![]() |
اقتباس:
|
من ضعف وانقاد لشهوته فقد انفصل من عقله ووجدانه وعلمه وايمانه، وأصبح مخلوقاً مشوهاً... إن العلم ليس مجرد صورة تحتل مكاناً في الذهن والدماغ كالحبر على ورق، ولا الإيمان ألفاظاً نرددها على حبات المسبحة.
كلا، إن العلم والإيمان طريق وأداة إلى العمل النافع، إلى بناء حياة مثلى، وهذا العمل والبناء هو الإيمان والعلم والأخلاق.. ************************************** حميد عاشق العراق 11- 5 - 2015 http://www.al-wed.com/pic-vb/76.gif |
الأحزان التي ترد على قلب المؤمن حيث أنه ليس هناك أي تلازم بين أن يكون الإنسان في سعة من الرزق، وبين حزن قلبه أو فرحه.. ************************************************** *********************** إن الإنسان قد يكون في أعلى درجات الرفاهية، ولكن قلبه يعتصر حزنا وألما.. فإذن، لا يعتقدن أحد أن الرفاهية المادية ستشفع له في هذا المجال.. وكما هو متعارف: فإن الفقراء من أصفى الناس باطنا، وبعض التجار المترفين من أشد الناس عذابا!.. ************************************** حميد عاشق العراق 11- 5 - 2015 http://www.al-wed.com/pic-vb/76.gif |
التعامل مع الدنيا إن تعامل الناس بالنسبة إلى الدنيا، على نوعين: هناك قسم توطدوا بالدنيا، ورضوا بالمتاع العاجل.. وبتعبير القرآن: {اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.. وهناك قوم انقطعوا إلى الآخرة، وأهملوا الدنيا؛ أي لا يشتغلون للدنيا، فهم غير فعالين فيها، ويغلب عليهم الذكر اللفظي مثلا، ولا يبالون لا بمجتمعهم ولا بأسرهم.. وهذه أيضا حالة مرفوضة. إن الكلمة الفصل في هذا المجال لأمير المؤمنين (عليه السلام) : فإذن، إن الدنيا مزرعة الآخرة.. (إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً) .. إنه تعبير رائع جدا!.. فالمؤمن يستثمر كل ما لديه من طاقات وقدرات، لتثبيت دعائم الحياة المادية.. والمؤمن من اهتماماته في الدنيا، أن يجمع مالا وفيرا، ليوقف بها أمرا ماديا، يكون له زادا في عرصات القيامة.. (إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له).. من هم أصحاب الصدقات الجارية؟.. هم أصحاب المال؛ فالمؤمن الفقير: رأس ماله الدعاء، والصبر.. أما المؤمن الغني: هو الذي بإمكانه أن يبني ما يكون له صدقة جارية، وأن يتكفل الأيتام. ************************************** حميد عاشق العراق 19 - 5 - 2015 http://www.al-wed.com/pic-vb/76.gif |
العدالة الجوانحية
إن المؤمن بين وقت وآخر يتفقد قلبه، حيث أن هناك معاصي تصدر من الجوارح: معاصي النظر، النظر إلى الأجنبية.. ومعاصي السمع، الغيبة.. ومعاصي اللسان، الفحش في القول.. فالمؤمن بعد فترة من المجاهدة، - ولا أعتقد أنها مجاهدة مرهقة جدا - يصل إلى مرحلة العدالة الجوانحية، بحيث يصح الإئتمام خلفه.. نقول دائماً لإخواننا المؤمنين: لا تفوتوا على أنفسكم ثواب صلاة الجماعة في المنزل.. حيث هناك الزوجة والأولاد، والبعض له أحفاد يجتمعون عنده في الأسبوع مرة، فلماذا لا يلتفت إلى هذه النقطة؟.. إن ضبط الجوارح ليس بالصعب جدا، ولكن المشكلة الأرقى -ونحن غير مكلفين بها شرعا - هي السيطرة على المعاصي الجوانحية.. فالجوارح تحت السيطرة: لك جفنان، تغمضهما عند النظر إلى أجنبية.. عندك شفتان، تطبقهما عند الغيبة.. لك أذنان، صحيح لا تغلقان؛ ولكن بإمكانك السماع لا الاستماع.. فإذن، البصر واللسان والسمع، بإمكان الإنسان أن يحترز بها عن المحرمات. ولكن المهم هو معاقبة الجوانح، على تلك الحركات السلبية التي في أعماق القلب.. هذه الحركات غير محرمة، من يقول: بأن الإنسان إذا تخيل الحرام أو الباطل، بأنه يعاقب؟.. ولكن هناك عبارة عن روح الله (عليه السلام)، بأنها كالدخان الذي يسود المكان، فيزيل بهاءه.. قال الصادق (عليه السلام) : (اجتمع الحواريون إلى عيسى (عليه السلام) فقالوا له: يا معلّم الخير!.. أرشدنا، فقال لهم: إنّ موسى كليم الله (عليه السلام) أمركم أن لا تحلفوا بالله تبارك وتعالى كاذبين، وأنا آمركم أن لا تحلفوا بالله كاذبين ولا صادقين، قالوا: يا روح الله!.. زدنا، فقال: إنّ موسى نبي الله (عليه السلام) أمركم أن لاتزنوا، وأنا آمركم أن لا تحدّثوا أنفسكم بالزنا فضلا عن أن تزنوا.. فإنّ مَن حدّث نفسه بالزنا، كان كمَن أوقد في بيت مزوّق، فأفسد التزاويق َالدخانُ وإن لم يحترق البيت). إن من هذه الأدخنة التي تسود القلب، احتقار الآخرين.. على الإنسان أن لا يحتقر أحدا.. بل كل ما رأى أحدا يقول: هذا خير مني.. قد يقول قائل: هذه مبالغة!.. الأمر ليس فيه مبالغة، عندما أقول: فلان خير مني.. لا باعتبار حاضره، وإنما باعتبار خواتيم عمله.. فلماذا أجعل خاتمتي خيرا من خاتمة فلان، مادامت الخواتيم مبهمة؟!.. ************************************** حميد عاشق العراق 1 - 6 - 2015 http://www.al-wed.com/pic-vb/76.gif |
رُوي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : مَن قال بعد صلاة العصر في كلّ يومٍ مرةً واحدة :
" أستغفر الله الذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيوم ، الرحمن الرحيم ، ذو الجلال والإكرام ، وأسأله أن يتوب عليَّ توبة عبدٍ ذليلٍ خاضعٍ فقير ، بائسٍ مسكينٍ مستكينٍ مستجيرٍ ، لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّاً ولا موتاً ولا حياةً و لا نشوراً " أمر الله الملكين بتخريق صحيفته كائنة ماكانت . ************************************** حميد عاشق العراق 4 - 6 - 2015 http://www.al-wed.com/pic-vb/76.gif |
أن الله خلقنا للسعادة الدائمة ، أعدّها لنا وأعدّنا لها
أن الإنسان خُلق للحياة الدائمة والعيش السرمدي ، وعمر الآخرة لا نهاية له ، وقد جعل الله هذه الدنيا مزرعةً للآخرة ، ورتّب الجزاء في الآخرة على الأعمال في هذه الدنيا ، فكان تأهل العباد لتلك السعادة الأبدية بهذه الأعمال الدنيوية : ان الالتفات الى قِصَر العمر في الحياة الدنيا لمن دواعي اليقظة والحركة للسالك، فان الإنسان بطبيعته يحب نفسه ويحب لها النفع والخلود وان اشتبه في تشخيص مصاديق النافع والضار ، كما هو الواقع خارجا.. وعليه فإن استيعاب قِصَر الحياة ، وان اللامحدود يتحدد سعادةً وشقاءً بهذا العمر المحدود مما يجعل كل آن فيه يقابل اللامحدود ومن المعلوم أن هذه المقابلة الوجدانية _ وهي مدعومة بالشرع والنقل – يحول الإنسان على موجود حريص على كل فترة من حياته أضف إلى حرصه لانتقاء أفضل الأعمال التي يملأ بها هذا الوقت القصير الذي سيحدد مصير الأبد في الجحيم أو النعيم!. ولا ريب أنّ هذه الأعمار القصيرة ، والمدة القليلة ، لو استغرقت بالعبادة بحيث لم يعص الله فيها طرفة عين ، ولم يصرف مقدار نفس من الأنفاس إلا في طاعة الله ، فهي مع ذلك قاصرة وناقصة بالبداهة والضرورة عن الأهلية للمقابلة ، ومقام المعارضة والمجازاة. فلا بدّ بمقتضى الرأفة الإلهية والرحمة الربانيّة ، أن يفتح لهم أبواباً من أبواب كرمه ، يؤهلّهم بها لمقام الجزاء بما لا انقضاء له ولا فناء ، إذ كل نعمه ابتداء ، وكل إحسانه تفضّل. ************************************** حميد عاشق العراق 6 - 6 - 2015 http://www.al-wed.com/pic-vb/76.gif |
إن الإنسان -بعض الأوقات- يخجل من صلاته، إلى درجة أنه يقف بين يدي الله مستغفرا من صلاته.. مع العلم أن بعض الصلوات ليس فقط لا ترفع درجة، وإنما قد توجب له إيلاما، كما ورد في الروايات: (بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ ، فَقَامَ ـ الرجلُ ـ يُصَلِّي، فَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ.. فَقَالَ (صلى الله عليه وآله): "نَقَرَ كَنَقْرِ الْغُرَابِ، لَئِنْ مَاتَ هَذَا وَهَكَذَا صَلَاتُهُ، لَيَمُوتَنَّ عَلَى غَيْرِ دِينِي).. هو كان يصلي في مسجد النبي، ولكن كيفية صلاته توجب التشبيه بنقر الغراب.. وفي بعض الروايات: (إن من الصلاة لما يقبل نصفها وثلثها وربعها، وإن منها لما يلف كما يلف الثوب الخلق، فيضرب بها وجه صاحبها)؛ أي أن صلاته ترد إليه.. وهناك رواية أخرى تقول: (أما يخاف الذي يحول وجهه في الصلاة، أن يحول الله وجهه وجه حمار)!.. ما العمل، فنحن صلاتنا -إلا من عصمه الله- فيها كل شيء، إلا ذكر الله؟.. إن هناك حلين كي يعوض هذا التقصير: أولا: التعقيب.. لعل التعقيب التالي اليومي من أجمل صور التعقيب: (إلهي!.. هذه صلاتي صليتها، لا لحاجة منك إليها، ولا رغبة منك فيها؛ إلا تعظيما وطاعة وإجابة لك إلى ما أمرتني.. إلهي!.. إن كان فيها خلل، أو نقص من ركوعها أو سجودها، فلا تؤاخذني، وتفضل على بالقبول والغفران، برحمتك يا أرحم الراحمين)؛ أي أنا يا رب لا أطمع في القبول، ولكن لا تؤدبني بصلاتي هذه. ثانيا : السجود.. نعم الفرصة كي يعوض المصلي الركعات الثلاث أو الأربع، تكون في اللحظات الأخيرة من مفارقة الصلاة؛ أي في السجدة الأخيرة.. وبالتالي، تتم المصالحة عند المغارة، فإذا بلحظات من المصالحة أذهبت الضغائن.. إذن، اغتنموا السجدة الأخيرة في الصلاة الواجبة.. فإذا أدركت الإنسان الرقة، فليطيل في سجدته الأخيرة أكثر من الركعات الثلاث والأربع.. عندئذ تحقق الغرض، فهو لعدة دقائق في سجدته الأخيرة يناجي ربه مستغفرا.. فلعل الله يقول لملائكته: عبدي هذا، عوض تقصيره في صلاته.. فالإنسان المشرف على النهاية معنوياته عالية.. فليكن السجود بعد الصلاة الواجبة أيضا، سجود اعتذار بين يدي الله.. إذ أنه بالإمكان من خلال هذه السجدة، أن ينفخ الروح والحياة في الصلاة الميتة. إن صلاة القضاء قد يكون لها دور في تكامل العبد، أكثر من صلاة الأداء.. والصلاة غير الخاشعة، قد يكون لها دور في تقريب العبد إلى ربه، أكثر من الصلاة الخاشعة.. والسبب هو حالة الاستحياء والخجل، وعدم العجب الذي ينتاب العبد.. فيسدده رب العالمين ببركة حالته هذه، ولهذا جاء في الحديث : (أنين المذنبين أحب إلي من تسبيح المسبحين). ************************************************** حميد عاشق العراق 13 - 8 - 2015 http://store2.up-00.com/2015-08/1438590035441.gifhttp://store2.up-00.com/2015-08/1438590035441.gifhttp://store2.up-00.com/2015-08/1438590035441.gifhttp://store2.up-00.com/2015-08/1438590035441.gifhttp://store2.up-00.com/2015-08/1438590035441.gifhttp://store2.up-00.com/2015-08/1438590035441.gifhttp://store2.up-00.com/2015-08/1438590035441.gifhttp://store2.up-00.com/2015-08/1438590035441.gif http://store2.up-00.com/2015-08/1438590035441.gifhttp://store2.up-00.com/2015-08/1438590035441.gifhttp://store2.up-00.com/2015-08/1438590035441.gifhttp://store2.up-00.com/2015-08/1438590035441.gif |
روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : عليكم بمكارم الأخلاق !.. فإنّ الله عزّ وجلّ يحبّها.
