![]() |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
الفصلُ السّابعُ عشرَ
في الجَمْعِ يُرَادُ بِهِ الوَاحِدُ مِنْ سُنَنِ العَرَبِ الإتْيانُ بذلكَ، كما قَالَ تَعالَى: {مَا كانَ للمُشْرِكينَ أنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ}*، وإنمَّا أرادَ المَسْجِدَ الحَرَامَ، وقالَ عزَّ وجَلَّ: {وإذ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فادَّارَأْتُمْ فيها}**، وكانَ القاتلُ وَاحِدًا. *الآية "17" من سورة التوبة. **الآية " 72" من سورة البقرة. |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
الفصلُ الثامنُ عشرَ
في أمْرِ الوَاحِدِ بِلفظِ أَمْرِ الاثْنَينِ تَقُولُ العَرَبُ: افْعَلَا كَذَا، والمُخَاطَبُ وَاحِدٌ، كما قالَ اللهُ عزَّ وجَلَّ: {أَلْقِيَا في جَهَنَّمَ كلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ}* وهُوَ خِطَابٌ لِمَالكٍ خَازِنِ النَّارِ. وكما قالَ الأعْشَى: وَصَلِّ عَلَى خَيرِ العَشِيَّاتِ والضُّحَى ولا تَعْبُدِ الشَّيطانَ واللهَ فاعْبُدَا ويُقالُ: إنّهُ أرَادَ واللهَ فاعبُدَنْ، فقَلَبَ النُّونَ الخَفِيفةَ أَلِفًا. وكَذلِكَ في قولِهِ عزَّ وجلَّ: {ألْقِيَا في جَهَنَّمَ}**. *الآية "24" من سورة ق. **الآية "24" من سورة ق. |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
الفصلُ التاسعُ عشرَ
في الفِعْلِ يَأتي بِلفْظِ المَاضي وهُوَ مُستَقْبَلٌ وبِلفظِ المُسْتَقْبَلِ وهوَ مَاضٍ قالَ اللهُ تَعالَى: {أتى أمرُ اللّهِ}*: أي يأتِي. وقالَ جلَّ ذِكرُهُ: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى}**، أي لم يَصَّدَّقَ ولمْ يُصَلِّ . وقال عزَّ مِنْ قائلٍ في ذِكرِ الماضِي بِلَفْظِ المُسْتَقْبَلِ: {فَلِمَ تَقتُلونَ أنْبيَاءَ اللهِ مِنْ قَبلُ}*** أيْ لِمَ قَتَلتُمْ؟ وقالَ تَعالَى: {واتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ}+، أيْ ما تَلَتْ. وقدْ تَأتي كانَ بِلَفْظِ الماضِي ومعنَى المُسْتَقْبَلِ، كما قال الشاعر: فَأدْرَكْتُ مَنْ قَدْ كانَ قَبْلِي ولَمْ أدَعْ لِمَنْ كانَ بَعْدِي في القَصَائِدِ مَصْنَعَا أيْ لِمَنْ يَكونُ بَعْدِي. وفي القُرْآنِ: {وكانَ اللهُ غَفورًا رَحيمًا}++ أيْ كانَ ويَكونُ وهُوَ كَائنٌ الآنَ جلَّ ثَنَاؤُهُ. *الآية "1" من سورة النحل. **الآية "31" من سورة القيامة. ***الآية "91" من سورة البقرة. +الآية "102" من سورة البقرة. ++الآية "106" من سورة النساء. |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
الفصلُ العِشرونَ
في المَفْعُولِ يَأتِي بِلفْظِ الفَاعِلِ تَقُولُ العَرَبُ: سِرٌّ كاتِمٌ أيْ مَكتُومٌ، ومَكانٌ عَامِرٌ أي مَعْمُورٌ. وفي القُرْآنِ: {لَا عَاصِمَ اليَومَ مِنْ أمْرِ اللّهِ}* أيْ لَا مَعْصومَ. وقالَ تَعَالَى: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ}**، أي مَدفُوقٍ. وقال: {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}***، أيْ مَرْضِيَّةٍ. وقالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: {حَرَمًا آمِنًا}**** أيْ مَأمونًا. وقالَ جَريرُ: إنَّ البَليَّةَ مَنْ تَمَلُّ كَلَامَهُ فانْقَعْ فُؤادَكَ مِنْ حَدِيثِ الوَامِقِ أيْ من حَدِيثِ المَومُوقِ. *الآية "43" من سورة هود. *الآية "6" من سورة الطارق. *الآية "21" من سورة الحاقة. *الآية "67" من سورة العنكبوت. |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
