منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات التربوية (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=21)
-   -   معجم القواعد العربية للشيخ عبد الغني الدقر (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=7292)

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:45 AM

-4 - تَصَرُّفُها وعَدَمُه:
هذه الأفعالُ الناقصةُ في التَّصرُّفِ وعدمه ثلاثةُ أقسام:
(الأوَّل) ما لا يَتَصَرَّفُ بِحَالٍ وهو "لَيسَ ودَامَ" (أما يدوم ودم ودائم ودوام فمن تصرفات التَّامة، وهذا عند الفراء وكثير من المتأخرين، أما الأقدَمُون فقد أثبتوا لها مُضارِعاً) .
(الثاني) مَا يَتَصرَّفُ تَصَرُّفاً ناقِصاً وهو "زَال، وفَتئ، وبَرِحَ، وانفَكَّ" فَإنَّها لا يُستَعمَلُ مِنها أمر، ولا مَصدر .
(الثالث) ما يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفاً تَامّاً وهو البَاقِي .
وللتَّصَارِيفِ في هَذينِ القِسمَين المُتَصَرِّفِ تَصَرُّفاً تامَّاً، وناقصاً مَا لِلمَاضِي من العَمَلِ فالمُضارِعِ نحو: {وَلمْ أَكُ بَغِيَّاً} (الآية "20" من سورة مريم "19" ) . والأمر نحو: {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً} (الآية "50"من سورة الإسراء "17" ) . والمصدر كقوله:
ببذْلٍ وحِلمٍ سَادَ في قَوْمِهِ الفَتى * وكَوْنُكَ إيَّاهُ عَلَيكَ يَسِيرُ
("كونك" مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى اسم وهو كاف الضمير للمخاطب و "أياه" خبرُه من جهة نقصانه و "عليك" متعلق بيسير وجملة "يسير" خبره من جهة أنه مبتدأ) .
واسمُ الفاعِلِ كقوله:
وَمَا كُلُّ مَنْ يُبدي البَشَاشَةَ كائناً * أَخَاكَ إذا لم تُلفِهِ لك مُنجِدا
("كائناً" خبر "ما" الحجازية واسمه مستتر فيه "أخاك" خبره) .
-5 - تَوَسُّطُ أخبَارهنّ:
وتَوَسُّطُ أخبَارِ - كانَ وأخَوَاتِها - بَينَهُنَّ وبَينَ أسمَائِهِنَّ جَائِزٌ، قال اللّه تعالى: {وكانَ حَقَّاً عَلَينَا نَصرُ المُؤمِنِينَ} (الآية "47"من سورة الروم "30" )، {لَيسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوُهَكُم} (الآية "177"من سورة البقرة "2" ).
وقال الشّاعر:
لاطِيبَ للعَيشِ ما دَامَتْ مُنَغَّصَةً * لَذَّاتُهُ بادِّكَارِ المَوْتِ والهَرَمِ
("مُنغَّصَةً" خَبرَ دَام مُقَدَّم، و "لذَّاتُه" اسمُها مُؤَخَّر ويجوزُ أن يُقالَ: "لَذَّاتُه" نائبُ عن الفاعلِ بمنغَّصَةَ، واسم دام مُستَتِر فيها على طَرِيقِ التنازع في السَّبَبِيِّ المَرْفُوع) .
وقالَ الآخَرُ:
مَا دَامَ حَافِظَ سِرِّي مَنْ وَثِقتُ به * فهُوَ الذي لَستُ عنه رَاغِباً أبَداً
إلاَّ أنْ يَمنَعَ مِنْ جَوَازِ التَّوسُّطِ مَانِعٌ كَحَصرِ الخَبَرِ، نحو{وَمَا كانَ صَلاَتُهُم عِندَ البَيتِ إلاَّ مُكَاءً} (الآية "35" من سورة الأنفال "8" ) وكَخَفَاءِ إعربهما نحو "كانَ موسى فَتَاكَ" .
وقد يَكُونُ التَّوَسُّطُ وَاجِباً نحو: "كانَ في الدَّارِ ساكِنُها" ولَوْ لمْ يَتَقدَّم الخبرُ على الاسمِ هُنا لَعَادَ الضميرُ على مُتَأَخِّرٍ لَفظاً ورُتُبَةً. فَتَحصَّلَ أنَّ للتَّوَسُّطِ ثَلاثةَ أقسامٍ: قِسمٌ يَجُوز، وقِسمٌ يَمتَنِع، وقسمٌ يَجِب .
-6 - تَقدِيمُ أخبارهنَّ عليهنَّ:
يَجُوزُ تَقديمُ أخبارِ - كانَ وأخواتِها - عَلَيهِنَّ، إلاَّ ما وجَبَ في عَمَلِه تقدُّم نَفيٍ أو شِبهِهِ كـ "زَالَ، وبَرِحَ، وفَتِىء، وانفَكَّ" وإلاَّ "دَامَ وَلَيسَ" تقولُ: "بَرًّا كانَ عَليٌّ" و "صائِماً أصبَحَ خالدٌ"، ولا تَقول: "صَائِماً مَا زَالَ عَليٌّ" ولا "قَائِماً لَيسَ محمَّدٌ" .
-7 - جَوازُ تَوَسُّطِ الخَبَرِ بَينَ "مَا" والمَنفِي بها:
إذا نُفِيَ الفِعلُ بـ "مَا" النَّافِيَةِ جَازَ تَوَسُّطُ الخَبَر بَينَ"مَا" والمَنفِيِّ بها مُطلَقاً، أي سَواءٌ كانَ النَّفيُ شَرْطاً في العَمَلِ أمْ لا نحو "مَا مُقَصِّراً كانَ صَدِيقُكَ" ونحو "وَمَا وَفِيّاً زالَ خَالِدٌ" .
-8 امتناعُ تقديمِ أخبارِ كان وأخَواتِها على "مَا" .
يُمتنعُ تَقديمُ أَخبارِ كان وأخواتِها على "مَا" سَواءٌ أَكَانَتْ لازِمَةً كما في "دَامَ وزَالَ" وأخواتِها، أمْ جَائِزَةً فلا تقول: "صَائماً مَا أصبحَ علىٌّ" ولا "زَائِراً لكَ ما زِلتُ" و "أزُورُكَ مخلِصاً مَا دُمتَ" و "قائِماً ما كانَ عَلِيٌّ" .
-9 امتِنَاع أنْ يَلِيَ هذِه الأفعَالَ مَعمُولُ خبرِها إلاَّ الظَّرْفَ والجارَّ والمَجرورَ:
لا يجُوزُ أَنْ يَليَ الأَفعَالَ النَّاقِصَةَ مَعمُولُ خَبَرِها إلاَّ إذَا كانَ ظَرْفاً أو جَارّاً ومَجرُوراً سَواءٌ أتقَدَّمَ الخَبَرُ على الاسمِ أمْ لا(جُمهور البَصريين يمنَعون مُطلقاً إلا في الظرف والمَجرورِ لما في ذلك من الفصل بينها وبين اسمِها بأجنبي مِنها، والكوفيون يجيزون مُطلقاً، لأن مَعمُول مَعمُولِها في مَعنى معمُولِها، وفَصَّل ابنُ السَّرَّاج والفارِسيّ البَصريان فأجَازَاه إن تَقَدَّم وَحدَه نحو "كان طَعَامَكَ آكِلاً زَيدٌ " لأَنَّ المَعمُول من كَمَال الخَبَر، ومَنَعُوه إن تَقَدَّم وَحدَه نحو "كان طعَامك زَيدٌ آكِلاً" إذ لا يَفصِل بين الفِعل ومَرْفوعه بأجنبي، واحتج الكوفيون بنحو قول الفرزدق:
قَنَافِذُ هَدَّاجُون حَوْلَ بُيوتِهِم * بِمَا كان إيَّاهُمْ عَطِيَّةُ عَوَّدَا
ووجُه الحُجَّة أن"إياهُمْ" معمولُ عَوَّد، وعوَّد خبرُ كان، فقد وَلِي "كانَ" مَعمُول خَبَرها ولَيسَ ظرفاً ولا جَارَّاً ولا مَجرُوراً و "هدَّاجون" من الهَدَجَان وهي مِشيةُ الشَّيخ و "عطِيَّة" أبو جَرير، وخُرِّجَ هذا البيت عن زيادة "كَانَ" أو أنَّ اسمَها ضميِرُ الشَّأن، و "عطِيَّةُ" مُبتَدأ و "عوَّد" الجملةُ خَبَر)، فلا تقول: "كانَ إيَّاكَ علي مكرماً" ولا"كان إيَّاكَ مُكرِماً عليُّ" وتقولُ باتفاق النحاة"كان عندك عليٌّ جالساً" وكانَ في البيت أخوك نائماً".
-10 زِيادَةُ الباءِ في الخبر: تُزادُ الباءُ بكَثرة في خَبَرِ"لَيسَ" نحو: {أَلَيسَ اللُه بكافٍ عَبدَهُ}(الآية "36" من سورة الزمر "39" ) . وقد تُزادُ بقِلَّةٍ بخبر كلّ ناسخٍ مَنفِيٍّ كقول الشَّنفَرى:
وَإن مُدَّتِ الأَيدِي إلى الزَّادِ لم أ كُن * بأعجَلِهم إذ أجشَعُ القَومِ أَعجلُ

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:47 AM

-11 استِعمَالُ هذِه الأفعالُ تامَّة:
قَدْ تُستَعمَلُ هذه الأفعالُ النَّاقصةُ تَامَّةً، فَتَكتَفِي بمَرفُوعِها(اكتفاء "كان وأخواتها" بمرفوعها جعلها تامة، وعدم اكتفائها بمرفوعها جعلها ناقصة، هذا هورأي ابن مالك، وتبعه ابن هشام في توضيحه، أما مذهب سيبويه وأكثر البصريين فإن معنى تمامها دلالتها على الحدث والزمان، ومعنى نقصانها: عدم دلالتها على الحدث، وتجردها للدلالة على الزمان) عن مَنصُوبِها، نحو{وَإن كَانَ ذُو عُسرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيسَرَةٍ}(الآية "280" من سورة البقرة "2" ) أي وإن وُجد أو إن حَصَلَ ذُو عُسرَةٍ ومثلها أخواتها. (=في حروفها) .
-12 كان قد تُفيدُ الاستمرار:
ذكرَ أبو حيَّان أنَّ"كانَ" قد تُفيدُ الاستمرار وذلك في آياتٍ كثيرةٍ منها قولُه تعالى: {كُنتُم خَيرَ أمةٍ أُخرِجت لِلنَّاس}(الآية "110" سورة آل عمران "3" )، {إنَّ اللَه كانَ عليكُم رَقِيباً} (الآية "1" سورة النساء "4" ) {إنَّ كَيدَ الشَّيطانِ كانَ ضَعِيفاً}، (الآية "76" سورة النساء "4" )، {وكانُوا بآيَاتِنَا يَجحِدُون} (الآية "15" سورة فُصلت "41" ).
-13 زيادة "كانَ":
لـ "كانَ" أُمُورٌ تختَصُّ بها، مِنها جَوازُ زِيادَتِها بشَرطَينِ:
(أحدُهما) كونُها بِلَفظِ المَاضِي وشَذَّ قَولُ أُمِّ عَقِيل بنِ أبي وهي تُرقِصُهُ:
أنتَ تكُونٌ مَاجِدٌ نَبِيلُ * إذا تَهُبُّ شَمأَلٌ بَلِيلُ
("أنت" مبتدأ، و "ماجد" خبره، و "تكون" زائدة بين المبتدأ والخبر) .
(الثاني) كَونُها بَينَ شَيئَينِ مُتَلازِمَينِ، لَيسا جارّاًومجرُوراً(ليس المراد بزيادة "كان" أنها لا تَدُل على معنى ألبتة، بل إنها لم يِؤت بها للإِسناد، وإلا فهي دَالَّة على المعنى، ولذلك كثُر زيادَتُها بين"مَا" التَّعَجبية وفعل التعجب لكونه سُلِبَ للدّلالة على المُضيّ)، نحو "ما كانَ أحسَنَ زيداً"، فزاد"كان" بَينَ "مَا" التَّعَجُّبيَّة وفِعلِها، لِتأكِيدِ التَّعَجُّبِ وقول
بعضهم "لَمْ يُوجَدْ كانَ مِثلُهم" فَزَاد"كانَ" بَينَ الفِعلِ ونائِبِ الفَاعِلِ تأكيداً للمضي، وشذَّ زيادتُها بَينَ الجارِّ والمجرور في قولِ الشاعر:
جِيَادُ بني أبي بَكرٍ تَسَامى * على كانَ المسوَّمَةِ العِرابِ
(أنشده الفراء فزاد "كان" بين الجار والمجرور وهما كالشيء الواحد) .
وليس مِن زَيادتِها قَول الفرزدق يَمدَحُ هِشامَ بنَ عبد الملك:
فَكَيفَ إذا مَرَرتَ بدارِ قَومٍ * وجيرانٍ لنا كانوا كِرامِ
("كانوا" هنا ليست زائدة بل هي ناقصة والواو اسمها، و "لنا" خبرها، والجملة في موضع الصفة لجيران، و "كرام" صفة بعد صفة) .
لرفعها الضمير وهو الواو، والزَّائد لا يعملُ شيئاً، خلافاً لمن ذهبَ
(وهما سيبويه والخليل) . إلى زيادتها في البيت .
[14] إذا كان الخبرُ مَاضِياً بـ "كانَ وأخَواتها من الأفعَال":
إذا كان خبر كان وأخَوَاتِها مَاضِياً لا بُدَّ أن يَقتَرنَ بـ "قَد"، ولكنَّ شَواهدَ عِدَّة - كما يقول الرَّضِي - أَتَت من غيرِ "قَد" منها قول زهير بن أبي سُلمى :
وكَانَ طَوَى كَشحاً على مُستَكنَّة * فلا هو أبدَاها ولم تتقدَّمِ ويَعودُ الضميرُ بـ "كانَ" و "طَوَى" على حُصَين بن ضَمضَم ٍ.
ومثله في "أضحى" وقولُ النابِغة الذُّبياني :
أضحت خَلاَءً، وأضحَى أهلها احتَملُوا * أخنى عَلَيها الذي أَخنى على لُبَدِ
-15 - حَذفُ "كان":
قد تحذف"كان" وذلك في أربعة أوجَه:
(أحدها) أن تُحذف مع اسمها ويَبقَى الخبرُ، وكثُر ذلك بعد "إن ولَو" الشَّرطِيتين، فمثال "إن" : "سِر مُسرِعاً إن راكباً وإن مَاشِياً" . التَّقدير: إنْ كُنتَ راكباً، وإنْ كنتَ مَاشِياً، وقول ليلى الأَخيلية:
لا تقربنَّ الدَّهر آلَ مُطَرَّفٍ * إنْ ظالما أبدا وإنْ مَظلُوما
أي إنْ كُنتَ ظالماً، وإنْ كُنتَ مظلوماً، ومثلُه قولهم "النَّاسُ مَجزِيُّونَ بأَعمالهم إن خيراً فخير، وإنْ شرّاً فشر"
(ويجوز: "إن خير فخيراً" بتقدير، إن كان في عملهم خيرٌ، فيجزون خيراً ويجوز نصبُهم معاً بتقدير؛ إنْ كان في عملهم خيراً، فيجزون خيراً، ورفعهما معاً بتقدير: إن كان في عملهم خيرٌفجزاؤهم خير، والوجه الأرجح الأول، حذف كان مع اسمها، والثاني رفع الأول ونصب الثاني أضعفها، والأخيران متوسطان) .
أي إنْ كانَ عَمَلُهم خَيراً فجزاؤهم خير، ومثال "لَو" قوله (ص): "التَمِسْ وَلَو خاتماً مِنْحَديد" أي الَتمس شيئاً، ولو كان الملَتَمسُ خَاتَماً من حديد، وقول الشاعر:
لا يَأمنِ الدَّهرَ ذُو بَغيٍ ولو مَلكاً * جُنُودُهُ ضَاقَ عنها السّهلُ والجَبل
أي ولو كانَ صاحبُ البغي مَلِكاً ذا جُنُودٍ كثيرةٍ، وتقول: "ألا طعامٌ وَلَوْ تَمراً" (فيما إذا كان ما بَعد "لو" مندرجاً فيما قيلها فالطعام هنا أعم من التمر، وجوز سيبويه في مثل هذا الرفع بتقدير: ولو يكون عندنا تمرٌ). ويقل الحذفُ المذكورُ بدون "إنْ ولَوْ" أنشد سيبويه: من لَدُو شَوَّلاً فإلى أتلائها (هذا من الرجز المَشطور، وهو مِثلُ المثل بين العرب، وقوله "من لـ دُ" أصله من لدن "شولاً" قيل هي مصدرُ شَالتِ النَّاقة بذنبها أي رفعته فهي شَائِل والجمع شُوَّل كرُكَّع، والتَّقدِير من لدن شالت شولاً، أي بدون أن، وهو الأرجح عند الرضي، ووجود أن عند سيبويه لأن لدى عنده لا يضاف إلى الجملة، وقال سيبويه: على إضافتها إلى الجملة، وقال سيبويه: التقدير من لدن أن كانت شولاً، الشاهد فيه من حذف كان بعد لَدُن، وهو قليل، وفي اللسان: وُجُوٌه أخرى فانظُرها هناك بـ "شول" والأتلاء: جمع تِلو: وهو وَلَدُ الناقَةِ يُفطَم فَيَتلَوها) .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:48 AM

(الثاني) أنْ تُحذَفَ "كانَ" معَ خَبَرِها ويَبقَى الاسمُ وهو ضَعيف، ولهذا ضُعِّفَ "ولو خَاتمٌ" و "أنْ خيرٌ فخير" في المِثَالَين المتقدمين .
(الثالث) أنْ تُحذَف وحدَها، وكَثُر ذلك بعد "أنْ المَصدريَّة" الواقعة في مَوضِعٍ أُريدَ به تَعليلُ فِعلٍ بفعلٍ في مثل قَولهم"أمَّا أنتَ مُنطَلِقاً انطَلقتُ" أصله "انطلقتُ لأَنْ كنتُ مُنطَلِقاً" ثُمَّ قُدِّمَتْ اللاَّم الَّتعليليَّةُ وما بَعدَها على "انطلقتُ" للاخِتصاص، أو للاهِتمام بالفِعلِ فصار "لأنْ كنتَ مُنطلقاً انطلقتُ" ثمَّ حُذِفَت الَّلامُ الجارَّةُ اختِصاراً، ثمَّ حذفت "كانَ" لذلك فانفَضلَ الضَّميرُ الذي هو اسم كان فصارا "أن أنتَ منطِلقاً" ثمَّ زيدَت "ما" للتعويض من "كانَ" وأُدغِمَت النونُ من "أن" في الميم من "ما" فصار"أمَّا أنتَ" وعلى ذلك قولُ العَبَّلس بن مِرداس:
أَبَا خُرَاشَةَ أَمّا أَنتَ ذا نفَرٍ * فإنَّ قَومِيَ لم تأكُلهُمُ الضَّبُعُ
("أبا خرَاشَةَ" منادى، وهي كنية شاعر اسمة "خُفاف بن ندبة"، "النَفَر"هنا: الرَّهط، "الضبُع" السنين المجدبة، وفي قوله "الضبع" تَورية، وذهب الكُوفيون إلى أن "أن" المفتوحة هنا شرطية، ولذلك دخلت الفاء في جوابها، ومعنى المثال المذكور عندهم "إن كنت منطلقاً انطلقت معك" وفي خزانة الأدب: في كتاب النبات للدينوري، وتبعه ابن دريد في الجمهرة: "أبا خُراشَة أمَّا كُنتَ ذا نَفَر"، وعلى هذا فلا شاهد في البيت ، و "مَا" زائدة، ولكن أنشده سيبويه: أمَّا أَنتَ ذَا نَفَرٍ) أي: لِأنْ كُنتَ ذا نَفَرٍ فَخَرتَ، وهو مُتَعَلَّق الجار .
وقَلَّ حَذفُ "كانَ" وَحدَها بدَون "أنْ" المَصدرِيَّة كقول الرَّاعي:
أَزمَانَ قَومِي والجَمَاعةَ كالذي * لزِمَ الرَّحَالة أنْ تَميلَ مَمِيلا
قال سيبويه: أرَادَ أزمانَ كان مع الجماعة .
(الرابع) أن تُحذَفَ مع مَعموليها، وذلك بعد "إن" الشَّرطية نحو: "سَاعِدْأَخاك إمَّا لا" أي إن كنتَ لا تُساعِدُ غيرَه، فـ "ما" عِوضٌ عن"كان واسمِها" وأُدغمت نونُ "إن" فيها، و "لا" هي النافيةُ للخبر .
-16 - حَذفُ نونِ "يكون": يجوزُ حذفُ نون المضارع من "يكون" بشَرطِ كونِه مَجزوماً بالسُّكُونِ، غيرَ متَّصلٍ بضميرِ نَصبٍ، ولا بسَاكِنٍ نحو: {وإِن تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفها} (الآية "40" من سورة النساء "4" و "تك" أصلها "تكون" بالرفع، حذفت الضمة للجازم، والواو لالتقاء الساكنين والنون للتخفيف، ووقع ذلك في التنزيل في ثمانية عشر موضعاً) فلا تُحذَفُ في نحو{مَن تَكُونُ لَهٌ عَاقِبَةُ الدََّار} (الآية "135"من سورة الأنعام "6" )، {وَتَكُونَ لَكُمَا الكِبرِياءُ في الأرضِ} (الآية "78" من سورة يونس "10" ) لانتفاءِ الجزم، لأنَّ الأوَّلَ مرفوعٌ والثّاني منصوبٌ، ولا في نحو {وَتَكُونُوا مِن بَعدِهِ قَوماً صَالِحين} (الآية "9" من سورة يوسف "12" ) لأنَّ جزمه بحذف النون، ولا في نحو: "إن يكُنه فَلَن تُسَلَّطَ عليه"، لاتِّصالِهِ بالضَّميرِ (لأن الضمائر تردُّ الأشياء إلى أصولها) المنصُوبِ، ولا في نحو "لم يكنِ اللّه ليَغفِرَ لَهُم" لاتصاله بالساكن، وَشَذَّ قولُ الخَنجَرِ بن صَخر الأسدي:
فَإنْ لَمْ تكُ المِرْآةُ أبدَتْ وَسَامَةً * فَقَدْ أبدَتِ المرآةُ جيهَةَ ضَيغَمِ
(حذف النون مع ملاقاة الساكن، وهذا الشرط خالف فيه يوسف بن حبيب فأجاز الحذف معه متمسكاً بهذا البيت ونحوه، والجمهور حملوا هذا البيت وغيره على الضرورة، و "الوسامة" الحسن والجمال، فكأنه نظر وجهه في المرآة فلما رآه غير حَسَنٍ تَسَلَّى بأنه يشبه"الضيغم"وهو الأسد. )
* كائِن : بمعنى "كَمْ" في الاستِفهام والخَبَرِ، مركَّب من كافِ التَّشبيه و "أيّ" المُنَوَّنة(ويقول السيوطي: ولو ذَهب ذاهِب إلى أنَّ"كائن" اسم بسيط فالكاف والنون فيه أصلان، وهو بمعنى "كم" لذهب مَذهباً حَسَناً، فإنه أقربُ من دَعوى التركيب بلا دليل) ولهذا جازَ الوَقفُ عليها بالنون، وفيها ثَلاثُ لُغَاتٍ: "كأَين" كعَين، والثانية "كأين" لا همز فيه، والثالث ما ذُكِر وتُوَافِق كائِن "كَمْ" في خمسةِ أمورٍ: الإبهامِ، والافتِقَارِ إلى التَّمييز، والبناءِ، ولُزُومِ التَّصديرِ، وإفادَة التَّكثِير تَارَةً، والاستِفهام أُخرى، وهو نَادِر، قال أُبَيُّ بنُ كَعب لِزِرِّ ابنِ حُبَيش: "كائِن تَقرأ" ونص الحديث: "كائِن تَعُدُّ سُورةَ الأحزاب آيةً" أي كم تَعُدُّها، "قال: ثَلاثاً وسَبعِين" .
وتُخَالفُ "كائِن" "كَمْ" في خَمسةِ أمُور:
(1) أَنَّها مُرَكَّبَةٌ، وكَمْ بَسِيطةٌ على الصحيح .
(2) أنَّ مُمَيِّزَها مَجرُورٌ بمِن غَالِباً، حتى زَعَم ابنُ عُصفور لُزُومَه، ومنه قولُ ذي الرُّمَّة:
وكائِنْ ذَعَرْنَا مِنْ مَهَاةٍ ورَامِحٍ * بلادُ العِدا ليستْ له بِبِلاَدِ
(3) أَنَّها لا تَقَعُ استِفهامِيَّةً عِند الجُمهور .
(4) أنَّها لا تَقَعُ مَجرورَةً خِلافاً لمن جوَّ ز: "بكأيِّنْ تَبِيع هذا" .
(5) أنَّ خَبَرها لا يقعُ مُفرداً . وقَدْ تَعملُ "كائِن" عَمَلَ "رُبَّ" في مَعنى القلة .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:48 AM

* كأَنَّ: من أَخَواتِ "إن" وأحكامُها كأحكامِها (= إن وأخواتها) . وقد تدخُلُ عليها "مَا" الزائدةُ الكافَّةُ، فتكُفُّها عن العَمل وتُهيئِّها للدُّخُول على الجُملةِ الفِعلية نحو {كأنَّما يُسَاقُون إلى المَوْت} (الآية "6" من سورة الأنفال "8" .
ولـ "كَأنَّ" أرْبَعَةُ مَعَانٍ:
(1) التَّشبيه المؤكَّد، وهو الغالبُ المُتَّفَقُ عليه، وشَرَطَ بعضُهم بهذا المَعنى أنْ يكونَ الخَبَرُ جَامِداً نحو "كأن زيداً أسدٌ" .
(2) الشَّكَّ والظنّ، إذا لم يكنِ الخبرُ جامِداً نحو "كأنَّ خَالداً عَالِمٌ بخبر جَارِه" .
(3) التَّحقِيق (ذكره الكوفيون والزجاجي)، نحو قول الحارث بن خالد يَرْثِي هِشامَ بنَ المُغِيرَة:
فأصبَحَ بَطنُ مَكّةَ مُقشَعِرّاً * كأنَّ الأَرضَ لَيسَ بها هِشامُ
(4) التّقريب، نحو "كأنَّكَ بالغَائبِ حَاضِرٌ" و "كأنَّكَ بالفَرجِ آتٍ" .
وإعرابُ هذا: الكاف حَرفُ خِطَاب، والبَاءُ زَائِدة في اسم "كأنَّ"، وقال بعضُهم: الكافُ اسم "كأنَّ " . وفي الأَمثلة: حذف مضاف، والتقدير: كأنَّ زمانَك مُقبِلٌ بالغَائِب، أو كأنَّ زَمَانَك مُقبلٌ بالفَرجِ، والباء: بمعنى "في"، ويجوزُ وُقوعُ "كأنَّ"مع اسمِها وخَبَرِها في مَوضِع وُقوعِ الجُمَل إذا كانَ المعنى على التَّشبِيه، فتقولُ في الصِّفَة: "مَرَرْتُ بِرَجُلٍ كأنَّه جَبَلٌ" . وفي صِلَةِ المَوْصُول: "أقبَلَ الذي كأنَّهُ أسَدٌ" وفي الخبر نحو "هاشِمٌ كأنَّهُ ثَعلبٌ" وفي الحال: "رأيتُ عَمراً كأنَّه قَمَرٌ" ومن الحال قولُه تعالى: {فَمَا لَهُم عَنْ التّذكِرةِ مُعرِضين كأنَّهم حُمُرٌ مُستَنفِرَة} (الآية "49" و "50" من سورة المدثر "74") .
* كَأنْ: مُخَفَّفَةً من "كأنَّ" ولا يختلفُ عَمَلُها عن المشدَّدَةِ ويجوزُ إثباتُ اسمِها، وإفرادُ خَبَرِها كقولِ رُؤْبة:
كأنْ وَرَيدَيه رِشَاءٌ خُلَّبُ
(الوريدان: عِرْقان في الرَّقبة وهو اسمُ "كأنْ" والرِّشاءُ: الحبل وهو خبرها، الخُلَّب: اللِّيف، ورواية هذا الشطر باللسَان هكذا "كأنْ وريداه رشاءًا خُلَّب" قال: ويروى: وريديه على إعمال "كأنْ" وكقولِ باغث بن صُرَيم اليشكري:
ويَوْماً تُوَافِينا بوَجهِ مُقَسَّمٍ * كأنْ ظبيةًٌ تَعطوا إلى وراقِ السَّلم
(يُروى برفع ظَبية على حذفِ الاسم أي كأنَّها وبالنصب على حذفِ الخَبر، أيّ كأنَّ مَكانها ظَبية، وبالجر على الأصل "كظبية" وزيدت "إن" بينهما") .
ويجوزُ حذفُ اسمِها، وإذا حُذِفَ الاسمُ وكانَ الخبرُ جُملةً اسمِيَّةً لم يَحتَج إلى فَاصِلِ كقولِ الشَّاعِر:
وَوَجهٍ مُشرِقِ اللَّوْنِ * كأَنْ ثَدْيَاهُ حَقَّانِ
("ثدياه حقان" مبتدأ وخبر في موضع رفع خبر"كأن" واسمها ضمير الشأن محذوف) .
وإنْ كانَ جُملةً فِعليَّةً فُصِلت بـ "لَمْ" أوْ "قَدْ" نحو {فَجَعَلنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لمْ تَغنَ بالأمسِ} (الآية "24" من سورة"يونس "10" ) ونحو قَولِ الشَّاعر:
لا يَهُولَنَّكَ اصطِلاءُ لَظَى الحَرْ * بِ فَمحذُ ورُها كأنْ قَدْ أَلمَّا
(الهَول: الفَزَع، لَظَى الحَرب: نَارُها، "اصطِلاؤها" لَذعُها، ألمَّ: نَزَلَ) .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:49 AM

* كَأَيٍّ: اسمٌ مُركَّبٌ من كاف التَّشبِيه و "أيّ" المُنَونَة وجاز الوَقفُ عَلَيهَا بالنُّونِ، ولهذا رُسِمَ في المُصحف بالنُّون وهي بمعنى "كم" وتُوافِقُها في خَمسةِ أمُورٍ: الإِبهامِ، والافتِقَارِ إلى التَّميِيزِ، والبِنَاءِ، ولُزومِ التّصدِير، وإفادَةِ التّكثير وهُوَ الغَالبُ نحو {وكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِيُّوْنَ كَثِيرٌ} (الآية "146"من سورة آل عمران "3" ) .
وتخالفُها في خمسةِ أمورٍ:
أَحَدُها: أَنَّ مُرَكَّبَةٌ، وكَمْ بسيطة .
الثاني: أَنَّ مُمِيِّزها مَجرورٌ بـ "مِنْ" غالباً (وقد ينصب تمييزها كقول الشاعر:
اطَّردَ اليأس بالرجاء فكائن * آلِماً حمَّ يسره بعد عسر)
كما مرَّ في الآية . ومِثلُها {وكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحمِلُ رِزقَهَا} (الآية "60" من سورة العنكبوت "29" ).
الثالث: أَنَّها لا تَقَعُ استِفهَامِيَّةً عندَ الجُمهور (وأثبت بعضهم ورودها للاستفهام وهو نادر ولم يثبته إلا ابن قتيبة وابن عصفور وابن مالك واستدل عليه بقول أبي بن كعب لابن مسعود رضي اللّه عنهما "كأي تقرأ سورة الأحزاب آية؟" فقال: ثلاثاً وسبعين) .
الرابع: أَنَّها لا تَقَعُ مَجرُورَةً .
الخَمسُ: أنَّ خَبَرها لا يَقَعُ مُفرَداً بل جُملَةً كما مَرَّ في الآيات .
* كُتَع : جَمعُ "كَتعَلء" في تَوْكِيدِ المُؤَنَّث، يُقال: "اشتَريتُ هذهِ الدَارَ جَمعاء كَتعاءَ"، و "رأيتُ أخَواتِكَ جُمَع كُتَع" . و "رأيتُ القومَ أجمعين أكتَعين" ولا يُقَدَّم "كُتَع" على جُمَع في التأكِيد، ولا يُفرَدُ، وهو مأخوذ من قولهم: "عامٌ كَتِيعٌ" أي مكتَمِل كما قيل .
* كثيراً: من قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللّه كَثِيراً} (الآية "10" من سورة الجمعة "62"): إمَّا أنها صفَةٌ لموصوفٍ مَحذُوفٍ، أو نائبةٌ عن المَصدَرِ فتُعرَبُ إعرابَهُ .
هكذا يقولُ كثيرٌ مِنَ المُعربين، والصوابُ كما يقولُ ابن هشام (مغني اللبيب: ج 2/727): أنَّهُ حالٌ من ضَميرِ مَصدر الفعل، وهو مَذهبُ سيبويهِ، يجوزُ أنْ يكونَ صفةً للمصدرِ كما قدَّمنا ومثلُهُ {فكُلاَ مِنها رَغَدا} (الآية "35" من سورة البقرة "2" ) أي فكُلاَ الأكلَ حالَ كونِه رغداً .
* كِخْ كِخْ : تُكسَرُ الكافُ وَتُفتَح، وتُسَكَّنُ الخَاءُ وتُكسَر، بتَنوينٍ وغيرِ تَنوين وهي اسمُ صوتٍ لزَجرِ الصَّبيِّ وردْعهِ، ويقالُ عند التَقَذُّرِ أيضاً، ففي الحديث "أكَلَ الحسنُ أَوْ الحُسَينُ تَمرَةً مَن تَمرِ الصَّدَقَةِ فقال له النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: كِخْ كِخْ .
* كذَا وكَذَا:
-1 - كِنَايَتها عن العَدد :
يُكنى بـ "كَذَا" عَنِ العددِ المُبهَم قَلِيلِه وكَثِيره .
-2 - تَوَافُقُها مع "كأيِّن" وتَخَالُفُها:
تُوافِق "كَذا" "كأيِّنْ" في التركيب، فإنها مُرَكَّبَةٌ من كافِ التَّشبيه و "ذا" الإِشَارِية، والبناء، والإِبهَامِ، والافتِقارِ إلى التَّميِيز بمفرد .
وتُخَالِفُها في أنَّه يَجبُ في تَمييزها النَّصبُ، وأَنَّها ليس لها الصَّدْر، فلِذلك تَقولُ: "قَبضتُ كذا وكذَا درهماً" . وأَنَّها لا تُستَعمَلُ غَالِباً إلاَّ مَعطُوفاً عليها كقوله:
عِدِ النَّفَس نُعمى بعدَ بُؤساك ذاكراً * كذا وكذا لُطفاً به نُسِي الجَهدُ
(النعمى: النعمة، البؤس: الشدة، الجهد: بالفتح الطاقة، وبالضم المشقة) .
* كَرَبَ: كلمةٌ تَدُلُّ عَلى قُرْبِ الخَيرِ، وتَعمَلُ عَمَلَ كانَ، إلاَّ أنَّ خَبَرَها يجب أنْ يكونَ جُملَةً فِعليَّةً مُشتملةً على فِعلٍ مضارعٍ رافعٍ لضميرِ الاسمِ ويغلبُ فيه أنْ يَتَجَرَّدَ من "أَنْ" كقولِ الشّاعر:
كَرَبَ القلبُ مِنْ جَواهُ يذُوبُ * حينَ قالَ الوُشاةُ هِندٌ غَضُوبُ
ويعملُ من "كَرَبَ" الماضي واسم الفاعل، كقول عبد قيس بن خُفاف البُرْجُمي:
أبُنيَّ إنَّ أباك كارِبُ يَوْمِه * فإذا دُعِيتَ إلى المكارِمِ فاعجَلِ
("كارب" اسم فاعل من "كرب" واسمه مستتر فيه وخبره محذوف وجزم الجوهري في الصحاح: أن كارباً في البيت اسم فاعل كرب التامة من نحو قولهم "كَرَبَ الشتاءُ" إذا قرب) .
(= أفعال المقاربة) .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:49 AM

* كُرِين : مفردها "كُرَة" وهي كل مستدير، وكُرِين: مُلحَقٌ بجمع المذكر السالم، يُعربُ بالواو والنون، أو الياء والنون، يقول عمرو بن كلثوم:
يُدَهدِينَ الرُّؤوسَ كما يُدَهدِي * حَزاوِرَةٌ بأيديها الكُرِينا
(يدهدين: ماضيها: دَهدَى يقال: دَهدى الحجر: دَحرجهُ، الحزاورة: مفردها: حَزوَرَّ: وهو الغلام القوي) .
* كَسَا: فعلٌ ماض ينصبُ مَفعُولَينِ لَيسَ أصلُهما المبتدأَ والخبر نحو: "كَسَوْتُ اليَتِيمَ قَميصاً" .
(= أعطَى وأخَواتها) .
* كَفَّةً كَفَّةً : اسمان مُركَّبانِ مَبنيان على الفتح في محلِّ نصب على الحال في قولك "لقيتُه كَفَّةً كَفَّةً" أي مُواجهة، وذلك إذا استقبلته مواجهةً، وفي حديث الزبير "فَتلقّاه رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم كَفَّةً كَفَّةً" . أي مُواجَهَة، كأن كلَّ واحدٍ مِنهما قد كَفَّ صاحبَه عن مُجَاوزته إلى غيره، أي مَنَعه .
* كُلّ :
-1 - تعريفها:
هي اسمٌ للدَّلاَلةِ على الإِحَاطةِ والجَمع، أو أَجزاءِ الأَفراد، وهي إمَّا نَكِرة نحو: {كُلُّ نَفسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ} (الآية "185"من سورة آل عمران "3" ) وإمّا مُعَرَّفَةٌ نحو: {وكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَرْداً} (الآية "95"من سورة مريم "19" )، ومثال أجزَاء الأَفراد "كُلُّ خَالدٍ مُبَارَكٌ" و "زيدٌ العَالِمُ كلُّ العَالِم" والمراد التناهي، وأنه قد بَلَغَ الغاية فيما يَصفُه به مِنَ الخِصَال .
-2 - أوجُهُ إعرابها:
لإِعرابِها ثَلاثةُ أَوْجه:
(أحدُها) أنْ تكونَ تَوكِيداً لِمَعرِفةٍ وهو مَذْهبُ البَصريّين، وعندهم لاَ يَجوزُتَوْكِيدُ النكِرةِ (واختار ابنُ مالك جوازَ توكيدِ النكِرة المَحدُودة لحصولِ الفائدة بذلك: نحو صمتُ شَهراً كلَّه) سواءٌ كَانَتْ مَحدُودَةً كيومٍ وليلةٍ وشَهرٍ وحَوْلٍ أمْ غيرَ مَحدُودَةٍ كوقتٍ، وزَمَنٍ، وذَلكَ لأنَّ ألفاظَ التوكيد كلَّها مَعَارفُ، سَواءٌ المُضَافُ لَفظاً وغيرُه، فيلزمُ تَخَالُفُهما تَعرِيفاً وتنكِيراً، ولا بُدَّ مِنْ إضَافَتِها إلى مُضمَرٍ رَاجعٍ إلى المؤكَّدِ، نحو: {فَسَجَدَ المَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ} (الآية "30" من سورة الحجر "15" )، وقد يَخلُفُ الضَّميرَ الظَّاهرُ كقولِ عُمرَ بنِ أبي ربيعة:
كمْ قدْ ذكرتُكِ لَوْ أُجزَى بذكرِكُمُ * ياأشبَهَ النَّاسِ كلِّ الناسِ بالقَمَرِ
وأَجَازَ الكُوفِيُّونَ تَوْكِيدَ النكرة ومِنْ تَوْكِيدها بـ "كلّ" على رأي الكُوفيين قولُ العَرْجِي:
نَلبَثُ حَوْلاً كامِلاً كلَّه * لانَلتَقِي إلاَّ عَلى مَنهَجِ
(الثاني) أنْ يكونَ نَعتاً لِمَعرِفَةٍ فَتَدلُّ على كَمَالِهِ، وتجِبُ إضَافَتُها إلى اسمٍ ظَاهِرٍ يُمَاثِلُه لَفظاً ومَعنىً نحو قولِ الأَشهَب بنِ زُمَيلَة:
وإنَّ الَّذي حَانَتْ بفَلجٍ دِمَاؤُهم * هُمُ القَوْمُ كُلُّ القَوْم يا أمَّ خالد
(حانت من الحين وهي الهلاك) .
(الثالث) أنْ تكونَ تَالِيةً للعَوامِلِ ولَوْ كَانَتْ مَعنويَّةً فَتكُونَ مُضَافَةً إلى الظَّاهِرِ نحو {كُلُّ نَفسٍ بمَا كَسَبَبْ رَهِينَةٌ} (الآية "38" من سورة المدثر "74") وغيرُ مُضَافَةٍ نحو: {وكُلاًّ ضَرَبنَا لَهُ الأَمثَالَ (فـ "كُلاًّ" مفعولٌ به لفعل مَحذُوف يدلُّ عليه ضربنا أي أَرْشَدنا كلاً أو وَعظنا) { وكلاًّ تَبَّرْنَا تَتبِيراً} (الآية "39" من سورة الفرقان "25" )، ومن هذا: نِيَابَتُها عنِ المَصدَر، فتكونَ مَنصُوبةً على أَنَّها مَفعولٌ مُطلق نحو: {فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ المَيلِ} (الآية "129"من سورة النساء "4" )، ومنه إضَافَتُها إلى الظَّرف فَتَنصِب على أَنَّها مَفعوُلٌ فيه نحو "سِرْتُ كُلَّ اللَّيلِ" .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:50 AM