وإيّاكم ومذامّ الأفعال !.. فإنّ الله عزّ وجلّ يبغضها . وعليكم بتلاوة القرآن !.. فإنّ درجات الجنّة على عدد آيات القرآن ، فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن : اقرأ وارقَ !.. فكلّما قرأ آية رقا درجة . وعليكم بحسن الخلق !.. فإنّه يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم . وعليكم بحسن الجوار !.. فإنّ الله عزّ وجلّ أمر بذلك . وعليكم بالسّواك !.. فإنها مطهّرة وسنّة حسنة . وعليكم بفرائض الله فأدّوها !.. وعليكم بمحارم الله فاجتنبوها !..... ************************************************** ********* حميد عاشق العراق 13 - 8 - 2015 http://www.al-wed.com/pic-vb/76.gif |
بسم الله الرحمن الرحيم
المؤثرات السلبية الغيبية [SIZE="4"]إن طبيعة الجنس البشري أنه يتأثر بالأوهام، إلى درجة أنه يتعامل مع الموهوم تعامله مع المتيقن.. مثال ذلك: لو طلب من إنسان أن ينام ليلة مع ميت، فإن معظم الناس يستوحش من ذلك، رغم يقينه أن هذا الميت كالخشبة.. فالإنسان يخاف من الحي، لا من الميت. قديما كانت تعد الجراثيم من عالم الغيب -بمعنى من المعاني- لأنها لا ترى، وذلك قبل اكتشاف المجهر، أما الآن وبعد اكتشافه، فإننا نرى أدق الأشياء.. وهذه الأيام هنالك ما يسمى: بالعين، والسحر، والشعوذة، والعمل.. فما هو الموقف الشرعي تجاه هذه الأمور؟.. إن بعض الناس طبيعتهم هكذا!.. ولعل البعض يتظاهر بالأكاديمية، وأنه إنسان علمي وموضوعي، فينفي كل شيء ما وراء المادة.. وطبعا هذا من الجهل بكل وضوح!.. لأننا نعيش في بيئة مليئة بالأمواج المغناطيسية، والكهربائية، والصويتة ...الخ.. وكل ما حولنا هو أشد تأثيرا في حياتنا من الشهود.. وعليه، فإن الإنسان الذي لا يعتقد بأصل المادة، هذا إنسان غير موضوعي. إن الإنسان لا ينفي أصل الموضوع، فهناك سورة في القرآن الكريم باسم (الجن) {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا}.. وبالنسبة إلى السحر أيضا يقول القرآن الكريم: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}.. قديما كان هذا السحر موجودا، كانوا يعقدون العقد على الحبل، وتنفث فيه الساحرة.. وهناك معنى آخر للنفاثات: أي أن الإنسان إذا عقد عزمه على شيء، يأتي إنسان يحبط من عزمه؛ أي ينفث في عقده.. وورد أيضا في القرآن الكريم: {مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}. فإذن، إن هناك حقيقة قائمة، ولكن ليس معنى ذلك أن كل ما يراه الإنسان من عوامل غريبة، ينسبه إلى السحر وما شابه ذلك.[/SIZ [SIZE="3"][COLOR="Red"] ************************************************** ************************. حميد عاشق العراق 17 - 10 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
من أراد أن يصان ممّا ينزل في هذا الشّهر من البلاء فليقل كلّ يوم عشر مرّات : يا شَديدَ الْقُوى وَيا شَديدَ الْمِحالِ يا عَزيزُ يا عَزيزُ يا عَزيزُ ذَلَّتْ بِعَظَمَتِكَ جَميعُ خَلْقِكَ فَاكْفِنى شَرَّ خَلْقِكَ يا مُحْسِنُ يا مُجْمِلُ يا مُنْعِمُ يا مُفْضِلُ يا لا اِلـهَ اِلاّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنّى كُنْتُ مِنَ الظّالِمينَ فَاسْتَجَبْناُ لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِى الْمُؤْمِنينَ وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ . ************************************************** *********************************************** حميد عاشق العراق 19 - 10 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف تقضي على الشيطان في حياتك؟ إن مسألة مواجهة كيد الشيطان من أعقد مسائل المواجهة، وذلك لأن هذا العدو اللدود، يجمع بين (خاءات) ثلاث: الخفاء، والخبث، والخبرة.. فمن ناحية يرانا هو وقبيله من حيث لا نراه، ولنتصور معركة، أحد طرفيها: جيش مدرب لا يمكن رؤيته، أ وهل يمكن للخصم أن يقاوم ذلك الجيش لحظة واحدة؟.. ومن ناحية أخرى يعيش حالة الحسد المتأصل لبني آدم الذي كانت خلقة أبيهم آدم (عليه السلام ) مصادفة لأول أيام شقاءه، ومن هنا أضمر الحقد الدفين لاستئصال الجنس البشري، وسوقه إلى الهاوية.. ومن ناحية أخرى له تلك الخبرة العريقة في عملية الإغواء، والتي شملت محاولات التعرض لمسيرة الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام ) وإن باءت بالفشل بالنسبة لهم.. ولكن ما حالنا نحن الضعفاء والمساكين؟.. إن القرآن الكريم تناول في أكثر من 60 آية مسألة الشيطان بتأكيد وتحذير، قل نظيره في القرآن الكريم، فينقل تحديه لرب العالمين، إذ أقسم بعزته على إغواء الخلق أجمعين، لا يستثني منهم أحدا إلا المخلَصين (بفتح اللام).. ولكن من هم المخلصون؟.. إنهم الذين اصطفاهم المولى لنفسه، وجعلهم في دائرة جذبه وحمايته.. وترى القرآن الكريم ينقل عنه التعبير بــ (لاحتنكن ذريته) المشعر بأنه يتخذ من الإنسان دابة، إذ يجعل اللجام في حنكه الأسفل، ليقوده قود البهائم!.. فيا له من تحقير مشين لمن ركبه الشيطان، فاتخذه مطية يحركه بإشارة -لا بجهد جهيد- نحو اليمين ونحو الشمال.. أوَ هل هناك تحقير أحقر من ذلك؟.. إن القرآن الكريم يحذر من خطوات الشيطان.. إذ أنه لخبرته ودهائه، لا يجر الإنسان إلى المعصية بضربه واحدة -لعلمه بعدم الانقياد له في المحرمات الكبيرة- ولكنها الخطوات المدروسة التي يتورط بها العبد، منتقلا من معصية إلى معصية.. ومثاله التطبيقي في عالم هوى النساء: هو الابتداء بالنظرة، ثم الابتسامة، والسلام، والكلام، والموعد، واللقاء حيث الارتماء في أحضان الشيطان المنتقم، وإن كان ظاهره هو الارتماء في أحضان بنات الهوى!.. لا بد من التعرف على الأدوات التي يصطاد بها الشيطان أعوانه.. فالقرآن الكريم يذكر الخمر والميسر مثالا لأداة الجريمة، كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ...).. ولكل عصر: خمره وميسره.. أو ليست بعض القنوات والمواقع الإباحية، من أدوات إيقاع الشيطان الضحية في شباكه!.. تلك الشباك التي من وقع فيها لا يخرج منها إلا بندامة -لو تاب- أو بخزي أبدي فيما لو استغرق في التوغل في عالم المعصية.. إن الذي ينظر إلى المذكورات على أنها مصائد إبليس، فإنه سيستوحش من عواقبها، بدلا من الالتذاذ الوقتي الذي لا دوام له سوى وخز الضمير، وعذاب الوجدان. يذكر القرآن الكريم عينة من أعلى درجات الانتكاس التي تجعل المؤمن المتفوق في إيمانه، يعيش أعلى درجات الخوف والوجل، عندما يستحضر هذه العينة المخيفة التي استحوذ عليها الشيطان، وذلك هو الذي آتاه الله تعالى آياته، والتي فسرت بـ (الكرامات الباطنية والفتوحات الأنفسية).. ولكنه خلد إلى الأرض، واتبع هواه، وانسلخ مما كان فيه، ليتحول إلى من يشبهه القرآن بالكلب، الذي إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث.. أو ليس في ذلك منتهى التحذير لعدم الركون إلى ما عليه الإنسان من الصلاح والسداد، فإن الأيام هي التي تكشف عن ثبات الجوهر، ومدى أصالته. يذكر القرآن الكريم (الربا) كوسيلة من وسائل التصرف الشيطاني في الإنسان، فيقلبه إلى مجنون لا عقل له!.. فتأمل قوله تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ).. إن المرابي عندما يستلقي على قفاه -فرحا بما اكتسبه من المال الحرام- عليه أن يعلم أن ملكوت فعله هي هذه الصورة المقيتة، التي سيكشف الغطاء عنها يوما ما، حيث بصره حديد، ولكن بعد فوات الأوان!.. وقس عليه ملكوت كل فعل قبيح عند المولى الباقي، وإن كان جميلا عند العبد الفاني. إن من المخيف حقا اصطلاح شركة الشيطان فى مال البعض وأولادهم، وقد فسر ذلك بطائفتين: الأولى: أولاد الزنا الذين انعقدت نطفهم، فى جو شيطاني من الهوى والرذيلة.. والثاني: أولاد الحلال الذين لم يحسن الآباء تربيتهم، فكانوا كالطائفة الأولى ممن أصبح الشيطان له سهم فيهم!.. ومن الواضح أن الشريك يطالب بمال الشركة دائما، وخاصة إذا كان خبيثا حريصا، كالشيطان الرجيم. إن للشياطين على الأرض مواطن يجول فيها ويصول، ومنها: الأسواق، وبلاد الكفر، ومواطن غلبة المعاصي كاختلاط الجنسين.. وعليه، فعلى المؤمن أن يتدرع بأقوى الأسلحة قبل النزول إلى تلك المواطن، لئلا تطمع فيه الشياطين.. وليعلم أن من تلك المواطن: مجالس الغافلين المسترسلين في الباطل الذين قال عنهم القرآن الكريم: (.... وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). إن ما ذكر أعلاه بمجموعه، لا ينبغي أن يوجب اليأس أبدا.. وإنما ذكرهذا الجو الموحش لأمور.. فإما أولا: ليسعى الإنسان أن يلقن نفسه عداوة هذا الموجود الذي لا يترك الإنسان بحال ولو تركه الإنسان.. وثانيا: ليستكشف مواطن الضعف في نفسه، إذ أن لكل إنسان نقطة ضعف ينفذ من خلالها الشيطان، ومن تلك المنافذ: النساء، والغضب، والمال، والشهرة.. وثالثا: ليشتد التجاؤه إلى المولى الذي لم يخرج الشيطان من دائرة العبودية التكوينية له، إذ ناصيته بيده على كفره وعناده، ولو شاء لأبعده عن وليه، كما أبعد الشياطين عن السماء التي (مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا) كما ذكره القرآن الكريم، فهل تعوذنا -مع صدق وتضرع- بالاستعاذات اليومية، كما كان يفعلها النبي الأعظم (صلى الله عليه وسلم )؟.. ************************************************** ************************************************** ********** حميد عاشق العراق 20 - 10 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف نجمع بين العزة الإيمانية وبين الصفح عن أخطاء الآخرين؟.. إن هناك حيرة عند المسلمين، حيث يقولون: لا ندري ما هو التكليف في هذه الحالة حيث يقول تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}.. فالله -عز وجل- أوكل أمور المؤمن إلى نفسه، إلا أن يذل نفسه.. ليس له الحق أن يجعل نفسه في مواضع الذل والوهن، وهذه قضية بديهية واضحة في الشريعة. ولكن من ناحية أخرى أمرنا بالصفح عن زلل الغير، حيث يقول تعالى في كتابه الكريم: {رُحَمَاء بَيْنَهُمْ}، {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}.. وعن علي (عليه السلام ) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا أدلك على خير أخلاق الأولين والآخرين؟.. قال: قلت: يا رسول الله، نعم.. قال: تعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك).. فكيف نجمع بين العزة الإيمانية، وبين الصفح عن زلل الغير؟.. وهذه من المشاكل الأخلاقية. إن القضية تختلف باختلاف الموارد، فالعزة الإيمانية أو إثبات الشخصية الإيمانية لها موراد، وكذلك العفو له موارد.. والقوانين غير منضبطة في هذا المجال، ولكن إجمالا: إذا كان العفو عن الظالم يوجب له مزيدا من الظلم، نعم في هذا المورد يجب أن يأخذ موقفا حاسما؛ ولكن من باب دفع الظلم، وعدم تمادي الغير في الباطل. أما إذا كانت القضية بالعكس؛ أي أن عفوي عمن ظلمني يوجب احترام الطرف المقابل؛ فإنه يجب العفو.. فهذه قاعدة معروفة، عندما تغضب المرأة على الرجل، ويسكت ويحسن إليها بسكوته؛ فإنه يدخل إلى قلب المرأة بهذه الحركة.. هو أراد أن يملكها بالعنف وغيره، ولكنه احتواها بتصرفه هذا.. الإمام الحسن (عليه السلام) بصبره وحلمه على الشامي الذي كان ينصب له العداء، تحول إلى إنسان موال.. فالإمام (عليه السلام ) كسب الجماهير؛ بصبره، وحلمه، وسكوته على من ظلمه. وعليه، فإن المؤمن في هذا المجال ينظر إلى الأمر، ويدرسه دراسة ودية.. هناك قاعدة في القرآن الكريم تقول: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}، وهناك قاعدة أخرى تقول: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}.. نحن عندما نتخاصم مع أحد، فإن الحل عندنا هو المحاكم، ولكن القرآن يقول: {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}.. وبالنسبة إلى الزوجين المتخاصمين يقول: {إِن يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}. فإذن، إن القاعدة العامة هي: رحماء بينهم، وإذا أراد الإنسان أن يخرج من الرحمة؛ لا بد له من سبيل!.. ************************************************** ************************************************** ***** حميد عاشق العراق 21 - 10 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
