّزْق" يُوَسِّعهُ "لِمَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده" امْتِحَانًا "وَيَقْدِر" يُضَيِّق "لَهُ" بَعْد الْبَسْط أَيْ لِمَنْ يَشَاء ابْتِلَاءَهُ "إنَّ اللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيم" وَمِنْهُ مَحَلّ الْبَسْط وَالتَّضْيِيق |
{63} وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ
"وَلَئِنْ" لَام قَسَم "سَأَلْتهمْ مَنْ نَزَّلَ مِنْ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْض مِنْ بَعْد مَوْتهَا لَيَقُولُنَّ اللَّه" فَكَيْفَ يُشْرِكُونَ بِهِ "قُلْ" لَهُمْ "الْحَمْد لِلَّهِ" عَلَى ثُبُوت الْحُجَّة عَلَيْكُمْ "بَلْ أَكْثَرهمْ لَا يَعْقِلُونَ" تَنَاقُضهمْ فِي ذَلِكَ |
{64} وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ "وَمَا هَذِهِ الْحَيَاة الدُّنْيَا إلَّا لَهْو وَلَعِب" وَأَمَّا الْقُرْب فَمِنْ أُمُور الْآخِرَة لِظُهُورِ ثَمَرَتهَا فِيهَا "وَإِنَّ الدَّار الْآخِرَة لَهِيَ الْحَيَوَان" بِمَعْنَى الْحَيَاة "لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" ذَلِكَ مَا آثَرُوا الدُّنْيَا عَلَيْهَا |
{65} فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ
"فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْك دَعَوْا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين" أَيْ الدُّعَاء أَيْ : لَا يَدْعُونَ مَعَهُ غَيْره لِأَنَّهُمْ فِي شِدَّة لَا يَكْشِفهَا إلَّا هُوَ "فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إلَى الْبَرّ إذَا هُمْ يُشْرِكُونَ" بِهِ |
{66} لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
"لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ" مِنْ النِّعْمَة "وَلِيَتَمَتَّعُوا" بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى عِبَادَة الْأَصْنَام وَفِي قِرَاءَة بِسُكُونِ اللَّام أَمْر تَهْدِيد "فَسَوْف يَعْلَمُونَ" عَاقِبَة ذَلِكَ |
{67} أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ
"أَوَلَمْ يَرَوْا" يَعْلَمُوا "أَنَّا جَعَلْنَا" بَلَدهمْ مَكَّة "حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّف النَّاس مِنْ حَوْلهمْ" قَتْلًا وَسَبْيًا دُونهمْ "أَفَبِالْبَاطِلِ" الصَّنَم "يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّه يَكْفُرُونَ" بِإِشْرَاكِهِمْ |
{68} وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ
"وَمَنْ" أَيْ لَا أَحَد "أَظْلَم مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا" بِأَنْ أَشْرَكَ بِهِ "أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ" النَّبِيّ أَوْ الْكِتَاب "لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّم مَثْوًى" مَأْوًى "لِلْكَافِرِينَ" أَيْ فِيهَا ذَلِكَ وَهُوَ مِنْهُمْ |
{69} وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ
"وَاَلَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا" فِي حَقّنَا "لِنَهْدِيَنهمْ سُبُلنَا" أَيْ طُرُق السَّيْر إلَيْنَا "وَإِنَّ اللَّه لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّصْرِ وَالْعَوْن |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
الساعة الآن 06:23 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.