-3- أوْجُهُ الإِضَافةِ فيها:
هي ثَلاثةٌ أيضاً:
(الأوَّلُ) أن تُضَافَ إلى الظّاهِرِ وحُكمُها: أنْ يَعمَلَ فيها جميعُ العَوامِلِ نحو "أكرَمتُ كُلَّ أهلِ البَيت .
(الثاني) أنْ تُضافَ إلى ضميرٍ مَحذُوفٍ وحُكمُها كالتي قَبلَها، وكِلاَهُمَا يَمتَنِعُ التَّأكِيدُ به كالآيةِ قَبلها: {وكُلاًّ ضَرَبنَا لَهُ الأمثَالَ} . والتَّقدِير: وكُلَّ إنسَانٍ لأنَّ التَّنوين فيها عِوَضٌ (انظر تنوين العوض) عن المُضافِ إليه .
(الثالث) أنُ تُضافَ إلى ضَمِيرٍ مَلفوظٍ به، وحُكُمها أن تكُونَ مُؤكَّدَة، فإنْ خَرَجَتْعن التَّوْكِيد فالغَالِبُ أنْ لا يَعمَلَ فيها إلاَّ الابتِداء نحو: {وكُلُّهُم آتِيهِ} .
-4 - لَفظُ "كُل" حُكمُه الإِفرادُ والتَّذكير، وحَكَى سيبويه في "كل" التأنيث، فقال: "كلَّتُهُن مُنطَلِقةٌ" ومَعنا "كل" بحَسَبِ ما يَضافُ إليه، فإنْ كانَ مُضَافاً إلى مُنَكَّرٍ وَجَبَ مُراعاةُ مَعنى الجَمع فيه (يقول ابن هشام: وهذا نصَّ عليه ابن مالك ورواه أبو حيان يقول عنترة:
حادت عليه كُلُّ عينٍ ثَرَّةٍ * فتَركنَ كلَّ حديقةٍ كالدرهم
فقال: "فتركن" ولم يقل: تركت، فدَلَّ على جواز "كلُّ رَجُلٍ قائِمٌ، وقَائِمون" يقول ابن هشام: والذي يظهرُ لي خلافُ قَولِهما، وأنَّ المُضَافَ إلى المُفرد إنْ أرِيدَ نسبةُ الحُكم إلى كلِّ واحدٍ وَجَبَ الإِفراد نحو "كلُّ رَجُلٍ يُشبِعُهُ رَغيفٌ" أو إلى المَجمُوع وَجَب الجُمع كبيت عنترة فإن المراد أنَّ كل فرْدٍ مِنَ الأعينِ جادَ، وأنّ مجموعَ الأعين تركنَ، والثرة: الغزِيرَة و أرَاد بالحديقة دَائِرةَ المَاءِ تبقى في الأَرْض بعدَ المَطَر) .
فلذلك جاءَ الضَّميرُ مُفرَداً مُذكراً في نحو: {وكُلَّ شَيءٍ فَعَلُوهُ في الزُّبُرِ} (الآية "52"من سورة القمر"54") وفي نحو قولِ كَعبِ بنِ زُهَير:
كلُّ ابنِ أُنثى وإنْ طَالَتْ سَلاَمَتُهُ * يَوْماً على آلَةٍ حَدْبَاءَ مَحمُول
وجاء مُفرَداً مُؤَنَّثاً في قوله تَعَالى: {كُلُّ نَفسٍ بمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (الآية "38" من سورة المدثر "74")، و {كُلُّ نَفسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ} (الآية "185" من سورة آل عمران "3" )، وجاءَ مُثَنَّى في قَوْلِ الفَرَزْدَق:
وكلُّ رَفيقَيْ كُلِّ رَحلٍ - وإِنْ هُما * تَعَاطَى القَنا قَوْمَاه مَا - أخَوانِ??
(كل في "كل رحل" زائدة كما يقول ابن هشام) وجَاءَ مجمُوعاً مُذكَّراً في قوله تعالى: {كُلُّ حِزْبٍ بما لَدَيهِم فَرِحُون} (الآية "54"من سورة المؤمنون "23" ) .
وقول لبيد:
و كُلُّ أُنَاسٍ سَوْفَ تَدْخُلُ بَينَهم * دُوَيهِيَةٌ تَصفَرُّ مَنها الأَنامِلُ
وإن كانتْ "كلُّ" مُضَافَةً إلى معرفةٍ فالصَّحِيحُ أنَّه يُراعَى لفظهما فلا يَعُودُ الضَّمِيرُ إليها من خبَرِها إلاَّ مُفرَداً مُذَكَّراً على لَفظِها نحو: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَرْداً} (الآية "95"من سورة مريم "19" )، وفي الحديث القُدْسِيّ وغيره: "يَا عِبَادي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلاَّ مَنْ أَطعَمتُه"، و "كلُّكُمْ رَاعٍ وكُلُّكُمْ مَسؤُؤلٌ عَنْ رَعِيَّته" و "كلُّنَا لَكَ عَبدٌ". فَإنْ قُطِعَتْ عَنِ الإِضَافَةِ لَفظاً فالصَّوابُ أن المقدَّر يكونُ مُفرداً نَكِرَة وعندها يَجِبُ الإِفراد كما لَوْ صَرَّحَ بالمُفرد، ويكونُ جَمعاً معرَّفاً وعند ذلِك يجبُ الجَمعُ، وإنْ كانت المَعرِفةُ لوْ ذُكِرَت لوجبَ الإِفراد، ولكن فَعَلَ ذلك تَنبِيهاً على الحال المحذوف فيهما .
فالأوَّلُ نحو: {كُلٌّ يَعمَلُ على شَاكِلَتِهِ} (الآية "84"من سورة الإسراء "17" ) و{كُلٌّ آمَنَ باللّهِ} (الآية "285"من سورة البقرة "2" ) إذ التَّقدير: كُلُّ أحَد .
والثَّاني نحو: {كُلٌّ لَهُ قَانِتُون} (الآية "116"من سورة البقرة "2" ) و{كُلٌّ في فَلَكٍ يَسبَحُون} (الآية "33" من سورة الأنبياء"21") .
-5 - ويَجوزُ نَعتُ "كلّ" والعَطفُ عَليها:
يجوز أنْ تُنعَتَ "كلّ"أوْ يُضافَ إليه، تَقُول "كُلُّ رَجُلٍ ظَرِيفٌ في الدَّارِ" يَجوز الرّفع نَعتاً لـ "كل" ويَجُوزُ الخَفضُ نَعتاً لـ "رَجُلٍ" وكَذَلِكَ العَطفُ كقول: "كُلُّ مُعَلِّمٍ وتلميذٌٍ عندك" يجوز الرفع عَطفاً على "كل" والجر عطفاً على "مُعَلِّمٍ" .
* كِلاَ وكِلتَا: اسمَان يُعرَبَانِ تَو "كيداً لِلمُثَنَّى، وقَدْ يُعرَبَان على حَسَبِ مَوَاقِعِ الكَلامِ، وليس "كل" أصلاً لهما، ويُلحَقَانِ بالمُثَنَّى ويُعرَبانِ إِعرَابَه إنْ أُضِيفَا إلى الضَّمِيرِ، وَإِنْ أُضِيفَا إلى الظَّاهِرِ أُعرِبَا إعرابَ المَقصُورِ، وهما مُفردانِ لَفظاً، مُثَنَّيَانِ مَعنىً مُضافانِ أبَداً لَفظاً ومَعنىً إلى كلمةٍ وَاحِدَةٍ مَعرِفَةٍ دَالَّةٍ على اثنين، والأَكثَرُ فيهما مُرَاعَاةُ اللَّفظِ، وبه جاءَ القُرآن نَصّاً في قَولِه تَعالَى: {كِلتَا الجَنَّتَينِ آتَتْ أُكُلَها ولَمْ تَظلِم مِنه شَيئاً} (الآية "33" من سورة الكهف "18" ) وقد اجتَمَعَ مُراعَاةُ اللَّفظِ والمَعنى في قولِ الشَّاعر يَصِفُ فَرساً:
كِلاهُمَا حِينَ جَدَّ الجَرْي بَينَهُما * قَدْ أقلَعا وكِلاَ أنفَيهما رَابي
فثَنَّى "أقلَعا" مُرَاعاةً لمعنى كلا، وأفرَدَ "رَابِي" مُراعَاةً لِلَّفظِ وهو الأكثر .
* (= الإِضافة، والتوكيد، والمثنى) .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:50 AM

* كلاَّ: قال سيبويه: "وأمَّا كَلاَّ فَرَدْعٌ وَزَجر" لامَعنَى لها عندهم (أكثر البصريين وسيبويه والخليل والمبرد والزجاج) غَيرُ ذَلِكَ، حتى إنهمُ يُجيزُونَ أبَداً الوُقُوفَ عَلَيها، والإِبتِدَاءَ بمَا بَعدَهَا، وهُنَاك مَنْ يَرَى أَنَّها قد تَأتي لِغَيرِ الرَّدْعِ والزَّجرِ فتكون بمَعنَى حَقَّاً (يرى ذلك الفراء في قوله تعالى {كلا والقمر}) نحو: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأبرَارِ} (الآية "18" من سورة المطففين "83")، وبَعضُهُم يَرَى أنها قَدْ تأتي بمعنى "أَلاَّ" الاستفتاحية .
وقال بعضهم: كلاَّ : تنفي شيئاً وتوجِبُ غيره . وأقربُ ما يُقال في ذلك - كما يقولُ ابن فارس - أنَّ كَلاَّ تَقَعُ في تصريفِ الكلامِ على أرْبَعة أوْجُهٍ: الرَّدُ، والرَّدْعُ، وصلة اليمين، وافتتاح الكلام بها كألاَّ، وأتى بأمثِلَةٍ من القرآن على هذه الأقوال (انظر كتاب ابن فارس في كلا) .
* الكلام: هو القَوْلُ المُفِيدُ بالقَصد، والمُرَادُ بالإِفادَةِ: ما يَدُلُّ على مَعنىً يَحسُنُ السُّكُوتُ عليه، وأقلُّ ما يَتَألَّفُ الكلامُ من اسمَين نحو "العِلمُ نُورٌ" أو مِنْ فِعلٍ واسمٍ نحو: "ظَهَرَ الحَقُّ" ومنه "استَقِمْ" فإنَّه مُرَكَّبٌ مِن فِعلِ الأَمر المَنطُوقِ به، ومن الفَاعِل الضَّميرِ المُخَاطَب المُقَدَّر بأنتْ، ويقولُ سيبويه في استِقَامَة الكلام وإِحَالَتِه: فـ مِنه مُستَقِيم حَسَن، ومُحَالٌ، ومُستَقِيم كـ ذِبٌ، ومُستَقِيمٌ قَبِيح، وما هو مُحَالٌ كَذِبٌ .
فأمَّا المُستَقيم الحَسَن فَقَوْلُك: "أَتَيتُكَ أمسِ، وسَآتِيكَ غَداً" .
وأمَّا المُحَال، فَأَنْ تَنقُضَ أوَّل كَلاَمِكَ بآخِرِه فَتَقُول: "أتَيتُكَ غَدَاً وسَآتيك أَمس" .
وأمَّا المُستَقيم الكَذِب فَقَولُك: "حَمَلتُ الجَبَل" و "شرِبتُ مَاءَ البَحر" ونحوه .
وأمَّا المستقيم القَبِيح فأن تَضَعَ اللَّفظَ في غير مَوْضِعه نحو قولك: "قَدْ زَيداً رَأَيت" و "كي زَيداً يَأتِيك" وأشبَاه هذا .
وأمَّا المُحَال الكَذِب فأنْ تَقُولَ: "سوف أَشربُ ماءَ البَحرِ أمسِ" .
* الكَلِمة:
-1 - تَعرِيفها:
لَفظٌ وُضِعَ لِمَعنىً مُفرَد (وقد تطلق "الكلمة" لغةً ويُرادُ بها الكلام مثل قوله تعالى: {كلا إنَّها كلمة هو قائلها} إشارة إلى قوله تعالى حِكايةً عن الإنسان {رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت} من الآيتين "99 و 100"من سورة المؤمنين "23" )، وأَقلُّ ما تَكُون عليه الكلمة حَرْفٌ وَاحِدٌ، فمِمَّا جَاءَ عَلى حَرْفٍ مِنَ الأسماء: تَاء الفاعِل في مثل "قُمتُ" والكافُ في نحو "أكرمتُكَ" والهَاءُ في نحو "مَنَحتُه" ومن الأَفعَال تقول "رَ" بمعنى انظُر، و "ق" من الوِقَاية .
* الكَلِم: هو اسمُ جِنسٍ جَمعي، واحِدُه كَلِمَة، ولا يَكُونُ أَقَلَّ من ثَلاثِ كَلِمَاتٍ، أفَادَ أَم لَمْ يُفِد، وهو اسمٌ، وفِعلٌ، وحَرْفٌ جاء لمعنىً .
* كُلَّما: هي "كُل" دَخَلَتْ عليها "مَا" المَصدَرِيَّةُ الظَّرْفِيَّةُ وقيل "مَا" نَكِرَةٌ مَوصُوفَةٌ بمعنى وَقت فأَفَادت التكرَار نحو: {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا} (الآية "25" من سورة البقرة "2" ) ولا تدَْخُلُ إلاَّ على الفِعلِ المَاضِي، وهي مَبنِيَّةٌ عَلى الفَتحِ في مَحَلِّ نَصب على الظَّرفيَّة والعامِلُ فيها جَوابُها وهو فِعلٌ مَاضٍ أيضاً .
* كَمْ : هي اسمٌ يقع على العَدَد، وهي على قسمين:
(1)استِفهاميَّة بمعنى: أيُّ عَددَ .
(2) خَبَريَّة بمعنى: عَدَدٌ كَثِيرٌ ، أو هي بمعنى "رُبَّ" .
-1 - اشتراك "كم" الاستِفهامِيَّة مع الخبرية وذلك في سبعة أمور:
(1)كَونُهما كِنَايَتَينِ عَنْ عَدَدٍ مَجهُولِ الجِنسِ والمِقدَارِ .
(2) كَوْنُهما مَبنِيَّين على السكون .
(3) الافتِقَارُ إلى التمييز .
(4) جَوازُ دُخولِ "مِنْ" على تَميِيزِهما، فَفي الاستِفهَامِيَّةِ قولُه تَعَالى: {سَل بَنِي إسرَائِيل كَمْ آتَيناهم مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ}، وفي الخَبَرية قولُه تَعَالى: {وَكَمْمَنْ ملك في السَّمَوَاتِ} {وَكَمْ مَنْ قَرْيَةٍ} وأنكَر الرَّضيُّ دُخُول "مِنْ" على تَميِيز الاستِفهامِيَّة والآيةُ صَرِيحةٌ بالجواز .
(5) جَوَازُ حَذْفِ التَّميِيز إذا دَلَّ عليه دَليل .
(6) لَزُومُ تَصَدُّرِهما، فلا يَعمَلُ فِيهِما مَا قَبلَهما إلاَّ المُضَافُ وحَرْفُ الجر .
(7) اتِّحادُهُما في وُجُوهِ الإِعراب من جَرٍّ ونَصبٍ ورَفعٍ .
-2 - افتِراقُ كَمْ الاستِفهَامِيَّة عن الخَبَرِيَّة، وذَلِكَ في ثَمانِيَةِ أُمُورٍ:
(1) أَنَّ تَميِيز "كَمْ" الاستِفهَامِيَّة مُفرَدٌ مَنصُوبٌ نحو "كَمْ بَيتاً حَفِظتَ؟" ويجُوزُ جَرُّ تَميِيزها بـ "مَنْ" مُضمرةٍ جَوَازاً إنْ جُرَّتْ "كَمْ" بِحرْفٍ، نحو "بكَمْ دِينَارٍ اشتَرَيتَ عَبَاءَتك؟" وتقول: "كمْ أَوْلادُك؟" لَيس إلاَّ الرَّفعُ لأَنَّه مَعرفَةٌ، ولا يَكُون التَّميِيزُ مَعرِفة .
أمَّا "كَمْ" الخَبَرية فتُمَيَّزُ بمجرورٍ مُفرَدٍ، أو مَجمُوعٍ نحو "كَمْ مَصَاعِبَ اقتَحَمتُها" و "كَمْ فَارِسٍ غَلَبتُ" والإِفرادُ أكثرُ وأَبلغُ .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:51 AM

(2) أنَّ الخَبَرية تختَصُّ بالمَاضِي كـ "رُبَّ" فلا يَجُوزُ "كمْ دُورٍ لي سَأَبنِيها" ويجوزُ "كم شَجَرَةً سَتَغرِس؟" على الاستفهام .
(3) أنَّ المُتَكَلِّمَ بالخَبَرِيَّة لا يَستّدْعي جَوَاباً من مُخَاطَبِهِ بِخِلافِ الاستِفهَاميَّةِ .
(4) أنّ المُتَكَلِّمَ بالخَبَرِيَّة يَتَوَجَّه إليه التَّكذِيبُ والتَّصدِيقُ .
(5) أنَّ المُبدَلَ مَن الخَبريَّة لا يَقتَرِنُ بِهَمزَةِ الاستفهام، تقول: "كَمْ رِجَالٍ في الدارِ عِشرون بل ثَلاثُون" . ويقالُ في الاستِفهامِ "كَمْ مالُكَ أعِشرونَ أَلفاً أمْ ثَلاثُونَ؟" .
(6) يجوزُ أن تَفصِل بين "كَمْ" الاستفهامية وبين مَا عَمِلتْ فيه بالظرفِ والجار فتقول "كَمْ عِندَك كتاباً" و "كمْ لك مالاً" أمَّا الخبرية، فإنْ فُصِلَ بينَها وَبينَ مَعمولِهَا وهو تَميِيزُها المُجَرَّدُ اختِير نَصبُه وتَنوِينُهُ، لأَنَّ الخَافضَ لا يَعملُ فيما فُصِل مِنه، تقولُ في الظرف: "كَمْ يَومَ الجمعةِ رجُلاً قَدْ أتاني" و "كمْ عِندَك رَجُلاً لقيتُه" وكذلك الجارُّ والمَجرُور في قولِ الشاعر:
كَمْ نَالَنِي مِنهُمُ فَضلاً عَلَى عَدَمٍ * إذْ لا أَكادُ مِنْ الإِقتَارِ أحتَمِلُ
(7) إنَّ الاستِثنَاءَ إذا وَقَع بعد الاستِفهَامِيَّة يُعرَب بَدَلاً من "كم" مَرْفوعةً كانَتْ أَو مَنصُوبَةً أَو مَجرُورَةً، وإذا وَقَعَ الاستِثنَاءُ بعدَ الخَبَريَّة فينصب على الاستِثنَاء فَقط .
(8) "كَمْ" الخَبَرية يُعطَف عليها بـ "لا" فـ يُقال "كَمْ مَالُكَ لا مِائِةٌ ولا مِئتَان" و "كَمُ دِرْهمٍ عِندي لا دِرْهمٌ ولا دِرْهمان" لأَنَّ المعنى: كثيرٌ من المال، وكثيرٌ من الدَّراهم، لا هذا المقدار، بل أكثر منه، ولا يَجُوزُ العطف بـ "لا" في "كَمْ" الاستفهاميَّة، لأنَّ "لاَ" لا يُعطَفُ بها إلاَّ بعدَ مُوجِبٍ، لأنَّها تَنفي عن الثاني ما ثَبَت للأوَّل .
* كَمَا: مُرَكَّبَةٌ من كَلِمَتَين: "كافِ" التَّشبِيهِ أو التَّعلِيل و "ما" الاسمِيَّةِ أو الحَرْفِيَّة، فالاسمِيَّةُ: إمَّا مَوْصُولةٌ أو نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ نحو "ما عِندي كما عِندَ أَخِي" أي: كالذِي عِند أَخِي، أو كَشَيْءٍ عِند أخي، فالمثالُ يحتملُ الموصولة والمَوْصُوفة و "ما" الحرفيَّة ثلاثة أقسام: مَصدريَّةٌ، وكَافَّةٌ، وزَائِدَةٌ مُلغَاةٌ، فالمصدَرِيَّةُ نحو "كَتَبتُ كَمَا كَتَبتَ" أي كَكِتَابَتِكَ والكَافَّةُ كَقَوْل زِيادِ الأعجَم:
وأعلَمُ أَننِي وأَبا حُميدٍ * كما النَّشوانُ و الرَّجُلُ الحَليمُ
أرِيدُ هِجَاءَهُ وأَخافُ رَبِّي * وأعرفُ أنَّه رجُلٌ لَئيمُ
و "ما" الزَّائِدَة المُلغاة كقولِ عمروِ بنِ برّاقة الهمذاني:
ونَنصُرُ مَوْلانا، ونَعلَمُ أَنَّهُ * كَمَا النَّاسِ مَجرُومٌ عليهِ وجارِم
بجَرِّ "النَّاسِ" أي كالنَّاسِ و "ما" زائدة .
* الكُنيَة: كلُّ مَا صُدِّرَ بأبٍ أو أمٍّ كـ "أبي القَاسِمِ" و "أُمِّ البَنِين" (= العَلَم 12 و 13) .
* كَيْ التَّعلِيلِيّة: حَرْفُ جَرٍّ يَجُرُّ ثلاثةَ أشياء:
(1) أَنْ المَصدَرِيَّة المُضمَرةَ وَصِلَتَها، (2) مَا الاستِفهَامِيَّة، (3) مَا المَصدَرِية، فالأَوَّلُ، نحو "جِئتُ كَيْ أُكرمَ أخي" إذا لم نُقَدَّرْ اللاَّم بكي فـ "أكرمَ" منصوبٌ بأنْ مضمرةً بعد كي لا بكي نَفسِهَا، وأنْ المضمرةُ وصلتُها في تأويل المصدر في محلِّ جر بكي .
وتتعين أن تكونَ "كي" للتَّعليل إنْ تأخَّرت عنها "اللاَّم" أو ظَهرَتْ "أنْ" "اللاَّم" كقول قيس الرُّقَيّات:
كَيْ لِتَقضِيَني رُقَيَّةُ مَا * وَعدَتنِي غَيرَ مُختَلِسِ
و "أن" كقول جميل:
فقالتْ أَكُلَّ الناسِ أصبَحتَ مَانِحاً * لِسَانَكَ كَيما أَنْ تَغُرَّ وتَخدَعَا
والثاني: جرّها لِـ "مَا" الاستفهاميَّة فإنَّهُ يستفهم بها عن علةِ الشيء نحو "كَيمَه" بمعنى: لِمَه .
والثالث، جرها "مَا" المَصدَرِيَّة مع صِلَتِها كَقَولِ النَّابغة:
إذا أَنتَ لَمْ تَنفَعْ فَضُرَّ فإنَّما * يُرَجَّى الفَتَى كيمَا يَضُرُّ ويَنفَعُ
أي للضر والنَّفعِ، وقيل "مَا" كافَّة .
* كَيْ المصدريّة الناصبة: وهي التي يُنصَبُ بها المُضارعُ ويُؤَوَّلُ بالمصدر، وهذه تكونُ لسَبَبِيَّةِ ما قَبلَها فيما بَعدَهَا نحو: "علَّمتُكَ كَيْ تَرْقَى" وشَرْطُها لتكونَ مَصدريَّةً أنْ يَسبِقَها "لامُ التَّعليلِ" لَفظاً نحو: {لِكَيلا تَأسَوْا على مَا فَاتَكُمْ}(الآية "23" من سورة الحديد "57") أو تَقدِيراً كالمِثَالِ السَّابق فإنَّ تَقدِيرَه: "عَلَّمتُك لِكَيْ تَرْقَى" فـ "كي" وما بعدَها في تأويلِ المصدر في محلِّ جر باللاَّم الظَّاهرة في: {لِكَيلاَ تَأسوا} وفي محل جر باللاَّم المقدرة في "علمتُكَ كي تَرْقَى" .
فإنْ لم نُقدر اللاَّم فهي تَعلِيليَّة .
(= كي التَّعلِيليَّة) .
* كيتَُ وكيتَُ: يُقَالُ: كان مِنَ الأمرِ "كَيتَ وَكَيتَ" وهي كِنَايَةٌ عن القِصَّة، أو الأُحدُوثة، وفي الحديث: "بِئسَ مَا لأَحَدِكم أنْ يقولَ: نَسيت آيَة كَيتَ وكَيت" .
وقيل: إنَّها حكايةٌ عَنِ الأَحوال والأَفعال، وتَقُول "كانَ مَنَ الأمرِ كَيتَ وكَيت" (كان: شأنية، اسمها ضمير الشأن، وخبرها: كيت وكيت، ومن الأمر: بيان يتعلق بأعني مقدراً) .
* كَيفَ الاستِفهَامِيَّة:
-1 - هي اسمٌ مُبهَم غير مُتمكِّن، يُستَفهَمُ بِه عنْ حَالَةِ الشَّيء مَبنِيٌ على الفَتحِ .
والاستِفهَامُ بِها إمَّا حَقِيقيٌّ نحو: "كَيفَ زَيدٌ؟" . أو غيرُ حَقِيقيٍّ نحو {كَيفَ تَكفُرُونَ بِاللَّهِ} (الآية "28" من سورة البقرة "2" ) .
فإنَّهُ أُخرِجَ مُخرَجَ التَّعَجُّبِ .
-2 - إعرابُها:
تَقَعُ "كيفَ" "خَبَراً" مُقّدَّماً قَبلَ مَا لاَ يَستَغنِي، إمّا عنْ مُبتَدَأ نحو "كَيفَ أنتَ" أو خَبراً مُقَدَّماً لـ "كَانَ" نحو "كَيفَ كُنتَ" أومَفعُولاً ثَانِياً مُقَدَّماً لِـ "ظَنَّ" وأَخَواتِها نحو "كَيفَ ظَنَنتَ أَخَاك" أو مَفعُولاً ثالِثاً لِـ "أَعلَمَ" وأخواتها نحو "كيفَ أُعلِمتَ فَرَسَكَ" لأنَّ ثاني مفعولِ ظنَّ وثالثَ مفعولات أعلمَ خبرُ إنَّ في الأَصل، وقَدْ تدخُل على "الباء" من حُروفِ الجر فتكون حرفَ جرٍّ زَائِدٍ تقول: "كيف بِخَالدٍ" فـ "كيفَ" في مَحَلِّ رَفعِ خَبَر مُقَدَّم و "بخالدٍ" الباءُ زَائِدة و "خالِد" مُبتدأ مَنَع من ظُهُور الضَّمَّة فيه حَرْفُ الجَرِّ الزَّائِدِ، وقد تَكُونُ في مَحَلِّ نَصبٍ مَفعُولاً مُطلَقاً وذلك في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بأصحَابِ الفِيلِ} (أول آية في سورة الفيل) وفعلُه "فَعلَ رَبُّكَ" لا "أَلَمْ تَرَ" . وتَقَعُ "حَالاً" قَبلَ ما يستَغني ويَتمُّ به الكلام نحو "كَيفَ مَضَى أَخُوكَ" أيِّ حَالٍ مَضَى أَخُوكَ .
* كَيفَ الشّرْطِيّة: تَقتَضِي فِعلَينِ مُتَّفِقَي اللَّفظِ والمَعنى غير مَجزُومَين نحو: "كَيفَ تَصنَعُ أَصنَعُ" ولا يجوزُ "كَيفَ تَجلِسُ أذْهَبُ" باتَّفاق، ولا "كَيفَ تَجلِسْ أَجلِسْ" . بالجزم .
* كَيفَما: لم يَذْكُرْها سيبويه ولا المُبرِّدُ من أَدَوَات المُجَازَاةِ التي تَجزِمُ فِعلَين، وقال ابن بَرِّي: لا يُجازَى بـ "كيفَ" ولا بـ "كيفما" عِند البَصريين، ومن الكوفيين من يُجازِي بـ "كيفما" .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:52 AM

بَابُ اللاّم
* لا الحِجَازِيّة : وهي التي تَعمَلَ عَمَلَ لَيسَ قَلِيلاً عِندَ الحِجَازِيّين، ولا تَعملُ عِندَ التَّميمِّيين، وتحتمِلُ أَنْ يُرَا دَ بهَا نفي الوَحدة أو نَفيُ الجِنس .
ويُشتَرط في إعمالها الشروطَ في "ما"الحِجَازِية ("ما" الحجازية ) .
ما عَدَا زِيادَةَ "إن" فإنَّها لا تُزَاد بعدَ "لا" أَصلاً . والغَالِبُ في خَبَرِ"لا" أن يَكُون مَحذُوفاً نحو قولِ سعدِ بنِ مالك جَدِّ طَرَفَةَ بنِ العَبد:
مَنَ صَدَّ عَن نِيرَا نِها * فأنا ابنُ قَيسٍ لابَراحُ ("من صد"من شرطية والضمير في "نيرانها" يرجع إ لى الحرب) .
فـ "براحُ" اسم لا، وخبرها محذوف ، والتقدير: لا براحُ لي .
وقد يُذكَرُ الخَبر صَرِيحاً نحو قولِ الشاعر:
تَعَزَّ فلا شيءٌ على الأَرض باقِيا * ولا وَزَرٌ مما قَضَى اللَّهُ واقِيا
ومن شُرُطِها - عِندَ الأَكثَرِين - أن يَكُونَ المَعوُلان نَكِرَتَين كهذا ومن شُرُوطِها - عِندَ الأََكثرِين - أن يَكُونَ المَعمُولان نَكِرَتَين كهذا البَيت: تَغَزِّ .
وخالَفَ في هذا ابن جني ودليلُه قولُ النابغة:
وحَلَّتْ سَوادَ القَلبِ لا أَنَا بَاغِياً * سِواها، ولا عَنْ حُبِّها مُتراخِيّاً
وعَليه قولُ المتنبي:
إذا الجُودُ لم يُرزَق خَلاصاً من الأَذى * فلا الحَمدُ مَكسوباً ولا المالُ بَاقيا
وقد لَحَّنَ المتنبي من زعم أن لا الحجازية لا تعمل إلاّ في نكرة، وقَد تُزَادُ بِقِلّةٍ الباءُ في خبر "لا" كقول سَوَا دَةَ بنِ قَارِب:
وكُنْ لي شَفيعاً يومَ لا ذُو شَفَاعةٍ * بمُغنٍ فَتِيلاً عَن سَوَادِ بنِ قَا رِب
* لا حَرفَ جواب : أي تَنفِي الجوابَ، وهذه تُحذَفُ الجُمَلُ بَعدَها كثيراً ، يُقَال: "أ جَاءَكَ زَيدٌ" فَتَقُول: "لا" والأَصلُ : لا، لَم يَجئ .
* لا الزائدة: قد تأتي زَائِدةٍ وتُفِيدُ التُوكِيد نحو قوله تعالى:
{لِئلاَّ يَعلم أهلُ الكِتابِ ألاَّ يَقدِ رُون عَلى شيئ} (الآية "29" من سورة الحديد"56") .
أ ي لِيعلَم، وقال الرَّاجِزُ وهو أبو النَّجم :
ومَا أَلُومُ البيضَ أَلاَّتَسخَرا * لَمَّا رَأَّينَ الشَّمَطَ القَفَندرَا
(الشمَط : الشيب، القَفَندر : القبيح المنظر) .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:53 AM

* لا العَاطِفَة : يُعطَفُ بـ "لا" لإِخراج الثَّانِي مِمَّا دَخَلَ فيه الأوَّل، ولها ثَلاثَةُ شُرُوط:
(أ) إفرادُ مَعطُوفيها .
(ب) أن تُسبَقَ بإيجَابٍ، أو أمرٍ، أو نِدَاءٍ .
(ج) ألا يَصدُقَ أحَدُ مَعطُوفيها على الآخر نحو " هذا بلَدٌ خِصبٌ لا جَدبٌ" "إلبَسِ القميصَ الأَبيَضَ لا الأزرَقَ" "يا ابنَ أَخِي لا ابنَ عَمِّي " "اشتَريت ضيعَةً لا داراً" ولا يجوز نحو "اشتَريت ضيعةً لاأَرضاً" لأَنَّ الأرضَ تصدُقُ على الضَّيعةِ، والضَّيعَةُ تصدُقُ على الأرض .
* لا عَليكَ: "لا" نافية للجنس، واسمها مَحذُوفٌ، التَّقديرُ : لا بأسَ، و "علَيك" متعلق بمحذوف خير، وحَذفُ اسمِ "لا" الجنسية نادِر.
(= لا النافية للجنس 8)
* لا النَّافِيَة : إذا وقَعَت على فِعل نَفَته مُستَقبلاً، وحَقََّ نَفيها بمَا وَقَعَ مُوجباً يالقَسَمِ، كقوللك : "ليَقُومَنَّ زيد" فتقول: "لا يَقُومُ " وقد تَنفِي الماضي، فإن نَفَتةُ وَجَبَ تَكرارها، نحو " لا أَكلتُ ولا شَرِبتُ" وإذا نَفتِ المستقبلَ جَازَ تَكرارُها، نحو" زَيدُ لا يَقرَأ ولا يَكتُب" .
وقد تكُونُ لِنَفي الحَالِ، وقد تَعترِض بَينَ الخَافِضِ والمَخفُوض نحو" حَضَرَ بلا كِتابٍ" وهي بالمِثَال بمَعنى غيرِ مَجرورة بالباء، وما بَعدَها مُضَافٌ إليه (وهذا عند الكوفيين بمعنى "غير" مجرورة بالباء وما بعدها مضاف إليه) .
أو زَائِدة ولكنها تُفِيد النفي (وهذا عند البصريين وهو الصواب) .
* لا النافية للجِنس (وتسمى"لا"التبرئة):
[1] شروط عملها :
تعملُ عَمَلَ " إنَّ " بستَّةِ شُروط :
(أ) أن تكونَ نافيةٍ .
(ب) أن يكونَ المنفُّي بها الجنسَ (ولو كانَتْ لنفي الوَحدة عَمِلتْ عملَ
"لَيس" نحو "لاَ رَجُلٌ قائماً بل رَجُلان" أمَّا قَولُهُم في المثل " قَضِيَّةٌ ولا أبَا حَسَنَ لها" أي لا فَيصَلَ لَها، إذ هُو كرَّم اللَّهُ وجهَه كان فَيصلاً في الحكومات على ما قَالُه النبي صلى اللّه عليه وسلم: أَقضاكم عليّ، فصار اسمُهُ كالجنس المُفِيد لمَعنى الفَيصل، وعلى هَذا يُمكنُ وصفهُ بالنكرة، وهذا كما قالوا: "لِكلِّ فِرعونٍ مُوسى" أي لكل جبَّار قَهَّارٌ، فيصرف فِرعونٍ وموسى لتنكيرهما بالمعنى المذكور كما في الرضي ج - 1 ص 260) .
(ج - ) أن يكونَ نفُيه نصّاً ( وهو الذي يُراد به النفي العامِ، وقٌدِّر فيه "من" الاسغراقية، فإذا قُلنا "لا رجلَ في الدار" وأنت تريد نفي الجنس لم يصح إلابتقدير "من"فكان سَائِلاً سأَلَ: هل مِنْ رجل في الدارِ؟ فيقال: "لارجل").
(د) ألاَّ يَدخُلَ عليها جَارٌ (وإن دخل عليها الخَافِضُ لم تَعملْ شَيئاً، وخُفِضَتِ النكرةُ بعدها نحو "غَضِبتَ مِن لا شيئ، وشذ " جئت بلا شيءَ" بالفتح) .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:54 AM

