![]() |
{58} وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا
"وَاَلَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا" يَرْمُونَهُمْ بِغَيْرِ مَا عَمِلُوا "فَقَدْ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا" تَحَمَّلُوا كَذِبًا "وَإِثْمًا مُبِينًا" بَيِّنًا |
{59} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا "يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ" جَمْع جِلْبَاب وَهِيَ الْمُلَاءَة الَّتِي تَشْتَمِل بِهَا الْمَرْأَة أَيْ يُرْخِينَ بَعْضهَا عَلَى الْوُجُوه إذَا خَرَجْنَ لِحَاجَتِهِنَّ إلَّا عَيْنًا وَاحِدَة "ذَلِكَ أَدْنَى" أَقْرَب إلَى "أَنْ يُعْرَفْنَ" بِأَنَّهُنَّ حَرَائِر "فَلَا يُؤْذَيْنَ" بِالتَّعَرُّضِ لَهُنَّ بِخِلَافِ الْإِمَاء فَلَا يُغَطِّينَ وُجُوههنَّ فَكَانَ الْمُنَافِقُونَ يَتَعَرَّضُونَ لَهُنَّ "وَكَانَ اللَّه غَفُورًا" لِمَا سَلَفَ مِنْهُنَّ مِنْ تَرْك السِّتْر "رَحِيمًا" بِهِنَّ إذْ سَتَرَهُنَّ |
{60} لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا
"لَئِنْ" لَام قَسَم "لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ" عَنْ نِفَاقهمْ "وَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض" بِالزِّنَا "وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَة" الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِمْ قَدْ أَتَاكُمْ الْعَدُوّ وَسَرَايَاكُمْ قُتِلُوا أَوْ هُزِمُوا "لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ" لَنُسَلِّطَنَّكَ عَلَيْهِمْ "ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَك" يُسَاكِنُوك "فِيهَا إلَّا قَلِيلًا" ثُمَّ يَخْرُجُونَ |
{61} مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا
"مَلْعُونِينَ" مُبْعَدِينَ عَنْ الرَّحْمَة "أَيْنَمَا ثُقِفُوا" وُجِدُوا "أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا" أَيْ الْحُكْم فِيهِمْ هَذَا عَلَى جِهَة الْأَمْر بِهِ |
{62} سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا
"سُنَّة اللَّه" أَيْ سَنَّ اللَّه ذَلِكَ "فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل" مِنْ الْأُمَم الْمَاضِيَة فِي مُنَافِقِيهِمْ الْمُرْجَفِينَ الْمُؤْمِنِينَ "وَلَنْ تَجِد لِسُنَّةِ اللَّه تَبْدِيلًا" مِنْهُ |
{63} يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا
"يَسْأَلك النَّاس" أَهْل مَكَّة "عَنْ السَّاعَة" مَتَى تَكُون "قُلْ إنَّمَا عِلْمهَا عِنْد اللَّه وَمَا يُدْرِيك" يُعْلِمك بِهَا : أَيْ أَنْتَ لَا تَعْلَمهَا "لَعَلَّ السَّاعَة تَكُون" تُوجَد |
{64} إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا
"إنَّ اللَّه لَعَنَ الْكَافِرِينَ" أَبْعَدَهُمْ "وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا" نَارًا شَدِيدَة يَدْخُلُونَهَا |
{65} خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا
"خَالِدِينَ" مُقَدَّرًا خُلُودهمْ "فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا" يَحْفَظهُمْ عَنْهَا "وَلَا نَصِيرًا" يَدْفَعهَا عَنْهُمْ |
{66} يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ
"يَوْم تُقَلَّب وُجُوههمْ فِي النَّار يَقُولُونَ يَا" لِلتَّنْبِيهِ |
{67} وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ
"وَقَالُوا" أَيْ الْأَتْبَاع مِنْهُمْ "رَبّنَا إنَّا أَطَعْنَا سَادَتنَا" وَفِي قِرَاءَة سَادَاتنَا جَمْع الْجَمْع "وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا" طَرِيق الْهُدَى |
