منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ~ (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=964)

أمل محمد 09-06-2010 06:34 AM

(وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْع) (الطارق 12).

http://www.eajaz.org/arabic/images/e...ges/17/5-3.jpgشكل (3): منظر يوضح درجة لونية من اللون الأحمر لصخور الماجنيزيت وسط صخور السربنتينيت بوادي مبارك بوسط الصحراء الشرقية.








شكل (4):





صورة مجهرية لصخر بركاني متحول بوادي المرين وبه شرائح معدن الألبيت التي تبدي التوأمية المتعددة على شكل لفظ الجلالة (الله).


http://www.eajaz.org/arabic/images/e...ges/17/5-4.jpg
أما الألوان الحمراء فتظهر في صخور الجرانيت الوردي Pink Granite الذي يشكل وحدة مميزة في تكونيات صخور الأساس المصرية Basement Rocks التي ترجع إلى عصر ما قبل الكامبري وهذا اللون انعكاس للتراكيب الكيميائية للمعادن المكونة لهذه الصخور ويتضح هذا اللون في صورة حقلية من خلال بحث في منطقة حول وادي حوضين بجنوب الصحراء الشرقية في صخور جرانيت جبل حرحجيت شكل (2).

كما تظهر هذه الألوان الحمراء في صخور الماجنيزيت لمصاحب لصخور السربنتين Serpentinite and magnesite - carbonate rocks الذي يشكل وحدة أساسية من مكونات صخور الأساس المصرية وفي الشكل رقم (3) يتبين وجود صخور الماجنزيت الحمراء وسط صخور السربنتينيت السوداء بجوار بئر أم حويطات بوادي مبارك بوسط الصحراء الشرقية بمصر وذلك أثناء دراسة الماجستير بالمنطقة في عام 1988.





يتبع ~ ~


أمل محمد 09-06-2010 06:35 AM


شكل (5)





صورة مجهرية لتجمع بلورات عديمة اللون وبيضاء ورمادية وسوداء القطعة صخرية من



http://www.eajaz.org/arabic/images/e...ges/17/5-5.jpg



الكوارتزيت في صخر الجرايواكي المتحول (رسوبيات قديمة).



يتبع ~ ~


أمل محمد 09-06-2010 06:36 AM


شكل (6):



صورة مجهرية توضح تلون المعادن وتجمعها وتوجهها في اتجاه مفضل لصخور الشست بمنطقة جبل المعيتق بالصحراء الشرقية.


http://www.eajaz.org/arabic/images/e...ges/17/5-6.jpg

ومن خلال هذه الدراسة (الماجستير 1988) التي تناولت أيضًا الصخور البركانية المتحولة Metavolcanics لوادي المرين جنوب وادي مبارك، وجد في بعض هذه الصخور أثناء فحصها ميكروسكوبا أن تركيبها المعدني يحتوي على شرائح معدن الألبيت Albite Laths التي تظهر التوامية المتعددة على هيئة لفظ الجلالة (الله) تقريبا شكل (4) دلالة على أن كل شيء في هذه الكون يسجد ويسبح بحمد الله (ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال).. (الحج 18).

كما يبين أيضًا صخر الجرايواكي المتحول Meta-greywacke تجمع معدني من بلورات عديمة اللون وبيضاء ورمادية وسوداء اللون لقطعة من الكوارتزيت شكل (5) فمن أبدع هذا الترتيب والتكوين؟ أنه الخالق العظيم (إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر) (القمر 49) وتبدو معادن أخرى ملونة بألوان مختلفة ومتجمعة وموجهة في اتجاه مفضل Preferred orientation في بعض الصخور المتحولة (الشست Schist) لمنطقة جبل المعيتق بوسط الصحراء الشرقية بمصر شكل (6) وفيها تظهر تحت الميكروسكوب الألوان التي أبدعها الخالق ما بين الأبيض والرمادي والأسود وذو ألوان التداخل العالية (الميكا Mica) فمن الذي لون وجمع ووجه هذه المعادن؟ إنها يد القدرة الإلهية (وَهَذَا خَلق اللَّه فَأرُونِي مَاذَا خَلَقَ الّذِينَ مِنْ دُونِهِ)(لقمان 11).







يتبع ~ ~


أمل محمد 09-06-2010 06:36 AM


وعن المعادن الاقتصادية التي تتكون أثناء تشكل الصخور وتكوينها وينتفع بها الإنسان (وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الأَرْض) فنجد في صخور ما قبل الكامبري المصرية أنها تحتوي على مجموعة كبيرة من المعادن الاقتصادية التي تنفع الإنسان ويستفيد بها في حياته كما ذكرت الآية القرآنية وهذه المعادن كثيرة منها خامات الحديد والألمنيت والكروميت والذهب والنحاس والرصاص والزنك واللتلك وغيرها.


فنجد خامات الحديد متواجدة في شكل طبقات وعدسات نتيجة التحول للرسوبيات القديمة وموجودة في جبل الحديد وأم نار ووادي كريم بالصحراء الشرقية بمصر، ونجد الألمنيت في شكل شرائط عدسية كبيرة في كتل صخور الجابرو في منطقة حماطة وأو غلجة. اما الكروميت فينتشر في صخور السربنتينيت في مناطق البرامية وأبو دهر بوسط وجنوب الصحراء الشرقية، والذهب ذات تمعدن واسع في الصحراء الشرقية (في أكثر من 95 منطقة) بين صخور الأساس المصرية مثل الرسوبيات والبركانيات المتحولة والشست والجرانيت والجابرو والشكل رقم (7) هو صورة حقلية توضح مدخل منجم الذهب بمنطقة السكري بجنوب الصحراء الشرقية وهو من أحد المناجم المشهورة.
ويتواجد الذهب في شكل سدود وعروق حاملة له. أما النحاس والرصاص والزنك فيتكون في مناطق التكسير Shears and fractures في جنوب الصحراء الشرقية بمنطقة أم سميوكي ومنطقة درهيب وفي منطقة أم غيج ووادي سيترا بوسط الصحراء الشرقية في تكوين الرسوبيات والبركانيات المتحولة لصخور الأساس المصرية.






يتبع ~ ~


أمل محمد 09-06-2010 06:37 AM

http://www.eajaz.org/arabic/images/e...ges/17/5-7.jpg

شكل (7):



منظر عام يوضح مدخل منجم الذهب بمنطقة السكري بجنوب الصحراء الشرقية بمصر.






//










شكل (8):



منظر عام لمنظمم التلك المتواجد عبر مناطق التحطيم بمنطقة درهيب جنوب الصحراء الشرقية.


http://www.eajaz.org/arabic/images/e...ges/17/5-8.jpg


ويتواجد التلك عبر مناطق التحطيم Shear zones ويتكون بالتحول الحراري المائي للصخور البركانية لما قبل الكامبري في منطقة درهيب (شكل 8) حيث يوجد احد المناجم المنتجة لهذا الخام حيث يصل سمك عدسات التلك والسربنتين إلى 40 مترا قاطعة صخور الرايولايت الذي يعتبر من البركانيات المتحولة لصخور الأساس المصرية، فإذا كان العلم ساعد الإنسان على اكتشاف هذه المعادن فقد ذكرها الله في كتابه منذ أربعة عشر قرنا من الزمان تعالى الله عما يشركون.


يتبع ~ ~








أمل محمد 09-06-2010 06:39 AM


شكل (9)



منظر عام لبركان نشط بجزيرة جنوب إيطاليا حيث تنساب اللافا المكونة للصخور البركانية.


http://www.eajaz.org/arabic/images/e...ges/17/5-9.jpg

والصخور البركانية التي ذكرناها تخرج على هيئة لافا عبر أعناق البركاين التي يظهر أحدها في شكل (9) في صورة نشطة بجزيرة جنوب إيطاليا بالقرب من نابولي وتخرج هذه اللافا في شكل حمم ومقذوفات بركانية تصل درجة حرارتها إلى 1000م وما أن تصل إلى سطح الأرض حتى تتبلور وتتجمد وتكون الصخور البركانية وكل هذا نتيجة ما يدور في باطن الأرض من غليان وحرارة وضغط كامن وتحركات داخلية وقد أشار القرآن إلى ما يحدث في باطن الكرة الأرضية التي نعيش عليها في قوله تعالى (أَأَمِنتُم مَّن فِى السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإذَا هِيَ تَمُور) (الملك 16).

وهكذا أصبح الإعجاز العلمي رافدا عصريا من روافد الدعوة إلى الإسلام بين اهله وفي غير أهله وبدأت الجامعات بأساتذتها وطلابها يولون الأمر حقه فازداد الذين آمنوا إيمانا وتاب الكثير من الشاكين واطمأن كثير من الحيارى والتائهين فسارت الصحوة المباركة في الطريق الذي يريده لها ربها وأصبح لا يمضي يوم إلا وهناك محاضرة عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة. وهذا تأييد الله لهذا الدين في عصرنا الحاضر قال تعالى (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُون) (التوبة 32). ومن هنا أصبح العلم الذي وظفه أعداء الإسلام ضد الدين الإسلامي سلاحا مشهرا ضد الإلحاد والكفر وتيارات الضلالة والإنحلال (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ الله يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيم)(الروم 4،5).


فالحمد لله الذي عرفنا بأسرار كونه (وَقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون)(النمل 93) حيث أن التفكر في مخلوقات الله عبادة وتقديمها للناس دعوة إلى الله وهذا ما تفعله أبحاث الإعجاز وهذا من شأنه أن يحفز أبناء الإسلام إلى اكتشاف أسرار الكون بدوافع إيمانية لعلها تعبر بهم فترة التخلف وتقودهم إلى التقدم العلمي الذي هو مفتاح الريادة للعالم المعاصر (إنَّ فِى خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار)(آل عمران 20)

صدق الله العظيم والله الهادي إلى سواء السبيل.

المراجع:

المراجع الدينية: القرآن الكريم
الحلال والحرام في الإسلام د. يوسف القرضاوي. المكتب الإسلامي، دمشق ــ بيروت، 1980
صفوة التفاسير د. محمد علي الصابوني، دار الرشيد، سوريا ــ حلب
في ظلال القرآن سيد قطب، دار الشروق.
قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن

المراجع العلمية:

الجيولوجيا الفيزيائية
باهر القليوبي وخالد التركي (1998): علم الصخور المتحولة، النشر العلمي والمطابع جامعة الملك سعود، الرياض.
روجر ميسن: علم الصخور المتحولة، ترجمة د. رافد العبيدي ــ جامعة الموصل، العرق 1987.
عواد فرغل أحمد وهارون أحمد محمد ومحمد صابر (1999): بترولوجيا وجيوكيمياء لبعض الصخور المتحولة لمنطقة المعيتق بوسط الصحراء الشرقية، مصر. المجلة العلمية لكلية العلوم - جامعة أسيوط، مجلد (28).
قاموس الجيولوجيا (1980)، الطبعة الثانية، المعهد الجيولوجي الأمريكي، فرجينيا.
محمد صابر عبدالغني وهارون أحمد محمد (2002): دراسة للسدود التالية للجرانيت بمنطقة أسوان، مصر. المجلة العلمية لكلية العلوم - جامعة أسيوط - مصر، العدد (31).
محمد كمال العقاد (1967): علم الصخور النارية.
هارون أحمد محمد (1988): دراسات بترولوجية وجيوكيميائية مقارنة على بعض الصخور المتحولة بوسط الصحراء الشرقية، مصر، رسالة ماجستير، جامعة المنيا، مصر.
هارون أحمد محمد (1994): الصخور المتحولة لسلسلة جبال الجانال، كمشاتكا. رسالة دكتوراة جامعة مرسكو الحكومية، روسيا.
هارون أحمد محمد وف. ي. فيلدمان (1995): الخواص البتروكيميائية للصخور المتحولة لكتلة الجانال ــ مجلة الجيولوجيا والتنقيب التابعة لأخبار الجامعات بموسكو - روسيا، العدد الخامس.
هارون أحمد محمد ومحمود المحلاوي (1996): بترولوجيا وجيوكيمياء بعض الرسوبات المتحولة والشست لمنطقة وادي حوضين بجنوب الصحراء الشرقية، مصر. المجلة العلمية لكلية العلوم - جامعة المنيا، المجلد (9)، الجزء الأول.
هارون أحمد محمد (1997): بنرولوجيا بعض صخور الأساس في منطقة حول وادي حوضين بجنوب الصحراء الشرقية، مصر. المجلة العلمية لكلية العلوم - جامعة أسيوط ــ مصر، مجلد (26).
هارون أحمد محمد (1998): جيوكيمياء والوضع التكتوني وأصل الجرانيتات المحطمة بمنطقة وادي نعام ــ وادي بيتان بجنوب الصحراء الشرقية، مصر. المجلة العلمية لكلية العلوم، جامعة المنيا، مجلد (11)، العدد الأول.
هارون أحمد محمد وف.ي. فيلدمان (1998): ظروف تكوين الصخور المتحولة لكتلة الجانال (كمشاتكا)، المجلة العلمية لجامعة موسكو - سلسلة 4 (جيولوجيا)، العدد الثاني.
هارون أحمد محمد ومحمد صابر (2000): إضافة إلى جيوكيمياء وأصل صخور أبو زيران الجرانيتية بوسط الصحراء الشرقية، مصر. المجلة العلمية لكلية العلوم، جامعة أسيوط، مجلد (29).
هارون أحمد محمد (2001): بتروجرافيا وكيمياء المعادن للصخور الجرانيتية المحطمة، منطقة وادي شعيت بجنوب الصحراء الشرقية، مصر. المؤتمر الدولي الثاني لجيولوجية أفريقيا، أسيوط، مصر، مجلد (1).
هارون أحمد محمد (1996 - 2002): محاضرات على صخور الأساس المصرية والصخور المتحولة قسم الجيولوجيا، جامعة المنيا،مصر.






//




انتهى ..


د. هارون أحمد

أستاذ علم الجيولجيا

أمل محمد 09-06-2010 06:40 AM

التلبينة : غذاء ودواء


د. رامي عبدالحسيب



لاشك أن هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الطعام والشراب ذو فائدة جمّة لصحة الإنسان. ويُظهِر العلم يومًا بعد يوم هذه الفوائد من خلال الأبحاث المعملية والتجريبية الحديثة. وفي هذا المقال سنتناول هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تناول حبوب الشعير خبزًا وحساءً وشرابًا، وكيف أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصفه لمداواة المرضى وتخفيف الحزن والغم الذي يعتري النفس الإنسانية بين حين وآخر، وسنعرض نتائج البحوث الحديثة التي توضح بالدليل العلمي الفوائد الغذائية والدوائية لحبوب الشعير، مما يثبت ويؤكد أن حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الموضوع خارج من مشكاة النبوة.


يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:41 AM


أولاً: أهم الأحاديث الواردة في الموضوع:




1 ـ روى الترمذي بسنده عن سُلَيم بن عامر سمعه أبو أُمامة يقول: (ما كان يفضل عن أهل بيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خبز الشعير).
2 ـ روى الإمام أحمد عن عروة عن عائشة ـرضي الله عنها ـ أنها قالت: (ولا أَكَلَ ـ صلى الله عليه وسلم ـ خُبزًا منخولاً منذ بعثه الله إلى أن قُبِض).
3 ـ في الصحيحين من حديث عروة عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت إذا مات الميت من أهلها واجتمع لذلك النساء ثم تفرقن إلى أهلهن أمرت بِبُرمَة من تلبينة فطُبخَت، وصنعت ثريدًا ثم صبت التلبينة عليه، ثم قالت: كلوا منها فإني سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (التلبينة مُجِمَّةٌ لفؤاد المريض تذهب ببعض الحزن).

4 ـ روى ابن ماجه من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أخذ أحدًا من أهله الوعكُ أمر بالحساء من شعير فصُنع، ثم أمرهم فَحَسَوا منه ثم يقول: (إنه يرتو فؤاد الحزين، ويسرو فؤاد السقيم، كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها). أخرجه ابن ماجه في الطب باب التلبينة، والترمذي باب ما يطعم المريض، وقال: حسن صحيح.
5 ـ في السنة من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالبغيض النافع التلبين)، قالت: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا اشتكى أحد من أهله لم تزل البُرمة على النار حتى ينتهي أحد طرفيه ـ يعني يبرأ أو يموت. أخرجه ابن ماجه وأحمد، وفي سنده جهالة، وله شواهد.
6 ـ وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا قيل له إن فلانًا وَجِعٌ لا يطعم الطعام قال (عليكم بالتلبينة فحسوه إياها)، ويقول: (والذي نفسي بيده إنها تغسل بطن أحدكم كما تغسل إحداكن وجهها من الوسخ).
أشارت هذه الأحاديث إلى استعمال حبوب الشعير غذاء ودواء فقد استعمله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأهل بيته خبزًا، وأمر به للمريض الذي لا يطعم الطعام، وأمر به للحزين، وإصلاح فؤاد المريض، وأمر به للمبطون فإن حساء الشعير يغسل بطن المريض، ويرتو فؤاد الحزين، ويسرو فؤاد السقيم.



يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:42 AM


والتلبين لغة:



هو الحساء الرقيق الذي هو في قوام اللبن، ومنه اشتق اسمه، وقال الهروي ـ رحمه الله: سميت تلبينة لشبهها باللبن لبياضها ورقتها.
وقال ابن القيم ـ رحمه الله: وهذا الغذاء هو النافع للعليل وهو الرقيق الناضج، لا الغليظ النيئ، وإذا شئت أن تعرف فضل التلبينة فاعرف فضل ماء الشعير، بل هي ماء الشعير لهم. فإنها حساء متخذ من دقيق الشعير بنخالته والفرق بينها وبين ماء الشعير أنه يطبخ صحاحًا والتلبينة تطبخ منه مطحونًا، وهي أنفع منه لخروج خاصية الشعير بالطحن.

ثم قال ـ رحمه الله: وقوله ـ صلى الله عليه وسلم: (مجمة لفؤاد المريض) يُروَى بوجهين بفتح الميم والجيم، وبضم الميم وكسر الجيم، والأول أشهر ومعناه مريحة له أي تريحه وتسكّنه، من الإجمام وهو الراحة. وقوله: (تذهب ببعض الحزن)، قد يقال ـ وهو الأقرب: إنها تذهب ببعض الحزن بخاصية فيها من جنس خواص الأغذية المفرحة، فإن من الأغذية ما يفرح بالخاصية والله أعلم. ويقول ـ رحمه الله ـ في تفسير حديث عائشة ـ رضي الله عنها: (إنه ليرتو فؤاد الحزين، ويسرو فؤاد السقيم كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها) ومعنى يرتو أي يشد ويقوي، ويسرو يكشف ويزيل. ثم يقول ـ رحمه الله: وقد تقدم أن هذا ماء الشعير المغلي وهو أكثر غذاء من سويقه وهو نافع للسعال، وخشونة الحلق، صالح لقمع حدة الفضول، مدر للبول، جلاء لما في المعدة، قاطع للعطش، مطفئ للحرارة.
ثم قال ـ رحمه الله: وصفته (ماء الشعير) أن يؤخذ من الشعير الجيد المرضوض مقدارًا ومن الماء العذب الصافي خمسة أمثاله. انتهى كلامه ـ رحمه الله.




يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:43 AM


البحوث العلمية وبيان وجه الإعجاز في دلالة النصوص



توافقت البحوث الحديثة في مجال الغذاء والاستطباب بالشعير مع هدي سيد الأنام ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسأعرض نتائج هذه الأبحاث إثر بيان الدلالة في نص الأحاديث النبوية كالتالي:

أولاً: قوله ـ صلى الله عليه وسلم: (التلبينة مجمة لفؤاد المريض)


الشعير والكوليسترول
تعريف الشعير: هو نبات حولي من الفصيلة النجيلية ويشبه في شكله العام نبات الشوفان والقمح وهو أقدم غذاء للإنسان واسمه العلمي: Hordeum valgara
ويبين الجدول التالي التحليل الكيميائي لحبة الشعير وذلك نقلاً من كتاب (العلاج بالتلبينة للأستاذ عبد الكريم التاجوري) نقلاً عن بحث قام به معهد البحوث الزراعية بجامعة ألبرتا بكندا. وكان عنوان البحث: أهمية المنتجات المحتوية على منتجات الشعير على صحة مرضى السكر (النوع الثاتي غير الوراثي) وتحديد أهمية استخدام منتجات الشعير وتأثيرها على نسبة السكر والدهون في الدم، وكانت النتيجة النهائية لهذا البحث توضيح أهمية غذاء الشعير وخبز الشعير كوسيلة لزيادة كمية الألياف المطلوبة للجسم القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان، لخفض نسبة السكر والدهون في الدم.
والكولسترول: هو مركب دهني نتناوله في طعامنا، وتكونه أجسادنا ويجري في دمائنا وله حد طبيعي إن زاد عنه تترسب هذه الزيادة على جدران الأوعية الدموية وتضيقها، وتُعَدّ زيادته أحد الأسباب المؤدية إلى الإصابة بأمراض القلب والشرايين.






يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:44 AM


أثبتت الدراسات العلمية فاعلية حبوب الشعير الفائقة في تقليل مستوى الكوليسترول في الدم من خلال عدة عمليات حيوية منها:
تحتوي حبوب الشعير على مركبات مشابهة لفيتامين E الذي يعد من أشهر مضادات الأكسدة التي لها القدرة على تثبيط إنزيمات التخليق الحيوي للكوليسترول.
تحتوي ألياف الشعير المنحلة على مادة هامة جدٌّا وهي البيتا جلوكان (Beta-glucan) التي تتحد مع الكوليسترول الزائد في الأطعمة والأحماض الصفراوية مما يقلل وصوله إلى تيار الدم.

وتشير نتائج البحوث إلى انخفاض نسبة الكوليسترول العام بنسبة 10%، وانخفاض نسبة الكوليسترول منخفض الكثافة ldl إلى 8%، وارتفاع نسبة الكوليسترول عالي الكثافة hdl إلى 16%.
ينتج عن تخمر الألياف المنحلة في القولون أحماض تمتص من القولون وتتداخل مع استقلاب الكوليسترول فتعيق ارتفاع نسبته في الدم.
الشعير يكبح جماح ضغط الدم لسببين:
أ. يحتوي على كمية وافرة من عنصر البوتاسيوم حيث يخلق هذا العنصر التوازن اللازم بين الملح والماء داخل الخلية.
ب. الشعير مدر للبول مما يقلل من ضغط الدم.
الشعير ينظم امتصاص السكر إلى الدم مما يحد من ارتفاع السكر المفاجئ لاحتواء أليافه المنحلة القابلة للذوبان على بكتينات تكون مع الماء هلامًا لزجًا يبطئ من هضم وامتصاص النشويات والسكريات، كما أنه قليل السعرات غني بالألياف المنحلة وغير المنحلة، مما يقلل من الرغبة في تناول الأطعمة السكرية وغيرها، وهذا يساعد على تنظيم نسبة السكر في الدم.



يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:44 AM


ثانيًا قوله ـ صلى الله عليه وسلم: (تذهب ببعض الحزن):



أثبت الباحثون أن الحزن والاكتئاب هو خلل كيميائي، كما أثبتوا أن هناك مواد لها تأثير في تخفيف الاكتئاب والحزن، مثل: عنصر البوتاسيوم والمغنيسيوم ومضادات الأكسدة والميلاتونين وبعض عناصر فيتامين (ب) المركب والسيراتونين، فما علاقة الشعير بذلك؟
ـ يحتوي الشعير على عنصري البوتاسيوم والمغنيسيوم اللذين يؤدي نقصهما إلى سرعة الغضب والانفعال والشعور بالاكتئاب والحزن، وضبط عنصر البوتاسيوم والمغنيسيوم له تأثير في تخفيف الاكتئاب عن طريق تأثير هذين العنصرين على بعض الموصلات العصبية، وانظر إلى قوله ـ صلى الله عليه وسلم: (يذهب ـ ببعض ـ الحزن)، وقول الباحثين يؤدي إلى تخفيف الاكتئاب.

يشعر الإنسان بالميل إلى الاكتئاب عند تأخر العمليات الفسيولوجية للموصلات العصبية وهذا من أهم أسبابه نقص فيتامين (ب) المركب، والشعير يحتوي على كمية طبيعية من بعض فيتامين (ب) المركب، وهذا مما يساعد على التخلص والتخفيف من الاكتئاب.
إن علاج نقص مضادات الأكسدة مثل فيتامين (هـ) له تأثير فعال في علاج حالات الاكتئاب والشيخوخة وخاصة لدى المسنين، والشعير يحوي كمية كبيرة من مشابهات فيتامين E المضادة للأكسدة وأيضا على فيتامين A المضاد للأكسدة.
يحتوي الشعير على الحمض الأميني تريبتوفان (tryptophan) الذي يسهم في تخليق أهم الناقلات العصبية وهـو السيروتونين (serotonin) والتي تؤثر بشكل واضح في الحالة النفسية والعصبية للمريض.


يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:45 AM


ثالثًا: قوله ـ صلى الله عليه وسلم: (التلبينة تغسل بطن أحدكم كما تغسل إحداكن وجهها من الوسخ بالماء)

فما ذاك؟
التلبينة مليّن للأمعاء، مهدّئ للقولون، مضاد لسرطان الأمعاء، يوصف حساء الشعير للمرضى كغذاء لطيف سهل الهضم، والشعير غني بالألياف المنحلة وغير المنحلة، وهذه الأخيرة تمتص كميات كبيرة من الماء وتحبسه داخلها، فتزيد من كتلة الفضلات مع الحفاظ على ليونتها مما يسهل ويسرع هذه الكتلة عبر القولون، وينشط الحركة الدودية للأمعاء مما يدعم عملية التخلص من الفضلات، وهناك أبحاث على أهمية الشعير في التقليل من الإصابة بسرطان القولون، حيث استقر الرأي على أن الشعير يقلل من بقاء الفضلات في الأمعاء؛ مما يقلل من بقاء المواد المسرطنة في الأمعاء؛ مما يقلل من الإصابة بالسرطان، كما أن الشعير يحوي من عناصر مضادات الأكسدة والفيتامينات ما يقاوم الشوارد الحرة (free radical) التي تدمر غشاء الخلية والحمض النووي، وقد تكون المتهم الرئيسي في حدوث أنواع معينة من السرطان.

الشعير لا يحتوي على مادة الجلوتين وهي مادة صمغية يحتوي عليها القمح بوفرة، والجلوتين باللاتينية يعني الصمغ. وقد اكتشف الباحثون أن سوء امتصاص الطعام الناتج عن مرض السلياك إنما هو بسبب مادة الجلوتين الموجودة في القمح، ووجد أن أعراض هذا المرض تختفي تمامًا باستبعاد مادة الجلوتين من وجبات المريض، ومرض السلياك مرض سوء التغذية نتيجة سوء الامتصاص للمواد الغذائية وعدم امتصاص المواد الدهنية، فانظر إلى الشعير وكيف أن (التلبينة تغسل بطن أحدكم).
يستخرج من الشعير مادة تستعمل حقنًا تحت الجلد أو شرابًا في حالات الإسهال والتيفوئيد والتهابات الأمعاء تسمى الهوردنين (L'Hordenine).








يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:46 AM


رابعًا قوله ـ صلى الله عليه وسلم: (إنه يرتو فؤاد الحزين ويسرو فؤاد السقيم):



ثبتت وفرة الميلاتونين الطبيعي غير الضار في الشعير فكل آثار الميلاتونين تظهر على مغتنم الشعير، فما هو الميلاتونين وما آثاره؟
الميلاتونين: هرمون تفرزه الغدة الصنوبرية الموجودة في المخ خلف العينين ويحصل الجسم على أعلى معدل إفراز منها عند الليل ومع تقدم السن يقل إفراز هذه الغدة، وهرمون الميلاتونين له القدرة على الوقاية من أمراض القلب، وله القدرة على خفض الكوليسترول في الدم مما يؤدي إلى خفض ضغط الدم، وله علاقة بالشلل الرعاش عند المسنين، ويزيد الميلاتونين من وقاية الجسم ومناعته، ويقي الإنسان من الاضطراب في النوم ويعالج حالات الاكتئاب، ويعمل على تأخير ظهور أعراض الشيخوخة.
والشعير من أعلى الحبوب في نسبة احتوائه على الميلاتونين.


يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:47 AM


الشعير وتقوية جهاز المناعة



أظهرت الدّراسات التّجريبيّة على الحيوانات أن (بيتا جلوكان) ـ وهو أحد مكونات الشعير ـ ينشط كرات الدّم البيضاء؛ وهي أحد آليات جهاز المناعة الهام لحماية الجسم من أخطار الكائنات الدقيقة الممرضة والتخلص من السموم والخلايا المصابة.
كما وجد أن (البتا جلوكان) يسرع شفاء النسيج التالف, ويحفّز العناصر الأخرى لجهاز المناعة. وينصح الآن بهذه المادة كمكمّل غذائي لتحسين جهاز المناعة في جسم الإنسان. وهذا يتوافق مع هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في وصف التلبينة للمرضى أثناء فترة مرضهم؛ مما يثبت يقينا أن كلامه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الأمر خارج من مشكاة النبوة. وصدق الله القائل: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى) (النجم 3،4).

مراجع يمكن الاستفادة منها:
Bengtsson, S. and P. Aman (1990). “Chemical studies on mixed-linked beta-glucans in hull-less barley cultivars giving different hypocholesterolaemic responses in chickens.” J Sci Food Agric 52(4): 435-445.
Bergh, M. O., A. Razdan, et al. (1999). “Nutritional influence of broiler chicken diets based on covered normal, waxy and high amylose barleys with or without enzyme supplementation.” Animal Feed Science & Technology 78(3-4): 215-226.
Bhatty, R. S. (1999). “The potential of hull-less barley [Review].” Cereal Chemistry 76(5): 589-599.
Bhatty, R. S., A. W. MacGregor, et al. (1991). “Total and acid-soluble beta-glucan content of hulless barley and its relationship to acid-extract viscosity.” Cereal Chemistry 68: 221-227.
Bourdon, I., W. Yokoyama, et al. (1999). “Postprandial lipid, glucose, insulin, and cholecystokinin responses in men fed barley pasta enriched with beta-glucan.” American Journal of Clinical Nutrition 69(1): 55-63.
Bowles, R. K., M. K. R, et al. (1996). “13C CP/MAS NMR study of the interaction of bile acids with barley beta-D-glucan.” Carbohydr Polym 29(1): 7-10.
Braaten, J., P. Wood, et al. (1994). “Oat beta-glucan reduces blood cholesterol concentration in hypercholesterolemic subjects.” Eur J Clin Nutr 48(7): 465-474.
Brown, L., B. Rosner, et al. (1999). “Cholesterol-lowering effects of dietary fiber: a meta-analysis.” Am J Clin Nutr 69(1): 30-42.
Carr, T. P., D. D. Gallaher, et al. (1996). “Intestinal contents viscosity and cholesterol efficiency in hamsters fed hydroxypropylmethylcellulose.” J Nutr 126: 1463-1469.
Causey, J., Slavin J. and Fulcher, R.G., (1998), “Cereal beta-glucan stimulation of human macrophage differentiation in culture,” Abstracts of Wound Healing, 98, 6.
Chandria, M et al., (2000), “Beneficial effects of high dietary fiber intake in patients with type 2 Diabetes mellitus”, New England Journal of Medicine, 342, 19.
Chaudhary, V. K. and F. E. Weber (1990). “ Barley bran flour evaluated as dietary fiber ingredient in wheat bread.” Cereal Foods World. 35: 560-562.
Cleary, J. A., G. E. Kelly, et al. (1999). “The effect of molecular weight and beta-1,6-linkages on priming of macrophage function in mice by (1,3)-beta-D-glucan.” Immunology & Cell Biology 77(5): 395-403.
Dandu, P. and Knuckles, B. , (1998), “The effect of beta-glucan on endothelial cell proliferation and the synthesis of DNA in vitro”, TEKRAN, USDA-ARS, 1998, 12.
Danielson, A. D., R. K. Newman. (1997). “Lipid Levels and Digesta Viscosity of Rats Fed a High-Fiber Barley Milling Fraction.” Nutrition Research 17(3): 515-522.



//


انتهى

د. رامي عبدالحسيب

أمل محمد 09-06-2010 06:49 AM

الكبـد.. إعجاز وإنجـاز



د. محمد باخطمة
أستاذ مشارك في كلية الطب

يشكل الكبد بوزنه 1.5 كم في جسم الإنسان ما يعادل 1/36 من حجم الجسم البالغ، ولكنه يشكل 1/8 من وزن الجنين في بطن أمه، بمعنى أن أكبادنا تصغر بالنسبة لحجم أجسامنا عندما نولد ولو استمر الكبد بنفس درجة نموه كما هو في الجنين فإن هذا معناه سرطان الكبد، هناك هرمون مسؤول عن إعطاء إشارات لخلايا الكبد بالتوقف عن النمو والانقسام بعد الولادة، ولكنه يترك لها المجال في أن تستبدل نفسها أو تعيد بناء نفسها، فيتكون الكبد من خلايا ثُمانية الشكل تقريبا تشكل كل مجموعة فيها قسما في مصنع يستلم المواد الخام من الدم عبر الأوردة والشعيرات الوريدية الداخلة إلى الكبد ويضخ إنتاجه في الشعيرات الوريدية والأوردة الخارجة منها، هذا بالإضافة إلى صناعات مواد خام وإعادة تدوير نفايات يتم إرسالها عبر القنوات المرارية إلى الجهاز الهضمي لهضم الطعام وهي ما نسميها بالعصارة الصفراوية.