(ه - ) أنْ يكونَ اسمُها نكرةً متَّصلاً بها (وإن كان اسمُها مَعرِفةً، أو نَكِرَة مُنفَصلاً منها أُهمِلت، ووَجَبَ تكرَارُها، نحو "لا محمودٌ في الدَّا رِ ولا هَاشِمٌ" ونحو: {لا فِيهَا غُولٌ ولا هُم عَنها يُنزَفون} فإنَّما لم تَتَكَرَّر مع المَعرِفَة في قَولِهم "لا نَوْلُكَ أن تفعل" من النوال والتَّنويل وهو العطية، وهو مُبتدأ، وأن تفعل سَدَّ مَسَدَّ خَبَره لتأول "لا نولك" بلا ينبغي لك أن تفعل) .
(و) أنْ يكونَ خَبَرُهَا أيضاً نَكِرَةً .
-2 - عَمَلُها :
"لا" النَّافيِةُ للجِنس تَعمَلُ عملَ "إن" ولكن تَارَةً يكونُ اسمُها مَبنِياً على الفَتحِ (ويَرَى الرّضِيُّ: أن تقول: مبني على ما يُنصب به بَدَل مَبنيٌّ على الفتح، وعنده أنَّ ذاك أولَى) في محلِّ نَصبٍ، وتَارَةً يكونُ مُعرَباً مَنصُوباً. فالمَبني على الفَتح من اسمِ لا يكون"مُفرَداً" نَكِرةً أي غَيرَ مُضاف، ولا شَبِيهٍ بالمضاف (سيأتي قريباً تعريفه) أو "جمعَ تكسير" نحو "لا طالبَ مُقَصِّرٌ" و "لا طُلاَّبَ في المدرسة" فإذا كان "جَمعَ مؤنثٍ سَالماً" يُبنى على الفَتح، أوعَلى الكَسرِ، وقد رُوِي بهما قولُ سَلامَة بنِ جَندل :
أودَى الشَّبَابُ الذي مَجدٌ عَوَا قِبُه * فيه نَلَذُّ ولاَ لَذَّا تِ للشِيب
("أودى" ذهب "مجد" خبر مقدم عن "عواقبه" وصح الإِخبار به عن الجمع لأنه مصدر) .
وأمَّا المُثَّنى فَيُبنى على يَاءِ المُثَنَّى ، وأمَّا الجمُوع جَمعَ سَلاَمةٍ لِمُذَكَّر فَيُبنَى على ياء الجَمع، كقوله :
تَعَزَّ فلا إلفَينِ بالعَيشِ مُتِّعَا * ولكن لِوُرَّا دِ المَنُونِ تَتَابُعُ
("تعز" تصبر "إلفين" صاحبين، "الوُرَّاد" جمع وَا رِد) وقوله :
يُحشَرُ النّاسُ لابَنينَ وَلا * آ باءَ إلا وَقَدْ عَنَتهُم شُؤونُ
("عنتهم" أهمتهم "شؤون" جمع شأن وهي: الشواغل) ومثلُ ذلكَ في التَّثنِية والجَمِع قولهم : "لا يَدَينِ بِهَا لَكَ " و "لا يدَينِ اليَومَ لك" إذا جَعلتَ لَكَ خبراً لَهُما، ويَصِحُّ في نحو "لي ولَكَ" أن يكونَا خَبراً ولو كانَ قَاصِداً للإِضَا فَة .
وتَوكِيدُها بالَّلامِ الزَّا ئِدَةِ نحو قولِ الشَّاعر وهو نَهارُ بنُ تَوسِعَة اليَشكُرِي فيما جَعَله خبراً:
أَبِي الإِ سلامُ لا أبَ لي سِواه * إذا افتَخَروا بقَيسٍ أو تَمِيمِ
وعِلَّةُ البِنَاءِ تَضَمُّنُ مَعنى "مِن" الاستِغرَاقِية، بِدَليلِ ظُهُورِها في قوله :
فَقَامَ يَذُودُ النَّا سَ عَنهَا بسَيفِهِ * وقالَ ألا لا مِن سَبيلٍ إلى هِندِ
وليسَ من المَنصُوب بلا النا فِيَة للجِنس قولُك: لا مَرحَباً، ولا أهلاً ولا كَرَامَةً، ولا سُقياً، ولارُعياً، ولا هَنِيئاً ولا مَرِيئاً، . فهذه كلُها منصُوبةٌ ولكن ليس بلا، ولكن بفعل محذوف .
ومثلها: لا سَلاَمٌ عليك .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:55 AM

وأمَّا القِسمُ الثّاني وهو المُعَرب المَنصُوب فهو أن يكون اسم "لا" مضافاً أو شَبِيهاً بالمُضَاف (الشبيه بالمُضافِ: هو ما اتَّصل به شَيء من تَمَام مَعنَاه، وهذا يصدقُ على المُشتَقات مع مَعمولاَتِها في الرفع والنصب والجر كقولك : "محمودفعلُه" "طالِعٌ جَبَلا" "خبير بما تعملون" وأما قولهم "لا أبالك" فاللام زائدة لتأكيد معنى الإِضافة (=لا أبالك)) . فالمُضَاف نحو: "لا نَاصرَ حقٍ مَخذوِلٌ " والشَّبِيه بالمضاف نحو "لاَ كَرِيماً أصلُهُ سَفِيهٌ " "لا حَا فِظاً عهدَهُ مَنسِيٌّ" "لا وَا ثِقَ باللَّهِ مَخذُوُلٌ " فـ "لا" في الجميع نافية للجنس، ومَا بَعدَها اسمُهَا وهو مَنصوبٌ بها، والمُتَأخّرُ خَبَرها .
ويقولُ سيبويه: واعلَم أنَّ "لا" ومَا عَمِلتْ فيه في مَوْضِعِ ابتِداءٍ كما أَنَّك إذا قُلتَ: هَل مَن رَجُلٍ، فالكلامُ بِمَنزِلةِ اسمٍ مَرفُوع مُبتدَأ .
-3 - تكرار"لا":
إذا تَكَرَّرَت "لا" بـ دُونِ فَصل نحو "لاَ حَولَ ولا قوَّةَ إلاَّ باللّه" فلَكَ في مثلِ هذا التركيب خَمسةُ أوجُه:
(أحَدُها) فَتحُ ما بَعدَهما، (ووجهُهُ أن تَجعلَ "لا" فيهما عَا مِلة كما لو انفَرَدَت، ويقدر بَعد - هما خَبرٌ لَهُما مَعَاً، أي لاَ حولَ ولا قوة لنا ويجوز أن يقدر لكل منهما خبر)، وهو الأصل نحو: {لاَبَيعَ فِيهِ وَلاَ خُلَّةَ} (الآية "254"من سورة البقرة "2" ) بفتحهما بقراءة ابن كثير وأبي عمرو.
(الثاني) رفعُ ما بَعدَهما، (ووجهه أن تجعل "لا" الأولى مُلغَاةً لِتكَرُّرِها، وَما بَعدها مَرفُوع بالابتِداء، أوعَلَى إعمال "لا" عَمَل ليس، وعلى الوجهين فـ "لنا" خبرٌ عن الاسمين، إن قَدَّرت "لا" الثانيه تكراراً للأولَى، وما بَعدها مَعطُوف، فإن قَدَّرتَ الأولى مُهملةً والثَّانِيةَ عَامِلَةً عَمَلَ ليس أو بالعَكس فَـ "لنا" خَبر عن إحدَاهما وخبر الأخرى محذوف)، كالآية المتقدّمة في قَراءَة البَاقِين {لاَ بَيعٌ فيهِ وَلاَ خُلَّةٌ )}وقول عُبيد الراعي:
وَمَا هَجَرتُكِ حَتَّى قُلتِ معلِنَةً * لا نَا قَةٌ لي في هذَا ولاَ جَمَلُ
(برفعِ ناقَةٌ وجَمَل، والمَعنى: ما تَرَكتُك حتَّى تَبَرأتِ مِنِّي، وقوله "لا ناقة لي ولاجمل" مثل ضَربَه لِبَراءَتها منه) .
(الثالث) فتحُ الأوَّل ورفعُ الثّاني (ووجهه أنَّ "لا" الأولى عاملة عمل "إن" و "لا" الثانية زائدة وما بعدها مَعطوفٌ على محل "لا" الأولى مع اسمها، ويجوزُ عند سيبويه أن يقدَّر لهما خبٌر واحِدٌ، وعند غيره لا بُدَّ لكلِّ واحِدٍ من خَبَر) كقول هُنَيِّ بن أحمر الكناني :
هذا لَعَمرُكُمُ الصَّغارُ بعَينِه * لا أُمَّ لي إنْ كانَ ذَاكَ ولا أ بُ
وقول جرير يَهجُو نُمَيرُ بنُ عَا مِرٍ:
بأي بَلاَءٍ يا نُمَيرُ بنُ عَامِرٍ * وأَنتُم ذُنَابَى لا يَدين ولا صَدْرُ
("بأي" متعلق بمحذوف تقديره: بأي بَلاء تفتخرون وأراد "بالذُّنابى" الأَتباع، والمعنى لستُم برءوسٍ بل أتباعٍ، لا يَدَين لكم ولا صَدرُ) .
(الرابع) رفُع الأوّل وفتح الثاني (ووجهه أن "لا" الأولى مُلغاةٌ، أوعملها عمل ليس، و "لا" الثانية عاملة عمل "إن" وتقدير الخبر في هذا الوجه كالذي قبله سواء على المذهبين) كقَولِ أُمَيَّة بنِ أبي الصَّلت:
فلا لَغوٌ ولا تَأثيمَ فيها * وما فَاهُوا به أَبَداً مُقيمُ
(اللغو: الباطل، "التأثيم" من أثَّمتُه: إذا قلتُ له أَثِمت، والمعنى: ليس في الجنة قولٌ باطل ولا تَأثِيم أحدٍلأحدٍ) .
(الخامس) فتح الأوَّل ونصب الثاني (وجهه أن "لا" الأولى عاملة عمل "إن" و "لا" الثانية زائدة، وما بعدَهَا مَنصُوب مُنَون بالعَطف على مَحلِّ اسمِ "لا" الأُولى. ) كقول أنس بن العباس بن مِرداس السلمي:
لا نَسَبَ اليومَ ولا خُلَّةً * اتَّسعَ الخَرْقُ عَلى الرَّا قِع
(الخُلَّة: الصَدَاقةَ. الخَرْقُ: الفتق) .
وهو أضعَفُ تِلك الأَوجُه.

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:56 AM

-4 - العَطفُ على اسمِ "لا" من غيرِتَكرارها: إذا لَمْ تَتَكَرَّر"لا" وعَطفتَ عَلَى اسمِها، وجَبَ فَتحُ الأَوَّل وَجَازَفي الثاني النَّصبُ عَطفاً على اسم لا، والرفعُ عَطفاً على مَحل "لا" مَع اسمِها، وامتَنَعَ الفَتحُ لِعَدَم ذكرِ "لا" كقول رَجُلٍ مِن بَنِي عَبدِ مَنَاة يَمدحُ مَروان وابنَه عبدَ الملك:
فَلا أبَ وابناً مِثلَ مَروانَ وابنِهِ * إذا هَوَ بالمَجدِ ارْتَدَى وتأزَّرا
(يجوز "وابن" بالرفع، ومعنى "ارتدى" لبس الرداء و "تأزر" لبس الإِزار).
-5 - وصفُ النَّكرة المَبنية بمُفرد: إذا وَصَفتَ النَّكرةَ المَبنيَّة بمُفرد متَّصل جازَ فَتحُهُ لأَنَّهم جَعلُوا المَوصُوف والوَصفَ بِمَنزِلةِ اسمٍ واحدٍ لـ "لا" شبيه بـ "خَمسَة عَشَرَ" نحو: "لا تلمِيذَ كَسُولَ لك".
وجازَ نَصبُه مُراعَا ةً لِمَحَلِّ النكِرَةِ وهو الأَكثر نحو "لا تِلمِيذَ مُقصِّراً لك "، وجَازَ رَفعُهُ مُراعَاةً لِمَحَلِّها مع"لا" (لأنهمافي مَحلِّ رفعٍ بالابتداء، وإنَّما حَكمُوا عَلى مَحَلهما بالرفع لصَيرورَتِهما بالتركيب كالشَّيء الوَاحِد) نحو قول ذي الرُّمَّة:
بِهَا العِينُ والأرآم لا عِدَّ عِندَها * ولاكَرَعٌ إلاّ المَغَاراتُ والرَّ بلُ
ومنْ ذلِكَ أيضاً قولُ العَرب: "لاما لَ لَهُ قليلٌ ولا كثيرٌ" رَفَعُوه على المَوضِع، ومثلُ ذلك قَولُ العرب: "لامِثلُه أحَدٌ " وإن شَئتَ حَمَلتَ الكلامَ على "لاَ" فَنَصبت .
فإن فَقَدَتِ الصِّفَةُ الإِفراد (بأن كانت شبيهة بالمضاف) نحو "لا رَجُلَ قَبيحاً فعِلُهُ مَحمُودٌ" . أو فَقَدَتِ الاِّتصال نحو "لاَ رَجُلَ في ا لدَّارِ ظَرِفٌ " امتَنَعَ الفَتح، وجاز النَّصبُ والرَّفعُ كما تَقدَّمَ في المَعطُوفِ بدُونِ تَكرَارِ "لا" وكَمَا في البَدَلِ الصَّالِحِ لِعَمَلِ "لا" فالعَطفُ نحو "لا رجُلَ وَامرَأةً فيها" بِنَصب امرأة ورَفعها، والبَدَلُ الصَّالح لعمل "لا"(وهو الذي تَتَوفَّر فيه شروطُ اسمِ "لا" فالبَدَل من اسم "لاَ" كاسمها، والبَدَل دَائِماً يَكون على نِيَّة تَكرِير العَا مِل) نحو "لا أحدَ رَجُلاً وامرأ ةٌ فيها" بنصبِ رجلٍ وامرأةٍ ورَفعهما (ولا يجُوز الفتح في المعطوفِ والبَدَل لوُجُودِ الفاصِل في العَطف بحَرفه، وفي البَدَلِ بِعَامِله، لأنَّ البَدَل على نيَّةِ تَكرَارِ العَامِل)، فإن لم يَصلُح البدَل لعَمَلِ "لا" وَجَبَ الرَّفع نحو" لاَ أحَدَ زَيدٌ وخَالِدٌ فيها"( ذلك لأن "لا" الجِنسية لا تعمل في معرفة) وكذا في المَعطُوفِ الذي لا يَصلحُ لعملِ "لا" نحو "لا امرَأَةَ فيها ولا زيدٌ" .
-6 - دُخولُ همزةِ الاستفها مِ على "لا":
إذا دَخلتْ همزة الاستفهامِ على "لا" لم يَتَغَيَّرِ الحُكمُ، ثُمَّ تَارَةً يَكُو نُ الحَرفان باقِيَين على مَعنَاهُمَا وهو قلِيل، كقول قَيس بن المُلوِّح:
ألاَ اصطَبارَ لِسَلمَى أمْ لَهَا جَلَدٌ * إذا أُلاقي الذِي لاقَاهُ أمثَالي
("ألا" هو مجرد الاستفهام عن النفي، والحرفان باقيان على مَعناهما وهو قَلِيل "لِسَلمَى" مُتَعَلِّق بخبر مَحذُوف تقديره: حَاصِل، المَعنى: إذا لاقَيتُ مَا لآقَاه أَمثالي مِنْ المَوتِ، هل عَدَمُ الاصطِبارِ ثابت لِسَلمى أمْ لها تجلُّد وتَثَبُّت، وأَدخَل"إذا" الظَّرفية على المُضَارِع بَدَلَ المَا ضِي وهو قليل) وتَارَةً يُرا دُ بِهما التَّوبيخُ أو الإِنكار وهو الغَالبُ كقوله:
ألاَ ارعِوَاءَ لِمَن وَلَّت شَبِيبِتُهُ * و آذنَتْ بمَشِيبٍ بعده هَرَمُ
("ألا" الهَمزة للاستِفهَام و "لا" لِنَفي الجِنس قُصِد بها التَّوبيخ والإنكار "ارْعِوَاء" اسمُها والخَبَر مَحذُوف، ومعناه: الانكِفَافُ عن القبيح) .
ومثله قولُ حسَّانَ بنِ ثابت:
حَارِ بنَ عمرٍوألاَ أحلامَ تَزجُرُكُم * عَنّا وأنتُم مِن الجُوفِ الجَمَاخِيرِ (الجُوف: جمع أجوف وهو الوَاسِع الجَوْف، وقال ابن الشجري: هو الذي لارأي لهُ ولا حَزم، والجَمَاخير: جمع جُمخُور: العظيم الجِسم القليلُ العَقل) وجاء خبر"ألا"جملة فعلية .
وتارةً يُرادُ بها التمني وهُوَ كثير كقولِه:
ألا عُمرَ وَلَّى مُستطاعٌ رجُوعُه * فيرْأبَ ما أَثأَتْ يدُ الغَفَلاتِ
("ألا" كلمة واحِدَة للتمني، وقيلَ الهمزة للاستفهام دَخَلَت على "لا" التي لِنفي الجنس ولكن أريد به التمني"عُمرَ" اسمُها مبني على الفَتح وجملة "وَلَّى" صِفَةٌ له، وكذا جملةُ "مُستطاعُ رُجوعُه" صِفَة أُخرى وقوله "فَيَرأبَ" بالنصب جواب التمني من رأبت الإِناء إذا أَصلحتَه، ومَعنَى" أَثأَتْ" أفسَدَتْ) .
فعند سيبويه والخليل أن "ألا" هذه بِمَنزِلَةِ "أَتَمَنَّى" فلاخَبَرَ لها، وبِمَنزِلَةِ
" لَيتَ" فَلا يجوزُ مُرَاعَا ةُ محلِّها مع اسمِها، ولا إلغاؤها إذا تَكَرَّرت، وخَالفَهما المازِني والمُبَرّد فجعلاها كالمُجرَّ دَةِ من هَمزَة الاستِفهام. وهذه الأَقسام الثَّلاثةُ مُختَصَّةُ بالدُّخُول على الجُملَةِ الاسميّة.

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:56 AM

-7 - حذ فُ خبرِ"لا":
يَكثُر حذفُ خبر "لا" إنْ دَلتْ عليه قَرينةٌ نحو: {قَا لُوا: لاضَيرَ} (الآية "50"من سورة الشعراء "26" ) أي علينا، ونحو "لاَ بَأسَ" أي عَليكَ، وحَذفُ الخَبَرِ المَعلُومِ يَلتَزِمُهُ الَّتميمِيُّونَ والطَّائِيُّون. ويَجِبُ ذكرُ الخبرِإذا جُهِل نحو: "لا أحدَ أغيرُ من اللَّهِ عزَّ وجلّ" .
-8 - حذ فُ اسمِ "لا":
نَدَر مِنْ هذا الباب حذفُ الاسمِ وإبقَاءُ الخبر، من ذلك قولهم: "لاعَلَيكَ" يُرِيدُون: لا بَأ سَ عَلَيك، ( =لا عليك) .
-9 - الخَبرُ أو النّعتُ أو الحالُ إذا اتصل بـ "لا":
إذا اتصلَ بـ "لا" خَبَرٌ أو نَعتٌ أو حَا لٌ وَجَب تَكرَارُها فالخبر نحو: {لا فِيهَا غَولٌ وَلاَ هُمْ عَنهَا يُنزَفُونَ} (الآية "47"من سورة الصافات "37" ) والنعت نحو: {يُوقدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَاركةٍ زَيتُونَةٍ لا شَرقِيَّةٍ وَلاَ غَربِيَّةٍ} (الآية "35" من سورة النور "24" ) والحال نحو "جَاء مُحَمَّدٌ لا خَائِفاَ ولا آسِفاَ" .
* لا النّاهِيَة: هيَ"لا" الطَّلبيَّة نهياً كانت نحو قوله تعالى: {يا بُنيَّ لا تُشرِك باللَّهِ} (الآية "13" من سورة لقمان "31" ) أو دعاءً نحو : {رَبَّنا لا تُؤاخِذنا}. (الآية "286"من سورة البقرة "2" ) وجَزْمها المضارعَ المبدوءَ بالهمزةِ أو النُّونِ مَبنِيَّينِ للفاعل نادر، كقول النابغة:
لاأعرِفَنْ رَبرَباً حُوراً مَدَا مِعُها * مُرَدَّ فَاتٍ على أَعقَابِ أكوَارِ
(الربرب: القطيع من بقر الوحش. حُور: جمع حَوراء، من الحَور: وهو شدة بياض بياض العين مع شدة سواد سوادها، والأكوار: جمع كوروهو الرحل، شبه النساء ببقر الوحش) وقولِ الوَلِيد بن عُقبَة :
إذا ما خَرَجنا مِنْ دِمَشقَ فلا نَعُدْ * لها أَبَداً ما دَامَ فيها الجُرَاضِمُ
(الجُرَاضم: الأكول الواسع البطن) ويكثُر جَزْمُهما مَبنِيين للمفعولِ نحو: "لا أُخرَجْ" و "لا نُخرَجْ" لأنَّ النَّهِيّ غيرُ المتكلم .
الآنَ : ظَرفٌ مَبنيٌّ على الفَتح في مَحَلِ نَصبٍ، رَغمَ أنَّهُ لا يجيئُ إلاَّ بالألف واللاَّم، وسبب بنائه أنه وقع في أوَّلِ أحُوالِه بالأَ لِفِ واللاَّمِ، وهو اسمٌ للزَّمَانِ الحَاضِرِ، وعندَ بعضِهم: هو الزَّما نُ الذي هُوَ آخرُ مَا مَضَى وأوَّل ما يأتي من الأزمنة.
* ألائي : ( =الاّتي والاّئي) .
لا أَبَا لـ ك: وإنما ثَبَتَتْ الأَلِفُ مَعَ أَنَّه غيرُ مُضَافٍ في الظَّاهِر لأَنَّ أصلَها - على قَول أبي علي الفارسي - لا أَبَاكَ أي إنّها مُضَافَةٌ واللاَّمُ مُقحَمةٌ . ورُبَّما قالوا "لابَ لك" بحذفِ اللام المُقحَمةِ، وقالوا أيضاً: "لا أبَ لك" وكل ذلك دعاءٌ في المَعنَى لا محالة، وفي اللَّفظ خَبرٌ أي أَنتَ عِندي مِمَّن يَستَحقُّ أن يُدعَى عَلَيه بفَقدِ أبيه، هذا في الأصلِ، ولكنَّهُ خُرِّجَ بعدَ ذلك خُروجَ المَثل، قال الخليل: مَعنَاه: لا كَافِلَ لكَ عَن نفسِك .
وقال الفَرَّاء: هِيَ كَلِمةٌ تَفصِل بها العَربُ كلامَها .
وقد تُذكَر في مَعرِض الذَّم، وفي مَعرِض التَّعَجُّبِ، وفي مَعنى جِدَّ في أَمرِك وشَمِرّ .
وإعرابها: لا: نَافِية للجنس، و "أبَ" اسمها مبني على الفتح، ومتعلَّق "لك" خبرٌ.
قال جرير:
يا تَيمَ تَيمَ عَدِيٍّ لا أَبَا لَكُمُ * لا يُلفِينَّكُمُ في سَوءَةٍ عُمَرُ
وقال أبو حيَة النُّميري :
أبِالمَوتِ الذي لابُدَّ أنِّي * مُلاقٍ لا أَبَاكَ تُخَوِّ فِيني
سَمع سليمان بن عبد الملك أعرابياً في سَنَةٍ مُجدِ بَةٍ يقول:
"أنزِلْ عَلينا الغَيثَ لا أبَا لَك".
فحَمَله سُلَيمانُ أحسَنَ مَحمِل، وقال: أشهدُ أن لاأَبَ لَه، ولا صَاحِبةً، ولا ولَداً .
* لاَ بُدَّ: أصلُ معنى لا بُدَّ : لا مُفَارقَةَ، لأنَّ أصلَه في الإِثبات: بُدَّ الأمرُ: فُرِّق وتَبَدَّد، فإذا نُفِيَ التَّفَرُق بين شَيئين حَصَلَ تَلاَزُمٌ بينَهُما فصارَ أحدُهما واجباً للآخر، ومن ثَمَّ فَسَّرُوهُ بوَجَبَ .
وأعرابُها: لا نافية للجِنسِ، وبدَّ: اسمها مبنيٌّ على الفتحِ، والخبر محذوفٌ، التّقدير: لنا .
-لاَ بَلْ: أذا ضَمَمتَ"لا" إلى "بَلْ" بَعدَ الإِيجابِ والأَمرِ فيكونُ مَعنى "لا" يَرجِعُ إلى ماَ قَبلَها مِنَ الإِيجَابِ والأَمرِ، لا إلى ما بَعدَ "بَل"، تَقُول "تَكَلَّمَ خَالِدٌ لا بَل عُمَرُ" نَفَيت بـ "لا" التَّكُّمَ عن خَالِدٍ، وأثبته لـ "عُمَر" بـ "بل" ولو لم تأت بـ "لا" لكان تَكلُّمُ خَالِدٍ كالسُّكُوتِ عَنه، يُحتَمل أن يَثبُت وألاَّ يَثبت، وكذلِكَ في الأمرِ تقول: "امنَحْ زَيداً عَطَاءَك لا بَلْ أخَاك" . أيْ لا تَمنح زيداً بل امنَحْ أخاك .
* لاتَ :
-1 - أصلُهَا وعَمَلُها:
أصلُ "لات" لا النَّافية، ثمَّ زيدَت عليها التّاءُ، لتَأنِيثِ اللفظِ أو لِلمُبَا لَغَةِ، وتَعمَلُ عَمَلَ لَيسَ .
-2 - شَرطَان لَعَمَلِها :
عَمَل "لاتَ" واجِبٌ بشَرْطَين:
(أ) كَونُ مَعمُولَيها اسمَي زَمان .
(2)حَذفُ أحَدِهما، والغالبُ كونُه اسمَها. نحو: {وَلاَتَ حِنَ مَنَاصٍ} (الآية "3" من سورة ص "38" ) أي ليس الحينُ حينَ فِرار، فَحُذِفَ الاسمُ المَرفُوعُ، وذُكِرَ الخَبرُ، ومثلُهُ قَولُ المُنذِرِ بنِ حَرمَلَة:
طَلَبُوا صُلحنَا ولاَتَ أَوَانٍ * فـ أجَبنَا أَنْ لَيسَ حِينَ بَقَاءِ
(أي ليس الأوان أوان صلح، والشاهد فيه قوله "ولات أوان" حيث وقع خبره لفظة"أوان" كالحين) .
وأمَّا قَوْلُ شَمَرْدَل اللَّيثي:
لَهفِي عليكَ لـ لَهفَةٍ مِن خَائِفٍ * يَبغِي جِوَارَكَ حينَ لاتَ مُجيرُ.
فارتِفاعُ "مُجيرُ" على الابتِدَاء أو الفَاعِلية، أيّ لاتَ يحصُل مُجِيرُ، أَو لاَتَ لَهُ مُجِيرٌ، و "لاَتَ" مُهمَلةٌ لِعَدَمِ دُخولِها على الزَّمان .
ومِنَ القَليل حَذْفُ الخبرِكقراءَة بعضِهِم شُذُوذا {وَلاَتَ حينُ مَنَاصٍ} برَفع"حِينُ" على أنه اسمُها' والخَبَر مَحذُوف، والتّقدير: ولاَتَ حِينُ مَنَاصٍ كائِناً لهم .
* ألاَّتي والاَّئي: اسما مَوصُول بإثباتِ الياء فِيهما، وقَد تُحذَفُ يَاؤُهُمَا، وهُمَا لجَمع المُؤَنَّث، وقد يَتَعَارَضُ الأُلى والاَّئي، فيَقَعُ كلٌّ مِنهما - نَزراً - مَوقِعَ الآخر، قال مجنون ليلى:
محَا حبُّها حُبَّ الأُلَى كُنَّ قَبلَها * وَحَلَّتْ مَكاناً لم يَكُنْ حُلَّ من قبل
فأوقَع الُألَى مكانَ الاَّئي أو الاَّتي بدليل عَودِ ضَميرِ المؤَنَّثِ عَلَيها، وقال رجُلٌ من بني سُليم:
فَمَا آبَاؤُنَا بـ أَ مَنَّ مِنهُ * عَلَينا اللاَّءِ قَد مَهَدُوا الحُجُورا
أي الذين فأوْقَع اللَّاّئي مَكان الأُلَى بدليل عَوْد ضميرِجمعِ الذكور عليها .
* لاَجَرَمَ: أيْ لابُدَّ ولا مَحَالَةَ، وقيل مَعنَاها حَقّاً، قال سيبويه: فأمَّا قولُه تعالى: {لاَ جَرَمَ أنَّ لَهُمُ النّارَ} (الآية "62"من سورة النحل "16" ) .
فإنَّ جَرَمَ عَمِلَتْ لأنها فِعلٌ ومَعنَاهَا: لقَد حَقَّ أَنَّ لهُمُ النارَ، وقولُ المُفَسرين : مَعنَاها: حَقّاً أنَّ لهُمُ النار فـ "جَرَمَ" عَمِلتْ بعدُ في "أنَّ"وإذا قالوا "لا جَرَمَ لآتِيَنَّكَ" فهي بمنزلة اليَمِين .
وأصلها من "جَرَمتَ" أي كَسَبتَ الذَّنبَ .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:57 AM

* لاَحَبَّذا : (=نِعمَ وَبِئسَ ).
* لاسِيَّمَا : (=ولاَ سِيَّما) .
* اللاَّزِمُ :
-1 - تَعرِيفُه : هو الذي لم يَتَعدَّه فِعلُه إلى مَفعُول نحو "ذَهَبَ زَيدٌ" و "جلَس عمروٌ" .
-2 - علامات الأفعال اللاَّزِمة :
(الأول) ألاَّ يَتَّصلَ بالفعلِ هَاءُ ضَميرٍ غَيرِ المَصدَرِ(الآية ٍ"62"من سورة النحل "16" ) كـ "خَرَجَ" لا يُقال: زَيدٌ خَرَجَهُ عمرو.
(الثاني) ألاَّ يُبنَى مِنهُ اسمُ مَفعُولٍ تَامٍّ، فلا يُقال "مَخرُوج" من دُونِ "بهِ" وهذا هو نَقصُه .
(الثالث) أنْ يَدُلَّ على سَجِيَّةٍ (وهي كُلُّ وَصفٍ مُلازِمٍ للذَّا تِ وليسَ حَرَكَةَ جِسمٍ) نحو "جَبُنَ وشَجُعَ ".
(الرابع) أنْ يَدُلَّ على عَرَضٍ، (وهو كلُّ وصفٍ غيرِ ثابتٍ وليس حركةَ جِسمٍ) نحو "مَرِضَ وكَسِل".
(الخامس) أنْ يَدُ لَّ على نَظَا فَةٍ كـ "نَظُفَ وَطَهُرَ وَ وَضُوءَ".
(السادس ) أنْ يَدُلَّ عَلى دَنَس نحو "نَجُسَ وقَذُر" .
(السابع) أنْ يَدُلَّ على مُطَاوَعَةِ (المطاوعة : قبول الأثر) فاعِلِه، لفاعل متعدٍّ لِواحِدٍ (فلو طاوع ما يتعدى فعله لاثنين، تعدى المطاوع لواحد كـ "علمته الحساب فتعلمه")، نحو "كَسَرتُ الإِناءَ فانكَسَرَ الإِناءُ" .
(الثامن) أنْ يكونَ مُوَازِناً لِـ "افعَلَلّ" بفتح اللاَّم الأُولى وتَشديد الثّانية كـ "اقشَعَرَّ واشمَأزَّ".
(التاسع) أنْ يكونَ مُوازِناً لـ : "افوَعَلَّ " (وهو ملحق بـ "افعلَلَّ) كـ "اكوَهَدَّ الفَرخُ" إذا ارتَعَدَ .
(العاشر) أن يكونَ مُوازناً لـ : "افعَنلَلَ" كـ "احرَنجَمَ" (احرَنجَم: اجتَمع، والنون زَئِدة، واحرَنجم اجتَمع بعضُهم إلى بَعض، ومثلُه وَزناً وَمَعنىً: اعرَنزَم واقرَنبَعَ)
(الحادي عشر") أنْ يكون مُوازِناً لـ "افعَنللَ" بِزِيَا دَةِ أحَدِ اللاَّمَين كـ "اقعَنَسَ" الجَمَلُ: إذا أَبَى أَن يَنقَادَ .
(الثَّانِي عَشَر) أَنْ يكونَ مُوازِناً لـ "افعَنلَى" بفَتحِ العينِ وسُكونِ النون كـ "احرَنبَى" الدِّيكُ، إذا انتَفَشَ للقِتَال . و "اغرَندَى" و "اسرَندَى" وكِلاَهُما بمعنَى يَعلُو ويَغلِب، ولاثَالِثَ لهما .
(الثَّالث عشر) كَونُه على "فَعَل" أو "فعِل" بالكسر ووصفُها على "فَعِيل" نحو "ذلَّ" و "قوِي":
(الرابع عشر) كَوْنُه على "أفعَل" بمعنى صَارَ ذا كذا نحو "أَغَدَّ البعيرُ" إذا صار ذا غُدَّة، و "أحصد الزَّرعُ" إذا صَار صالحاً للحصاد .
(الخامس عشر) أنْ يكونَ على وزنِ"استَفعَل" الدَّالِّ على التحول كـ "استَحجَر الطينُ" وَكَقولِهم في المثل: "إنَّ البُغَاثَ بأرضنا يَستنسرُ" .
(السادس عشر) أنْ يكونَ على وَزْن"انفَعَل" نحو "انطَلَق" .
(السابع عشر) أن يكون رُبَاعِيّاً مَزِيداً نحو "تدَحرَجَ" و "احرَنجَمَ". ، "اقشَعَرَّ" و "اطمَأَنّ" .
(الثامن عشر) أَنْ يَدُلَّ على لَونٍ كـ "احمَرَّ" و "اخضَرَّ" و "أدِمَ".
(التاسع عشر) أنْ يَدُلَ على حِليَة كـ "دَعِجَ" و "كحِلَ" و "سمِن" و "هزِل".
[3] حُكمُه: حُكمُ اللاَّزمِ أن يَتَعَدَّى بالجَارِّ، ويَختَلِفُ الجَارُّ باختلاف المعنى كـ : "عَجِبتُ منه" و "مرَرْتُ به" و "غضِبتُ عليه" وقَدْ يُحذَفُ الجَارُّ فَيَتَعدَّى الفِعلُ بِنَفسه، ويُنصَبُ المَجرُور، وهو ثلاثَةُ أَقسام:
(أحَدُها) سَمَاعِي جَائِزٌ في الكَلامِ المَنثُور نحو "نَصَحُهُ وشَكَرتُهُ وكِلتُهُ ووَزَنتُهُ"، والأكثُر ذكر اللاَّم الجارِّ نحو: {وَنَصَحتُ لَكُمْ}( الآية "79" من سورة الأعراف "7" ) و{أَنِ اشكُرْ لي}(الآية "14" من سورة لقمان "31" ) .
(الثّاني) سَمَاعِي خاصٌّ بضرورة الشعر كقولِ ساعدةَ بن جُؤَيَّة:
لَدْنٌ بِهَزِّ الكَفِّ يَعسِلُ مَتنُهُ * فيه كما عَسَلَ الطّريقَ الثَّعلَبُ
("لدن" ناعم لين "يعسل متنه" من العسلان وهو اهتزاز الرمح "كما عسل" الكاف للتشبيه و "ما" مصدرية أي كعسلان الثعلب في الطريق) قوله "كما عَسَل الطريقَ" أيْ في الطريقِ . ومثلُه قولُ المُتَلَمِّس جريرِبن عبدِ المسيح:
آلَيتُ حَبَّ العراقِ الدَّهرَ أَطعَمُهُ * والحَبُّ يأكُلُه في القَريةِ السُّوسُ
(آليت: حَلَفتُ، المعنى: حلفت على حَبّ العراق أني لا أطعمه الدهر مع أنّ الحَبَّ متيسِّر يأكله السوس، وقوله"أطعمه"أي لا أطعمه)
أي آلَيت عَلى حَبِّ العِرَاق .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:57 AM

(الثالث) قِيَاسي وذلكَ في"أنَّ وأنْ وكي" نحو: {شَهِدَ اللَّهُ أنَّهُ لاَإلَهَ إلاَّ هُوَ}(الآية "18" من سورة آل عمران "3" ) أي بأنَّه لا إله إلاَّ هُو، {أَوَعَجِبتُمْ أنْ جَاءَكُمْ} (الآية "63" من سورة الأعراف "7" ) أي من أن جَاءَكم، {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً} (الآية "7" من سورة الحشر"59") أي لكيلا إذا قَدَّرت َ"كي" مَصدَرِية .
-لاَغَيرُ: الجُمهور على أنَّه لا يجوز الحذفُ بعدَ ألفاظ الجحد إلاَّ "ليس"، فلا يُقال: "أَنفَقتُ مِائِةً لا غيرُ" ولكن السَّمَاع خلافهُ، ففي القاموس: قيل: وقولهم: "لاغيرُ" لَحنٌ، وهو غَيرُ جيِّدٍ لأنه مَسمُوع، قال الشاعر:
جَوَاباً به تَنجو اعتَمِدْ فَوَرَبِّنا * لَعَن عَمَلٍ أسلَفتَ لاغيرَ تُسأَل
(=ليس غير) .
* لكِن : هي للاستِدْرَاكِ بعدَ النَّفي،
(1) وتكونُ حَرْفَ عَطف بثلاثَةِ شُرُوطٍ إفرا دِ مَعطُوفِها، وأَنْ تُسبَق "بنفيٍ" أو "نَهي" وألاَّ تَقتَرِن بـ "الواو" نحو" ما أَكلتُ لَحماً لكن ثَرِيداً" ونحو "لا يَقُمْ خَا لـ دٌ لكن أحمدُ" . ولا يجوزُ أنْ تَدخُلَ بعدَ إيجاب إلاَّ لِتَرْك قِصَّةٍ إلى قِصَّةٍ تَامَّة، نحو قولِك: " جاءَني خَالدٌ لكن عبدُ الله لم يأت" .
(2) وقد تكونُ "لكن" حرفَ ابتداءٍ لمُجَرَّد إفَادَةِ الاستِدراك، وذلك إنْ تَلَتها"جُملةٌ" كقول زهير بن أبي سُلمُى:
إنَّ ابنَ وَرْقَاءَ لا تُخشَى بَوادِرهُ * لكنْ وَقَائِعهُ في الَحرْبِ تُنتَظُر
ومِن هذَا قولُه تعالى: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبّي} (الآية "38" من سورة الكهف "18" ) أصلُه: لكِنْ أَنا، حُذِفتِ الألفُ فالتقت نُونَان فجاء التَّشديد . أو تَلت "واواً" نحو: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رسُولَ اللَّهِ} (الآية "40" من سورة الأحزاب "33" ) أيْ ولكِنْ كانَ رسُولَ اللَّهِ. أو سُبِقَتْ "بإ يجَابٍ" نحو "قامَ عليٌّ لكِن محَمّدٌ لم يَقُمْ" .
* لَكِنَّ: مَعناها الاستِدرَاك (الاستدراك: تَعقِيب الكلام بنفي مَا يُتَوَهَّم ثُبُوتُه أو بإثبات مَا يُتَوَّ هَّم نَفيُه، فمِثالُ الأَوَّل: قولُك "عليّ شُجَاع لكنه بَخِيل" دَفعتَ بـ "لكن" توهُّمَ أنَّه كريم لملازَمَةِ الكرام للشجاعة)، وإنما يُستَدرَكُ بها بعدَ النفي نحو قولِك: "ما جاءَ الأميرُ ولكنَّ نَائِبَه أَتَىٍ" . وقد يجوزُ أن يُستَدْرَك بها بعد الإِيجاب، ما كانَ مُستَغنِياً نحو قَوْلِك: "حَضَر خَا لِدٌ" فتقول: لكنَّ أَخَاه لم يَحضُر، وهي مِن أَخَوات "إن" وأَحكامُها كأحكَامِها وإذا خُفِّفَتْ تُهمَلُ وُجُوباً وتُهمَل أيضاً إذا ا تَّصلت بها "مَا" الزائدَةُ وهي الكافَّةُ نحو قولِ امرئ القَيس:
ولكِنَّمَا أَسعَى المَجدٍ مُؤَثَّلٍ * وقد يُدْ رِكُ المَجدَ المؤثَّلَ أمثالي
( =إنَّ وأخواتها) .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:58 AM