الخواطر (طائر النفس) إن هناك عنوانا يتردد في الكتب الأخلاقية، وهو: كيف يتعامل المؤمن مع مسألة الخواطر، أو ما يسمى بـ(طائر النفس)؟.. إن الإنسان من الممكن أن يضبط سلوكه وجوارحه؛ لأن الأعضاء تأتمر بأوامر الإنسان الإرادية.. ولكن المشكلة في هذا البعد اللاإرادي، لأن الإنسان الذي يفكر تفكيرا سوداويا، أو شهويا، أو غضبيا؛ تنعكس آثار هذه الأفكار على بدنه وكأنه واقع . فإذن، إن المسألة مهمة من ناحيتين لأنها: أولا: غير إرادية.. والتعبير عن الخواطر بطائر النفس، تعبير جيد؛ لأن الإنسان كلما أراد أن يضبط هذه الخواطر لا يستطيع، مثل الإنسان الذي يملك طائرا، وهذا الطائر تحت يده، ويتصرف به كيف يشاء.. ولكن بمجرد أن يطير ويحلق في السماء؛ فإن صاحبه يفقد السيطرة عليه.. وكذلك فإن مسألة ضبط الخواطر صعبة جدا، ولكن ليست مستحيلة؛ لأنه يوجد هناك أناس يسيطرون على خيالهم. ثانيا: تنعكس على سلوك الإنسان.. إن هذه الخواطر، تنعكس على وضع الإنسان، وإن كانت في الخيال. إن الإنسان بإمكانه أن يتخلص من هذه الخواطر، أو يضبطها من خلال اتباع بعض الخطوات، ومنها: أولا: لا يوسع من دائرة خياله.. إن الإنسان الذي يسمع كثيرا، ويتكلم كثيرا، وينظر كثيرا؛ فإن جهازه الباطني جهاز مشوش.. والعلماء يشبهون الذهن البشري بحوض الماء: تارة لا ترسبات في هذا الحوض، وتارة هناك ترسبات ولكنها راكدة في القاع.. والإنسان بعض الأوقات بسوء اختياره، يأخذ عصا ويحرك الماء في هذا الحوض.. وبالتالي، فإنه يتسبب في أن يعيش التكدر الباطني. يقول الإمام علي (عليه السلام ): (وقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم)؛ أي أن هذه الأذن لا يدخل فيها إلا ما كان نافعا، وكذلك بالنسبة إلى النظر.. ومن هنا هذا المعنى: إذا أردت أن تقيّم إنسانا تقييما أوليا، أنظر إلى مشيه!.. إن كان يديم النظر إلى الأرض، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا، وكذلك الذي لا يتكلم كثيرا؛ فإنه يرجى منه الخير وقد ورد: (وإذا رأيتم الرجل صموتاً وقوراً، فاقتربوا منه؛ فإنه يلقي الحكمة). فإذن، إن الخطوة الأولى، هي عدم إعطاء المجال لطائر النفس أن ينتشر، وبعبارة أخرى: إذا أردت أن يكون الطائر معك، فلا تنثر أمامه الحبوب والبذور؛ لأنك عندما تنثر الحبوب في أرض واسعة، فإنه من الطبيعي أن يطير ليقتات من تلك الحبوب. ثانيا: التدرج في المحاولة.. إن الإنسان لا يستطيع ضبط خواطره في كل ساعات نهاره وليله، لأن السيطرة على الخواطر تحتاج إلى مجاهدة كبيرة.. لذا فلنبدأ بالتدريج لمدة دقائق، فنحاول ذلك أولا في الصلاة؛ لأن الصلاة دقائق.. الذي يريد أن يضبط خواطره، فليمتحن نفسه في صلاته.. وبالتالي، فإنه يضرب هدفين بسهم واحد: الهدف الأول: أنه أوجب له الإقبال في الصلاة، والهدف الثاني: أنه دخل دورة تدريبية في ضبط فكره في الصلاة.. إن نجح في ذلك، يعديه إلى ما قبل الصلاة من الأذان والإقامة، وإن نجح في ذلك أيضا يعديه إلى المقدمات عند الوضوء، ثم يعديه إلى ما بعد الصلاة إلى التعقيبات وغيرها.. وإذا به يعيش أجواء مركزة لمدة ساعة، من قبل الصلاة وأثناء الصلاة وبعدها.. إن الإنسان الذي يعيش التركيز، هو على طريق الفوز في هذا المجال. ************************************************** ************************************************** *** حميد عاشق العراق 23 - 10 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
التعامل مع الغير من خلال الصورة الذهنية إن هناك فكرة مصيرية ومؤثرة في حياتنا، وهي أن تعاملنا مع الغير يكون من خلال الصورة الذهنية للآخرين.. نحن لا نعلم بواطن الأشخاص، ولا نعلم ما في النفوس.. لكل منا ريشة يرسم بها صورة الأشخاص في ذهنه.. هنا تتدخل عوامل الشر، وتأخذ دورا مهما في الرسمة.. يحاول الشيطان أن يوسوس للإنسان، ويلقنه أن هذه الصورة هي الصورة الصحيحة.. مثلا: إنسان يتعامل مع مؤمن تقي ورع، ولكن الشيطان يجسده له على أنه شخص فاسق.. إنسان له زوجة صالحة إجمالا، ولكن في ذهنه أنها سيئة، وهكذا بالعكس.. فإذن، إن كلمة يوسوس فعل مضارع؛ تعني أن هذه العملية مستمرة. من موجبات رسم الصورة القبيحة: - سوء الظن: كأن يرى الإنسان من أحدهم فعلا؛ يقبل التفسير الصالح، ويقبل التفسير الطالح.. مثلا: يرى مؤمنا مع امرأة، ولا يعلم: هل هذه أجنبية، أم زوجة لهذا الشخص!.. إذن هناك احتمالان: احتمال أنه عقد عليها، واحتمال أنها علاقة غير شرعية.. فلماذا يرجح جانب السوء على جانب الخير؟!.. -الاستماع إلى شياطين الإنس: هناك قوم لا يريدون إلا الشر للآخرين، وإذا رأوا حسنة حسدوا صاحبها؛ فهؤلاء أيضا لهم دور الوسوسة.. ولهذا في سورة الناس رب العالمين يقول: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}.. هؤلاء دورهم دور الشياطين تماما في أنهم يوسوسون في الصدور. كيف نبطل هذا الكيد؟.. أولا: الاستعانة بالله عز وجل.. قبل أن تفكر في شخص، وقبل أن تفكر في أمر، وقبل أن تفكر في قرار؛ قل: يا رب!.. سددني، خذ بيدي، لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا!.. وخاصة في القرارات المصيرية، إذا أردت أن تقوم بعمل هام جدا، صلّ ركعتين، وقل: يا رب خر لي، واختر لي في عملي هذا!.. وصورة الاستخارة هذه، هي التي يتفق عليها جميع المسلمين، حيث أن هناك استخارة بالمصحف، واستخارة بالسبحة، وهناك استخارة بمعنى أن يلقي في القلب وفي الروع ما فيه الصلاح. ثانيا: الحمل على الأحسن.. وكذلك من موجبات كيد الشياطين، والنفس الأمارة بالسوء، ومن يوسوس من الناس: هناك قاعدة إسلامية تقول: (إحمل فعل أخيك على أحسنه)، وتقول: (إحمل فعل أخيك على سبعين محملا).. أي حاول أن تبرر لأخيك ما يقوم به، حتى أنهم قالوا: لو شممت رائحة الخمر من فم أخيك، قل: لعله تمضمض به ولم يشربه.. إلى هذه الدرجة، يريد الإسلام منا أن نعيش حالة الحصانة في أنفسنا. إن من لم يحمل فعل أخيه على الأحسن، قد يقع في يوم من الأيام في ورطة وفي هتك مؤمن . ************************************************** ************************************************** *** حميد عاشق العراق 26 - 10 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
إدمان السجود إن هناك حركة من المناسب أن يتنبه لها المؤمن، سواء كان في المسجد أو كان في المنزل.. فمن يقدم على هذه الخطوة، يصبح مدمنا عليها، مثلما يدمن الإنسان الذي يتناول تلك الحشيشة التي تنبت في الأرض، وتفرز مادة حمضية.. فإن من تناولها لمرة واحدة، لا يستطيع تركها.. فهل رب العالمين الذي جعل خاصية الإدمان في حشيشة صغيرة، لا يمكن أن يجعل الإدمان الإيجابي: أي الإدمان الروحي، والإدمان التكاملي، في حركة من الحركات؟.. إن هذه الحركة هي التي كانت مصدر أنس لأئمة الهدى (عليهم السلام ) وهم في سجون الظالمين.. فالإمام موسى الكاظم (عليه السلام ) شكر الله -عز وجل- على نعمة السجن، لأنه أصبح في خلوة.. وذلك لأنه إمام طرح نفسه لقيادة الأمة وهدايتها، ولكن الناس أعرضوا عنه، وجاء الحاكم الظالم وأودعه السجن؛ فسقط التكليف الاجتماعي عنه، وتفرغ لعبادة الله عز وجل. إن السجدة بالنسبة للأولياء والصالحين، ليست مجرد دقائق وسويعات، بل لعلهم كانوا يمضون بعض لياليهم في السجود.. حيث أن من أفضل موجبات الاطمئنان، هو الذكر في حال السجود.. وهو مقتضى قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ): (أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد).. فالسجود هو أشرف حركة بدنية، وذلك لأسباب منها: أولا: لأن الإنسان يكون منبطحا على الأرض.. فالواقف شامخ بأنفه، والراكع نصف التكبر خلق منه.. أما عندما يسجد فإنه يتكور، ولعل أصغر حجم لبني آدم يكون أثناء السجود.. قال الإمام محمد الباقر (عليه السلام ): (كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) عند أم المؤمنين عائشة ذات ليلة فقام يتنفّل، فاستيقظت عائشة فضربت بيدها فلم تجده.. فقامت تطوف عليه فوطئت على عنقه وهو ساجدٌ باكٍ يقول: "سجد لك سوادي وخيالي، وآمن بك فؤادي، أبوء إليك بالنعم، وأعترف لك بالذنب العظيم، عملت سوءاً وظلمت نفسي، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنب العظيم إلا أنت، أعوذ بعفوك من عقوبتك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ برحمتك من نقمتك، وأعوذ بك منك، لا أبلغ مدحك والثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، أستغفرك وأتوب إليك".. ثانيا: إن رأس الإنسان عادة ما يرمز إلى: العظمة، والتكبر، والكبرياء، والعلو، وهو في البدن يمثل القيادة.. فيلاحظ أن هذا الرأس في السجود، يتطأطأ أمام رب العالمين سجوداً.. وكذلك فإن أشرف بقعة في الرأس -وهو الموضع الذي يحاذي المخ، وهو مكان التفكير- ألا وهي الجبهة -وهذه الجبهة المحاذية لأشرف بقعة في الجسم على الإطلاق، وهو المخ المفكر- يلاحظ بأنها تلتصق بأرخص بقعة في الوجود، ألا وهو التراب.. يجعل الرأس وهو أشرف بقعة في الجسم، والجبين وهو أشرف بقعة في الرأس، يضع هذه القطعة على أرخص بقعة في الأرض. فإذن، إن الحركة هي بنفسها تواضعية.. بعض الناس يصلي صلاة الليل، وعندما ينتهي يسجد وينام في سجوده، فيكون جسمه في الأرض، وروحه في السماء.. هذا العبد يباهي الله -تعالى- به الملائكة، لأنه لم يلزمه بشيء، بل هو ألزم نفسه.. عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (يا أبا ذر!.. إنّ ربك -عزَّ وجلَّ- يباهي الملائكة بثلاثة نفر ..... إلى أن قال صلى الله عليه وآله وسلم ـ ورجل قام من الليل فصلّى وحده، فسجد ونام وهو ساجد، فيقول الله تعالى: اُنظروا إلى عبدي!.. روحه عندي وجسده في طاعتي). إن تذوق السجدة من ألذ لذائذ العيش عند أهلها.. وعليه، فإن السجود عملية مباركة.. ولكن ماذا نقول في السجود؟.. إن أفضل ذكر هو الذكر اليونسي، الذي لم يفارق الأولياء والصالحين طوال التاريخ: {لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}.. هذا الذكر عجيب، جامع لمعانٍ عظيمة، منها: أولا: {لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ}، هو سيد الأذكار.. لم يقل: (لا إله إلا الله)؛ لأن الإنسان عندما يكون قريبا من المخاطب، يخاطبه مباشرة، يقول: يا رب، أنا أخاطبك أنت مباشرة. ثانيا: {سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}؛ تنزيه.. أي أن ما حصل، لم يكن جزافا!.. بل أنا الذي ظلمت نفسي، فأوقعتها ببطن الحوت.. وأنا الذي ظلمت نفسي، فأوقعتها في الكآبة المزمنة.. وأنا الذي ظلمت نفسي، فكتبت عاقبتي.. وعليه، فإن