يمر من الكبد 1.5 لتر من الدم كل دقيقة بغرض استخلاص المواد الخام أو التنقية أو صناعة مواد خام للجسم وهذا يعني أن الكبد في خلال حياة إنسان عمره 60 عامًا تقريبًا يكون قد قام بالتعامل مع 60×12×30×24×60×1.5 لتر من الدم يعني 46.656.000 ستة وأربعين مليونًا ونصف مليون لتر من الدم أي ما يعادل 46.656 مترًا مكعبًا من الدم، علما أن المتر المكعب عبارة عن 6 براميل، وحتى نكون قريبين من الواقع شيئا ما فإن كبد الإنسان الذي عمره 60 عاما يكون قد تعامل مع ما يعادل إنتاج أسبوع من النفط الخام في المملكة العربية السعودية.






يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:49 AM

وَيُعَدّ الكبد مصنعًا كيميائيٌّا لا يتوقف طوال الأربع والعشرين ساعة طوال مدة حياة الإنسان يقوم بأعباء (الإنتاج، التخزين، إعادة التدوير، التوزيع) ـ لأعداد ضخمة من المواد الغذائية اللازمة لصحة الجسم الإنساني.
ولو أن شركة تصنع كيماويات رغبت في إنشاء مصنع كيميائي يقوم بنفس نشاطات ووظائف الكبد فإنها بحاجة لقطعة أرض تبلغ مساحتها عدة هكتارات لتصنيع الكيميائيات البسيطة التي ينتجها الكبد، أما المعقدة فمن المستحيل القيام بها في هذا المصنع، وتحتاج الشركة لمصنع يقام على 50.000م2 من الأراضي لينشئ مصنعًا يقوم بعمل وظائف الكبد البسيطة، يعني 72 قطعة أرض في مخطط مساحة كل أرض فيه 700م2.

يقوم الكبد بتصنيع الجلـوكوز والبروتينات كمواد أولية خام لجميع الجسم، كما أنه ينتج المواد الخام الرئيسية اللازمة لتخثر الدم والمواد الخام اللازمة لصناعة الهرمونات، كما أن الكبد يقوم بإزالة المواد السامة من الدم، ويقوم بتكسير مواد معقدة مثل الدهون إلى وحدات أولية ليسهل التعامل معها في بقية أجزاء الجسم سواء بالهضم أو الإخراج أو غير ذلك، وهو يقوم بتخزين الحديد والفيتامينات، وإنتاج عدد كبير من الأنزيمات المسؤولة عن عمليات الامتصاص أو التخلص من المواد الكيميائية التي تسبح في الدم، ويقوم الكبد بإبطال سُمّيّة كثير من المواد والمخلفات الكيميائية الناتجة عن هضم الطعام، أو حتى الداخلة إلى الجسم عن غير طريق الطعام مثل التي تدخل عن طريق الهواء الملوث أو السّمّيّات الداخلة عبر الجلد أو الخمور مثلا أو التدخين.


يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:50 AM

ويقوم الكبد بإبطال مفعول هذه السّمّيّات عن طريق تحوير شكلها الكيميائي، وبالتالي يحولها إلى مواد أقل ضررًا أو حتى مواد نافعة مثل ما يحدث في العصارة الصفراوية التي تهضم الدهون، إن عملية إبطال مفعول مادة ضارة واحدة قد يحتاج إلى أكثر من مائة خطوة كيميائية تحتاج لأكثر من 50 أنزيمًا يقوم الكبد بهذه العملية المعقدة تقريبًا يوميٌّا وعلى مدار الأربع والعشرين ساعة، بل إن الضغط النفسي يولّد أحيانا سمّيّات يضطر الكبد للتعامل معها.. كيف؟ عند وجود مؤثّر نفسي أو عاطفي أو إرهاق فإن هناك هرمونات يتم إفرازها بكمية أكثر من المعدل الطبيعي، فمثلا السهر المتواصل يجعل الجسم مضطرٌّا لإفراز كميات كبيرة من هرمون الأدرينالين ـ إن صاحَبَه شدة وضغط نفسي، وهذا يفضي إلى كثرة المخلفات الناتجة عن عملياته الكيميائية، وهذا معناه زيادة عبء على الكبد.






يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:51 AM

يقوم الكبد بإفراز جزء كبير من المخلفات في صورة العصارة الصفراوية، وينتج الكبد ما يعادل لترًا واحدًا يوميٌّا، فقط تَصوَّر مصنعًا يتعامل مع 1.5 لتر لكل دقيقة، ويخرج مخلفات مقدارها 1 لتر يوميٌّا، بمعنى أن نسبة الاستخدام لنسبة المخلفات هي 2000 ـ 1، وبالرغم من هذه النظافة المتناهية فإن لتر المخلفات هذا له فائدة في الهضم والإخراج، في حياة الإنسان البالغ من العمر 60 عامًا يكون الكبد قد صنع 60×12/30 لترًا من العصارة الصفراوية، أي 21.600 لتر من العصارة الصفراوية اللازمة لهضم الدهون، وإخراج المخلفات عبر البول والبراز، تنتقل العصارة الصفراوية من مكان إنتاجها في خلايا الكبد إلى مكان تخزن فيها أو تفرغها في الاثني عشر عبر شبكات أنابيب محكمة الصنع تماما مثل فروع الشجرة تبدأ صغيرة جدا من الأعلى وتنتهي كبيرة في الأسفل فالجذع الواحد للشجرة هو عبارة عن تجمع لمئات آلاف الفروع الصغيرة بمعنى أن العصارة الصفراوية تنتقل عبر شبكة أنابيب بالغة التعقيد، ليس هذا فحسب بل إنها تسير في اتجاه واحد فقط على الرغم من أنها تأتي من اتجاهات متعددة ومختلفة، فقط تَصوَّر شبكة أنابيب بتعقيد شجرة واحدة وكل فرع يصب في اتجاه واحد دون انسداد ودون ارتجاع، دون تأثير للجاذبية أو وضعية محددة، ثم إن هناك عوامل تحدد متى يتم فتح الصمام الرئيس للتصريف ومتى يتم غلقه لتعبئة خزان التخزين (المرارة) وعلما بأن خزان التخزين يفتح فقط استجابة لنداء هضم الدهون في الاثني عشر، وليس في أي مكان.
فهذه المدينة الصناعية الكيميائية تقوم بإنتاج 50.000 أنزيم لازم لعمليات حيوية للهضم، تكرر ملايين اللترات من الدماء تختزن وتصنع المواد اللازمة للطاقة وتبطل مفعول السّمّيّات.




يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:51 AM

ما معنى ما سبق معناه عزيزي القارئ:
عندما تقوم بأكل بيضة فتذكر أن مدينة صناعية كاملة تساعدك في أكل هذه البيضة، وهناك من المرضى من يعني لهم أكل بيضة واحدة خطورة بالغة لأن أكبادهم لا تستطيع التعامل مع البروتينات الموجودة فيها، عندما تصاب بوخز شوكة من زهرة، أو عندما تقوم بخياطة أزرار ثوبك وتصاب بوخز إبرة وتظهر نقطة دم ثم تتلاشى هذه الوخزة، فإن السبب هو تخثر الدم وسد الثقب في جهاز الأنابيب الذي يوصل الدم من مكان لآخر، وتذكر أن تخثر الدم كان يسبب ما تنتجه المدينة الصناعية من مخثرات الدم، وتذكر أن هناك مرضى من نوع معين يسبب وخز الشوكة أو قطع سكين صغير أثناء عمل طبق من السلطة مشكلة عويصة قد تودي بحياتهم، عندما تعطي ابنك لقاحًا ضد الجدري أو شلل الأطفال مما يعني عدم إصابة ابنك بأحد هذه الأمراض الفتاكة ـ فإن هذا يعني أن المدينة الصناعية قامت بتصنيع مضادات متخصصة لفيروسات أو بكتريا مثل الأمراض وفي حالة دخولها إلى الجسم فإنها سوف تُبادُ فورًا وبلا هوادة، عندما تخطئ وتأخذ جرعة دواء زائدة عن الحد فإن المدينة الصناعية ستقوم بحساب الكمية التي تحتاجها ثم تتخلص من الباقي فورًا، أما عندما تكون محتاجًا لهرمون البلوغ (سواء للذكورة أو الأنوثة) فإن المدينة الصناعية تكون جاهزة لتزويدك بالمواد الخام لصناعة الهرمون الذي يتحكم في نبرة صوتك وتوزيع شعر جسمك وتوزيع الدهن في مناطق جسمك المختلفة.




يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:52 AM

عندما تكون صائمًا في رمضان أو لا تستطيع أن تجد أكلاً، وبالرغم من ذلك تقوم عمليات جسمك الحيوية بكافة وظائفها وبإتقان تام ـ فإن ذلك بسبب مخزون المدينة الصناعية من الوقود المسمى الجيلاكوجين، والذي يتم تخزينه للأوقات التي لا يتوفر فيها الجلوكوز وهو الوقود الوحيد للجسم، عندما نرفع شيئًا ثقيلاً بجهد عضلي كبير أو حتى عندما تضطر للهرب من شخص يهاجمك أو تهاجم شخصًا للدفاع عن نفسك مثلاً ـ فإن الطاقة الكامنة في العضلات إنما هي وقود مخزن تم تخزينه بمساعدة الإنزيمات المنتجة في المدينة الصناعية، فهناك الكثير الكثير جدٌّا وما سبق فقط أمثلة عن ماذا يحدث، تلك المدينة الصناعية الضخمة التي تقبع تحت القفص الصدري في الجانب الأعلى من بطن كل إنسان فينا، أما كيف يحدث ما تحدثنا عنه فالأمور معقدة جدٌّا وليس هذا المجال مجالها، وهي من التعقيد بمكان لدرجة أن هناك مئات الألوف من البحوث، ومئات مراكز الأبحاث العالمية المتخصصة في هذه القضية.

عزيزي القارئ:
قبل أن أختم دعني أذكر حقيقة واحدة وهي أن الكبد يستطيع أن يعوض حتى 75% مما فقد منه إن وجد 25% منه، وهذه القدرة فقط هي ما أعطت المجال أمام تخصص كامل في الطب هو جراحة الكبد، ولولا هذه المقدرة الهائلة على إعادة البناء لما أمكن عمل عملية جراحية واحدة في الكبد كإزالة ورم أو سرطان أو حتى إزالة جزء غير صالح مثل ما يحدث بعد إصابات السيارات.

ألا يستحق هذا المصنع أن نؤدي واجبنا نحوه من خلال:
عدم شرب الخمور، عدم التدخين، عدم الإفراط في الأطعمة غير المفيدة مثل وجبات ماكدونالدز؟، والأهم من ذلك كله، ألا يستحق ما سبق منا أن نقف متأملين قول الحق ـ تبارك وتعالى: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا)(إبراهيم 34) دعونا نحمد الله كلما أكلنا أكلة هنيئة لذيذة، دعونا نشكره ـ سبحانه ـ أننا ما زلنا أحياء بعد عشرات بل مئات الوخزات والجروح، بل وربما العمليات بفعل نعمة تخثر الدم، دعونا نسبح بحمد من أعطانا نعمة الكبد ـ والتي هي بحد ذاتها مصدر لآلاف النعم، سبحانه الله.


عندما تكون صائمًا في رمضان أو لا تستطيع أن تجد أكلاً، وبالرغم من ذلك تقوم عمليات جسمك الحيوية بكافة وظائفها وبإتقان تام ـ فإن ذلك بسبب مخزون المدينة الصناعية من الوقود المسمى الجيلاكوجين، والذي يتم تخزينه للأوقات التي لا يتوفر فيها الجلوكوز وهو الوقود الوحيد للجسم، عندما نرفع شيئًا ثقيلاً بجهد عضلي كبير أو حتى عندما تضطر للهرب من شخص يهاجمك أو تهاجم شخصًا للدفاع عن نفسك مثلاً ـ فإن الطاقة الكامنة في العضلات إنما هي وقود مخزن تم تخزينه بمساعدة الإنزيمات المنتجة في المدينة الصناعية، فهناك الكثير الكثير جدٌّا وما سبق فقط أمثلة عن ماذا يحدث، تلك المدينة الصناعية الضخمة التي تقبع تحت القفص الصدري في الجانب الأعلى من بطن كل إنسان فينا، أما كيف يحدث ما تحدثنا عنه فالأمور معقدة جدٌّا وليس هذا المجال مجالها، وهي من التعقيد بمكان لدرجة أن هناك مئات الألوف من البحوث، ومئات مراكز الأبحاث العالمية المتخصصة في هذه القضية.

عزيزي القارئ:
قبل أن أختم دعني أذكر حقيقة واحدة وهي أن الكبد يستطيع أن يعوض حتى 75% مما فقد منه إن وجد 25% منه، وهذه القدرة فقط هي ما أعطت المجال أمام تخصص كامل في الطب هو جراحة الكبد، ولولا هذه المقدرة الهائلة على إعادة البناء لما أمكن عمل عملية جراحية واحدة في الكبد كإزالة ورم أو سرطان أو حتى إزالة جزء غير صالح مثل ما يحدث بعد إصابات السيارات.

ألا يستحق هذا المصنع أن نؤدي واجبنا نحوه من خلال:
عدم شرب الخمور، عدم التدخين، عدم الإفراط في الأطعمة غير المفيدة مثل وجبات ماكدونالدز؟، والأهم من ذلك كله، ألا يستحق ما سبق منا أن نقف متأملين قول الحق ـ تبارك وتعالى: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا)(إبراهيم 34) دعونا نحمد الله كلما أكلنا أكلة هنيئة لذيذة، دعونا نشكره ـ سبحانه ـ أننا ما زلنا أحياء بعد عشرات بل مئات الوخزات والجروح، بل وربما العمليات بفعل نعمة تخثر الدم، دعونا نسبح بحمد من أعطانا نعمة الكبد ـ والتي هي بحد ذاتها مصدر لآلاف النعم، سبحانه الله.




//

انتهى ..

د. محمد باخطمة
أستاذ مشارك في كلية الطب

أمل محمد 09-06-2010 06:54 AM

من صور الإعجاز الهندسي في القرآن الكريم

يوسف محمد غريب








(أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(1).
تأتي الآية استطرادًا للحديث عن مسجد الضرار الذي أسسه المنافقون في المدينة بغرض إيقاع التفريق بين المؤمنين وتحقيق الضرر والفتنة. والبناء الذي أسس وإن كان مسجدا ـ كغيره من المساجد ـ إلا أن أساس بنائه والغرض والنية من إقامته لا يخفى منها خبث المقصد وسوء النية.
وقد جمعت الآية في تصوير فني رائع بين المعقول والمحسوس، وشبهت المعنوي المفهوم بالمادي الملموس، فمن أسس بناءه بغرض ونية النفاق والكفر، كمن وضع أساس مبناه على شفا جرف هار، والنتيجة هي الانهيار المفاجئ والسريع للجرف والمبنى معا.
وفي الآية إشارات هندسية إلى أساسات المباني وطبيعة البناء التي تحكم درجة صمود البنيان ومتانته أو تؤدي إلى انهياره، وتضمنت عدة إشارات تمس جانبا من علم ميكانيكا التربة والأساسات، في الهندسة المدنية والإنشائية، وبينت الآية وجها من أوجه الإعجاز الهندسي في القرآن الكريم يمكن استنباطه من المفاهيم والإشارات الهندسية التالية التي وردت في نص الآية:






يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:54 AM

الاستنباط الأول(2):


تناولت الآية عدة عوامل ذات تأثير فعال ومباشر في تأسيس أساسات المنشآت؛ فلفظة (أساس) معناها في اللغة أصل كل شيء، وأساس البناء مبتدؤه(3). وفي الهندسة: التأسيس والأساس هو العنصر الإنشائي الذي يستخدم لنقل الأحمال المؤثرة من البنيان إلى التربة أو الأرض.
وعند ذكر التأسيس والأساس: (.. أسس بنيانه..) لابد أن تكون هناك أحمال ناشئة من البنيان تستلزم إنشاء أساسات لها، وتستلزم اختيار نوع مادة الأساسات طبقًا لذلك. فعامل الأحمال المؤثر مأخوذ في الاعتبار أيضا.
ولفظة (على) في قوله: (عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ) لها معنيان هندسيان.