* اللاَّمُ: كثيرةُ المَعَاني والأقسَام، وترجعُ إلى قِسمَين: عَامِلَةٌ، وغيرُ عَامِلَةٍ.
والعَامِلَةُ قِسمان: جَارَّةٌ، وجَازِمَةَ .
وَغَيرُ العَامِلَةِ ثَمَانية: لامُ الابتداء، ولامُ البُعدِ، ولامُ التَّعَجُّبِ، ولامُ الجَواب، واللامُ الزَائِدَة، واللامُ الفَارِقَةٌ، واللام المزحلقة، ولامٌ موطِّئةٌ للقسم، وسيأتيك تفصيلُها عَلى تَرتيبِ حُروفِها .
* لامُ الأمر : هي اللاَّمُ الجازِمةُ للمُضارع ومَوضُوعَةٌ للطَلب وَحَرَكَتُها الكَسرُ، (وسُليم تفتحها وهي قبيلة عربِية مشهورة) نحو: {لِيُنفِق ذُو سَعَةٍ} (الآية "7" من سورة الطلاق"65") وإسكانُها بعدَ الفاءِ والواوِ أكثَرُ مِن تحرِيكها نحو: {فَليَستَجِيبُوا لي وَليُؤْمِنُوا بي} (الآية "186"من سورة البقرة "2" ) وقَدْ تُسَكَّنُ بَعدَ "ثُمَّ" نحو: {ثُمَّ ليَقضُوا تَفَثَتهُمْ} (الآية "29" من سورة الحج "22" . التفث: التنظيف من الوسخ، في التفسير: أنه أخذ من الشارب والأظفار إلخ) ونحو: "ثُمَّ ليَقطَعْ فَليَنظُره" (والغريب أنَّ المبرِّد في المقتضب يرى أنَّ إسكان لام الأَمر بعد"ثم" لحنٌ، مع أنَّ من القراء السبعة أربعة قرؤوا بتسكين الام والباقي بتحريكها) .
والفعلُ المَبنيُّ للمَجهُول، لا طريقَ للأمر فيه، إلاَّ بالَّلام، سَواءٌ أكانَ للمُتَكَلِّمِ نحو "لأُعنَ بِحَاجَتِك" أمْ للمُخَاطَب نحو "لتُعنَ بِحَاجَتِي" أمْ للغَائِب نحو "ليُعنَ زَيدٌ بالأَّمر" وجَزْمُهَا المضَارعَ المَبدُوءَ بالهَمزَةِ أو المَبدُوءَ بالنونِ قليلٌ كالحديثِ "قُوموا فَلأُصَلِّ لكُمْ" وقوله تعالى: {ولنَحمِلْ خَطَايَاكُمْ} (الآية "12" من سورة العنكبوت "29" ) وأقَلُّ منه جَزْمُها فِعلَ الفَاعِلِ المخَاطَبِ نحو: {فَبِذَ لِكَ فَلتَفرَحُوا} (الآية "58"من سورة يونس "10" . والقراءة المشهورة: فليفرحوا بالياء) في قِراءة، وفي الحديث (لِتَأخُذُوا مَصَافَّكُمْ) والأكثَرُ الاستِغنَاءُ عن هذا بفِعل الأمر، نحو "افرَحُوا" و "خذُوا" لأَنَّ أمرَ المخاطَب أكثَرُ فاختِصَارُ الصِّيغَة فيه أوْلى . وقد يَجوزُ حَذفُ لاَمِ الأمرِ بالشِّعر مع بَقَاء عَمِلها، كأنهم شبَّهُوهَا بأن إذا أَعمَلُوها مُضمَرةً، وذلك كقَوْل الشاعر :
مُحمدُ تَفدِ نَفسَك كلُّ نَفسٍ * إذَا ما خِفتَ من شَيء تَبَالا
(التَّبَال: بمعنى الوَبَال وهو سوء العاقبة) وإنّما أَرَادَ : لِتَفدِ.
وقال مُتَمِّمُ بنُ نُوَيرة:
على مثلِ أصحَابِ البعُوضَةِ فاخمِشي * لَكِ الوَيلُ حُر الوَجه أويَبكِ مَن بَكَى
(البعوضة : ماء معروف بالبادية فيها كان مَقتل مالك بنِ نُويرة) .
أراد: لِيبكِ .
* لامُ الابتِداء : هي اللاَّم التي تُفِيدُ تَوكِيدَ مَضمُونِ الجُملَةِ، وتَخلِيصَ المُضَارِعِ لِلحَا لِ، ولا تَدخُلُ إِلاَّ عَلَى الاسم نحو: {لأَنتُم أَشَدُّ رَهبَةً} (الآية "13" من سورة الحشر"59") والفعلِ المضارع نحو قولك {لَيُحِبُّ اللَّهُ المُحسنِينَ} (مثل له ابن مالك ) وتدخُلُ على الفعلِ الذي لا يَتَصَرَّف نحو: {لَبِئسَ مَا كَانُوا يَعمَلُون} (الآية "62" من سورة المائدة "5" ) .
ومن لامِ الابتداء اللاَّمُ المُزَحلَقَةُ.
( =الاَّم المُزَحلَقَة) .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:58 AM

* لامُ البُعد : يُزادُ قَبلَ كافِ الخِطابِ في اسمِ الإِشارَةِ "لامٌ" هي لامُ البُعدِ مُبالَغَةً في الدّلالَةِ على البُعدِ . ولا تلحق من أسماءِ الإِشَارةِ: المُثَنَّى، ولا "أُولَئِك" للجمع، في لغة مَنْ مَدَّه (أمَّا مَن قَصَرأَدَاة الجمع فقال "أولا" بدل "أولاء" وهم قيس وربيعة وأسد فإنهم يأتون باللام قال شاعرهم :
أولالِكَ قَومِي لم يَكونُوا أُشَابةً * وهل يَعِظُ الضِّلِّيل إلاّ أولاَلِكَ
فأداة الجمع في أول البيت وآخره "أولا" وأدخل عليها لام البعد وكاف الخطاب ومعنى الأُشَابة: أخلاط الناس وجمعُها أشَائِب وبنو تمِيم - وهم مِمَّن يُقصرون - لا يأتُون بالام مطلقاً)، ولا فيما سبقته "ها" التنبهيه، والأصلُ في اللاَّم السُّكون كما في "تِلكَ" وكُسِرتْ في "ذلك" لالتِقَاء الساكنين .
* لامُ التَّعَجُّب: هي لامُ التّعجُّبِ غيرِ الجَارَّة نحو: "لَظَرُفَ نُعَيمَانُ" و "لكَرُمَ حَاتَمٌ"، بمعنى ما أظرَفَهُ، وما أكرَمَهُ، ولعلَّ هذه اللاَّمَ هيَ لامُ الابتداء دَخلَتْ على الماضي لَشَبهِهِ بالاسمِ لجُمُودِهِ .
* لامُ التَّعليل : هي للإِ يجاب ولام الجحود للنفي، ويُنصَب المضارع "بأن" مضمرةً جَوازاً بعدَ لامِ التَّعلِيل، ومعنى جَوازاً صِحَّةُ إظهَارِ "أنْ" وإضمارِهَا بعدَ هذه اللاَّمِ، تقول: "جِئتُ لأُكرِمَكْ" و "جئتَ لأَنْ أكرِمَك" وأنْ وما بَعدَها في الإظهَار والإضمار في تأويل المصدر في محل جر بلام التعليل .
* اللاَّمُ الجَارَّة: وتَجُرُ الظَاهِرَ والمُضمَرَ، وهي مَكسورةٌ مع كُلِّ ظَاهِرٍ، إلاَّ مع المُستَغَاثِ المُبَاشِرِ لـ "يَا" نحو "يَالَلَّهِ" وأمَّا مع المُضمَرِ فَتُفتَحُ أيضاً إذا كانَ للمخَاطَبِ أو للغائِب وإذا كانَ مع ياءِ المتكلم فتُكسَر للمُنَاسَبَة. ولهذِه اللاَّم نحوٌ مِنْ ثلاثين معنىً (ومن أراد استقصاءها فليرجع إلى كتاب"الجنى الداني" ففيه ثلاثون معنى وفي"مغني اللبيب" عشرون) وهاكَ بعضَها:
(1) المِلك، نحو: {للَّهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ} (الآية "284" من سورة البقرة "2" ) .
(2) شِبهُ المِلك، ويعبَّرُ عنه بالاختصَاصِ نحو: "السَّرجُ للفَرَسِ" و "ما أحَبَّ محمّداً لبَكرٍ" .
(3) التعليل، نحو:
وإنِّي لَتَعرُوني لِذ كرَاكِ هِزَّةٌ * كما انتَفَضَ العُصفُور بَلَّلَهُ القَطرُ
(4) الزَّائِدة، وهي لمُجَرَّدِ التَّوكيدِ كقول ابنِ مَيّادة:
وَمَلَكتَ ما بينَ العِراقِ ويَثرِبٍ * مُلكاً أَجَارَ لِمُسلِمٍ ومُعاهَدِ
(5) تقويةُ العَامِل الذي ضَعُف، إمَّا بكونه فَرعاً في العَمَلِ نحو: {مُصَدِّقاً لما مَعَكُم} (الآية "41" من سورة البقرة "2" ) {فَعّالٌ لِمَا يُرِيدُ} (الآية "16" من سورة البروج"85") .
وإمَّا بتأخِّير العَامِلِ عن المَعمُول نحو: {إنْ كُنتُم للرُّؤْيَا تَعبُرُون} (الآية "43" من سورة يوسف "12" ) .
(6) لانتِهاءِ الغَايَةِ نحو: {كُلٌّ يَجرِي لأجَلٍ مُسَمَّى} (الآية "2" من سورة الرعد "13" ) .
(7) القَسَم، نحو "للَّهِ لا يُؤَخَّرُ الأجَل" أي تاللَّهِ. وهذا قليل.
(8) التَّعّجُّب، نحو "لِلَّهِ دَرُّك" و "للَّهِ أَنتَ" .
(9) الصَّيرُورةُ، وتُسَمَّى لامَ العَاقِبَة نحو:
لِدُوا للمَوْتِ وابنُوا للخَرابِ * فَكُلُّكُمُ يَصِيرُ إلى ذهاب
(10) البَعدِيَّة، نحو: {أَقِمِ ااصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمسِ} (الآية "78"من سورة الإسراء "17" ) أي بَعدَه .
(11) بمعنى على نحو: {يَخِرُّونَ للأَذْقَانِ} (الآية "107"من سورة الإسراء "17" ) أي عليها .
* لامُ الجُحُود : ويُسَميها سِيبَويه لامَ النَّفيِ، وسُمِّيَت لامَ النَّفي لاختِصَاصِها به، وهي الوا قِعةُ زَائِدةً بعدَ: "كَوْنٍ مَنفِيٍّ" ( المراد من الكون المنفي: كان ويكون مع سبق نفي عليها، والنفي: هنا هو "ما" و "لم" و "لا" و "أن" النافية) فيه مَعنَى المَاضِي لَفظاً، وهي نَفيٌ كقَولِكَ: كان سَيَفعل فَتَقول: مَا كَانَ لِيَفعَل .
ومثله: {ومَا كانَ اللّه لِيُعَذِّ بَهُم وَأَنتَ فِيهِمْ} (الآية "33" من سورة الأنفال "8" ) أو مَعنىً نحو: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغفِرَ لَهُمْ} (الآية "137" من سورة النساء "4" ) .
وأَنْ المُضمَرةُ في لاَمِ الجُحُودِ لا يَجُوزُ فيها الإِظهَارُ.
وهذه اللاَّمُ حَرفُ جَرّ، وأنْ المُضمَرة والفعل بَعدها المَنصُوبُ بها في تَأوِيلِ المَصدَر في محلِّ جَرّ، وهو مُتعلِّقٌ بِمَحذُوف هو خبرُ كان فتَقدير "ما كانَ زَيدٌ لِيَفعَلَ" ما كانَ زيدٌ مُرِيداً للفعل .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 03:59 AM

* لامُ الجواب : وهي ثَلاَ ثَةٌ: جَوابُ "لوْ" نحو: {لَو تَزَيَّلُوا لَعَذَّبنَا الَّذِينَ كَفَرُوا}(الآية "25" من سورة الفتح"48") وجَوابُ "لولا" نحو: {وَلَولاَ دَفعُ اللَّهِ النّاسَ بعضَهُم بِبَعضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ} (الآية "251" من سورة البقرة "2" ) . وجَوابُ القَسَم نحو: {تَاللَّهِ لَقَد آثَرَكَ اللَّهُ عَلَينَا} (الآية "91" من سورة يوسف "12" ) .
* اللاَّمُ الزّائدَة: وهي للتوكيد نحو قَول رُؤبَة:
أُمٌّ الحُلَيس لَعَجُوزٌ شَهرَبَه* تَرضَى مِنَ اللَّحمِ بعَظمِ الرَّ قَبة
(الشَّهرَبَهْ: العجوز الكبيرة) وفي خبر"لكنَّ" كقولِ الشاعر:
يَلُومُونَني في حُبِّ لَيلى عَوَاذِلي * ولكنَّنِي مِن حُبِّها لَعَمِيدُ
والدَّاخِلَةُ في خَبر "أنَّ" المفتوحَة كقِراءَة سَعيد بن جُبَير: {إلاَّ أَنَّهُمْ لَيَأكُلُونَ الطَّعَامَ} (الآية "20" من سورة الفرقان "25" . والقراءة المشهورة: {إلاّ إنهم}).
* اللاَّمُ الفَارقَة: هيَ الَّتي تَلزَمُ "إن" المَخفّفَةَ من الثَّقِيلَةِ إذا أُهمِلَتْ وتَقَعُ بعدَها، وسُمِّيَت فَارِقَةً فَرْقاً بَينَهَا وبَينَ "إن" النّافِيَة، نحو: {وَإنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إلاَّ عَلى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} (الآية "143"من سورة البقرة "2" ) .
* اللاَّمُ المُزَحلَقَة: هي لاَمُ الابتداءِ بَعدَ "إن" المكسورة، وسُمِّيَت مُزَحلَقَةً لأنهمَ زَحلَقُوها عن صَدْرِ الجملةِ كَراهيَةَ ابتداءِ الكلامِ بِمؤَكِّدَينِ ولها أربعةُ مَواضعَ:
(1)خبُر "إن" بثلاثَةِ شُرُوطٍ:
كَونِه مُؤَخَّراً، مُثبَتاً، غَيرَ ماضٍ، نحو: {إنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} (الآية "39" من سورة إبراهيم "14" )، {وإنَّكَ لتَعَلَمُ مَا نُرِيدُ} (الآية "79"من سورة هود "11" ) . {وإنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (الآية "4" من سورة القلم"68"). فإن قُرِنَ الماضِي بـ "قَد" جاز دُخُول اللاَّم عليه، نحو "إنَّ الغائب لَقَدْ حَضَر" .
وأجازَ بَعضُهم (الأخفش والفراء وتبعهما ابن مالك) دُخُولَها على المَاضِي الجَامِدِ لِشَبَهِهِ بالاسمِ، نحو "أنَّ إبراهيمَ لِنعمَ الرَّجُل".
(2) مَعمُولُ الخَبَر وذلك بثلاثةِ شُروطٍ أيضاً: تَقَدُّمُه على الخَبَر، وكَونُه غيرَ حَال، وكونُ الخَبَر صَالِحاً لِلَّلامِ نحو "إنَّ زَيداً لَطَعَامَكَ آكِلٌ" .
(3) اسم "إن" إذا تأخّر: عن الخبر، نحو: {إنَّ في ذلك لَعِبرة}(الآية "13" من سورة آل عمران "3" ) أو عَن مَعمُولِ الخَبَر إذا كان ظَرْفاً نحو "إنَّ عِندَك لَخَالِداً مًقِيمٌ" أوجَارّاً ومَجرُوراً نحو: "إنَّ في الدَّارِ لَزَيداً جَالِسٌ" .
(4) ضَميرُ الفَصل بِدونِ شَرْطٍ نحو: {إنَّ هَذا لَهُو القَصَصُ الحَقُّ} (الآية "62" من سورة آل عمران "3" ).
ويُحكَمُ على هذه اللاَّم بالزِّ يَادَةِ في غيرِ هذِهِ المواضع .
* اللاَّمُ المُوطِئَةُ للقَسَم: وهي الدَّاخلةُ على أَدَاةِ الشَّرطِ "إن" غَالِباً، (وقد تدخل على غيرها من أدوات الشرط من ذلك قراءة غير حمزة{لما أتيتكم من كتاب وحكمة} وقول الشاعر:
لَمَتَى صلَحتَ لَيُقضين لك صالحٌ * ولتجزينَّ إذا جزبتَ جميلا)، إيذَاناً بأنَّ الجَوابَ بَعدَها مَبنيٌّ على قَسَمٍ قَبلَها لا عَلَى الشَّرْطِ نحو: {لَئِن أُخرِجُوا لا يخرُجُون مَعَهُمْ ولَئِن قُوتِلُوا لا يَنصُرونَهُمْ} (الآية "12" من سورة الحشر"59") . ثمَّ إن كان القَسَمُ مَذْكوراً لم تَلزَم اللاَّم مثل "واللَّه إنْ أكرمتَني لأُكرِمَنَّكَ" . وإن كانَ القَسَمُ مَحذُوفاً لزمت غالِباً، وقَد تُحذَفُ والقَسَمُ مَحذُوفٌ نحو: {وإنْ لمْ يَنتَهُوا عمّا يقُولونَ لَيَمَسَّنَّ} (الآية "73" من سورة المائدة "5" )، {وإنْ لمْ تَغفِرْ لَنَا وتَرْحَمناَ لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِين} (الآية "23" من سورة الأعراف "7" ) وقيل هي مَنوِيَّة في نحو ذلك .
* لِئَلاّ: كلمةٌ مُرَكَّبَةٌ مِن لامِ التَّعليلِ و "أنْ" النَّاصِبَةِو "لا" النَّافِيَةِ، ولذلك تَدْخُلُ على المُضَارِعِ فَتَنصِبهُ نحو قولِه تعالى: {وحَيثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُم شَطرَهُ لِئَلاّ يكونَ للنَّاسِ عَلَيكُمْ حُجَّةٌ} (الآية "150" من سورة البقرة "2" ) .
* لاَ يَكُونُ: قَدْ تَأتِي مِنَ أَدَواتِ المُستَثنَى، إذا كانَ فيها مَعنَاه، والمُستثنى بها واجِبُ النَّصبِ، لأنَّه خَبَرُها، واسمُها مستترٌ يعودُ على ا سمِ الفَاعِلِ المَفهُومِ من الفِعلِ السابق، فإذا قلتَ "أَتَوْنِي لا يكونُ زَيداَ"، استثنى زَيداً مِمَّن أَتَوه، و "ومَا أَتَاني أَحدٌ لا يَكونُ زيداُ" كأنَّه حينَ قال: أَتَوْني، صَارَ المُخَاطَبُ عندَه قَدْ وَقَع في خَلدِه أنَّ بَعض الآتين زَيدٌ، فاستَثناه من الذين لَمْ يَأتوا .
وتَرِكَ إظهار بَعضٍ استِغنَاءً . ويُلاَحَظَ بـ "لا يَكُون" في الاستِثناء أنها لا تُستَعمَل مع غَير "لا" مِن أدَوَاتِ النَّفي، وجُملَةُ"لا يكون" في مَوضِعِ نَصبٍ على الحَال من المُستَثنى منه، ويُمكِنُ أن تكُونَ الجُملَةُ مُستَأنَفَةً لا محلَّ لها.
وعِندَ الخليل - كما يقول سيبويه - قَدْ يكونُ "لاَ يكونُ" ومَا بَعدها صِفةً، وذَلك قَولُك: "مَاأَتَاني رَجلٌ لا يَكُونُ بِشراً" .
ويقولَ سيبويه: ويَدُلُّك على أنَّه صِفَةٌ أنَّ بعضَهم يقول: "ما أتَتنِي امرَأةٌ لا تَكُونُ فُلاَنةً" .
فَلَو ْلَمْ يَجعَلُوه صِفةً لم يؤنثوه .
* لَبَّيكَ: مِنْ لَبَّ بالمكانِ لَبَّاً، وألَبَّ: أقامَ به ولَزِمَهُ، فمعنى قولِهم: "لَبَّيكَ" لُزُوماً لِطَاعَتِك، أو أنا مُقيمٌ عَلى طَاعَتِكَ إقامةً بعدَ إقَامَةٍ، وإنّما كانَ عَلى هَيئَةِ المُثَنى لِيُفِيدَ مَعنى التَّكرار، ومَعناه عَلى هذا: إِجَابَةً لكَ بَعدَ إجَابَةٍ .
* وإعرَابُه: النَّصبُ على المَصدر كقولِكَ: "حَمداً لِلَّهِ وشُكراً" وهو ملازمٌ للإِضَافَةِ للمُخَاطَب في الأَكثَر، وشَذَّ إضَافَتُه إِلى ضَمِيرِ الغَائِبِ في قَوْلِ الرَّاجزِ:
إنَّكَ لَوْ دَعَوْتَنِي وَدُوني * زَوْراءُ ذاتُ مَنزَعٍ بَيُون
(الزوراء: الأرض البعيدة، المنزع: الفراغ الذي في البئر، البيون: الواسعة، وفي البيت التفات من الخطاب إلى الغيبة في قوله: لبيه بعد قوله: إنك) .
لقُلتُ "لَبيَّهِ" لِمَنْ يَدْعُوني .
كما شَدَّ إضَافَتُهُ إلى الظَّاهِرِ في قَوْلِ أَعرابيّ مِن بني أسَد:
دَعوتُ - لِمَا نابَني - مِسوَراً * فَلَبَّى فلبَّيْ يَدَيْ مسِوَر
(نَابَنِي: أصَابَنِي، فَلبَّى: قال: لَبَّيك وهو فعل ماض (فلبَّيْ يَدَيْ مِسَور) أي أجبته إجابة بعد إجابة إذا سألني في أمرٍ ينوبه جزاءَ غرمه الدية التي لَزِمَتنِي) .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:00 AM

* الَّلتان: اسمُ موصول لتَثنِية "التي" بالألف رفعاً، و "اللَّتَين" بالياء المفتوح ما قبلها جَرّاً ونَصباً .
وتَمِيم وقَيس تُشَدِّدَانِ النُّونَ فيه للتعويض من المحذوف، أو للتأكيد فَرْقاً بَينَه وبَين المُعرَب في التثنية، ولا يَختَصُّ ذلكَ بحالةِ الرَفع فَيقولُون "اللَّتَانِّ" و "اللَّتَيَنِّ" وَبَلحارث بنُ كَعب وبعضُ رَبِيعة، يحذِفُون نُونَ اللَّتَان قال الأخطل:
هُمَا اللَّتَا لَوْ وَلَدَتْ تَمِيمُ * لَقِيلَ فَخرٌ لَهُمُ صَمِيمُ
* الَّتي: اسمُ مَوْصُول، للمُفردةِ المُؤنَّثة عاقِلةً كانَتْ نحو: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتي تُجادِلُكَ في زَوْجِهَا} (الآية "1" من سورة المجادلة"58") أو غَير عَاقِلة نحو: {مَا وَلاّهُمْ عَنْ قِبلَتِهِمُ الَّتي كانُوا عَلَيهَا} (الآية "142"من سورة البقرة "2" ) .
( =اسمْ الموصول) .
* اللَّتَيَّا: تصغير "الَّتي" ( =التصغير 13) .
* اللَّتَياَّت: جمع "الَّتَيَّا" تصغير "الَّتي" .
( =التصغير 13) .
* اللَّتَيَّان: مثنى "اللَّتَيَّا مصغر "الَّتي" .
( =التصغير 13) .
* لَدَى: اسمٌ جَامِدٌ لاحَظَّ له من الاشتِقاق والتَّفريق، وتُقلَبُ أَلِفُه يَاءَ مع الضمير، كما تُقلَبُ أَلِفُه يَاءً مع الضمير، كما تُقلَبُ أَلِف "إلَى" و "على" يُقَال: "إليَّ" و "أليه" و "عليَّ" و "عليه" وهي مثل "عِند" مُطلقاً إلاَّ أنَّ جَرَّها بحرفِ الجَرِّ ممتنعٌ، وأيضاً "عِند" أمكَنُ مِنها مِنْ وَجهين:
(الأول): أنها تكون ظرفاً لِلأَعيَان والمعَاني، تَقُول "هذا القَوْل عِندي صَواب" و "عند فُلانٍ عِلمٌ به" ويَمتَنِع ذلك في "لَدَى" (قَاله ابن الشجري في أماليه) .
(الثاني): أَنَّكَ تَقول "عِندي مَال" وإِنْ كانَ غائباً عنك، ولا تَقُول: "لَدَيَّ مَالٌ" إلاَّ إذا كان حَاضِراً (قاله الحريري وأبو هلال العسكري وابن الشجري) .
وتَختَلِفُ "لَدَى" عن"لَدُنْ" بأمور .
( =لَدُنْ) .
* لَدُنْ:
-1 - هيَ بِجَميع لُغَاتها لأَوَّلِ غَايَةٍ زَمَانٍ أو مَكانٍ، ومَعنَاها وإضَافَتُها كـ "عِندَ" إلاَّ أنَّها أقرَبُ مَكاناً مِن عِندَ وأَخَّصُّ منها، وتَجُرُّ مَا بَعدَها بالِإضافَةِ
لَفظاً إِنْ كانَ مُعرَباً مَبنيّاً أو جُملَةً، فالأوَّل نحو: {مِنْ لَدُنْ حَكيمٍ خَبِيرٍ} (الآية "1" من سورة هود "11" )، والثاني نحو: {وَعَلَّمنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلماً} (الآية "65" من سورة الكهف "18" ) والثالث كَقَوْلِ القُطَامِي:
صَرِيعُ غَوانٍ رَاقَهُنَّ وَرُقنهُ * لَدُنْ شَبَّ حتَّى شَابَ سُودُ الذَّوائبِ
فـ "لَدُنْ" مُلازِمَةٌ للإِضَافَة، وما بَعدَها مَجرورٌ بِها لَفظاً أو مَحَلاً، فإذَا أُضِيفَتْ إلى الجُملَة تَمَحَّضَتْ للزَّمَان، لِأَنَّ ظُرُوفَ المَكان لا يُضَافُ مِنها إلى الجملة إلاّ "حيث" .
وإذا اتَّصَل بـ "لّدُنْ" ياء المُتَكَلِّم اتَّصَلَتْ بِها "نُونُ الوِقَاية" يُقالُ "لَدُنّي" بِتَشدِيد النُّون، ويَقِلُّ تَجرِيدُها مِنها، فيقال: "لَدُنِي" بتَخفِيفِ النُّون .
-2 - "لَدُنْ" تُفَارِقُ "عِند" بستة أُمُور:
(1) أنَّها مُلازِمَةٌ لِمَبدَأ الغَايَات، فَمِنْ ثمَّ يَتَعَاقَبَان، ففي التَّنزِيل: {آتَينَاهُ رَحمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلماً} (الآية "56"من سورة الكهف "18" ) بِخِلاف: "جَلَستُ عِندَه" فلا يَجُوزُ: جَلَستُ لَدُنه، لِعَدَم مَعنَى الابتِدَاء هُنَا .
(2) أنَّه قَلَّما يُفَارِقُها لَفظُ "مِنْ" قَبلَها .
(3) أنها مَبنيَّة إلاَّ في لُغَةِ قَيس،
وبلغتهم قرئ {مِنْ لَدْنِهِ} (وهي عندهم مَضْمُومَةُ الدال إلا أنَّ هذا السكونَ عارض للتخفيف).
(4) جَوازُ إضافَتِها إلى الجُمل كما تقدَّم.
(5) جَوازُ إفرادها (أي قطعها عن الإضافة لفظاً ومعنى). قَبْلَ "غُدْوَةً" وتُنصَبُ بها "غُدوةً" إمَّا عَلى "التَّمييز، وإمَّا على التَّشْبيه بالمَفْعُولِ به، أو خَبَرَاً "لِكَان" مَحْذُوفَةً مع اسْمِها ومِنه قوله:
ومَا زَالَ مُهْرِي مَزْجَرَ الكَلْبِ مِنْهُم * لَدُنْ غُدْوَةً حتَّى دَنَتْ لِغُروبِ
(6) أنَّها لا تَقَعُ إلا فَضْلةً تَقُولُ: "السَّفَرُ مِنْ عِنْدِ دَمْشَق" ولا تقُول: من لَدُنْ دِمَشْقَ.
-3 "لَدُن" تُفَارِقُ "لَدَى" بخمسةِ أمُور:
(أ) أنَّ "لَدُن" تحِلُّ مَحَلَّ ابْتِدَاءِ غَايَةٍ، نحو "جِئْتُ مِنْ لَدُنْه" وهذا لا يَصِحُّ في "لَدَى".
(ب) أنَّ "لَدُن" لا يَصِحُّ وُقُوعُها عُمْدةً في الكَلامِ، فلا تكُونُ خَبَراً للمُبتَدَأ ومَا شَاكَلَ ذَلكَ، بِخِلافِ "لَدَى" فإنَّه يَصِحُّ ذلك فيهَا نحو "لدَيْنا كَنْزُ عِلْم".
(جـ) أنَّ "لَدُن" كثيراً ما تُجَرُّ بـ "مِن" كما مَرَّ بِخلافِ "لَدَى".
(د) أَنَّ "لَدُن" تُضافُ إلى الجُملة نحو "لَدُن سافَرْتُ" وهَذا مُمتَنِع في "لَدَى".
(هـ) إنْ وقَعَتْ "لَدُن" قبلَ "غُدْوَة" جَازَ جَرُّ "غُدوة" بالإضافَةِ، ونَصبُها على التمييز، ورَفْعُها على تَقْدِيرِ: "لَدُن كَانَتْ غُدْوةٌ" و "لدَى" ليسَ فيها إلا الإضافَةُ فقط.
-4 تَخفيف "لَدُن" إلى "لَدُ":
وقَدْ تُخَفَّفُ "لَدُن" إلى "لَدُ" لِكَثْرةِ الاستِعْمال، نحو قول الشاعر:
"منْ لَدُ شَولاً فإلى أتَلائها"
وتقدَّم هذا الشاهد وإعراب "شولاً" في حذف كان "14" .

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:00 AM

* الَّذي: اسم مَوْصُول للمُفرَد المُذكر، عَاقِلاً كان نحو: {وَقَالُوا الحَمْدُ للَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} (الآية "74" من سورة الزمر "39" ). أو غيرَ عَاقِل نحو: {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُون} (الآية "103" من سورة الأنبياء "21").
* الَّذينَ: اسمُ مَوْصُول وهو بالياءِ في الرَّفْع والنَّصْب والجَرِّ لجَمع المُذَكَّر العَاقِل أيضَاً، وعِنْد هُذَيل وعُقَيل بالوَاوِ رَفْعاً، وبالياءِ نَصْباً وجَرّاً.
قال رَجُلٌ من بَني عَقيل:
نحْنُ الَّذُونَ صَبَّحُوا الصَّبَاحا * يَومَ الُخَيلِ غَارَةً مِلْحَاحَا
وهَل هو حينئِذٍ مُعْرَبٌ، أو مَبْني جيءَ به على صُورةِ المُعْرَب؟ قَولانِ عِند النُّحاة، الصحيحُ الثاني.
* اللَّذان (الفِياسُ في تثنِية الذي والتي أَنْ يُقَال: اللذَيَان واللَّتَيَان، وفي تثنية ذا، وتَا الإِشَارَتَين ذَيَانِ وتَيَّان كما يُقَال: القَاضيان بإِثْبَات الياء، وفَتَيان بِقَلْبِ الألف يَاء، ولكنَّهم فَرَّقوا بَيْنَ تَثْنية المبنى والمُعْرَب، فَحَذفُوالآخِر من المبني، كما فَرَّقوا في التَّصغير، إذ قالوا في تصغير "الذي والتي وذَا، وتَا" "اللَّذَيّا واللَّتَيَّا وذَيَّا وتَيّا" فأبْقَوا الحَرف الأوَّل على فَتْحِه، وزَادُوا ألفاً في الآخِر عِوَضاً عن ضَمةِ التَّصغير): اسمُ مَوْصُول تَثْنِيةُ "الذِي" بالألِفِ رَفْعاً و "اللذَيْن" بالياءِ المَفْتُوح ما قَبلها جَراً وَنَصْباً. وتميمُ وقَيْسٌ تشدِّدَانِ النُون فيه تَعْويضاً من المحذوفِ، أو تأكيداً للفَرقِ بينه وبينَ ذلك بحالَةِ الرَّفع، لأنه قَدْ قُرِئ في السبعِ {رَبَّنا أَرِنا الَّلذَيَنِّ} (الآية "29" من سورة فصلت "41" ) كما قُرئ في حالة الرفع {واللَّذَانِّ يأتِيَانِهَا مِنْكُم} (الآية "16" من سورة النساء "4" ) وبَلْحرث بن كَعْب وبَعضُ رَبيعَة يَحذِفُون نُونَ اللَّذانِّ قال الأخطل:
أَبَنِي كُليب إنَّ عَمَّيَّ اللَّذا * قَتَلا المُلُوكَ وَفَكَّكَا الأَغْلالا
* اللَّذَيَّا: تَصْغير "الَّذي" (=التَّصغير 14).
* اللَّذَيَّان: تثنية "اللَّذَيا" مصغَّر "الَّذي". (=التصغير 14).
* اللَّذَيُّون: للرَّفع جمع "اللَّذَيَّا" مصغَّر "الذي". (=التصغير 14).
* الَّلذَيّين: للنَّصب والجر جمع "الَّلذَيَّا" مصغر "الذي". (=التصغير 14).
* لعلَّ: حرْفٌ يَعْمَلُ عَمَلَ إنَّ، ومَعْناهُ: التَّوَقُّع، وهو تَرَجِّي المَحْبُوب، والإشْفاقُ من المَكرُوه، نحو : {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون} (الآية "189" من سورة البقرة "2" ) أو إشْفاقاً نحو {لَعَلَّ الساعَةَ قَرِيبٌ} (الآية "17" من سورة الشورى "42" ).
وتختصُّ بالمُمكِن .
وقَد تَأْتِي للتَّعْليل نحو "انْتَهِ مِن عَمَلِكَ لَعَلَّنا نَتَغَذَّى" ومنه: {لَعَلَّهُ يَتَذكَّرُ أو يَخشَى} (الآية "44" من سورة طه "20" ) وأول الآية {فقولا له قولاً ليناً} ويجعلها المُبرِّد للرَّجاء فيؤوَّل قَائِلاً: اذْهَبا أنتما على رَجَائِكما ولا يُقال التَّرَجِّي لله ، كما في المقتضب 4/183).
التقدِير: لِنَتَغَذَّى، وَلِيَتَذَكَّرَ والأَولَى حَمْلُه على الرجاء، وكأن المَعنى اذهبا على رجَائِكُما كما قَدْ تأتي للاسْتِفهام (أثبته الكوفيون)، نحو: {وَمَا يُدْرِيكَ اَعَلَّهُ يَزَّكَّى} (الآية "3" من سورة عبس "80") تقديره: وَمَا يُدريك أَيَزَّكَّى. وهي من أخوات "إن" وأَحْكامها كأحْكامِهَا.
وخَبَر "لَعَلَّ" يكُونُ اسْماً نحو: "لعل محمداً صديقٌ" أو جاراً نحو: "لَعَلَّ خَالِداً في رَحْمَةِ اللَّهِ ومَغْفِرَته" أو جُملةً نحو: "لَعَلَّ زَيداً إنْ أتَيتَه أَعْطَاكَ" وإنْ كَان الخَبَرُ مُضَارِعاً فهو بِغَير "أنْ" أَحسَن، قال تعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحدِثُ بعدَ ذلكَ أَمْرَاً} (الآية "1" من سورة الطلاق "65"). وقال: {فَقُولا لَهُ قَولاً ليّناً لعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أوْ يّخْشَى} (الآية "44" من سورة طه "20" ).
وقد يَقْترِن خَبَرُها بـ "أنْ" كَثيراً حَمْلاً على عَسَى كقول الشاعر:
لَعَلَّكَ يَومَاً أَنْ تُلِمَّ مُلِمَّةٌ * عَليكَمن اللائي يَدَعْنَك أجْدَعَا
وقد تَتَّصِل بـ "لَعَلَّ" "ما" الكَافَّة، فَتَكُفَّهَا عَنِ العَمَل لِزَوَال اخْتِصاصِها بالأَسماء، ومِنْه قولُ الفَرزْدَق:
أعِدْ نَظَراً يا عَبْدَ قَيْسٍ لَعَلَّما * أضَاءَتْ لكَ النّارُ الحمارَ المُقَيَّدا
(وهناك رواية صحيحة: فربما بدل لعلما ولا شاهد فيه).
وقيل في "لَعَلَّ" لُغات عَشر، أفصَحها وأصَحُّها "لَعلَّ".
(=إنَّ وأخواتها).
* لَعلَّ في لُغَة عَقيل: تأتي في لُغَةِ عَقِيل حَرْفَ جَرٍّ، شَبِيهٍ بالزَّائِد، ومنه قولُ شَاعِرِهم:
عَعَلَّ اللَّهِ فَضَّلَكُم عَلَيْنا * بِشَيءٍ أَنَّ أُمَّكُمُ شَريمُ
("لعل" حرف جر شبيه بالزائد (الله) مبتدأ رفع بحركة مقدرة لاشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد).
فلفظ الجلالة مبتدأ مجرورٌ لفظاً على نحو: "بِحَسْبِك دِرهمٌ".
* اللَّفْظُ:
تعريفه:
صَوتٌ مُشْتَمِلٌ عَلى بَعْضِ الحُروفِ تَحْقيقاً كـ "عَلِم" أو تَقْدِيراً كالضَّمير المُسْتتِر في قولك "اسْتَقِم" الذي هُو فَاعِلهُ. و "اللَّفْظُ" مَصْدرٌ استُعمِل بمعنَى المَلْفُوظِ به، وهو المُرادُ به هُنا، و "اللَّفْظُ" خاصٌّ بما يَخْرج مِنَ الفَمْ من القول، فلا يُقال: "لَفْظُ اللّه" كما يُقال "كَلامُ اللّه".