{68} رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا
"رَبّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ الْعَذَاب" أَيْ مِثْلَيْ عَذَابنَا "وَالْعَنْهُمْ" عَذِّبْهُمْ "لَعْنًا كَبِيرًا" عَدَده وَفِي قِرَاءَة بِالْمُوَحَّدَةِ أَيْ عَظِيمًا |
{69} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا" مَعَ نَبِيّكُمْ "كَاَلَّذِينَ آذَوْا مُوسَى" بِقَوْلِهِمْ مَثَلًا : مَا يَمْنَعهُ أَنْ يَغْتَسِل مَعَنَا إلَّا أَنَّهُ آدَر "فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا" بِأَنْ وَضَعَ ثَوْبه عَلَى حَجَر لِيَغْتَسِل فَفَرَّ الْحَجَر بِهِ حَتَّى وَقَفَ بَيْن مَلَأ مِنْ بَنِي إسْرَائِيل فَأَدْرَكَهُ مُوسَى فَأَخَذَ ثَوْبه فَاسْتَتَرَ بِهِ فَرَأَوْهُ وَلَا أُدْرَة بِهِ وَهِيَ نَفْخَة فِي الْخُصْيَة "وَكَانَ عِنْد اللَّه وَجِيهًا" ذَا جَاه : وَمِمَّا أُوذِيَ بِهِ نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَسَم قَسْمًا فَقَالَ رَجُل هَذِهِ قِسْمَة مَا أُرِيد بِهَا وَجْه اللَّه تَعَالَى فَغَضِبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ : ( يَرْحَم اللَّه مُوسَى لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَر مِنْ هَذَا فَصَبَرَ ) رَوَاهُ الْبُخَارِيّ |
{70} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّه وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا" صَوَابًا |
{71} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
"يُصْلِح لَكُمْ أَعْمَالكُمْ" يَتَقَبَّلهَا "وَيَغْفِر لَكُمْ ذُنُوبكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَرَسُوله فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" نَالَ غَايَة مَطْلُوبَة |
{72} إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا
"إنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَة" الصَّلَوَات وَغَيْرهَا مِمَّا فِي فِعْلهَا مِنْ الثَّوَاب وَتَرْكهَا مِنْ الْعِقَاب "عَلَى السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال" بِأَنْ خَلَقَ فِيهِمَا فَهْمًا وَنُطْقًا "فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ" خِفْنَ "مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان" آدَم بَعْد عَرْضهَا عَلَيْهِ "إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا" لِنَفْسِهِ بِمَا حَمَلَهُ "جَهُولًا" بِهِ |
{73} لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا
"لِيُعَذِّب اللَّه" اللَّام مُتَعَلِّقَة بِعَرَضْنَا الْمُتَرَتِّب عَلَيْهِ حَمْل آدَم "الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَات وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَات" الْمُضَيِّعِينَ الْأَمَانَة "وَيَتُوب اللَّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات" الْمُؤَدِّينَ الْأَمَانَة "وَكَانَ اللَّه غَفُورًا" لِلْمُؤْمِنِينَ "رَحِيمًا" بِهِمْ |
|
|
|
{1} الم
سُورَة السَّجْدَة [ مَكِّيَّة وَآيَاتهَا ثَلَاثُونَ ] "الم" اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِهِ |
{2} تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ
"تَنْزِيل الْكِتَاب" الْقُرْآن مُبْتَدَأ "لَا رَيْب" شَكّ "فِيهِ" خَبَر أَوَّل "مِنْ رَبّ الْعَالَمِينَ" خَبَر ثَانٍ |
{3} أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
"أَمْ" بَلْ "يَقُولُونَ افْتَرَاهُ" مُحَمَّد ؟ لَا "بَلْ هُوَ الْحَقّ مِنْ رَبّك لِتُنْذِر" بِهِ "قَوْمًا مَا" نَافِيَة "أَتَاهُمْ مِنْ نَذِير مِنْ قَبْلك لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ" بِإِنْذَارِك |