أحدهما يفيد أن نوع الأساس المختار هو الأساسات السطحية Shallow Foundation وليس الأساسات العميقة deep Foundation لأنه لو كانت الأساسات عميقة لكان التعبير المناسب هو (في شفا) وليس (على شفا) فعامل نوع التأسيس ملحوظ ومأخوذ في الاعتبار.
وهذا المفهوم الهندسي يتطابق مع معنى الآية الكريمة حيث يكون الانهيار مؤكدًا عندما يكون الأساس سطحيٌّا وليس عميقًا.
وثانيهما أنها تفيد بعمق التأسيس، فلفظة (على) أفادت أن الأساس على السطح أي أن عمق التأسيس يساوي الصفر.

فلو أن الأساس على عمق من سطح الأرض لكان التعبير المناسب مثلا هو (بداخل شفا) فعامل عمق التأسيس مأخوذ في الاعتبار.
وهذا المفهوم الهندسي يتطابق مع معنى الآية حيث يكون الانهيار مؤكدا حين يكون الأساس سطحيا وعلى سطح الأرض مباشرة، لأنه إذا كان الأساس سطحيا، وكان على عمق من سطح الأرض ربما لا يحدث انهيار.
ولفظة (شفا) معناها في اللغة حافة(4)، وفي الهندسة لها مدلول يفيد بأنها المنطقة التي تبدأ من حافة الجرف وحتى نقطة بدء التصدع في الجرف والتي يحدث عندها شكل الانهيار نتيجة ميل طبقة الجرف، فعامل بُعد التأسيس عن حافة الجرف مأخوذ في الاعتبار.
وهذا المفهوم الهندسي يتطابق مع معنى الآية؛ فحتى يكون الانهيار مؤكدًا لابد أن يكون التأسيس داخل منطقة الشفا، لأنه لو بعد عنها قد لا يحدث انهيار.

ولفظة (جرف) في اللغة تعني (بئر) أو (حفرة)(5)، وفي الهندسة: الفجوة من الأرض قد تنشأ بفعل السيول، وبالتالي لابد أن نأخذ في الاعتبار تأثير المياه على الأساسات، وعلى تربة التأسيس.
وقد تنشأ هذه الفجوة بفعل عوامل التعرية، فلابد أن نأخذ في الاعتبار شكل جوانب الجرف ودرجة ميلها أي زاوية ميل الجرف، وتأثير الإجهادات على حوافها، وهذا المفهوم الهندسي يتطابق مع معنى الآية؛ لأنه كي يكون الانهيار مؤكدا لابد أن يكون للجرف حافة وأن يكون التأسيس عليها.
ولفظ (هار) في اللغة قد تأتي بمعنى مشرف على السقوط(6)، وفي الهندسة تأتي بمعنى التربة القابلة للانهيار، فعامل نوع تربة التأسيس مأخوذ في الاعتبار.
وهذا المفهوم الهندسي يتطابق مع معنى الآية، فحتى يكون الانهيار مؤكدا لابد أن تكون التربة ضعيفة وغير قابلة للتأسيس عليها.

لقد تضمنت هذه الآية الكريمة الإشارة إلى ثمانية عوامل، تمثل معايير أساسية في تأسيس الأساسات وهي:
1 ـ نوع الأحمال المؤثرة.
2 ـ نوع مادة الأساسات.
3 ـ نوع التأسيس (سطحي/ عميق).
4 ـ عمق التأسيس عن سطح الأرض.
5 ـ بُعد التأسيس عن الحافة.
6 ـ تأثير المياه على تربة التأسيس، وعلى الأساسات نفسها.
7 ـ زاوية ميل التربة.
8 ـ نوع تربة التأسيس.
ومن هذه المعايير يمكننا إثارة نقاط بحثية ودراسية جديدة تتعلق بالآية الكريمة، أو تأكيد ما هو معروف من مفاهيم.


يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:55 AM

الاستنباط الثاني(7):




ثمة إشارة هندسية في قوله تعالى (فَانْهَارَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ)؛ فذكر (به) في الآية أعطى مدلولا واضحا ومحددا لشكل وهيئة الانهيار، حيث إن الجرف انهار به البنيان، فالانهيار هنا ناشئ عن خلل في منطقة الجرف وليس في البنيان ذاته، وفي ذلك تعبير قرآني بليغ.
فالحق لم يقل (فانهار في نار جهنم) لأن المعنى في ذلك يحتمل التساؤل: أيهما الذي انهار؟ الجرف أم البنيان؟ فالفعل (انهار) يحتاج إلى فاعل مفرد مذكر، وكل من الجرف والبنيان مفرد مذكر.

ويرد إلى الخاطر هذا التساؤل: هل يمكن للجرف أن ينهار دون البنيان؟ أو ينهار البنيان دون الجرف؟
هندسيٌّا يمكن للجرف أن ينهار دون أن يلحق الضرر بالمبنى إذا أخذت الاحتياطات اللازمة عند اختيار وتصميم وتنفيذ نوع الأساسات المناسبة للمبنى ولتربة التأسيس، وأيضا يمكن للمبنى أن ينهار دون أن ينهار الجرف.
وتوجد مفاهيم هندسية عديدة يمكن أن تثار حول هذين الاحتمالين، ومنها ما يمكن أن يكون نقاط بحث وتطوير وابتكار، ولكن معنى المثل في الآية أن البنيان الذي أسس بنيّة تقوى الله هو مسجد قباء والصلاة فيه جائزة، بينما الذي أسس بينة التفريق بين المؤمنين هو مسجد الضرار ولا صلاة فيه، فكل من المبنيين مسجد، ولكن الفرق يكمن في النية من تأسيس كل منهما؛ فيظل مبنى مسجد قباء مسجدا، بينما مبنى مسجد الضرار يحرم استخدامه كمسجد لقوله تعالى: (لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا)(8) فهو لم يعد يفي بالغرض الرئيسي من بناء المساجد، وهو إقامة الصلاة.
المبنيان موجودان، لكن انهار الغرض من استخدام أحدهما كمسجد.

وبناء على ذلك ففي قوله: (فَانْهَارَ بِهِ) دقة في التعبير القرآني تجعل المفهوم الهندسي واضحا ومحددا، نحو شكل الانهيار الحادث، فهو جاء نتيجة لانهيار الجرف وما عليه من بنيان، بينما (فانهار) فقط، لا تحدد هذا المفهوم الهندسي. ولم يقل الحق (فانهار في نار جهنم) لأن المعنى هنا وإن كان سيشير للانهيار، إلا أنه لا يحدد السبب الرئيسي المؤدي للانهيار؟ هل هو من الجرف أو من البنيان أو من كليهما؟ وكذلك لا يبين أيهما الذي انهار، هل هو الجرف فقط؟ أم الجرف بما عليه من بنيان؟ أم البنيان فقط، وإذا كانا انهارا هما الاثنان فهو لا يبين أيضًا أيهما الذي انهار أولاً.
هندسيٌّا يجوز أن يكون الانهيار بسبب أي من هذه الاحتمالات، ولكن المراد من التشبيه هو توضيح الفرق بين من أسس بنيانه بنية التقوى من الله ورضوانه، ومن أسس بنيانه بنية النفاق والكفر، فمفهوم البنيان ثابت في الحالتين، ولكن الاختلاف في التأسيس، وبناء على ذلك، ففي قوله تعالى: (فَانْهَارَ بِهِ) دقة بليغة في التعبير وتجسيد كامل للمفهوم الهندسي بأن الانهيار يحدث بسبب الجرف الذي يتم عليه التأسيس، وتبعا لذلك ينهار المبنى المؤسس عليه، بينما (فانهار في نار جهنم) لا تجسد هذا المفهوم الهندسي.



يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:56 AM

الاستنباط الثالث(9):




من قوله تعالى: (شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ).
يمكن استنباط إشارة هندسية تمس تأثير شكل المرتفعات ونوع التربة في سقوط الأجسام، فالآية الكريمة وضحت ثلاثة عوامل مؤثرة في تحديد أقصى سرعة لسقوط الجسم، وبالتالي أكبر كمية حركة وهي ما يعرف بقوة الانهيار.
فالعامل الأول درجة الميل؛ فكلما كان الميل شديدًا كانت سرعة الجسم كبيرة. وأقصى سرعة نصل إليها حين يكون الميل رأسيا ـ أي يصنع خط الميل 90 درجة مع المستوى الأفقي ـ وبالتالي فإن قوة الانهيار تكون أقصى ما يمكن واللفظة (جرف) توحي بهذا المفهوم الهندسي. فهي في اللغة تأتي بمعنى بئر أو حفرة. وفي علم المساحة الطبوغرافية قد تأتي بمعنى مرتفع أو منخفض.
حيث إن خطوط الكونتور تعبّر عن خط وهمي يمر بجميع النقاط ذات المنسوب الواحد، وهي تتباعد في الانحدارات الخفيفة، وتتقارب في الانحدارات الشديدة وتصل إلى درجة التماس وتنطبق على بعضها بعضا لتكوّن خطٌّا واحدا عندما يكون الميل 90 درجة، وهي تحدث عندما يكون المرتفع أو المنخفض رأسيا تماما.

فإذا سقط الجسم من فوق الجرف فإن تحركه يكون في اتجاه الجاذبية الأرضية، وتحت تأثير وزنه، لعدم وجود قوى خارجية مؤثرة على سقوطه.
ومع عدم وجود قوى مقاومة ممثلة في الاحتكاك في جسم الجرف لأن حافة الجرف رأسية ـ فإن الجسم المنهار سيتحرك بعجلة تساوي عجلة الجاذبية الأرضية. وطالما أن الجسم يتحرك تحت تأثير وزنه وبعجلة تساوي عجلة الجاذبية الأرضية، فإنه يصل لأقصى سرعة له.
وحيث إن كمية الحركة تتناسب طرديٌّا مع مربع السرعة، فإن سقوط وانهيار الجسم (كمية الحركة) تصل لأكبر قيمة لها عندما تكون السرعة أقصى ما يمكن، وهو ما يحدث عندما يسقط الجسم من على الجرف.
وهذا التحليل الهندسي مطابق للمعنى الذي قصدته الآية الكريمة لتصوير سرعة وقوة انهيار المنافقين في نار جهنم، لأنهم اتخذوا مسجد الضرار كفرا وتفريقا بين المؤمنين، والفاء في قوله: (فَانْهَارَ) تدل على هذه السرعة، كما دل عليها التحليل الهندسي(10).


يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:57 AM

والعامل الثاني نوع التربة


فكلما كانت التربة التي يتكون منها الجرف (المرتفع) غير متماسكة، زادت سرعة وكمية حركة الجسم وازدادت قوة الانهيار.
واللفظة (هَارٍ) توحي بهذا المفهوم الهندسي.
فمعناها في اللغة: مشرف على السقوط ولكنه لم يسقط.
ومعامل تماسك التربة يؤثر تأثيرا مباشرا على قيمة إجهادات التربة، والتربة غير الصالحة للتأسيس لا تتحمل أي إجهاد وأحمال عليها؛ فعند وضع جسم عليها, تهبط فجأة وتنهار، فيسقط الجسم.
فلفظ (هَارٍ) أعطت وضوحا لحالة التربة، وهو عنصر أساس للمعنى. لأن الجسم قد يستقر على حافة الجرف إذا كانت تربة الجرف متماسكة كالتربة الصخرية مثلاً.

وهكذا فإن المدلول الهندسي للفظة (جُرُفٍ) ولفظة (هَارٍ) يثبت أن الجسم يسقط بأقصى سرعة ممكنة، وبأقصى كمية حركة، وفي ذلك دلالة على قوة السقوط والانهيار.
والعامل الثالث مكان تحميل الجسم.
فكلما كان الجسم قريبا من حافة الجرف ازدادت السرعة وكبرت كمية الحركة لعدم تغيير زاوية الميل أثناء الانهيار.
ولفظة (شَفَا) توحي بهذا المفهوم الهندسي.

فهي في اللغة تأتي بمعنى حافة ـ كما ذكرنا من قبل ـ فلو وضع جسم بعيدا عن الحافة، قد لا يحدث انهيار للجرف، وإذا حدث انهيار له، فإن خط ميل تأثير الجسم لن يتطابق مع خط ميل الجرف، وبالتالي تقل سرعة وقوة سقوط الجسم عن الحالة التي صوّرتها الآية.
وهكذا تتكامل الألفاظ الثلاثة في قوله تعالى.. (شَفَا جُرُفٍ هَار) لتجسيد المعنى وتصويره تصويرا فنيا بشكل ملموس في الواقع.

والمفاهيم الهندسية المستوحاة من نص هذه الآية الكريمة أكسبت المشهد حركة وحيوية، فساعد الحس الهندسي على حضور الصورة ورسوخها في الذهن.
ومن هذا المفهوم الهندسي للآية يمكننا إثارة مفاهيم بحثية ودراسية، تمس الجانب التطبيقي في ميكانيكا التربة والأساسات، وهي تحديد وحساب قوى الانهيار في المنشآت، وتأثيرها على المنشآت المجاورة، والمفاهيم الهندسية الواجب وضعها في الاعتبار لتلافي حدوث هذه الانهيارات؟


يتبع ~ ~

أمل محمد 09-06-2010 06:59 AM

الاستنباط الرابع(11):




المعنى الهندسي لـ (شَفَا جُرُفٍ) يفيد بأنها الجانب من التربة المتآكل نتيجة السيول وليس لها ساند قوي. وعند قدوم السيل يجرف من الأودية التربة الرقيقة جدٌّا ليتجمع على طرفه فيصبح طينًا واهيًا. ومن هذه المفاهيم يمكن إثارة نقاط بحثية ودراسية، حول أسباب عدم التأسيس على الحواف المنهارة، وكذلك على التربة التي تكونت نتيجة السيول.




خاتمة:




هذه أربعة آراء ومفاهيم مختلفة مستنبطة من نص الآية القرآنية، ويمكن إضافة مفاهيم جديدة، وأبعاد هندسية وغير هندسية لنص الآية نفسها، والآية تحتمل كل هذه المعاني، ففيها إشارات يتعايش معها مهندسو الأساسات في تجاربهم ودراساتهم وتصميماتهم.

الهوامش:


1 ـ سورة التوبة، آية (109).
2 ـ (إشارات هندسية في آيات قرآنية) ص 47 ـ المهندس مجد متولي غريب، دار المجد للدراسات والبحوث الهندسية ـ القاهرة.
3 ـ الأساس: أصل البناء وقاعدته، أي ما اتصل منه بالأرض (معجم محيط المحيط ـ مكتبة لبنان ناشرون ـ بيروت).
4 ـ الشفا: حرفُ كل شيء وَحَدُّهُ، ومنه في سورة آل عمران (وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِنْهَا) معجم محيط المحيط (مرجع سابق).
5 ـ الجرف: الطرف الذي في حاشية النهر الذي أكله الماء فإنه يسقط كل ساعة بعض منه. معجم محيط المحيط (مرجع سابق).
6 ـ هار: انصدع ولم يسقط، فإذا سقط فقد انهار وتهور. محيط المحيط (مرجع سابق).
7 ـ (إشارات هندسية في آيات قرآنية)، ص 50 (مرجع سابق).
8 ـ سورة التوبة، آية (108).
9 ـ مضمون بحث بعنوان (العظمة الإلهية في الإشارات الهندسية) للمهندس عبدالحليم عوض الله هلال، دار المجد للدراسات والبحوث الهندسية ـ القاهرة
10 ـ مضمون بحث بعنوان (آية التأسيس في القرآن) المهندس حسن محمد محمود، دار المجد للدراسات والبحوث الهندسية. القاهرة.




//




انتهى ..


يوسف محمد غريب

أمل محمد 09-09-2010 06:00 PM

النوم.. أسرار ومراحل


د. عبدالرحمن النمر

بينما استطاع الإنسان معرفة وفهم معظم الأسرار المحيطة بعمليات الحياة، مثل التكاثر والسعي وراء الغذاء والدفاع عن النفس، فإنه ما يزال في براثن الحيرة أمام ظاهرة يومية منتظمة هي النوم! بل أكثر من ذلك، فإن ظواهر الحياة وعملياتها المختلفة لا تستغرق من عمر الإنسان ما يستغرقه النوم، إذ ينفق الإنسان ثلث عمره نائمًا! والبحث في أسرار ظاهرة النوم يشغل الإنسان منذ زمن بعيد. وهذه الظاهرة لا تشغل الإنسان البالغ وحده، ولا تشغل العلماء والباحثين والمفكرين وحدهم، ولكنها واردة حتى في أسئلة الصغار حين يستفهمون ببراءة: (لماذا ننام؟!).