هذا الذكر فيه اعتراف جميل!.. إن القرآن الكريم لم يذكر أن يونس (ع) قال هذا الذكر مائة مرة، لعله ذكره مرة واحدة، ولكن بحالة يونسية.. فهنيئا لمن ذكر الذكر اليونسي بحالة يونسية، ولو مرة واحدة في عمره؛ عندها يرى الأعاجيب!.. ************************************************** ************************************************** ****** حميد عاشق العراق 27 - 10- 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : قال الله عز وجل: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي ، فليخلقوا ذرة ، أو ليخلقوا حبة أو شعيرة ************************************************** ************************************************** ****** حميد عاشق العراق 29 - 10 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين الذكر الدائم إن من صفات المؤمن، كما نعرف أنه يطلب من الله -عز وجل- أن يكون لسانه لهجا بذكر الله عز وجل.. (اللهم واجعل لساني بذكرك لهجا، وقلبي بحبك متيما).. فطبيعة بني آدم تغلب عليه الغفلة، ولعل كلمة "إنسان" أطلقت عليه لغلبة النسيان. كيف يذكر الإنسان ربه؟.. هناك عدة عوامل، تجعل الإنسان في ذكر دائم: أولا: المصيبة والبلاء.. إن الإنسان عندما يقع في مصيبة، يخرج من جو الغفلة.. ولهذا فإن إيمان السفينة إيمان معروف، فالمؤمن وغير المؤمن عندما يكون الطوفان، يذكر الله عز وجل، يقول تعالى في كتابه الكريم: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}.. فإذن، إن المصيبة تذكّر، ولكن مادامت قائمة.. ولهذا فإن المسجون يكون في محرابه وعلى سجادته يصلي، فإذا أطلق سراحه ينسى كل شيء. ثانيا: النعمة.. إن النعمة هي أيضا تذكر، حيث يكون الإنسان في غفلة، فيأتيه خبر مفرح مثلا: جاءه صبي، أو مال، أو فرج.. فيذكر الله -عز وجل- وهذا أمر جيد!.. ثالثا: الاستفتاح بالتسمية.. إن الإنسان ليس دائما في مصيبة، وليس دائما في نعمة.. لذا علينا أن نجعل الأعمال لله -عز وجل- دائما، مثلا: عندما يريد أن يذهب الرجل إلى المنزل، فإن أول خطوة يقوم بها، هي ركوب السيارة.. فبإمكانه أن يقرأ هذه الآية: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ}.. هذه الآية البعض يقرأها في الطائرة، ولكن أيضا يمكن أن يقرأ هذا الدعاء عند الركوب في السيارة.. وعندما يدخل المنزل، فليقل: بسم الله أدخل هذا البيت.. وهناك دعاء عند الخروج من المنزل: ورد أن الإنسان إذا خرج من منزله، قال : "الله أكبر، الله أكبر ثلاثا" بالله أخرج، وبالله أدخل، وعلى الله أتوكل" ثلاث مرات" اللهم افتح لي في وجهي هذا بخير، واختم لي بخير، وقني شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم" لم يزل في ضمان الله -عز وجل- حتى يرده الله إلى المكان الذي كان فيه.. وعندما يريد أن يتناول الطعام، يبدأ بالبسملة، وينتهي بالحمد.. وعندما يتوضأ كذلك يبدأ بالبسملة.. وقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )، عن الله عز وجل: (كل أمرٍ ذي بال، لم يُذكر فيه بسم الله؛ فهو أبتر).. فإذن، إن كل الأمور الهامة، هي من موجبات ذكر الله كثيرا. إن من آثار ذكر الله عز وجل، غير إخراج العمل عن كونه أبتر، أنه يحمي الإنسان من الوقوع في المعاصي.. مثلا: عندما يركب الإنسان الطائرة، ويقول: بسم الله أفتتح سفري هذا، سوف لن يعصي الله.. فالذي يلتفت إلى مضمون التسمية، قهريا لا شعوريا، لا يمكن أن يكون هذا العمل الذي باركه ببسم الله، مقدمة لحرام يرتكبه. ما معنى بسم الله؟.. في اللغة العربية: كل جار ومجرور، لا بد أن يكون متعلقا بشيء.. مثلا: إذا قلنا: في الدار.. فإن هذه الجملة ناقصة، ولا بد أن تقدر تقديرا بـ: مررت أو دخلت.. وهنا {بسم الله} جار ومجرور، و{الرحمن الرحيم} صفة للفظ الجلالة.. فالجملة ناقصة جدا، ولابد أن نقدر، والتقدير المعروف: أني أفتتح عملي هذا ببسم الله الرحمن الرحيم. ************************************************** ********************************************** حميد عاشق العراق 31 - 10 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين تعويض التقصير إن الإنسان -بعض الأوقات- يخجل من صلاته، إلى درجة أنه يقف بين يدي الله مستغفرا من صلاته.. مع العلم أن بعض الصلوات ليس فقط لا ترفع درجة، وإنما قد توجب له إيلاما، كما ورد في الروايات: (بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ ، فَقَامَ ـ الرجلُ ـ يُصَلِّي، فَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ.. فَقَالَ (صلى الله عليه وآله): "نَقَرَ كَنَقْرِ الْغُرَابِ، لَئِنْ مَاتَ هَذَا وَهَكَذَا صَلَاتُهُ، لَيَمُوتَنَّ عَلَى غَيْرِ دِينِي).. هو كان يصلي في مسجد النبي، ولكن كيفية صلاته توجب التشبيه بنقر الغراب. وفي بعض الروايات: (إن من الصلاة لما يقبل نصفها وثلثها وربعها، وإن منها لما يلف كما يلف الثوب الخلق، فيضرب بها وجه صاحبها)؛ أي أن صلاته ترد إليه.. وهناك رواية أخرى تقول: (أما يخاف الذي يحول وجهه في الصلاة، أن يحول الله وجهه وجه حمار)!.. ما العمل، فنحن صلاتنا -إلا من عصمه الله- فيها كل شيء، إلا ذكر الله؟.. إن هناك حلين كي يعوض هذا التقصير: أولا: التعقيب.. لعل هذا التعقيب اليومي من أجمل صور التعقيب: (إلهي!.. هذه صلاتي صليتها، لا لحاجة منك إليها، ولا رغبة منك فيها؛ إلا تعظيما وطاعة وإجابة لك إلى ما أمرتني.. إلهي!.. إن كان فيها خلل، أو نقص من ركوعها أو سجودها، فلا تؤاخذني، وتفضل على بالقبول والغفران، برحمتك يا أرحم الراحمين)؛ أي أنا يا رب لا أطمع في القبول، ولكن لا تؤدبني بصلاتي هذه. ثانيا: السجود.. نعم الفرصة كي يعوض المصلي الركعات الثلاث أو الأربع، تكون في اللحظات الأخيرة من مفارقة الصلاة؛ أي في السجدة الأخيرة.. وبالتالي، تتم المصالحة عند المغادرة، فإذا بلحظات من المصالحة أذهبت الضغائن.. إذن، اغتنموا السجدة الأخيرة في الصلاة الواجبة.. فإذا أدركت الإنسان الرقة، فليطل في سجدته الأخيرة أكثر من الركعات الثلاث والأربع.. عندئذ تحقق الغرض، فهو لعدة دقائق في سجدته الأخيرة يناجي ربه مستغفرا.. فلعل الله يقول لملائكته: عبدي هذا، عوض تقصيره في صلاته.. فالإنسان المشرف على النهاية معنوياته عالية.. فليكن السجود بعد الصلاة الواجبة أيضا، سجود اعتذار بين يدي الله.. إذ أنه بالإمكان من خلال هذه السجدة، أن ينفخ الروح والحياة في الصلاة الميتة. إن صلاة القضاء قد يكون لها دور في تكامل العبد، أكثر من صلاة الأداء.. والصلاة غير الخاشعة، قد يكون لها دور في تقريب العبد إلى ربه، أكثر من الصلاة الخاشعة.. والسبب هو حالة الاستحياء والخجل، وعدم العجب الذي ينتاب العبد.. فيسدده رب العالمين ببركة حالته هذه، ولهذا جاء في الحديث: (أنين المذنبين أحب إلي من تسبيح المسبحين). ************************************************** ************************************************** ** حميد عاشق العراق 1 - 11 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين التعامل مع الدنيا إن تعامل الناس بالنسبة إلى الدنيا، على نوعين: هناك قسم توطدوا بالدنيا، ورضوا بالمتاع العاجل.. وبتعبير القرآن: {اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.. وهناك قوم انقطعوا إلى الآخرة، وأهملوا الدنيا؛ أي لا يشتغلون للدنيا، فهم غير فعالين فيها، ويغلب عليهم الذكر اللفظي مثلا، ولا يبالون لا بمجتمعهم ولا بأسرهم.. وهذه أيضا حالة مرفوضة. ن الكلمة الفصل في هذا المجال لأمير المؤمنين (عليه السلام): (إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً).. إنه تعبير رائع جدا!.. فالمؤمن يستثمر كل ما لديه من طاقات وقدرات، لتثبيت دعائم الحياة المادية.. والمؤمن من اهتماماته في الدنيا، أن يجمع مالا وفيرا، ليوقف بها أمرا ماديا، يكون له زادا في عرصات القيامة.. (إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له).. من هم أصحاب الصدقات الجارية؟.. هم أصحاب المال؛ فالمؤمن الفقير: رأس ماله الدعاء، والصبر.. أما المؤمن الغني: هو الذي بإمكانه أن يبني ما يكون له صدقة جارية، وأن يتكفل الأيتام. فإذن، إن الدنيا مزرعة الآخرة.. في عالم الزراعة: كلما اتسعت رقعة المزرعة، كلما زاد المحصول.. وكلما زاد المحصول، زادت الزكاة الواجبة لذلك المال.. وبالتالي، فإن الدنيا إذا أصبحت في يد أمثال سليمان، تصبح نعم العون على الآخرة!.. إن الإمام (عليه السلام ) يقول: (واعمل لآخرتك، كأنك تموت غداً).. إن المؤمن قد لا يخشع في صلاة الصبح، وقد لا يخشع في صلاة الظهر؛ لأنه يكون في قمة الانشغال اليومي.. أما في خصوص صلاة العشاء، فإن لها حالة خاصة.. وذلك لأن الإنسان عندما يصلي صلاة العشاء، يصلي صلاة المودع، فهي آخر فريضة لهذا اليوم، وبعدها سوف ينام، والله -تعالى- يقول في كتابه الكريم: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}؛ فالموت والنوم أخوان قريبان.. من أين للإنسان الضمان أن الله يرجع له الروح بعد النوم؟.. ولهذا عندما يستيقظ من النوم، يخر ساجدا لله ويقول: (الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني، وإليه النشور).. فالعبارة حقيقية!.. إن بعض الحجاج -مع الأسف- يحجون حجة، هم لا يرضون بها، على أمل الحج السنة المقبلة!.. من قال أنه سيوفق لذلك؟.. لذا عليه أن يحج حجة مودع، وفي ليلة القدر كذلك عليه أن يقوم بأعمال مودع.. ومعنى قول الإمام (عليه السلام ): (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً) بعبارة أخرى: (ليس الزهد ألا تملك شيئًا، ولكن الزهد ألا يملكك شيء).. مثلا: هناك فقير له عصا وله سبحة، ولكن قلبه متعلق بهما؛ فهذا الإنسان عابد للدنيا.. وهناك إنسان آخر عنده مصانع كثيرة، ولكن قلبه غير متعلق بها؛ فهذا الإنسان زاهد بالدنيا. منقول بتصرف ************************************************** ************************************************** ************ حميد عاشق العراق 2 - 11 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين روافد الشر غير المرئية إن الشر بعض الأوقات يأتي من مصدر مادي معلوم، كإنسان عدو مثلا.. وأحيانا يأتي من عالم غير مرئي من: الجن، والشياطين، والحسد، وغير ذلك من الأمور.. ولكن المؤمن يحاول دائما أن يتناول الشق المادي، ولا يحيل الأمر إلى الجانب الغيبي، وذلك لأمرين:ولا: الغيب لا يرى.. فلو اعتقد إنسان أن جنا قد مسه، كيف يصارع ويواجه هذا الجن الذي لا يرى؟.. فلو كان المهاجم عدوا، لاستطاع أن يشتكي عليه أو يواجهه.. ولو كان جراثيم، لاستخدم مضادا حيويا للقضاء عليه.. أما الجن الذي لا يرى، كيف يقضي عليه؟.. وهنا وبسبب هذه الأوهام، يذهب لكل نصاب ومشعوذ. ثانيا: الغيب لا يقطع به.. فالإنسان عندما يرى عدوا أمامه، يقول: هذا عدو أمامي، ولكنه لا يقطع أن الذي وراء الكواليس، هي هذه الأمور الغيبية.. فإذن، إن المؤمن سياسته سياسة القرآن الكريم: لا يتبع الظن، ولكن يمشي وراء اليقين{إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}.. ولكن مع ذلك نحن قوم واقعيون، نتبع القرآن والسنة.. فالقرآن ذكر الجن في آيات متفرقة، منها: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا}.. وقد صنّف القرآن الكريم الجن إلى صالحين وغير صالحين {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا}، وكذلك