{4} اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ
"اللَّه الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا فِي سِتَّة أَيَّام" أَوَّلهَا الْأَحَد وَآخِرهَا الْجُمُعَة "ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش" هُوَ فِي اللُّغَة سَرِير الْمُلْك اسْتِوَاء يَلِيق بِهِ "مَا لَكُمْ" يَا كُفَّار مَكَّة "مِنْ دُونه" أَيْ : غَيْره "مِنْ وَلِيّ" اسْم مَا بِزِيَادَةِ مِنْ أَيْ : نَاصِر "وَلَا شَفِيع" يَدْفَع عَذَابه عَنْكُمْ "أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ" هَذَا فَتُؤْمِنُونَ |
{5} يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ
"يُدَبِّر الْأَمْر مِنْ السَّمَاء إلَى الْأَرْض" مُدَّة الدُّنْيَا "ثُمَّ يَعْرُج" يَرْجِع الْأَمْر وَالتَّدْبِير "إلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْف سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ" فِي الدُّنْيَا وَفِي سُورَة "سَأَلَ" خَمْسِينَ أَلْف سَنَة وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة لِشِدَّةِ أَهْوَاله بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكَافِر وَأَمَّا الْمُؤْمِن فَيَكُون أَخَفّ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاة مَكْتُوبَة يُصَلِّيهَا فِي الدُّنْيَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث |
{6} ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
"ذَلِكَ" الْخَالِق الْمُدَبِّر "عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة" أَيْ مَا غَابَ عَنْ الْخَلْق وَمَا حَضَرَ "الْعَزِيز" الْمَنِيع فِي مُلْكه "الرَّحِيم" بِأَهْلِ طَاعَته |
{7} الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ
"الَّذِي أَحْسَنَ كُلّ شَيْء خَلَقَهُ" بِفَتْحِ اللَّام فِعْلًا مَاضِيًا صِفَة وَبِسُكُونِهَا بَدَل اشْتِمَال "وَبَدَأَ خَلْق الْإِنْسَان" آدَم |
{8} ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ "ثُمَّ جَعَلَ نَسْله" ذُرِّيَّته "مِنْ سُلَالَة" عَلَقَة "مِنْ مَاء مَهِين" ضَعِيف هُوَ النُّطْفَة |
{9} ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ
"ثُمَّ سَوَّاهُ" أَيْ خَلْق آدَم "وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحه" أَيْ جَعَلَهُ حَيًّا حَسَّاسًا بَعْد أَنْ كَانَ جَمَادًا "وَجَعَلَ لَكُمْ" أَيْ لِذُرِّيَّتِهِ "السَّمْع" بِمَعْنَى الْأَسْمَاع "وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَة" الْقُلُوب "قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ" مَا زَائِدَة مُؤَكِّدَة لِلْقِلَّةِ |
{10} وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ
"وَقَالُوا" أَيْ مُنْكِرُو الْبَعْث "أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْض" غِبْنَا فِيهَا بِأَنْ صِرْنَا تُرَابًا مُخْتَلِطًا بِتُرَابِهَا "أَإِنَّا لَفِي خَلْق جَدِيد" اسْتِفْهَام إنْكَار بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ "بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبّهمْ" بِالْبَعْثِ |
{11} قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ
"قُلْ" لَهُمْ "يَتَوَفَّاكُمْ مَلَك الْمَوْت الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ" أَيْ يَقْبِض أَرْوَاحكُمْ "ثُمَّ إلَى رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ" أَحْيَاء فَيُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ |