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:01 AM

* اللَّفِيفُ من الأفعال:
قِسماه:
للفيفُ (1) مَفْروقٌ (2) ومَقْرُون.
(1) فالمَفْرُوق: هو الذي فاؤه ولامُه ن حُرُوفِ العِلَّة نحو: "وَقَى" و "وفَى" وحُكْمُه: باعتبارِ أوَّلِه كالمِثال.
(=المثال من الأفعال).
وباعْتِبَارِ آخِرِه كالنَّاقص،
(=الناقص من الأفعال).
تقولُ في المضارعِ "يَقِي" من "وَقَى" و "يفِي" من "وَفَى" وفي الأمر "قِهْ" و "فهْ" بحَذْفِ فائِه تَبَعاً لحَذْفِها في المضارع، مع حَذْفِ لامِهِ لِبِنائه عَلى الحَذفِ تَقُول: "قِه يا زيد" "قِيا يا زَيْدان" "قُوا يا زَيْدُون" "فِي يا هِنْدُ" "قِينَ يا نِسوة".
(2) والمَقْرُون: هُوَ مَا عَيْنُه ولامه حَرْفَا عِلَّةٍ نحو "طَوَى" و "نوَى" وحُكْمُهُ كالنّاقِصِ في جميع تَصَرُّفاتِهِ.
(=الناقص من الأفعال).
* اللَّقَبُ: (= العَلم 12 و 13)
* لِلَّه درُّه: مِنْ كَلِمَاتِ المَدْحِ والَّعَجُّب، والدَّرُّ: اللَّبَن، وفيه خَيرٌ كثيرٌ عِنْدَ العَرَب. فأُريد به الخَيرُ مجَازَاً، ويُقال في الذم: "لا دَرَّ دَرُّه" أي لا كَثُر خَيرُه، والعَرَبُ إذا عَظَّمُوا شَيئاً نَسَبُوهُ إلى اللّه تَعالى قَصْداً إلى أنَّ غَيره لا يَقْدِر، وإيذَاناً أنَّه مُتَعَجِّبٌ من أمْرِ نَفسِه، لأنَّه قَد يَخفى عليه شَأنٌ من شُؤُون نَفسه، وإمَّا تَعْجِيبٌ لِغيرِه منه، ومِثلُه ويُقَالُ في عَكْسِ هَذا وهُو الذَّم: "لا دَرَّ دَرُّه" ومثلُ للّه دَرُّه: "لِلَّهِ أَبُك" إذَا وجِدَ من الوَلَدِ ما يُحمَدُ قيل له هذا، حيث أَتَى بمثله، والإِعْراب ظاهر، فـ "للّه" متعلق بخبر مقدم وأبوك مُبْتَدأ مُؤَخَّر، ومِثلها في الإِعْرَاب: لِلَّهِ دَرُّه.
* لَمْ: أَدَاةٌ لِنَفِي الفِعلِ في الماضِي، وعَمَلُها الجَزْم، ولا جَزْم إلا في مضَارِع، وذلكَ قَولُكَ "قد فَعَلَ" فتقُول "لَمْ يَفْعَلْ" يافياً أ، يَكونَ فَعَل، ويَجُوز دُخُولُ هَمْزةِ الاسْتِفْهام عَلَيها نحو: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} (الآية "1" من سورة الإنشراح "94").
ولا تدخلُ "لمْ" إلاَّ على فِعْلٍ مُضارع، فإنِ اضْطُّر شاعرٌ، فقدَّم الاسمَ، وقد أوقَعَ الفعلَ على شيءٍ من سَبَبِهِ، لم يكن حَدُّ الإعراب إلاَّ النَّصبِ للمُتَقَدَّم نحو: "لَمْ زَيْداً أَضْرِبْهُ" لأنَّه يضمر الفعل، على حدِّ قول سيبويه:
وتَنْفرِدُ "لَمْ" عن "لَمَّا" الجازمة بِمُصَاحَبَةِ "لَمْ" لأَدَاةِ الشَّرط نحو: {وَإنْ لَّمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (الآية "67" من سورة المائدة "5" ).
وجَوازُ انْقِطاعِ نفي مَنْفِيِّها عن الحال، ولذلك جاز: {لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} (الآية "1" من سورة الدهر "76") أي ثُمَّ كان، وتنفرد "لمَّا" عن "لمْ" بأمور. (=لَمَّا).
* لِمَ: بكَسْر اللام وفتح الميم، يُستَفهم به وأصلُه "ما" وُصِلَتْ بلاَم الجَرِّ فَوَجَبَ حَذْفُ الأَلِفِ ولَكَ أنْ تُدخِلَ عليها هَاءَ السَّكتِ، فَتَقُول: "لِمَه".
* لَمَّا: تَأْتِي: استثْنَائِيَّة، وجَازِمَة، وظَرْفِية بمعنى حين.
* لَمَّا الاسْتِثْنَائِيَة: قَد تكونُ "لمَّا" حَرْفَ استِثنَاء بِمَعنى "إِلاَّ" فَتدْخُل على الجُملةِ الاسمِيَّة نحو: {إنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} (الآية "4" من سورة الطارق "86"). أي إلاَّعليها حافِظٌ، وعلى المَاضِي لَفْظاً لا مَعْنى نحو "أنشُدُك اللَّهَ لَمَّا فَعَلتَ". أيْ ما أَسْألُك إلاَّ فِعْلَكَ.
* لَمَّا الجازِمَة: تَختَصُّ بالمضَارِعِ فَتَجْزِمُه وتشتركُ معَ "لمْ" بالحَرْفِيَّة والنَّفي والجزمِ والقَلْبِ للمُضِيِّ، وجوَازِ دُخُولِ همزَةِ الاستفهامِ عَلَيهما، وتنفردُ "لَمَّا" الجَازِمَة بِخَمسَةِ أمُور:
(أ) جَوَازِ حَذْفِ مَجْزُومها والوقْفِ عَلَيها في الاخْتيارِ نحو "قَرُبَ خَالدٌ مِنَ المدِينَةِ وَلَمَّا" أي ولمَّا يَدخلْها بَعْدُ.
(ب) جوازُ تَوَقُّعِ ثُبُوتِ مَجْزُومِها نحو: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} (الآية "8" من سورة ص "38" ). أي إلى الآن مَا ذَاقُوه، وسَوفَ يَذُوقُونَهُ، ومن ثَمَّ امْتَنع أن يقال: "لَمَّا يَجمع الضِّدَّان" لأنهما لا يجتمهان أبداً.
(جـ) وجُوبُ اتَّصالِ نَفْيِ مَنفيّها إلى النطق كقول المُمَزَّق العَبْدي:
فإنْ كنتُ مأكولاً فكنْ خير آكلٍ * وإلاّ فَأدْرِكْني وَلَمَّا أُمَزَّقِ
(د) أنَّها لا تَقْترن بأداةِ الشَّرطِ لا يُقال: "إن لمَّا تَقُمْ" ويقال "إن لم" وفي القرآن الكريم {وإنْ لمْ تَفْعَلْ} (الآية "69" من سورة المائدة "5" ).

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:02 AM

* لمَّا الحينيَّة: (ومن النحاة من جعل الظرفية أو الحينية هذه حرفَ وُجودٍ لوُجود وتعصَّب لهذا الرأي ابن هشام ودلَّلَ عليه في كتابه "شرح قَطر النّدى") وهي الظَّرفيَّة، وتَخْتَصُّ بالمَاضي، ويكون جَوابُها فِعْلاً ماضياً، نحو: {فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إلى البَرِّ أَعْرَضْتُمْ} (الآية "67" من سورة الإسراء "17" ). أو جُمْلَةً اسميَّة مَقْرُنَةً بـ "إذا" الفُجَائِيّة نحو: {فَلمَّا نَجَّاهُمْ إلى البَرِّ إذا هُمْ يُشْرِكُون} (الآية "65" من سورة العنكبوت "29" ). أو بالفَاء نحو: {فَلَمَّا نَجَّاهُم إلى البَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} (الآية "32" من سورة لقمان "31" ). أوفِعْلاً مُضارِعاً عِنْدَ بعضِهم نحو: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إبْرَهيمَ الرَّوعَ وجَاءَتْهُ البُشْرَى يُجَادِلنَا} (الآية "74" من سورة هود "11" ). وهو مُؤَوَّلٌ بجادَلَنا. وقد يُحذَفُ جَوابها كما في قوله تَعالى: {فَلمَّا ذَهَبُوا به وأجْمَعُوا أن يَجْعلُوه في غَيَابَةِ الجُبِ} (الآية "15" من سورة يوسف "12" ). أي فَعلُوا به ما فَعَلوا من الأذى. قال سيبويه: أَعْجَبُ الكلماتِ كَلِمةُ "لَمَّا" إن دَخَلَت على المَاضي تَكون ظَرفَاً، وإنْ دَخَلَتْ على المُضارِع تَكون حرفاً، وإنْ دَخَلَتْ لا على المُضارِع ولا على المَاضي تكون بمعنى "إلاَّ" وأمْثَالُهَا كلُّها تَقَدَّمت.
* لَنْ : هِيَ حَرْفُ نَفيٍ وَنَصْبٍ واستِقْبال، وإنَّما تَقعُ على الأَفْعالِ نَافِيةً لِقَولِكَ: سَيَفْعل، ولا تَقْتَضِي تَأبِيدَ النَّفي ولا تَوْكِيدَه (بخلاف قول الزمخشري). بِدَلِيل قولِه تَعَالى: {فَلَنْ أُكَلَّمَ اليَومَ إنْسِيّاً} (الآية "26" من سورة مريم "19" ). فكلمة "اليَومَ" تنفي التّاييد.
وقَد تأتي للدُّعَاء نحو قول الأعْشَى:
لَنْ تَزالُوا كَذَلِكُمُ ثُمَّ لا زِلْ * تُ لكمُ خالِداً خُلودَ الجِبَالِ
ويَقُول المُبَرِّدُ وسيبويه: ولا تَتَّصِلُ بالقَسَم، كما لم تَتَّصل به سَيَفْعَل، ويَقُول ابن هِشام في المغني: وتَلَقِّي القَسَمِ بها نَادِرٌ جِدّاً كقول أبي طالب:
واللّهِ لَنْ يَصِلُوا إِلَيكَ بِجَمْعِهِم * حتى أُوَسَّدَ في التُرابِ دَفِينا
* اللَّهُمَّ : أصلُها: يا اللّه حُذِفَ منها حَرْفُ النِّداءِ، وعُوِّضَ عنه الميمُ المشَدَّدَةُ.
ولا يجوظ عند سيبويه أنْ يُوصَفَ، وقوله تعالى: {قل اللهمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ عَالِمَ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ} إنما هو نِدَاءٌ آخر، وخَالفَهُ المبرِّدُ ورأى أنَّه يُوصَف والآيةُ دليلة.
وقَد يُجْمَعُ بينَ المِيمِ المُشَدَّدَة وحَرْف النداء قَلِيلاً كقولِ أبي خِراش الهُذَلي:
إنِّي إذا مَا حَدَثٌ أَلَمَّا * دَعَوتُ يا اللَّهُمَّ يا اللَّهُمَّا
والأقربُ أنَّه للضَّرورة (= النداء).
* اللَّهُمَّ إلاَّ أن يَكونَ كَذا: الشَّائع استعمال "اللَّهُمَّ" في الدُّعاء، والميمُ فيها عِوَضٌ عَن حَرْفِ النِّداءِ، تَعْظِيماً وتَفْخِيماً، كما مرَّ قَرِيباً، ولذلك لا يُوصَفُ، ثُمَّ إنَّهُم قَد يأْتُون بـ "اللهم" قبل الاسْتِثناء، إذا كان الاستِثناء نادِراً غريباً، كأنَّهم لِنُدُورِهِ اسْتَظْهَرُوا باللَّهِ في إثباتِ وُجُودِهِ، وهُو كثيرٌ في كلامِ الفصَحَاءِ. والغَرَضُ أنَّ المُسْتَثْنَى مُسْتَعَانٌ باللَّهِ تعالى في تَحْقِيقِه تَنبيهاً على نُدْرَتِه وأنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالاسْتِثْنَاءِ إلاَّ بعدَ التَّفْويضِ للَّهِ تعالى.
* لَوْ: تأتي "لَو" على خَمْسَةِ أَقْسام:
(1) التَّقْليل.
(2) التَّمَني.
(3) الشَّرْطِية.
(4) العَرْض.
(5) المَصْدريَّة.
وإليكَهَا بهذا الترتيب:
* لَوْ للتَّقليل: مِثالُ التَّقليل في "لَوْ": "تَصَدَّقُوا ولو بِظِلْفٍ مُحَرَّق". وهي حِينَئِذٍ حَرْفُ تَقْليلٍ لا جوابَ له.
* لَوْ للتمنِّي: مِثَالُها: "لَو تحْضُرُ فَنَأْنَسَ بِكَ" ومنه قوله تعالى: {لَو أنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ المُؤمِنِينَ} (الآية "167" من سورة البقرة "2" ). ولهذا نُصبَ {فَنَكُونَ} في جوابها، وهذه لا تَحتَاج إلى جوابٍ كجوابِ الشَّرطِ، ولكن قد يُؤتى لها بجَوَاب مَنْصوب كجواب "لَيْتَ" (أي بمضارع منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية لتقدم التمني بحرف "لو" كما هي الحال بـ "ليت").

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:02 AM

* لَوْ الشّرْطيَّة: ("لو" هذه هي التي شهرت بأنها حرف امتناع لامتناع).
-1 هي قسمان:
(الأوَّل) أن تكُونَ للتَّعْلِيق في المُسْتَقبَل فَتُرَادِفُ "إن" الشَّرْطِية كقولِ 'بي صَخْرٍ الهُذَلي:
وَلَوْ تَلْتَقِي أصْدَاؤُنا بعدَ مَوْتِنا * ومِنْ دُونِ رَمْسَيْنا مِن الأرض سَبْسَبُ
لَظَلَّ صَدَى صَوتِي وإنْ كُنْتُ رِمَّةً * لِصَوتِ صَدَى ليْلى يَهَشُّ ويَطْرَبُ
(الصدى: تَرجيع الصوت من الجَبَل ونحوه، والرمس: القَبر أو تُرَابه، والسَّبْسَب: المَفَازَة، والرِّمة: العِظَام البَالِية، ويَهَش: يَرْتاح).
وإذا وَلِيَها مَاضٍ أُوِّلَ بالمستقبل نحو {وَلْيَخْشَ الَّذينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيةً ضِعَافاً خافُوا عَلَيهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّه} (الآية "9" من سورة النساء "4" ). أو مضَارع تَخَلَّصَ للاسْتِقْبَال، كما في "إن" الشَّرْطِيّة نحو:
لا يُلْفِكَ الرَّاجوكَ إلاَّ مُظْهِراً * خُلُقَ الكِرَامِ وَلَوْ تكونُ عديما
(حذفت ياءُ يلفيك للضرورة، أو إن "لا" هي الناهية).
(الثّاني) أنْ تكونَ للتَّعْليق في المَاضي وهُو أكثرُ اسْتِعْمالاتِها، وتَقْتَضِي لُزُومَ امتِنَاع شَرطِها لامتِناع جَوابِها إن لم يَكُنْ له سَبَبٌ غيرُ الشَّرْط، نحو: {ولَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بها} (الآية "176" من سورة الأعراف "7" ). و "لوكَانَتِ الشَّمسُ طَالِعَةً كان النَّهارُ مَوْجُوداً" وقَاعِدَة "لَوْ" هذه أنَّها إذا دَخَلت على ثُبُوتِيَّين كانا مَنْفِيَّين، تقول: "لو جاءَني لأَكْرَمتُه" والمُراد: فَما جَاءَني ولا أكرمتُه، وإذا دَخَلَت على مَنْفِيَّين كانَا ثُبُوتِيَّين، نحو: "لَوْ لَمْ يَجِدَّ في العِلمِ لَمَا نَال منه شَيئاً" والمراد: أنَّه جدَّ ونَال من العلم. وإذا دَخَلَت على نفي وثبوت كان النَّفي ثُبُوتاً، والثُبُوتُ نفياً، تقول: "لَوْ لَم يَهْتَمَّ بِأمْرِ دُنْيَاهُ لَعَاشَ عَالَةً على النّاسِ" والمعنى : أنه اهتَمَّ بأمر دُنيَاهُ ولَمْ يَعِشْ عَالَةً. وإن كان لِجَوابِ "لَوْ" سَبَبٌ غَيْرُ الشَّرْطِ لم يَلْزَم امتِناعُه ولا ثُبوتُه ومنه الأَثَرُ المروِي عَنْ عُمَرَ: "نِعْمَ العَبْدُ صُهَيْبٌ لَوْ لَمْ يَخفِ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ" (المراد: أن صهيباً لو قُدِّر خُلوُّه من الخَوفِ لم تَقَع مِنه مَعصيةٌ، فكيفَ والخوفُ حاصِلٌ منه، لأن انتفاء العِصْيان له سَبَبَان: خَوفُ العقاب والإجلال والإعظام للّه، ويلاحِظُ مثلَ ذلك صُهيب).
وإذا وَلِيَها مُضَارِعٌ أُوِّلَ بالمُضي، نحو {لَوْ يُطِيعُكُمْ في كَثيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّم} (الآية "7" من سورة الحجرات "49").
-2 اختِصَاص "لو" بالفعل: تَخْتَصُّ "لَوْ" مُطْلَقاً بالفعل، ويَجوزُ أن يَلِيَها قَليلاً: اْسمٌ مَعْمولٌ لفِعْلٍ محذوفٍ وُجُوباً يفَسِّرُه ما بَعدَه، إمَّا مَرفُوعٌ كقول الغَطَمَّشِ الضَّبيِّ:
أَخِلاَّيَ لَوْ غَيرُ الحِمَامِ أصابَكُمْ * عَتِبْتُ ولكنْ ما عَلى الدَّهْرِ مَعْتَبُ
وقولِهم في المثَل: "لَوْ غَيرُ ذاتِ سِوارٍ لَطَمَتني" (قاله حاتم الطائي، وكان قد أُسِر فَلَطَمته جاريةٌ من جَواري الحي الذي أُسِرَ فيه، ويَضربُ للوضيع يُهين الشريف).
أو مَنْصوب نحو "لَوْ محمداً رَايتُهُ أكرَمتُهُ"، أو خبر لـ "كانَ" محذوفة مع اسمها نحو "اِلْتَمِسْ وَلَو حاتَماً مِن حَديد" أي ولو كان المُلْتَمَسُ خاتَماً ويليها كثيراً "أنَّ" وصِلَتُها، نحو {وَلَوْ أنَّهُم صَبَرُوا} (الآية "5" من سورة الحجرات "49"). والمصدر المؤوَّل فاعل بـ "ثبت"مقدر، أي ولو ثَبَتَ صَبْرُهم، ومثلُه قولُ تميم بن أُبيِّ بن مُقْبِل:
ما أنعَمَ العَيْشَ لَو أنَّ الفَتَى حَجَرٌ * تَنبُو الحَوَادثُ عَنه وهو مَلْمُومُ
أي لَو ثَبَتَتْ حجَرِيَّتُه.
-3 جَوات "لو" الشرطيّة: جَوابُ "لو" إمَّا مَاضٍ مَعْنىً، نحو "لَوْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ" أو وَضعاً، وهو: إما مُثْبَتٌ فاقتِرانُهُ باللاَّم أكثَرُ نحو {لَو نَشَاءُ لَجَعَلناه حُطاماً} (الآية "65" من سورة الواقعة "56")، ومن القَليل: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلناهُ أُجَاجَاً} (الآية "70" من سورة الواقعة "56"). وإمَّا نَفي بـ "ما" فالأمْرُ بالعكس نحو {وَلَو شَاء رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ} (الآية "112" من سورة الأنعام "6" ). وقول الشاعر:
وَلَو نُعْطَى الخِيارَ لَما افترَقْنا * ولكن لا خِيَار مَعَ اللَّيالي
وقد يُلْغَى خبرُ "لَو" اكتِفَاءً بما يَدُلُّ عليه الكلام وثِقَةً بفهمِ المُخاطَب، وذلك من سُنَن العرب، كقولِ امرئ القيس:
وَجَدِّكَ لو شَيءٌ أَتَانا رسولُه * سِواك، ولكن لَمْ نَجِد لكَ مَدفَعا
والمعنى: لو أتانا رسولٌ سِواك لَدَفعناه. وفي القرآن الكريم: {لَو أنَّ لي بكُم قوةً أو آوِي إلى رُكنٌ شديد} (الآية "80" من سورة هود "11" )، وفي ضمنه : لَكُنْتُ أكُفُّ أَذاكم عَني، ونحو {كلاَّ لَو تَعْلَمُون عِلْمَ اليَقين}، وفي كلام اللَّه من هذا كثير.
* لَوْ للعَرْض: مِثالُها "لَوْ تَنْزِلُ عِنْدَنا فتصيبَ خَيراً" ولا جَوابَ له والفَاء بعدَها فَاءُ السَّببيّة لأنَّ العَرْضَ من الطلب.
* لَوْ المصدَرِية: تُرادِفُ "أنْ" وأَكثَرُ وقُوعِها بعدَ "وَدَّ" نحو {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} (الآية "9" من سورة القلم "68") أو "يوَدُّ" نحو {يَوَدُّ أَحَدُهُمُ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفُ سَنَةٍ} (الآية "96" من سورة البقرة "2" ) وتقديره: يوَدُّ الإدهان ويودُّ التعمير.
ومن القليل قَول قُتَيلةَ أختِ النّضرِ بن الحلرث الأسدية:
ما كان ضَرَّكَ لَو مَنَنْتَ ورُبَّما * مَنَّ الفَتَى وهُوَ المَغِيظُ المُحْنَقُ
وإذا وَلِيَها المَاضِي بَقِيَ عَلى مُضِيِّه، أو المضارِعُ تَخَلَّصَ للاسْتِقْبَال، كما أنّ "أَنْ" المصدرية كذلك.
* لَولا ولَومَا: لهذينِ الحَرفَين استعمالان:
أحَدُهُما: أَن يدُلا على امتِناع جَوابِهِما لوُجود تَاليهما فَيَخْتَصَّان بالجُملِ الاسمية، نحو: {لَولاَ أَنتُمْ لَكُنّا مُؤْمِنِينَ} (الآية "31" من سورة سبأ "34" )، وقول الشاعر:
لَولا الإصاخَة للوشاةِ لكانَ لي * من بعدِ سُخطِكَ في الرِّضاءِ رَجاءُ
والاسمُ المبتَدأ بعدَ "لولا" الامتناعية يَجِبُ حذفُ خَبَرِهِ، لأنه مَعْلومٌ بمُقتضى مَعنى "لولا".
(=الخبر "14" ).
والمَدْلُولُ على امْتِناعِه هو الجَوابُ، والمَدلُولُ على ثُبوته هو المُبْتدأ، وقد يُحذَفُ جَوابُ "لَولا" للتَّعْظيم وذلكَ في قوله تعالى: {ولَوْلاَ فَضْلُ اللَّه عَلَيكُم ورحمتُه وأنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكيم} (الآية "10" من سورة النور "24" ).
الثّاني: أنْ يَدُلاَّ على التَّحضِيضِ فَيَخْتَصَّان بالفِعْلِيَّة نحو {لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْنَا المَلائِكَةُ} (الآية "21" من سورة الفرقان "25" )، {لَوْمْا تَأتِينَا بِالملاَئِكَةِ} (الآية "7" من سورة الحجر "15" ).
ويُسَاوِيهِما في التَّحضِيضِ والاخْتِصَاص بالأفْعال "هَلاَّ وأَلاَّ وَأَلا". وقَدْ يَلي حَرفَ التَّحْضِيضِ اسمٌ مَعْمولٌ لِفعلٍ: إمَّا مُضْمَـرٌٍ كالحديث: "فَهَلاَّ بِكراً تُلاَعِبُها وتُلاَعِبُك". أي فَهَلاَّ تَزَوَّجْتَ بِكراً.
وإمَّا مُظْهَر مُؤَخَّر نحو {وَلَولاَ إذ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم} (الآية "7" من سورة النور "24" ) أي هَلاَّ قُلْتُم إذ سَمِعْتُمُوهُ.
ولو قُلتَ بالتَّحضِيض "لَولا زَيداً" على إضمار الفِعل، ولا تَذْكُره، جَازَ، أي لَوْلا زَيداً ضَرَبتَهُ، على قَولِ سيبويه.
ومَا ذَكَرناهُ هو أشهرُ استِعمالات هذه الأدوات.
وقَد تُسْتَعمَلُ في غير ذلكَ للتَّوبيخِ والتَّنْديم فتَخْتَصَّ بالمَاضي أو مَا في تأوِيلِه ظَاهِراً أو مُضمَراً نحو: {لَولا جَاؤوا عَلَيهِ بأرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} (الآية "13" من سورة النور "24" ). ونحو قوله:
أُتِيتُ بعَبدِ اللّهِ في القِدِّ مُوثقَاً * فَهَلاَّ سَعِيداً ذا الخِيانَةِ والغَدْرِ
أي فَهَلاَّ أسَرتَ سعيداً. قد يَقَعُ بَعْدَ حَرْفِ التَّحضِيضِ مُبتدأ خَبَر، فيُقدَّر المُضْمَر "كان" الشَّأْنِيَّة كقوله:
وثُبِّبُ لَيلَى أرْسَلَتْ بشفاعة * أي فهلا كان نفسُ ليلى شفيعها.

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:03 AM

* لَوْلاكَ وَلَوْلاي: عِندَ سيبويه: لولا تَخْفِض المُضْمَر، ويَرْتَفعُ بعدها الظَّاهِر بالابْتداء. - إن كان ثَمةَ ظاهِرٌ - قال يزيدُ بنُ الحَكَم الثقفي:
وكَمْ مَوْطنٍ لَوْلاي طِحْتَ كما هَوَى * بأجْرَامهِ من قُلَّةِ النِّيقِ مُنْهَوِي
وعِنْد الأَخْفش: وَافَق ضميرُ الخَفْض ضَمير الرَّفْع في "لَوْلاي" ويَرُدُّ المُبَرِّدُ عَلَى الرَّأيَيْن ونَرَى أنَّ الصَّواب فيها: "لَوْلا أَنْتَ" و "لوْلاَ أنا" كما قال تعالى: {لَوْلاَ أَنْتُم لكُنا مُؤْمِنين} وعِند الجميع أن هذَا أجود (انظر المقتضب 3/73، ورغبة الأمل في شرع الكامل 8/48 - 49).
* لَوْما:
(=لولا ولوما).
* لَيْتَ: هي للتَّمَني وهُوَ طَلَبُ ما لا طَمَع فيه أو ما فِيه عُسْر، وهي من أَخَوات "إن" وأحْكَامُهَا كأحْكَامِهَا.
وإذا دَخَلَتْ "مَا" الزائدة - وهي الكافَّة - عليْها تَبْقى على اخْتِصَاصِها بالجُمَلِ الاسْمِيّة، ويَجوزُ إعْمالُها وإهْمالُها وقد رُوي بِهما قَوْلُ النّابِغَةِ الذُّبْيَاني:
قَالَتْ ألاَ لَيْتَما هَذا الحَمَامُ لنا * إلى حَمَامَتِنَا أوْ نَصْفُه فَقَد
(يروى بروفع الحمام ونصبه، فالرفع على الإهمال والنصب على الإعمال، والنابغة قال هذا البيت فيزرقاء اليمامة، وكانت مشهورة بحِدَّة النظر فمر بها شِربٌ من لاقطا فحدَّثت أنه إذا ضم إليه نصفه وحمامتها كمل مائة، و "قد" هنا بمعنى حَسْب، والفاء لتزيين اللفظ).
* لَيْتَ شِعْرى: معناه: ليتني أشعر وأعلمُ، فـ "أشْعُر" هو خبَرُ لَيْت، وناب شِعْري عن أَشعر، والياء المضافُ إليه في شِعْري نَابَتْ عن اسم "لَيْت" والعربُ تِستَعْمِلُها وتُريد بها القَسَم والتأكيد.
* لَيْسَ: فِعْل جَامد مَعْنَاه النَّفي وتأتي في ثلاثة أغراض:
(1)تَعمل عَمَل كان، وأَحْكامُها كأحْكامِها إلاَّ في أشْياءَ منها: أنَّه لا يَجُوزُ أنْ يَتَقَدَّمَ خَبَرُها عَلَيْها ومِنْها: زِيادَةُ البَاءِ في خَبرِها بكثرةٍ نحو {أَلَيْسَ اللّهُ بكافِ عَبْدَهُ} (الآية "36" من سورة الزمر "39" ).
(=كان وأخواتها).
والمَعْطُوفُ على خَبرِ ليس المُلْتبس بالباء الزائدة فيه وجهان:
النَّصْبُ على المَوضع نحو "ليس زَيدٌ بِجَبَانٍ ولا بَجِيلاً" فبخيلاً مَعْطُوفٌ على مَوضِعِ جَبانٍ، وهو النَّصْب، لأنَّه خبرُ "ليس" ونحو "ليسَ زيدُ بأخِيكَ ولا صَاحِبَكَ" بالعَطفِ على المَوْضِع، والوَجْهُ - كا [كما؟؟] يقول سيبويه - الجرُّ، لأنك تريدُ أنْ تُشرِكَ بينَ الخَبَريْن، وأَنْ يكونَ آخِرُه على أَوَّلِه أَوْلى، لِيَكونَ حَالُهُما في الباء سَواءً.
ومما جَاء في الشِّعر في العَطْفِ على المَوْضِع قولُ عُقَيبةَ الأسدي:
مُعاوِيَ إنَّنا بَشَرٌ فأسجِحْ * فلَسْنا بالجبالِ ولا الحدِيدَا
(أسْجح: أرْفِق، وقد رُدَّ على سيبويه رواية البيت بالنصب، لأن البيت من قصيدة مجرورة معروفة وقال الشنتمري: "وسيبويه غير متهم فيما نقله رواية عن العرب، ويجوز أن يكون البيت من قصيدة منصوبة غير هذه المعروفة").
ويجوزُ في لَيْس أنْ يكونَ اسمُها ضميرَ الشَّأن، (=ضمير الشأن). يقولُ سيبويه: فمن ذلك قولُ بعضِ العرب: "ليسَ خَلَقَ اللّهُ مِثلَه" فلَوْلا أنَّ فيه إضْماراً - وهو ضَمِير الشَّأن - لم يَحُز أنْ تَذْكُرَ الفِعْل ولم تُعْمِله في الاسم، ولكِنْ فيه من الإضْمار مثلُ ما في إنه نحو "إنه مَنْ يَأْتِنا نَأتِه". قال الشاعر وهو حُميدُ الأرْقَط:
فأصْبَحُوا والنَّوَى عَالِي مُعَرَّسِهِم * ولَيْسَ كُلَّ النَّوى تُلْقِي المساكينُ
(المعرَّس: المنزل ينزله المسافر آخر الليل، يريد: أكلوا تمراً كثيراً وألْقَوا نواه، ولشدة جوعهم لم يُلقوا كل النوى).
أَرَادَ: وَلَيْسَ تُلْقِي المساكين كلَّ النَّوى، فاسمُ لَيْسَ ضميرُ الشَّأْنَ لأنَّ كلَّ مَفْعُولٌ لِتُلْقِي. ومِثْلُه قولُ هِشَام أَجِي ذِي الرُّمَّة:
هِي الشَّفَاءُ لِدَائِي لَو ظَفِرتُ بها * ولَيْسَ مِنْها شِفَاءُ الدَّاءِ مَبْذُولُ
(2)تَأْتي أَدَاةً للاسْتِثْنَاء، والمُسْتَثْنى بها وَاجِبُ النَّصْب، لأنَّه خَبرُها، واسْمها ضميرٌ مُسْتَتِر وُجُوباً يَعُودَ على اسمِ الفَاعِل المَفْهوم مِنْ فِعْلِه السَّابِق، فإذَا قُلْنَا "قَامَ القومُ ليسَ بَكْراً" يكونُ التقدير ليسَ القَائِمُ بَكْراً.
وعندَ الخَليل - كما يَقُولُ سيبويه - قد تَكونُ "لِيْسَ" ومَا بَعْدها صِفَةً وذَلِكَ قولُكَ ما أَتَاني أَحَدٌ لَيْسَ زَيْداً" يقول سيبويه: ويَدُلُّك على أَنَّه صِفَةٌ أنَّ بعضَهم يقول: "ما أتَتْنِي امْرَأَةٌ لَستْ فُلاَنَةً" فَلَوْ لَمْ يَجْعلوه صِفةً لم يُؤَنَّثُوه.
(3)تأتي عاطفة (هذا عند البغداديين، وعند غيرهم وهم أكثر النحاة: ليست حرف عطف). وتقتضي التَّشْريكَ باللَّفظ دُونَ المعنى لأنَّ المعنى يَنفي فيها مَا بَعْدها ما ثَبَتَ لما قَبْلَها، وعلى ذلك قولُ لَبِيدِ بنِ رَبيعَة العَامِري يحُثُّ على المُكافَأة:
وإذا أُقْرِضْتَ قَرْضاً فَاخْزِه * إنَّما يَجْزي الفَتة ليْسَ الجَمَلْ
(والجمل في البيت اسم ليس، وخبرها محذوف أي ليس الجمل جازياً).
* لَيْسَ غَيْرُ وليس إلاَّ: إذا وَقَعَ بعد "لَيْسَ" "غير" وعُلِم المضافُ إليه جاز ذكْرُه، نحو "أخَذْتُ عَشْرَةَ كُتُب ليسَ غَيْرُها" (برفع غيرها اسماً والخبر محذوف أي ليس غيرها مأخوذاً، أو بالنصب على حذف الاسم أي ليس المأخوذ غيرها)، وجاز حَذْفُهُ لَفظاً، فَيُضَم بغَيرِ تَنْوين فتقول: "دَعَوْتُ ثَلاَثَةً ليس غيرُ" على أَنَّها ضَمَّةُ بناء لأنها كـ "قَبْلُ" في الإبهام، فهي اسم ليسَ أو خبرها،
ومثلُها: لَيْسَ إلاَّ - كما يقول سيبويه - كأنَّه يقول: ليسَ إلاَّ ذاك، ولكنهم حَذَفُوا ذَاك تَخْفِيفاً واكتِفَاءً بعِلْم المُخَاطَب، وكِلاَهُما مَحْذوفُ الخَبَر، التَّقدير: ليسَ إلاَّ ذاكَ حَاضِراً.

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:04 AM

بَــاب المِــيمْ
* ما: في جميع معانيها تُعبِّر عنْ غير الآدَميِّين، وعن صِفات الآدِميِّين.
* ما الاسْتِفْهَامِيّة:
-1 معناها:
مَعْنَاها: أيُّ شَيء نحو {مَا هِي؟} (الآية "68" من سورة البقرة "2" )، {مَا لَوْنُها؟} (الآية "69" من سورة البقرة "2" )، {ومَا تِلْكَ بيَمينِكَ} (الآية "17" من سورة طه "20" ) وهي سُؤَالٌ عَنْ غَيْر الآدمِيِّين وعَنْ صِفَاتِ الآدميين، فإذا قلتَ: "ما عِنْدَكَ؟" فَتُجِيبُ عَنْ كلِّ شيء ما خَلاَ مَنْ يعقل، و "ما" في قولك "ما اسْمُكَ؟"، و "ما عِنْدَكَ؟" في مَوضِع رفعٍ بالابْتِداء.
-2 حَذْفُ ألفها:
يَجبُ حَذْفُ ألِف "مَا" الاسْتِفهامية إذا جُرَّت وإبْقَاءُ الفَتحَةِ دَليلاً عَلَيْها نحو "فِيمَ" و "ألامَ" و "علاَمَ" و "بمَ" و "عمَّ" نحو {فِيمَ أنْتَ مِنْ ذِكْراها} (الآية "43" من سورة النازعات "79")، {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المُرْسَلُون} (الآية "35" من سورة النمل "27" )، {لِمَ تقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونُ} (الآية "2" من سورة الصف "61").
-3 تركيب ما مع "ذا":
(=ذا).
تأتي في ذلك على أربعَةِ أوْجُه:
أحَدُها: أنْ تكونَ مع "ذا" للإشَارَة نحو "ماذا التَّقْصِير".
الثاني: أَنْ تكونَ مَعَ "ذَا" المَوْصُولة.
الثالث: أنْ يكونَ "مَاذا" كُلُّه اسْتِفْهَاماً على التَّركيب كقول جرير:
ياخُزْرَ تَغْلِبَ مَاذَا بَالُ نِسْوتكم * لا يَسْتَفِقْنَ إلى الدَّيْرَينِ تَحنَا نا
(الخزر: جمع "أخزر" وهو صغير العينين).
الرابع: أنْ يَكُونَ "مَاذا" كلُّه اسمَ جِنسٍ بمعنى شيء أو موصولاً بمعنى الذي على خِلافٍ في تخريجِ قول المثقّب العبدي:
دَعِي مَاذا عَلِمتِ سأتَّقِيه * ولكنْ بالمغَيَّبِ نَبِّئيني
فالجُمهورُ على أَنَّ "مَاذَا" كُلَّهُ مَفْعول "دَعِي" في البَيْت، ثمَّ اخْتَلفُوا فقال بعضُهم: مَوْصُول بمعنَى الذي، وقال آخَرُون: نَكِرَةٌ بمَعْنَى شيء.
* ما الإبْهامِيَّة: هي التي إذا اقْتَرَنتْ باسمٍ نَكِرة أَبْهَمته وزادَتْه شِياعاً وعُموماً نحو "أعْطِنِي كِتَاباً ما" أمَّا قَوْلُهم "أعَطِني أَيَّ كتات"، فخطأ: إذ لا تصلح أيّ هنا لا للاستفهام، ولا للموصول.
* مَا التَّعَجُّبِيَّة:
(=التَعَجُّب 3).
* مَا الحِجَازِيَّةُ:
-1 التّعريفُ بها وتسميتها:
"مَا" الحجازية هي من المُشَبَّهاتِ بـ "لَيْسَ" في النَّفي وتَعملُ عَمَلَهَا وهو رأي البصريين (أما الكوفيون فلم يعملوها، وما بعدَمَا عندهم مبتدأ والاسم بعده خبر، كما أهملوا ليس حملاً عليها، فقالوا: ليس الطيبُ إلا المِسْكُ، وأصلهم أن التميميين أهملوهما) وإنما سُمِّيت حِجَازيَّةً لأنَّ الحِجَازِيِّين أَعْمَلُوها، في النَّكِرَة، والمَعْرِفَة، وبلُغَتِهم جاء التَّنْزِيل قال تعالى: {مَا هَذا بَشَرَاً} (الآية "31" من سورة يوسف "12" )، {ما هُنَّ أُمّهَاتِهْم} (الآية "3" من سورة المجادلة "58").
-2 شُروط إعمالها:
تضعْمَلُ "مَا" الحجازيةُ بأربعَةِ شُرُوط:
(أحدُها) ألاّ يَقترن اسمُها بـ "إن" الزَّائدة وإلاَّ بَطَل عَملها كقوله:
بَنِي غُدَانَةَ مَا إنْ أَنْتُمُ ذَهَبٌ * ولا صَرِيفٌ ولَكِنْ أنْتُم خَزَفُ
(برفع "ذهب" على الإهمال، ورواية ابن السكيت "ذهباً" بالنصب، وتخرَّج على أن "إن" النَّافِية مؤكدة لِـ "ما" لا زَائِدة، و "غدَانة" هي من يربوع، "الصَّرِيف" الفضة الخالصة "الخَزَفُ" كُلُّ ما عُمِلَ من طين وشُوِي بالنَّار حتى يكونَ فخاراً).
(الثاني) ألاَّ يَنْقِضَ نَفْيُ خَبرِها بـ "إلاَّ" ولذلك وجَبَ الرفعُ في قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُنا إلاَّ واحِدَةٌ} (الآية "50" من سورة القمر "54")، {وَمَا محَمَّدٌ إلاَّ رَسُولٌ} (الآية "144" من سورة آل عمران "3" )، {مَا أَنْتُم إلاّ بَشَرٌ مثلُنا} (الآية "15" من سورة يس "36" ) فأمَّا قوله:
وَمَا الدَّهْرُ إلا مَنْجَنُوناً بأهلِه * ومَا صاحِبُ الحاجاتِ إلاَّ مُعذَّبا
("المنجنون" الدُّولاب التي يُستَقى بها الماء والمعنى: وما الزَّمان بأهله إلا كالدولاب تارةً يرفع وتارةً يَضَع).
فمِنْ بابِ المفْعُولِ المطلَقِ المحذوف عَامِلُه، على حدِّ قولك "مَا محمّدٌ إلاَّ سَيْراً" أي يَسيرُ سَيْراً والتقدير في البيت:
مَا الدَّهرُ إلاَّ يَدورَ دَوَران مَنْجنونٍ بأهلِه * وماصاحبُ الحَاجَات إلا يُعَذَّبُ تعذيباً
وَأَجازَ يُونُس النصب بعد الإيجاب مطلقاً وهذا البيتُ يَشْهَدُ لَهُ (وعند الفراء يجوز النصب بعد الإيجاب إذا كان الخبر وصفاً).
ولأجلِ هذا الشّرطِ وجبَ الرَّفعُ بعد "بَلْ ولكن" في نحو "ما هِشَامٌ مسافراً بل مُقيمٌ" أو "لكنْ مقيمٌ" على أنه خبرٌ لِمُبْتَدأ محذوف ولم يَجُزْ نَصْبُهُ بالعَطفِ لأَنَّهُ موجَب.
(الثالث) ألاَّ يَتَقَدَّم الخبرُ على الاسم وإن كان جَارَّاً ومَجروراً، فإن تَقَدَّمَ بَطَل كقولهم "ما مُسِيءٌ مَنْ أعْتَبَ" (فـ "مسيء" خبر مقدم و "من" مبتدأ مؤخر، وحكى الجرمي "ما مُسِيئاً من أعتب" على الإعمال وقال: إنه لغة، والمعتب: الذي عاد إلى مَسرَّتِك بعدَما سَاءك). وقول الشاعر:
وَمَا خُذّلٌ قَومِي فَأَخْضعَ للعِدى * وَلَكِنْ إذا أدْعُوهُمُ فَهُمُ هُمُ
(خذل: جمع خاذل، خبر مقدم و "قومي" مبتدأ مؤخر).
قال سيبويه: وزعموا أن بعضهم قال وهو الفرزدق:
فأصبَحوا قَد أعادَ اللّه نِعْمَتَهُمْ * إذ هُمْ قُرَيْشٌ وإذ ما مِثْلَهم بشرُ
بنصب "مثلهم" مع تقجمه، فقال سيبويه: وهذا لا يَكادُ يُعرَف، على أن الفرزدق تَمِيمِي يَرفَعُه مُؤَخَّراً فكيف إذا تَقدَّم،