الفَصْلُ الواحدُ والعشرونَ
في الفَاعِلِ يَأتي بِلَفْظِ المَفْعُولِ كما قالَ تَعالَى: {إنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأتِيّا}* أي آتيًا، وكما قالَ جلَّ جلالُهُ: {حِجَابًا مَسْتُورًا}** أي سَاتِرًا. *الآية "61" من سور مريم. **الآية "45" من سورة الإسراء. |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
الفصلُ الثّاني والعِشرونَ
إجْرَاءِ الاثْنَينِ مَجْرَى الجَمْعِ قال الشَّعبيُّ في كَلامٍ لَهُ في مَجْلِسِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوانَ: رَجُلانِ جَاؤُوني، فقالَ عبدُ المَلكِ: لَحَنْتَ يا شَعبيُّ، قالَ يا أمَيرَ المُؤمِنينَ لَمْ أَلْحَنْ معَ قولِ اللّهِ عَزّ وجلَّ: {هَذانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا في رَبِّهِمْ}*. فقالَ عبدُ الملكِ: للهِ درُّكَ يا فَقيهَ العِراقَيْنِ** قَدْ شَفيتَ وكَفَيتَ!! *الآية "19" من سورة الحج. **وهما: الكوفة والبصرة. |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
الفصلُ الثالثُ والعشرونَ
في إقَامَةِ الاسْمِ والمَصْدَرِ مَقَامَ الفَاعِلِ والمَفْعُولِ تقولُ العَرَبُ: رَجُلٌ عَدْلٌ أيْ عَادِلٌ، ورَضِيٌّ أي مَرْضِيٌّ، وبنو فُلانٍ لَنَا سِلْمٌ أيْ مُسَالِمُونَ، وحَرْبٌ أي مُحَارِبُونَ. وفي القُرْآنِ: {ولكنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ باللهِ}*، وتقديرُهُ: ولكنَّ البِرَّ بِرُّ مَنْ آمَنَ باللهِ، فَأضْمَرَ ذِكرَ البِرِّ وحَذَفَهُ. *من الآية "177" من سورة البقرة. |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
الفصلُ الرابعُ والعشرونَ
في تَذْكِيرِ المُؤَنَّثِ وتَأنيثِ المُذَكَّرِ في الجَمْعِ هوَ مِنْ سُنَنِ العَرَبِ، قالَ عَزَّ وجَلَّ: {وقَالَ نِسْوَةٌ في المَدِيْنَةِ"}*، وقال تَعَالَى: {قالت الأعرابُ آمَنَّا}**. *من الآية "30" من سورة يوسف. *من الآية "14" من سورة الحجرات. |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
الفصلُ الخامسُ والعشرونَ
في حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى المَعْنَى في تَذْكِيرِ المُؤَنَّثِ وتَأنِيثِ المُذَكَّرِ مِنْ سُنَنِ العَرَبِ تَرْكُ حُكْمِ ظَاهِرِ اللَّفْظِ وحَمْلِهِ على مَعْنَاهُ كما يَقُولُونَ: ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ، والنَّفْسُ مُؤنَّثَةٌ، وإنَّما حَمَلُوهُ على مَعْنَى الإنْسانِ أو مَعْنى الشَّخْصِ. قالَ الشَّاعرُ: ما عِنْدَنَا إلَّا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ مِثْلُ النُّجومِ تَلَألَأتْ في