{12} وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ
"وَلَوْ تَرَى إذْ الْمُجْرِمُونَ" الْكَافِرُونَ "نَاكِسُوا رُءُوسهمْ عِنْد رَبّهمْ" مُطَأْطِئُوهَا حَيَاء يَقُولُونَ "رَبّنَا أَبْصَرْنَا" مَا أَنْكَرْنَا مِنْ الْبَعْث "وَسَمِعْنَا" مِنْك تَصْدِيق الرُّسُل فِيمَا كَذَّبْنَاهُمْ فِيهِ "فَارْجِعْنَا" إلَى الدُّنْيَا "نَعْمَل صَالِحًا" فِيهَا "إنَّا مُوقِنُونَ" الْآن فَمَا يَنْفَعهُمْ ذَلِكَ وَلَا يَرْجِعُونَ وَجَوَاب لَوْ : لَرَأَيْت أَمْرًا فَظِيعًا |
{13} وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ
"وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلّ نَفْس هُدَاهَا" فَتَهْتَدِي بِالْإِيمَانِ وَالطَّاعَة بِاخْتِيَارٍ مِنْهَا "وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْل مِنِّي" وَهُوَ "لَأَمْلَأَنّ جَهَنَّم مِنْ الْجِنَّة" الْجِنّ "وَالنَّاس أَجْمَعِينَ" وَتَقُول لَهُمْ الْخَزَّانَة إذَا دَخَلُوهَا : |
{14} فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
"فَذُوقُوا" الْعَذَاب "بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمكُمْ هَذَا" أَيْ بِتَرْكِكُمْ الْإِيمَان بِهِ "إنَّا نَسِينَاكُمْ" تَرَكْنَاكُمْ فِي الْعَذَاب "وَذُوقُوا عَذَاب الْخُلْد" الدَّائِم "بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" مِنْ الْكُفْر وَالتَّكْذِيب |
{15} إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ
"إنَّمَا يُؤْمِن بِآيَاتِنَا" الْقُرْآن "الَّذِينَ إذَا ذُكِّرُوا" وُعِظُوا "بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا" مُتَلَبِّسِينَ "بِحَمْدِ رَبّهمْ" أَيْ قَالُوا : سُبْحَان اللَّه وَبِحَمْدِهِ "وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ" عَنْ الْإِيمَان وَالطَّاعَة |
{16} تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
"تَتَجَافَى جُنُوبهمْ" تَرْتَفِع "عَنْ الْمَضَاجِع" مَوَاضِع الِاضْطِجَاع بِفُرُشِهَا لِصَلَاتِهِمْ بِاللَّيْلِ تَهَجُّدًا "يَدْعُونَ رَبّهمْ خَوْفًا" مِنْ عِقَابه "وَطَمَعًا" فِي رَحْمَته "وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ" يَتَصَدَّقُونَ |
{17} فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
"فَلَا تَعْلَم نَفْس مَا أُخْفِيَ" خُبِئَ وَفِي قِرَاءَة بِسُكُونِ الْيَاء مُضَارِع "لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُن" مَا تُقِرّ بِهِ أَعْيُنهمْ |
{18} أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ
"أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ" أَيْ الْمُؤْمِنُونَ وَالْفَاسِقُونَ |
{19} أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
"أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات فَلَهُمْ جَنَّات الْمَأْوَى نُزُلًا" هُوَ مَا يُعَدّ لِلضَّيْفِ |
{20} وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ
"وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا" بِالْكُفْرِ وَالتَّكْذِيب |
{21} وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
"وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ الْعَذَاب الْأَدْنَى" عَذَاب الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ وَالْأَسْر وَالْجَدْب سِنِينَ وَالْأَمْرَاض "دُون" قَبْل "الْعَذَاب الْأَكْبَر" عَذَاب الْآخِرَة "لَعَلَّهُمْ" أَيْ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ "يَرْجِعُونَ" إلَى الْإِيمَان |
الساعة الآن 06:25 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.