ذكر شر الجن: {مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}.. وفي أدعية أهل البيت (ع): (أعيذ نفسي وديني وأهلي ومالي وولدي وإخواني في ديني، وما رزقني ربي، وخواتيم عملي، ومن يعنيني أمره.. بالله الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.. وبرب الفلق من شر ما خلق، ومن شر غاسق إذا وقب، ومن شر النفاثات في العقد، من شر حاسد إذا حسد.. وبرب الناس، ملك الناس، إله الناس، من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس). فإذن، إن هناك شرا يصلنا من الجن، وهناك شرا من الناس.. فما هو الحل الجامع لهذا الأمر؟.. الحل هو أن نوكل الأمر اليقيني والاحتمالي إلى خالق الشرور.. فالإنسان عندما يصاب بمرض، يحتمل الطبيب أن الجرثومة الفلانية هي السبب وراء ذلك المرض؛ فيعطيه مضادا حيويا يقضي على الجرثومة المحتملة غير المقطوع به.. وكذلك المؤمن، فإنه يراجع ربه ويقول: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ}.. وهنا نكتة قرآنية لطيفة: فـ{أَعُوذُ} فعل مستمر؛ لأن العدو عداوته مستمرة، {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ}.. أحيانا الطائرات المعادية تهجم مرة في السنة، أما إذا كان الهجوم يوميا؛ فلا بد أن يكون الدفاع يوميا.. وعليه، فبما أن الشيطان يوسوس دائما، فإن على الإنسان اللجوء إلى الاستعاذة المستمرة، للتصدي لهذا العدو: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}. إن هنالك بشارة لجميع المؤمنين، وهي أن الشياطين والجن لا تصل إلى أعضاء بدن الإنسان.. فالشياطين والجن لو كان لهم سلطة على الأبدان، لذكر ذلك القرآن الكريم، إنما شغلهم الوسوسة فقط. ومن هنا الشيطان يوم القيامة يدافع عن نفسه دفاعا بليغا: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.. أي أنا عملي كان مجرد دعوة، ولم يكن هناك إلزام وإكراه.. ومن منا يدعي أن الشيطان دفعه إلى المعصية دفعا؟!.. فإذن، إن الأمر سهل ما دامت القضية وسوسة، فالذي يلتفت إلى منافذ قلبه، ينجو من هذا الشر ************************************************** ************************************************** **** حميد عاشق العراق 3 - 11 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين وإذا قلنا أن الأمر متوقف على المربي؛ فمعنى ذلك أنه عطلنا السير، وعطلنا الحركة التكاملية!.. فماذا نعمل بالآيات القرآنية المطلقة الداعية إلى الفرار إلى الله عز وجل: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}، {اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}؟!.. ************************************************** ************************************************** **** حميد عاشق العراق 6 - 11 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين سجدة الشكر إن البعض يظن أن سجدة الشكر خاصة بالصلاة الواجبة، والحال أن سجدة الشكر -كما هو معلوم من اسمها- يؤتى بها بعد حصول نعمة من الله سبحانه، أو دفع نقمة منه، وتكون في كل وقت.. مثلا: إنسان جالس في المنزل، فيتذكر نعمة من نعم الله، فيخر لله ساجدا.. هذه حركة مشكورة من العبد.. والبعض في المستشفى عندما يقال له: فلان برأ من مرضه، فيخر لله ساجدا.. هناك ثلاث جمل شرطية وردت في القرآن الكريم، ورب العالمين أصدق الصادقين {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ}: الأولى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}.. طبعا هناك فرق بين ذكر العبد لربه، فهذا الإنسان المسكين يذكره لقلقة لسان.. وبين ذكر الله -عز وجل- لعبده، لأنه إذا ذكره؛ قلب كيانه!.. الثانية: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}.. اللام لام التأكيد، والنون نون التوكيد الثقيلة.. فهو إما أن يُعطى من جنس النعمة المشكورة، أو من جنس آخر.. مثلا: إنسان أعطي ولدا، فشكر الله: فإما أن يعطى ولدا آخر صالحا، أو يعطى من جنس آخر ، كالمال الوفير مثلا.. فالعبارة مفتوحة، ورب العالمين لا مانع لعطائه. الثالثة: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.. فرب العالمين كما نقرأ في المناجاة: (وليس من صفاتك يا سيدي، أن تأمر بالسؤال وتمنع العطية)!.. فإذن، إن سجدة الشكر يمكن استعمالها في كل الحالات، والأفضل أن تؤدى على نحو سجدتين.. ويُستحبّ فيها تعفير الجبينين بين السجدتين، وكذا تعفير الخدّين.. ويستحب فيها أن يفترش ذراعيه، ويلصق صدره وبطنه بالأرض. ************************************************** ************************************************** ******* حميد عاشق العراق 8 - 11 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين إن من المناسب أن يعتاد المؤمن على الانشغال بالذكر -ولو كان لفظيا- فإن حركة اللسان تؤثر يوما ما على القلب!.. ومن المعلوم أن القلب إذا اشتغل بذكر الله تعالى، كان ذلك أكبر ضمانة لعدم الوقوع فيما يسخط الله تعالى، وبذلك لا تبقى دقيقة في حياته من دون استثمار لحياته الباقية. ************************************************** ************************************************ حميد عاشق العراق 17 - 11 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين إن الطريق الذي يحقق في نفسه حالة الاطمئنان، هو هذه الآية {أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}؛ وهي علاج لا علاج بعده..! ************************************************** ************************************************** ***** حميد عاشق العراق 18 - 11 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين إن عاقبة الإنسان -حسناً أو سوءاً- ليست بعملية فجائية، كما يعتقد البعض.. إذ لكل نهاية بداية، فالذي يبدأ مشواره الحياتي صحيحاً، بلا شك أنه سيضمن العاقبة الحسنة... ************************************************** ************************************************** ******** حميد عاشق العراق 21 - 11 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين سلوا الله -عز وجل- أن يعطيكم البينة والرحمة!.. البينة، لكي تروا الطريق.. والرحمة، لكي يدفعك في الطريق.. فإذا حاز الإنسان على مرتبة البينة والرحمة، سلك إلى الله -عز وجل- من دون أي تعثر.. ************************************************** ********************************* حميد عاشق العراق 23 - 11 - 2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين المؤثرات السلبية الغيبية إن طبيعة الجنس البشري أنه يتأثر بالأوهام، إلى درجة أنه يتعامل مع الموهوم تعامله مع المتيقن.. مثال ذلك: لو طلب من إنسان أن ينام ليلة مع ميت، فإن معظم الناس يستوحش من ذلك، رغم يقينه أن هذا الميت كالخشبة.. فالإنسان يخاف من الحي، لا من الميت. قديما كانت تعد الجراثيم من عالم الغيب -بمعنى من المعاني- لأنها لا ترى، وذلك قبل اكتشاف المجهر، أما الآن وبعد اكتشافه، فإننا نرى أدق الأشياء.. وهذه الأيام هنالك ما يسمى: بالعين، والسحر، والشعوذة، والعمل.. فما هو الموقف الشرعي تجاه هذه الأمور؟.. إن بعض الناس طبيعتهم هكذا!.. ولعل البعض يتظاهر بالأكاديمية، وأنه إنسان علمي وموضوعي، فينفي كل شيء ما وراء المادة. وطبعا هذا من الجهل بكل وضوح!.. لأننا نعيش في بيئة مليئة بالأمواج المغناطيسية، والكهربائية، والصوتية ...الخ. وكل ما حولنا هو أشد تأثيرا في حياتنا من الشهود. وعليه، فإن الإنسان الذي لا يعتقد بأصل المادة، هذا إنسان غير موضوعي. إن الإنسان لا ينفي أصل الموضوع، فهناك سورة في القرآن الكريم باسم (الجن) {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا}.. وبالنسبة إلى السحر أيضا يقول القرآن الكريم: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}.. قديما كان هذا السحر موجودا، كانوا يعقدون العقد على الحبل، وتنفث فيه الساحرة. وهناك معنى آخر للنفاثات: أي أن الإنسان إذا عقد عزمه على شيء، يأتي إنسان يحبط من عزمه؛ أي ينفث في عقده.. وورد أيضا في القرآن الكريم: {مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}. فإذن، إن هناك حقيقة قائمة، ولكن ليس معنى ذلك أن كل ما يراه الإنسان من عوامل غريبة، ينسبه إلى السحر وما شابه ذلك. وعليه، فإن هناك نكبات وبلاء، ولكن ليس معنى ذلك أنه كلما رأينا بلية، نفسر ذلك على أنه من عمل السحر والجن وما شابه ذلك.. والحل هو:أولاً: أن لا ننتقل من عالم الشهود إلى عالم ما وراء الطبيعة إلا بدليل قاطع، وأنى لنا بدليل قاطع!.. ثانياً: دفع الصدقة.. فالوقاية خير من العلاج.. هناك ما يسمى اليوم بالتطعيم ضد الأوبئة والأخطار، لمن يخاف من المفاجآت المستقبلية.. وكذلك الذي يخاف من مفاجآت القضاء والقدر، عليه أن يدفع صدقة، وقد يكون أثر هذا العمل أكثر من بعض الأحراز لأن فيه تضحية، {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}. فإذن، يستحب للإنسان أن يدفع صدقة يومية . منقول بتصرف ************************************************** ********************************************** حميد عاشق العراق 4 - 12 - 2015 |
ما اروع مواضيعك اخي حميد
ما اجملها إنها ... رياض ايمانية و بساتين للذكر واستراحة من وعثاء الطريق و زاد المسافر وبقية خير في رحلة العمر لك مني كلا التحايا جزاك الله خيرا وجعل بكل حرف من حروفك اجرا في ميزان حسناتك |
اقتباس:
بسم الله الرحمن الرحيم أسعد الله تعالى مساءك عزيزي زياد وجزاك خيرالجزاء كلماتك أدخلت السرور إلى قلبي ودفعتني لمواصلة السير على هذا الطريق ..طريق الحق تبارك وتعالى ... أسأل الله سبحانه أن يوفقك لما يحبه لك ويرضاه متمنيا لك دوام التوفيق والنجاح حميد 12 - 12 -2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين التعامل مع الدنيا إن تعامل الناس بالنسبة إلى الدنيا، على نوعين: هناك قسم توطدوا بالدنيا، ورضوا بالمتاع العاجل. وبتعبير القرآن: {اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.. وهناك قوم انقطعوا إلى الآخرة، وأهملوا الدنيا؛ أي لا يشتغلون للدنيا، فهم غير فعالين فيها، ويغلب عليهم الذكر اللفظي مثلا، ولا يبالون لا بمجتمعهم ولا بأسرهم. وهذه أيضا حالة مرفوضة. إن الكلمة الفصل في هذا المجال لأمير المؤمنين (عليه السلام): (إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً).. إنه تعبير رائع جدا!. فالمؤمن يستثمر كل ما لديه من طاقات وقدرات، لتثبيت دعائم الحياة المادية.. والمؤمن من اهتماماته في الدنيا، أن يجمع مالا وفيرا، ليوقف بها أمرا ماديا، يكون له زادا في عرصات القيامة.. (إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له).. من هم أصحاب الصدقات الجارية؟.. هم أصحاب المال؛ فالمؤمن الفقير: رأس ماله الدعاء، والصبر.. أما المؤمن الغني: هو الذي بإمكانه أن يبني ما يكون له صدقة جارية، وأن يتكفل الأيتام. فإذن، إن الدنيا مزرعة الآخرة.. في عالم الزراعة: كلما اتسعت رقعة المزرعة، كلما زاد المحصول.. وكلما زاد المحصول، زادت الزكاة الواجبة لذلك المال.. وبالتالي، فإن الدنيا إذا أصبحت في يد أمثال سليمان، تصبح نعم العون على الآخرة!.. إن الإمام (عليه السلام ) يقول: (واعمل لآخرتك، كأنك تموت غداً). إن المؤمن قد لا يخشع في صلاة الصبح، وقد لا يخشع