الحِنْدِسِ* وقال عُمَرُ بْنُ عبدِ اللهِ بْنِ أبي رَبِيعَةَ: فكانَ مِجَنِّي** دُونَ ما كُنْتُ أَتَّقِي ثلاثُ شُخُوصٍ كاعِبانِ*** وَمُعْصِرُ فحمِلَ ذلكَ عَلَى أنَّهنّ نِساءٌ. وقالَ الأعْشَى: لِقَوْمٍ وكانُوا هُمُ المُنْفِدِينَ شَرَابَهُمُ قَبْلَ تَنْفَادِهَا فأنَّثَ الشَّرَابَ لمَّا كانَ الخَمرُ في المَعنَى وهي مُؤنّثَةٌ، كما ذَكَرَ الكَفَّ وهيَ مؤنَّثةٌ في قَولهِ: أرَى رَجُلًا مِنْهُمْ أَسِيفًا كأنَّما يَضُمُّ إلى كَشْحَيْهِ كَفًّا مُخَضَّبَا فحَمَلَ الكَلامَ على العُضْوِ وهو مُذَكَّرٌ. وكَمَا قالَ الآخَرُ: يا أيُّها الرَّاكِبُ المُزْجِي مَطِيَّتَهُ سَائلْ بَنِي أَسَدٍ مَا هَذهِ الصَّوتُ أيْ مَا هَذه الجَلَبةُ؟ وقال الآخرُ: مِنَ النَّاسِ إنْسانانِ دَيْنِي عَلَيْهِما مَلِيئانِ، لوْ شَاءَا لَقدْ قَضَيانِي خَليلَيَّ أمّا أمُّ عَمرٍو فَواحِدٌ وأمَّا عَنِ الثّاني فَلا تَسَلَانِي فَحَمَلَ المَعْنى عَلى الإنْسانِ أو عَلَى الشَّخْصِ. وفي القرآنِ: {وأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعةِ سَعيرًا}+، والسَّعِيرُ مُذَكَّرٌ، ثمَّ قالَ:{إذَا رَأتهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعيدٍ}++، فَحملَهُ على النَّارِ فأنَّثَهُ، وقالَ عزَّ اسْمُهُ: {فأحْيَينا بهِ بَلْدَةً مَيْتًا}+++ ولم يَقُلْ مَيْتَةً لأنَّهُ حَمَلهُ على المكانِ. وقالَ جلّ ثناؤُهُ: {السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِه}++++ فَذَكَرَ السَّماءَ وهيَ مُؤَنَّثةٌ لأنَّهُ حَمَلَ الكَلامَ عَلى السَّقْفِ وكلُّ مَا عَلاكَ وأظلَّكَ فهوَ سَماءٌ واللهُ أعلمُ. *الحِنْدِس: هو الظلام الشديد. **المجن: الترس وقيل الوقاية في الحرب مطلقًا. ***الكاعب: المرأة نتأ ثدياها، والمعصر البالغة، يقال: أعصرت الفتاة أدركت. +من الآية "11" من سورة الفرقان. ++من الآية "12" من سورة الفرقان. +++من الآية "11" من سورة ق. ++++من الآية "18" من سورة المزمل. |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
الفصلُ السادسُ والعشرونَ
في حِفْظِ التَّوَازُنِ العَرَبُ تَزيدُ وتَحْذِفُ حِفظًا للتَّوَازُنِ وإيثارًا لَهُ، أما الزِّيَادَةُ فكمَا قَالَ تَعَالَى: {وتَظُنُّونَ باللَّهِ الظُّنُونا}*، وكما قال: {فأَضَلُّونَا السَّبِيلَا}**. وأمَّا الحَذْفُ فَكَما قَالَ جلَّ اسْمُهُ: {واللَّيلِ إذا يَسرِ}*** وقال: {الكبيرُ المُتعَالِ}+، وقال: {يومَ التَّنادِ}++ و{يَومَ التَّلاقِ}+++. وكما قالَ لَبِيدُ: إنَّ تَقْوَى رَبِّنا خَيرُ نَفَلْ وبإذْنِ اللَّهِ رَيْثِي وَعَجَلْ أي وعَجَلِي، وكما قالَ الأعشَى: ومِنْ شَانئٍ كاسِفٍ وَجهُهُ إذَا مَا انْتسَبتُ لهُ أنْكَرَنْ أي أنْكَرَنِي. *من الآية "10" من سورة الأحزاب. **من الآية "67" من سورة الأحزاب. ***من الآية "4" من سورة الفجر. +من الآية "9" من سورة الرعد. ++من الآية "32" من سورة غافر. +++من الآية "15" من سورة غافر. |
الساعة الآن 03:34 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.