حقٌّا لماذا ننام؟! هل النوم ضرورة حياة، أم أنها عادة موروثة من أجداد استناموا إلى هدأة الليل فسكنوا فيه؟! أم أن النوم لازم لتخليص الجسم من: (سموم وشوائب وفضلات) تتجمع فيه نتيجة أنشطة الحياة؟! أم لعله (وظيفة عضوية) من وظائف المخ، الذي يصدر أمرًا إلى الأعضاء بالسكون فتسكن؟!


حول هذه الأسئلة وأشباهها يدور البحث في عدد من المراكز العلمية المهتمة بهذه الظاهرة. وبين الحين والآخر، تصدر عن مركز هنا أو هناك بعض النتائج التي تُعَدّ خطوة على الطريق نحو فهم هذا اللغز الكبير. ولا ندري كم من الوقت سيستغرق البحث قبل أن يفلح الإنسان في إماطة اللثام عن سِرٍّ طال اشتغاله به!


ولكن المؤكد أنه ما دام يحاول، فلربما يصل إلى الغاية يومًا ما.
وإلى أن يصل الإنسان إلى (الحل الكامل)، نستطلع بعض (الإضافات) الجديدة، لعلنا نقترب من فهم هذه الظاهرة.


دورة طبيعية:

الثابت بالملاحظة أن أحياء المعمورة على اختلاف طبقاتها، تهجع وتسكن إذا جَنّ الليل، فالطيور تأوي إلى أوكارها، وصغار الحيوانات تختبئ في جحورها.

وتفعل مثل ذلك (الحيوانات الأرقى) فيأوي كل إلى سكنه.


فإذا أشرقت الأرض بنور ربها، وتوارت ظلمة الليل وراء وضح النهار، انتفضت الأحياء من مساكنها، وانبعثت من رقادها في نشاط لتستأنف الحياة من جديد!

وقد دفعت هذه الملاحظة كثيرًا من العلماء إلى الاعتقاد بأن هناك (دورة طبيعية)، تحكم نشاط الأحياء على هذا الكوكب. وهذه الدورة الطبيعية مرتبطة بدوران الأرض حول نفسها، أي ـ بتعبير آخر ـ بتعاقب الليل والنهار.


ومما يعضد ذلك الاعتقاد، أن التجربة أثبتت أن أنشطة الأجهزة المختلفة في جسم الإنسان تخضع ـ بدرجة أو بأخرى ـ لتفاوت منتظم في درجة النشاط، يكاد يتفق مع إيقاع (الدورة الطبيعية).

فمثلاً، تكون عملية تجديد خلايا الجسم وبناء الجديد منها في أوج نشاطها في الصباح الباكر، كذلك تكون (الغدة النخامية) في قمة نشاطها في الصباح، ونشاط الغدة النخامية يوجه نشاط الغدد الصماء الأخرى في الجسم.


وعلى نقيض ذلك، يهدأ نشاط العمليات الحيوية المختلفة في الجسم، في الهزيع الأول من الليل، فتقل إفرازات المعدة والأمعاء من الإنزيمات الهاضمة، ويقل نشاط غدد العرق، وبينما تكون درجة حرارة الجسم طبيعية في الصباح، فإنها تأخذ في الارتفاع مع تقدم ساعات النهار، بحيث تصل إلى أعلى قمة لها في الليل.


وتعرف هذه الدورة الطبيعية عند الإنسان باسم (الدورة اليومية) (circadian rhythm). والثابت بالتجربة أن هذه الدورة تنقسم إلى (فترات) نشاط وخمول، تتراوح بين أربع إلى ثمان ساعات، تبعًا لكل جهاز من أجهزة الجسم ومدى النشاط اليومي المطلوب منه.

على أن هذه الدورة اليومية تختلف اختلافًا كبيرًا من شخص إلى آخر، كما تختلف عند الإنسان الواحد من وقت لآخر في غضون العام الواحد، كذلك يمكن أن تنعكس دورة النشاط عند من يسهرون الليل وينامون النهار، بحيث تصبح قمة النشاط في الليل، وفترة الهمود في النهار.


يضاف إلى ذلك أن طفل الإنسان حديث الولادة يقضي معظم يومه نائمًا، ولا تظهر من وظائف جسمه تلك الدورة اليومية التي تظهر عند الإنسان البالغ، وبعد الشهر الثالث من العمر، يبدأ طفل الإنسان في (اكتساب) نشاط دوري لوظائف الأعضاء.

وهذه الحقائق تجعل من (الدورة الطبيعة) تفسيرًا محتملاً لظاهرة النوم، لكن هذه الدورة الطبيعية وحدها لا يمكن أن تكون مسؤولة بمفردها عن النوم، ولابد من وجود أسباب أو عوامل أخرى تؤدي إلى النوم.

أمل محمد 09-09-2010 06:01 PM

الحرمان من النوم:

في مركز لأبحاث النوم تابع لجامعة (لفبره) (Loughborough) (في إنجلترا) قام طبيب يدعى (جيم أورن) بتجربة من شقين في محاولة جديدة لكشف غموض لغز النوم.

في الشق الأول من التجربة قام الطبيب المذكور بدراسة (مراحل النوم) مستعيناً بجهاز (رسام المخ الكهربي) لمعرفة درجات نشاط المخ المختلفة، وشفع ذلك بمتابعة ظواهر فسيولوجية أخرى، تعكس نشاط الأجهزة المختلفة في جسم الإنسان.


وفي الشق الثاني من التجربة، وضع بعض المتطوعين في تجربة فريدة، بحرمانهم من النوم مدة ثلاثة أيام متعاقبة، بهدف معرفة ما إذا كان النوم ضروريٌّا لأداء الوظائف الطبيعية المختلفة كل يوم، أم أنه عادة لا ضرورة لها، وعلى الرغم من أن مثل هذه التجارب أجريت من قبل في مراكز أخرى، إلا أن تكرار التجربة قد يكشف عن شيء جديد.


كانت نتائج الشق الأول من التجربة على النحو التالي:

عندما يأوي الإنسان إلى فراشه للنوم، تبدأ عدة ظواهر فسيولوجية في الوقوع، من ذلك أن درجة حرارة الجسم تأخذ في الانخفاض، كما ينخفض معدل إفراز هرمونات (الغدة الكظرية) (الغدة فوق الكلية) suprarenal gland.

والغدة الكظرية واحدة من الغدد الصماء التي تصب إفرازاتها مباشرة في تيار الدم العام. وهي تفرز هرمون (كورتيزون) (وهرمونات أخرى).


وفي أول النوم، يخامر الإنسان شعور بأنه (يطفو) أو (ينجرف) في تيار ماء. وبعض الناس يصف ذلك بأنه شعور بخفة وزن الجسم. وتعرف هذه المرحلة باسم (المرحلة الأولى) وتتميز بانخفاض ـ أحيانًا يصحبه اضطراب ـ في شدة موجات المخ كما تظهر على جهاز (رسام المخ الكهربي) (ويعرف اختصارًا بالحروف EEG).


وتبدأ (المرحلة الثانية) حين يتغير شكل موجات المخ على جهاز الرسم، ليأخذ طبيعة منتظمة وشكلاً مميزًا، يبدأ بموجات مرتفعة (طويلة أو عالية) تأخذ في الانخفاض تدريجيٌّا. ويتكرر نمط هذه الموجات (أو الرسوم) كل عدة ثوان. ويمكن إيقاظ النائم بسهولة في هذه المرحلة.

أما (المرحلة الثالثة) فتتميز بانخفاض أكبر في نشاط المخ الكهربي، مع انتظام ضربات القلب بمعدل ستين نبضة في الدقيقة, كذلك يكون التنفس بطيئًا ومنتظمًا، كما ينخفض ضغط الدم. وتوصف هذه المرحلة من النوم بأنها (متوسطة العمق).


و(المرحلة الرابعة) أو مرحلة (النوم الحقيقي)، تتميز بالعمق، بحيث لا ينتبه النائم إلى معظم المؤثرات الخارجية، على الرغم من أن المخ يستقبل جميع المنبهات الخارجية بـ (يقظة)! ومن الصعب إيقاظ النائم في هذه المرحلة، فإذا أجبر على الاستيقاظ فإنه يشعر أن جسمه ثقيل، وقد يصاب بصداع وغثيان، على أن قدرة الجسم على التكيف سرعان ما تعيد الأمور إلى نصابها، فيمر كل شيء بسلام!


وبينما (يغوص) النائم إلى (المرحلة الرابعة) فإنه (يطفو) مرة أخرى إلى مرحلة قريبة من (المرحلة الأولى)، تعرف باسم (مرحلة حركة العين السريعة)، وفي هذه المرحلة تقع الأحلام.

وجميع مراحل النوم المذكورة تكوّن ما يسمى (دورة النوم) وتستغرق الدورة الواحدة بين ثمانين إلى مائة وعشرين دقيقة، وتتكرر (دورة النوم) عددًا يتوقف على عدد الساعات التي ينامها الإنسان.


في الشق الثاني من التجربة،
حيث حرم بعض المتطوعين من النوم مدة ثلاثة أيام متتالية، اتضح أن الأشخاص موضع التجربة مروا بدورة النشاط اليومية الطبيعية، فأظهروا فترات نشاط وخمول متعاقبة، ولم يتأثر أداء الوظائف الجسمانية بالحرمان من النوم، بينما تأثر النشاط العقلي بدرجة قليلة مع الأعمال التي تتطلب تفكيرًا منطقيٌّا وقدرًا من الإبداع، أما الأعمال المملة المتكررة، فأظهرت تدهور النشاط العقلي بدرجة كبيرة، وظهر بعض الضعف في أعمال تتطلب مجهودًا عضليٌّا في اليوم الثالث.


ويبدو أن صغار السّنّ أقدر على احتمال الحرمان من النوم بدرجة تفوق احتمال الكبار. فقد استطاعت فتاة في العشرين من عمرها أن تواصل التجربة في اليوم الثالث إلى نهايته، بينما غلب النوم رجلاً في الأربعين من عمره بمجرد انتهاء التجربة!


وبعد الحرمان من النوم، لوحظ أن الأشخاص موضع التجربة ناموا بين أربع عشرة إلى ست عشرة ساعة، وفي هذه الساعات، أنفقوا وقتًا طويلاً في مرحلة الأحلام (مرحلة حركة العين السريعة)، وبعد الاستيقاظ من النوم، ظهرت دلائل اضطراب في وظائف أجهزة الجسم المختلفة، ولم تَعُدْ هاتِهِ الوظائف إلى طبيعتها إلا بعد انقضاء عشرة أيام على انتهاء التجربة!


في تجربة مشابهة أجريت بمعرفة (مركز أبحاث النوم) التابع لجامعة (أوهايو) (في الولايات المتحدة) تم حرمان بعض المتطوعين من النوم لمدة خمسة أيام متتالية. وقد ظهرت على المتطوعين علامات إعياء شديد، وانخفاض حاد في القدرة على التركيز والتفكير، وفي اليوم الخامس كان المتطوعون في حالة عجز شبه كاملة عن الحركة، وانخفضت القدرة على التفكير وصنع القرار إلى أدنى مستوى لها، كما صدرت عنهم (هلوسة) شبيهة بهذيان المحموم!


والخلاصة التي يمكن استنتاجها من هذه التجارب، هي أن النوم ضرورة حياة، وأنه لازم لكي تتمكن الأجهزة المختلفة في الجسم من أداء وظائفها الطبيعية بصورة سليمة، كذلك يتضح أن للأحلام دورًا هامٌّا في تخليص الجسم من التوتر، وفي (تحرير المخ) من ضغوط الأفكار اليومية المتضاربة، يدل على ذلك أن الذين يحرمون من الأحلام أثناء النوم يعانون من توتر متزايد، وسطحية في التفكير نتيجة العجز عن تكوين صورة عقلية متكاملة لمواقف الحياة المعقدة!

أمل محمد 09-09-2010 06:02 PM

دور المخ:

على أن السؤال الذي يبقى مُلِحٌّا هو:

إذا كان النوم ضرورة حياة، فمن أين ينبع، وما علاقته بالمخ؟! والمعروف أن المخ يهيمن على جميع وظائف الجسم بما يحقق التناغم اللازم لحفظ الحياة واستمرارها، وما دام النوم لازمًا لاستمرار الحياة على نحو سويّ، فلابد أن يكون خاضعًا لنشاط المخ.

وهذا الاستنتاج (النظري) يبدو منطقيٌّا ومقبولاً، ولكن إثباته (عمليٌّا) مسألة مختلفة، وما تزال تستعصي على المحاولة، على أن باحثًا أمريكيٌّا، يعمل أستاذًا لعلم وظائف الأعضاء (فسيولوجيا) في جامعة (هارفارد)، قطع خطوة لا بأس بها على طريق فهم العلاقة بين النوم وتأثير المخ.


ففي تجربة قام بها الباحث المذكور، تم حرمان بعض الماعز من النوم لمدة يومين، ومن (السائل المخي) في أدمغة الماعز، قام الباحث بسحب (استخلاص) مقادير صغيرة، ثم حقن تلك المادة في أدمغة بعض الأرانب والفئران فنامت على الفور! وعندما أعيدت التجربة باستخدام مقادير من (السائل المخي) من ماعز أنفق ليلة في النوم، لم تكن للمادة أي تأثير على الأرانب والفئران.

واستخلص الباحث من تلك التجربة أن (السائل المخي) يحتوي على مادة تؤدي إلى النوم، أطلق عليها اسم (عامل النوم) (Sleep Factor) (أو اختصارًا (Factor S).


وقد أمكن استخلاص مادة مشابهة لعامل النوم من بول الإنسان، وهي موجودة بمقادير ضئيلة للغاية في البول، بحيث تلزم عدة أطنان من البول لاستخراج (ملليجرام واحد) من تلك المادة، وعند حقنها في أدمغة حيوانات التجارب، فإن هذه المادة التي يطلق عليها أيضًا اسم (عامل النوم)، أدت إلى نوم الحيوانات نومًا عميقًا لمدة تراوحت بين أربع ساعات إلى اثنتي عشرة ساعة.

وما يزال (عامل النوم) الذي أمكن استخلاصه من بول الإنسان وتحليل طبيعته الكيميائية تحت الاختبار، ومن غير المعروف إلى الآن ما إذا كان (عامل النوم) الذي يفرز في بول الإنسان ينتجه المخ، أم تنتجه أجهزة أخرى في الجسم!


من جهة أخرى، فإن الاتجاه يتزايد نحو قبول دور ما يسمى (التكوين الشبكي) في المخ، في حالة (اليقظة الكاملة) عند الإنسان، و(التكوين الشبكي) (Reticular Formation)، هو مجموعة من الخلايا العصبية متناثرة في (ساق المخ)، سميت بهذا الاسم لأنها ترتبط بشبكة معقدة من الألياف العصبية مع سائر مناطق المخ أو ما يعرف باسم (المراكز العليا).


وقد أمكن إثبات أن (التكوين الشبكي) هو المسؤول عن حالة اليقظة، ذلك أن قطع اتصالات هذه الشبكة مع باقي مراكز المخ في حيوانات التجارب ـ أدى إلى نومها بصورة مستمرة، ومن غير المعروف على وجه اليقين، كيف يؤدي نشاط (التكوين الشبكي) إلى إحداث حالة اليقظة عند الإنسان، ولكن من المقبول ـ على الأقل في الوقت الحالي ـ التسليم بأنه (المسؤول عن اليقظة)، استنادًا إلى التجارب التي أجريت على الحيوان.


وبعد، فإن البحث العلمي والطبي في ظاهرة النوم لا يتعارض مع كون النوم آية من آيات الله ـ تبارك وتعالى ـ كما ذكر ـ سبحانه وتعالى ـ في محكم التنزيل: (وَمِنْ ءَايَاتِهِ مَنَامُكُم بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَآؤُكُم مِن فَضْلِهِ إنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ)(الآية 23 من سورة الروم).


1. COLEMAN R. et al: “Periodic movements in sleep”. ANN Neurol 8: 416, 1980

2. CZELSLER C.A. et al: “Human sleep”. Science 210: 1264, 1980.

3.KALES A.: “Recent fndings in the diagnosis and treatment of disturbed sleep” . N Engl J med 290: 487,1984.

4. HOBSON J.A., BRAZIER M.A. (eds): “The Reticular Formation Revisited”. New Yourk. Raven Press, 2000.

5. JOSEPH. B. MARTIN: “The Sleep Wake Cycle”, in “Harrison’s principles of Internal Medicine”. New Youk, McGraw Hill, 2001.

//


انتهى ..