في صلاة الظهر؛ لأنه يكون في قمة الانشغال اليومي.. أما في خصوص صلاة العشاء، فإن لها حالة خاصة. وذلك لأن الإنسان عندما يصلي صلاة العشاء، يصلي صلاة المودع، فهي آخر فريضة لهذا اليوم، وبعدها سوف ينام، والله -تعالى- يقول في كتابه الكريم: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}؛ فالموت والنوم أخوان قريبان.. من أين للإنسان الضمان أن الله يرجع له الروح بعد النوم؟. ولهذا عندما يستيقظ من النوم، يخر ساجدا لله ويقول: (الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني، وإليه النشور). فالعبارة حقيقية!.. إن بعض الحجاج -مع الأسف- يحجون حجة، هم لا يرضون بها، على أمل الحج السنة المقبلة!. من قال أنه سيوفق لذلك؟.. لذا عليه أن يحج حجة مودع، وفي ليلة القدر كذلك عليه أن يقوم بأعمال مودع.. ومعنى قول الإمام (عليه السلام ): (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً) بعبارة أخرى: (ليس الزهد ألا تملك شيئًا، ولكن الزهد ألا يملكك شيء). مثلا: هناك فقير له عصا وله سبحة، ولكن قلبه متعلق بهما؛ فهذا الإنسان عابد للدنيا.. وهناك إنسان آخر عنده مصانع كثيرة، ولكن قلبه غير متعلق بها؛ فهذا الإنسان زاهد بالدنيا. منقول بتصرف ************************************************** ************************************************** * حميد عاشق العراق 12 - 12 -2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين الإسراف والتبذير [b][color="blue"] إن هنالك مالا مسرفا فيه، ومالا مبذرا به.. فالإنسان تارة يسرف: بمعنى أن أصل العملية صحيح، حيث أن له الحق في أن يشتري طعاما مثلا، ولكن يشتري زيادة عن حاجته.. وتارة يبذر: أي أنه يشتري ما لا يحتاج إليه، ويجعل ماله في غير موضعه؛ فهؤلاء عبر عنهم القرآن الكريم بأنهم أخوان الشياطين، حيث قال تعالى في كتابه الكريم: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}.. إذا كان صرف المال الفاني في غير محله يعد تبذيرا، ويجعل الإنسان من أخوان الشياطين؛ فكيف بما هو أرقى من المال، عندما يصرف في غير محله، ألا وهو العمر والوقت؟!.. إن القسم الجاد في حياتنا، يكاد ينحصر في الحضور إلى المسجد، والوقوف للصلاة بين يدي الله عز وجل.. وإلا فإن الأعمار في تلف مستمر، {إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}.. بعض الناس يمضي يومياً ثلاث أو أربع ساعات في سيارته، والبعض الآخر قد يمضي ساعات من الانتظار في طوابير الشراء، |
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين الوصول إلى الله عز وجل إن البعض عندما يستمع إلى الأحاديث التي تدور حول صلاة الليل، وقيام الليل، وبركات الأسحار؛ فإنه يرى أن هذه الدرجات درجات عليا جدا لا تنال، وكأنها تحتاج إلى مجاهدة غير متحملة.. والحال: أن الأمر ليس كذلك، فالذي يرى أن قيام الليل ثقيل عليه، ما عليه إلا أن يجرب، فالإنسان المؤمن له همة عالية!.. أما شدة خوف الإنسان من بعض الأمور المهمة، فإنها تمنعه من الوصول إلى الدرجات العليا. إن البعض يستثقل القيام في السحر، وذلك بدعوى أن نفس القيام يحتاج إلى مجاهدة، فكيف يتوجه في صلاته، وهو مثقل بالنعاس؟.. إن التوجه والإقبال من باب الاستحسان المطلوب في الفرائض، وفي المستحبات كذلك.. ولكن في خصوص صلاة الليل -والله العالم- نفس قيام الليل، وهجران الفراش؛ فيه ملاك!.. حتى لو صلى الإنسان صلاة الليل وهو مدبر، أو متناعس؛ فإن هذا القيام في حد نفسه أمر مبارك، ورب العالمين يحب هذه الحركة. إن الإنسان قد ينام -أحيانا- في السجود الأخير من صلاة الليل، إلى أن يستيقظ لصلاة الفجر.. أو لا تحتمل أن الله -عز وجل- يحب هذا المنظر الجميل: مؤمن قام من دون أي إلزام، وألزم نفسه أن يقف بين يدي ربه، فخشع في ركعتين ولم يخشع في الباقي؟.. عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ):إنّ الله -عزَّ وجلَّ- يباهي الملائكة بثلاثة نفر ـ إلى أن قال صلى الله عليه وآله وسلم ـ ورجل قام من الليل فصلّى وحده، فسجد ونام وهو ساجد، فيقول الله تعالى: اُنظروا إلى عبدي!.. روحه عندي وجسده في طاعتي ساجد). (إن الوصول إلى الله -عزّ وجل- سفر، لا يدرك إلا بامتطاء الليل).. إنها عبارة راقية جدا!.. أولاً: الوصول سفر.. إن هذه العبارة ترفع الاستيحاش الذي لدى البعض، حيث أن البعض يستوحش من كلمة: السير، والسفر.. ومن التعابير المتعارفة تعبير: "الفرار" (فروا إلى الله)، (السفر إلى الله)، (آه!.. آه!.. من قلة الزاد، وبُعد السفر، ووحشة الطريق).. إلى آخره من هذه التعابير التي تشعر المؤمن أن له سفرا إلى الله عز وجل. ثانياً: الدابة هي الليل.. هذا السفر له دابة، وهذه الدابة متمثلة في الليل.. فالذي ليس له ليل، وليس له قيام ليل؛ من الممكن أن يصل إلى بعض الدرجات.. ولكن هذا بمثابة الإنسان الراجل لا الراكب: فالراجل قد يصل، ولكن بعد جهد جهيد، ومشقة عالية؛ بخلاف الذي يركب الدابة، فيصل إلى المبتغى في أسرع وقت وأيسر حال!.. أما أهل قيام الليل، فإنهم يصلون إلى الله -عز وجل- وصول الراكبين، لا وصول الراجلين. منقول بتصرف ************************************************** *********************************** حميد عاشق العراق 23 - 12 -2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين كيف نجمع بين {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وبين الاستعانة بالغير كما هي سنة الحياة؟.. إن القضية جدا بسيطة: أي أستعين بأخي المؤمن على أنه سبب من الأسباب، وعلى أنه أداة بيد الله عز وجل {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}.. ولو شاء الله لقلب فؤاده على خلاف ما هو يريد.. فرعون كان يقتل الأطفال، ولكن عندما وقع موسى بيده تحول من عدو قاس إلى إنسان لين، وجعله ابنا له.. عندما عاد موسى وقام بثورته على فرعون منّ عليه بأنه رباه وليدا فـ{قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ}.. فإذن، إن معنى ذلك أن القلب بيد الله عز وجل، (إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن، يصرفها كيف يشاء).وبالتالي، فإنه عندما يذهب الإنسان للأسباب الظاهرية، عليه أن يذهب إلى أن هذا السبب بيد الله -عز وجل- ولو شاء لأزال سببيته.. ولهذا عندما تقضى حاجة المؤمن كعملية موفقة على يد جراح ماهر، فإن أول خطوة عليه القيام بها، هي أن يشكر الله -عز وجل- على هذه النعمة، فيقول: يا رب لك الحمد، ولك الشكر، أن سخرت لي فلانا.. فمن شكر الله على النعم، سيسخر له رب العالمين أسبابا أخرى، من باب: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}. منقول بتصرف ************************************************** ***************************** حميد عاشق العراق 24 - 12 -2015 |
بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب الرحمة الإلهية إن هنالك بعض الأمكنة، وبعض الأزمنة، وبعض الحالات؛ يفتح الله فيها أبواب الرحمة الإلهية.. ومن هذه الأمكنة المساجد، التي هي بيوت الله -عز وجل- في الأرض.. فالمساجد كلها متساوية في الشرف والفضيلة، من مسجد القرية إلى المسجد الحرام.. نعم هناك تفاضل لا شك في ذلك!.. ومن حيث الأزمنة، هناك مثلا: ليلة الجمعة، وليلة النصف من شعبان، وليالي القدر،...الخ.. في هذه الليالي، يهب الله -عز وجل- عباده ما يشاء من الفضل. أما الحالات التي تتجلى فيها الرحمة الإلهية، فمنها: - نزول المطر: فالمؤمن بمجرد أن ينزل المطر، يرفع يديه إلى السماء بالدعاء.. وقد وصفه الله تعالى في القرآن الكريم بالماء الطهور: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا}.. حتى أن البعض يشرب ماء المطر بنية الاستشفاء، ويقول: أن هذا قريب عهد بربه، لم يلمس هذا الماء أي إنسان.. روي عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: «تفتّح أبواب السماء عند نزول الغيث، وعند الزحف، وعند الأَذان، وعند قراءة القرآن، ومع زوال الشمس، وعند طلوع الفجر». - عند هبوب الرياح: قال تعالى في كتابه الكريم: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}؛ أي نحن الذين جعلنا الرياح تنتقل من مكان إلى مكان.. قال الإمام الصادق (عليه السلام): «اطلبوا الدعاء في أربع ساعات: عند هبوب الرياح، وزوال الأَفياء، ونزول القطر، وأول قطرة من دم القتيل المؤمن؛ فإنّ أبواب السماء تفتّح عند هذه الأشياء». - عند الزوال: يقول تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ}؛ أي الظهيرة.. عند صلاة الظهر تفتح أبواب السماء، ولهذا أمرنا بالحفاظ على جميع الصلوات وخاصة صلاة الظهر.. وهناك توصية من بعض العلماء الكبار، أنه من المناسب للمؤمن عند أذان الظهر أن يلزم نفسه -بنحو الاستحباب- بدعاء الفرج: (اللهم!.. كن لوليك الحجة بن الحسن...).. فمن يفعل ذلك يرجى له الخير. - عند التقاء الصفين.. ومن حالات استجابة الدعاء عند التقاء الصفين؛ أي صفي المسلمين والكفار للقتال، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «اغتنموا الدعاء عند خمسة مواطن: عند قراءة القرآن، وعند الأذان، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الصفين للشهادة، وعند دعوة المظلوم؛ فإنّها ليس لها حجاب دون العرش». - السحر.. إن المطر له موسم، والرياح لها مواسم.. ولكن أبواب السماء تفتح بدءاً من ساعات السحر، حتى طلوع الشمس.. أيضا هذا الوقت من الأوقات التي تنغمر فيه الرحمة الإلهية، خصوصا بالنسبة إلى الرزق.. عن الجواد ( عليه السلام): (وذكر اللّه بعد طلوع الفجر، أبلغ في طلب الرزق من الضرب في الأرض).. نحن مشكلتنا أننا جعلنا الأرزاق تساوي المال، والحال أن المال آخر الأرزاق: أول الرزق الإيمان والاطمئنان النفسي، وبعد الإيمان الزوجة الصالحة، وبعد الزوجة الذرية الطيبة.. وبعدها الدابة السريعة، والدار الوسيعة، والمال الوفير؛ وهي في أسفل القائمة.. وذلك لأن رب العالمين يعطي الإنسان الأهم فالأهم!.. فالمؤمن الذي يصبح ويمسي لا يخاف شيئا، ولا يحزن على شيء.. هذا الإنسان قمة في الراحة النفسية. سر هذه الخصوصية لهذه الحالات: أولا: إن هذه الحالات تستقطب الرحمة. ثانيا: إن الله -عز وجل- يريد أن يرحم، ولكن يجعل لرحمته علامة، وليست الحالات هي التي أوجبت الرحمة.. هو أراد أن يرحم في مثل هذه الساعة منذ الأزل، ولكن ليلفت نظرنا قال: إذا نزلت عليكم المطر، وهبت الرياح، و...الخ؛ سأرحمكم.. فاغتنموا الفرصة!.. فإذن، على كل التقديرين، المؤمن صياد الفرص، يغتنم كل الأزمنة وكل الأمكنة وكل الحالات.. ويلجأ إلى الله تعالى؛ كي يفتح له الأبواب المغلقة. منقول بتصرف ************************************************** ******************************************* حميد عاشق العراق 27 - 1 - 2016 |
بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين هل نحن مخيرون ام مسيرون ؟ إن من المسائل الاعتقادية التي وقع النزاع حولها، هي مسألة هل نحن مسيرون أم مخيرون؟.. وهل الحق هو الجبر؟.. أو الحق هو التفويض؟.. والمسألة بحسب الظاهر نظرية، ولكن قطعا لها آثارها الكبرى في حياة الإنسان. إن الإنسان الذي يعتقد بأنه مسير، سوف يعيش حالة الركون إلى ما هو فيه، ولا يفكر في تغيير واقعه؛ فيعيش حالة الرتابة في الحياة.. لأنه لا يرى نفسه مؤثرا في الوجود، {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا}.. فما دام القلم قد جف بما هو كائن، فإذاً لماذا السعي؟.. وعندها يرى الإنسان نفسه كأنه قشة في مهب الرياح، أو على سطح البحر، تقلبه الأمواج كيفما تشاء. والإنسان الذي يرى بأنه مخير، وليس هنالك قدرة مهيمنة عليه؛ فإنه يعيش حالة من الفرعونية الباطنية.. لأنه يرى أنه هو صاحب القرار الأول والأخير في هذه الدنيا، ولا شيء يقف أمامه {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيد}، وإن لم يقل ذلك بلسانه، وإنما لسان حاله يقول: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}.. فيرى نفسه ربا لنفسه على الأقل، فيقول: أنا مالك لأمري، وليس هنالك من يتدخل في شؤوني. فما هي الكلمة الحق في هذا المجال؟.. إن القرآن الكريم فيه صنفان من الآيات: صنف قد يستشم منه البعض منها رائحة الجبر، وهناك قسم يستشف منه التفويض.. فلندرس الطائفتين من هذه الآيات الكريمة. إن المسلمين انقسموا إلى فرق: هناك جماعة من فرق المسلمين اعتقدوا بالجبر، وتاريخهم معلوم.. وقسم منهم المفوضون.. وخط ثالث معروف أنه خط الأمر بين الأمرين (لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين الأمرين). هناك مجموعة آيات، بل أنواع من الآيات.. تدل بشكل واضح، على أنه ليس هنالك جبر في الحياة: النوع الأول: هنالك نوع يدل على أن الإحسان والإساءة منتسبان إلى العبد، وليس هنالك شخص آخر، أو جهة أخرى مسؤولة عن أعمال العبد: {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}، {قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي}.. إن هذا الصنف من الآيات، دالة على نفي الجبر. النوع الثاني: الآيات الدالة على نفي الظلم عن الله عز وجل: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}.. ونحن نعلم أن العبد إذا كان مسيرا، أو مكرها، أو مجبرا؛ فلا معنى لعقوبته.. وهذه الآيات، وهي قرابة أربعين آية في القرآن الكريم، تدل على هذا المعنى الإجمالي. النوع الثالث: إن الصنف الثالث من الآيات، يدل على أن الله عز وجل خلق الموت والحياة ليختبر الناس: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}.. فإذن، إن معنى {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}؛ أي أن هنالك حرية في اختيار العمل الأحسن.. وهنالك أكثر من ستين آية في القرآن، تدل على هذا المعنى الإجمالي. النوع الرابع: والصنف الرابع من الآيات، دالة وداعية إلى الحذر والتضرع، ولو كان الأمر هو التسيير، وهو الجبر.. فعندئذٍ لا معنى للتضرع: {أَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}.. فإذن، إن التضرع له دوره في رفع المقدرات، ورفع العذاب الإلهي.. وهنالك سبعون آية -تقريبا- تدل على هذا المعنى؛ أي أن الحذر والتقوى والإيمان -هذه الأمور- مؤثرة في مسيرة الإنسان. النوع الخامس: إن الطائفة الخامسة من الآيات، تدل على أن الثواب والعقاب مستندان إلى فعل العبد، لا إلى أمر خارجي.. قال تعالى: {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}، {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا}، {وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}.. فإذن، إن هذه الآيات نسبت الجزاء إلى فعل العبد. النوع السادس: إن الصنف السادس، هي آيات توبيخ الكفار والفساق.. والإنسان غير المختار لا يوبخ، فحتى في حياتنا اليومية رغم أن الطفل يفعل الأعمال باختياره، ولكنه غير مكلف، فإن الإنسان يعاتب من كثرة توبيخ الطفل الذي رفع عنه القلم.. {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ}، {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا}، { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَاللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُون}.. إن كل هذه الآيات موبخة، وتدل على أن الإنسان أيضا مخير في عمله. النوع السابع: هناك آيات واضحة، تدل على أن الإنسان مخير، كقوله تعالى: {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}.. فهنالك تصريح، بأن هذه الحالة من الاختيار. النوع الثامن: الآيات التي تدعو إلى المسارعة في الخير، {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ}.. فإذا كان لا مجال في الترقي، فلماذا ندعى للمسارعة في الخيرات؟.. النوع التاسع: نقرأ يوميا صنفا آخر في سورة الحمد: {إياك نعبد وإياك نستعين}؛ أي يا رب أنا أستعين بك.. ولو كان الله هو الفاعل، فلا معنى للاستعانة.. فالاستعانة تطلق عندما يفعل الإنسان فعلا اختياريا، ولكنه يستعين بغيره. النوع العاشر: وكذلك من الآيات الدالة على هذه الحالة، اعتراف الكفار يوم القيامة، عندما يحكم على الناس بدخول النار {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ}.. فإذن، إن هؤلاء فلسفوا حكمهم بالبقاء في النار، على أنهم كانوا مقصرين، وإلا بإمكانهم أن يقولوا: ربنا أدخلتنا النار بفعلك، فنحن لم نعمل شيئا اختياريا. النوع الحادي عشر: من الآيات الدالة على الاختيار: {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ}.. فإذن، إن معنى ذلك، أنه يعمل الصالح الذي يعوضه، عما فعله في حياته الدنيا. فمع هذه الآيات الكثيرة يصبح واضحا، أن الإنسان في هذه الحياة الدنيا، يخط طريقه بيده.. ومن هنا حسن عقابه، كما حسن ثوابه. ولكن في المقابل هنالك مجموعة من الآيات، قد يستشم البعض منها شيئا من الجبر، فما هي هذه الآيات؟.. فلنكن منصفين في البحث العلمي.. هنالك آيات، وهي آيات متنوعة تجعل الهداية من الله، وتجعل الهادي هو الله سبحانه وتعالى {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}.. فإذن، إن الله هو الهادي، والعبد لا شأن له في ذلك، فهنيئا لمن هداه الله تعالى!.. {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ}، فهذه من الآيات التي يمكن أن يستشم منها الجبر. إن الجواب الإجمالي على مثل هذه الآيات، التي تسند الهداية إلى الله عز وجل: هو أن الله عز وجل هو الذي هيأ مواد الهداية، وجعل في وجود الإنسان محطات أو كواشف للطريق.. فإذا كان الأمر كذلك، فإن الإنسان الذي بيده إضاءة قوية، وسراج منير، فإنه يمشي أمام الناس.. فيقال: أن هذا الإنسان يهدي الآخرين، لماذا؟.. لأنه فتح لهم الطريق.. فالله سبحانه وتعالى جعل محطة خارجية، ومحطة داخلية في الوجود الإنساني.. وكل محطة تفتح لك الطريق: المحطة الباطنية تسمى بالفطرة، والرسول الباطني.. والمحطة الخارجية متمثلة بمئة وأربع وعشرين ألف إضاءة في عالم الوجود، ختمت الإضاءات بمن جعله الله السراج المنير في هذه الأمة، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا}.. وعليه، فإن كون رب العالمين، هو الذي فتح لك الطريق؛ بالإرشاد، والهداية الفطرية، والخارجية.. فإنه يصح أن يقال بأنه هو الهادي، ولا يستلزم ذلك شيئا من الجبر والإلزام. وكذلك من الآيات التي يمكن أن يقول البعض بأنها تدل على شيء من الجبر: {لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ}، و{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ}.. فإذن، ما معنى هذه الآيات؟.. -آيات نفي القوة إلا بالله، وآيات أنه لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا- وكيف نوفق بينها وبين الآيات التي ذكرناها في أول الحديث؟.. إن مضمون هذه الآيات هي: إن وفقت لدخول الجنة -والجنة من أعظم المنافع، والرضوان الإلهي غاية المكاسب- لا تظن أن ذلك مقطوع الصلة بالله عز وجل، إذ كيف وصلت إلى الجنة؟.. الجواب: من خلال العبادة!.. وكيف عبدت الله عز وجل؟.. الجواب: بهذا البدن!.. ومن خلق هذا البدن؟.. ومن أعطاه الطاقة للعبادة؟.. الجواب: هو رب العالمين، ولو شاء لسلب منك هذه الطاقة.. فمثلا: إذا جلست في المنزل، ولم توفق لحضور المسجد في هذه الليلة.. فإن الفعل من العبد، ولكن المواد الأولية من رب العالمين.. وهكذا في باب الضلالة، فإن الإنسان عندما يقتل إنسانا، وهناك إنسان آخر قد أعطاه سكينا.. فهو قتل، ولكن مادة القتل أعطاه إياها شخص آخر.. وهو لا يلام على ذلك، فالشخص الأول هو الذي قتل باختياره.. وعندما يقف أمام القاضي، لا يقول: فلان أعطاني مدية أوسكينا. فإذن، إن معاصي الخلق هذه الأيام تعود إلى الشهوة هي: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ}.. فمن الذي زين؟.. إن رب العالمين زين ذلك للإنسان، حيث جعل فيه الشهوة.. وعليه، فإذا دخل النار أيضا يمكن أن يقال بأن لله عز وجل دورا في ذلك، لا بمعنى الإلزام، بل بمعنى أن ما وقع فيه له صلة بالله عز وجل، فهو المُمَكّن لطريق الخير {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}.. فإذن، لا قوة إلا بالله: فكل حركة في هذا الوجود سلبا أو إيجابا للبناء أو الهدم، يحتاج إلى طاقة.. وهذه الطاقة مخلوقة لله عز وجل، من دون أن تلازم سلب القدرة.. ومن هنا لا ظلم أبدا في هذا المجال. وعليه، فإن ملخص الحديث فيما تقدم، أنه في الفقرة الأخيرة هنالك شاهد قرآني جميل، التفت إليه بعض العلماء التفاتة جميلة، وهي: أن إبراهيم -عليه السلام- عندما يتكلم مع الرب، وهو بطل التوحيد، ماذا يقول عن الأصنام؟.. {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ}؛ أي أن هذه الأصنام أضلت الناس كثيرا، فما ذنب هذا الصنم، الذي يصنعونه من التمر صباحا، ويأكلونه ليلا؟.. ولكن إبراهيم جعل الإضلال منتسبا إلى الصنم، رغم أن الذي ضل هو ابن آدم، الذي يشعر بالأمور. إن من خلال مجموع هذه الأمور، نصل إلى أنه (لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين أمرين).. وهنالك آية في القرآن الكريم، آية جميلة جدا -وكل القرآن جميل- تشير إلى هذه الحالة: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى}.. انظروا إلى التعبير المتموج!.. وما رميت إذ رميت في معركة بدر، ولكن الله رمى.. فالنبي هو الرامي، والمسلمون هم الرماة.. ولكن الله هو الرامي أيضا؛ لأنه أمدهم بهذا المدد، وساعدهم في النصرة على أعدائهم، وهو الذي خلق مادة السهم، وهو الذي جعل القوة في العضلات، غير ما ذكره من إنزال الملائكة المسومين. وعليه، فإن الحق أن لا نعتقد بالجبر، فننسب الظلم إلى الله عز وجل.. والحق أن لا نعتقد بالتفويض؛ لكي لا يجعل الإنسان يعيش حالة من حالات الركون إلى طاقاته وقواه. منقول بتصرف . ************************************************** ************************************** حميد عاشق العراق 21 - 2 - 2016 |