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:04 AM

(الرابع) ألاَّ يَتَقَدَّمَ معمولُ خَبَرها على اسْمِها، فإن تقدَّم بَطَلَ عَمَلُها كقول مُزَاحَم العُقَيلي:
وقالوا تَعرَّفْها المَنَازلَ مِن مِنىً * وما كُلَّ مَنْ وَافَى مِنىً أنا عارفُ
("تَعَرَّفَها" يقال: تَعَرَّفتُ ما عِندَ فلان: أي تطلبت حتى عرفت، "المَنازِل" مَفْعول فيه، أو منصوب بنزع الخَافِص، و "كل" مفعول "عارف". فبطل عمل "ما" لبقدم معمول الخبر على الاسم فـ "أنا عارف" مبتدأ وخبره).
إلاّ إن كانَ المعمولُ ظرفاً أو مجروراً فيجوزُ عَمَلُها كقول الشاعر:
بأُهْبَةِ حَزْمٍ لُذْ وإنْ كُنتَ آمِناً * فما كُلَّ حِينٍ مَنْ تُوالِي مُوالِيا
(فـ "ما" نافية حجازية "من توالي" اسم موصول اسمها "موالياً" خبرها منصوب "كل حين" ظرف زمان منصوب بـ "موالياً").
والأصْلُ: فَمَا مَنْ تُوَالي مُوالياً كُلَّ حين.
-3 زِيادَةُ الباءِ في خبرها:
تُزَاد الباءُ في خبر "ما" بكثرة وذلك نحو قوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (الآية "99" من سورة آل عمران "3" ).
* مَا الشَّرطِيَّة: يُعَبَّر بها عَنْ غيرِ العاقِلِ، وتجزمُ فِعْلَين، ولا بُدَّ لَها مِن عائدٍ، تقول: "ما تركَبْ أرْكَبْ" ولا بُدَّ منْ تقدير الهَاء، أي أرْكبْه، والأحسن "ما تَرْكَبْ أركَبْهُ" ومثله قوله تعالى: {وَمَا تَفْعلوا مِن خير يعلمهُ اللَّه} (الآية "197" من سورة البقرة "2" ) فـ "مَا" شَرْطيَّة مفعول تركب وأضمرت الهاء في تَرْكَبْ، فإذا جعلتها بمنزلة الذي قلت: ما تقولُ أقولُ، فيصيرُ تقول صلةً لِمَا، حتى تكمل اسْماً، فكأنّك قلت: الذي تقولُ أقولُ، كما يقول سيبويه.
(=جَوَازِم المُضَارع 3).
* مَا الكَافَّة: هي التي تَكُفُّ عَامِلاً من كَلِمةِ أو حَرفٍ عَنِ العَمَل فمِنْها: كافَّة عن عَمَل الرَّفْع، وهي المُتَّصَلة بـ "قَلَّ" و "طالَ" و "كثُر" تَقُول: قَلَّما، و "الَما، وكثُرما، فمَا هُنا كَفَّتِ الفِعلَ عن طضلَبِ الفَاعل، ومِنْها الكَافَّةُ عَنِ عَمَلِ النَّصْبِ والرَّفعِ، وهي المُتَّصِلةُ بـ "إن" وأخَوَاتِها نحو {إنَّما اللّهُ إلهٌ واحدٌ} (الآية "171" من سورة النساء "4" ) ومِنْها الكَافَّةُ عَنْ عَمَل الجَرِّ، وهي التي تَتَّصِلُ بأحْرُفٍ، وظُرُوفٍ، فالأحرف "رُبَّ" و "الكاف" و "الباء" و "من" والظرف "بعد" و "بين".
* مَا المصدريَّة والمصدريَّة الظَّرفيَّة:
(=الموصول الحَرْفي 2 و 3).
* مَا الموصُولَة: وتُسْتَعملُ فيما لا يَعْقل نحو: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ} (الآية "96" من سورة النحل "16" )، وقد تكونً لَه مع العَاقِل نحو {سَبَّحَ للّهِ مَا فِي السَّمَواتِ وَمَا في الأرْضِ} (الآية "1" من سورة الصف "61") ومنه {إنَّما صَنَعوا كَيْدُ سَاحِرٍ} ومنه {إنَّما توعَدُون لآتٍ} وفي كليهما: إنَّ الذي صَنَعوا، وإنَّ الذي توعدون. وتكونُ لأنْواعِ مَنْ يَعقل نحو: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (الآية "3" من سورة النساء "4" ) وتكونُ للمُبْهَم أمْرُه، كقَولِك حين تَرَى شَبَحاً من بُعْد "انظر إلى ما ظَهر".
وإنْ جَعَلتَ الصِّفَة في مَوضِعِ المَوْصُوفِ عَلى مَا يَعْقل، ومن كلام العَرَب: "سُبْحضانَ مَا سَبَّح الرعدُ بِحَمدِه"، وقال تعالى: {والسَّماءِ ومَا بَناها} (الآية "5" من سورة الشمس "91").
* مَا النَّافِيَة: تَنْفي المَاضِي والحَاضِر، وهي لِنَفْي المَعَارِف كثيراً والنَكِرَات قليلاً. وإذا دَخَلَتْ على المُضَارع كانَتْ لنَفْي الحَال نحو: {ما يَقُولون إلاَّ حَقّاً} وتَقُول: "مَا يَفْعل" نَفْيٌ لقوله "هُوَ يفعل".
مَا: النكرةُ المَوْصُوفة، بأْتي بمعنى شَيءٍ أو أمر، وتُوصَفُ بمَا بَعْدها كما قال أُميَّةُ بنُ أَبي الصَّلْت:
رُبَّ مَا تَكْرَهُ النُّفُوسُ مِنَ الأ * مْرِ لَه فُرْخَةٌ كحَلِّ العِقَالِ

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:05 AM

* مَا الوَاقِعةُ بعد نِعْمَ:
(=نِعْمَ وبِئْسَ 2 تعليق).
* ما انْفَكَّ: أصْلُ مَعْنى "انْفَكَّ زَالَ، فَلَمّا دَخَلتْ "مَا" صَارتْ بمعنى مازَال.
(1) وهيَ مِن أخَواتِ كانَ، وأَحْكامُها كأحْكامِها، .
(=كان وأخواتها).
وهي ناقِصةُ التَّصَرُّفِ، فلا يُسْتَعْمَل مِنها أَمْرٌ ولا مَصدَرٌ وقد يعمل اسمُ الفاعل كما سيأتي ولا تَعمَل إلاَّ بشَرطِ أنْ يَتَقَدَّمَ عليها "نَفْي أو نَهْيٌ أوْ دُعَاء" فمِثَالُها بعدَ النَّفْي بالاسمِ المَوْضوعِ للنَفي قوله:
غَيْرُ مُنْفَكٍّ أسِيرَ هضوىً * كلُّ وَانٍ لَيْسَ يَعْتَبرُ
("منفك" اسم فاعل "انفك" واعتمد على النفي الاسمي وهو "غير" "أسير" خبر مقدم لـ "منفك" و "كل" اسم منفك).
ومِثالُها بَعدَ النَّفْي بالفعلِ الموضوعِ للنَّفْي قولُهُ:
لَيْسَ ينفَكُّ ذا غِنىً واعْتِزَازٍ * كُلُّ ذِي عِفَّةٍ مُقِلٌّ قَنُوعُ
("كل" يتنازعه "ليس ويَنْفك" فهو اسمُ يَنْفَكُّ أو يعود عليه اسم ينفك "ذا غنى" خبر ينفك).
ولا يَجُوزُ تَقْديمُ خَبَرِها عَلَيها بِخِلافِ "كان" وَمُعْظَمِ أخَوَاتها.
(2)قد تأتي - انْفَكَّ - تامّةً بمَعْنى "انْفَصَل" تقولُ: "انْفَكَّ الخَاتَمُ" أي انْفَصل، ومِثْلُها "ما انْفَكَّ الخَاتم" أيْ لمْ يَنْفصل.
* مَا بَرِحَ:
(1)أصْلُ مَعْنى "بَرِحَ" مِنْ "بَرِحَ المَكَان" زَالَ عنه، فلما جاءَتْ "مَا" النافيةُ أفادتْ معنى: بَقِيَ.
وهِي مِنْ أَخَواتِ "كانَ" وأَحْكَامها كأحْكَامها وهي نَاقِصَةُ التَّصَرُّفِ، فلا يُستَعْمَلُ مِنْها أمْرٌ ولا مَصدَرٌ، ولا تَعْملُ إلاَّ بِشَرْطِ انْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا: "نَفْيٌ أوْ نَهْيٌ أوْ دُعاءٌ". مِثَالها بعد النَّفي بالحَرْف {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِين} (الآية "91" من سورة طه "20" ) ومنه قولُ امرِئ القَيْس:
فَقُلتُ يَمينُ اللّهِ أبْرَحُ قَاعِداً * وَلَوْ قَطَعُوا رَأسي لَديْكِ وأَوْصَالي
(أبرح هنا على تقدير "لا أبْرحُ" لوجود القسم، ولو أراد الإثبات لقال: لأبْرحَنَّ).
ومِثالُها بَعْدَ النَّفْي بالفِعلِ قولُه:
قَلَّما يَبْرَحُ اللَّبِيبُ إلى مَا * يُورِثُ الحمدَ دَاعِياً أو مُجِيبا
(قلما هنا بمعنى النفي لا القلة، والمراد المبالغة بالقلة حتى تصير نفياً، ولذا ينصب المضارع بأن مضمره بعد فاء السببية إذا تقدمت قلما).
وتنفردً "ما برحَ" عن كان: بأنها لا يجُوزُ تقديمُ خبرِها عليها.
(2)وقد تَأْتِي تَامَّةً بمعنى ذَهَبَ نحو {وَإذْ قَالَ مُوسى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ} (الآية "61" من سورة الكهف "18" ) أي لاَ أَذْهَبُ.
(=كان وأخواتها).
* مَا دامَ:
(1)مَنْ أخَواتِ "كَانَ". وأصلُها: "دَامَ" بمعنى استَمَرَّ، ودَخَلَتْ عليها "مَا" المصدريَّة الظَّرْفيَّة. وهي الوَحِيدَةُ مِنْ أخَواتِ كانَ التي يَجِبُ أَنْ يَتَقَدَّمَها "مَا" المَصْدَريَّة نحو {وَأوْصَاني بالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَياَّ} (الآية "31" من سورة مريم "19" ) أيْ مُدَّة دَوَامِي حَيَّا.
و "ما" هذه مَصْدريَّة لأنَّها تُقَدَّرُ بالمَصْدَرِ وهو الدَّوَام وهي "ظَرْفِيَّةٌ" لِنِيابَتِها عَنِ الظَّرْفِ وهو "المُدَّة" ولاَ يجوزُ تَقْدِيمُ خَبَرِها عَلَيْهَا بِخِلاَفِ "كان" والكثير منْ أَخَوَاتها.
(2)قَدْ تُسْتَعْمَلُ "مَا دَام" تامَّةً إذا كانت بمعنى "بَقِي" نحو {خالدِينِ فِيها مَا دَامَتِ السَّمَواتُ والأرضُ} (الآية "108" من سورة هود "11" ).
(=كان وأخواتها).

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:05 AM

* مَاذَا:
(="ما" الاستفهاميَّة 3، وذا الموصولة "2" ).
* مَا زَالَ: زَالَ ماضي يَزالُ (إنما قُيدتْ بماضي يزال احتِزازاً من "زَال يَزيل" بمعنى مَاز ومَصدره "الزَّيل" ويتعدَّى إلى مفعولٍ واحدٍ، واحْترازاً من "زَال يَزُول" فإنه فعلٌ تَام لازم، ومَعْناه الانتقَال ومَصْدره الزَّوَال)، وهي مِنْ أخَواتِ "كَانَ".
وهي نَاقِصَةُ التَّصَرُّف، فلا يُستعمَل منها أمْرٌ ولا مَصْدَر، ويُمْكِنُ أنْ يَعْمَلَ فيها اسْمُ الفَاعِلِ نحو قولِ الشّاعر:
قَضَى اللّهُ يا أَسْماءُ أن لَسْتُ زائلاً * أحِبُّكِ حتَّى يُغْمِضَ العَيْنَ مُغْمِضُ
("زائلاً" اسمُ فَاعِل زَال النَّاقِصة، وسَبَقه نفي بالفعل، فاسْمُه مستَتر فيه تقديره "أنا" وجملة "أحبك" خبره).
ولا تَعْمَل إلاَّ بِشَرْط أنْ يتَقدَّمَ عَلَيْها: "نَفْيٌ، أَوْ نَهْيٌ، أَوْ دُعاءٌ". مِثالُ النَّفْي {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} (الآية "118" من سورة هود "11" ).
ومِثَال النَّهي قَوْلُ الشاعر:
صَاحِ شَمِّرْ ولا تَزَاْ ذَاكِرَ الموْ * تِ فَنِسْيَانُهُ ضَلاَلٌ مُبينُ
("القطر" وهو المطر: اسم زال مؤخراً و "منهلاً" خبر مقدم و "ألا" حرف استفتاح "يا" حر ف نداء والمنادى محذوف أي يا هذه أو حرف تنبيه "الجرعاء" تأنيث الأجرع: زملة مستوية لا تنبت شيئاً).
وتَنْفَرِدُ عن "كانَ" بأنَّها لا يَجُوزُ تَقْديمُ خَبَرِهَا عَلَيْها، فلا يجُوزُ "صَائماً مَا زَالَ عَلِيٌّ - أمَّا تَقَدُّمُه عَلى "زَالَ" وبعدَ "مَا" فَجَائِزٌ نحو: "مَا صَائِماً زَالَ عَليّ" وبأنها أُلزِمَتْ النَّقْصَ فلا يَأتِي مِنْها فِعْلٌ تامٌّ.
(=كان وأخواتها).
* المَاضِي:
-1 تَعْريفه:
مَا دَل على شَيءٍ مَضَى، قَلَّتْ حُروفُه أو كَثُرت، إذا أَحَاطَ به مَعْنى "فَعَلَ" نحو "ضَرَب" و "حمِد" و "دحْرَجَ" و "انْطَلَقَ" و "اقْتَدَرَ" و "اسْتَخْرَجَ" و "اغْدَوْدَنَ".
-2 عَلامَتُه:
يَتَمَيَّز المَاضِي بِقَبُولِ تَاءِ الفَاعِل (ومتَى دَلَّت كَلمةٌ على مَعْنى المَاضِي، ولم تَقْبل إحدى التَّاءَين، فهِيَ اسمُ فِعْل مَاضِ كـ "هَيْهَات" بمعنى بَعُدَ، و "شتَّان" بمَعْنى افترق) كـ "تَبَارَكَ وعَسَى ولَيْسَ"، أو تَاء التَّأنيث السَّاكنَة كـ: "تِعْمَ وبئس وعسى وليس".
-3 حكمه:
الماضي مَبْنيٌّ على الفَتْح دائماً كما يَقُولُ المُبرد وسيبويه، وَهُوَ الأصلُ، في بِنَائه، أمَّا ما يَعرِض له من الَّم والسُّكونِ فذلك لعَارِضِ الواو، والضَّمير، وقيل يُبنى على الضَّم والسكون كما يبنى على الفتح، وهذا ضعيف.
* مَا فَتِئ: أصْلُ مَعْنى "فَتئ" نَسِيهُ وانكفَّ عنه فَلَمّا دَخَلَتْ "ما" أفادَتِ الاسْتِمرَارَ والبقاء.
وهي مِن أخَواتِ "كانَ" أحْكامًها كأَحْكَامِها، وهي نَاقِصَةُ التَّصرفِ فلا يُسْتَعْمل مِنْها أمْرٌ ولا مَصْدرَ ولا تَعْمَلُ إلاَّ بِشَرْطِ أنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْها "نَفْيٌ أو نَهْيٌ أو دُعَاء" نحو {تَاللّهِ تَقْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} (الآية "85" من سورة يوسف "12" ) ولا يَجوزُ تَقْديمُ خَبَرِها عَلَيها بِخِلافِ كانَ وكَثِيرٍ مِنْ أَخَواتِها ولا تَرِدُ إلاَّ نَقِصَةً (=كان وأخواتها).
* مَالَكَ قَائِماً: مَعْناه: لِمَ قمتَ، ونَصَبْتَ "قائماً" على الحال، عَلى تَقْدير: أيُّ شَيءٍ يَحْصُل لك في هذا الحَال، ومصله قوله تعالى: {فَمَا لَكُم في المُنافِقينِ فِئَتَين} مَعْنَاه: أيُّ شَيءٍ لَكُم فِي الاخْتِلاف في أَمْرِهم، وفِئَتَيْن: فِرْقَتين، وهو مَنْصوب - عِنْدَ البصريين - على الحَال، وعندَ الفَرَّاء: منصوب على أَنَّه خبرُ "كانَ" مَحْذوفَة، فقولك: "مالك قائماً" تقديره: لِمَ كُنْتَ قائماً.
* مَالَكَ وزيداً: ومثله: "وما شَأْنُك وعَمْراً" فإنما حَدُّ الكَلامِ هَهُنا: ما شَأْنُك وشَأنُ عَمْروٍ، فإنْ حَمَلْتَ الكلامَ على الكَافِ المُضْمَرة - أي عَطَفْتَ عَلَيها - فهو قَبيحٌ، وإنْ حَمَلْتَه على الشَّأن - أيْ عَطَفْتَه - لم يجز، فَلمَّا كان ذلكَ قَبيحاً حَمَلُوه على الفِعْل - أي المُقَدَّر - فقالوا: "ما شَأْنُكَ وَزَيداً"وأي ما شَأْنُكَ وتَنَاوُلُكَ زَيداً. وقال المسكين الدارمي:
فما لَكَ والتَّلَدُّدَ حَوْل نَجْد * وقَدْ غَصَّتْ تِهامةُ بالرجالِ
وسَيَأْتي هذا البيت في المَفْعول معه على الرَّأي الضَّعِيف، وقال عبدُ مناف ابنِ ربع الهذلي:
ومَا لَمُم والَرْطَ لا تَقْربُونه * وقَدْ خِلْتُه أدْنَى مَرَدٍّ لَعَاقِل
(الفرْط: طريق بتهامة، وخلته: أي علمته، لعاقل: المتحصن في المعقِل).
فإذا أظْهَرَ الاسْمَ فَقَال: "ما شأنُ عبدِ اللّهِ وأَخِيه يَشْتُمُه" فَلَيسَ إلاَّ الجرُّ، لأَنَّه قّدْ حَسُنَ أَنْ تَحْمِل الكلامَ عضلى عَبْدِ اللّه، أي تَعْطِفَه.

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:06 AM

* مبالغة اسم الفاعل وصيغها العاملة:
-1 تَعْريفها ومَعْناها:
أَجْرَوا اسمَ الفاعل إذا أرَادوا أن يُبَالِغوا في الأمر مَجْراه إذا كانَ على بِناءِ فَاعل، لأَنه يُرِيد به ما أَرَادَ بِفَاعِل مِن إيقَاعِ الفِعل، إلاَّ أنَّه يُريدُ أن يُحدِّث عن المُبَالَغة.
-2 أمثِلةُ المُبَالَغَةِ وعَمَلُها:
يَقُولُ سيبويه: فما هُوَ الأصلُ الذي عَلَيه أكثَرُ هذا المعنى: "فَعُول" و "فعَّال" و "مفْعَال" و "فعِل" وقد جَاء "فَعِيل" كَرحِيم، وعَلِيم، وقَدِير، وسَمِيع، وبَصِير، و "فعِل" أَقَلُّ مِنْ "فَعِيل" بكثير. مثل: "دَرَّاك" و "سأّر" من أدْرَكَ وأَسْأَرَ، و "معْطاء" و "مهْوَان" من أعْطَى، وأَهانَ، و "سمِيع" و "نذير" من أَسْمَعَ وأَنْذَرَ، فما أتى على هذه الصِّيغِ تَعْمَلُ عَملَ اسمِ الفاعِلِ بِشُروطهِ المذكورة في بَحثهِ، كقول القُلاخِ بنِ حَزْن في فَعَّال:
أَخا الحَرْبِ لَبّاساً إلَيها جِلاَلَهَا * وَلَيْس بوَلاّجِ الخَوالِفِ أعْقَلا
(أخا الحرب، ولباساً: حالان صاحبهما في البيت قبله، والجِلال: أراد به ما يُلْبَس من الدروع، والوَلاَّج: مُبالغة والج، والخَوالِفِ: جمع خالِفة: وهي عماد البيت وأرَادَ بها البيت).
ويقول سيبويه: وسَمِعنا من يَقُول: "وأمَّا العَسَلَ فأنا شَرَّابُ" ومنه قول رؤبة: "بِرَأْسِ دَمَّاغٍ رُؤوسَ العِزِّ".
وحكى سيبويه في مِفْعال: "إنَّهُ لمِنْحَارٌ بَوائِكهَا" (البَوائِك: جمع بَائكة وهي النَّاقَةُ الحَسَنَة). وكقول أبي طالب في فَعُول:
ضَرُوبٌ بنَصْلِ السَّيفِ سُوقَ سِمانِها * إذا عَدِمُوا زَاداً فإنَّكَ عَاقِرُ
ومِثْلُه قَولُ ذِي الرُّمة:
هَجُومٌ عَلَيْها نَفسَه غيرَ أنها * مَتَى يُرْمَ في عَينيه بالشَّبْحِ ينهضِ
ومثله قول أبي ذؤيب الهذلي، ونسبه في اللسان إلى الراعِي:
قَلَى دِيهَه واهْتَاجَ للشَّوق إنَّها * على الشَّوقِ إخوَانَ العَزَاء هَيُوجُ
وكقول عبدِ اللّهِ بن قَيس الرُّقَيَّات في "فَعِيل":
فَتَاتانِ أَمَّا مِنهُمَا فَشَبِيهَةٌ * هِلالاً والأُخْرى مِنْهما تُشبِهُ البَدرا
(قوله: أما منهما: أي واحدة منهما، وهو خبر لمبتدأ مجذوف).
ومنه "عَلِيم وقَدِير ورَحِيم" من صِفاتِ اللّه.
وكقَول زَيْدِ الخَيل في "فَعِل" :
أتَانِي أَنَّهم مَزِقُونَ عِرْضِي * جِحَاشُ الكِرْمِلَيْن لها فَدِيدُ
(عِرْض الرجل: جانِبُه الذي يَصُونهُ من حسَبَه ونَفْسِه ويُحامي عنه "الكِرْمِلَين" اسمُ مَاء في جَبَل طيء، والفديد: الصياح، المَعنى: أني لا أَعْبَأ بذلك ولا أُصْغِي إليه كما لا يُعْبأ بِصوت الجحاش عند الماء).
ومِمَّا جَاء على "فَعِل" قوله كما في سيبويه:
حَذِرٌ أُمُوراً لا تُخَافُ وآمِنٌ * مَا لَيسَ مُنْجِيهِ من الأقدارِ
-3 عَملُ تثنيتها جمعها:
لا يَخْتَلِفُ تثنيةُ مُبَالَغَةِ اسمِ الفَاعِل وجَمْعِها في العمل عن المُفردِ إذا توفَّرتْ شُروطُ العَمل، فَمِنْ عَمَلِ الجمع قولُ طَرَفَةَ بنِ العبد:
ثُمَّ زادُوا أنَّهم في قَوْمِهِم * غُفُرٌ ذَنْبُهُمُ غيرُ فُخُر
فـ "غُفُرٌ" جمع غَفُور، ومثلُه قول الكميت:
شُمٍّ مَهَاوِينَ أَبْدَانَ الجَزُور مَخَا * مَيصِ العَشِيَّاتِ لاخُورٍ ولا قَزَمِ
فـ "مَهَاوينِ": جمع مِهْوانُ مُبَالغة في: "مَهين" و "مخَامِيص": جمع مِخْمَاص: وهُو الشديدُ الجُوع.
وقد سَبَق قريباً الاستِشهاد على الجَمع في قول زيد الخيل: "مَزِقُونَ عِرضي".

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:07 AM

-4 صِيَغ لِمُبَالَغَةِ الفَاعل قَليلة الاستعمال، وهي:
(1) فَاعُول كـ "فارُوق".
(2) فِعِّيل كـ "صِدّيق".
(3) فَعَّالَة كـ "عَلاَّمَة" و "فهَّامة".
(4) فُعَلَة كـ "ضُحكَة" و "ضجَعَة".
(5) مِفْعِيل كـ "مِعْطِير" ولا تعملُ هذه عَمَلَ تلك.
* المُبْتَدأ:
-1 تعريفة:
المُبْتَدَأ اسمٌ صَرِيحٌ، أو بِمَنزلتِهِ، مُجَرَّدٌ عَن العَوامِل اللَّفظيَّةِ، أو بِمَمزِلَتِه، مُخبَرٌ عنه، أو وَصْفٌ رَافِعٌ لِمُكْتَفٍ به.
وتَعْرِيفُه عِند سيبويه: المُبْتدأ كُلُّ اسمٍ ابتُدِئ ليُبْنَى عليه كَلامٌ، فالابْتِداءُ لا يَكُونُ إلا بمَبْنِيٍّ عَليه وهو الخَبَر فالمبْتَدأ الأَوَّل، والمَبنِي عَليه ما بَعدَه فهو مُسْنَد، أي الخَبَر ومُسْنَدٌ وهُو المبتدأ .
فالاسم الصَّريح نحو "اللّهُ رَبُّنا" والذي بمنْزِلَتِه نحو قَولِه تَعالى: {وَأَن تَصُومُوا خَيرٌ لَكُم} (الآية "184" من سورة البقرة "2" ).
فَإن تَصُوموا في تأويل صَومكم، وخبره "خيرٌ لَكُم" (ومثله: المثل المسهور "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه" فتسمع مبتدأ وهو في تأويل: سماعُك وقبلَه أن مقدرة، والذي حسَّن حذف "أن" من تسمع ثبوتها في "أنْ تَرَاه" والفَرق بين هذا وقوله تعالى: {وأن تصوموا} أن السبك في المثل شاذّ، وفي الآية وأنثالها مطّرد، ومثله في التأويل بمصدر قوله تعالى: {سواءٌ عليهم أأنذرتهم أمْ لم تنْذرهم} فأنذرتهم مبتدأ وهو في تأويل "إنذارك" و "أم لم تنذرهم" معطوف عليه، و "سواء" خبر مقدم، والتقدير: إنذارك وعدمه سواء عليهم).
والمجرَّد عن العوامل اللفظيّة كما مثلنا، والذي بِمَنزِلته قوله تعالى: {هَل مِن خَالِقٍ غَيرُ اللّهِ} (الآية "3" من سورة فاطر "35" ). ونحو "بِحَسبكَ دِرهَمٌ" "فَخَالِق" في الآية و "بحسبك" مُبْتَدَآن، وإن كان ظَاهِرُهما مَجْروراً بـ "مِن" و "الباء" الزَّائِدتَين، لأنَّ وجود الزَّائِدِ كلا وُجُودٍ ومِنْه عندَ سيبويه قولُه تعالى: {بأَيِّكُمْ المَفْتُون} (الآية "6" من سورة القلم "68").
"فأَيُّكُم" مُبْتَدأ والبَاءُ زَئِدةٌ فيه، و "المَفْتُون" خَبَرُه، والوصف (يتناول الوصف: اسم الفاعل نحو "أفَاهم هذان" واسم المَفْعول نحو "ما مأخوذٌ البَرِيئان" والصعة المشبهة نحو "أَحَسَنةٌ العَينان" واسمُ التفضيل نحو "هل أحْسَنُ في عين زيد الكحل منه في عين غيره" والمنسوب نحو: "أدمشقيُّ أبُوك" ويخرج بقوله: رافعٍ لمكتف به نحو: "أقائم أبواه علي" فالمرفوع بالوصف غير مكتف به وإعرابه: "علي" مبتدأ مؤخر و "قائم" خبره، و "أبواه" فاعله). الرافع لمكتف به نحو "أسَارٍ الرَّجُلان". ولا بُدَّ للوَصْفِ المَذْكُورِ مِن تَقَدُّمِ نفي أو استفهام نحو قوله:
خَلِيليَّ مَا وَافٍ بِعَهْديَ أنْتُما * إذا لَمْ تَكُونَا لي عَلَى مَن أُقاطِعُ
وقوله:
أقاطِنٌ قَوْمُ سَلْمى أمْ نَوَوْا ظَعَنا * إن يَظْعَنُوا فَعَجِيبٌ عَيْشُ مَنْ قَطَنَا
والكُوفيُّ لا يَلْتَزِمُ هذا الشَّرط محتجباً بقولِ بعضِ الطّائيين:
خَبِيرٌ بَنُو لِهْبٍ فَلاَتَكُ مُلْغِياً * مَقَالَةَ لِهْبِيٍّ إذَا الطَّرٌ مَرَّتِ
(فعند الكوفي: "خبير" مبتدأ، و "بنو" فاعل أغنى عن الخبر، وعند البصري الذي يشترط أن يتقدم الوصف نفي أو استفهام: "خبير" خبر مقدم و "بنو" مبتدأ مؤخر، وإنما صح الإخبار بـ "خبير" مع كونه مفرداً عن الحمع وهو "بنو لهب": على حد قوله تعالى {والملائكة بعد ذلك ظهير} وبنو لهب هي من الأزد مشهورن بزَجر الطير وعِيَافَتِه)
-2 أحْوالُ المبتدأ الوصفِ المُعْتَمِدِ على نفي أو اسْتِفهام:
إذا رَفَعَ الوصفُ مَا تعدَه فَلَهُ ثلاثةُ أحوال:
(أ) وُجُوبُ أن يكونَ الوصفُ مُبتدأً وذلكَ إذا لم يُطابق ما بَعده بالتثنيةِ والجمع نحو "أجَادٌّ أَخَواك أو إخوتك" فـ "جادٌّ" مُبتدأ، و "أخواك" فاعله سَدَّ مَسَدَّ خَبَره (وإنما تعين أن يكون الوصف مبتدأ هنا ولم يصح أن يكون خبراً مقدماً لأنه لا يخبر عن المثنى بالمفرد).
(ب) وُجُوبُ أنْ يَكُونَ الوَصفُ خَبراً وذَلكَ إذا طَابَقَ ما بَعْدَه تَثْنِية وجَمعاً نحو "أَنَاجِحَان أَخَواكَ؟" و "أمُتَعَلِّمُون" خَبَرانِ مُقَدَّمانِ، والمَرفُوعُ بعْدَهُما مُبْتَدأ مُؤخَّر (وإنما وجب أن يكون الوصف خبراً مقدماً ولم يجز أن يكون مُبْتَدأ والمرفوع فاعلاً سَدَّ مَسَدَّ الخبر لأن الوصف إذا رَفَعَ ظَاهراً كان حكْمُه حكم الفعل في لُزُوم الإِفراد).
(ج) جَوازُ الأمرين، وذلكَ إذا طابَقَ الوَصْفُ ما بَعْدَهُ إفراداً فَقَط نحو "أحاذِقٌ أخُوكَ" و "أفاضِلَةٌ أُخْتُكَ" فيجوزُ أن يُجعلَ الوصفُ مُبْتَدأً ومَا بعدَهُ فاعِلاً سدَّ مَسَدَّ الخبرِ، ويجوزُ أن يجعَل الوصفُ خبراً مُقَدماً، والمرفوعُ بعدَهُ مُبْتدأ مُؤخَّراً.
-3 الرافعُ للمبتدأ:
يَرْتفعُ المُبتدأ بالابْتِدَاء، وهو التَّجَرُّدُ عَنِ العَوامِل اللَّفظِيَّة للإسْنَاد، والخَبَرُ يَرْتَفِعُ بالمُبتَدأ (وعند الكوفيين : يرفع كل منهما الآخر).
-4 مُسَوِّغَاتُ الابتِداءِ بالنّكِرَة:
الأَصلُ في المُبتَدأ أن يكونَ مَعْرفِةً، ولا يَكونَ نَكِرةً إلا إذا حَصَلَت بها فَائِدةٌ، وتَحصَلُ الفائدَةُ بأحدِ أُمُور يُسَمّونها المُسَوِّغَاتِ، وقد أَنْها بَعْضُ النُّحاةِ إلى نَيِّف وثَلاثينَ مُسَوِّغاً وتَرجعُ كلُّها إلى "العُمُومِ والخُصُوص" نَذْكُر هُنا مُعظَمَها:
(1) أن يَتَقَدَّمَ الخَبرُ على النَّكرة وهو ظَرفٌ أو جَارٌّ ومَجرُور نحو "في الدَّارِ رَجُلٌ" و "عنْدَكَ كِتَابٌ".
(2) أن يَتَقدَّم على النَّكِرة استِفْهامٌ نحو "هَل شُجَاعٌ فِيكُم" ونحو: {أَإِلهٌ مع اللَّهِ} (الآية "60 64" من سورة النمل "27" ).
(3) أَن يَتَقدَّم عَليها نَفيٌ نحو "مَا خِلٌّ لَنا".
(4) أن تُوصَفَ نحو "رَجُلٌ عَالمٌ زَارَنَا" ونحو {وَلَعَبْدٌ مُؤمِنٌ خَيرٌ مِنْ مُشْرِك} (الآية "221" من سورة البقرة "2" ).
وقد تُحذَفُ الصِّفة وتُقَدَّر نحو {وَطَائِفَةٌ قَد أَهَمَّتهُمْ أَنْفُسُهُم} أي طائفةٌ من غَيْرِكُم بدليل: {يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} (الآية "154" من سورة آل عمران "3" ).
(5) أن تكونَ النكرةُ عاملة نحو "رَغْبةٌ في الخيرِ خَيرٌ" .
(6) أن تكونَ مُضافَةً نحو "عملُ بِررٍّ يَزينُ صَاحِبَه".
(7) أن تكونَ شَرْطاً نحو "مَن يَسعَ في المعروف يُحبَّهُ النَّاسُ".
(8) أن تَكونَ جَواباً نحو أن يُقال: "مَن عِندَكَ؟" فَتقول: "رَجُلٌ" التَّقدير : عِندي رَجُلٌ.
(9) أن تكونَ عَامّةً نحو "كُلٌّ يموتُ".
(10) أن يُقْصَدَ بها التَّنويع أو التَّقسيم كقولِ امرِئ القَيس:
فَأقْبَلْتُ زَحفاً على الرُّكْبَتينِ * فَثوبٌ نسيتُ وثَوبٌ أجُرّ
(11)أن تكونَ دُعَاءً نحو : {سَلامٌ على آل يَاسِينَ} (الآية "130" من سورة الصافات "37" ).
أو نحو "{وَيْلٌ للمُطَفِّفِين} (الآية "1" من سورة المطففين "83").
(12) أن يَكونَ فيها مَعنى التَّعَجُبِ نحو "مَا أَحْكَمَ الشَّرعَ" أو نحو "عَجَبٌ لِزَيد".
(13) أن تكونَ خَلَفاً عن موصوفٍ نحو "مُتَعَلِّمٌ خَيرٌ مِنْ جَاهِل" وأصْلُها: رجُلٌ متعلمٌ
(14) أن تكون مُصَغَّرَةً نحو "رُجَيلٌ في دَارِكَ" لأنَّ في التَّصغير معنى الوَصف فكأَنَّكَ قلتَ : رَجُلٌ ضَئيلٌ أو حَقيرٌ في داركَ.
(15) أن يَقعَ قَبْلَهَا وَاوُ الحال (المُعَوَّل على وُقُوعها في بَدء الحال، وإن لم يكن بواو كقول الشاعر:
تَرَكتُ ضأني تَوَدُّ الذئب رَاعيها * وأنها لا تَراني آخر الأَبد
الذئب يَطرُقها في الدهر واحدة * وكل يوم تراني مُدْيَةٌ بيدي
فـ "مدية" مُبتدأ سوَّغه كونُه بَدء جُملةٍ حاليَّةٍ من يَاءِ تَراني، ولم تَرْتَبِط بالوَاو، بل ارْتَبَطت بالياء من يدي). كقول الشاعر:
سَرَيْنا ونجمٌ قَد أَضاء فمذُ بَدَا * مُحيَّاكَ أخْفَى ضَوؤُه كلّ شَارِق
(16) أن تكُونَ مَعطُوفةً على معرفةٍ نحو "عمرُ ورَجُلٌ يَتَحَاوَرَان".