د. عبدالرحمن النمر

أمل محمد 09-09-2010 06:04 PM

لغـز التـثاؤب

mystery of yawning

د. زهير جميل قزاز

طبيب استشاري السكري، مشرف التخطيط والتطوير والبحوث

بمستشفى النور التخصصي بالعاصمة المقدسة





التثاؤب والتثاوب لغتان؛ وأشهرهما الأولى، وهي فترة تعتري الشخص فيفتح عندها فمه. وهو فعل طبيعي من أفعال التنفس يشترك فيه الإنسان مع غيره من الكائنات؛ فالسمك، والطيور، والزواحف بل معظم الثدييات ومنها القطط تتثاءب، وفي الإنسان يبدأ التثاؤب في رحم الأم، ولا يتوقف إلا مع انتهاء العمر.


وللتثاؤب عند المسلم آداب برع الهدي النبوي في وضعها وبيان حكمها في أحاديث؛ أحدها ما ورد في البخاري عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله تعالى كان حقٌّا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان)، وتخلص الروايات المتعددة إلى آداب منها:

(1) محاولة كظم التثاؤب ورده قدر الإمكان.

(2) وضع اليد على الفم.

(3) عدم قول: آه، آه.

(4) عدم رفع الصوت بالتثاؤب.


وأضيف التثاؤب إلى الشيطان لأنه يدعو إلى الشهوات، إذ يكون مع ثقل البدن واسترخائه وامتلائه، والمراد التحذير من السبب الذي يتولد عنه ذلك وهو التوسع في الأكل، وما يكون معه من ميل إلى الكسل والنوم. وقد صرح العلماء بكراهة التثاؤب مطلقًا في كل حالة، وأنه غير مقيد بعبادة كصلاة وقراءة قرآن.


والتثاؤب قد يكون تمهيدًا للنوم، وآية على الرغبة الدالة عليه، ولكنها ليست رغبة فيه. وهو عند الأطباء فعل من أفعال التنفس الذي يتم بطريقة رد الفعل! كغمض العين مثلاً، إذا رأت شيئًا سيصيبها، كما قد يكون مفيدًا للصحة (أو علامة اعتلال). ومن غرائبه تلك (العدوى النفسية) الموجودة فيه، فما إن يتثاءب شخص ما في مجلس، حتى تسري (العدوى التثاؤبية) إلى معظم الحاضرين (55%)، بل إن المتثائب الجيد يصيب سبعة آخرين بعدواه، فهل هناك فعلاً عدوى نفسية أم حقيقية؟، وهل يمكن اعتبار الأدب النبوي في ضبط تصرف (التثاؤب) تقليلاً من فرص تلك العدوى؟، وما هي الشواهد العلمية في أضرار الانسياق مع داعية التثاؤب، والحمد لله رب العالمين.

أمل محمد 09-09-2010 06:05 PM

الأحاديث والآثار

لم يرد التثاؤب لفظًا أو معنى في آيات القرآن الكريم البتة، بينما ورد (النعاس) في موضعين هما: (.. أَمَنَةً نُّعَاسًا..) آل عمران ـ 154، و(إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ..) الأنفال ـ 11(1)، وهو أي (النعاس) بحث سأتناوله لاحقًا إن شاء الله تعالى ــ لذا فسيكون مجال بحثي هو موضوع الإعجاز العلمي في السنة، لأن (التثاؤب) تناولته الأحاديث النبوية الشريفة فقط. ومن ذلك:


1 ـ ما أورده الإمام النووي في باب (آداب التثاؤب) ولفظه: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (إن الله يُحب العطاس، ويكره التّثَاؤُب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله تعالى كان حقٌّا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله. وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإنّ أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشـيطان) رواه البخاري(2). وموجز شرحه ما يلي: التثاؤب: بمثنّاة ثم مثلّثة وبعد الألف همزة، وجاء في مسلم: (إذا تثاوب) بالواو بدل الهمزة فمصدر التثاؤب بالواو، وقال السيوطي: قال غير واحد: إنهما لغتان والهمز والمد أشهر. (إن الله تعالى يحب العطاس ويكره التثاؤب) قال الخطابي: (معنى المحبة والكراهة فيهما يتصرف إلى سببهما، وذلك: أن العطاس يكون: عن خفة البدن وانفتاح المسام وعدم الغاية في الشبع، وهو بخلاف التثاؤب فإنه يكون عن غلبة امتلاء البدن وثقله مما يكون ناشئًا عن كثرة الأكل والتخليط فيه، والأول (العطاس) يستدعي النشاط والعبادة والثاني (التثاؤب) عكسه.


(وأما التثاؤب): بالواو في الأصول المصححة. والتثاؤب معروف، والاسم الثؤباء، وإنما جعله من الشيطان كراهة له، لأنه إنما يكون مع ثقل البدن وامتلائه وميله إلى الكسل والنوم.

وأضافه إلى الشيطان لأنه الذي يدعو إلى إعطاء النفس شهوتها، وأراد به التحذير من السـبب الذي يتولد منه وهو الشبع المثقل عن الطاعات) أ.هـ. ملخصًا من النهاية. قال العيني في شرح البخاري: (التثاؤب هو: النّفَس الذي ينفتح منه الفم لدفع البخارات المختلفة في عضلات الفك) أ.هـ. (فإنما هو من الشيطان) قال ابن بطال: (إضافته إلى الشيطان بمعنى إضافة الرضا والإرادة: أي أن الشيطان يحب أن يرى الإنسان متثاوبًا لأنها حالة تتغيّر فيها صورته فيضحك منه. وليس المراد أن، (الشيطان نفس التثاوب).

وقال ابن العربي: بيتاً أن كل فعل مكروه نسبه الشرع إلى الشيطان لأنه واسطته، وأن كل فعل حسن نسبه الشرع إلى الملَك لأنه واسطته).

قال: (والتثاوب من الامتلاء، وينشأ عن التكاسل وذلك الشيطان، والعطاس من تقليل الغذاء، وينشأ عنه النشاط وذلك بواسطة الملَك). وقال المصنف: (أضيف التثاؤب إلى الشيطان لأنه يدعو إلى الشهوات إذ يكون من ثقل البدن واسترخائه وامتلائه. والمراد التحذير من السبب الذي يتولد عنه ذلك وهو التوسع في الأكل. (فإذا تثاءب): بالهمزة كما قاله السيوطي قال: وروى مسلم؛ أي في حديث آخر: تثاوب بالواو. (أحدكم فَليَرُدّه): بالحركات الثلاث في آخر الفعل والضم إتباعٌ لحركة الضمير (ما استطاع) أي قدر استطاعته وذلك بإطباق فيه، فإن لم يندفع بذلك فبوضع اليد عليه. (فإذا تثاءب ضحك الشيطان منه) فرحًا بذلك لما فيه من تغير صورة الإنسان ودخوله في فيه. وأشار ابن بطال إلى أن الشيطان يضحك حينئذ من جوفه(3).


2 ـ عن أبي سعيد الخدريّ ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: (إذا تثاءب (تثاوب) أحدكم فليمسك بيده على فيه (فمه)، فإن الشيطان يدخل فيه) رواه مسلم. أشار السيوطي في الجامع الصغير إلى أن البخاري أخرجه أيضًا. وموجز شرحه ما يلي: (أحدكم فليمسك بيده على فيه (فمه) وذلك كراهية صورة التثاؤب المحبوبة للشيطان. (فإن الشيطان يدخل فيه): أي في الإنسان عند انفتاح فمه حال التثاؤب فيمنعه من ذلك بوضع اليد على الفم سَدٌّا لطريقه ومبالغة في منعه وتعويقه(4،5).

3 ـ وقد أخرجه أحمد وأبو داود بلفظ: (فإن الشيطان يدخل من التثاؤب).


4 ـ وعند ابن ماجه من حديث أبي هريرة بلفظ: (إذا تثاوب أحدكم فليضع يده على فيه، ولا يعوي فإن الشيطان يضحك منه).

5 ـ ويُذكر عنه ـ صلى الله عليه وسلم: (أن التثاؤُب الشديد، والعَطسة الشديدة. من الشيطان).

6 ـ ويُذكر عنه ـ صلى الله عليه وسلم: (أن الله يكره رفع الصوت بالتثاؤُب والعُطاس).


7 ـ (فائدة) أخرج ابن أبي شيبة والبخاري في التاريخ من مرسل يزيد بن الأصم قال: (ما تثاءب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قط).

8 ـ وأخرج الخطابي من طريق مسلمة بن عبدالملك بن مروان قال: (ما تثاوب نبي قط)، قال السيوطي: ومسلمة أدرك بعض الصحابة وهو صدوق(6).

أمل محمد 09-09-2010 06:06 PM

اللغة والتعريف

اللغة: التثاؤب والتثاوب. لغتان أشهرهما الأولى. والمعنى الاصطلاحي في هذا لا يخرج عن المعنى اللغوي. المصباح المنير: مادة (ثوب) التثاؤب ـ التثاوب(7). وللتثاؤب في تعريفه العلمي صيغ عديدة منها:

(1) فتح الفم واسعًا من غير إرادة، وهو ظاهرة فطرية تعتري الإنسان عن كسلٍ أو نعاسٍ.

(2) أن التثاؤب وظيفة طبيعية تشير في الواقع إلى زيادة في النشاط، أو حتى إلى رغبة دفينة في تغيير الموضوع، وفق اعتبار باحث فرنسيّ.

(3) أن التثاؤب يعني نوبة قوية في دورة التنفس، يكون فيها حجم فتحة البلعوم أكبر بأربع مرات من حجمها في الأوقات العادية(8).


الآداب والأحكام، ومنها العين

حكمه التكليف: صرح العلماء بكراهة التثاؤب مطلقًا في كل حالة، كونه من الشيطان. قال ابن العربي: ينبغي كظم التثاؤب في كل حالة، وإنما خص الصلاة لأنها أولى الأحوال بدفعه لما فيه من الخروج عن اعتدال الهيئة، واعوجاج الخلقة(9،7).

التثاؤب في الصلاة: مكروه، وهذا إذا أمكن دفعه، فإذا لم يمكن دفعه فلا كراهة، وهو رأى الحنفية والشافعية. ولا شيء فيه عند المالكية والحنابلة.

التثاؤب في قراءة القرآن: ينبغي أن يمسك عن القراءة حتى ينقضي التثاؤب، ثم يقرأ، لئلا يتغير نظم قراءته (9،10).

أمل محمد 09-09-2010 06:06 PM

ومجموعة الأحاديث تظهر أن من آداب التثاؤب ـ المطلق والعباديّ الأفعال التالية:

* كظم التثاؤب ما استطاع، كأن يطبق شفتيه أو نحو ذلك.

* يغطي فمه بيده اليسرى، وقيل: بإحدى يديه.

* يقوم مقام اليد كل ما يستر الفم كخرقة أو ثوب مما يحصل به المقصود.

* يخفض صوته.

* لا يعوي، ولا يقول آه، آه، ثم:

* يمسك عن التمطي والتلوي الذي يصاحب بعض الناس، لأنه من الشيطان. وقد روي: (أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان لا يتمطى، لأنه من الشيطان).


وقد يكون التثاؤب من أعراض العين وقت القراءة:

حيث إن كثيرًا من الناس يصابون بالعين وهم لا يعلمون، لأنهم يجهلون أو ينكرون تأثير العين عليهم. فإن أعراض العين في الغالب تكون كمرض من الأمراض العضوية إلا أنها لا تستجيب إلى علاج الأطباء.


كثرة التثاؤب المصحوب بالدموع: أما في غير وقت الرقية فليس التثاؤب بدليل كافٍ على العين، يقول الشاعر:

ولما أبـت عينـاي أن تمـلـك البكا

وأن تحبسـا مسـح الدموع السواكبِ

تثـاءبتُ كي لا يُنكـر الدمعَ منكـرٌ

ولكـن قليـلاً ما بقـاء التثـاؤب

أمل محمد 09-09-2010 06:07 PM

التثاؤب والنعاس والرغبة في النوم:

يشعر المعيون بالرغبة بالتمغط. كالذي يفعله الإنسان عندما يستيقظ من النوم، وأحيانًا يكون التمغط لعضو واحد كاليد اليمنى أو اليسرى.

إذا كانت العين مصحوبة بالمس فقد تظهر أعراض العين وأعراض المس في آن واحد.

وقد يكون التثاؤب الشديد المتكرر وقت القراءة الذي يصاحبه صوت مرتفع من أعراض المس، وكذلك للنوم العميق(11).


الدراسات والمعلومات، ومنها العدوى

تعددت الدراسات عن التثاؤب باحثة عن أسبابه وفرضيات حدوثه، وفوائده وما ينتج عنه. ويكفينا منها هنا بعض الإشارات، فالتفصيل في ذلك، لا يخدم مجال بحثي الإعجازي(12،16).

من المعلوم أنّ فعل التثاؤب يُشرك معه عدة أجزاء من الجسم:

فالفم ينفتح، والفكّان يفترقان، مهيئة لشهيق كثير من الهواء، والذي بدوره يمدّد الرئتين، فتنشد عضلات البطن دافعة بالحجاب الحاجز باتجاه القدمين. ثم يتلو ذلك، زفير بعض من الهواء. (لا يوجد ما هو عالمي وموحد أكثر من عملية التثاؤب)، وهو فعل طبيعي من أفعال التنفس يشترك فيه الإنسان مع غيره من الكائنات. فالسمك، والطيور، والزواحف، بل معظم الثدييات، ومنها القطط تتثاءب.


وفي الإنسان يبدأ التثاؤب في رحم الأم ولا يتوقف إلا مع انتهاء العمر. لكن ثمة حالات معينة (طبيعية أو مرضية) تولد أو تتسبب في التثاؤب أكثر من غيرها.

فمن الطبيعية: الحمل عند النساء، والشعور بالشبع، أو في فترة الصيام. إضافة إلى اختيار الوقت غير المناسب للتنقل والشعور بالغثيان. ومن المرضية: ما لاحظه أوليفيه فالوسينسكي؛ وهو طبيب خبير في موضوع التثاؤب ـ بعد عدة تجارب. فقد اعتبر التثاؤب الذي يوقظ الخلايا العصبية له علاقة أيضًا بالتفاعل الكيميائي داخل الدماغ. فهو عبارة عن ردة فعل مثارة نتيجة حدوث انخفاض في قوة العضلات. فمرضى الشلل الرعاش (الباركنسون) الذين يعانون من خلل في مادة الدوبامين لا يتثاءبون. في حين أن بعض المكتئبين الذين يُعالجون بأدوية تضاعف إفـراز السيروتينين، وهي مادة تولدها بعض خلايا الأمعاء، يصابون بنوبات قوية من التثاؤب لا يمكن وقفها(16).


وليس بكثير معلوم يجيب عن التساؤل: لماذا نتثاءب؟ أو ما الذي يجعلنا نتثاءب؟، ومع أن قليلاً من البحوث عُملت في هذا الموضوع، للإجابة على ما سبق، إلا أنها جميعها تستند على نظريات عدة أشهرها ثلاثة(12،13):

1 ـ النظرية التلقائية (الفسيولوجية): والتي تقول بأن الجسم يُحدث التثاؤب ليتمكن من جلب المزيد من الأكسجين أو طرد ما يتراكم من ثاني أكسيد الكربون. لكن صواب هذه الفرضية لا يتوافق مع ملاحظة أننا نتثاءب أثناء التمارين الرياضية، وقد اختبرت هذه الفرضية من العالم النفسي: روبرت بروفين من جامعة ميريلاند وأحد خبراء التثاوب، ووجد أن إعطاء مزيد من الأكسجين لمجموعة من الناس لا ينقص (التثاؤب)، كما أن إنقاص كمية ثاني أكسيد الكربون في بيئة تنفس هؤلاء الناس لم يمنع حدوث (التثاؤب). كما أن هذا الأمر لا ينطبق على الأجنة فقد كشف التصوير السمعي أن الأجنة بدءًا من الشهر الثالث تتثاءب لدرجة يخال فيها المرء أن فكّها سينتزع من مكانه! وعلى الرغم من ذلك فإن الجنين لا يسحب أدنى جزئية من الأوكسجين.


2 ـ نظرية التطور: حيث يفكر البعض بأن التثاؤب بدأ مع آبائنا وأجدادنا والذين اعتادوا استخدامه (أي التثاؤب) لإظهار أسنانهم والحميميّة مع الآخرين. وتتفرع فكرة من هذه النظرية تقول: بأن التثاؤب تطور منذ الإنسان الأول كعلامة لنا لتغيير النشاطات.

3 ـ نظرية السآمة (الضجر، التبرم): يذكر في المعاجم العربية والإنجليزية أن التثاؤب يتسبب من السآمة، أو التعب. أو النعاس. وعلى الرغم من أننا نميل إلى النعاس عندما نسأم أو نتعب، إلا أن تلك النظرية لا تفسر لماذا يتثاءب رياضيو الأولمبياد مباشرة قبل إكمالهم هذه المناسبة (المسابقات). حيث يشك بأنهم سئموا من مشاهدة العالم لهم!!.