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف تقضي على الشيطان في حياتك؟ إن مسألة مواجهة كيد الشيطان من أعقد مسائل المواجهة، وذلك لأن هذا العدو اللدود، يجمع بين (خاءات) ثلاث: الخفاء، والخبث، والخبرة.. فمن ناحية يرانا هو وقبيله من حيث لا نراه، ولنتصور معركة، أحد طرفيها: جيش مدرب لا يمكن رؤيته، أوَ هل يمكن للخصم أن يقاوم ذلك الجيش لحظة واحدة؟.. ومن ناحية أخرى يعيش حالة الحسد المتأصل لبني آدم الذي كانت خلقة أبيهم آدم (عليه السلام ) مصادفة لأول أيام شقائه، ومن هنا أضمر الحقد الدفين لاستئصال الجنس البشري، وسوقه إلى الهاوية.. ومن ناحية أخرى له تلك الخبرة العريقة في عملية الإغواء، والتي شملت محاولات التعرض لمسيرة الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام) وإن باءت بالفشل بالنسبة لهم.. ولكن ما حالنا نحن الضعفاء والمساكين؟.. إن القرآن الكريم تناول في أكثر من 60 آية مسألة الشيطان بتأكيد وتحذير، قل نظيره في القرآن الكريم، فينقل تحديه لرب العالمين، إذ أقسم بعزته على إغواء الخلق أجمعين، لا يستثني منهم أحدا إلا المخلَصين (بفتح اللام).. ولكن من هم المخلصون؟.. إنهم الذين اصطفاهم المولى لنفسه، وجعلهم في دائرة جذبه وحمايته.. وترى القرآن الكريم ينقل عنه التعبير بــ (لاحتنكن ذريته) المشعر بأنه يتخذ من الإنسان دابة، إذ يجعل اللجام في حنكه الأسفل، ليقوده قود البهائم!.. فيا له من تحقير عظيم لمن ركبه الشيطان، فاتخذه مطية يحركه بإشارة -لا بجهد جهيد- نحو اليمين ونحو الشمال.. أوَ هل هناك تحقير أعظم من ذلك؟.. إن القرآن الكريم يحذر من خطوات الشيطان.. إذ أنه لخبرته ودهائه، لا يجر الإنسان إلى المعصية بضربة واحدة -لعلمه بعدم الانقياد له في المحرمات الكبيرة- ولكنها الخطوات المدروسة التي يتورط بها العبد، منتقلا من معصية إلى معصية.. ومثاله التطبيقي في عالم هوى النساء: هو الابتداء بالنظرة، ثم الابتسامة، والسلام، والكلام، والموعد، واللقاء حيث الارتماء في أحضان الشيطان المنتقم، وإن كان ظاهره هو الارتماء في أحضان بنات الهوى!.. لا بد من التعرف على الأدوات التي يصطاد بها الشيطان أعوانه.. فالقرآن الكريم يذكر الخمر والميسر مثالا لأداة الجريمة، كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ...).. ولكل عصر: خمره وميسره.. أوَ ليست بعض القنوات والمواقع الإباحية، من أدوات إيقاع الشيطان الضحية في شباكه!.. تلك الشباك التي من وقع فيها لا يخرج منها إلا بندامة -لو تاب- أو بخزي أبدي فيما لو استغرق في التوغل في عالم المعصية.. إن الذي ينظر إلى المذكورات على أنها مصائد إبليس، فإنه سيستوحش من عواقبها، بدلا من الالتذاذ الوقتي الذي لا دوام له سوى وخز الضمير، وعذاب الوجدان. يذكر القرآن الكريم عينة من أعلى درجات الانتكاس التي تجعل المؤمن المتفوق في إيمانه، يعيش أعلى درجات الخوف والوجل، عندما يستحضر هذه العينة المخيفة التي استحوذ عليها الشيطان، وذلك هو الذي آتاه الله تعالى آياته، والتي فسرت بـ (الكرامات الباطنية والفتوحات الأنفسية).. ولكنه خلد إلى الأرض، واتبع هواه، وانسلخ مما كان فيه، ليتحول إلى من يشبهه القرآن بالكلب، الذي إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث.. أوَ ليس في ذلك منتهى التحذير لعدم الركون إلى ما عليه الإنسان من الصلاح والسداد، فإن الأيام هي التي تكشف عن ثبات الجوهر، ومدى أصالته. يذكر القرآن الكريم (الربا) كوسيلة من وسائل التصرف الشيطاني في الإنسان، فيقلبه إلى مجنون لا عقل له!.. فتأل قوله تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ).. إن المرابي عندما يستلقي على قفاه -فرحا بما اكتسبه من المال الحرام- عليه أن يعلم أن ملكوت فعله هي هذه الصورة المقيتة، التي سيكشف الغطاء عنها يوما ما، حيث بصره حديد، ولكن بعد فوات الأوان!.. وقس عليه ملكوت كل فعل قبيح عند المولى الباقي، وإن كان جميلا عند العبد الفاني. إن من المخيف حقا اصطلاح شركة الشيطان فى مال البعض وأولادهم، وقد فسر ذلك بطائفتين: الأولى: أولاد الزنا الذين انعقدت نطفهم، فى جو شيطاني من الهوى والرذيلة.. والثاني: أولاد الحلال الذين لم يحسن الآباء تربيتهم، فكانوا كالطائفة الأولى ممن أصبح الشيطان له سهم فيهم!.. ومن الواضح أن الشريك يطالب بمال الشركة دائما، وخاصة إذا كان خبيثا حريصا، كالشيطان الرجيم. إن للشياطين على الأرض مواطن يجول فيها ويصول، ومنها: الأسواق، وبلاد الكفر، ومواطن غلبة المعاصي كاختلاط الجنسين.. وعليه، فعلى المؤمن أن يتدرع بأقوى الأسلحة قبل النزول إلى تلك المواطن، لئلا تطمع فيه الشياطين.. وليعلم أن من تلك المواطن: مجالس الغافلين المسترسلين في الباطل الذين قال عنهم القرآن الكريم: (.... وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). إن الذي ذكرناه بمجموعه، لا ينبغي أن يوجب اليأس أبدا.. وإنما ذكرنا هذا الجو الموحش لأمور.. فإما أولا: ليسعى الإنسان أن يلقن نفسه عداوة هذا الموجود الذي لا يترك الإنسان بحال ولو تركه الإنسان.. وثانيا: ليستكشف مواطن الضعف في نفسه، إذ أن لكل إنسان نقطة ضعف ينفذ من خلالها الشيطان، ومن تلك المنافذ: النساء، والغضب، والمال، والشهرة.. وثالثا: ليشتد التجاؤه إلى المولى الذي لم يخرج الشيطان من دائرة العبودية التكوينية له، إذ ناصيته بيده على كفره وعناده، ولو شاء لأبعده عن وليه، كما أبعد الشياطين عن السماء التي (مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا) كما ذكره القرآن الكريم، فهل تعوذنا -مع صدق وتضرع- بالاستعاذات اليومية، كما كان يفعلها النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)؟.. منقول بتصرف ************************************************** ****************************************** حميد عاشق العراق 21 - 2 - 2016 |
بسم الله الرحمن الرحيم [marq="1;right;1;scroll"]الإقبال منحه إلهية
[/marq]b]إن البعض منا عندما يتشرف بزيارة المشاهد المشرفة، وعلى رأس المشاهد الحرمين الشريفين؛ فإنه يعيش حالة من حالات رقة القلب وإقبال القلب..بحيث عندما يرجع إلى وطنه، وهو بين أهله وأولاده؛ يعيش حالة الغربة، وذلك لأن قلبه متعلق في المكان الذي كان فيه.. هذه حالة إيجابية جميلة، ولكن: أولاً: إن المؤمن لا ينخدع بهذه الحالات، فهذه حالات موسمية.. لأن ما هو فيه من الإقبال القلبي عند الكعبة؛ هو من شرافة الكعبة.. فهو لم يتغير، ومازال كما كان قبل مجيئه إلى هذه المشاهد المشرفة، من قسوة القلب..وعليه، فإن هذه من شؤون الضيافة، ضيافة رب العالمين في هذه الأماكن المباركة..حيث أن لكل قادم كرامة، والإنسان عندما يزور ملكا من ملوك الدنيا، فإن غاية إكرامه أن يعطيه طعاما شهيا، أو مالا وفيرا.. أما رب العالمين، فإنه لا يعطي الزائر لا الطعام ولا المال، بل يعطيه إقبالا، ويعطيه رقة، ويعطيه دمعة.. حتى أن أقل الناس إيمانا، لا يستبدل هذه الحالة الروحية بشيء.. مثلا: لو قيل له أثناء طوافه، وهو مقبل: اخرج خارج المسجد، وتناول طعاما شهيا!.. فإن هذا الإنسان يضحك على هذا العرض.. إذن حالة الإقبال هذه منحة إلهية، ولطف إلهي. ثانياً: الفخر كل الفخر أن نستصحب هذه الحالة ونحن في أوطاننا، بعض العلماء يقول: فرق بين الحال، وبين المقام.. ما نحن فيه في المشاهد المشرفة؛ حالات إيجابية.. ولكن عندما تزول هذه الحالة، نعرف أننا لم نصل إلى رتبة ثابتة، وإلى مقام منيع.. المهم أن يكون الإنسان في هذه الحالة، وهو خارج المشاهد. ثالثاً: إن الزيارة المتميزة هي: الأولى، والأخيرة.. الأولى يغلب عليها الشوق والفرح الشديد، والأخيرة فيها ألم الفراق والبعد.. هذا شوق مقدس، وهذا حزن مقدس.. لذا، فإنه من المناسب في ساعة الفراق، أن نخاطب رب العالمين إن كنا في الكعبة المشرفة، أو أن نخاطب النبي (ص) إن كنا في حرمه الشريف، أو نخاطب ذرية النبي (صلى الله عليه وآله و سلم ) إن كنا في أحد مشاهدهم المشرفة، أنه: يا مولاي!.. أنا استمتعت بجواركم هذه الليالي والأيام، فلا تسلب مني صالح ما أعطيتني أبدا!.. أي أذقتني حلاوة الأنس، وحلاوة الذكر.. فليس من موجبات الإكرام الكامل، أن تقرن حلاوة الأنس، بمرارة الهجران والبعد.. والكريم لا يتبع إحسانه بهذا الأمر!.. وعليه، فإننا في ساعة الوداع نطلب من رب العالمين، ونقسم عليه بجاه من زرناه، أن لا يسلب منا هذه الحالة.. إذا زرتم هذه المواطن الشريفة، قولوا ما أمرنا به في زيارة الوداع: (بأبي أنتم وأمي ونفسي وأهلي ومالي!.. اجعلوني في همكم، وصيروني في حزبكم، وأدخلوني في شفاعتكم، واذكروني عند ربكم).. إذ أن هناك فرقا بين إنسان يرجع إلى وطنه، ورب العالمين لا يلتفت إليه بعد ذلك.. وبين إنسان يُتبنى ويُتكفل، وهو في وطنه.. فالنبي الذي زاره، أو الإمام الذي زاره؛ ينظر إليه بعين اللطف والكرامة.[/b] منقول بتصرف ************************************************** ************************ حميد عاشق العراق 5 - 3 - 2016 |
بسم الله الرحمن الرحيم
[marq="1;right;1;scroll"]مراقبة النفس[/marq] إن هناك اصطلاحين مأخوذين من القرآن الكريم.. والتفكير في هذه الأمور، قد يكون ثقيلا، فيقول الإنسان: أين نحن وهذه المراتب؟!.. ولكن هل الذي يعيش في الوادي، يحرم عليه أن يتمنى القمم؟.. وهذه القمة هي أمنية الإنسان!.. من يهب صعود الجبال *** يعش أبد الدهر بين الحفر إن هنالك نوعين من المراقبة: ولا: مراقبة النفس.. وهذا مأخوذ من قوله -تعالى- في سورة الحشر: {وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}؛ أي الإنسان ينظر لنفسه: ما هو موقعه في هذه الحياة، وإلى أين وصل؟.. فأول بياض يظهر على وجه الإنسان، هو من موجبات الحزن والألم؛ لأن هذا نذير الموت وقد بدأ العد التنازلي.. حيث أن متوسط أعمار الأمة حوالي الستين؛ أي الشاب في الثلاثين تكون قد بدأت انتكاسته. ثانيا: مراقبة الله عز وجل.. وهو اصطلاح أرقى من مراقبة النفس، فالذي في مرحلة المحاسب لنفسه هو في الوادي، وغير المحاسب في القاع؛ أما القمة فهي مراقبة الله عز وجل.. أي أن الإنسان ينسى نفسه، وينظر إلى العين الإلهية المراقبة له دائما، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}، عن الإمام الجواد (عليه السلام ): (واعلم أنك لن تخلو من عين الله، فانظر كيف تكون)!.. أي يراقب الإنسان وجود الله -عز وجل- لا نفسه. ما هي النتيجة؟.. إن هذه الآية لطالما قرأناها ولم نتأمل معناها {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}.. ما معنى جاهدوا فينا؟.. وما الفرق بين جاهدوا فينا، وجاهدوا في سبيلنا؟.. هناك فرق شاسع بين العبارتين: الذي يقاتل في سبيل الله عز وجل، والذي يكتب في الله: إن كان لله؛ فهو في سبيل الله.. وإن لم يكن لوجه الله؛ فلا سبيل في البين.. أما الأرقى من هذا {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا} لا في سبيلنا: أي الذي جهاده في الله عز وجل؛ يريد أن يصل إلى الله، لا في خدمة دينه. مثلا: ينسى العبد ربه، ويكتب مقالا لصالح الدين، أو يتكلم لصالح الدين؛ هذا جيد ومأجور عليه.. ولكن الأرقى من ذلك أن تكون عين العبد على رب العالمين.. {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا} الآن {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}؛ بدأ من الله عز وجل، وانتهى إلى السبيل.. معنى ذلك والذين جاهدوا في سبيلنا، ليس بالضرورة نهديهم سبلنا.. نعم يعطى الجنة، ولكن في الدنيا قد يتخبط لأنه لا بصيرة له.. وهو مأجور لأنه يعمل في سبيل الله عز وجل؛ ولكن ليس هناك من وعد إلهي، أن يهديه السبيل، نعم: يسدد، ويدعم، ويعطى مزايا.. ولكن الهداية والبصيرة، هي كما يقول القرآن الكريم: للذين جاهدوا فينا. الخلاصة: 1- أن هناك مراقبة للنفس؛ فالإنسان الذي عينه على قلبه، هذا من مصاديق الذاتية والأنانية المحمودة.. ولكن المؤمن الأرقى تكون عينه في السماء، لا في النفس. 2- أن هناك فرقا بين جاهدوا فينا، وجاهدوا في سبيلنا. 3- أن الوعد بالهداية، مترتب على الذين جاهدوا فينا، لا في سبيلنا. منقول بتصرف ************************************************** ****************************************** حميد عاشق العراق 7 - 3 - 2016 |
الساعة الآن 09:56 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.