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:08 AM

(17) أن يُعطَفَ عَلَيهَا مَوصوفٌ نحو" رَجُلٌ وامْرَأةٌ عَجوزٌ في الدَّارِ".
(18) أن تكونَ مُبهَمَةً أي قُصِدَ إلى إبهامِها كقولِ امرئ القيسِ:
مُرَسَّعَةٌ بَيْنَ أرْساغِهِ * بِهِ عَسَمٌ يَبْتَغي أرنَبَاً
(مُرَسَّعة : على زِنَةِ اسمِ المفعول: تَمِيمة تعلق مَخَافَة العطب على الرسغ، والقسم : يُبْس في مفصل الرسغ تعوج منه اليد، وإنما طلب الأَرنب لزعمهم أن الجِن تجتنبها لحيضها فمن علَّق كعبها لم يصبه ولا سحر والشاهد في "مُرَسَّعة" حيث قصد إبهامها تحقيراً للموصوف حيث يحتمي بأدنى تميمةٍ و "بين أَرْساغه" خبرها، ورواية اللسان: بفتح التاء مُرسَّعةً).
(19) أن تَقَعَ بَعْدَ لَولا كَقولِ الشّاعر :
لَولا اصطِبَارٌ لأودَى كُلُّ ذي مِقَةٍ * لمَّا استقَلَّت مَطَايَاهُنَّ للظَّعَنِ
(أودى: هلك، المِقة: كعِدة من ومَقَه يمقه كوعده يعده إذا أحبَّه، استقلت: مضت، الظعن: السير، الشاهد فيه: "اصطبار" فهي مبتدأ، وسوغها للأبتداء وهي نكرة وقوعها بعد لولا، وخبر المبتدأ محذوف وجوباً تقديره موجود).
وهُنَاكَ مُسَوِّغَاتٌ أُخرى تَرجعُ إلى ما ذُكر.
-5 حَذفُ المبتدأ:
قَد يَحذفُ المبتدأ إذا دَلَّ عليهِ دَليلٌ جَوازاً أو وُجُوباً.
فيجوزُ حذف ما عُلِمَ من مُبتدأ نحو: {مَنْ عَمِلَ صَالِحَاً فَلِنَفْسِهِ} (يزداد على ذلك ما بعد "لاسيما" نحو "ولاسيما يوم" أي هو يوم). التقدير: فَعَملُه لنفسِه، ويَسْألُ سائلٌ: كيفَ زَيْدٌ؟ فتقول: مُعَافىً، التَّقْدير: فَهُو مُعُافىً، وإن شِئتَ صَرَّحتَ بالمبتدأ. وأما حذف المُبتدأ وجُوباً ففي أَربعة مَواضِع:
(أ) أن يُخبَرَ عَنِ المبتدأ بمَخصُوص "نِعْمَ" (وما في معناها من إفادة المدح). و "بئسَ" (وما في معناها من إفادة الذم). مؤخر عنها نحو: "نِعْمَ العبدُ صُهَيب" و "بئسَ الصاحبُ عمرو" إذا قُدّرا خَبَرين لِمُبتَدأين مَحذُوفين (أما قُدِّرا مبدأين وخبرهما الجملة قبلهما فليسا من هذا الباب وهذا أولى). وجوباً، كأنَّ سَامِعاً سَمِعَ "نِعْمَ العَبدُ" أو "بئسَ الصَّاحبُ" فسألَ عن المَخصُوصِ بالمدح أو المَخصُوصِ بالذَّمِّ مَن هو؟ فقيلَ له: هو صُهَيب، أو عمرو.
(ب) أن يخبرَ عن المبتدأ بنعت مقطوع لِمُجرَّدِ (واحترز بقوله لمجرَّد مدح الخ من أ، يكون النعتُ للإيضاح أو التخصيص فإنه إذا قُطِع إلى الرفع جاز ذكر المبتدأ وحذفه وأما هنا فواجب حذف المبتدأ). المَدعِ نحو "الحمدُ للَّهِ الحَمِيدُ". أو ذَمّ نحو "أفوذ باللَّهِ من إبليسَ عَدُوُّ المؤمنينَ" أوتَرَحُّم نحو "مَرَرْتُ بعَبدِكَ المِسْكِينُ" (برفع الحميدُ بالمثال الأول، والعدوّ بالمثال الثاني، والمسكين بالمثال الثالث، على أنها أخبار لمبتدأات محذوفة وجوباً، والتقدير: هُو الحميدُ، وهو عدوُّ المؤمنين، هو المسكينُ، وإنما وجب حذفه لأنهم قصدوا نشاء المَدح أو الذمّ أو الترحم).
(جـ) أن يُخبرَ عَنِ المُبتَدَأ بمَصجرٍ نَائِبٍ عن فعله (أصل هذه المصادر النصب بفعل محذوف وجوباً لأنها من المصادر التي جيء بها بدلاً من اللفظ بأفعالها، ولكنهم قصدوا الثبوت والدوام فَرفعُوها وجعلُوها أخباراً عن مبتدآت محذوفة وجوباً حَملاً للرَّفْع على النصب). نحو "سَمعٌ وطَاعَةٌ"
وقول الشاعر:
فَقالتْ: حَنانٌ مَا أَتى بكَ هَهُنا؟ * أذُو نَسَبٍ أم أنتَ بالحي عارِفُ
(فاعل قالت يعودُ على المرأة المعهودة، والمعنى أني أحِن عليك، أيُّ شيءٍ جاءَ بكَ هَهنا؟ ألك قَرَابة أم مَعرِفة بالحيّ؟ وإنما قالت له ذلك خَوفاً مِن إنكار أهل الحيّ عليه فيقْتلونه). فـ "سمعٌ" و "حنَانٌ" خَبَران لِمُبتَدأين مَحذوفَين وجوباً، والتَّقدير: أَمري سَمْعٌ وَطَاعَة، وأَمري حَنَانٌ.
(د) أن يُخبرَ عن المبتدأ بما يُشعِرُ بالقَسَم نحو "في ذِمَّتي لأُقَاتِلَنَّ" و "في عُنُقي لأَذهَبَنَّ" أي في ذِمَّتي عَهْدٌ، وفي عُنُقي مِيثاقٌ.
-6 وُجُوب تَقديم المبتدأ، أو تَخيره:
(= الخبر 13 و 14).
المبني: (= البِناء 1 و 2).
المَبْنِيَّات: (= البِناء 2).
* المَبني للمَجهول:
(= نائب الفاعل).
* المَبْني للمَعْلُوم: يَنْقَسِمُ الفِعلُ إلى مَبنيّ للمعلومِ وهو مَا ذُكِرَ مَعَهُ فَاعِلهُ كـ "قَرَأ خَالدٌ الكِتَابَ" و "يأتي عَلِيُّ"، وَمَبنيٌّ للْمَجْهُول.
(= نائب الفاعل).
* المَبْني من الأسماء:
(= البِناء 2 جـ).

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:08 AM

* مَتى: لَهَا أَربَعَةُ أَحْوال:
(1) اسمُ اسْتِفهَام، يُستَفهَمُ بِهَا عن الزَّمَانِ نحو: {مَتى نَصرُ اللَّهِ} (الآية "214" من سورة البقرة "2" ).
(2) مِنْ أَدوات المُجَازَاة، ولا تَقَعُ إلاّ لِلزَّمَان.
(=جوازم المضارع 3). نحو قول سُحَيم بن وُثيلَ:
أنا ابنُ جَلاَ وَطَلاَّعُ الثَّنايَا * مَتى أضَعِ العِمامَةَ تعرفُوني
(3) حرفُ جرٍّ في لُغَة خُذَيل، وهي بمعنى "مِن" الابتدائية، سُمِع من كلامِهم "أخْرَجَهَا مَتى كمِّه" أي مِن كمِّه، وقال أبو ذُؤَيْب الهذلي يَصِف سَحَاباً:
شَرِبنَ بماءِ اللَحرِ ثُمَّ تَرَفَّعَتْ * مَتى لُجَجٍ خُضْرٍ لهُنَّ نَئِيجُ
(النون في "شَرِبنَ" تعود إلى السُّحُب، وضَمَّن "شَرِبْنَ" مَعْنى رَوِين فَعَدَّاه بالباء "مَتى لجج" المعنى مِنْ لجج أو وَسَط لَجَج، وهي بَيان لماءِ البَحْر وجملةُ "لَهُن نئيج" صِفَةُ لجج، ومعنى نَئِيج: مَرٌّ سَرِيع مع صَوت، يَصف سُحُباً شرِبنَ مَاءَ البَحر، ثم تَصعَّدنَ فأمطَرن ورَوَّيْن).
والصَّحيح أنَّ "مَتَى" هذه بمعنى "وسْط" فمعنى "وَضَعبه مَتَى كمي" أي في وَسْط كمي، وعلى هذا نُخَرِّج قولَ أبي ذُؤَيْب: مَتى لُجَجٍ خُضْر.
وقال ابنُ سيدَه: بمعنى "في" وقال غيره: بمعنى وسط.
* المُتَصَرِّف:
-1 تعريقه:
هو ما لا يُلازِمُ صُورةً واحدةً .
-2 نوعاه:
المتصرف نَوعان:
(1) تامُّ التصرفِ، وهُو الذِي تأتي منه الأَفْعال الثَّلاثةُ، وهذا كثيرٌ لا يُحْصَرُ نحو "حَفِظَ وانْطَلَقَ وَلَحِق".
(2) ناقِصُ التَّصرُّفِ وهُوَ مَا لَيْسَ كذلك، ومنه: أفعالُ الاستِمرار، وهي "مَا زَالَ وأَخَواتها" و "كادَ وأَوشَكَ" و "كلِمَتَا يَدَع ويَذر" (قرئ في الشواذ "ما ودعك ربك" ماضي يدع ومنه قول أنيس بن زنيم في عبيد اللّه بن زياد:
سل أميري ما الذي غيَّره * عن وصالي اليوم حتى ودعَهْ).
لأنَّ ماضيَهما قَد تُركَ وأُمِيتَ.
* المُتَعَدِّي:
-1 تعريفُه:
هو الذي يَتَعدَّاه فِعْلُهُ إلى مَف}عُول أو أكثر، وذلِك قَولُك: "ضرب عبدُ اللَّهِ زَيْداً".
-2 عَلاَمَتاه:
للمُتَعَدِّي عَلاَمَتَان:
(الأولى) أن يَتَّصلَ به ضميرٌ يَعُودُ على غَيرِ المصدر (وإنما قال: يَعُودُ على المَصدر، لأن ضَمِيرَ المصدر يَتَّصِلُ بكُلِّ من اللاَّزِم والمُتَعَدِّي فيقال "الفَهْم فَهمَه علي" و "الجُلوس جَلَسَه بكر").
كـ: "فَهِمَ" فتقول "الدَّرسَ فهمتُه".
(الثانية) أن يُبنَى مِنه اسْمُ مَف}عُولٍ تَامّ، أي غَيرُ مُقْتَرنٍ بظَرفٍ أو حَرْفٍ جَرٍّ كـ "قُتِل" و "نصِرَ" إذ يقال: "مَقْتُولٌ" و "منْصُورٌ".
-3 حكم المُتَعَدِّي:
حكمُهُ أنَّه يَنْصِبُ المَفعُولَ به واجِداً أو أكثر.
-4 الأُمُور التي يَتَعَدَّى بها الفِعلُ القَاصِر (اللازم) وهي سبعة:
(أحدُها) هَمزةُ "أفعَل" نحو {أَذْهَبْتُم طَيِّباتِكُم} (الآية "20" من سورة الأحقاف"46")، {واللَّهُ أَنْبَتَكُم مِنَ الأرض نَبَاتاً} (الآية "17" من سورة نوح"71"). فَذَهب ونَبَت فِعلاَن لازِمان تَعَدَّيا إلى مَفْعولٍ واحِدٍ بالهمزة وقد يُنقل المُتَعدِّي إلى واحدٍ بهمزة التَّعْدِيَة إلى اثنين نحو: "ألْبستُ محمداً قميصاً" وأصلها: لَبِسَ محمد قَميصَه، فبالهمزة تَعدَّى لاثنين.
(الثاني) ألِف المُفَاعَلَة تقول: "جَالَستُ القَاضِيَ" و "ماشَيْتُه".
(الثالث) وزن "فَعَلْتُ" أفعلُ بالضم لإِفادةِ الغَلَبة تقول: "كَثَرْتُ أعدائي" أي غَلَبتُهم بالكَثرة، و "كرَمْتُ عَمراً" غَلَبتُه بالكَرَم.

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:09 AM

(الرابع) صَوغُه على "استَفْعل" للطَّلب، أو النِّسبَة إلى الشيء نحو "استَغْفَرتُ اللَّهَ". و "استَحسنتُ المَعْروفَ" و "استَقبَحتُ الظُّلمَ" وقد تُنْقل هذه الصِيغَة مِن المَفعول الوَاحد إلى مَفعُولين نحو "اسْتَكْتبْتُه الكِتابَ" أي طَلبتُ منه كِتابَةَ الكِتَابِ.
(الخامس) تَضْعِيف العين، تقول في "فَرِحَ الطفلُ": "فَرَّحْتُ الطِّفلَ" ومنه: {قَد أفلَح مَنْ زَكَّاهَا} (الآية "9" من سورة الشمس "91")، {هُو الذِي يُسَيِّركُم} (الآية "22" من سورة يونس "10" ).
(السادس) التَّضمِين (= التَّضمين) فلذلك عُدِّيَ "رَحُب"لتضمُّنِه مَعنى وَسِعَ، ومن التضمين قولُه تعالى: {إلاَّ مَنْسَفِه نَفْسَه} (الآية "130" من سورة البقرة "2" )، لِتَضَمُّنِهَا معنى أَهْلَكَ وأمْتَهَنَ ويَخْتصُّ التَّضْمِينُ عن غَيرِه من المُتَعَدِّيَات بأَنَّه قَد يَنْقُل الفِعلَ إلى أكثر من دَرَجَةٍ، ولذَلك عُدِّي "ألَوتُ" بمعنى قَصَّرت إلى مفعولين بعد أن كان قاصراً، وذلك في قولهم "لا آلُوكَ نُصحاً" ومنه قوله تعالى: {لا يَأْلُونَكُم خَبالاً} (الآية "118" من سورة آل عمران "3" ).
(السابع) إسقَاطُ الجَارِّ تَوسُّعاً نحو: {ولكنْ لا تُواعِدُوهنَّ سِرّاً} (الآية "235"من سورة البقرة "2" )، أي على سر أي نِكاح ونحو {أَعَجِلْتُم أمْرَ رَبِّكم} (الآية "150" من سورة الأعراف "7" ). أي عن أمره.
-5 أقسامه:
المُتَعَدِّي أربَعَةُ أقسام:
(1) المُتَعَدِّي إلى مَفْعُولٍ واحِدٍ، وهو كَثِير، كـ "كتب عامِرٌ الدرسَ"، و "فهم المسألةَ خَالدٌ".
(2) المتعدي إلى مَفعولين أصلُهُما المبتدأ والخبر، ولا يُقتصَر في هذا البابِ على أحَدِ المفعولَيْن، يقول سيبويه: وإنَّما مَنعَكَ أن تَقتَصِرَ على أَحَدِ المَفْعُولَين هَهُنا أنَّك أردتَ أن تُبَيِّن ما استَقَرَّ عندَك من حالِ المَفعُولِ الأول، وفائِدةُ هذه الأفعَالِ ظَنُّ، أو يَقِنٌ، أو كِلاهما، أو تَحويل، فهذه أربعة أنواع:
نوعٌ مُختَصٌّ بالظن،
ونوعٌ مُختَصٌّ باليقين،
ونوعٌ صالِحٌ للظن واليقين،
ونَوعٌ للتَّحويل.
فَلِلأَوَّل وهو الظن:
"حَجَا يَحجُو" و "عدَّ" لا لِلحِسبان و "زعَم" و "جعَل" و "هب" بصِيغَةِ الأمر للمُخَاطَبِ غَير مُتصرِّف.
وللثاني وهو اليقين:
"عَلِم" لا لِعُلْمَةٍ، وهي شَقُّ الشَّفَةِ العُليا، و "وجَدَ" و "ألفى" و "درَى" و "تعَلَّم" بمعنى أعْلم.
وللثالث وهو الظَّن واليَقين:
"ظنَّ" و "حسِب" و "خالَ" و "وهَبَ" و "ردَّ" و "ترَك" و "تخَذ" و "اتَّخَذ".
(= في أبوابها).
وتنصب هذه الأفعال هي وما يتَصَرَّف منها (إلا: هَبْ وتَعلَّمْ فإنَّهَما لا يَتَصَرَّفَان) تَنْصِبُ مَفْعُولَين أصْلُهُما المُبتَدأ والخَبَر.
-6 الإلْغَاءُ والتَّعْلِيق:
يَعتَرِي هذِه الأفعالَ التي تَتَعدَّى إلى مَفعُولَين أصلُهُما المُبتدأ والخَبَر أمران:
أوَّلهُما: الإلغَاءُ، والثاني: التَّعليق.
فالإلغَاءُ إبْطَالُ تَعَدِّيهما إلى مَفعُولَين لَفْظاً وَمَحَلاًّ، إمَّا بِتَدُّم العَامِل، أو بتَوَسُّطه، أو بِتأخُّره.
فالأوَّل نحو: "ظَننتُ زَيْداً قائماً" ويمتنعُ الرفع عند البصريين، ويَقْبح، ويجب عندهم نَصبُ الجُزْأين: "زَيْدٍ وقائمٍ وهو الصحيح، ويَجُوزُ عند الكُوفيين والأخفش ولكنَّ الإعمالَ عندهم أحسنُ أمَّا قولُ بعضِ بني فَزَارة:
كذاكَ أُدِّبْتُ حَتى صَارَ من خُلُقِي * إني وَجَدْتُ مِلاَكُ الشيمةِ الأدبُ
فالرِّواية الصّحيحة نَصبُ مِلاك والأدَب كما فِي الحماسة.
والثاني: ويجوزُ بلا قبح ولا ضَعفٍ في توسُّطِ العاملِ نحو "زيداً ظَنَنْتُ قائماً" والإعْمال أقوى، ومن تَوَسُّطِ العَامِلِ قَوْلُ اللَّعِين المِنْقري أبُو الأُكَيْدِر يَهْجُو العَجَّاج:
أبا الأَرَاجِيز يا بنَ اللَّؤْم تُوعِدُني * وفي الأَراجِيز خِلتُ اللُؤمُ والخَوَرُ
والاصل: اللؤمَ الخَورا، والمفعول الثاني متعلَّق وفي الأَراجيز ومثله في تأخيرِ العَاملِ تقول: "عَمْرٌو آتٍ ظَنَنْتُ "يَجُوز الإلْغَاءُ، والإعمَال، ولكنَّ الإلغَاءَ هُنا أَقْوى من إعْمَالِه، لأَنَّه كما يقول سيبويه إنما يَجيئُ بالشَّك، بعد ما يَمضي كلامُه على اليَقِين ومن التأخير قول أبي أسَيْدة الدُّبَيري:
هُما سَيِّدَانا يَزْعُمان وإِنَّما * يَسودَانِنَا إن أيْسَرَتْ غَنَماهُما
أما الثاني وهو التَّعليق:
فإنَّه إبطالُ العَمَلِ لَفظاً لا مَحَلاً لِمَجيء مَالَهَ صَدرُ الكلامِ، وذلكَ في عِدَّة أشياء:
(1) "لامُ الابتداء" نحو: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ مَا لَهُ في الآخِرةِ مِنْ خَلاق} (الآية "102" من سورة البقرة "2" ) فالجُمْلةُ مِنْ لَمَن اشْتراهُ سَدَّت مَسَدَّ مَفْعُولي عَلِمُوا.
(2) "لام القسم" كقول لبيد :
ولقد عَلِمتُ لَتأتِيَنَّ مَنِيَّتي * إنَّ المَنَايَا لا تَطِيشُ سِهامُها
(3) "ما" النَّافية، نحو {لَقَدْ عَلِمتَ مَا هَؤلاءِ يَنْطِقُون} (الآية "65" من سورة الأنبياء "21").
(4 و 5) لاَ النَّافية و "أنْ" النافية الواقِعَتَان في جَوابِ قَسَم مَلفُوظٍ به أو مُقَدَّر، نحو "عَلِمتُ واللَّهِ لا عَمرٌو في البَلَدِ ولا خَالِدٌ" ومثال إن النافية "وَلَقَدْ عَلِمتُ إن عَامِرٌ إلاَّ مُثابرٌ ومُجدٌّ".
(6) الاستِفهامُ ولَه حَالَتَان:
(إحْداهُما) أن يَعتَرِض حَرْفُ الاستِفهَام بَينَ العَامِل والجُملَة نحو: {وإن أدري أَقَرِيبٌ أم بَعيدٌ مَا تُوعَدُون} (الآية "109" من سورة الأنبياء "21").
(الثانية) أن يكونَ في الجُملةِ اسمُ استِفهامٍ عُمْدة كأيّ نحو: {لِنَعلَمَ أيُّ الحِزبَينَ أَحصَى} (الآية "12" من سورة الكهف "18" ) أو فَضلةً، نحو: {سَيَعلمُ الذينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلبٍ يَنْقَلِبُون} فأيَّ هنا مَفعُول مُطلَق ليَنقَلِبُون، والجُملةُ بعد المُعَلَّق سادَّةٌ مَسَدَّ المَفعولينِ، إن كان يَتَعَدَّى إليهما، ولم يَنصِبِ الأوَّل، فإن نصَبَه سَدَّت الجُملةُ مَسَدَّ الثاني نحو "عَلِمتُ خالداً أبو مَن هو"، وإن لم يَتَعَدَّ إليهما فإن كانَ يَتَعَدَّى بحَرفِ الجَرِّ فَهِي في مَوضِعِ نَصْبٍ بإسقاط الجَارِّ، نحو: "فَكَّرتُ أَهَذا صَحِيحٌ أم لا" وإن كان يَتَعَدَّى إلى واحِدٍ سَدَّت مَسَدَّهُ نحو "عرفتُ أيُّهم محمد".
-7 تَصاريفُ هذه الأفعال في الإعمال والإلغاء والتعليق:
لِتَصَاريفُ هذه الأَفعال مَا لِلأَفعال نَفسِها من الإعمال والإلغاءِ والتَّعلِيق تقول في الإِعمَال للمُضارِع مَثَلاً ولاسم الفاعل: "أظانٌّ أَخُوكَ أبَاه مُسافِراً" وتقول في الإلغاء للمضارع "جُهْدُكَ أظانٌّ مُثمِرٌ"، ومعَ اسمِ الفَاعِل في الإلغاء "خالِدٌ أَنَا ظانُّ مُسافِرٌ" وهكذا في الجَمِيع، ويُستثنَى: هَبْ وتَعَلَّمْ فإنَّهما لا يتصرفان، وكذلك المصدرُ قد يُلْغَى كما يُلغَى الفعل، وذلك قولك "مَتَى زيدٌ ظَنُّكَ ذَاهِبٌ" و "زيد ظني أخوك" و "ظني زَيدٌ ذاهبٌ" كان قبيحاً، لا يجوز البتة كما تقدَّم، وضُعِّفَ: "أظَنُّ زَيْدٌ ذاهِبٌ".
-8 حَذفُ المَفْعُولَين لِدَليل:
يَجوزُ بالإجماعِ جَذفُ المَفعُولين لأَفعالِ القُلوب، أو أحَدِهما اختِصاراً ولِدَليل يَدلُّ عَليها فمنَ الأَوَّل قولُه تَعالى: {أينَ شُركَائِي الذينَ كُنْتُمْ تَزعُمُون} وقال الكُميت يَمدح أهل البيت:
بأيِّ كِتابٍ أم بأيَّةٍ سُنَّةٍ * تَرَى حُبَّهُم عَاراً عليَّ وتَحسَبُ
فتقديره في الآية: تَزعمُونهم شُركاء، وفي البيت: تَحسَبهُم عَاراً عليَّ.
ومن الثاني قولُ عَنْتَرة:
وَلَقَد نَزلْتِ فَلا تَظُنِّي غَيرَه * مني بمنزلة المَحَبِّ المكرَمِ
التَّقدير: فلا تَظُنِّي غيرَه وَاقِعاً مِني، أما حَذْفُها اخْتِصَاراً لِغَيرِ دَليلٍ فَيَجُوزُ عِند الأَكثَرين، كَقَوْلِه تَعالى: {واللَّهُ يَعْلَم وأَنْتم لا تَعْلَمون} وتَقديرُه: يَعْلَمُ الأشياء كَائِنةً، وقولُه تعالى: {أعِنده عِلْمُ الغَيبِ فَهوَ يَرَى} (الآية "35" من سورة النجم "53") أي يَعلم، وتقديرُه: يَرَى مَا نَعْتَقِدُه حَقّاً. وقوله تعالى: {وَظَنَنْتُم ظَنَّ السُّوءِ} (الآية "12" من سورة الفتح "48")، وقولهم في المثل: "مَنْ يَسْمَعْ يَخَلْ" أي من يَسمع خَيراً يظنُّ مَسْمُعَه صادِقاً.
ويمْتَنِع حَذْفُ أَحَدِهما اقْتِصَاراً لغَير دَليلٍ بالإجْماع.
(3) مَا ينصبُ مَفعُولَين ليسَ أصْلَهما المُبتدأ والخَبَر وهي: "أعْطَى" نحو "أعْطَى عبدُ اللَّهِ زيداً دِرْهَماً" و "كسَا" نحو "كَسُوتُ بِشْراً الثيابَ الجِيادَ" و "منَح" نحو "مَنَحتُ خَالِداً كِتَاباً" و "ألْبَسْتُ أحمدَ قَمِيصاً" و "اختَرتُ الرِّجالَ مُحَمَّداً" و "سمَّيتُه عَمراً" وكَنَّيتُ "عُمَرَ أَبا حَفصٍ" و "دعوتُه زَيداً" التي بمَعنى سَمَّيتُه، و "أمَرْتُكَ الخَيرَ" و "أستَغفِرُ اللَّهَ ذَنباً" وهذا وأمثاله يَجوزُ فيه الاقتِصار على المَفعُول الأول.
ويَقول سيبويه في هذا الباب: الذي يَتَعَدَّاه فِعلُه إلى مَفعولَين، فإن شِئتَ اقْتَصرتَ على المَفعول الأوَّل، وإن شئتَ تَعَدَّى إلى الثاني، كَمَا تَعَدَّى إلى الأوَّل.
وذلك قولُك: "أعطَى عبدُ اللَّه زيداً دِرهماً" و "كسَوتُ بِشراً الثِّيابَ الجيَادَ" ومِن ذلك "اختَرتُ الرِّجالَ عبدَ اللّه" ومثل ذلك قولُه تعالى: {واختَارَ مُوسَى قَومَه سَبعين رجلاً} (الآية "155" من سورة الأعراف "7" )، وسَمَّيتُه زيداً، وكَنَّيتُ زيداً أبَا عبد اللّه، ودَعَوتُه زيداً إذا أَرَدتَ دَعوتَه التي تَجري مَجرَى سَمَّيتُه، وإن عَنَيْتَ الدُّعاءَ إلى أمرٍ يُجَاوز مَفعُولاً واحداً، ومِنه قولُ الشاعر:
أستَغفِرُ اللَّهَ ذَنْباً لَستُ مُحصِيَهُ * رَبَّ العِبادِ إلَيه الوَجْهُ والعَمَلُ

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:10 AM

وقال عمرو بن مَعد يكرِب الزُّبيدي:
أَمرْتُكَ الخَيرَ فافعَل ما أُمِرْتَ به * فَقَد تركتُكَ ذَا مَالٍ وَذَا نَشَبِ
وإنما فُصِل هَذا أنَّها أَفْعَالٌ تُوصَلُ بِحُروفِ الإِضَافَةِ فَتَقُول: اختَرتُ فُلاناً مِنَ الرِّجال وسَمَّيتُه بِفلان، كما تقول: عَرَّفْتُه بهذهِ العَلامة، وأوْضَحتَه بِها، وأسْتَغفِرُ اللّهَ من ذلِكَ، فلمَّا حَذَفُوا حرفَ الجرَّ عَمِل الفعلُ، ومِثلُ ذلك قولُ المُتَلَمِّس:
آلَيتُ حَبَّ العِراقِ الدهرَ أطعَمُهُ * والحَبُّ يأكله في القَريةِ السُّوس
يريد على حبِّ العراق إلخ.
(4) المُتَعَدِّي إلى ثَلاثة مَفاعيل: وهو "أعْلَم" و "أرى" وقَد أُجمِعَ عليهما، وزاد سيبويه: "نَبَّأَ" و "أنْبَأَ" وزادَ الفَرَّاءُ في مَعَانِيه "خَبَّر وأَخْبَر" وزَادَ الكوفيون : حَدَّث
(= في حروفها).
وللمُتَعدِّي إلى ثَلاثَةِ مَفاعيل حَالَتان:
الأُولى: يَجُوزُ حَذْفُ المَفْعُولِ الأَوَّل نحو "أَعْلَمْتُ كِتَابَكَ قَيِّماً" أي أَعْلَمتهُ، كما يجوزُ أن يُقْتَصر عليه، ويُمْنَع حَذْفُ المَفْعُول لِغَيرِ دَليلٍ.
الثَّانِية: يَجُوزُ فيه الإِلْغَاءُ والتَّعليقُ كما يَجُوزُ للمُتَعدِّي إلى مَفْعُولَيْن فالإِلْغَاءُ: أنْ تُلْغِيَ مَفَاعِيلَه، كأنْ يَقَعَ بينَ مُبْتدأ وخَبَر، وذلك كقولِ بعضِهم "البركةُ - أعلَمَنَا اللَّهُ - مَعَ الأَكَابِر"، وقولِ الشاعر:
وأَنْتَ - أَرَاني الله - أَمْنعُ عَاصمٍ * وأرْأفُ مُسْتَكْفٍ وأسْمَحُ واهِبِ
ألْغَى ثَلاثَة مَفَاعِيل بـ "أَعْلَمَنَا" و "أراني الله" في البيت.
والتَّعْليق: أنْ تُقَدِّر المَفاعيل لِعَدَمِ إمْكانِ ظُهورِها نحو قوله تعالى: {يُنَبِّئُكُم إذا مُزِّقْتُم كلَّ مُمَزَّقٍ إنَّكم لَفِي خَلْقٍ جَديد} وقول الشاعر:
حَذَارِ فقد نُبِّئتَ إنَّك لَلَّذِي * سَتُجزَى بمَا تَسْعَى فَتَسْعَدُ أو تَشْقَى
فَجُملةُ إنَّكم لَفِي خَلْقٍ في الآية سَدَّتْ مَسَدّ مَفْعُولي يُنبئكم، والمَفْعول الأَوَّل الكافُ والمِيم من يُنَبِّئكم، وكذلك في البيت: فَنَائبُ الفَاعِل في نُبِّئ مَفْعولٌ أَوَّل، وجُمْلةُ إنَّك لَلَّذِي: سَدَّت مَسَدَّ مَفْعولي نُبِّئْت.
-9 وهُنَاكَ أَلْفَاظٌ عَكْسُ ذلك وتكونُ بإدْخالِ الهَمْزةِ لاَزِمَةً، وبدُونها مُتعدِّية.
مِنْ ذلك قَولُهُم: "أَقْشَع الغَيمُ" و "قشَعَتِ الرِّيحُ الغَيْمَ" و "أنْزَفَتِ البِئْرُ" و "نزَفَهَا القَوْمُ" و "انْسَلَّ رِيشُ الطَائِرِ" و "نسَلتُه أنا" و "أكَبَّ فُلانٌ على وَجْهِه" و "كبَبْتُهُ أنا".
* المِثَالُ مِنَ الأفعالِ:
-1 تَعْرِيفه:
هُوَ مَا كانتْ فَاؤه حَرْفَ عِلَّةٍ نحو:
"وَعَدَ ويَسر".
-2 حُكْمُه:
المِثَالُ الوَاوِيُّ تُحذَفُ فَاؤهُ في المُضَارِعِ والأَمْر إذا كانَ مَكْسُورَ العَيْنِ في المضارِعِ نحو: وَعَدَ "يَعِدُ" ووَزَنَ "يَزِنُ". وإذا كَانَ مَضْمُومَ العَيْنِ في المُضَارِع أو مَفْتُوحَها فلا يُحْذَفُ مِنْهُ شَيءٌ، مِثَالُ مَضْمُومِ العَينِ في المضارع نحو "وجُهَ يَوْجُهُ" و "وضُؤَ يَوْضُؤُ" و "وبَلَ يَوبُل" (وَبَلَ المَكَان: ثَقُل) ومِثَالُ مَفْتُوحِ العَيْن "وَجِلَ يَوْجَل" و "ولِعَ يَوْلَع".
أمَّا مَصْدَرُ الوَاوِي فَيجُوزُ فِيه الحَذْفُ وعَدَمُه فَنَقُول: "وعَد يَعِدُ عِدَةً ووَعداً" و "وزَنَ يَزِنُ زِنَةً وَوَزْنَاً".
والمِثَالُ اليَائي لا تُحذَفُ يَاؤهُ كـ "يَفَعَ الغُلامُ يَيْفَعُ" (ليس في اللغة إلاَّ: أيْفَعَ وتيفَّع، فهو يافع على غير قياس ولا مُوفع، وهو من النوادر، ونظيرُهُ أبْقَلَ الموضعُ وهو باقِل كَثُر بقله، وأوْرقَ النبتُ وهو وَارِق طَلَعَ ورقُه وَأوْرسَ وهو وَارِس، وأقْرَبَ الرجلُ وهو قارب إذا اقْتَربَتْ إبِلُه من الماء) و "ينَعَ الثَّمَرُ يَيْنِعُ" و "يمُنَ الرَّجُلُ يَيْمُنُ" و "يقِنَ الأمْرَ يَيْقَنُ". وشَذَّ "يَدَعُ ويَذَرُ، ويَضَعُ، ويَقَعُ، وبَلَغُ، ويهَبُ".
* مِثْل: مِنَ الكَلِمَات التي إذَا أُضِيفَتْ إلى مَعْرَفَة لا تُفيدُ تَعْريفاً (=الإِضافَةُ 5).
وإذا أُضِيفتْ إلى مَبْني بنيت مثل غير.
* المُثَنَّى:
-1 تَعْريفُه:
ما وُضِعَ لاثْنَيْن، وأَغْنى عن المُتَعَاطِفيْن.
-2 شُروطُه:
يُشتَرطُ في كُلِّ ما يُثَنَّى ثَمَانِيَةُ شُرُوط:
(أحدُها) الإِفْرَاد، فلا يُثَنَّى المُثنى، ولا يُثَنَّى جَمعُ المذكَّرِ السَّالم أو جَمْع المؤنَّث، واسمُ الجِنْس، واسمُ الجَمْعِ.
(الثاني) الإِعْراب، فلا يُثَنَّى - على الأَصح - المَبني، وأمَّا نحو "ذَانِ" و "اللَّذانِ" فَصِيَغٌ مَوْضُوعةٌ لِلْمُثَنَّى، ولَيْسَتْ مُثَنَّاةً حَقِيقةً (عند جمهور البصريين).
(الثالث) عَدَمُ التركيب فلا يُثَنى المُرَكَّبُ تَركِيبَ إسْنادٍ اتِّفَاقاً، كقولهم "شَابَ قَرْنَاهَا" عَلَم، ويُثَنَّى هذا بِتَقْدِيم "ذَوَا" عَليه، فَتقُول: "جاءَ ذَوَا شابَ قَرْنَاها"، ولا تَرْكيبَ مَزج على الأصحّ مثل "بَعْلَبكْ" ويُثَنَّى أيضاً بـ "ذَوا" نحو "رأيتُ ذَوَي بَعْلَبَكّ".
أمَّا المُرَكَّب الإِضافي فَيُسْتَغْنى بِتَثْنِيَة المُضَاف عَنْ تَثْنِيَةِ المُضافِ إليه مثل "عبد الرَّحمن" يقال في تَثْنيتها "عَبْدَا الرحمن". (الرابع) التَّنْكير فلا يُثَنَّى العَلَم إلاَّ بعْدَ قَصدِ تَنْكيرِه بأنْ يُرَادَ به وَاحِدٌ ما مُسَمَّى به، ولذلك يُعرَّفَان عِنْد إرادة التَّعْرِيف فتقول: "جَاءَ الزَّيْدَان" و "رأَيْتُ الزَّيْدَيْن" إلاّ إذا أُضِيفَ إلى مَعْرِفَة.
(الخَامس) اتِّفاقُ اللَّفْظ فلا يُثَنَّى "كِتابٌ وقَلَم" ولا "خَالِدٌ وعُمَر" وأمّا نحو "الأَبَوَانِ" للأَبِ والأُمّ فمِنْ باب التَّغْليب.
(السَّادِس) اتِّفَاقُ المَعْنى فلا يُثَنَّى المُشْتَرك كـ "العَيْن" إذا أُرِيدَ بهَا البَاصِرَةُ، وعَينُ الماء، ولا الحَقِيقةُ والمَجَاز، وأمّا قولُهم: "القَلَمُ أحَدُ اللسانين" فشاذٌّ.
(السَّابع) أنْ لا يُسْتَغْنَى بتثْنِية غَيرِه عَنْ تَثْنِيته فلا يُثَنَّى "سَواء" لأَنَّهُم اسْتَغْنَوا بتَثْنِيةِ "سِيّ" بِمَعْنى "مِثْل، عن تَثْنِيَته فَقَالوا "سِيَّانِ" ولم يَقُولوا سَوَاءَان.
وأَنْ لا يُسْتَغْنى بمُلْحَقِ المُثنى عن تَثْنِيتِه، فلا يُثَنَّى أجْمَع وجَمْعَاء استِغْنَاءً بِكِلاَ وكِلْتَا.
(الثَّامِن) أنْ يكونَ لَهُ ثَانٍ في الوُجُود، فلا يُثَنَّى "الشَّمْسُ ولا القَمَرُ"، وأَمَّا قَوْلُهم "القَمَران" للشَّمْسِ والقَمَر، فَمِنْ

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:11 AM

بابِ التَّغْلِيب.
-3 إعرابُهُ:
ما اسْتَوْفَى الشَّروطَ الثَّمانِيَة فهو مُثَنى حَقِيقَةً، ويُعرَبُ بالأَلِفِ رَفْعاً، وباليَاءِ - المَفْتُوح ما قَبْلَها المَكْسورِ مَا بَعْدَها - جَرَّاً ونَصْباً، هذِه هي اللُّغة المَشْهورةُ الفَصِيحة تَقُول: "اصْطَلح الخَصْمان" و "أصْلَحْتُ الخَصْمَينِ".
ومِنَ العَرب مَنْ يُلزِمُ المُثَنَّى الأَلِفَ في الأَحْوالِ الثلاثة، ويُعرِبُه بِحَرَكَاتٍ مُقَدَّرَةٍ على الأَلِفِ.
-4 كيف يُثَنى المُفْرد المُسْتَوفي للشُّرُوط:
الأسْماءُ القَابِلةُ للتَّثْنِيَة على خَمْسة أنواع، ثَلاثَةٌ منها يجبُ ألاَّ تُغَيَّرَ عَنْ حَالها عِنْدَ التَّثْنِيَةِ وهي:
(1) الصَحيحُ، كـ "أسَد" و "حمَامَةٍ" تقول فيها: "أسَدان" و "حمَامَتان".
(2) المُنَزَّلَ مَنْزِلَةَ الصَّحِيح، كـ "ظَبْيٍ" و "دلْوٍ" تَقُولُ فيهما: "ظَبْيَان" و "دلْوان".
(3) النَّاقِص، كـ "القَاضِي" و "السَّاعِي" تَقُولُ فيهما "القَاضِيان" و "السَّاعِيان" وإذا كانَ المَنْقُوصُ مَحْذُوفَ اليَاءِ فَتُرَدُّ إليه كـ "دَاعٍ" وتثنيتها: "دَاعِيَان".
أمَّا الإِثْنان البَاقِيان فلكلٍ مِنها أَحْوالٌ تخُصُّهُ:
أحَدُهُما: المَقْصورُ.
-5 كيف يثنى المقصور؟
المَقْصُورُ نَوْعَانِ:
أحدهُما: مَا يَجِبُ قَلْبُ أَلِفِهِ يَاءً في التَّثْنِيَةِ.
الثاني: ما يَجِبُ قَلْبُ أَلِفِهِ وَاوَاً.
أمَّا الأوَّل ففي ثَلاثِ مسائل:
(1) أن تَتَجَاوَزَ أَلِفُهُ ثَلاثَةَ أحْرُفٍ كـ "مَلْهَى" و "مصْطَفَى" و "مسْتَشْفَى" تقول فيها "مَلْهَيَان" و "مصْطَفَيَانِ" و "مسْتَشْفيَن" وشَذَّ "قَهْقَرَى" (القَهْقَرى: الرُّجوع إلى الخلف) و "خوْزَلَى" (الخَوْزَلَى: مِشْيَة فيها تبختُر) فتَثْنِيتهما: "قَهْقَران" و "خوَزَلان".
(2) أَنْ تكونَ أَلِفُهُ ثَالِثةً مُبْدَلَةً مِنْ "ياء" كـ "فَتَى" و "رحَى"، قال تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَان} (الآية "36" من سورة يوسف "12" ) و "هاتَانِ رَحَيَانِ"، وشذَّ في: "حِمَى" (من حميت المكان: حِمَايَةً) "حَمَوان".
(3) أنْ تكونَ غَير مُبْدَلَةٍ، وهي الأَصْلِيَّةُ، وتكونُ في حَرْفٍ أَوْ شِبْهِه.
والمَجْهُولَةُ الأَصْل، وهي التي في اسم لا يُعْلَمُ أصلُه، فالأُولَى: كـ "مَتَى" و "بلَى" إذا سَمَّيتَ بهما (لأنه قبل العِلمية لا يثنى ولا يوصف بالقصر لبنائه) فإنَّكَ تَقُولُ في مُثَنَّاهُما: "مَتَيَان" و "بلَيَان".
والثانية: نحو "الدَّدَا" (الدَّدَا: اللَّهو واللعب) بوزن الفَتى تَقُولُ في مُثَنَّاهَا: "الدَّدَيَان"، ومن ذلكَ: الأَسْماءُ الأَعْجَمِيَّةُ كـ "مُوسَى" فإنَّهُ لا يُدْرَى أألِفُهُ زَائِدةٌ كألِفِ "حُبْلى" أنْ أَصْلِيَّةٌ أمْ مُنْقَلِبَةٌ، فالمَشْهُورُ في الاثْنَتين أنْ يُعتَبَر حالُهما بالإِمَالَة (الإِمَالَة: تحصُل بإمالَة الأَلِف نحو الياء) فإنْ أُمِيلا ثُنِّيَا باليَاءِ، وإنْ لم يُمَالاَ ثُنِّيَا بالواو (وهناك أقوال ثلاثة أخرى انظرها في الأشموني والصبان).
النوع الثاني: مَا يَجبُ قَلْبُ أَلِفهِ وَاوَاً وذلكَ في مَسْأَلَتَين:
(الأُولَى): أنْ تكونَ مُبْدَلَةً من الواو نحو "عَصَا وقَفَا ومَنَا" فتقولُ فيها: "عَصَوَان وقَفَوان ومَنَوان" قال الشاعر:
وقَدْ أَعْدَدْتُ للعُذَّالِ عِنْدِي * عَصَاً في رَأسِهَا مَنَوا حَدِيدِ
(منوا: تثنية مَنا وهو ما يُوزَن به)
وشَذَّ قولُهم في "رِضا" "رِضَيَان" مع أنَّهُ من الرِّضوان.
(الثانية) أنْ تكونَ غيرَ مُبْدَلة ولم تُمَل نحو "لدَى" و "ألا" الاسْتِفْتَاحِيَّة و "أذا"، تقول إذا سَمَّيْتَ بِهِنّ: "لَدَوَان" و "ألْوَان" و "أذَوَان".
-6 كيف يُثنى المَمْدُود:
المَمْدُودُ أرْبَعَةُ أنواع:
(1) ما هَمْزَتُه أَصْلِيَّةٌ فيَجِبُ سَلامة هَمْزَتِهِ كـ "خَطّاء" و "وضَّاء". تَقوْلُ في تثنيهما: "خَطَّاءَان" و "وضَّاءَان".
(2) مَا هَمْزَتُه بَدَلٌ مِنْ ألِفِ التَّأْنيثِ فَيجبُ قَلْبُ هَمْزَتهِ "واواً" نحو "حَمْراء وصَحْراء وغَرَّاء"، تقول: "حَمْراوَان وصَحْرَاوَان وغَرَّاوَان"، وشَذَّ "حَمْرايَان"، بِقَلْبِ الهَمْزَةِ ياءً، و "قرْفُصَان وخُنْفُسَان وعَاشُورَان وقَاصِعَان" بحَذْفِ الأَلِف والهمزة مَعاً مُثَنَّى قُرْفُصاء وخُنْفُساء وعَاشُورَان وقَاصِعَاء (والجيد الجاري على القياس: قُرفُصَاوَان، وخُنْفُسَاوان، وعَاشوراوان، وقاصِعَاوان).
(3) ماهمزَتُهُ بَدَلٌ مِنْ أصْل، نحو "كِسَاء وحَيَاء" أصلُهما: "كِسَاو" و "حيَايَ" وهذا يترجح فيه التصحيح - وهو إقْرارُ الهَمْزة على حَالِها - على الإِعْلالأي كِسَاءَان وحَيَاءَان.
(4) ما هَمْزَتُه بَدَلٌ مِنْ حرْفِ الإِلْحَاق كـ "عِلْبَاء" (العِلْباء: عصبة في العنق) و "قوبَاء" (القُوْباء: من تقلع عن جلده الجرب) أَصْلُهما "عِلْبَاي" و "قوبَاي" بِيَاءٍ زَائِدَةٍ فيهما، وهَذَا يَتَرجَّحُ فيه الإِعْلالُ على التصحيح، فتقول: عِلبايَان، وقُوبَايان.