وعن عدد المرات وأوقات التثاؤب ودلالته الطبيعية والمرضية، يقول الطبيب الباحث فالوسنسكي: إن (90%) من البشر يؤكدون أنهم يتثاءبون بين مرة إلى (15) مرة يوميٌّا، وعندما يتخطى العدد العشرين مرة، فهذا يعني أن المتثائب يعيش كمن أصيب بإعاقة ليست على الصعيد الجسدي أو الطبي، إنما على صعيد المجتمع. ويتراوح عدد التثاؤبات بين (5) و(6) في الدقيقة الواحدة، وفي حالة زاد العدد عن وتيرته المعتادة فقد يشير ذلك إلى وجود مشكلات في الجهاز العصبي. وطبيعيٌّا (غير مرضي) يبلغ التثاؤب ذروته في أوقات محددة. لقد اعترف (75%) ممن شملتهم الدراسة بأنهم يتثاءبون كثيرًا في الصباح في أثناء تمددهم، وقال (50%): إنهم يتثاءبون في نهاية النهار، في حين أن أكثر من (30%) يفعلون ذلك بعد الأكل. وفي الواقع، يبدو أن الجميع يتثاءب في الصباح وعند الظهر وفي المساء(16).

أمل محمد 09-09-2010 06:07 PM

ومن الحقائق اللطيفة في موضوع التثاؤب ما يلي(12):

تستغرق التثاؤبة الواحدة (6) ثوان.

يزداد معدل نبض القلب بمقدار (30%) خلال التثاؤبة الواحدة.

يتثاءب (55%) من الناس خلال (5) دقائق من رؤيتهم لشخص يتثاءب.

يتثاءب كفيف البصر أكثر عند سماعه لشريط فيه تثاؤب الآخرين.

القراءة عن التثاؤب سيجعلك تتثاءب.

يعتاد رياضيو الأولمبياد التثاؤب قبل بدء المنافسة.


فوائده:

ويعتقد أن للتثاؤب بعض الفوائد، فهو يجبر المرء على استنشاق كمية إضافية من الهواء، ونتيجة ذلك يتفتّح المزيد من الحويصلات الرئوية والتي لا تنفتح بالتنفس العادي، وبهذا يجدّد الهواء في تلك الحويصلات وينشط عملها.. كما أن التثاؤب يعصر كيسي الدمع الملتحقين بالعينين عصرًا قويٌّا فيجدد ما فيهما من مفرزات، ويطرد ما قد يكون تراكم فيهما من أملاح، وبهذا يمنع انسداد قنوات الدمع.. وربما كانت للتثاؤب فوائد أخرى ما زلنا نجهلها!؟.

وأختم الفوائد بقول أبقراط (أبي الطب) الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد، عندما طرح على نفسه السؤال: (لماذا نتثاءب؟)

فأجاب: (إن التثاؤب يطرد الهواء الملوث من الرئتين، ويعيد تدفق الدم نحو الدماغ)(15).


العدوى التثاؤبية:

ومن غرائب التثاؤب تلك العدوى (ربما، النفسية) الموجودة فيه!. فما إن يتثاءب شخص ما في مجلس، حتى تسري (العدوى التثاؤبية) إلى معظم الحاضرين!. فهل هناك فعلاً عدوى؟.

وما قصة هذه العدوى؟، ثمة قول مأثور يؤكد أن المتثائب الجيد يصيب سبعة آخرين بعدواه، وقد تمكن الأمريكي روبرت بروفين، أستاذ علم النفس في جامعة ماريلاند، من تثبيت هذا القول عبر سلسلة من التجارب أجراها على طلابه، لقد أرغمهم على مشاهدة شريط فيديو عن التثاؤب ودوّن ملاحظاته. فتبين له أن الرؤية تؤدي دورًا أساسيٌّا في نقل العدوى. بيد أن مشاهدة فم يتثاءب لا يثير أي ردّة فعل عند الآخر، إذا كان باقي وجه المتثائب مغطى بقناع. ومن المعروف أيضًا أن الأطفال وقبل سن العامين، لا يتأثرون بتثاؤب الآخرين.

والسبب يعود إلى أن (العدوى) تنتقل من خلال الفص الجبهي غير المتكون بعد عند الأطفال في تلك السن (14،15).

أمل محمد 09-09-2010 06:09 PM

أوجه الإعجاز والخلاصة


أوجه الإعجاز:

ظننت أن اختياري لباب الإعجاز سيكون طارئًا وموجزًا، عندما اخترت موضوع (التثاؤب)، فهو ببساطة سلوكٌ محمودٌ يوجه المرء (المسلم) بوضع اليد على الفم ليمنع دخول الشيطان. لكن مثلي المبتدئ فتح عَلَيّ ـ هذا البحث ـ آفاقًا وأبوابًا متشعبة وبحوثًا ممتدة.

وليست طارئة، وأسأل الله تعالى أن يعينني على إتمامه بالصورة الإعجازية المناسبة دونما إخلال أو تقصير.


لقد جمعت في بحثي عددًا من الألفاظ النبوية، والشروحات السلفية، والمشاهدات النفسية والتجارب العلمية، مما استطعت جمعه ودراسته منذ بدء اهتمامي بالموضوع (20 شعبان 1424هـ)، ويظهر لي أنه يوضح الجوانب التالية:

1 ـ أن التثاؤب أمر فطري في البشر، كالأكل، والشرب، وقضاء الحاجة.

2 ـ أن الإسلام (الهدي النبوي)، لم يترك أمرًا صغيرًا أو كبيرًا إلاّ عالجه وبيّنَ حكمته وحُكمه في الإجمال، وهو دليل شمولية الإسلام.

3 ـ أن التثاؤب يطرأ على الإنسان المسلم في حالة عبادته، وفي مطلق أوقاته الأخرى، وكلتا حالتيه لها آداب واحدة وإشارات واضحة.

4 ـ أن التثاؤب قد يكون مفيدًا للصحة أو علامة اعتلال، وقد يكون دلالة على نعاسٍ أو كسل أو امتلاء.

5 ـ أن الهدى النبوي في آداب التثاؤب قد يدل على التالي:


أ ـ دلالة إيمانية غيبية:

لحبس دخول الشيطان في جوف المتثائب، كجولات الإنسان مع الشيطان حال المبيت، والعشاء، والنوم.. إلخ. وعلينا تصديقها والإيمان بها فقط دون تعليلها.


ب ـ دلالة اجتماعية سلوكية:

للتقليل من إشاعة المظهر والسلوك غير المستحسن في المجتمع المسلم (إتيكيت)، كإظهار باطن الفم لدى المتثائب، ونشر دواعي الكسل والاسترخاء في المجتمع المتثائب. والمجتمع المسلم، يفترض أن تغلب عليه مظاهر النشاط والحيوية، والجد والاجتهاد. فإن كان لابد منه (فطريٌّا)، فلا أقل من التقليل من أثره بسلوك الهدى النبوي في ذلك.


ج ـ دلالة علمية إعجازية:

فكون التثاؤب له صفة (العدوى)، فقد يكون من دلالات الأدب النبوي في التثاؤب ما يوحي بأن محاولة دفع التثاؤب ما أمكن، وتغطية الفم، قد يقلل من فرص حدوث العدوى بين الحاضرين. وهذه الدلالة لم أعثر عليها، بعد، في المراجع الغربية، كما لم أستدل على بعض الشواهد العلمية في أضرار الانسياق مع داعية التثاؤب، غير ما ذكرت من (عدواه). ولم تظهر الدراسات أيضًا، (السلوك العلمي) المطلوب لدفع دواعيه. وهو مجال التوسع في هذا البحث مستقبلاً ـ إن شاء الله تعالى.

6 ـ لم يتبين لنا، طبيعة العدوى في التثاؤب، هل هي عدوى نفسية، تتأثر بالرؤية والسماع؟ أم هي عدوى حسيّة لا نعرف كنهها حتى الآن تُخل بنسبة العلاقة بين الأكسجين وثاني أكسيد الكربون، أو الضغط ونحوه المحيط بالفم المتثائب؟، وبالتالي ما أثر السلوك النبوي بوضع اليد على الفم، في ذلك.


7 ـ وأخيرًا: وليس آخرًا، هل للتثاوب علاقة مباشرة بمستوى الإيمان والصلة بالله تعالى؟ فكون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والأنبياء ـ عليهم السلام ـ لم يتثاءبوا، وكونه يكره في الصلاة وقراءة القرآن، وكونه يحتاج إلى التخفيف من أسبابه كالامتلاء، وكونه يحتاج إلى مغالبة ومران، وذكر الشيطان في شأنه، مع تأمل آية مثل (وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا..)، وحديث مثل: (أكمل المؤمنين إيمانًا..)، كل تلك أسئلة وغيرها لم أصل إلى جوابها بعد، وتحتاج إلى بحث مزيد.


الخلاصة

اجتهدت كباحث مبتدئ في علوم الإعجاز العلمي في القرآن والسنّة، أن أتناول موضوع الإعجاز العلمي في السنّة. فوقع اختياري على موضوع (التثاؤب). واستهدفت من بحثي بيان وجه الإعجاز النبويّ ودلالته من زاوية بيان الحكمة من ذكر الآداب والسلوك النبوي المطلوب للمسلم المؤمن عند حدوث (التثاؤب) الذي هو أمر فطري وطبيعي في عموم البشر. ولكون التثاؤب له صفة (العدوى)، فقد يكون للإرشاد النبوي المفصل عند الأخذ به، في الحالات العباديّة والمطلقة، حكمة علمية تخفف من عدواه وإشاعته في المجتمع. مع ما فيه من حكم اجتماعية سلوكية، وحقائق إيمانية غيبيّة كحبس دخول الشيطان للفم. هذا اجتهادي وجهدي، وما توفيقي. إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب. وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم. والحمد لله رب العالمين. انتهى.


المراجع والمصادر:

1 ـ المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ـ محمد فؤاد عبدالباقي ـ طبعة 1403هـ، ص 707.

2 ـ رياض الصالحين ـ الإمام النووي ـ باب رقم (138)، حديث رقم (878) ـ صفحة 297، باب استحباب تشميت العاطس إذا حمد الله تعالى وكراهة تشميته إذا لم يحمد الله تعالى وبيان آداب التشميت والعطاس والتثاؤب.

3 ـ دليل الفالحين ـ شرح رياض الصالحين ـ الجزء الثالث ـ ص 359 ـ 361، 365.

4 ـ فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد لأبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاريّ. تأليف: العلامة المحدث الجليل فضل الله الجيلاني ـ المطبعة السلفية ـ ومكتبتها ـ القاهرة 1378هـ الجزء الثاني ص 394 ـ باب التثاؤب.

5 ـ فتح الباري بشرح صحيح الإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري (194 ـ 256هـ)، للإمام الحافظ أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (773 ـ 852 هـ). المطبعة السلفية ـ ومكتبتها ـ القاهرة ـ الطبعة الثانية ـ 1406هـ ـ الجزء العاشر ـ ص 626 ـ 628 ـ كتاب الأدب (78)، باب إذا تثاءب فليضع يده على فيه (128).

6 ـ كتاب عمل اليوم والليلة: للحافظ أبي بكر أحمد الدينوريّ، المعروف بابن السنّيّ ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان ـ الطبعة الثالثة 1409هـ 1989م. ص 97 ـ 98.

7 ـ الموسوعة الفقهية ـ الجزء العاشر (تأبد ـ تحيات) ـ إصدار: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ـ الكويت ـ الطبعة الثانية 1407هـ 1987م. طباعة ذات السلاسل ـ الكويت ـ ص 140 ـ 141.

8 ـ النوم.. أسراره وخفاياه ـ دراسة علمية نفسية طبية دينية ـ د. أنور حمدي ـ بحوث في... النوم والأحلام والتنويم (المغناطيسي) ـ (1) ـ المكتب الإسلامي ـ بيروت ـ مكتبة الخاني ـ الرياض ـ الطبعة الأولى ـ 1406هـ 1986م. ص 212 ـ 217.

9 ـ زاد المعاد في هدي خير العباد ـ الجزء الثاني ـ فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أذكار العطاس المجلد (2) ـ ص 435، 440الحديث: أخرجه البخاري 10/505 في الأدب: باب إذا تثاءب، فليضع يده على فيه، وفي بدء الخلق: باب صفة إبليس وجنوده، والترمذي (2748) في الأدب: ما جاء أن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، أحمد 2/265 و428 و517 من حديث أبي هريرة.

10 ـ المغني والشرح الكبير للشيخ الإمام موفق الدين (أبي محمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة) ت: (620هـ). دار الكتاب العربي ـ بيروت لبنان ـ 1403هـ، 1983م ـ الجزء الأول ـ ص 663 ـ التثاؤب في الصلاة.


11 ـ الموقع: لقط المرجان في علاج العين والسحر والجان www. khayma. com.

12. Adams, Amy. 1998, The Big Yawn. New Scientist Magazine Vol. 160, Issue 2165 Page 3

13. Blin, Daquin, Micallef., 1994, Yawning. Aloe. Para. 1-8

14. Davis, Adam H., 2002. Is Yawning Contagious. Science Shack.

15. Provine, Robert R., 1997. On Yawing and its Functions Bulletin of the Psychonomic Society 27.

16. Walker, Benjamin. 1997., what is the reason For Yawning Medicine.




//


انتهى ..

د. زهير جميل قزاز

طبيب استشاري السكري، مشرف التخطيط والتطوير والبحوث

بمستشفى النور التخصصي بالعاصمة المقدسة

عبدالسلام حمزة 09-09-2010 09:39 PM



الأخت الكريمة أمل محمد

لايسعني إلا قول جزاك الله خيرا ً على كل شيء وعلى هذا المجهود الرائع

جعلها الله في ميزان حسناتك

حميد درويش عطية 09-11-2010 05:40 PM

عجائب
بسم الله الرحمن الرحيم

بحث علمي حول التناسق العددي في أول آية من القرآن الكريم
بقلم المهندس عبد الدائم الكحيل

سوف نرى من خلال الأمثلة الرائعة والمذهلة في هذا البحث علاقات رقمية عجيبة متوافقة مع الرقم سبعة. وقد شاءت قدرة الله تعالى وحكمته أن يخبئ في كتابه هذه المعجزة ويؤخّر ظهورها إلى عصرنا هذا لتكون المعجزة أقوى وأشد تأثيراً. فلو فرضنا أن هذه المعجزة قد ظهرت قبل مجيء عصر الأرقام الذي نعيشه اليوم لم يكن لها تأثير يُذكر.

ونود أن نشير إلى أن طريقة عد الكلمات في القرآن هي كما كُتبت هذه الكلمات، أي الحرف المكتوب نعده حرفاً سواء لُفظ أم لم يُلفظ. واو العطف هي كلمة مستقلة لأنها تُكتب في القرآن الذي كُتب على عهد الرسول الكريم مستقلة عما قبلها وما بعدها. طبعاً الهمزة والشدة وعلامات المد والألف الخنجرية ليست أحرفاً لأنها لم تُكتب في المصحف الذي كُتب بين يدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

عَظَمَة هذه الآية

لقد بدأ الله سبحانه و تعالى كتابه بآية كريمة هي: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) [الفاتحة: 1/1], فهي أول آية في القرآن الكريم, لذلك نجد الرسول الكريم يبدأ مختلف أعماله بهذه الآية الكريمة, و ذلك لثقل هذه الآية و أهميتها. فهذه الكلمات الأربع أنزلها الله تعالى لتكون شفاء و رحمة لكل مؤمن رضي بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً وبالقرآن إماماً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.

الأساس الرياضي

لو قمنا بعدّ حروف كل كلمة من كلمات البسملة كما كُتبت في القرآن فإننا نجد:

كلمة (بسم ) عدد حروفها 3 حروف

كلمة (الله ) عدد حروفها 4 حروف

كلمة (الرَّحْمنِ ) عدد حروفها 6 حروف

كلمة (الرَّحِيمِ ) عدد حروفها 6 حروف

إن مجموع هذه الأرقام هو: 3 + 4 + 6 + 6 = 19 حرفاً، فإذا ما تغيَّر ترتيب هذه الكلمات يبقى المجموع نفسه. والله تعالى حفظ تسلسل كلمات كتابه، لذلك اختار طريقة صف الأرقام كما يلي، لنكتب البسملة وتحت كل كلمة عدد حروفها:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

3 4 6 6

إذا قرأنا العدد الذي يمثل تسلسل حروف البسملة كما هو دون جمعه يصبح 6643 ستة آلآف وست مئة وثلاثة وأربعون، ميزات هذا العدد أننا نرى فيه حروف كل كلمة من كلمات البسملة، ففي العدد 6643 نرى بأن الرقم 3 يمثل حروف أول كلمة، الرقم 4 يمثل عدد حروف الكلمة الثانية وهكذا..