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:12 AM

-7 المُلْحَقُ بالمُثَنى:
أُلْحِقَ بالمُثَنى في الإِعراب بالحروف أرْبعةُ ألْفَاظٍ "اثْنَان واثْنتانِ" في لُغَةِ الحِجازيّين، و "ثنْتَان وثِنتين" في لُغَةِ التَّمِيمِيّين، مُطْلقاً، أُفْرِدَا، أَوْ رُكِّبا مَع العَشْرة، أو أُضِيفَا إلى ضَميرِ تَثْنِيَةٍ فلا يقالُ: "جَاءَ الرَّجُلانِ اثْنَاهُما" و "المَرْأَتَانِ اثْنَتَاهُما".
و "كلا وكِلْتَا" بِشَرْطِ أنْ يُضافا إلى مُضْمَرٍ تقول: "أَعْجَبَني التِّلْميذانْ كِلاَهُمَا". و "التِّلْميذَتَانِ كِلْتَاهُمَا" و "رأْيتُ المُعَلِّمَيْنِ كِلَيْهِما" و "المُعَلِّمَتَيْنِ كلْتَيْهِمَا" و "نظَرْتُ في الكِتَابَيْن كِلَيْهما" و "ذهَبْتُ إلى المدْرَسَتين كلتَيْهِما" فإنْ أُضِيفَا إلى ظَاهِرٍ أُعْرِبَا بالحَركاتِ المقَدَّرة على الأَلِفِ إعْرَابَ المَقْصُورِ، تقول: "أتى كِلا الأستاذَين" و "كلتا المعلمتين" و "رأيتُ كلا الأُسْتاذَيْن" و "كلْتَا المعَلمتين" و "اسْتَمَعْتُ إلى كِلا الأُسْتَاذَيْن" و "ألى كلا المُعلمتين".
كَمَا يُلْحَقُ بالمُثنَّى أَيْضاً ما سُمِّي بِهِ مِنْه كـ "زَيْدَان" إذا كانَ هذا اللَّفْظُ عَلَماً، فيُرْفَع بالألف ويُنْصَب ويُجرُّ بالياء كالمُثَنَّى، ويَجوزُ في هذا النوع أن يجْري مَجْرى سَلْمَان فَيُعْربُ إعْرَابَ مَا لا يَنْصَرِفُ للعَلَمِيَّة وزِيادَةِ الأَلِف والنُّون، وإذا دَخَلَ عليه "أل" جُرَّ بالكَسْرَةِ.
-8 إذَا أرَدْتَ تَثْنِيَةَ المُسمَّى بالمثنَّى، كـ "حَسَنَيْن" أو جَمْعَهُ لا تَأْتي بحرْفَيِ الزِّيادة: الألف والنُّون أو الياءِ والنُّون، للمُثَنَّى نحو "أتَى ذَوَا حَسَنَيْن" و "رأيتُ ذَوَيْ حَسَنَيْن".
أمَّا في الجَمْع فـ "ذَوُو" تقول: "أتَى ذَوُو حَسَنَيْن" و "رأيت ذَوِي حَسَنَيْن".
-9 حُكْمُ حَرَكَةِ نُون المُثَنَّى وما أُلْحِقَ بِهِ:
نُونُ المُثنى، وما حُمِلَ عليه مَكْسُورَةٌ بعدَ الأَلفِ والياءِ، على أَصْلِ التِقَاءِ السّاكنين، هذا هو الصحيح، وضَمُّها بعدَ الأَلِف - لا بعدَ الياء - لُغَةٌ، كقوله:
يَا أبَتَا أرَّقَنِي القِذَّانُ * فالنَّومُ لا تَألَفُهُ العَيْنَانُ
(القِذَّان: البَرَاغيث، واحِدَتُها قذَّة وقُذَذ)
بِضَم النونِ، وفَتْحِها بعدَ الياء لُغَةٌ لبَني أسَد حَكاها الفَرَّاءُ كَقَولِ حُميد بن ثَور يصفُ قطاةً:
على أَحْذِيَّينَ استَقَلَّتْ عَشِيَّةً * فَمَا هِيَ إلاَّ لمْحَةٌ وتَغِيبُ
(الرِّواية بفتح النون من "أحْذِيّيَن" تثنية أحوذي. وهو الخفيف في المَشْي لِحذْقه، وأراد بالأَحْوذيين هنا جناحي قَطَاة يصفُهما بالخِفَّة وفاعل استقلت ضمير القطاة. والمعنى أن القطاة ارتفعت في الجو عنه على جَنَاحَيْن، فما يُشاهِدثها الرائي إلا لِمْحَةً وتغيبُ عنه).
* المُجَاوَرَة: قدْ تُعْطَى الكَلِمَةُ حَرَكَةَ الكَلِمَةِ المُجَاوِرَةِ كقَولِ بَعْضِهم: "هَذا جُحْر ضبٍّ خَرِبٍ" بجرِّ "خَرِبٍ" والأَصْلُ فيه الضمُّ لأَنَّهُ صفَةٌ لجُحْرٍ فَبِمُجَاوَرَتِه لـ "ضَبٍّ" وهو مَجْرُورٌ بالإِضافَةِ - جُرّ "خَرِبٌ" مثلُه ولم يخْرُجْ عَنْ كونِه صِفَةً لجُحْر ولكنْ مَنع من ظُهُورِ الضمَّةِ حَرَكةُ المُجَاورَةِ، ومِنْ ذلك قوله تعالى: {وَحُورٍ عِينٍ} (الآية "17 و 23" من سورة الواقعة "56" والآيات هي {يطوف عليهم ولدانٌ مُخلدون، بأكواب وأباريقَ وكأسٍ من معين، لا يُصَدَّعون عنها ولا يُنزفون، وفاكهةٍ مما يتخيرون، ولحمِ طَيرٍ مما يشتهون، وحورٍ عين، كأمثال اللؤلؤ المكنون} فيمن جرَّهما والأصلُ أن "وحورٍ" معطوف على "وِلدانٌ" لا على {أكْوابٍ وأَبَارِيقَ}.
ومثله قول امرئ القيس:
كأنَّ ثَبيراً في عَرَايِين وَبْلِهِ * كَبيرُ أُنَاسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ
(ثبير: اسم جبلٍ بعينه، عرانين: جمع عرنين وهو الأنف استعار العرانين لأوائل المطر. البِجَاد: كِساء مُخَطَّط، التزميل: التلفيف بالثياب)
فـ "مُزمَّلِ" تأثَّر بحركةِ الكَلِمَة قَبْلَها "بِجَاد" بحكم المُجَاوَرَة، وهو في الحقيقَة والمَعْنى: صِفَةٌ لـ "كَبِير".
* المَجْزُومِ بِجَواب الطلب:
(=المضارع المَجْزُومِ بِجَواب الطلب).
* مُذ ومُنْذُ:
-1 هُمَا حَرْفَانِ مِنْ حُروفِ الجَرّ يخْتَصَّان بالزَّمَان، قال سيبويهِ: مُذْ للزَّمانِ مثلُ مِنْ للمكَان، ويشترط في هذا الزَّمانِ أنْ يكونَ مُعَيّناً لا مُبْهَماً، مَاضِياً أوْ حَاضِراً لا مُسْتَقْبلاً، تقولُ: "مَا رَأَيْتُه مُذْ يومِ الجُمَعة" أو "مُذْ يَوْمِنَا" ولا تقول: مُذْ يومٍ، ولا أَرَاهُ مُذْ غدٍ ومثلها: مُنْذُ أم حَركَةُ الذالِ في مُنذُ ومُذْ فقد أجْمَعتِ العَرَبُ على ضَمِّ الذَّالِ في مُنْذُ إذا كانَ بَعْدها مُتَحرِّكٌ أو سَاكِنٌ كقَولِك: لم أرَهُ مُنذُ يومٍ، ومُنذُ اليَوم، وعلى إسْكان مُذْ، إذا كانَ بعدها أَلِفُ وَصْل، ومثلُه الأزهري فقال: كقولك: لم أره مُذْ يَومَان، ولم أَرَه مُذِ اليوم، ومُذْ غَدٍ، ومثل مُذْ مُنذُ، فأمَّا قولُهمْ "ما رَأيته مُنْذُ أَنَّ اللهَ خَلَقَه"، فعلى تَقْدِير: مُنْذُ زَمَنِ خَلْقِ اللهِ إيَّاهُ. ومعْنَاهُمَا: ابْتِداءُ الغَايَةِ مثل "مِن" إنْ كانَ الزَّمَانُ مَاضياً كقولِ زُهَيرِ بنِ أبي سُلمى:
لِمَنِ الدِّيَارُ بِقُنَّةِ الحِجْرِ * أقْوَيْنَ مُذْ حِجَجٍ ومُذْ دَهْرِ
(القنة: أعلى الجبل، والحجر: منازل ثمود، أقوين: خلون، الحجج: جمع حجة: وهي السَّنة)
أي مِنْ حِجَجٍ ومن دَهْرٍ، وكقول امْرِئ القَيْس في "مُنْذُ":
قِفا نَبْكِ مِنْ ذِكرى حبيبٍ وعرْفانِ * ورَبْعٍ عَفَتْ آثارُهُ مُنْذُ أزمانِ
وإنْ كانَ الزَّمَانُ حَاضِراً فمَعْنَاهُما "الظَّرْفِيَّة" نحو "مَا رَأَيْتُهُ مُنذُ يَوْمِنا" وإنْ كانَ الزَّمَانُ معْدُوداً فمَعْناهُما "ابْتِداءُ الغَايَةِ وانتِهاؤها مَعاً". أي بمعنى "مِن وإلى" نحو "مَا رَأيتُه مُذْ يَوْمَيْن".
-2 وقَدْ يكونَانِ اسْمَين، وذلك في مَوْضِعَيْن:
(أحدُهما): أنْ يَدْخُلا على اسمٍ مَرْفُوعٍ، نحو "مَا رَأيتُهُ مُذْ يَوْمان" أو "مُنْذُ يَوْمُ الجُمُعةِ" وهُمَا حِينئذٍ مُبْتَدآنِ، ومَا بَعْدَهما خَبر، والتَّقْدير: أمَدُ انْقِطاعِ الرُّؤيةِ يَوْمَانِ، وأوَّلُ انْقِطاعِ الرُّؤْيةِ يَوْمُ الجُمُعة، وقِيل ظَرْفَان، وما بَعْدَهما فَاعِلٌ بـ "كَان" التَّامّة مَحْذُوفةً تَقْديره: مُذْ كانَ، أو مُذْ مَضَى يَومَان.

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:12 AM

(الثاني): أنْ يَدْخُلا على الجُمْلَةِ فِعْلِيةً كانَتْ وهُوَ الغَالِبُ كقَولِ الفَرَزْدَق يَرْثي يزيد بنَ المُهَلَّب:
مَا زَالَ مُذْ عَقَدَتْ يَدَاهُ إزَارَه * فَسَمَا فأدْرَكَ خَمْسَةَ الأشْبارِ
("سما" ارتفع "أدْرك خَمْسة الأشبار" مثل يقولون لِفَتىً قد عقل وفَهم، وخبر "ما زال" قوله في البيت بعده "يدني كتائب من كتائب تلتقي")
أو اسْمِيةً كقَولِ الأعشى:
ومَا زِلتُ أبْغي الخيرَ مُذْ أنا يَافِعٌ * وَلِيداً وَكَهْلاً حينَ شِبْتُ وأَمْرَدا
(اليافع: يدني الذي زاد على العشرين)
* المُذْكَّر والمُؤَنَّث: (=التأنيث والتذكير)
* مَرْءٌ وامْرُءٌ:
(الأوَّل): بغيرِ همزةِ وصلٍ، والأكثرُ فيه: فَتْحُ المِيمِ، والإِعْرَابُ على هَمْزَتِه فَقَطْ، والراءُ سَاكِنَة، وهذا هو القياسُ، وبِهَذا أُنزِل القُرآن، قَالَ اللهُ تعالى: {يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ} (الآية "24" من سورة الأنفال "8" )، {يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} (الآية "34" من سورة عبس "80").
ومِنْهُم من أعْرَبه من مَكَانَيْن: أي إنَّهُ أَتبعَ حَرَكةَ المِيم بحَرَكَةِ الهَمْزَةِ فقالَ: "قَامَ مُرْؤٌ" و "ضربْتُ مَرْءًا" و "مرَرْتُ بمرْءٍ". والأصح ألاَّ إتباعَ فيه.
(الثاني) وهو "امْرُءٌ" بِهَمْزَة وَصْل، فالأكثرُ فيه أَنْ تَتْبَعَ حَرَكَةُ الرَّاءِ حَرَكَةَ الهَمْزَةِ في آخِرِه، وحَرَكَةُ الهَمْزة وِفق مَوْقِعِهَا مِنَ الإِعْراب، والمُرَادُ أنه يُعربُ مِنْ مَكانَيْن، تقولُ : "هَذا امْرُؤٌ" و "رأيتُ امْرّءًا" و "نظرتُ إلى امْرِئٍ" وعلى هذا نَزَل القرآنُ قالَ تعالى: {إنِ امْرُؤٌ هَلَك} (الآية "176" من سورة النساء "4" ).
ومن العَرَب من يَفْتَحُ الرَّاء على كلّ حالٍ فيقول: "هذا امْرَؤٌ" و "رأَيْتُ امْرَءًا" و "نظَرْتُ إلى امرَئٍ" ومنهم من يَضم الراء على كل حال. ولا يجمع امْرؤ على لفظه ولا يُكسَّرُ، فلا يُقال: أَمْراء ولا مَرْءُون ولا أمارِيٌ وقد وَرَدَ في حديث الحسن: أحْسِنُوا مَلأَكم أيُّها المَرْءُون.
ومنه قولُ رُؤْبَة لِطَائفةٍ رَآهُم: أيْنَ يُريدُ المَرْءُون. وقد أنَّثُوا فَقالُوا: مَرْأة، وخَفَّفُوا التَّخفيف القياسي فقالوا: مَرَةٌ بترك الهمزةِ وفتح الرَّاءِ، وهذا مطَّرِدٌ، وقال سيبويه: وقد قَالُوا: مَرْاةٌ، وذلك قليل.
* مَرْحباً وأَهْلاً: مَفْعُول مُطْلَق لفعلٍ مَحْذُوف تَقْديره: رَحُبَتْ بِلادُكَ رُحْباً ومَرْحَباً، وأَهِلَتْ أَهْلاً، ومَعْناهُ الدُّعاء، ولو قلتَ: مَرْحبٌ وأَهْلٌ بالرفع لصَح والتقدير: أمْرُك مَرْحَبٌ.
* مَرَّة: قال أبو علي الفارسي: هي مَنْصُوبةٌ على الظَّرْفِيَّة في نحو "سَافَرْتُ مَرَّةً".
* مُجرَّدُ الثُّلاثي: (=الفعل الثُّلاثيّ المُجَرَّد).
* مُجردُ الرُّبَاعي: (=الفعل الرُّبَاعِي المُجَرَّد).
* مَزِيدُ الثلاثي: (=الفِعْل الثُّلاثيّ المَزِيد).
* مَزِيدُ الرُّباعي: (=الفِعْل الرُّباعي المَزِيد).
* المُسْتَثْنى:
-1 تعريفُه:
هو اسْمٌ يُذْكَرُ بَعْدَ "إلاَّ" أو إحْدى أخَواتِها مُخالفاً في الحُكْمِ لما قبلها نَفْياً وإثباتاً.
-2 أدواتُ المستثنى:
مَذْهَبُ سيبويهِ وجمهور البصريين أنَّ الأَدَاة تُخْرِج الاسمَ الثاني مِن الاسمِ الأوَّلِ، وحُكْمه من حُكْمِه والأَدَوَات هِن "إلاَّ، غَيْر، سِوَى (وفيها لغات: سوى: كرضى، وسوى: كهدى، وسواء: كسماء)، لَيْسَ، لا يَكون، خَلاَ، عَدَا، حَاشَا".
-3 أنواعُها:
هذه الأدواتُ أَرْبَعَةُ أَنْواع:
(1) حَرْفٌ فَقَط وهو "إلاّ" (=إلاّ).
(2) اسمٌ فَقَط، وهو "غَيْر وسِوى" (=غير وسوى).
(3) فِعْلٌ فقط، وهو "لَيْسَ وَلاَ يكُونُ" (=ليس ولا يكون).
(4) مُتَردِّدُ بَيْنَ الفعلِيّةِ والحَرْفية وهو "خَلا، عَدَا، حَاشا"، (بحث كلّ أداةٍ في حرفِها).
-4 أقسام المُسْتَثْنى:
المُسْتَثْنى قِسْمان:
(1) مُتَّصِلٌ: وهو مَا كَانَ بَعْضاً من المُسْتَثْنى مِنه، مَحْكوماً عَليهِ بِنَقِيضِ ما قَبْله نحو "كُلُّ التلامِيذِ مُجِدُّونَ إلاَّ بَكراً".
(2) ومُنْقَطِعٌ: وهو بخلافِه - وهو ما كانَ المُسْتَثْنى ليس مِنْ نَوْعِ المُسْتَثْنى منه - إمّا لأنه لَيْسَ بَعْضاً نحو: جَاء بَنُوكَ إلاَّ ابنَ خالد" أو لأنَّهُ فقَدَ المُخَالَفَة في الحُكْم لما قَبْله نحو {لاَ يَذُوقُونَ فيها المَوْتَ إِلاَّ المَوْتَةَ الأولى} (الآية "56" من سورة الدخان "44") و{لا تَأكُلُوا أمْوَالَكُمْ بينكم بِالْبَاطِلِ إلاَّ أَنْ تَكُونَ تجارَةً} (الآية "29" من سورة النساء "4" ). والمَقْطوعُ في لُغَةِ الحِجَاز يَخْتارُون فيه النصْبَ في النَّفْي نحو قولِكَ: "مَا فِيها أحَدٌ إلاَّ حِمَاراً" جَاءُوا به على مَعْنى وَلِكنَّ حِمَاراً، وكَرِهُوا أنْ يُبْدِلُوا الآخِرَ مِن الأَوَّل فيَصِيرَ كأَنَّه مِنْ نَوْعِه، فحُمِل على مَعنى "لكنَّ" وعَمِل فيه ما قَبْله، وأمَّا بَنو تميم فيقولون: "لا أَحَدَ فيها إلاَّ حِمَارٌ" أرَادوا ليس فيها إلاَّ حِمَارٌ، ولكنه ذَكَرَ أحَداً توكيداً لأَنْ يُعْلَم أنْ لَيْسَ فيها آدَمِيٌّ، ثُمَّ أُبْدِلَ، فَكأَنَّه قال: لَيْسَ فيها إلاَّ حِمَارٌ، ومِثْلُ ذلكَ قَوْلُهُم: "مَا لي عِتَابٌ إلاَّ السَّيفُ" جَعَله عِتابَه، وعلى هذا أنْشَدَتْ بَنُو تَمِيم قولَ النَّابِغَةِ الذُّبْياني:
يا دَارَ مَيَّةَ بالعَلْيَاءِ فالسَّنَدِ * أَقْوَتْ وطَالَ عليها سَالِفُ الأَبَدِ
(أقْوتْ: خَلتْ من أهْلها)
وقَفْتُ فيها أُصَيْلاناً أُسَائِلُها * عَيَّتْ جَوَاباً ومَا بالرَّبْعِ مِن أحَدِ
(أصيلانا: مصغر أصيل شذوذاً)
إلاَّ الأَوَارِيُّ لأْياً ما أُبَيِّنُها * والنُّؤْيُ كالحَوْضِ بالمَظْلومَة الجَلَدِ

منى شوقى غنيم 11-27-2011 04:13 AM

(الأواريَّ: محابس الخيل واحدها آري، لأيا: بطءًا. والنُّؤْيُ: حاجِزٌ حولَ الخِباء يَدْفعُ عنه الماء، المظلُومة: أرض حفر فيها الحوض لغير إقامة، الجلَد: الصلبة)
ومثلُ ذلك قول جِرَانِ العَوْد:
وبَلْدةٍ ليسَ فيها أنيسُ * إلا اليَعَافيرُ وإلا العِيسُ
وهو في كِلاَ المَعنَييْن إذا لم تَنْصِب على لُغَة الحِجَاز فهو بَدَل على لُغَةِ التَّمِيميين، ومثلُ ذلكَ قولُه عزَّ وجلّ: {مَا لَهُم به مِنْ عِلْمٍ إلاَّ اتِّبَاعَ الظَّن} ومثله: {وإنْ نَشَأْ نُغْرِقْهم فلا صَرِيخ لَهُم، ولا هُمْ يُنْقَذُون إلا رحْمةً مِنَّا}.
ورَدَت الآيَات على لُغَةِ الحِجَاز.
وكلٌّ من المُتَّصلِ والمُنْقَطِعِ إمَّا مُقَدَّمٌ على المُسْتَثْنى منه أو مُؤَخَّرٌ عَنْهُ، في نَفْيٍ أو إثْباتٍ، ويُسَمَّى تَامّاً، أمَّا إذا لَمْ يُذْكَر المُسْتَثْنى منه فإنَّه يُسَمَّى مُفَرَّغاً أو ناقِصاً، وكلُّ أحكام المُسْتَثْنى مُطَبَّقةٌ بـ "إلاَّ". (=إلاَّ الاستثنائية).
-5 المُسْتَثْنَيَات المُتكررة بالنظر إلى المعنى نوعان:
النوع الأوّل: ما لا يُمْكِن استِثْناء بَعْضِه من بَعْض كـ: "محمّدٍ" و "خالدٍ" وحُكْمُه: أنَّه يَثْبُتُ لباقي المُسْتَثْنَيَتِ حُكْمُ المستثنى الأوَّل من الدُّخول إذا كان مستثنى من غير مُوجب، نحو "ما جاءَ القومُ إلاَّ زيدٌ إلاَّ عمروٌ إلاَّ خَالدٌ". أو الخُروج إذا كان مُسْتَثْنَى من مُوجِب نحو "حَضَر الناسُ إلاَّ عَلِيَّاً وإلاَّ مُحمداً وإلاَّ زُهَيراً".
النَّوع الثاني: ما يُمْكن فيه الاسْتِثْناء نحو "لِخَالِدٍ عَلَيَّ عَشْرة دَرَاهِمَ إلاَّ أَرْبَعَةٌ إلاَّ اثنين إلاَّ واحداً" فالصحيح في هذا أنَّ كلَّ عَددٍ تال، مُسْتَثْنى من مَتْلُوِّه، فيكونُ بهذا المِثال مُقِرّاً بِسَبْعَة، إذا أسْقَطْتَ آخِرَ الأَعْداد ممّا قبله.
-6 استِثْنَاء الحَصْر:
ومن الاسْتِثْناء نَوعٌ سمَّاهُ بعضهُم "اسْتِثْنَاءَ الحَصْر" وهو غَيرُ الاسْتِثْنَاء الذي يُخرج القَليل من الكَثير كَقَول الشاعر:
إليكَ وإلاَّ ما تُحَث الرَّكائبُ * وعَنكَ وإلاَّ فالمُحدِّث كاذبُ
والمعنى: لا تُحَث الركائب إلاَّ إليك، ولا يَصْدُق المُحَدِّثُ إلاَّ عنك.
* مُسَوِّغَات الابتداءِ بالنَّكرَة:
(=المبتدأ 4).
* المُشْتَقُّ:
-1 تَعْرِيفُه:
ما دَلَّ عَلى ذَاتٍ مَعَ مُلاحَظَةِ صِفَةٍ كـ "ناطِق، ومُنْتَظر" ولا يَكُونَ الاشْتِقاقُ إلاَّ مِنْ اسْمِ المعنى وهو المَصْدر ونَدَرَ مِن أسْماءِ الأجْناسِ المَحْسوُسَةِ كـ "نَرْجَسْتُ الدَّواء" و "فلْفَلْتُ الطَّعَامَ".
* المُشْتَقَّات: (=الاشتقاق).
* المَصْدَرُ وأَبْنِيَتُهُ وعَمَلُه:
-1 تعريفُ المَصدر:
هو الاسْمُ الدّالُّ على مجرَّد الحَدَث.
-2 أبْنِيَةُ مَصَادرِ الثلاثي: للفعلِ الثُّلاثيّ ثلاثةُ أوْزَان:
(1) "فَعَل" بفتح العين، ويكونُ مُتَعدِّياً كـ "ضَرَبَه" وقَاصِراً كـ "قَعَد".
(2) "فَعِل" بكَسْر العَيْن، ويكون قاصِراً كـ "سَلِمَ" ومُتَعَدِّياً كـ "فَهِمَه".
(3) "فَعُل" بضم العين، ولا يكون إلاَّ قَاصِراً.
فأمّا "فَعَلَ وفَعِلَ" المُتَعَدِّيان فقِياسُ مَصْدَرِهما "الفَعْل" بفتح الفاءِ وسُكونِ العين.
فالأوَّل: كـ "الأَكْل" و "الضَّرْب" و "الرَّد".
والثاني: كـ "الفَهْم" و "اللَّثْم" و "الأَمْن".
وأمَّا "فَعِلَ" القَاصِر، فقِياسُ مَصْدَرِه "الفَعَل" كـ "الفَرَح" و "الأشَر" و "الجَوَى" و "الشَّلَل".
إلاَّ إنْ دَلَّ على لَوْن فإنَّ مصدَرَه يكونُ على "فُعْلَة" كـ "سُمرة وحُمْرة وصُفْرَة خُضْرَة وأُدْمَة".
وأمَّا "فَعَل" القَاصِر، فقياس مَصدَرهِ "الفُعُول" كـ "القُعُود والجُلُوس والخُرُوج".
إلاَّ إنْ دَلَّ على امْتِناعٍ، فقياسُ مَصْدَرِهِ "الفِعال" كـ "الإِبَاء والنِّفَار والجِمَاح والإِبَاق".
أو دَلَّ على تَقَلُّب واضْطِّرابٍ وحَرَكَة فقِياسُ مَصْدره "الفَعَلان" كـ "الجَوَلاَن والغَلَيَان".
أو على دَاءٍ فَقِياسُهُ "الفُعَال" كـ "صُدَاع" و "دوار" و "سعال".
أو على سَيْرٍ فَقِيَاسُه "الفَعِيل" كـ "الرَّحيل" و "الذَّمِيل".
أو على صَوْتٍ فقِياسُهُ "الفُعَال" أو "الفَعِيل" كـ "الصُّراخ" و "النُّبَاح" و "الصَّهِيل والنَّهِيق والزَّئير" وقد يَجْتَمعان كـ "نَعَبَ الغُرابُ نُعَاباً ونَعِيباً".
ومِنَ المَمْدُود: كُلُّ مَصْدرٍ مَضْموم الأَول في مَعْنى الصَّوتِ، فمن ذلك "الدُّعَاء" و "الرُّغَاء" و "العُواء" كنظيره من غير المعتل. وقَلَّما تَجِد المصْدَرَ مَضْمومَ الأوَّل مَقْصُوراً، وفي المخصِّص (ح 15 ص 108): بل لا أَعْرِف غير "الهُدَى والسُّرى والبُكا".
أو على حِرْفَةٍ أو وِلاَيَةٍ فقِيَاسُه: "الفِعَالة" كـ "تَجَر تِجَارَةً" و "خاطَ خِيَاطَةً" و "سفَرَ بينَهم سِفَارَةً" إذا أصْلَح.
وأمَّا "فَعُلَ" فقِياسُ مَصدَرِهِ، "الفُعُولة" كـ "الصُّعُوبة والسُّهُولة والعُذُوبَة والمُلُوحة" و "الفَعَالَة" كـ "البَلاغَةِ والفَصَاحَةِ والصَّراحَة" وما جَاءَ مُخَالِفاً لِمَا ذُكر فَبَابُه النَّقْلُ كَقَولهم في "فَعَل" المُتَعدِّي "جَحَدَه جُحُوداً" و "جحْداً" على القياس و "شكَرَهُ شُكُوراً وشُكْرَاناً". وكَقَوْلهم في "فَعَل" القَاصِر "مَاتَ مَوْتاً" و "فازَ فَوْزاً" و "حكَمَ حُكْماً" و "شاخَ شَيْخُوخَةً" و "نمَّ نَمِيمَةً" و "ذهَبَ ذَهَابَاً".
وكَقَوْلهم في "فَعِل" القَاصِر، "رَغِبَ رَغُوبةً" و "رضِيَ رِضاً" و "بخِلَ بُخْلاً" و "سخِطَ سُخْطاً " وأمّا "البَخَل والسَّخَط" بفتحتين فعلى القِياس كـ "الرَّغَب".
وكَقَولهِم في "فَعُل" "حَسُن حُسناً" و "قبُحَ قُبْحاً".
-3 مَصَادر غير الثلاثي:
لا بُدَّ لكلِّ فِعلٍ غيرِ ثلاثي مِنْ مَصدَرٍ مَقِيسٍ.
فقياسُ "فَعَّل" بالتشديد إذا كانَ صحيحَ اللاّم: "التَّفْعيل" كـ "التَّسْليم" و "التَّكليم" و "التَّطهير". ومُعْتَلُّها كذلك، ولكنْ تُحذَف ياءُ التَّفْعيل، وتُعوَّض منها "التاء" فيَصيرُ وَزْنُه "تَفْعِلَة" كـ "التَّوْصِية والتَّسْمِيَة والتَّزْكِيَة".
وقِيَاسُ "أَفْعل" إذا كانَ صَحِيحَ العَيْنِ: "الإِفْعَال" كـ "الإِكْرَام والإِحْسَان" ومُعْتَلَّها كذلك، ولكنْ تُنْقَل حَرَكَتُها إلى الفاء، فتُقْلَبُ أَلِفاً، ثمَّ تُحْذَف الألف الثَّانِية، وتُعوَّض عنها التاء، كـ "أَقَامَ إقَامَةً وأَعَانَ إعانةً". وقدْ تُحْذَفُ التَّاءُ نحو {وإِقَامِ الصَّلاةِ} (الآية "73" من سورة الأنبياء "21"، واعلَم أنَّ حذف التّاءِ على ضربين: كثيرٌ فَصِيح، وقليلٌ غير فصيح، فأمَّا الكثير الفَصيح ففِيما إذا أُضِيفَ المَصْدر، لأنَّ المُضَاف إليه يَقُوم مَقَامَ التّاء، وذلكَ كما في الآية الكريمة، وكما في الحديث "كاستنارِ البدر" والأصل: إقامة الصلاة وكاسْتِنَارَة البدر، وأما القليل غير الفصيح في حذف التاء ففيما إذا لم يُضَف المَصْدر، وذلك كما حكاه الأَخْفش من قولهم: "أَجابَ إجَابَا" والفصيح إجابَةً).
وقِيَاسُ ما أوَّلُهُ هَمْزَةُ وصْلٍ: أنْ تَكْسِرَ ثَالِثَهُ، وتَزيد قَبلَ آخِرِه أَلِفاً فيَنْقَلِبُ مَصْدَراً نحو "اقْتَدَرَ اقْتِدَاراً" و "اصْطَفَى اصطِفاء" و "انْطَلَقَ انْطِلاقاً" و "اسْتَخْرَجَ اسْتِخْراجاً". فإنْ كانَ اسْتَفْعَل مُعْتَلَّ العَيْن عِمِلَ فيهِ مَا عَمِلَ في مَصْدر أَفْعل المُعْتَلِّ العَيْن فتقول: "اسْتَقَامَ اسْتِقامةً" و "اسْتَعَاذَ اسْتِعَاذَةً" (وقد جاءَ على زِنَة مَصدر الصَّحيح "اسْتَحوذ اسْتِحْوَذاً" و "أغْيَمَتِ السِّماءُ إغْيَاماً").
وقياسُ مَصْدر "تَفَعْلَلَ" وما كانَ على وزنه: أنْ يُضَمَّ رَابِعُه فيصيرَ مَصْدراً كـ "تَدَحْرَج تَدَحْرجاً" و "تجَمَّل تَجمُّلاً" و "تشَيْطَنَ تَشَيْطُناً" و "تمَسْكَنَ تَمَسْكُناً".
ويَجِبُ إبْدالُ الضَّمةِ كَسْرةً إنْ كانَتْ اللاَّمُ ياءً نحو "التَّواني والتَّداني" وقِياسُ مَصْدَرِ "فَعْلَلَ" ومَا أُلْحِقَ به: "فَعْلَلَة" كـ "دَحْرَجَ دَحْرَجَةً" و "زلْزَلَ زَلْزَلَةً" و "بيْطَرَ بَيْطَرَةً" و "حوْقَلَ حَوْقَلَةً".
و "فعْلاَلاً" إنْ كانَ مُضَاعَفاً كـ "زِلْزَال ووِسْوَاس".
وهو في غيرِ المُضَاعَف سَمَاعِيّ كـ: "سَرْهَفَ سِرْهَافاً" (سَرْهَفْت الصَّبي: إذا أحْسَنْت غِذاءه) ويجوزُ فتحُ أوَّلِ المُضَاعَف، والأَكثرُ أن يُقْصَدَ بالمَفْتُوح اسْمُ الفاعل نحو: {مِنْ شَرِّ الوَسْواسِ} (الآية "4" من سورة الناس "114") أيْ المُوَسْوِسُ، وَمِنْ مَجِيء المَفْتُوح مَصْدَرَاً قَوْلُ الأَعْشى:
تَسْمَعُ للحَلْيِ وَسْوَاساً إذا انْصَرفَتْ * كمَا اسْتَعانَ بِريحٍ عِشْرِقٍ زَجِل


الساعة الآن 07:26 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team