ولكن ما هو الميزان الذي بواسطته ينضبط العدد 6643 ليبقى محفوظاً برعاية الله تعالى ؟ إنها عملية القسمة على رقم محدد، أو مضاعفات هذا الرقم. هذا العدد من مضاعفات السبعة!

6643 = 7 × 949

ونقرأ كما يلي: إن العدد الذي يمثل مصفوفة حروف البسملة هوستة آلاف وست مئة وثلاثة وأربعون، هذا العدد من مضاعفات السبعة، فهو يساوي حاصل ضرب سبعة في عدد صحيح هو 949.

ميزات هذه الطريقة

من أهم مميزات صف الأرقام حسب تسلسلها في كتاب الله تعالى أنها تحافظ على تسلسل كلمات الآية، ولو تغيّر ترتيب أي كلمة فإن العدد المصفوف سيتغير ولن يقبل القسمة على سبعة لأن طريقة صفّ الأرقام حساسة جداً لأي تغيير في عدد أو تسلسل الحروف.

كما أن هذه الطريقة تتميّز عن طريقة الجمع بأن الأعداد الناتجة شديدة الضخامة، فكل كلمة تحتل مرتبة أو منْزِلة: آحاد ـ عشرات ـ مئات ـ آلاف ـ عشرات الآلآف ـ مئات الآلآف ...... وهكذا إذا أردنا كتابة العدد الذي يمثل مصفوف حروف الفاتحة سنجد عدداً من 31 مرتبة أي من مرتبة المليون مليون مليون مليون مليون!!!

إذن طريقة صف الأرقام تناسب معجزة شديدة التعقيد والضخامة تتجلى في القرن الواحد والعشرين. والسؤال: كيف لو مثّلنا حروف كلمات القرآن كله! إن العدد الناتج سيتألف من أكثر من سبعين ألف مرتبة! فتأمل ضخامة أعداد القرآن!!

من الأشياء الممتعة في علم الرياضيات ما يسمى بالسلاسل العددية أو الرقمية، واكتشاف ودراسة هذه السلاسل ساهم بشكل أساسي في تطور جميع العلوم مثل علوم التكنولوجيا الرقمية، ولكن ما هي هذه السلاسل وما الفائدة منها؟

فعندما فكّر العلماء باختراع الحاسبات الرقمية كان لابد من وضع التصميم المناسب لإنجاز العمليات الحسابية داخل هذه الحاسبات الإلكترونية. وبما أن الحاسبة لا تفقه لغة الأرقام، تم وضع الأسس الرياضية لما سمي بالنظام الثنائي الذي يعتمد على رقمين فقط الواحد والصفر.

وفق هذا النظام يتم كتابة أي عدد مهما كبُر أو صغُر، وذلك على شكل سلسلة تتألف من الرقمين 1 و 0 ، ويتكرر هذين الرقمين بما يتناسب مع العدد المطلوب.

الآن نأتي إلى النظام العشري الذي نستخدمه في حساباتنا العادية، وهذا النظام يمكن تمثيله بواسطة سلسلة رقمية أساسها الرقم 10، ويمكن أن نكتب هذه السلسلة من الأعداد:

1 10 100 1000 10000 100000 .......

إذن كل حّد يتضاعف عن سابقه عشر مرات. ولكي لا نثقل على القارئ الكريم بهذه الأعداد نبقى في رحاب الآية الكريمة ونحلل العدد الناتج والذي يمثل سلسلة عددية من الأرقام هي: 6643، فهذا العدد هو سلسلة رقمية يمكن كتابتها وفق المجموع الآتي:

( 3 × 1 ) + ( 4 × 10) + ( 6 × 100) + ( 6 × 1000)

3 + 40 + 600 + 6000

آحاد + عشرات + مئات + آلاف

وهذا يساوي العدد الأصلي 6643 وهو يمثل مصفوف حروف البسملة.

إذن عندما نكتب عدد حروف كل كلمة من كلمات الآية بطريقة صف الأرقام، إنما نقوم بعدّ حروف كل كلمة، ووضع الرقم تحت الكلمة، ونقرأ العدد الناتج والذي يتألف من مراتب (آحاد، عشرات، مئات، آلاف، عشرات الآلاف......)، أي أن كل كلمة تحتل مَنْزِلة تتضاعف عشر مرات عن الكلمة التي تسبقها.

إن وجود السلاسل الرقمية في كتاب الله عز وجل، دليل على أن القرآن العظيم قد سبق علماء الرياضيات إلى هذا العلم بقرون طويلة!!

قبل متابعة المعجزة الإلهية في البسملة نذكّر بأن العدد 6643 لا يمثل مجموع عدد حروف الآية بل هو مصفوف حروف الآية. والسؤال: هل يكفي هذا النظام لضبط حروف الآية وحفظها من التحريف ؟ لنقرأ الفقرة الآتية.

حروف اسم (الله) في أول آية من كتاب الله

لزيادة ضبط حروف الآية وإحكام بنائِها فقد رتب الله عزّ وجلّ حروف اسمه في كلمات الآية بنظام سباعي معجز! وفكرة هذا النظام تعتمد على عدّ حروف اسم (الله) في كل كلمة. إذن لا نعدّ كل حروف الآية بل نعدّ فقط ما تحويه من حروف الألف واللام والهاء، أي حروف لفظ الجلالة (الله) وهذا يعطي:

كلمة (بِسْمِ) عدد حروف الألف واللام والهاء 0

كلمة (اللهِ) عدد حروف الألف واللام والهاء 4

كلمة (الرَّحْمنِ) عدد حروف الألف واللام والهاء 2

كلمة (الرَّحِيمِ) عدد حروف الألف واللام والهاء 2

إذن نحن أمام سلسلة جديدة من الأرقام هي: 0-4-2-2 كل رقم يمثل ما تحويه كل كلمة من حروف اسم (الله) سبحانه وتعالى. ولذلك نعيد كتابة الآية مع الأرقام الجديدة التي تمثل توزع اسم (الله) في كلماتها:

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

0 4 2 2

إن العدد 2240 ألفان ومئتان وأربعون هو عدد يقبل القسمة على سبعة من دون باق، أي هو من مضاعفات السبعة فهو يساوي:

2240 = 7 × 320

إذن العدد الذي يمثل مصفوفة حروف الآية من مضاعفات السبعة، وكذلك العدد الذي يمثل مصفوفة حروف اسم (الله) في الآية من مضاعفات السبعة.

في علم الهندسة بمختلف اختصاصاتها هنالك علم مهمّ يدرس توزع الأشياء الهندسية في مجالات محددة. فمثلاً في علم هندسة الطيران وحتى تكون الطائرة ناجحة وآمنة وتنجز رحلالتها بسلامة، يجب دراسة توزع ضغط الهواء حول جناحيها في كل نقطة، ومعالجة هذه المعطيات بحيث لا تتجاوز حدوداً هي المسموح بها. إذن يتم تقسيم الجناح إلى شبكة مربعات ونقيس الضغط في كل مربع ثم نشكل ما يسمى بمصفوفة المعطيات الرقمية وتتم معالجتها بطرق رياضية معروفة.
للموضوع بقية
في وقت ٍ لاحق
بإذن الله تعالى

حميد

11 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-11-2010 05:51 PM

تتمة موضوع :
عجائب بسم الله الرحمن الرحيم

الأساس الرياضي لعملية توزع الحروف

إذن عند دراستنا لتوزع حروف معينة على كلمات الآية ننطلق من أساس رياضي متين، فكل كلمة من كلمات الآية تمثل مرتبة ومَنْزِلة، إما أن يكون رقمها صفر وهذا يعني أن الكلمة لا تحوي أي حرف من حروف اسم (الله) الألف واللام والهاء، أو تأخذ هذه الكلمة الرقم 1 وهذا يعني أن الكلمة تحوي حرفاً واحداً من حروف لفظ الجلالة قد يكون الألف أو اللام والهاء أو تأخذ الرقم 2 وهذا يعني أن الكلمة تحوي حرفين من حروف لفظ الجلالة أو تأخذ الرقم 3 وهذا يعني أن الكلمة تحوي ثلاثة أحرف من حروف اسم (الله) الألف واللام والهاء، وهكذا.

أيضاً هنالك أساس رياضي فيما يسمى بتقاطع المجموعات، فنحن في البسملة لدينا 4 مجموعات وهي كلمات البسملة الأربعة، وكل مجموعة تحوي عدداً من الحروف هي حروف كل كلمة من كلمات الآية، ويتم تقاطع هذه المجموعات الأربع مع مجموعة هي حروف اسم (الله) أي الألف واللام والهاء وبالتالي نأخذ الحروف المشتركة بين كل مجموعتين.

إن وجود نظام المجموعات وتقاطعها في حروف القرآن دليل على السبق الرياضي للقرآن فيما يسمى بالرياضيات الحديثة. هذا وإن الهدف من وجود نظام قائم على حروف اسم (الله) هو للدالة على أن الله عز وجل هو الذي أنزل هذه الآية وأحكمها بهذا البناء العجيب. ولكن هنالك نظام أكثر إعجازاً يقوم على أسماء الله الحسنى في هذه الآية.

أسْمَاء الله جلَّ وعلا

إن البارئ تبارك وتعالى أحكم بناء كتابة بشكل لا يمكن لأحدٍٍ أن يأتي بمثله، فرتب الحروف والكلمات بنظام رياضي عجيب وفريد. ومن أغرب الأنظمة الرياضية هو توزع حروف أسماء الله الحسنى وهما (الرَّحْمنِ) و(الرَّحِيمِ). وقبل اكتشاف النظام الرياضي لحروف هذين الاسمين في البسملة يجب أن نتدبّر معنى ودلالات كل اسم.

نحن نعلم أن الشدة عكس الرحمة وقد جَمَعَت الآية صفتين لله عز وجل: صفة التَّنْزيه والشدة والقوة والعَظَمَة والجبروت وتمثلها كلمة (الرَّحْمنِ)، وصفة الرحمة والمغفرة والرأفة والتوبة وتمثلها كلمة (الرَّحِيمِ).

إذن نحن أمام صفتين متعاكستين من حيث الدلالة اللغوية والبلاغية، والسؤال: ماذا عن النظام الرقمي لهاتين الكلمتين ؟ وهل من الممكن أن نجد تعاكساً رقمياً يتفق مع التعاكس اللغوي ؟ هذا ما سوف نشاهده فعلاً من خلال دراسة توزع حروف هذين الاسمين الكريمين على كلمات الآية، لذا نجد أن الأعداد الناتجة تقبل القسمة على سبعة باتجاهين متعاكسين!!

وهنا نكتشف شيئاً جديداً في الرياضيات القرآنية وهو قراءة الأعداد باتجاهين متعاكسين! وهذه ميزة يتميز بها كتاب الله تعالى للدلالة على أنه كتاب مُحكَم: (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) [هود: 11/1].

والذي يبحث في كتاب الله عن هذين الاسمين يجد أن كلمة (الرَّحْمنِ) غالباً ما ترد في مواضع الشدة ومواضع التنْزيه لله تعالى، مثل: (وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً) [مريم: 19/92]. وقوله تعالى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنِ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ) [الأنبياء: 21/26]. وقوله تعالى: (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنِ وَقَالَ صَوَاباً) [النبأ: 78/38].

بينما نجد كلمة (الرَّحِيمِ) غالباً ما ترد في مواضع الرحمة والمغفرة والتوبة مثلا: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ) [الزمر: 39/53]. وقوله تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمِ) [التوبة: 9/104].

ويتجلى في البسملة نظامان رقميان لكلمة (الرَّحْمنِ) وكلمة (الرَّحِيمِ) وبما أننا في هاتين الكلمتين أمام نظام لغوي متعاكس، فالشدة تعاكس الرّحمة، سوف نرى بأن النظام الرقمي لحروف الكلمتين أيضاً متعاكس.

توزع حروف اسم (الرَّحْمنِ)

لنكتب آية البسملة وتحت كل كلمة ما تحويه هذه الكلمة من حروف (الرَّحْمنِ) سبحانه وتعالى، أي ما تحويه كل كلمة من الحروف:

ا ل ر ح م ن

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

1 3 6 5

توزع حروف (الرَّحْمنِ) في الآية يمثله العدد 5631 معكوس هذا العدد هو 1365 أي نقرأ العدد الخاص بكلمة (الرَّحْمنِ) من اليمين إلى اليسار فيصبح من مضاعفات السبعة:

1365 = 7 × 195

توزع حروف اسم (الرَّحِيمِ)

الآن نكتب الآية وتحت كل كلمة ما تحويه من حروف (الرَّحِيمِ) أي ما تحويه كل كلمة من الحروف:

ا ل ر ح ي م:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

1 3 5 6

توزع حروف (الرَّحِيمِ) في الآية ويمثله العدد 6531 وهو من مضاعفات السبعة أيضاً:

6531 = 7 × 933

إذن النظام المُحكَم ينطق بالحق، فقد انعكس اتجاه القراءة للأرقام عندما انعكس المعنى! وهذه النتيجة الرقمية تثبت أن في كتاب الله اتجاهين لقراءة الأعداد بما يتناسب مع معنى النص القرآني، فهل هذه هي المثاني التي تحدث عنها البيان الإلهي؟

الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

¬ ®

قد يكون هذا النظام أحد جوانب المثاني في القرآن، يقول تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: 39/23], والله تعالى أعلم. نعيد كتابة الحقائق الرقمية لتوزع حروف أسماء الله تبارك وتعالى والواردة في أول آية من كتاب الله تعالى ونتأمل:

الآيــة بِسْمِ اللَّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تـوزع حـروف (الله) 0 4 2 2 ®

توزع حروف (الرَّحْمنِ) 1 3 6 5 ¬
توزع حروف (الرَّحِيمِ) 1 3 5 6®

إن العدد الذي يمثل توزع حروف اسم (الله) من مضاعفات السبعة

باتجاه اليمين ، أما العدد الذي يمثل توزع حروف اسم (الرَّحْمنِ) فهو من مضاعفات السبعة باتجاه اليسار، والعدد الذي يمثل توزع حروف اسم (الرَّحِيمِ) يقبل القسمة على سبعة باتجاه اليمين. إذن نحن أمام اتجاهات: ® ¬ ® وهذه الاتجاهات تدل على أنه لا مصادفة في كتاب الله تعالى، وأن هذا النظام المبهر ليس من صنع بشر.

إذا ما تأملنا هذه الاتجاهات وكيف انضبطت مع الرقم سبعة، نتساءل: هل هي المصادفة التي جعلت أول جملة في كتاب الله تحوي ثلاثة أسماء لله؟ وهل المصادفة هي التي جعلت حروف كل اسم من هذه الأسماء الثلاثة يتوزع على كلمات الآية بنظام سباعي؟ وهل المصادفة علمت بأن صفة (الرَّحْمنِ) تعاكس صفة (الرَّحِيمِ) فجعلت الأرقام متعاكسة؟

رأينا كيف تتوزع حروف محددة في البسملة بنظام سباعي ولكن السؤال: هل يكفي هذا النظام لتوزع الحروف لضبط وإحكام الآية وحفظها من التحريف ؟ إن هذا النظام كافٍ ولكن من رحمة الله تبارك وتعالى بعباده وضع مزيداً من الدلائل على صدق آياته وأن كل حرف في كتابه معجزة بحد ذاته.

إن الله تعالى هو الذي أنزل القرآن وأحكمه بنظام معجز ليثبت لمن يشك فيه أنه كتاب من عند الله عز وجل القائل: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت: 41/53].

حروف أول كلمة وآخر كلمة

إن النظام الرقمي المُحكَم يشمل أول وآخر البسملة، فأول كلمـة فيها هي (بسم) عـدد حروفهـا 3 وآخـر كلمـة فيهـا هي (الرَّحِيمِ) عدد حروفها 6، لنكتب هذه النتيجة:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

3 6

إنّ العدد الذي يمثل حروف أول كلمة وآخر كلمة هو 63 هذا العدد مضاعفات السبعة:

63 = 7 × 9

إذن أول البسملة يرتبط بآخرها برباط مُحكَم يقوم على الرقم سبعة، وهذا أمر طبيعي لأن أي بناء حتى يكون متماسكاً يجب أن يرتبط أوله بآخره و إلا لانهار البناء! كما أن هذه النتيجة تدل على أن الله تعالى أحكم كتابه العظيم بنظام مُحكَم، وأنه لو قام أحد من البشر بتحريف القرآن وإضافة أو حذف شيءٍ منه لاختل هذا البناء العجيب.


للموضوع بقية
في وقت ٍ لاحق
بإذن الله تعالى

حميد

11 / 9 / 2010


الساعة الآن 02:49 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team